مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثالث ، الصفحة : 107
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - تواجه المادة 426 حالة تعدد الدائنين ، وفي هذه الحالة ، يكون لكل دائن أن يستأدى كل الدين ، على غرار ما يقع في التضامن الإيجابي ، ولا يجوز لأحد الدائنين أن يستقل بالإبراء من الدين أو بقبول الوفاء بمقابل ، وإلا بقى لسائر الدائنين حقهم في الرجوع على المدين بكل الدين ، بعد استنزال حصة من صدر منه هذا القبول ، أو ذاك الإبراء ، ويرجع الدائنون على من يستوفى الالتزام من بينهم كل بقدر حصته ، كما هو الشأن في التضامن الإنجاب .
2 - ويتمثل اختلاف عدم القابلية للانقسام عن التضامن في هذا الفرض في الفارقين اللذين تقدمت الإشارة إليهما :
(أ) فلكل وارث من ورثة الدائن أن يطالب بالدين بأسره ، ويسري هذا الحكم في الشريعة الإسلامية حيث ينتقل الحق من طريق الميراث.
(ب) ويصبح الدين قابلاً للانقسام متى استحال إلى تعويض نقدي ، ويراعي أنه عند تعدد المدينين والدائنين قد يتصور التضامن سلبياً أو إيجابياً ، أما عدم الانقسام الناشىء عن طبيعة المحل فلا يتصور إلا من الناحيتين معاً.
1 ـ المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن تعدد المستأجرين للعين المؤجرة وانصراف نية طرفى عقد الإيجار وقت التعاقد إلى انصراف الأثر القانونى للعقد إليهم بما يرتبه من حقوق ويفرضه من التزامات ، يعتبر معه كل من المستأجرين مستأجراً للعين ، وليس هناك ما يمنع فى القانون أن ينفرد أحدهما بالانتفاع بالعين ولا يعد ذلك من قبيل التنازل عن الإيجار المحظور فى العقد ونصوص قوانين إيجار الأماكن ، إذ أن حق كل منهم فى الانتفاع بالعين كاملاً ناشئ عن عقد الإيجار ذاته الذى لم يخصص لكل منهم فى الانتفاع بالعين ، ومن ثم فإن تخلى أحد المستأجرين للآخرين لا يعد تنازلاَ حظره القانون أو العقد ، ذلك أنه بالتطبيق لنص المادة 302 من القانون المدنى إذا تعدد الدائنون – المستأجرون – فى الانتفاع بالعين المؤجرة وكان محل هذا الالتزام بحسب طبيعته وشروط العقد غير قابل للانقسام لا يعتبر المستأجر المتنازل له من الغير الذى يحظر القانون التنازل له . لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومن بيانات عقد الإيجار المؤرخ 5/8/1971 أن الطاعن فى الطعن المطروح والمطعون ضده الثانى – الطاعن فى الطعن الثانى رقم 2302 لسنة 71 ق– قد استأجرا العين محل النزاع من المطعون ضده الأول لاستعمالها "مقلة لب وفول سودانى" بما يفيد أن كلاً منهما يعتبر مستأجراً للعين المؤجرة وليس هناك ما يمنع فى القانون أن ينفرد أحدهما بالانتفاع بتلك العين ، وإذ اتخذ الحكم المطعون فيه من مجرد تخارج المطعون ضده الثانى – الطاعن فى الطعن الثانى – أحد المستأجرين من الشركة التى تباشر نشاطها فى العين المؤجرة دليلاً على تخليه عن تلك العين وتنازله عن الإجارة إلى الطاعن فى الطعن المطروح – المستأجر الآخر – والمطعون ضده الثالث ورتب على ذلك قضاءه بفسخ عقد الإيجار وإخلاء العين والتسليم فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مشوباً بالفساد فى الاستدلال.
(الطعن رقم 2057 لسنة 71 جلسة 2003/01/22 س 54 ع 1 ص 216 ق 38)
2 ـ متى كان موضوع التداعي التزاماً غير قابل للإنقسام كما هو الشأن فى طلب بطلان عقد هبة لعدم استيفائه الشكل الرسمي فإنه - طبقاً للفقرة الأولى من المادة 302 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا تعدد الدائنون أو تعدد ورثة الدائن جاز لكل منهم أن يطالب بأداء الإلتزام كاملاً ومؤدى هذا أن الطاعنين وهم ورثة للدائن أي من له التمسك ببطلان إلزامه بالعقد بإعتباره هبة لم تتخذ الشكل الرسمي أن يتمسكوا بهذا البطلان مجتمعين أو منفردين وينبني على هذا أن بطلان الطعن من واحد أو أكثر منهم لا يحول دون قيامه متى صح بالنسبة لطاعن آخر أو أكثر منهم، إذ كان ذلك فلا محل لما يثيره الحاضر عن المطعون ضدها من بطلان الطعن برمته لبطلانه بالنسبة لبعض الطاعنين ويكون غير منتج البحث فى بطلان الطعن بالنسبة لبعض الطاعنين لعدم إيداع المحامى توكيله عنهم عند تقديم صحيفة الطعن أو لصدور التوكيل له بعد ذلك طالماً يكفي الطعن ممن صح الطعن منه.
