loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثالث، الصفحة : 24 

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- الأجل أمر مستقبل محقق الوقوع، وغني عن البيان أن تحقق الوقوع هو الفارق الجوهري بين الشرط والأجل، وأن هذا الفارق هو علة عدم استناد أثر الثاني دون الأول .

وليس يستلزم اعتبار الأجل أمراً محققاً وجوب التيقن من الوقت الذي يقع فيه، فمشخصات الأجل تتوافر في الموت رغم انتفاء التيقن من حينه، لأن وقوعه أمر محقق لا شبهة فيه.

2- وينطوي تعريف الأجل على عناصر التفرقة بين الأجل الموقف، وهو ما يتوقف عليه نفاذ الالتزام والأجل الفاسخ وهو ما يضاف إليه زواله .

3- ويراعى أن الإضافة إلى الأجل وصف من الأوصاف التي تلحق الالتزام، لا العقد، وقد تقدم بيان ذلك في معرض بسط الأحكام المتعلقة بالشرط.

 

الأحكام

1- الموت وإن كان لا يدري أحد متى يأتي إلا أنه محقق الوقوع، ومن ثم كان أجلاً غير معين وهو ما عنته الفقرة الثانية من المادة 271 من القانون المدني بما جرى به نصها من أنه "ويعتبر الأمر محقق الوقوع متى كان وقوعه محتماً، ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه".

(الطعن رقم 391 لسنة 68 جلسة 1999/05/27 س 50 ع 1 ص 754 ق 148)

2- النص فى المادة 271 من القانون المدنى على ان "1_ يكون الالتزام لاجل اذا كان نفاذه او انقضاؤه مترتبا على امر مستقبل محقق الوقوع 2- ويعتبر الامر محقق الوقوع متى كان وقوعه محتما ولو لم يعرف الوقت الذى يقع فيه " مؤداه ان الحق المقترن بأجل حق كامل الوجود وانما يكون نفاذه مترتبا على حلول الاجل فاذا اتفق على تأخير تنفيذ الالتزام الى وقت القيام بعمل متعلق بارادة المدين فان ذلك يعد اتفاقا على اجل غير معين، للدائن الحق فى ان يدعو المدين الى القيام بالعمل الموكول لارادته او بطلب من القاضى ان يحدد اجلاً معقولاً للقيام بهذا العمل، فاذا لم يقم المدين بالعمل خلال هذا الوقت المعلوم المحدد له من الدائن، أو الذى منحه القاضى له، اصبح الاجل معينا بانتهاء هذا الوقت، ويصير الالتزام نافذاً، ويتعين على المدين تنفيذه اذا ما اعذره الدائن، ويكون لهذا الاخير اجباره على القيام بما التزم به .

(الطعن رقم 1385 لسنة 58 جلسة 1996/11/24 س 47 ع 2 ص 1364 ق 249)

3- البين من الأوراق - وعلى ما حصله الحكم المطعون فيه - ان عقد الاتفاق المؤرخ 1970/10/9 تضمن مشاركة كل من الطاعن والمطعون عليه الثانى للمطعون عليه الاول فى الصفقة محل عقد البيع المؤرخ 1970/5/3 بحق الثلث لكل منهما وان ذلك مشروط بقيام المطعون عليه الاول ببيع العقار كله بعد ان فوضاه فى ذلك، وانه يبين من مدونات الحكم انه كيف الالتزام الوارد بالبند الثالث من عقد الاتفاق المذكور انه التزام لاجل غير معين موكول لارادة المطعون عليه الاول وليس تعليقا على شرط واقف، مما مؤداه ان هذا الالتزام هو حق كامل الوجود مترتب نفاذه على حلول الاجل الذى يدعو له الدائن او يعينه القاضى ومن ثم فقد حق للدائن ان يدعو المدين لتنفيذ التزامه تعجيلاً لهذا الاجل، او يطلب من القاضى تحديد وقت معلوم لنفاذ هذا الحق، وكانت صحيفة الدعوى المبتدأة قد اشتملت على دعوة الطاعن للمطعون عليه الاول للقيام ببيع عقار التداعى خلال شهر، فان الحكم المطعون فيه اذ خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن على قالة ان الالتزام معلق على اجل غير معين وعلى ارادة المطعون عليه الاول ومن ثم فهو لا يخول الدائن التنفيذ العينى ودون ان يبحث اثر الانذار الموجه من الطاعن للمطعون عليه الاول لتعجيل الاجل الوارد بالاتفاق، او يعين اجلاً معقولاً للمدين لتنفيذ التزامه اذا قدر عدم كفاية الاجل الذى حدده له الطاعن، وما يرتبه القانون على ذلك من آثار، فانه يكون معيباً .

(الطعن رقم 1385 لسنة 58 جلسة 1996/11/24 س 47 ع 2 ص 1364 ق 249)

4- مفاد نص المادتين 265، 271/1 من القانون المدني، أنه وإن كان كل من الشرط والأجل وصفاً يلحق الإلتزام، فإنهما يختلفان فى قوامهما اختلافا ينعكس أثره على الإلتزام الموصوف، فبينما لا يكون الإلتزام المعلق على شرط محققاً فى قيامه أو زواله، إلا أن الإلتزام المضاف إلى أجل يكون محققاً فى وجوده ولكنه مؤجل النفاذ أو مؤجل الإنقضاء. ولما كان مفاد البند الخامس من عقدي الإيجار والذي يقضي بأن مدة العقد سنة واحدة تبدأ من تاريخ صدور الترخيص ويجوز تجديدها لمدة أخرى ويصرح الطرف الأول المؤجر للطرف الثاني المستأجرين إلى حين أن يصدر الترخيص بإجراء التحسينات التي قد يرى الطرف الثاني فى إدخالها. على أنه لا يجوز للطرف الثاني أن يبدأ فى افتتاح المكان المؤجر وتشغيله قبل الحصول على الترخيص، أن عقدي الإيجار معلق نفاذهما على شرط مؤقت غير محقق الوقوع هو الحصول على الترخيص الإداري اللازم لمباشرة المهنة أو الصناعة، بإعتباره ليس مرتهناً بإرادة أحد طرفي الإلتزام وإنما متصل أيضاً بعامل خارجي هو إرادة الجهة الإدارية المختصة بإصدار الترخيص.

(الطعن رقم 914 لسنة 43 جلسة 1978/01/18 س 29 ع 1 ص 234 ق 50)

5- أفصح المشرع فى القانونين رقمى 269 ، 272 لسنة 1960 عن إرادته فى التدخل بسبب ظروف إقتصادية خاصة قرر إزاءها وقف المطالبة بالديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة ، وهذه المدة إنما تعتبر أجلاً محدداً قانوناً يتوقف على حلوله نفاذ الإلتزام ، بمعنى أن الإلتزام نشأ منجزاً Morotorium و لكنه تحول أثناء التنفيذ إلى إلتزام مؤجل بناء على تدخل المشرع و إذ أراد المشرع بصريح عبارة القانونين المذكورين ، مجرد تأجيل الديون المستحقة بعد سريان القانون رقم 212 لسنة 1960 دون أن يتدخل فى تعديل الإتفاق على الفوائد المعتبر شريعة المتعاقدين ، وكان المشرع قد قرر بالقانون رقم 212 لسنة 1960 الإستيلاء على المستحضرات الطبية لدى شركات القطاع الخاص التى تتجر فى الأدوية و نظم أحكام هذا الإستيلاء تمشياً مع سياسة الدولة الإشتراكية حتى لا تتضخم أرباح هذه الشركات على حساب السواد الأعظم من أبناء الشعب بالتحكم فى السوق ورفع الأسعار ، فإن أثر هذا التأجيل يقتصر - أخذاً بالعلة التى أرادها المشرع و بالقدر الذى توخاه منها - على أصل الدين دون إيقاف سريان فوائده و إلا لكان فى ذلك مغنم لهذه المنشآت الأمر الذى لم يدر فى خلد المشرع بل و يتعارض مع أهدافه .

(الطعن رقم 412 لسنة 35 جلسة 1969/12/30 س 20 ع 3 ص 1363 ق 212)

6- النص فى عقد الصلح على أنه إذا تأخر المدين عن وفاء بقسط من أقساط الدين حلت باقى الأقساط فوراً دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار رسمى أو غير رسمى فضلاً عن إعتبار الصلح لم يكن وأستعادة الدائن حقه فى التنفيذ بالدين المحكوم به بأكمله ، هذا النص لا يفيد إتفاق الطرفين على إعتبار الصلح مفسوخاً من تلقاء نفسه فى حالة التأخر فى دفع أحد الأقساط و إنما كل ما يفيده هو سقوط أجل الوفاء بالأقساط بغير حاجة إلى تنبيه أوإنذارعند التأخر فى دفع قسط منها . أما النص على إعتبار الصلح كأن لم يكن فى هذه الحالة فليس إلا ترديداً للشرط الفاسخ الضمنى المقرر بحكم القانون فى العقود الملزمة للجانبين .

(الطعن رقم 332 لسنة 33 جلسة 1967/04/20 س 18 ع 2 ص 859 ق 131)

شرح خبراء القانون

الأجل :

الأجل هو أمر مستقبل محقق الوقوع يؤدي إلى نفاذ الالتزام أو إلى انقضائه دون أن يكون لذلك أثر رجعي،  فيجب ألا يكون الأجل ماضياً أو حاضراً وإلا كان الالتزام غیر موصوف كما في الشرط . 

