مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني ، الصفحة : 631
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - يشترط لمباشرة الدعوى البوليصية أن يكون المدين قد عقد (تصرفاً قانونياً) إصراراً بحقوق دائنيه ويتحقق معنى الإضرار، متى استتبع التصرف إعسار المدين أو الزيادة في إعساره، ويكون ذلك إما بإنقاص ما لهذا المدين من حقوق، وهو ما يقصد بالإفقار وفقاً للتصوير التقليدي، وإما بزيادة التزاماته، وهو ما استحدث المشروع في هذا الشأن، وتوجيهه جد يسير وعلى هذا النحو لا يقتصر حق الدائن على الطعن فيما يصدر عن المدين من أعمال التصرف (كالبيع والهبة) بل يجاوز ذلك إلى ما يعقد من التزامات تزيد في ديونه، دون أن تنقص من حقوقه والواقع أن أثر هذه الالتزامات، من حيث الإضرار بحقوق الدائنين، لا يختلف في شيء عن أثر أعمال التصرف وقد بسطت المادة 322 من المشروع في نطاق مدلول «التصرف القانوني» في حالتين، لا يزال الشك يكتنف حكمهما في ظل القواعد الراهنة ، وبذلك بوأتهما مكانهما في النصوص، وسدت ذرائع الخلاف فيراعي من ناحية أن هذه المادة أجازت الطعن في الوفاء، متى كفل التقدم لأحد الدائنين دون حق مع أنه تصرف قانوني لا يترتب عليه إعسار المدين أو ازدیاد هذا الإعسار، فإذا كان الوفاء حاصلاً قبل حلول الأجل، فهو والتبرع بمنزلة سواء أما إذا كان حاصلاً عند حلول الأجل، فيشترط توافر التواطؤ بين الدائن والمدين، ويراعي من ناحية أخرى أن المدين إذا لم يقم بالوفاء، بل كفل لأحد دائنيه، دون حق، سبباً من أسباب التقدم على الباقين، بأن رهن له مثلاً مالاً من أمواله رهناً رسمياً أو رهن حيازة ، فتصرفه على هذا الوجه یكون قابلاً للطعن، وفقاً لأحكام النص، شأنه في ذلك بشأن الوفاء، بإعتبار وحدة الغاية من كل منهما وقد يكون مثل هذا التصرف من قبيل المعارضات أو التبرعات، تبعاً لما إذا كان الدائن قد أدى مقابلاً لاستنجازه، أو تم له ذلك دون مقابل ، ويجب في الحالة الأولى توافر التواطؤ بين المدين والدائن.
2 - ويشترط فيمن يباشر الدعوى البوليصية أن يكون دينه مستحق الأداء، لأن هذه الدعوى ليست مجرد إجراء تحفظي وهي ليست كذلك إجراءً تنفيذياً، وإنما هي من مقدمات التنفيذ وممهداته ، وقد يقع أن يليها التنفيذ مباشرة ، ولهذا ينبغي أن يكون الدين الذي تباشر بمقتضاه مستحق الأداء ويشترط فوق ذلك أن يكون هذا الدين سابقاً على التصرف الذي يطعن فيه، إذ هذا الوضع يصح أن يتصور أن ضرراً يصيب الدائن، أو أن غشاً يقع من المدين ومع ذلك فيجوز أن تباشر الدعوى البوليصية بمقتضى دين لاحق للتصرف، متى كان هذا التصرف قد عقد، على وجه التخصيص والإفراد ، للإضرار بالدائن والعبث بحقوقه، وقد كان في الوسع أن يشترط ثبوت تاريخ الدين، لإقامة الدليل على تقدمه على التصرف ، بيد أن المشروع آثر إغفال اشتراط ثبوت التاريخ اقتداء بالمشروع الفرنسي الإيطالى، ولاسيما أن القضاء المصري قد جرى على ذلك ( استئناف مصر 12 مايو سنة 1898 حقوق 13 ص 192، و 4 فبراير سنة 1902 مج ر 3 ص 248 رقم 94 ) والواقع أن الدائن يفاجأ في أغلب الأحيان بالتصرف الضار، دون أن يكون قد احتاط من قبل لإثبات تاريخ سند الدين، ولكن من المسلم أن عبر إقامة الدليل على تقدم الدين، بطرق الإثبات كافة، يقع على عاتق الدائن.
3 - وليس يكفى إعسار المدين بمجرده في جميع الأحوال ، فإذا كان التصرف بمقابل وجب أن يتوافر، فضلاً عن ذلك تواطؤ المدين وخلفه وإذا صدر تصرف ثان من هذا الحلف وجب توافر التواطؤ بينه و بين خلفه ، أما إذا كان التصرف تبرعاً فلا حاجة فيه إلى التواطؤ، فهو لا ينفذ في حق الدائن، ولو كان المتبرع له حسن النية ، بل ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشاً ، وهذه هي القاعدة المقررة في نصوص التقنين الحالي في المادة 143/ 204) على خلاف ما يقضي به التقنين الفرنسي ( المادة 1167).
4 - ولعل أمر الإثبات من أشق ما يصادف الدائن في الدعوى البوليصية، سواء في ذلك إثبات إعسار المدين أم إثبات التواطؤ بينه وبين من يخلفه وقد وضع المشروع قاعدتين لتيسير مهمة الدائن في هذا الصدد :
(أ) فاجتزأ من الدائن في إثبات إعسار مدينه بإقامة الدليل على مقدار ما في ذمته من ديون فمتى أقام هذا الدليل ، كان على المدين أن يثبت أن له مالاً يعادل قيمة هذه الديون على الأقل .
(ب) ثم إنه جعل من مجرد علم الدين بإعساره قرينة على توافر الغش من ناحية ، واعتبر من صدر له التصرف عالماً بهذا الغش، إذا كان قد علم بذاك الإعسار أو كان ينبغي أن يعلم به ، من ناحية أخرى .
ويراعى أن حسن النية يفترض فيما يعقد من التصرفات العادية التي تقتضيها صيانة تجارة المدين أو زراعته أوصناعته ، فمثل هذه التصرفات تقع صحيحة وتكون بهذه المثابة بمأمن من الطعن ( أنظر المادة 112 من التقنين البرازيلي).
5 - وقد أن المشروع فيما يتعلق بآثار الدعوى البوليصية بأهم ما استحدث من الأحكام في هذا الشأن فمن المعلوم أن هذه الدعوى لا تفيد، وفقاً لأحكام التقنين الحالى، والتقاليد اللاتينية ، إلا من يباشرها من الدائنين أما نصوص المشروع فتصرف نفعها إلى جميع الدائنين المتقدمة ديونهم على التصرف، ولو كانت هذه الديون قد أصبحت مستحقة الأداء ، من جراء إعسار المدين، وهي بوضعها هذا دعوى جماعية لا فردية ، على أن وجاهة هذا النظر لا تقتصر على مراعاة ما هو ملحوظ في أن عدم نفاذ التصرف لا يتجزأ من الناحية النظرية، بل تجاوز ذلك، بوجه خاص ، إلى تحامی ما يؤخذ على هذه الدعوى في صورتها الفردية من مجافاة للعدالة، ولذلك عنت الحاجة، من عهد غير قريب، إلى إصلاح الأحكام المتعلقة بآثارها إصلاحاً ينتهي بها إلى تلك الصورة الجماعية ( أنظر المادة 1044 من التقنين البرتغالى، والمادة 113 من التقنين البرازيلى).
ولما كانت الدعوى البوليصية دعوی اقتصار أو عدم نفاذ فهي لا تمس صحة التصرف المطعون فيه، ومؤدى ذلك أن مثل هذا التصرف يظل صحيحاً منتجاً لجميع آثاره، وكل ما هنالك أنه يصبح غير نافذ في حق الدائنين، بالقدر اللازم لحماية حقوقهم دون إفراط أو تفريط .
6- ولقد تكفلت المواد 320 و 321 و 323 من المشروع ببيان أسباب سقوط الدعوى البوليصية، وهي مستقاة من التقنين البرتغالى (المادة 1040) والتقنين البولوني ( المادة 291 ) والتقنين البرازيلى (المادة 108) والتقنين الصيني (المادة 245)، فإذا استوفي مباشر هذه الدعوى حقه من المدين، أو من المتصرف له، أو إذا ظهرت أموال تكفي للوفاء بهذا الحق، وهو ما يعادل الوفاء حكماً ، انتفت مصلحته في المضي في دعواه، وسقط حقه فيها تفريعاً على ذلك ولمن صدر له التصرف أن يقيم الدليل على حسن نيته بإيداع ثمن ما آل إليه بمقتضى التصرف، متى كان هذا الثمن قريباً من ثمن المثل ، وبذلك يتقى آثار الطعن و تسقط الدعوى ، و أخيراً نص على تقادم هذه الدعوى بإنقضاء سنة يبدأ سريانها من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف ، أو بإنقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه ، ويراعى أن للدائنين الأخر أن يتمسكوا بهذا التقادم الحولي قبل الدائن الطاعن .
1- لما كان الثابت من الأوراق أن التصرف الصادر إلى الطاعن قد تم فى تاريخ 1976/12/17 بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية فإن بالتالى لا ينفذ فى حق المطعون ضدها الثانية التى أوقع عليها البيع وخلفها المطعون ضده الأول وذلك طبقاً لنص المادة 405 من قانون المرافعات ودون اعتداد بعدم تسجيل حكم إيقاع البيع ومن ثم فلها وللمطعون ضده الأول مشترى العقار منها اتخاذ كافة الوسائل لإزالة جميع العوائق التى تقف فى سبيل تحقيق أثر ذلك الحكم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم نفاذ التصرف الصادر إلى الطاعن إعمالاً لحكم المادة 405 المشار إليها دون إعمال أحكام الدعوى البوليصية المنصوص عليها فى المواد من 237 إلى 243 من القانون المدنى والتى ليست إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه وليس من شأنها المفاضلة بين العقود فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
(الطعن رقم 1360 لسنة 60 جلسة 1995/02/02 س 46 ع 1 ص 318 ق 62)
2- لا يقبل من الدائن الإدعاء بصورية تصرف مدينة صورية مطلقة بعد أن يكون قد طعن عليه بعدم نفاذه فى حقه لحصوله بطريق الغش و التواطؤ ، لأن مثل هذا الطعن فيه معنى الإقرار بجدية التصرف ومن قيام الرغبة فى إحداث آثار قانونية له بما لا يتفق مع الإدعاء بصوريته صورية مطلقة التى إنما تعنى عدم قيامه أصلاً فى نيه المتعاقدين فيه .
(الطعن رقم 2480 لسنة 52 جلسة 1986/03/06 س 37 ع 1 ص 308 ق 67)
3- وفقاً لما تقضى به المواد 237 و 238 و 239 من القانون المدنى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يشترط فى حق الدائن الذى يستعمل دعوى عدم نفاذ التصرف أن يكون دينه حال الأداء وسابقاً فى نشوئه على صدور التصرف المطعون فيه والعبرة فى ذلك بتاريخ نشوء حق الدائن لابتاريخ إستحقاقه ولابتاريخ تعيين مقداره والفصل فيما يثور بشأنه من نزاع وأن يثبت الدائن التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه على الإضرار بحقوقه ويكفى لإعتبار الغش متوافراً أن يثبت علم كل من المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت صدورالتصرف المطعون فيه وإذا إدعى الدائن إعسار المدين فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما فى ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين نفسه أن يثبت له ما لا يساوى قيمة الديون أويزيد عليها ويكون ذلك أيضاً للمتصرف إليهم لا دفعاً منهم بالتجريد بل إثباتاً لتخلف شروط الدعوى المذكورة .
(الطعن رقم 2136 لسنة 50 جلسة 1984/05/08 س 35 ع 1 ص 1213 ق 232)
4- الدعوى البوليصية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ليست فى حقيقتها إلا دعوى لعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه ولا يمس الحكم الصادر فيها صحة العقد الصادر من المدين بل يظل هذا العقد صحيحاً وقائماً بين عاقديه منتجاً كافة آثاره القانونية بينهما وليس من شأن الدعوى البوليصية المفاضلة بين العقود بل هى دعوى شخصية لا يطالب فيها الدائن بحق عينى ولا يؤول بمقتضاها الحق العينى إليه أوإلى مدينه بل أنها تدخل ضمن ما يكفل به القانون حقوق الدائنين ضمن وسائل الضمان دون أن يترتب على الحكم فيها لصالح الدائن أن تعود الملكية إلى المدين وإنما ترجع العين فقط إلى الضمان العام للدائنين منطوقه .
