مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 648
الحق في الحبس
المذكرة الإيضاحية :
نظرة عامة :
صور المشروع حق الحبس تصويراً يكشف عن حقيقته، فهو ليس من قبيل الحقوق العينية كما صور خطأ في التقنين الحالي ( أنظر المادة 5/19 من التقنين المصرى ) بل هو مجرد دفع يعتصم به الدائن، بوصفه وسيلة فعالة من وسائل الضمان وقد كف بهذه المثابة عن أن يكون حق حبس، وأصبح حقاً في الحبس وعلى هذا النحو خرج المشروع بهذا الحق من نطاق التطبيقات الخاصة التي وردت في التقنين الحالي على سبيل الحصر، إلى حيز المبادئ العامة، وبذلك كفل له عموم التطبيق في أحوال لا تتناهى، فلكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه استناداً إلى حقه في الحبس، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطاً به ( المادة 258 من المشروع ) . كذلك حدد المشروع حقوق المحتبس والتزاماته ( المادة 259 من المشروع ) وبين ما لفقد الحيازة من أثر في الحق في الحبس ( المادة 260 من المشروع ) .
مذكرة المشروع التمهيدي:
1- صور المشروع حق الحيس تصويراً يكشف عن حقيقته، فجعل منه مجرد دفع من الدفوع، لا يختلط بالحقوق العينية ولا يشاركها في مقوماتها، ثم إنه استعاض عن بيان أحوال الحبس على سبيل الحصر بإيراد قاعدة عامة، لها من السعة ما يؤهلها لأن تناول جميع التطبيقات التي يملى العقل فيها وجوب تخويل هذا الحق، فتحامي بذلك ما ينطوى في ذاك البيان من إسراف في الحرج والتضييق .
2- ويفترض الحبس أن دائناً تقوم به في الوقت ذاته صفة المدين قبل مدينة فهو من هذا الوجه لا يعدو أن يكون توسعاً في فكرة المقاصة، وليس بممتنع أن تتسع هذه الفكرة حتى تتمثل، عند التطبيق، في صورة حجز يوقعه المدين تحت يد نفسه والجوهري في نظام الحبس بأسره هو وجوب توافر الارتباط بين دينين، فللمتعاقد في العقود التبادلية أن يحتبس ما يلزم بأدائه حتى يفي المتعاقد الآخر بالتزامه، باعتبار توافر الارتباط بين الالتزامين، على نحو لا يحتاج إلى بيان وهذا هو الدفع بعدم التنفيذ، وهو في جملته ليس إلا تطبيقاً خاصاً من تطبيقات حق الحبس.
3- ومن تطبيقات حق الحبس كذلك ما يعرض عند إنفاق الحائز مصروفات ضرورية أو نافعة على الشيء الذي يكون في يده فمثل هذا الحائز ملزم برد الشيء إلى مالكه، ولكن من حقه في الوقت نفسه، أن يستأدي ما أنفق من تلك المصروفات، فثمة التزامان مرتبطان على وجه التبادل أو القصاص، يتفرع على ارتباطهما هذا إثبات حق صاحب اليد في أن يحبس الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له، إلا أن يكون قد أحرز هذا الشيء بوسيلة غير مشروعة ( السرقة مثلاً).
1- إذ كان الثابت فى الأوراق أن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بحقه فى حبس الشقة التي كانت فى حيازته بمقتضى عقد الوكالة سالف الذكر (الصادر له من المطعون ضده) حتى يستوفي ما أنفقه فى تشطيبها، وما دفعه من ثمنها نيابة عن المطعون ضده، وقيمة ما سدده من القرض التعاوني وأن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على سند من أن القضاء ببطلان عقد شرائه (عقد شراء الطاعن للشقة) ورفض دعواه بعدم نفاذ إلغاء التوكيل الصادر من المطعون ضده فى حقه يجعل يده على الشقة يد غاصب، فإنه يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون، وإذ حجبه هذا الخطأ عن تمحيص دفاع الطاعن، فإنه فضلاً عما تقدم يكون مشوباً بقصور يبطله.
(الطعن رقم 2143 لسنة 70 جلسة 2001/04/10 س 52 ع 1 ص 501 ق 105)
2- مفاد نص المادة 246 من القانون المدني أن لحائزالشيء الذي أنفق مصروفات ضرورية أونافعة الحق فى حبسه حتى يستوفي ماهومستحق له يستوي فى ذلك أن يكون الحائز حسن النية أوسيئها إذ أعطى القانون بهذا النص الحق فى الحبس للحائز مطلقا ولم يستثن من ذلك إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غيرمشروع كالشأن بالنسبة للحيازة التي تتم خلسة أوغشاً أوغصباً أوإكراها أما إذا كانت تقوم على سند من القانون ثم زال هذا السند كما هو الحال فى خصوص انتهاء الوكالة فإنه يجوز للوكيل إذا كان حائزاً لشيء مملوك للموكل وباعتباره حائزاً أن يدفع بحقه فى حبسه حتى يستوفى ما يثبت أنه أنفقه من مصروفات ضرورية أونافعة.
(الطعن رقم 2143 لسنة 70 جلسة 2001/04/10 س 52 ع 1 ص 501 ق 105)
3- النص فى المادة 246 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يجوز لكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بإلتزامه استناداً إلى حقه فى الحبس مادام الدائن لم يعرض الوفاء بإلتزام نشأ بسبب هذا المدين وكان مرتبطاً به مما مؤداه أن حق الحبس دفع يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ التزامه المقابل وهو بهذه المثابة يختلف عن المقاصة التي تشترط أن يكون الحق حالاً ومعين المقدار وتكون سبباً فى انقضاء الدينين بقدر الأقل منهما، كما أن استعمال الحق فى الحبس لايتطلب إعذاراً ولا الحصول على ترخيص من القضاء. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك بحقه فى حبس الأجرة لقعود المطعون ضده عن القيام بتنفيذ إلتزامه بتوصيل المياه بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وعدم إجراء توصيلات الصرف الصحي والترميمات بالمخالفة لعقد الصلح المؤرخ 1988/8/29 المبرم بينهما ويستحيل قعوده عن القيام بها بالإنذار المؤرخ 1991/10/13 المعلن للمطعون ضده مع شخصه كما تسلم الأجرة المستحقة عن شهر أكتوبر سنة 1991 دون اعتراض، ولما كان هذا الدفاع دفاعاً جوهرياً مما يجوز أن يترتب عليه إن صح تغير وجه الرأي فى الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن تحقيق هذا الدفاع اجتزأ فى الرد عليه على ما قرره من أن الطاعن لم يعذر المطعون ضده قبل القيام بالترميمات، يكون قد شابه قصور مبطل له.
(الطعن رقم 2894 لسنة 64 جلسة 1999/05/16 س 50 ع 1 ص 667 ق 132)
4- أجاز المشرع للمشتري فى المادة 457 من القانون المدني الحق فى حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من يده، ومفاد ذلك أن مجرد قيام هذا السبب يخول للمشتري الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يهدده، ما لم يكن قد نزل عن هذا الحق بعد ثبوته له أو كان فى العقد شرط يمنعه من استعماله، وإذ كان تقدير جدية هذا السبب وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أنه يجب أن يقيم قضاءه فى هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله وإذ ما تمسك المشتري أمام محكمة الموضوع بحقه فى حبس الثمن مستنداً فى ذلك إلى سبب يتسم بالجدية يتعين على تلك المحكمة أن ترد على هذا الدفاع بأسباب خاصة بإعتباره دفاعاً جوهرياً يتغير به إن صح وجه الرأي فى الدعوى، وإلا شاب حكمها القصور المبطل.
(الطعن رقم 3230 لسنة 68 جلسة 1999/05/09 س 50 ع 1 ص 637 ق 125)
5- أن حق الحبس المقرر بمقتضى المادة 246 من القانون المدني يبيح للطاعن الإمتناع عن رد الشيء. "الكمبيالات مثار الإتهام". حتى يستوفى ما هو مستحق له فى قيمتها طبقاً للإتفاق المحرر بينه وبين المدعى بالحقوق المدنية، وهو ما من شأنه - إن صح وحسنت نيته - انعدام مسئوليته الجنائية بالتطبيق لأحكام المادة 60 من قانون العقوبات، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل تحقيق دفاع الطاعن فى هذا الصدد وهو دفاع جوهري من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي فى الدعوى، ولم يستظهر مدى جديته ولم يرد عليه بما يدفعه، واجتزأ فى إدانته بمجرد القول بأنه تسلم الكمبيالات بصفته شريكاً ثم لم يردها، يكون معيباً بالقصور بما يبطله.
(الطعن رقم 14693 لسنة 60 جلسة 1993/05/16 س 44 ع 1 ص 483 ق 71)
6- الحق فى الحبس - وفقا لم جرى به نص المادة 246 من القانون المدني يثبت للدائن الذي يكون ملتزما بتسليم شيء لمدينه فيمتنع عن تسليمه حتى يستوفى حقه قبل هذا المدين طالما أن إلتزامه بتسليم الشئ مرتبط بسبب الحق الذي يطلب الوفاء به ومترتب عليه وما دام أن حق الدائن حال ولولم يكن مقدرا بعد وهو وسيلة ضمان دون أن يكون وسيلة استيفاء.
(الطعن رقم 2602 لسنة 60 جلسة 1992/01/29 س 43 ع 1 ص 255 ق 56)
7- مفاد نص المادة 246 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن لحائز الشئ الذي أنفق مصروفات ضرورية أو نافعة حق حبسه حتى يستوفى ما هو مستحق له، يستوي فى ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها، إذ أعطى القانون بهذا النص الحق فى الحبس للحائز مطلقاً، وبذلك يثبت لمن أقام منشآت على أرض فى حيازته الحق فى حبسها حتى يستوفى التعويض المستحق له عند تلك المنشآت طبقاً للقانون. وكان الطاعن الأول قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الإستئناف بأنه كان يضع يده على العقار المشفوع فيه بإعتباره مستأجراً ثم بوصفه شفيعاً بالحكم الصادر له فى الدعوى.. وأن من حقه حبس العقارحتى يسترد من الشفيع قيمة البناء الذي شيده، وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضى بالتسليم بقوله "وحيث إنه عن الطلب الخاص بحبس الأرض المشفوع فيها عملاً بالمادة 246 من القانون المدني فإن ذلك مجاله بين البائع والمشترى والعلاقة القائمة بينهما وليس دخل فيها. فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وحجبه ذلك عن مواجهة هذا الدفاع والرد عليه بما يعيبه أيضاً بالقصور فى التسبيب.
(الطعن رقم 3160 لسنة 58 جلسة 1991/05/28 س 42 ع 1 ص 1221 ق 191)
8- الشرط الفاسخ المقرر جزاء على عدم وفاة المشترى بالثمن فى الميعاد المتفق عليه يتحقق إلا إذا كان التخلف عن الوفاء بغير حق ، أما إذا كان من حق المشترى قانوناً أن يحبس الثمن عن البائع فلا عمل للشرط الفاسخ و لو كان صريحاً ، ولما كان إلتزام المشترى بدفع الثمن فى عقد البيع يقابله إلتزام بنقل الملكية إلى المشترى فإنه إذا وجدت أسباب جدية يخشى معها أن لا يقوم البائع بتنفيذ إلتزامه يكون من حق المشترى أو يوقف إلتزامه بدفع الثمن حتى يقوم البائع من جهته بتنفيذ إلتزامه بإتخاذ كل ما يلزم لنقل الملكية ، وذلك عملاً بالمادتين 246 ، 428 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 234 لسنة 50 جلسة 1984/11/22 س 35 ع 2 ص 1877 ق 357)
9- مفاد نص المادة 2/457 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أجاز للمشترى إذا تبين له وجود سبب جدى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذى يتهدده ، وعلم المشترى وقت الشراء بالسبب الذى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذى يتهدده ويكون فى ذات الوقت معتمداً على البائع فى دفع هذا الخطر قبل إستحقاق الباقى فى ذمته من الثمن ، وتقدير جدية هذا السبب هو مما يستقل به قاضى الموضوع إلا أنه يجب أن يقيم قضاءه فى هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفى لحمله .
(الطعن رقم 1252 لسنة 50 جلسة 1984/05/06 س 35 ع 1 ص 1186 ق 227)
10- لما كان حق الحبس المقرر بمقتضى المادة 246 من القانون المدنى يبيح للطاعن الإمتناع عن رد الشئ " مواد البناء " حتى يستوفى ماهو مستحق له من أجر ما أقامه من بناء وهو من شأنه إن صح وحسنت نيته إنعدام مسئوليته الجنائية بالتطبيق لأحكام المادة 60 من قانون العقوبات فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل تحقيق دفاع الطاعن فى هذا الصدد ، وهو دفاع جوهرى من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ، ولم يستظهر مدى جديته ولم يعرض لما قدمه الطاعن من مستندات رغم تمسكه بدلالتها على إنتفاء الجريمة المسندة إليه وإجتزأ فى إدانته بمجرد القول بأنه تسلم مواد البناء وإمتنع عن تسليمها للمجنى عليها رغم إنذاره يكون قاصراً فى بيان أركان جريمة التبديد لأن مجرد الإمتناع عن رد مواد البناء محل الإتهام مع ما أبداه الطاعن تبريراً لذلك لا يكفى لإعتباره مبدداً و القول بقيام القصد الجنائي لديه وهو إنصراف نيته إلى إضافة مواد البناء إلى ملكه و إختلاسها إضراراً بالمجنى عليها .