فإن كان الأجل واقفاً، أدى إلى إرجاء تنفيذ الالتزام كمن يقترض مبلغاً ويلتزم بالوفاء به بعد عام، فهذا أجل واقف يحول دون تنفيذ الالتزام جبراً إلا بعد انقضاء عام ما لم يسقط الأجل قبل ذلك، أما أن كان الأجل فاسخاً، فإن الالتزام يكون نافذاً فور الاتفاق عليه ولكنه ينقضي بانقضاء الأجل، كمن يستأجر عيناً خاضعة الأحكام القانون المدني وفقاً للقانون 4 لسنة 1996 لأجل محدد، فإن هذا الإيجار يكون مضافاً إلى أجل فاسخ یؤدی حلوله إلى القضاء الايجار، ويرى السنهورى أن العقود الزمنية ومنها الإيجار ليست مقترنة بأجل فاسخ وأن كان هذا الاجل يرد عليها عادة وفقاً لتصور المشرع وانتهى إلى ما خلصنا إليه.

والأجل قد يكون محدد التاريخ كما في المثال المتقدم وقد يكون غير محدد التاريخ كما في الموت، فعقد التأمين إذا كان الاستحقاق فيه يتم يموت المؤمن له كان مضافاً إلى أجل فإن كان الاستحقاق مشروط بوقوع الوفاة خلال مدة معينة كان العقد معلقاً على شرط واقف وليس مضافاً إلى أجل لأنه خلال تلك المدة ينتفي التيقن من حدوث الواقعة ذاتها وهي الموت.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : 4، الصفحة : 666)

قيام الأجل

مقومات الأجل

النصوص القانونية : 

تنص المادة 271 من التقنين المدني على ما يأتي :

1- يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع .

2- ويعتبر الأمر محقق الوقوع متى كان وقعه محتماً، ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه.

وتنص المادة 272 على ما يأتي :

إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة، عين القاضي ميعاداً مناسباً لحلول الأجل، مراعياً في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلة، ومقتضياً منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه ".

ويستخلص من هذه النصوص أن الأجل الذي يقترن به الالتزام هو أمر مستقبل محقق الوقوع يترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه، فمقومات الأجل إذن ثلاثة : (1) فهو أمر مستقبل كالشرط (2) وهو محقق الوقوع، بخلاف الشرط فهو غير محقق الوقوع كما قدمنا (3) وهو أمر عارض يضاف إلى الالتزام بعد أن يستوفى عناصره الجوهرية، وهو في ذلك كالشرط لأنه وصف مثله.

وغنى عن البيان أن المقوم الرابع للشرط - وهو أن يكون غير مخالف للنظام العام والآداب - لا يرد في الأجل، لأن الأجل ميعاد لا يتصور فيه إلا أن يكون مشروعاً.

أمر مستقبل

يجب أن يكون الأجل أمراً مستقبلاً : الأجل كالشرط يجب أن يكون أمراً مستقبلاً، وهو، كما يدل عليه اسمه، ميعاد يضرب لنفاذ الالتزام أو لانقضائه، ويكون عادة تاريخاً معيناً يختار في التقويم، فإذا تعهد المقترض للمقرض بوفاء القرض في تاريخ معين، أو تعهد المشتري للبائع أن يدفع الثمن على أقساط في مواعيد معينة، أو تعهد المقاول لرب العمل أن يتم العمل الموكول إليه في وقت معين، فكل من التزام المقترض بوفاء القرض والتزام المشتري بدفع الثمن والتزام المقاول بتسليم العمل مقترن بأجل أو بآجال يترتب على حلوله نفاذ الالتزام .

وقد ينشأ الالتزام منجزاً، ثم يضاف إليه أجل بعد ذلك، فينقلب موصوفاً، ولكن يبقى الالتزام هو نفسه لم يتجدد.

لا يجوز أن يكون الأجل أمراً ماضياً أو حاضراً : والأجل، كالشرط أيضاً، لا يجوز أن يكون أمراً ماضياً أو حاضراً، وإلا فهو ليس بأجل، حتى لو كان طرفاً الالتزام يجهلان وقت التعامل أن الأجل الذي يضربانه للمستقبل هو أجل قد حل،  فلو أن شخصاً ضرب أجلاً لنفاذ التزامه قدوم أول قافلة من الحجيج، وكان يجهل أن القافلة قد قدمت فعلاً قبل أن يلتزم، أو هي آخذه في القدوم وهو يلتزم، فإن التزامه لا يكون مقترناً بأجل، بل ينشأ منذ البداية التزاماً منجزاً واجب الأداء في الحال، ولو عين الملتزم أجلاً لتنفيذ التزامه موت شخص معين، ويكون هذا الشخص قد مات قبل ذلك دون أن يعلم الملتزم، فإن الالتزام ينشأ في هذه الحالة منجزاً حال الأداء.

أمر محقق الوقوع

يجب أن يكون الأجل محقق الوقوع : تقول الفقرة الأولى من المادة 271 مدني أن الأجل يجب أن يكون أمراً مستقبلاً محقق الوقوع، وهذا واضح، فالأجل يكون عادة، كما قدمنا، ميعاداً في التقويم، تاريخاً معيناً يقع في يوم معين من شهر معين من سنة معينة، وهذا الميعاد لا بد واقع في المألوف من الحياة، وندع ما لا يدخل في حساب الناس كأن تقع كارثة تبيد الأرض ومن عليها فلا يأتي ذلك اليوم الموعود.

وكون الأجل أمراً محقق الوقوع هو الفرق الجوهري ما بين الأجل والشرط، وهو الفرق الذي تتفرع عنه كل الفروق الأخرى، فقد رأينا أن الشرط أمر غير محقق الوقوع، ومن ثم كان الحق المعلق على شرط حقاً ناقصاً غير مؤكد الوجود، ومن ثم أيضاً كان للشرط أثر رجعي، أما الأجل فأمر محقق الوقوع، فالحق المقترن بأجل حق موجود كامل، وليس للأجل أثر رجعي. .

يصح أن يكون ميعاد حلول الأجل مجهولاً : على أنه إذا كان ضرورياً أن يكون الأجل محقق الوقوع، فليس من الضروري أن يكون ميعاد وقوعه معلوماً، فقد يكون هذا الميعاد مجهولاً، ومع ذلك يبقى الأجل محقق الوقوع، فيكون أجلاً لا شرطاً، وهذا ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة  مدني فهي تقول : " ويعتبر الأجل محقق الوقوع متى كان وقوعه محتماً ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه "، ويسمى الأجل في هذه الحالة أجلاً غير معين بالمقابلة للأجل المعين الذي يعرف ميعاد حلوله .

والمثل المألوف للأجل غير المعين هو الموت، فهو أمر محقق الوقوع، ولكن لا يدري أحد متى يأتي، ومن ثم كان أجلاً غير معين، وعلى ذلك فالتزام شركة التأمين على الحياة أن تدفع مبلغ التأمين عند موت المؤمن على حياته التزام مقترن بأجل واقف غير معين هو الموت، وإذا التزم المقترض أن يرد مبلغ القرض عند موته، فيؤخذ من تركته، جاز ذلك، وكان التزامه برد القرض مقترناً بأجل واقف غير معين هو الموت، ولا يعتبر هذا تعاملاً في تركة مستقيلة فإن المقترض قد التزم في الحال وفي ماله الحاضر، وإنما ضرب أجلاً لتنفيذ التزامه هو موته، والموت كما قدمنا أجل غير معين.

ويمكن تصور أمثلة أخرى غير الموت للأجل غير المعين، فهناك أمور محققة وقوعها في المألوف من شؤون الحياة، ولكن لا يعلم موعد وقوعها، من ذلك رجوع الحجيج من بيت الله الحرام قافلين إلى بلادهم، فهذا أمر معتاد وقوعه، ولكن رجوع القوافل قافلة بعد أخرى أمر قد لا يعلم موعد وقوعه بالضبط، فلو التزم شخص إلى أجل هو موعد رجوع القافلة الأولى من الحجيج، كان هذا التزاماً مقترناً بأجل غير معين، أما إذا التزم لأحد الحجاج وعلق التزامه على رجوع الدائن من الحج، فهذا شرط لا أجل، إذ أن رجوع حاج بالذات من الحجج أمر غير محقق الوقوع، فقد يموت في الطريق .

كذلك إذا التزم أحد الموردين بتوريد الأغذية إلى مستشفى أو إلى مدرسة عند انتهاء بنائها، فهذا أيضاً التزام مقترن بأجل غير معين، إذا أن الانتهاء من البناء أمر محقق الوقوع في المعتاد من شؤون الحياة، ولكن موعده غير معلوم على وجه التحقيق.

والتزام الطالب أن يدفع المصروفات المدرسية عند افتتاح الدراسة قد يكون التزاماً مقترناً بأجل غير معين، إذا كان موعد افتتاح الدراسة وقت الالتزام لم يحدد، وكذلك الحال في التزامه أن يدفع رسوم الامتحان عند حلول ميعاده، إذا كان ميعاد الامتحان لم يحدد وقت الالتزام.

