loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 83

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- تستهل المادة 416 طائفة من النصوص المتتابعة استبعدت فيها جميعاً فكرة النيابة التبادلية من نطاق التضامن، كلما كان في الأخذ بها ما يسيء إلى مركز الدائنين أو المدينين المتضامنين (أنظر المادة 111 /167 من التقنين المصري، والمادة 425 من التقنين الألماني وقارن المادة 110 /166 من التقنين المصري)  فإذا أنقطعت مدة التقادم، أو وقف سريانه، بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين، فلا يجوز تفريعاً على ذلك أن يتمسك الدائن بهذا الوقف، أو ذاك الانقطاع قبل الباقين  ويسرى الحكم نفسه على الإعذار، والمطالبة القضائية، والإقرار، واليمين، والصلح، والقضاء بإلزام أحد المدينين، في نطاق التضامن السلبي، كما سيأتي بيان ذلك  وعلى نقيض ما تقدم يؤخذ بفكرة النيابة التبادلية كلما كان في إعمالها توفير منفعة لمن تنتظمهم رابطة التضامن، في ذلك مثلاً أن قطع مدة التقادم لصالح أحد المدينين المتضامنين ينصرف نفعه إلى الباقين (أنظر المادة 157 من المشروع الفرنسي الإيطالي) وتسري هذه القاعدة أيضاً على التضامن الإيجابي، فيما يتعلق بالإعذار، والإقرار، والحكم في الخصومات، أما أسباب وقف سريان التقادم فتعتبر ذاتية خاصة بكل من الدائنين وفقاًَ لطبيعتها.

والظاهر أن التقنين المصري ( المادة 108 فقرة 2/163 ) قد أخذ بفكرة النيابة التبادلية، ولو أنه قصرها في الأصل على الوفاء، فقد نصت المادة 110 /166 على أن «مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه يسريان على باقي المدينين»، وفي هذا تطبيق لتلك الفكرة ورغم أن التزام سائر المدينين يزداد عبؤه من وجه، في منطق هذا التطبيق، إلا أن هذه الزيادة لا ترجع إلى فعل أحد المدينين المتضامنين - وهو ما لا يجوز وفقاً لأحكام المادة 111 / 167 - وإنما ترجع إلى فعل الدائن و حده .

2 - وقد يقع أن ينقضي الدين بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين بالتقادم، دون أن يكون هذا التقادم قد اكتمل سببه بالنسبة للباقين، وفي هذه الحالة يظل التزام هؤلاء بالدين قائماً، ولا يفيدون من ذلك بوجه من الوجوه ولكن إذا قام أحدهم بالوفاء بكل الدين، فله حق الرجوع على الباقين، حتى من انتقضي التزامه منهم بالتقادم، لأن رجوعه هذا يؤسس على دعواه الشخصية، لا على دعوى الحلول ويتضح من ذلك أن من ينقضي الدين بالنسبة له بسبب التقادم من المدينين المتضامنين لا تبرأ ذمته نهائياً، إذ التقادم لا يعصمه من رجوع المدين المتضامن معه، وإن كان يعصمه على وجه التحقيق من رجوع الدائن.

وقد عولج التقادم في الفرض السابق، بوصفه سبباً من أسباب الانقضاء، بفيد منه ذو الشأن من المدينين وحده بيدأن من الميسور تصوير هذا الفرض في وضع آخر وتطبيق قاعدة أعمال النيابة التبادلية كلما كان في ذلك نفع للمدينين المتضامنين، وفي هذا الوضع ينقلب الحكم إلى نقيض ما تقدم، وتكون منفعة التقادم، الذي يستتبع انقضاء الدين بالنسبة لمدين من المدينين المتضامنين، غير قاصرة على هذا المدين وحده، بل عامة تنصرف إلى الباقين فلو أخذ بمثل هذا الحكم لترتب على ذلك أن الدائن لا يقنع بقطع مدة التقادم بالنسبة لواحد من المدينين فحسب، وإلا لما أمن سقوط الدين، حتى بالنسبة لمن اتخذ الاجراء القاطع في مواجهته، إذا انقضى هذا الدين بالنسبة لمدين آخر لم تنقطع تلك المدة بالنسبة له، ولذلك يتعين على الدائن، لو تغير وجه الحكم على هذا النحو، أن يقوم بقطع مدة التقادم بالنسبة لجميع المدينين المتضامنين، حتى يأمن كل احتمال، وقد يكون مثل هذا الحل غير بعيد عن التوفيق إن أريد التوسع في تطبيق قاعدة إعمال فكرة النيابة التبادلية حيث يفيد منها المدينون المتضامنون.

