loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 631

مذكرة المشروع التمهيدي : 

1- يشترط لمباشرة الدعوى البوليصية أن يكون المدين قد عقد ( تصرفاً قانونياً) إصراراً بحقوق دائنيه ويتحقق معنى الإضرار، متى استتبع التصرف إعسار المدين أو الزيادة في إعساره، ويكون ذلك إما بإنقاص ما لهذا المدين من حقوق، وهو ما يقصد بالإفقار وفقاً للتصوير التقليدي، وإما بزيادة التزاماته، وهو ما استحدث المشروع في هذا الشأن، وتوجيهه جد يسير وعلى هذا النحو لا يقتصر حق الدائن على الطعن فيما يصدر عن المدين من أعمال التصرف (كالبيع والهبة) بل يجاوز ذلك إلى ما يعقد من التزامات تزيد في ديونه، دون أن تنقص من حقوقه والواقع أن أثر هذه الالتزامات، من حيث الإضرار بحقوق الدائنين، لا يختلف في شيء عن أثر أعمال التصرف وقد بسطت المادة 322 من المشروع في نطاق مدلول «التصرف القانوني» في حالتين، لا يزال الشك يكتنف حكمهما في ظل القواعد الراهنة ، وبذالك بوأتهما مكانهما في النصوص، وسدت ذرائع الخلاف فيراعي من ناحية أن هذه المادة أجازت الطعن في الوفاء، متى كفل التقدم لأحد الدائنين دون حق مع أنه تصرف قانوني لا يترتب عليه إعسار المدين أو ازدیاد هذا الإعسار، فإذا كان الوفاء حاصلاً قبل حلول الأجل، فهو والتبرع بمنزلة سواء أما إذا كان حاصلاً عند حلول الأجل، فيشترط توافر التواطؤ بين الدائن والمدين، ويراعي من ناحية أخرى أن المدين إذا لم يقم بالوفاء، بل كفل لأحد دائنيه، دون حق، سبباً من أسباب التقدم على الباقين، بأن رهن له مثلاً مالاً من أمواله رهناً رسمياً أو رهن حيازة ، فتصرفه على هذا الوجه یكون قابلاً للطعن، وفقاً لأحكام النص، شأنه في ذلك بشأن الوفاء، باعتبار وحدة الغاية من كل منهما وقد يكون مثل هذا التصرف من قبيل المعارضات أو التبرعات، تبعاً لما إذا كان الدائن قد أدى مقابلاً لاستنجازه، أو تم له ذلك دون مقابل ، ويجب في الحالة الأولى توافر التواطؤ بين المدين والدائن .

2 - ويشترط فيمن يباشر الدعوى البوليصية أن يكون دينه مستحق الأداء، لأن هذه الدعوى ليست مجرد إجراء تحفظي وهي ليست كذلك إجراء تنفيذياً، وإنما هي من مقدمات التنفيذ وممهداته، وقد يقع أن يليها التنفيذ مباشرة، ولهذا ينبغي أن يكون الدين الذي تباشر بمقتضاه مستحق الأداء ويشترط فوق ذلك أن يكون هذا الدين سابقاً على التصرف الذي يطعن فيه، إذ هذا الوضع يصح أن يتصور أن ضرراً يصيب الدائن، أو أن غشاً يقع من المدين ومع ذلك فيجوز أن تباشر الدعوى البوليصية بمقتضى دين لاحق للتصرف، متى كان هذا التصرف قد عقد، على وجه التخصيص والإفراد، للإضرار بالدائن والعبث بحقوقه، وقد كان في الوسع أن يشترط ثبوت تاريخ الدين، لإقامة الدليل على تقدمه على التصرف، بيد أن المشروع آثر إغفال اشتراط ثبوت التاريخ اقتداء بالمشروع الفرنسي الإيطالى، ولاسيما أن القضاء المصري قد جرى على ذلك ( استئناف مصر 12 مايو سنة 1898 حقوق 13 ص 192، و 4 فبراير سنة 1902 مج ر 3 ص 248 رقم 94 ) والواقع أن الدائن يفاجأ في أغلب الأحيان بالتصرف الضار، دون أن يكون قد احتاط من قبل لإثبات تاريخ سند الدين، ولكن من المسلم أن عبر إقامة الدليل على تقدم الدين، بطرق الإثبات كافة، يقع على عاتق الدائن.