والتزام المدين بالوفاء عند الميسرة أو عند المقدرة ( م 272 مدني ) ينطوي على ضرب من الأجل الواقف، وهو أيضاً أجل غير معين، وسنعود إلى هذه المسألة بالتفصيل فيما يلي.

والفرق بين الشرط والأجل غير المعين واضح، فالشرط أمر غير محقق الوقوع، أما الأجل غير المعين فأمر محقق الوقوع في ذاته ولكن ميعاد وقوعه وحده هو غير المحقق.

أمر عارض

الأجل عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري : والأجل، كالشرط وككل وصف آخر من أوصاف الالتزام، عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري، وهو لا يقترن بالالتزام إلا بعد أن يستوفى الالتزام جميع عناصره الجوهرية، ويأتي الأجل بعد ذلك عنصراً إضافياً يقوم الالتزام بغيره، ويتصور بدونه، ولا يحتاج إليه في قيامه بذاته .

فإذا التزم شخص إلى أجل، فإن التزامه يكون قد استوفى جميع عناصره الجوهرية، من رابطة ومحل وسبب، قبل إن يضاف إليه الأجل، ثم يأتي الأجل بعد ذلك يقترن به، ويعدل من آثاره، فبعد أن كان الأصل في الالتزام أن يكون منجزاً واجب الأداء في الحال وأن يبقى أثره دائماً، إذا بالأجل يعدل من ذلك، إما بأن يجعل الالتزام متراخى النفاذ إلى وقت معين، وإما بأن يجعل الالتزام محدود البقاء غير دائم الأثر.

الأجل في العقود الزمنية : ويترتب على أن الأجل عنصر عارض في الالتزام على الوجه المتقدم، لا عنصر جوهري، نتيجة هامة كثيراً ما يغفل الفقه الإشارة إليها، فقد سبق أن عرضنا للعقود الزمنية وهي عقود تتميز عن غيرها بأن الزمن عنصر الجوهري فيها، بحيث يكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد، " ذلك أن هناك أشياء - كما جاء في الجزء الأول من الوسيط - لا يمكن تصورها إلا مقترنة بالزمن، فالمنفعة لا يمكن تقديرها إلا بمدة معينة، والعمل إذا نظر إليه في نتيجته، أي إلى الشيء الذي ينتجه العمل، كان حقيقية مكانية، ولكن إذا نظر إليه في ذاته فلا يمكن تصوره إلا حقيقة زمانية، مقترناً بمدة معينة، ومن ثم فعقد الإيجار عقد زمني لأنه يقع على المنفعة، والزمن عنصر جوهري فيه لأنه هو الذي يحدد مقدار المنفعة المعقود عليها، وعقد العمل لمدة معينة، عقد زمني، لأن الخدمات التي يؤديها العامل لا تقاس إلا بالزمن، فالزمن عنصر جوهري فيه إذ هو الذي يحدد مقدار المحل المعقود عليه، وهناك من الأشياء ما يتحدد في المكان فيكون حقيقة مكانية، ولكن المتعاقدين يتفقان على تكرار أدائه مدة من الزمن لسد حاجة تتكرر، فهو في ذاته يقاس بالمكان، ولكن المتعاقدين اتفقا على أن يقاس بالزمان، مثل ذلك عقد التوريد، يلتزم به أحد المتعاقدين أن يورد للمتعاقد الآخر شيئاً معيناً يتكرر مدة من الزمن، فمحل العقد هنا – وهو الشيء المعين الذي اتفق على توريده – يقاس في ذاته بالمكان، ولكن المتعاقدين اتفقا على أن يتكرر مرات مدة من الزمن، فجعلاه يقاس، كالمنفعة والعمل، بالزمان لا بالمكان، فالمعقود عليه في كل من عقد الإيجار وعقد التوريد هو الزمن، أو هو شيء يقاس بالزمن، ولكن المعقود عليه في عقد الإيجار يقاس بالزمن طبيعة، أما المعقود عليه في عقد التوريد فيقاس بالزمن اتفاقاً، ومن ثم ينقسم العقد الزمني إلى عقد ذي تنفيذ مستمر كعقد الإيجار وعقد العمل لمدة معينة، وعقد ذي تنفيذ دوري  كعقد التوريد وعقد الإيراد المؤيد أو الإيراد مدى الحياة.

وقد درج الفقه على اعتبار هذه العقود الزمنية عقوداً مقترنة بآجال فاسخة، ولكننا إذا طبقنا القاعدة التي تقضي بأن الأجل إنما هو عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري، تبين أن العقد الزمني لا يمكن أن يكون عقداً مقترناً بأجل، لأن الأجل عنصر جوهري فيه كما قدمنا إذ هو محل التعاقد ذاته، ولا يصح أن يكون الوصف هو أحد العناصر الجوهرية في العقد وقد سبق ذكر ذلك عند الكلام في الشرط.

وآية ذلك أن العقد الزمني إذا انعدم فيه الأجل، فإنه يكون باطلاً لانعدام المحل، ولو كان الأجل وصفاً وكان باطلاً، لكان من الجائز أن يسقط الأجل ويبقى العقد، كما هي الحال في الشرط، وقد ورد في التقنين المدني الفرنسي تطبيق لهذه القاعدة في عقد الإيراد المرتب مدى الحياة، وهو عقد زمني المدة فيه هي حياة من رتب له الإيراد، فإذا تعهد شخص لآخر بأن يؤدي إلى شخص ثالث إيراداً مرتباً مدى الحياة، ثم تبين أن صاحب الإيراد كان قد مات قبل العقد، فإن الأجل هنا - وهو المحل - يكون قد انعدم، ويكون العقد باطلاً، وهذا ما تقضي به المادة 1974 من التقنين المدني الفرنسي، فهي تنص على أن " كمل إيراد رتب مدى الحياة لمصلحة شخص يكون قد مات وقت العقد  لا يكون له أي أثر  "، بل تضيف المادة 1975 من نفس التقنين ما يأتي : " وكذلك يكون الحكم إذا رتب العقد إيراداً لمصلحة شخص أصيب بمرض مات بسببه في خلال عشرين يوماً من وقت العقد".

ويترتب على ما تقدم أن الآجال الفاسخة – والأجل الفاسخ يكون عادة في عقد زمني – ليست بوجه عام آجالاً بالمعنى الصحيح، ويكاد يخرج الأجل الفاسخ كله من بين أوصاف الالتزام، فلا يبقى إلا الأجل الواقف، وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في الأجل الفاسخ. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثالث المجلد : الأول، الصفحة : 89)

الأجل هو أمر مستقبل محقق الوقوع، يترتب على حلوله نفاذ التزام، إذا كان الأجل واقفاً أو انقضاؤه إذا كان الأجل فاسخاً.

ونعرض فيما يلي لخصائص الأجل :-

 الأجل أمر مستقبل :

الأجل أمر مستقبل، والأجل في هذه الصفة يتفق مع الشرط، فكلاهما أمر مستقبل، ولا يجوز أن يكون الأجل أمراً وقع وقت نشوء الالتزام، فلو حدد المدين أجلاً لتنفيذ التزامه عودة أول فوج من الحج، غير عالم بأن هذا الفوج قد وصل فعلاً، يكون التزامه قد نشأ منجزاً، أو إذا جعل الملتزم من موت شخص معين أجلاً لتنفيذ التزامه، في حين أن هذا الشخص يكون قد مات قبل انعقاد التصرف دون أن يعلم الملتزم بذلك، يكون الالتزام في هذه الحالة منجزاً . 

الأجل أمر محقق الوقوع :

الأجل أمر محقق الوقوع وهو في هذه الصفة يختلف عن الشرط، فالأجل - على خلاف الشرط أمر محقق الوقوع، وإن كان يجوز أن يكون وقت حلوله غير معروف.

على أن ميعاد حلول الأجل قد يكون معلوماً، وقد يكون مجهولاً، ومع ذلك يبقى الأجل محقق الوقوع.

ومعنى هذا أن الأجل قد يكون أجلاً معيناً (أو محدداً أو أكيداً) كأول الشهر أو أول السنة. وقد يكون الأجل غير معين أو غير محدد أو غير أكيد إذا كان محقق الوقوع ولكن تاريخ طوله غير محدد،  كأجل الوفاة، فإذا التزم شخص بدفع مبلغ معين في يوم وفاة آخر كان هذا أجلاً، وهو أجل غير معين.

ينقسم الأجل من حيث مصدره إلى أنواع ثلاثة هي :

1- أجل اتفاقی :

الأجل الاتفاقي مصدره اتفاق المتعاقدين، وهو قد يكون محدداً بمقتضى تعبير صريح، وقد يكون ضمنياً يستخلص من ظروف التعاقد أو من طبيعة الالتزام.

فمثلاً إذا تعهد مقاول بإقامة مبنى أو مؤلف بوضع كتاب، فإن طبيعة المتعهد به يقتضى حداً أدنى من الوقت يلزم لتنفيذه فيعتبر هذا الحد الأدني عن الزمن أجلاً محدداً ضمناً لتنفيذ الالتزام مادام لم يوجد اتفاق صريح على تحديد أجل أطول منه.