 

الأحكام

1- مطالبة المضرور للمتبوع بالتعويض مطالبة قضائية وإن كانت تقطع التقادم بالنسبة للمتبوع إلا أنها لا تقطعه بالنسبة للتابع وذلك أخذا بما نصت عليه المادة 292 من القانون المدنى من أنه إذا انقطعت مدة التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقى المدينين ، وإذ كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين لا يترتب عليه أثر بالنسبة لباقى المتضامنين ، فمن باب أولى لا يكون لقطع التقادم بالنسبة للكفيل ولو كان متضامنا مع المدين الأصلى أثر بالنسبة إلى هذا المدين .

(الطعن رقم 916 لسنة 64 جلسة 2003/03/18 س 54 ع 1 ص 499 ق 87)

2- مؤدى الفقرة الثانية من المادة 385 من القانون المدني والفقرة الثانية من المادة 292 من ذات القانون، أنه إذا انتهى السبب الذي قطع التقادم السابق بحكم حائز قوة الأمر المقضي فإن مدة التقادم الجديد تكون - أياً كانت مدة التقادم السابق - خمس عشرة سنة من تاريخ صدور ذلك الحكم، وإذا قطع الدائن التقادم بالنسبة إلى أحد المدنيين فإن التقادم لا ينقطع بالنسبة إلى باقي المدنيين، وإذ كان ذلك، وكان الحكم لا يحوز حجية الأمر المقضي فيه على غير الخصوم فى الدعوى التي صدر فيها وكان الإستئناف رقم.... مقاماً من المطعون ضدهما على الطاعن الأخير دون باقي الطاعنين فإن الحكم فى هذا الإستئناف لا يكون له حجية قبلهم ولا ينقطع التقادم بالنسبة إليهم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 711 لسنة 45 جلسة 1978/03/07 س 29 ع 1 ص 700 ق 137)

3- إن المادة 1/387 من القانون المدنى إذ نصت على أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أوطلب دائنيه أوأى شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين ،، فقد أفادت بذلك أن إبداء الدفع بالتقادم المسقط قاصرعلى من له مصلحة فيه . ولا ينتج هذا الدفع أثره إلا فى حق من تمسك به . وأنه وإن جاز للمدين المتضامن طبقا للمادة 292 من القانون المدنى أن يدفع بتقادم الدين بالنسبة إلى مدين متضامن آخر بقدر حصة هذا المدين إلا أنه إذا أبدى أحد المدينين المتضامنين هذا الدفع فإن أثره لا يتعدى إلى غيره من المدينين المتضامنين الذين لم يتمسكوا به .

(الطعن رقم 149 لسنة 30 جلسة 1968/04/02 س 19 ع 2 ص 689 ق 101)

4- الحكم الذى يصدر على الكفيل المتضامن لا يعتبر حجة على المدين إذا لم يكن مختصماً فى الدعوى وذلك سواء فى القانون المدنى الملغى أو فى القانون القائم فقد إستقر قضاء محكمة النقض فى ظل القانون الملغى على أن حكم المادة 110 منه الذى يقضى بأن مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين بسريانه على باقى المدينين ، هذا الحكم لا يسرى إلا فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم وبعض ولا يجوز أن يسوى فى حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن والمدين المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً بل يبقى إلتزامه تبعياً . أما القانون القائم فقد نص فى المادة 296 منه على أنه إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ومقتضى ذلك أنه فيما بين المدينين المتضامنين أنفسهم لا يعتبر الحكم الصادر ضد أحدهم حجة على باقيهم و من باب أولى لا يكون الحكم الصادر على الكفيل المتضامن حجة على المدين .

