loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني ، الصفحة : 617

مذكرة المشروع التمهيدي : 

1 - يشترط لمباشرة الدعوى البوليصية أن يكون المدين قد عقد ( تصرفاً قانونياً) إصراراً بحقوق دائنيه ويتحقق معنى الإضرار ، متى استتبع التصرف إعسار المدين أو الزيادة في إعساره ، ويكون ذلك إما بإنقاص ما لهذا المدين من حقوق ، وهو ما يقصد بالإفقار وفقاً للتصوير التقليدي ، وإما بزيادة التزاماته ، وهو ما استحدث المشروع في هذا الشأن ، وتوجيهه جد يسير وعلى هذا النحو لا يقتصر حق الدائن على الطعن فيما يصدر عن المدين من أعمال التصرف (كالبيع والهبة) بل يجاوز ذلك إلى ما يعقد من التزامات تزيد في ديونه ، دون أن تنقص من حقوقه والواقع أن أثر هذه الالتزامات ، من حيث الإضرار بحقوق الدائنين ، لا يختلف في شيء عن أثر أعمال التصرف وقد بسطت المادة 322 من المشروع في نطاق مدلول «التصرف القانوني» في حالتين ، لا يزال الشك يكتنف حكمهما في ظل القواعد الراهنة ، وبذلك بوأتهما مكانهما في النصوص، وسدت ذرائع الخلاف فيراعي من ناحية أن هذه المادة أجازت الطعن في الوفاء، متى كفل التقدم لأحد الدائنين دون حق مع أنه تصرف قانوني لا يترتب عليه إعسار المدين أو ازدیاد هذا الإعسار، فإذا كان الوفاء حاصلاً قبل حلول الأجل، فهو والتبرع بمنزلة سواء أما إذا كان حاصلاً عند حلول الأجل، فيشترط توافر التواطؤ بين الدائن والمدين، ويراعي من ناحية أخرى أن المدين إذا لم يقم بالوفاء، بل كفل لأحد دائنيه، دون حق، سبباً من أسباب التقدم على الباقين ، بأن رهن له مثلاً مالاً من أمواله رهناً رسمياً أو رهن حيازة ، فتصرفه على هذا الوجه یكون قابلاً للطعن، وفقاً لأحكام النص، شأنه في ذلك بشأن الوفاء، باعتبار وحدة الغاية من كل منهما وقد يكون مثل هذا التصرف من قبيل المعارضات أو التبرعات، تبعاً لما إذا كان الدائن قد أدى مقابلاً لإستنجازه، أو تم له ذلك دون مقابل ، ويجب في الحالة الأولى توافر التواطؤ بين المدين والدائن .

2 - ويشترط فيمن يباشر الدعوى البوليصية أن يكون دينه مستحق الأداء ، لأن هذه الدعوى ليست مجرد إجراء تحفظي وهي ليست كذلك إجراءً تنفيذياً ، وإنما هي من مقدمات التنفيذ وممهداته ، وقد يقع أن يليها التنفيذ مباشرة ، ولهذا ينبغي أن يكون الدين الذي تباشر بمقتضاه مستحق الأداء ويشترط فوق ذلك أن يكون هذا الدين سابقاً على التصرف الذي يطعن فيه ، إذ هذا الوضع يصح أن يتصور أن ضرراً يصيب الدائن ، أو أن غشاً يقع من المدين ومع ذلك فيجوز أن تباشر الدعوى البوليصية بمقتضى دين لاحق للتصرف ، متى كان هذا التصرف قد عقد، على وجه التخصيص والإفراد ، للإضرار بالدائن والعبث بحقوقه ، وقد كان في الوسع أن يشترط ثبوت تاريخ الدين ، لإقامة الدليل على تقدمه على التصرف ، بيد أن المشروع آثر إغفال اشتراط ثبوت التاريخ اقتداء بالمشروع الفرنسي الإيطالى ، ولا سيما أن القضاء المصري قد جرى على ذلك (استئناف مصر 12 مايو سنة 1898 حقوق 13 ص 192، و 4 فبراير سنة 1902 مج ر 3 ص 248 رقم 94 ) والواقع أن الدائن يفاجأ في أغلب الأحيان بالتصرف الضار ، دون أن يكون قد احتاط من قبل لإثبات تاريخ سند الدين ، ولكن من المسلم أن عبر إقامة الدليل على تقدم الدين، بطرق الإثبات كافة يقع على عاتق الدائن.

3 - وليس يكفى إعسار المدين بمجرده في جميع الأحوال ، فإذا كان التصرف بمقابل وجب أن يتوافر، فضلاً عن ذلك، تواطؤ المدين وخلفه وإذا صدر تصرف ثان من هذا الحلف وجب توافر التواطؤ بينه و بين خلفه، أما إذا كان التصرف تبرعاً فلا حاجة فيه إلى التواطؤ، فهو لا ينفذ في حق الدائن، ولو كان المتبرع له حسن النية، بل ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشاً ، وهذه هي القاعدة المقررة في نصوص التقنين الحالي في المادة 143/ 204 ) على خلاف ما يقضي به التقنين الفرنسي ( المادة 1167).

4 - ولعل أمر الإثبات من أشق ما يصادف الدائن في الدعوى البوليصية، سواء في ذلك إثبات إعسار المدين أم إثبات التواطؤ بينه وبين من يخلفه وقد وضع المشروع قاعدتين لتيسير مهمة الدائن في هذا الصدد : (أ) فاجتزأ من الدائن في إثبات إعسار مدينه بإقامة الدليل على مقدار ما في ذمته من ديون فمتى أقام هذا الدليل ، كان على المدين أن يثبت أن له مالاً يعادل قيمة هذه الديون على الأقل . 

(ب) ثم إنه جعل من مجرد علم الدين بإعساره قرينة على توافر الغش من ناحية ، واعتبر من صدر له التصرف عالماً بهذا الغش، إذا كان قد علم بذاك الإعسار أو كان ينبغي أن يعلم به، من ناحية أخرى .

ويراعى أن حسن النية يفترض فيما يعقد من التصرفات العادية التي تقتضيها صيانة تجارة المدين أو زراعته أوصناعته ، فمثل هذه التصرفات تقع صحيحة وتكون بهذه المثابة بمأمن من الطعن ( أنظر المادة 112 من التقنين البرازيلي).

5 - وقد أن المشروع فيما يتعلق بآثار الدعوى البوليصية بأهم ما استحدث من الأحكام في هذا الشأن فمن المعلوم أن هذه الدعوى لا تفيد ، وفقاً لأحكام التقنين الحالى، والتقاليد اللاتينية، إلا من يباشرها من الدائنين أما نصوص المشروع فتصرف نفعها إلى جميع الدائنين المتقدمة ديونهم على التصرف، ولو كانت هذه الديون قد أصبحت مستحقة الأداء، من جراء إعسار المدين، وهي بوضعها هذا دعوى جماعية لا فردية ، على أن وجاهة هذا النظر لا تقتصر على مراعاة ما هو ملحوظ في أن عدم نفاذ التصرف لا يتجزأ من الناحية النظرية، بل تجاوز ذلك، بوجه خاص، إلى تحامی ما يؤخذ على هذه الدعوى في صورتها الفردية من مجافاة للعدالة، ولذلك عنت الحاجة من عهد غير قريب، إلى إصلاح الأحكام المتعلقة بآثارها إصلاحاً ينتهي بها إلى تلك الصورة الجماعية ( أنظر المادة 1044 من التقنين البرتغالى، والمادة 113 من التقنين البرازيلى ) .

ولما كانت الدعوى البوليصية دعوی اقتصار أو عدم نفاذ فهي لا تمس صحة التصرف المطعون فيه، ومؤدى ذلك أن مثل هذا التصرف يظل صحيحاً منتجاً لجميع آثاره، وكل ما هنالك أنه يصبح غير نافذ في حق الدائنين، بالقدر اللازم لحماية حقوقهم دون إفراط أو تفريط .

6 - ولقد تكفلت المواد 320 و 321 و 323 من المشروع ببيان أسباب سقوط الدعوى البوليصية، وهي مستقاة من التقنين البرتغالى (المادة 1040) والتقنين البولوني (المادة 291) والتقنين البرازيلى (المادة 108) والتقنين الصيني (المادة 245)، فإذا استوفي مباشر هذه الدعوى حقه من المدين، أو من المتصرف له ، أو إذا ظهرت أموال تكفي للوفاء بهذا الحق، وهو ما يعادل الوفاء حكماً، انتفت مصلحته في المضي في دعواه، وسقط حقه فيها تفريعاً على ذلك ولمن صدر له التصرف أن يقيم الدليل على حسن نيته بإيداع ثمن ما آل إليه بمقتضى التصرف، متى كان هذا الثمن قريباً من ثمن المثل، وبذلك يتقى آثار الطعن وتسقط الدعوى، و أخيراً نص على تقادم هذه الدعوى بإنقضاء سنة يبدأ سريانها من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف، أو بإنقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه، ويراعى أن للدائنين الأخر أن يتمسكوا بهذا التقادم الحولي قبل الدائن الطاعن.

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 317 من المشروع وبعد المناقشة رأت اللجنة أن تحذف عبارة ، أو كان ينبغي أن يعلم ذلك ، الواردة في آخر الفقرة الأولى وأن تدخل بعض تعديلات لفظية وأصبح النص النهائى للمادة هو الآتي :

(1) إذا كان تصرف المدين بعوض اشترط لعدم نفاذه في حق الدائن أن يكون منطوياً على غش من المدين وأن يكون من صدر له التصرف على علم بهذا الغش ، و يكفي لاعتبار التصرف منطوياً على الغش أن يصدر من المدين وهو عالم أنه معسر ما يعتبر من صدر له التطرف عالماً بغش المدين إذا كان قد علم أن هذا المدين معسر .