(الطعن رقم 61 لسنة 49 جلسة 1982/05/13 س 33 ع 1 ص 508 ق 92)
5- الدعوى البوليصية ليست دعوى بطلان بل هى فى حقيقتها دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين المعسر إضراراً بدائنه وهى بذلك تتضمن إقراراً بجدية تصرف المدين فلا يسوغ أن يطلب فيها إلغاء هذا التصرف ولا يمس الحكم الصادر فيها صحته بل يظل هذا التصرف صحيحاً قائماً بين عاقديه منتجاً كافة آثاره ولا يترتب على الحكم فيها لصالح الدائن أن تعود ملكية العين المتصرف فيها إلى المدين وإنما ترجع فقط إلى الضمان العام للدائنين أما دعوى الصورية فتقوم على طلب بطلان التصرف لعدم جديته ويستهدف منها المدعى محو العقد الظاهر وإزالة كل أثر له وصولاً إلى التقرير بأن العين محل التصرف لم تخرج من ملك المدين .
(الطعن رقم 728 لسنة 48 جلسة 1981/05/20 س 32 ع 2 ص 1549 ق 280)
6- مفاد نص المادتين 417 و237 من التقنين المدني أن المشرع قد فرق بين الإعسار القانوني الذي استلزم توافره لشهر إعسار المدين واشترط لقيامه أن تكون أمواله غير كافية لوفاء ديونه المستحقة الأداء. وبين الإعسار الفعلي الذي استلزم توافره دعوى عدم نفاذ التصرف واشترط لقيامه أن يؤدى التصرف الصادر من المدين إلى أن تصبح أمواله غير كافية للوفاء بجميع ديونه سواء ما كان منها مستحق الأداء أو مضافاً إلى أجل، ومؤدى ذلك أن الإعسار الفعلي أوسع نطاقاً من الإعسار القانوني فقد يتوافر الأول دون الثاني.
(الطعن رقم 492 لسنة 46 جلسة 1978/05/08 س 29 ع 1 ص 1185 ق 233)
7- التزام تنفيذ الالتزام وسائل التنفيذ شهر اعسار المدينمن المقررأن الإعسار الفعلى يختلف عن الإعسار القانونى فالأول أشمل مجالاً من الثانى بحيث يتصور توافر الإعسار الفعلى مع إنتفاء الإعسار القانونى إلا أن توافرالإعسار القانونى يقتضى حتماً وبطريق اللزوم توافر الإعسار الفعلى وإذ علقت المحكمة قضاءها فى الحكم الصادر بوقف الدعوى على صدور الحكم فى دعوى الإعسار بما قررته من أعمال القرينة يتوقف على صدور الحكم بالإعسار وأن وجه الرأى يتغير ولاريب بالحكم فإن هذا التقريرلايعد قضاء له حجيته تلتزم به المحكمة إلا فى حالة الحكم نهائياً بشهر الإعسار أما وقد مضى برفض شهر الإعسار لعدم توافر الإعسار القانونى فإن ذلك لا يؤدى بطريق اللزوم الحتمى إلى إنتفاء الإعسار الفعلى .
(الطعن رقم 492 لسنة 46 جلسة 1978/05/08 س 29 ع 1 ص 1185 ق 233)
8- العلة فى وجوب أن يطعن الدائن بدعوى الصورية أولا حتى إذا أخفق فيها فيها كان له أن يطعن بدعوى عدم نفاذ التصرف بما لا يتفق مع الدفع بالصورية بعد ذلك بحيث يجوز للدائن فى الدعوى الواحدة أن يطعن فى تصرف مدينه بالصورية وبدعوى عدم نفاذ التصرف معاً على سبيل الخيرة فيحاول إثبات الصورية أولا ، ثم ينتقل إن هو أخفق فيها إلى عدم النفاذ .
(الطعن رقم 5 لسنة 43 جلسة 1977/05/04 س 28 ع 1 ص 1125 ق 194)
9- متى كانت المحكمة قد إستخلصت من وقائع الدعوى وملابساتها ما إستدلت على إعسار المطعون عليهما الثانية والثالثة المدينتين الراهنتين وسوء نيتهما هما والطاعن الدائن المرتهن على الإضرار بالمطعون عليها الأولى وإستندت فى ذلك إلى إعتبارات سائغة ثم طابقت بين ما إستخلصته وبين المعانى القانونية لأركان الدعوى البوليصية وهى كون دين رافع الدعوى مستحق الأداء سابقاً على التصرف المطعون فيه وكون هذا التصرف أعسر المدين وكون المدين والمتصرف له سئ النية متواطئين على الإضرار بالدائن ثم قضت بعد نفاذ التصرف فإن ذلك حسبها ليكون حكمها سديداً لا مخالفه فيه للقانون .
(الطعن رقم 636 لسنة 42 جلسة 1977/01/11 س 28 ع 1 ص 194 ق 46)
10- إذا كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن طلبات الطاعنين الختامية أمام محكمة أول درجة قد تحددت بصفة أصلية وإستقرت على التمسك بطلب إبطال حكم مرسى المزاد الصادر لصالح المطعون ضدها الأولى تأسيساً على المادة 237 من القانون المدنى وكان الطاعنون قد أضافوا إلى ذلك طلب آخر هوالحكم بصحة ونفاذ عقد مورثهم الإبتدائى فإن إضافة مثل هذا الطلب ليس من شأنها أن تهدر الطلب الأصيل فى الدعوى وهو عدم نفاذ حكم مرسى المزاد فى حقهم عملاً بأحكام الدعوى البوليصية ولا تأثير لها عليه وإذ كيفت المحكمة دعوى الطاعنين بأنها مفاضلة بين حكم مرسى المزاد وعقد البيع الإبتدائى لمجرد هذه الإضافة ولما بين الطلبين من تفاوت فى الأثر القانونى لكل منهما دون أن تعرض لبحث طلب عدم نفاذ حكم مرسى المزاد إستقلالاً تكون قد خالقت القانون وأخطأت فى تطبيقه .
(الطعن رقم 671 لسنة 41 جلسة 1976/03/03 س 27 ع 1 ص 541 ق 110)
11- الحكم الصادربرسو المزاد ليس حكما بالمعنى المفهوم للأحكام الفاصلة فى الخصومات وإنما هو عقد بيع ينعقد جبراً بين مالك العقار المنفذ عليه وبين المشترى الذى تم إيقاع البيع عليه ومن ثم فإنه يترتب على صدور حكم مرسى المزاد وتسجيله الآثار التى تترتب على عقد البيع الإختيارى وتسجيله فهو لايحمى المشترى من دعاوى الفسخ والإلغاء والإبطال وبالتالى يجوز للدائن طلب عدم نفاذها فى حقه بالدعاوى البوليصية وفق المادتين 237 ، 238 من القانون المدنى
(الطعن رقم 671 لسنة 41 جلسة 1976/03/03 س 27 ع 1 ص 541 ق 110)
12- إذا كانت الصورية المطلقة تتناول وجود العقد ذاته فلا يكون له وجود فى الحقيقة وهى مغايرة للبطلان المنصوص عليه فى المادة 228 من قانون التجارة لأن البطلان فى هذه الحالة لا يستند إلى عيب فى التصرف إذ يبقى صحيحاً بين عاقديه ومنتجاً لكل آثاره غير أنه لا يحتج به على جماعة الدائنين ، فيصبح غير نافذ فى حقهم ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه إنتهى إلى أنه لم يجد فيما ساقه المطعون عليه الأول من قرائن ما يكفى لإثبات صورية عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى الطاعن صورية مطلقة ثم إستخلص الحكم من أقوال شاهد المطعون عليه الأول ومن القرائن التى أشار إليها أن الطاعن كان يعلم بإختلال أشغال المطعون عليها الثانية وقت صدور التصرف ورتب على ذلك قضاءه بعدم نفاذ التصرف فى حق الدائنين عملاً بحكم المادة 228 من قانون التجارة وهو ما لا يتعارض مع ما قرره من عدم توافر الدليل على صورية العقد إذ التناقض الذى يبطل الحكم هو ما تتعارض فيه الأسباب وتتهانر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله لما كان ذلك فإن النعى على الحكم بتناقض أسبابه يكون فى غير محله .
(الطعن رقم 88 لسنة 41 جلسة 1975/12/09 س 26 ص 1600 ق 309)
13- إستيفاء الحوالة لشروط نفاذها فى حق المدين أو فى حق الغير بقبولها من المدين أو إعلانه بها طبقاً للمادة 305 من القانون المدنى لا يمنع من الطعن عليها بالدعوى البوليصية المنصوص عليها فى المادتين 237 و 238 من القانون المدنى متى توافرت شروطها وذلك لإختلاف موضوع ونطاق كل من الدعويين .
(الطعن رقم 137 لسنة 41 جلسة 1975/12/08 س 26 ص 1580 ق 297)
14- أنه وإن كان الطعن بالدعوى البوليصية يتضمن الإقرار بجدية التصرف والطعن بالصورية يتضمن إنكار التصرف مما يقتضى البدء بالطعن بالصورية إلاأنه ليس ثمة ما يمنع من إبداء الطعنين معاً إذا كان الدائن يهدف بهما إلى عدم نفاذ تصرف المدين فى حقه لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الدرجة الأولى أنها تمسكت بالدعوييون معاً إذ طلبت الحكم بعدم نفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعنة من مورث باقى المطعون ضدهم تأسيساً على أنها دائنة له وأن العقد صورى محض و قصد به تهريب أمواله وعلى فرض أنه جدى فإنه إنما عقد للإضرار بحقوقها كدائنة وتنطبق عليه شروط المادتين 237 ، 238 من القانون المدنى ولما استأنفت تمسكت بدفاعها المتقدم ذكره وبالتالى فإن طلب الصورية كان معروضاً على محكمة الدرجة الأولى وإغفالها الفصل فايه لا يجعله طلباً جديداً أمام محكمة الإستئناف .
(الطعن رقم 275 لسنة 39 جلسة 1974/04/29 س 25 ع 1 ص773 ق 127)
15- دين الضريبة ينشأ بمجرد توافر الواقعة المنشئة له طبقا للقانون وهذه الواقعة تولد مع ميلاد الإيراد الخاضع للضريبة أما الورد فهو أداه تنفيذية لتحصيل الضريبة ولا يعتبر مصدر للإلتزام بالضريبة أوشرطا لتكونه يؤيد هذا النظر أنه يبين من نصوص بعض مواد القانون رقم 14 لسنة 1939 أن دين الضريبة ينشأ ويصبح واجب الأداء قبل أن يصدر به الورد فقد ألزم المشرع الممولين فى المادتين 44 ، 48 من هذا القانون بعد تعديلهما بالقانون رقم 146 لسنة 1950 بالوفاء بالضريبة على أساس الأقرارالمقدم منهم وتقرر المادة 45 وما بعدها أن الضريبة تصبح واجبة الأداء طبقا لما يستقر عليه رأى المصلحة إذا أصرت على تصحيح الإقرار المقدم من الممول وأجازت المادة 92 بعد تعديلها بالقانون رقم 275 لسنة 1956 للمصلحة توقيع حجز تنفيذى بقيمة ما هومستحق من الضرائب على أساس الإقرار إذا لم يتم أداؤها فى الموعد القانونى دون حاجة إلى إصدار الورد وتقضى المادة 93 مكرراً "أ" بإلزام الممول بفائدة قدرها سته فى المائة عن الضريبة التى لم يؤدها فى ميعاد تقديم الإقرار إعتبارا من اليوم التالى لتاريخ إنتهاء المواعيد المحدده لأداها حتى تاريخ الأداء ولامحل للتحدى بما تنص عليه المادة 92 من ذات القانون ذلك أن هذه المادة صريحة فى أنها تعلق تحصيل الضريبة لا نشوءها على صدور الأوراد الواجبة التنفيذ ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 97 مكرر من القانون رقم 14 لسنة 1939 المضافة بالمرسوم بقانون رقم 349 لسنة 1952 ولا ما أورده القانون رقم 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم فى مادته الثانية لأن هذين القانونين لم يستهدفا الإبانة عن الواقعة المنشئة لدين الضريبة وإنما شرطا إتخاذ إجراءات معينة تيسيرا على الممولين فى إسترداد ما دفعوه بغير حق وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 349 لسنة 1952 وكذلك ما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 646 لسنة 1953 تعليقا على المادة الثانية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه على أن دين الضريبة لا ينشأ فى ذمة الممول إلا بعد صدور الورد وأن دين ضريبة الأرباح التجارية موضوع التنفيذ المستحق عن سنتى 1959 ، 1957 تال فى الوجود لتاريخ التصرف الصادر منه ببيع العقار المحجوز عليه إداريا إلى المطعون عليهم والمسجل فى 3 من سبتمبر 1959 تأسيسا على أن الورد لم يكن قد وجه إليه حتى ذلك التاريخ ورتب الحكم على ذلك عدم توافر شروط الدعوى البوليصية بالنسبة لهذا التصرف وإلغاء الحجز الموقع على العقار المبيع ، فإنه يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 238 لسنة 36 جلسة 1974/01/16 س 25 ع 1 ص 157 ق 28)
16- مفاد نص المادتين 237 ، 1/238 من القانون المدنى أن الغش الواقع من المدين وحده فى عقود المعاوضات لا يكفى لعدم نفاذ تصرفه فى حق الدائن بل يجب على الدائن إثبات التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه على الإضرار بحقوق الدائن لأن الغش من الجانبين هو من الأركان الواجب قيام دعوى عدم نفاذ التصرفات عليها وأن يثبت أن الغش موجود وقت صدور التصرف المطعون فيه وإذ كان يبين مما قرره الحكم المطعون فيه وأسس عليه قضاءه أنه إستخلص من أقوال الشهود والقرائن التى أوردها أن المتصرف إليه مشترى العقار لم يكن يعلم أن التصرف يؤدى إلى إعسار البائع ورتب على ذلك عدم توافر الغش فى جانب المتصرف إليه بما ينتفى معه أحد أركان دعوى عدم نفاذ التصرف فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
(الطعن رقم 187 لسنة 39 جلسة 1973/12/04 س 24 ع 3 ص 1213 ق 211)
17- مفاد نص المادة 237 ، 1/238 من القانون المدنى أن الغش الواقع من المدين وحده فى عقود المعاوضات لا يكفى لإبطال تصرفه بل يجب إثبات التواطؤ بينه وبين المتصرف له على الإضرار بحقوق الدائن لأن الغش من الجانبين هو من الأركان الواجب قيام دعوى عدم نفاذ التصرفات عليها وأن يثبت أن الغش موجود وقت صدور التصرف المطعون فيه وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن الطاعن اشترى العقار موضوع الدعوى وثبت فى عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الثانى أن العين المبيعة محملة برهن رسمى للمطعون عليها الأولى ضمانا لدينها قبل المطعون عليه الثانى البائع وأن هذا الرهن سابق فى القيد على تسجيل عقد شراء الطاعن واستخلص الحكم من شهادة شاهدى المطعون عليها الأولى فى هذا الخصوص ومما شهد به الطاعن من أنه احتجز جزءا من الثمن لوجود الرهن قيام التواطؤ بين المطعون عليه الثانى وبين الطاعن تأسيسا على أن هذا الأخير كان يعلم أن التصرف يؤدى إلى اعسار المطعون عليه الثانى مع أن الثابت من الحكم أن الطاعن أقبل على الشراء وهو على بينة من الدين ومن الرهن المقيد على العين المبيعة ضمانا لهذا الدين والذى يخول للمطعون عليها الأولى تتبع العقار فى أى يد تكون، ثم رتب الحكم على ذلك قضاءه بعدم نفاذ العقد الصادر من المطعون عليه الثانى للطاعن فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال .
(الطعن رقم 384 لسنة 36 جلسة 1971/04/27 س 22 ع 2 ص 565 ق 89)
18- دعوى الصورية ودعوى عدم نفاذ تصرف المدين هما دعويان مختلفتان فيجوز للدائن إثبات أن العقد الذى صدر من المدين صورى بغية استبقاء المال الذى تصرف فيه فى ملكه فإن أخفق جاز له الطعن فى العقد الحقيقى بدعوى عدم نفاذ التصرف فى حقه بغية إعادة المال إلى ملك المدين كما أنه يجوز للدائن كذلك فى الدعوى الواحدة أن يطعن فى تصرف مدينه بالدعويين معا على سبيل الخيرة فيحاول إثبات الصورية أولا فإن لم ينجح إنتقل إلى الدعوى الأخرى .
(الطعن رقم 254 لسنة 36 جلسة 1971/02/25 س 22 ع 1 ص 228 ق 37)
19- متى كان المطعون عليه قد رفع الدعوى بإستحقاق المحل الذى إشتراه من المفلس فى فترة الريبة وإختصم الطاعن فى الدعوى بإعتباره الدائن طالب الإفلاس الذى إستصدر الأمر بوضع الأختام على ذلك المحل فدفع الطاعن بصورية عقد البيع ولكنه أخفق فى دفاعه ولم يتابع وكيل الدائنين السير فى الدعوى ولم يطعن فى الحكم فإنه يكون للطاعن وهو أحد الدائنين أن يطعن فيه إذ لكل صاحب مصلحة أن يطعن بالصورية وهى مغايرة لدعاوى البطلان المنصوص عليها فى المادتين 227 و 228 تجارى والدعوى البوليصية ولا محل للإحتجاج فى دعوى الإستحقاق المذكورة بعدم تحقيق دين الطاعن وعدم جواز إشتراكه فى أى عملية من عمليات التفليسة إذ الطاعن لم يرد الإستئثار بمال من التفليسة بل قصد إبقاء العقار ضمن مال المفلس لصورية عقد البيع وذلك لصالح جميع الدائنين .
(الطعن رقم 356 لسنة 22 جلسة 1956/04/26 س 7 ع 2 ص 563 ق 77)
20- إذا كان الحكم قد قرر أن عقد البيع موضوع النزاع هو عقد صحيح لم يشبه البطلان ولم يقصد منه الإضرار بالدائنين لعدم توافر شروط الدعوى البوليصية إذ لم يثبت إعسار المدين ولأن نشوء الدين كان لاحقا لعقد البيع ، فإن هذا الذى أورده الحكم لا يقتصرعلى نفى توافر شروط الدعوى البوليصية بل يفيد كذلك نفى مظنة الصورية على وجه الإطلاق
(الطعن رقم 119 لسنة 21 جلسة 1954/06/10 س 5 ص 936 ق 144)
21- متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان البيع الصادر من المفلس الى الطاعن أقام قضاءه على أن مديونية المفلس نشأت قبل التصرف فى العقار موضوع النزاع ، وأن المفلس اصطنع دفاتر خصيصا للتفليسة وأن محكمة الجنح أدانت الطاعن بالاشتراك مع المفلس فى الافلاس بالتدليس بزيادة ديونه وتحرير سندات صورية وأن المفلس أصبح معسرا بتصرفه ببيع العقار للطاعن وأن مجموعة الدائنين لحقها الضررمن جراء هذا التصرف وأن ذمة المفلس كانت مشغولة بديون مستحقة عليه قبل التصرف ولم يسددها وأن المشترى كان على علم بإعسار البائع ولم يسجل العقد الا بعد مضى ثمانية عشر شهرا من تاريخ توقيعه أى بعد ما أوهم المفلس دائنيه بتواطؤه مع الطاعن بأنه يملك عقارا لم يتصرف فيه فتعاقدوا معه مقتنعين بملكيته فان هذا الحكم يكون قد تناول أركان الدعوى البوليصية من حيث التواطؤ والإعسار والضرر وطبق المادة 238 من قانون التجارة المختلط تطبيقا صحيحاً لا قصور فيه .
(الطعن رقم 73 لسنة 21 جلسة 1953/10/15 س 5 ع 1 ص 49 ق 2)
22- أن الدعوة البوليصية على ماجرى به قضاء هذه المحكمة ليست إلا وسيلة يتمكن بها الدائن من أن يقتضى دينه من ثمن العين المطلوب ابطال التصرف الحاصل من مدينه فيها فى مواجهة المتصرف له ، واذن فمتى كان الواقع هو أن المطعون عليه أقام الدعوى على الطاعن بطلب تثبيت ملكيته الى عقار اشتراه بعقد مسجل ممن باع ذات العقار الى الطاعن بعقد لم يسجل وكان دفاع الطاعن بصفة أصلية هو أن عقد المطعون عليه عقد صورى لاوجود له واحتياطيا على فرض جديته فقد أضر به ومن حقه ابطال هذا التصرف وفقا للمادة 143 من القانون المدنى [ القديم ] و كان الحكم قد أثبت - استنادا الى أوراق الدعوى - أن الطاعن كان يستهدف بطعنه بالدعوى البوليصية الى اجراء مفاضله بين عقده غير المسجل وعقد المطعون عليه المسجل فيكون غير منتج فى التخلص من آثار عقد المطعون عليه المسجل والمطعون فيه بالدعوى البوليصية حتى ولو كان هو بوصفه متصرفا له والمتصرف سيىء النيه متواطئين كل التواطؤ على حرمان الطاعن من الصفقة . ومن ثم يكون كل مايعيبه الطاعن على الحكم من إغفال التحدث عن الدعوى البوليصية لاجدوى منه فى خصوص هذه الدعوى
(الطعن رقم 205 لسنة 20 جلسة 1952/12/11 س 4 ع 1 ص 176 ق 28)
23- التقرير بأن التصرف المطعون فيه بالدعوى البوليصية يترتب عليه ضرر بالدائن أولا يترتب هو تقرير موضوعى . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم نفاذ التصرف موضوع الدعوى فى حق المطعون عليهم الثلاثة الأولين أقام قضاءه على أن لهم فضلاً عن الدين المتخذة إجراءات التنفيذ بسببه دينا آخر مستحق الآداء وصدر به حكم إبتدائى مشمول بالنفاذ الموقت وأن القدر الذى بقى للمدين بعد تصرفه للطاعنات لا يكفى لوفاء جميع ديونه . إذ قرر الحكم ذلك وإستخلص منه إعسار المدين فقد إستند إلى أسباب مسوغه لقضائه ولم يخطىء فى تطبيق القانون ما دام قد تبين للمحكمة أن الدين الذى أدخلته فى تقديرها لإعسار المدين هو دين جدى مستحق الآداء .
(الطعن رقم 72 لسنة 20 جلسة 1952/02/14 س 3 ع 2 ص 496 ق 84)
24- حق الدائن فى طلب إبطال تصرفات مدينه الضارة به يثبت له متى أصبح دينه محقق الوجود و إذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليه الثانى بإبطال كتاب الوقف قد أقام قضاءه على أنه وقد قضى بتثبيت ملكية المطعون عليه سالف الذكر إلى نصيبه المطالب بريعه فى الأطيان المتروكة عن مورثه والتى وقفتها زوجة هذا الأخير إضراراً بدائنيها فيكون دينه بمتجمد هذا الريع قد أصبح ثابتاً فى ذمة الواقفة من تاريخ وفاة مورثه ومن ثم يكون محقق الوجود قبل إنشاء الوقف المطلوب الحكم بإبطاله فإن هذا الذى قرره الحكم لا خطأ فيه
(الطعن رقم 180 لسنة 18 جلسة 1951/04/19 س 2 ع 3 ص 674 ق 112)
25- إنه لما كانت الدعوى البوليصية يقصد بها عدم نفاذ التصرف الصادر من المدين فى حق دائنه كان من الجائز إثارتها كدفع للدعوى التى يرفعها المتصرف إليه بطلب نفاذ هذا التصرف ، ولا يلزم أن ترفع فى صورة دعوى مستقلة . ولا يغير من هذا شيئاً أن يكون التصرف مسجلا فإن تسجيلة لا يحول دون أن يدفع الدائن فى مواجهة المتصرف إليه الذى يطلب تثبيت ملكيته استنادا إلى عقده المسجل بالدعوى البوليصية ، إذ ليس من شأن تسجيل التصرف أن يغير من طريقة إعمال هذه الدعوى ولا الآثار المترتبة عليها .
(الطعن رقم 114 لسنة 18 جلسة 1950/03/30 س 1 ع 1 ص 388 ق 97)
26- إنه و إن كانت الدعوى غير المباشرة والدعوى البوليصية تختلفان كل منهما عن الأخرى فى أساسها و شروطها وآثارها ، ومن ثم لا يجوز الجمع بينهما فى آن ، إلا أنه يجوز للدائن أن يستعملهما متعاقبتين إحداهما بعد الأخرى ، وليس من الضرورى أن ترفع الدعوى البوليصية استقلالا بل يصح رفعها كدعوى عارضة أو إثارتها كمسألة أولية ولوأثناء قيام الدعوى غير المباشرة متى كانت ظروف دفاع الدائن تستلزم ذلك . فإذا كان الدائن عندما وجه فى دعواه المباشرة من ناظر الوقف بمصادقة مدينه على حساب الوقف قد دفع بأن هذه المصادقة باطلة لصدورها غشاً وتدليساً بالتواطؤ بين المدين وبين ناظر الوقف ، فإنه لا يكون قد جمع بين الدعوى غير المباشرة وبين الدعوى البوليصية فى آن ، وإنما هو أثار الدعوى البوليصية كمسألة أولية فهو بهذا قد استعمل الدعويين على التعاقب ويكون من المتعين الفصل فى الدعوى البوليصية . وإذا كانت المحكمة قد قصرت بحثها على الدعوى غير المباشرة وإعتبرت مصادقة المدين نافذه فى حقه بمقولة إنه لم يرفع الدعوى البوليصية فإنها تكون قد أغفلت الفصل فى دفاعه ويكون حكمها قد أخطأ فى تكييف هذا الدفاع و تعين نقضه .