(الطعن رقم 64 لسنة 33 جلسة 1968/02/22 س 19 ع 1 ص 327 ق 51)


5- النيابة المتبادلة التى إفترضها القانون بين المدينين المتضامنين تقوم فى أحوالها الوارده بالتقنين المدنى الحالى على أن كل مدين يمثل سائر المدينين المتضامنين فيما ينفعهم لا فيما يضرهم . وإنه وإن كان التقنين المدنى السابق يتضمن قيام هذه النيابة فيما ينفع وفيما يضر إلا ما يزيد من عبء الإلتزام إعتبار بأن ما يتخذ فى سبيل المحافظة على الإلتزام وإستبقائه هو من نتائجه الطبيعية التى تسرى فى حقهم ولو كانت ضارة بهم كما هو الشأن فى قطع التقادم ، إلا أن هذه النيابة المتبادلة على إختلاف سعتها فى القانونين لا تمتد حدودها فى كل منهما إلى ما يعتبر زيادة فى عبء الإلتزام على بعض المدنين المتضامنين بفعل الآخرين منهم ، كما ان المادة 207 من القانون المدنى القديم إذ تنص على أن " ترك أحد المدينين حقه فى التمسك بمضى المدة لا يضر بالباقين " فإن مؤدى هذا النص أن إقرار أحد المدينين المتضامنين بالدين بعد أن إكتملت مدة سقوطه لا يسرى فى حق الباقين .

(الطعن رقم 168 لسنة 32 جلسة 1966/11/22 س 17 ع 4 ص 1705 ق 242)

6- مؤدى قاعدة " أن لا تركة إلا بعد سداد الدين " أن تركة المدين تنشغل بمجرد الوفاة بحق عينى لدائنى المتوفى يخول لهم تتبعها و إستيفاء ديونهم منها تحت يد أى وارث أو من يكون الوارث قد تصرف إليهم ما دام أن الدين قائم دون أن يكون لهذا الوارث حق الدفع بإنقسام الدين على الورثة . أما إذا كان الدين قد إنقضى بالنسبة لأحد الورثة بالتقادم فإن لهذا الوارث - إذا ما طالبه الدائن قضائياً - أن يدفع بإنقضاء الدين بالنسبة إليه . كما لا تمنع المطالبة بالدين من تركة المدين المورث من سريان التقادم بالنسبة إلى بعض ورثة المدين دون البعض الآخر الذين إنقطع التقادم بالنسبة إليهم متى كان محل اللإلتزام بطبيعته قابلاً للإنقسام .

(الطعن رقم 495 لسنة 26 جلسة 1962/06/07 س 13 ع 2 ص 774 ق 116)

7- إن ما ورد بالمادة 110 من القانون المدنى " القديم " من أن " مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية ، وإقامة الدعوى بالدين يسريان على باقى المدينين " هو إستثناء من الأصل الذى من مقتضاه أن إنقطاع التقادم المترتب على المطالبة الرسمية بالدين لا يتعدى أثره من وجه إليه الطلب ، ومن ثم وجب أن يلتزم فى تفسيرها ما ورد به صريح نصها ، وأن تحصر آثار النيابة المتبادله المفترضه قانوناً بين المدينين المتضامنين فى حدود إلتزامهم الأصلى كمقتضى النص ، فلا يجوز أن يسوى فى حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن و المدين المتضامن ، لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مدينا أصليا ، بل يبقى إلتزامه تبعيا و إن كان لا يجوز له التمسك بإلزام الدائن بمطالبة المدين بالوفاء أوالتنفيذ على أمواله أولا وينبنى على كون إلتزام الكفيل تابعا لإلتزام المدين أنه ينقضى حتما بإنقضائه ، ولو كان التقادم قد إنقطع بالنسبه للكفيل ، ولا فرق فى هذا الحكم بين الكفيل المتضامن والكفيل غير المتضامن . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بالدين أسس قضاءه على أن الدين المطالب حق وفاؤه فى 30 من سبتمبر سنة 1930 ، وإن الدعوى رفعت على الضامن المتضامن فى 10 من أكتوبر سنة 1944 أى قبل سقوط حق المطعون عليها الأولى فى المطالبة به ، وعلى أن رفع الدعوى على الضامن المتضامن يقطع مده التقادم بالنسبه له و للمدينين على السواء ، لأن مطالبته بالدين تعتبر مطالبة لهم يترتب عليها أثرها فتقطع المدة بالنسبه إليهم جميعا عملاً بالمادة 110 مدنى " قديم " . فإن ما قرره هذا الحكم يكون خطأ فى تطبيق القانون يستوجب نقضه فى هذا الخصوص

