مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني، الصفحة : 656
مذكرة المشروع التمهيدي :
ليس الحبس، على وجه الإجمال، إلا حيازة الشيء حيازة فعلية، ولذلك كان طبيعياً أن ينقضي بفقد هذه الحيازة، ولكن ينبغي أن يكون هذا الفقد إرادياً :فإذا خرج الشيء من يد محتبسه خفية أو انتزع منه رغم معارضته، ظل حقه في الحبس قائماً، وكان له أن يسترده ولو من يد حائز حسن النية، باعتبار أن الأمر ينطوي على سرقة ضمان، على أن حق الاسترداد هذا، وإن كان جزاءاً يكفل حماية الحتي في الحبس، إلا أن من واجب المحتبس أن يستعمله في خلال ثلاثين يوماً من وقت علمه بخروج الشىء من يده ( قارن حق المستأجر في استرداد المنقولات التي تخرج من حيازته في خلال ثلاثين يوماً).
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 333 من المشروع وقد ذكر أحد الأعضاء أنه يحسن استبدال عبارة بخروج الشيء من يد حائزه أو محرزه، بعبارة، «بفقد الحيازة» حتى يكون النص أدق تعبيراً عن المعنى، فوافقت اللجنة على ذلك.
وذكر أحد الأعضاء أن من المصلحة وضع حد زمني ينقضي حتى الحبس في خلاله ولو لم يعلم الحابس بخروج الشيء من يده لوضع حد للمنازعات - فوافقت اللجنة على تحديد الأجل بسنة - ثم أشير إلى أن وضع الأجل قد يدعو إلى إعادة النظر في المادة 1549 من المشروع، وعلى ذلك عدل النص على الوجه الآتي :
1- ينقضي الحق في الحبس بخروج الشيء من يد حائزه أو محرزه .
2- ومع ذلك يجوز لحابس الشىء إذا خرج الشىء من يده خفية أو بالرغم من معارضته أن يطلب استرداده إذا هو قام بهذا الطلب في خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروج الشيء من يده، وقبل انقضاء سنة من وقت خروجه.
وأصبح رقم المادة 260 في المشروع النهائي.
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 260.
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
وافقت اللجنة على المادة دون تعديل بعد حذف حرف «في» من عبارة ( في خلال).
وأصبح رقمها 248
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة.
1- إذ كان الدفع بعدم التنفيذ المنصوص عليه فى المادة 246 من التقنين المدنى هو تطبيق للحق فى الحبس فى دائرة العقود التبادلية ، وكانت المادة 248 من ذات القانون تنص على أن الحق فى الحبس ينقضى بخروج الشىء من يد حائزه ، لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة قد تمسكت فى دفاعها أمام محكمتى الموضوع بأنه لايحق للمطعون ضده مطالبة الطاعنة بتنفيذ التزامها ما دام أنه لم ينفذ التزامه بدفع باقى ثمن البضاعة وكان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعنة قد تصرفت فى البضاعة محل التعاقد إلى آخر و من ثم فليس لها أن تدفع بعدم تنفيذ التزامها بسبب عدم وفاء المطعون ضده بالتزامه المرتبط بهذه البضاعة .
(الطعن رقم 1919 لسنة 49 جلسة 1980/12/22 س 31 ع 2 ص 2082 ق 388)
2- فى العقود الملزمة للجانبين وعلى ما تقضى به المادة 161 من القانون المدنى إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء ، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما إلتزم به ، وقد أجاز المشرع تطبيقاً لهذا الأصل فى الفقرة الثانية من المادة 457 للمشترى ما لم يمنعه شرط فى العقد أن يحبس الثمن إذا خيف على المبيع أن ينزع من يده ، ومقتضى ذلك أن قيام هذا السبب لدى المشترى يخول له الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ، ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذى يهدده ، وذلك ما لم يكن قد نزل عن هذا الحق بعد ثبوته له أوكان فى العقد شرط يمنعه من إستعماله فعلم المشترى وقت الشراء بالسبب الذى يخشى معه نزع المبيع من يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذى يهدده ويكون فى نفس الوقت معتمداً على البائع فى دفع هذا الخطر قبل إستحقاق الباقى فى ذمته من الثمن ما دام أنه لم يشتر ساقط الخيار .