(الطعن رقم 77 لسنة 18 جلسة 1950/02/02 س 1 ع 1 ص 220 ق 61)
الدعوى البوليصية :
يشترط فى الدائن أن يكون حقه مستحق الأداء : حتى يجوز للدائن أن يطعن فى تصرف المدين بالدعوى البوليصة يجب أن يكون حقه مستحق الأداء.
وبديهي أنه ما دام يشترط في الدائن ، لرفع الدعوى البوليصة ، أن يكون حقه مستحق الأداء ، فإن هذا الحق يجب أيضاً أن يكون خالياً من النزاع.
أى دائن حقه مستحق الأداء يستطيع استعمال الدعوى البوليصة : أى دائن حقه خال من النزاع مستحق الأداء يستطيع استعمال الدعوى البوليصية ، لا فرق في ذلك بين دائن شخصى ودائن مرتهن ودائن له حق امتياز.
كذلك يجوز أن يكون حق الدائن غير مقدر ما دام مستحق الأداء ، فيستطيع المضرور فى العمل غير المشروع ، حتى قبل أن يقدر التعويض المستحق له ، أن يستعمل الدعوى البوليصة ويطعن في تصرف صدر من مدينه المسئول عن العمل غير المشروع بقصد " تهريب " ماله حتى لا ينفذ عليه الدائن بالتعويض المستحق له .
ولا يشترط كذلك أن يكون حق الدائن ثابتاً فى سند قابل للتنفيذ ، فإن الدائن سيحصل على هذا السند عند رفع الدعوى البوليصة .
ولكن يشترط ، خلافاً للدعوى غير المباشرة ، أن يكون حق الدائن سابقاً على التصرف المطعون فيه ، وسيأتى بيان ذلك فيما يلى .
الشروط التى ترجع إلى التصرف المطعون فيه: شروط ثلاثة : يشترط فيما يطعن فيه الدائن من أعمال المدين أن يكون : (1) تصرفاً قانونياً (2) مفقراً (3) تالياً فى الوجود لحق الدائن.
لا طعن فى الأعمال المادية :
يجب أن يكون العمل الصادر عن المدين ، ويطعن فيه الدائن ، تصرفاً قانونياً، فإذا كان عملاً مادياً، لم يتصور الطعن فيه : فلو أن المدين تسبب عمداً أو إهمالاً فى الإضرار بالغير بعمل غير مشروع ، فالتزم بالتعويض ، وجعله هذا الالتزام معسراً ، فلا سبيل للدائن إلى الطعن فى العمل غير المشروع .
إنما يكون الطعن فى تصرف قانونى التزاماته :
ويجب أن يكون التصرف القانونى الصادر من المدين تصرفاً ينقص من حقوقه أو يزيد فى التزاماته ، وهذا هو المعنى المقصود بالتصرف المفقر.
يشترط في الدعوى البوليصة أن يكون المدين معسراً ليست عنده أموال تكفى لوفاء حق الدائن .
والمدين إما أن يكون غير معسر قبل صدور التصرف المطعون فيه فيجب أن يكون هذا التصرف هو السبب فى إعساره ، وإما أن يكون معسراً قبل صدور التصرف فيجب أن يزيد التصرف فى إعساره.
وإذا كان المدين معسراً من بادئ الأمر ، ثم تصرفاً بعوض كاف حيث لم يكن هذا التصرف سبباً فى زيادة إعساره ، فإن التصرف لا يكون قابلاً للطعن فيه بالدعوى البوليصة .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثاني ، المجلد : الثاني ، الصفحة : 1308)
تعريف الدعوى البوليصية :
يرجع إسم الدعوى البوليصة إلى الإمبراطور الروماني (بولص) الذي يقال إنه هو الذي ابتدعها ، ويطلق على هذه الدعوى أيضاً اسم دعوى عدم نفاذ التصرفات، وهي الدعوى التي يقيمها الدائن ضد مدينة المعسر إذا أبرم تصرفاً للإضرار به بطريق الغش والتواطؤ، يطلب فيها عدم نفاذ هذا التصرف في حقه.
ويترتب على الحكم بعدم نفاذ التصرف عدم سريانه بالنسبة لباقي الدائنين.
الهدف من الدعوى البوليصية :
تشترك الدعوى البوليصة مع الدعوى غير المباشرة في الغرض النهائي، وهو المحافظة على الضمان العام ، ولكن في حين أن الدعوى غير المباشرة تقصر على معالجة موقف سلبي للمدين من شأنه أن يضر بدائنيه ، تعالج الدعوى البوليصة موقفاً إيجايباً ، ذلك أن المدين قد لا يقتصر على مجرد عدم استعمال حقوقه، بل قد يتعدى ذلك إلى القيام بتصرفات ضارة بدائنيه ، وإذا كان الأصل أن للمدين حرية التصرف وأن تصرفاته نافذة في حق دائنيه ، فإن هذه القاعدة لا تقبل على إطلاقها إذا ما كانت أحواله المالية مضطربة، فقد يقوم المدين ببيع بعض أمواله، يريد بذلك إبعادها عن منال دائنيه، ويخفى ما يحصل عليه من ثمن، وقد يحابي الغير على حساب دائنيه فيبيع بثمن بخس أو يهب، وقد كفل القانون حماية الدائنين من مثل هذه التصرفات، وذلك عن طريق تخويلهم الحق في الطعن فيها وطلب الحكم بعدم نفاذها.
وقد اصطلح على تسمية دعوى الدائن بعدم نفاذ تصرف مدینه بالدعوى البوليصية ، فالغرض من الدعوى البوليصية هو المحافظة على الضمان العام من تصرفات المدين الضارة بدائنيه ، والأداة التي اصطنعت لتحقيق هذا الهدف هو تقرير عدم نفاذ التصرف الضار في حق الدائنين .
طبيعة الدعوى البوليصية :
استقر الفقه في كل من فرنسا ومصر على أن الدعوى البوليصية تعتبر وسيلة قانونية يلجأ إليها الدائن إذا توافرت شروطها ليحصل على الحكم بعدم تصرف مدینه.
فهذه الدعوى ليست دعوى بطلان، كما أنها ليست دعوى مسئولية ، وإنما هي دعوى مستقلة هدفها المحافظة على الضمان العام للدائنين ووسيلتها في تحقيق هذا الهدف هو عدم نفاذ التصرف في حق الدائنين .
ما يشترط في حق الدائن :
تنص المادة (237) في صدرها على أن: "لكل دائن أصبح حقه مستحق الأداء ... الخ" - ومن ثم فإنه يجب في حق الدائن أن يكون مستحق الأداء ، أي قابلاً للتنفيذ به ولا ينقصه إلا حصوله على السند التنفيذي .
وبناءً على ذلك لا يجوز للدائن رفع الدعوى البوليصة إذا كان حقه متنازعاً فيه أو معلقاً على شرط واقف أو على أجل واقف، لأنه في هذه الحالات لا يكون حقه مستحق الأداء.
ولكن يجوز رفع الدعوى من أي دائن له حق مستحق الأداء ، ولو كان هذا الحق مقترناً بشرط فاسخ أو بأجل فاسخ، ذلك لأن الشرط الفاسخ والأجل الفاسخ لا يمنعان أن الحق مستحق الأداء.
ويلاحظ أن اشتراط كون الدين مستحق الأداء، ومنع الدائن بدين مؤجل من استعمال الدعوى البوليصة قد يبدو متناقضاً مع اشتراط إعسار المدين ، نظراً لما هو معروف من أن الإعسار يترتب عليه سقوط الأجل فيصبح الحق مستحق الأداء.
وتفسير ذلك أن القانون المدني يقرر أن الأجل لا يسقط لمجرد الإعسار الفعلي ، فقد نظم المشرع الإعسار المدني ، واشترط لسقوط الأجل أن يصدر حكم بشهر الإعسار (م 273)، وإصدار حكم بشهر الإعسار هو أمر جوازى للمحكمة (م 249)، كما أن المحكمة رغم الحكم بشهر الإعسار أن تقضي بإبقاء الأجل أو بمده (م 255/2)، وينتج من ذلك أنه قد يتوافر شرط الإعسار الفعلي وهو شرط اللازم لرفع الدعوى البوليصة ولا يسقط أجل دين الدائن ، بل يظل حقه غير مستحق الأداء ، فلا يستطيع رفع الدعوى البوليصية .
الشروط التي تتعلق بالتصرف المطعون فيه :
يتضح من المادة (237) أنه يشترط في التصرف المطعون فيه توافر الشروط الآتية :
الشرط الأول :
وجود تصرف :
يجب أن يرد الطعن بالدعوى البوليصة على تصرف، أي على عمل قانوني ، سواء كان هذا التصرف عقداً كالبيع والهبة أو عملاً قانونياً يتم بإرادة واحدة كالإقرار والإبراء والوصية الخ، وسواء أكان معاوضة أو تبرعاً.
ولا يتصور الطعن بالدعوى البوليصة في غير التصرفات القانونية كالفعل الضار والإثراء بلا سبب ولو توافرت فيها الشروط الأخرى اللازمة الطعن في التصرفات القانونية.
وعدم النفاذ يسري على التصرفات فقط دون الأحكام.
الشرط الثاني :
أن يكون التصرف مفقرا للمدين :
ويتحقق ذلك في حالتين :
الأولى : إذا أنقص التصرف من حقوق المدين، كأن يهب المدين عيناً مملوكة له ، أو أن يبيعها ، أو أن يكون دائناً لآخر فيبرئه من دينه.
ففي المثلين الأولين نقص حق عيني، وفي المثل الأخير نقص حق شخصی.
والثانية : إذا زاد في التزامات المدين، كأن يشترى عيناً فيلتزم بدفع ثمنها، أو يقترض فيلتزم برد ما اقترض، أو أن يتعهد بالإنفاق على شخص لا تلزمه نفقته ،
غير أن التصرفات التي ينزل بها المدين عن فرصته للاغتناء ، سواء أكان الاغتناء عن طريق زيادة حقوقه أم عن طريق نقص التزاماته ، كما إذا عرضت على المدين هبته فرفضها ، لا تعتبر تصرفات مفقرة يجوز الطعن فيها بالدعوى البوليصية، لأن الغرض من الدعوى البوليصية تمكين الدائن من المحافظة على الضمان العام وإعادة الضمان العام للدائنين إلى الوضع الذي كان قد بلغه قبل التصرف الذي يراد الطعن فيه.
وهذا يقتضي أن يكون ذلك التصرف قد أخرج من ذمة المدين المالية مالاً سبق أن وجد فيها أو حملها بدين جديد لم يكن قد لزمها من قبل ، ولا شئ من ذلك كله في حالة النزول عن فرصة للاغتناء.
وكذلك الحال في رفض إنقاص الالتزامات .
الشرط الثالث :
إعسار المدين أو الزيادة في إعساره :
يشترط أن يكون التصرف المطعون فيه قد تسبب في إعسار المدين أو زاد في إعساره.
ذلك أنه لا سبيل لتضرر الدائن اذا كان التصرف لا يؤدي إلى إعسار المدين أو لا يترتب عليه زيادة في إعساره إذا كان معسراً من قبل ، ولو طرأ على المدين بعد ذلك ما يجعله معسراً.
ويلاحظ أن تصرف المدين قد يتسبب في إعساره أو زيادة إعساره رغم كونه معاوضة كبيع أو شراء أو مقايضة، ففي البيع مثلاً قد يكون الثمن بخساً أو يكون المدين قد قبضه وبدده أو أخفاه عن دائنيه ، وفي الشراء قد يكون الثمن الذي أداه المدين أو التزم به أعلى من قيمة الشئ، وفي المقايضة قد تكون قيمة الشئ الذي قدمه المدين أكبر من قيمة الشئ الذي اكتسبه.
ويقصد بالإعسار في خصوص الدعوى البوليصية - كالشأن في الدعوى غير المباشرة - الإعسار الفعلي لا الإعسار القانوني ، أي أنه يكفي أن تزيد ديون المدين على حقوقه المستحقة أو غير المستحقة، دون حاجة إلى استصدار حكم بشهر الإعسار.