(2) أما إذا كان التصرف تبرعاً فإنه لا ينفذ في حق الدائن حتى لو كان من صدر له التبرع حسن النية ، وحتى ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشاً .

(3) وإذا كان الخلف الذي انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه بعوض إلى خلف آخر ، فلا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم غش المدين عند تصرفه للخلف الأول إن كان المدين قد تصرف بعوض ، أو كان هذا الخلف الثاني يعلم إعسار المدين وقت تصرفه للخلف الأول إن كان المدين قد تصرف له تبرعها.

وقدمت في المشروع النهائي تحت رقم 245 مع استبدال عبارة ، أن يكون قد صدر من المدين ، بعبارة أن يصدر من المدين، في الفقرة الأولى ـ واستبدال عبارة ولو كان من صدر له التبرع، بعبارة حتى لو كان من صدر له التبرع ، في الفقرة الثانية .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 245.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثالثة والعشرين

تليت المادة 245 فوافقت عليها اللجنة مع حذف كلة وحتى ، الواردة في الفقرة الثانية منها وعبارة ، عند تصرفه للخلف الأول ، الواردة في الفقرة الثالثة واستبدلت بها عبارة ، وعلم الخلف الأول بهذا الغش ، وسبب ذلك هو أن يكون عالماً بالعيب الوارد على شتى التصرف .

تقرير اللجنة :

عدلت الفقرة الثالثة بأن استعيض عن عبارة , إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم غش المدين عند تصرفه للخلف الأول ، بعبارة , إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم غش الدين و على الخلف الأول بهذا الغش ، وهذا الإيضاح لا يكون عقد الخلف الثاني معرضاً للطعن إلا إذا كان عالما بعيب التصرف الأول من جهة المدين والخلف الأول.

وأصبح رقم المادة 238

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.

الأحكام

1- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إتخذ من مجرد قيام المطعون ضده بإجراءات تنفيذ الحكم الصادر له ضد الطاعن بحجز ما للمدين لدى الغير وبالحجز على منقولات الطاعن شخصياً ومن عدم إثباته - كحارس قضائي على أموال نقابة المحامين - أن لدى النقابة أموالا كافية للوفاء بدين المطعون ضده دليلاً على عدم كفاية هذه الأموال ، ورتب على ذلك قضاءه بشهر الإعسار دون أن يستظهر أن ما تم الحجز عليه هو كل ما للطاعن بصفته من أموال ، ودون أن يورد الأسباب التي استند عليها فى عدم ثبوت كفاية أموال النقابة للوفاء بدين المطعون ضده ويكشف عما إذا كانت المحكمة قد تنبهت لظروف عامة أو خاصة تكون قد صاحبت الطاعن إبان إعساره وأثرت فى حالته المالية من عدمه الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تكييف الوقائع وإنزال حكم القانون عليها وهو ما يعيب الحكم .

(الطعن رقم 3563 لسنة 69 جلسة 2000/05/28 س 51 ع 2 ص 733 ق 136)

2- تقدير الدليل على التواطؤ والعلم بإعسار المدين هو من المسائل الموضوعية التى تدخل فى سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بعدم نفاذ البيع المحررعنه العقد الإبتدائى المؤرخ 1952/1/22 على ما إستخلصه من مستندات المطعون ضده الأول وأقوال شهوده التى إطمأن إليها من أن تاريخ نشأة دينه سابق على التصرف المطعون فيه وبتوافر الغش لدى كل من الطاعنين ومورثهما المدين وعلمها بإعسارالأخير وقت صدورالتصرف لمعرفتهما بظروفه المالية لرابطة الزوجية التى تسمح لهما بذلك وأن مورثهما لم يقصد من تصرفه سوى الإضرار بحقوق دائنه وإذ كان ما أورده الحكم فى هذا الصدد سائغاً وله أصل ثابت فى الأوراق ويؤدى إلى النتيجة التى إنتهى إليها فإن ما تثيره الطاعنتان فى هذين السببين لايعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض  

(الطعن رقم 2136 لسنة 50 جلسة 1984/05/08 س 35 ع 1 ص 1213 ق 232)

3- المقرر وفقاً لما تقضى به المواد 237 و 238 و 239 من القانون المدنى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يشترط فى حق الدائن الذى يستعمل دعوى عدم نفاذ التصرف أن يكون دينه حال الأداء وسابقاً فى نشوئه على صدور التصرف المطعون فيه والعبرة فى ذلك بتاريخ نشوء حق الدائن لا بتاريخ إستحقاقه ولا بتاريخ تعيين مقداره والفصل فيما يثور بشأنه من نزاع وأن يثبت الدائن التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه على الإضرار بحقوقه ويكفى لإعتبار الغش متوافراً أن يثبت علم كل من المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت صدور التصرف المطعون فيه وإذا إدعى الدائن إعسار المدين فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما فى ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين نفسه أن يثبت له ما لا يساوى قيمة الديون أويزيد عليها ويكون ذلك أيضاً للمتصرف إليهم لا دفعاً منهم بالتجريد بل إثباتاً لتخلف شروط الدعوى المذكورة .

(الطعن رقم 2136 لسنة 50 جلسة 1984/05/08 س 35 ع 1 ص 1213 ق 232)

4- لما كان الأمرموضوع النزاع قد صدرمن مأمور التفليسة فى شأن يخرج عن حدود إختصاصه فإن مؤدى ذلك أنه كان يتعين على الطاعن بصفته وكيلاً للدائنين أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بإبطال التصرف الصادر من الشركة المفلسة إلى المطعون ضدها الثانية وإذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن هذا التصرف قد تم قبل فترة الريبة فإن دعوى إبطاله لا تعتبرمن الدعاوى الناشئة عن التفليسة إذ لاتستند إلى تطبيق أحكام تتعلق بالإفلاس ومن ثم لاتختص بنظرها محكمة الإفلاس وإنما يكون الطعن فى مثل هذا التصرف الحاصل قبل فترة الريبة وفقاً للقواعد العامة عن طريق الدعوى البوليصية 

(الطعن رقم 1648 لسنة 48 جلسة 1983/05/30 س 34 ع 2 ص 1330 ق 261)

5- البين من نص المادة 238 من القانون المدنى أنه إذا كان التصرف الصادر من المدين معاوضة وجب أن يكون منطوياً على غش من المدين ويراد بالغش الإضرار بحقوق الدائن وعلى الدائن أن يثبت أن المدين وقت أن صدر منه البيع كان يعلم أن هذا البيع بسبب إعساره أويزيد فى إعساره أن من صدر له التصرف يعلم ذلك أيضا ويستطيع أن يستخلص هذا العلم من بعض القرائن القضائية التى تقدم فى الدعوى وإذا أثبت الدائن علم المدين بإعساره وأنه من صدر له التصرف يعلم ذلك أيضاً كان هذا قرينة على غش المدين وغش من صدر له التصرف وإن كانت غير قاطعة ، وما دام لم يثبت أى منهما أنه لم تكن عنده نية الإضرار بالدائن فرض الغش من جانبهما وإستنتاج وجود الغش أى التواطؤ  بين البائع والمشترى من ظروف الدعوى ووقائعها هو مسألة موضوعية تنحسر عنها رقابة محكمة النقض ما دام إستخلاص محكمة الموضوع له سائغاً وله أصله الثابت فى الأوراق و يؤدى إلى النتيجة التى إنتهت إليها .

(الطعن رقم 61 لسنة 49 جلسة 1982/05/13 س 33 ع 1 ص 508 ق 92)

6- النص فى المادة 238 من التقنين المدني على أن المشرع اشترط لعدم نفاذ التصرف بعوض أن يثبت الدائن التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه على الإضرار بحقوق الدائن لأن الغش من الجانبين هو من الأركان الواجب قيام دعوى عدم نفاذ التصرفات عليها ويكفي لإعتبار الغش متوافراً أن يثبت علم كل من المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت صدور التصرف المطعون فيه.

(الطعن رقم 492 لسنة 46 جلسة 1978/05/08 س 29 ع 1 ص 1185 ق 233)

7- الحكم الصادر برسو المزاد ليس حكما بالمعنى المفهوم للأحكام الفاصلة فى الخصومات ، وإنما هو عقد بيع ينعقد جبراً بين مالك العقار المنفذ عليه وبين المشترى الذى تم إيقاع البيع عليه  ومن ثم فإنه يترتب على صدور حكم مرسى المزاد وتسجيله الآثار التى تترتب على عقد البيع الإختيارى وتسجيله فهو لايحمى المشترى من دعاوى الفسخ والإلغاء والإبطال وبالتالى يجوز للدائن طلب عدم نفاذها فى حقه بالدعاوى البوليصية وفق المادتين 237 ، 238 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 671 لسنة 41 جلسة 1976/03/03 س 27 ع 1 ص 541 ق 110)

8- إستيفاء الحوالة لشروط نفاذها فى حق المدين أو فى حق الغير بقبولها من المدين أو إعلانه بها طبقاً للمادة 305 من القانون المدنى لا يمنع من الطعن عليها بالدعوى البوليصية المنصوص عليها فى المادتين 237 و 238 من القانون المدنى متى توافرت شروطها و ذلك لإختلاف موضوع و نطاق كل من الدعويين .