(الطعن رقم 143 لسنة 20 جلسة 1952/04/24 س 3 ع 3 ص 969 ق 143)

شرح خبراء القانون

ويمكن أن نتصور انقضاء الدين بالتقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين دون الآخرين في فروض مختلفة، من ذلك أن يكون الدائن قد قطع التقادم بالنسبة إلى المدينين المتضامنين ما عدا واحداً منهم أغفل أن يقطع التقادم بالنسبة إليه، وسنرى أن قطع التقادم بالنسبة إلى بعض المدينين المتضامنين لا يعتبر قطعاً للتقادم بالنسبة إلى الآخرين فيستمر التقادم في سريانه بالنسبة إلى هذا المدين، وقد يكتمل دون أن يكتمل التقادم الذي انقطع بالنسبة إلى المدينين الآخرين ومن ذلك أيضاً أن يكون أحد المدينين المتضامنين دينه مؤجل، والثاني دينه معلق على شرط، والثالث منجز، فلا يسرى التقادم بالنسبة إلى الأولين إلا بعد حلول الأجل وإلا بعد تحقق الشرط، ويسرى التقادم فوراً بالنسبة إلى الثالث فيكتمل في وقت لم يكتمل فيه بالنسبة إلى الأولين.

فإذا وقع ذلك، وانقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين دون أن ينقضي بالنسبة إلى الآخرين، فإن الدائن لا يستطيع أن يطالب من انقضى دينه بالتقادم بشيء بعد انقضاء دينه ولكن يستطيع مطالبة أياً من المدينين الآخرين الذين لم ينقضي دينهم بالدين بعد أن يستنزل منه حصة المدين الذي انقضى دينه بالتقادم  ففي المثل السابق – الدين ثلثمائة والمدينون المتضامنون ثلاثة حصصهم متساوية – إذا انقضى دين الأول بالتقادم، فإن الدائن يرجع على أي من المدينين الآخرين بمائتين، ومن دفع منهما المائتين يرجع على الآخر بمائة وهي حصته في الدين.

فإذا كان من دفع المائتين عند رجوعه على الآخر بالمائة وجده معسراً، فإنه يرجع على المدين الذي انقضي دينه بالتقادم بنصيبه في حصة المدين المعسر، أي يرجع عليه بخمسين، ويتحمل هو في النهاية مائة وخمسين هي حصته في الدين أضيف إليها نصيبه هو في حصة المدين المعسر ولا يعترض على هذا  الحكم بأن المدين الذي انقضى دينه بالتقادم لا يجوز الرجوع عليه بشيء بعد أن انقضى دينه، ذلك لأن المدين الذي دفع المائتين لا يرجع عليه بالدين القديم الذي انقضى بالتقادم. وأنما يرجع عليه بدعوى الوكالة أو الفضالة وهذه الدعوى لا يبدأ سريان التقادم بالنسبة إليها إلا من وقت دفع المائتين ونري من ذلك أن المدين الذي انقضى دينه بالتقادم، إذا هو أمن مطالبة الدائن له، فإنه لا يأمن رجوع مدين آخر يطالبه بنصيبه في حصة مدين معسر، ولا يستطيع أن يتخلص من هذه المطالبة بالرغم من تقادم دينه الأصلي .

انقطاع التقادم أو وقفه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين :

تنص الفقرة الثانية من المادة 292 من التقنين المدنى على ما يأتي :

وإذا انقطعت مدة التقادم أو وقف سريانه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين، فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقى المدينين .

