مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 593
مذكرة المشروع التمهيدي :
مع أن فوائد التأخر ليست على وجه الإجمال إلا صورة من صور التعويض، إلا أنها تستحق دون أن يلزم الدائن بإثبات خطأ المدين، بل ولا بإقامة الدليل على ضرر حل به. فالأصل أن تقدير هذه الفوائد تقدير جزافي، سواء أحسبت على أساس السعر القانوني، أم على أساس سعر اتفاقي ومع ذلك فللدائن أن يطالب بفوائد إضافية، تربو على ما يستحق من الفوائد القانونية أو الإتفاقية، إذا أقام الدليل على أن ضرراً تجاوز قيمته مقدار هذه أو تلك قد أصابه من جراء غش المدين أو خطئه الجسيم ( وقد يلمح هذا المعنى فيما نصت عليه المادة 303 من المشروع بشأن الشرط الجزائي قارن القانون الفرنسي الصادر في 4 أبريل سنة 1900). ويوجه هذا الحكم ما هو ملحوظ من أن حرمان الدائن من اقتضاء تعويض إضافي، في مثل هذه الحالة، يكون بمثابة إعفاء جزئي من المسئولية المترتبة على الغش أو الخطأ الجسيم، وهو ما لا يجوز ولو بمقتضى اتفاق خاص.
ويستثنى كذلك من اعتبار التقدير في فوائد التأخر جزافاً، ما تقضى به المادة 307 من المشروع. فهى تبيح للقاضي، على نقيض ما تقدم في الحالة السابقة، «أن يخفض فوائد التأخر، قانونية كانت أو اتفاقية، وألا يقضى بها إطلاقاً، عن المدة التي يطيل فيها الدائن أمد النزاع في المطالبة بحقه بخطأ منه دون مبرر يستلزم تلك الإطالة»، بيد أن أثر هذا التخفيض أو ذاك الإسقاط لا ينسحب إلا على الفترة التي يطول فيها أمد النزاع، دون مبرر، من جراء خطأ الدائن ولا يستلزم إعمال هذا النص رفع خصومة إلى القضاء، بل يكفي أن يلجأ الدائن في المطالبة بحقه إلى إجراءات لا طائل في بطئها، على أن انتفاع المدين بحكم هذه المادة مشروط بإقامة الدليل على وقوع خطأ من الدائن، وقصارى القول أن استثناء هذه الحالة لا يعدو أن يكون تطبيقاً لفكرة الخطأ المشترك، وقد تقدم أن الأثر المعتاد لهذا الخطأ هو انتقاص التعويض وقديماً فطنت محكمة الاستئناف الأهلية إلى هذا التطبيق ( 10 مارس سنة 1896 حقوق 11 ص 175 ) فهو من هذه الوجهة، ليس بالجديد كل الجدة بالنسبة للقضاء المصري.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 309 من المشروع فأقرتها اللجنة كما هي .
وأصبح رقمها 238 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 238 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثالثة والعشرين
تليت المادة 238 وأدخل عليها تعديل بحذف عبارة «بغش منه أو بخطأ جسيم» واستعيض عنها بعبارة « بسوء نية ، تمشياً مع التعديل الذي أدخل على المادة 236 تطبيقاً لنص المادة 1153 من القانون المدني الفرنسي.
تقرير اللجنة:
استبدلت اللجنة عبارة «بسوء نية» بعبارة «بغش منه أو بخطأ جسيم» تمشياً مع التعديل الذي أدخلته على المادة 236.
وأصبح رقم المادة 231.
