loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثالث، الصفحة : 101

مذكرة المشروع التمهيدي :

تتناول المادة 424 بیان حالتي عدم القابلية للانقسام :

(أ) فتعرض الأولى حيث يرد الالتزام على محل لا يقبل التجزئة بطبيعته، كما هو الشأن في تسليم شيء، معين بذاته يعتبر كلا لا يحتمل التبعيض (كجواد مثلاً) أو في ترتیب أو نقل حق غير قابل للانقسام (کالارتفاق مثلاً)، أو في التزام وضع لا يتصور فيه التفريق (البقاء على موقف سلبي معين بمقتضى التزام بالامتناع عن عمل شئ).

(ب) وتعرض الثانية حيث تنصرف نية المتعاقدين صراحة أو ضمناً إلى عدم إجازة تجزئة الوفاء بالالتزام، وبالأخص، إذا تبين ذلك من الغرض الذي قصداه، وعلى هذا النحو يعتبر التزام البائع غير قابل للانقسام بسبب الغرض المقصود متی كان المبيع أرضاً تكفي دون سعة لإقامة البناء الذي يحتاج المشتري إليه.

ويغرق الفقه في صور علم القابلية للانقسام بين ما يكون منها ضرورياً (وهو ما يرجع إلى طبيعة المحل) وبين ما يكون منها إلزامية (وهو ما يرجع إلى الغرض المقصود)، وبين ما يكون منها مشروطاً لن تجزئة الوفاء، وهذا الضرب الأخير يقرر لمصلحة الدائن على وجه الإفراد، ولا يكون له أثر إلا من ناحية الدين (الناحية السلبية)، فإذا مات المدين كان كل وارث من ورثته ملزماً بأداء كل الدين، أما إذا مات الدائن، فينقسم الدين على نقيض ذلك بين ورثته.

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 424 من المشروع، فوافقت عليها اللجنة كما هي، وأصبح رقمها 312 في المشروع النهائي.

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 312.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة دون تعديل و أصبح رقها 300 .

محضر الجلسة الثانية والستين

يستحسن حضرات مستشارى محكمة النقض إضافة نص جديد إلى المواد 300 وما بعدها الخاصة بالالتزام غير القابل للانقسام وتسري أحكام التضامن على الالتزام غير القابل للانقسام وذلك بقدر ما تتفق هذه الأحكام مع طبيعته.

وذلك لبيان حكم التقادم والإبراء، وما إلى ذلك من أحكام التضامن في خصوص الالتزام غير القابل للانقسام .

وقد رد حضرة مندوب الحكومة على هذا الاقتراح بأن النص المقترح خطر ولا يرد القاضي إلى ضابط بين المعالم الأن أكثر أحكام التضامن تقوم على فكرة النيابة ومن الأحوط التحرز من بسط نطاق هذه الفكرة على الالتزام غير القابل للإنقسام.

واستطرد حضرته فقال بالنسبة لبيان الأحكام التي يشير إليها الاقتراح إنه يرجع فيه إلى القواعد العامة.

قرار اللجنة - عدم الأخذ بالاقتراح للأسباب التي أبدتها الحكومة.

ملحق تقرير اللجنة :

اقترح أن يضاف إلى نصوص المواد 300 وما بعدها الخاصة بالالتزام غير القابل للانقسام النص الآتي تسري أحكام التضامن على الالتزام غير القابل للانقسام وذلك بقدر ما تفق هذه الأحكام مع طبيعته، وذلك لبيان حكم التقادم والابراء وما إلى ذلك من أحكام التضامن في نصوص الالتزام غير القابل للانقسام.

ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأن أكثر أحكام التضامن تقوم على فكرة النيابة ومن الأحوط التحرز من بسط نطاق هذه الفكرة على الالتزام غير القابل للانقسام أما بيان الأحكام التي يشير إليها الاقتراح فيرجع فيها إلى القواعد العامة، هذا فضلاً عن أن صيغة النص المقترح لا ترد القاضى إلى ضابط بين المعالم.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة دون تعديل .

 

الأحكام

1 ـ الأصل فى الالتزام الذى يتعدد فيه الدائنون أو المدينون أو كلاهما سواء عند إنشاء الرابطة العقدية أو بعدها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قابلا للانقسام إلا إذا نص صراحة فى الاتفاق على غير ذلك ، أو إذا كان الالتزام - على نحو ما ورد بالمادة 300 من القانون المدنى - واردا على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم، أو إذا تبين من العرض الذى رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسما ، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك . وإذ كان محل الالتزام ينقل ملكية عقار أو حصة شائعة فيه ، فإنه لا يقبل الانقسام بطبيعته إلا إذا تبيين اتجاه إرادة المتعاقدين إلى عدم قابلية الالتزام للانقسام .

(الطعن رقم 2018 لسنة 62 جلسة 1993/06/27 س 44 ع 2 ص 772 ق 264)

2 ـ الأصل فى الإلتزام الذى يتعدد فيه الدائنون أو المدينون أو كليهما سواء عند إنشاء الرابطة العقدية أو بعدها - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قابلاً للإنقسام إلا إذا نص صراحة فى الإتفاق على غير ذلك أو إذا كان الإلتزام و على نحو ما ورد بالمادة 300 من القانون المدنى وارداً على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم ، أو إذا تبين من الغرض الذى رمى إليه المتعاقدان أن الإلتزام لا يجوز تنفيذه منقسماً ، أو إذا إنصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك . و إذا كان محل الإلتزام بنقل ملكية عقار أو حصة شائعة فيه ، فإنه يقبل الإنقسام بطبيعته و يتسلم المشترى المبيع شائعاً طبقاً لسند ملكيته إلا إذا تبين إتجاه إرادة المتعاقدين إلى عدم قابلية الإلتزام للإنقسام . و إستخلاص ذلك مما يدخل فى سلطة محكمة الموضوع متى كان إستخلاصها سائغاً و لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق و دون معقب عليها فى ذلك من محكمة النقض .

(الطعن رقم 923 لسنة 51 جلسة 1983/05/24 س 34 ع 2 ص 1292 ق 257)

3 ـ مؤدى نص المادة 300 من القانون المدنى أن الأصل فى حالة تعدد الدائنين دون تضامن أن الإلتزام ينقسم عليهم بحكم القانون كل بالقدر المتفق عليه أو بالقدر الذى يعينه القانون ، و لا يستطيع كل دائن أن يطالب المدين إلا بنصيبه أو يطلب الفسخ لعدم الوفاء بنصيب غيره إلا إذا إنصرفت نية المتعاقدين إلى عدم تجزئة الصفقة .

(الطعن رقم 481 لسنة 49 جلسة 1981/04/16 س 32 ع 1 ص 1144 ق 213)

4 ـ مفاد ما تنص عليه المادة 1040 من القانون المدنى من أن كل جزء من العقار أو العقارات المرهونة ضامن لكل الدين ، و كل جزء من الدين مضمون بالعقار أو العقارات المرهونة كلها ما لم ينص القانون أو يقضى الإتفاق بغير ذلك ، أن الرهن الرسمى على العقار حق غير قابل للتجزئة ، سواء بالنسبة إلى العقار المرهون أو بالنسبة إلى الدين المضمون ، فإذا إنقضى جزء من هذا الدين بقى العقار المرهون ضامناً لما بقى من الدين ، فلا يخلص منه ما يقابل ما إنقضى من الدين . لما كان ذلك ، فإنه يكون للبنك الدائن المرتهن أن ينفذ على العقار المرهون بكل الدين أو بما بقى منه ، على أن يكون التنفيذ فى مواجهة المورث و شريكه فى الدين المضمون اللذين إشتريا العقار المرهون بإعتبارهما مسئولين مسئولية شخصية عن الدين ، لا بإعتبارهما حائزين للعقار ، لأنهما حلا محل البائع فى سداد الدين و يشترط فى الحائز طبقاً لنص المادة 2/1060 من القانون المدنى ، أن يكون غير مسئول شخصياً عن الدين ، و لا يحول دون ذلك أن يكون للتركة عند التنفيذ على العقار بكل الدين حق الرجوع على المدين الآخر بمقدار حصته فيه ، لأن المعول عليه فى تحديد وعاء الضريبة على التركات - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنشغال ذمة المتوفى بالدين قبل الدائن ، و ليس بحصته فيه ، قبل باقى المدينين . و إذ إنتهى الحكم إلى أن دين بنك الأراضى ، غير قابل للإنقسام فى علاقة الدائن بالمورث و شريكه فى الدين المضمون ، و رتب على ذلك وجوب خصم الدين كله من أصول التركة ، فإنه لا يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 75 لسنة 36 جلسة 1973/07/11 س 24 ع 2 ص1000 ق 173)

5 ـ الإلتزام بالتعويض النقدى قابل للإنقسام .

(الطعن رقم 306 لسنة 31 جلسة 1966/02/17 س 17ع 1 ص 329 ق 46)

6 ـ الأصل أن الإلتزام يكون قابلاً للإنقسام إذا ورد على محل يقبل بطبيعته أن ينقسم ، إلا أنه يصح تقرير عدم إنقسام الإلتزام بإرادة المتعاقدين ، و لمحكمة الموضوع سلطانها المطلق فى إستخلاص ما إذا كانت نية المتعاقين قد إتجهت إلى قابلية أو عدم قابلية الإلتزام للإنقسام متى كان إستخلاصها سائغاً و لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق دون معقب عليها من محكمة النقض .

(الطعن رقم 654 لسنة 45 جلسة 1978/05/25 س 29 ع 1 ص 1328 ق 259)

7 ـ النص فى المواد 300 و 301 و 302 من القانون المدنى يدل على أن وصف عدم قابلية الإلتزام للإنقسام ، و إن كان ينبعث فى جوهره من محل الإلتزام ، إلا أنه ينصرف فى آثاره إلى أطراف الإلتزام ، ذلك أنه - و على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدنى - لا تظهر أهمية عدم قابلية الإلتزام للإنقسام إلا حيث يتعدد المدينون أو الدائنون إما إبتداء عند إنشاء الرابطة القانونية ، و إما بعد ذلك إذ تعدد ورثة من كان بمفرده طرفاً من طرفى الالتزام .

(الطعن رقم 1278 لسنة 48 جلسة 1979/03/17 س 30 ع 1 ص 839 ق 154)

8 ـ إذ كان البيع قد ورد على حصة مفرزة و محددة إلتزم البائعون بإستنزالها من الأعيان الموقوفة قبل قسمتها ، فإن مفاد ذلك أن الطاعنة " البائعة الأولى " و شركاءها وافقوا على أن يخرج القدر المبيع من ملكيتهم قبل قسمتها بحيث لا يدخل فى أيه قسمة تجرى بينهم فيما بعد ، مما مقتضاها أن الصفقة - فى مقصود المتعاقدين - وحدة قائمة بذاتها لا يمكن تفريقها على المشترى ، و أن الإلتزام فى مفهوم إرادتهما ووفق الغرض الذى رميا إليه لا يجوز تنفيذه مقسما ، بل يجب تنفيذه بإعتباره كلا غير قابل للتجزئة ، و من ثم فإذا لم يكن قد جرى إستبعاد الأطيان المبيعة قبل وقوع القسمة فإن البيع الصادر إلى المشترى - المطعون ضده الأول - يكون صحيحاً و نافذا قبل البائعين جميعا أياً كانت النتيجة التى تترتب عليها قسمة الأطيان حتى و لو وقع القدر المبيع فى نصيب واحد منهم ، و هذا الشريك و شأنه فى الرجوع على باقى شركائه طبقا للقواعد المقررة قانوناً .

(الطعن رقم 286 لسنة 37 جلسة 1972/04/29 س 23 ع 2 ص 781 ق 122)

9 ـ مفاد نص المادة 1/707 من القانون المدنى أن الوكلاء لا يكونون متضامنين فى إلتزاماتهم قبل الموكل إلا إذا كانت الوكالة غير قابلة للإنقسام ، أو كان الضرر الذى أصاب الموكل قد وقع نتيجة خطأ مشترك بين الوكلاء جميعاً .