وكما في الالتزام بتوريد أغذية للمدارس، فهو التزام مضاف إلى أجل واقف هو موعد بدء الدراسة وإلى أجل فاسخ هو موعد انتهائها، وكما لو كان الالتزام التزاماً بعمل يقتضي إتمامه عدة من الزمان، كالتزام الناقل بتسليم البضاعة والتزام المقاول بتسليم المنزل كليهما مضاف إلى أجل واقف، ولو لم يحدده المتعاقدان صراحة، يتمثل في المدة اللازمة لنقل البضاعة أو إتمام المنزل، والقاضي هو الذي يحدد مدة الأجل في مثل هذه الحالات، مسترشداً في ذلك بظروف التعاقد والعادات الجارية.

الأجل الإرادي المحض :

إذا اتفق على تأخير تنفيذ الالتزام إلى وقت القيام بعمل متعلق بإرادة المتين فإن ذلك يعد اتفاقاً على أجل غير معين، اللدائن الحق في أن يدعو المدين إلی القيام بالعمل الموكول لإرادته أو يطلب من القاضي أن يحدد أجلاً معقولاً للقيام بهذا العمل.

2- أجل قانونی :

وهو الأجل الذي يكون القانون مصدره، أي يكون هذا الأجل في الحالات التي يفرض فيها القانون التزاماً معيناً ويحدد لتنفيذه أجلاً کالالتزام بدفع الضريبة العامة على الإيراد في ميعاد لا يجاوز أول أبريل من كل سنة.

وما يحدده القانون من أجل منهى لحق الانتقام هو وفاة المنتفع.

وكذلك في حالة الالتزامات التي تنشأ بين الأفراد إذا تدخل المشرع بسبب حرب أو غزو أو أزمة اقتصادية فقرر وقف المطالبة بالديون المستحقة مدة معينة، فإن هذه المدة تعتبر أجلاً محدداً قانوناً ويتوقف على حلوله نفاذ الالتزام.

3- أجل قضائي

وهو الأجل الذي يكون مصدره القضاء، إذ يجيز القانون القاضي أن يمنح المدين الحسن النية أجلاً أو آجالاً معقولة للوفاء، ويسمى الأجل القضائي نظرة الميسرة أو الأجل الممنوح.

هذا ويطلق على كل من الأجل الاتفاقي والأجل القانوني الأجل المستحق قانوناً أي الذي يحق للمدين التمتع به، وذلك ليقابل الأجل الذي مصدره القضاء ويسمى الأجل المتفضل أو الأجل الممنوح أو نظرة الميسرة.

الأجل المواقف والأجل الفاسخ :

ينقسم الأجل من ناحية أثره إلى أجل واقف وأجل فاسخ فالأجل الواقف، هو الذي يؤخر نفاذ الالتزام أو بعبارة أخرى يترتب على حلوله أن يصبح الإلتزام واجب التنفيذ مستحق الأداء، كالتزام المقترض برد قيمة القرض في تاريخ معین.

وكالتزام المشتري بثمن مقسط إذ يقترن بآجال متتابعة هي مواعيد حلول الأقساط وكذلك مثل تعهد مقاول بإقامة بناءً في مدة معينة.

أما الأجل الفاسخ أو المنهي، فهو يؤدي إلى وضع حد لتنفيذ الالتزام بحيث يترتب على حلوله انقضاء الالتزام وانتهاء تنفيذه، ومثاله التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة فهو معلق على أجل فاسخ هو التاريخ المحدد لانتهاء عقد الإيجار.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الرابع، الصفحة : 55)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثاني، الصفحة /  5

الأْجل:

التَّعْرِيفُ:

1 - أَجَلُ الشَّيْءِ لُغَةً: مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحُلُّ فِيهِ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَجِلَ الشَّيْءُ أَجَلاً مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَأَجَّلْتُهُ تَأْجِيلاً جَعَلْتُ لَهُ أَجَلاً، وَالآْجِلُ - عَلَى وَزْنِ فَاعِلٍ - خِلاَفُ الْعَاجِلِ.

إِطْلاَقَاتُ الأْجَلِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى:

2 - وَرَدَ إِطْلاَقُ الأْجَلِ عَلَى أُمُورٍ:

أ - عَلَى نِهَايَةِ الْحَيَاةِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ .

ب - وَعَلَى نِهَايَةِ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ أَجَلاً لاِنْتِهَاءِ الْتِزَامٍ أَوْ لأَِدَائِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ .

ج - وَعَلَى الْمُدَّةِ أَوِ الزَّمَنِ. قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: وَنُقِرُّ فِي الأْرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى  .

الأْجل في اصْطلاح الْفقهاء:

3 - الأْجل هو الْمدّة الْمسْتقْبلة الّتي يضاف إليْها أمْرٌ من الأْمور، سواءٌ كانتْ هذه الإْضافة أجلاً للْوفاء بالْتزامٍ، أوْ أجلاً لإنْهاء الْتزامٍ، وسواءٌ كانتْ هذه الْمدّة مقرّرةً بالشّرْع، أوْ بالْقضاء، أوْ بإرادة الْملْتزم فرْدًا أوْ أكْثر.

وهذا التّعْريف يشْمل:

أوّلاً: الأْجل الشّرْعيّ، وهو الْمدّة الْمسْتقْبلة الّتي حدّدها الْمشرّع الْحكيم سببًا لحكْمٍ شرْعيٍّ، كالْعدّة.

ثانيًا: الأْجل الْقضائيّ: وهو الْمدّة الْمسْتقْبلة الّتي يحدّدها الْقضاء أجلاً لأمْرٍ من الأْمور كإحْضار الْخصْم، أو الْبيّنة.

ثالثًا: الأْجل الاتّفاقيّ، وهو الْمدّة الْمسْتقْبلة الّتي يحدّدها الْملْتزم موْعدًا للْوفاء بالْتزامه أجل الإْضافة، أوْ لإنْهاء تنْفيذ هذا الالْتزام أجل التّوْقيت سواءٌ كان ذلك فيما يتمّ من التّصرّفات بإرادةٍ منْفردةٍ أوْ بإرادتيْن.

خصائص الأْجل:

4 - أ - الأْجل هو زمنٌ مسْتقْبلٌ

ب - الأْجل هو أمْرٌ محقّق الْوقوع. وتلْك خاصّيّة الزّمن، وفي تحْقيق ذلك يقول الْكمال بْن الْهمام: «إنّه يترتّب على الإْضافة تأْخير الْحكْم الْمسبّب إلى وجود الْوقْت الْمعيّن الّذي هو كائنٌ لا محالة، إذ الزّمان منْ لوازم الْوجود الْخارجيّ، فالإْضافة إليْه إضافةٌ إلى ما قطع بوجوده».

ج - الأْجل أمْرٌ زائدٌ على أصْل التّصرّف. وذلك يحقّقه أنّ التّصرّفات قدْ تتمّ منجّزةً، وتترتّب أحْكامها عليْها فوْر صدور التّصرّف، ولا يلْحقها تأْجيلٌ، وقدْ يلْحقها الأْجل، كتأْجيل الدّيْن، أو الْعيْن أوْ تأْجيل تنْفيذ آثار الْعقْد فيما يصحّ فيه ذلك قال السّرخْسيّ والْكاسانيّ ما حاصله: إنّ الأْجل يعْتبر أمْرًا لا يقْتضيه الْعقْد، وإنّما شرع رعايةً للْمدين على خلاف الْقياس.

الأْلْفاظ ذات الصّلة:

التّعْليق:

5 - هو لغةً: ربْط أمْرٍ بآخر. واصْطلاحًا: أنْ يرْبط أثر تصرّفٍ بوجود أمْرٍ معْدومٍ.

والْفرْق بيْن التّعْليق والأْجل أنّ التّعْليق يمْنع الْمعلّق عنْ أنْ يكون سببًا للْحكْم في الْحال، أمّا الأْجل فلا صلة له بالسّبب وإنّما هو لبيان زمن فعْل التّصرّف.

الإْضافة:

6 - هي لغةً: نسْبة الشّيْء إلى الشّيْء مطْلقًا. واصْطلاحًا: تأْخير أمْر التّصرّف عنْ وقْت التّكلّم إلى زمنٍ مسْتقْبلٍ يحدّده الْمتصرّف بغيْر أداة شرْطٍ.

والْفرْق بيْن الإْضافة والأْجل أنّ الإْضافة فيها تصرّفٌ وأجلٌ، في حين أنّ الأْجل قدْ يخْلو منْ إيقاع تصرّفٍ. ففي كلّ إضافةٍ أجلٌ.

التّوْقيت:

7 - هو لغةً: تقْدير زمن الشّيْء. واصْطلاحًا ثبوت الشّيْء في الْحال وانْتهاؤه في وقْتٍ معيّنٍ.

فالْفرْق بيْنه وبيْن الأْجل أنّ الأْجل وقْتٌ مضْروبٌ محْدودٌ في الْمسْتقْبل.

الْمدّة :

8 - باسْتقْصاء ما يوجد في الْفقْه الإْسْلاميّ نجد أنّ للْمدّة الْمسْتقْبلة اسْتعْمالاتٍ أرْبعةً: هي مدّة الإْضافة، ومدّة التّوْقيت، ومدّة التّنْجيم، ومدّة الاسْتعْجال.