قد يقطع الدائن التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتقاضية بأن يطالبه بالدين مطالبة قضائية أو يرسل إليه تنبيهاً ( Commandement ) أو يوقع عليه حجراً أو يحصل منه على إقرار بالدين أو يقوم بأى عمل آخر من الأعمال التى تقطع التقادم ( م 383 - 384 مدنى ) . ولما كان هذا المدين لا يمثل باقى المدينين ولا ينوب عنهم فى الأعمال التى تضر بهم، وكان قطع التقادم ضاراً بهم إذ إن من مصلحتهم أن يستمر التقادم فى سريانه ولا ينقطع، فإن التقادم فى هذه الحالة لا ينقطع إلا بالنسبة إلى المدين الذى قطع الدائن التقادم معه وحده، ويستمر التقادم سارياً بالنسبة إلى الباقى حتى يكتمل ومن ثم جاز أن يكتمل التقادم فى حق بعض المدينين المتضامنين دون أن يكتمل فى حق بعض آخر، كما رأينا فيما تقدم ومن أجل ذلك أيضاً إذا أراد الدائن أن يقطع التقادم فى حق جميع المدينين المتضامنين، وجب عليه أن يتخذ إجراء قطع التقادم بالنسبة إلى كل منهم حتى ينقطع التقادم فى حق الجميع . وقد قدمنا مثل ذلك فى التضامن الإيجابى ولكن بنتيجة عكسية، فإذا قطع أحد الدائنين المتضامنين التقادم فى حق المدين، أفاد هذا العمل باقى الدائنين وانقطع التقادم لمصلحة الجميع.

وقد يقف التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين دون الباقى ويتحقق ذلك مثلاً بأن تكون زوجة دائنة لزوجها ومعه مدينون آخرون متضامنون فى نفس الدين، أو بأن يكون قاصر دائناً لوصيه ومع الوصى مدينون آخرون متضامنون ففى هذه الحالة يقف التقادم بين الزوجة وزوجها لقيام المانع الأدبى ( م 382 / 1 مدنى )، وبين القاصر ووصيه لقيام علاقة الأصيل بالنائب ( م 382 / 1 مدنى ) . ولما كان وقف التقادم ضاراً المدينين المتضامنين الآخرين، فإن المدين الذى وقف التقادم فى حقه لا يكون ممثلاً للباقين فيما يضرهم، ومن ثم لا يقف التقادم فى حق المدينين المتضامنين الآخرين وإن وقف فى حق الزوج وفى حق الوصى هذا إلى أن أسباب وقف التقادم متصلة بشخص طرفي الالتزام، فيقتصر أثرها عليهما . فلابد إذن من أن يقوم سبب وقف التقادم فى حق كل مدين متضامن على حدة، حتى يقف فى حق الجميع ومن هنا جاز أيضاً أن يكتمل التقادم بالنسبة إلى بعض المدينين المتضامنين، دون أن يكتمل بالنسبة إلى بعض آخر، بأن يكون موقوفاً بالنسبة إلى هذا البعض وحده إما فى التضامن الإيجابى، فقد رأينا أنه إذا قام بأحد الدائنين المتضامنين سبب لوقف التقادم، فأن التقادم يقف بالنسبة إليه وحده دون سائر الدائنين المتضامنين، وإن كان وقف التقادم يفيدهم وكان ينبغى وفقاً للمبدأ العام أن يتعدى أثره إليهم، ولكن لما كانت أسباب وقف التقادم متصلة بشخص طرفي الالتزام، فإن الأثر يقتصر على من قام بشخصه سبب الوقف .