(الطعن رقم 274 لسنة 40 جلسة 1975/12/10 س 26 ص 1606 ق 301)
3- المؤجر يلتزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة بأن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون إنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوزله أن يحدث بالعين أوبملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الإنتفاع فإذا أخل المؤجر بهذا الإلتزام جاز للمستأجر أن يطلب التنفيذ العيني بمنع التعرض أوفسخ العقد أوإنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الإنتفاع مع التعويض فى جميع الأحوال إن كان له مقتضى ويجوز للمستأجر حتى يدفع المؤجر إلى التنفيذ العيني أن يحبس الأجرة عنه إلى أن يقوم بوقف تعرضه وذلك تطبيقاً للدفع بعدم تنفيذ العقد عملاً بالمادتين 161 و246 من القانون المدني وهو أمرلايحول دون أن يستعمل المستأجر حقه فى طلب إنقاص الأجرة بنسبة ما نقص من انتفاعه بالعين المؤجرة حسبما تقضي به المادتان 565/ 1 و 571/ 1 من القانون المذكور على ما سلف بيانه ومن ثم فلامحل لما يثيره الطاعنان المؤجران من أن قضاء الحكم المطعون فيه بإنقاص أجرة الأعيان المؤجرة لحرمان المستأجر من إستعمال المصاعد فى النزول يخالف حجية الحكم الصادر فى الدعوى السابقة الذي اقتصر على تخويل المطعون عليه المستأجر الحق فى حبس جزء من أجرة شهر يوليه سنة 1954 ولما كان ما يدعيه الطاعنان من أن وفاء المستأجر بالأجرة كاملة عن المدة التي تنتهي فى 31/ 12/ 1961 مؤداه أنه لا يتمسك بالحق فى الحبس أوالدفع بعدم التنفيذ مردود بأن هذا الوفاء هو عن مدة سابقة على المدة موضوع الدعوى ، هذا إلى أنه ليس من شأنه بفرض حصوله أن يمنع من القضاء بإنقاص الأجرة المستحقة بنسبة نقص الإنتفاع بالعين المؤجرة لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غيرأساس .
(الطعن رقم 58 لسنة 39 جلسة 1975/04/08 س 26 ع 1 ص 766 ق 149)
4- حق الحبس مما يجوز التنازل عنه صراحة أو ضمنا ومتى تم هذا التنازل فإنه لا يجوز العدول عنه بعد ذلك .
(الطعن رقم 408 لسنة 34 جلسة 1968/05/16 س 19 ع 2 ص 962 ق 143)
5- متى وفى المرسل إليه الأجرة للناقل إنقضى حق الحبس وزال المانع الذى كان يحول دون تسليم الأشياء إليه ويعود الإلتزام بالتسليم فى ذمة الناقل وفقاً لأحكام عقد النقل فيلتزم بتسليم تلك الأشياء سليمة للمرسل إليه إذ لا يترتب على إستعمال حق الحبس إنفساخ هذا العقد أو إنقضاء الإلتزامات الناشئة عنه بل يقتصر الأمر على وقف تنفيذ إلتزام الناقل بالتسليم حتى يفى المرسل إليه بإلتزامه بالوفاء بأجرة النقل ولا يغير من ذلك أن يكون المرسل إليه هو المتسبب فى حبس البضاعة بتخلفه عن الوفاء بأجرة النقل إذ أن تقصيره فى الوفاء بإلتزامه هذا وإن كان يخول للناقل أن يستعمل حقه فى الحبس إلا أنه لا يعفيه من إلتزامه بالمحافظة على الشىء المحبوس وهو إلتزام متولد عن حق الحبس ذاته ولا يمكن أن يعتبر مجرد التأخير فى الوفاء بالأجرة هو السبب فيما يصيب الأشياء المحبوسة من تلف فى فترة إحتباسها ، وللحابس إذا خشى على الشىء المحبوس من الهلاك أوالتلف أن يحصل على إذن من القضاء فى بيعه طبقاً لنص المادة 1119 من القانون المدنى وينتقل حينئذ الحق فى الحبس من الشىء إلى ثمنه .