3- وليس يكفى إعسار المدين بمجرده في جميع الأحوال ، فإذا كان التصرف بمقابل وجب أن يتوافر، فضلاً عن ذلك، تواطؤ المدين وخلفه وإذا صدر تصرف ثان من هذا الحلف وجب توافر التواطؤ بينه و بين خلفه، أما إذا كان التصرف تبرعاً فلا حاجة فيه إلى التواطؤ، فهو لا ينفذ في حق الدائن، ولو كان المتبرع له حسن النية، بل ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشا. وهذه هي القاعدة المقررة في نصوص التقنين الحالي في المادة 143/ 204 ) على خلاف ما يقضي به التقنين الفرنسي ( المادة 1167).

4- ولعل أمر الإثبات من أشق ما يصادف الدائن في الدعوى البوليصية، سواء في ذلك إثبات إعسار المدين أم إثبات التواطؤ بينه وبين من يخلفه وقد وضع المشروع قاعدتين لتيسير مهمة الدائن في هذا الصدد : (أ) فاجتزأ من الدائن في إثبات إعسار مدينه بإقامة الدليل على مقدار ما في ذمته من ديون فمتى أقام هذا الدليل ، كان على المدين أن يثبت أن له مالاً يعادل قيمة هذه الديون على الأقل . (ب) ثم إنه جعل من مجرد علم الدين بإعساره قرينة على توافر الغش من ناحية، واعتبر من صدر له التصرف عالماً بهذا الغش، إذا كان قد علم بذاك الإعسار أو كان ينبغي أن يعلم به، من ناحية أخرى .

ويراعى أن حسن النية يفترض فيما يعقد من التصرفات العادية التي تقتضيها صيانة تجارة المدين أو زراعته أوصناعته . فمثل هذه التصرفات تقع صحيحة وتكون بهذه المثابة بمأمن من الطعن ( أنظر المادة 112 من التقنين البرازيلي).

5- وقد أن المشروع فيما يتعلق بآثار الدعوى البوليصية بأهم ما استحدث من الأحكام في هذا الشأن فمن المعلوم أن هذه الدعوى لا تفيد، وفقاً لأحكام التقنين الحالى، والتقاليد اللاتينية، إلا من يباشرها من الدائنين أما نصوص المشروع فتصرف نفعها إلى جميع الدائنين المتقدمة ديونهم على التصرف، ولو كانت هذه الديون قد أصبحت مستحقة الأداء، من جراء إعسار المدين، وهي بوضعها هذا دعوى جماعية لا فردية . على أن وجاهة هذا النظر لا تقتصر على مراعاة ما هو ملحوظ في أن عدم نفاذ التصرف لا يتجزأ من الناحية النظرية، بل تجاوز ذلك، بوجه خاص، إلى تحامی ما يؤخذ على هذه الدعوى في صورتها الفردية من مجافاة للعدالة، ولذلك عنت الحاجة، من عهد غير قريب، إلى إصلاح الأحكام المتعلقة بآثارها إصلاحاً ينتهي بها إلى تلك الصورة الجماعية ( أنظر المادة 1044 من التقنين البرتغالى، والمادة 113 من التقنين البرازيلى ) .

ولما كانت الدعوى البوليصية دعوی اقتصار أو عدم نفاذ فهي لا تمس صحة التصرف المطعون فيه، ومؤدى ذلك أن مثل هذا التصرف يظل صحيحاً منتجاً لجميع آثاره، وكل ما هنالك أنه يصبح غير نافذ في حق الدائنين، بالقدر اللازم لحماية حقوقهم دون إفراط أو تفريط .

6- ولقد تكفلت المواد 320 و 321 و 323 من المشروع ببيان أسباب سقوط الدعوى البوليصية، وهي مستقاة من التقنين البرتغالى ( المادة 1040 ) والتقنين البولوني ( المادة 291 ) والتقنين البرازيلى (المادة 108) والتقنين الصيني (المادة 245). فإذا استوفي مباشر هذه الدعوى حقه من المدين، أو من المتصرف له، أو إذا ظهرت أموال تكفي للوفاء بهذا الحق، وهو ما يعدل الوفاء حكماً، انتفت مصلحته في المضي في دعواه، وسقط حقه فيها تفريعاً على ذلك ولمن صدر له التصرف أن يقيم الدليل على حسن نيته بإيداع ثمن ما آل إليه بمقتضى التصرف، متى كان هذا الثمن قريباً من ثمن المثل، وبذلك يتقى آثار الطعن و تسقط الدعوى، و أخيراً نص على تقادم هذه الدعوى بانقضاء سنة يبدأ سريانها من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف، أو بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه، ويراعى أن للدائنين الأخر أن يتمسكوا بهذا التقادم الحولي قبل الدائن الطاعن.