(الطعن رقم 843 لسنة 44 جلسة 1978/03/29 س 29 ع 1 ص 891 ق 177
3 ـ إذ كان الواضح من بيانات-عقد النزاع- أنه حرر لمصلحة المطعون ضدهما الأول والثاني بما يفيد تعدد المستأجرين لعين النزاع وقد انصرفت نية الطرفين وقت التعاقد إلى انصراف الأثر القانوني للعقد إليهما بما يرتبه من حقوق ويفرضه من إلتزامات فيعتبر كل منهما مستأجرا للعين، وأنه ليس هناك ثمة ما يمنع فى القانون أن ينفرد أحدهما بالإنتفاع بالعين ولا يعد ذلك من قبيل التنازل عن الإيجار المحظور فى العقد ونصوص قوانين إيجار الأماكن، إذ أن حق كل منهما بالإنتفاع بالعين كاملا ناشئ عن عقد الإيجار ذاته الذي لم يخصص لكل منهما الإنتفاع بجزء معين ومن ثم فإن تخلى المطعون ضده الثاني أحد المستأجرين للمطعون ضده الأول لا يعد تنازلا حظره العقد أو القانون إذ أنه عملاً بالمادة 302 من القانون المدني إذا تعدد الدائنون -المستأجرون-في الإنتفاع بالعين المؤجرة وكان محل هذا الإلتزام بحسب طبيعة وشروط العقد غير قابل للإنقسام لا يعتبر المستأجر المتنازل إليه من الغير الذي يحظر القانون التنازل له.
(الطعن رقم 1459 لسنة 58 جلسة 1992/05/28 س 43 ع 1 ص 759 ق 157)
4 ـ النص فى المواد 300 و 301 و 302 من القانون المدنى يدل على أن وصف عدم قابلية الإلتزام للإنقسام ، و إن كان ينبعث فى جوهره من محل الإلتزام ، إلا أنه ينصرف فى آثاره إلى أطراف الإلتزام ، ذلك أنه - و على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدنى - لا تظهر أهمية عدم قابلية الإلتزام للإنقسام إلا حيث يتعدد المدينون أو الدائنون إما إبتداء عند إنشاء الرابطة القانونية ، و إما بعد ذلك إذ تعدد ورثة من كان بمفرده طرفاً من طرفى الالتزام .
(الطعن رقم 1278 لسنة 48 جلسة 1979/03/17 س 30 ع 1 ص 839 ق 154)
5- المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يشترط طبقاً للمادة 203 من القانون المدني لإجبار المدين البائع على تنفيذ التزامه بتسليم العين المبيعة إلى المشترى أن يكون هذا التسليم ممكناً ، فإذا كانت هذه العين مملوكة للبائع وقت انعقاد البيع ثم تعلقت بها ملكية شخص آخر تعلقاً قانونياً استحال الوفاء بهذا الالتزام عيناً للمشترى الأول . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك بدفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه لا يمكنه الوفاء بالتزامه بتسليم عقار التداعي إلى المطعون ضده ، إذ إنه قام ببيعه لشقيقه – غير ممثل بالطعن – والذى قام ببيعه لشخص آخر يدعى / .................. – بموجب عقد البيع مؤرخ 1 /10 /1999 وأن الأخير أقام فيه هو وعائلته وأصبح في حيازته وتعلقت به ملكيته ، مما يستحيل معه تنفيذ التزامه بتسليمه للمطعون ضده استناداً لتقرير الخبير المودع أمام الاستئناف ، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإلزامه بالتسليم استناداً إلى التزامه الوارد بعقد البيع الابتدائي الصادر منه للمطعون ضده في 28 /3 /1998 وثبوت قيام الأخير بسداد كامل الثمن دون أن يعرض لهذا الدفاع الجوهرى ويرد عليه ، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى أدى به إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، بما يوجب نقضه في هذا الخصوص على أن يكون مع النقض الإحالة .
(الطعن رقم 5762 لسنة 74 ق - جلسة 7 / 5 / 2023)
المبادئ الأساسية : فى علاقة الدائنين بالمدين يراعى ، هنا أيضاً ، أن الالتزام غير القابل للانقسام له محل واحد لا يتجزأ ، ويترتب على فكرة وحدة المحل وعدم قابليته للتجزئة ما يأتي :
أولاً - يستطيع أى دائن أن يطالب المدين بكل الدين ، فإنه دين غير قابل للتجزئة ، فإذا عارض أحد الدائنين ، وجب على المدين إما الوفاء للكل مجتمعين أو إيداع الشىء محل الالتزام على ذمة الدائنين .
ثانياً - إذا انقضى الالتزام بالنسبة إلى أحد الدائنين بسبب آخر غير الوفاء ، فنظراً لوحدة المحل وعدم قابليته للتجزئة كان ينبغى أن ينقضى الالتزام أيضاً بالنسبة إلى سائر الدائنين ، ولكن لما كان للدائنين أن يعارضوا فى استيفاء أحدهم للدين كله ، فسنرى أنه لا يحتج عليهم بسبب الانقضاء إلا بمقدار حصة من قام به هذا السبب على تفصيل سنورده فيما يلى :
ثالثاً - لا تقوم بين الدائنين المتعددين فى الالتزام غير القابل للانقسام نيابة تبادلية ، كما تقوم هذه النيابة بين الدائنين المتضامنين ، وإنما الذى يربط الدائنين بعضهم ببعض هى وحدة محل الالتزام غير القابل للتجزئة ، فهذا الاعتبار - لا النيابة التبادلية – هو الذي نقف عنده .
انقضاء الالتزام غير القابل للانقسام بالوفاء - إمكان أى دائن مطالبة المدين بالالتزام كله : يجوز لأي دائن من الدائنين المتعددين فى دين غير قابل للانقسام أن يطالب المدين بالدين كاملاً ، فإن الالتزام محله واحد لا يتجزأ ، فيعتبر المدين قد انشغلت ذمته به كله نحو أى دائن (م 302 / 1 مدنى) ، و يستطيع المدين أن يفى بالدين كله لأى دائن من الدائنين المتعددين ، ومتى وفى المدين الدين كله لأحد الدائنين ، فإن ذمته تبرأ من الدين نحو الباقين .