(الطعن رقم 150 لسنة 42 جلسة 1977/05/03 س 28 ع 1 ص 1118 ق 193)

10ـ إذ كان طلب إنهاء عقد إيجار الأرض الفضاء التى كان يستأجرها مورث الطاعن و المطعون عليهم من الثانية إلى الأخيرة و الذى آل حق إيجارها إلى هؤلاء بطريق الميراث أمر لا يقبل بذاته تجزئه مما مؤداه أنه و قد إنفراد الطاعن - دون سواه من الورثة - بالطعن على الحكم الصادر فى الدعوى فقد كان واجباً على الطاعن بناء على أمر المحكمة من رفع الطعن و قبل نظره إختصامهم فيه و إذ بادر الطاعن إلى ذلك من تلقاء نفسه فإنه يكون قد حقق مراد القانون كاملاً و لا يكون ثمة وجه للإحتجاج عليه بأن المطعون عليه إنما هو المحكوم له بالحكم المطعون فيه و صاحب المصلحة فى الدفاع عنه إذ لا يعارض هذا النظر و بين إعمال ما أوجبه القانون من إختصام زملاء الطاعن فى الموضوع غير قابل للتجزئه ، ذلك الإختصام الذى لا يتأتى إلا بإعتبارهم مطعوناً عليهم للإنضمام إلى الطاعن ، لما كان ما تقدم ، فإن الدفع المبدى من المطعون عليه الأول - بعدم قبول الطعن الموجه فى المواد لباقى الورثة - يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 288 لسنة 46 جلسة 1980/02/09 س 31 ع 1 ص 449 ق 87)

11 ـ متى كان النزاع الذى نشب بين طرفى الخصومة و صدر فيه الحكم المطعون فيه يتعلق بالمطالبة بريع دون تضامن بين المطالبين به ، فإنه بهذه الصورة يكون قابلا للتجزئة و يترتب على ذلك أن بطلان الطعن بالنسبة لأحد المطعون ضدهم يكون مقصورا عليه و لا يتعداه إلى باقى المطعون ضدهم الذين صح إعلانهم بالطعن .

(الطعن رقم 597 لسنة 34 جلسة 1969/01/23 س 20 ع 1 ص 161 ق 27)

12 ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين بإزالة المبان المقامة على أرض النزاع وردها إلى المطعون ضدهما، باعتبارهم جميعا غاصبين لها دون تخصيص كل من الطاعنين بقدر منها، فإن الحكم يكون - فى هذا الشق - صادراً فى موضوع غير قابل للتجزئة، كما ألزمهم بالتعويض علي سبيل التضامن، وإذ أمرت المحكمة الطاعنين الأولين باختصام الطاعنين الثالث والرابعة بصفتها، فلم يفعلا، فإن الطعن - بهذه المثابة - يضحى غير مقبول.

(الطعن رقم 2366 لسنة 68 جلسة 1999/11/10 س 50 ع 2 ص 1073 ق 211)

13 ـ يترتب على النزول عن التمسك بالورقة أو بجزئها المطعون عليه بالتزوير إنهاء إجراءات الإدعاء به فى أية حالة تكون عليها الدعوى طبقاً للمادة 289 من قانون المرافعات السابق الذى يحكم واقعة النزاع ، ولا يجوز لمحكمة الإستئناف بعد هذا النزول أن تعود فتبحث أمر صحة الإدعاء أو عدم صحته ، ثم تقطع بصحة الورقة ، بل كان عليها أن تصحح الخطأ الذى وقع فيه الحكم الإبتدائى بعدم إنهائه الإجراءات لنزول مورث المطعون عليهم عن التمسك بالعبارات المضافة إلى العقد.

(الطعن رقم 500 لسنة 39 جلسة 1974/12/12 س 25 ع 1 ص 1427 ق 242)

14 ـ إذ كان الثابت فى الدعوى أن مورث الطاعنة عين إبن أخيه - مورث المطعون عليه الأول بصفته و المطعون عليها الثانية عشرة - منفذاً للوصية ، و هى على جهات بر و مسجد ، و أقامت الطاعنة دعواها ضد ورثة منفذ الوصية ، و باقى ورثة عمها - الوارث الأخر للموصى - تطلب الحكم بتثبيت ملكيتها إلى نصيبها فى القدر الموصى به تأسيساً على بطلان هذه الوصية ، و نازعها المطعون عليه الأول بصفته وصياً على قصر منفذ الوصية ، طالباً رفض دعواها ، و إذ قام النزاع فى الخصومة حول صحة الوصية و هو - فى صورة الدعوى - موضوع غير قابل للتجزئة ، و صدر الحكم الإبتدائى بطلبات الطاعنة ، دون أن يقضى بشئ على ورثة عمها بل إنه صدر فى حقيقة الأمر فى صالحهم ، مما لا يعتبرون معه خصوماً حقيقيين فى الدعوى ، و إذ رفع المطعون عليه الأول بصفته وصياً على قصر منفذ الوصية إستئنافاً عن هذا الحكم ، و لم تنازع الطاعنة فى هذه الصفة ، و كان ورثة منفذ الوصية هم الخصوم الحقيقيون فى النزاع المطروح ، و قضى الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنة ، تأسيساً على صحة الوصية ، فإن هذا القضاء ينصرف إلى رفض الدعوى برمتها ، و يكون فى غير محله ، ما تعييبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يقصر قضاءه على حصة المستأنف - المطعون عليه الأول بصفته .

(الطعن رقم 234 لسنة 37 جلسة 1973/11/21 س 24 ع 3 ص 1119 ق 194)

15 ـ إذا كان الواقع أن الطاعن أقام دعواه على المطعون عليه- وهما من التجار - بطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ ألف جنيه بمقتضى سند موقع عليه منه، وكانت محكمة الموضوع قد استظهرت من الوقائع التي حصلتها و بالأدلة السائغة التي أوردتها أنه لم ينشأ فى ذمة المطعون عليه التزام للطاعن بأداء المبلغ المدون بالسند الذي تأسست عليه المطالبة، لما ثبت لها من أن ما ادعاه الطاعن من وصول قيمته للمطعون عليه غير صحيح، وما ثبت لها كذلك من أنه لم يحرر إلا مجاملة للطاعن وبقصد خلق ائتمان وهمي له لدى الغير فقضت برفض الدعوى، فإنه يكون غير صحيح ادعاء الطاعن أن محكمة الموضوع قد جزأت إقراره بعدم صحة السبب المبين بالسند من أن قيمته وصلت للمطعون عليه ثمن بضاعة وبأن له سببا آخر مشروعا هو أن قيمته وصلت ليد المطعون عليه نقدا وأنه ينبني على ذلك أن الالتزام يعتبر قائما وصحيحا ومستندا إلى السبب المقر به ما لم يثبت المدين ( المطعون عليه ) أن هذا السبب الأخير غير صحيح ، و القول بأن المحكمة اعتبرته هو المكلف قانوناً بإثبات صحة السبب الذي ورد فى إقراره وأنه عجز هذا الإثبات .

(الطعن رقم 346 لسنة 25 جلسة 1960/01/07 س 11 ع 1 ص 34 ق 3)

16 ـ الحساب الجارى الذى يخضع لقاعدة عدم التجزئة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الحساب الذى يتضمن وجود معاملات متصلة بين طرفيه يعتبر فيها كل منهما مدينا أحياناً و دائناً أحياناً أخرى ، و تكون هذه العمليات متشابكة يتخلل بعضها بعضاً بحيث تكون مدفوعات كل من الطرفين مقرونة بمدفوعات من الطرف الآخر ، فإذا كانت محكمة الموضوع قد نفت فى حدود سلطتها التقديرية و بأسباب سائغة إتجاه نية الطرفين إلى فتح حساب جار بينهما كما نفت عن الحساب القائم بينهما إتصال العمليات المدرجة فيه ببعضها و تشابكها ، و هو ما يلزم توافره فى الحساب الجارى ، و إنتهت إلى إعتبار الحساب حساباً عادياً لا يخضع لقاعدة عدم التجزئة لا تكون قد أخطأت فى القانون أو خالفت الثابت فى الأوراق .

(الطعن رقم 362 لسنة 35 جلسة 1969/06/19 س 20 ع 2 ص 1036 ق 161)

17 ـ إذا كان موضوع النزاع يدور حول إستحقاق الطاعن إعانة غلاء المعيشة و بدل الأجازات و فى أحقية المطعون عليهم فى فصله من عمله و هو على هذه الصورة موضوع غير قابل للتجزئة لأن الطاعن كان يقوم بعمل واحد لدى المطعون عليهم و لدى مورثهم من قبل فلا يتصور أن يستحق إعانة غلاء معيشة أو بدل أجازة قبل بعضهم دون البعض الآخر كما لا يتصور أن يكون فصله من العمل قد تم دون مبرر فى حق البعض دون الآخر .

(الطعن رقم 86 لسنة 33 جلسة 1968/04/17 س 19 ع 2 ص 769 ق 111)

18 ـ إذا كان الطاعنون قد وجهوا دفعهم بصورية عقد البيع الصادر من المطعون عليه السادس إلى المطعون عليهم الخمسة الأولين ومورث المطعون عليها السابعة و صدر الحكم المطعون فيه مقررا رفض هذا الدفع فى مواجهة هؤلاء الخصوم جميعا و كان موضوع الصورية بهذا الوضع الذى إنتهت به الدعوى غير قابل للتجزئة و كان مناط النعى على الحكم المطعون فيه هو موضوع الصورية الآنف ذكره فإنه لكى يكون الطعن مقبولا فى هذه الحالة يجب أن يختصم فيه كل من البائع والمشترين فى العقد المطعون فيه بالصورية

(الطعن رقم 186 لسنة 19 جلسة 1952/02/07 س 3 ع 2 ص 444 ق 76)

19 ـ إذ كانت الصورية المطلقة فى الدعوى غير قابلة للتجزئة فإنه يكون لمحكمة الموضوع أن تعول فى قضائها بها على قرائن تتعلق بشخص الطاعنة الثانية "خصم آخر " و لا عليها أن هى أعتمدت على الأوراق المقدمة منها إلى الشهر العقارى أو على العلاقه بينها و بين البائع للتدليل على هذه الصورية .

(الطعن رقم 582 لسنة 35 جلسة 1970/02/26 س 21 ع 1 ص 381 ق 62)

20 ـ لما كان المطعون عليهم العشرة الأولون قد رفعوا الدعوى على الطاعنات و باقى المطعون عليهم ، بطلب إنهاء حق الإنتفاع على أرض الوقف ، و قضى الحكم المطعون فيه بهذا الطلب ، فإن موضوع الخصومة يكون غير قابل للتجزئة ، و يترتب على بطلان الحكم بالنسبة للقاصر - لعدم إخبار النيابة العامة بوجود قاصر فى الدعوى - بطلانه بالنسبة لباقى الخصوم .

(الطعن رقم 101 لسنة 38 جلسة 1973/11/07 س 24 ع 3 ص 1060 ق 184)

21 ـ إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المحرر قد اعوزته المقومات التى تجعل من صلحه فى مفهوم المادة 549 من القانون المدنى التى تقضى بان يكون الأتفاق على الصلح بين الطرفين متضمنا نزول كل منها على وجه التقابل عن بعض حقوقه حسما للنزاع القائم بشأنها بينهما ، فإنه لا يجدى الطاعنه إزاء ذلك التحدى بحكم المادة 1/557 من القانون المدنى التى تقضى بعدم تجزئة الصلح.

(الطعن رقم 123 لسنة 36 جلسة 1970/05/26 س 21 ع 2 ص 900 ق 144)

23 ـ مؤدى نص المادتين 11 ، 12 من قانون المرافعات السابق الذى يحكم واقعة الدعوى هو وجوب توجيه الإعلان إبتداء إلى الشخص فى موطنه ، و أنه لا يصح تسليم الصورة إلى الوكيل إلا إذا توجه المحضر إلى موطن المراد إعلانه ، و تبين له أنه غير موجود ، كما و أنه لا يجوز تسليمها فى الموطن المختار إلا فى الأحوال التى بينها القانون ، و أوجبت الفقرتان 10 ، 11 من المادة 14 من قانون المرافعات السابق أن تسليم صورة الإعلان لمن كان مقيماً فى الخارج ، سواء كان موطنه معلوماً أو غير معلوم للنيابة بالشروط و الأوضاع المبينة فيهما ، فإذا لم يتم الإعلان على النحو المنصوص عنه فى هذه المواد فإنه يكون باطلاً . و إذ كان الطاعنان ، الأول و الثانية قد تمسكا فى دفاعهما ببطلان إعلان الحكم الإبتدائى ، و أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الذى من شأنه لو صح أن يغير وجه الرأى فى الدعوى ، ثم رتب على إعلان الحكم الإبتدائى للطاعنين الأول و الثانية فى محل إقامة المطعون عليها الثالثة سقوط حقهما فى الإستئناف ، و كان الموضوع غير قابل للتجزئة - دعوى صحة توقيع على إتفاق - فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه .

(الطعن رقم 518 لسنة 37 جلسة 1973/01/25 س 24 ع 1 ص 103 ق 20)

24  ـ  إذ كان الثابت أن مورثه المطعون عليهم أقامت دعواها بصحة و نفاذ عقد البيع الصادر لها من المحجور عليه بينما أقام الطاعن بصفته قيماً على المحجور عليه دعواه ببطلان عقد البيع المذكور لأن البائع لم يبرم العقد إلا لأن مورثه المطعون عليهم إستغلت فيه طيشاً بيناً وهوى جامحاً ولأن التصرف صدر منه و هو سفيه نتيجة الإستغلال و التواطؤ ، و قررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الأولى ليصدر فيهما حكم واحد للإرتباط و قضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت القيم على المحجوز عليه أن عقد البيع صدر نتيجة إستغلال ثم حكمت بصحة و نفاذ العقد و برفض دعوى البطلان فإستأنف الطاعن بصفته هذا الحكم و دفع المطعون عليهما الثانى و الخامس بإعتبار الإستئناف كأن لم يكن لأن الطاعن لم يعلنهما إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم صحيفة الإستئناف إلى قلم كتاب المحكمة و لما كان موضوع الدعوى على هذه الصورة غير قابل للتجزئة لأنه يدور حول صحة البيع أو بطلانه و لا يتصور أن يكون هذا التصرف صحيحاً بالنسبة لمن إعتبر الإستئناف كأن لم يكن بالنسبة لهما من بين ورثة المشترية ، وأن يعتبر ذات التصرف باطلاً بالنسبة للباقين مع أنهم جميعاً ورثة و هم سواء فى المركز القانونى مادام قد إختصموا بهذه الصفة ، و لا يحتمل الفصل فى الطعن على التصرف غير حل واحد . لما كان ذلك فإن إعتبار الإستئناف كأن لم يكن بالنسبة للمطعون عليهما الثانى و الخامس يستتبع إعتباره كأن لم يكن بالنسبة لباقى المطعون عليهم .

(الطعن رقم 698 لسنة 42 جلسة 1977/05/17 س 28 ع 1 ص 1230 ق 212)

 25 ـ النص فى المادتين 1/300 ، 1/301 من القانون المدنى يدل و على ما جاء بمذكرة المشرع التمهيدى أن الإلتزام الذى لا يقبل التجزئة بطبيعته كما هو الشأن فى تسليم شىء معين بذاته أو الإلتزام بالأمتناع عن عمل أو نقل حق غير قابل للإنقسام يعتبر كلا لا يحتمل التبعيض إذ الأصل أن يعتبر غير قابل للإنقسام ، فيتحتم إقتضاؤه من الدائن و يؤديه المدين كاملاً غير مجزأ فهذا الإلتزام يتميز بأن تنفيذه يتم بآداء كل موضوعه من غير أن يحتوى هذا الموضوع تجزئة أو قيام لما كان ذلك ، و كان عقد الإيجار سند الدعوى قد حظر على المستأجر للعين محل النزاع التنازل عن الإيجار ، و كان هذا الحظر مقرراً بنص المادة 5/23 من القانون رقم 52 لسنة 69 - المقابلة للمادة 31/ب من القانون رقم 49 لسنة 77 - إلا إذا أذن به المالك كتابة ، فإن هذا الحظر الوارد فى العقد و القانون هو إلتزام بالإمتناع عن عمل ، و أى عمل يأتيه أحد المستأجرين مخالفاً لهذا الحظر يعتبر فرقاً للإلتزام إذ أنه بطبيعته لا يقبل التجزئة ، و يترتب على مخالفته فسخ عقد الإيجار ورد العين المؤجرة ، لما كان ذلك ، فلا يجدى الطاعن التمسك بقاعدة الأثر النسبى للعقود ، بإعتبار أن البيع بالجدك قد صدر من المستأجر الآخر ، إذ أن إستجاره للعين محل النزاع مع المستأجر الآخر كان دون تضامن ، و يحق للمؤجر مطالبتها بالآثار المترتبة على تنازل أحدهم عن الإيجار بغير إذنه وهى فسخ عقد الإيجار و الإخلاء .

(الطعن رقم 913 لسنة 52 جلسة 1988/05/05 س 39 ع 2 ص 900 ق 146)

26 ـ الأصل فى الالتزام الذى يتعدد فيه الدائنون أو المدينون أو كلاهما سواء عند إنشاء الرابطة العقدية أو بعدها وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن يكون قابلاً للانقسام إلا إذا نص صراحةً فى الاتفاق على غير ذلك ، أو إذا كان الالتزام وعلى نحو ما ورد بالمادة 300 من القانون المدنى وارداً على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم ، أو إذا تبين من الغرض الذى رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسماً ، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك .

(الطعن رقم 1937 لسنة 81 جلسة 2012/12/23 س 63 ص 1188 ق 190)

شرح خبراء القانون

ويتبين من هذا النص أن عدم القابلية للانقسام يرجع إما لطبيعة محل الالتزام، وإما للاتفاق

عدم القابلية للانقسام يرجع على طبيعة المحل : عنى ديمولان، وهو من فقهاء القانون الفرنسي القديم البارزين، عناية خاصة بموضوع الالتزام غير القابل للانقسام، وله فيه تقسيمات مشهورة، لعلها ساعدت على تعقيد هذا الموضوع أكثر مما أدت إلى تبسيطه.

على أن من تقسيماته ما بقى حتى اليوم معمولاً به، من ذلك أنه يميز فى عدم القابلية للانقسام الذى يرجع إلى طبيعة المحل بين صورتين :

(الصورة الأولى) صورة عدم التجزئة المطلقة أو عدم التجزئة الحتمية، وتتحقق عندما يكون محل الالتزام بطبيعته غير قابل أصلاً للانقسام، فى عدم الانقسام يرجع إلى أصل الحلقة لا إلى عارض من عمل الإنسان .

فإذا كان الالتزام محله نقل حق عيني، فالأصل فيه أنه يكون قابلاً للانقسام، إما انقساماً طبيعياً  كما إذا كان المدين ملتزماً بنقل ملكية عشرين أردباً من القمح فيمكن انقسام هذا الالتزام انقساماً طبيعياً إلى أجزاء متعددة، وإما انقساماً معنوياً، كما إذا كان المدين ملتزماً بنقل ملكية منزل فإن هذا الالتزام يمكن أن ينقسم انقساماً معنوياً إلى نقل ملكية نصف المنزل فى الشيوع وربعه وخمسه وهكذا غير أن هناك حقين عينين لا يقبلان الانقسام بطبيعتها القانونية، وهما حق الارتفاق وحق الرهن فمن يلتزم بترتيب حق ارتفاق أو ترتيب حق رهن لا يستطيع أن يجزئ التزامه، ويكون الالتزام فى هاتين الحالتين غير قابل للانقسام بصفة مطلقة أو بصفة حتمية.

وإذا كان الالتزام محله القيام بعمل كالالتزام بتسليم شيء، فإنه قد يكون طبيعته قابلاً للانقسام وقد لا يكون، فإذا تعهد شخص بتسليم أرض، فإنه يستطيع أن يجزئ التزامه إذ الأرض قابلة بطبيعتها للتجزئة، فيمكن أن يسلم جزءاً من الأرض ثم يسلم جزءاً آخر وهكذا، أما إذا تعهد بتسليم حيوان حى، حصان مثلاً، فإنه لا يستطيع أن يجزئ التزامه، إذ الحيوان الحى كل لا يتجزأ عند التسليم، صحيح أنه تجوز تجزئته فى نقل ملكيته، فتنتقل ملكية نصف الحصان أو ربعه، ولكن الالتزام بتسليم الحصان هو التزام غير قابل للانقسام، وعدم القابلية للانقسام هنا يرجع إلى أصل الحلقة فهو مطلق أو حتمي، كذلك التزام البائع بضمان الاستحقاق التزام غير قابل للانقسام، ويرجع ذلك إلى طبيعة محل الالتزام، وقل مثل هذا فى التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة وغنى عن البيان أن الالتزام بالقيام بعمل، حتى إذا كان في طبيعته غير قابل للانقسام، يصبح قابلاً للانقسام إذا تحول إلى تعويض نقدي.

وإذا كان الالتزام محله الامتناع عن عمل، فأكثر ما يكون أنه غير قابل للانقسام، إذ أى عمل يأتيه المدين مخالفاً لالتزامه يعتبر خرقاً للالتزام، فإذا تعهد بائع المتجر لمشتريه ألا ينافسه فى حدود معينة، فأية منافسة يقوم بها البائع  فى الحدود المتفق عليها تعتبر خرقاً للالتزام، ولا يستطيع البائع أن يقوم بالتزامه من عدم المنافسة إلا قياماً غير مجزأ وغير قابل للانقسام بامتناعه أصلاً عن المنافسة، على أن يمكن أن نتصور أن الالتزام بعدم المنافسة يكون قابلاً للانقسام استثناءً، فإذا كانت أعمال المنافسة التى التزم بها البائع قد فصلت وقسمت إلى أعمال معينة يضمها كلها التزام واحد، بأن اشترط المشتري مثلاً على بائع المتجر ألا يقيم متجراً آخر منافساً، وألا يصرف عملاء المتجر عنه، وألا ينتزع منه مستخدميه، فمن الممكن فى هذه الحالة أن يقوم البائع بجزء من التزامه ويخل بجزء آخر، فيمتنع مثلاً عن إقامة متجر مماثل ولكنه ينتزع مستخدمي المتجر، ويكون الالتزام بالامتناع عن عمل فى هذه الحالة قابلاً للانقسام . 

الصورة الثانية صورة عدم التجزئة النسبية أو عدم التجزئة الطبيعية، وتتحقق عندما يكون محل الالتزام غير قابل للانقسام لا بأصل خلقته، بل لعارض من عمل الإنسان، مثل ذلك الالتزام بتسليم متجر، فإن المتجر وهو محل الالتزام إذا كان قابلاً للانقسام بطبيعته إذ تمكن تجزئة عناصره المختلفة من مكان وسلع وعملاء وحقوق وديون وما إلى ذلك، إلا أنه جعل بعمل الإنسان كلا غير قابل للتجزئة، فلا يمكن تسليم بعضه دون بعض، كذلك الالتزام ببناء منزل هو أيضاً التزام غير قابل للانقسام، لا بأصل خلقته، وإلا فمن الممكن أن نتصور تجزئة بناء المنزل، فيقوم بتشييد حيطانه مقاول، ويقوم بعمل أبوابه ونوافذه مقاول ثان، ويقوم بتجهيزه بالأدوات الصحية مقاول ثالث وهكذا، ولكن الالتزام عندما يقع على بناء منزل فى مجموعه، فقد جعل محل الالتزام كلا غير قابل للتجزئة، ولا يعتبر الالتزام قد نفذ إلا إذا تم بناء المنزل بأكمله.

عدم القابلية للانقسام يرجع إلى الاتفاق : ويكون الالتزام أيضاً غير قابل للانقسام، كما تقول الفقرة (ب) من المادة 300 مدنى " إذا تبين من الغرض الذى رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسماً، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك "، فمحل الالتزام يكون إذن بطبيعته قابلاً للانقسام، ولكن المتعاقدين أراده غير قابل للانقسام بالاتفاق فيما بينهما، وعدم التجزئة هنا تسمى عدم تجزئة اتفاقية أو عدم تجزئة عرضية، أو عدم تجزئة فى التنفيذ والإرادة إما أن تكون صريحة أو ضمنية.

فالإرادة تكون صريحة إذا اشترط الدائن على المدين صراحة فى العقد الذى أنشأ الالتزام ألا يجوز تنفيذه منقسماً، بل يجب تنفيذه باعتباره كلا غير قابل للتجزئة، وأكثر ما يقع ذلك فى الالتزامات التضامنية عندما يريد الدائن ألا ينقسم الالتزام على ورثة أحد من المدينين المتضامنين أو عندما يريد الدائنون المتضامنون ألا ينقسم الالتزام على ورثة أى منهم فيشترط إلى جانب التضامن فى الالتزام عدم قابليته للانقسام وقد رأينا فى التضامن أن الالتزام ينقسم على الورثة ما لم يشترط عدم قابليته للانقسام، وكثيراً ما يشترط فى نظم الشركات التجارية أن السهم يكون غير قابل للتجزئة بالنسبة إلى الشركة، فلا يجوز أن يمثل السهم أمام الشركة، إلا شخص واحد.

وتكون الإرادة ضمنياً إذا تبين مثلاً أن الغرض الذى يرمى إليه المتعاقدان يجعل الالتزام غير قابل فى تنفيذه للتجزئة، فمن اشترى أرضاً ليبنى عليها مدرسة أو مستشفى أو داراً، وكان البناء يقتضي كل هذه المساحة من الأرض المبيعة، وقد دخل ذلك فى حساب المتعاقدين، فإن الأرض وإن كانت قابلة للتجزئة بطبيعتها، إلا أنها فى هذه الحالة لا تمكن تجزئتها بالنسبة إلى الغرض الذى رمى إليه المشترى، وقد علم به البائع، وكان محل اتفاق ضمنى بينهما، كذلك إذا تعهد شخص بإقراض آخر مبلغاً من النقود ليسترد عيناً أو ليشفع فيها، وكان هذا المبلغ كله ضرورياً للاسترداد أو للأخذ بالشفعة، فإن الالتزام هنا لا يتجزأ طبقاً للغرض الذى رمى إليه المتعاقدان.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثالث، المجلد : الأول، الصفحة : 426)

تثار مسألة قابلية الإلتزام للإنقسام - أي التجزئة - أو عدم قابليته لذلك، في حالة عدد أحد طرفيه أو كليهما، بأن يتعدد الدائنون أو المدينون أو كليهما، ذلك أن الإلتزام إذ قام بين مدين واحد ودائن واحد، فإن المدين يجب أن يوفي بكل الإلتزام للدائن حتى لو كان الإلتزام قابلاً بطبيعته للانقسام، إذ تنص المادة 342 على أنه «لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاءً جزئياً لحقه ما لم يوجد إتفاق أو نص يقضي بغير ذلك، فإن تعدد المدينون في التزام قابل للانقسام، ورجع الدائن على أحدهم بكل الدين، كان لهذا المدين أن يتمسك بانقسام الدين فيما بينه وبين باقي المدينين، فلا يوفي للدائن إلا بحصته في الدين، أما إن كان الإلتزام غير قابل للانقسام، التزم المدين بكل الدين كما في الالتزام التضامنى .

