مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 93
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- يتضمن هذا النص آخر تطبيق من تطبيقات القاعدة العامة في إعمال فكرة النيابة، فيما يتعلق بحجية الشيء المقضي به فإذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين، فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم فيفيد منه الباقون، ما لم يكن هذا الحكم مبنياً على سبب خاص بالمدين الذي صدر لصالحه.
ويراعى أن الحكم الصادر لصالح أحد المدينين المتضامنين يزول أثره بالنسبة لباقي المدينين، إذا قضت بإلغائه هيئة قضائية مختصة، ولكن إذا اختصم الدائن جميع المدينين في الدعوى وصدر حكم لصالحهم، ثم قضى بإلغاء هذا الحكم بالنسبة لأحدهم فيما بعد، فلا يضار الباقون بذلك، أما إذا صدر الحكم عليهم، فلا يترتب على إعلانه لأحدهم سريان مواعيد المعارضة والاستئناف والنقض بالنسبة للباقين.
2 - وتسرى القاعدة نفسها أيضاً على التضامن الإيجابي، فإذا حكم لصالح أحد الدائنين المتضامنين على المدين، أفاد من هذا الحكم باقي المدينين، أما إذا قضى لصالح المدين فلا يضار الباقون بهذا الحكم. وإذا ألغى الحكم الصادر لصالح أحد الدائنين، زال أثره بالنسبة لباقي الدائنين ولكن إذا كان جميع الدائنين قد اختصموا في الدعوى ثم قضى بإلغاء الحكم بالنسبة لأحدهم، فلا يضار بذلك الباقون ولا يترتب على إعلان الحكم لأحدهم سريان المواعيد المقررة للطعن في الأحكام بالنسبة للباقين.
1- إذ كان التزام المطعون عليه مع الطاعن قبل - باقى - المطعون عليهم هو التزام بالتضامن ، فإن نقض الحكم لصالح الطاعن يستتبع نقضه بالنسبة للمطعون عليه المذكور - و لو لم يطعن فيه .
(الطعن رقم 47 لسنة 55 جلسة 1985/12/04 س 36 ع 2 ص 1076 ق 221)
2- مفاد نص المادة 296 من القانون المدنى ان التضامن وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض لا ينال من استقلال كل من المتضامنين عن الأخر فى الخصومة وفى الطعن فى الحكم الصادر فيها ولا مجال فى هذا الوضع للقول بنيابة المسئولين بالتزام تضامنى عن بعضهم البعض فى إجراءات الخصومة واعتبار الاستئناف المرفوع من أحدهم بمثابة استئناف مرفوع من الأخر .
(الطعن رقم 802 لسنة 50 جلسة 1983/12/08 س 34 ع 2 ص 1779 ق 347)
3- مناط حجية الحكم الصادر فى إحدى الدعاوى ، فى دعوى تالية سواء كان الحكم السابق صادراً فى ذات الموضوع أوفى مسألة كلية شاملة ، أوفى مسألة أساسية واحدة ، فى الدعويين أن يكون الحكم السابق صادراً بين ذات الخصوم فى الدعوى التالية مع إتحاد الموضوع والسبب فى الدعويين ، فلا تقوم متى كان الخصمان فى الدعوى الأولى قد تغير أحدهما فى الدعوى التالية حتى و لو كان الحكم السابق صادراً فى موضوع غير قابل للتجزئة ، إذ لا يستفيد الخصم منه أويضار به إلا إذا تدخل - أو أدخل - فى الدعوى وأصبح بذلك طرفاً فى هذا الحكم .