ولكن يلاحظ هنا – كما هى الحال فى التضامن الإيجابي – أنه يجوز لأى دائن أن يعترض على أن يوفى المدين بكل الدين لدائن آخر ، وتتبع فى شكل الاعتراض وحكمه القواعد التي أسلفناها في التضامن الإيجابي ، ومتى وقع الاعتراض صحيحاً ، فإنه يتعين على المدين ، إذا أراد أن يكون الوفاء مبرئاً لذمته نحو كل الدائنين أن يفي بالدين للكل مجتمعين ، فإن ، تعذر عليه ذلك ، وجب أن يودع الشىء محل الالتزام على ذمتهم جميعاً ، وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً .
وإذا مات أحد الدائنين المتعددين فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فإن كان عدم القابلية للانقسام يرجع إلى الاتفاق ، انقسم الدين على ورثة هذا الدائن ، لأن عدم القابلية للانقسام إنما تقررت اتفاقاً لمصلحة الدائن ، وقد زالت هذه المصلحة بموته فأصبح من مصلحة ورثته أن ينقسم الدين عليهم، أما إذا كان عدم القابلية للانقسام يرجع إلى طبيعة المحل ، فالدين بطبيعته يستعصي على أن ينقسم على الورثة ، فيبقى غير قابل للانقسام بالنسبة إلى ورثة كل دائن كما هو غير قابل للانقسام بالنسبة إلى الدائنين جميعاً ، وقد نص التقنين المدنى صراحة على عدم الانقسام بالنسبة إلى ورثة الدائن إذا تعدد الدائنون ، وأغفل النص على عدم الانقسام بالنسبة إلى ورثة المدين إذا تعدد المدينون ، والسبب فى ذلك أن قواعد الشريعة الإسلامية فى الميراث تغنى عن النص فى الحالة الأخيرة كما قدمنا ، فإن تركة المدين تكون هى المسئولة عن التزامه ، فيبقى الالتزام غير قابل للانقسام حتى لو تعددت ورثة المدين ، أما فى الالتزام غير القابل للانقسام إذا تعدد الدائنون ، فقواعد الشريعة الإسلامية في الميراث لا تغنى عن النص ، فإن هذه القواعد لا تمنع من انقسام حقوق التركة على الورثة فإذا مات الدائن وترك ورثة متعددين ، فإن الالتزام الذي له كان من الممكن أن ينقسم على ورثته ، لولا عدم قابليته للانقسام بطبيعته فطبيعة الالتزام هى التى منعت من انقسامه وليست قواعد الميراث ، ومن هنا وجد النص على عدم الانقسام بالنسبة إلى الورثة فى حالة تعدد الدائنين ، ولم يوجد فى حالة تعدد المدينين .
ويلاحظ أن الالتزام غير القابل للانقسام بطبيعته قد يوجد منذ البداية وله دائنون متعددون ، وهذا ما افترضناه حتى الآن ، فإذا مات أحد هؤلاء الدائنين وترك ورثة متعددين ، بقى الالتزام غير قابل للانقسام لا بالنسبة إلى كل من الدائنين الأصليين فحسب ، بل أيضاً بالنسبة إلى كل وارث من ورثة الدائن الذى مات ، وقد يكون الالتزام غير القابل للانقسام بطبيعته له دائن واحد فى بداية الأمر ، فلا تظهر أهمية عدم القابلية للانقسام ما دام هذا الدائن حياً ، فان الالتزام حتى لو كان قابلاً للانقسام يكون تنفيذه غير قابل للانقسام ما دام كل من الدائن والمدين واحد كما مر القول ، لكن إذا مات هذا الدائن الواحد وترك ورثة متعددين ، ظهرت الأهمية لعدم القابلية للانقسام ، إذ لا ينقسم الالتزام على ورثة الدائن ، بل يستطيع كل وارث أن يطالب المدين بالالتزام كله ، كما يستطيع المدين أن يوفيه كله لأى وراث .
وإذا طالب أى دائن المدين فى دين غير قابل للانقسام بكل الدين ، فإن المدين يستطيع أن يدفع هذه المطالبة بأوجه الدفع المشتركة بين الدائنين جميعاً ، وكذلك بأوجه الدفع الخاصة بهذا الدائن الذى يطالبه ، ولا يستطيع أن يدفع بأوجه الدفع الخاصة بدائن آخر ، وذلك على الوجه الذى قدمناه فى التضامن الإيجابي.
وإذا استحال الالتزام غير القابل للانقسام إلى تعويض نقدى ، زالت العقبة التى كانت حول دون انقسامه ، فينقسم فى هذه الحالة على الدائنين المتعددين كما هى الحال فى الالتزام غير القابل للانقسام إذا تعدد المدينون فيما قدمنا ، وخلافاً لما هى الحال فى التضامن الإيجابي فإن التعويض النقدى لا ينقسم على الدائنين المتضامنين .