ويدل محل الإلتزام على القابلية للانقسام أو عدم القابلية لذلك، فإن كان المحل نقوداً، كان الالتزام قابلاً للانقسام، أما إن كان سيارة فهو غير قابل للانقسام، وينظر الى المحل عند التنفيذ لا عند الرجوع على الدين، فقد يكون محل الالتزام عند الرجوع غير قابل للانقسام بينما يكون عند التنفيذ قابلاً للانقسام، مثال ذلك في الإلتزام البدیل عندما يكون المحل الاصلي غير قابل للانقسام أم كالجار الذي يخالف قيود البناء الاتفاقية بأن يقيم بناء غير مسموح به، فإن التزامه يكون غير قابل للانقسام كالجار الذي يخالف قيود البناء الاتفاقية بأن يقيم بناء غير مسموح به، فإن التزامه يكون غير قابل للانقسام ويلتزم بتنفيذه عيناً بهدم البناء الذي أقامه فإن كان هذا التنفيذ مرهقاً، فوفقاً للمادتين 203 و 1018 للقاضي أن يدل هذا الالتزام بالتزام آخر هو التعويض باعتبار أن التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين، وهو قابل للانقسام، فلا ينفذ به الدائن إلا بقدر حصة كل ملين ممن أقاموا البناء ما لم يكونوا متضامنين في التزامهم قبل الجار الدائن أو قبل سلفه.

ويستوي أن يتعدد أطراف الالتزام وقت نشوئه أو بعد ذلك، وقد يكون الالتزام غير قابل للانقسام بالنسبة لكل من طرفيه، وقد يكون قابلاً للانقسام بالنسبة الطرف دون الآخر.

أسباب عدم الانقسام :

1- عدم الانقسام المطلق، ويرجع ذلك إلى طبيعة محل الإلتزام إذ يحول هذا النحل دون تجزئة تنفيذ الالتزام، فالتزام البائع بتسليم حيوان هو التزام غير قابل للانقسام مطلقاً إذ يتعذر تجزئة الجواد عند تنفيذ الالتزام بتسليمه حياً، كذلك حقوق الارتفاق، من مطل ومرور وشرب وغيرها، فإن محلها محول طبيعته دون قابليته للانقسام فمن يلتزم بترتيب ارتفاق فلا يجوز له تجزئته، ويجب عدم الخلط بین عدم تجزئة الارتفاق وبين مدى الارتفاق، فمن إكتسب حق ارتفاق التزام بمناه فلا يكون له أن يتعدى هذا المدي ولا أجبر على التخلي عما يجاوز نطاق حقه، ومثل ذلك أيضاً، التزام البائع بضمان التعرض والاستحقاق، فإن محل هنا الالتزام بأبي التجزئة، فإما يقوم البائع بتنفيذه کاملاً بأن يجعل المتعرض يكف عن تعرضه وإلا يكون قد أخل بتنفيذ التزامه، وأيضاً التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، فهو التزام غير قابل للانقسام، والتزام بائع المتجر بعدم المنافسة، هو التزام غير قابل للانقسام، فأي منافسة يقوم بها البائع تعد إخلالاً بالتزامه طالما وقعت في نطاق هذا الالتزام، وكذلك الالتزام بعدم البناء.

ويبين مما تقدم أن الالتزام يكون غير قابل للانقسام بحسب طبيعة محله، سواء كان التزاماً بنقل أو إنشاء حق عيني أو كان التزاماً بعمل أو بالامتناع عن عمل.

وتقرير قابلية الالتزام الانقسام أو عدم قابليته له، هي مسألة قانون يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض.

2- عدم الانقسام النسبي، ويكون عندما يجوز تبعیض الالتزام بتنفيذه مقسماً وحول طبيعة محله دون ذلك، وإنما الذي يحول دون التبعيض هو الغرض الذي قصد إليه المتعاقدان من ورائه، فالتزام المقاول ببناء مسكن، هو إلتزام تقبل طبيعته التجزئة، إذ يمكن أن يقوم مقاول بأعمال البناء ويقوم آخر بأعمال النجارة وثالث بأعمال السباكة ورابع بأعمال الطلاء، ولكن إذا عهد الى مقاول واحد ببناء المسكن والتزم بتسليمه معداً للسكني، فإن الإلتزام في هذه الحالة يكون غير قبال التجزئة بسبب المرض الذي قصد منه، فإن لم يقم المقاول بتنفيذه على هذا النحو، يكون قد أخل بالتزامه فلا يستطيع إلزام المالك بتسلم جزء من العمل وقد اتضح ذلك من إرادة الطرفين الضمنية التي تستفاد من الغرض من الالتزام، ومثل ذلك أيضاً من إشترى قطعة أرض ليقيم عليها مصنعاً أو مدرسة وكان هذا الغرض الانقسام، مبيناً في العقد، كان التزام البائعين غير قابل للإنقسام رغم أن طبيعة المبيع تقبل الانقسام.

وقد يتضمن العقد شرطاً صريحاً بأن الالتزام غير قابل للانقسام، وحينئذ يصبح الالتزام غير قابل للانقسام دون حاجة لبيان الغرض الذي قصد منه، إذ لا ينظر إلى هذا الغرض إلا عند عدم وجود اتفاق صريح على عدم قابلية الالتزام للانقسام وللوقوف على نية المتعاقدين وما إذا كانوا قد اتفقوا على ذلك ضمناً.

ولما كان الإلتزام لا يقبل الانقسام على نحو ما تقدم، فإن الدائن يرجع به على أى مدين دون حاجة لاختصام الباقيين، وإذا مات أحد المدينين، التزم كل وارث بتنفيذ التزام مورثه بأكمله وهو ما يتضمن تنفيذاً لالتزام جميع المدينين، كتسلیم المبيع.

تختلف أحكام عدم القابلية للانقسام بالنسبة للقانون المدني عنها في قانون المرافعات في حالة مخالفة إجراء أو ميعاد عند تعدد الخصوم في موضوع غير قابل للتجزئة، فإن كان الإجراء أو الميعاد مقررة بموجب القانون المدني، فإنه يترتب على مخالفته سقوط الحق كما في حالة استرداد الحصة الشائعة على نحو ما أوضحناه بالمادة 833، وكما في حالة مواعيد وإجراءات الشفعة وأنظر نقض 1945/12/27 بالمادة 301.

أما إن كان الإجراء أو الميعاد مقررة بموجب قانون المرافعات، فإنه يكفي أن يكون صحيحاً بالنسبة لأحد الخصوم حتى يصبح صحيحاً بالنسبة للباقين ولو كان الإجراء أو الميعاد لم يكن صحيحاً بالنسبة لهم، إذ أن نسبية إجراءات المرافعات لا تسري في حالة قابلية الموضوع للانقسام، متى استوفى الإجراء شرائطه القانونية، فالاستئناف المرفوع عن حكم صادر في التزام لا يقبل الانقسام، يوجب لتعدي حجية الحكم لجميع المدينين، ضرورة إدخال من لم يختصم في الاستئناف، بحيث إن لم يتم ذلك وأغفلت محكمة الاستئناف تكليف المستأنف بإدخال من لم يختصم، فإن أثر الحكم لا يتعدى أطرافه إعمالاً لنسبية آثار الأحكام.

دعوى الصورية قد تكون قابلة للتجزئة وقد لا تكون قابلة لها، فتكون قابلة للتجزئة إذا وردت على تصرف يقبل محله للتجزئة كأرض فضاء أو زراعية، إذ يجوز تخزنها بحيث ينفذ العقد في القدر الذي لا يمس حقوق متصرف إليه آخر، وتكون غير قابلة للتجزئة إذا استحال اعتبار العقد جدياً بالنسبة لبعض الخصوم وصورياً بالنسبة للبعض الآخر عند إتحاد الخصوم في مركز قانوني واحد، كالورثة.

فإن كانت دعوى الصورية غير قابلة للتجزئة، وجب اختصام جميع من كان ماثلاً أمام محكمة الدرجة الأولى عند رفع استئناف عن الحكم، سواء كانوا محكوماً لهم أو محكوماً عليهم، وإلا وجب على المحكمة الاستئنافية تكليف المستأنف بادخالهم في الاستئناف ولو بعد الميعاد، فإن لم ينفذ قرارها، قضت ومن تلقاء نفسها بعدم قبول الاستئناف، لتعلق هذا الاختصام بالنظام العام، فإن لم تنبه المحكمة لذلك، وقضت في الاستئناف، كان حكمها باطلاً.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الخامس، الصفحة : 91)

يكون الالتزام غير قابل للانقسام إذا كان حله واحداً وكانت هذه الوحدة في محله غير قابلة للتجزئة عند تعدد الطرف الدائن أو المدين في هذا الالتزام، سواء توافر هذا التعدد من وقت نشوء الالتزام أو طرأ عليه بعد نشوئه بسبب انتقاله من ناحيته الإيجابية أو من ناحيته السلبية إلى عدة أشخاص، وسواء كان هذا الانتقال بسبب تصرف قانوني أو بسبب إرث أو غير ذلك .

وعلى ذلك لا تثور فكرة عدم قابلية الالتزام للانقسام إذا كان المدين به شخصاً واحداً، وكان الدائن به شخصاً واحداً، لأن المدين يلتزم في هذه الحالة بوفاء هذا الالتزام كاملاً لدائنه سواء كان الالتزام قابلاً للإنقسام أو غير قابل .

أسباب عدم قابلية الالتزام للانقسام :

ترجع عدم قابلية الالتزام للانقسام إلى سببين هما:

السبب الأول :

أن يكون محل الالتزام بطبيعته غير قابل للانقسام، ويرجع ذلك إلى أن محل الالتزام لا يقبل بطبيعته أن يقسم، إما لأن المحل لا تتصور تجزئته، وإما لأن المحل - وإن كان من الممكن تصوره مجزءاً – قد نظر إليه في العقد ككل لا يقبل التجزئة، فتكون عدم القابلية للانقسام في الحالة الأولى مطلقة، وفي الحالة الثانية نسبية. 

(أ) عدم القابلية للانقسام المطلقة :

يتحقق ذلك إذا كان محل الالتزام امتناعاً عن عمل، فالتزام بائع المحل التجاري بعلم منافسة المشتري لا تتصور فيه التجزئة، فلا يتصور أن ينفذ منه جزء دون جزء، فإذا تعدد البائعون التزم كل منهم بعدم المنافسة التزاماً لا يقبل الانقسام، فلا يتصور أن يقوم أحدهما بنصف هذا الالتزام ويترك النصف الباقي على عاتق الآخر.

وإذا تعدد المشترون فلا يتصور إلا أن ينفذ البائع التزامه كاملاً بالنسبة لكل منهم ومثل ذلك أيضاً الالتزام بتسليم حيوان حياً، والتزام البائع بالتدخل في دعوى الاستحقاق التي ترفع على المشتري لرد تعرض مدعي الاستحقاق (م 44 مدنی)، وكذلك الالتزام بتقرير حق ارتفاق، أما الالتزام بنقل حق عيني أو إنشائه على شئ، أي الالتزام بإعطاء، فيندر أن يكون غير قابل للانقسام بصفة مطلقة بسبب طبيعة محله، ذلك أنه حتى في الحالات التي يكون الشئ فيها غير قابل للتجزئة المادية، فإن الوفاء الجزئي ليس مستحيلاً، إذ من المتصور أن تنقل للدائن حصته شائعة في الشيء بدلاً من الحق كاملاً.

ب - عدم القابلية للانقسام النسبية

يتحقق ذلك عندما يكون محل الالتزام غير قابل للانقسام لا بأصل خلقته، وإنما يكون محل الالتزام غير قابل للانقسام بسبب نظرة المتعاقدين إليه ككل لا ينقسم، والمثل التقليدي لذلك التزام المقاول ببناء المنزل، فالعمل المطلوب تتصور تجزئته بل هو لا يتم إلا جزءاً جزءاً، إذ أن بناء المنزل يتم على مراحل متعاقبة، ولكن محل الالتزام في نظر المتعاقدين ليس عناصر البناء المختلفة وإنما البناء ككل، فيكون الالتزام غير قابل للانقسام بسبب طبيعة المحل كما نظر إليه المتعاقدان، فإذا تعهد مقاولان ببناء منزل وفقاً لمواصفات معينة فلا ينقسم الالتزام عليهما وإن لم يشترط التضامن بينهما، فلا يكفي أن يقوم أحدهما ببناء جزء من المنزل تاركاً للآخر بناء الجزء الباقي إتماماً للمواصفات، بل يكون لرب العمل أن يطالب أياً منهما ببناء المنزل كاملاً وفقاً للمواصفات المتفق عليها، ومن ذلك أيضاً أن يتعهد مؤلفان الناشر بتأليف رواية معاً، فيكون التزامهما غير قابل للانقسام على أساس طبيعة المحل النسبية.