(الطعن رقم 713 لسنة 45 جلسة 1980/01/15 س 31 ع 1 ص 162 ق 36)
4- الحكم الذى يصدر على الكفيل المتضامن لا يعتبر حجة على المدين إذا لم يكن مختصماً فى الدعوى وذلك سواء فى القانون المدنى الملغى أو فى القانون القائم فقد إستقر قضاء محكمة النقض فى ظل القانون الملغى على أن حكم المادة 110 منه الذى يقضى بأن مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين بسريانه على باقى المدينين ، هذا الحكم لا يسرى إلا فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم وبعض ولا يجوز أن يسوى فى حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن والمدين المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً بل يبقى إلتزامه تبعياً . أما القانون القائم فقد نص فى المادة 296 منه على أنه إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ومقتضى ذلك أنه فيما بين المدينين المتضامنين أنفسهم لا يعتبر الحكم الصادر ضد أحدهم حجة على باقيهم ومن باب أولى لا يكون الحكم الصادر على الكفيل المتضامن حجة على المدين .
(الطعن رقم 64 لسنة 33 جلسة 1968/02/22 س 19 ع 1 ص 327 ق 51)
5- إذ كان سند الطاعن المستأجر فيما يدعيه من حقه فى إستلام الشقة محل النزاع هو الحكم الصادر فى الدعوى المقامة منه ضد زوج المطعون عليها الأولى أحد مالكى العقار مما مؤداء وقوع الإلتزام بالتسليم على عاتقى هذا المحكوم عليه وحده وكانت المطعون عليها الأولى المالكة الأخرى للعقارغير مختصمة فى تلك الدعوى فإن فى هذا بذاته وأياً ما كانت المحكمة التى أصدرت الحكم - ما يكفى لعدم جواز الإحتجاج على تلك المطعون عليها به مما لا تعتبر معه مدينة فى هذا الإلتزام ولما كان ذلك ، فإنه لا يكون فى واقعة الدعوى تعدد فى المدينين بتسلم الشقة محل النزاع مما لا يدع مجالاً للتحدى بعد قابلية هذا الالتزام للانقسام .
(الطعن رقم 1278 لسنة 48 جلسة 1979/03/17 س 30 ع 1 ص 839 ق 154)
6- لما كان الثابت فى الأوراق أن الطاعن لم يسبق له الدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان تضامنه مع المدين فى الوفاء بالدين المطالب به ، فإنه لا يجوز له إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 56 لسنة 39 جلسة 1974/06/16 س 25 ع 1 ص 1082 ق 179)
تنص المادة 296 من التقنين المدنى على ما يأتي :
1 - "إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين، فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين".
2 - أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم، فيستفيد منه الباقون، إلا إذا كان الحكم مبنياً على سبب خاص بالمدين الذي صدر الحكم لصالحه".
وأخيراً يورد، هنا، التقنين المدنى تطبيقاً للمبدأ العام السالف الذكر فى حالة صدور حكم على أحد المدينين المتضامنين أو صالحه.
فإذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين وحده، دون أن يكون باقى المدينين المتضامنين داخلين فى الدعوى، فإن هذا أمر ضار بهم، فلا يسرى الحكم فى حقهم ولا يحتج عليهم به ويجب على الدائن إما أن يدخل باقى المدينين المتضامنين فى الدعوى ليصدر الحكم فى مواجهتهم، أو أن يرفع عليهم دعوى أو دعاوى أخرى ليكون الحكم سارياً فى حق من رفع عليه الدعوى. وهذا هو أيضاً حكم التضامن الإيجابى، فقد رأينا أنه إذا صدر حكم على أحد الدائنين المتضامنين لم يكن هذا الحكم سارياً فى حق الدائنين الآخرين، ويلاحظ أنه إذا جمع الدائن كل المدينين المتضامنين فى الدعوى، وصدر حكم ضدهم، فأن الطعن فى هذا الحكم من أحد المدينين المتضامنين يفيد الباقى وإذا صدر فى الطعن حكم ضد المدين الذي رفع الطعن، لم يضار الباقون به، وكان لكل منهم حق الطعن فى الحكم الأول إذا كان طريق الطعن لا يزال مفتوحاً أمامه .