وبيانها فيما يلي:

مدّة الإْضافة:

9 - وهي الْمدّة الْمسْتقْبلة الّتي يضاف إليْها ابْتداءً تنْفيذ آثار الْعقْد، أوْ تسْليم الْعيْن، أوْ تسْليم الثّمن للدّيْن.

فمثال الأْوّل ما إذا قال: «إذا جاء عيد الأْضْحى فقدْ وكّلْتك في شراء أضْحيةٍ لي» فقدْ أضاف عقْد الْوكالة إلى زمنٍ مسْتقْبلٍ، وقدْ صرّح جمْهور الْفقهاء بصحّة ذلك.

ومثال الثّاني: ما جاء في السّلم، منْ إضافة الْعيْن الْمسْلم فيها إلى زمنٍ معْلومٍ لقوْله  صلي الله عليه وسلم «منْ أسْلف في شيْءٍ فلْيسْلفْ في كيْلٍ معْلومٍ أوْ وزْنٍ معْلومٍ إلى أجلٍ معْلومٍ».

ومثال الثّالث: ما إذا باع بثمنٍ مؤجّلٍ فإنّه يصحّ؛ لقوله تعالي (يا أيّها الّذين آمنوا إذا تداينْتمْ بديْنٍ إلى أجلٍ مسمًّى فاكْتبوه) .

مدّة التّوْقيت:

10 - وهي الْمدّة الْمسْتقْبلة الّتي يسْتمرّ فيها تنْفيذ الالْتزام حتّى انْقضائها، وذلك كما في الْعقود الْمؤقّتة، كما في الإْجارة، فإنّها لا تصحّ إلاّ على مدّةٍ معْلومةٍ، أوْ على عملٍ معيّنٍ يتمّ في زمنٍ، وبانْتهائها ينْتهي عقْد الإْجارة ومدّة عقْد الإْجارة تعْتبر أجلاً. مصْداق ذلك قوله تعالي  قال إنّي أريد أنْ أنْكحك إحْدى ابْنتيّ هاتيْن على أنْ تأْجرني ثماني حججٍ فإنْ أتْممْت عشْرًا فمنْ عنْدك وما أريد أنْ أشقّ عليْك ستجدني إنْ شاء اللّه من الصّالحين قال ذلك بيْني وبيْنك أيّما الأْجليْن قضيْت فلا عدْوان عليّ واللّه على ما نقول وكيلٌ كما أنّ اللّغة الْعربيّة تجْعل «التّأْجيل تحْديد الْوقْت» «والتّوْقيت تحْديد الأْوْقات، يقال: وقّته ليوْم كذا توْقيتًا مثْل أجّل».

مدّة التّنْجيم:

11 - جاء في مخْتار الصّحاح: النّجْم لغةً الْوقْت الْمضْروب، ومنْه سمّي الْمنجّم، ويقال: نجّم الْمال تنْجيمًا إذا أدّاه نجومًا أقْساطًا، والتّنْجيم اصْطلاحًا هو «التّأْخير لأجلٍ معْلومٍ، نجْمًا أوْ نجْميْن» أوْ هو «الْمال الْمؤجّل بأجليْن فصاعدًا، يعْلم قسْط كلّ نجْمٍ ومدّته منْ شهْرٍ أوْ سنةٍ أوْ نحْوهما» فالتّنْجيم نوْعٌ من الأْجل يرد على الدّيْن الْمؤجّل فيوجب اسْتحْقاق بعْضه عنْد زمنٍ مسْتقْبلٍ معيّنٍ، ثمّ يليه الْبعْض الآْخر لزمنٍ آخر معْلومٍ يلي الزّمن الأْوّل وهكذا.

ومنْ بيْن ما برز فيه التّنْجيم:

أ - ديْن الْكتابة: فقد اتّفق الْفقهاء على جواز تنْجيم مال الْكتابة. والْمراد بالْكتابة اتّفاق السّيّد وعبْده على مالٍ ينال الْعبْد نظيره حرّيّة التّصرّف في الْحال، والرّقبة في الْمآل، بعْد أداء الْمال، واخْتلفوا في لزوم ذلك، فيرى الْمالكيّة على الرّاجح، والشّافعيّة والْحنابلة أنّ الْكتابة لا تكون إلاّ بمالٍ مؤجّلٍ منجّمٍ، وسيأْتي التّعرّض لذلك في الدّيون الْمؤجّلة. والْفقْه الإْسْلاميّ يجْعل التّنْجيم نوْعًا من الأْجل.

ب - الدّية في الْقتْل شبْه الْعمْد والْخطأ: تجب الدّية في الْقتْل شبْه الْعمْد والْخطأ على الْعاقلة مؤجّلةً منجّمةً على ثلاث سنواتٍ في كلّ سنةٍ ثلث الدّية، وهذا ما صرّح به فقهاء الْحنفيّة والْمالكيّة والشّافعيّة والْحنابلة.

ج - الأْجْرة: جاء في الْمغْني أنّه «إذا شرط تأْجيل الأْجْر فهو إلى أجله، وإنْ شرطه منجّمًا يوْمًا يوْمًا، أوْ شهْرًا شهْرًا، أوْ أقلّ منْ ذلك أوْ أكْثر، فهو على ما اتّفقا عليْه؛ لأنّ إجارة الْعيْن كبيْعها، وبيْعها يصحّ بثمنٍ حالٍّ أوْ مؤجّلٍ، فكذلك إجارتها».

مدّة الاسْتعْجال:

12 - الْمراد بها: الْوقْت الّذي يقْصد بذكْره في الْعقْد اسْتعْجال آثار الْعقْد، وذكْر الْوقْت للاسْتعْجال تعرّض له الْفقهاء في الإْجارة، فقالوا إنّ الإْجارة على ضرْبيْن. أحدهما: أنْ يعْقدها على مدّةٍ. والثّاني: أنْ يعْقدها على عملٍ معْلومٍ، ومتى تقدّرت الْمدّة لمْ يجزْ تقْدير الْعمل عنْد أبي حنيفة والشّافعيّة والْحنابلة؛ لأنّ الْجمْع بيْنهما يزيد الإْجارة غررًا؛ لأنّه قدْ يفْرغ من الْعمل قبْل انْقضاء الْمدّة. فإن اسْتعْمل في بقيّة الْمدّة فقدْ زاد على ما وقع عليْه الْعقْد، وإنْ لمْ يعْملْ كان تاركًا للْعمل في بعْض الْمدّة، وقدْ لا يفْرغ من الْعمل في الْمدّة، فإنْ أتمّه عمل في غيْر الْمدّة، وإنْ لمْ يعْملْه لمْ يأْت بما وقع عليْه الْعقْد، وهذا غررٌ، أمْكن التّحرّز عنْه، ولمْ يوجدْ مثْله في محلّ الْوفاق، فلمْ يجز الْعقْد معه.

ويرى أبو يوسف ومحمّدٌ، وهو مرْويٌّ عن الإْمام أحْمد أنّه تجوز الإْجارة هنا؛ لأنّ الإْجارة معْقودةٌ على الْعمل، والْمدّة مذْكورةٌ للتّعْجيل فلا يمْتنع ذلك. فعلى هذا إذا فرغ من الْعمل قبْل انْقضاء الْمدّة لمْ يلْزمْه شيْءٌ آخر، كما لوْ قضى الدّيْن قبْل أجله، وإنْ مضت الْمدّة قبْل الْعمل فللْمسْتأْجر فسْخ الإْجارة؛ لأنّ الأْجير لمْ يف له بشرْطه، وإنْ رضي بالْبقاء عليْه لمْ يمْلك الأْجير الْفسْخ؛ لأنّ الْخْلال بالشّرْط منْه، فلا يكون ذلك وسيلةً إلى الْفسْخ، كما لوْ تعذّر أداء الْمسْلم فيه في وقْته فيمْلك الْمسْلم إليْه الْفسْخ. ويمْلكه الْمسْلم، فإن اخْتار إمْضاء الْعقْد طالبه بالْعمل لا غيْر، كالْمسْلم إذا صبر عنْد تعذّر الْمسْلم فيه إلى حين وجوده لمْ يكنْ له أكْثر من الْمسْلم فيه، وإنْ فسخ الْعقْد قبْل عمل شيْءٍ من الْعمل سقط الأْجْر والْعمل، وإنْ كان بعْد عمل شيْءٍ منْه فله أجْر مثْله؛ لأنّ الْعقْد قد انْفسخ فسقط الْمسمّى، ورجع إلى أجل الْمثْل.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الخامس  ، الصفحة / 66

إِضَافَةٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - الإْضَافَةُ: مَصْدَرٌ فِعْلُهُ أَضَافَ، عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ.

وَمِنْ مَعَانِي الإْضَافَةِ فِي اللُّغَةِ: ضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ، أَوْ إِسْنَادُهُ أَوْ نِسْبَتُهُ.

وَالإْضَافَةُ عِنْدَ النُّحَاةِ: ضَمُّ اسْمٍ إِلَى اسْمٍ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ تَعْرِيفًا أَوْ تَخْصِيصًا.

وَالإْضَافَةُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ هِيَ: نِسْبَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، بِحَيْثُ لاَ تُعْقَلُ إِحْدَاهُمَا إِلاَّ مَعَ الأْخْرَى، كَالأْبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ.