(الطعن رقم 253 لسنة 32 جلسة 1966/12/15 س 17 ع 4 ص 1926 ق 278)
6- التخلى عن الحيازة المسقط لحق الحبس واقعة مادية لمحكمة الموضوع أن تستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها ومن المستندات المقدمة فيها . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد إستخلص تخلى الطاعن باختياره عن حيازة العين التى يطلب تمكينه من وضع يده عليها من توقفه عن أعمال البناء قبل رفع المطعون عليها دعوى إثبات حالة البناء وإصراره على عدم إتمام البناء مما إضطر المطعون عليها إلى الإتفاق مع مقاول آخر لإتمام ما لم يقم الطاعن بتنفيذه ومن أن مذكرة الطاعن بقسم البوليس لم تتضمن ما يدل على صحة دعواه من أنه طرد من البناء فى تاريخ تحريرها أو أن تابعاً للمطعون عليها قد إعترف بأنها أمرته بمنع الطاعن من دخول العقار ، وخلصت المحكمة من إستعراض هذه الوقائع ومن مراجعة الخطابات والإنذارات المتبادلة بين الطرفين إلى أن تخلى الطاعن عن حيازته كان بمحض إختياره ، وكانت هذه القرائن التى إستند إليها الحكم من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى إنتهى إليها ، فإن النعى عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس
(الطعن رقم 372 لسنة 21 جلسة 1953/04/09 س 4 ع 1 ص 865 ق 124)
الحق في الحبس وسيلة من وسائل الضمان وليس حقاً عينياً، فلا يكون للحابس تتبع الشئ في أي يد تكون، ولكن يترتب على خروجه من يد الحابس سقوط الوسيلة التي كانت تحقق له الضمان، وبالتالي إنقضاء الحق في الحبس.
ومناط ذلك، أن يكون الحابس قد تخلى طواعية عن الشئ مما يدل على إتجاه إرادته الضمنية إلى التنازل عن هذا الحق، ولما كان الساقط لا يعود، فإنه لا يجوز للحابس بعد ذلك طلب استرداد الشئ لحبسه تحت يده، وخروج الشئ طواعية من مسائل الواقع التي يستقل قاضى الموضوع بتقديرها لتعلقه بأدلة الدعوى.
لكن إذا انتفت تلك الارادة، بخروج الشئ عنوة أو خفية أو بالرغم من معارضة الحابس، جاز له إسترداده، ولو بدعوى مستعجلة، ويشترط لذلك أن يرفع دعوى الاسترداد خلال ثلاثين يوماً من اليوم الذي علم فيه بخروج الشيء من يده، وتلك مدة سقوط فلا يرد عليها وقف أو انقطاع وتسرى في حق الكافة بمن فيهم الغائب وناقص الأهلية، والعلم واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق، ويقع عبء إثباته على عاتق مدعیه وهو من يتمسك بسقوط الدعوى. وراجع في طبيعة تلك المدة ما أوضحناه بالمادة 958 والخلف السائد في شأنها.
فإن لم يتحقق العلم بخروج الشيء، فإن دعوى الاسترداد تسقط بانقضاء سنة من وقت خروجه.
فإن كان الشيء المحبوس منقولاً، فإن استرداده يكون بطريق أمر الأداء وليس بطريق الدعوى.
