loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثالث، الصفحة : 41

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- يتناول هذا النص حكم امتناع من يعهد إليه بالاختيار عن استعمال حقه فإذا كان الخيار للمدين وامتنع عن الافصاح عن رأيه ضرب له القاضي أجلاً يختار فيه، وللقاضي أن يعين في الحكم نفسه ما يلزم المدين بالوفاء به من بين ما يرد التخيير عليه، فيما لو امتنع المدين عن الاختيار في هذا الأجل، وقد يعترض بأن القاضي في هذا الوضع يخرج عن حدود المألوف في وظيفته، ويقيم نفسه، مقام الدين في تنفيذ التزامه، بيد أن مثل هذا الاعتراض غير ظاهر الوجاهة، فقد تقدم أن القاضي يتدخل في تنفيذ العقود، بل وفي تكوين بعضها، إذا اقتضت ذلك ضرورة قاهرة أو ملحة، والحق أن تدخل القاضي في هذه الحالة بخصوصها حتم لا محيص عنه، فليس في الوسع خلع حق الخيار عن الدين وإسناده إلى الدائن، لأن ذلك يفضي إلى تحكم الثاني في الأول، خلاف لما تقضى به قاعدة ترجیح جانب المدين عند الشك، أما إذا كان الخيار، على نقيض ذلك، موکولاً إلى الدائن وامتنع عن مباشرة هذا الحق، حتى في الأجل الذي حدده القاضي له، فليس ثمة ما يحول دون إسناد الخيار إلى المدين.

2- هذا وقد يتعدد من يعهد إليهم بالخيار، كما هو الشأن في تعدد المدينين أو خلفاء الدين، أو تعدد الدائنين أو خلفاء الدائن، وفي هذه الحالة يتعين اتفاق أولئك، أو هؤلاء، جميعاً على الخيار وإلا تولاه القاضي، وقد استظهرت الفقرة الثالثة من المادة 122 من المشروع الفرنسي الإيطالي هذا الحكم فنصت على أنه « إذا كان الخيار الأشخاص متعددين، فللقاضي أن يضرب لهم أجلاً للإتفاق وإعلان اختيارهم، فإن لم يعلنوا ذلك في خلال الأجل المحدد، تولى القاضي الاختيار .. ولم ير محل لإيراد نص مائل في المشروع، إذ من الميسور استخلاص مضمونه من القواعد العامة.

الأحكام

النص فى المادة 2/22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن - يدل على أن المشرع أنشأ فى ذمة مستأجر الوحدة السكنية الذى أقام مبنى مملوكاً له تزيد وحداته السكنية الصالحة للانتفاع عن ثلاث وحدات التزاماً تخييرياً بين محلين أحدهما إخلاء العين المؤجرة له والثانى هو توفير مكان ملائم لمالك هذه العين أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية فى المبنى الذى أقامه مطلقا للمستأجر الحق فى اختيار أحد هذين المحلين ولا تبرأ ذمته براءة تامة إلا إذا أدى أحد المحلين للمالك المؤجر له فإذا امتنع عن إعمال حقه فى الخيار تولى القاضى تعيين محل الالتزام وفقا لنص المادة 1/276 من القانون المدنى وإن أسقط حقه فبادر بتأجير وحدات هذا المبنى أو باعها للغير أو تصرف فيها بأى وجه من التصرفات انقلب هذا الالتزام التخييرى إلى التزام بسيط له محل واحد هو إخلاء العين المؤجرة فلا يبقى سوى القضاء بإخلائه منها.

(الطعن رقم 4870 لسنة 64 جلسة 1996/02/26 س 47 ع 1 ص 364 ق 72

شرح خبراء القانون

من له خيار التعيين ومصدر هذا الخيار

من له خيار التعيين : رأينا أن العبارة الأخيرة من المادة 275 مدني تقول : "ويكون الخيار للمدين ما لم ينص القانون أو يتفق المتعاقدان على غير ذلك".

فإذا كان هناك التزام تخييري، ولم يبين الطرفان من له الخيار ولم ينص القانون على ذلك، فإن الخيار يكون للمدين لا للدائن، وهذا هو الأصل العام، فإن الاتفاق عند الشك يفسر لمصلحة المدين  ولكن يجوز أن يتفق الطرفان على أن يكون الخيار للدائن لا للمدين، وهذا يقتضى اتفاقاً خاصاً فلا يصح افتراضه، على أن هذا الاتفاق قد يكون صريحاً أو ضمنياً، فلا يشترط التقنين المدنى المصرى الاتفاق الصريح.

كذلك يجوز، إذا كان مصدر الخيار هو نص فى القانون، أن يجعل النص الخيار للدائن لا للمدين، وقد فعل القانون ذلك عندما نصت الفقرة الثانية من المادة 273 مدني على أنه إذا أضعف المدين بفعله تأميناً خاصاً، فللدائن الخيار بين أن يطالب باستيفاء حقه قبل حلول أجله أو أن يطالب بتكملة التأمين، ففى هذا الالتزام التخييري ينص القانون على أن الخيار للدائن.

ومتى كان الخيار للمدين فإنه يستطيع أن يعرض الوفاء بالمحل الذى يختاره من محال الالتزام المتعددة، ويكون عرضه صحيحاً، أما إذا كان الخيار للدائن فلا يستطيع المدين أن يعرض ما يختاره هو، بل يجب عليه أن يعرض الوفاء بأى محل يختاره الدائن .

ولا نرى ما يمنع من أن يتفق الطرفان على أن يكون الخيار لأجنبى، ويكون الأجنبى فى هذه الحالة إما خبيراً فنياً يستشيره أحد الطرفين فيكون الخيار فى الحقيقة لهذا الطرف يستعمله بعد استشارة الخبير، أو يكون الأجنبى غير ملزم لأحد الطرفين فيقرب من أن يكون حكماً بينهما يتفقان عليه عندما لا يستطيعان الاتفاق على أن يكون الخيار لأحد منهما، ويساعد على تقرير هذا الحكم أن نص التقنين المدنى المصرى لا يقول – كما تقول المادة 1190 من التقنين المدنى الفرنسى – إن الخيار للمدين ما لم يتفق المتعاقدان على أن يكون الخيار للدائن، بل تقول إن الخيار للمدين ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك.

مصدر الخيار : ويمكن أن نستخلص مما تقدم أن مصدر خيار التعيين إما أن يكون الاتفاق كما هو الغالب، وإما أن يكون نصاً فى القانون.