(الطعن رقم 5910 لسنة 53 جلسة 1984/03/15 س 35 ص 286 ق 59 ( جنائى ) )
11- وضعت المادة 246 من القانون المدنى قاعدة مقتضاها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بإلتزامه إستناداً إلى حقه فى الحبس ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بإلتزام نشأ بسبب إلتزام هذا المدين و كان مرتبطاً به ، مما مؤداه أن حق الحبس هو دفع يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ إلتزامه المقابل ، ومن تطبيقاته النص فى الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر على أنه " ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشىء أومحرزه ، إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أونافعة ، فإنه له أن يمتنع عن رد هذا الشىء حتى يستوفى ما هو مستحق له ، إلا أن يكون الإلتزام ناشئاً عن عمل غير مشروع " ومفاد ذلك أن المشرع قد إستوجب كقاعدة عامة مع قيام التعادل فى الإلتزامات المتبادلة وجوب قيام الإرتباط بين الإلتزام الذى يرد عليه حق الحبس والإلتزام المقابل بأن يكون - فى خصوص التطبيق الوارد بالفقرة الثانية - ما أنفق على الشىء مرتبطاً ومنصباً على ما يطلب رده .
(الطعن رقم 923 لسنة 51 جلسة 1983/05/24 س 34 ع 2 ص 1292 ق 257)
12- النص فى المادة 246 من القانون المدنى على أنه لكل من إلتزم بأداء شىء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بإلتزام مترتب عليه بسبب إلتزام المدين ومرتبط به مفاده ان حق المدين فى الإمتناع عن التنفيذ لا يقوم أصلا إلا إذا كان دائنه قد أخل بالوفاء بإلتزام عليه لهذا المدين مرتبط هذا الأخير ولازم ذلك أن يكون حق الحابس حال الأداء ولا يتوقف إستحقاقه على قيامه بتنفيذ إلتزامه هو أولاً . وكان الأجل الواقف لايسقط إلا فى الحالات التى يحددها القانون أو الإتفاق . وكان متفقاً فى عقد البيع أن أجل إلتزام المطعون ضدها - البائعة - بتقديم المستندات اللازمة للتسجيل لا يحل أصلاً إلا بعد سداد الطاعنين المشترين كامل الثمن أى أن تنفيذ المطعون ضدها لهذا الإلتزام يتوقف على قيام الطاعنين بسداد كامل الثمن أولاً ، ولم يكن ثمة سند من القانون أوالإتفاق يرتب على مجرد التشكك فى قدرة المطعون ضدها على تنفيذ ذلك الإلتزام سقوط أجله حتى يحق للطاعنين حبس باقى الثمن لهذا السبب ، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون لرفضه الدفع بالحبس المبدى من الطاعنين يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 150 لسنة 49 جلسة 1983/04/28 س 34 ع 1 ص 1099 ق 221)
13- إذ تنص المادة 142 من القانون المدنى على أنه فى حالتى إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد وجرى نص المادة 246 من ذات القانون بأن لكل من إلتزم شىء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بإلتزام مترتب عليه بسبب إلتزام المدين ومرتبط به أوما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بإلتزامه هذا ، و يكون ذلك بوجه خاص لحائز الشىء أو محرزه ، إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة ، فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشىء حتى يستوفى ما هو مستحق له ، إلا أن يكون الإلتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع - و كانت الطاعنة "المشترية" قد دفعت أمام محكمة الموضوع بحقها فى حبس العين المبيعة حتى تستوفى ما دفعته من ثمن وما أنفقته من مصروفات ضرورية أو نافعة ، وقد حجب الحكم المطعون فيه نفسه عن بحث هذا الدفاع الجوهرى مجتزئاً من ذلك بالقول بأن عقد البيع باطل بطلاناً مطلقاً فلا يرتب أثراً من آثار البيع فإن الحكم فى هذا الخصوص - إذ قضى بتسليم العقار المبيع للمطعون عليها " البائعة " يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وعابه القصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 919 لسنة 50 جلسة 1981/04/14 س 32 ع 1 ص 1128 ق 210)
14- للمتعاقد فى العقود الملزمة للجانبين الحق فى الامتناع عن تنفيذ التزامة إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به إعمالا لنص المادة 161 من القانون المدنى إلا أن هذا الحق لا يحرمه إن كان دائنا للمتعاقد الآخر من استصدار أمر من القاضى المختص بتوقيع الحجز التحفظى تحت يد نفسه على ما يكون مدينا به لمدينه إعمالا لنص المادتين 316 و 349 من قانون المرافعات وتقدير مدى تحقق وجود هذا الدين وتوافر الخشية من فقد الدائن لضمان حقه أمر متروك لسلطة محكمة الموضوع التقديرية بعيدا عن رقابة محكمة النقض .
(الطعن رقم 440 لسنة 45 جلسة 1979/06/25 س 30 ع 2 ص 746 ق 327)
15- يشترط لقصر حق المشترى فى الحبس على جزء من الثمن يتناسب مع الخطر الذى يتهدده أن يكون عالما وقت استعمال حق الحبس بمقدار هذا الخطر وإذ يبين من الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه رفض حق الطاعنين فى حبس باقى ثمن الأرض المبيعة إستنادا إلى مجرد القول بأن وجود قيد تسجيل تنبيه نزع ملكية على الأرض وفاء لمبلغ 7986ج و265 م لا يكفى كمبرر لحبس كل الباقى من الثمن وقدره 24495 ج و دون أن يستظهر الحكم على الطاعنيين بمقدار هذا الدين فى الوقت الذى أستعملوا فيه حقهم فى الحبس ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون و شابه القصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 69 لسنة 46 جلسة 1979/05/31 س 30 ع 2 ص 488 ق 275)
16- حق الحائز فى حبس العقار - مقرر تنفيذاً للحق فى الحبس الذي نصت عليه المادة 246/1 من القانون المدني من أن لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به أوما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا، ثم فإن للحائز أن يحتج بالحق فى حبس العقار فى مواجهة الغير ومن بينهم الخلف الخاص للبائع، إلا أن هذا الحق لا يسري على من يشهر حقه من أصحاب الحقوق العينية قبل أن يثبت للحائز الحق فى حبس الغير لأن - الحق فى الحبس لا يختلط بالحقوق العينية ولا يشاركها فى مقوماتها ولا يعطى لحائز الشيء الحق فى التتبع والتقدم.
(الطعن رقم 915 لسنة 44 جلسة 1978/03/30 س 29 ع 1 ص 932 ق 183)
17- فى العقود الملزمة للجانبين وعلى ما تقضى به المادة 161 من القانون المدنى إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء ، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما إلتزم به ، وقد أجاز المشرع تطبيقاً لهذا الأصل فى الفقرة الثانية من المادة 457 للمشترى ما لم يمنعه شرط فى العقد أن يحبس الثمن إذا خيف على المبيع أن ينزع من يده ، ومقتضى ذلك أن قيام هذا السبب لدى المشترى يخول له الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ، ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذى يهدده ، وذلك ما لم يكن قد نزل عن هذا الحق بعد ثبوته له أوكان فى العقد شرط يمنعه من إستعماله ، فعلم المشترى وقت الشراء بالسبب الذى يخشى معه نزع المبيع من يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذى يهدده و يكون فى نفس الوقت معتمداً على البائع فى دفع هذا الخطر قبل إستحقاق الباقى فى ذمته من الثمن ما دام أنه لم يشتر ساقط الخيار .
(الطعن رقم 274 لسنة 40 جلسة 1975/12/10 س 26 ص 1606 ق 301)
18- مفاد نص المادة 246 من القانون المدنى أن لحائز الشئ الذى إتفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة حق حبسه حتى يستوفى ما هو مستحق له يستوى فى ذلك أن يكون الحائز حسن النية أو سيئها اذ أعطى القانون بهذا النص الحق فى الحبس للحائز مطلقاً ، وبذلك يثبت لمن أقام منشآت على أرض فى حيازته الحق فى حبسها حتى يستوفى التعويض المستحق له عن تلك المنشآت طبقاً للقانون . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتسليم ، دون أن يرد على دفاع الطاعنة - البائعة - من أن من حقها أن تحبس العين المبيعة تحت يدها حتى تستوفى من المطعون ضدها - الوارثة للمشترى - ما هو مستحق لها من تعويض عن البناء الذى أقامته - فيها بعد البيع - و هو دفاع جوهرى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 239 لسنة 38 جلسة 1973/12/18 س 24 ع 3 ص 1287 ق 223)
19- الصحيح فى القانون - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو أن إلتزام المشترى برد العقار المبيع بعد فسخ البيع إنما يقابل إلتزام البائع برد ما قبضه من الثمن ، وأن إلتزام المشترى برد ثمرات العين المبيعة يقابل إلتزام البائع برد فوائد ما قبضه من الثمن ، بما مؤداه ان من حق المشترى أن يحبس ما يستحقه البائع فى ذمته من ثمار حتى يستوفى منه فوائد ما دفعه من الثمن .
(الطعن رقم 321 لسنة 37 جلسة 1972/04/18 س 23 ع 2 ص 721 ق 113)
20- حق الحبس وفق المادة 246 من القانون المدنى يثبت للدائن الذى يكون ملتزما بتسليم شىء لمدينه فيمتنع عن تسليمه حتى يستوفى حقه قبل هذا المدين طالما أن التزامه بتسليم الشىء مرتبط بسببب الحق الذى يطلب الوفاء به ومترتب عليه ، وما دام أن حق الدائن حال ولو لم يكن بعد مقدرا . وحق الحبس بهذه المثابة يختلف عن المقاصة التى تكون سببا لانقضاء الدينين بقدر الأقل منهما ، ذلك أن حق الحبس يظل معه الدينان قائمين و يعد وسيلة ضمان دون أن يكون وسيلة استيفاء .
(الطعن رقم 31 لسنة 36 جلسة 1970/03/17 س 21 ع 1 ص 459 ق 73)
21- كان الطاعن قد أورد فى مذكرته أمام محكمة الإستئناف والمعلنة إلى المطعون عليها قوله " للطاعن الحق فى حبس العين المبيعة تحت يده مقابل المصروفات التى أنفقها فى إصلاح الأطيان وردمها " ، وكان هذا الدفاع يختلف فى أساسه عن الدفاع الذى أبداه الطاعن أمام محكمة أول درجة بأنه إتفق مع البائعة على خصم المصروفات التى ينفقها على الأطيان المبيعة من الثمن وقد ردت تلك المحكمة فى حكمها على هذا الدفاع بما ينفيه ، وكانت المادة 246 من القانون المدنى إذ أوردت فى الفقرة الأولى منها القاعدة العامة فى حق الحبس قد نصت بفقرتها الثانية على إحدى حالاته البارزة فقالت" يكون ذلك بوجه خاص لحائز الشىء أو محرزه إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أونافعة فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشىء حتى يستوفى ما هو مستحق له إلا أن يكون الإلتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع" وإذ أغفل الحكم المطعون فيه إعمال حكم هذا النص بشأن دفاع الطاعن المشار إليه لبيان مدى إنطباقه عليه وما يحق للطاعن حبسه وفقاً للقانون مما قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى و قضى الحكم بتسليم الأطيان المبيعة إلى المطعون عليها الأولى ، فإنه يكون مشوباً بالقصور .
(الطعن رقم 505 لسنة 34 جلسة 1968/12/10 س 19 ع 3 ص 1504 ق 229)
22- إعطاء المشترى المتأخر فى دفع الثمن أجلا للوفاء به طبقا للمادتين 2/157 و 2/346 من القانون المدنى هو من الرخص التى أطلق الشارع فيها لقاضى الموضوع الخيار فى أن يأخذ منها بأحد وجهى الحكم فى القانون حسبما يراه هو من ظروف كل دعوى بغير معقب عليه .
(الطعن رقم 408 لسنة 34 جلسة 1968/05/16 س 19 ع 2 ص 962 ق 143)
23- مفاد نص المادة 246 من القانون المدنى أن المشرع لايكتفى فى تقريرحق الحبس بوجود دينين متقابلين وإنما يشترط أيضا قيام ارتباط بينهما وفى الوديعة لا يكون للمودع لديه أن يحبس الشىء المودع إلا مقابل استيفائه المصروفات الضرورية أوالنافعة التى يكون قد أنفقها على ذات هذا الشىء أما المصروفات التى لا تنفق على ذات الشىء المودع فإن التزام المودع بها لايكون مرتبطا بالتزام المودع لديه برد الوديعة وبالتالى لايسوغ للمودع لديه أن يمتنع عن رد الوديعة عند طلبها بحجة اقتضاء مثل هذه المصروفات فإذا كان الدين الذى اعتبر الحكم المطعون فيه أن للطاعن الحق فى حبس السيارة حتى يستوفيه يتمثل فى قيمة أجرة السائق التى قام المطعون عليه بدفعها عن المودع وبتكليف منه فإن هذه الاجرة لا تدخل فى نطاق المصروفات التى تجيز للمودع لديه حق الحبس لاستيفائها .