كما ينقضي الحق في الحبس بالوفاء بالالتزام المقابل وباتحاد الذمة على أنه إذا فسخ العقد الذي أدى إلى اتحاد الذمة، عاد الحق في الحبس، کالمستأجر الذي يحبس العين المؤجرة حتى يستوفي ما أنفقه عليها من مصروفات نافعة، فينقضي حقه في حبسها إذا إشتراها، ويعود حقه في حبسها إذا فسخ عقد البيع.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع، الصفحة/ 603)
الحق فى الحبس إنما شرع لتأمين حق الحابس فى ذمة مالك العين المحبوسة، فإذا انقضى حق الحابس فى ذمة المالك، انقضى الحق فى الحبس تبعاً لذلك، وهذا هو الانقضاء بطريق تبعى، مثل ذلك أن يستوفى الحابس المصروفات التي أنفقها على العين المحبوسة، فلا يعود هناك محل لبقاء العين محبوسة فى يده، ويجب أن يردها للمالك.
وينقضي حق الحابس فى ذمة المالك بأى سبب من أسباب انقضاء الالتزام فقد ينقضى بالوفاء، وهذا هو السبب الغالب المألوف . وينقضي أيضاً بما يقوم مقام الوفاء، كالتجديد والمقاصة واتحاد الذمة . وينقضى أخيراً من غير وفاء أصلاً، كما إذا أبرأ الحابس المالك أو سقط الحق من جراء استحالة تنفيذه لسبب أجنبى .
ويلاحظ أن الحق الذي للحابس فى ذمة المالك، ما دامت العين محبوسة فى هذا الحق، لا يتقادم، إذ حبس العين فيه يمنع من تقادمه . والحق فى الحبس نفسه لا يزول بالتقادم، لأن الحبس حالة مادية مستمرة لا يتصور فيها التقادم . ومن ثم لا يمكن انقضاء الحق فى الحبس بالتقادم، لا بتقادمه هو ولا بتقادم الحق المضمون به .انقضاء الحق فى الحبس بطريق أصلي.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني المجلد/ الثاني، الصفحة/ 1940)
انقضاء الحق في الحبس :
ينقضي الحق في الحبس إما بصفة تبعية وإما بصفة أصلية، ونعرض لذلك بالتفصيل فيما يلي.
أولاً : انقضاء الحق في الحبس بصفة تبعية :
الغرض من الحق في الحبس هو حمل الدائن على تنفيذ التزامه المرتبط بالتزام المدين. فالحق في الحبس حق تابع للالتزام المضمون به، ومن ثم فهو ينقضي تبعاً لانقضاء هذا الالتزام. فإذا تم الوفاء بالالتزام فعلاً، فلا يكون هناك مبرر لامتناع المدين عن الوفاء بالتزامه.
ولذلك ينقضي حقه في الحبس ويلاحظ أن الذي يقضي على الحق في الحبس هو الوفاء بكل الالتزام، أما الوفاء الجزئي فلا يؤثر في وجود الحق في الحبس. فهذا الحق لا يتجزأ. وبالتالي يظل للمدين أن يحبس التزامه كله رغم وفاء الطرف الآخر بجزء من التزامه وإذا انقضى حق الحابس بسبب آخر غير الوفاء، فإن الحق في الحبس الذي كان يضمنه ينقضي بدوره، وعلى ذلك إذا أبرأ المدين دائنه، فإن حق المدين قبل الدائن ينقضي بهذا الإبراء، ويتعين على المدين أن يفي بالتزامه.
ثانياً : انقضاء الحق في الحبس بصفة أصلية :
ينقضي الحق في الحبس بصفة أصلية، أي مع بقاء حق الحابس بدون وفاء في الحالات الآتية:
1- تقديم تأمين كاف للوفاء بحق الحابس :
إذا قدم الدائن الذي يطالب بتنفيذ الالتزام تأميناً كافياً للوفاء بحق الحابس، فإن الحق في الحبس ينقضى ويلتزم المدين بالوفاء بالتزامه (م1/246 ) ذلك أن هذا التأمين يقوم بنفس الدور الذي يقوم به الحق في الحبس وهو ضمان استيفاء الحابس لحقه. والتأمين الذي يقدمه الدائن يجوز أن يكون تأميناً شخصياً ككفالة شخص ثالث، أو تأميناً عينياً كرهن على مال من أموال الدائن سواء كان رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً.
