مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 678
مذكرة المشروع التمهيدي :
عن المادة 342 : احتفظ المشروع للدائنين بعد إشهار الإعسار بحقهم في اتخاذ الإجراءات الفردية، وهذه هي السمة الجوهرية في الأحكام العامة لنظام الإعسار، فالتصفية في كنف هذه الأحكام ليست إجراء جماعياً.
عن المادة 343 : ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة دعوى الإعسار لا ينفذ أي اختصاص يرتب على عقارات المدين في حق دائنيه ذوي الديون الثابتة التاريخ قبل هذا التسجيل وقد أريد بهذا النص ضمان المساواة بين الدائنين السابقة حقوقهم على تلك الدعوى، على نحو يقيلهم من عناء التزاحم والتدافع، ويكون الحق الاختصاص، فيما عدا ذلك، جدواه بالنسبة للدائنين من أصحاب الحقوق السابقة على الدعوى، فيما لو انتهت حالة الإعسار ( المادة 349 من المشروع) فلمن يحصل منهم على هذا الحق أن يحتج به على من تنشأ ديونهم بعد انتهاء حالة الإعسار .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادتان 342 و 343 من المشروع وقد اقترح معالي السنهوري باشا إدماجهما في نص واحد فعدل النص على هذا الوجه وقدم في المشروع النهائي تحت رقم 268 بعد استبدال كلمة «شهر» بكلمة «إشهار».
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل - تحت رقم 268 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الرابعة و العشرين .
تليت المادة 268 فاعترض سعادة العشماوي باشا عليها لأنها تفقد نظرية الإعسار قیمتها وتضيع كل ضمان مع أن الواجب أن يترتب على الإعسار أن يكون الدائنون في حالة اتحاد.
فرد معالي السنهوري باشا على هذا الاعتراض بأن إشهار الإجراءات يمكن الدائنين الآخرين من أن ينضموا إلى الدائن الذي يقوم بتلك الإجراءات كما أن شهر الإعسار لا يحول دون تصرف المدين في أمواله بثمن المثل.
وأيد سعادة الرئيس فكرة المادة لأنها خطوة كبيرة نحو إزالة المبادىء المشاهدة الآن في إجراءات الإفلاس الخاصة بالتجار والتي يترتب عليها رفع يد التاجر عن أمواله ووضعها في يد سنديك.
قرار اللجنة :
وافقت اللجنة على بقاء المادة على أصلها.
وأصبح رقمها 256
مناقشات المجلس
وافق المجلس على المادة دون تعديل.
1- و لئن كان اتخاذ الدائن إجراءات التنفيذ القهرى على أموال مدينه هو حق مقرر له لا يستوجب مسئوليته ، إلا أن عليه أن يراعى الإجراءات التى فرضها القانون فى التنفيذ على أموال المدين ذاتها بحيث لا يسند إليه الخطأ العمد أو الجسيم فإن هو قارف ذلك ثبت فى حقه ركن الخطأ الموجب للمسئولية عن هذه الإجراءات فيما لو ترتب عليها الحاق الضرر بالغير
(الطعن رقم 58 لسنة 36 جلسة 1970/04/14 س 21 ع 2 ص 611 ق 98)
لقد رتب القانون على صدور حكم الإعسار، سقوط أجال الديون وعدم الاحتجاج بحقوق الاختصاص التي تقع على عقارات المدين بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار، وبهذا تتوافر المساواة بين الدائنين، فيتساوی صاحب الدين المؤجل بصاحب الدين الحال، كما يتساوى صاحب حق الاختصاص اللاحق على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بالدائن الذي ليس له حق اختصاص مادام أن حقه ثابت التاريخ وسابق على تسجيل الصحيفة م 257 واكتفى القانون بهذا القدر من المساواة، فلم ينص على أن تكون تصفية أموال المعسر جماعية كما في الإفلاس، ولم يغل يد المعسر فيحول بينه وبين إدارة أمواله بل ترك له إداراتها والزم بها الدائنين طالما برئت من التدليس، وأجاز لكل دائن على حده أن يبادر إلى التنفيذ بحقه على أموال المدين سواء قبل شهر الإعسار أو بعده وأن يستوفي حقه کاملاً منها ما لم يزاحمه دائن آخر أو أكثر، وفي حالة المزاحمة تقسم أموال المدين فيما بينهم قسمة غرماء حتى لو كان أحدهم قد حصل على حق اختصاص بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار، أما إن كان هذا الحق سابقاً على تسجيل الصحيفة فلصاحبه التقدم في التوزيع على الدائنين العاديين، وبعد أن يستوفي حقه كاملاً يقسم الباقي على الأخيرين قسمة غرماء.