مناقشات المجلس:
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1- إذ كان الثابت بالأوراق أن العقد موضوع النزاع الذى وقعته الطاعنة قد نص فى البند 13 منه تحت كلمة تحكيم على أنه " يوافق الطرفان المتعاقدان على التسوية الودية لأى نزاع يثور إبان سريان العقد الحالى .. وفى حالة عدم توصل طرفى العقد إلى تسوية ترفع الدعوى إلى الغرفة التجارية بلندن لنظرها أمام التحكيم وفقاً للقواعد السائدة ، وقرار لجنة التحكيم نهائى وملزم للطرفين " وإذ صدر حكم التحكيم قاضياً بإلزام الطاعنة بقيمة غرامات التأخير عن تفريغ السفينة المحملة بالأسمدة بالإضافة إلى فائدة بنسبة 5./. ، ومبلغ 50000 دولار مقابل تأخير سداد تلك الغرامات فاستأنفته الطاعنة ، وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1989 رفضت المحكمة العليا الاستئناف بحكم نهائى بات بما ينتفى مع ادعاء الطاعنة عدم نهائيته، وإذ جاء بأسباب هذا الحكم أن الطاعنة تعد مسئولة عن غرامات تأخير تفريغ السفينة المحملة بالأسمدة باعتبارها الموقعة على العقد المؤرخ 16 من نوفمبر سنة 1977 المتضمن شرط التحكيم والمسند إليها وفق بنوده أن يتم تفريغ السفينة خلال الميعاد المحدد ومن ثم تتحمل آثار الإخلال به وهو ما يدخل فى نطاق سلطة هيئة التحكيم الموضوعية بما يوجب على محاكم الدولة التى يطلب إليها الاعتراف بهذا الحكم الاعتداد بحجيته دون أن يكون لها التحقق من عدالته أو صحة قضائه . وكان لا ينال من ذلك ادعاء الطاعنة بأن حكم التحكيم وقد قضى بغرامة تأخير مقدارها 5./. تحسب من تاريخ استحقاقها وليس من تاريخ الحكم النهائى يكون مخالفاً للمادة 226 من القانون المدنى ، إذ إن حكمها لا يعدو أن يكون قاعدة آمره غير متصلة بالنظام العام المانع من الاعتراف بحجية ذلك الحكم وفقاً لما تقضى به المادة 5/2 – ب من اتفاقية نيويورك سالفة البيان ، كما وأن ما تمسكت به الطاعنة من أن التعويض المقضى به عن التأخير فى سداد غرامات تفريغ السفينة يعد بالإضافة إلى القضاء بالفائدة مجاوزاً لنسبتها الواردة فى المادة 227 من القانون المدنى المتعلقة بالنظام العام على نحو يمتنع معه الاعتراف بحكم التحكيم وبالتالى بحجيته فى هذا الخصوص يعد غير سديد ، ذلك بأن قضاء هذا الحكم بهذا التعويض مع الفائدة ومقدارها 5./. يعد مسايراً لما تقضى به المادة 231 من القانون المدنى التى تجيز للدائن أن يطلب بتعويض تكميلى يضاف إلى الفوائد متى أثبت أن الضرر الذى تجاوز الفائدة قد تسبب فيه المدين بسوء نية بما يرفع عن هذا القضاء مظنة مخالفة قاعدة تتعلق بالنظام العام تحول دون الاعتراف به وبحجيته . وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم التحكيم بكافة أجزائه فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
(الطعن رقم 2010 لسنة 64 جلسة 2008/01/22 س 59 ص 96 ق 16)
2- مفاد نص المادة 231 من القانون المدنى أنه يشترط للحكم بالتعويض التكميلى بالإضافة إلى الفوائد أن يقيم الدليل على توفر أمرين أولهما حدوث ضرر استثنائى به لا يكون هو الضرر المألوف الذى ينجم عادة عن مجرد التأخير فى وفاء المدين بالتزامه وثانيهما سوء نية المدين بأن يكون قد تعمد عدم الوفاء بالتزامه وهو عالم بما يحدثه ذلك لدائنه من الضرر ، كما وأن مؤدى ما جاء بصدر المادة 231 من القانون المدنى أنه " يجوز للدائن أن يطالب بتعويض تكميلى يضاف إلى الفوائد ...... " أن المشرع ترك للدائن حرية الخيار بأن يطلب الفوائد والتعويض التكميلى معاً أو بطلب الفوائد وحدها أو يطالب بالتعويض التكميلى فقط فليس هناك تلازم بينهما طالما ثبت أن الضرر الذى يجاوز الفوائد قد تسبب فيه المدين بسوء نية ، وإذ كان الطاعن بصفته قدتمسك فى دفاعه بحكم محكمة أول درجة وبشهادة شاهديه وبما جاء بتقرير اللجنة الثلاثية بأحقيته فى التعويض التكميلى