2- هلاك الشيء المحبوس :
الحق في الحبس يستمد سبب وجوده وقوته من مجرد حيازة الشئ أو السيطرة عليه. ولذلك نجد أن الدائن الحابس يستمد ضمانه من هذا الواقع فمن البديهي أن ينقضي الحق في الحبس في حالة هلاك الشيء المحبوس لانعدام المحل.
لكن إذا كان هذا الهلاك بفعل الحابس كان مسئولاً عن تعويض المالك عنه. أما إذا كان الهلاك لسبب أجنبي فإنه يهلك على مالكه.
ويحدث في بعض الحالات أن يترتب على هلاك الشيء المحبوس نشوء حق لمالكه قبل الغير، كالحق في التعويض قبل المسئول عن الهلاك، والحق في مبلغ التأمين قبل شركة التأمين.
ويذهب الرأي الراجح إلى أن حق الحابس ينتقل إلى مبلغ التعويض أو مبلغ التأمين، فيكون للحابس أن يطلب عدم تسليم هذا المبلغ إلى الطرف الآخر حتى يقوم بالوفاء بحق الحابس، ويستند هذا الرأي إلى نظرية الحلول العيني
3- خروج الشيء المحبوس من يد حابسه خروجاً إرادياً:
فالخروج الذي يؤدي إلى انقضاء الحق في الحبس هو الخروج الاختباري، كأن يسلم الحابس الشئ المحبوس إلى المدين، أو يقوم الدائن بالتنفيذ عليه متخذاً إجراءات البيع الجبري، فيتعين عليه عندئذ تسليمه للراسي عليه المزاد لانقضاء حقه في الحبس.
أما إذا خرج الشيء من يد الحائز خفية أي دون علمه أو بالرغم من معارضته، فإن الحق في الحبس لا ينقضى بهذا الخروج. ولكن يتعين على الحابس في هذه الحالة أن يطالب باسترداد الشئ المحبوس خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذي يعلم فيه بخروجه أو خلال سنة من وقت خروجه أي الأجلين أقرب (م 2/248 ) . فإذا أقام الحابس دعوى الاسترداد في خلال المواعيد السابقة، فإن حقه في الحبس يظل قائماً رغم خروج الشئ من تحت يده، ويحكم له باسترداد الشئ ليمارس عليه سلطته في الحبس.
أما إذا ترك الحابس المواعيد السابقة تمر دون أن يطالب باسترداد الشئ فإن حقه في حبسه ينقضى.
الحق في الحبس مقرر لمصلحة المدين، فيجوز له أن ينزل عنه صراحة أو هو ضمناً، وهذا النزول قد يقترن بالوفاء الفوري بالالتزام المحبوس، وقد يكون نزولاً مجرداً دون وفاء، وفي هذه الحالة الأخيرة يكون للدائن أن يطالب بتنفيذ بالتزامه، ولو أنه (أي الدائن) لم ينفذ التزامه قبل المدين، ولا يجوز للمدين أن يمتنع عن ذلك فقد انقضى حقه في الحبس بنزوله عنه.
ويعتبر مجرد خروج الشئ من يد حائزه أو محرزه قرينة على حصوله برضاه إلى أن يثبت الحائز أو المحرز عكس ذلك. وإذا طلب الحابس بيع الشيء المحبوس لديه جبراً، عد ذلك منه نزولاً عن الحق في الحبس، والتزم هو بتسليم الشئ إلى الراسي عليه المزاد ولو لم يستوف كامل حقه قبل المدين. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث، الصفحة/ 749)
ومتى كان انعدام التتبع بالمعنى المتقدم مسلماً، أفيكون للحابس على الأقل أن يتتبع الشيء تتبعاً مادياً إذا خرج من حيازته، أي أن يبحث عنه في أي يد يكون وأن يسترد حيازته ؟
تنص المادة 248 فقرة أولى على أن «ينقضي الحق في الحبس بخروج الشيء من يد حائزه أو محرزه» وهذا معناه أن الحابس يفقد حقه في الحبس بمجرد خروج الشيء من حيازته فلا يجوز له بعد ذلك أن يسترده . وتعليل ذلك في حالة خروج الشيء من حيازة الحابس برضاه أن هذا الرضا يتضمن النزول عن الحق في الحبس وأن النزول يترتب عليه انقضاء الحق، وأن الحق متى انقضى فلا سبيل إلى إعادته .