هذا وقد يقع أن يتمسك بعض المدينين المتضامنين بالتقادم دون بعض آخر، فى غير صورتى انقطاع التقادم ووقفه إذ يجوز أن يكتمل التقادم بالنسبة إلى جميع المدينين المتضامنين، ويستطيع كل منهم أن يدفع بسقوط الدين بالتقادم، ولكن لما كان لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يدفع به المدين ( م 387 مدنى )، فقد يترك بعض المدينين المتضامنين هذا الدفع فلا يسقط الدين بالتقادم بالنسبة إليهم وفى هذه الحالة يكون ترك الدفع بالتقادم من بعض المدينين ضاراً بالباقى، فلا يسرى فى حقهم، ويجوز أن يدفعواهم بالتقادم بالرغم من ترك الآخرين لهذا الدفع . وقد كان فى التقنين المدنى السابق نص صريح فى هذا المعنى، وهو يقضى بأنه " إذا ترك أحد المدينين المتضامنين أو المدين الأصلى حقه فى التمسك بمضى المدة الموجبة لتخلصه من الدين، فلا يضر ذلك باقي المدينين المتضامنين وبالكفيل الذين تخلصوا من التزامهم بمضى المدة " ( 207 / 227 مدني قديم ) . ولكن لما كان هذا الحكم ليس إلا تطبيقاً للمبدأ العام السالف الذكر، فإنه واجب التطبيق دون نص فى عهد التقنين المدنى الجديد .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث، المجلد/ الأول، الصفحة/370)

يؤدي التضامن إلى وجود روابط متعددة بين الدائن والمدينين، فقد يكون الالتزام بالنسبة للمدين منجزاً، بينما يكون بالنسبة للمدين آخر معلقاً على شرط وبالنسبة لغيرهما مضافاً إلى أجل ولما كانت النيابة التبادلية لم يؤخذ بها في التضامن إلا بالنسبة لما ينفع المتضامنون دون ما يضر بهم، وكان التقادم لا يسري إلا بالنسبة للإلتزام المنجز، وأنه لا يسرى بالنسبة للالتزام المعلق على شرط أو المضاف إلى أجل إلا من وقت تحقق الشرط أو حلول الأجل.

فإن مفاد ذلك، أن التزام أحد المدينين المتضامنين قد ينقضي بالتقادم بينما يظل التزام غيره قائماً، وفي هذه الحالة إذا رجع الدائن على المدين الذي انقضى إلتزامه بالتقادم، سواء كان ذلك بكل الدين أو بحصته فيه، كان لهذا المدين أن يدفع بالتقادم وحينئذ ترفض الدعوى، أما إن لم يتمسك بهذا الدفع، فليس للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ومن ثم تلتزم بأن تقضى للدائن بطلباته، فإن نفذ المدين الحكم فإنه يكون قد وفى بالتزام طبیعی مما يحول دونه والرجوع فيه، ولكن له أن يستأنف الحكم ويتمسك بالتقادم أمام الاستئناف (م 387) وكذلك الحال إذا ما رجع الدائن على مدين غير الذي انقضى التزامه، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن يقضي بانقضاء الدين إلا بقدر حصة المدين الذي انقضى التزامه، ويكون لمن وفي الرجوع على باقي المدينين كل بقدر حصته في الدين عدا من انقضى التزامه، سواء تمسك بانقضاء دين الأخير أر لم يتمسك به فدفع الدين كاملاً وإنغلق ميعاد الاستئناف إذ تنص المادة 326 من القانون المدني على أنه إذا قام بالوفاء شخص ملزم بالدين مع المدين حل الموفي محل الدائن في الرجوع على المدين الآخر، ووفقاً لأحكام الحلول يكون للمدين أن يتمسك بالدفوع التي كان يمكنه التمسك بها قبل الدائن ومن ثم يجوز له أن يتمسك بتقادم التزامه في مواجهة الدائن وأيضاً في مواجهة المدين الذي قام بالوفاء، فإن لم يتمسك بذلك تعين القضاء بإلزامه بحصته من الدين في حالة رجوع المدين الموفي عليه بها، فإن وفاها لم يكن له الرجوع في هذا الوفاء.

وإذا رجع المدين الموفي على باقي المدينين، عدا من إنقضى دينه، فوجد أحدهم معسراً، جاز له أن يقسم حصة المعسر على باقي المدينين ومن بينهم المدين الذي انقضي دينه وذلك إذا رجع عليه بالدعوى الشخصية وهي دعوى الوكالة إذا كان الاتفاق هو مصدر التضامن، أو دعوى الفضالة إذا كان القانون هو مصدر التضامن إذ تسقط هذه الدعوى بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت الدفع، أما إن رجع عليه بدعوى الحلول سرت الأحكام الخاصة بالحلول على نحو ما تقدم أنظر م 329.