ففى الكثرة الغالبة من الأحوال يكون مصدر الالتزام التخييرى العقد أو التصرف القانونى بوجه عام، فيلتزم المدين بإرادته أن يؤدى للدائن شيئاً من أشياء متعددة، وعند ذلك يتكفل الاتفاق أو التصرف القانونى بتعيين من له الخيار، المدين أو الدائن، فإذا سكت عن هذا التعيين كان الخيار للمدين كما قدمنا .

وقد يكون مصدر الالتزام التخييرى نصاً فى القانون، وقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 273 مدنى تنص على سقوط الأجل إذا كان المدين قد أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص، ولو كان هذا التأمين قد أعطى بعقد لاحق أو بموجب القانون، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين، أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه، فإن الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضماناً كافياً ورأينا أن الفقرتين الأولى والثانية من المادة 1048 مدنى تطبيقات هذه الأحكام على الرهن الرسمي فتنصان على أنه " 1 - إذا تسبب الراهن بخطأه في هلاك العقار المرهون أو تلفه، كان الدائن المرتهن مخيراً بين أن يقتضى تأميناً كافياً أو أن يستوفى حقه فوراً . 2 - فإذا كان الهلاك أو التلف قد نشأ عن سبب أجنبى ولم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين، كان المدين مخيراً بين أن يقدم تأميناً كافياً أو أن يوفى الدين فوراً قبل حلول الأجل، ونرى من ذلك أن هذه النصوص تنشئ التزامين تخييريين : (1) الالتزام الأول هو التزام المدين الذى أضعف بفعله ما أعطى الدائن من تأمين خاص، فيلتزم إما بدفع الدين فوراً أو بتكملة التأمين، والخيار هنا للدائن بنص القانون . (2) والالتزام الثانى هو التزام المدين، إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب أجنبى، بدفع الدين فوراً أو بتقديم تأمين كاف، والخيار هنا للمدين بنص القانون كذلك وقد تقدم بيان هذا عند الكلام فى الأجل.

فأمامنا إذن حالتان : حالة ما إذا كان الخيار للمدين وحالة ما إذا كان الخيار للدائن . وسواء كان الخيار للمدين أو للدائن، فإن التعيين متى لم يستند إلى الماضي، فيعتبر الالتزام التخييري منذ البداية التزاماً بسيطاً ذا محل واحد هو المحل الذي تم اختياره، فنتكلم فى كل من هذه المسائل الثلاث.

التعيين إذا كان الخيار للمدين : إذا كان الخيار للمدين، فإنه يستعمل خياره، وفقاً لقواعد العامة، بإعلان إرادته فى أنه اختار محلاً معيناً من المحال المتعددة لالتزامه التخييرى، وهذه الإرادة تعتبر تصرفاً قانونياً من جانب واحد، وهى ككل إرادة لا تحدث أثرها إلا إذا وصلت إلى علم الدائن (م 91 مدنى)، وقبل وصولها إلى علم الدائن يستطيع المدين أن يعدل عنها إلى إرادة أخرى يختار بها محلاً آخر، بشرط أن تصل هذه الإرادة الأخرى إلى علم الدائن قبل وصول الإرادة الأولى، وكل هذا إنما هو تطبيق للقواعد العامة .

كذلك يستطيع المدين أن يكشف عن إرادته فى تعيين المحل الواجب الأداء فى عن طريق التنفيذ، فهو متى عمد إلى تنفيذ محل من المحال المتعددة لالتزامه التخييرى، اعتبر هذا التنفيذ – ولو كان تنفيذاً جزئياً – بمثابة إعلان عن إرادته الاختيار، ويتعين على هذا النحو المحل الواجب الأداء، ولا يجوز عندئذ للمدين إلا أن يمضى فى التنفيذ ما دام قد بدأه، ولا يستطيع العدول عن تنفيذ محل إلى تنفيذ محل آخر، وكالتنفيذ الفعلى العرض الحقيقى، فإذا عرض المدين على الدائن عرضاً حقيقياً، وفقاً للإجراءات المقررة، أحد محال الالتزام التخييري، اعتبر هذا إعمالاً لحق الخيار، وحتى لو رجع المدين فى العرض، بقى التعيين قائماً، بإعتبار أن العرض قد تضمن التعيين النهائي لمحل الالتزام .

ويغلب أن يحدد الطرفان ميعاداً يستعمل فى خلاله الخيار، بل إن التقنين المدني العراقي يوجب تحديد ميعاد، فإن الفقرة الأولى من المادة 299 من هذا التقنين تنص على أنه " يلزم فى خيار التعيين تحدي المدة التى يكون فيها الخيار "، فإذا حدد ميعاد، وجب أن يعلن المدين اختياره فيه، فإذا انقضى الميعاد دون أن يعلن المدين اختياره، تولى القاضى الاختيار على النحو الذى سنبينه، أما إذا لم يحدد ميعاد للاختيار، فيكون للدائن، إذا لم يعمل المدين حق خياره فى وقت معقول، أن يلجأ إلى القاضي ليحدد أجلاً للمدين يختار فيه، بحيث إذا انقضى هذا الأجل ولم يختر المدين، تولى القاضى الاختيار بنفسه كما سيأتى.

وعلى أية صورة أعمل المدين حق الخيار، فإن خياره يجب أن يقع على واحد من المحال المتعددة لالتزامه التخييري، ولا يجوز أن يعدوها جميعاً إلى شئ آخر، ويجب، إلى ذلك، أن يختار واحداً بأكمله من هذه المحال، فلا يجوز أن يختار جزءاً من أجدها جزءاً من محل آخر، فإن هذا التلفيق تأباه طبيعة الالتزام التخييري، وقد نص التقنين المدنى الفرنسى على هذا الحكم، إذ تقول المادة 1199 من هذا التقنين : " يستطيع المدين الوفاء بالتزامه بتسليمه أحد الشيئين المتعهد بهما، ولكنه لا يستطيع إجبار الدائن أن يتسلم جزءاً من أحد هذين الشيئين وجزءاً من الشئ الآخر " وهذا الحكم بديهي، ولا يمكن استخلاصه من تطبيق القواعد العامة دون الحاجة إلى نص.