انقضاء الالتزام غير القابل للانقسام بغير الوفاء : لو كان لأى دائن فى الالتزام غير القابل للانقسام أن يطالب باستيفاء الدين كاملاً رغم معارضة أى دائن آخر ، لوجب القول هنا - كما قلنا فى الالتزام غير القابل للانقسام عند تعدد المدينين – أن انقضاء الدين بسبب غير الوفاء ولو بالنسبة إلى أحد الدائنين ، يجعله منقضياً بالنسبة إلى الباقى ، ولكننا رأينا أنه لا يجوز لأى دائن أن يطالب باستيفاء الدين كاملاً ، إذا عارض فى ذلك دائن آخر ، ومن ثم إذا انقضى الدين بسبب غير الوفاء بالنسبة إلى أحد الدائنين ، فإن هذا السبب لا يحتج به على الدائنين الآخرين إذا عارضوا فيه إلا بقدر حصة هذا الدائن الذى قام به سبب الانقضاء ، فإذا جدد أحد الدائنين الدين ، أو اتحدت ذمته مع المدين ، أو وقعت معه مقاصة ، أو صدر منه إبراء ، أو اكتمل التقادم بالنسبة إليه ، فإن شيئاً من هذا لا يحتج به على الدائنين الآخرين، وليس للمدين أن يتمسك ضد هؤلاء الدائنين بالتجديد أو باتحاد الذمة أو بالمقاصة أو بالإبراء أو بالتقادم ، إلا بقدر حصة الدائن الذي قام به هذا السبب، ولكن لما كان المدين لا يستطيع إلا أن يفى بالدين كله ، إذ الدين غير قابل للتجزئة ، فهو إذا طالبة دائن آخر ، لا يجد بداً من أن يؤدى له الدين كله ، على أن يرجع عليه بما يعادل حصة الدائن الذي قام به سبب الانقضاء ثم يرجع المدين ، بعد ذلك ، على الدائن الذي قام به سبب الانقضاء بما حصل عليه هذا زيادة على حصته .
عدم قيام نيابة تبادلية بين الدائنين فى الالتزام غير القابل للانقسام : فى الدين غير القابل للانقسام لا يربط الدائنين إذا تعددوا – كما لا يربط المدينين إذا تعددوا – نيابة تبادلية ، ولا يرتبطون إلا بوضع طبيعى هو عدم قابلية الدين للانقسام ، ويترتب على ذلك نتائج مشابهة لتلك التي رتبناها على عدم قابلية الانقسام عند تعدد المدينين ، و نوجزها فيما يلى :
1 - انقطاع التقادم أو وقفه : إذا قطع أحد الدائنين التقادم على المدين ، أو وقف التقادم بالنسبة إلى أحد الدائنين ، انتفع بذلك سائر الدائنين ، وأعتبر التقادم مقطوعاً أو موقوفاً بالنسبة إليهم، وهذا هو أيضاً الحكم فى التضامن الإيجابى فيما يتعلق بانقطاع التقادم ، إلا أن علة هذا الحكم فى عدم القابلية للانقسام هى طبيعة الأشياء ، لأن الالتزام غير القابل للانقسام لا يتصور أن ينقطع التقادم فيه أو يقف بالنسبة إلى دائن دون آخر ، وأما علة الحكم في التضامن الإيجابي ، فقيام النيابة التبادلية بين الدائنين المتضامنين فيما ينفع .
2 - خطأ أحد الدائنين : وإذا ارتكب أحد الدائنين خطأ استوجب مسئوليه ، فإن أثر هذا الخطأ لا يتعدى إلى غيره من الدائنين ، ذلك لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضى أن يتعدى أثر الخطأ إلى دائن آخر ، وهذا هو الحكم أيضاً فى التضامن الإيجابى ، ويرجع إلى انعدام النيابة التبادلية فيما يضر.
3 - الإعذار والمطالبة القضائية : وإذا أعذر أحد الدائنين المدين ، لم يكن المدين معذراً بالنسبة إلى الدائنين الآخرين ، لأن عدم القابلية للانقسام لا تقتضي ذلك حتماً. أما فى التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أن أعذار أحد الدائنين للمدين يجعل المدين معذراً بالنسبة إلى الباقين ، لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع وأعذار المدين لأحد الدائنين المتعددين فى دين غير قابل للانقسام لا يسرى أثره فى حق الدائنين الآخرين ، لأن هذا السريان لا يقتضيه حتماً طبيعة المحل غير القابل التجزئة ، وهذا هو الحكم أيضاً فى التضامن الإيجابي لسبب آخر ، هو انعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
وإذا طالب أحد الدائنين فى التزام غير قابل للانقسام المدين مطالبة قضائية ، فإن هذه المطالبة لا يسرى أثرها فى حق الدائنين الآخرين لأن مد هذا الأثر إلى هؤلاء لا تقتضيه حتماً طبيعة المحل غير القابل للتجزئة ، والحكم عكس ذلك في التضامن الإيجابي ، فمطالبة أحد الدائنين للمدين يسري أثرها بالنسبة إلى باقى الدائنين ، لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع .
4 - الصلح : وإذا صالح المدين أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام وتضمن الصلح إضراراً بحقوق الدائنين الآخرين ، لم يسر عليهم الصلح ، لأن هذا السريان لا تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة ، ولأن الصلح عقد يقتصر أثره على من كان طرفاً فيه ، وهذا هو الحكم أيضاً فى التضامن الإيجابى ، ولكن لسبب آخر هو انعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
وإذا تضمن الصلح فائدة للدائنين الآخرين فى دين غير قابل للانقسام ، لم ينتفعوا بذلك لأنهم لم يكونوا أطرافاً فى هذا الصلح إلا إذا كان الدائن الذى عقد الصلح قد اشترط لمصلحتهم فتطبق قواعد الاشتراط لمصلحة الغير ، أما فى التضامن الإيجابى فالدائنون الآخرون يفيدون من الصلح ، على أساس قيام نيابة تبادلية فيما ينفع .
5 - الإقرار : وإذا أقر أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام ، فإن إقراره لا يتعدى أثره إلى سائر الدائنين ، إذ أن هذا التعدى لا تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة ، ولأن الإقرار حجة قاصة على المقر ، وهذا هو الحكم أيضاً فى التضامن الإيجابى ، ولكن لسبب آخر هو انعدام النيابة التبادلية فيما يضر.
وإذا أقر المدين لأحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام ، وكان الإقرار يتناول الدين ذاته ، فإن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضى أن يتعدى أثر الإقرار إلى سائر الدائنين فينتفعوا به وهذا هو الحكم أيضاً فى التضامن الإيجابى ، ولكن لقيام نيابة تبادلية فيما ينفع .