(الطعن رقم 137 لسنة 41 جلسة 1975/12/08 س 26 ص 1580 ق 297)

9- أنه و إن كان الطعن بالدعوى البوليصية يتضمن الإقرار بجدية التصرف والطعن بالصورية يتضمن إنكار التصرف مما يقتضى البدء بالطعن بالصورية إلاأنه ليس ثمة ما يمنع من إبداء الطعنين معاً إذا كان الدائن يهدف بهما إلى عدم نفاذ تصرف المدين فى حقه لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الدرجة الأولى أنها تمسكت بالدعوييون معاً إذ طلبت الحكم بعدم نفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعنة من مورث باقى المطعون ضدهم تأسيساً على أنها دائنة له وأن العقد صورى محض وقصد به تهريب أمواله وعلى فرض أنه جدى فإنه إنما عقد للإضرار بحقوقها كدائنة وتنطبق عليه شروط المادتين 237 ، 238 من القانون المدنى ولما استأنفت تمسكت بدفاعها المتقدم ذكره وبالتالى فإن طلب الصورية كان معروضاً على محكمة الدرجة الأولى وإغفالها الفصل فايه لا يجعله طلباً جديداً أمام محكمة الإستئناف .

(الطعن رقم 275 لسنة 39 جلسة 1974/04/29 س 25 ع 1 ص 773 ق 127)

10- مفاد نص المادتين 237 ، 1/238 من القانون المدنى أن الغش الواقع من المدين وحده فى عقود المعاوضات لا يكفى لعدم نفاذ تصرفه فى حق الدائن بل يجب على الدائن إثبات التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه على الإضرار بحقوق الدائن لأن الغش من الجانبين هو من الأركان الواجب قيام دعوى عدم نفاذ التصرفات عليها وأن يثبت أن الغش موجود وقت صدور التصرف المطعون فيه وإذ كان يبين مما قرره الحكم المطعون فيه وأسس عليه قضاءه أنه إستخلص من أقوال الشهود والقرائن التى أوردها أن المتصرف إليه مشترى العقار لم يكن يعلم أن التصرف يؤدى إلى إعسارالبائع ورتب على ذلك عدم توافر الغش فى جانب المتصرف إليه بما ينتفى معه أحد أركان دعوى عدم نفاذ التصرف فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .

(الطعن رقم 187 لسنة 39 جلسة 1973/12/04 س 24 ع 3 ص 1213ق 211)

11- مفاد نص المادة 237 ، 1/238 من القانون المدنى أن الغش الواقع من المدين وحده فى عقود المعاوضات لا يكفى لإبطال تصرفه ، بل يجب إثبات التواطؤ بينه وبين المتصرف له على الإضرار بحقوق الدائن ، لأن الغش من الجانبين هو من الأركان الواجب قيام دعوى عدم نفاذ التصرفات عليها ، وأن يثبت أن الغش موجود وقت صدور التصرف المطعون فيه . وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن الطاعن اشترى العقارموضوع الدعوى ، وثبت فى عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الثانى أن العين المبيعة محملة برهن رسمى للمطعون عليها الأولى ضمانا لدينها قبل المطعون عليه الثانى البائع ، وأن هذا الرهن سابق فى القيد على تسجيل عقد شراء الطاعن ، واستخلص الحكم من شهادة شاهدى المطعون عليها الأولى فى هذا الخصوص ، ومما شهد به الطاعن من أنه احتجز جزءا من الثمن لوجود الرهن ، قيام التواطؤ بين المطعون عليه الثانى وبين الطاعن تأسيسا على أن هذا الأخير كان يعلم أن التصرف يؤدى إلى اعسار المطعون عليه الثانى ، مع أن الثابت من الحكم أن الطاعن أقبل على الشراء وهو على بينة من الدين ومن الرهن المقيد على العين المبيعة ضمانا لهذا الدين والذى يخول للمطعون عليها الأولى تتبع العقار فى أى يد تكون، ثم رتب الحكم على ذلك قضاءه بعدم نفاذ العقد الصادر من المطعون عليه الثانى للطاعن ، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون و الفساد فى الاستدلال .

(الطعن رقم 384 لسنة 36 جلسة 1971/04/27 س 22 ع 2 ص 565 ق 89)

12- يشترط للحكم ببطلان تصرف المدين المفلس على مقتضى نص المادة 228 من قانون التجارة أن يقع التصرف على أمواله خلال فترة الريبة وأن يعلم المتصرف إليه بإختلال أشغال المدين ، فإذا كان الحكم قد حصل هذه الشروط من وقائع الدعوى الثابتة بأوراقها ومن أقوال الشهود التى إطمأن إليها ومن القرائن التى ساقها بإعتبارها أدلة متساندة ومؤديه فى مجموعها إلى ما إنتهى إليه من أن بيع المنقولات - الصادر من المفلس - وقع صوريا بالتواطؤ بين المفلس والمتصرف إليه لإبعادها عن جماعة الدائنين ، وبالتالى إلى إبطال تصرف المفلس وإعتبارها من موجودات التفليسة فإن الحكم لا يكون قد شابه قصور .

(الطعن رقم 147 لسنة 35 جلسة 1969/04/01 س 20 ع 2 ص 550 ق 88)

13- مفاد نص الفقرة الثالثة من المادة 238 من القانون المدنى أن الخلف - الذى تصرف له المدين بعقد معاوضة - إذا ما تصرف بدوره إلى خلف آخر بعقد معاوضة ، فإن على الدائن الذى يطلب عدم نفاذ التصرف الأخير فى حقه أن يثبت غش الخلف الثانى وألزمه القانون أن يثبت علم هذا الخلف الأخير بأمرين الأول وقوع غش من المدين وهو أن التصرف منه ترتب عليه إعساره أو زيادة إعساره والثانى وهو علم الخلف الأول بغش المدين .

(الطعن رقم 380 لسنة 34 جلسة 1968/10/29 س 19 ع 3 ص 1282 ق 193)

14- إذا كان طلب عدم نفاذ التصرف (الدعوى البوليصية) منصباً على التصرف بأكمله قرضاً ورهناً بإعتباره تصرفاً أجراه المدين إضراراً بالدائنين وأجابت المحكمة الدائن إلى طلبه فإن قضاءها فى هذا الخصوص - فضلاً عما يترتب عليه من إدخال الحق المتصرف فيه فى الضمان العام للدائنين - من شأنه إخراج الدائن الذي تواطأ مع المدين إضراراً بباقي الدائنين من مجموع هؤلاء الدائنين فلا يشترك معهم فى حصيلة الحق المتصرف فيه عند التنفيذ عليه وليس له أن يقتضي ما له من دين فى ذمة مدينه إلا مما عسى أن يبقى من هذه الحصيلة بعد التنفيذ.

(الطعن رقم 260 لسنة 30 جلسة 1965/06/10 س 16 ع 2 ص 724 ق 115)

15- متى كان الواقع فى الدعوى هو أن طلبات المشترى الذى لم يسجل عقده أمام محكمة الموضوع قد تحددت بصفة أصلية واستقرت على التمسك بطلب إبطال التصرف الصادر من البائع إلى المشترى الذى سجل عقده تأسيسا على المادة 143 من القانون المدنى القديم ، فإن إضافته إلى ذلك طلبا آخر هو الحكم بصحة ونفاذ عقده ليس من شأنه إهدار الطلب الأصلى فى الدعوى وهو إبطال التصرف المؤسس على الدعوى البوليصية وتكون المحكمة إذ اعتبرت الدعوى مفاضلة بين عقدين لمجرد هذه الإضافة وأعملت حكمها على ما بين الطلبين من تفاوت فى الأثر القانونى لكل منهما ودون أن تعرض لبحث طلب إبطال التصرف استقلالا قد خالفت القانون وأخطأت فى تطبيقه

(الطعن رقم 231 لسنة 21 جلسة 1955/06/02 س 6 ع 3 ص 1185 ق 158)

16- التقرير بأن التصرف المطعون فيه بالدعوى البوليصية يترتب عليه ضرر بالدائن أولا يترتب هو تقرير موضوعى . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم نفاذ التصرف موضوع الدعوى فى حق المطعون عليهم الثلاثة الأولين أقام قضاءه على أن لهم فضلاً عن الدين المتخذة إجراءات التنفيذ بسببه دينا آخر مستحق الآداء و صدر به حكم إبتدائى مشمول بالنفاذ الموقت وأن القدر الذى بقى للمدين بعد تصرفه للطاعنات لا يكفى لوفاء جميع ديونه . إذ قرر الحكم ذلك وإستخلص منه إعسار المدين فقد إستند إلى أسباب مسوغه لقضائه ولم يخطىء فى تطبيق القانون ما دام قد تبين للمحكمة أن الدين الذى أدخلته فى تقديرها لإعسار المدين هو دين جدى مستحق الآداء .

(الطعن رقم 72 لسنة 20 جلسة 1952/02/14 س 3 ع 2 ص 496 ق 84)

17- حق الدائن فى طلب إبطال تصرفات مدينه الضارة به يثبت له متى أصبح دينه محقق الوجود و إذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليه الثانى بإبطال كتاب الوقف قد أقام قضاءه على أنه و قد قضى بتثبيت ملكية المطعون عليه سالف الذكر إلى نصيبه المطالب بريعه فى الأطيان المتروكة عن مورثه و التى وقفتها زوجة هذا الأخير إضراراً بدائنيها فيكون دينه بمتجمد هذا الريع قد أصبح ثابتاً فى ذمة الواقفة من تاريخ وفاة مورثه و من ثم يكون محقق الوجود قبل إنشاء الوقف المطلوب الحكم بإبطاله فإن هذا الذى قرره الحكم لا خطأ فيه

(الطعن رقم 180 لسنة 18 جلسة 1951/04/19 س 2 ع 3 ص 674 ق 112)

شرح خبراء القانون

شروط الدعوى البوليصية :

وردت نصوص الدعوى البوليصية بمثابة شروط يجب توافرها للقضاء بعدم نفاذ التصرف، فأوضحت المادة 237 شروطاً متعلقة بالمدين وبالدائن وبالتصرف المطعون عليه ، ثم جاءت المادة 238 مكملة للشرط المتعلق بالمدين وأضافت شرطين أحدهما متعلق بالمتصرف إليه والثاني متعلق بخلف هذا الأخير، ونتناول الشروط الأخيرة فيما يلي .