أَمَّا الإْضَافَةُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: فَلاَ تُخْرَجُ فِي مَعْنَاهَا عَنِ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ الإْسْنَادُ وَالنِّسْبَةُ وَضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ.

 2 - وَيُقْصَدُ بِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ إِرْجَاءُ آثَارِ التَّصَرُّفِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي حَدَّدَهُ الْمُتَصَرِّفُ، فَالإْضَافَةُ تُؤَخِّرُ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ السَّبَبُ، فَيَتَحَقَّقُ السَّبَبُ الْمُضَافُ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ بِلاَ مَانِعٍ. وَعَدَمُ الْمَانِعِ وَهُوَ التَّكَلُّمُ بِالسَّبَبِ بِلاَ تَعْلِيقٍ يَقْتَضِي تَحَقُّقَهُ، غَايَةُ الأْمْرِ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الإْضَافَةِ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ الْمُسَبَّبِ إِلَى وُجُودِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي هُوَ كَائِنٌ لاَ مَحَالَةَ، إِذِ الزَّمَانُ مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ، فَالإْضَافَةُ إِلَيْهِ إِضَافَةٌ إِلَى مَا قُطِعَ بِوُجُودِهِ، وَفِي مِثْلِهِ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنَ الإْضَافَةِ تَحْقِيقُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ.

وَإِذَا كَانَتِ الإْضَافَةُ بِمَعْنَى الضَّمِّ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ، فَتُحَالُ أَحْكَامُهَا حِينَئِذٍ إِلَى مُصْطَلَحِ (زِيَادَةٌ).

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - التَّعْلِيقُ:

3 - التَّعْلِيقُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى. وَبَعْضُ صُوَرِ التَّعْلِيقِ تُسَمَّى يَمِينًا مَجَازًا.

هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي فَتْحِ الْغَفَّارِ الْفَرْقَ مِنْ وَجْهَيْنِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالإْضَافَةِ الَّتِي بِمَعْنَى إِسْنَادِ الْحُكْمِ إِلَى زَمَنٍ آخَرَ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْلَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنَ الاِعْتِرَاضِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّعْلِيقَ يَمِينٌ، وَهِيَ إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِهَا الْبِرَّ أَفَادَتِ انْتِفَاءَ الْمُعَلَّقِ، وَلاَ يُفْضِي إِلَى الْحُكْمِ، أَمَّا الإْضَافَةُ فَهِيَ لِثُبُوتِ حُكْمِ السَّبَبِ فِي وَقْتِهِ، لاَ لِمَنْعِهِ، فَيَتَحَقَّقُ السَّبَبُ بِلاَ مَانِعٍ. إِذِ الزَّمَانُ مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ.

وَالْفَرْقُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّرْطَ عَلَى خَطَرِ (احْتِمَالِ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ) وَلاَ خَطَرَ فِي الإْضَافَةِ. وَيُرْجَعُ إِلَى كُتُبِ الأْصُولِ لِلاِعْتِرَاضَاتِ عَلَى هَذَيْنِ الْفَرْقَيْنِ، وَالأْجْوِبَةِ عَنْهَا.

ب - التَّقْيِيدُ:

4 - التَّقْيِيدُ فِي الْعُقُودِ هُوَ: الْتِزَامُ حُكْمٍ فِي التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ، لاَ يَسْتَلْزِمُهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ فِي حَالِ إِطْلاَقِهِ.

ج - الاِسْتِثْنَاءُ:

5 - الاِسْتِثْنَاءُ: قَوْلٌ ذُو صِيَغٍ مَخْصُوصَةٍ مَحْصُورَةٍ، دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ لَمْ يَرُدَّ بِالْقَوْلِ الأْوَّلِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإْضَافَةِ: أَنَّ الْحُكْمَ فِي الاِسْتِثْنَاءِ يَثْبُتُ فِي الْحَالِ، فَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إِلاَّ ثَلاَثًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِسَبْعٍ، بِخِلاَفِ الإْضَافَةِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ عِنْدَ وُجُودِ الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الْحُكْمُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلَ الشَّهْرِ، فَإِنَّهَا لاَ تَطْلُقُ إِلاَّ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ. أَمَّا الاِسْتِثْنَاءُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْمُسْتَثْنَى عَنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (أَيِ الْفَصْلِ) لِغَيْرِ عُذْرٍ يُبْطِلُهُ.

د - التَّوَقُّفُ:

6 - الْمُرَادُ بِالتَّوَقُّفِ هُنَا: عَدَمُ نَفَاذِ حُكْمِ التَّصَرُّفِ الصَّادِرِ مِنْ ذِي أَهْلِيَّةٍ لَكِنْ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ فِيهِ. وَهُوَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُقُودِ الْقَابِلَةِ لَهُ، كَالْبَيْعِ وَالإْجَارَةِ وَالنِّكَاحِ، فَإِذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ أَوِ اشْتَرَى فَعِنْدَ  الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ يَكُونُ الْعَقْدُ مَوْقُوفًا، لاَ يَنْفُذُ إِلاَّ بَعْدَ إِجَازَةِ الْمَالِكِ فِي الْبَيْعِ، وَالْمُشْتَرِي لَهُ فِي الشِّرَاءِ.

هَذَا، وَإِنَّ بَيْنَ الْعُقُودِ الْمُضَافَةِ وَالْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ شَبَهًا وَفَرْقًا، فَأَمَّا الشَّبَهُ: فَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجَدُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّيغَةِ، مَعَ تَأَخُّرِ الْحُكْمِ إِلَى الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ فِي الْعَقْدِ الْمُضَافِ، أَوْ إِلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ فِي الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ.

وَأَمَّا الْفَرْقُ فَمِنْ ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ:

أَوَّلُهَا: أَنَّ تَرَاخِيَ الْحُكْمِ عَنِ الصِّيغَةِ فِي الْعَقْدِ الْمُضَافِ نَشَأَ مِنَ الصِّيغَةِ نَفْسِهَا، لأِنَّ الإْيجَابَ فِيهَا مُضَافٌ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، أَمَّا تَرَاخِي الْحُكْمِ فِي الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ فَلَيْسَ مَرْجِعُهُ الصِّيغَةَ، لأِنَّهَا مُنَجَّزَةٌ، وَإِنَّمَا مَرْجِعُهُ صُدُورُ التَّصَرُّفِ مِمَّنْ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ فِي الْعَقْدِ.

ثَانِيهَا: أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ يُنَفَّذُ بَعْدَ الإْجَازَةِ مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ صُدُورِ التَّصَرُّفِ، لأِنَّ الإْجَازَةَ اللاَّحِقَةَ فِيهِ كَالإْذْنِ السَّابِقِ. بِخِلاَفِ الْعَقْدِ الْمُضَافِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ عِنْدَ مَجِيءِ الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الْحُكْمُ.

ثَالِثُهَا: أَنَّ الْعَقْدَ الْمُضَافَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الإْيجَابُ، مَا دَامَ صَحِيحًا. بِخِلاَفِ الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ، فَإِنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الإْجَازَةِ وَالرَّدِّ فِيمَا إِذَا لَمْ يُجِزْهُ مَنْ لَهُ الْوِلاَيَةُ. فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَثَلاً لاَ يَنْفُذُ إِذَا لَمْ يُجِزْهُ الْمَالِكُ.

 هـ - التَّعْيِينُ:

7 - التَّعْيِينُ مَعْنَاهُ: التَّحْدِيدُ وَالاِخْتِيَارُ، فَمَنْ طَلَّقَ إِحْدَى نِسَائِهِ، وَلَمْ يُعَيِّنِ الْمُطَلَّقَةَ مِنْهُنَّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّعْيِينُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ. فَلَوْ قَالَ عِنْدَ التَّعْيِينِ: هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَهَذِهِ، أَوْ بَلْ هَذِهِ، أَوْ ثُمَّ هَذِهِ، تَعَيَّنَتِ الأْولَى، لأِنَّ التَّعْيِينَ إِنْشَاءُ اخْتِيَارٍ، لاَ إِخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ، وَالْبَيَانُ عَكْسُهُ، فَهُنَاكَ شَبَهٌ بَيْنَ التَّعْيِينِ وَالإْضَافَةِ مِنْ حَيْثُ تَرَاخِي حُكْمِ التَّصَرُّفِ إِلَى التَّعْيِينِ، أَوِ الزَّمَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ.

وَالتَّعْيِينُ يَأْتِي فِي خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنَّ مَنْ حَنِثَ، فَخُيِّرَ فِي الْكَفَّارَةِ بَيْنَ الإْعْتَاقِ وَالإْطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ، فَلاَ يَنْتَقِلُ إِلَى الصَّوْمِ إِلاَّ بَعْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْ تِلْكَ الْخِصَالِ الثَّلاَثَةِ. وَعِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعَيِّنَهَا.

شُرُوطُ الإْضَافَةِ:

8 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإْضَافَةِ ثَلاَثَةُ شُرُوطٍ:

الأْوَّلُ: صُدُورُهَا مِنْ أَهْلِهَا، وَهُوَ شَرْطٌ مُشْتَرَكٌ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ.