المشروع في لجنة المراجعة

 تليت المادة 323 من المشروع فوافقت اللجنة عليها كما هي .

وأصبح رقمها 250 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل ، تحت رقم 250.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة دون تعديل وأصبح رقمها 243 .

محضر الجلسة الثانية والستين

اقترح بعض حضرات مستشارى محكمة النقض والإبرام أن تكون مدة تقادم الدعوى البوليصية ثلاث سنوات ( بدلاً من سنة) تبدأ من تاريخ على الدائن بحصول التصرف أو من تاريخ شهره وليس من تاريخ علمه بسبب عدم نفاذ التصرف :

قرار اللجنة :

رأت اللجنة الأخذ بالاقتراح في شقه الأول وزادت مدة التقادم إلى ثلاث سنوات توخياً للتيسير، ولم تأخذ بالشق الثاني منه لأن الدائن قد يعلم بصدور التصرف ولكن لا يعلم بالأسباب التي تستتبع عدم نفاذه في حقه .

محضر الجلسة السابعة والستين

 اعترض الدكتور حامد زكي على أن المادة 243 حددت مدة سقوط دعوى عدم نفاذ التصرف بالتقادم بسنة وفي رأيه أن هذه المدة غير كافية ورأى أن تكون مدة التقادم ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ على الدائن بالتصرف لا من تاريخ العلم بسبب عدم نفاذه.

فرد معالي السنهورى باشا بأنه لا مانع من أن تكون مدة سقوط الدعوى ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ العلم بسبب عدم نفاذ التصرف لا من تاريخ العلم به .

قرار اللجنة :

وافقت اللجنة على جعل مدة التقادم ثلاث سنوات بدلاً من سنة توخياً للتيسير .

ملحق تقرير اللجنة :

اقترح أن تكون مدة تقادم الدعوى البوليصية ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف بدلاً من السنة التي نصت عليها المادة 243، وأن تبدأ المدة من تاريخ العلم بالتصرف لا من تاريخ العالم بسبب عدم نفاذه - وقد رأت اللجنة الأخذ بالشق الأول من هذا الاقتراح لجعلت المدة ثلاث سنوات بدلاً من سنة توخياً للتيسير ولم تر اللجنة الأخذ بالشق الثاني من الاقتراح لأن الدائن قد يعلم بصدور التصرف ولكن لا يعلم بالأسباب التي تستتبع عدم نفاذه في حقه .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.

الأحكام

1- لما كان الثابت من الأوراق أن التصرف الصادر إلى الطاعن قد تم فى تاريخ 1976/12/17 بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية فإن بالتالى لا ينفذ فى حق المطعون ضدها الثانية التى أوقع عليها البيع وخلفها المطعون ضده الأول وذلك طبقاً لنص المادة 405 من قانون المرافعات ودون اعتداد بعدم تسجيل حكم إيقاع البيع ومن ثم فلها وللمطعون ضده الأول مشترى العقار منها اتخاذ كافة الوسائل لإزالة جميع العوائق التى تقف فى سبيل تحقيق أثر ذلك الحكم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم نفاذ التصرف الصادر إلى الطاعن إعمالاً لحكم المادة 405 المشار إليها دون إعمال أحكام الدعوى البوليصية المنصوص عليها فى المواد من 237 إلى 243 من القانون المدنى والتى ليست إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه وليس من شأنها المفاضلة بين العقود فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.

(الطعن رقم 1360 لسنة 60 جلسة 1995/02/02 س 46 ع 1 ص 318 ق 62)

2- إن الطاعنة لم تقدم ما يثبت أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط دين الضريبة بالتقادم الخمسى و لا بسقوط دعوى نفاذ التصرف بالتقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة 243 من القانون المدنى - ولا يبين ذلك من مدونات الحكم المطعون فيه أوغيره من أوراق الطعن ومن ثم فإن النعى عليه بالقصور فى التسبيب لإلتفاته عن مناقشة هذا الدفاع يكون عارياً عن دليله .