(الطعن رقم 286 لسنة 28 جلسة 1963/06/27 س 14 ص 956 ق 133)
24- مجال إثارة الدفع بعدم التنفيذ مقصور على ماتقابل من التزامات طرفى الاتفاق ومناط ذلك إرادتهما وهو ما لمحكمة الموضوع حق استظهاره . وإذن فمتى كان الواقع هو أن المدعى عليه قد اشترى قطعة أرض تجاور ملك المدعى فأظهر هذا الأخير رغبته فى أخذ هذه الأرض بالشفعة ولكن إجراءاتها لم تتم لاتفاق عقد بين الطرفين تنازل المدعى بمقتضاه عن السير فى دعوى الشفعة كما دفع مبلغا من المال إلى المدعى عليه وذلك فى مقابل إنشاء حق ارتفاق على عقاره لمصلحة عقار المدعى وهو عدم التعلية لأكثر من ارتفاع معين ، كما ورد فى الاتفاق أن المدعى قد تعهد بترك مترين بطول ملكه ليكون مع ما يتركه المدعى عليه فضاء أوحديقة لمنفعة العقارين المتجاورين ، وكانت المحكمة قد استخلصت من عبارات الاتفاق ونصوصه أن التزام المدعى بدفع المبلغ و التنازل عن طلب الشفعة هو مقابل التزام المدعى عليه بترك جزء فضاء من ملكه وعدم قيامه بتعلية بناء عمارته لأكثر من الارتفاع الوارد بالاتفاق وأن المدعى قد وفى بالتزامه بدفع المبلغ والتنازل عن الشفعة وانه كان على المدعى عليه أن ينفذ التزامه بعدم تعلية البناء لأكثر من الارتفاع المتفق عليه ، وأنه لا يجوز له التحدى بقيام المدعى بالبناء فى الأرض التى تعهد بتركها فضاء لأن هذا الالتزام مستقل عن الالتزامات المتقابلة التى رتبها العاقدان ولا مجال للتعرض لهذا الالتزام أو البحث فى الإخلال به لأن محله هو التداعى استقلالا ، وكان هذا الذى استخلصته المحكمة هو استخلاص سائغ تحتمله نصوص العقد وتفيده عباراته ، فإنه يكون فى غير محله تذرع المدعى عليه بالدفع بعدم تنفيذ فى مقام الرد على دعوى المدعى إذا هو طالبه باحترام التزامه بعدم التعلية
(الطعن رقم 424 لسنة 21 جلسة 1955/04/14 س 6 ع 3 ص 969 ق 126)
25- متى كان الواقع فى الدعوى هو ان المطعون عليه تعاقد مع الطاعنة على استغلال فيلم فى الخارج لقاء مبلغ معين - 7500 جنيه - يدفعه المطعون عليه دفع منه وقت العقد جزءا 1000 جنيه - وتعهد بدفع جزء آخر - 3000 جنيه - فى مدى شهر من التوقيع على العقد بحيث اذا تأخر عن دفع هذا الجزء فى ميعاده يصبح المبلغ الذى دفع أولا حقا للطاعنة بصفة تعويض ويعتبر العقد لاغيا وباقى المبلغ يدفع عند تسليم الفيلم فى الخارج ، وتعهدت الطاعنة بأن يتم ارسال الفيلم الى الخارج فى خلال أربعة شهور من تاريخ التعاقد - أى بعد وفاء المطعون عليه بالتزامه - وكان الثابت من أوراق الدعوى ان المطعون عليه لم يف بما تعهد به اذا لم يدفع سوى مبلغ 2000 جنيه بعد الميعاد المتفق عليه فانه يكون للطاعنة - رغما عن قبولها الوفاء الجزئى على غير الوجه المتفق عليه - ان تحبس التزامها بالتسليم حتى يقوم المطعون عليه بالوفاء الكامل ، اذ ليس من شأن قبول الطاعنة للمبلغ الذى دفعه المطعون عليه بعد الميعاد المتفق عليه ما يسقط حقها فى الحبس بل كل ما عسى ان يكون له من شأن انه - اذا أكمل المطعون عليه المبلغ 3000 جنيه - يصلح دفعا لدعوى الطاعنة اذا هى رفعتها طالبة الفسخ لعدم وفاء الطاعن بما تعهد به على الوجه المتفق عليه . أما حقها هى فى حبس التزامها بالتسليم فلا يسقطه قبولها وفاء بعض المتعهد به بعد الميعاد المتفق عليه واذن فمتى كان الحكمان المطعون فيهما قد انتهيا الى فسخ العقد تأسيسا على ان الطاعنة هى التى تخلفت عن وفاء التزامها بالتسليم لأن تأخر المطعون عليه فى الوفاء بما تعهد بدفعه فى ميعاده لا يعتبر تقصيرا تترتب عليه آثاره لأنه وقع بقبول ورضاء الطاعنة فانهما يكونان قد أخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 138 لسنة 19 جلسة 1951/06/14 س 2 ع 3 ص 1026 ق 158
26- حق الحبس المقرر بمقتضى أحكام المادة 246 من القانون المدنى يبيح للطاعن الامتناع عن رد جهاز التسجيل حتى يستوفى ما هو مستحق له من أجر إصلاحه . وهو ما من شأنه إن صح وحسنت نية الطاعن انعدام مسئوليته الجنائية بالتطبيق لأحكام المادة 60 من قانون العقوبات . فإن الحكم المطعون فيه إن أغفل تحقيق دفاع الطاعن فى هذا الصدد واجتزأ فى إدانته بمجرد القول بأنه تسلم جهاز التسجيل لإصلاحه ثم لم يرده يكون قاصراً عن بيان أركان جريمة التبديد لأن مجرد الامتناع عن رد جهاز التسجيل أو التأخير فى رده على ما أبداه الطاعن تبريراً لذلك لا يكفى لاعتباره مبدداً والقول بقيام القصد الجنائي لديه وهو انصراف نيته إلى إضافة جهاز التسجيل إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بمالكه .
(الطعن رقم 1609 لسنة 64 جلسة 2003/03/06 س 54 ص 366 ق 37 ( جنائى ) )
(الطعن رقم 540 لسنة 42 جلسة 1975/12/31 س 26 ص 1757 ق 328)
2- المادة 143 من القانون المدني تنص على انه اذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلا الإيطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله ومفاد ذلك أنه ما لم يقم من يدعی البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقي من العقد صحيحا باعتباره عقدا مستقلا ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده ، كما أن مقتضى نص المادة 225 من القانون المدني أنه لا يجوز للدائن أن يطالب في حالة إذا ما جاوز الضرر قيمة التعويض الاتفاقي بأكثر من هذه القيمة الا اذا أثبت أن المدين ارتكب غشا أو خطأ جسيما ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بابطال العقد الابتدائي المؤرخ 31/12/1980 بالنسبة لمسلحة 20 س / 18 ط من اجمالي الأطيان البالغ مساحتها 4 ط اف فإن بطلان هذا الشق لا يترتب عليه بطلان العقد كله ما دام أن الطاعن بصفته لم يقم الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد ، وعلى ذلك فإن العقد الأبتدائی سالف البيان يظل صحيحا في باقي بنوده ومنها البند التاسع منه الذي تضمن النص على الشرط الجزائي في حالة عدم اتمام البيع لأي سبب مادام لم يثبت أن المطعون ضدهم الستة الأول قد ارتكبوا غشا أو خطأ جسيما" .
(نقض طعن 6670 سنة 62 ق، جلسة 16/5/2000)
ننوه بادئ ذي بدء إلى الفرق بين حق الحبس وبين الحق في الحبس، فالاول أخذ به القانون المدني السابق فكان حق الحبس حقاً عينياً، وقد هجر القانون الجديد هذه الفكرة وأخذ بالحق في الحبس باعتباره دفعاً بعدم التنفيذ - يرى عبد الفتاح عبد الباقي أن الحق في الحبس حق شخصی - فليس هو حقاً عينياً ولا حقاً شخصياً بل دفعاً يتمسك به المدين في أحوال غير محصورة كلما توفرت شروط هذا الدفع خلافاً للقانون السابق الذي حصر حق الحبس في حالات معينة، كما يعتبر الحق في الحبس أداة ضمان فيقدم الحابس على سائر الدائنين حتى على المرتهن منهم أو صاحب حق الامتياز.
ومتى تمسك الدائن بحقه في الحبس، تعين عليه أن يسلك السبيل المؤدي إلى التنفيذ على المال المحبوس، أو الوفاء به بطريق الإيداع المشروط حتى يقوم الطرف الآخر بتنفيذ التزامه المقابل.
ويتوافر شروط الحق في الحبس تنتفي مقومات إعمال الشرط الفاسخ ولو كان صريحاً على التفصيل الذي أوضحناه بالمادتين 157 ، 158.
ويشترط للتمسك بالحق في الحبس :
1- أن يكون هناك دينان متقابلان، بأن يكون الحابس مديناً للدائن وفي ذات الوقت يكون الدائن مديناً للمدين، فيحبس المدين الحق الذي في ذمته للدائن حتى يستوفي الحق الذي له قبل الدائن، وقد يتعلق الدين الذي في ذمة المدين بعين يلتزم بتسليمها كبائع فيمتنع عن ذلك حتى يوفي الدائن الثمن وقد يتعلق الدين بثمن يلتزم المشترى بالوفاء به، فيمتنع عن ذلك لعدم قيام البائع بتسليم المبيع في الميعاد المتفق عليه أو لتوافر الخشية من عدم إمكان التسليم أو لعدم تطهير المبيع من الرهن، وقد يتعلق بعمل أو امتناع عن عمل كالفنان أو المقاول لا ينفذ العمل إلا إذا استوفي المقدم المتفق عليه، ومالك الأرض الذي أذن لجاره بالمرور بأرضه مقابل مبلغ معين فله منعه وحبس المرور حتى يستوفي المبلغ المتفق عليه .
ولما كان الدائن لا يجبر على قبول وفاء جزئي، وبالتالي يظل حقه في الحبس قائماً رغم الوفاء الجزئي.
وقد يكون مصدر هذا الدين عقداً أوعملاً غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نص في القانون، فيجوز الحبس في البيع وفي الايجار وفي غيرهما على أنه إذا كان الحبس بسبب عدم التنفيذ العيني فإن هذا الحق يسقط أن تم هذا التنفيذ ولو كان الدائن هو الذي قام به كحبس الأجرة لعدم قيام المؤجر بالترميمات الضرورية على نحو ما أوضحناه بالمادة 568، ويجوز أيضاً في الإثراء بلا سبب، فمالك الأرض الذي أزال المنشآت التي أقامها الغير بأرضه له حبسها حتى يستوفى ما قضى له به من تعويض م 924 وللمالك في الحالة الواردة. بالمادة 928 الامتناع عن نقل الملكية قبل الحصول على التعويض، وللحائز سواء كان حسن النية أو سيئها الحق في حبس الشيء الذي أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة حتى يستوفي ما هو مستحق له بشرط ألا يكون مغتصباً، إذ لا يرد الحق في الحبس على الغصب كعمل غير مشروع، فيلتزم الغاصب بالرد ثم الرجوع وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب، ذلك أن العمل غير المشروع الذي لا يكون جريمة جنائية، كحيازة العقار بعد الفسخ أو البطلان، يكون مصدراً لدين يجيز لصاحبه حبس العقار.
وليس للسارق أو من عثر على الشئ الفاقد الحق في الحبس بل يلتزم بالرد ثم الرجوع على المالك بعد ذلك بما أنفق. ولا يرد الحق في الحبس على المال العام حتى يتمكن الكافة من الانتفاع به وفقاً للاصل المقرر له، أما المال المملوك ملكية خاصة للدولة أو الجهة الإدارية فيرد عليه الحق في الحبس شأنه شأن المال الخاص المملوك للأفراد.
وليس للمدين الحق في الحبس إلا إذا كان الحق الذي له في ذمة الدائن مستحق الأداء وهذا يتطلب إلا يكون ديناً طبيعياً أو معلقاً على شرط واقف أو مضاف لاجل لم يحل بعد.
2 - أن توجد رابطة بين الدينين، تتوفر بها العلاقة التبادلية بين التزامين، كما في العقود والوديعة والفضالة والاثراء بلا سبب وغير ذلك، فإذا انتفت الرابطة بين الدينين ما جاز استعمال الحق في الحبس ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك، ويجب عدم التعسف في استعمال هذا الحق كما إذا كان الالتزام المقابل لم ينفذ إلا في قدر يسير منه.
ومتی توافر شرط الحق في الحبس، كان لصاحب هذا الحق ايقاف تنفيذ التزامه نحو خصمه حتى يستوفي حقه، ويجب ألا يقضي بما يتنافى مع هذا الحق، فيجوز أن يقضي على صاحب الحق في الحبس بتنفيذ التزامه نحو خصمه بشرط أن ينفذ الأخير التزامه نحوه، كما يجوز القضاء برفض الدعوى بحالتها النشوء الحق في الحبس حتى يزول هذا الحق، مثال ذلك حائز العين الذي ينفق مصروفات ضرورية عليها، سواء كان مغتصبا لها أو مشترياً فسخ عقده أو أبطل، أو كان مودعاً لديه أو وكيلاً أو مفترضاً، فلا يجوز الزامه بالتسليم أو الرد إن كان له الحق في حبس ما في حيازته لأن القضاء بالتسليم أو الرد يتنافى مع الحق في الحبس. انظر نقض 18/12/1973 بالمادة 341 .
ومن تطبيقات الحق في الحبس المواد 142 و 160 و 193 و 195 و 457 و 459 و605 637 و722 و 725 و860 و 924 و 925 و 927 و 979 و 980 .