الثَّانِي: مُقَارَنَتُهَا لِلْعَقْدِ أَوِ التَّصَرُّفِ.

الثَّالِثُ: مُصَادَفَتُهَا مَحَلَّهَا الْمَشْرُوعَ مِنَ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ.

أَنْوَاعُ الإْضَافَةِ:

9 - (الإْضَافَةُ) نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: الإْضَافَةُ إِلَى الْوَقْتِ.

وَثَانِيهِمَا: الإْضَافَةُ إِلَى الشَّخْصِ.

وَمَعْنَى الإْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ: تَأْخِيرُ الآْثَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْعَقْدِ إِلَى حُلُولِ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْعَقْدُ، فَإِنَّ مِنَ الْعُقُودِ مَا يَقْبَلُ الإْضَافَةَ  إِلَى الْوَقْتِ، وَمِنْهَا مَا لاَ يَقْبَلُ. وَمَعْنَى الإْضَافَةِ إِلَى الشَّخْصِ، أَنْ يُنْسَبَ حُكْمُ التَّصَرُّفِ إِلَى شَخْصٍ مَعْلُومٍ.

النَّوْعُ الأْوَّلُ

الإْضَافَةُ إِلَى الْوَقْتِ

10 - الإْضَافَةُ تَتْبَعُ طَبِيعَةَ التَّصَرُّفَاتِ، وَمِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا يُضَافُ إِلَى الْوَقْتِ، وَمِنْهَا مَا لاَ يُضَافُ إِلَيْهِ.

فَالتَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ هِيَ: الطَّلاَقُ، وَتَفْوِيضُهُ، وَالْخُلْعُ، وَالإْيلاَءُ، وَالظِّهَارُ، وَالْيَمِينُ، وَالنَّذْرُ، وَالْعِتْقُ، وَالإْجَارَةُ، وَالْمُعَامَلَةُ، وَالإْيصَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْقَضَاءُ، وَالْمُضَارَبَةُ، وَالْكَفَالَةُ، وَالْوَقْفُ، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْوَكَالَةُ.

وَهُنَاكَ تَصَرُّفَاتٌ لاَ تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ كَالنِّكَاحِ، وَالْبَيْعِ، وَغَيْرِهِمَا.

التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَقْبَلُ الإْضَافَةَ  إِلَى الْوَقْتِ:

الطَّلاَقُ:

11 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَضَافَ الطَّلاَقَ إِلَى الْمَاضِي وَقَعَ فِي الْحَالِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَلْغُو. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى وُقُوعِ الطَّلاَقِ إِنْ نَوَاهُ، وَإِلاَّ فَهُوَ لَغْوٌ.

أَمَّا إِضَافَةُ الطَّلاَقِ إِلَى الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى وُقُوعِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ. وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أُضِيفَ إِلَى وَقْتٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، لأِنَّ إِضَافَةَ الطَّلاَقِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ أَوِ الْمُحَقَّقِ مَجِيئُهُ تَجْعَلُ النِّكَاحَ مُؤَقَّتًا، فَحِينَئِذٍ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، وَهُوَ حَرَامٌ، فَيُنَجَّزُ الطَّلاَقُ.

إِضَافَةُ تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ لِلْمُسْتَقْبَلِ:

12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيَّةِ (بِنَاءً عَلَى قَوْلٍ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ فِي تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ) إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إِضَافَةُ تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ.

وَالْقَوْلُ الْجَدِيدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ، فَلاَ يُحْتَمَلُ الإْضَافَةُ إِلَى الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّفْوِيضَ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ.

إِضَافَةُ الْخُلْعِ إِلَى الْوَقْتِ:

13 - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الْخُلْعِ إِلَى الْوَقْتِ. فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ، وَكَانَ يُرَادُ بِهِ التَّعْجِيلُ وَقَعَ الطَّلاَقُ بَائِنًا، وَاسْتَحَقَّ الزَّوْجُ الْعِوَضَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إِذَا طَلَّقَ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الْخُلْعُ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلاَقُ، وَلاَ شَيْءَ لِلزَّوْجِ. وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي كَوْنِ هَذَا الطَّلاَقِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (خُلْعٌ).

إِضَافَةُ الإْيلاَءِ إِلَى الْوَقْتِ:

14 - الإْيلاَءُ يَقْبَلُ الإْضَافَةَ  إِلَى الْوَقْتِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لأِنَّ الإْيلاَءَ يَمِينٌ، وَالْيَمِينُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالإْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ.

إِضَافَةُ الظِّهَارِ إِلَى الْوَقْتِ:

15 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَعَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ يَصِحُّ إِضَافَةُ الظِّهَارِ إِلَى الْوَقْتِ. وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ إِضَافَتُهُ إِلَى الْوَقْتِ. وَلَمْ نَجِدْ لِلشَّافِعِيَّةِ رَأْيًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

إِضَافَةُ الْيَمِينِ إِلَى الْوَقْتِ:

16 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ يَجُوزُ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ، مَعَ تَفْصِيلٍ ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِهِمْ. وَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَانٌ).

إِضَافَةُ النَّذْرِ إِلَى الْوَقْتِ:

17 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ إِضَافَةِ النَّذْرِ إِلَى وَقْتٍ 

مُسْتَقْبَلٍ، كَأَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرَ رَجَبٍ، أَوْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ كَذَا، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (بَابِ النَّذْرِ).

إِضَافَةُ الإْجَارَةِ إِلَى الْوَقْتِ:

18 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الإْجَارَةِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي الْجُمْلَةِ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِجَارَةٌ).

إِضَافَةُ الْمُضَارَبَةِ إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ:

19 - أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ إِضَافَةَ الْمُضَارَبَةِ إِلَى الْوَقْتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى عَدَمِ الْجَوَازِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (مُضَارَبَةٌ).

إِضَافَةُ الْكَفَالَةِ:

20 - أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِضَافَةَ الْكَفَالَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْمَالِ أَمْ فِي الْبَدَنِ، لأِنَّهَا تَبَرُّعٌ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَضَرْبُ أَجَلٍ لَهَا لاَ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ، فَصَحَّتْ كَالنَّذْرِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ تَجُوزُ إِضَافَتُهَا أَوْ تَعْلِيقُهَا إِنْ كَانَتْ فِي الْمَالِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ فِي الْبَدَنِ عَلَى الأْصَحِّ، وَمُقَابِلُ الأْصَحِّ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا تَجُوزُ وَتَفْصِيلُ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (كَفَالَةٌ).

إِضَافَةُ الْوَقْفِ:

21 - يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِضَافَةُ الْوَقْفِ إِلَى الْوَقْتِ. وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُجِيزُونَ إِضَافَتَهُ، إِلاَّ أَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ إِضَافَةَ الْوَقْفِ إِذَا أَشْبَهَ التَّحْرِيرَ، كَمَا لَوْ جَعَلَ دَارَهُ مَسْجِدًا إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، حَيْثُ جَعَلَهَا مُحَرَّرَةً مِنْ كُلِّ مِلْكٍ إِلاَّ لِلَّهِ عزَ وجل .

إِضَافَةُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ:

22 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ إِضَافَةَ الْمُعَامَلَةِ (الْمُسَاقَاةُ) إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ جَائِزَةٌ. وَأَمَّا الْمُزَارَعَةُ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ قَبُولَهَا الإْضَافَةَ . لأِنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُعَامَلَةَ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى الإْجَارَةِ، وَالإْجَارَةُ تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ فَكَذَلِكَ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ. وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمَالِكِيَّةُ  إِلَى ذِكْرِ الْمُدَّةِ فِيهَا. وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ لاَ يَفْتَقِرَانِ لِلتَّصْرِيحِ بِمُدَّةٍ يَحْصُلُ الْكَمَالُ فِيهَا، بَلْ لَوْ زَارَعَهُ أَوْ سَاقَاهُ دُونَ أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً جَازَ، لأِنَّ الرَّسُولَ صلي الله عليه وسلم لَمْ يَضْرِبْ لأِهْلِ خَيْبَرَ مُدَّةً .

إِضَافَةُ الْوَصِيَّةِ وَالإْيصَاءِ إِلَى الْوَقْتِ:

23 - الْوَصِيَّةُ وَالإْيصَاءُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي اللُّغَةِ، وَيُفَرِّقُ الْفُقَهَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الاِسْتِعْمَالِ، فَالإْيصَاءُ مَعْنَاهُ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ، بِأَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْوَصِيَّةُ تَصَرُّفٌ مُضَافٌ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي الأْمْوَالِ. وَيَرَى الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالإْيصَاءَ يَقْبَلاَنِ الإْضَافَةَ  إِلَى الْوَقْتِ .

إِضَافَةُ الْوَكَالَةِ إِلَى الْوَقْتِ:

24 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ تَفْرِيعَاتِ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الْوَكَالَةِ إِلَى الْوَقْتِ. قَالَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: رُكْنُ التَّوْكِيلِ قَدْ يَكُونُ مُضَافًا إِلَى وَقْتٍ، بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ هَذِهِ الدَّارِ غَدًا، وَيَصِيرُ وَكِيلاً فِي الْغَدِ فَمَا بَعْدَهُ، وَلاَ يَكُونُ وَكِيلاً قَبْلَ الْغَدِ، لأِنَّ التَّوْكِيلَ إِطْلاَقُ التَّصَرُّفِ، وَالإْطْلاَقَاتُ مِمَّا تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالإْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ، كَالطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ.