وكذلك فإن المتجر وإن كان قابلاً للانقسام بطبيعته إذ يمكن تجزئة عناصره المختلفة من مكان وسلع وعملاء وحقوق وديون وما إلى ذلك، إلا أنه جعل بنظرة الإنسان إليه كلا غير قابل للتجزئة فلا يمكن تسليم بعضه دون بعض .

السبب الثاني :

الاتفاق على عدم قابلية الالتزام للانقسام.

فعدم القابلية للانقسام هنا لا ترجع إلى طبيعة المحل المطلقة أو النسبية، بل إلى مجرد الاتفاق على عدم قابلية المحل للانقسام. 

ويطلق على هذه الحالة أيضاً عدم تجزئة عرضية أو عدم تجزئة في التنفيذ.

وهذا الاتفاق يكون صريحاً، كما يصح أن يكون ضمنياً، فالإرادة تكون صريحة إذا اشترط الدائن على المدين صراحة في العقد الذي أنشأ الالتزام ألا يجوز تنفيذه منقسماً، بل يجب تنفيذه باعتباره کلا غير قابل للتجزئة، وأكثر ما يقع ذلك في الالتزامات التضامنية عندما يريد الدائن ألا ينقسم الالتزام على ورثة أحد من المدينين المتضامنين أو عندما يريد الدائنون المتضامنون ألا ينقسم الالتزام على ورثة أى منهم، فيشترط إلى جانب التضامن في الالتزام عدم قابليته للانقسام .

أما الاتفاق الضمنى فهو ما يستخلص من ظروف التعاقد، وبصفة خاصة من الغرض المقصود من الالتزام، كما لو اشترى شخص أرضاً من عدة ملاك وكان مفهوماً في العقد أنه قصد أن يقيم عليها مصنعاً، فلا يصح الوفاء من كل مالك بقدر حصته الشائعة، بل يجب الوفاء بالكل، ومن ذلك أن يبيع شخص قطعتي أرض إلى مشتر واحد بصيغة واحدة ويكون مفهوماً بين المتعاقدين أنه قد أراد بذلك أن يسدد من ثمنهما معاً ديناً عليه، فيكون التزام المشتري بالنسبة للقطعتين التزاماً واحداً لا يقبل التجزئة .

والغالب في اشتراط عدم الانقسام أن يقصد به مصلحة الدائن فلا يكون له أثر إلا من ناحية المدين، فلا يجبر الدائن على قبول وفاء جزئي وإن تعدد المدينون بل يكون كل منهم ملزماً بأداء كل الدين، أما إذا تعدد الدائنون، أو توفي الدائن عن عدة ورثة، فينقسم الحق عليهم، فيكون لكل منهم أن يطالب المدين بحصته فحسب، على أنه قد يشترط عدم الانقسام لمصلحة المدين فلا يجبر على تقسيم الوفاء وإن تعدد دائنوه، من ذلك كثيراً ما يشترط في الأسهم والسندات أنها لا تقبل التجزئة، فإذا مات صاحبها عن عدة ورثة فلا ينقسم الحق عليهم، فلا يجوز أن يطالب كل منهم الشركة بجزء من الأرباح أو الفوائد بقدر حصته في الميراث بل لا تلزم الشركة إلا بالوفاء جملة واحدة .

واستخلاص ما إذا كانت نية المتعاقدين قد اتجهت إلى قابلية أو عدم قابلية الالتزام للانقسام مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة للثابت بالأوراق .

ولا محل في الالتزام غير القابل للانقسام إلى افتراض نيابة تبادلية بين المدينين لا فيما ينفع ولا فيما يضر ولا إلى ترتيب أي أثر من الآثار التي رتبها المشرع عليها في الالتزامات التضامنية، بل يتعين هنا كما في التضامن مراعاة تعدد الروابط بين المدينين المتعدين والدائن وما رتبه هناك من نتائج على هذا التعدد.

غير أن هذا لا يمنع من أن تترتب على عدم قابلية الالتزام للانقسام بعض تلك الآثار التي تقدم أنها تترتب في التضامن على فكرة النيابة التبادلية لا باعتبارها كذلك بل باعتبارها نتيجة لطبيعة الالتزام غير القابل للانقسام.

ومن الآثار التي تترتب على عدم القابلية للانقسام عند تعدد المدينين أنه يجوز للدائن أن يطالب أياً من المدينين بالدين كله باعتباره ديناً واحداً غير قابل للتجزئة فإذا وجه الدائن المطالبة القضائية إلى أحد المدينين فقط، جاز لهذا المدين أن يطلب تأجيل الدعوى لإدخال المدينين الآخرين فيها (م 117 مرافعات)، وجاز للمحكمة أن تأمر من تلقاء (118 مرافعات) حتى يصدر الحكم بإلزام المدينين جميعاً وكل واحد منهم بكل الدين، ولكن لا يجوز لمن رفعت عليه الدعوى أن يدفعها بطلب تقسيم الدين بمقولة إنه غير متضامن مع المدينين .

أولاً : أمثلة للمحل القابل للانقسام 

1- الالتزام بالتعويض النقدي : 

وفي هذا قضت محكمة النقض بأن :

2- الامتداد القانوني للإيجار المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977.

3- تثبيت الملكية والريع : 

4- تثبيت الملكية والريع :

5- تثبيت الملكية والتسليم :

6- تثبيت الملكية وبطلان عقد البيع.

ثانياً : أمثلة للمحل غير قابل للانقسام :

1- إنهاء عقد إيجار أرض فضاء :

2- فسخ عقد الإيجار :

3- تخفيض الأجرة : 

4- فسخ عقد بيع : 

5- إلزام الورثة بتقديم كشف حساب :

6- طلب التسليم للغصب :

7- دعوى الصورية :

8- حق الانتفاع :

9 - عقد الصلح :

10- صحة السند أو تزويره :

11- دعوى صحة التعاقد :(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء :  الرابع، الصفحة : 179)

يكون الالتزام غير قابل للانقسام إذا كان محله واحداً وكانت هذه الوحدة في محله غیر قابلة للتجزئة عند تعدد الطرف الدائن أو المدين في هذا الالتزام، سواء توافر هذا التعدد من وقت نشوء الالتزام أو طرأ عليه بعد نشوئه بسبب انتقاله من ناحيته الإيجابية أو من ناحيته السلبية إلى عدة أشخاص، وسواء كان هذا الانتقال بسبب تصرف قانوني أو بسبب إرث أو غير ذلك.

ويبين من ذلك أن عدم قابلية الالتزام للانقسام صفة يقترن بها الالتزام من وقت نشوئه، ولو كان قد نشأ بين دائن واحد ومدین واحد، إذ يكون المقصود بها حينئذ عدم جواز قسمة الالتزام في المستقبل إذا حل فيه محل الدائن أو محل المدين عدة أشخاص، أي أنها صفة تحول دون انقسام الالتزام ليس من وقت نشوئه فحسب، بل تجعله من هذا الوقت غير قابل للانقسام في الحال أو في المستقبل، بحيث يتحتم الوفاء به كله دفعة واحدة، ما لم يقبل الدائن أن يستوفي الدين مجزأ .

ويقول الأستاذ السنهوري في ذلك أن هذا ما يدعو إلى جعل عدم القابلية الانقسام وصفاً متعلقاً لا بمحل الالتزام بل بأطرافه، ذلك لأنه ما دامت أهمية عدم القابلية للانقسام لا تظهر إلا عند تعدد الدين أو الدائن فوصف عدم القابلية للانقسام أنما يدور مع هذا التعدد، لا مع طبيعة المحل في ذاته، فيلحق بأطراف الالتزام دون محله ( السنهوري في المرجع المتقدم نبذة 213 ص 424 و الهامش 2).

ويكون مصدر عدم القابلية للانقسام الاتفاق إذا كان المحل قابلاً بطبيعته للانقسام ولكن اتجهت نية الطرفين عند إنشاء الالتزام به إلى جعل هذا الالتزام غير قابل للانقسام، سواء كان هذا الاتجاه معبراً عنه صراحة أو مستفاداً ضمناً من ظروف التعاقد وبخاصة من الغرف الذي رمى إليه العاقدان كما في التعهد بتوريدات متتالية، فمحله يعتبر مجموع التوريدات بحسب قصد العاقدين ولو كانت التوريدات تتم على دفعات متتالية، ولمحكمة الموضوع سلطانها المطلق في استخلاص ما إذا كانت نية المتعاقدين قد اتجهت إلى قابلية أو عدم قابلية الالتزام للانقسام متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق دون تعقيب عليها من محكمة النقض.

في الالتزام المشترك بكل الدين يكون عدة مدينين ملزمين بشيء واحد قبل دائن واحد وبحيث يلزم كل منهم بأداء الدين بأكمله، دون أن يكون بينهم تضامن ودون أن يكون الدين غير قابل للانقسام، ويسمى أيضاً ويوصف هذا الالتزام بأنه تضاممي ولا تكون العلاقة بين المدينين المتعددين علاقة تضامن وإنما توصف بأنها حالة تضامم.

وكذلك في الالتزام بالنفقة الذي يقع على عدة أقارب من درجة واحدة، فإن كلا من هؤلاء الأقارب يكون ملزماً بكل النفقة اللازمة القريبة المعسر ويجوز للأخير أن يطالب أيهم بالنفقة كاملة.

ومن هذا القبيل أيضاً ما تنص عليه المادة 792 في باب الكفالة من أنه إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وكانوا غير متضامنين فيما بينهم وكان التزامهم بعقود متوالية، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم، إذ أن مؤدى ذلك أن التزام الكفلاء في هذه الحالة لا يكون تضامنياً لعدم الاتفاق على التضامن ولا يكون غير قابل للانقسام لا بسبب طبيعته ولا بسبب اتفاق الطرفين، ولكن القانون نص مع ذلك على أن يكون كل من الكفلاء مسئولاً عن الدين كله.

ويبين من التعريف المتقدم أن الالتزام المشترك بكل الدين يتميز بما يأتي :-

1) وحدة المحل مع قابليته للتجزئة بطبيعته ومع عدم الاتفاق على عدم غير قابل للانقسام.

2) تعدد المدينين و التزام كل منهم بالدين كله .

3) انعدام التضامن بين المدينين.

حكم الالتزام المشترك بكل الدين :

يترتب على الالتزام المشترك بكل الدين :

1) أن يجوز للدائن مطالبة أي من المدينين بالدين كله، وأن وفاء الدين من أحدهم مبرئهم جميعاً.

2) وأن يجوز لأي مدين وفاء الدين كله على أن يرجع على الباقين كل منهم بنصيبه حتى لا يثرى غير الموف على حساب الموفي : ويكون رجوعه اما بدعوى الحلول وفقاً للمادة 326 فقرة «أ» وإما بدعوى الفضالة .

3) أن لا يكون بين المدينين تضامن ولا تحدث بينهم الآثار التي تترتب فيما بين المدينين المتضامنين على النيابة التبادلية.

4) أن يكون الدين قابلاً للانقسام بين ورثة كل واحد من المدينين بحيث يقتصر التزام كل وارث على قدر نصيبه من الدين ولا يسأل عن نصيب من يعسر منهم.

5) أنه إذا وجهت المطالبه لأحد المدينين جاز له أن يدفع الدعوى بطلب التقسيم ويقضي له به ولكن على أن يبقى مسئولاً عن نصيبه في حصة من يعسر من المدينين الآخرين.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس، الصفحة : 598)

 صورة خاصة من التضامن بين الدائنين (الدين المشترك)

الدين المشترك صورة خاصة من التضامن بين الدائنين يعرفها الفقه الإسلامي والتقنين المدني العراقي دون التقنين المدني المصري وسائر التقنينات المدنية العربية : وهناك صورة خاصة من التضامن بين الدائنين لا تصل إلى المدى الذى رسمناه فيما تقدم، بل تقصر عنه فى بعض النواحى، وهذه الصورة الخاصة هى ما يعرفه الفقه الإسلامى تحت اسم " الدين المشترك، وقد نقلها عن الفقه الإسلامى – وعن المجلة بنوع خاص – التقنين المدنى العراقى، ولم ينقلها التقنين المدنى المصرى ولا التقنينات المدنية العربية الأخرى . ومن ثم يكون هذا البحث مقصوراً، من ناحية التطبيق، على التقنين المدني العراقي دون غيره من التقنينات المدنية العربية .

ونبحث الدين المشترك كما بحثنا التضامن بين الدائنين، فنستعرض (أولاً) مصدر الدين المشترك (ثانياً) الآثار التي تترتب على الاشتراك فى الدين .