وإذا كان الالتزام التخييري التزاماً زمنياً ينفذ في آجال دورية، كما إذا تعهد مورد الأغذية أن يورد أغذية لإحدى المدارس أو لأحد المستشفيات فى مواعيد دورية، على أن يترك له الخيار فى توريد صنف أو أكثر من أصناف متعددة من الأغذية، فإنه يجوز للمورد أن يختار أصنافاً معينة فى أجل من هذه الآجال الدورية، ثم يختار أصنافاً أخرى غير الأصناف التى اختارها أولاً فى أجل آخر، وهذا ما لم يتبين من إرادة الطرفين أو من ظروف التعاقد أنه متى اختار صنفاً معيناً فى أجل تقيد به في الآجال التالية، وهذا الحكم أيضاً بديهي يمكن استخلاصه دون نص من تطبيق القواعد العامة، وقد نص عليه صراحة تقنين الموجبات والعقود اللبناني.

وإذا مات المدين قبل أن يعمل خياره، انتقل حق الخيار إلى الورثة، وليس فى هذا إلا تطبيق للقواعد العامة وقد نص على هذا الحكم صراحة " كل من التقنين المدنى العراقى ( م 300 ) وتقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 59 )، وإذا تعدد المدينون، سواء عن طريق تعدد الورثة أو بأن كان المدينون فى الأصل متعددين، وجب أن يتفق الجميع على اختيار أحد محل الالتزام التخييري، فإذا لم يتفقوا، اعتبروا في حكم الممتنعين عن إعمال حق الخيار .

وحكم امتناع المدين عن إعمال حق الخيار هو ما قررته العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 276 مدني

أن يتولى القاضي بنفسه تعيين محل الالتزام فالدائن يطلب إلى القاضي أولاً تعيين أجل يختار فيه المدين أو يتفق فيه المدينون إذا تعددوا أصلاً أو تعددت الورثة، فإذا انقضى هذا الأجل دون أن يختار المحل الواجب الأداء، مسترشداً فى ذلك بإرادة الطرفين المشتركة، وبخاصة إرادة المدين إذا كان يستطيع وحده أن ينفرد بالاختيار ولم يفعل، ومسترشداً أيضاً بظروف التعاقد وبغير ذلك من الملابسات، ولا ينتقل الخيار هنا إلى الدائن، حتى لا يوضع المدين تحت رحمته وهذا بخلاف ما إذا كان الخيار للدائن وأبى أن يعمل حقه فيه، فسنرى أن الخيار فى هذه الحالة ينتقل إلى المدين، إذ يغتفر من تحكم المدين ما لا يغتفر من تحكم الدائن .

التعيين إذا كان الخيار للدائن : وما قدمناه من الأحكام فيما إذا كان الخيار للمدين يسري، فيما عدا مسائل قليلة، على الحالة التى يكون فيها الخيار للدائن، إذا كان مشترياً مثلاً، واحتفظ لنفسه بحق اختيار شئ اشتراه من بين عدة أشياء، بأن تكون هذه الأشياء من أصناف أو أحجام أو ألوان مختلفة ويريد أن ينتفى الصنف أو الحجم أو اللون الذي يلائمه، فيستطيع أن يعمل خياره عن طريق إرادة يعلنها إلى المدين، وتحدث أثرها عندما تصل إلى علم المدين فيتعين المحل الواجب الأداء، وله أن يرجع فيها، ويحل محل الاختيار الأول اختياراً آخر إذا وصل هذا الاختيار الآخر إلى علم المدين قبل وصول الاختيار الأول، وبمجرد أن تصل إرادة الدائن إلى علم المدين، فإن المدين يصبح فى حل من التصرف فى سائر محال الالتزام التى لم يقع عليها اختيار الدائن، ولا يحتجز الدائن إلا المحل الذي وقع عليه الاختيار. 

كذلك يستطيع الدائن أن يعمل حقه فى الخيار عن طريق التنفيذ الفعلى، بأن يقبض من المدين محلاً معيناً من المحال المتعددة أو يطالبه بأداء محل معين، ويعتبر التنفيذ الجزئي - بأن يقبض جزءاً من محل معين مثلاً - بمثابة التنفيذ الكلي من حيث إعمال حق الخيار، فلا يستطيع الدائن بعد أن قبل التنفيذ الجزئى فى محل معين إلا أن يمضي فى التنفيذ إلى غايته فى نفس هذا المحل .

ولابد أن يختار الدائن فى الميعاد المحدد إذا حدد ميعاد، وإلا ففى ميعاد معقول، فإن امتنع عن الاختيار، جاز للدائن أن يلجأ إلى القاضي على الوجه الذي سنبينه .

كذلك يجب أن يختار الدائن محلاً من المحال المتعددة للالتزام التخييري، فلا يختار شيئاً آخر خارجاً عن هذا النطاق، وليس له أن يختار جزءاً من محل وجزءاً من محل آخر، حكمه فى ذلك حكم المدين الذى يكون له الخيار .

وإذا كان الالتزام التخييرى زمنياً أو ينفذ فى آجال دورية، جاز للدائن – المدرسة أو المستشفى فى مثل مورد الأغذية الذى سبق إيراده – أن يختار صنفاً في أجل وصنفاً آخر فى أجل بعده، على النحو الذى بيناه فى حالة ما إذا كان الخيار للمدين .

وإذا مات الدائن انتقل الخيار لورثته، وإذا تعدد الدائنون أو تعددت الورثة وجب أن يتفق الجميع على اختيار شئ واحد، وإلا عدوا ممتنعين عن استعمال حق الخيار .

وحكم امتناع الدائن عن استعمال حق الخيار هو ما قررته العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 276 : أن ينتقل الخيار إلى المدين، فالمدين يطلب من القاضى أولاً أن يعين أجلاً يختار فيه الدائن، أو يتفق فيه الدائنون المتعددون أو الورثة، فإذا انتقضى الأجل دون أن يختار الدائن أو دون أن يتفق الدائنون المتعددون أو الورثة، فهنا – خلافاً للحالة التى يكون فيها الخيار للمدين على ما قدمنا – ينتقل الخيار من الدائن إلى المدين، وهذا بموجب نص صريح فى التقنين المدنى المصرى ولو لم يوجد هذا النص، لما أمكن تقرير هذا الحكم، ولوجب – كما هو الأمر فى القانون الفرنسى - أن يتولى القاضى هنا أيضاً الاختيار بنفسه .

