loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 603

وسائل التنفيذ

المذكرة الإيضاحية

نظرة عامة (1)

عمد المشروع في الفصل المعقود للأحكام الخاصة بهذه الوسائل بشقيها ، وهو فصل لا نظير له في التقنين الراهن ، إلى إسباغ طابع التشريع على فكرة اعتبار الذمة المالية ضماناً عاماً للدائنين ، بوصفها الأصل الجامع لقواعد القانون المدني، جميع الدائنين سواء في هذا الضمان ، ما لم يقم بالنسبة لبعضهم سبب من أسباب الأفضلية، وفقاً لأحكام القانون (المادة 241 من المشروع ) وقد قصد بتنظيم الإعسار إلى تحقيق هذه المساواة عملاً ، كما سيأتي بيان ذلك ، وإذا كان الأصل جواز التنفيذ على أموال المدين جميعة ( المادة 253 من المشروع ) ، إلا أن المشروع قد بسط للمدين في أسباب الحماية بتقييد حق الدائن في مباشرة إجراءات التنفيذ ، فمن ذلك تقرير عدم قابلية بعض الأموال للحجز (المادة 257 من المشروع) ووجوب البدء بالتنفيذ على الأموال المخصصة لضمان الوفاء بالدين (المادة 255 من المشروع) ، وقصر التنفيذ على ما تغل أموال المدين من إيراد، في حالة كفاية هذا الإيراد لقضاء حق الدائن ، ووجوب البدء بالتنفيذ على ما يكون بيعه أقل كلفة من أموال المدين في حدود ما يكفي للوفاء بحق الدائن ( المادة 256 من المشروع ).

على أن المشروع لم يغفل عن رعاية مصلحة الدائن فقد كفل له استعمال دعاوى ثلاث ، بها يأمن جانب المدين إذا أهمل أو ساءت نيته : فأحكام الدعوى غير المباشرة، وهي أولى هذه الدعاوى، قد ضبطت حدودها من نواح شتى ، فأجيز للدائن أن يستعمل جميع ما يكون المدينه من حقوق دون أن يقتصر في ذلك على ما ترتبه العقود أو غيرها من مصادر الالتزام (قارن المادة 141/202 مصری)، ويشترط المباشرة هذه الدعوى أن يكون المدين معسراً، وأن يكون قد سكت عن المطالبة بحقه ، وأن يختصبه الدائن في دعواه ، ولا يشترط على نقيض ذلك ، أن يكون دين الدائن مستحق الأداء، أو أن يقوم بإعذار المدين ( المادة 242 من المشروع)، وقد قصد من الإعراض عن اشتراط طول الدين إلى حسم ما استحكم من الخلاف بشأن طبيعة تلك الدعوى، وما ينطوي فيها من تراكب فهي في صلة الدائن بمدينه إجراء تحفظي يسوغ اتخاذه بمقتضى دين غير مستحق الأداء ، وهي في صلة الدائن الغير الذي يختصمه إجراء تتكيف طبيعته بطبيعة حق مدینه .

هذا، وقد تناولت (المادة 243) من المشروع بيان الأساس القانوني للدعوى غير المباشرة، دون أن يكون لنصها نظير في سائر التقنينات ، وهذا الأساس هو مناط ما يترتب على هذه الدعوى من آثار، فقد اعتبر الدائن نائباً عن مدینه في مباشرة ما لهذا الدين من حقوق ، ونهايته بهذا الوصف صورة من صور النيابة القانونية التي تثبت بنص القانون، ويتفرع على هذه النيابة أن كل فائدة تسفر الدعوى عن تحصيلها تدخل في ذمة الدين، وتصبح بذلك ضماناً لجميع دائنيه.

أما الدعوى الثانية ، وهي الدعوى البوليصية، فقد عدل المشروع أحكامها تعديلاً جوهرياً، من وجوه عدة ،  فقد جعل منها إجراءً جماعياً مشتركاً بين الدائنين بعد أن كانت إجراءً فردياً في أحكام التقنين الحالى، فلا يقتصر نفعها في وضعها الجديد على من يرفعها من الدائنين بل يشمل سائر الدائنين الذين تتوافر فيهم شرائط استعمالها المادة 247 من المشروع ، ويرد ذلك إلى أن اقتصار آثار التصرف، أو عدم نفاذه أمر لا يقبل التجزئة ، في حكم بعدم نفاذ التصرف المقصود في حق أحد الدائنين، فمن غير المتهور أن يظل نافذاً في حق دائن آخر لايختلف مركزه عن مركز الدائن الأول في شيء ، على أن المشروع لا يستأثر بفضل السبق في استحداث هذا الحكم ، فقد قضى التقنين البرتغالى في المادة 1044 بأن الدعوى البوليصية يكون من أثرها رد ما وقع التصرف فيه إلى ذمة المدين لمنفعة الدائنين، ونصت المادة 113 من التقنين البرازيلي أيضاً على أن الفائدة التي تنتج عن استعمال هذه الدعوى تدخل في نطاق ما يقتسم بين الدائنين قسمة غرماء ، وقد بسط المشروع كذلك من نطاق فكرة التصرف المدخول الذي يجوز الطعن فيه بإستعمال تلك الدعوى ، فلم يعد أمرها قاصراً على التصرف المفقر بمعناه الضيق الجامد ، كما استقر في التقاليد، بل جاوز ذلك إلى ما يستتبع زيادة التزامات المدين أو إنقاص حقوقه من ضروب التصرفات (المادة 244 من المشروع) وقد أجاز المشروع أيضاً أن يطعن من طريق الدعوى البولصية في الوفاء الحاصل من الدين المعسر وإيثاره أحد دائنيه بالأفضلية بغير حق (المادة 249 من المشروع)، ويلاحظ من ناحية أخرى، أن المشروع عمد إلى الأخذ بأسباب التيسير والتبسيط في كل ما يتعلق بالإثبات : فيسر أمر إقامة الدليل على إعسار الدين وغشه ، واشتراك الحلف الأول والحلف الثاني في هذا الغش ( المادتان 245 و 246 من المشروع)، ثم إنه هيأ مخرجاً للخلف، فعصمه من أثار الدعوى إذا قام بالوفاء بحق الدائن، أو قام بإیداع الثمن (المادة 248 من المشروع) و أنشأ تقادما مدته سنة واحدة، حتى لا يطول أمد الفترة التي يظل مصير التصرف فيها رهينة بمباشرة الدعوى ، ومهما يكن مبلغ ما أدخل على الدعوي البوليصة من تعديل فهي لا تعدو أن تكون تنظيماً جزئياً لإعسار المدين بالنسبية التصرف معین صدر منه ، وهي بوضعها هذا لا تغني عن تنظيم أعم وأشمل يتناوله حالة الإعسار في جملتها.

بقيت دعوى الصورية ، وهي ثالثة الدعاوى التي تقدمت الإشارة إليها ، وقد عرض المشروع لأحكام هذه الدعوى في نصين ( المادتان 251 ، 252 من المشروع) تضمناً خلاصة ما استقر عليه القضاء المصري ، ولو أنهما قد أخذاً عن المشروع الفرنسي الإيطالى ، وكل ما هناك من جديد في هذا الشأن هو نقل طائفة من المبادئ من نطاق القضاء إلى نطاق التشريع .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- تناول المادة 314 بيان الشروط الواجب توافرها لمباشرة الدعوى غير المباشرة، ولعل مجرد استظهار هذه المادة وما يقابلها في نصوص التقنين الحالي (202/141) يظهر على مبلغ ماوفق إليه المشروع ، من تهذيب في الصياغة ، ودقة في الأداء .

2 - فلا يشترط من ناحية الدائن إلا نحقق وجود الدين ، دون حلول أجل الوفاء به ، ذلك أن الدعوى غير المباشرة تعتبر في صلة الدائن بمدينه إجراء تحفظية يجوز اتخاذه بمقتضى دین مضاف إلى أجل أو معلق على شرط ، أما في صلة المدين بالخير الذي يستعمل الحق في مواجهته ، فتتكيف هذه الدعوى وفقاً لطبيعة هذا الحق ، وتكون بذلك إجراءً تحفظياً أو إجراءً تنفيذياً ، على حسب الأحوال، فإذا حصل الدائن على قيد رهن رسمي بإسم مدينه ، كانت الدعوى من قبيل الإجراءات التحفظية ، ويكن الحصول على هذا القيد أن يكون الدين المضمون بذاك، الرهن موجوداً ، دون أن يكون مستحق الأداء ، أما إذا طالب الدائن ، على نقيض ذلك ، باسم المدين، بدين واجب له، فتعتبر الدعوى من قبيل الإجراءات التنفيذية، ويشترط لاستعمالها أن يكون هذا الدين مستحق الأداء.