وإذا هلك الشيء المحبوس وكان مؤمناً عليه فلا ينتقل الحق في الحبس الى مبلغ التأمين بل يستحقه مالکه اذ أن الحبس ليس تأميناً عينياً، ولكن للدائن أن يحجز على مبلغ التأمين تحت يد الشركة المؤمنة وفقاً لأحكام حجز ما للمدين لدى الغير، ولا يجوز الحبس الا بصدد الالتزام الذي سلمت العين بموجبه ومن ثم فإذا كان الحابس يستند في حبسه الى التزام آخر غير الذي تسلم به العين فلا يكون له الحق في الحبس انظر م 1107.
3- ألا يتخلى الحابس عن حيازة الشيء طوعاً، ومؤدى ذلك أن الحق في الحبس يسقط بالتخلي عن الشيء، ولما كان الساقط لا يعود، فلا يجوز لمن تخلى عن الشئ أن يطلب رده إليه لحبسه، ولكن إذا خرج الشيء كرها، سواء باستعمال القوة أو بموجب تنفيذ حكم مستعجل، جاز طلب استرداده لحبسه.
وقضت محكمة النقض بأن التخلي عن الحيازة المسقط لحق الحبس واقعة مادية لمحكمة الموضوع أن تستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها ومن المستندات المقدمة فيها وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد استخلص تخلى الطاعن باختياره عن حيازة العين التي يطلب تمكينه من وضع يده عليها من توقفه عن أعمال البناء قبل رفع المطعون عليها دعوى إثبات حالة البناء وإصراره على عدم إتمام البناء مما اضطر المطعون عليها الى الاتفاق مع مقاول آخر لإتمام ما لم يقم الطاعن بتنفيذه، ومن أن مذكرة الطاعن بقسم البوليس لم تتضمن ما يدل على صحة دعواه من أنه طرد من البناء في تاريخ تحريرها أو أن تابعاً للمطعون عليها قد اعترف بأنها امرته بمنع الطاعن من دخول العقار، وخلصت المحكمة من استعراض هذه الوقائع ومن مراجعة الخطابات والانذارات المتبادلة بين الطرفين إلى أن تخلى الطاعن عن حيازته كان بمحض اختياره، وكانت هذه القرائن التي استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعى عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس. نقض 9/4/1953 طعن 372 س 21 ق.
4- يجب ألا يكون الحابس هو البادئ بالإخلال في تنفيذ التزامه، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 161.
5 - يجب ألا يتعسف الحابس في استعمال حقه في الحبس، فالحق في الحبس كغيره من الحقوق، يجب أن يستعمل استعمالاً مشروعاً، وإلا توافر الخطأ التقصيري والتزم الحابس بالتعويض وفقاً للقواعد العامة، فضلاً عن الزامه بتنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً، مثال ذلك أن يمتنع مقاول عن تسليم البناء استناداً الى حقه في حبسه لوجود مبلغ في ذمة رب العمل متى كان هذا المبلغ زهيداً بالنسبة القيمة المقاولة.
الحق في حبس التزام المدين، قاعدة عامة تخضع لها كافة الالتزامات وفي جميع الحالات، خلافاً للدفع بعدم التنفيذ الذي ينحصر نطاقه في حالات قیام العقد وتنفيذه ولا يعمل به في حالة انحلال العقد. وفي الالتزامات غير التعاقدية، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 161 .
يتعلق الحق في الحبس بمصلحة الدائن عندما يخل المدين بالتزامه المقابل، وبالتالي لا يتعلق هذا الحق بالنظام العام، مما يجوز معه للدائن التنازل عنه صراحة أو ضمناً، فقد يتضمن العقد ما يفيد هذا التنازل سواء بالنسبة لطرفيه أو لأحدهما فقط، وهو شرط جائز قانوناً ولا إذعان فيه طالما أن العقد ذاته ليس من عقود الإذعان، يستوى أن يتم التنازل قبل ثبوت هذا الحق أو بعد ثبوته.
وقد تتحقق شروط الحق في الحبس ومع ذلك يقوم الدائن بالوفاء بالتزامه بتسليم الشئ محل هذا الحق، کوفاء المشتري بالقسط الذي حل بعد إخلال البائع بالتزامه بتسليم المبيع، مما يحول دون المشتري وابطال هذا الوفاء حتى يتمكن من استرداد القسط لحبسه تحت يده، وينحصر التنازل في هذا القسط، بحيث لو ظل البائع مخلاً بالتزامه بالتسليم، جاز للمشترى حبس الأقساط التي قد تحل بعد القسط الأول، فلا يمتد إليها هذا التنازل. وإذا أخل المشتري بالقسط المستحق بعد الميعاد المحدد لتسليم المبيع ولم يتمسك البائع بالحق في حبس المبيع وإنما قام بتسليمه فإنه يكون قد تنازل ضمناً عن حقه في الحبس مما يحول دونه وطلب استرداده لحبسه.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع الصفحة/ 589)
تحصر الشروط التي إذا هي توافرت تنشيء الحق في الحبس ويمكن من الرجوع إلى النص المشار إليه حصر هذه الشروط في شرطين اثنين :
(أولاً ) أن يكون هناك شخصان كل منهما دائن للأخر ومدين له، ومن ثم يكون هناك دينان متقابلان : دين في ذمة الأول للثاني، ودين مقابل له في ذمة الثاني للأول.
( ثانياً ) أن يكون هناك ارتباط ما بين الدينين.
الشرط الأول – دينان متقابلان : يجب أولاً أن يكون هناك شخص مدين لآخر ، وثانياً أن يكون هذا الآخر مدينا هو أيضاً للأول . فيقف الأول الوفاء بالدين الذي عليه حتى يستوفى الدين الذي له .
أما الدين الذي في ذمة الشخص الأول – وهو المحل الذي يقع عليه الحبس – فيصح أن يكون متعلقاً بعين معينة بالذات ، كدار باعها صاحبها فأصبح مديناً بتسليمها إلى المشترى، فيقف تنفيذ التزامه بالتسليم حتى يستوفي الثمن ويصح أيضاً أن يكون الدين محله شئ غير معين بالذات، نقود أو أشياء مثلية .
يصح أن يكون محل الدين عملاً أن امتناعاً عن عمل.
على أن هناك استثناء واحداً من الأحكام التي قررناها، وهو استثناء ورد في آخر الفقرة الثانية من المادة 246 . فإن هذا النص يجعل لحائز الشيء حق حبسه حتى يسترد المصروفات الضرورية أو النافعة التى أنفقها على هذا الشئ " إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع.
وذلك كما إذا اغتصب الحائز العين من صاحبها أو سرقها منه أو وجدها ضائعة فاستولى عليها، فإنه لا يجوز له أن يحبسها حتى يستوفى ما أنفق عليها ما دام قد حازها بعمل غير مشروع بل يجب عليه تسليمها فوراً إلى صاحبها، ثم يرجع عليه بعد ذلك بما أنفق ولكن إذا جاز الشخص عيناً مسروقة أو ضائعة دون أن يكون هو الذى سرقها أو عثر عليها، لم يكن التزامه برد العين إلى صاحبها مصدره عمل غير مشروع، ومن ثم جاز له أن يقف تنفيذ الالتزام بالرد حتى يستوفى ما أنفق من المصروفات.
أما الدين الآخر المقابل للدين الأول، والذى يحبس من أجله الدين الأول حتى يستوفى هو، فيجب أن يكون ديناً مدنياً حالاً لم يتم تنفيذه، فإذا كان ديناً طبيعياً لم يجز الحبس من أجله، وإلا كان فى هذا جبر على تنفيذ الالتزام الطبيعى .
والدين المقابل، كالدين الأول، يصبح أن يكون محله عيناً أو ديناً أو عملاً أو امتناعاً عن عمل، ويصح أن يكون مصدره عقداً أو عملاً غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصاً فى القانون.
الشرط الثانى - قيام الارتباط ما بين الدينين : ولا يكفى أن يكون هناك دينان متقابلان على النحو الذى بسطناه، بل يجب أيضاً أن يقوم ارتباط ما بين هذين الدينين.
والارتباط نوعان :
ارتباط قانوني . فالارتباط القانوني هو الذي ينشأ عن علاقة قانونية تبادلية ما بين الدينين، سواء كانت هذه العلاقة تعاقدية أو غير تعاقدية ذلك أن الارتباط يوجد، أول ما يوجد، ما بين التزامين متبادلين فى عقد ملزم للجانبين فكل التزام من هذين سبب لالتزام الآخر، كما تقول النظرية التقليدية في السبب وعدم تنفيذ أى التزام منهما قد يؤدى إلى فسخ العقد، وهو على كل حال يبيح التعاقد الآخر أن يمتنع عن تنفيذ التزامه، وهذا هو الحق فى الحبس فى صورة الدفع بعدم تنفيذ العقد ويبقى الارتباط قائماً على أساس علاقة تبادلية.
وقد تقوم العلاقة التبادلية على غير عقد أصلاً ، فيقوم الارتباط على أساس هذا التبادل غير التعاقدى . ففى الفضالة – وهي ليست بعقد – التزامات الفضولي والتزامات رب العلم هى التزامات متبادلة ، ومن ثم قام الارتباط فيما بينها ، ويجوز لكل من الطرفين أن يمتنع عن تنفيذ التزاماته حتى يستوفى التزامات الطرف الآخر.
على أنه إذا لم يقم بين الدينين ارتباط قانوني أو ارتباط مادي على النحو الذى بسطناه، فقد يخلق الاتفاق بين الطرفين هذا الارتباط، فيتفقان على أن الالتزامات المتقابلة فيما بينهما يجمعها كلها حساب جار غير قابل للتجزئة، فترتبط التزامات كل منهما بالتزامات الآخر، ويجوز عندئذ لأى منهما أن يحبس ما فى ذمته من التزامات للآخر حتى يستوفى ما له من حقوق عنده . ولكن لما كان مثل هذا الاتفاق أثره مقصور على الطرفين، فإنه لا يسرى فى حق الغير واستعمال الدائن الحق فى الحبس ، عند توافر الشرطين اللذين تقدم ذكرهما، لا يقتضي إعذاراً ولا الحصول على ترخيص من القضاء .
ولا يصح كذلك للدائن أن يستعمل الحق فى الحبس ، إذا كان هو المتسبب بعشه أو بإهماله فى عدم تنفيذ المدين لالتزامه نحوه، كما لا يصح للدائن أن يستعمل الحق فى الحبس إذا كان هو البادئ فى عدم تنفيذ التزامه، فحبس المدين من أجل ذلك ما فى ذمته من التزام، كذلك لا يصح للدائن أن يحبس لمدينه ديناً خالياً من النزاع مستحق الأداء حتى يستوفى منه ديناً لا يزال محل نزاع بينهما ، فلا يجوز للمستأجر أن يحبس الأجرة حتى يقوم المؤجر بترميمات ينازع فى أنها واجبة عليه، ولا يجوز لشركة النور أن تقطع التيار عن المشترك حتى يقوم بدفع زيادة فى الاشتراك هى محل تقاض بينهما ولم ينته القضاء من الفصل فيها.
تقديم تأمين كاف للوفاء بالحق المضمون بالحبس : هذا السبب لانقضاء الحق فى الحبس بطريق أصلى منصوص عليه صراحة فى آخر الفقرة الأولى من المادة 246 من التقنين المدنى ، فقد جاء فى هذا النص أن الحبس يكون جائزاً " ما دام الدائن ( أى مالك العين ) لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا " . وذلك أن الغرض من الحق فى الحبس هو تأمين الحابس على حقه فى ذمة المالك ، فإذا استطاع المالك أن يقدم له تأميناً آخر كافياً – كفالة أو رهنا أو نحو ذلك - لم يعد هناك مقتض للاستمرار فى حبس العين . والقاضي هو الذي يبت فيما إذا كان التأمين الذى يقدمه المالك كافياً ، عند الخلاف فى ذلك.
وإذا هلكت العين المحبوسة، انقضى الحق فى الحبس بداهة لانعدام المحل والهلاك إما أن يكون بخطأ الحابس، وفى هذه الحالة يكون مسئولاً عن التعويض، وإما أن يكون لسبب أجنبى عن فعل الحابس، وفى هذه الحالة تهلك العين على مالكها حتى لو كان الحابس ملتزماً بموجب عقد أن يسلمها للمالك وقد طبقت المادة 460 من التقنين المدنى هذا الحكم ، فنصت على أنه " إذا هلك المبيع فى يد البائع وهو حابس له، كان الهلاك على المشتري، ما لم يكن المبيع قد هلك بفعل البائع.
أما بيع العين المحبوسة فيختلف فى الحكم عن هلاكها، ذلك أن البيع إن اقتضته الضرورة لأن العين يخشى عليها الهلاك أو التلف، فقد قدمنا أن الحق فى الحبس لا ينقضى، بل ينتقل من العين إلى الثمن.
إخلال الحابس بالتزامه من المحافظة على العين : قدمنا أن الحابس يلتزم بالمحافظة على العين، وعليه أن يبذل فى ذلك عناية الرجل المعتاد، فإذا أخل بهذا الالتزام إخلالاً خطيراً، جاز للمالك أن يطلب من القضاء إسقاط حقه في الحبس لتعسفه فى استعمال هذا الحق وليس فى هذا إلا تطبيق للقواعد العامة.
نزول الحابس عن حقه في الحبس – خروج العين طوعاً من يديه : وقد ينزل الحابس عن حقه فى الحبس قبل أن يستوفى ما له فى ذمة المالك ، فيزول هذا الحق بطريق أصلى . وأكثر ما يتحقق ذلك بأن يتخلى الحابس عن حيازة العين المحبوسة طوعاً .