(الطعن رقم 1273 لسنة 49 جلسة 1983/05/23 س 34 ع 2 ص 1271 ق 253)

3- مفاد نص المادة 243 من القانون المدنى أن الدعوى البوليصية تسقط بأقصر المدتين : الأولى ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف فى حقه لأن الدائن قد يعلم بالتصرف ولا يعلم بما يسببه من إعسار للمدين أوبما ينطوى عليه من غش إذا كان من المعاوضات . والثانية خمس عشرة سنة من الوقت الذى صدر فيه التصرف ومن ثم فإنه على من يتمسك بالتقادم الثلاثى المشار إليه أن يبين علم الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وتاريخ هذا العلم لتبدأ منه مدة ذلك التقادم .

(الطعن رقم 413 لسنة 46 جلسة 1979/12/06 س 30 ع 3 ص 171 ق 372)

4- إذ تنص المادة 243 من القانون المدنى على أنه " تسقط بالتقادم دعوى عدم نفاذ التصرف بإنقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف . وتسقط فى جميع الأحوال بإنقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذى صدر فيه التصرف المطعون فيه " فإن العلم الذى يبدأ به سريان التقادم الثلاثى فى دعوى عدم نفاذ التصرف هو علم الدائن بصدور التصرف المطعون فيه وبإعسار المدين والغش الواقع منه ، وإستظهار هذا العلم هو من قبيل فهم الواقع فى الدعوى الذى تستقل به محكمة الموضوع ولا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض متى كان تحصيلها سائغاً . وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعتد فى سريان بدء التقادم بعلم المطعون عليها الأولى بالطلب المقدم عن الرهن - المطلوب الحكم بعد نفاذه - إلى الشهر العقارى فى 1961/8/12 وبإستلام الطاعن  الدائن المرتهن للعقارين المرهونين فى 1961/10/1 وتحويل عقود الإيجار إليه ، وإنما اعتد فى هذا الخصوص بعقد الرهن الحيازى المشهر فى 1965/3/21 وإستند الحكم فيما حصله إلى إعتبارات سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق ، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز قبوله أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 636 لسنة 42 جلسة 1977/01/11 س 28 ع 1 ص 194 ق 46)

شرح خبراء القانون

تقادم الدعوى البوليصية :

تسقط الدعوى البوليصية بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات ويبدأ سريانه اعتباراً من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف، ويتحقق هذا العلم بتوافر الشروط اللازمة للطعن في التصرف بالدعوى البوليصية، فلا يكفي العلم بصدور التصرف أو حتى باعسار المدين أو بالغش الصادر منه بل يجب أن يتوفر العلم بغش المتصرف إليه أيضاً، فإن لم يتحقق علم الدائن بالغش الصادر من الأخير إلا بعد انقضاء خمس سنوات على صدور التصرف، فلا يبدأ سريان التقادم الثلاثي إلا ابتداء من هذا الوقت.

فيجب لسريان التقادم الثلاثي أن تلتقى شروط الدعوى البوليصية بعلم الدائن ويبدأ التقادم من الوقت الذي يتحقق فيه هذا الالتقاء، ويتحمل الدائن عبء إثبات ذلك، وللمدين والمتصرف إليه إثبات أن الدائن علم بأسباب عدم النفاذ منذ أكثر من ثلاث سنوات سابقة على رفع الدعوى، ويكون إثبات ذلك بكافة الطرق باعتبار العلم واقعة مادية.

وتسقط الدعوى في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه.

والمدة القصيرة والطويلة، هي مدة تقادم، فيرد عليها الوقف والانقطاع.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع، الصفحة/ 468 )

ونرى من ذلك أن التقنين المدنى الجديد جعل مدة تقادم الدعوى البوليصية معادلة لمدة تقادم دعاوى البطلان والدعاوى الناشئة عن العمل غير المشروع والإثراء بلا سبب ، وإن كانت الدعوى البوليصية ليست بدعوى بطلان كما سيجئ . وقد نزل التقنين الجديد بمدة التقادم إلى ثلاث سنوات حتى لا يبقى مصير التصرف الصادر من المدين معلقاً مدة طويلة .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/  الثاني المجلد/ الثاني الصفحة/ 1361)

رغم أن الدعوى البوليصية ليست دعوى إبطال، فهي تتقادم بمدد تشابه مدد تقادم البطلان النسبي، فهي تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف. وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف.