عن الأضرار الاستثنائية غير المألوفة التى أصابته وتوفر سوء نية الشركة المطعون ضدها الأولى من امتناعها عن تنفيذ حكم التحكيم الأجنبى النهائى غير القابل للمنازعة والتحايل عليه بتغيير اسمها للتحلل من قيد الحجز التحفظى على أموالها تحت يدى بنكى ...... و...... - المطعون ضدهم الثانى والثامن والعاشر - بادعاء أنها غير الشركة المدينة الملتزمة بالدين ، وهو الأمر الذى خلص إليه الحكم المطعون فيه بفساده وعواره بقضائه بصحة هذا الحجز وتثبيته وهو قضاء نهائى وبات ، ومن ثم فغير مستساغ بعد ذلك القول بأن منازعة هذه الشركة تتسم بالجدية إلا أن الحكم المطعون فيه حجب نفسه عن بحث وتمحيص هذا الدفاع الجوهرى نتيجة ابتداعه شرطاً لاستحقاق الطاعن التعويض التكميلى لم يشترطه القانون رغم تمسك الطاعن بتوفر شروط إعمال المادة 231 من القانون المدنى وأن حكم التحكيم الصادر ضد الشركة المطعون ضدها وألزمها بأن تؤدى للطاعن بصفته المبلغ المقضى به وفوائده القانونية بناء على طلب الطاعن ، وهو ما كان يتغير به – إن صح – وجه الرأى فى الدعوى الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه فضلاً عن الخطأ فى تطبيق القانون بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق .
(الطعن رقم 506 لسنة 68 جلسة 2007/05/24 س 58 ص 466 ق 82)
3- النص فى المادة 231 من القانون المدني على أنه "يجوز للدائن أن يطالب بتعويض تكميلي يضاف إلى الفوائد إذا أثبت أن الضرر الذي يجاوزالفوائد قد تسبب فيه المدين بسوء نية" مفاده أنه يشترط للحكم بالتعويض التكميلي بالإضافة إلى الفوائد أن يقيم الدائن الدليل على توافر أمرين: أولهما: حدوث ضرر استثنائي به لا يكون هوالضررالمألوف الذي ينجم عادة عن مجرد التأخير فى وفاء المدين بالتزامه وثانيهما:سوء نية المدين بأن يكون قد تعمد عدم الوفاء بالتزامه وهوعالم بما يحدثه ذلك لدائنه من ضرر. ولما كان الثابت أن المطعون ضده لم يقدم لمحكمة الموضوع الدليل على قيام هذين الأمرين كما لم يطلب سلوك طريق معين لإثبات توافرهما فإن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي القاضي له بالتعويض التكميلي عن التأخير فى الوفاء يكون قد شابه القصور فى التسبيب أدى به إلى الخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 2103 لسنة 69 جلسة 2001/11/15 س 52 ع 2 ص 1103 ق 215)
4- مفاد نص المادة 231 من القانون المدنى أنه يشترط للحكم بالتعويض التكميلى بالإضافة إلى الفوائد أن يقيم الدائن الدليل على توفر أمرين أولهما حدوث ضرر إستثنائى به لا يكون هو الضرر المألوف الذى ينجم عادة عن مجرد التأخير فى وفاة المدين بإلتزامه وثانيهما سوء نية المدين بأن يكون قد تعمد عدم الوفاء بإلتزامه وهو عالم بما يحدثه ذلك لدائنه من الضرر ، وإذ كان الثابت أن الطاعنين لم يقدموا لمحكمة الموضوع الدليل على قيام هذين الأمرين ، كما لم يطلبوا سلوك طريق معين لإثبات توافرهما ، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض بالتعويض التكميلى يكون صحيحاً فى القانون
(الطعن رقم 475 لسنة 39 جلسة 1976/12/30 س 27 ع 2 ص 1857 ق 340)
5- تأخير المدين فى الوفاء بالدين لا يستوجب أكثر من إلزامه بالفائدة القانونية ما لم يثبت أن هذا التأخير كان بسوء نية المدين وترتب عليه إلحاق ضرراستثنائي بالدائن وذلك وفقاً للمادة 231 من القانون المدني التي جاءت تطبيقاً للقواعد العامة وتقنيناً لما جرى عليه القضاء فى ظل القانون الملغي. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه ألزم الطاعنة بالدين على أساس سعر الدولار يوم الاستحقاق وبالفرق بين السعر يوم الاستحقاق والسعر يوم صدور الحكم الابتدائي علاوة على فوائد التأخير بمثابة تعويض عن التأخير فى الوفاء دون أن يستظهر سوء نية الطاعن فإنه يكون مشوباً بالقصور.