وإذا كان خروج الشئ من يد الحابس طوعاً يستخلص منه نزول ضمنى عن حقه فى الحبس ، فإن خروج الشئ من يده خفية أو عنوة أو بالرغم من معارضته لا يمكن أن يفهم منه أنه نزل عن هذا الحق، فإذا اختلس المالك أو أجنبى العين من يد الحابس خفية، أو اغتصبها منه رغماً عنه، أو أخذها بالرغم من معارضته، فإن حقه فى الحبس لا يزول بذلك، بل له أن يسترد حيازة العين ، بشرط أن يطلب ردها فى أقصر الأجلين، إما قبل انقضاء ثلاثين يوماً من الوقت الذى علم فيه بخروج العين من يده، وإما قبل انقضاء سنة من وقت خروج العين من يده. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني، المجلد/ الثاني، الصفحة/ 1475).
الحق في الحبس هو الحق المعترف به، في بعض الحالات، لأحد الدائنين الذي يلتزم بأداء شئ معين في حوزته بأن يمتنع عن رده حتى يتم الوفاء بحق نشأ له بمناسبة التزامه ومرتبط به.
فالحق في الحبس يفترض أن هناك شخصين يحرز أو يحوز أحدهما شيئاً يجب عليه أداؤه إلى الآخر، وفي نفس الوقت له حق قبله مرتبط بالتزامه هذا. فيكون له أن يحبس الشي الذي التزم بأدائه إلى أن يوفي له حقه. مثال ذلك أن يحبس البائع المبيع حتى يستوفي في الثمن، وأن يحبس الصانع الشئ حتی يستوفي أجره، وأن يحبس المودع لديه الوديعة حتى يتقاضى أجره أو التعويض عما أصابه من خسارة.
فالحبس إذن وسيلة يراد بها حمل المدين على تنفيذ التزامه. وهو يبدو وسيلة طبيعية يقرها العقل لأول وهلة، فأول ما يخطر للدائن، إن كان مديناً في نفس الوقت بأداء شئ لمدينة، هو أن يحبس ما في يده حتى يقضي له حقه. كما أن لحق الحبس ما يبرره من مقتضيات العدالة وحسن النية. فليس من المقبول أن يطالب مدين دائنه بأن يؤدي إليه ما التزم به قبل أن يوفي هو بدینه.
لم يعد الحق في الحبس في ظل التقنين المدني الجديد حقاً عينياً أو حقاً شخصياً، بل هو حق المدين في أن يقف الوفاء بدينه حتى يستوفي الدين الذي له في ذمة دائنه، فهو دفع بعدم التنفيذ، يدخل تحته الدفع بعدم تنفيذ العقد الذي يعتبر فرعاً منه. وهو بمثابة ضمان خاص أعطاه التقنين الجديد لكل دائن يكون مديناً في الوقت ذاته لدائنه.
شروط الحق في الحبس :
يشترط لتوافر الحق في الحبس توافر الشروط الآتية :
الشرط الأول : وجود التزام على الحابس بأداء شئ :
يفترض حق الحبس أن الحابس عليه التزام بأداء شئ.
وهذا الشرط يحتاج إلى تفصيل سواء فيما يتعلق بطبيعة الشيء محل الالتزام، أو بمالكه، أو بمشروعية وضع اليد عليه.
1- فبالنسبة لطبيعة الشيء، فالأصل أنه لاتهم طبيعة الشئ إذ أن كافة الأشياء تصلح محلا لحق الحبس، يستوي في ذلك العقار أو المنقول.
وإذا كان الشيئ منقولا فلا يهم أن يكون مثلياً أو قيمياً، مادياً أو غير مادی فقد يكون شيئاً كما قد يكون عملاً أو امتناعاً عن عمل، ويكون الحبس في هذه الحالة الأخيرة في صورة عدم تنفيذ العمل أو الامتناع.
ولكن بعض الأشياء لا يجوز حبسها منها ما نص عليه المشرع كالمادة 41 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957(الملغى) التي لا تبيح للمحامي أن يحبس عن موكله ما عهد به إليه من مستندات وأوراق أصلية إلى أن يستوفي ماله من أتعاب.
كما أن هناك استثناءات لم ينص عليها المشرع ولكنها مستمدة من وظيفة حق الحبس ذاته. فالحبس يؤدي إلى حرمان مالك الشئ من حيازته فيتعذر عليه الانتفاع بملكه، ولذلك فإن الأشياء التي خصها المشرع بقواعد خاصة تهدف إلى إبقائها للمالك لا تصلح محلاً لحق الحبس. فلا يجوز حبس الأشياء غير القابلة للحجز، إذ يترتب عليه حبسها تفويت الغرض الذي قصده المشرع من منع الحجز عليها. وكذلك لا يجوز حبس الأموال العامة إذ يترتب على حبسها تعطيل المنفعة العامة التي خصصت تلك الأموال من أجلها.
غير أن الحبس لا يرد على الأشخاص بأية حال، فلا يجوز مثلاً لصاحب المدرسة أن يحبس التلميذ عن ولي أمره لعدم دفعه المصروفات الدراسية، ولا لمستشفى الولادة أن يحبس المولود عن ذويه حتى يستوفي أجره، ولا لمتعهد الجنائز أن يمتنع عن تسليم جثة الميت إلى أهله حتى يستوفي منهم مصروفات الجنازة.
2- بالنسبة لملكية الشيء المحبوس، فالغالب أن يكون الشيء المحبوس مملوكاً للمدين، ولكنه قد يكون مملوكا للدائن الحابس نفسه وعليه التزام بأدائه، فالمؤجر مثلاً - وهو مالك للعين المؤجرة- أن يحبسها عن المستأجر حتى يستوفي ما اشترط تعجيله من أجرة.
وإذا كان الشيء مملوكاً للمدين- كما هو الغالب- فقد يكون الدائن الحابس حائزاً له بنية تملكه كما لو اشتراه من غير مالك مثلاً، وأنفق عليه مصروفات يحق له استردادها.
وقد يكون هذا الدائن الحابس مجرد حائز عرضي ليس لديه نية التملك، ومثال ذلك المستأجر والمودع لديه والمستعير الذين أنفقوا مصروفات على الشئ مما يجوز لهم قانوناً استردادها من المالك، فهؤلاء جميعاً أن يحبسوا الشئ الموجود في حيازتهم.
وقد اتسعت الفقرة الثانية من المادة لهؤلاء جميعاً حين أشارت إلى "حائز الشئ أو محرزه".
3- "أما فيما يتعلق بمشروعية وضع اليد على الشئ، فإنه يشترط ألا يكون الدائن الحابس قد توصل إلى وضع يده على الشئ بطريقة غير مشروعة كالسرقة أو النصب.
فقد نصت الفقرة الثانية من المادة على حرمان حائز الشيء أو محرزه من الحق في حبسه إذا كان التزامه برده ناشئاً عن عمل غير مشروع"، وعلى ذلك فمن يسرق منقولاً أو يغتصب عقاراً ثم يقوم بإنفاق مصروفات ضرورية عليه يكون مديناً برده إلى مالكه ودائناً بما أنفق من مصروفات. ولكن ليس له أن يحبس الشئ حتى يستوفي ما أنفق.
وعلى ضوء ذلك فإن الحائز سئ النية يكون له الحق في الحبس إذا لم يكن قد توصل إلى وضع يده على الشئ بطريق غير مشروع، وذلك يرجع إلى أن العبرة طبقاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة بأصل وضع اليد لا بنية الحائز. وعلى ذلك فقد يكون الحائز سئ النية يعلم أن في حيازته اعتداء على حق للغير، ولا يكون التزامه بالرد مع ذلك ناشئاً عن عمل غير مشروع. مثال ذلك وكيل يظهر بمظهر المالك للشيء الذي تسلمه بمقتضى الوكالة، ويلتزم بوصفه مالكاً بإنفاق مصروفات عليه، أو مستأجر يبني في الأرض المؤجرة دون علم المؤجر، فالتزام كل منهما بالرد لم ينشأ عن عمل غير مشروع بل مصدره عقد الوكالة أو الإيجار. ولذلك كان لكل منهما أن يحس ما في يده إلى أن يستوفي ما هو مستحق له في مقابل المصروفات أو البناء.
الشرط الثاني :
وجود حق للحابس مستحق الأداء :
في هذا الشرط تتجلى خصائص حق الحابس باعتباره وسيلة ضغط خاصة لحمل المدين على الوفاء بالتزامه، ووسيلة لضمان الوفاء بحق الدائن الحابس. فلأن الحق في الحبس وسيلة لحمل المدين على تنفيذ التزامه لزم أن يكون للدائن الحابس حق واجب الأداء في الحال.
ولهذا يجب أن يكون حق الحابس حقاً مدنياً لا مجرد دين طبیعی، فلا يجوز الحبس لحمل المدين على تنفيذ التزام طبیعی، لأن في ذلك إجبار بطريق غير مباشر على تنفيذ التزام لا جبر في تنفيذه لانتفاء عنصر المسئولية فيه.
ويشترط أن يكون حق الحابس محقق الوجود، فلا يجوز الحبس اقتضاء الحق متنازع فيه منازعة جدية، فمثلاً لا يجوز للمودع لديه أن يحبس الوديعة حتى يستوفي تعويضاً يدعي أنه دائناً به إذا كانت دعوى التعويض لم يفصل فيها بعد.
واشترط كذلك أن يكون حق الحابس مستحق الأداء، ولذلك لا يجوز استعمال الحبس اقتضاء لحق مؤجل أو معلق على شرط واقف.
غير أن الأجل الذي يمنحه القاضي (نظرة الميسرة) لا يحول دون استعمال الدائن الحق في الحبس. كذلك إذا تبرع الدائن بأجل للمدين لم يمنعه هذا من الحق في الحبس، ما لم يثبت المدين أن الدائن قد نزل بهذا الأجل الممنوح عن حقه في الحبس.
وقد افترض القانون هذا النزول في حالة ما إذا منح البائع المشتري أجلاً بعد البيع لدفع الثمن (م 1/459 مدني ).
وإذا كان العرف أو الاتفاق، يقضي بتعجيل الوفاء بأحد الالتزامين لم يجز حبس هذا الالتزام لحين الوفاء بالالتزام الآخر. فقد جرى العرف مثلاً على أن يقدم صاحب الفندق خدماته للنزيل قبل أن يستوفي ثمنها.
وإذا اتفق في عقد البيع، على تأجيل الثمن لا يجوز للبائع أن يحبس المبيع لحين استيفائه .
الشرط الثالث :
وجود ارتباط بين حق الحابس وبين التزامه بأداء الشئ :
عبرت الفقرة الأولى من المادة عن هذا الشرط بأنه يجب أن يكون التزام الطرف الآخر :
"مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به".
وهذا التعبير يتجاوز الغرض الذي قصده المشرع. فليس بشرط أن يكون سبب التزام المدين هو التزام الحابس بأداء الشئ. فإن ذلك لا يتحقق إلا إذا كان الالتزامان قد نشئا عن عقد ملزم للجانبين. في حين أن نطاق حق الحبس لا يقتصر على دائرة العقود الملزمة للجانبين بل هو لا يقتصر على دائرة العقود إطلاقاً.
وهذا واضح من مواد المشروع التمهيدي التي كانت تنص على حق الحبس في عقود ملزمة لجانب واحد، وقد حذفتها لجنة المراجعة "اكتفاء بالقواعد العامة في حق الحبس". وقد ورد بمذكرة المشروع التمهيدي أن الدفع بعدم التنفيذ في العقود التبادلية" هو في جملته ليس إلا تطبيقاً خاصاً من تطبيقات حق الحبس".
كما أن الفقرة الثانية من المادة 246 قد عنيت بأن تذكر من تطبيقات الحق في الحبس، حق حائز الشيء إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة.
ويرجع ورود لفظ "السبب في المادة 246/1 إلى خطأ في ترجمة العبارة الفرنسية التي صيغ بها النص في المشروع التمهيدي.
فيكفي إذن أن يوجد ارتباط بين الالتزامين ولا يشترط أن توجد علاقة سببية بينهما.
يترتب على الشراء ساقط الخيار، التزام المشتري بالوفاء بالثمن حتى لو خشى أن ينزع المبيع من يده إن كان قد تسلمه طالما كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق، وحينئذ لا يجوز له حبس باقي الثمن لتعارض هذا الحق مع شرط ساقط الخيار في هذه الحالة، أما إن لم يكن يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق، جاز له حبس باقي الثمن
حق الحبس باعتباره إحدى وسائل الضمان يعتبر حقاً غير قابل للتجزئة المصلحة الدائن، أي أنه يكون للدائن أن يحبس كل الشئ الموجود في يده إلى أن يستوفي کامل حقه من أصل وفوائد ومصروفات، ولا يكون للمدين أن يطالب الدائن بتخلية جزء من الشيء المحبوس يقابل الجزء الذي وفاه للدائن من دينه. ولا يترتب على قبول الدائن وفاء جزئياً سقوط حقه في الحبس. غير أن الدائن كما يجوز له أن ينزل عن حقه في الحبس على كل الشيء المحبوس يجوز له أن ينزل عن هذا الحق بالنسبة إلى جزء من ذلك الشئ فيسلم بعضه ويستبقى البعض الآخر. ولا يجوز للدائن أن يتعسف في استعمال حقه في ذلك، فإذا وفی المدين الجزء الأكبر من الدين وطلب الإفراج عن جزء من الشيء المحبوس تعين على الدائن أن يجيبه إلى طلبه مادام هو لا يصيبه ضرر من ذلك وإلا كان رفضه إساءة لاستعمال حقه .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث، الصفحة/709)
وقد قرر التقنين الحالي قاعدة عامة تشمل جميع الحالات التي كان يعترف فيها بحق الحبس في ظل التقنين الملغي وتتسع لغيرها أيضاً، ونص على هذه القاعدة في المادة 246 منه وهي تقضي بأن : « لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا - ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه ، اذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة ، فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له ، إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع » .
وظاهر أن الفقرة الأولى من هذا النص تقرر القاعدة العامة، وأن الفقرة الثانية تطبق هذه القاعدة بوجه خاص على حالة حائز الشيء أو محرزه اذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة .
وفوق ذلك تضمن التقنين الحالي نصاً يطبق هذه القاعدة العامة في العقود الملزمة للجانبين إذ قضت المادة 161 منه بأنه في هذه العقود وإذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به، ولم يكتف بذلك بل أورد نصوصاً متفرقة تطبق هذه القاعدة على حالات أخرى معينة، من ذلك نص المادة 457 التي تقرر حق المشتري في حبس الثمن، والمادة 459 الخاصة بحق البائع في حبس المبيع ، والمادة 589 التي تخول مؤجر العقار الحق في حبس المنقولات المثقلة بامتيازه ، والمادة 605 التي تنص على حق المستأجر في حبس العين المؤجرة عن مشتريها إلى أن يدفع له التعويض المستحق عن عدم نفاذ الإيجار في حق ذلك المشتري، والمادة 860 فقرة ثانية الخاصة بحق صاحب العلو اذا أعاد بناء السفل في حبسه عن صاحبه.
شروط الحق في الحبس
يشترط في ثبوت الحق في الحبس توافر ثلاثة شروط :
(1) أن يكون ثمت دائن بحق مستحق الأداء .
(2) أن يكون هذا الدائن مديناً لنفس مدينه .
(3) أن يكون بين الدينين ارتباط .
ولا يشترط في الدائن الذي يتمسك بالحق في الحبس أن يكون حسن النية ، بل أن القانون قد خول البانی بسوء نية في ملك غيره حق حبس ما بناه إلى أن يستوفي حقه من المالك (المادة 924 مدنی ) انظر في الآراء المختلفة في هذا الشأن أحمد هيكل في رسالته من جامعة القاهرة سنة 1990 ص 250 إلى ص 269 ، وايضاً نقض مدنى 18 ديسمبر 1973 مجموعة أحكام النقض 24 - 1287- 223.
والغالب فيما يرد عليه الحق في الحبس أن يكون شيئاً مادياً موجوداً في يد الدائن أما لأنه يملكه وإما لأنه يحوزه حيازة قانونية أو يحرزه مجرد إحراز، وأن يكون هذا الشيء مستحق التسليم لمدين الدائن سواء كان هذا الدين مالكه أو صاحب الحق في حيازته القانونية أو في مجرد أحرازه للانتفاع به فيجوز للمؤجر أن يحبس ملكه عن المستأجر، ويجوز لحائز الشيء إذا هو أنفق عليه مصروفات يستحق ردها أن يحبسه عن مالكه، ويجوز للمستأجر أن يحبس العين المؤجرة - وهي تعتبر في حرزه لا في حيازته - عمن آلت إليه ملكيتها إلى أن يستوفي حقه في التعويض عن عدم نفاذ الإجارة في حق المالك الجديد .
ويبين من ذلك أنه يشترط في ثبوت الحق في الحبس أن يوجد الشيء محل الحبس في يد الدائن، وأن يتعلق به حق للمدین بأي وجه من الوجوه ، أي سواء كان الشيء المحبوس مملوكاً لنفس الحابس أو لمدينه أو للغير، ولكن يشترط أن يكون الشيء قد وصل إلى الدائن من طريق مشروع، إذ لا يجوز للدائن أن يستولي بالقوة على شيء مملوك لمدينه وأن يحبس هذا الشيء وفاء لدينه .
ويشترط بداهة أن يكون الشيء الذي يحبس قابلاً للحجز عليه لأن الحق في الحبس يعتبر بمثابة حجز من الدائن تحت يده، فلا يصح أن يرد على شيء غير قابل للحجز وإلا ضاعت الحكمة من تقرير عدم قابلية بعض الأشياء الحجز، ولذلك لا يجوز للدائن أن يحبس ما قد يكون لديه من الفراش والثياب اللازمة للمدين وزوجه وأقاربه وأصهاره على عمود النسب المقيمين معه في معيشة واحدة أو ما يلزمهم من الغذاء لمدة شهر ( المادة 305 مرافعات ) ، ولا من الكتب والأدوات والمهمات اللازمة لمزاولة المدين مهنته أو حرفته بنفسه إلا أن يكون ذلك لاقتضاء ثمنها أو مصاريف صيانتها أو نفقة مقررة ( المادة 306 مرافعات) . وكذلك لا يجوز حبس الأموال العامة كنقود الخزانة العامة والآثار العامة .
وإذا كان الغالب أن مرد حق الحبس على شيء مادي، فإن ذلك ليس ضرورياً ويجوز أن يرد الحبس على التزام بعمل أو امتناع، كما في عقد العمل وعقد المقاولة حيث يجوز لرب العمل أن يحبس أجر العامل أو المقاول، كما يجوز لكل من هذين الأخيرين أن يحبس العمل الذي التزم به إلى أن يوفيه الطرف الآخر حقه.
وقد اختلف في جواز حبس العين الموقوفة، ولكن الراجح جوازه لأن الحبس حق مؤقت لا يؤدي الى بيع العين المحبوسة فلا يتنافى مع طبيعة الوقف ولا يفوت معه الغرض من الوقف.
وكما لا يشترط في الدائن طالب الحبس أن يكون حسن النية، كذلك لا يشترط أن يكون المدين الموجه اليه طلب الحبس سيء النية.
ويصح أن يوجه حق الحبس إلى مدين طالب الحبس سواء كان أولهما شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً، إلا إذا كان المال المراد حبسه من أموال الدولة العامة فلا يجوز فيه الحبس وبالتالي لا يوجه الحق في الحبس إلى الدولة والأشخاص المعنوية العامة فيما تملك هذه الأشخاص من أموال عامة.
لا يخول الحق في الحبس الدائن أي مزية في الشيء المحبوس سوى أنه يسمح له بالامتناع عن رده الى المدين - الذي يغلب أن يكون مالكاً إياه - حتى يستوفي کامل حقه الذي تقرر له الحبس من أجله.
فتبقى ملكية هذا الشيء خالصة المدين، وتكون له ثماره ونماؤه، ويكون له حق التصرف فيه إلى من يشاء، ويعتبر هذا الشيء ما دام المدين لم يتصرف فيه جزءاً من أمواله التي يتكون منها الضمان العام لدائنيه، فيجوز لهؤلاء الدائنين أن ينفذوا عليه ليستوفوا من ثمنه حقوقهم، على ألا يخل ذلك بحق الدائن في حبس الشيء . ولذلك وصف هذا الضمان بأنه ضمان ضعیف.
ولا يجوز للمدين أن يسترد الشيء المحبوس من الدائن قبل أن يوفيه حقه الذي تقرر الحبس من أجله، ولا يكتفي منه بعرض الدين عرضاً حقيقياً ولا حتى بايداعه خزانة المحكمة بعد العرض الحقيقي، طالما أن الدائن لم يقبل هذا العرض أو لم يصرف المبلغ الذي تم إيداعه على ذمته فإن استرد المدين الشيء المحبوس عنوة أو خلسة كان معتدياً على حق الحبس وجاز للدائن أن يطلب رد الشيء إليه ليتمكن من حبسه على أن يتقدم بهذا الطلب في خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروج الشيء من يده وقبل انقضاء سنة من وقت خروجه ( المادة 248 فقرة ثانية). فاذا انقضى هذا الميعاد دون أن يطلب الدائن ذلك سقط حقه في طلبه.
أما إذا سلم الدائن الشيء المحبوس لديه مختاراً، فإن ذلك يعتبر نزولاً منه عن حق الحبس ويفقده الحق في طلب رده إليه .
وإذا خشي الحابس أن يهلك الشيء المحبوس أو أن يتلف في يده، جاز له أن يحصل على إذن من القضاء في بيعه وفقاً لأحكام بيع رهن الحيازة المنقول المنصوص عليها في المادة 1119، وينتقل حينئذ الحق في الحبس من الشيء إلى ثمنه ( المادة 247 فقرة ثالثة ).
وإذا أنتج الشيء المحبوس ثماراً أو نماء، شملها الحق في الحبس، وجاز للدائن أن يمتنع عن تسليمها إلى أن يستوفي كامل حقه، ولكن لا يجوز له تملكها خصماً من دينه وملحقاته كما في الرهن الحيازي : بل يبقى له - بالرغم من حبسه الثمار مع الشيء المحبوس - أن يطالب بدينه وفوائده وغيرها من الملحقات، فإذا استوفاها جميعاً تعین علیه رد المحبوس وثماره ونماءه .
الاحتجاج بالحبس على ورثة المدين ودائنيه العاديين :
وكما يجوز للدائن أن يحبس الشيء وثماره ونماءه عن المدينة يجوز له أيضاً أن يحبسه عن الخلف العام للمدين، أي عن ورثته، وعن دائني الدين العاديين لأنهم يعتبرون في حكم خلفه العام لأن القول بغير ذلك يجعل تشریع الحق في الحبس عبثاً إذ يسمح للمدين مالك الشيء المحبوس أن يستدين من آخر ليحمل الدائن الجديد على نزع ملكية المال المحبوس والقضاء على حق الحبس، وسنرى أن الحابس ذلك أيضاً بالنسبة الى الخلف الخاص فيما عدا بعض الأحوال التي يكون فيها الحق في الحبس عنصراً من عناصر حق عيني تبعي والتي ينقضي فيها الحق في الحبس تبعاً لانقضاء ذلك الحق العيني أو لانتقاله إلى ثمن الشيء الوارد عليه هذا الحق.
فإذا كان المال المحبوس منقولاً ومثقلاً بحق امتياز، نفرق بين ما إذا كان الدائن الحابس يجهل وجود الامتياز وقت نشوء حقه في الحبس أو يعلم ذلك.
ففي الحالة الأولى لا يحتج بالامتياز على الدائن الحابس عملاً بالمادة 1133 فقرة أولى التي تنص على أن «لا يحتج بحق الامتياز على من حاز المنقول بحسن نية »، وبالتالي يحتج بالحق في الحبس على الدائن الممتاز كما يحتج عليه بحق الرهن الحيازي : سواء أكان الدين الممتاز سابقاً على نشوء الحق في الحبس كما هو الغالب، أو كان لاحقاً له كما في حقوق الامتياز العامة إذ يتصور نشوؤها بعد الحق في الحبس وشمولها المال المحبوس بالرغم من وجوده في حيازة الحابس.
أما في الحالة الثانية ، والمفروض فيها أن الدين الممتاز سابق على الحق في الحبس، فيكون الامتياز نافذاً في حق الحابس كما ينفذ في حق حابس العقار حق المرتهن رهناً رسمياً، ومؤدى ذلك أن الدائن الممتاز يجوز له أن ينفذ على المنقول المحبوس وأن يستوفي حقه من ثمنه قبل حق الدائن الحابس، وأنه لا يجوز للدائن الحابس أن يمتنع عن تسليم المنقول المحبوس الى الراسي عليه المزاد إلا إذا كان ثمن البيع يجاوز قيمة دين الدائن الممتاز، وحينئذ لا يكون له الحبس إلا لاستيفاء القدر الزائد عن حق الدائن المذكور.
وبناء على ذلك أصبح حق رهن الحيازة العقاري وما يخوله من حق في حبس العقار المرهون ينقضي بالبيع الجبري ولا يجوز الاحتجاج به على الراسى عليه المزاد، ويستوي في ذلك أن يكون البيع حاملاً بناء على طلب دائن ذی حق مقيد سابق على نشوء الحق في الحبس أو لاحق له، وقد يتبادر إلى الذهن أنه ما دام الحق في الحبس الذي يثبت الدائن المرتهن حيازة - وهو صاحب حق عيني - لا يحتج به على الراسي عليه المزاد، فلا يصح من باب أولى أن يحتج عليه بالحق في الحبس الذي يثبت للدائن العادي، وقد يستنبط من ذلك أن التقنين الحالى قلب القاعدة القديمة وجعل أثر حق الحبس مقصوراً على المدين وخلفه العام دون الخلف الخاص .
ولكنا قد بينا فيما تقدم أن القول بمثل ذلك يفقد الحق في الحبس قيمته العملية ويجعل تشریعه عبثاً يجب أن ينزه عنه الشارع . وإذن فلا بد من اعتبار الحكم الخاص بعدم الاحتجاج بالحق في الحبس المتفرع عن الرهن الحيازي حكماً استثنائياً لا يجوز التوسع فيه، فلا يصح أن يقاس عليه عدم الاحتجاج بهذا الحق في الحبس على أي خلف خاص غير الراسي عليه المزاد كمشتر للعقار المرهون أو موصى إليه أو موهوب له ومن باب أولى لا يصح أن يقاس عليه عدم الاحتجاج بالحق في الحبس الذي يثبت للدائن بصفة مستقلة أي دون أن يكون متفرعاً عن حق رهن حيازي، ولو كان مقروناً بحق امتیاز، ويتعين الرجوع في هذا الشأن إلى القواعد العامة التي كان الأمر متروكا لها في ظل التقنين الملغي.