أولاً : الشروط المتعلقة بالمدين : 

(أ)- يجب أن يكون المدين معسراً : والإعسار في صدد الدعوى البوليصية هو الإعسار الفعلي ويتحقق عندما تكون ديون المدين تجاوز حقوقه، فلا يلزم توافر الاعسار القانوني الذي لا يتحقق إلا بصدور حكم يشهر إعسار المدين على نحو ما أوضحناه بالمادة 249 .

ويجب أن يكون التصرف المطعون عليه، هو الذي أدى إلى إعسار المدين إن كان المدين قبل ذلك موسراً ، أو يكون قد أدى إلى زيادة إعسار المدين أن كان المدين قبل ذلك معسراً، مفاد ذلك أن التصرف أن لم يؤد الى إعسار المدين أو إلى زيادة إعساره، فإن أحد الشروط اللازمة للدعوى البوليصية يكون منتفياً، حتى لو أصبح المدين معسراً بعد ذلك.

ويجب أن يظل المدين معسراً إلى وقت رفع الدعوى البوليصية، فإن زالت عنه حالة الاعسار قبل رفع الدعوى، كما لو ورث أموالاً أو کسب جائزة أو أبرم صفقة رابحة أو تلقي هبة ، فلا يكون للدائن الطعن بالدعوى البوليصية.

والإعسار شرط لازم للطعن على التصرف سواء في المعاوضات أو التبرعات فإذا تصرف المدين المعسر في عين بعوض كاف ، فإن هذا التصرف لا يؤدي إلى زيادة إعساره فلا يجوز الطعن عليه بالدعوى البوليصية بشرط أن يضع هذا العوض تحت تصرف الدائن أو يشتري به عیناً تدخل ضمن ذمته المالية ، أما أن أخفى العوض أو أخرجه من ذمته المالية على أي وجه ، كان التصرف رغم أنه بعوض كان خاضع للطعن عليه بالدعوى البوليصية .

(ب) يجب صدور غش من المدين في المعارضات : لا يكفي أن يؤدي التصرف المطعون عليه إلى إعسار المدين أو إلى زيادة إعساره - بل يلزم أن تم التصرف معاوضة أي بمقابل، أن يكون مشوباً بالغش من جانب الدين فيقصد من تصرفه إلى الإضرار بدائنه ليحول دونه و التنفيذ على العين محل التصرف، ويتوفر الغش عندما يتصرف الدين في أمواله وهو يعلم أنه معسر أو أن هذا التصرف سيؤدي إلى إعساره.

ويتحمل الدائن إثبات غش المدين ، وله ذلك بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً بإعتبار الغش من الأفعال غير المشروعة ، وله أن يثبت أن الدين كان عالماً بأنه معسر وقت التصرف وحينئذ تقوم قرينة قانونية بتوفر الغش، ولما كانت تلك القرينة بسيطة ، كان للمدين دحضها فيثبت أنه رغم علمه بإعساره فقد أقدم على التصرف معتقداً بأنه سيحصل من ورائه على أرباح كبيرة ، أو أنه أقدم عليه معتقداً أن حالة إعساره طارئه ولم يقصد الإضرار بالدائن ، ومتى أثبت صدق قصده، نأى التصرف عن الدعوى البوليصية.

ولما كان الشخص أعلم الناس بظروفه المالية ، فيكفي الدائن لإثبات علم الدين بأنه معسر، أن ما في ذمة الدين من ديون لتقوم قرينة على علم المدين بإعسارة وعلى هذا الإعسار.

أما أن كان التصرف تبرعاً، کهبة ، فلا يلزم توافر الغش من جانب الدين ولا يكلف الدائن بإثباته ، بل يكفيه ليقضي له بعدم نفاذ هذا التصرف أن يثبت أنه أدى الى إعسار المدين أو أنه زاد في إعساره، يستوي بعد ذلك أن يكون الدين عالماً بأنه معسر أو غير عالم بذلك أو أن يكون المتصرف اليه عالماً بهذا الإعسار أم غير عالم .

ثانياً : الشروط المتعلقة بالمتصرف إليه : 

إذا كان التصرف تبرعاً سرى الحكم المقرر بالفقرة السابقة ، فلا ينفذ التصرف في حق الدائن ويكفى للقضاء للأخير بذلك أن يثبت أن التصرف المطعون فيه أدى إلى إعسار المدين أو أنه زاد في إعساره يستوي بعد ذلك أن يكون المدين يعلم بأنه معسر أو لا يعلم بذلك ، أو كون المتصرف إليه حسن النية أو سيئها.

أما أن كان التصرف معاوضة ، بيعاً أو مقايضة مثلاً ، فيجب حتى يقضى اللدائن بعدم نفاذه في حقه ، أن يثبت علم المتصرف إليه بغش الدين حتی يتوفر التواطؤ بينهما على الإضرار به ، ويكفيه في هذا أن يثبت علم المتصرف إليه بأن هذا التصرف يؤدى الى إعسار المدين أو أنه يزيد في إعساره ويكفي أن يثبت علم المتصرف إليه بإعسار المدين لتقوم قرينة على علم المتصرف إليه بخش الدين ، وتلك قرينة بسيطة يجوز للمتصرف إليه نقضها بإثبات أنه أعتقد بحسن نية رغم علمه بأن التصرف يؤدي الى إعسار المدين أو يزيد فيه، أن المدين لم يقصد من ورائه الأضرار بدائنه بإعتبار أن التصرف مألوف في المعاملات العادية.

ثالثاً : الشروط المتعلقة بخلف المتصرف إليه :

اذا تصرف خلف المدين لخلف ثان تبرعاً ، وكان خلف المدين قد تلقى الحق من المدين تبرعاً أيضاً، فيقضى للدائن بعدم نفاذ تصرف المدين في حقه دون حاجة لاثبات غش من المدين أو علم الخلفين باعساره، بل يكفي أن يثبت أن هذا التصرف أدى إلى إعسار المدين أو زاد في إعساره، أما اذا كان الخلف الأول تلقى الحق من المدين معاوضه، فيجب للقضاء بعدم نفاذ التصرف أن يثبت الدائن التوالي فيما بين هذا الخلف والمدين على نحو ما تقدم.

فإذا كان خلف المدين قد تصرف للخلف الثاني معاوضة، وكان خلف المدين قد تلقى الحق من المدين تبرعاً، فلا يقضى للدائن بعدم نفاذ التصرف إلا إذا أثبت علم الخلف الثاني بإعسار المدين، فإن انتفى هذا العلم توافر حسن النية وأصبح التصرف نافذاً في حق الداكن وترفض دعواه .

أما إذا كان خلف المدين قد تصرف للخلف الثانی معاوضة، وكان خلف المدين قد تلقى الحق من المدين معارضة أيضاً ، فيجب حتى يقضى للدائن بعدم نفاذ التصرف أن يثبت التواطؤ بين الأطراف الثلاثة ، فيثبت التواطؤ بين المدين والخلف الأول على نحو ما تقدم ليكون تصرفهما غير نافذ في حقه ثم ينتقل لجعل التصرف التالي غير نافذ أيضاً في حقه بإثبات أن الخلف الثاني كان سئ النية بأن كان عالماً بغش المدين وبعلم الخلف الأول بهذا الغش ، فإن عجز عن هذا الإثبات كان التصرف الصادر للخلف الثاني نافذاً في حقه .

قرائن على علم المتصرف إليه بغش المدين :

للدائن أن يستند إلى القرائن القضائية لإثبات علم المتصرف إليه بغش المدين ومن هذه القرائن، تصرف الدين في أملاکه لزوجة وأولاده الذين في كنفه مع بقاء الحيازة والانتفاع للمدين ، ولكن لا تنهض مجرد علاقة القرابة على ذلك ما لم تؤيد بقرينة أخرى ، تصرف المدين في أملاکه بعد صدور حكم ضده بالدين وبعد ذلك اشترت زوجة اعياناًَ ، يدل ذلك على أن المدين خشي من اتخاذ إجراءات التنفيذ ضده فتصرف فيما يملك وبثمن هذا التصرف اشترت زوجة تلك الأعيان فكأنها وكيلاً سخره المدين في الشراء ويتعين اعتبار الأعيان ملكاً للمدين مما يحق معه للدائن التنفيذ عليها، ولكن مجرد علم الغير بمديونية المدين لا ينهض قرينة على الغش، ومن القرائن تصرف المدين لزوجة في عقار ولم يتمكن الزوج من إثبات مصدر حصوله على الثمن ولم يكن له مال يمكنه من ذلك.

ويجب أن يتضمن طلب الإحالة إلى التحقيق الوقائع التي تدل على سوء نية المتصرف إليه فلا يكفي مجرد القول بتمكين الطالب من إثبات سوء النية. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع ، الصفحة : 444)

 

غش المدين هو أهم الشروط في الدعوى البوليصية ، بل هو العمود الفقري لهذه الدعوى التي تقوم على محاربة الغش ، ويمكن تجميع شروط الدعوى البوليصية كلها في شرط الغش ، فإن الغش لا يتوافر في جانب المدين إلا إذا تصرف تصرفاً مفقراً يؤدي إلى إعساره للإضرار بدائن حقه ثابت قبل هذا التصرف ، فلا يكفي إذن أن يكون التصرف المطعون فيه قد تسبب في إعسار المدين أو زاد في إعساره على النحو المتقدم ، بل يجب أيضاً أن يكون هذا التصرف قد صدر من المدين غشاً  ، وشرط الغش هذا هو الذي يدخل العنصر النفسي في الدعوى البوليصية ، لأن الباعث هنا له الأثر الأكبر في نفاذ التصرف في حق الدائن أو عدم نفاذه .