ويشترط أن تظل حالة الإعسار قائمة حتى وقت رفع الدعوى، ومعنى ذلك أن المدين إذا أصبح موسراً ، كما لو تلقی میراثاً أو وصية أو عقد صفقة رابحة ، لم يكن للدائن حق في الطعن في التصرف ، ذلك أنه لم تعد له مصلحة في الطعن ، ولا دعوى بلا مصلحة كما هو معروف ويستطيع الدائن عندئذ أن يقتضي حقه من التنفيذ على أي مال آخر من أموال المدين غير المال الذي تصرف فيه.
وقد يكون من المناسب أن تلاحظ هنا أن شرط تسبب التصرف في إعسار المدين أو زيادة إعساره فيه غناء عن اشتراط كون التصرف مفقراً ، ذلك أنه لا يتصور أن يترتب على التصرف إعسار المدين أو زيادة إعساره إلا إذا كان التصرف قد أنقص من حقوق المدين أو زاد في التزاماته، وإنما كان لاشتراط كون التصرف مفقراً استقلاله في ظل التقنين المدني السابق حين كان معنى الإفتقار قاصراً على التصرفات التي تنتقص من الحقوق دون تلك التي تزيد من الإلتزامات.
الشرط الرابع :
أن يكون تصرف المدين ضاراً بالدائن :
اشترطت المادة (237) أن يكون التصرف الذي يجوز الطعن فيه ضرراً بالدائن، وأفصحت عن ماهية الضرر المشار إليه إذ وصفت التصرف المذكور بأنه يجب أن يكون قد ترتب عليه إعسار المدين أو الزيادة في إعساره.
غير أنه إذا كان الظاهر أن التصرف الذي يسبب إعسار المدين بضرر دائنيه ، فإن الحقيقة أنه ليس كل تصرف بسبب إعسار المدين يكون ضاراً بالدائنين فقد يتصرف المدين تصرفاً يخرج من ملكه أحد أمواله فيسبب إعساره ولكنه لا يضر دائنيه إذا كان ذلك المال مما لا يجوز الحجز أو التنفيذ عليه، كما أن التصرف الذي يعتبر ضاراً ببعض الدائنين قد لا يعتبر ضاراً بغيرهم ، ولو أنهم جميعاً يتأثرون به ، ذلك أن الدائنين السابقة حقوقهم على التصرف الذي يسبب إعسار المدين هم وحدهم الذين لهم أن يتضرروا من ذلك التصرف ، أما الذين نشأت حقوقهم بعد التصرف المذكور وبعد أن ساءت حال المدين المالية فليس لهم أن يتضرروا من ذلك التصرف لأنه لم يزد مركزهم سوءاً عما كان عليه يوم نشوء حقهم.
الشرط الخامس :
أن يكون حق الدائن سابقاً على تصرف المدين المطعون فيه :
يجب فيمن يباشر الدعوى أن يكون حقه سابقاً على تصرف المدين المطعون فيه ، وهذا شرط يقتضيه الوضع في هذه الدعوى، حتى يمكن أن يقال إن هناك ضرراً أصاب الدائن أو غشاً وقع من المدين ، بإعتبار أن الدائن قد عول على وجود الحق الذي تصرف فيه المدين في الضمان.
فإذا كان حق الدائن لاحقاً على التصرف الذي عقده المدين فلا يجوز للدائن أن يباشر هذه الدعوى، إذ لا يتصور أن يكون قد عول على حق لم يكن في ذمة المدين أو يكون المدين قد قصد الإضرار به.
وإذا كان الأصل هو وجوب أن يكون حق هذا الدائن سابقاً في الوجود على تاريخ التصرف المطعون فيه، فإن العبرة في ذلك هي بتاريخ نشوء حق الدائن لا تاريخ استحقاقه ، فيكفي أن يكون الحق موجوداً قبل التصرف لكي يستطيع الدائن أن يطعن فيه بالدعوى البوليصية عند استحقاق أدائه وعلى ذلك فإذا كان حق الدائن قد نشأ قبل تصرف المدين ولكنه كان مقترناً بأجل واقف جاز للدائن أن يطعن في التصرف بالدعوى البوليصة بمجرد حلول الأجل، ولو لم يحل الأجل إلا في تاريخ لاحق لتاريخ انعقاد التصرف ، وكذلك الحال بالنسبة للإلتزام المعلق على شرط واقف.
على أن تخلف شرط الأسبقية لا يقتضي حتماً عدم وجود ضرر للدائن أو غش من المدين، فقد يتوفر الضرر والغش رغم عدم توافر هذه الأسبقية ، وفي هذه الحالة يجوز للدائن أن يطعن في التصرف السابق على دينه ، ويتحقق ذلك إذا كان المدين قد عقد هذا التصرف بقصد الإضرار بحق هذا الدائن المستقبل ، مثال ذلك أن يبيع المدين أو يهب بعض ماله في وقت يسعى فيه لعقد قرض ويتم القرض بعد إتمام البيع أو الهبة ، حينئذ يجوز للدائن رفع الدعوى البوليصة رغم أن تصرف المدين سابق على نشوء حق الدائن وذلك إذا كان المقصود من التصرف هو إبعاد الشئ المبيع أو الموهوب عن متناول يد الدائن عند نشوء حقه وذلك إذا توافرت الشروط الأخرى.
أما بالنسبة لتصرف المدين، فإن العبرة بتاريخ انعقاده لا بتاريخ شهرة إذا كان من التصرفات الواجبة الشهر، وعلى ذلك إذا كان المدين قد تصرف ببيع عقار له، فإن الدعوى البوليصة لا تقبل إلا إذا كان حق الدائن سابقاً على انعقاد البيع لا تسجيله، ولذلك فإن الدعوى البوليصة لا تقبل إذا كان انعقاد البيع ذاته سابقاً على حق الدائن.
إثبات أسبقية حق الدائن على التصرف المطعون فيه :
إذا كان حق الدائن ناشئاً عن واقعة قانونية ليست تصرفاً، فيجوز إثباته وإثبات تاريخ نشوئه بكافة الطرق ، ومتى ثبت هذا التاريخ أمكن المقارنة بينه وبين التاريخ الثابت للتصرف المطعون فيه والقول بأسبقية حق الدائن على التصرف المذكور أو عدمها.
فإذا كان مصدر حق الدائن تصرفاً قانونياً فإنه يثبت طبقاً للقواعد العامة إلا أنه لا يشترط أن يكون ثابت التاريخ على غير مقتضى المادة 14 من قانون الإثبات.
أما التصرف المطعون فيه ، فلا يشترط أن يكون له تاريخ ثابت خاصة وأن الدائن لا يعتبر من الغير بالنسبة إلى هذا التاريخ .
رفع الدعوى البوليصية :
ترفع الدعوى البوليصة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة (م 63 من قانون المرافعات) إلا أنه لما كانت الدعوى البوليصة يقصد بها عدم نفاذ التصرف الصادر من المدين في حق دائنه ، فإنه يجوز إثارتها كدفع الدعوى التي يرفعها المتصرف إليه بطلب نفاذ هذا التصرف . (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث ، الصفحة : 609)
شروط الدعوى البوليصية :
تستند دعوى عدم نفاذ التصرف المعروفة باسم الدعوى البوليصة إلى أن المدين المعسر أبرم تصرفاً للإضرار بدائنه غشاً وتواطؤاً ، ويتضح من ذلك أن شروط هذه الدعوى تتعلق بالمدين وبالدائن وبالتصرف المطعون فيه فضلاً عن الشروط الموضحة بالمادة 238 والتي نحيل إليها إستكمالاً لتلك الشروط :
أولاً : الشروط المتعلقة بالمدين والمتصرف اليه :
فيلزم أن يثبت تواطؤ المدين مع المتصرف إليه ابتغاءً الإضرار بالدائن ، على نحو ما أوضحناه بالمادة 238 .
ثانياً : الشروط المتعلقة بالدائن :
يجب أن يكون حق الدائن محقق الوجود أي مستحق الأداء ، خال من النزاع ويعتبر كذلك الحق المعلق على شرط فاسخ أو المقترن بأجل فاسخ ، اذ في هذه الحالة يعتبر الحق محقق الوجود ولو أنه مهدد بالزوال ، بتحقق الشرط أو بحلول الأجل، وعلى عكس ذلك، فان الحق المعلق على شرط واقف أو المقترن بأجل واقف ، لا يعتبر محقق الوجود فلا يجوز حينئذ اللجوء للدعوي البوليصة إلا عند تحقق الشرط الواقف أو حلول الأجل الواقف.
ويجب أن يكون الحق حقيقياً فإن كان صوریاً كان الدائن بدوره صورياً فلا يحق له أن يطلب الحكم بعدم نفاذ التصرف لانعدام مصلحته.
ولا تعارض بين بقاء الأجل وبين اعسار المدين ذلك أن الإعسار الذي يؤدي إلى سقوط الأجل هو الإعسار القانوني الذي يصدر به حكم من القضاء ، وفقاً لما تنص عليه المادتان 249 و 255 من القانون المدني ، أما الإعسار الذي تستند إليه الدعوى البوليصية إنما هو الإعسار الفعلي بأن يثبت للمحكمة التي تنظر هذه الدعوى أن أموال المدين بعد هذا التصرف لا تكفي بوفاء ديونه وهي عندما تقضي بعدم نفاذ التصرف فإنها لا تنص في حكماً على اعتبار المدين معسراً.
لكن لا يشترط في الحق أن يكون معلوم المقدار أو ثابتاً في سند تنفيذي ، فيكفي أن يكون سند الحق عرفياً ، أو غير ثابت بسند إذا كان أساس المسئولية يرجع إلى العمل غير المشروع ، فالمضرور يحق له رفع الدعوى البوليصية ، حتى لو كان التعويض لم يقدر له بعد إذ يعتبر التعويض حقاً محقق الوجود ويحول المضرور بذلك دون المدين - الذي يتوقع صدور الحكم بإلزامه بالتعويض - وإخراج أمواله من ضمانه العام.
كما يجب أن يكون حق الدائن سابقاً على التصرف على نحو ما أوضحناه بالمادة 238.
ویستوى بعد ذلك ، أن يكون الدائن عادياً أو مرتهناً وأياً ما كان نوع حقه ، نقداً أو عيناً ، أو عملاً أو امتناع عن عمل، ما دام محققاً .
ثالثاً : الشروط المتعلقة بالتصرف :
ترد الدعوى البوليصة على التصرفات القانونية التي من شأنها إنقاص حقوق المدين أو زيادة التزاماته كما إذا باع عيناً بثمن بخس أو اشترى عيناً بثمن باهظ لما يؤدي ذلك إلى إعساره وإنقاص الضمان العام، على نحو تصبح معه أمواله غير كافية للوفاء بالدين، فإن لم يكن ذلك شأن التصرف فلا سبيل للطعن عليه لانتفاء مصلحة الدائن، ويجب أن يكون التصرف تالياً لنشوء حق الدائن والعبرة بوجود الحق باستحقاقه وبوجود التصرف لا بشهرة ، وتحتمل الدائن إثبات أن حقه سابقاً على التصرف ، فان كان تاريخ التصرف قدم غشاً، كان له إثبات ذلك بكافة الطرق.
كما يجب أن يكون الحق محل التصرف الذي يسعى الدائن إلى إعادته للضمان العام لمدينه جائزاً له التنفيذ عليه ، فان كانت العين محل التصرف مرهونة الدائن آخر متقدم على الطاعن في المرتبة أو كان الأخير دائناً عادياً بينما يوجد دائن آخر له حق عيني على العين، فإن الطاعن لا تكون له مصلحة في الدعوى مما يتعين القضاء بعدم قبولها.
ويستوي أن يكون التصرف تبادليا كالبيع والمقايضة والشركة والقسمة والهبة والصلح حتى بعد تصديق المحكمة عليه والوفاء بمقابل والاشتراط لمصلحة الغير، أو كان صادراً من جانب واحد کالإبراء واجازة عقد قابل للإبطال والتنازل عن حق انتفاع أو ارتفاق أو رهن متقدم فإن كان الراهن متأخراً فلا مصلحة للدائن في طلب عدم نفاذ التنازل استناداً الى إحتمال إبطال أو سقوط الرهن المتقدم ، اذ العبرة بالمصلحة هي بوقت رفع الدعوي.
ولما كانت الدعوى البوليصة لا ترد إلا على التصرفات القانونية وفقاً لما تقدم ، فتخرج عن نطاقها، الوقائع المادية مهما ترتب عليها من افتقار المدين ، مثال ذلك التزام الدين بدفع تعويض عن عمله غير المشروع أو عمل المشمول بولايته أو التابع له وكذلك اكتساب الغير لعين مملوكة للمدين بالتقادم بشرط أن يكون ذلك كله بريئاً من الغش والتواطؤ بين المدين والغير، ويكون للدائن التدخل في الدعوى تدخلاً هجومياً لإثبات هذا الغش أو لإثبات انتفاء شروط الحق الذي يدعيه الغير فان صدر الحكم كان له الطعن عليه وفقاً لما يلي.