(الطعن رقم 105 لسنة 26 جلسة 1961/06/22 س 12 ع 1 ص 561 ق 86)
إذا كان الدين مبلغاً من النقود، فلا يستحق عنه إلا تعویض قانونی متمثلاً في الفوائد سواء كانت اتفاقية أو قانونية وبالسعر الذي فرضه القانون بما لا يجاوز 7% أياً ما كانت الأضرار التي ترتبت على التأخير في الوفاء، لتجنب الربا الفاحش، ومهما كانت درجة خطأ المدين المتمثل في التأخير في الوفاء، وحتى لو كان خطأ جسيماً .
ومع ذلك، فإذا كان الضرر الذي لحق الدائن من هذا التأخير يجاوز الفوائد الإتفاقية أو القانونية، وأن المدين تسبب فيه بسوء نية، جاز للدائن أن يطلب تعويضاً يعادل هو والفوائد هذا الضرر، ويشترط لإجابته لذلك أن يثبت أن الدين تسبب بسوء نيته في إحداث هذا الضرر، بأن يثبت أن المدين تعمد عدم الوفاء قاصداً تفويت فرصة إبرام صفقة رابحة كان الدائن سوف يقدم عليها معتمداً على إستيفاء الدين، وأن هذا التأخير كان بقصد تفويت تلك الفرصة، ويلزم لذلك قيام الدليل أيضاً على توافر السيولة لدى المدين، بحيث إذا انتفى هذا الدليل، انتفى قصد تفويت الفرصة وبالتالى سوء النية لانتفاء إمكانية الوفاء في الأجل المحدد. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع الصفحة/ 391)
تسبب المدين بسوء نية في أحداث ضرر يجاوز الفوائد :
تقضي المادة 231 مدني ، كما رأينا ، بجواز ان يطالب الدائن بتعويض تكميلي يضاف إلى الفوائد إذا أثبت ان المدين قد تسبب بسوء نية في أحداث ضرر يجاوز الضرر الذي جعلت الفوائد تعويضاً له .
وتطبيق هذا الحكم يقتضي توافر شرطين :
( الشرط الأول ) إحداث ضرر استثنائي بالدائن ، لا يكون هو الضرر المألوف الذي ينجم عادة عن مجرد التأخر في وفاء المدين بالتزامه، مثل ذلك أن يكون المدين عالماً بأن الدائن ارتبط بالتزام يعتمد في الوفاء به على استيفائه لحقه من المدين فإن لم يستوف هذا الحق كان معرضاً لإجراءات شديدة من دانيه قد تصل إلي حد شهر الإفلاس.
(الشرط الثاني ) سوء نية المدين : فلا يكفي حدوث الضرر الاستثنائي علي النحو المتقدم الذكر، بل يجب أيضاً أن يكون المدين سيء النية في عدم الوفاء بالتزامه . ومجرد علمه بالضرر الاستثنائي لا يكفي لثبوت سوء نيته ، بل يجب أيضاً أن يكون قد تعمد عدم الوفاء بالتزامه وهو عالم بما يحدث ذلك لدائنه من الضرر .
والدائن هو الذي يقع عليه عبء إثبات توافر الشرطي : ما لحق به من ضرر استثنائي وسوء نية المدين . ومتى أثبت ذلك ، كان له أن يتقاضى من المدين تعويضاً تكميلياً يضاف إلى الفوائد التأخيرية المستحقة في ذمة المدين لتأخره الوفاء بالدين. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني المجلد/ الثاني الصفحة/ 1212)
يجوز للدائن أن يطالب بتعويض تكميلي يضاف إلى الفوائد، أي تعويض يزيد على ما يستحق من الفوائد القانونية أو الاتفاقية بشرطين هما :
الشرط الأول : أن يكون الضرر الذي أصاب الدائن يجاوز الفوائد :يجب أن تزيد قيمة الضرر الذي أصاب الدائن من جراء التأخير على مقدار الفوائد المستحقة.