ومن المسلم أن القواعد العامة تقضي بأن الحق في حبس العقار يحتج به على الدائنين المرتهنين أو الممتازين المقيدة حقوقهم بعد نشوئه لأنهم لم يكسبوا حقوقهم على العقار إلا محدوداً بما عليه للدائن الحابس من حق حبسه.
أما إذا كانت حقوق الدائنين المرتهنين أو الممتازين مقيدة قبل نشوء حق الحبس، فالأمر فيه خلاف، والراجح بشأنه أن القواعد العامة تقضي بأن حق الحبس في هذه الحالة لا يحتج به على هؤلاء الدائنين لأن الحابس لم يكسب حق الحبس على العقار المحبوس إلا محدوداً بما كان يثقله من حقوق مقيدة فيجب عليه احترام هذه الحقوق ولا يجوز له أن يتجاهلها.
فإذا نزعت ملكية العقار المثقل برهون سابقة على نشوء الحق في الحبس، سواء أكان ذلك بناء على طلب دائن من أصحاب هذه الرهون أو أي دائن آخر، كان البيع نافذاً في حق الحابس ووجب على هذا أن يسلم العقار المحبوس إلى من رسا عليه مزاده إلا إذا كان ثمن البيع يجاوز قيمة الديون المقيدة، فحينئذ يكون للحابس أن يمتنع عن التسليم إلى الرأسى عليه المزاد حتى يوفيه هذا بما يفيض من الثمن الذي رسا به المزاد بعد ابداع قيمة الديون المقيدة.
وبناء على ذلك يكون الأصل في حق حبس العقار المرهون أنه يحتج به على الخلف الخاص والدائنين المسجلة أو المقيدة حقوقهم بعد نشوئه لا على الخلف أو الدائنين المسجلة أو المقيدة حقوقهم قبل ذلك، لا يستثنى من ذلك إلا الحالة التي يكون فيها الحق في الحبس متفرعاً عن رهن حيازي مقید على عقار ويكون فيها هذا العقار مثقلاً برهون مقيدة كلها بعد الرهن الحيازي ويتم فيها بيع العقار جبراً، ففي هذه الحالة لا يحتج بالحق في الحبس على الراسي عليه المزاد.
ويعلل هذا الاستثناء برغبة المشرع في تطهير العقار بالبيع الجبري من جميع الحقوق المقيدة عليه، وبأن الحق في الحبس في هذه الحالة ليس له کیان خاص بل هو عنصر متفرع من حق عيني مقيد أراد المشرع أن يطهر العقار منه بالبيع الجبرى، فلا يصح أن ينقضي الأصل ويبقى الفرع، ويبرر ذلك بأن الدائن المرتهن حيازة لن يضار بسبب تطهير العقار من رهنه ومما يخوله إياه هذا الرهن من حق في الحبس لأن حقه سينتقل بمرتبته إلى الثمن الذي رسا به مزاد العقار، أما في الأحوال التي يكون فيها الحق في الحبس غير متفرع عن رهن حيازة مقيد على عقار، فإن القول بأن الحق في الحبس لا يحتج به على من رسا عليه مزاد المال المحبوس من شأنه أن يضر بالدائن الحابس لأنه يفتقده مزية الحبس دون أن يعطيه أي حق في التقدم على غيره من الدائنين.
ويستثنى من الأحكام المتقدمة بشأن سريان حق الحابس إزاء الغير أو عدمه حالة حق الحبس المقرر لمصلحة من أنفق مصروفات على العين محل الحبس، ذلك أن إنفاق مصروفات لحفظ أو صيانة عين مملوكة للغير، هو بمثابة إضافة متعلقة بهذه العين في ذمة المالك، يستفيد منها هذا الأخير وكل من يتعامل معه في شأنها، فيتعين نفاذ حق من انفق هذه المصروفات في استردادها ضد ذلك الملك ونفاذه أيضاً ضد كل من تلقى من المالك حقاً بشأن هذه العين، بصرف النظر عما اذا كان حقه سابقاً أو لاحقاً لتلقي الغير حقه من المالك، وبصرف النظر عما إذا كان من أنفق تلك المصروفات على العين حسن النية أو سیئها وقت الأنفاق، وسواء كانت العين منقولاً أو عقاراً.
ويقول الأستاذ السنهورى في ذلك : « بقى أن يكون سبب الحبس هو إنفاق مصروفات على العين . ففي هذه الحالة وحدها يسرى الحق في الحبس على الخلف الخاص دائماً، سواء كانت العين المحبوس منقولاً أو عقاراً، وسواء كان حق الخلف الخاص قد شهر بعد ثبوت الحق في الحبس أو قبل ذلك ان كانت العين عقاراً، ذلك أن إنفاق مصروفات على العين قد أفادها في ذاتها، فأفاد تبعاً لذلك كل من يطالب باستردادها ولو كان حقه ثابتاً قبل انفاق هذه المصروفات، ويصدق ذلك على المنقول، حتى ولو كان الحابس سيء النية.
أسباب انقضاء الحق في الحبس :
ينقضي الحق في الحبس بصفة تبعية متى انقضى الدين المضمون ويجوز أن ينقضي بصفة أصلية مع بقاء الدين المضمون .
(1) انقضاء الحق في الحبس بصفة تبعية :
ينقضى الحق في الحبس بمجرد انقضاء الدين الذي يضمنه، لأنه ضمان تابع لذلك الدين فينقضي بانقضائه، فينقضي الحق في الحبس بوفاء الدين الذي نشأ الحبس ضماناً له، وبما يعادل الوفاء من تجديد وإنابة ومقاصة واتحاد الذمة، كما ينقضي بالإبراء واستحالة التنفيذ، ولا يستثنى من أسباب انقضاء الالتزام إلا التقادم المسقط، لأن قيام الحبس يتضمن كما سيجيء اعترافاً ضمنياً بالدين مستمراً طوال مدة الحبس. ولكن يشترط في ذلك انقضاء كل الدين، أما إذا انقضى بعض الدين وبقي بعضه، ظل الحق في الحبس قائماً على كل الشيء المحبوس مهما قل الباقي من الدين، وذلك لأن من خصائص الحق في الحبس عدم التجزئة.
ويلاحظ في هذا الشأن أن وجود الشيء تحت يد الدائن يعتبر اعترافاً ضمنياً مستمراً من المدين بقيام الدين في ذمته، فلا يسقط الدين بالتقادم ولا يسقط الحق في الحب ما دام الشيء في يد الدائن.
(2) انقضاء الحق في الحبس بصفة أصلية :
ينقضي الحق في الحبس بصفة أصلية، أي مستقلاً عن انقضاء الدين، في الأحوال الآتية :
(1) إذا هلك الشيء المحبوس . وفي هذه الحالة يختلف انقضاء الحق في الحبس عن انقضاء الرهن في أن الدائن الحابس ليس له أن يطلب من المدين أن يستبدل بالشيء الذي هلك غيره . وذلك لأن الراهن التزم بارادته أن يقدم مالاً معيناً من أمواله تأميناً لدينه، فإذا مالك المال الذي قدمه ، فهلاکه عليه ، ويلزم بتقديم مال آخر بدلاً مما هلك، وإلا جاز للدائن مطالبته بوفاء الدين فوراً، أما مالك الشيء المحبوس، فلم يتعهد بشيء، بل وجد ماله محبوساً عنه دون إرادته وبقوة القانون، فحسبه أن يتحمل هلاك هذا الشيء ، ولا محل لالزامه بتقديم شيء آخر بدلا منه بل انه لا فائدة من الزامه بذلك لأن جزاء الإخلال بهذا الالتزام - لو تقرر - لن يكون إلا السماح للدائن بمطالبة المدين بوفاء الدين فوراً، ولأن الدائن الحابس في غنى عن تقرير هذا الجزاء لمصلحته اذ المفروض أن دينه حال وأنه يستطيع المطالبة به في أي وقت، سواء بقى الشيء المحبوس أو هلك .
وإذا استحق المدين تعويضاً أو تأميناً بسبب هلاك الشيء فلا ينتقل الحق في الحبس الى مبلغ التعويض أو التأمين لأن حكم الحلول العيني الذي ورد في المادة 1049 في باب الرهن لا ينطبق عليه، وكذا بالنسبة للتعويض الذي يستحق للمالك عن نزع ملكه للمنفعة العامة . وكهلاك الشيء المحبوس في هذا الشأن فقد الحابس حيازة ذلك الشيء بإرادته أو بخطأ منه، لأن الحيازة قوام الحق في الحبس، فإذا فقدت انتهى معها حق الحبس، إلا إذا كان فقدها بسبب أجنبي عن الحابس، وقد نصت المادة 248 مدني على هذه الحالة حيث قررت في فقرتها الأولى أن « ينقضي الحق في الحبس بخروج الشيء من يد حائزه أو محرزه، ثم استدركت على ذلك بأن قالت في فقرتها الثانية (ومع ذلك يجوز لحابس الشىء، إذا خرج الشىء من يده خفية أو بالرغم من معارضته، أن يطلب استرداده، إذا هو قام بهذا الطلب خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروج الشيء من يده، وقبل انقضاء سنة من وقت خروجه ».
ويقول الدكتور أحمد هيكل في ذلك أن الدائن الذي فقد حيازته أو ضمانه بالاحرى ، يكون جديراً بحماية مقابل هذا الفقد الذي تم رغماً عنه، سواء كان سببه يرجع إلى المالك أو إلى أجنبي، وتتمثل حماية الدائن هنا فيما قررته المادة 248 مدنی من حق الدائن في أن يطلب استرداد الحيازة في أقرب الأجلين اللذين عينهما تلك المادة فإذا مارس الدائن حقه في الاسترداد مراعياً في ذلك المواعيد والاجراءات المقررة استطاع أن يحصل على الشيء مرة ثانية، وبالتالى يستمر في حبسه له كما كان قبل ذلك.
فالنص منح للدائن إذن حق استرداد الشيء ولو لم تكن له حيازته القانونية ويرجع ذلك إلى ما للدائن من حق الاحتفاظ بالشيء تحت يده، فالدائن الذي كان يحبس عقاراً يكون له - في هذه الحالة - دعوى تشبه دعوى استرداد الحيازة المنصوص عليها في المادة 958 مدني التي تضمنت أحكام وشروط دعوى استرداد الحيازة والتي يلزم لها حيازة قانونية لدى رافعها وأن يكون قد فقدها وأن يطلب استردادها خلال السنة التالية لفقدها ويبدأ سريان السنة من وقت علمه بالفقد إذا كان قد فقدها خفية. فإذا كان ذلك الدائن يحبس منقولاً، ففي هذه الحالة يلجأ إلى توقيع الحجز الاستحقاقي على الشيء المنقول الذي خرج من بيده إلى أي يد يكون (366 مكرر).
(2) إذا نزل الدائن الحابس صراحة أو ضمناً عن حقه في الحبس، سواء كان هذا النزول مقترناً بخروج الشيء من يد حابسه أو غير مقترن به، فإذا سلم الحابس الشيء المحبوس برضاه إلى مالكه أو إلى ذي الحق فيه اعتبر ذلك منه نزولاً عن الحبس (367 مكرر) . ويعتبر مجرد خروج الشيء من يد حائزه أو محرزه قرينة على حصوله برضاه إلى أن يثبت الحائز أو المحرز عكس ذلك، وإذا طلب الحابس بيع الشيء المحبوس لديه جبراً، عد ذلك منه نزولاً عن الحق في الحبس والتزم هو بتسليم الشيء إلى الراسي عليه المزاد ولو لم يستوف كامل حقه قبل المدين، وقد تقدم أن الدائن الحابس لا يكون له في هذه الحالة أن يتقدم غيره من الدائنين بل يقتصر حقه على الدخول في التوزيع كأي دائن عادي.
(3) إذا خرج الشيء المحبوس من يد حابسه، سواء أكان هذا الحابس حائز الشيء أم محرزه، دون رضاه ، ودون أن يطلب هذا استرداد الشيء في الميعاد القانوني ( المادة 248) . وذلك لأن الحق في الحبس يقوم على مجرد وجود الشيء المحبوس في يد الدائن الحابس وعلى ارتباط دين الأخير بوجود الشيء في يده . فإذا ثبت خروج المال المحبوس من يد الحابس دون رضاه، فإن ذلك ولو أنه لا يمكن اعتباره نزولاً من الحابس عن حقه يجعل أحد الأساسين اللذين يقوم عليهما الحق في الحبس منعدماً ويترتب عليه بالتالى وجوب انقضاء هذا الحق غير أن المشرع رأى في خروج الشيء من يد حائزه أو محرزه خلسة أو عنوة اعتداء على حق الحابس لا يصح السكوت عليه ولا تركه ينتج أثره من حيث انقضاء الحق في الحبس فأتاح الدائن الحابس وسيلة يمنع بها ترتب هذا الأثر ويحول دون انقضاء الحق في الحبس، بأن قرر له الحق في أن يطلب استرداد الشيء الذي كان محبوساً لديه، على أن يتقدم بهذا الطلب خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروج الشيء من يده وقبل انقضاء سنه من وقت خروجه.
(4) إذا قصر الحابس في صيانة الشيء المحبوس لديه واستصدر ذو الحق في هذا الشيء حكماً من القضاء بإنهاء الحق في الحبس بسبب هذا التقصير .
(5) إذا قدم المدين ذو الحق في تسلم الشيء المحبوس تأميناً كافياً للوفاء بما عليه للدائن الحابس (246 فقرة أولى ) : ويستوي في ذلك أن يكون التأمين شخصياً كالكفالة، أو عينياً كالرهن، ويقدر القاضي كفاية التأمين الذي يقدمه المدين.