وإذا صدر حكم لصالح أحد المدينين المتضامنين، دون أن يكون باقى المدينين المتضامنين داخلين فى الدعوى، فإن هذا أمر نافع لهم، فيفيدون منه ويستطيعون أن يحتجوا بهذا الحكم، وهذا ما لم يكن الحكم الذى صدر لمصلحة المدين المتضامن مبنياً على سبب خاص به كأن يكون الدين بالنسبة إليه قد شابه سبب من أسباب البطلان، فعند ذلك يصدر الحكم بإبطال الدين بالنسبة إليه وحده، دون أن يتعدى أثر الحكم إلى المدينين المتضامنين الآخرين ومثل ذلك أيضاً أن يكون دين المدين المتضامن معلقاً على شرط ولم يتحقق الشرط، فالحكم الصادر بزوال الدين لتخلف الشرط لا يتعدى أثره إلى المدينين الآخرين الذين كانت ديونهم منجزة . وهذا هو أيضاً حكم التضامن الإيجابى، فقد رأينا أنه إذا صدر حكم لصالح أحد الدائنين المتضامنين أفاد منه الباقون. ويلاحظ أنه إذا جمع الدائن كل المدينين المتضامنين فى الدعوى، وصدر حكم لصالحهم، فإن الطعن فى هذا الحكم من الدائن بالنسبة إلى أحد منهم لا يضر الباقين وإذا حصل الدائن فى الطعن على حكم لصالحه يغلى الحكم الأول، فإن هذا الحكم لا يسرى فى حق الباقين الذين لم يدخلوا فى هذا الطعن. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث، المجلد/ الأول، الصفحة/393)
الدعوى هي الحق في الالتجاء إلى القضاء، وهي بذلك أمر معنوي ليس له واقع مادي ملموس، وإنما يدل عليها إجراءات الخصومة التي تتمثل في الأعمال الإجرائية التي يطرح بها المدعى ادعاءه على القضاء، فيودع صحيفة افتتاح دعواه قلم کتاب المحكمة، مستوفية البيانات التي تطلبها القانون موقعاً عليها من محام في الحالات التي يتطلب فيها القانون هذا التوقيع، ثم يقوم بإعلانها وإعادة إعلانها لمن لم يعلن لشخصه في الدعاوى الموضوعية، وبهذا الإعلان تنعقد الخصومة بالنسبة لمن لم يحضر من المدعى عليهم، فإن لم يحضر أحد المدعى عليهم ولم يعلن، فإن الخصومة لا تنعقد بينه وبين المدعي ويترتب على ذلك انعدام الخصومة بالنسبة له وبالتالي إنعدام الحكم بالنسبة له أيضاً وتستمر الأعمال الإجرائية، بابداء الدفوع وأوجه الدفاع والطلبات العارضة من المدعى عليهم أو بعضهم، وقد يعترض سير الخصومة عارض بالنسبة لأحد المدعى عليهم بما قد يترتب على ذلك من آثار قد تنال من استمرار سير الخصومة بالنسبة له أو ورثته من بعده بناء على ما يتمسك أو يتمسكون به من دفوع.
فإن كان المدعى عليهم يجمعهم التزام تضامني، فإن هذا التضامن لا ينال من استقلال كل منهم في تلك الإجراءات المعبر عنها بالخصومة، بحيث لو شابها بطلان بالنسبة لأحدهم، ورجع إلى سبب خاص به، كبطلان إعلانه أو عدم انعقاد الخصومة بالنسبة له، أو عدم اكتمال أهليته وعدم اختصامه في مواجهة نائبه، فإن بطلان الخصومة ينحصر فيه وحده دون أن يمتد إلى باقي المدينين المتضامنين.
أما إن رجع البطلان إلى سبب مشترك بين جميع المدينين المتضامنين، فإن البطلان يمتد إلى هؤلاء جميعاً حتى لو تمسك به أحدهم فقط، كما لو كان سبب التزامهم غير مشروع أو أن اکراها وقع عليهم جميعاً أو تدليساً شاب إرادتهم .