المطلب الأول

مصدر الدين المشترك : 

نص في التقنين المدني العراقي :

تنص المادة 303 من التقنين المدني العراقي على ما يأتي :

1- يكون الدين مشتركاً بين عدة دائنين إذا نشأ من سبب واحد، وكان غير متجزئ إما لوحدة الصفقة أو لسبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين".

2- فيعتبر ديناً مشتركاً ثمن المبيع المشترك بين اثنين أو أكثر، وثمن الشيئين ولو كانا غير مشتركين، ما دام البيع فى الحالتين قد صدر صفقة واحدة من غير تعيين ثمن حصة كل واحد، ويعتبر ديناً مشتركاً كذلك الدين الآيل بالإرث إلى عدة ورثة، وقيمة المال المشترك إذا استهلك، وبدل القرض المستقرض من مال مشترك " .

ويتبين من هذا النص أن الدين المشترك بين عدة دائنين له مصدر واحد لا يتعدد، ويجب إلى جانب ذلك أن يكون هناك إشتراك فى الدين بين الدائنين، فما لم يوجد هذا الاشتراك انقسم الدين على الدائنين المتعددين وأصبح ديناً متعدد الأطراف على النحو الذى قدمناه .

والإشتراك في الدين إما أن يرجع إلى طبيعة الأشياء بأن يكون المال الذى نشأ عنه الدين مالاً مشتركاً (أى شائعاً ) بين الدائنين فينشأ الاشتراك فى الدين من سبق الإشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين، وإما أن يرجع إلى إتفاق المتعاقدين إذا تعدد الدائنون واتفقوا مع المدين على أن يكون الدين مشتركاً بينهم وذلك بأن يجعلوا الصفقة واحدة .

فهناك إذن مصدران للإشتراك فى الدين : (1) سبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين (2) ووحدة الصفقة . فنتناولهما متعاقبين بالبحث .

سبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين : فى هذه الصورة يكون هناك مال شائع بين اثنين أو أكثر ويكون هذا المال هو مصدر الدين المشترك .

ويصح فى هذه الحالة أن ينشأ الدين مشتركاً مذ البداية، ويتحقق ذلك إذا آل دين للتركة إلى ورثة متعددين، فإذا كان للتركة دين فى ذمة مدين لها، وكان الورثة ثلاثة مثلاً – زوجاً وابناً وبنتاً – فكان للزوج الربع وللإبن النصف وللبنت الربع، كان هذا الدين الذى للتركة ديناً مشتركاً منذ البداية بين الورثة الثلاثة بالحصص المتقدمة الذكر.

وقد يكون الموجود فى البداية هو المال الشائع لا الدين المشترك، ثم ينشأ الدين المشترك بعد ذلك عن المال الشائع، مثل ذلك أن يرث ورثة متعددون عيناً من أعيان التركة على الشيوع ويبيع الورثة العين صفقة واحدة، فالدين بالثمن الذي نشأ عن هذا المال الشائع يكون ديناً مشتركاً بين الورثة المتعددين، وقد يكون سبب الشيوع فى العين سبباً آخر غير الميراث ويبيع الملاك فى الشيوع  العين صفقة واحدة، فيكون الدين بالثمن هنا أيضاً ديناً مشتركاً بين البائعين المتعددين، وإذا كانت العين الشائعة بين الملاك المتعددين قد أتلفها شخص فوجب عليه التعويض لملاك العين، فالدين بالتعويض الذى نشأ عن هذا المال الشائع يكون ديناً مشتركاً بين الملاك المتعددين، وإذا أقرض الملاك المتعددون شخصاً مالاً شائعاً بينهم، فالدين يرد القبض وقد نشأ عن مال شائع يكون ديناً مشتركاً بين المقرضين المتعددين.

ونرى من الأمثلة المتقدمة أن الدين المشترك فى الصورة التى نحن بصددها هو دين قابل للتجزئة، ولكن طبيعة الأشياء – أى سبق الاشتراك فى المال – اقتضت أن يبقى الدين مشتركاً بين الدائنين المتعددين .

الآثار التى ترتبت على الاشتراك فى الدين

المبادئ الرئيسية : يترتب على الاشتراك فى الدين ضرب من التضامن بين الدائنين هو فى جملته أقل توثيقاً من التضامن العادى الذى سبق بيانه، ويجب التمييز فى هذا الصدد بين علاقة الدائنين بالمدين وعلاقة الدائنين بعضهم ببعض .

(أولاً) فمن حيث علاقة الدائنين بالمدين : ينقسم الدين على الدائنين، ولا يستطيع أى دائن منهم أن يرجع على المدين إلا بحصته فى الدين، يستوفيها بأى طريق من طرق الاستيفاء، أى يقضيها بأى سبب من أسباب الانقضاء، وفى هذا يختلف الاشتراك فى الدين عن التضامن بين الدائنين اختلافاً بيناً، فقد رأينا أن الدائن المتضامن يستطيع الرجوع على المدين بكل الدين، بحصته وبحصص شركائه، وهؤلاء يرجعون عليه بعد ذلك كل منهم بحصته، وبينا أن هذا هو موضع الضعف فى التضامن، فهو ضمان للمدين أكثر منه ضماناً للدائن، إذ المدين تبرأ ذمته بدفع الدين كله لأحد الدائنين، فإذا ما استوفى هذا كل الدين تعرض شركاؤه لخطر إعساره عند رجوعهم عليه بحصصهم .

وينبني على أن الدائن في الدين المشترك لا يرجع على الدين إلا بحصته أن كثيراً من مسائل التضامن فى الحالات التى ينقضى فيها الالتزام التضامنى بسبب غير الوفاء، كالمقاصة والتجديد واتحاد الذمة والإبراء والتقادم، لا تعرض فى الدين المشترك، إذ الدائن فى هذا الدين لا يستوفى إلا حصته، فلا محل للتساؤل عما إذا كان الدائنون الآخرون يحتج عليهم بانقضاء الدين كله أو بمقدار حصة شريكهم فحسب، ثم إن النيابة التبادلية لا محل لها فى الدين المشترك، فالدائن في هذا الدين لا يقبض إلا حصته، فلا محل للقول بأنه يمثل شركاءه فى قبض حصصهم، ونرى من ذلك أن كثيراً من الصعوبات التى تقوم فى نظام التضامن لا وجود لها فى نظام الدين المشترك، وأن هذا النظام يفضل نظام التضامن من حيث علاقة الدائنين بالمدين.

(ثانياً) أما من حيث علاقة الدائنين بعضهم ببعض، فهنا تتجلى ذاتية نظام الدين المشترك، وإذا كان هذا النظام لا يخرج كثيراً عن القواعد العامة فى ناحية علاقة الدائنين بالمدين، فإنه فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض ينحرف كثيراً عن هذه القواعد وتبرز مقوماته الرئيسية، بل هو يقرب فى هذه الناحية من نظام تضامن الدائنين .

فالدائن إذا قبض حصته في الدين من المدين، كان للدائنين الآخرين أن يشاركوه فيما قبض كل بنسبة حصته في الدين ثم يرجعون، وهو معهم،   على المدين بما بقي لهم في ذمته، وللدائنين الآخرين أن يتركوا الدائن الذي قبض حصته ويتبعوا المدين بحصصهم، فإذا كان المدين معسراً عند مطالبتهم إياه كان من حقهم أن يرجعوا على الدائن الذي قبض حصته ليحملوه نصيبه من التبعة عن إعسار المدين، وفى هذه القواعد يتمثل الضمان الذى ينطوى عليه نظام الدين المشترك، فكل دائن إذا قبض حصته لم تخلص له، بل يبقى ضامناً للدائنين الآخرين حصصهم ويتحمل معهم تبعة إعسار المدين وللدائنين الآخرين  في هذا وسيلتان : فأما أن يشاركوه في حصته التي قبضها، وإما أن يرجعوا عليه بالضمان إذا طالبوا المدين بحصصهم فوجدوه معسراً، وهذا ما يسبغ على نظام الدين المشترك قوته من حيث هو ضمان للدائنين، وهذا فى الوقت ذاته موطن الضعف في هذا النظام، فالدائن الذي يقبض حصته لا تخلص له الحصة كما قدمنا، ولا يستطيع أن يطمئن إلى أنه قد استولى على حصته إلا بعد أن يستولى الدائنون الآخرون أيضاً على حصصهم .

ونظام تضامن الدائنين لا يبعد كثيراً عن هذا النظام، فقد رأينا أن الدائن المتضامن إذا قبض من المدين جزءاً من الدين، حتى لو كان هذا الجزء معادلاً لحصته على خلاف فى الرأى، جاز للدائنين الآخرين أن يشاركوه فيما قبض كل بنسبة حصته، ورأينا كذلك أن المدين إذا أعسر تحمل كل الدائنين تبعة هذا الإعسار،. ففى هذه الأحكام يتلاقى نظام الدين المشترك مع نظام تضامن الدائنين .

جواز الاتفاق على استبعاد الاشتراك فى الدين : ومهما يكن من أمر الدين المشترك، أو ما ينطوى عليه نظامه من مزايا وعيوب، فإنه يجوز أن يتفق ذوو الشأن على استبعاد هذا النظام، وقد نصت المادة 314 من التقنين المدنى العراقى على أنه " 1 - فى الدين المشترك يجوز الاتفاق فيما بين الشركاء على أن يكون لكل منهم الحق فى قبض حصته من الدين، من غير أن يكون لسائر الشركاء الرجوع عليه لو توت حصصهم.

2- وفى هذه الحالة ينقسم الدين المشترك على الدائنين قسمة تامة، ويختص كل منهم بحصته فى الدين من غير أن يشاركه فيها غيره بوجه من الوجوه ".

ونظام الدين المشترك، فى حالة وحدة الصفقة، ليس فى حالة إلى الاستبعاد، لأن ذوى الشأن فى هذه الحالة هم الذين أرادوا هذا النظام وعبروا عن هذه الإرادة من طريق وحدة الصفقة، فإذا كانوا لا يريدونه فليس أيسر عليهم من أن يتجنبوا طريقه، ولكن نظام الدين المشترك فى حالة سبق الاشتراك فى المال الذى  نشأ عنه الدين هو الذى يكون فى حاجة إلى الاستبعاد، فإن النظام فى هذه الحالة يكون مفروضاً على ذوى الشأن إلا إذا اتفقوا على استبعاده، كما تقضى المادة 314  من التقنين المدنى العراقى سالفة الذكر.

والاستبعاد يكون باتفاق الدائنين فيما بينهم على أن يستقل كل دائن بحصته فى الدين، فإذا قبضها لم يشاركه فيها الدائنون الآخرون، وتخلص له الحصة حتى لو أعسر المدين بعد ذلك، فلا يكون للدائنين حق الرجوع عليه لتحميله نصيبه فى هذا الإعسار، ومن ثم ينقسم الدين المشترك قسمة تامة على الدائنين، ويصبح ديناً متعدد الأطراف كل دائن له جزء من الدين يستقل به ولا يشاركه فيه الدائنون الآخرون بوجه من الوجوه، وقد لجأ التقنين المدنى العراقي إلى هذه الوسيلة حتى يفتح الطريق أمام ذوى الشأن لتجنب عيوب نظام الدين المشترك إذا شاءوا ذلك.

ونبحث الآن آثار الاشتراك فى الدين : (1) من حيث علاقة الدائنين بالمدين (2) ومن حيث علاقة الدائنين بعضهم ببعض وهى الناحية التي تبرز فيها مقومات الدين المشترك كما قدمنا .

العلاقة ما بين الدائنين والمدين فى الدين المشترك

المسائل الرئيسية : قدمنا أن كل دائن فى علاقته بالمدين يطالبه بحصته فى الدين وحدها، فيستوفيها بطريق من طرق الوفاء، ومن ثم ينقسم الدين على الدائنين فى علاقتهم بالمدين خلافاً للدين التضامنى، ثم أن علاقة كل دائن بالمدين قد تنقضى بسبب من أسباب انقضاء الالتزام غير الوفاء، ولا تقوم بين الدائنين المشتركين فى الدين أية نيابة تبادلي، لا فيما يضر ولا فيما ينفع، هذه هي المسائل الرئيسية الثلاث التي نتناولها بالبحث مسألة مسألة..

الوفاء : لأي دائن أن يطالب المدين بحصته فى المدين كما قدمنا، ولا يستطيع أن يطالبه بأكثر من حصته ولو كان الدين كله مضموناً بتأمين شخصى أو عينى، كذلك يستطيع المدين أن يفي لأي دائن بحصته فى الدين دون زيادة، فتبرأ ذمته من هذه الحصة، إلا إذا شارك فيها الدائنون الآخرون فعند ذلك يعود الدائن الذي قبض حصته فيطالب المدين بما نقص منها بعد هذه المشاركة، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 304 من التقنين المدني العراقي على أنه " إذا كان الدين مشتركاً، فلكل واحد من الشركاء أن يطلب حصته منه "، وحصة كل دائن فى الدين تتحدد باتفاق بين الدائنين، وقد يكون القانون هو الذى يحددها كما لو كان الدائنون ورثة فى مال شائع وباعوه صفقة واحدة فيكون الثمن ديناً مشتركاً بينهم كل له فيه بنسبة حصته فى الإرث على الوجه الذي يحدده قانون الميراث، فإذا لم يوجد إتفاق أو نص فى القانون يحدد مقدار حصة كل دائن، فالمفروض أن حصصهم متساوية .