ويجب أن يكون هذا الضرر استثنائياً، وليس الضرر العادي الذي ينشأ عادة عن مجرد التأخير في وفاء المدين بالتزامه، مثل ذلك أن يعلم المدين بارتباط الدائن بالتزام يعتمد على الوفاء به على استيفائه لحقه منه ويترتب على عدم استيفائه لهذا الحق تعرضه لإجراءات قانونية شديدة من جانب دائنيه قد تصل في بعض الأحيان إلى حد شهر الإفلاس. أو يترتب على عدم وفاء المدين لالتزامه في الميعاد المحدد أن يفوت على الدائن ربحاً كبيراً، كأن تفوته صفقة رابحة، كان يعتمد في إبرامها على استيفاء حقه مع علم المدين بذلك.
ولا يشترط أن يكون الضرر الزائد قد أصاب الدائن بعد المطالبة القضائية. فالمطالبة القضائية ليست إلا شرطا لبدء سريان فوائد التأخير بالسعر القانوني أو الاتفاقي .
الشرط الثاني : لا أن يتسبب المدين بسوء نية في إحداث الضرر الزائد ومعنی سوء النية تعمد المدين الإضرار بالدائن فيتعمد التخلف عن الوفاء بالتزامه وهو عالم بالضرر الزائد الذي يصيب الدائن من جراء ذلك.
يقع على عاتق الدائن عبء إثبات توافر الشرطين سالفي الذكر. ويجوز له الإثبات بكافة طرق الإثبات القانونية. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث، الصفحة/ 563)
ويقع على الدائن الذي يطالب بهذا التعويض التكميلي عبء إثبات الضرر الاستثنائي الذي يطلب عنه هذا التعويض وسوء نية المدين.
وتجري على تقدير هذا التعويض التكميلي القواعد المهنية التي تقدم تفصيلها لتقدير التعويض، ويشمل مقدار ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من ربح. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثالث، الصفحة/ 563)
نص التقنين المدني في المادتين 231 و 233 منه على حالتين يجوز فيهما أن يحكم للدائن بأكثر من الفوائد القانونية التي نصت عليها المادة 226، وهما حالة تسبب المدين بسوء نية في أحداث ضرر للدائن يجاوز الضرر الذي تمثله الفوائد القانونية، وحالة الفوائد التجارية التي تسري على الحساب الجاري.
ويشترط في تطبيق هذا النص توافر شرطين :
1) الأول هو حدوث ضرر للدائن يجاوز قيمة الفوائد القانونية المستحقة ويشترط في هذا الضرر الزائد أن يكون نتيجة طبيعية لتأخر المدين في تنفيذ التزامه أي أن لا يكون مثلاً في وسع الدائن أن يتوقاه بافتراض المبلغ مقابل دفع فوائد عنه، وإلا فإنه يعتبر ضرراً غیر مباشر ولا يسأل المدين عنه.
ويرى الأستاذ السنهورى أنه يشترط أن يكون الضرر الزائد استثنائياً، أي أن لا يكون هو الضرر المألوف الذي ينجم عادة عن مجرد تأخر المدين في الوفاء بالتزامه ( الوسيط ج 2 ط 1 ص 930. وقد ورد هذا الوصف ذاته في حكم لمحكمة النقض بتاريخ 22 يونيه 1961 قررت فيه أن تأخر المدين في الوفاء بالدين لا يستوجب أكثر من إلزامه بالفائدة القانونية ما لم يثبت أن هذا التأخير كان لسوء نية المدين وترتب عليه الحاق ضرر استثنائي بالدائن، وذلك وفقاً للمادة 231 مدني التي جاءت تطبيقاً للقواعد العامة وتقنيناً لما جرى عليه القضاء في ظل القانون الملغى ( مجموعة أحكام النقض 12 - 561 - 86)، وأيضاً حكم نقض مدنى 30 ديسمبر 1976 المجموعة ذاتها 27 - 1858 - 340 . ونرى أن وصف الضرر المشترط في هذه الحالة بأنه يجب أن يكون استثنائياً محل نظر، وإن كنا نوافق على المعنى المقصود به وهو أن يفوق الضرر المألوف الذي ينجم عادة عن مجرد تأخر المدين بالوفاء بالتزامه. وقد أوضح حكم النقض الصادر في 30 ديسمبر 1976 آنف الذكر المعنى الذي قصده من اشتراط أن يكون الضرر استثنائياً حتى يستحق الدائن عنه تعويضاً تكميلياً.