يشترط غش المدين وعلم من صدر له التصرف بالغش إذا كان التصرف معاوضة : وتنص الفقرة الأولى من المادة 238 من التقنين المدنى ، كما رأينا ، على أنه " إذا كان تصرف المدين بعوض ، اشترط لعدم نفاذه فى حق الدائن أن يكون منطوياً على غش من المدين ، وأن يكون من صدر له التصرف على علم بهذا الغش ، ويكفي لاعتبار التصرف منطوياً على الغش أن يكون قد صدر من المدين وهو عالم أنه معسراً ، كما يعتبر من صدر له التصرف عالماً بغش المدين إذا كان قد علم أن هذا المدين معسر ".

ويتبين من هذا النص أنه إذا كان التصرف الصادر من المدين معاوضة ، كبيع مثلاً ، وجب أن يكون منطوياً على غش من المدين ، وقد توخى التقنين المدنى الجديد إقامة قرائن قانونية لتيسير الإثبات الذى يحمل عبئه الدائن ، فعلى الدائن أن يثبت أن المدين وقت أن صدر منه البيع كان يعلم أن هذا البيع بسبب إعساره أو يزيد فى إعساره ، ويستطيع الدائن أن يستخلص هذا العلم من بعض القرائن القضائية التى تقوم فى الدعوى ، كما إذا كان المدني قد تصرف لولده أو لزوجته أو لأحد أقاربه الأقربين ولم يكن لمن تصرف له مال ظاهر يقوم معه إحتمال جدى أنه دفع الثمن .

فإذا أثبت الدائن على المدين بإعساره ، كان هذا قرينة قانونية على غش المدين ، ولكن القرينة غير قاطعة ، فهى قابلة لإثبات العكس ، ويستطيع المدين أن ينقضها بأن يثبت من جانبه أنه بالرغم من علمه بإعساره إلا أنه لم يقصد إلحاق الضرر بالدائن ، بل كان الدفع له على التصرف باعثاً آخر ، كتلبية لنداء واجب أدبي ، أو حصوله على ما يقوم بحاجات المعيشة مع وثوقه أن إعساره مؤقت لا يلبث أن يزول وإن أخلفت الأيام ظنه فبقى معسراً  ، وقد يتعاقد المدين تعاقداً يؤدى إلى إعساره وهو عالم بذلك ، وإنما يقدم على التعاقد لاغياً وإضراراً بحقوق الدائن ، بل اعتقاداً منه أن هذا التعاقد الذى أدى إلى إعساره سيكون سبباً فى ترويج أعماله وعودته إلى اليسار .

ولا يكفى ، ما دام التصرف معاوضة ، أن يكون هذا التصرف منطوياً على غش من المدين على النحو المتقدم الذكر ، بل يجب أيضاً أن يكون من صدر له التصرف - المشترى مثلاً - على علم بهذا الغش ، وهنا أيضاً يقيم التقنين المدنى الجديد قرينة قانونية أخرى ، فيكفى أن يثبت الدائن علم من صدر له التصرف أن هذا التصرف يسبب إعسار المدين أو يزيد فى إعساره ، حتى يعتبر من صدر له التصرف أنه على علم بغش المدين ، وعلى من صدر له التصرف ، إذا أراد أن ينقض هذه القرينة ، أن يثبت أنه ، بالرغم من هذا العلم ، كان يعتقد بحسن نية أن المدين لم يكن يقصد الإضرار بدائنيه ، كأن يكون التصرف الصادر من المدين ليس إلا تصرفاً مألوفاً تقتضيه صيانة تجارته أو زراعته أو صناعته.

لا يشترط غش المدين ولا سوء نية من تصرف له المدين إذا كان التصرف تبرعاً.

ويتبين من هذا النص أن المدين إذا صدر منه تبرع كهبة مثلاً ، فليس من الضرورى أن يثبت الدائن غش المدين المتبرع أى علمه بإعساره ، ومن باب أولى ليس من الضرورى أن يثبت علم الموهوب له بإعسار المدين ، بل يكفي للنجاح فى الدعوى البوليصية فى حالة التبرع أن يثبت الدائن أن هذا التبرع قد سبب إعسار المدين أو زاد فى إعساره ، سواء كان المدين يعلم بذلك أو لا يعلم ، وسواء كان الموهوب له يعلم هو أيضاً أو لا يعلم .

ويستخلص من هذا النص أن هناك فرضين يجب التمييز بينهما :

(الفرض الأول) أن الخلف الذي انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه لخلف ثان تبرعاً ، ففى هذا الفرض لا يشترط سوء نية الخلف الثانى ، لأنه إنما يبتغى نفعاً ولا يتوفى ضرراً كما قدمنا ، فإذا كان الخلف الأول قد تلقى التصرف هو الآخر تبرعاً ، فلا تشترط سوء نيته ولا غش المدين كما سبق القول ، أما إذا كان الخلف الأول قد تلقى التصرف معاوضة ، فيشترط إثبات غش كل من المدين وهذا الخلف الأول على النحو الذى قدمناه .

(الفرض الثاني) أن الخلف الذي انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه لخلف ثانى معاوضة ، وهذا هو الفرض الذى ورد فيه النص المتقدم الذكر .

فإن كان المدين قد تصرف معاوضة أيضاً للخلف الأول ، فلا يكفى أن يثبت الدائن غش كل من المدين والخلف الأول ، بل يجب أيضاً أن يثبت غش الخلف الثانى ، فيثبت أن الخلف الثانى علم أمرين :

1 - غش المدين .

2 - وعلم الخلف الأول بغش المدين.

التمييز بين المعاوضات والتبرعات : ولما كان التمييز بين المعاوضات والتبرعات له أهمية كبرى فى الدعوى البوليصية لما قدمناه ، فإننا نستعرض هنا بعض حالات يدق فيها هذا التمييز :

(1) عقود المعاوضة إذا انطوت على غبن فاحش ، كما لو باع المدين عيناً بربع ثمنها ، قد تبدو أنها من قبيل التبرع ، ولكن الصحيح أنها تبقى عقود معاوضة ، ويشترك فيها الغش ، ما لم يكن الثمن تافها غير جدى فيكون العقد تبرعاً لا يشترط فيه الغش ، أما إذا كان الثمن جدياً ولكن انطوى على غبن فاحش ، فقد يقوم هذا الغبن الفاحش ذاته قرينة على الغش.

(2) يعتبر الإقراض دون فائدة تبرعاً ، أما الإقراض بفائدة فيعتبر معاوضة .

(3) هناك عقود تكون تبرعاً من ناحية أحد المتعاقدين ، ومعاوضة من ناحية المتعاقد الآخر ،  مثل ذلك الكفالة ، شخصية كانت أو عينية ، فهى تبرع من جهة الكفيل إذا لم يأخذ عوضاً لأمن المدين ولا من الدائن ، وهي معاوضة من جهة الدائن ، والعبرة فى هذه الحالة بجانب المعاوضة ، فإذا رفع دائن الكفيل الدعوى البوليصية للطعن في عقد الكفالة - وهو عقد يزيد فى التزامات الكفيل الشخصي وينتقص من حقوق الكفيل العينى - وجب عليه أن يثبت غش كل من الكفيل والدائن .

(4) هناك عقود ليست تبرعات خالصة ، بل يدخل فيها عنصر المعاوضة ، مثل ذلك هبة تصدر من شخص اعترافاً بجميل أسداه إليه الموهوب له ، فهذه الهبة فى حقيقتها معاوضة قبل أن تدخلها نية الغش ، فلا يجوز الطعن فيها بالدعوى البوليصية. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثاني ، المجلد : الثاني ، الصفحة : 1344)

ما يشترط في التصرف بعوض :

إذا كان تصرف المدين الذي يطلب الدائن عدم نفاذه في حقه ، بعوض كالبيع والمقايضة مثلاً ، فإنه يشترط لعدم نفاذه في حق الدائن، ما يأتي :

1 - أن يكون التصرف منطوياً على غش من جانب المدين : والمقصود بالغش أن تتوافر لدى المدين نية الإضرار بالدائن، فالغش يفترض إذن وجود عنصر إرادي أي قصد معين هو قصد الإضرار بالدائن، فليس يكفي أن يكون التصرف المطعون فيه قد أدى إلى إعسار المدين أو زاد في إعساره، وأن يكون لذلك قد أصاب الدائن بضرر ، ولكن يلزم أيضاً أن يكون المدين قد قصد إلى هذا الضرر.

ولكن لما كان الغالب أن المدين إذ يقدم على تصرف يعلم أنه يسبب إعساره أو زيادة إعساره ، إنما يريد بذلك الإضرار بدائنيه فقد عمد المشرع تخفيفاً على الدائن إلى الأخذ بأمارة الغالب ، فجعل من مجرد علم المدين بإعساره قرينة على توافر الغش ، توافر الغش .

وعلى ذلك يكفي أن يثبت الدائن أن التصرف قد صدر من المدين وهو عالم أنه معسر حتى يعتبر التصرف منطوياً على الغش ، على أن هذه القرينة ليست بقاطعة إذ يجوز إثبات عكسها ، فيجوز للمدين أن ينفي دلالتها بأن يثبت أنه رغم علمه بالإعسار لم يقصد بتصرفه الإضرار بدائنيه ، كما لو أثبت أنه قصد بتصرفه توفير حاجياته الضرورية ، أو أن التصرف كان من التصرفات العادية التي تقتضيها مهنته ، أو أنه أقدم على التصرف بالرغم من علمه بإعساره ، لاعتقاده أن هذا الإعسار مؤقت سيزول في المستقبل بسبب هذا التصرف ذاته الذي كان يرمي به إلى ترويج أعماله .