ولما كان إيداع صحيفة الدعوى، هو إجراء من إجراءات الخصومة، فإن كل مدين متضامن يستقل عن الآخر فيما يتعلق بالآثار التي يرتبها هذا الإجراء بحيث تنحصر تلك الآثار فيمن وجه إليه الإجراء، ولما كانت المطالبة القضائية المتمثلة في إيداع صحيفة الدعوى، يترتب عليها قطع التقادم، فإن هذا الأثر ينحصر في المدين المتضامن الذي اختصم في هذه الصحيفة، فينقطع التقادم بالنسبة له وحده دون باقي المدينين المتضامنين، ولما كان من حق المدعى أن يدخل في دعواه من كان يجوز له اختصامه عند رفع دعواه، فإن هذا الإدخال يعتبر إجراء من إجراءات الخصومة، وبالتالي تنحصر آثاره فيمن وجه إليه، وتتوافر به المطالبة القضائية، وبالتالي تترتب عليها آثارها من تاريخ إيداع صحيفة الإدخال قلم کتاب المحكمة، ومن هذا التاريخ تحتسب مدة التقادم بالنسبة لمن تم إدخاله فإن كانت مدة التقادم قد اكتملت في هذا الوقت وتمسك بالتقادم، وجب القضاء له بذلك دون إعتداد بتاريخ رفع الدعوى باعتبار أن رفع الدعوى لا يقطع التقادم إلا بالنسبة لمن اختصم فيها ابتداء دون أن يمتد هذا الأثر لمن لم يختصم فيها، لاستقلال كل مدين متضامن عن غيره في إجراءات الخصومة سواء التي يتخذها أو تتخذ ضده.
ومتى قضى بانقضاء الدين بالتقادم بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين، فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين إلا بقدر حصة هذا المدين، وحينئذ يقسم الدين على عدد المدينين، ثم يستبعد من الدين حصة المدين الذي انقضى الدين بالنسبة له ويقضى بباقي الدين على باقي المدينين، وذلك عملاً بالمادة 292 من القانون المدني، وتنحصر هذه القاعدة في الالتزام التضامني الذي يجمع بين المدينين المتضامنين، باعتبار أن كلا منهم مسئول مع الآخرين عن ذات الدين.
ويترتب على ذلك أن القاعدة سالفة البيان لا تسري على المسئولية التضامنية التبعية، وإنما تتقرر تلك المسئولية وفقاً لثبوت أو نفي المسئولية الأصلية، فإذا انتفت المسئولية الأخيرة أو إنقضت، تبعتها المسئولية التبعية، ذلك أن سبب قيام المسئولية التبعية هو قيام المسئولية الأصلية.
ولما كان المتبوع يعتبر كفيلاً متضامناً لتابعه الذي ينسب له ارتكاب عمل غير مشروع، ويكون مسئولاً عنه وليس مسئولاً معه، فإن التزامه التضامني يكون معلق على ثبوت أو نفي التزام التابع، بحيث إذا انقضى التزام التابع لأي سبب من أسباب الانقضاء، انقضى تبعاً لذلك التزام المتبوع ككفیل متضامن وليس كمدين متضامن، ومفاد ذلك، أن الدين كله ينقضي بالنسبة للمتبوع طالما انقضى بالنسبة للتابع، فلا يقسم الدين لأن قاعدة التقسيم ينحصرنطاقها في الالتزام القائم بين المدينين المتضامنين ولا تمتد إلى التزام الكفيل المتضامن مع المدين، ومفاد ذلك أيضاً، أنه إذا انقضى بالتقادم التزام الكفيل المتضامن، فلا يمتد ذلك إلى التزام المدين، باعتبار أن الالتزام الأخير التزام أصيل والتزام الكفيل التزام تابع لا يترتب على انقضائه انقضاء الالتزام الأصيل، وإذا رفعت دعوى التعويض على المتبوع وحده قبل اكتمال مدة تقادمها، وجب عليه إدخال التابع خصماً فيها قبل اكتمال تلك المدة، فإن لم يدخله وقضى بالتعويض على المتبوع وكانت مدة التقادم قد اكتملت بالنسبة للتابع، جاز للأخير التمسك بالتقادم في مواجهة المتبوع عند رجوعه عليه، وإذ لا يترتب على قطع التقادم بالنسبة للكفيل المتضامن قطعة بالنسبة للمدين لاستقلال كل منهما في إجراءات الخصومة، فلا يعتبر أحدهما نائباً عن الآخر بصددها، وذلك على نحو ما أوضحناه بالمادة 174 .