وقد يستوفي الدائن حصته من كفيل أو محال عليه، بأن يكون للمدين كفيل فيرجع عليه الدائن بحصته، أو يحيل المدين الدائن بحصته على مدين آخر .

وتنص المادة 306 من التقنين المدنى العراقى فى هذا الصدد على أنه " إذا أخذ أحد الشركاء من المدين كفيلاً بحصته فى الدين المشترك، أو أحاله المدين على آخر، فللشركاء أن يشاركوه في المبلغ الذي يأخذه من الكفيل أو المحال عليه "، بل يجوز أن يستوفى الدائن حصته بأن يحيل هو شخصاً آخر بهذه الحصة على المدين، والحوالة هنا تكون حوالة حق لا حوالة دين .

وللدائن كذلك أن يستوفي حصته في الدين عن طريق الوفاء بمقابل، فيأخذ من المدين مالاً آخر بحصته، يشتريه أو يستأجره، وهذا ما تنص عليه المادتان 307 و308 من التقنين المدني العراقي، فتنص المادة 307 على أنه " إذا اشترى أحد الشركاء بحصته من الدين المشترك مالاً من المدين، فشركاؤه مخيرون إن شاءوا ضمنوه ما أصاب حصصهم من ثمن ما اشتراه، وإن شاءوا رجعوا بحصصهم على المدين "، وتنص المادة 308 على أنه " إذا استأجر أحد الشركاء بحصته من المدين المشترك شيئاً، صار قبضاً لحصته، ولشركائه الخيار في تضمنيه ما أصاب حصصهم وفى أتباع المدين ".

انقضاء الدين بأسباب أخرى غير الوفاء : وقد ينقضى التزام المدين بحصة الدائن بسبب آخر غير الوفاء فينقضى الالتزام بالتحديد، بأن يتفق الدائن مع المدين على تجديد هذه الحصة فى الدين بتغيير المحل أو السبب أو الدائن أو المدين، وينقضى الالتزام بالمقاصة بأن يثبت للمدين فى ذمة الدائن، قبل وجوب الدين المشترك أو بعده ( م311 من التقنين المدنى العراقي)، دين مقابل نشأ عن عقد كأن يكفل الدائن للمدين مديناً للمدين ويرجع المدين عليه باعتباره كفيلاً (م312 / عراقي)، أو نشأ عن عمل غير مشروع كأن يتلف الدائن للمدين مالً فيجب عليه التعويض (م312 / 1 عراقي)، أو نشأ عن أى مصدر آخر، وتوافرت شروط المقاصة القانونية، فإن الدينين يتلاقيان قصاصاً فينقضيان، وينقضي الالتزام باتحاد الذمة، بأن يموت الدائنين ويرثه المدين . وينقضي الالتزام بالإبراء أو بالهبة، بأن يبرئ الدائن المدين من حصته فى الدين أو يهبه إياها (م 313 عراقي )، فينقضى الدين بالإبراء أو بالهبة، وينقضي الالتزام بالتقادم، وقد تتقادم حصة أحد الدائنين دون أن تتقادم حصص الآخرين بأن يقطع الدائنون الآخرون التقادم، دون أن  يقطعه الدائن الأول، فتنقضى حصة هذا الدائن بالتقادم دون أن تنقضى حصص الآخرين .

ويلاحظ أنه فى أسباب الانقضاء المتقدمة الذكر لا ينقضى الدين كله كما قدمنا، وإنما تنقضى حصة أحد الدائنين، فلا يعرض فى هذه الحالات ما كان يعرض فى صدد تضامن الدائنين من أن للمدين أن يحتج بمقدار حصة من قام به سبب الانقضاء، ذلك لأن أى دائن فى الدين المشترك لا يطالب المدين إلا بحصته فى الدين، وليس بكل الدين كما فى تضامن الدائنين، فلا محل لأن يحتج المدين عليه بانقضاء حصة دائن آخر ما دام الدائن الأول لا يطالب إلا بحصته هو .

وسنرى، عند الكلام فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض، كيف يرجع الدائنون الآخرون على الدائن الذى انقضت حصته بسبب غير الوفاء.

عدم قيام النيابة التبادلية بين الدائنين : ثم إن الدائنين فى الدين المشترك لا تقوم بينهم نيابة تبادلية كما تقوم فى التضامن على ما قدمنا، وذلك لا فيما يضر ولا فيما ينفع .

فإذا قطع أحد الدائنين التقادم على المدين، فإنما يقطعه فى حصته، ولا ينقطع التقادم بالنسبة إلى حصص الآخرين، وكذلك إذا وقف التقادم بالنسبة إلى أحد الدائنين، فإنه لا يقف تبعاً ذلك بالنسبة إلى الآخرين .

وكل دائن مسئول وحده عن خطأه، ولا يسأل عن خطأ الآخرين .

وإذا أعذر أحد الدائنين المدين أو قاضاه، فإنما يعذره أو يقاضيه فى حصته وحدها، ولا يتعدى أثر ذلك إلى حصص الدائنين الآخرين، وإذا أعذر المدين أحد الدائنين، فلا يكون هذا إعذاراً للباقين .

وإذا صالح أحد الدائنين المدين فإنما يصالحه على حصته وحدها، ولا يضر هذا الصلح الدائنين الآخرين ولا ينفعهم .

وإذا أقر أحد الدائنين للمدين، أو أقر المدين لأحد الدائنين، فإن الإقرار يقتصر أثره على المقر، ولا يفيد الدائنين الآخرين ولا يضرهم.

واليمين إذا وجهت من أحد الدائنين إلى المدين، أو وجهت من المدين إلى أحد الدائنين، فحلف من وجهت إليه اليمين أو نكل، فإن أثر ذلك كله لا يتعدى إلى الدائنين الآخرين.

والحكم الصادر لمصلحة أحد الدائنين أو ضده لا يسرى فى حق الدائنين الآخرين، إلا إذا كان الدائنون ورثة فكل منهم يعتبر ممثلاً للآخرين.

علاقة الدائنين بعضهم ببعض فى الدين المشترك

المسائل الرئيسية : قدمنا أن أياً من الدائنين إذا قبض حصته من الدين المشترك أو استوفاها بأى سبب آخر، كان للدائنين الآخرين أن يشاركوه فيها عيناً، أو أن يتبعوا المدين فإن كان معسراً رجعوا على الدائن الذى قبض حصته فحملوه نصيبه فى إعسار المدين، فنتكلم فى حالة ما إذا شارك الدائنون الآخرون الدائن، ثم فى حالة ما إذا رجعوا عليه بنصيبه فى إعسار المدين .

مشاركة الدائنين الآخرين للدائن فى حصة : تنص الفقرة الثانية من المادة 304 من التقنين المدني العراقي على ما يأتى : " فإذا قبض أحد الشركاء شيئاً من الدين المشترك، فالشركاء الآخرون بالخيار، إن شاءوا شاركوه فيما قبض عيناً ويتبعون هم والقابض المدين بما بقى لكل منهم فى ذمته، وإن شاءوا تركوا للقابض ما قبضه واتبعوا المدين بحصتهم "، ويتبين من هذا النص أنه إذا قبض أحد الدائنين من المدين شيئاً من الدين المشترك، سواء كان ذلك بمقدار حصته أو بأقل أو بأكثر كان للدائنين الآخرين أن يشاركوه فيما قبضه عيناً كل بنسبة حصته فى الدين، فلو فرضنا أن الدين المشترك  تسعمائة وأن الدائنين ثلاثة بحصص متساوية، وقبض أحدهم من المدين حصته وهى ثلثمائة، كان لكل من الدائنين الآخرين أن يشارك الدائن الأول فيما قبض فيأخذ منه مائة، وعند ذلك يكون كل من الثلاثة الدائنين قد استوفى من حصته مائة، ويبقى له مائتان، فإذا فرض أن دائناً منهم استوفى بعد ذلك من المدين مائة وخمسين، جاز لكل من الدائنين الآخرين أن يشارك هذا الدائن فيما قبض فيأخذ منه خمسين، وعند ذلك يكون كل من الثلاثة الدائنين قد استوفى من حصته مائة وخمسين، ويبقى له مائة وخمسون، فإذا قبض أحدهم من المدين بعد ذلك مائة وخمسين، جاز لكل من الآخرين أن يشاركه فيما قبض فيأخذ منه خمسين، وعند ذلك يكون كل من الثلاثة الدائنين قد استوفى من حصته مائتين، ويبقى له مائة، وهكذا كلما قبض أحد الدائنين من المدين ما بقى من حصته أو جزءاً من ذلك، جاز للدائنين الآخرين أن يشاركاه فيما قبض على النحو المتقدم الذكر، حتى يستوفى كل من الثلاثة حصته بأكملها.

وقد يقبض أحد الدائنين شيئاً من الدين المشترك ويتصرف فيه بالبيع أو الهبة أو غير ذلك من التصرفات أو يستهلكه، فعند ذلك يكون للدائنين الآخرين – إذا اختاروا مشاركته – أن يرجعوا عليه بالضمان بنسبة حصة كل منهم على الوجه المتقدم الذكر، أما إذا كان المقبوض عيناً وتلفت فى يد القابض بسبب أجنبي، فإن القابض يعتبر مستوفياً لما قبضه ويحسب عليه من حصته، ولا يكون للدائنين  الآخرون رجوع عليه، وإنما يطالبون المدين بحصصهم فى الدين، وتنص المادة 305 من التقنين المدنى العراقى فى هذا الصدد على ما يأتى : " 1- إذا قبض أحد الشركاء حصته من الدين المشترك، وأخرجها من يده بوجه من الوجوه أو استهلكها، فللشركاء الآخرين أن يضمنوه نصيبهم منها . 2- أما إذا تلفت فى يده بلا تقصير منه، فلا يضمن نصيب شركائه فى المقبوض ويكون مستوفياً حقه وما بقى من الدين بذمة المدين يكون للشركاء الآخرين " .

وما قدمناه من رجوع الدائنين على الدائن الذى قبض شيئاً من الدين المشترك يسرى أياً كانت كيفية استيفاء الدائن لما قبض، فقد يقبض عن طريق وفاء المدين له للجزء الذى قبضه، وقد يقبض عن طريق رجوعه على كفيل المدين أو من أحال عليه المدين الدين ( م 306 عراقي، م 421 أردني ) .

أما إذا قبض أحد الدائنين مقابلاً لحصته، فليس للدائنين الآخرين أن يشاركوه عيناً فيما قبض من المقابل، بل كل ما لهم هو أن يرجعوا عليه بالضمان بنسبة حصة كل منهم، فإذا اشترى أحد الشركاء بحصته من الدين المشترك مالاً من المدين، فشركاؤه مخيرون، إن شاءوا ضمنوه ما أصاب حصصهم من ثمن ما اشتراه، وإن شاءوا رجعوا بحصصهم على المدين، وليس لهم أن يشاركوه في المال المشتري إلا إذا تراضوا على ذلك (م 307 عراقي)، وإذا استأجر أحد الشركاء بحصته من الدين المشترك شيئاً، صار قابضاً لحصته، ولشركائه الخيار في تضمينه ما أصاب حصصهم أو اتباع المدين ( م 308 عراقى ) .

وإذا صالح أحد الدائنين المدين عن حصته من الدين المشترك، فإن كان بدل الصلح من جنس الدين، شركاؤه إن شاءوا شاركوه فى المقبوض وإن شاءوا اتبعوا المدين، وإن كان بدل الصلح من خلاف جنس الدين، فالشركاء بالخيار أيضاً فى اتباع المدين أو الشريك المصالح، وللشريك المصالح في حالة الرجوع عليه الخيار إن شاء سلم إليهم نصيبهم فى المقبوض وإن شاء دفع إليهم نصيبهم فى الدين (م 309 عراقى).

وإذا مات المدين وورثه أحد الدائنين، فالدائنون الآخرون يطالبون تركة المدين كل منهم بمقدار حصته في الدين، فإن لم تف التركة بحصصهم، قسمت على الدائنين جميعاً وفيهم الدائن الذى ورث المدين، بنسبة حصة كل منهم (م 310 عراقي) وبذلك يتحمل كل من الدائنين نصيبه فى إعسار المدين كما سنرى .