3 - وينبغي أن يكون الحق الذي يستعمله الدائن بإسم الدين داخلاً في الضمان العام لدائنيه، فإذا كان هذا الحق متصلاً بشخص المدين على وجه التخصيص والإفراد (كالحق في اقتضاء تعويض عن ضرر أدبي )، أو كان غير قابل للحجز (كدين النفقة ، المادة 339 من المشروع) فإستعمال الدائن له لا يجديه فتيلاً .

4 - أما المدين الذي يستعمل الحق بإسمه، فيشترط بالنسبة له شرطان : فعلى الدائن أولاً أن يقيم الدليل على أن إحجام هذا الدين عن إستعمال حقه، من شأنه أن يسبب إعساره أو أن يزيد في هذا الإعسار، فيشترط والحال هذه، أن يكون المدین معسراً، بصرف النظر عن الحق الذي يراد إستعماله وهذا هو وجه مصلحة الدائن في الإلتجاء إلى الدعوى ، ويتعين على الدائن، من ناحية أخرى ، أن يقم الدليل على إحجام الدين ، وقد يرجع ذلك إما إلى سوء نية هذا الدين ، وإما إلى مجرد إهماله ، فتى توافر للدائن هذا الدليل، كان له أن يخرج مدينه عن موقف الإحجام، ويتولى الأمر بنفسه ، وهو في هذا الوضع لا يلتزم إلا موقفاً سلبياً في الرقابة والإشراف ، ولو أنه يشترك في الخصومة، ويراعي أخيراً أن الدائن لا يلزم بإعذار مدينه رغم ما يؤخذ عليه من تراخ أو إحجام ، وإذا كان من حق الدائن أن يقاضي الغير بإسم مدينه ، دون إعذار سابق ، فمن واجبه أن يختصم هذا الدين متي رفعت الدعوي .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 314 من المشروع فأقرتها اللجنة بعد إدخال تعديلات لفظية وأصبح النص النهائي ما يأتي :

(1) لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل بإسم مدينه جميع حقوق هذا الدين إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز .

(2) ولا يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبولاً إلا إذا أثبت أن المدين لم يستعمل هذه الحقوق وأن عدم استعماله لها من شأنه أن يسبب إعساره أو أن يزيد في هذا الإعسار، ولا يشترط إعذار المدين لإستعمال حقه ولكن يجب إدخاله خصماً في الدعوى .

وأصبح رقم المادة 242 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

 وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 242 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة دون تعديل ، وأصبح رقمها 235 .

مناقشات المجلس:

وافق المجلس على المادة دون تعديل .

الأحكام

1- إذ أجاز القانون المدني فى المادة 235 لكل دائن أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان متصلاً بشخصه خاصة أوغير قابل للحجزوصرح فى المادة 236 بأن الدائن الذي يستعمل حقوق مدينة يعتبر نائباً عنه وأن كل فائدة تنتج من استعمال هذه الحقوق وتدخل فى أموال المدين فإنه ينبني على ذلك أن الدائن إذا باشر الدعوى غير المباشرة للمطالبة بحق مدينة باعتباره نائباً عنه نيابة مصدرها القانون فلا يجوز له أن يتمسك فى مواجهة الخصم إلا بالدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بالأصيل الذي ينوب عنه فحسب دون غيرها من الدفوع وأوجه الدفاع المتعلقة بشخصه هو، لما كان ذلك وكان الثابت من الواقع فى الدعوى أن الحراسة الإدارية بمقتضى الأمر العسكري - رقم 138 لسنة 1961 فرضت على أموال الدائن رافع الدعوى غير المباشرة فإنها لا تعتبر مانعاً قانونياً من شأنه وقف التقادم الذي يتمسك به الخصم لاكتساب ملكية عقار المدين محل النزاع وذلك لتعلق أمر فرض الحراسة بشخص النائب دون صاحب الحق الأصيل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 2488 لسنة 57 جلسة 1988/12/22 س 39 ع 2 ص 1391 ق 238)

2- النص فى المادة 235 من القانون المدنى على أن " لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل بأسم مدينة جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة أوغير قابل للحجز ...... " يدل على أن نطاق الدعوى غير المباشرة لا يشمل الحقوق والرخص التى تؤدى إستعمال الدائن لها إلى المساس بما يجب أن يبقى للمدين من حرية فى تصريف شئونه ، وكان إكتساب حق المرور فى أرض الجار نظير تعويض عادل بالشروط والضوابط المحددة بنص المادة 812 من القانون المدنى هو من الرخص التى قصر الشارع سلطة الإفادة منها على مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام فإن إستعمال هذه الرخصة يكون خارج النطاق الذى يجوز فيه إستعمال الدعوى غير المباشرة .

(الطعن رقم 411 لسنة 56 جلسة 1988/11/29 س 39 ع 2 ص 1248 ق 211)

3- إذ أجاز التقنين المدنى فى المادة 235 منه لكل دائن أن يستعمل بإسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلاً بشخصه أوغير قابل للحجز ، فقد أوجب على الدائن الذى يطالب بحق مدينه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يقيم الدعوى بإسم المدين ليكون المحكوم به حقا لهذا المدين ويدخل فى عموم أمواله ضماناً لحقوق دائنيه ويتقاسموه قسمة غرماء ، فإذا هو لم يرفعها بوصفه دائناً ، وإنما رفعها إستعمالاً لحق مباشر له وطلب الحكم لمصلحته لا لمصلحة مدينه فإنها تكون دعوى مباشرة أقامها بإسمه ولمصلحته .

(الطعن رقم 943 لسنة 51 جلسة 1988/03/24 س 39 ع 1 ص 478 ق 97)

4- قسمة المال الشائع تتم بتعين جزء مفرزمن هذا المال لكل شريك لينفرد بملكيته دون باقى الشركاء والتسليم الفعلى للمبيع فى البيع على الشيوع وعلى ما جرى به نص المادة 235 من القانون المدنى يتم بمجرد وضع القدر المباع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والإنتفاع به خلفاً للبائع فى حقوقه وهو ما لا تنتهى به حالة الشيوع  ولا يعتبر قسمة للمال الشائع.

(الطعن رقم 104 لسنة 52 جلسة 1985/02/07 س 36 ع 1 ص 225 ق 51)

5- مشترى العقار بعقد إبتدائى إذا أقام ليحكم له بصحة عقده وإختصم فيها البائع له ليحكم بصحة العقد الإبتدائى الصادر لهذا الأخير فإنه لا يطلب ذلك إستعمالاً لحق مباشر له بل بوصفه دائناً للبائع له عملاً بالرخصة المخولة له بنص المادة 235 من القانون المدنى وحينئذ يعتبر عملاً بنص المادة 236 منه نائباً عنه فى هذا الطلب وتكون صحيفة الدعوى قد تضمنت طلبين يستقل كل منهما عن الآخر أولهما صحة عقد المشترى الأول و ثانيهما صحة عقد المشترى الثانى فإذا سجلت إنصرف أثر التسجيل إلى كل من الطلبين على إستقلال .

(الطعن رقم 1129 لسنة 51 جلسة 1984/12/20 س 35 ع 2 ص 2182 ق 414)

6- لئن كان للدائن - إعمالاً لصريح نص المادة 235 من القانون المدنى - أن يستعمل باسم مدينه حقوق هذا المدين إذا أهمل فى إستعمالها سواء فى صورة دعوى تقاعس المدين عن إقامتها أو فى صورة طعن فى حكم قعد المدين عن الطعن عليه ، إلا أن شرط ذلك أن يكون مباشر الإجراء - دعوى أو طعن - دائناً أى له حق موجود قائم قبل من يستعمل الحق باسمه ، لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد إنتهت فى الرد على السبب الأول إلى أن الطاعنين مجرد مستأجرين من الباطن إنقضت عقود إيجارهم الصادرة من المطعون ضده الثالث بإنتهاء عقد الإيجار الأصلى الصادر لصالح هذا الأخير ، فلا حق لهم قبله ، وبالتالى فلا سند لهم فى إستعمال ما قد يكون للمطعون ضده الثالث من حقوق قبل المطعون ضدهما الأولين ناشئة عن إقامة المبانى

(الطعن رقم 475 لسنة 51 جلسة 1982/05/27 س 33 ع 1 ص 593 ق 108)

7- النص فى الفقرة الأولى من المادة 235 من القانون المدنى على أن " لكل دائن و لو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل بأسم مدينه جميع حقوق هذا المدين  إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصه أوغير قابل للحجز . . " يدل على أن نطاق الدعوى غير المباشرة لا يشمل الحقوق التى يؤدى إستعمال الدائن لها إلى المساس بما يجب أن يبقى للمدين من حرية فى تصريف شئونه  فيجوز للدائن أن يرفع دعوى بإبطال عقد كان مدينه طرفاً فيه لعيب شاب رضاه ، ولا يعتبر بذلك من قبيل الحقوق المتصلة بشخص المدين فيجوز من ثم إستعمالها بأسمه ، ولما كان الثابت من مدونات الحكم الإبتدائى أن المطعون عليه الثانى أسس دعواه عند طلب الحكم بتسليمه العين المؤجرة وتمكينه من الإنتفاع بها على بطلان عقد الإيجار الصادر للطاعنة والذى تضمنه محضر القرعة التى أجريت فى محافظة الجيزة ، وكان الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بعد إستعراضه توافر سائر شروط الدعوى غير المباشرة إنتهى إلى أن المطعون عليه الثانى يحق له الطعن على عقد الإيجار الصادر من المؤجر له إلى الطاعنة لصدوره نتيجة إكراه لا يمس إجراء عملية القرعة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ولا يعيبه ما وقع فيه من تقريرات قانونية خاطئة لا تؤثر فى جوهر قضائه .