2 - أن يكون المتصرف إليه عالماً بغش المدين : يشترط أن يكون المتصرف إليه عالماً بغش مدینه ، ذلك أن ضرورة استقرار المعاملات تقتضي حماية الغير حسن النية ، ولكن المشرع من ناحية أخرى لم يضح بحقوق الدائن بل عمل على تخفيف عبء الإثبات عنه ، فيكتفي لإثبات علم المتصرف إليه بالغش ، مجرد علم المتصرف إليه بإعسار المدين ، إلى أن يثبت أنه مع علمه بإعسار المدين كان معذوراً في اعتقاده أن المدين لم يتصرف بقصد الإضرار بدائنيه بل بقصد آخر لا احتيال فيه على القانون.

فإذا باع المدين لزوجه عقاراً ، ولم يتمكن الزوج من أن يثبت من أين أتت له النقود التي دفع منها الثمن ولم يكن في حالة مالية تسمح بإحتمال وقوع هذه الصفقة له ، فإنه إذا اقترنت هذه القرينة بقرائن أخرى تؤيدها كان هذا قرينة على العلم بإعسار المدين .

تقدير الدليل على التواطؤ والعلم بإعسار المدين من سلطة قاضي الموضوع دون رقابة عليه لمحكمة النقض ، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.

لم تشترط المادة غش المدين إلا في المعاوضات دون التبرعات ، ولم تشترط بالتالي إثبات غش من جانب المتصرف إليه ، فلو وهب المدين مالاً أو نزل عن دین له في ذمة الغير بدون مقابل ، كان للدائن الطعن في الهبة أو الإبراء بمجرد أن يثبت أن تصرف المدين قد أدى إلى إعساره أو زاد في هذا الإعسار ، ولو لم يكن بقصد الإضرار ، وحتى ولو لم يكن على علم بالإعسار.

وعلة التفرقة بين المعاوضة و التبرع ، أن مصلحة الدائن في دفع الضرر الذي يصيبه من إعسار المدين أولى بالرعاية من مصلحة المتبرع إليه في الاحتفاظ بمنفعة مجانية لم يبذل من أجلها ثمناً ، لأن دفع الضرر أولى من جلب المنفعة.

إذا تصرف الخلف الذي انتقل إليه الشئ من المدين بعوض إلى خلف آخر، فلا يصح للدائن أن يتمسك بعلم نفاذ التصرف إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم غش المدين، وكان الخلف الأول أيضاً يعلم بالغش ، فلا يستطيع الدائن إذن الرجوع على المتصرف إليه الثاني في حالة ما إذا كان المتصرف إليه الأول في مأمن من الدعوى البوليصية (لأنه تلقى الشئ معاوضة وكان حسن النية)، ففي هذه الحالة يكون التصرف الأول الصادر من المدين نافذا في حق الدائن ، وعندئذ لا يستطيع أن يطعن في التصرفات اللاحقة ، ولايهم بعد ذلك أن يكون المتصرف إليه الثاني حسن النية أو سيئها.

أما إذا لم يكن المتصرف إليه الأول في مأمن من الدعوى، بمعنى أن الدعوى كانت مقبولة في مواجهته (لأنه تلقى الحق معاوضة وكان سئ النية) فعندئذ يجب حماية الدائن عن طريق تمكينه من ملاحقة التصرفات التي قد يعقدها خلف المدين (المتصرف إليه الأول)، مع وجوب رعاية المتصرف إليه الثاني أيضاً إذا كان حسن النية وكسب الحق معاوضة.

إذا تصرف الخلف الذي انتقل إليه الشيء من المدين تبرعاً إلى خلف آخر ، ففي هذه الحالة لا يشترط سوء نية الخلف الثاني ، لأنه إنما يبتغي نفعاً ولا يتوقى  ضرراً.

فإذا كان الخلف الأول قد تلقى التصرف هو الآخر تبرعاً ، فلا تشترط سوء نيته ولا غش المدين ، أما إذا كان الخلف الأول قد تلقى التصرف معاوضة فيشترط إثبات غش كل من المدين وهذا الخلف الأول. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث، الصفحة :628)

شروط التصرف الذي يجوز الطعن فيه بالدعوى البوليصية : 

ويبين من نص المادتين 337 و 238 أنه يشترط في التصرف الذي يجوز الطعن فيه بالدعوى البولية أن يكون (1) تصرفاً مفقراً للمدين ، (2) وضاراً بالدائن ، (3) وصادراً عن تواطؤ بين المدين ومن تعامل معه اذا كان التصرف معاوضة .

الشرط الأول - وجود تصرف مفقر : 

لا بد فيما يطعن فيه الدائن بالدعوى البولية أن يكون تصرفاً أي عملاً قانونياً ، سواء أكان هذا التصرف عقداً كالبيع والهبة أم عملاً قانونياً يتم بإرادة واحدة كالإقرار والإجازة والأمراء والوصية - إلخ ، وسواء أكان معاوضة أم تبرعاً .

ولا يتصور الطعن بالدعوى البوليصية في غير التصرفات القانونية كالفعل الضار و الإثراء دون سبب ولو توافرت فيها الشروط الأخرى اللازمة للطعن في التصرفات القانونية .

وأول هذه الشروط هو أن يكون التصرف مفقراً للمدين . 

وكان يقصد بهذا الشرط في ظل التقنين الملغى ما يقصد به حتى الآن في القانون الفرنسي ، أي أن يكون التصرف منقصاً حقوق المدين أي أنه أخرج مالاً من أموال المدين من ذمته المالية، أما التصرف الذي يزيد في إلتزامات المدين ، فلم يكن يعتبر مفقراً بهذا المعنى ولم يكن يجوز الطعن فيه بالدعوى البولحية مع أن أثره في حقوق الدائنين لم يكن يختلف عن حقوق المدين ، فكل منهما ينقص أثر التصرف الذي ينقص الدائنين ويعرضهم لضياع بعض حقوقهم .

ولذلك كان هذا التضييق في معنى التصرف الفقر محل نقد شديد ، مما حدا المشرع المصري عند وضع التقنين الحالي الى نبذه صراحة ، حيث نص في المادة 237 على أن للدائن أن يطعن بعدم نفاذ تصرف المدين في حقه إذا كان التصرف قد أنقص من حقوق المدين أو زاد في التزاماته ، وبناءً على ذلك تغير معنى التصرف المفقر في التقنين الحالي ، فصار يشمل التصرف الذي يزيد في التزامات الدين كما يشمل التصرف الذي ينقص من حقوقه .

فالبيع والهبة والإبراء والاقتراض و الكفالة و الإقرار بالدين كلها تصرفات مفقرة يجوز الطعن فيها ، والبيع يعتبر كذلك ولو قبض منه المدين ثمناً إذا استطاع أن يخفي الثمن أو أن يسدده بحيث لا يتمكن الدائن من التنفيذ عليه ، والوفاء - ولو أنه أعطاء مال في مقابل إنقضاء دین - يعتبر تصرفاً مفقراً ويجوز الطعن فيه بالدعوى البوليصية  لأنه ينقص أموال المدين التي تبقى في الضمان العام لسائر دائنيه ( المادة 242 فقرة ثانية ).

وقد يتبادر إلى الذهن أن التصرفات التي ينزل بها المدين عن فرصة للاغتناء ، سواء أكان الاغتناء من طريق زيادة حقوقه أم من طریق نقص التزاماته ، تعتبر تصرفات مفقرة يجوز الطعن فيها بالدعوى البوليصية لأنها تسلب دائنيه فرصة لاستيفاء حقوقهم كاملة ، غير أنه بإمعان النظر في الأمر يبين أن الغرض من الدعوى البوليصية إعادة الضمان العام للدائنين الى الوضع الذي كان قد بلغه قبل التصرف الذي يراد الطعن فيه ، وهذا يقتضي أن يكون ذلك التصرف قد أخرج من ذمة المدين المالية مالا سبق أن وجد فيها أو حملها بدين جديد لم يكن قد لزمها من قبل ولا شيء من ذلك في حالة النزول من فرصة للاغتناء ، بل أنا لو فرضنا جواز الطعن في هذا النزول ، فإن الحكم بعدم نفاذه في حق الدائن أن يفيد الدائن شیئاً، لأنه لن يترتب عليه تحقق الاغتناء للمدين ولا زيادة في الضمان العام ، وإنما كل ما يترتب عليه أن يعتبر ذلك النزول بالنسبة الى الدائن كأن لم يكن ، فلا يستطيع هذا أن يتخذ إجراءات التنفيذ على المال الذي أتيحت للمدين فرصة كسبه طالما أن هذا لم يكسبه فعلاً ، بل أن الدائن لا يستطيع حتى أن يستعمل حق مدينه في کسب هذا المال من طريق الدعوى غير المباشرة ، لأن هذا الحق هو من قبيل الرخص أو المكنات التي لا يجوز لدائني الشخص أن يستعملوها بالنيابة عنه ، فإذا عرضت على المدين هبة ورفض قبولها ، فإن رفضه إياها لا يكون قابلاً للطعن فيه بالدعوى البوليصية ، لأنه مع التسليم جدلاً بإمكان الحكم بعدم نفاذه في حق الدائنين ، فان ذلك لن يمكن هؤلاء الدائنين من التنفيذ على المال الموهوب ، بل انه لن يمكنهم حتماً من الوصول إلى هذا التنفيذ من طريق الدعوى غير المباشرة أى من طريق هذا التنفيذ من طريق الدعوى غير المباشرة ، أي من طريق استعمال الرخصة التي كانت تخول مدينهم قبول تلك الهبة .