وإذا استوفى أحد الدائنين حصته فى الدين المشترك عن طريق المقاصة، فإذا كان الدين المشترك قد ثبت فى ذمة المدين قبل أن يثبت حقه فى ذمة الدائن، فإن الدائن يكون قد استوفى حصته من الدين عن طريق الحق الذي ثبت في ذمته  للمدين، وللدائنين الآخرين أن يشاركوه في هذا الحق الذي استوفى به دينه، ويستوي في ذلك أن يكون الحق الذى ثبت فى ذمة الدائن للمدين مصدره عقد أو عمل غير مشروع أو أى مصدر آخر، حتى إذا أتلف أحد الشركاء في دين مشترك مالاً للمدين وتقاصا بحصته ضماناً فلشركائه أخذ نصيبهم منه أما إذا كان الدين المشترك قد ثبت فى ذمة المدين بعد أن ثبت حقه فى ذمة الدائن، فيكون المدين هو الذى استوفى حقه من الدائن بحصة هذا الدائن فى الدين المشترك، وليس للدائنين الآخرين أن يرجعوا بحصصهم على شريكهم، كذلك إذا كان الدين المشترك قد ثبت فى ذمة المدين قبل أن يثبت حقه فى ذمة الدائن، ولكن هذا الحق الذى ثبت فى ذمة الدائن لم يكن له مقابل أخذه الدائن من المدين، كأن كفل الدائن للمدين ديناً واجباً له على شخص آخر وصارت حصته قصاصاً بالدين الذى كفله، فلا رجوع للدائنين الآخرين على شريكهم، وإذا رجع الدائن على المكفول عنه وقبض منه مبلغ الضمان لم يكن لشركائه أن يشاركوه فيه ومثل ذلك أيضاً ما إذا كان الدائن قد وهب حصته فى الدين المشترك للمدين أو أبرأ ذمته منها، فإنه لا يكون قد قبض شيئاً من المدين، فلا رجوع لشركائه عليه، وهذه الأحكام نصت عليها المواد 311 - 313 من التقنين المدني العراقي، فنصت المادة 311 على أنه : " 1- إذا كان للمدين فى دين مشترك على أحد الشركاء دين خاص به ثابت له قبل وجوب الدين المشترك عليه هذا الشريك، 2- أما إذا حدث للمدين دين على أحد الشركاء وثبت له ذلك بعد وجوب الدين المشترك عليه وصار دينه قصاصاً به، فلشركائه الحق فى الرجوع عليه بحصصهم منه "، ونصت المادة 312 على أنه " 1- إذا أتلف أحدا الشركاء فى دين مشترك مالاً للمدين وتقاصا بحصته ضماناً، فلشركائه أخذ نصيبهم منه . 2- أما إذا ضمن للمدين ديناً واجباً له على شخص آخر، وصارت حصته قصاصاً بالدين الذى ضمنه، فلا شئ لشركائه عليه، وإذا رجع على المكفول عنه وقبض منه مبلغ الضمان، لم يكن لشركائه أن يشاركوه فيه "، ونصت المادة 313 على أنه " إذا وهب أحد الشركاء حصته من الدين المشترك للمدين أو أبرأ ذمته منها، فهبته وإبراؤه صحيحان، ولا يضمن نصيب شركائه فيما وقب أو أبرأ ".

ويتبين من النصوص المتقدمة الذكر أن الدائن إما أن يقبض حقه من جنس الدين، أو يقبض مقابلاً لحصته، أو تبرأ ذمة المدين من حصته دون أن يقبض شيئاً، فإذا قبض حصته من جنس الدين، سواء قبضها من المدين نفسه أو من كفيل أو من محال عليه أو صالح المدين عن حصته وكان بدل الصلح من جنس الدين، فللدائنين أن يشاركوه عيناً فيما قبض، وإذا قبض الدائن مقابلاً لحصته، كأن اشترى أو استأجر بحصته مالاً للمدين أو صالح عن حصته وكان بدل الصلح من خلاف جنس الدين، ومثل ذلك أيضاً ما إذا قبض حصته من جنس الدين ولكنه تصرف فيها أو استهلكها، فإن الدائنين الآخرين يرجعون عليه بضمان حصصهم إذ ليس في يده شئ من جنس الدين حتى يشاركوه فيه عيناً، وإذا برئت ذمة المدين من حصة الدائن دون أن يقبض هذا شيئاً، كأن وفى الدائن ديناً عليه للمدين بحصته فى الدين المشترك فانقضى الدينان قصاصاً أو انقضت حصته فى الدين المشترك قصاصاً بدين مثله للمدين أو وهب حصته للمدين أو أبرأ ذمته منها، ومثل ذلك أيضاً أن يقبض الدائن حصته فتتلف في يده بسبب أجنبى فيكون فى حكم من لم يقبض شيئاً، لم يرجع الدائنون الآخرون عليه بشئ، فهم لا يشاركونه عيناً إلا شئ فى يده من جنس الدين حتى تمكن المشاركة فيه، ولا يرجعون عليه ضماناً إذ هو لم يقبض شيئاً يضمنه لشركائه، ويعتبر الدائن قد استوفى حصته هو، ولا يبقى لشركائه إلا أن يتبعوا المدين بحصصهم.

ويمكن أن نستخلص من المبادئ المتقدمة حلولاً لمسائل لم يرد فيها نص، من ذلك أن التقنين المدنى العراقى قد أغفل النص على حالتى التجديد والتقادم، ويمكن القول بأنه إذا انقضت حصة أحد الدائنين فى الدين المشترك عن طريق التجديد، فإن الدائن يكون قد قبض حصته ولكن من غير جنس الدين، فيرجع عليه شركاؤه بالضمان، يكون له الخيار إن شاء سلم إليهم أنصبتهم  فى الدين الجديد الذى حل محل حصته وإن شاء دفع إليهم نصيبهم فى الدين المشترك، وهذا قياساً على الصلح إذا كان بدله من خلاف جنس الين (انظر المادة 309 عراقى)، وإذا انقضت حصة أحد الدائنين بالتقادم دون أن تنقضى حصص الدائنين الآخرين، فإن الدائن لا يكون قد قبض شيئاً، ومن ثم لا يرجع عليه شركاؤه بشئ، ويتبعون المدين بحصصهم .

رجوع الدائنين الآخرين على الدائن بنصيبه فى إعسار المدين : وقد يختار الدائنين الآخرون ألا يشاركوا الدائن فى حصته التى قبضها من الدين المشترك، فيتركوها له ويتبعوا المدين بحصصهم، " فإن اختاروا متابعة المدين – كما تقول الفقرة الثالثة من المادة 304 من التقنين المدنى العراقى – فلا يرجعون على القابض بشئ، إلا إذا توى نصيبهم، فيرجعون عندئذ على القابض بحصتهم فيما قبضه، ويأخذون منه مثل المقبوض لا عينه "، فإذا كان الدين، كما ذكرنا فى مثل سابق، تسعمائة، وكان الدائنون ثلاثة بحصص متساوية، وقبض أحدهم حصته من الدين وهي ثلثمائة، ولم يختر الدائنان الآخران أن يشاركا الدائن الأول في هذه الحصة وتركاها له، طالب كل منهما المدين بحصته في الدين وهي ثلثمائه، فإن استوفى كل منهما حصته انقضى الدين جميعاً، وبرئت ذمة المدين نحو الدائنين الثلاثة، وخلص للدائن الأول حصته التى قبضها كما خلص لكل من الدائنين الآخرين حصته، أما إذا كان المدين قد أعسر عند مطالبة الدائنين الآخرين له بحصتيهما في الدين المشترك، تحمل الدائنون الثلاثة إعسار المدين كل بنسبة حصته، ومن ثم يجرع الدائنان الآخران بالضمان على الدائن الأول الذى قبض ثلاثمائة، فيأخذ كل منهما مائة من هذا الدائن – مثلاً لا عيناً لأنهما يرجعان بالضمان لا بالمشاركة فى عين المقبوض – ويبقى للدائن مائة مثلهما، وإذا كان إعسار المدين إعساراً جزياً بحيث أن الدائنين الآخرين لم يخلص لكل منهما إلا نصف حصته أى مائة وخمسون، فإن الدائنين الثلاثة يتحملون هنا أيضاً إعسار المدين كل بنسبة حصته، فيرجع الدائنان الآخران بالضمان على الدائن الأول الذى قبض ثلثمائة، فيأخذ كل منهما خمسين من هذا الدائن، ويكون كل من الدائنين الثلاثة قد خلص له من حصته فى الدين مائتان بدلاً من ثلثمائة بسبب إعسار المدين هذا الإعسار الجزئى .

ويستوي أن تنقضي حصة أحد الدائنين فى الدين المشترك بطريق الوفاء أو بأى طريق آخر يستوفى به الدائن مقابلاً لحصته كالوفاء بمقابل والمقاصة والتجديد، ففي جميع هذه الأحوال يرجع الدائنون الآخرون على هذا الدائن الذى استوفى حصته كاملة بنصيبه فى إعسار المدين.

وقد يقع أن شركاء الدائن الذى قبض حصته أو أخذ ما يقابلها، عند رجوعهم عليه لتحميله نصيبه فى إعسار المدين، يجدونه هو أيضاً معسراً، فلا مناص فى هذه الحالة من أن يستقلوا هم دونه بتحمل إعسار المدين، ومثل ذلك ما إذا وجد الشركاء شريكهم معسراً عندما أرادوا مشاركته فى حصته التى قبضها، ثم لما طالبوا المدين بحصصهم وجدوه هو أيضاً معسراً، فلا مناص من أن يتحملوا وحدهم، هنا أيضاً، إعسار المدين. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثالث، المجلد : الأول، الصفحة : 263).

 

الفقة الإسلامي

 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والعشرون  ، الصفحة /  118

وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ بِاعْتِبَارِ الشَّرِكَةِ فِيهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مُشْتَرَكٍ وَغَيْرِ مُشْتَرَكٍ .

أ - فَالدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ: هُوَ مَا كَانَ سَبَبُهُ مُتَّحِدًا، سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، بَيْعَ صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُذْكَرْ عِنْدَ الْبَيْعِ مِقْدَارُ ثَمَنِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ، أَمْ دَيْنًا آيِلاً بِالإْرْثِ إِلَى عِدَّةِ وَرَثَةٍ، أَمْ قِيمَةَ مَالٍ مُسْتَهْلَكٍ مُشْتَرَكٍ، أَمْ بَدَلَ قَرْضٍ مُسْتَقْرَضٍ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ.

ب - الدَّيْنُ غَيْرُ الْمُشْتَرَكِ: هُوَ مَا كَانَ سَبَبُهُ مُخْتَلِفًا لاَ مُتَّحِدًا، كَأَنْ أَقْرَضَ اثْنَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ مَبْلَغًا لِشَخْصٍ أَوْ بَاعَاهُ مَالاً مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَسَمَّى حِينَ الْبَيْعِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَصِيبِهِ ثَمَنًا عَلَى حِدَتِهِ.

40 - وَتَبْرُزُ ثَمَرَةُ هَذَا التَّقْسِيمِ فِي الْمَسَائِلِ التَّالِيَةِ:

أَوَّلاً: إِذَا كَانَتِ الدُّيُونُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْمَدِينِ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِهَا اسْتِيفَاءُ دَيْنِهِ عَلَى حِدَةٍ مِنَ الْمَدِينِ، وَمَا يَقْبِضُهُ يُحْسَبُ مِنْ دَيْنِهِ خَاصَّةً، لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الدَّائِنِينَ الأْخَرِ .

أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ مِنَ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَلاَ يَخْتَصَّ الْقَابِضُ مِنْهُمْ بِمَا قَبَضَهُ، بَلْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقٌّ فِيهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ .

ثَانِيًا: إِذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ كَهِبَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوِ اسْتَهْلَكَهَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْهَا.

فَلَوْ كَانَ مَبْلَغُ أَلْفِ دِينَارٍ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً، فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْمَدِينِ خَمْسَمِائَةٍ وَاسْتَهْلَكَهَا، فَلِلدَّائِنِ الآْخَرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ. أَمَّا الْخَمْسُمِائَةِ الأْخْرَى فَتَبْقَى بَيْنَ الاِثْنَيْنِ مُشْتَرَكَةً .

 ثَالِثًا: إِذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلاَ تَقْصِيرٍ، فَلاَ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الْمَقْبُوضِ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا حِصَّةَ نَفْسِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فَيَكُونُ حَقًّا لِلشَّرِيكِ الآْخَرِ .

رَابِعًا: إِذَا أَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ - دَيْنًا مُشْتَرَكًا - كَفِيلاً بِحِصَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، أَوْ أَحَالَهُ الْمَدِينُ عَلَى آخَرَ، فَلِشَرِيكِهِ الآْخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَبْلَغِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنَ الْكَفِيلِ أَوِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ .

_________________________________________________________________

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 ( مادة ۲۸۸)

يكون الالتزام غير قابل للانقسام :

(1) اذا ورد على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم •

( ب ) اذا تبين من الغرض الذي رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيده منقسماً ، او اذا انصرفت نية المتعاقدين الى ذلك .

هذه المادة تطابق المادة 300 من التقنين الحالي .