أما اذا خرج الشيء المحبوس من حيازة الحابس دون رضاه، فلا يكون ثمة نزول من الحابس عن حقه في الحبس، ولكن المشرع اعتبر بقاء الشيء في حيازة الحابس أو في حرزه شرطاً لاستمرار الحق في الحبس لأن طبيعة هذا الحق الذي لا يقوم إلا على وجود الشيء في يد الدائن وعلى ارتباط الدين بهذا الوجود تقتضى ذلك، وقرر انقضاء الحق في الحبس بخروج الشيء من يد حائزه أو محرزه ولو كان ذلك دون رضاه، وعبر عن ذلك بإيراد نص المادة 248 فقرة أولى في صيغة مطلقة أي دون تقييده برضا الدائن.
غير أن المشرع رأى أن هذا الحكم، ولو أنه النتيجة الطبيعية لمنطق الحق في الحبس، مجحف بالحابس الذي يسلب حيازة الشيء المحبوس لديه خلسة أو عنوة، فاستدرك عليه وخفف منه بعض التخفيف بأن نص في المادة 248 فقرة ثانية على أنه «... يجوز لحابس الشىء، إذا خرج الشىء من يده خفية أو بالرغم من معارضته، أن يطلب استرداده، إذا هو قام بهذا الطلب خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروج الشيء من يده وقبل انقضاء سنة من خروجه ».
ويلاحظ أن هذا النص قد قرر للدائن حق استرداد الشيء، ولو لم تكن له الحيازة القانونية، بناء على ما له من من حق في الاحتفاظ بالشيء في يده، فتكون للدائن في حالة العقار دعوی تشبه دعوى استرداد الحيازة المنصوص عليها في المادة 958 وما بعدها، ولكنها تختلف عنها من حيث شروطها ومواعيدها، ويكون له في حالة المنقول أن يلجأ إلى توقيع الحجز الاستحقاقي على الشيء الذي خرج من يده في أي يد يكون.
أما الحق في الحبس الذي يثبت مستقلاً عن أي امتياز أو رهن حیازی، فلا يقوم إلا على حيازة الشيء وعلى ارتباط دين الدائن بهذه الحيازة، ويدور معها وجوداً وعدماً ويكون الأصل فيه أن ينقضي بانقطاعها، غير أن المشرع خفف من هذا الأصل وأجاز للحبس استرداد الشيء إذا خرج من يده خلسة أو عنوة، على أن يطلب ذلك في خلال 30 يوماً من تاريخ علمه بهذا الخروج وقبل مضي سنة من حصوله؛ سواء كان الشيء موجوداً في يد الدين نفسه أو في يد غيره.