وما يقرره القانون المدني الحالي فيما يتعلق بنطاق النيابة بين المدينين المتضامنين وأن هذه النيابة تنحصر فيما ينفعهم وليس فيما يضرهم، فالإجراء الذي يتخذه أحد هؤلاء ويكون نافعاً للباقين، فإن نفعه يمتد إلى باقيهم، أما ما يضرهم فلا يمتد إلى الباقيين وإنما ينحصر أثره في المدين الذي صدر منه، فالإقرار الصادر من أحد المدينين المتضامنين، يقطع تقادم الدين بالنسبة له فقط ولا يتعدى أثره الى باقي المدينين باعتبار هذا الإقرار ضاراً بهم عملاً بالمادة 295 من القانون المدنى.

وعلى خلاف ذلك، كانت النيابة المتبادلة في ظل القانون المدني السابق تقوم على أن كل مدين متضامن يمثل باقي المدينين المتضامنين فيما ينفع وأيضاً فيما يضر، وهو نهج يذه القانون المدني الحالي على نحو ما تقدم، ومن ثم فإن المدنيين المتضامنين يستفيدون من الإجراء الذي يتخذه أحدهم إن كان يترتب عليه نفع لهم، ولا يمتد أمره إليهم إن كان يرتب لهم ضرراً.

ويسرى ذلك أيضاً بالنسبة للكفلاء المتضامنين فيما بينهم، وكان القانون المدني السابق يقيم نيابة تبادلية فيما بينهم على نحو ما كان يقرره بالنسبة المدينين المتضامنين، ولم ينهج القانون الحالى هذا النهج سواء في النصوص المتعلقة بالتضامن أو بكفالة.

قطع التقادم ووقفه في الالتزام التضامنى :

يترتب على تحقق النيابة التبادلية في التضامن بالنسبة لما ينفع دون ما يضر، أن الدائن إذ قطع التقادم بالنسبة لأحد المدينين بإجراء مما نصت عليه المادتان 383 و 384 فإن ذلك يقتصر على الرابطة التي بين الدائن والمدين الذي اتخذ الإجراء في حقه، ومن ثم لا تتعداه إلى غيره فيظل التقادم سارياً لمصلحة هذا الغیر إلی أن يقطعه الدائن، ويسرى ذلك أيضاً بالنسبة لوقف التقادم، فإذا وقف القادم بالنسبة لأحد المديين م 382، فإنه لا يقف بالنسبة للمدينتين الأخرين ما لم ينهض سبب لوقفه، وإذا أقر أحد المدينين المتضامنين انقطع التقادم بالنسبة له وحده دون الباقين.

ولما كان التزام الكفيل، سواء كان متضامناً أو غير متضامن، هو التزام تابع لالتزام الأخير يؤدى إلى انقضاء التزام الكفيل حتماً حتى لو كان التقادم قد تقطع بالنسبة للكفيل فهو ليس مديناً أصيلاً .أما فيما بين الكفلاء المتضامنين، فتسرى الأحكام المتقدمة المتعلقة بالمدينين المتضامنين فإن قطع التقادم بالنسبة لأحدهم لا يؤدي إلى قطعه بالنسبة للباقين وإذا انقضى الالتزام بالنسبة لجميع المدينين المتضامنين، وتمسك بعضهم بالتقادم ولم يتمسك الباقون، فإن قام الأخيرون بالوفاء، سقط حقهم في الرجوع على من تمسكوا بالدفع لأن رجوعهم لا يكون على أساس الالتزام الأصلي إنما على أساس التزام طبیعی مما لا يجوز تنفيذه جبراً على باقي المدينين. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس، الصفحة/ 50)

إذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين، فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين إلا بقدر حصة هذا المدين.