ومتی تم توزيع حصيلة التنفيذ، فليس لمن لم يشارك فيها من الدائنين الرجوع بشئ على من شارك فيها، إذ خول القانون لكل دائن أن يتخذ إجراء فردياً لاستيفاء حقه وجعل من تسجيل صحيفة دعوى الإعسار إشهاراً لحالة المدين مما يتيح لكل دائن العلم بذلك ليبادر باتخاذ إجراءات التنفيذ فإن لم يفعل فلا يلومن إلا نفسه .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع الصفحة/ 619)
تقضي الفقرة الثانية من المادة 256 بأنه "لا يحول شهر الإعسار دون اتخاذ الدائنين لإجراءات فردية ضد المدين" وهنا يتجلى المقوم الأساسي للإعسار المدنى، فهو ليس كالإفلاس التجاري يؤدي إلى إجراءات جماعية، فالمدين المعسر لا ترفع يده عن ماله، بل يبقى قائماً على إدارته.
ولا تتخذ إجراءات جماعية للتنفيذ، بل يقوم كل دائن على مصلحته بنفسه، فيتخذ باسمه خاصة من الإجراءات الفردية ما يسمح به القانون فلكل دائن أن يحجز على أموال المدين، ما كان موجوداً منها قبل شهر الإعسار وما استجد بعده ولكل دائن أن يبادر قبل غيره إلى استيفاء حقه من أموال المدين، فإذا لم يتمكن الدائنون الآخرون من اللحاق به ومزاحمته عند التوزيع، فقد يستوفى حقه كاملاً دونهم، فالمساواة إذن بين الدائنين إنما هي مساواة قانونية لا مساواة فعلية، والقانون يعتبر الدائنين متساوين جميعاً ولكن لا يمنع من أن يتخذ أحدهم إجراءات فردية يسبق بها الآخرين.
على أن القانون كفل للدائنين المساواة الفعلية من وجهين : ( 1 ) إسقاط آجال الديون ( 2 ) عدم نفاذ حقوق الاختصاص .
آجال الديون : إذا شهر إعسار المدين، كان ذلك إشعاراً للدائنين بأن يبادروا إلى التنفيذ على أمواله، حتى يدركوا منها ما يستطيعون أن يستوفوا به أكبر نصيب من حقوقهم ومن ثم يكون الدائن ذو الحق المؤجل فى مركز بالغ الدقة، فهو لا يستطيع المبادرة إلى التنفيذ لأن حقه لم يحل، ولا يستطيع الانتظار إلى أن يحل الأجل خشية أن تستنفد الديون الحالة جميع أموال المدين لذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 255 على أنه "يترتب على الحكم بشهر الإعسار أن يحل كل ما فى ذمة المدين من ديون مؤجلة، ويخصم من هذه الديون مقدار الفائدة الاتفاقية أو القانونية عن المدة التي سقطت بسقوط الأجل" فمجرد صدور الحكم بشهر إعسار المدين يترتب عليه سقوط الأجل فى الديون المؤجلة.
وبذلك تتحقق المساواة ما بين الديون المؤجلة والديون الحالة وحتى لا يغبن المدين وأصحاب الديون الحالة من حلول الديون المؤجلة قبل انقضاء الأجل، نص القانون على أن يخصم من هذه الديون المؤجلة التى حلت بشهر الإعسار مقدار الفائدة الاتفاقية أو القانونية عن المدة التى سقطت سقوط الأجل.
عدم نفاذ حقوق الاختصاص : ونص القانون على وسيلة أخرى أبعد أثراً فى تحقيق المساواة الفعلية بين الدائنين . فقضت الفقرة الثانية من المادة 256، كما رأينا، بأنه "لا يجوز أن يحتج على الدائنين الذين يكون لهم حقوق سابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بأى اختصاص يقع على عقارات المدين بعد هذا التسجيل" ذلك أن الدائنين يبادرون عادة، بمجرد شهر إعسار مدينهم، إلى أخذ حقوق اختصاص على عقاراته عن طريق الإجراءات الفردية التى لم ينقطع حقهم فيها كما قدمنا، وذلك كى يكفلوا لأنفسهم التقدم على الدائنين الذين لم يتمكنوا من أخذ حقوق اختصاص وقد أصبحت هذه الإجراءات أكثر إخلالاً بالمساواة بين الدائنين بعد أن اشترط التقنين المدنى الجديد ( م 1085 ) أن يكون بيد الدائن حكم واجب التنفيذ حتى يستطيع أخذ حق اختصاص، فلابد والحالة هذه من أن الدائنين الذين بيدهم أحكام واجبة التنفيذ يبادرون إلى أخذ حقوق اختصاص على عقارات مدينهم المعسر، يبتغون بذلك أن يتقدموا على الدائنين الذين لم تتح لهم الظروف أن تكون بأيديهم أحكام واجبة التنفيذ فحتى تتحقق المساواة بين الدائنين قضى القانون، كما رأينا، بألا يحتج على الدائنين الذين يكون لهم حقوق سابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بأى اختصاص يقع على عقارات المدين بعد هذا التسجيل. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني، المجلد/ الثاني، الصفحة/ 1600)
لا يحول شهر الإعسار دون اتخاذ الدائنين الإجراءات فردية ضد المدين.