6 - اليمين : وإذا وجه أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام اليمين للمدين فحلفها ، لم يتعد أثر ذلك إلى سائر الدائنين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضيه ، وهذا هو الحكم أيضاً فى التضامن الإيجابي ، لانعدام النيابة التبادلية فيما يضر ، أما إذا نكل المدين في الالتزام غير القابل للانقسام ، فإن نكوله يكون بمثابة إقرار ، فإن كان متعلقاً بالدين ذاته تعدى أثره إلى سائر الدائنين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضي ذلك والنكول فى التضامن الإيجابى يفيد سائر المدينين ، لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع .
وإذا وجه المدين اليمين إلى أجد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام فحلها ، وكانت الواقعة متعلقة بالدين ذاته ، فإن الحلف يتعدى أثره إلى سائر الدائنين ، لأن هذا هو ما تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة ، وهذا هو أيضاً الحكم فى التضامن الإيجابى ، ولكن لقيام النيابة التبادلية فيما ينفع ، أما إذا نكل الدائن فى دين غير قابل للانقسام ، فإن نكوله يكون بمثابة إقرار لا يتعدى أثره إلى سائر الدائنين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة لا تقتضيه ، ولأن الإقرار حجة قاصرة على المقر، وهذا هو أيضاً الحكم فى التضامن الإيجابى ، ولكن لانعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
7 - الحكم : وإذا صدر حكم على أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام : فإن هذا الحكم يحتج به فى حق الدائنين الآخرين ، لأن طبيعة المحل غير القابل للتجزئة تقتضي ذلك.
أما فى التضامن الإيجابى ، فإن هذا الحكم لا يسرى فى حق الدائنين الآخرين ، لانعدام النيابة التبادلية فيما يضر .
وإذا كان الحكم الذى صدر هو لصالح أحد الدائنين فى دين غير قابل للانقسام ، فإن سائر المدينين يفيدون منه ، لأن هذا هو ما تقتضيه طبيعة المحل غير القابل للتجزئة ، إلا إذا كان الحكم مبنياً على سبب خاص بالمدين الذي صدر الحكم لصالحه وهذا هو أيضاً شأن التضامن الإيجابى ، ولكن لقيام نيابة تبادلية فيما ينفع..
علاقة الدائنين بعضهم ببعض
انقسام الدين على الدائنين : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 302 مدنى تقضي بأن يرجع الدائنون ، كل بقدر حصته ، على الدائن الذي استوفى الالتزام ، والرجوع هنا كالرجوع فى التضامن وكالرجوع فى عدم القابلية للانقسام عند تعدد المدينين - يكون إما بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول ، وإذا كان عدم القابلية للانقسام يرجع إلى طبيعة المحل فإن الدين ينقسم حصصاً بين الدائنين لا فى عينه بل فى قيمته .
تعيين حصة كل دائن : وتتعين حصة كل دائن وفقاً للقواعد التى أسلفناها في التضامن وفى عدم القابلية للانقسام عند تعدد المدينين ، فالأصل هو تساوى الحصص بين الدائنين ، إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .
وقد يكون أحد الدائنين هو صاحب المصلحة وحده فى الدين ، ويكون الباقون وكلاء عنه فى القبض ، فعند ذلك يستقل هذا الدائن بكل الدين فى علاقته بالدائنين الآخرين ، فإن كان هو الذى استوفى الدين كله ، فلا يرجع عليه بشيء أحد من الدائنين الآخرين ، وإن كان غيره هو الذى استوفى الدين ، رجع هو عليه بالدين كله دون أن يشاركه فى الرجوع أحد من الدائنين الآخرين .
إعسار أحد الدائنين أو إعسار المدين : وإذا استوفى أحد الدائنين الدين كله ، ثم أعسر إعساراً جزئياً ، فإن هذا الإعسار يتحمله باقى الدائنين ، كما هو الأمر فى التضامن الإيجابي فيما مر ، فإذا كان الدين أربعمائة بين أربعة من الدائنين بحصص متساوية ، واستوفاه أحدهم ثم أعسر بحيث لا يستطيع أن يؤدى إلا نصف ديونه ، فإن كلاً من الدائنين الثلاثة الآخرين يرجع على المدين المعسر بنصف حصته أى بخمسين.
وكذلك يكون الحكم لو أن المدين نفسه هو الذى أعسر ، ولم يتيسر لمن طالبه من الدائنين إلا أن يستوفى منه نصف الدين وهو مائتان ، فلا يكون لكل من الدائنين الثلاثة الآخرين أن يرجعوا على هذا الدائن إلا بنصف حصتهم أى بخمسين.
وهذا هو نفس الحكم الذي أوردناه فى التضامن الإيجابي.
مقابلة ما بين التضامن وعدم القابلية للانقسام
الموافقات والمفارقات : نوجز هنا : بعد أن فرغنا من الكلام فى التضامن وعدم القابلية للانقسام ، وجوه الموافقات ووجوه المفارقات ما بين هذين النظامين.
وجوه الموافقات : (1) فى كل من النظامين تجوز مطالبة الدائن لأى مدين بكل الدين ، أو مطالبة أى دائن للمدين بكل الدين ، كذلك يجوز أن يفى أى مدين بكل الدين للدائن ، أو أن يفي المدين بالدين لأى دائن .