فمن المتصور انقضاء الدين بالتقادم بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين دون الآخرين وفي فروض مختلفة ومثل ذلك أن يكون التزام أحد المدينين منجزاً والتزام الآخر مؤجلاً، إذا القاعدة أن التقادم لا يسرى إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء، فلا يسرى بالنسبة للالتزام المؤجل إلا من وقت انتهاء الأجل، فيتصور بناء على ذلك أن تكتمل مدة التقادم المسقط بالنسبة للمدين بالدين المنجز قبل اكتمالها بالنسبة للمدين الذي كان ديناً مؤجلاً.

ومن ذلك أيضاً أن يكون الدائن قد قطع التقادم بالنسبة للمدينين المتضامنين ما عدا واحداً منهم أغفل أن يقطع التقادم بالنسبة إليه، لأن قطع التقادم بالنسبة البعض المدينين المتضامنين لا يعتبر قطعاً للتقادم بالنسبة إلى الآخرين، فيستمر التقادم في سريانه بالنسبة إلى هذا المدين، وقد يكتمل دون أن يكتمل التقادم الذي انقطع بالنسبة إلى المدينين الآخرين في مثل هذه الحالات يجوز للمدين الذي اكتملت له مدة التقادم أن يتمسك به فينقضي الدين كله بالنسبة إليه أما المدينون الآخرون فلا يستفيدون من ذلك التقادم إلا بقدر حصة هذا المدين فيجوز لهم أن يتمسكوا بالتقادم في حدود هذه الحصة، ويظل التزامهم قائماً في القدر الباقی، وذلك سواء كان المدين الذي اكتملت مدة التقادم بالنسبة إليه قد سبق أن تمسك  بالتقادم أو لم يكن قد سبق له ذلك بأن كان الدائن قد بدأ بمطالبة أحد المدينين الآخرين، إذ يجوز لهؤلاء التمسك بالتقادم.

إذا انقطعت مدة التقادم أو وقف سريانه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين، فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقي المدينين.

فالمشرع يطبق هنا مبدأ أن النيابة التبادلية بين المدينين المتضامنين فيما ينفعهم لا فيما يضرهم. فلا يعتبر المدين نائباً عن باقي المدينين إذا قطع التقادم بالنسبة له أو وقف لأن هذا أو ذاك ضار لبقية المدينين. فإذا طالب الدائن مطالبة قضائية أحد المدينين بحقه أو أوقع عليه حجزاً فإن انقطاع التقادم بالمطالبة القضائية أو بالحجز يقتصر على المدين الذي طولب قضائياً أو أوقع الحجز على ماله، ويستمر التقادم في سريانه لمصلحة الباقين ويجب على الدائن إذا أراد أن يقطع التقادم معهم جميعاً، أن يتخذ إجراء قاطعاً له بالنسبة إلى كل منهم.

وإذا وقف التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين لكون هذا المدين زوجاً للدائن أو خاضعاً لوصايته، فإنه لا يقف بالنسبة لغيره من المدينين، لأن الزوج أو القاصر لا يعتبر نائباً عنهم في وقف التقادم الذي يضر بهم، فضلاً عن أن أسباب الوقف شخصية وتقتصر من ثم على من تقوم به .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الرابع، الصفحة/ 145)

التقادم - واذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة الى أحد المدينين المتضامنين، فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين إلا بقدر حصة هذا الدين ( المادة 292 فقرة أولى )، وإذا انقطعت مدة التقادم أو وقف سريانه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين، فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقي المدينين ( المادة 292 فقرة ثانية ) .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس، الصفحة/ 586)

 

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 ( مادة ۲۸۰)

ا- اذا امتنع سماع الدعوى بسبب التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين الا بقدر حصة هذا المدين.

۲ - واذا انقطعت المدة المقررة لعدم سماع الدعوى أو وقف سريانها بالنسبة الى أحد المدينين المتضامنين ، فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقي المدينين .

هده المادة تطابق المادة ۲۹۲ من التقنين الحالي ، مع تعديل لفظي اقتضاه استعمال تعبير "عدم سماع الدعوى بسبب التقادم" .