(الطعن رقم 206 لسنة 43 جلسة 1977/05/04 س 28 ع 1 ص 1135 ق 195)

8- المدين الذى أوجبت الفقرة الثانية من المادة 235 من القانون المدنى إدخاله خصماً فى الدعوى - غير المباشرة - قد يتخذ موقفاً سلبياً تاركاً للدائن بحث مباشرة الدعوى عنه أويسلك موقفاً إيجابياً فيعمد إلى مباشرة الدعوى بنفسه ، وحينئذ يقتصر دور الدائن على مجرد مراقبة دفاع المدين ، ولما كان المدين المطعون عليه الأول قد آثر طيلة تردد الدعوى أمام محكمة أول درجة الموقف السلبى مكتفياً بأن يقرر أمامه أنه أكره على التوقيع على محضر القرعة ، كما جاء على لسان محاميه أمام محكمة الإستئناف أنه ينضم للمطعون عليه الثانى فى طلباته ، فان قول الحكم أنه وقف من الدائن موقف المظاهر المؤيد له لا ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 206 لسنة 43 جلسة 1977/05/04 س 28 ع 1 ص 1135 ق 195)

9-  إذ أجاز التقنين المدني فى المادة 235 لكل دائن أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة ، أوغير قابل للحجز فقد أوجب على الدائن الذي يطالب بحق مدينه  وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يقيم الدعوى باسم المدين ليكون المحكوم به حقاً لهذا المدين ويدخل فى عموم أمواله ضماناً لحقوق دائنيه ويتقاسموه قسمة غرماء فإذا هو لم يرفعها بوصفه دائناً وإنما رفعها استعمالاً لحق مباشر له ، وطلب الحكم لمصلحته  لا لمصلحة مدينه ، فإنها تكون دعوى مباشرة أقامها باسمه ولمصلحته وإذ كان الثابت أن الطاعن أقام الدعوى بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه الأول واضع اليد وورثة البائع له بتسليمه هو الأطيان التي اشتراها بعقد عرفي وماكينة الري القائمة عليها ولم يطلب الحكم بالتسليم لمصلحة مدينه البائع حتى تبحث المحكمة النزاع على الملكية الذي أثاره المطعون عليه الأول على هذا الأساس ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد فصل فى الدعوى على أساس أنها دعوى مباشرة فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 476 لسنة 39 جلسة 1975/04/29 س 26 ع 1 ص 844 ق 165)

10- الحق فى الإجارة ليس من الحقوق المتصلة بشخص المستأجر خاصة ، وهو حق مالى يجوز التصرف فيه والحجز عليه ، ومن ثم يجوز لدائن المستأجر أن يستعمل هذا الحق نيابة عنه طبقا لما تقضى به المادة 235 من القانون المدنى . وإذ كان الثابت فى الدعوى أن مدين مصلحة الضرائب كان يستأجر من الشركة المطعون عليها متجرا ، ثم غادر الديار المصرية دون أن يوفى بما عليه ، ووقعت الطاعنة - مصلحة الضرائب - الحجز على موجودات المحل الخشبية ، وعلى حق مدينها فى الإجارة ثم قامت ببيعها ، وتمسكت فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن تصرفها فى حق الإجارة هو بيع للمتجر بأكمله ، نظرا لأن سمعته التجارية متوقفة على الصقع الذى يقع فيه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وحظر إستعمال المصلحة لحق مدينها المستأجر فى الإجارة ، كما إشترط ضرورة شمول بيع المتجر لكافة مقوماته المعنوية ، ولم يعن ببحث الظروف الملابسة للبيع ، وما قد يكون لها من دلالة على توافر العناصر المعنوية اللازمة لتكوين المتجر موضوع الدعوى ، فإنه يكون قد أخطا فى تطبيق القانون وعاره قصور فى التسبيب

(الطعن رقم 351 لسنة 34 جلسة 1972/05/10 س 23 ع 2 ص 835 ق 132)

11- يعتبر المدين ممثلا لدائنه العادى فى الخصومات التى يكون المدين طرفا فيها فيفيد الدائن من الحكم الصادر فيها لمصلحة مدينه كما يعتبر الحكم على المدين حجة على دائنه فى حدود ما يتأثر بالحكم حق الضمان العام الذى للدائن على أموال مدينه كما أن للدائن ولو لم يكن طرفا فى الخصومة بنفسه أن يطعن فى الحكم الصادر فيها بطرق الطعن العادية وغير العادية بالشروط التى رسمها القانون لأطراف الخصومة وذلك لما هو مقرر من أن الطعن يقبل ممن كان طرفا بنفسه أوبمن ينوب عنه فى الخصومة التى انتهت بالحكم المطعون فيه كما يفيد الدائن من الطعن المرفوع من مدينه ويحتج عليه بالطعن المرفوع على هذا المدين ومن ثم فان الطاعن إذ وجه استئنافه إلى المطعون ضدهما الأولين وأعلنهما به فى الميعاد القانونى فانه لم يكن بعد ملزما بتوجيه الاستئناف أيضا إلى المطعون ضده الثالث الذى تدخل فى الدعوى أمام محكمة أول درجة منضما إلى مدينته المطعون ضدها الأولى إذ فى اختصام هذه المدينه ما يغنى عن اختصامه هو .

(الطعن رقم 16 لسنة 30 جلسة 1964/12/31 س 15 ع 3 ص 1266 ق 181)

12- إنه وإن كان المدين الذى يرفع دائنه بإسمه الدعوى غير المباشرة يبقى محتفظاً بحرية التصرف فى الحق المطالب به فيها ، ومن ثم يكون هذا التصرف نافذاً فى حق الدائن شأنه فيه شأن المدين الذى صدرمنه ويكون للخصم المرفوعة عليه الدعوى " مدين المدين " حق التمسك به فى مواجهة الدائن ، إلا أن ذلك مقيد بشرط عدم قيام الغش والتواطؤ بين الخصم والمدين للإضرار بحقوق الدائن ، ففى هذه الحالة يحق للدائن أن يطعن فى تصرف المدين بالدعوى البوليصية .

(الطعن رقم 77 لسنة 18 جلسة 1950/02/02 س 1 ع 1 ص 220 ق 61)

13- إنه وإن كانت الدعوى غير المباشرة والدعوى البوليصية تختلفان كل منهما عن الأخرى فى أساسها وشروطها وآثارها ومن ثم لا يجوز الجمع بينهما فى آن  إلا أنه يجوز للدائن أن يستعملهما متعاقبتين إحداهما بعد الأخرى وليس من الضرورى أن ترفع الدعوى البوليصية استقلالا بل يصح رفعها كدعوى عارضة أوإثارتها كمسألة أولية ولو أثناء قيام الدعوى غير المباشرة متى كانت ظروف دفاع الدائن تستلزم ذلك فإذا كان الدائن عندما وجه فى دعواه المباشرة من ناظر الوقف بمصادقة مدينه على حساب الوقف قد دفع بأن هذه المصادقة باطلة لصدورها غشاً وتدليساً بالتواطؤ بين المدين وبين ناظر الوقف ، فإنه لا يكون قد جمع بين الدعوى غير المباشرة وبين الدعوى البوليصية فى آن وإنما هو أثار الدعوى البوليصية كمسألة أولية فهو بهذا قد استعمل الدعويين على التعاقب ويكون من المتعين الفصل فى الدعوى البوليصية وإذا كانت المحكمة قد قصرت بحثها على الدعوى غير المباشرة وإعتبرت مصادقة المدين نافذه فى حقه بمقولة إنه لم يرفع الدعوى البوليصية فإنها تكون قد أغفلت الفصل فى دفاعه ويكون حكمها قد أخطأ فى تكييف هذا الدفاع وتعين نقضه .

(الطعن رقم 77 لسنة 18 جلسة 1950/02/02 س 1 ع 1 ص 220 ق 61)

شرح خبراء القانون

لا يشترط في الدائن إلا أن يكون له حق موجود : 

الشرط  الوحيد في الدائن هو أن يكون له حق موجود ، وهذا هو أدني المراتب في الدائن، فلو كان حقه احتمالياً كحث الوارث قبل موت المورق ، أو كان حقه غير خال من النزاع، فإن دائنيته لا تكون محققة ومن ثم لا يستطيع استعمال حقوق مدينه إلا إذا انقلب حقه المحتمل إلي حق موجود، أو أصبح حقه المتنازع فيه خالياً من النزاع.