ويلاحظ أن الخيار إذا كان لأجنبى، طبقت فى حقه الأحكام المتقدمة، لكن إذا امتنع الأجنبى عن الخيار، تولى القاضي الاختيار بنفسه تطبيقاً للقواعد العامة، ولا ينتقل الخيار إلى المدين لأن انتقال الخيار إلى من ليس له حق الخيار يقتضى نصاً خاصاً، فإن لم يوجد النص وجب أن يتولى القضاء الاختيار .

استناد تعيين المحل إلى الماضى : وأياً كان الشخص الذى يثبت له حق الخيار، فإنه متى أعمل حقه واختار المحل الواجب الأداء على النحو الذى قدمناه، صار هذا المحل وحده هو محل الالتزام، وانقلب الالتزام التخييري التزاماً بسيطاً ذا محل واحد هو المحل الذي وقع عليه الاختيار.

ويستند هذا التعيين بأثر رجعى إلى الماضى، أى أن المحل الذى وقع عليه الاختيار يعتبر منذ نشوء الالتزام هو المحل الوحيد، ويعتبر الالتزام بسيطاً لا تخييرياً منذ نشوئه لا منذ إعمال حق الاختيار.

وليس هذا الاستناد إلى الماضى يرجع إلى أن المحل المعين كان محلاً للالتزام معلقاً على شرط واقف هو أن يقع عليه الاختيار، فقد قدمنا أن الالتزام التخييري ليس بالتزام شرطي وإنما يرجع الاستناد إلى أن المحل الذي عين كان منذ البداية محلاً للالتزام، إلا أن هذه المحلية كانت شائعة بينه وبين المحال الأخرى، فبتعيينه تركزت المحلية فيه، واعتبر هو المحل الوحيد منذ بدء الالتزام، وهذا ما يسميه الفقه الألمانى بالتركز، ويفسرون به الاستناد إلى الماضى، مفرقين بين الالتزام التخييري والالتزام الشرطي، فعند الألمان ليس للشرط بوجه عام أثر رجعي.

كما قدمنا، أما التعيين فى الالتزام التخييرى فله أثر رجعى.

ويترتب على هذا الأثر الرجعى والاستناد إلى الماضى نتائج هامة نذكر منها ما يأتي :

(1) تتحدد طبيعة الالتزام التخييري منذ البداية بالتعيين الذى سيتم بعد نشوء الالتزام، والذى يستند إلى وقت نشوئه، فإذا كانت محال الالتزام التخييري بعضها عقار وبعضها منقول أو بعضها قابل للتجزئة وبعضها غير قابل لها، ثم تعيين من بينها المحل الواجب الأداء فإذا هو عقار مثلاً أو هو شئ غير قابل للتجزئة، اعتبر الالتزام التخييري منذ البداية التزاماً بسيطاً عقارياً أو التزاماً بسيطاً غير قابل للتجزئة.

(2) إذا كانت محال الالتزام التخييري نقل ملكية أشياء متعددة، ووقع الاختيار على شئ واحد من هذه الأشياء، وكان نقل الملكية يتم بمجرد نشوء الالتزام كما فى المنقول المعين بالذات، فإن ملكية الشئ الذى وقع عليه الاختيار تعتبر قد انتقلت منذ نشوء الالتزام لا منذ إعمال حق الخيار، ويعتبر الدائن مالكاً للشئ منذ البداية.  .

(3) إذا شهر إفلاس المدين أو إعساره فى الفترة ما بين نشوء الالتزام وإعمال حق الخيار، فما دام الدائن يعتبر مالكاً للشئ منذ نشوء الالتزام، فإنه يستطيع أن يسترده من التفليسة أو من مال المعسر دون أن يشاركه فيه سائر دائنى المدين..

(4) إذا تصرف الدائن فى الشئ فى الفترة ما بين نشوء الالتزام وإعمال حق الخيار، ثم وقع الاختيار على هذا الشئ، اعتبر الدائن أنه قد تصرف فى ملكه منذ تاريخ هذا التصرف، وإذا كان الشئ عقاراً وسجل التصرف قبل إعمال حق الخيار، انتقلت الملكية إلى المتصرف إليه بالتسجيل وفي تاريخ سابق على إعمال حق الخيار.

2- أحكام الهلاك

النصوص القانونية : تنص المادة 277 من التقنين المدنى على ما يأتي :

إذا كان الخيار للمدين، ثم استحال تنفيذ كل من الأشياء التى اشتمل عليها محل الالتزام، وكان المدين مسئولاً عن هذه الاستحالة ولو فيما يتعلق بواحد من هذه الأشياء، كان ملزماً بأن يدفع قيمة آخر شئ استحال تنفيذه.  .

ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق فيض من النصوص تبسط فيها هذا التقنين، مفصلاً أحكام تحمل تبعة الهلاك، وهى المواد 17 / 151 و 99 / 153 و 100 / 154.  .

ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 277، وفي التقنين المدني الليبي المادة 264، وفي التقنين المدني العراقي المادة 301، وفى تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 61 - 63 و 66 - 67، وفي التقنين المدني الكويتي المادة 338، وفي التقنين المدني الأردني 410 .

ويتبين من النص السالف الذكر أن التقنين المدنى المصرى اقتصر على إيراد الحكم فى صورة واحدة من صور استحالة تنفيذ بعض أو كل الأشياء المتعددة التى اشتمل عليها محل الالتزام التخييري، وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى، بياناً لذلك، ما يأتى : " يواجه هذا النص حكم استحالة تنفيذ أمر أو أكثر من الأمور التى يرد التخيير عليها، ورغم أن هذا الحكم محدود الأهمية من الناحية العملية، فقد جرت التقنينات اللاتينية على الإسهاب بشأنه، فأوردت نصوصاً كثيرة ليست في جملتها إلا تطبيقات بينة للقواعد العامة، على أن المشروع لم ير مجاراة هذه التقنينات، بل اجتزأ بنص واحد واجه فيه فرضاً ليس لتطبيق القواعد العامة فيه حظ موفور من الوضوح .

ويحسن أن نستعرض الصور المنطقية الحالية ما إذا استحال تنفيذ كل أو بعض الأشياء المتعددة التي اشتمل عليها الالتزام التخييرى، مطبقين فى كل صورة منها القواعد العامة لنصل إلى الحل الواجب الاتباع فى مصر، وستأتي الصورة التى عرض لها النص ضمن هذه الصور .