وما قررناه بالنسبة لانقضاء التزام أحد المدينين المتضامنين بالتقادم، يسرى أيضاً بالنسبة لكل إجراء يترتب عليه رفض الدعوى أو عدم قبولها أو سقوطها بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين، كاعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها عملاً بالمادة 70 من قانون المرافعات، أو لعدم تجديدها من الشعب عملاً بالمادة 82 من ذات القانون، أو لغير ذلك من أسباب.
للدائن أن يرجع بكل الدين على جميع المدينين المتضامنين أو على بعضهم أو على أحدهم فقط، فقد يختار الدائن أكثر المدينين يساراً ويرجع عليه، وللدائن الحق دائماً في تحديد نطاق دعواه، من حيث الخصوم فيها على نحو ما تقدم، وله عند اختصام جميع المدينين المتضامنين، أن يطلب من المحكمة إثبات ترك الخصومة بالنسبة لبعض هؤلاء المدينين أو يقصرها على واحد فقط، ومتی ترکت الخصومة اعتبرت، کأن لم تكن وزالت آثارها القانونية بمجرد إبداء طلب الترك دون توقف على صدور حكم بإثبات الترك، وبالتالي يزول إنقطاع التقادم الذي ترتب على رفع الدعوى بالنسبة لمن تركت الخصومة بالنسبة له، ويصبح خارج نطاق الخصومة مما يوجب على المحكمة عدم القضاء عليه بشئ وإلا كان حكمها صادراً على شخص لم يختصم وهو ما يفقده أحد أركانه وينحدر به إلى الانعدام.
فإذا إنحصرت في أحد المدينين المتضامنين - أو في بعضهم - فإن الحكم الذي يصدر بإلزامه بالدين - أو بإلزام البعض به بالتضامن - انحصرت حجيته في هذا المدين وحده، إعمالاً لمبدأ نسبية الآثار المترتبة على الأحكام إذ ليس من شأن التضامن بين المدينين، أن توجد نيابة تبادلية فيما بينهم تؤدى إلى تعدية حجية الحكم الصادر ضد أحدهم، باعتبار هذا الحكم يمس حقوق باقي المدينين ويضر بهم، وبالتالي لا يجوز الاحتجاج به على المدينين الذين كانوا خارج نطاق الخصومة التي صدر فيها هذا الحكم. مما لا يجوز معه تنفيذه عليهم.
صدور حكم لصالح أحد المدينين المتضامنين :
أوضحنا بالبند السابق أن للدائن الحق في تحديد نطاق الخصومة، وأنه إذا ترکها بالنسبة لبعض المدينين المتضامنين، فإن الحكم الذي يصدر ضد من ظل مختصماً لا تتعدى حجيته إلى من لم يسبق إختصامه أو لمن تركت الخصومة بالنسبة له، باعتبار أن هؤلاء لا يحاجون بالحكم الذي يضر بهم.
أما إذا كان الحكم يفيدهم، بأن يكون قد صدر لصالح أحدهم، برفض دعوی الدائن أو عدم قبولها أو سقوط الحق فيها، مما يعتبر معه هذا المدين محكوماً له، فإن حجية الحكم تتعدى إلى باقي المدينين، مما يحول دون الدائن والرجوع عليهم بعد ذلك، والا قضى بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها في الدعوى السابقة، إذ يعتبر المدين الذي صدر الحكم لصالحه ممثلاً لهؤلاء في ذات الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم .
ويجب لتعدى الحجية إلى باقي المدينين المتضامنين، أن يعتبر المدين المتضامن محكوماً له، وهو لا يكون كذلك إذا قضى عليه بأي شئ، إذ يعتبر حينئذ محكوماً له ومحكوماً عليه، وبالتالي لا تتعدى حجية الحكم الصادر على هذا النحو إلی باقي المدينين المتضامنين، لأن مناط تعدى الحجية إليهم أن يكون المدين المتضامن الذي مثل في الدعوى محكوماً له وليس محكوماً عليه.
ولا يكفي لتعدى الحجية إلى من لم يختصم من المدينين المتضامنين أن يكون المدين الذي مثل في الدعوى محكوماً له، بل يجب أن يرجع قضاء الحكم إلى سبب مشترك بين جميع المدينين، بحيث لو كان الدائن قد إختصمهم جميعاً لصدر ذات الحكم لصالحهم جميعاً، كما لو كان الحق قد انقضى بالنسبة لهم جميعاً، أو توافر سبب أجنبي ينفي مسئوليتهم جميعاً.
فإن كان السبب الذي أقام عليه الحكم قضاءه خاص بالمدين الذي صدر الحكم لصالحه، فإن حجيته تنحصر فيه وحده ولا تتعدى إلى باقي المدينين، كما لو كان الحكم قد استند إلى إكراه أو تدلیس شاب إرادته وحده، أو كان حق الدائن قد انقضى بالنسبة له وحده.
الكفيل المتضامن :
أوضحنا فيما تقدم، أن التزام الكفيل المتضامن التزام تابع لالتزام المدين، بحيث إذا انقضى التزام المدين لأي سبب، انقضى التزام الكفيل، إذ لا يساع بها الالتزام التابع بعد زوال الالتزام الأصلي، لكن إذا انقضى الالتزام التابع، ظل الالتزام الأصلي قائماً.
يستوى في ذلك أن يكون الالتزام الأصلي مدنياً أو تجارياً أو مترتباً على عمل غير مشروع وفي الحالة الأخيرة يكون القانون هو مصدر الكفالة، كالتزام المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة، فيكون المتبوع كفيلاً متضامناً مع التابع كفالة مصدرها القانون.
ويستقل مسلك المدين عن مسلك الكفيل فيما يتخذه كل منهما من إجراءات، وفيما يتخذ منها ضد كل منهما، حتى لو تعددوا، إذ لا يقيم التضامن نيابة قانونية فيما بين المدينين، ولا فيما بين الكفلاء، ولا فيما بين المدينين وكفلائهم، بحيث لا يمتد أثر الإجراء الذي يتخذ ضد أي من المدينين إلى غيره، أو إلى أي من الكفلاء، وأيضاً لا يمتد أثر الإجراء الذي يتخذ ضد أي من الكفلاء الى غيره، أو إلى أي من المدينين، وذلك فيما يضر، لكن يمتد اليهم أثر الاجراء إن كان فيه نفع لهم.
فإذا تعلقت الكفالة بدين تجاری توقف المدين عن الوفاء به فاشهر إفلاسه، فإن إجراءات التفليسة تكون موجهة إلى المدين وحده ويترتب عليها انقطاع التقادم بالنسبة للمدين وحده، وتستقل الإجراءات التي تتخذ بشأنها بالنسبة للمدين، فلا تتعداه إلى الكفيل المتضامن معه، فإن كان التقادم قد بدأ بالنسبة للكفيل المتضامن فإنه يظل سارياً رغم رفع دعوى الإفلاس ضد المدين واستمرار التفليسة باعتبار أن اجراءاتها تتخذ في مواجهة المدين وحده دون الكفيل، ولم يوجد مانع قانوني يحول دون الدائن والرجوع على الكفيل المتضامن عند حلول أجل الدين، ومن تاريخ حلول الدين يبدأ تقادم التزام كل من المدين والكفيل، فإذا إختار الدائن رفع دعوى الإفلاس ضد المدين، قبل اكتمال مدة التقادم، ترتب على ذلك قطع التقادم، ويظل مقطوعاً حتى إنتهاء إجراءات التفليسة باعتبارها إجراءات بالتنفيذ على أموال المدين قاطعة لتقادم التزامه ولا يمتد هذا الأثر إلى التزام الكفيل المتضامن بحيث إذا أكتملت مدة التقادم بالنسبة له، جاز له التمسك بالتقادم إذا رجع الدائن عليه، ولما كان شأن الكفلاء المتضامنين شأن المدينين المتضامنين فيما يتعلق باستقلال كل منهم في إجراءات الخصومة، فإنه إذا تعدد الكفلاء المتضامنين، استقل كل منهم عن الآخر بصدد تلك الإجراءات، بحيث إذا إتخذ الدائن إجراء قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة لأحد الكفلاء المتضامنين أو صدر إقرار من أحد هؤلاء الكفلاء، فإن أثر الإجراء أو الأقرار ينحصر في الكفيل الذي وجه إليه الإجراء أو صدر منه الإقرار دون أن يتجاوزه إلى غيره من الكفلاء المتضامنين .
