مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 591
مذكرة المشروع التمهيدي:
استحدث المشروع حكماً ينطوي على حقيقة التجديد، وإن كان يجانس في مرماه ذلك الاستثناء الذي أشارت إليه المادتان 307، 309 من المشروع فقد نص في المادة 308 على أن فوائد التأخر لا تسرى بسعرها المقرر إلا إلى وقت رسو مزاد الأموال التي يباشر الدائن إجراءات التنفيذ عليها، لاستيفاء دينه فلا يكون للدائن بعد رسو المزاد حق اقتضاء فوائد إلا في حدود ما يستحق منها قبل الراسي عليه المزاد، أو قبل خزينة المحكمة، و بهذا تنخفض فوائد التأخر، متى كان سعر الفائدة المستحقة قبل الراسي عليه المزاد، أو قبل خزينة المحكمة، أقل من سعر الفائدة الواجبة على المدين، وهو ما يقع في أغلب الأحيان وغني عن البيان أن هذا الحكم يعدل كل العدل بحقوق المدين ، ويكفل له من الحماية ما يؤمنه من بطء إجراءات التنفيذ . ثم إنه يحمي الدائنين بعضهم من البعض الآخر، من طريق تحقيق المساواة بينهم في توزيع الفوائد المستحقة قبل الراسي عليه المزاد، وقبل الخزينة، إذ تقسم بينهم جامعة قسمة غرماء، دون تمييز بين دائن مضمون حقه و دائن لا ضمان له .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 308 من المشروع فأقرتها اللجنة كما هي مع إدخال تعديلات لفظية طفيفة وأصبح النص النهائي ما يأتي: -
«عند توزيع ثمن الشيء الذي بيع جبراً لا يكون الدائنون المقبولون في التوزيع مستحقين بعد رسو المزاد لفوائد تأخير عن الأنصبة التي تقررت لهم في هذا التوزيع إلا إذا كان الراسي عليه المزاد ملزماً بدفع فوائد الثمن أو كانت خزينة المحكمة ملزمة بهذه الفوائد بسبب إيداع الثمن فيها، على ألا يتجاوز ما يتقاضاه الدائنون من فوائد في هذه الحالة ما هو مستحق منها قبل الرأسي عليه المزاد أو خزينة المحكمة، وهذه الفوائد تقسيم بين الدائنين جميعاً قسمة غرماء دون تمييز بين دائن له ضمان خاص ودائن عادی».
وأصبح رقم المادة 237 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة تحت رقم 237 بعد استبدال لفظة خزانة بخزينة .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثالثة والعشرين
تليت المادة 237 - فاقترح سعادة العشماوي باشا حذف عبارة «دون تمييز بين دائن له ضمان خاص ودائن عادي»، الواردة في آخر المادة لأن قسمة الفوائد بين الدائنين جميعاً قسمة غرماء تفيد معنى هذه العبارة .
قرار اللجنة :
وافقت اللجنة على حذف العبارة المذكورة من المادة .
تقرير اللجنة :
رأت اللجنة حذف عبارة «دون تمييز بين دائن له ضمان خاص ودائن عادی»، التي تختتم نص هذه المادة لأنها نافلة لا حاجة إلى إيرادها .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها الجنة تحت رقم 230.
إذا جرت الفوائد الاتفاقية أو القانونية، على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، فإنها تظل تتراكم حتی تنقضي إجراءات التنفيذ على أموال المدين وذلك برسو المزاد ببيع الأموال المنفذ عليها، ويترتب على هذا البيع وقف احتساب الفوائد بالنسبة للحصة التي اختص بها كل دائن طالما أن حصيلة التنفيذ لا يوجب القانون احتساب فوائد عليها. وحينئذ تحرر قوائم التوزيع النهائية وتسلم أوامر الصرف.