(2) فى كل من النظامين ، بعد الوفاء بالدين ، يرجع المدين الذى وفاه على باقى المدينين ، أو يرجع الدائنون الذين لم يستوفوا الدين على الدائن الذي استوفاه ، كل بقدر حصته في الدين ، ويكون الرجوع فى جميع الأحوال بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول ، وتتعين حصة كل على أساس التساوي ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك ، أو ما لم يكن أحدهم هو وحده صاحب المصلحة فى الدين ، وإذا أعسر أحد منهم ، تحمل كل من الباقين نصيبه في حصة المعسر بنسبة حصته في الدين .
وجوه المفارقات :
(1) التضامن الإيجابي مصدره الاتفاق ، والتضامن السلبى مصدره الاتفاق أو القانون ، أما عدم القابلية للانقسام فمصدره طبيعة المحل أو الاتفاق .
(2) فى التضامن ، إذا انقضى الدين بسبب غير الوفاء ، فإن كلاً من المدينين الآخرين أو الدائنين الآخرين لا يستفيد أو يضار من انقضاء الدين إلا بقدر حصة المدين أو الدائن الذى قام به سبب الانقضاء ، أما فى عدم القابلية للانقسام عند تعدد المدينين ، فإن كلاً من المدينين الآخرين يستفيد من انقضاء الدين بمقدار الدين كله، وفى عدم القابلية للانقسام عند تعدد الدائنين ، لا يستفيد المدين من انقضاء الدين بالنسبة إلى أى من الدائنين الآخرين ، ولكنه يرجع على الدائن الذى يطالبه بوفاء الدين بما يعادل حصة الدائن الذي قام به سبب الانقضاء.
(3) النيابة التبادلية فى التضامن من قائمة فيما ينفع لا فيما يضر ، وهي غير قائمة أصلاً - لا فيما يضر ولا فيما ينفع – فى عدم القابلية للانقسام .
(4) فى التضامن ينقسم الالتزام على الورثة ، ولا ينقسم فى عدم القابلية للانقسام .
(5) في التضامن ، إذا استحال الالتزام إلى تعويض نقدى ، بقى غير منقسم على المدينين المتضامنين أو على الدائنين المتضامنين ، أما فى عدم القابلية للانقسام ، فإنه ينقسم على المدينين أو على الدائنين.
مقابلة ما بين الدين المشترك
وعدم القابلية للانقسام عند تعدد الدائنين
من حيث المصدر : يتفق الدين المشترك والالتزام غير للقابل للانقسام في أن مصدر كل منهما هو الاتفاق أو طبيعة الأشياء ، ولكن الاتفاق فى الدين المشترك إنما يقع على وحدة الصفقة واشتراك الدين ، أما الاتفاق فى الالتزام غير القابل للانقسام فيقع على عدم قابلية الدين للتجزئة لا على مجرد أن يكون ديناً مشتركاً بين الدائنين ، وكذلك طبيعة الأشياء فى الدين المشترك إنما ترجع إلى سبق الاشتراك فى المال الذى نشأ عنه الدين ، ولا ترجع إلى عدم قابلية الدين للتجزئة ، فإن الدين المشترك على العكس من ذلك يكون فى طبيعته قابلاً للتجزئة ، أما طبيعة الأشياء فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فيرجع إلى عدم قابلية الالتزام فى طبيعته للتجزئة .
من حيث الآثار فى علاقة الدائنين بالمدين : فى الدين المشترك لا يطالب أى من الدائنين المدين إلا بحصته فى الدين ، ولا تقوم بين الدائنين نيابة تبادلية.
أما فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فيجوز لأى من الدائنين أن يطالب المدين بكل الدين لأنه غير قابل للتجزئة ، وذلك ما لم يمانع الدائنون الآخرون فيجب عندئذ الوفاء لهم مجتمعين أو إيداع الشيء محل الدين لذمتهم جميعاً ، ولكن يستوى الدين المشترك مع الالتزام غير القابل للانقسام فى عدم قيام نيابة تبادلية بين الدائنين .
من حيث الآثار فى علاقة الدائنين بعضهم ببعض : فى الدين المشترك ، لكل دائن أن يرجع على ما من يقبض من الدائنين حصته فى الدين بنصيبه فى هذه الحصة ، وله أن يترك الحصة لمن قبضها ويطالب المدين بصحته هو ، فإن كان هذا معسراً ، تحمل جميع الدائنين إعساره كل بنسبة حصته في الدين .
أما فى الالتزام غير القابل للانقسام ، فإن الدائن يستوفى كل الدين لعدم قابليته للتجزئة ، فيرجع عليه كل دائن آخر بحصته في الدين ، فالرجوع في الالتزام غير القابل للانقسام يكون بالحصة ، أما فى الدين المشترك فيكون فى الحصة ، ويستوي الدين المشترك مع الالتزام غير القابل للانقسام عند إعسار المدين ، ففى الحالتين يتحمل الدائنون جميعاً هذا الإعسار كل بنسبة حصته فى الدين. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثالث ، المجلد : الأول ، الصفحة : 452)
إذا تعدد الدائنون في التزام غير قابل للانقسام، كان لكل منهم استيفاء الدين کاملاً من المدين ، رضاء أو قضاء دون أن يكون للأخير الدفع بانقسام الدين، سواء كان عدم القابلية للانقسام مطلقاً أي بحسب طبيعة المحل أو نسبياً نشأ بموجب اتفاق ، كما يجوز للمدين أن يوفي بكل الدين لأي دائن ، ويترتب على هذا الوفاء براءة ذمته ، كما لو كان المدين هو مستأجر وحدة في عقار شائع ، فإن تسليمها لأي مالك في الشيوع ، يبرئ ذمته من الالتزام بالتسليم قبل باقي الملاك وهم دائنون له بذلك.