أما تقديم الحابس طلب الاسترداد في الميعاد القانوني، فيراد به الحيلولة دون انقضاء حق الحبس ذاته، وهو لا يعدو أن يكون رخصة استثنائية أريد بها تفادي نتيجة فعل غير مشروع، ويجوز استعمالها ضد من يوجد الشيء في يده سواء كان هو مالكه او شخصاً آخر، وسواء كان هذا الآخر قد کسب حقاً عليه بحسن نية أو لم يكسب، ولكن يجب في جميع الأحوال أن يتقيد الحابس في استعمال هذه الرخصة بأن يكون ذلك في الميعاد القانوني.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 461)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع عشر ، الصفحة / 142
هـ - حَقُّ الْحَبْسِ وَالاِحْتِبَاسِ:
16 - لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّوْثِيقِ صِيَانَةَ الْحُقُوقِ وَالاِحْتِيَاطَ؛ لِذَلِكَ كَانَ مِنْ حَقِّ الدَّائِنِ أَنْ يَتَوَثَّقَ لِحَقِّهِ بِحَبْسِ مَا تَحْتَ يَدِهِ لاِسْتِيفَاءِ حَقِّهِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ يَتَعَلَّقُ بِهِ؛ وَلِذَلِكَ صُوَرٌ مُخْتَلِفَةٌ:
مِنْهَا: حَقُّ احْتِبَاسِ الْمَبِيعِ إِلَى قَبْضِ الثَّمَنِ - يَقُولُ ابْنُ عَابِدِينَ: لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ إِلَى قَبْضِ الثَّمَنِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئَيْنِ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَمَّى لِكُلٍّ ثَمَنًا فَلَهُ حَبْسُهُمَا إِلَى اسْتِيفَاءِ الْكُلِّ، وَلاَ يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ بِالرَّهْنِ، وَلاَ بِالْكَفِيلِ، وَلاَ بِإِبْرَائِهِ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ حَتَّى يَسْتَوفِيَ الْبَاقِي.
وَيَنْظُرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (بَيْعٌ وَحَبْسٌ).
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَنَافِعِ إِلَى أَنْ يَتَسَلَّمَ الأْجْرَةَ الْمُعَجَّلَةَ، وَكَذَلِكَ لِلصَّانِعِ حَقُّ حَبْسِ الْعَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعَمَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إِذَا كَانَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (إِجَارَةٌ وَاسْتِصْنَاعٌ).
وَمِنْ ذَلِكَ حَبْسُ الْمَدِينِ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ دَيْنِهِ، وَمَاطَلَ فِي الأْدَاءِ، وَطَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنَ الْقَاضِي حَبْسَهُ؛ وَلِلدَّائِنِ كَذَلِكَ مَنْعُهُ مِنَ السَّفَرِ؛ لأِنَّ لَهُ وِلاَيَةَ حَبْسِهِ .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (دَيْنٌ، أَدَاءٌ، وَفَاءٌ).
17 - هَذِهِ هِيَ أَشْهَرُ أَنْوَاعِ التَّوْثِيقِ، وَهُنَاكَ أُمُورٌ أُخْرَى يَكُونُ الْقِيَامُ بِهَا تَوْثِيقًا لِلْحَقِّ وَصِيَانَةً لَهُ. فَكِتَابَةُ الأْحْكَامِ فِي السِّجِلاَّتِ تُعْتَبَرُ تَوْثِيقًا لِهَذِهِ الأْحْكَامِ، وَالْحَجْرُ عَلَى الْمُفْلِسِ تَوْثِيقٌ لِحُقُوقِ الدَّائِنِينَ. وَهَكَذَا، وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (إِفْلاَسٌ، حَجْرٌ، كِتَابَةٌ).
__________________________________________________________________
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 250)
1- ينقضي الحق في الحبس بخروج الشيء من يد جائزه أو محرزه.
2- ومع ذلك يجوز لحابس الشي ، اذا خرج الشيء من يده خفية أو بالرغم من معارضته ، أن يطلب استرداده ، اذا هو قام بهدا الطلب خلال ثلاثين يوما من الوقت الذي علم فية بخروج الشيء من يده ، وقبل انقضاء سنة من وقت خروجه.
هذه المادة تطابق المادة 248 من التقنين الحالي
و تطابق المادة 284 من التقنين العراقي ، مع اختلاف لفظی
وتطابق المادة ۳۹۲ من التقنين الأردنی ۰
و تطابق المادة ۳۲۲ من التقنين الكويتي ، مع اختلاف لفظی ( انظر الأشباه والنظائر ص 376 و م ۲۸۱ من المجلة وم 459 من مرشد الحيران )
مجلة الأحكام العدلية
مادة (281) تسليم المبيع قبل قبض الثمن
إذا سلم البائع المبيع قبل قبض الثمن فقد أسقط حق حبسه وفي هذه الصورة ليس للبائع أن يسترد المبيع من يد المشتري ويحبسه إلى أن يستوفي الثمن.