فإن كان القانون يوجب احتساب فوائد على حصيلة التنفيذ، كما لو تخلف الراسي عليه المزاد عن إيداع كامل الثمن، فإنه يلزم بما ينقص منه وبالفوائد عملاً بالمادتين 440، 443 من قانون المرافعات، إذ في هذه الحالة تعاد المزايدة على ذمة المتخلف عن إيداع كامل الثمن، بحيث إذا رست المزايدة الجديدة بثمن أقل، ألزم المتخلف بفرق الثمن وفوائد هذا الفرق حتى يقوم بالوفاء، وتحتسب الفوائد بالنسبة للمتخلف من تاريخ استحقاق باقي الثمن اعتباراً من يوم جلسة المزايدة دون حاجة إلى إعذار، إذ توافر مقومات الإعذار برسو المزاد فيعتبر أنه قد أعذر قانوناً، ويتحدد سعر الفائدة بالنسبة له وفقاً للصفة التي دخل بها المزايدة، فإن كان تاجراً وتعلق الشراء بعمله، كانت الفوائد بواقع 5% سنوياً، وإلا احتسبت بواقع 4% أما بالنسبة لقلم الكتاب فتكون بواقع 4% إذا كان الثمن قد أودع لديه.
ولا يستحق الدائنون ما يجاوز تلك الفوائد، وتوزع عليهم جميعاً كغرماء أن تقسم بينهم قسمة غرماء، فيختص كل منهم بقدر يتساوى مع دينه بالنسبة لديون باقی الدائنين، فلا يعتد في هذا الصدد بالأسبقية في قيود الحقوق العينية التبعية لانحصار ذلك في توزيع حصيلة التنفيذ المترتبة على ثمن الأموال المنفذ بها عليها دون الفوائد المستحقة عن هذا الثمن أو الباقي منه، لتعلق الأسبقية بالحقوق التي ترتبت في ذمة المنفذ ضده والمضمونة برهن أو امتياز أو إختصاص، إذ تنقضي برسو المزاد حتى لو تخلف الراسي عليه المزاد عن إيداع الثمن أو الباقي منه، وينشأ عن هذا التخلف التزام جديد لا تقدم فيه لأي من الدائنين. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع الصفحة/ 389 )
الفوائد التأخيرية بعد رسو المزاد
وتقضي المادة 230 - وقد مر ذكرها - بأن الفوائد التأخيرية لا تسري بسعرها المقرر، وسواء كان السعر القانوني أو السعر الإتفاقي، إلا إلى وقت رسو مزاد المال الذي يباشر الدائن إجراءات التنفيذ عليه لاستيفاء حقه، ثم تقف هذه الفوائد التأخيرية بالسعر المقرر، ولا تنتج الديون التي ينفذ بها على أموال المدين فوائد تأخيرية بعد رسو المزاد، إلا إذا كان الراسي عليه المزاد، أو كانت خزانة المحكمة بسبب إيداع الثمن فيها، يلتزم أحد منهما بدفع فوائد على هذا الثمن . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني المجلد/ الثاني الصفحة/ 1198)
لاحظ المشرع أن المدين يتحمل غرماً فادحاً من جراء بطء إجراءات توزیع الثمن الناتج عن البيع الجبري، فقد تطول هذه الإجراءات زمناً طويلاً دون ذنب منه، وتتراكم عليه بسبب ذلك فوائد الديون طوال المدة التي تستغرقها إجراءات التوزيع، فيضر ذلك بالمدين نفسه وهذا ظاهر، كما يضر بالدائنين العاديين أو الدائنين المقيدين المتأخرين في الترتيب بسبب تضخم فوائد الديون، فرأى أن يعالج الأمر علاجاً مستحدثاً فنص في المادة 230 على أنه بمجرد رسو مزاد مال معين من أموال المدين يقف سريان فوائد التأخير التي يجوز لدائنيه أن يتقدموا بها في توزيع ثمن هذا المال بالذات وهذا الوقف يخفف العبء عن المدين ذاته من جهة، ويحافظ من جهة أخرى على النسبة التي كانت قائمة بين مراکز دائنيه في تاريخ رسو المزاد من حيث مقدار ما تجمد لهم من ديون وفوائد، لأن كل إضافة لاحقة إلى ما كان يستحقه في ذلك التاريخ الدائن الأول في الترتيب تؤثر في حقوق الدائنين التالين أو العاديين.