2) والثاني هو تسبب المدين بسوء نية في أحداث الضرر الزائد المذكور ومعنى سوء النية تعمد المدين الأضرار بالدائن، كما لو كان المدين يعلم أن دائنه يعتمد على وفاء الدين إليه في ميعاده ليسدد به ديناً آخر يحل عليه في اليوم التالي ويترتب على تأخره في وفائه اتخاذ إجراءات شهر إفلاسه، أو كان يعتمد عليه في دفع عربون صفقة مهمة يجني منها ربحاً كبيراً، فإن علم المدين بذلك وتعمده تأخير الوفاء رغم إمكانه القيام به في ميعاده، يعتبر سوء نية منه يوجب إلزامه بتعويض كافة الأضرار المباشرة التي تسبب فيها.
ويلاحظ في هذا الشأن أن المشروع التمهيدي للمادة 231 كان يكتفي في زيادة التعويض القانوني بأن يكون المدين قد تسبب في الضرر الزائد « بغش منه أو بخطأ جسيم، وكان ذلك يعتبر في نظر واضعي المشروع تطبيقاً للحكم الذي استقر في المادة 221 فقرة ثانية القاضي بأنه إذا كان الالتزام "مصدره العقد فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشاً أو خطأ جسيماً إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت العقد، باعتبار أن الفوائد القانونية تمثل الضرر المتوقع عادة وأن التعويض التكميلي يمثل الضرر المباشر غير المتوقع.
غير أن لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ لم تلتفت إلى الصلة القائمة بين المادتين المذكورتين، فقررت حذف عبارة « بغش منه أو بخطأ جسيم » من المادة الأولى والاستعاضة عنها بعبارة «بسوء نية» تمشياً مع التعديل الذي أدخل على المادة 229 على غرار نص المادة 1153 مدنی فرنسی.
وعندي أن هذا التعديل لم يكن موفقاً لأنه يخالف القاعدة العامة المنصوص عنها في المادة 221 فقرة ثانية كما يخالف حكم المادة 225 التي نصت على جواز زيادة التعويض عن قيمة الشرط الجزائي إذا أثبت الدائن أن المدين قد ارتكب غشاً أو خطأ جسيماً والتي كان يتعين مراعاة التنسيق بينها وبين نص المادة 231 أكثر من مراعاته بين نص هذه المادة ونص المادة 229 التي صدر فيها المشرع عن فكرة أخرى هي فكرة اساءة استعمال حق التقاضي.
على أنه مما يخفف من عيب انعدام التنسيق بين نص المادة 231 من جهة وبين القواعد العامة ونص المادة 221 فقرة ثانية والمادة 225 من جهة أخرى أن ثبوت الخطأ الجسيم يسمح عادة من الناحية العملية بافتراض سوء النية ، وأن الغالب عملاً أن القاضي أما أن يعتبر الخط جسيماً ويستنبط من ثبوته سوء نية المدين، وأما أن لا يعتبره كذلك أصلاً فلا يطبق نص المادة 231 كما أنه لا يطبق نص المادتين 221 فقرة ثانية و 225 .
وفي كل حال يقع على الدائن إثبات كلا الشرطين المتقدمين، أي زيادة الضرر وسوء نية المدين.
ومتى أثبت الدائن هذين الشرطين، ثبت له الحق في تعويض تكميلي يسرى عليه حكم القواعد العامة لا الأحكام الخاصة بالفوائد القانونية، فيكفي في استحقاقه اعذار المدين دون حاجة إلى توجيه المطالبة القضائية إليه - ويقدر القاضي التعويض التكميلي بمبلغ محدد أو في شكل فوائد إضافية يحدد سعرها وبدء سريانها على الوجه الذي يراه كفيلاً بجبر الضرر دون تقيد في ذلك بأحكام المادة 226 ويدخل في سلطته المطلقة تقدير ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من ربح. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 233)