ويلاحظ أن حق الدائن إذا كان مقروناً بأجل أو معلقاً علي شرط - سواء كان الأجل أو الشرط فاسخاً أو واقفاً - فإنه يكون مع ذلك موجوداً ، فيجوز للدائن استعمال حقوق مدينة أما الحق المقرون بالأجل فظاهر ، لأن الحق يكون موجوداً بالرغم من قيام الأجل ، والأجل إنما ينصب علي استحقاق الأداء دون وجود الحق ذاته ، وأما الحق المعلق علي شرط، ولو كان الشرط واقفاً ، فإنه ليس بالحق الإحتمالي ، بل هو حق له وجود قانوني يعتد به .

فلا يشترط في حق الدائن أن يكون قابلاً للتنفيذ أو مستحق الأداء أو معلم المقدار.

وأي دائن حقه موجود يستطيع استعمال حقوق مدينه :

لا فرق في ذلك بين دائن عادي أو دائن مرتهن أو دائن له حق امتياز.

ولا فرق كذلك بين دائن حقه نقد ودائن حقه عين ودائن حقه عمل أو امتناع عن عمل، فالكل سواء في استعمال حقوق المدين .

ولا يشترط أن يكون حق الدائن سابق علي حق المدين : وليس من الضروري أن يكون حق الدائن سابقاً علي حق المدين الذي يستعمله الدائن ، وذلك بخلاف الدعوى البوليصية حيث تشترط أسبقية حق الدائن علي تصرف المدين المطعون فيه .

كذلك للدائن أن يطعن باسم المدين بالبطلان أو بالفسخ أو بنحو ذلك في عقود صدرت من المدين ، حتى لو كانت هذه العقود قد صدرت قبل ثبوت حق الدائن  .

وينبني علي ما تقدم أنه لا يشترط أن يكون الحق الدائن تاريخ ثابت ، فسواء تقدم هذا التاريخ أو تأخر، فإن هذا لا يمنعه من استعمال حقوق مدينه.

ولا يشترط ألا يكون للدائن طريق آخر سوى الدعوى غير المباشرة : وليست الدعوى غير المباشرة دعوى احتياطية لا يجوز للدائن أن يلجأ إليها إلا إذا لم يكن أمامه طريق آخر، بل يصح أن يكون للدائن طرق شتى، فيعدل عنها إلى الدعوى غير المباشرة .

قد يكون للدائن دعوى مباشرة يستطيع أن يستغني بها عن الدعوى غير المباشرة ، كالمشتري من المشتري يستطيع أن يرفع دعوى ضمان مباشرة علي البائع بإعتبار أن هذه الدعوى انتقلت إليه من سلفه من الشيء المبيع ، ولكن هذا لا يمنعه من رفع دعوى الضمان علي البائع بإسم المشتري مدينة.

ولا يشترط أيضاً فى رفع الدعوى غير المباشرة أن يقوم الدائن بإجراءات كان على المدين أن يقوم بها لو باشر الدعوى بنفسه، كما إذا كان المدين قاصراً ووجب عليه أخذ إذن من المحكمة الحسبية أو الحصول على إجازة الولي أو الوصي، فما دام الدائن كامل الأهلية ، فإنه يستطيع أن يرفع الدعوى دون القيام بشئ من هذه الإجراءات ، ولكن لما كان لابد من إدخال المدين فى الدعوى كما سنرى ، فإنه يجب اتخاذ هذه الإجراءات عند إدخاله .

ولا يشترط أن يحصل الدائن على أذن من القضاء بحلول محل المدين : كذلك لا يشترط أن يحصل الدائن من القضاء على إذن بحلوله محل المدين ، ذلك أن نيابته عن المدين إنما يستمدها من القانون.

الأصل فى استعمال الدائن لحقوق مدينة هو أن يكون له فى ذلك مصلحة مشروعة عاجلة.

ولا توجد مصلحة مشروعة عاجلة للدائن إلا إذا توافر فى المدين شرطان :

(1) ألا يكون عنده أموال كافية لسداد حق الدائن إذا فات عليه الحق الذى يريد الدائن استعماله، أى أن يكون فوات هذا الحق على المدين سببًا في إعساره أو فى زيادة إعساره .

(2) أن يكون مقصراً فى عدم استعمال حقه بنفسه .

يضاف إلى هذين الشرطين شرط ثالث بصريح النص ، هو إدخال المدين كخصماً في الدعوى.

فوات الحق على المدين يكون سببًا فى إعساره أو فى زيادة إعساره : ذلك أنه لو كان عند المدين مال آخر يستوفى منه الدائن حقه ، لما جاز لهذا الدائن أن يستعمل حقاً للمدين مال آخر يستوفى منه الدائن حقه، لما جاز لهذا الدائن أن يستعمل حقاً للمدين لا مصلحة فى استعماله ، ما دام يستطيع استيفاء حقه من غير هذا الطريق.

أن عبء الإثبات يقع على الدائن لا على المدين .

تقصير المدين فى عدم استعماله حقه بنفسه : 

ولا يكفى أن يكون عدم استعمال المدين لحقه سبباً فى اعساره أو زيادة إعساره ، بل يجب أيضاً أن يكون المدين مقصراً فى عدم استعمال حقه بنفسه، أما إذا نشط وأراد أن يباشر بنفسه استعمال حقه ، حتى بعد أن يكون الدائن قد باشر استعمال الحق بالنيابة عنه، فإنه يستطيع أن يفعل ، ويجب فى هذه الحالة على الدائن أن يمتنع عن المضى فى الإجراءات التى بدأها ، وأن يترك إتمامها للمدين.

وعبء إثبات تقصير المدين فى استعمال حقه يقع على الدائن.

إدخال المدين خصماً في الدعوى ـ عدم ضرورة إعذاره.

على وجوب إدخال المدين خصمًا في الدعوى، فلا يجوز إذن للدائن أن يرفع الدعوى غير المباشرة دون أن يدخل المدين خصماً ثالثاً، فإذا لم يدخله جاز للخصم أن يدفع بعدم قبول الدعوى.

نصت الفقرة الأولى من المادة 235 على أن للدائن أن يستعمل بإسم مدينه " جميع حقوق هذا المدين ، إلا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز "، ويستخلص من ذلك أن القاعدة هى أن أى حق للمدين يجوز أن يستعمله، ويستثنى من ذلك : (أولاً) أن يكون للمدين مجرد رخصة، فلا يجوز للدائن أن يستعملها باسم المدين، (ثانياً) ألا يكون الحق للمدين نفسه، بل هو حق يباشره عن غيره، فلا يجوز للدائن أن يستعمل هذا الحق ، إذ هو ليس حقًا للمدين . (ثالثاً) أن  يكون الحق للمدين ، ولكنه متصل بشخصيته خاصة . (رابعاً) أن يكون الحق غير قابل للحجز عليه . (خامساً) أن يكون الحق مثقلاً بحيث لا تكون هناك فائدة للدائن فى استعماله.

يجوز للدائن استعمال أى حق للمدين :

يجوز للدائن ، كقاعدة عامة ، أن يستعمل أى حق للمدين ، لا فرق بين حق وحق .

فقد يكون هذا الحق حقاً شخصياً، محله نقد أو عين أو عمل أو امتناع عن عمل .

وقد يكون حق المدين حقاً عينياً يستعمله الدائن بإسمه ، كحق ملكية أو حق إنتفاع أو حق ارتفاق أو حق رهن .

ويغلب أن يأخذ الحق ـ شخصياً كان أو عينياً ـ صورة الدعوى يرفعها الدائن على من عليه الحق للمدين ، كدعوى الدين أو دعوى الاستحقاق.

على أنه يجوز أن يستعمل الدائن باسم مدينه مجرد إجراءات ، دون أن يرفع دعوى أمام القضاء ، وهذه الإجراءات إما أن تكون تصرفات قانونية أو إجراءات مادية ، مثل التصرفات القانونية أن يقبل الدائن وصية عن المدين ، أو يسترد شيئاً للمدين حق استرداده ، أو يقبل اشتراطاً لمصلحة المدين.

 ومثل الإجراءات المادية أن يقيد رهناً لمصلحة المدين، أو يجدد قيد الرهن ، أو يسجل عقداً للمدين حتى تنتقل إليه الملكية ، أو يقطع تقادماً سرى ضد المدين ، أو يطلب بإسم المدين وضع أختام أو كتابة محاضر جرد .

لا يجوز للدائن أن يستعمل ما للمدين من رخصة : ليس للدائن أن يتدخل في شؤون مدينه إلى حد أن يقبل عنه صفقة لا يريدها هو، حتى لو كانت هذه الصفقة رابحة ومن شأنها أن تزيد فى ضمان الدائن، ولا أن يلغى بإسم مدينه عقد إيجار بدعوى أن الأجرة باهظة ومن شأنها أن تنتقص من ضمان الدائن، " فحق " قبول الإيجاب ، " وحق " إلغاء عقد الإيجار ، " وحق " إدارة المدين لأمواله حسبما يرى حتى لو كانت هذه الإدارة سيئة، ليست حقوقاً يجوز للدائن أن يستعملها باسم مدينه، بل هى مجرد رخص لا شأن للدائن فى استعمالها. 