وتوخياً للوضوح نفرض أن هذه الأشياء المتعددة هما شيئان معينان بالذات، وأن عيناً منهما أو الاثنين معاً قد هلكاً، وما نقوله فيما إذا كان المحل أحد عينين معينين بالذات يصلح لما إذا كان المحل يشمل أكثر من عينين أو يشمل عملاً أو امتناعاً عن عمل، ومن ثم نحصر الصور النطقية فيما يأتى : (1) هلاك الشيئين معاً بسبب أجنبى، سواء كان الخيار للمدين أو الدائن. (2) هلاك الشيئين أو أحدهما والخيار للمدين. (3) هلاك الشيئين أو أحدهما والخيار للدائن. وفى الصورتين الأخيرتين المفروض طبقاً أن نستبعد من كل منهما حالة ما إذا هلك الشيئان معاً بسبب أجنبى، فهذه حالة قد استغرقتها الصورة الأولى .

هلاك الشيئين معاً بسبب أجنبى : هذه الحالة تخفف منها منذ البداية، لأن تطبيق القواعد العامة فيها واضح كل الوضوح، فما دام الشيئان – أو الأشياء جميعاً – قد هلكت بسبب أجنبى، فقد استحال تنفيذ الالتزام، وانقضى الالتزام التخييري بسبب هذه الاستحالة (م 373) مدنى، سواء فى ذلك كان الخيار للمدين أو كان الخيار للدائن.

هلاك الشيئين أو أحدهما والخيار للمدين : نستبعد بداهة حالة ما إذا هلك الشيئان معاً بسبب أجنبى، فقد مضى القول فيها، وتبقى إذن الصور الآتية :

(1) هلك أحد الشيئين دون الآخر بسبب أجنبى : مقتضى تطبيق القواعد العامة أن الالتزام يتركز محله فى الشئ الباقى، فليس للمدين إلا أن يختاره إذ ليس أمامه غيره، وإذا شمل المحل عدة أشياء هلك أحدها، كان للمدين أن يعين محل الالتزام شيئاً من بين الأشياء الباقية.

(2) هلك أحد الشيئين دون الآخر بخطأ المدين : ما دام المدين هو الذى له حق الخيار، فلا مناص من اعتبار الشيء الذي هلك بخطأه هو الشئ الذي لم يختره، فلا يبقى أمامه إلى الشئ الباقى – أو أحد الأشياء الباقية يتولى اختياره – فيؤديه للدائن محلاً للالتزام.

(3) هلك أحد الشيئين دون الآخر بخطأ الدائن : ما دام الخيار بيد المدين فقد كان له أن يختار الشيء الذي هلك بخطأ الدائن أو الشئ الآخر، فيبقى على خياره ما بين تأدية الشئ الآخر – أو شئ من الأشياء الأخرى فى حالة لتعدد – للدائن مع الرجوع عليه بقيمة الشئ الذى هلك بخطأه، أو أن يعتبر الشئ الذى هلك بخطأ الدائن هو الشيء الواجب الأداء فتبرأ ذمته من الدين ولا يرجع على الدائن بشئ.

(4) هلك الشيئان معاً وكان هلاك أحدهما بخطأ المدين : إذا هلك الشئ الأول بخطأ المدين، وكان الخيار له، فإن هلاك هذا الشئ بخطأه يجعل محل الالتزام يتركز فى الشئ الآخر، فإن هلك هذا الشئ الآخر بسبب أجنبي، فلا يزال هناك خطأ منسوب إلى المدين، إذ هو بخطأه الأول جعل الالتزام متركزاً فى الشئ الآخر، ولو أنه لم يرتكب هذا الخطأ لما هلك الشئ الأول ولبقي بعد هلاك الشئ الآخر محلاً للالتزام، ومن ثم يعتبر هلاك الشئ الآخر منسوباً إلى المدين حتى لو كان الهلاك بسبب أجنبي، فعليه أن يدفع قيمته للدائن، ولو تعددت الأشياء وهلكت كلها، مع هلاك أحدهما بخطأ المدين، فإن الالتزام يتركز فى آخر شئ منها، ويعتبر هلاكه – ولو بسبب اجنبى – منسوباً إلى المدين، فيجب عليه دفع قيمته.

وإذا كان الشئ الذى هلك بخطأ المدين هو الشئ الثانى بعد هلاك الشئ الأول بسبب أجنبي، فإن الالتزام بعد هلاك الشئ الأول بسبب أجنبى يكون قد تركز في الشئ الثاني، وقد هلك بخطأ المدين فوجب عليه دفع قيمته.  .

ومن ثم يجب على المدين فى جميع الأحوال أن يدفع للدائن قيمة آخر شئ هلك، وهذه الصورة هى إحدى الصورتين اللتين عرض لهما نص المادة 277 سالفة الذكر، وقد كشفنا عن وجه الخفاء فى الحكم الوارد فى شأنها .

(5) هلك الشيئان معاً وكان هلاك كل منهما بخطأ المدين : وهذه هى الصورة الأخرى التي عالجتها المادة 277 مدنى، وفى هذه الصورة أيضاً ينطبق نفس الحكم الذي قدمناه في الصورة المتقدمة، فقد هلك الشئ الأول بخطأ المدين، فتركز الالتزام فى الشئ، فهلك بخطأ المدين أيضاً، فوجب عليه دفع قيمته، ولو تعددت الأشياء وهلك الشئ الأخير منها بخطأ المدين، وجب عليه كذلك دفع قيمته بعد أن تركز الالتزام فيه.

(6) هلك الشيئان معاً وكان هلاك أحدهما بخطأ الدائن : ومن ثم يكون هلاك الشئ الآخر بسبب أجنبي، فإن كان الشئ الذى هلك أولا هو الذي هلك بسبب أجنبي، فقد تركز محل الالتزام فى الشئ الآخر الذى هلك بخطأ الدائن، ولما كان الدائن قد أهلكه بخطأه فيكون بمثابة من استوفاه، وتبرأ ذمة المدين من الالتزام، أما إذا كان الشئ الذى هلك أولاً هو الذي هلك بخطأ الدائن، فللمدين، وله الخيار، أن يختار الشيء الآخر، وإذا هلك هذا الشيء الآخر بسبب أجنبى فقد برئت ذمة المدين بهلاكه، ثم يرجع المدين على الدائن بقيمة الشئ الأول الذي هلك بخطأه .