فإذا إعترض أحد الدائنين على الوفاء لأحدهم ، أدى ذلك إلى التزام المدين بهذا الاعتراض مما يوجب عليه عدم القيام به ، وأن يوفي بالدین کاملاً لجميع الدائنين بموجب مخالصة موقعة منهم ، فإن تعذر ذلك ، قام بالوفاء بطريق العرض والإبداع بما يتفق وطبيعة محل الالتزام على نحو ما أوضحناه بنصوص العرض والإبداع ، فان قام بالوفاء لأحد الدائنين رغم هذا الاعتراض ، كان وفاء غير مبرئ لذمته وللدائن المعترض الرجوع على المدين بكل الدين ، ويتحمل هذا الدائن عبء إثبات الاعتراض بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً بإعتبار الاعتراض واقعة مادية ، ويجب أن يتم الاعتراض قبل التاريخ المحدد للوفاء بالالتزام وإلا كان حابط الأثر إذ لم يلزم القانون المدني بإخطار الدائنين بعزمه على الوفاء لدائن معين وإنما الزمته القواعد العامة بالوفاء وقت استحقاق الدين وأجازت له المادة 302 من القانون المدني أن يوفي بكل الدين لأحد الدائنين ، وإذا جاء الاعتراض مطلقاً إنصرف الى جميع الدائنين ، أما إذا انصرف الى دائن معین ، جاز الوفاء للدائن آخر.
وتسرى ذات القواعد إذا تعدد ورثة الدائن ، إذ يكون لكل وارث المطالبة بكل الدين ، ويكون للمدين أن يوفي لأحدهم بكل الدين ما لم يعترض أحدهم ، فإن وجد دائنون آخرون مع الورثة ، كان لأي من هؤلاء للمطالبة بكل الدين ، وللمدين أن يوفي لأي منهم بكل الدين ، متى كان عدم الانقسام مطلقاً يرجع إلى طبيعة المحل.
أما إن كان عدم الانقسام نسبياً أي يرجع إلى الإتفاق فحسب وكانت طبيعة المحل تقبل الانقسام ، وتوفي الدائن ، فإن الدين ينقسم على ورثته ماله يوجد مع المورث دائنون آخرون ، فيظل الالتزام غير قابل للانقسام.
في التضامن الايجابي ، تتوافر علاقة شخصية بين الدائنين تنشأ بموجبها نيابة تبادلية فيما بينهم ، فيما ينفع وليس فيما بشر، أما في الالتزام الذي لا يقبل الانقسام ، فيجمع بينهم محل واحد عینی الزام لا يقبل الانقسام کل منهم لحفظه وإمضائه ، وبالتالي تنشأ بينهم نيابة تبادلية لتحقيق هذا الغرض، فيفيد كل منهم بأي إجراء أو تصرف يباشره دائن آخر إذا كان من شأنه تحقيق نفع لهم ، أما إذا تعارض الأجراء مع هذا الفعل ، وهو ما يتعارض مع إرادتهم الضمنية ، فلا ينصرف أثر الإجراء إليهم ، وبالتالي فان النيابة التبادلية فيما بين الدائنين في التزام غير قابل للانقسام ، تنحصر فيما ينفع وليس فيما يضر أخذاً بالإرادة الباطنة التي تقبل ما ينفع وترفض ما يضر.
ويترتب على ذلك ، أن الأعذار الذي يوجهه أحد الدائنين الى المدين ينصرف أثره إلى باقي الدائنين ، والمطالبة القضائية القاطعة للتقادم التي يقوم بها أحد الدائنين ينصرف أثرها الى الباقيين ، وإذا وجه أحد الدائنين اليمين الحاسمة الى المدين فنكل عنها ، أفاد ذلك باقي الدائنين ، أما إذا حلفها فلا يمتد أثر الحلف إليهم ، وإن وجه المدين تلك اليمين إلى أحد الدائنين فحلفها ، أفاد بذلك باقي الدائنين ، فإن نكل عنها ، فلا يمتد أثر النكول إلى باقي الدائنين ، وإذا أقر المدين بالدين لأحد الدائنين ، استفاد من ذلك باقي الدائنين ، وإذا تصالح أحد الدائنين مع المدين وأبرأه من المدين ، فلا يمتد هذا الأمراء الى باقي الدائنين والمقرر أن الصلح لا ينصرف لغير عاقدية إذ يتنازل كل طرف عن بعض حقوقه للطرف الآخر وتنازل الدائن ضار بباقي الدائنين ، وإذا استصدر أحد الدائنين حكماً ضد المدين إمتدت حجيته لباقي الدائنين أعمالاً لتلك النيابة التبادلية إذ يكون هؤلاء ممثلين في شخص الدائن المدعى ، فإن كان الحكم صادراً ضد أحد الدائنين ، فلا يحاج به باقي الدائنين ، وأن رفع أحدهم طعناً وكان الباقون مختصمين أمام المحكمة التي قضت ضدهم ، كان لهم التدخل في الطعن ولو بعد الميعاد منضمين للطاعن ، فإن لم يتدخلوا ، كلفت المحكمة الطاعنة بإدخالهم ، على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم.
انقضاء الالتزام بغير الوفاء :
إذا انقضى التزام المدين قبل أحد الدائنين بسبب غير الوفاء ، فقد ثار ذات الخلاف الذي أوضحناه بالمادة السابقة فيما يتعلق بأثر الانقضاء بالنسبة لباقي المدينين ، أما هنا فيتعلق الأثر بباقي الدائنين لأن الانقضاء ينصرف إلى واحد منهم ، والراجح أن يكون لباقي الدائنين الرجوع بكل الدين على المدين ، على أن يكون للمدين الرجوع بعد ذلك على من استوفى الدين بحصة من انقضى دينه ثم الرجوع أيضاً على من انقضى دينه بما استوفاه زائداً عن حصته .