الأصل في إجراءات المرافعات إلا يفيد منها إلا من باشرها، ولا يحتج بها إلا على من وجهت إليه وباعتبار الطعن من تلك الإجراءات، فلا يفيد منه إلا رافعه ولا يحتج بالحكم الصادر فيه إلا على من اختصم فيه، فلا يتعدى أثر الطعن إلى غير هؤلاء حتى لو تعلق بالتزام تضامنی، وقد راعى المشرع ذلك، فأجاز للمدين المتضامن الذي كان مختصماً أمام محكمة الدرجة الأولى وحكم عليه مع مدينين متضامنين آخرين وفرت میعاد الطعن أو قبل الحكم أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد المدينين المتضامنين المحكوم عليهم معه منضماً إليه في طلباته، فإن لم يتدخل، أمرت المحكمة الطاعن بإدخاله، وذلك عملاً بنص المادة 218 من قانون المرافعات، وقصد المشرع بذلك تعدى حجية الحكم الصادر في الطعن لجميع المدينين المتضامنين. فإن لم يتدخل المدين ولم تكلف المحكمة الطاعن بإدخاله على نحو ما تقدم، وقبلت الطعن شكلاً وتصدت للموضوع، كان قضاؤها مشوباً بالبطلان لمخالفة قاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام، ويتعين الطعن فيه بالنقض إن كان صادراً من المحكمة الاستئناف، فإن كان صادراً من محكمة النقض، فلا يجوز الطعن فيه باعتبار أن أحكامها بأنه قاطعه فإن لم يطعن في الحكم الاستئنافي، صار باتاً قاطعاً، وانحصرت آثاره في أطرافه فقط، وبالتالي لا تتعدى حجيته إلى المدين التضامن الذي لم يختصم في الطعن ويصبح الحكم الذي كان ماثلاً فيه هو الذي يحاج به، سواء كان ابتدائياً أو صادراً من محكمة الاستئناف.
فإن لم يتدخل الدين المتضامن الذي كان ماثلاً في الخصومة وقت صدور الحكم ولم يكن الطاعن قد أدخله في الاستئناف، فإن المحكمة الاستئنافية لا تقضي بعدم قبول الاستئناف لهذا السبب إلا بعد أن تكلف المستأنف بإدخال هذا المدين خصماً في الاستئناف، ثم لا يقم المستأنف بادخاله، فإن هي قضت بعدم قبول الاستئناف دون أن تكون قد كلفت المستأنف بذلك، كان قضاؤها مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون.
فإن كان أحد المدينين المتضامینی، لم يختصم أمام محكمة الدرجة الأولى، وصدر الحكم الابتدائي لصالح مدين متضامن آخر، استفاد المدين الأول من هذا الحكم، فإن طعن فيه الدائن، فلا يجوز له أن يختصم في الطعن إلا المدين - أو المدينين - الذي كان مختصماً أمام محكمة الدرجة الأولى، فإذا صدر الحكم الاستئنافي ضد الدين المستأنف عليه، فإن أثر هذا الحكم يؤدي إلى اعتبار الحكم المستأنف كأن لم يكن فلا يفيد منه أي من المدينين.