(7) هلك الشيئان معاً وكان هلاك كل منهما بخطأ الدائن : للمدين فى هذه الصورة أن يختار الشئ الذى يؤديه فتكون ذمته قد برئت بهلاكه، ويرجع بقيمة الشئ الآخر على الدائن، ولو تعددت الأشياء اختار المدين الشيء الذي بهلاكه تبرأ ذمته، ورجع بقيمة بقية الأشياء على الدائن.

هلاك الشيئين أو أحدهما والخيار للدائن : هنا أيضاً نستبعد حالة ما إذا هلك الشيئان معاً بسبب أجنبى، فقد بينا حكمها فيما تقدم، وعرفنا أن الالتزام ينقضى بسبب هذا الهلاك فتبقى الصور المقابلة للصور التي عالجناها فى حالة ما إذا كان الخيار للمدين :

(1) هلك أحد الشيئين دون الآخر بسبب أجنبى : هنا – كما فى الصورة المقابلة – يتركز الالتزام فى الشئ الذى يبقى، ويتعين على الدائن أن يختاره وإذا تعددت الأشياء وهلك أحدها بسبب أجنبى، فللدائن أن يختار شيئاً من الأشياء الباقية.

(2) هلك أحد الشيئين دون الآخر بخطأ المدين : ما دام الدائن هو الذى له حق الخيار، فله أن يختار الشيء الهالك فيرجع بقيمته، أو يختار الشئ أو أحد الأشياء الباقية فيستأديها عيناً من المدين.

(3) هلك أحد الشيئين دون الآخر بخطأ الدائن : للدائن أن يختار، فإن اختار الشئ الذى هلك بخطأه فقد برئت ذمة المدين بهلاكه، وأن اختار الشئ الآخر، فعليه أن يدفع قيمة الشئ الهالك للمدين.

(4) هلك الشيئان معاً وكان هلاك أحدهما بخطأ المدين : إذا اختار الدائن الشيء الذي هلك بخطأ المدين، رجع عليه بقيمته، أما إذا اختار الشيء الذي هلك بسبب أجنبي، لم يرجع بشئ على المدين إذا برئت ذمته بهلاك الشيء بالسبب الأجنبي، لذلك لا يتردد الدائن فى اختيار الشئ الذى هلك بخطأ المدين، حتى يرجع عليه بقيمته.

(5) هلك الشيئان معاً وكان هلاك كل منهما بخطأ المدين : لما كان الخيار للدائن، فله أن يختار أحد الشيئين فيرجع بقيمته على المدين إذ هلك بخطأه. .

(6) هلك الشيئان معاً وكان هلاك أحدهما بخطأ الدائن : إذا اختار الدائن الشيء الذي هلك بخطأه، برئت ذمة المدين من الدين ولم يرجع على الدائن بشئ، أما إذا اختار الدائن الشيء الذي هلك بسبب أجنبي، فقد برئت ذمة المدين أيضاً بهلاك الشيء بالسبب الأجنبي ثم يرجع المدين على الدائن بقيمة الشئ الذى هلك بخطأه، ومن ثم لا يتردد الدائن فى اختيار الشئ الذى هلك بخطأه حتى لا يرجع عليه المدين بشيء .

(7) هلك الشيئان معاً وكان هلاك كل منهما بخطأ الدائن : لما كان الخيار للدائن، فله أن يختار أحد الشيئين، وإذ هلك الشيء الذي اختاره بخطأه فيكون بمثابة من استوفاه وتبرأ ذمة المدين، ثم يرجع المدين بقيمة الشئ الآخر على الدائن إذ هلك هو أيضاً بخطأه.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثالث، المجلد : الأول : الصفحة : 170)

إذا كان الخيار للمدين وجب أن يستعمل خياره في الميعاد الذي حدده الطرفان أو في الوقت المعقول بإعلان إرادته التي تعتبر تصرفاً قانونياً من جانب واحد لا تحدث أثرها إلا إذا وصلت إلى علم الدائن م 91، أو بالتنفيذ فإذا امتنع المدين عن إعلان إرادته تولى القاضي الاختبار، وإذا مات المدين انتقل حق الاختيار لورثته وتعين عليهم - كما في حالة تعدد المدينين - أن يتفقوا جميعاً على الاختيار إذ أن الخيار غير قابل للتجزئة وإلا تولي القاضي تعيين محل الالتزام مسترشداً بإرادة الطرفين وظروف التعاقد والملابسات الأخرى، أما إذا كان الخيار للدائن وجب إعلان إرادته أو التنفيذ بقبض المحل فإذا لم يفعل لجأ المدين إلى التقاضي لتحديد أجل للاختيار فإذا انقضى دون اختیار انتقل الخيار من الدائن الى المدين وتسري هذه الأحكام إذا كان الخيار الأجنبي فيما عدا الحالة التي يمتنع فيها فيتولى القاضي الاختيار وإذا توفي الدائن انتقل الخيار لورثته وتعين عليهم - كما في حالة تعدد الدائنين - الاتفاق على الاختيار ومتى تعين المحل استند هذا التعيين بأثر رجعي إلى وقت نشوء الالتزام فإذا كان المحل منقولاً معيناً بالذات تنتقل ملكيته منذ نشوء الالتزام ويستطيع الدائن أن يسترده من تفليسة مدينة التي شهرت بعد نشوئه.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الخامس، الصفحة : 8)

ما يتبع في حالة الامتناع عن الاختيار :

(أ) إذا كان الخيار للمدين : إذا كان الخيار للمدين، فإن عين المدين الشيء الذي يريد الوفاء به وسلمه إلى الدائن برئت ذمته من الدين، وإن عينه ولم يسلمه انقضت صفة الالتزام التخييرية وصار بسيطاً بانحصار محله في أمر واحد.

أما إذا امتنع المدين عن الاختيار، أو إذا تعدد المدينون ولم يتفقوا فيما بينهم، جاز للدائن أن يطلب من القضاء تعيين أجل يجب فيه استعمال حق الخيار أو يتفق فيه المدينون على الاختيار، فإذا لم يتم ذلك تولى القضاء نفسه تعيين محل الالتزام .

وللقاضي أن يعين في الحكم نفسه ما يلزم المدين بالوفاء به من بين ما يرد التخيير عليه، فيما لو امتنع المدين أو المدينون عن الاختيار في هذا الأجل.

لم يحدد القانون شكلاً معيناً لاستعمال حق الخيار، ولذلك يستطيع من له الخيار استعمال حقه طبقاً للقواعد العامة.