(6) إذا كان الحق في الحب متفرعاً عن زهن حيازة عقاري وكان الرهن مقيداً، ثم بيع العقار المحبوس بيعاً جبرياً، فإن الحق في الحبس ينقضي في هذه الحالة تبعاً لتطهير العقار بالبيع الجبري، وينتقل - حق الرهن بمرتبته إلى ثمن العقار المنزوعة ملكيته . (المادة 450 مرافعات ) .
خصائص الحق في الحبس :
ويخلص من هذا التصوير :
أولاً - أن الحق في الحبس دفع يثبت للمدين الذي يكون في الوقت ذاته دائناً لدائنه بشروط معينة، فلا يتصور أن ترفع به دعوى أصلية لأنه لا يخول صاحبه إلا الامتناع عن رد الشيء عند مطالبته به، ويشترط لإعمال أحكام حق الحبس التمسك بهذا الحق، فلا تملك المحكمة إعمال هذه الأحكام من تلقاء نفسها وإذا كان للحابس عند خروج الشيء من يده دون رضاه أن يسترده ليستعمل حق الحبس عليه فإن دعواه لا يكون موضوعها الحق في الحبس بل استرداد الشيء باعتبار أن خروجه من يد حائزه أو محرزه رغم إرادته يعتبر سرقة ضمان واعتداء على الحيازة.
ثانياً - حق الحبس باعتباره أحدى وسائل الضمان يعتبر حق غير قابل للتجزئة لمصلحة الدائن، أي أنه يكون للدائن أن يحبس كل الشيء الموجود في يده إلى أن يستوفي كامل حقه من أصل وفوائد ومصروفات، ولا يكون للمدين أن يطالب الدائن بتخلية جزء من الشيء المحبوس يقابل الجزء الذي وفاة الدائن من دينه، ولا يترتب على قبول الدائن وفاء جزئياً سقوط حقه في الحبس غیر أن الدائن كما يجوز له أن ينزل عن حقه في الحبس على كل الشيء المحبوس يجوز له أن ينزل عن هذا الحق بالنسبة إلى جزء من ذلك الشيء فيسلم بعضه ويستبقى البعض الآخر ولا يجوز للدائن أن يتعسف في استعمال حقه في ذلك، فإذا وفي المدين الجزء الأكبر من الدين وطلب الإفراج عن جزء من الشيء المحبوس تعين على الدائن أن يجيبه إلى طلبه ما دام هو لا يصيبه ضرر من ذلك، والا كان رفضه اساءة لاستعمال حقه. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 438)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس ، الصفحة / 157
حقّ الْحبْس:
30 - يعْتبر الْحبْس منْ آثار الالْتزام. فالْبائع له حقّ حبْس الْمبيع، حتّى يسْتوْفي الثّمن الّذي الْتزم به الْمشْتري، إلاّ أنْ يكون الثّمن مؤجّلاً.
والْمؤجّر له حقّ حبْس الْمنافع إلى أنْ يسْتلم الأْجْرة الْمعجّلة. وللصّانع حقّ حبْس الْعيْن بعْد الْفراغ من الْعمل إذا كان لعمله أثرٌ في الْعيْن، كالْقصّار والصّبّاغ والنّجّار والْحدّاد.
والْمرْتهن له حقّ حبْس الْمرْهون حتّى يؤدّي الرّاهن ما عليْه. يقول ابْن رشْدٍ: حقّ الْمرْتهن في الرّهْن أنْ يمْسكه حتّى يؤدّي الرّاهن ما عليْه، والرّهْن عنْد الْجمْهور يتعلّق بجمْلة الْحقّ الْمرْهون فيه وببعْضه، أعْني أنّه إذا رهنه في عددٍ ما، فأدّى منْه بعْضه، فإنّ الرّهْن بأسْره يبْقى بعْد بيد الْمرْتهن حتّى يسْتوْفي حقّه. وقال قوْمٌ: بلْ يبْقى من الرّهْن بيد الْمرْتهن بقدْر ما يبْقى من الْحقّ، وحجّة الْجمْهور أنّه محْبوسٌ بحقٍّ، فوجب أنْ يكون محْبوسًا بكلّ جزْءٍ منْه، أصْله (أي الْمقيس عليْه) حبْس التّركة على الْورثة حتّى يؤدّوا الدّيْن الّذي على الْميّت. وحجّة الْفريق الثّاني أنّ جميعه محْبوسٌ بجميعه، فوجب أنْ يكون أبْعاضه محْبوسةً بأبْعاضه، أصْله الْكفالة .
ومنْ ذلك حبْس الْمدين بما عليْه من الدّيْن، إذا كان قادرًا على أداء ديْنه وماطل في الأْداء، وطلب صاحب الدّيْن حبْسه من الْقاضي، وللْغريم كذلك منْعه من السّفر، لأنّ له حقّ الْمطالبة بحبْسه.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع عشر ، الصفحة / 142
هـ - حَقُّ الْحَبْسِ وَالاِحْتِبَاسِ:
16 - لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّوْثِيقِ صِيَانَةَ الْحُقُوقِ وَالاِحْتِيَاطَ؛ لِذَلِكَ كَانَ مِنْ حَقِّ الدَّائِنِ أَنْ يَتَوَثَّقَ لِحَقِّهِ بِحَبْسِ مَا تَحْتَ يَدِهِ لاِسْتِيفَاءِ حَقِّهِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ يَتَعَلَّقُ بِهِ؛ وَلِذَلِكَ صُوَرٌ مُخْتَلِفَةٌ:
مِنْهَا: حَقُّ احْتِبَاسِ الْمَبِيعِ إِلَى قَبْضِ الثَّمَنِ - يَقُولُ ابْنُ عَابِدِينَ: لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ إِلَى قَبْضِ الثَّمَنِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئَيْنِ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَمَّى لِكُلٍّ ثَمَنًا فَلَهُ حَبْسُهُمَا إِلَى اسْتِيفَاءِ الْكُلِّ، وَلاَ يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ بِالرَّهْنِ، وَلاَ بِالْكَفِيلِ، وَلاَ بِإِبْرَائِهِ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ حَتَّى يَسْتَوفِيَ الْبَاقِي.
وَيَنْظُرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (بَيْعٌ وَحَبْسٌ).
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَنَافِعِ إِلَى أَنْ يَتَسَلَّمَ الأْجْرَةَ الْمُعَجَّلَةَ، وَكَذَلِكَ لِلصَّانِعِ حَقُّ حَبْسِ الْعَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعَمَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إِذَا كَانَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (إِجَارَةٌ وَاسْتِصْنَاعٌ).
وَمِنْ ذَلِكَ حَبْسُ الْمَدِينِ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ دَيْنِهِ، وَمَاطَلَ فِي الأْدَاءِ، وَطَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنَ الْقَاضِي حَبْسَهُ؛ وَلِلدَّائِنِ كَذَلِكَ مَنْعُهُ مِنَ السَّفَرِ؛ لأِنَّ لَهُ وِلاَيَةَ حَبْسِهِ .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (دَيْنٌ، أَدَاءٌ، وَفَاءٌ).
17 - هَذِهِ هِيَ أَشْهَرُ أَنْوَاعِ التَّوْثِيقِ، وَهُنَاكَ أُمُورٌ أُخْرَى يَكُونُ الْقِيَامُ بِهَا تَوْثِيقًا لِلْحَقِّ وَصِيَانَةً لَهُ. فَكِتَابَةُ الأْحْكَامِ فِي السِّجِلاَّتِ تُعْتَبَرُ تَوْثِيقًا لِهَذِهِ الأْحْكَامِ، وَالْحَجْرُ عَلَى الْمُفْلِسِ تَوْثِيقٌ لِحُقُوقِ الدَّائِنِينَ. وَهَكَذَا، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (إِفْلاَسٌ، حَجْرٌ، كِتَابَةٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 265
حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لاِسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ
24 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ وَالاِمْتِنَاعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ إِذَا كَانَ حَالًّا، أَوِ الْقَدْرَ الْحَالَّ مِنْهُ إِذَا كَانَ بَعْضُهُ مُؤَجَّلاً أَمَّا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلاً، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، اعْتِبَارًا لِتَرَاضِيهِمَا عَلَى تَأْخِيرِهِ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا حَالًّا، أَيْ مَالاً غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلاَ مُؤَجَّلٍ، وَكَانَ حَاضِرًا مَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ، فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِقَبْضِ الثَّمَنِ .
وَلَمَّا كَانَ حَقُّ الْبَائِعِ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ لاِسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ مِنَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، أَيِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَالِ، فَقَدْ نَصَّ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْحَقِّ إِذَا مَاتَ، فَإِنَّ حَقَّهُ فِي ذَلِكَ لاَ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ، بَلْ يَنْتَقِلُ إِلَى وَرَثَتِهِ - كَسَائِرِ أَعْيَانِهِ الْمَالِيَّةِ - وَلاَ يَكُونُ لِلْمَوْتِ تَأْثِيرٌ فِي سُقُوطِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ .
_______________________________________________________________
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 247)
١- لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ، مادام الدائن لم يوف بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين و كان مرتبطاً به ، او مادام الدائن لم يقدم تامیناً کافياً للوفاء بالتزامه.
٢- ويكون ذلك بوجه خاص لجائز الشيء او محرزه ، اذا هو انفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة ، فان له أن يمتنع عن رد هذا الشي حتى يستوفي ما هو مستحق له ، الا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع ۰
هذه المادة تطابق المادة 246 من التقنين الحالي ، مع تعديل لفظي بسيط في الفقرة الأولى ،
و تطابق في حكمها المادة ۳۱۸ من التقنين الكويتي .
والفقرة الأولى منها تطابق في حكمها المادة ۲۸۲ من التقنين العراقي
و تقابل المادة ۳۸۷ من التقنين الأردني التي تنص على أن و لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يوف بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين وكان مرتبطا به۰
والفقرة الثانية منها تقابل المادة ۲۸۱ من التقنين العراقي التي تنص على أنه لا يجوز لمن انفق على ملك غيره وهو في يده معروفات ضرورية او تافية أو انشا فيه بناء أو غرس فيه أشجارا ان يمتنع عن رده حتی يستوفي ما هو مستحق له قانونا الا ان يكون الالتزام بالرد ناشئا عن عمل غير مشروع،۰
و تقابل المادة 389 من التقنين الأردني التي تنص على أن «لمن انفق على ملك غيره وهو في يده مصروفات ضرورية أو نافعة أن يمتنع عن رده حتی يستوفي ما هو مستحق له قانونا مالم يتفق او يقضى القانون بغير ذلك ،
وفي الفقه الاسلامي يتركز حق الحبس في مال ضمانا للدين " وقد يكون مصدره العقد ، حيث يكون للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفی الثمن ويكون للمستأجر أن يحبس المأجور اذا انفسخت الإجارة حتی يسترد ما عجلة من الأجرة ، ويكون للمودع عنده أن يحبس الوديعة حتی يستوفی ما انفقه في حفظها باذن القاضي : ويكون للأجير المشترك الذي العملة أثر في العين كالخياط أن يحبس العين حتى يستوفي الأجرة • ويكون للوكيل بالشراء أن يحب المال الذي اشتراه عن الموكل حتی بدقع اليه الثمن •
وقد يكون الشرع هو مصدر حق الحبس . فللملتقط أن يحبس اللقطة عن مالكها حتى يستوفي ما أنفقه عليها باذن القاضي، وللغاصب أن يحبس المغصوب الذي زاد فيه زيادة متصلة من ماله ، كمن يقيم عل الأرض المغصوبة بناء أو غر أسيا حتى يدفع له المالك قيمة الزيادة .
( انظر في هنا : الكاساني ج4 ص 404 - 406 وج 5ص 259 وج 6ص ۳۷ و 202 الزيلعي ج 5 ص ۱۱۱ و ۲۳۰ • عبد الرزاق ، السنهوری ، مصادر الحق في الفقه الاسلامي ج ۱ ص 36 م ۲۷۸ - ۲۸۰ وم 482 و م 1491 من المجلة )
مجلة الأحكام العدلية
مادة (278) حبس المبيع
في البيع بالثمن الحالي أعني غير المؤجل للبائع أن يحبس المبيع إلى أن يؤدي المشتري جميع الثمن.
مادة (279) حبس المبيع لتأدية جميع الثمن
إذا باع أشياء متعددة صفقة واحدة له أن يحبس جميع المبيع حتى يقبض الثمن جميعه سواء بين لكل منها ثمن على حدته أو لم يبين.
مادة (280) إعطاء رهن أو كفيل بالثمن
إعطاء المشتري رهناً أو كفيلاً بالثمن لا يسقط حق الحبس.
مادة (482) حبس المستأجَر لاستيفاء الأجرة
يصح للأجير الذي لعمله أثٌ، كالخياط والصباغ والقصار، أن يحبس المستأجر فيه لاستيفاء الأجرة إن لم يشترط نسيئتها. وبهذا الوجه لو حبس ذلك المال وتلف في يده لا يضمن، وبعد تلفه ليس له أن يستوفي الأجرة.
مادة (1491) حبس المال
إذا أعطى الوكيل بالشراء ثمن المبيع من ماله وقبضه فله أن يرجع إلى الموكل يعني له أن يأخذ الثمن الذي أعطاه من الموكل وله أيضاً أن يحبس المال المشتري ويطلب ثمنه من موكله إلى أن يتسلم الثمن وإن لم يكن قد أعطاه للبائع.