أما التمسك بالتقادم ، فالرأى الراجح أنه رخصة لا حق ، وأن التقادم لا يتم إلا بالتمسك به ، وكان مقتضى هذا التكييف أن الدائن لا يستطيع استعمال هذه الرخصة نيابة عن مدينه ، ولكن الفقرة الأولى من المادة 387 مدنى نصت استثناء على جواز تمسك الدائن بالتقادم المسقط نيابة عن مدينه إذ تقول : " لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها ، بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناءً على طلب دائنيه أو أى شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين" .

ولا يجوز للدائن أن يستعمل حقًا يباشرة المدين عن غيره :

ثم إن الحق الذى يستعمله الدائن باسم المدين يجب أن يكون حق المدين نفسه ، لاحقاً يباشره المدين عن غيره، فلا يجوز للدائن، إذا كان مدينه ولياً للقاصر، أن يرفع دعوى القاصر بإسم مدينه، لأن هذه الدعاوى إنما يباشرها المدين عن القاصر بصفته ولياً له .

ولا يجوز للدائن أن  يستعمل حقاً متصلاً ـ بشخص المدين خاصة، وهذا ما نصت عليه صراحة الفقرة الأولى من المادة 235 كما رأينا، ذلك أن الدعوى غير المباشرة إنما تستند، كما قدمنا، إلى ما للدائن من حق الضمان العام على جميع أموال مدينه، فالحق الذي يستطيع الدائن أن يستعمله يجب إذن أن يدخل ضمن الحقوق التى تعتبر ضامنة لحق الدائن .

ويترتب على ذلك أن الحقوق غير المالية المتعلقة بالأحوال الشخصية، وهى حقوق متصلة بشخص المدين خاصة ولا تدخل فى الضمان العام للدائنين، لا يجوز للدائن استعمالها، فلا يجوز استعمال حق الطلاق، حتى لو كان استعمال هذا الحق من شأنه أن يخفف عبئاً مالياً عن المدين كانقطاع دين النفقة . 

ويترتب على ذلك أيضًا أن الحقوق المالية غير المتعلقة بالأحوال الشخصية، إذا كانت متصلة بشخص المدين، لا يجوز للدائن استعمالها، ويعتبر الحق المالى متصلاً بشخص المدين إذا قام فى أساسه على اعتبارات أدبية ، وذلك كحق الواهب فى الرجوع فى الهبة، وحق المصاب فى التعويض عما أصابه من الضرر الأدبى، وحق المؤلف فى نشر مؤلفه أو إعادة نشره.

ولا يجوز للدائن أن ـ يستعمل حقًا للمدين غير قابل للحجز :

ولما كانت الدعوى غير المباشرة تستند إلى الضمان العام للدائنين كما تقدم القول ، فحقوق المدين غير القابلة للحجز ـ وهى لا تدخل فى هذا الضمان ـ لا يجوز للدائن استعمالها، إذ لا يستطيع التنفيذ عليها ، فتصبح الدعوى غير المباشرة دون جدوى، وجميع الحقوق التي يقضي القانون بعدم جواز الحجز عليها ، سواء كانت غير قابلة للتنازل عنها كحق السكنى وحق الاستعمال ، أو كانت قابلة للتنازل كمرتبات الموظفين ومعاشاتهم وديون النفقة والملكية الزراعية الصغيرة التى لا تزيد على خمسة فدادين، كل هذه الحقوق لا يجوز للدائن استعمالها لانعدام المصلحة .

ولا يجوز للدائن أن يستعمل حقاً للمدين مثقلاً إلى حد الاستغراق :

وقد يكون الحق غير متصل بشخص المدين وقابلاً للحجز عليه ، ولكنه حق مثقل برهن أو نحوه بما يجعل استعماله غير ذي فائدة للدائن، فعند ذلك لا تكون هناك مصلحة للدائن في استعمال هذا الحق .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/  الثاني المجلد : الثاني ، الصفحة : 1233)

الدعوى غير المباشرة

الدعوى غير المباشرة، هي الدعوى التي يرفعها الدائن على مدين مدينه مطالباً بحقوق مدينه، ويرفعها الشخص بوصفه دائناً للمدين ويختصم فيها المدين ومدین المدين طالباً الحكم فيها لصالح المدین .

شروط قبول الدعوى غير المباشرة :

أولاً : أن يكون حق الدائن موجودة خال من النزاع، فلا يكفي أن يكون إحتمالياً كحق الوارث في أموال مورثه ، وإذا أثير نزاع حول حق الدائن فللمحكمة التي تنظر الدعوى غير المباشرة أن تفصل في ذلك لتقبل الدعوى إن تبين لها أن الحق خال من النزاع ، ويعتبر الحق موجودة سواء كان معلقاً على شرط أو مضافاً لأجل وسواء كان الشرط أو الأجل واقفاً أو فاسخاً ، ولا يشترط أن يكون الحق مستحق الأداء أو ثابت بسند تنفيذي أو معلوم المقدار فللمضرور في عمل غير مشروع إستعمال الدعوى غير المباشرة ولو أن حقه غير معلوم المقدار ، كذلك لا يشترط أن يكون حق الدائن سابقاً على حق المدين موضوع الدعوى غير المباشرة ومن ثم لا يجب أن يكون للحق تاریخ ثابت، كما أن للدائن اللجوء للدعوى غير المباشرة لطلب فسخ أو بطلان العقود التي يبرمها مدينه، ولا يحول دون استعمال الدعوى غير المباشرة أن يكون للدائن دعوى مباشرة إذ أن الخيار له كما في دعوى المشتري بالرجوع على البائع للبائع له بدعوی مباشرة كما له الرجوع عليه بدعوى غير مباشرة بالضمان، كذلك رجوع المؤجر على المتنازل له عن الايجار وفقاً للمادة 596 مدنی ورجوع المحال له على المحال عليه .

وان كان المدين قاصرة أو غير كامل الأهلية، فللدائن رفع الدعوى غير المباشرة بإسمه دون استئذان محكمة الأحوال الشخصية فنيابته عنه نيابة قانونية من نوع خاص، ولكن على قلم كتاب المحكمة المدنية إخطار نيابة الأحوال الشخصية بوجود قاصر ويترتب على مخالفة ذلك بطلان الحكم وهذا البطلان مقرر لمصلحة القاصر «أنظر 89 و 92 مرافعات ونقض 1967/2/28 بالمادة 111 مدنی، ویری السنهورى ضرورة استئذان محكمة الأحوال الشخصية إذ يجب إدخال المدين خصماً في الدعوى.

وسواء كان الدائن عادياً أو صاحب تأمين خاص ، فله استعمال الدعوى غير المباشرة حتى يتمكن من إدخال حق مدينه في الضمان العام حتى لو كان التأمين الخاص به يكفى لوفاء حقه، وقد يكون حق الدائن نقداً أو عيناً أو بإلزام المدين بعمل أو بالامتناع عن عمل، وأياً كان مصدر هذا الحق.

ثانياً : أساس الدعوى غير المباشرة، هو مراعاة مصالح الدائن القانونية العاجلة ويلزم لذلك أن يكون المدين قد قعد عن المطالبة بحقه مما يسبب إعساره أو يزيد في إعساره القائم، والمراد هو الإعسار الفعلي وليس الإعسار القانوني الذي يتطلب حكماً بشهرة ، ويتعين على الدائن إثبات هذا الإعسار عندما يرفع الدعوى غير المباشرة ويكفي أن يثبت أن الحق موضوع الدعوى إذا سقط يؤدي إلى إعسار المدين أو زيادة إعساره، فللدائن قطع التقادم ضد حائز عقار للمدين والمطالبة باستحقاق مدينه لهذا العقار ، وإذا تقدم المدين أثناء نظر الدعوى غير المباشرة بأوجه دفاع ضد الخصم كان له ذلك ويبقى الدائن في الدعوى مراقباً سيرها حتى يحول دون تواطؤ المدين مع الخصم (م 134)، أما إذا تعجل الدائن ورفع الدعوى بينما أن المدين كان أمامه المتسع من الوقت دون خشية على حقه ، فإن الدعوى تكون غير مقبولة .

ويجب على الدائن إدخال المدين خصماً في الدعوى وإلا جاز للخصم أن يدفع بعدم قبولها وقد يتدخل المدين من تلقاء نفسه وقد يدخله الخصم وقد تدخله المحكمة، حتی تستقيم الدعوى ويكون الحكم سارياً في حقه كما يسرى في حق باقي الدائنين دون اختصامهم إذ ينوب المدين منهم .