والعلة في النص على مدة ثلاث السنوات هي أن الدعوى البوليصية، كدعوى الإبطال تجعل مصير التصرف مهدداً. فلم ير المشرع أن يترك الأمر إلى القاعدة العامة في التقادم الطويل وحدها، ويترتب على ذلك ما يأتي:

1- أنها تسقط بالنسبة لكل دائن على حدة بمضي ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه بالتصرف وبسبب عدم نفاذه في حقه. فقد يعلم الدائن بالتصرف ولا يعلم أن من شأنه أن يسبب إعسار المدين أو أنه منطو على غش إن كان معاوضة، فلا تبدأ مدة ثلاث السنوات إلا من وقت علمه بذلك.

ويترتب على ذلك أن الدعوى قد تتقادم بالنسبة لدائن دون آخر. فإذا كانت مدة التقادم قد استكملت بالنسبة لأحد الدائنين فرفع دائن آخر الدعوى البوليصية وحكم بعدم نفاذ التصرف، فإنه يجوز للدائنين الآخرين أن يتمسكوا بالتقادم لاستبعاد الدائن الذي استكملت بالنسبة له مدة ثلاث سنوات من وقت رفع الدعوى من مشاركتهم في التنفيذ على المال محل التصرف. كما يجوز ذلك بالأولى للمتصرف إليه ودائنيه.

2- أنها تسقط على أي الأحوال، وبالنسبة لجميع الدائنين، بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف، ولو لم يعلم الدائن بالتصرف أو بسبب عدم نفاذه إلا في وقت متأخر.

ومعلوم أن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام ويجب التمسك به، إلا أنه لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض كما يجوز التنازل عنه صراحة أو ضمناً.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الخامس، الصفحة/ 649)

وقد رأى المشرع عقد وضع التقنين الحالي أن هذه المدة طويلة، وأنه ليس من المصلحة أن يظل أمر تصرفات المدين معلقاً طوال هذه المدة، فخفض مدة التقادم إلى ثلاث سنوات، إذ نص في المادة 243 على أن « تسقط بالتقادم دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف، وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه.

ويؤخذ من ذلك أن المشرع أجرى على تقادم الدعوى البوليصية نفس أحكام تتقادم دعاوی إبطال العقود المنصوص عليه في المادة 140 مدنی فجعل دعوى عدم نفاذ التصرف تتقادم بأقرب الأجلين، إما ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف، أي أنه لا عبرة بوقت علم الدائن بحصول التصرف إذا لم يتوفر له في الوقت ذاته العلم بتوافر الشروط التي تسمح بالطعن في هذا التصرف، وإما خمس عشرة سنة من وقت حصول التصرف.

وإذا كان التصرف قد صدر في ظل التقنين الملغي، فإن التقادم يتم بأقرب الأجلين المذكورين على الوجه المتقدم غير أنه إذا كان الدائن علم بسبب عدم نفاذ التصرف قبل العمل بالتقنين الحالي فإن مدة تقدم الثلاثي لا تبدأ إلا من تاريخ العمل بهذا التقنين.

وإذا تم التقادم الثلاثي بالنسبة إلى أحد الدائنين، فإن ذلك لا يؤثر في حق الدائنين الآخرين في رفع الدعوى البوليصية، ويسري في عشق كل منهم تقادم ثلاثی خاص تبدأ مدته من وقت علمه بسبب عدم نفاذ التصرف أما إذا تم التقادم بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ التصرف، فإنه يتم بالنسبة إلى جميع الدائنين على السواء.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس، الصفحة/ 346)

 

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة 246)

لا تسمع دعوى عدم نفاذ التصرف بعد انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف ، ولا تسمع في جميع الأحوال بعد انقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف.

هذه المادة تطابق المادة 243 من التقنين الحالي ، مع استبدال عبارة ولا تسمع بعبارة وتسقط بالتقادم، في صدر النص ، واستبدال عبارة : ولا تسمع ، بعبارة «وتسقط ، في وسط النص .

وتطابق المادة 269 من التقنين العراقي

و تطابق المادة 374 من التقنين الأردنی

و تطابق المادة ۳۱۷ من التقنين الكوینی ، فيما عدا أن هذه الأخيرة تتضمن لفظ « تسقط ، بالنسبة للدعوى بدلا من عبارة (لا تسمع )