وذلك بإعلان إرادته في أنه اختار محلاً معيناً من المحال المتعددة لالتزامه التخييري، وهذه الإرادة تعتبر تصرفاً قانونياً من جانب واحد، وهي ككل إرادة لا تحدث أثرها إلا إذا وصلت إلى علم الدائن (م 91 مدنی) وقبل وصولها إلى علم الدائن يستطيع المدين أن يعدل عنها إلى إرادة أخرى يختار بها محلاً آخر، بشرط أن تصل الإرادة الأخرى إلى علم الدائن قبل وصول الإرادة الأولى.

وكذلك يكشف المدين عن إرادته في الاختيار بالوفاء بشئ مما يرد التخيير عليه، إن كان الخيار له، أو متى طالب الدائن بشئ من الأشياء التي يشتمل عليها محل الالتزام، إن كان الخيار له، ومتى تم الاختيار امتنع العدول عنه بغير رضاء الطرف الأخر .

فإذا توفي من له حق الاختيار قبل أن يختار فإن حقه ينتقل إلى ورثته، فإذا أشهر إفلاسه أصبح حق الاختيار لجماعة الدائنين يستعملونه بواسطة من يمثلهم.

أثر استعمال الخيار:

بإستعمال حق الخيار، يتحدد محل الالتزام في الشئ الذي وقع عليه الخيار، وينقلب الالتزام التخييري إلي التزام بسيط محله شئ واحد هو الشئ الذي وقع عليه الخيار، كأنه موضوع الإلتزام منذ الأصل .

لاستعمال الخيار أثر رجعي :

الاستعمال حق الخيار أثر رجعي، بمعنى أنه إذا استعمل الخيار، فإن الالتزام يعتبر أنه منذ نشوئه قد انحصر في محل واحد، ويترتب على ذلك أنه إذا كان الالتزام بنقل ملكية أحد شيئين، ثم وقع الخيار على أحدهما فإن الدائن يصبح مالكاً لهذا الشئ الأمن وقت الخيار بل من وقت العقد إن كان الشئ منقولاً معيناً بالذات .

ويجب أن يتم الاختيار في المدة المحددة له، أو في مدة معقولة ويقدر القاضي عند عدم الاتفاق المدة المعقولة.

(ب) إذا كان الخيار للدائن :

إذا كان الخيار للدائن وامتنع عن الاختيار أو تعدد الدائنون ولم يتفقوا فيما بينهم جاز للمدين أن يطلب إلى القاضي تعيين أجل يختار فيه الدائن، أو يتفق فيه الدائنون، فإذا انقضى الأجل ولم يتم الاختيار، انتقل الخيار إلى المدين نفسه لا إلى القاضي خلافاً للحالة السابقة .

أما إذا كان الخيارلأجنبي، طبقت في حقه الأحكام السابقة، لكن إذا امتنع الأجنبي عن الخيار، تولى القاضي الاختيار بنفسه تطبيقاً للقواعد العامة، ولا ينتقل الخيار إلى من ليس له حق الخيار إلا بمقتضى نص خاص فإن لم يوجد النص وجب أن يتولى القضاء الاختيار.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الرابع، الصفحة : 90)

إذا كان الخيار للمدين، فإن عين الدين الشيء الذي يريد الوفاء به وسلمه الى الدائن برئت ذمته من المدين، وان عينه ولم يسلمه انقضت صفة الالتزام التخييرية وصار بسيطاً بانحصار محله في أمر واحده فإذا استحال تنفيذ هذا الأمر بعد ذلك بسبب أجنبي عن المدين، انقضى الالتزام وتحمل المدين تبعة الاستحالة أو الهلاك أن كان الالتزام ناشئاً من عقد ملزم للجانبين، وإلا وقعت هذه التبعة على عاتق الدائن، وذلك كله وفقاً للقواعد العامة .

أما اذا استحال تنفيذ أحد الأمور الاختيارية الداخلة في محل الالتزام قبل أن يستعمل المدين حقه في الاختيار، انحصر الالتزام التخييري في الأمور الباقية وانقلب التزاماً بسيطاً إذا لم يبق ممكن التنفيذ غير واحد من هذه الأمور، فإذا شملت الاستحالة جميع الأمور الداخلة في محل الالتزام وكان ذلك بخطأ المدين، فإن كانت الاستحالة قد شملت جميع الأمور في وقت واحد، جاز للمدين أن يعين من بين هذه الأمور الأمر الذي يدفع تعويضاً عن عدم الوفاء به، وإن كانت الاستحالة لم تشمل جميع الأمور دفعة واحدة انحصر "التخيير - كلما استحال أمر في الأمور الأخرى الباقية ممكنة التنفيذ، فاذا استحال آخرها كان المدين ملزماً بأن يدفع قيمته ولا يجوز له أن يختار دفع قيمة أي أمر آخر من الأمور التي سبقت استحالتها، ويستوي في ذلك أن يكون خطأ المدين قد سبب استحالة الأمر الأخير أو استحالة أي واحد من الأمور التي صارت مستحيلة قبل ذلك ( المادة 277).

فإذا ظلت جميع الأمور المتعهد بها أو أكثر من واحد منها ممكنة التنفيذ وامتنع المدين عن الاختيار، أو تعدد المدينون ولم يتفقوا فيما بينهم، جاز للدائن أن يطلب من القاضى تعيين أجل يختار فيه المدين أو يتفق فيه المدينون، فاذا لم يتم ذلك تولي القاضي بنفسه تعيين محل الالتزام ( المادة 276 فقرة أولى )، ويجوز أن يعين القاضي في الحكم الذي يعين به المدين أجلاً للاختيار الشيء الذي يعتبر واجباً الوفاء به في حالة عدم قيام الدين بتعيينه في الأجل الذي حدد له.

وإذا مات المدين قبل أن يعمل اختياره انتقل حقه فيه إلى ورثته طبقاً للقواعد العامة.

تنص المادة 276 فقرة ثانية على أنه « إذا كان الخيار للدائن وامتنع عن الاختيار، أو تعدد الدائنون ولم يتفقوا فيما بينهم، عين القاضي أجلاً أن طلب المدين ذلك، فإذا انقضى الأجل انتقل الخيار إلى المدين».

ويبين من ذلك أن المشرع غاير في الحكم بين امتناع الدين عن مباشرة الاختيار المقرر له وامتناع الدائن عن ذلك، ففي هذه الحالة الأخيرة قرر المشرع نقل حق الخيار من المدائن إلى المدين، أما في الحالة الأولى فقد رأى ملاءمة نقل حق الخيار من المدين إلى الدائن خشية أن يفضي ذلك الى تحكم الثاني في الأول .