آثار الدعوى البوليصية :
إذا توافرت شروط الدعوى البوليصة على نحو ما سلف ، فإنها لا تؤدى إلى بطلان تصرف الدين ، وإنما تحول فقط دون نفاذه في حق الدائنين، فيظل التصرف قائماً وصحيحاً فيما بين أطرافه و ينصرف أثره الى خلف كل منهما ، سواء كان خلفاً عاماً أو خاصاً، ومتى قضى بعدم نفاذ التصرف وأصبح الحكم نهائياً، كان للمتصرف إليه أن يرجع على المدين بضمان الاستحقاق أو بطلب الفسخ والتعويض لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه.
ولما كانت الدعوى البوليصية دعوى شخصية الغرض منها عدم نفاذ التصرف التمكين الدائن من استيفاء حقه ، فلا يكون من شأنها تثبيت ملكية الدائن الحق محل التصرف ، ويقتصر الحكم على القدر الذي يكفى للوفاء بهذا الحق، وفي هذه الحالة تسري أحكام الاستحقاق الجزئي (م 240) وأن كان بيد الدائن عقد بيع يتعلق بالعين محل التصرف المطعون عليه ، فليس له المطالبة بالحكم بصحته ونفاذه أن كان التصرف المطعون عليه سابق في التسجيل ، ذلك لأن الغش والتواطؤ لا ينالان من التسجيل ويكون للدائن الرجوع بالتعويض والتنفيذ على العين، انظر بند أثر توافر شروط الدعوى البوليصة فيما يلي.
كيفية التمسك بالدعوى البوليصية :
يجوز التمسك بها عن طريق الدفع في الدعوى التي يطلب فيها نفاذ التصرف، كما يجوز التمسك بها عن طريق الدعوى المبتدأة يرفعها الدائن بطلب عدم نفاذ التصرف.
ويتمسك الدائن بالدعوى البوليصة عن طريق الدفع عندما يتدخل أو يدخل في الدعوى القائمة ما بين المدين والمتصرف إليه، وحينئذ يتعين على القاضي بحث شروط الدعوى البوليصية، فإن توافرت قضى بقبول الدفع وبعدم نفاذ التصرف في حق الدائن وفي الدعوى الأصلية بصحة ونفاذ التصرف فيما بين المتعاقدين ، ولا يتعارض ذلك مع إعتبار التصرف غير نافذ في حق الدائن ، إذ لكل نفاذ نطاقه ويصح أن يكون التصرف نافذاً بالنسبة لشخص وغير نافذ بالنسبة لآخر ، وللمتصرف إليه أن يحتج بالتصرف في مواجهة من نفذ في حقه دون من لم ينفذ في حقه .
نطاق الدعوى البوليصية :
ينحصر نطاق الدعوى البوليصة في التصرفات القانونية، فتخرج عن نطاقها الوقائع المادية على نحو ما تقدم ، فهذه يطعن عليها بالغش بإعتباره مفسداً لكل شئ، كما تخرج الأحكام الصادرة ضد المدين فهذه يطعن الدائن فيها - انظر بند أثر صدور حكم ضد المدين فيما يلي - ثم يثبت توافر شروط الدعوى البوليصة بالنسبة لتصرف المدين موضوع الحكم ومتى تحققت قبل الطعن وقضي بعدم نفاذ التصرف في حق الدائن ويسرى ذلك بالنسبة لكافة الأحكام الصادرة ضد المدين بما في ذلك الحكم الصادر بصحة التصرف ، ولا يستثنى من ذلك إلا الحكم بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة متى انصرف إلى التصرف محل الطعن بعدم النفاذ ، فيكون للدائن أن يطعن على التصرف الوارد عليه الصلح بالدعوى البوليصة رغم شمول الحكم عليه ، ذلك أن القاضي عندما يلحق الصلح بمحضر الجلسة إنما يقوم بعمل الموثق والتوثيق لا يطهر التصرفات مما يشوبها من أوجه البطلان أو عدم النفاذ ، يستوي بعد ذلك أن يكون حكم الصلح اقتصر على الحاق الصلح بمحضر الجلسة أو يكون تضمن أسباباً واقعية وقانونية وانتهى إلى إلحاق الصلح على نحو ما تقدم .
الدفع بالصورية يجب أن يسبق الدفع بالدعوى البوليصية :
الصورية المطلقة ، وفقاً لما أوضحناه بالمادة 244 تتعلق بالتصرف ككل ، فتجعله كأن لم يكن ، إذ أنها تكشف عن حقيقته التي تتمثل في أن المتعاقدين تظاهراً بإبرام تصرف، فاستوفيا شرائطه الخارجية إلا أن إرادتهما توقفت عند هذا الحد فقط دون أن تتعدياه إلى ترتيب أي أثر من آثاره ، فكأن التصرف وجد معدوماً .
أما التصرف غير النافذ، فهو تصرف صحيح وغير صوری ، مما مفاده أن ارادة الطرفين انصرفت إلى ترتيب كافة آثاره القانونية وأن الدفع بالدعوى البوليصة في هذا التصرف لا يبطله بل يبقى عليه صحيحاً بين طرفيه ويقتصر أثر الدفع في جعله غير نافذ في حق الدائن .
يترتب على ما تقدم، أن الدائن يجب عليه التزام مفهوم كل من الدافعين، فإن تمسك بعدم نفاذ التصرف أولاً ، فإنه يكون قد أقر بإعتباره حقيقياً مما يحول دونه والعودة إلى الدفع بصوريته ، بحيث أن تمسك بعد ذلك بالصورية كان دفعه غير مقبول .
أما أن تمسك أولا بالصورية، وأخفق في اثباتها، كان له بعد ذلك التمسك بعدم نفاذ التصرف، باعتباره تصرفاً حقيقياً إلا أنه غير نافذ في حقه.
وللدائن أن يجمع بين الدافعين ولو في صحيفة الدعوى أو بمذكرة واحدة وذلك على سبيل الخيرة بينهما، وفي هذه الحالة يجب أن يتمسك أولاً بالصورية ثم ينتقل بعد ذلك ، في حالة عدم ثبوت الصورية، إلى التمسك بعدم النفاذ ، كما يجوز له التمسك أولا بالصورية وحدها ثم يدي بعد ذلك الدفع بعدم النفاذ في أي حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام الاستئناف .
أثر صدور حكم ضد المدين :
نفرق في هذا الصدد بين الدائن العادي والدائن صاحب التأمين الخاص فالأول يكون ممثلاً في شخص الذين في الخصومات التي يرفعها المدين أو التي ترفع عليه ولو لم يكن هذا الدائن ممثلاً فيها بنفسه ، ولذلك يعتبر طرفاً فيها ويكون له الحق في الطعن فيما يصدر ضد مدينة من أحكام بطرق الطعن العادية وغير العادية ولو لم يكن مختصماً في الدعوى إذ ينوب عنه الدين في هذا الإختصام انظر نقض 1964/12/31 بالمادة 235 فيما تقدم، ولذلك فإن الحكم الصادر ضد المدين يحاج به الدائن.
أما الدائن صاحب التأمين الخاص، رهن أو اختصاص أو امتياز ، فإن المدين لا يمثله في الخصومات التي يكون الأخير طرفاً فيها ، لكن قد يضار من الأحكام التي تصدر ضد المدين ، كالحكم الذي يقضي بأن العقار محل التأمين غير مملوك للمدين، ومن ثم يكون التأمين قابلاً للإبطال ويكون الحكم حجة على الدائن صاحب التأمين ولا يكون له جحد هذه الحجية باعتبار أن المدين لم يمثله في الدعوى وأنه لم يكن طرفاً فيها ، لأن مجال ذلك عندما يدعي هو الملكية لنفسه أما وانه لم يفعل فانه يحاج بالحكم الصادر ضد مدينه ، وقد أجازت له الفقرة الثامنة من المادة 241 من قانون المرافعات ، أن لم يكن قد تدخل في الدعوى أو أدخل فيها ، أن يطعن على الحكم الصادر ضد مدينه بالتماس إعادة النظر بشرط أن يثبت غش مدينه أو تواطئه أو إهماله الجسيم ، ومثال الغش عدم تقديم المدين دلیل ملكيته والتسليم بطلبات الخصم ، ويتوفر الإهمال الجسيم بعدم موالاة إجراءات الخصومة فلا يتمسك بدفع أو بدفاع لصالحه أو يتركها تسقط، ويسرى میعاد هذا الطعن ليس من وقت صدور الحكم وليس من وقت إعلان الدائن به ، وإنما من الوقت الذي يتحقق فيه علمه بالغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم ، وعليه إثبات ذلك بكافة الطرق اذ يعتبر من الغير الى أن ينقضي ميعاد الطعن.
فليس للدائن ، أن يرفع دعوى مبتدئة بعدم نفاذ الحكم في حقه إذ حدد المشرع طرق الطعن في الأحكام وخص كل حالة بالطعن المناسب لها .
أما إن كان الدائن ماثلاً في الدعوى ، كان له أن يدفعها بكل الأوجه المناسبة ، طعناً على التصرف أو على الواقعة المادية التي يتمسك بها خصم مدينه على نحو ما أوضحناه بالشرط الثالث المتعلق بالتصرف فيما تقدم .
وتسري هذه القاعدة بالنسبة لكافة الأحكام عدا الحكم بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة فهذا يجوز الطعن عليه بالدعوى البوليصية بإعتباره عقداً ذلك لأنه يأخذ شكل الأحكام تجاوزاً.
الخصوم في الدعوى البوليصية :
الدعوى البوليصية هي دعوى شخصية ، يجب على الدائن أن يختصم فيها الدين والمتصرف اليه ومن تصرف إليه الأخير إن وجد ، وهكذا وتسرى الشروط المتعلقة بخلف الخلف وفقاً للمادة التالية. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع ، الصفحة : 422)
إذا لم تفلح الطرق الوقائية أو لم يتمكن الدائن من إتخاذها في الوقت المناسب ، فوقع المحظور وتصرف المدين في ماله ، كله أو بعضه ، قصد الإضرار بدائنيه ، فقد تدخل المشرع لرفع الضرر عن الدائنين.
وتصرفات المدين في هذه الحالة أما أن تكون جدية ، وإما أن تكون صورية.
وقد خول المشرع الدائنين الدعوى البوليصة لرفع الضرر عنهم في الحالة الأولى ، ودعوي الصورية في الحالة الثانية تقدم أن تصرفات المدين يتعدى أثرها الى دائنيه من طريق غير مباشر، لأن كل ما ينقص من حقوقه أو يزيد في التزاماته يؤثر بالنقصان في قيمة ما لدائنيه من ضمان عام .
غير أن هذا الأثر غير المباشر لتصرفات المدين مرهون بأن تكون تلك التصرفات حقيقية لا صورية ، وبأن تكون صادرة عنه بحسن نية .
أما أن تصرف المدين بسوء نية ، أي بقصد الإضرار بدائنيه ، فيكون لهؤلاء الحق في أن يطلبوا اعتبارهم من الغير بالنسبة إلى أثر هذه التصرفات حتى لا يضاروا بها ، ويكون ذلك برفعهم الدعوى البوليصة طالبين بها اعتبار تصرفات المدين غير نافذة في حقهم ، ولذا يكون التعبير الصحيح عن هذه الدعوى أنها دعوى عدم نفاذ تصرف المدين المعسر في حق دائنيه لا دعوى إبطال التصرف كما كانت تسمى في ظل التقنين الملغي .
ويبين من ذلك أن هذه الدعوى نتفق مع الدعوى غير المباشرة في أن كلاً منهما تهدف إلى المحافظة على الضمان العام المقرر للدائنين على أموال مدینهم ، ولكنهما تختلفان في أن الدعوى غير المباشرة تعالج موقفاً سلبياً للمدين يخشى منه أن يضر به دائنيه ، فيسمح لهم بتوقى هذا الضرر ، في حين أن الدعوى البوليصة تعالج موقفاً إيجابياً للمدين يلحق الضرر فعلاً بالدائن لو أن هذا سكت عليه ، فيسمح للأخير بدفع هذا الضرر عنه ، ولذلك إعتبرت هذه الدعوى من الوسائل العلاجية لا من الوسائل الوقائية فحسب كما هو شأن الدعوى غير المباشرة ، وبخاصة لأن الدعوى البوليصية يغلب الإلتجاء إليها في أثناء إجراءات التنفيذ أو كمقدمة لهذه الاجراءات ، وهما تختلفان أيضاً في أن الدعوى غير المباشرة يرفعها الدائن بإسم مدينه ويخاصم فيها شخصاً آخر غير مدينه في حين أن الدعوى البوليصة يرفعها بإسمه شخصياً ويخاصم فيها مدينه ومن تعامل مع مدینه .