وهناك بعض تصرفات اختلف فيما إذا كانت تعتبر مفقرة بالمعنی المقصود في الدعوى البوليصية أو تعتبر مجرد امتناع عن الاغتناء ، وذلك كالنزول عن تركة أو رد وصية أو النزول عن التمسك بالتقادم المكسب ، والراجح في شأنها أنها تعتبر تطرفات مفقرة ، بل إن المشرع المصري قد ذهب في التقنين المدني الحالي إلى أبعد من ذلك حيث قرر أن النزول عن التمسك بالتقادم المسقط لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضراراً بهم ( المادة 388 فقرة ثانية في نهايتها ) ، ثم مد هذا الحكم الى النزول عن التقادم المكسب بالإحالة عليه في المادة 973 وكما يجوز الطعن فى التصرفات القانونية المفقرة للمدين يجوز كذلك في الأحكام التي تصدر بالتواطؤ بين الدين ومن يتعامل معه ، غیر أنه في هذه الحالة يكون من مصلحة الدائن أن يتدخل في الدعوى حتی يراقب سيرها بدلاً من الاقتصار على إنتظار صدور الحكم ثم الطعن فيه بالتواطؤ ، فإذا لم يتدخل في الوقت المناسب كان له الطعن على الحكم عن طريق التماس إعادة النظر (المادة 241 مرافعات) ، وكذلك يجوز للدائن الذي يخشى أن يضار من القسمة التي يباشرها مدينه مع شركائه في المال الشائع أن يتدخل في هذه القسمة ليحول دون تواطؤ مدينه مع شركاء هذا الدين ضد مصلحة دائنيه ، وقد نصت المادة 842 مدني على أن « لدائني كل شريك أن يعارضوا في أن تتم القسمة عيناً أو أن يباع المال بالمزاد بغیر تدخلهم ، وتوجه المعارضة الى كل الشركاء ، ويترتب عليها إلزامهم أن يدخلوا من عارض من الدائنين في جميع الإجراءات ، وإلا كانت القسمة غير نافذة في حقهم ، ويجب على كل حال إدخال الدائنين المقيدة حقوقهم قبل رفع دعوى القسمة ، أما اذا تمت القسمة ، فليس للدائنين الذين لم يتدخلوا فيها أن يطعنوا عليها إلا في حالة الغش ».

الشرط الثاني - كون التصرف ضاراً بالدائن :

لا ترفع الدعوى البولية ضد الدين بل ضد من تلقى الحق من المدين ، وقد اشترطت المادة 237 أن يكون التصرف الذي صدر من المدين و الذي يجوز الطعن فيه ضاراً بالدائن ، وأفصحت عن ماهية الضرر المشار إليه إذ وصفت التصرف المذكور بأنه يجب أن يكون قد ترتب عليه إعسار المدين أو الزيادة في إعساره .

غير أنه إذا كان الظاهر أن التصرف الذي يسبب إعسار المدين يضر بدائنيه ، فإن الحقيقة أنه ليس كل تصرف يسبب إعسار المدين يكون ضاراً بالدائنين ، فقد يتصرف المدين تصرفاً يخرج من ملكه أحد أمواله فيسبب إعساره ولكنه لا يضر دائنيه إذا كان ذلك المال مما لا يجوز الحجز أو التنفيذ عليه ، كما أن التصرف الذي يعتبر ضاراً ببعض الدائنين قد لا يعتبر ضاراً بغيرهم ، ولو أنهم جميعاً يتأثرون منه ، ذلك أن الدائنين السابقة حقوقهم على التصرف الذي يسبب إعسار المدين هم وحدهم الذين لهم أن يتضرروا من ذلك التصرف ، أما الذين نشأت حقوقهم بعد التصرف المذكور وبعد أن ساءت حال المدين المالية فليس لهم أن يتضرروا من ذلك التصرف لأنه لم يزد مركز هم سوءا عما كان عليه يوم نشوء حقهم .

وبناءً على ذلك يشترط في اعتبار تحرف الدين ضاراً بالدائن الذي يريد رفع الدعوى البوليصية ثلاثة شروط هي : (1) أن يكون الحق الذي تم التصرف فيه مفيداً لذلك الدائن ، (2) أن يترتب على التصرف اعسار المدين أو زيادة إعساره ، (3) أن يكون ذلك التصرف تالياً لحق الدائن .

يفرق القانون في تصرفات المدين المطعون فيها بين التبرعات والمعاوضات ، ففي الأولى يكتفي بالشرطين السابقين أي أن يكون التصرف مفقراً وضاراً بالدائن ولا يشترط صدوره عن غش من المدين ولا عن تواطؤ بينه وبين المتصرف إليه، وفي هذا تقول المادة 238 فقرة ثانية «أما إذا كان التصرف تبرعاً ، فانه لا ينفذ في حق الدائن ، ولو كان من صدر له التبرع حسن النية ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشاً» .

وتعليل ذلك أن مصلحة الدائن في دفع الضرر الذي يصيبه من إعسار المدين أولى بالرعاية من مصلحة المتبرع إليه في الاحتفاظ بمنفعة مجانية لم يبذل من أجلها ثمناً ، لأن دفع الضرر أولى من جلب المنفعة .

أما في المعاوضات ، فالأمر بخلاف ذلك اذ يقابل مصلحة الدائن في دفع الضرر عن نفسه مصلحة المتصرف إليه في الإحتفاظ بمال بذل من أجله ثمناً لأن نزع هذا المال منه يضيع عليه ما بذله فيه من ثمن أى أنه يلحق به ضرراً ولا يقتصر على تفويت نفع كان يرجوه ، فكان لا بد من مرجح بين المصلحتين ، وقد رأى الشارع أن صدور ذلك التصرف من المدين عن تواطؤ بينه وبين من تعامل معه يجعل مصلحة الدائن أولى بالترجيح ، فاشترط في الطعن في المعاوضات وجود هذا المرجح وجعل منه شرطاً ثالثاً يضاف الى الشرطين المتقدمين ، والتواطؤ هو توافر قصد العش لدى المدين ومن تعامل معه .

وإذا كان من تلقى الحق عن المدين قد تصرف فيه بدوره ، فأن ذلك لا يحول دون استعمال الدائن حقه في رفع الدعوى البوليصية للحصول على حكم بعدم نفاذ كلا التصرفين في حقه .  

والأصل أنه اذا كان تصرف المدين غير نافذ في حق دائنيه ، فإن الحق المتصرف فيه يعتبر - بالنسبة الى دائنيه - أنه لم ينتقل إلى الحلف ، وبالتالي يكون تصرف الخلف عاجزاً عن أن ينقل هذا الحق إلى خلف الخلف نقلاً نافذاً في حق هؤلاء الدائنين ، لأن الشخص لا يستطيع أن يدلي الى غيره بأكثر مما يملك ، فكان يجب بناءً على ذلك الإكتفاء بالوقوف عند التصرف الأول الصادر من المدين ، فإن كان نافذاً في حق دائنيه اعتبرت تصرفات الخلف أيضاً نافذة بالتبعية دون أي بحث خاص بها، والعكس بالعكس تطبيقاً لقاعدة أن فاقد الشيء لا يعطيه وأن المتصرف لا يستطيع أن يدلى إلى غيره بأكثر مما يملك .

غير أن المشرع خرج على هذا الأصل فيما يتعلق بالدعوى البوليصية ، نزولاً على مقتضيات العدالة وعلى تقاليد هذه الدعوى ، نص في المادة 238 فقرة ثالثة على أنه « إذا كان الخلف الذي انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه بعوض إلى خلف آخر ، فلا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم غش المدين وعلم الخلف الأول ، بهذا الغش إذا كان المدين قد تصرف إليه بعوض أو كان الخلف الثاني يعلم إعسار المدين وقت تصرفه للخلف الأول ان كان هذا المدين قد تصرف له تبرعاً» .

ويبين من ذلك أن المشرع ، بدلاً من أن ينظر أولاً الى تصرف المدين وأن يرتب على حكمه حكم تصرف الخلف ، نظر إلى هذا التصرف الأخير بصفة أصلية ثم قرر شروط نفاذه أو عدمه وهي تختلف عما توجبه القواعد العامة .

ويلاحظ أن المشرع قد اقتصر في هذا النص على بيان حكم الحالة التي يكون فيها التصرف الثاني معاوضة ، وسكت عن الحالة التي يكون فيها هذا التصرف تبرعاً ، ويرجع ذلك إلى أنه ترك حكم هذه الحالة الأخيرة للقواعد العامة ، ونص على الحالة الأولى لأنه أراد أن يضع لها حكماً يخالف تلك القواعد العامة .

ولنبدأ أولاً بالحالة التي تركها المشرع للقواعد العامة حتى نتبين حكمها وفقاً تلك القواعد ، ثم نعرض ما نص عليه المشرع لنتبين حكمه ومدى خروجه على القواعد العامة.

(أ) إذا كان التصرف الثاني تبرعاً ، فإما أن يكون التصرف السابق أنمي الصادر من المدين تبرعاً أيضاً ، وإما أن يكون معاوضة .