ويسري على كيفية إعمال الدائن حقه في الخيار ما تقدم في شأن أعمال المدين حقه في ذلك .

الأثر الرجعي للاختيار :

تقدم أنه في الالتزام التخييري يكون كل من الأمور الداخلة في محل الالتزام واجباً حتى يتم الاختيار، فإذا تم الاختيار، تركز الالتزام التخييري في الأمر الذي وقع عليه الاختيار وانقلب التزاماً بسيطاً.

ولكن يتم هذا التركيز وهذا الإنقلاب بأثر رجعي مستندين إلى وقت الاتفاق، أم يتمان دون أثر رجعي أي من وقت حصول الاختيار فحسب ؟

الراجح في ذلك أن الاختيار يكون له أثر رجعي، باعتبار أن هذا الأثر الرجعي يتفق مع قصد العاقدين، فإذا اتفق البائع والمشتري على أن يبيع الأول إلى الثاني أحد شيئين، ثم تحدد هذا الشيء بإختيار صاحب الحق في الخيار، اعتبر الشيء الذي وقع عليه الاختيار هو المبيع وحده منذ إبرام العقد .

ويترتب على ذلك أنه إذا باع المدين أحد الشيئين المتعهد بهما قبل استعمال الخيار، جاز للدائن إذا اختار ذلك الشيء أن يسترده من مشتريه باعتباره ملكاً له وقت التعهد الأصلي، ما لم يكن المشتري في مركز يسمح له بالاحتماء بقاعدة الحيازة في المنقول أو بتملكه العقار بالتسجيل قبل الخيار، وكذلك إذا أفلس المدين قبل إستعمال الدائن خياره جاز للدائن أن يسترد الشيء الذي وقع عليه اختياره من دائني التفليسة. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس، الصفحة : 559)

 

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والعشرون  ، الصفحة /  118

وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ بِاعْتِبَارِ الشَّرِكَةِ فِيهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مُشْتَرَكٍ وَغَيْرِ مُشْتَرَكٍ .

أ - فَالدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ: هُوَ مَا كَانَ سَبَبُهُ مُتَّحِدًا، سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، بَيْعَ صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُذْكَرْ عِنْدَ الْبَيْعِ مِقْدَارُ ثَمَنِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ، أَمْ دَيْنًا آيِلاً بِالإْرْثِ إِلَى عِدَّةِ وَرَثَةٍ، أَمْ قِيمَةَ مَالٍ مُسْتَهْلَكٍ مُشْتَرَكٍ، أَمْ بَدَلَ قَرْضٍ مُسْتَقْرَضٍ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ.

ب - الدَّيْنُ غَيْرُ الْمُشْتَرَكِ: هُوَ مَا كَانَ سَبَبُهُ مُخْتَلِفًا لاَ مُتَّحِدًا، كَأَنْ أَقْرَضَ اثْنَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ مَبْلَغًا لِشَخْصٍ أَوْ بَاعَاهُ مَالاً مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَسَمَّى حِينَ الْبَيْعِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَصِيبِهِ ثَمَنًا عَلَى حِدَتِهِ.

40 - وَتَبْرُزُ ثَمَرَةُ هَذَا التَّقْسِيمِ فِي الْمَسَائِلِ التَّالِيَةِ:

أَوَّلاً: إِذَا كَانَتِ الدُّيُونُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْمَدِينِ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِهَا اسْتِيفَاءُ دَيْنِهِ عَلَى حِدَةٍ مِنَ الْمَدِينِ، وَمَا يَقْبِضُهُ يُحْسَبُ مِنْ دَيْنِهِ خَاصَّةً، لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الدَّائِنِينَ الأْخَرِ .

أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ مِنَ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَلاَ يَخْتَصَّ الْقَابِضُ مِنْهُمْ بِمَا قَبَضَهُ، بَلْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقٌّ فِيهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ .

ثَانِيًا: إِذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ كَهِبَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوِ اسْتَهْلَكَهَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْهَا.

فَلَوْ كَانَ مَبْلَغُ أَلْفِ دِينَارٍ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً، فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْمَدِينِ خَمْسَمِائَةٍ وَاسْتَهْلَكَهَا، فَلِلدَّائِنِ الآْخَرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ. أَمَّا الْخَمْسُمِائَةِ الأْخْرَى فَتَبْقَى بَيْنَ الاِثْنَيْنِ مُشْتَرَكَةً .

 ثَالِثًا: إِذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلاَ تَقْصِيرٍ، فَلاَ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الْمَقْبُوضِ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا حِصَّةَ نَفْسِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فَيَكُونُ حَقًّا لِلشَّرِيكِ الآْخَرِ .

رَابِعًا: إِذَا أَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ - دَيْنًا مُشْتَرَكًا - كَفِيلاً بِحِصَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، أَوْ أَحَالَهُ الْمَدِينُ عَلَى آخَرَ، فَلِشَرِيكِهِ الآْخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَبْلَغِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنَ الْكَفِيلِ أَوِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ .

____________________________________________________________________

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 ( مادة 263)

١- اذا كان خيار التعيين للمدين وامتنع عن الاختيار ، أو تعدد المدنيون ولم يتفقوا فيما بينهم ، جاز للدائن أن يطلب من القاضي تعيين أجل يختار فيه المدين أو يتفق فيه المدينون ، فاذا لم يتم ذلك تولى القاضي بنفسه تعيين الشىء •

۲ - أما اذا كان خيار التعيين للدائن وامتنع عن الاختيار ، أو تعدد المدينون ولم يتفقوا فيما بينهم ، عين القاضي أجلاً إن طلب المدين ذلك ، فاذا انقضى الأجل انتقل الخيار إلى المدين ۰

وهذه المادة تطابق المادة 276 من التقنين الحالي ، مع استبدال عبارة (خيار التعيين) بلفظ «الخيار و إیثاراً للتعبير الذي يستعمله الفقه الاسلامی، واستبدال كلمة الشيء ، في نهاية الفقرة الأولى بعبارة و محل الالتزام.

 

مجلة الأحكام العدلية

مادة (318) تعيين الشيء في خيار التعيين

من له خيار التعيين يلزمه أن يعين الشيء الذي يأخذه قبل انقضاء المدة التي عينت.