ثالثاً : يجب ألا يكون الحق موضوع الدعوى متصلاً بشخص المدين، فالحقوق المتولدة عن مسائل الأحوال الشخصية من طلاق ونسب ونفقة لصيقة بشخص الدين فليس لدائنه المطالبة بها عن طريق الدعوى غير المباشرة ، فليس له إثبات نسب يثری مدينه أو المطالبة له بنفقة.

وأن رجع الحق المالي إلى اعتبارات أدية كان متصلاً بشخص المدين فلا يجوز الدائنه المطالبة به، فالرجوع في الهبة غالبا ما يكون متصلاً بشخص الواهب، وأيضاً التعويض عن الأضرار الأدبية عندما لا يرغب المدين في المطالبة به، أما إن رغب في ذلك بتفاوضه مع المسئول على تقديره، كان للدائن المطالبة به إذ يصبح غير متصل بشخص المدين ويتساوى مع الضرر المادي.

وإن كان الميراث من مسائل الأحوال الشخصية، فان المطالبة به ليست كذلك فيجوز لدائن الوارث المطالبة بمیراث مدينه باعتباره حقا ماليا غير متصل بشخصه، ذلك أن كل حق مالي للمدين سواء كان عينياً أو شخصياً يجوز للدائن المطالبة به طالما أنه غير متصلاً بشخصية خاصة .

رابعاً : أن تكون للدائن مصلحة من استعمال الدعوى غير المباشرة، بأن يكون الحق موضوع الدعوى قابلاً للحجز، ذلك أن الحق الذي لا يكون كذلك، لا يجوز التنفيذ عليه حتى لو قضى في الدعوى بطلبات الدائن.

وأيضاً تنتفي مصلحة الدائن اذا كان الحق مثقلا بالديون المتقدمة على دينه الى حد الاستغراق ، فليس للدائن مثلاً أن يقطع تقادم بالنسبة لعين إذا كانت مرهونة لآخر، ويكون حينئذ للمدين والحائز الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة.

خامساً : الرخصة ليست حقاً، فلا يجوز للدائن استعمالها عن طريق الدعوى غير المباشرة، فليس له أن يقبل إيجاباً موجهاً للمدين أو ينهي عقداً من عقود المدين.

أثر توافر شروط الدعوى غير المباشرة :

متى توافرت الشروط اللازمة لاستعمال الدعوى غير المباشرة، كان للدائن أن يطالب بكل حق من حقوق مدینه ، سواء كانت شخصية محلها نقوداً أو عيناً أو عملاً أو امتناع عن عمل، أو كانت عينية كحق ملكية أو حق انتفاع أو ارتفاق أو رهن ، فللدائن المطالبة بضمان الاستحقاق وضمان العيب ، والرجوع على البائع بما وفاه المدين عنه من دین مضمون برهن على العقار، والمطالبة بثمن المبيع المستحق لمدينه، والرجوع على المتسبب في الإضرار بمال مدينه، ومطالبة وصى مدينه بكشف حساب عند انتهاء الوصاية، وفي الطعن ببطلان إتفاق بتعديل شركة أو تعديل نظامها متى كان مدينه شريكاً فيها، والطعن بفسخ أو بطلان عقد صادر من مدينه، والمطالبة بقسمة المال الشائع والمطالبة بريع هذا المال.

الأثر المترتب على الحكم في الدعوى :

نحيل في ذلك إلى ما أوضحناه بالمادة التالية.

التسجيل بإسم مستعار :

قد يلجأ المدين ، غشاً للإضرار بدائنيه، إلى تسخير شخص، قد يكون زوجه أو أولاده ، إلى شراء عقار وتسجيله بإسم المسخر - الزوجة أو الأولاد - حتى يخرج هذا العقار عن الضمان العام المقرر لدائنيه، ففي هذه الحالة نكون بصدد عقدين ، أولهما عقد تسخير وهو عقد وكالة، سخر المدين بموجبه زوجه أو اولاده أو غيرهم في شراء العقار وتسجيله بإسمهم ، وثانيهما عقد بيع أبرمه الوكيل المسخر مع البائع.

ويترتب على ذلك ، أن أثر التصرف الذي أبرمه المسخر بإسمه ينصرف الى الأصيل وهو المدين ، وذلك في العلاقة فيما بينهما دون حاجة الى صدور تصرف جديد من المسخر إلى الأصيل ، فان لم يقر المسخر بذلك ، كان للأصيل إقامة دعوى ضده باستحقاقه للعقار استناداً إلى عقد الوكالة المبرم بينهما و انصراف أثر العقد إليه على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 713 ، ويخضع الموكل في إثبات الوكالة للقواعد العامة المقررة في الإثبات، ويكون لدائني الموكل المطالبة بهذا الحق عن طريق الدعوى غير المباشرة ويخضعون في الإثبات لما يخضع له مدينهم.

فان انتفى التسخير بانتفاء الوكالة ما بين المدين و زوجته أو أولاده ، كما لو وهب الأول للآخيرين أموالاً مكنتهم من شراء عقار وتسجيله بإسمهم ، وكان هذا التبرع منجزاً ليس للواهب الرجوع فيه ، مما يحول دونه ورفع دعوى الرجوع ، فإن دائنيه لا يحق لهم أيضاً اللجوء إلى الدعوى غير المباشرة مطالبين بالرجوع في الهبة لأنهم يستمدون حقهم في ذلك من مدينهم وهذا لا يجوز له رفع دعوى مباشرة بالرجوع وحتى إذا كان له حق الرجوع، فهو حق لصيق بشخصه فلا يجوز لدائنيه استعماله متى رجع لاعتبارات أدبية ولا يكون أمام الدائنين الا الطعن على تصرف مدینهم بالدعوى البوليصية إذا توافرت شروطها، ولا يعتبر التصرف هنا صورياً : انظر بند شروط الصورية بالمادة 244.

وعندما ينجح الدائن في الدعوى غير المباشرة أو في الدعوى البوليصية ، فان المحل الذي كان المدين قد تصرف فيه يعود الى الضمان العام للدائنين ، فيكون لهم حق التنفيذ عليه.

فإن كان من تلقى الحق من المدين قد تصرف فيه للغير وكان وارداً على منقول انتقلت حيازته بموجب هذا التصرف الى الغير سرت قاعدة الحيازة في  المنقول سند الحائز ، أما إن كان واردة على عقار وسجله من تلقى الحق ، سرت أحكام الفقرة الثالثة من المادة 238 على نحو ما أوضحناه بصددها في حالة الطعن على تصرف الدين بالدعوى البوليصية ، أما إن رجع الدائن بالدعوى غیر المباشرة في حالة توافر التسخير وكان المسخر سجل التصرف الصادر له من الغير ثم تصرف فيه بدوره إلى آخر وثم تسجيل التصرف الأخير ، ترتب على ذلك انتقال الملكية الى من تصرف له المستخر ، كذلك تصح إجراءات نزع الملكية التي يتخذها دائنو المسخر ، ولا يكون للمدين حينئذ إلا الرجوع على المسخر بالتعويض ويتنقل هذا الحق إلى دائنيه فيجوز لهم استعماله عن طريق الدعوى غير المباشرة ، ولكن إذا تمكن المدين أو دائنوه في حالة رجوعهم بالدعوى غير المباشرة من إثبات أن المسخر كان متواطئاً مع من تصرف لهم ، أدى ذلك إلى بطلان هذا التصرف إستناداً إلى قاعدة أن الغش يبطل التصرفات.

الإثبات في الدعوى غير المباشرة : 

المدين يخضع في إثبات الحق موضوع الدعوى للقواعد العامة المقررة في الإثبات، فلا يجوز له الإثبات فيما جاوز نصاب البينة إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها بالنسبة للتصرفات القانونية، أما الوقائع المادية كالحق الناشئ عن العمل غير المشروع، فيجوز للمدين اثباتها بكافة الطرق المقررة قانوناً.

ويخضع الدائن في إثبات الحق موضوع الدعوى غير المباشرة لكافة القواعد التي كان يخضع لها المدين، ما لم يكن هناك غش فيكون للدائن الإثبات بكافة الطرق.

الطعن في الأحكام :

لما كان المدين يمثل دائنه العادي في الدعاوى التي ترفع عليه ، فان الدائن يحاج بالأحكام التي تصدر ضد مدينه ، أما الدائن صاحب التأمين الخاص فلا يمثله المدين في الخصومات .

فان تدخل الأخير في الدعوى أو أدخل فيها ، كان له الطعن في الحكم بكافة طرق الطعن المقررة قانوناً ، أما أن لم يكن قد مثل في الدعوى كان له الطعن في الحكم بالتماس إعادة النظر ، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 237 فيما يلي بند «أثر صدور حكم ضد المدين». 