فإن كان الحكم الابتدائي صادراً على أحد المدينين المتضامنين - أو بعضهم - فلا يحاج به المدين المتضامن الذي لم يكن قد اختصم في الدعوى وقت صدور هذا الحكم، فإذا طعن المحكوم عليه في الحكم، وقضى بتأييده أو بتعديله، فلا تتعدى حجيته إلى المدين الذي لم يسبق اختصامه في الدعوى، أما إذا قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، استفاد المدين المتضامن الذي لم يسبق اختصامه من هذا الحكم لانصرافه إلى رفض دعوى الدائن وهو قضاء صادر لصالح المدين المتضامن المختصم، وبالتالي يفيد من لم يختصم .
والإدخال في الطعن بالاستئناف يمتد إلى المحكوم لهم أو المحكوم عليهم، أما في الطعن بالنقض فينحصر في المحكوم عليهم فقط بحيث اذا تبين أن صحيفة الطعن بالنقض لم تتضمن أحد المحكوم لهم، كان الطعن باطلاً، و للطاعن أن يتدارك ذلك إذا كان ميعاد الطعن مازال مفتوحاً، فيبادر إلى رفع طعن جديد يضمنه جميع المحكوم لهم، ولا ينال من نظره أن تكون محكمة النقض قد قضت ببطلان الطعن السابق لأنها لا تكون قد قضت في موضوعه.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس، الصفحة/ 63)
إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين، فلا يحتج بهذا الحكم على باقي المدينين المتضامنين.
وعلى ذلك لا يستطيع الدائن أن ينفذ بهذا الحكم عليهم. ويعتبر هذا تطبيقاً لفكرة النيابة التبادلية فيما ينفعهم لا فيما يضرهم، فالمدين الذي صدر ضده هذا الحكم لم يكن إذن يمثلهم في الدعوى .
لا يعتبر طعن أحد المحكوم عليهم بالتضامن في الحكم، نيابة عن باقى المحكوم عليهم، لأن كلا منهم يكون مستقلاً عن الآخر في الخصومة وفي مسلكه فيها والطعن على ما يصدر فيها من أحكام.
الأصل في إجراءات المرافعات ألا يفيد منها إلا من باشرها، ولا يحتج بها إلا على من وجهت إليه، وباعتبار الطعن من تلك الإجراءات، فلا يفيد منه إلا رافعه ولا يحتج بالحكم الصادر فيه إلا من اختصم فيه. إلا أنه استثناء من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من المادة 218 مرافعات إذا كان الحكم صادراً في التزام بالتضامن أن يكون لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن.
إذا صدر حكم لصالح أحد المحيطين المتضامنين، دون أن يكون الباقون مدين في الدعوى، أفاد منه الباقون ويكون لهم أن يحتجوا به، إلا إذا كان الحكم مبنياً على سبب خاص بالمدين الذي صدر الحكم لصالحه إذ يقتصر فی هذه الحالة أثر الحكم عليه وحده، كأن يصدر الحكم في نزاع حول حلول الأجل الذي اقترن به الدين، أو تحقق الشرط الذي علق عليه الدين بالنسبة لهذا المدين دون غيره، أو في نزاع حول عيب شاب رضاء هذا المدين وحده.
أي أن شرط إفادة باقي المدينين من الحكم أن يكون الحكم قد بنى على دفع من الدفوع المشتركة بينهم كعدم مشروعية السبب أو المحل.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع، الصفحة/ 161)
صدور حكم ضد أحد المدينين - وإذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ( المادة 296 فقرة أولى)، وذلك لأن الحكم يكون صادراً في شأن الرابطة التي تربط الدائن بهذا المدين بالذات فلا يصح أن يتعداها إلى رابطة أخرى لم تكن محل بحث ومناقشة. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986، الجزء/ السادس، الصفحة/ 588)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 284)
1- اذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين ، فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين •
2- أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم ، فيستفيد منه الباقون الا اذا كان الحكم مبنياً على سبب خاص بالمدين الذي صدر الحكم صالحه.