استثناءان يستحق فيهما الدائنون الفوائد :
استثنى المشرع من القاعدة السابقة حالتان يستحق فيهما الدائنون فوائد التأخير بعد رسو المزاد هما :
1- أن يكون الراسي عليه المزاد ملزماً بدفع فوائد الثمن :
إذا كان الراسي عليه المزاد ملزماً بدفع فوائد الثمن، نظير عدم سداده، فإن الدائنين يستحقون فوائد هذا الثمن.
2- أن تكون خزانة المحكمة ملزمة بفوائد الثمن :
إذا أودع ثمن المال خزانة المحكمة، وكانت الخزانة ملزمة بفوائده بسبب إيداع الثمن فيها، فإن الدائنين يستحقون فوائد هذا الثمن.
والحكمة من هذين الاستثنائين، أن حرمان الدائنين من فوائد التأخير بمجرد رسو المزاد لا يكون له ما يبرره طالما أن الثمن استمر ينتج فوائد بعد رسو المزاد.
غير أنه يجب ألا يتجاوز ما يتقاضاه الدائنون من فوائد في هذه الحالة ما هو مستحق منها قبل الراسي عليه المزاد أو خزانة المحكمة.
وهذه الفوائد تقسم بين الدائنين جميعاً قسمة غرماء. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث، الصفحة/ 559)
لاحظ المشرع أن الفلاح المدين يحمل غرماً فادحاً من جراء بطء إجراءات التوزيع، فقد تطول هذه الإجراءات زمناً مديداً دون ذنب منه، وتتراكم عليه بسبب ذلك فوائد الديون طوال المدة التي تستغرقها إجراءات التوزيع، فيضر ذلك بالمدين نفسه وهذا ظاهر، كما يضر بالدائنين العاديين أو الدائنين المقيدين المتأخرين في الترتيب بسبب تضخم فوائد الديون المقيدة المتقدمة في الترتيب، فرأى أن يعالج الأمر علاجاً مستحدثاً نص عليه في المادة 230 وهي تقضي بأنه بمجرد رسو مزاد مال معين من أموال المدين يقف سريان فوائد التأخير التي يجوز لدائنيه أن يتقدموا بها في توزيع ثمن هذا المال بالذات، وهذا الوقف يخفف العبء عن المدين ذاته من جهة، ويحافظ من جهة أخرى على النسبة التي كانت قائمة بين مراكز دائنيه في تاريخ رسو المزاد من حيث مقدار ما تجمد لهم من ديون وفوائد، لأن كل إضافة لاحقة إلى ما كان يستحقه في ذلك التاريخ الدائن الأول في الترتيب تؤثر في حقوق الدائنين التالين أو العاديين.
غير أن المشرع رأى في الوقت ذاته أن حرمان الدائنين من فوائد التأخير بمجرد رسو المزاد لا يكون له ما يبرره إذا كان ثمن البيع استمر ينتج فوائد بعد رسو المزاد سواء لأن الراسي عليه المزاد لم يدفع الثمن وتعهد بدفع فوائد عنه أو لأن الثمن أودع خزانة المحكمة وكان هذا الإيداع يوجب على هذه الخزانة أن تستثمر المال المودع لديها، وأن تضيف إليه فوائده، فنص على أنه في هذه الحالة لا يقف سريان فوائد التأخير وقفاً تاماً وإنما يستحق الدائنون المقبولون في التوزيع فوائد تأخير عن ديونهم في حدود الفوائد التي تستحق على الراسي عليه المزاد أو على المحكمة. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس، الصفحة/ 242)