الْعُقُودُ الَّتِي لاَ تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ:

25 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ عُقُودَ الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَالصُّلْحِ عَلَى مَالٍ، وَالرَّجْعَةِ، وَالْقِسْمَةِ لاَ تَقْبَلُ الإْضَافَةَ  إِلَى الْمُسْتَقْبَلِ. وَمِثْلُهَا الشَّرِكَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَمْ يُعْثَرْ لِلآْخَرِينَ عَلَى قَوْلٍ فِيهَا.

وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ قَبُولِ النِّكَاحِ لِلإْضَافَةِ الصُّورَةَ التَّالِيَةَ: لَوْ أَضَافَ الأْبُ نِكَاحَ ابْنَتِهِ إِلَى مَوْتِهِ، وَكَانَ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا أَمْ لاَ، طَالَ أَوْ قَصُرَ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ إِذَا مَاتَ مِنْهُ، لأِنَّهُ مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ عَقْدُ الْهِبَةِ لاَ يَقْبَلُ الإْضَافَةَ  عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، ذَكَرُوهَا فِي مَوْضِعِهَا.

وَلِلتَّفْصِيلِ وَبَيَانِ الأْدِلَّةِ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَوْضُوعَاتِ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحَاتِهَا.

 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  السادس  ، الصفحة /  168

الأْجل:

49 - الأْجل هو الْمدّة الْمتّفق عليْها الْمسْتقْبلة الْمحقّقة الْوقوع. والالْتزام قدْ يكون مؤجّلاً إذا كان الأْجل أجل توْقيتٍ، فإنّه يجْعل تنْفيذ الالْتزام مسْتمرًّا

طوال الْمدّة الْمحدّدة حتّى تنْتهي، فمنْ أجّر دارًا لمدّة شهْرٍ أصْبح منْ حقّ الْمسْتأْجر الانْتفاع بالدّار في هذه الْمدّة ولا يجوز للْملْتزم - وهو الْمؤجّر - أنْ يطالبه بتسْليم الدّار قبْل انْتهاء الأْجل الْمضْروب.  

وإذا كان أجل إضافةٍ، فإنّ تنْفيذ الالْتزام لا يبْدأ إلاّ عنْد حلول الأْجل، فالدّيْن الْمؤجّل إلى رمضان يمْنع الدّائن من الْمطالبة قبْل دخول رمضان. فإذا حلّ الأْجل وجب على الْملْتزم بالدّيْن الْوفاء، وصار منْ حقّ الدّائن الْمطالبة بديْنه .

والتّصرّفات تخْتلف بالنّسْبة للأْجل توْقيتًا أوْ إضافةً، فمنْها ما هو مؤقّتٌ أوْ مضافٌ بطبيعته، كالإْجارة والْمساقاة والْوصيّة، ومنْها ما هو منْجزٌ ولا يقْبل التّأْقيت بحالٍ كالصّرْف والنّكاح، وإذا دخلهما التّأْقيت بطلا، ويكون أثر التّأْقيت هنا بطْلان الأْجل.

وأمّا الْعقْد فيبْطل في الصّرْف إجْماعًا. وفي النّكاح عنْد الأْكْثرين .

ومنْها ما يكون الأْصْل فيه التّنْجيز كالثّمن في الْبيْع لكنْ يجوز تأْجيله إرْفاقًا فيتغيّر أثر الالْتزام من التّسْليم الْفوْريّ إلى تأْخيره إلى الأْجل الْمحدّد.

على أنّ التّصرّفات الّتي تقْبل التّأْجيل يشْترط فيها في الْجمْلة: أنْ يكون الأْجل معْلومًا، إذْ في الْجهالة غررٌ يؤدّي إلى النّزاع، وألاّ يعْتاض عن الأْجل، إذ الاعْتياض عنْه يؤدّي إلى الرّبا.

 ويكون الأْثر حينئذٍ بطْلان الشّرْط.  

وهذا في الْجمْلة كما ذكرْنا، إذْ من التّصرّفات ما يكون الأْجل فيه مجْهولاً بطبيعته، كالْجعالة والْوصيّة، ويلْحق بهما الْوكالة والْقراض والإْذْن في التّجارة إذا لمْ يحدّدْ للْعمل مدّةً. كذلك التّبرّعات عنْد الْمالكيّة تجوز إلى أجلٍ مجْهولٍ .

وفي كلّ ذلك تفْصيلاتٌ مطوّلةٌ تنْظر في مواضعها وفي (بحْث: أجل).

 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والعشرون  ، الصفحة /  119

وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ أَدَائِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: حَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ .

أ - فَالدَّيْنُ الْحَالُّ: هُوَ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عِنْدَ طَلَبِ الدَّائِنِ، فَتَجُوزُ الْمُطَالَبَةُ بِأَدَائِهِ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْمُخَاصَمَةُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ. وَيُقَالُ لَهُ «الدَّيْنُ الْمُعَجَّلُ» أَيْضًا.

ب - وَالدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ: هُوَ مَا لاَ يَجِبُ أَدَاؤُهُ قَبْلَ حُلُولِ الأْجَلِ. لَكِنْ لَوْ أُدِّيَ قَبْلَهُ يَصِحُّ، وَيَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمَدِينِ. 

وَفِي هَذَا الْمَقَامِ تَجْدُرُ الإْشَارَةُ إِلَى أَنَّ مِنَ الدُّيُونِ مَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ حَالًّا، بِحَيْثُ لاَ يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ، فَإِنْ تَأَجَّلَ فَسَدَ الْعَقْدُ. مِثْلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (ر: السَّلَمُ) وَالْبَدَلَيْنِ فِي الصَّرْفِ (ر: الصَّرْفُ) بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَرَأْسِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (ر: مُضَارَبَة) وَالأْجْرَةِ  فِي إِجَارَةِ الذِّمَّةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (ر: إِجَارَة) وَمُصْطَلَحَ: (أَجَل).

_________________________________________________________________

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة 257)

١- يكون الالتزام لأجل اذا كان نفاذه او انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع •

۲- ويعتبر الأمر محقق الوقوع متى كان وقوعه محتماً ، ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه •

هذه المدة تطابق المادة ۲۷۱ من التقنين الحالي .

و تطابق في حكمها المادة ۳۲۹ من التقنين الكويتي -

و تقابل المادة ۲۹۱ من التقنين العرافي التي تنص على أنه لا يجوز ان يقترن العقد بأجل يترتب على حلوله تنجيز العقد أو انقضاؤه .

و تقابل المادة 402 من مشروع التقنين الأردني التي تنص على انه " يجوز اضافة التصرف الى أجل تترتب عليه حلول أحکام نفاذه او انقضائه.

 انظر في الفقه الاسلامي م ۲۲۰، ۳۲۷ و ۳۲۸ و 351 من مرشد الحيران وم 156 و 157 و 248 من المجلة •

 

( مادة 259)

1- يفترض في الأجل انه ضرب لمصلحة المدين ، الا اذا تبين من العقد أو من نص القانون أو من الظروف أنه ضرب لمصلحة الدائن أو لمصلحة الطرفين معاً.

٢- واذا تمخض الأجل لمصلحة أحد الطرفين ، جاز له أن ينزل عنه بارادنه المنفردة .

هذه المادة مستحدته .

وهي تطابق المادة ۲۹۷ من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي ، ولكن حذفت هذه الأخيرة في لجنة المراجعة لأن حكمها مستفاد من تطبيق المبادىء العامة .

وتطابق المادة 294 من التقنين العراقي .

و تطابق المادة 331 من التقنين الكويتي

 والفقرة الثانية منها تطابق في حكمها المادة 405 من التقنين الأردني التي تنص على انه : اذا كان الأجل لمصلحة أي من الطرفين فله ان يتنازل عنه بارادته المنفردة

انظر في الفقه الاسلامی م ۲۱۲ من مرشد الحيران .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة الأحكام العدلية

مادة (156) التأجيل 
التأجيل: تعليق الدين وتأخيره إلى وقت معين
مادة (157) التقسيط 
التقسيط: تأجيل أداء الدين مفرقاً إلى أوقات متعددة معينة
مادة (248) تأجيل الثمن إلى مدة غير معينة 
تأجيل الثمن إلى مدة غير معينة كإمطار السماء يكون مفسداً للبيع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 327)
يعتبر ابتداء الأجل من وقت تسليم المبيع في بيع لا خيار فيه بثمن مؤجل لا من وقت العقد، إذا كانت مدة الأجل منكرة لا معينة فلو فيه خيار فمنذ سقوط الخيار.
وللمشتري بثمن مؤجل إلى سنة منكرة أجل سنة ثانية منذ تسلم لمنع البائع السلعة عن المشتري سنة الآجل المنكرة فلو معينة أو لم يمتنع البائع من التسليم فلا يثبت له الأجل في غيره.
(مادة 328)
لا يحل الأجل بموت البائع ويحل بموت المشتري.