وراجع نقض 31/12/1964 فيما يلي الحجز :

 للدائن استعمال حق مدينه في توقيع حجز بإسم المدين على مدين المدين تحت يد شخص رابع يكون مديناً للأخير ، على خلاف في الرأي إذ يرى حامد فهمی أن حجز ما للمدين لدى الغير لا يكون إلا بين ثلاثة أطراف. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع   الصفحة : 409)

الدعوى غير المباشرة هي دعوى يرفعها الدائن بإسم مدينه بالنيابة عنه ضد مدين مدينه، فهي لا تفترض وجود علاقة مباشرة بين الدائن رافعها وبين مدین مدينه، ولكنه يقاضيه بإسم ذلك المدين ، وتؤدي الدعوى غير المباشرة إلى دخول الحق الذي يطالب به الدائن مدين مدينه في ذمة ذلك المدين ، وبالتالي في الضمان العام للدائنين.

فالدعوى غير المباشرة هي إذن وسيلة وضعت في يد الدائن ليحمي بها حقه في الضمان العام من أن ينتقص نتيجة قعود المدين عن استعمال بعض حقوقه أو المطالبة بها ، فهي تهدف إلى حماية الدائن من تقصير المدين ، عن طريق تمكين الدائن من أن يباشر بنفسه حقوق المدين ودعاواه نيابة عنه .

فمثلاً إذا كان للمدين حق في مطالبة الغير بتعويض عن ضرر أصابه وأهمل في هذه المطالبة، استطاع أحد دائنيه أن يقاضى - بإسمه - هذا الغير المسئول مطالباً إياه بالتعويض ، ذلك التعويض الذي يدخل - عند الحكم به - في ذمة المدين.

ومثل ذلك أيضاً مدين نقص نصيبه في تركة بسبب وجود وصية باطلة ولكنه لم يتمسك ببطلانها، يستطيع أحد دائنيه أن يرفع دعوى على الموصى إليه ببطلان الوصية.

طبيعة الدعوى غير المباشرة :

قد يبدو لأول وهلة من القول بأن الدعوى غير المباشرة تهدف إلى المحافظة على الضمان العام أو أنها تعد طريقاً أو إجراء تحفظياً لكن في الحقيقة أن هذه الدعوى لا تقتصر على مجرد التحفظ على ذمة المدين بالحالة التي هي عليها ، بل تهدف إلى المحافظة على الضمان العام كما يجب أن يكون لو أن المدين استعمل حقه بنفسه، ولذلك فإنها ترمي إلى استعمال حق أو دعوى قصر المدين في استعماله بما قد يؤدي إلى إضافة مال جديد إلى أموال المدين .

كما أن هذه الدعوى لا تعتبر من الطرق التنفيذية لأنها لا تؤدى إلى استيفاء الدائن لحقه مباشرة، وإنما تعمل على المحافظة على حقوق المدين من الإهمال تمهيداً للتنفيذ عليها بوسائل التنفيذ المعدة لذلك .

ولذلك فإن الدعوى غير المباشرة تعد طريقاً وسطاً بين الطرق التحفظية والطرق التنفيذية، فهي أقوى من الطرق التحفظية إذ هي تمهيد للتنفيذ ، وهي أضعف من الطرق التنفيذية إذ أن التنفيذ يعقبها دون أن تستغرقه ، وهذه الطبيعة تعكس تماماً على شروط هذه الدعوى وآثارها كما سنرى.

من يجوز له استعمال الدعوى غير المباشرة ؟

تنص الفقرة الأولى من المادة 235 على أن : "لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين..." .

ويبين من ذلك أن استعمال حق الدعوى غير المباشرة يثبت لكل دائن، والدائن هو من يكون له حق دائنيه قبل شخص آخر أما من يكون صاحب حق عينى ولو كان محل حقه شيئا مملوكا لغيره فإن حقه ينصب مباشرة على هذا الشئ ويخوله ميزتي التقدم والتتبع فيما يتعلق بهذا الشيء ، الأمر الذي لا يجعله يتأثر بالتغيرات التي تطرأ على سائر أموال المالك المذكور ، فلا يشترك في حق الضمان العام ولا يكون له بالتالى استعمال حقوق ذلك المالك التي تكون له قبل مدينيه ، اللهم إلا إذا كان هذا الحق العيني حقاً تبعياً، أي حقاً عينياً يقوم ل ضمان حق دائنيه مقرر لصاحبه ، كما هو حق الدائن المرتهن مثلاً ، فإن صاحب الحق في هذه الحالة يجمع بين الحق العيني وحق الدائنيه ، ويكون له بمقتضى هذا الحق الأخير صفة الدائن ، فيشترك في حق الضمان العام ويمكن أن يتأثر من إهمال مدينه إذا لم يف المال المرهون بجميع حقه، فلذلك يكون له حق استعمال الدعوى غير المباشرة أيضاً.

ويستوي في ذلك أن يكون حق الدائن ناشئاً عن عقد أو من فعل ضار أو من فضالة أو من دفع مالاً يجب أو من افتقار وإثراء دون سبب، أو من نص القانون، كما هو الشأن في حق النفقة.

كما يستوي أن يكون حق الدائن محله إعطاء شئ نقوداً كان ذلك الشئ أو غير نقود، أو أن يكون محله عملاً أو امتناعاً عن عمل ، وذلك لما تقدم من أن أموال المدين ضامنة وفاءً بجميع ديونه أياً كان محلها من جهة ولأن حق الدائن في جميع هذه الفروض يمكن أن يتحول إلى حق في تعويض أي في مبلغ من النقود من جهة أخرى .

إذا كان الدين احتمالياً كحق الوارث قبل موت المورث ، أو كان الحق غير خال من النزاع فإن دائنية الدائن لا تكون محققة ، ومن ثم لا يستطيع استعمال حقوق مدينه إلا إذا انقلب حقه المحتمل إلى حق موجود أو أصبح حقه المتنازع خالياً من النزاع .

ولا يشترط أن يكون حق الدائن ثابتاً في سند تنفيذي ، لأن الدعوى غير المباشرة وإن كانت تمهد للتنفيذ على أموال المدين إلا أنها ليست بذاتها إجراء من إجراءات التنفيذ.

لا يشترط أن يكون حق الدائن سابقاً على حق المدين، فيجوز أن يكون تالياً له ، لأن أموال المدين ضامنة جميع حقوق دائنيه بقطع النظر عن تاريخ نشوئها.

وينبي على ذلك أنه لا يشترط أن يكون لحق الدائن تاریخ ثابت، فسواء تقدم هذا التاريخ أو تأخر، فإن هذا لا يمنعه من استعمال حقوقه .

لا يشترط أن يكون حق الدائن منجزاً (حال الأداء) أو مقترناً بشرط فاسخاً أو معلقاً على شرط واقف أو موصوفاً بأي وصف آخر، ذلك أن الحق المقترن بشرط فاسخ هو مستحق الأداء وإن كان مهدداً بالزوال فيكون مثل الحق المنجز واجب الحماية ويكون صاحبه مستحق الوقاية.

ومع أن الحق المعلق على شرط واقف أضعف من الحق المعلق على أجل الأن وجود الأخير محقق في حين أن وجود الأول متوقف على تحقق الشرط ، وقد لا يتحقق، فقد رجح في شأنه أيضاً القول بأنه يخول صاحبه استعمال حقوق مدينه ، وذلك استناداً إلى نص المادة 1180 فرنسي على أن للدائن تحت شرط أن يتخذ قبل تحقق الشرط جميع الإجراءات التي تؤدي إلى المحافظة على حقه ، ويمكن القول بذلك أيضاً في التقنين المدني المصري استناداً إلى ما تنص عليه المادة 268 من أنه يجوز للدائن في الالتزام المعلق على شرط واقف أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقه .

لا يشترط أن يكون حق الدائن معين المقدار، فيجوز مثلاً لصاحب الحق في التعويض عن فعل ضار أن يستعمل حقوق مدينه من قبل أن يستصدر حكماً بتقدير مبلغ التعويض تقديراً نهائياً، وقد نصت المادة 235 صراحة على أنه لا يشترط في الدين أن يكون معلوم المقدار.

أخرج النص طائفة من الحقوق من مجال استعمال الدعوى غير المباشرة، وقد عبر عنها الشارع في الفقرة الأولى من النص بأنها ما كان متصلاً بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز".

وهكذا يخرج من دائرة الدعوى غير المباشرة طائفتان من الحقوق :

1 - الحقوق المتصلة بشخص المدين خاصة.

2 - الحقوق غير القابلة للحجز.

3 - ويضاف إلى ذلك أيضا أن استعمال الدعوى غير المباشرة مقصور على الحقوق دون الرخص.

ونعرض لذلك بالتفصيل فيما يلي .

أولاً : الحقوق المتصلة بشخص المدين خاصة :

المقصود بهذه الحقوق، هي التي تقوم في أساسها على اعتبارات أدبية منوط تقديرها بالمدين وحده ، ويدخل في هذا حق الواهب في الرجوع في الهبة بسبب جحود الموهوب إليه ، ذلك أن الرجوع إنما ينبني على اعتبارات خاصة يستقل الواهب وحده بتقريرها.