وإذا كانت دعوى عدم نفاذ التصرف ترفع عادة بدعوى مستقلة ، فمن الجائز رفعها بدعوى فرعية ترفع من المدعى عليه على المدعي في دعوى أصلية ، أو أن تثار كمسألة أولية في دعوى مرفوعة.
ومن المقرر أن الدعوى البوليصة دعوى تكميلية أي أنها لا تقبل من الدائن إلا بعد أن يثبت أن ليس للمدين مال ظاهر - غير المال الذي تصرف فيه المدين - يمكن للدائن أن يستوفي منه حقه.
ويجوز أن تصرف إليه المدين عندما ترفع عليه هذه الدعوى أن يدفع بالتجريد ( تجريد المدين ) ، ولكن التجريد هنا غير التجريد في الكفالة ، ففي الكفالة اذا لم يطلب الكفيل التجريد في أول الدعوى سقط حقه وإذا طلبه فعليه أن يدل الدائن على مال للمدين يستطيع الرجوع عليه خيه وان يقدم المصروفات اللازمة لهذا الرجوع ، أما في الدعوى البوليصة فيجوز لمن تلقى الحق عن المدين أن يطلب تجريد المدين في أية حالة كانت عليها الدعوى ، ولا يطلب منه أن يدل الدائن على مال للمدين ، ولا أن يقدم له مصروفات التجريد ، بل على الدائن أن يثبت إعسار المدين طبقاً لما سيجيء في نبذة 167 ومن ثم خالدين هو الذي يدل على مال عنده يكفي الوفاء دیونه .
تختلف الدعوى البوليصة عن الدعوى غير المباشرة في أنها أقرب إلى إجراءات التنفيذ منها الى إجراءات التحفظ أو الوقاية ، ولذلك له لا يكتفي فيمن يرفعها بأن يكون صاحب حق دائنيه فحسب ، ولو كان حقه غير مستحق الأداء أو كان غير خال من النزاع كما تقدم في شأن الدعوى غير المباشرة ، بل يجب أن يكون حقه قابلاً للتنفيذ به لا ينقصه إلا حصوله على السند التنفيذي ، وهو لا يكون كذلك إلا اذا كان مستحق الأداء ، وهذا ما نصت عليه المادة 237 صراحة ، فيكون له حينئذ حقاً ذاتياً في الطعن في تصرفات مدينة الضارة به ، يستعمله بإسمه شخصياً لا بإسم مدينه كما في الدعوى غير المباشرة.
وبناءً على ذلك لا يجوز للدائن رفع الدعوى البوليصة إذا كان حقه متنازعاً فيه ، أو معلقاً على شرط واقف او على أجل واقف لأنه في هذه الحالات لا يكون حقه مستحق الأداء وبالعكس من ذلك يجوز رفع هذه الدعوى من أي دائن له حق مستحق الأداء ، ولو كان هذا الحق مقترناً بشرط فاسخ أو بأجل فاسخ - ویستوى في ذلك أن يكون الدائن دائناً عادياً أو دائناً مرتهناً أو ممتازاً وأن يكون حقه ناشئاً من عقد او من فعل ضار أو من فعل نافع أو من نص في القانون ، وأن يكون محله إعطاء مبلغ من النقود أو شيء آخر منقول أو عقار أو أداء عمل أو إمتناعاً عن عمل .
ولا يمنع رفع الدعوى البوليصة أن يكون حق الدائن غير مقدر القيمة ما دام خالياً من النزاع ومستحق الأداء كما هو الشأن في حق التعويض الناشئ عن فعل ضار أو عن الإخلال بإلتزام عقدي .
شروط التصرف الذي يجوز الطعن فيه بالدعوى البوليصية :
ويبين من نص المادتين 337 و 238 أنه يشترط في التصرف الذي يجوز الطعن فيه بالدعوى البولية أن يكون (1) تصرفاً مفقراً للمدين ، (2) وضاراً بالدائن ، (3) وصادراً عن تواطؤ بين المدين ومن تعامل معه اذا كان التصرف معاوضة .
الشرط الأول - وجود تصرف مفقر :-
لا بد فيما يطعن فيه الدائن بالدعوى البولية أن يكون تصرفاً ، أي عملاً قانونياً ، سواء أكان هذا التصرف عقداً كالبيع والهبة أم عملاً قانونياً يتم بإرادة واحدة كالإقرار والإجازة والأمراء والوصية - إلخ ، وسواء أكان معاوضة أم تبرعاً .
ولا يتصور الطعن بالدعوى البوليصة في غير التصرفات القانونية كالفعل الضار و الإثراء دون سبب ولو توافرت فيها الشروط الأخرى اللازمة للطعن في التصرفات القانونية .
وأول هذه الشروط هو أن يكون التصرف مفقراً للمدين .
وكان يقصد بهذا الشرط في ظل التقنين الملغى ما يقصد به حتى الآن في القانون الفرنسي ، أي أن يكون التصرف منقصاً حقوق المدين أي أنه أخرج مالاً من أموال المدين من ذمته المالية، أما التصرف الذي يزيد في إلتزامات المدين ، فلم يكن يعتبر مفقراً بهذا المعنى ولم يكن يجوز الطعن فيه بالدعوى البوليصية مع أن أثره في حقوق الدائنين لم يكن يختلف عن حقوق المدين ، فكل منهما ينقص أثر التصرف الذي ينقص الدائنين ويعرضهم لضياع بعض حقوقهم .
ولذلك كان هذا التضييق في معنى التصرف الفقر محل نقد شديد ، مما حدا المشرع المصري عند وضع التقنين الحالي إلى نبذه صراحة ، حيث نص في المادة 237 على أن للدائن أن يطعن بعدم نفاذ تصرف المدين في حقه إذا كان التصرف قد أنقص من حقوق المدين أو زاد في التزاماته ، وبناءً على ذلك تغير معنى التصرف المفقر في التقنين الحالي ، فصار يشمل التصرف الذي يزيد في التزامات الدين كما يشمل التصرف الذي ينقص من حقوقه .
فالبيع والهبة والإبراء والاقتراض و الكفالة و الإقرار بالدين كلها تصرفات مفقرة يجوز الطعن فيها ، والبيع يعتبر كذلك ولو قبض منه المدين ثمناً إذا استطاع أن يخفي الثمن أو أن يسدده بحيث لا يتمكن الدائن من التنفيذ عليه والوفاء - ولو أنه أعطاء مال في مقابل انقضاء دین - يعتبر تصرفاً مفقراً ويجوز الطعن فيه بالدعوى البوليصة لأنه ينقص أموال المدين التي تبقى في الضمان العام لسائر دائنيه ( المادة 242 فقرة ثانية ).
وقد يتبادر إلى الذهن أن التصرفات التي ينزل بها المدين عن فرصة للاغتناء ، سواء أكان الاغتناء من طريق زيادة حقوقه أم من طریق نقص التزاماته ، تعتبر تصرفات مفقرة يجوز الطعن فيها بالدعوى البوليصة لأنها تسلب دائنيه فرصة لاستيفاء حقوقهم كاملة ، غير أنه بإمعان النظر في الأمر يبين أن الغرض من الدعوى البوليصية إعادة الضمان العام للدائنين الى الوضع الذي كان قد بلغه قبل التصرف الذي يراد الطعن فيه ، وهذا يقتضي أن يكون ذلك التصرف قد أخرج من ذمة المدين المالية مالاً سبق إن وجد فيها أو حملها بدين جديد لم يكن قد لزمها من قبل ولا شيء من ذلك في حالة النزول من فرصة للاغتناء ، بل أن لو فرضنا جواز الطعن في هذا النزول ، فإن الحكم بعدم نفاذه في حق الدائن أن يفيد الدائن شیئاً، لأنه لن يترتب عليه تحقق الاغتناء للمدين ولا زيادة في الضمان العام ، وإنما كل ما يترتب عليه أن يعتبر ذلك النزول بالنسبة الى الدائن كأن لم يكن ، فلا يستطيع هذا أن يتخذ إجراءات التنفيذ على المال الذي أتيحت للمدين فرصة كسبه طالما أن هذا لم يكسيه فعلاً ، بل أن الدائن لا يستطيع حتى أن يستعمل حق مدينه في کسب هذا المال من طريق الدعوى غير المباشرة ، لأن هذا الحق هو من قبيل الرخص أو المكنات التي لا يجوز لدائني الشخص أن يستعملوها بالنيابة عنه ، فإذا عرضت على المدين هبة ورفض قبولها ، فإن رفضه إياها لا يكون قابلاً للطعن فيه بالدعوى البوليصة ، لأنه مع التسليم جدلاً بإمكان الحكم بعدم نفاذه في حق الدائنين ، فان ذلك لن يمكن هؤلاء الدائنين من التنفيذ على المال الموهوب ، بل انه لن يمكنهم حتماً من الوصول إلى هذا التنفيذ من طريق الدعوى غير المباشرة أى من طريق هذا التنفيذ من طريق الدعوى غير المباشرة ، أي من طريق استعمال الرخصة التي كانت تخول مدينهم قبول تلك الهبة .
وهناك بعض تصرفات اختلف فيما إذا كانت تعتبر مفقرة بالمعنی المقصود في الدعوى البوليصة أو تعتبر مجرد امتناع عن الاغتناء ، وذلك كالنزول عن تركة أو رد وصية أو النزول عن التمسك بالتقادم المكسب ، والراجح في شأنها أنها تعتبر تطرفات مفقرة ، بل إن المشرع المصري قد ذهب في التقنين المدني الحالي إلى أبعد من ذلك حيث قرر أن النزول عن التمسك بالتقادم المسقط لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضراراً بهم ( المادة 388 فقرة ثانية في نهايتها ) ، ثم مد هذا الحكم الى النزول عن التقادم المكسب بالإحالة عليه في المادة 973 وكما يجوز الطعن فى التصرفات القانونية المفقرة للمدين يجوز كذلك في الأحكام التي تصدر بالتواطؤ بين الدين ومن يتعامل معه ، غیر أنه في هذه الحالة يكون من مصلحة الدائن أن يتدخل في الدعوى حتی يراقب سيرها بدلاً من الاقتصار على إنتظار صدور الحكم ثم الطعن فيه بالتواطؤ ، فإذا لم يتدخل في الوقت المناسب كان له الطعن على الحكم عن طريق التماس إعادة النظر ( المادة 241 مرافعات (12) » وكذلك يجوز للدائن الذي يخشى أن يضار من القسمة التي يباشرها مدينه مع شركائه في المال الشائع أن يتدخل في هذه القسمة ليحول دون تواطؤ مدينه مع شركاء هذا الدين ضد مصلحة دائنيه ، وقد نصت المادة 842 مدني على أن « لدائني كل شريك أن يعارضوا في أن تتم القسمة عينا أو أن يباع المال بالمزاد بغیر تدخلهم ، وتوجه المعارضة الى كل الشركاء ، ويترتب عليها إلزامهم أن يدخلوا من عارض من الدائنين في جميع الإجراءات ، والا كانت القسمة غير نافذة في حقهم ، ويجب على كل حال ادخال الدائنين المقيدة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة ، أما اذا تمت القسمة ، فليس للدائنين الذين لم يتدخلوا فيها أن يطعنوا عليها إلا في حالة الغش ».
الشرط الثاني - كون التصرف ضاراً بالدائن :
لا ترفع الدعوى البولية ضد الدين بل ضد من تلقى الحق من المدين ، وقد اشترطت المادة 237 أن يكون التصرف الذي صدر من المدين و الذي يجوز الطعن فيه ضاراً بالدائن ، وأفصحت عن ماهية الضرر المشار إليه إذ وصفت التصرف المذكور بأنه يجب أن يكون قد ترتب عليه إعسار المدين أو الزيادة في إعساره .
غير أنه إذا كان الظاهر أن التصرف الذي يسبب إعسار المدين يضر بدائنيه ، فإن الحقيقة أنه ليس كل تصرف يسبب إعسار المدين يكون ضاراً بالدائنين ، فقد يتصرف المدين تصرفاً يخرج من ملكه أحد أمواله فيسبب إعساره ولكنه لا يضر دائنيه إذا كان ذلك المال مما لا يجوز الحجز أو التنفيذ عليه ، كما أن التصرف الذي يعتبر ضاراً ببعض الدائنين قد لا يعتبر ضاراً بغيرهم ، ولو أنهم جميعاً يتأثرون منه ، ذلك أن الدائنين السابقة حقوقهم على التصرف الذي يسبب إعسار المدين هم وحدهم الذين لهم أن يتضرروا من ذلك التصرف ، أما الذين نشأت حقوقهم بعد التصرف المذكور وبعد أن ساءت حال المدين المالية فليس لهم أن يتضرروا من ذلك التصرف لأنه لم يزد مركز هم سوءا عما كان عليه يوم نشوء حقهم .