وهذه هي السمة الجوهرية في الأحكام العامة لنظام الإعسار والتي تميزه عن 61 نظام الإفلاس في القانون التجاري. فلا يترتب على شهر الإعسار رفع يد المدين عن إدارة أمواله، ولا يجتمع دائنوه في هيئة اتحاد يضم شملهم، لتتخذ إجراءات جماعية للتنفيذ على أموال المدين المعسر. بل يقوم كل دائن على مصلحته بنفسه، فيتخذ باسمه خاصة من الإجراءات الفردية ما يسمح به القانون. فلكل دائن أن يحجز على أموال المدين، ما كان موجوداً منها قبل شهر الإعسار وما استجد بعده. ولكل دائن أن يبادر قبل غيره إلى استيفاء حقه من أموال المدين. فإذا لم يتمكن الدائنون الآخرون من اللحاق به ومزاحمته عند التوزيع فقد يستوفي حقه كاملاً دونهم.
فالمساواة إذن بين الدائنين إنما هي مساواة قانونية لا مساواة فعلية. فالقانون يعتبر الدائنين متساوين جميعاً ولكن لا يمنع من أن يتخذ أحدهم إجراءات فردية يسبق بها الآخرين .
لا يجوز أن يحتج على الدائنين الذين يكون لهم حقوق سابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بأي اختصاص يقع على عقارات المدين بعد هذا التسجيل. وذلك حتى تحقق المساواة بين هؤلاء الدائنين على نحو يقيلهم من عناء التزاحم والتدافع.
فلا يتقدم الدائن الذي بيده حكم واجب التنفيذ، ويستطيع أخذ اختصاص على عقار للمدين، على سائر الدائنين الذين ليس بيدهم أحكام واجبة التنفيذ، ويتعذر عليهم من ثم أخذ الاختصاص مثله.
إنما يكون لحق الاختصاص الذي يترتب على هذا الوجه، الدائن ذى الحق السابق على ذلك التسجيل، جدواه له، فيما لو انتهت حالة الإعسار، ويستطيع أن يحتج به على الدائنين الذين تنشأ حقوقهم بعد انتهاء حالة الإعسار .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث، الصفحة/ 785)
لا يترتب على شهر الإعسار وجوب تصفية أموال المدين تصفية جماعية كما هو الشأن في شهر إفلاس التاجر، فيبقى لكل من الدائنين حقه في اتخاذ إجراءات فردية على أموال المدين وقد نصت المادة 256 فقرة أولى على أن «لا يحول شهر الإعسار دون اتخاذ الدائنين لإجراءات فردية على أموال المدين » . فيجوز لكل منهم أن ينفذ على أي مال للمدين، ولكن يجوز لسائر الدائنين أن يتدخلوا في إجراءات التنفيذ والتوزيع في أي وقت قبل تمامها وأن يأخذوا نصيبهم من الأموال التي توزع، فلا يترتب على شهر الإعسار أى أثر خاص من هذه الناحية، وإنما تترتب عليه آثار في نواح أخرى.
و قد نصت المادة 255 على أنه يترتب على شهر الإعسار إسقاط آجال الديون المؤجلة، ونصت المادة 257 على عدم نفاذ تصرفات المدين اللاحقة لتسجيل صحيفة دعوى الإعسار، وألحقت بها المادة 256 فقرة ثانية عدم نفاذ الاختصاصات التي يأخذها بعض الدائنين على عقارات المدين بعد تسجيل صحيفة الدعوى المذكورة، وخولت المادة 259 المدين الحق في نفقة يتقاضاها من إيراداته المحجوزة، ثم نصت المادة 260 على عقاب الدين الذي شهر إعساره إذا ارتكب أعمالاً معينة.
وكما نصت المادة 257 على عدم نفاذ تصرفات المدين التالية لتسجيل صحيفة دعوى الإعسار، بما في ذلك كل وفاء يقوم به المدين، نصت المادة 256 فقرة ثانية على أنه «لا يجوز أن يحتج على الدائنين الذين يكون لهم حقوق سابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بأي اختصاص يقع على عقارات المدين بعد هذا التسجيل ». والحكمة من ذلك هي نفس الحكمة المقصودة من تقرير عدم نفاذ كل وفاء يقوم به المدين لأن اختصاص أحد الدائنين بعقار مملوك لمدينه يخل بالمساواة الواجبة بين الدائنين كما يخل بها الوفاء لأحد الدائنين، فتعين تقریر عدم نفاذهما كليهما في حق سائر الدائنين ذوي الديون ثابتة التاريخ.
أما الدائنون الذين ليس لديونهم تواريخ ثابتة قبل تسجيل دعوى الإعسار، فينفذ في حقهم ذلك الاختصاص.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 407)