1 - ففي الأولى تقضى القواعد العامة التي تقدمت في شأن عدم نفاذ تصرفات المدين بأن يكون تصرف الدين غير نافذ في حق الدائن ولو كان كل من المدين والمتبرع إليه الأول حسني النية ، أي دون حاجة بالدائن إلى أن يثبت غش أحدهما ، ومتى كان التبرع الأول غير نافذ في حق دائني المتبرع ، فان قاعدة « أن المتصرف لا يستطيع أن يدلي اني غيره بأكثر مما يملك » تجعل التصرف الثاني أيضاً بالتبعية غير نافذ في حق الدائنين دون حاجة بهؤلاء الى أن يثبتوا غش أحد ، وقد أقر المشرع هذا الحكم الذي تؤدي إليه القواعد العامة بعدم النص على ما يخالفه .

2 - وفي الثانية تقضي القواعد العامة للدعوى البوليصية بأن تصرف الدين يكون نافذاً في حق دائنيه ما لم يتوافر الغش في جانب كل من المدين والمتصرف إليه الأول ، ويعتبر المغش متوافراً في جانبهما بمجرد علم الدين بإعساره وعلم المتصرف إليه بذلك أيضاً ، فإذا توافر هذا الشرط وترتب عليه عدم نفاذ التصرف الأول في حق دائني المتصرف ، فإن قاعدة « أن المتصرف لا يستطيع أن يدلي الى غيره بأكثر مما يملك » تجعل التصرف الثاني وهو التبرع غير نافذ أيضاً في حق الدائنين بالتبعية ودون حاجة بهؤلاء الى أن يثبتوا سوء نية المتبرع إليه أو علمه بعدم نفاذ التصرف الأول ، وقد أقر المشرع هذا الحكم أيضاً بعدم التصرف على ما يخالفه ، أما إذا لم يتوافر الشرط المذكور : فإن التصرفين : المعاوضة والتبرع ينفذان كلاهما في حق الدائنين .

(ب) وإذا كان التصرف الثاني معاوضة ، فإما أن يكون التصرف السابق معاوضة أيضاً ، وإما أن يكون تبرعاً.

1 - وفي الأولى تقضي القواعد العامة الدعوى البوليصية  باشتراط الغش في جانب المدين والمتصرف إليه حتى يعتبر التصرف الأول غير نافذ في حق الدائنين ، فإذا توافر هذا الشرط فان قاعدة « أن المتصرف لا يستطيع أن يدلي إلى غيره بأكثر مما يملك » تجعل التصرف الثاني أيضاً غير نافذ في حق الدائنين بالتبعية ودون حاجة بهؤلاء الى أن يثبتوا غش المتصرف إليه الثاني ، ولكن الشرع وازن بين مصلحة الأخير ومصلحة دائني المتصرف الأصلي ، ورأى أن مصلحة المتصرف إليه الثاني أولى بالرعاية إذا كان حسن النية ، فلم يكتف في عدم نفاذ التصرف الصادر إليه في حق الدائنين بتوافر الغش في جانب كل من الدين و المتصرف إليه الأول ، بل اشترط فوق ذلك غش المتصرف إليه القانی ، ولكنه سهل إثبات هذا الغش بأن اعتبر علم الأخير بغش المدين ويعلم المتصرف، إليه الأول بهذا الغش قرينة على توافر الغش في جانبه هو ، وهذا ما دعاه إلى النص في المادة 238 فقرة ثالثة على أنه « إذا كان الخلق الذي انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه بعوض إلى خلف آخر ، فلا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم غش المدين وعلم الخلف الأول بهذا الغش».  

2 - وفي الثانية تقضي القواعد العامة للدعوى البوليصية بأن تبرع المدين يكون غير نافذ في حق دائنيه دون حاجة لآخرين إلى إثبات غش أحد وتقضى قاعدة « أن المتصرف لا يستطيع أن يدلي الى غيره أكثر مما يملك » بعدم نفاذ التصرف الثاني أيضاً في حق الدائنين بالتبعية ودون حاجة بالأخيرين إلى أن يثبتوا غش أحد ، ولكن المشرع وازن بين مصلحة المتصرف إليه الثاني الذي تلقى الحق بعوض ومصلحة دائني المتصرف الأول ، ورأى أن مصلحة ذاك أولى بالرعاية إذا لم يكن سيء النية لأنه بذل ثمناً في مقابل الحق الذي تلقاه ، فلم يكتف في عدم نفاذ التصرف الثاني في حق الدائنين بمجرد عدم نفاذ التصرف الأول في حقهم ، بل اشترط فوق ذلك علم المتصرف إليه الثاني بإعسار المدين وقت تصرفه للخلف الأول ، ولأن هذا الشرط لا تقضى به القواعد العامة التي تقدمت الإشارة إليها ، اضطر المشرع أن ينص عليه في نهاية المادة 238 فقرة ثالثة بقوله أنه «لا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا ... كان الخلف الثاني يعلم إعسار المدين وقت تصرفه للخلف الأول ان كان هذا المدين قد تصرف له تبرعاً».

وقصارى القول فيما يتعلق بعدم نفاذ التصرف الصادر إلى خلف الخلف في حق دائني المدين أنه :

1- إذا كان التصرفان الأول والثاني تبرعين ، فإنهما يكونان غير نافذين في حق دائني المتصرف الأول دون قيد وشرط .

2 - اذا كان التصرف الأول معارضة والثاني تبرعا ، فإنهما يكونان غير نافذين معاً في حق الدائنين بشرط توافر الغش في جانب المدين والخلف فقط دون حاجة إلى توافره في جانب خلف الخلف .

3 - إذا كان التصرفان معاوضة ، فلا يحكم بعدم نفاذهما في حق الدائنين إلا إذا توافر الغش في جانب كل من المدين والخلف وخلف الخلف .

4 - وإذا كان التصرف الأول تبرعاً والثاني معاوضة ، فيشترط في عدم نفاذ المعاوضة في حق الدائنين توافر الغش في جانب خلف الخلف ويكتفي بهذا الشرط دون حاجة إلى توافر الغش في جانب المدين أو في جانب المتصرف إليه الأول. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس ، الصفحة : 315)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة 241)

1- اذا كان تصرف المدين بعوض ، اشترط لعدم نفاذه في حق الدائن ان يكون منطوياً على غش من المدين ، وأن يكون من صدر له التصرف على علم بهذا الغش . ويكفي لاعتبار التصرف منطوياً على الغش ان يكون قد صدر من المدين وهو عالم أنه معسر ، كما يعتبر من صار له التصرف عالماً بغش المدين اذا كان قد علم أن هذا المدین معسر .

2- أما اذا كان التصرف تبرعاً ، فانه لا ينفد في حق الدائن ، ولو كان من من صدر له التبرع حسن النية ، ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشاً.

٣- واذا كان الخلف الذي انتقل اليه الشيء من المدين قد تصرف فيه بعوض الى خلف آخر، فلا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف الا اذا كان الخلف الثاني يعلم غش المدين وعلم الخلف الأول بهذا الغش ، إن كان المدين قد تصرف بعوض ، أو كان هذا الخلف الثاني يعلم اعسار الدين وقت تصرفه للخلف الأول ، أن كان المدين قد تصرف له تبرعاً .

هذه المادة تطابق المادة ۲۳۸ من التقنين الحالي .

وتطابق المادة 294 من التقنين العراقي .

و تطابق في حكمها المادتين ۳۱۱ و ۳۱۲ من التقنين الگریتی .

و تقابل المادتين ۳۷۰ و ۳۷۱ من التقنين الأردني وقد تقدم ذكرهما . ( انظر المواد 959 و 961 و ۹۹۹ و ۱۰۰۱ و ۱۰۰۲ من المجلة ) . ( وانظر ما ذكرناه تحت المادة السابقة عن شروط دعوى عدم نفاذ التصرف في الفقه المالکی )

مجلة الأحكام العدلية

مادة (959) الحجر بطلب الغرماء 
للحاكم أن يحجر على المديون بطلب الغرماء. 
مادة (961) الإشهاد والإعلان عن الحجر 
إذا حُجر السفيه والمديون من طرف الحاكم يُشهِدُ ويعلن الناس ببيان سببه. 
مادة (999) المدين المفلس 
المديون المفلس الذي دينه مساوٍ لماله أو أزيد إذا خاف غرماؤه ضياع ماله بالتجارة أو أن يخفيه أو يجعله باسم غيره وراجعوا الحاكم ليحجره من التصرف في ماله أو إقراره بدين الآخر حجره الحاكم وباع أمواله وقسمها بين الغرماء ولكن يترك له من الألبسة ما يحتاج إليه إن كان للمديون ثياب ثمينة وكان يمكن الاكتفاء بما دونها باعها واشترى له من ثمنها ثياباً رخيصة تليق بحاله وأعطى باقيها للغرماء أيضاً. وكذلك إن كان له دار وكان يمكن الاكتفاء بما دونها باعها واشترى من ثمنها داراً مناسبة لحال المديون وأعطى باقيها للغرماء. 
مادة (1001) الحجز للدين 
الحجر للدين يؤثر في مال المديون الذي كان موجوداً في وقت الحجر فقط ولا يؤثر في المال الذي تملكه بعد الحجر. 
مادة (1002) تأثير الحجز 
الحجر يؤثر في كل ما يؤدي إلى إبطال حق الغرماء كالهبة والصدقة وبيع مال بأنقص من ثمن مثله. بناء عليه لا تعتبر تصرفات المديون المفلس وتبرعاته وسائر عقوده المضرة بحقوق الغرماء في حق أمواله الموجودة وقت الحجر ولكن تعتبر في حق أمواله التي اكتسبها بعد الحجر. ولو اقر لآخر لا يعتبر إقراره في حق أمواله التي كانت موجودة في وقت الحجر ويعتبر بعد زوال الحجر ويبقى مديوناً بأدائها ذلك الوقت وأيضاً ينفذ إقراره على أن يؤدي مما يكتسب بعد الحجر.