وبناءً على ذلك يشترط في اعتبار تحرف الدين ضاراً بالدائن الذي يريد رفع الدعوى البوليصية ثلاثة شروط هي : (1) أن يكون الحق الذي تم التصرف فيه مفيداً لذلك الدائن ، (2) أن يترتب على التصرف اعسار المدين أو زيادة إعساره ، (3) أن يكون ذلك التصرف تالياً لحق الدائن .
وإذا كان من تلقى الحق عن المدين قد تصرف فيه بدوره ، فأن ذلك لا يحول دون استعمال الدائن حقه في رفع الدعوى البوليصية للحصول على حكم بعدم نفاذ كلا التصرفين في حقه .
والأصل أنه اذا كان تصرف المدين غير نافذ في حق دائنيه ، فإن الحق المتصرف فيه يعتبر - بالنسبة الى دائنيه - أنه لم ينتقل إلى الحلف ، وبالتالي يكون تصرف الخلف عاجزاً عن أن ينقل هذا الحق إلى خلف الخلف نقلاً نافذاً في حق هؤلاء الدائنين ، لأن الشخص لا يستطيع أن يدلي الى غيره بأكثر مما يملك ، فكان يجب بناءً على ذلك الإكتفاء بالوقوف عند التصرف الأول الصادر من المدين ، فإن كان نافذاً في حق دائنيه اعتبرت تصرفات الخلف أيضاً نافذة بالتبعية دون أي بحث خاص بها ، والعكس بالعكس تطبيقاً لقاعدة أن فاقد الشيء لا يعطيه وأن المتصرف لا يستطيع أن يدلى إلى غيره بأكثر مما يملك .
غير أن المشرع خرج على هذا الأصل فيما يتعلق بالدعوى البوليصة ، نزولاً على مقتضيات العدالة وعلى تقاليد هذه الدعوى ، نص في المادة 238 فقرة ثالثة على أنه « إذا كان الخلف الذي انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه بعوض إلى خلف آخر ، فلا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم غش المدين وعلم الخلف الأول ، بهذا الغش اذا كان المدين قد تصرف اليه بعوض أو كان الخلف الثاني يعلم إعسار المدين وقت تصرفه للخلف الأول ان كان هذا المدين قد تصرف له تبرعاً» .
ويبين من ذلك أن المشرع ، بدلاً من أن ينظر أولاً الى تصرف المدين وأن يرتب على حكمه حكم تصرف الخلف ، نظر إلى هذا التصرف الأخير بصفة أصلية ثم قرر شروط نفاذه أو عدمه وهي تختلف عما توجبه القواعد العامة .
ويلاحظ أن المشرع قد اقتصر في هذا النص على بيان حكم الحالة التي يكون فيها التصرف الثاني معاوضة ، وسكت عن الحالة التي يكون فيها هذا التصرف تبرعاً ، ويرجع ذلك إلى أنه ترك حكم هذه الحالة الأخيرة للقواعد العامة ، ونص على الحالة الأولى لأنه أراد أن يضع لها حكماً يخالف تلك القواعد العامة .
ولنبدأ أولاً بالحالة التي تركها المشرع للقواعد العامة حتى نتبين حكمها وفقاً تلك القواعد ، ثم نعرض ما نص عليه المشرع لنتبين حكمه ومدى خروجه على القواعد العامة.
(أ) إذا كان التصرف الثاني تبرعاً ، فإما أن يكون التصرف السابق الصادر من المدين تبرعاً أيضاً ، وإما أن يكون معاوضة .
1 - ففي الأولى تقضى القواعد العامة التي تقدمت في شأن عدم نفاذ تصرفات المدين بأن يكون تصرف الدين غير نافذ في حق الدائن ولو كان كل من المدين والمتبرع إليه الأول حسني النية ، أي دون حاجة بالدائن إالى أن يثبت غش أحدهما ، ومتى كان التبرع الأول غير نافذ في حق دائني المتبرع ، فان قاعدة « أن المتصرف لا يستطيع أن يدلي اني غيره بأكثر مما يملك » تجعل التصرف الثاني أيضاً بالتبعية غير نافذ في حق الدائنين دون حاجة بهؤلاء الى أن يثبتوا غش أحد ، وقد أقر المشرع هذا الحكم الذي تؤدي إليه القواعد العامة بعدم النص على ما يخالفه .
2 - وفي الثانية تقضي القواعد العامة للدعوى البوليصية بأن تصرف الدين يكون نافذاً في حق دائنيه ما لم يتوافر الغش في جانب كل من المدين والمتصرف إليه الأول ، ويعتبر الغش متوافراً في جانبهما بمجرد علم الدين بإعساره وعلم المتصرف إليه بذلك أيضاً ، فإذا توافر هذا الشرط وترتب عليه عدم نفاذ التصرف الأول في حق دائني المتصرف ، فإن قاعدة « أن المتصرف لا يستطيع أن يدلي إلى غيره بأكثر مما يملك » تجعل التصرف الثاني وهو التبرع غير نافذ أيضاً في حق الدائنين بالتبعية ودون حاجة بهؤلاء الى أن يثبتوا سوء نية المتبرع إليه أو علمه بعدم نفاذ التصرف الأول ، وقد أقر المشرع هذا الحكم أيضاً بعدم التصرف على ما يخالفه ، أما إذا لم يتوافر الشرط المذكور : فإن التصرفين : المعاوضة والتبرع ينفذان كلاهما في حق الدائنين .
(ب) وإذا كان التصرف الثاني معاوضة ، فإما أن يكون التصرف السابق معاوضة أيضاً ، وإما أن يكون تبرعاً.
1 - وفي الأولى تقضي القواعد العامة الدعوى البوليصية باشتراط الغش في جانب المدين والمتصرف إليه حتى يعتبر التصرف الأول غير نافذ في حق الدائنين ، فإذا توافر هذا الشرط فان قاعدة « أن المتصرف لا يستطيع أن يدلي إلى غيره بأكثر مما يملك » تجعل التصرف الثاني أيضاً غير نافذ في حق الدائنين بالتبعية ودون حاجة بهؤلاء الى أن يثبتوا غش المتصرف إليه الثاني ، ولكن الشرع وازن بين مصلحة الأخير ومصلحة دائني المتصرف الأصلي ، ورأى أن مصلحة المتصرف إليه الثاني أولى بالرعاية إذا كان حسن النية ، فلم يكتف في عدم نفاذ التصرف الصادر إليه في حق الدائنين بتوافر الغش في جانب كل من الدين و المتصرف اليه الأول ، بل اشترط فوق ذلك غش المتصرف إليه القانی ، ولكنه سهل إثبات هذا الغش بأن اعتبر علم الأخير بغش المدين ويعلم المتصرف ، إليه الأول بهذا الغش قرينة على توافر الغش في جانبه هو ، وهذا ما دعاه إلى النص في المادة 238 فقرة ثالثة على أنه « إذا كان الخلق الذي انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه بعوض الى خلف آخر ، فلا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم غش المدين وعلم الخلف الأول بهذا الغش».
2 - وفي الثانية تقضي القواعد العامة للدعوى البوليصة بأن تبرع المدين يكون غير نافذ في حق دائنيه دون حاجة الأخيرين إلى إثبات غش أحد وتقضى قاعدة « أن المتصرف لا يستطيع أن يدلي الى غيره أكثر مما يملك » بعدم نفاذ التصرف الثاني أيضاً في حق الدائنين بالتبعية ودون حاجة بالأخيرين إلى أن يثبتوا غش أحد ، ولكن المشرع وازن بين مصلحة المتصرف إليه الثاني الذي تلقى الحق بعوض ومصلحة دائني المتصرف الأول ، ورأى أن مصلحة ذاك أولى بالرعاية إذا لم يكن سيء النية لأنه بذل ثمناً في مقابل الحق الذي تلقاه ، فلم يكتف في عدم نفاذ التصرف الثاني في حق الدائنين بمجرد عدم نفاذ التصرف الأول في حقهم ، بل اشترط فوق ذلك علم المتصرف إليه الثاني بإعسار المدين وقت تصرفه للخلف الأول ، ولأن هذا الشرط لا تقضى به القواعد العامة التي تقدمت الاشارة إليها ، اضطر المشرع أن ينص عليه في نهاية المادة 238 فقرة ثالثة بقوله أنه «لا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا ... كان الخلف الثاني يعلم إعسار المدين وقت تصرفه للخلف الأول ان كان هذا المدين قد تصرف له تبرعاً».
وقصارى القول فيما يتعلق بعدم نفاذ التصرف الصادر إلى خلف الخلف في حق دائني المدين أنه :
1 - إذا كان التصرفان الأول والثاني تبرعين ، فإنهما يكونان غير نافذين في حق دائني المتصرف الأول دون قید و شرط .
2 - إذا كان التصرف الأول معارضة والثاني تبرعاً ، فإنهما يكونان غير نافذين معاً في حق الدائنين بشرط توافر الغش في جانب المدين والخلف فقط دون حاجة الى توافره في جانب خلف الخلف .
3 - إذا كان التصرفان معاوضة ، فلا يحكم بعدم نفاذهما في حق الدائنين إلا إذا توافر الغش في جانب كل من المدين والخلف وخلف الخلف .
4 - وإذا كان التصرف الأول تبرعاً والثاني معاوضة ، فيشترط في عدم نفاذ المعاوضة في حق الدائنين توافر الغش في جانب خلف الخلف ويكتفي بهذا الشرط دون حاجة إلى توافر الغش في جانب المدين أو في جانب المتصرف إليه الأول .
وإن كان الطعن بالدعوى البوليصة يتضمن الإقرار بجدية التصرف والطعن بالصورية يتضمن إنكار التصرف مما يقتضي البدء بالطعن بالصورية ، فقد قضت محكمة النقض بأنه ليس ثمة ما يمنع من إبداء الطعنين معاً ، إذا كان الدائن يهدف بهما الى عدم نفاذ تحرف الدين في حقه ، وقالت في حكمها الصادر بتاريخ 29 أبريل 1974 في الطعن رقم 275 لسنة 39 ق أنه لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الدرجة الأولى أنها تمسكت بالدعويين معاً ، إذا طلبت الحكم بعدم نفاذ عقد البيع المبادر الى الطاعنة من مورث باقي المطعون ضدهم تأسيساً على انها دائنة له وان العقد صوري محض وقصد به تهريب أمواله ، وعلى فرض أنه جدی فإنه إنما عقد الأضرار بحقوقها كدائنة وتنطبق عليه شروط المادتين 337 و 238 مدنی ، ولما استأنفت تمسكت بدفاعها المتقدم ذكره ، وبالتالي فان طلب الصورية كان معروضاً على محكمة الدرجة الأولى ، و اغفالها الفصل فيه لا يجعله طلباً جديداً أمام محكمة الاستئناف. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس ، الصفحة : 271)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 240)
لكل دائن أصبح حقه مستحق الأداء ، وصدر من مدينه تصرف ضار به ، أن يطلب عدم نفاذ هذا التصرف في حقه ، اذا كان التصرف قد انقص من حقوق المدين او زاد في التزاماته وترتب عليه اعسار المدين او الزيادة في اعساره ، وذلك متى توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة التالية.
واسس دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين الضارة في حق دائنيه قائمة في الفقه المالكي ، ففي هذا الفقه تتقيد تصرفات المدين الذي أحاط الدین بماله حتى قبل الحجر . فلا تسري في حق دائنية تصرفاته الضارة بهم التي صدرت منه قبل أن يحجر عليه الحاكم ، ويجب لذلك توافر الشروط الآتية .
اولا : أن یکون الدین قد أحاط الدين بماله وذلك بأن تكون دیونه ، الحالة منها والمؤجلة ، أزيد من ماله أو مساوية له ( الخرشی ج5 ص 263 ، حاشية الدسوقی ج ۳ ص 262 و 263)
ثانيا : أن يكون المدين عالماً وقت التصرف بأن الدین محیط بماله ( الحطاب ج 5 ص 35 )
ثالثا : أن يكون التصرف الصادر من المدين ضاراً بحقوق الدائنين . فلا يسري في حقهم اذا كان تصرفاً مفقراً يجرد المدين من ماله دون مقابل ويكون سببا في اعسار المدين أو في زيادة اعساره ( حاشية الدسوقی ج ۳ ص 262 - 264 الحرشی ج 5 ص 263 و 264 و 265 )۰ ( عبد الرزاق السنهوری ، مصادر الحق في الفقه الاسلامی به ص 181- 192 )