ومن ذلك أيضاً حق المدين في المطالبة بالتعويض عن الضرر الأدبي کدعواه بالتعويض عن الألم الذي يصيبه السبب فقد أحد أولاده في حادث أو بالتعويض عن الضرر الأدبي الذي يصيبه من سب أو قذف ، وذلك ما لم يتحدد التعويض عن الضرر الأدبي بمقتضى اتفاق أو يطالب به المدين المسضرور فعندئذ يزول عن الحق في التعويض عن الضرر الأدبي الاعتبارات الشخصية البحتة .

وكذلك الحق في طلب تعويض عن إصابة المدين في جسمه ، وكذلك حق المدين في الطلاق أو رفع دعوى نسب كأبوة أو بنوة ، مهما كانت النتائج التي تترتب على أي منها .

أما الحق في إبطال العقد الذي أبرمة المدين أثناء نقص أهليته ، والحق في طلب إسقاط النفقة المفروضة فلا يعتبران متصلين بشخص المدين وبالتالى يجوز للدائن استعماله من طريق الدعوى غير المباشرة .

ويلاحظ أن الحقوق المنوط بالمدين استعمالها بالنيابة عن غيره كحقوق ولده القاصر و حقوق موكله وحقوق الغير التي تكون موضوعة تحت حراسته لا تعتبر من حقوقه ولا شأن لدائنيه بها فلا يجوز لهم استعمالها من طريق الدعوى غير المباشرة.

ثانياً : الحقوق غير القابلة للحجز:

الحقوق غير القابلة للحجز لا يجوز للدائن استعمالها بإسم مدينة أو المطالبة بها بالنيابة عنه لإنعدام مصلحته في ذلك ، إذ أن حق الدعوى غير المباشرة إنما تقرر للدائن وقاية له من خطأ إهمال المدين في استعمال حقوقه ، فإذا كان حق المدين غير قابل للحجز عليه ، فإن استقراره في ذمة المدين لن يفيد الدائن شيئاً ، فلا محل لتخويل الدائن حق المطالبة به من طريق الدعوى غير المباشرة، فلا يجوز للدائن مثلا أن يرفع دعوى نفقة بإسم مدينه ولا دعوى استحقاق قطعة أرض زراعية إذا كان مجموع ما يملكه مدينه بما في ذلك هذه القطعة لا يجاوز خمسة أفدنة (القانون رقم 513 لسنة 1953).

ويعتبر غير قابل للحجز الحق الذي يكون غير قابل للنزول كحق الإستعمال وحق السكنى حيث نصت المادة 997 مدني على أنه لا يجوز النزول عنها للغير إلا بناءً على شرط صريح أو مبرر قوى، فما لم يوجد هذا الشرط الصريح أو المبرر القوي لا يجوز لدائن صاحب حق الإستعمال أو حق السكنى أن يلجأ إلى طريق الدعوى غير المباشرة فيما يتعلق بهذا الحق.

ثالثاً : الرخص المقررة للمدين :

لا يجوز أن يكون من شأن الدعوى غير المباشرة أن تسمح للدائن بالتدخل في شؤون مدينه إلى درجة تسليمه كل حرية في التقدير وفي تصريف شئونه ، ولا ينبغي أن يؤدي نظام الدعوى غير المباشرة إلى إخضاع المدين لنوع من الوصاية من جانب دائنيه ، ولذلك يقال عادة أن الدائن لا يستطيع أن يستعمل رخصة للمدين، ويراد بالرخصة الحق الذي يتوقف نشوؤه على إعلان إرادة من جانب الشخص ، فمثلاً لا يجوز للدائن أن يقبل هبة نيابة عن المدين ، ولا أن يقبل شراء صفقة معروضة عليه، وكذلك ليس له أن يطلب الشفعة بإسمه ، ولا أن يستعمل حق المدين بوصفه شريكاً على الشيوع في استرداد الحصة الشائعة التي باعها شريكه إلى أجنبي.

وكذلك لا يجوز للدائن أن يحل محل المدين في إدارة أمواله بحجة أن المدين سئ الإدارة، وليس له أن يحل محله في استعماله أمواله واستغلالها، كأن يقوم مثلاً بزراعة أراضيه بحجة أن المدين لا يحسن زراعتها.

ولكن إذا أصبحت الرخصة حقاً، كان للدائن أن يستعمل هذا الحق بإسم مدينه ، ما دام أنه قد استوفى الشروط اللازمة ، ولو كان ثبوت هذا الحق نهائياً في ذمة المدين متوقفاً على إرادته ومشيئته، وهذا ما يسميه البعض بالخيارات ، فالخيارات مشيئة تستند إلى حقوق سبق اكتسابها، ولكن صاحبها مخير بين أن يقبلها فيستقر له الحق نهائياً أو يردها فيزول الحق عنه.

وفي هذا تفترق الخيارات عن الرخص، فالخيار يفترض أن هناك حقاً نشأ ، وإنما يتعلق الخيار بإستعمال الحق لا بإنشائه كما هو الحال في الرخص حيث يتوقف نشوء الحق ذاته على إرادة الشخص، والمثال النموذجي الخيارات هو خيار الموصى إليه في قبول الوصية أوردها ، فحق الموصى إليه ينشأ بمجرد موت الموصي مصراً على الوصية ، ولكن القانون يعطيه مع ذلك خيار السرد ، فيستطيع أن يقبل الوصية فيثبت الحق نهائياً في ذمته أو أن يردها ومن ذلك أيضاً خيار المنتفع في الاشتراط لمصلحة الغير في قبول المنفعة التي وجهت إليه بالاشتراط أوردها فالقبول هنا لا ينشئ حقاً جديداً ، ولكنه تثبيت الحق الذي سبق اكتسابه، ولذلك يجوز للدائن في الحالين القبول عن المدين ، ما لم يكن الأمر متعلقاً باعتبارات أدبية خاصة يستقل المدين بتقديرها ، فيكون القبول عندئذ من الحقوق المتصلة بشخصه خاصة.

هذا ولم يعتبر المشرع التمسك بالتقادم من قبيل الرخص بل اعتبره من قبيل الخيارات التي يجوز استعمالها بواسطة الدائنين أو أي شخص ذي مصلحة، ولو لم يتمسك به المدين (مادتان 387/1 ، 973 مدني ) .

شروط استعمال الدعوى غير المباشرة التي ترجع إلى المدين :

لا يجوز للدائن أن يستعمل حقاً للمدين إلا إذا كانت له مصلحة في ذلك، إذ ليس من المعقول أن يتدخل الدائن في شؤون مدينه بدون مقتض ، وقد أوجبت الفقرة الثانية من المادة 235 مدني أن يتوافر شرطان في المدين تتحقق بتوافرهما مصلحة للدائن فنصت على أن : "لا يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبولاً إلا إذا أثبت أن المدين لم يستعمل هذه الحقوق وأن عدم استعماله لها من شأنه أن يسبب إعساره أو أن يزيد في هذا الإعسار"، وتضيف الفقرة المذكورة إلى هذين الشرطين شرطاً شكلياً في حالة ما إذا كان استعمال الدائن لحق مدينه قد اتخذ صورة دعوى رفعها الدائن بإسم المدين، فتنص على أنه يجب إدخال المدين خصماً في الدعوى.

 وعلى هذه تخلص هذه الشروط فيما يلي :

1 - سكوت المدين عن استعمال حقه.

2 - إعسار المدينه.

3 - أن يكون إستعمال الدائن حق مدينه بإسم المدين.

4 - إدخال المدين خصماً في الدعوى .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث ، الصفحة : 585) 

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة ۲۳۸)

1- لكل دائن ، ولو لم يكن حقه مستحق الأداء ، أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين ، الا ما كان منها متصلاً بشخصه خاصة او غير قابل للحجز .

2- ولا يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبولاً الا اذا اثبت ان المدين لم يستعمل هذه الحقوق وان عدم استعماله لها من شأنه أن يسبب اعساره أو يزيد في هذا الاعسار . ولا يشترط اعذار المدين لاستعمال حقه ، ولكن يجب ادخاله خصما في الدعوى .

 

هذه المادة تطابق المادة 235 من التقنين الحالي و تطابق المادة 261 من التقنين العراقي و تطابق المادة 366 من التقنين الأردني : وتطابق المادة ۳۰۸ من التقنين الكويتي .

والدعوى غير المباشرة التي يقررها النص المقترح لها سندها في الفقه المالکی ۰ ففيه اذا لم يكن للمدين ( المحجور للدين ) بية على حقه في ذمة الغير الا شاهد واحد ، و نکل أن يحلف مع شاهده اليمين المكملة للحجة ، جاز للغرماء أن يحلفوا مع الشاهد فیگو نوا بذلك قد استعملوا حق مدینهم  على النحو الذي نراه في استعمال الدائن لحق المدين في هذه الدعوى ( انظر الخرشی ج 5 ص 267 - عبد الرزاق السنهوري ، مصادر الحق في الفقه الاسلامی ج5 م ۱۳۸ هامش ۲)