العلاقة فيما بين الدائنين :
إذا استوفي أحد الدائنين الدين ، كان عليه أن يعطي كل دائن آخر ما يخصه منه بقدر حصته ، أو يكون لهم الرجوع عليه بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول على نحو ما أوضحناه بالمادة 297.
فان وجدوا الدائن الذي استوفى الدين معسراً إعساراً كلياً ، فإنهم يتحملون تبعة هذا الإعسار ، لذلك كان لهم الاعتراض على الوفاء لأحدهم ، إما إن كان الإعسار جزئياً ، تحمله باقي الدائنين ، فإن كان الدين أربعمائة وكان الدائنون أربعة بحصص متساوية ، وكان مالدى الدائن الذي استوفى الدين لا يكفي إلا لسداد نصف الدين ، فإن كل من الدائنين الثلاثة يرجع على الدائن بنصف حصته أي بخمسين.
عدم القابلية للانقسام والتضامن :
مهما يكن من أمر ما بين عدم القابلية للانقسام «السلبي ، والتضامن السلبي» من أوجه الشبه ، فثمة فاراقان يتمثل فيهما اختلاف هذين الوصفين :
أ - فيراعي من ناحية أن عدم القابلية للانقسام قد تكون أقوى الزاماً من التضامن باعتبار أن الالتزام الذي لا يقبل القسمة لا ينقسم بین ورثة المدين ، ولهذه العلة يجرى المتعاملون على إشتراط التزام المدينين التزاماً تضامنياً غیر قابل للانقسام ، اتقاء التجزئة الدين بين الورثة فيما لو اقتصر الأمر على النص على التضامن فحسب ، ولا يعرض مثل هذه الفرض في الشريعة الإسلامية ، لأن الدين لا ينتقل عن طريق الميراث ، فيكون بهذه المثابة غير قابل للانقسام ويستأدی بجملته من التركة.
ب - ويراعي من ناحية أخرى أن عدم القابلية للانقسام قد تكون أضعف الزاماً عند قيامها على طبيعة المحل ، فهي تظل قائمة ما دام هذا المحل عصياً على التجزئة بطبعه ، ولكن إذا اتفق على أنه إذا إستحال الالتزام إلى تعويض مالي ، زالت عدم قابلية الانقسام وانقسم مبلغ التعويض ، أما المدينون المتضامنون فيظل كل منهم على نقيض ذلك ، ملزماً قبل الدائن بالدين بأسره ولو استحال الدين الى تعويض مالي .
ج - ويتمثل اختلاف عدم القابلية للانقسام والايجابي عن التضامن الايجابي، في هذا الفرض في الفارقين اللذين تقدمت الإشارة إليهما :
1- فلكل وارث من ورثة الدائن أن يطالب بالدين بأسره، ويسري هذا الحكم في الشريعة الإسلامية حيث ينتقل الحق من طريق الميراث.
2- ويصبح الدین قابلاً للانقسام متى استحال إلى تعويض نقدي ، ويراعى أنه عند تعدد المدينين والدائنين قد يتصور التضامن سلبياً أو إيجابياً ، أما عدم الانقسام الناشئ عن طبيعة المحل فلا يتصور إلا من الناحيتين معاً.
د- إذا إستحال الالتزام الى تعويض نقدی، ظل غیر منقسم بالنسبة للدائنين أو المدينين في الالتزام التضامن، أما في الالتزام الغير قابل للانقسام فانه ينقسم بالنسبة للدائنين أو المدينين ، « المذكرة الإيضاحية». (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الخامس ، الصفحة : 135)
المطالبة بالوفاء في حالة تعدد الدائنين أو تعدد ورثة الدائن في التزام غير قابل للانقسام :
إذا تعدد الدائنون في التزام غير قابل للانقسام أو تعدد ورثة الدائن في هذا الالتزام ، جاز لكل دائن أو وارث أن يطالب المدين بالوفاء بكامل الدين وأن للمدين أن يوفي الدين كله لأي منهم فتبرأ ذمته بهذا الوفاء قبلهم جميعاً على أن انقضاء الدين بالنسبة للدائنين جميعاً إذا قام المدين بوفائه لأي منهم مشروط بألا يكون أحدهم قد اعترض على هذا الوفاء ، سواء كان دائناً أو وارثاً ، وإلا فلا تبرأ ذمة المدين قبل باقي المدينين إلا بقدر حصة الدائن الذي تم الوفاء له .
ويكفي مجرد الاعتراض ، فلا يشترط اتخاذ إجراء رسمي ، فإذا اعترض أحد الدائنين كان المدين ملزماً بأداء الالتزام للدائنين مجتمعين أو إيداع الشيء محل الالتزام إيداعاً قانونياً.
ولا محل في هذه الصورة من عدم قابلية الالتزام للانقسام لفكرة النيابة التبادلية وآثارها، فلا تؤثر مطالبة أحد الدائنين في حق الدائنين الآخرين ، إلا إذا كانت طبيعة عدم القابلية للانقسام تقتضي ذلك ، فإذا أبرأ أحد الدائنين المدين أو قبل منه وفاء بمقابل لم يحل ذلك دون أن يطالب أي من الدائنين الآخرين بالدين بأكمله ، أما إذا قام أحد الدائنين بقطع التقادم استفاد من ذلك سائر الدائنين لا بناء على فكرة النيابة التبادلية بل لأن الدين غير القابل للانقسام يكون تقادمه أيضاً غير قابل للانقسام ، أي أنه إما أن يسقط بالتقادم بالنسبة إلى الدائنين كافة وإما أن لا يسقط بالنسبة إليهم جميعاً ، إذ يستوي لدى المدين متى كان أحد الدائنين قد قطع التقادم أن يكون الدائن الذي يطالبه بالحين هو من قطع التقادم أو غيره.
ويتمثل إختلاف عدم القابلية للانقسام عن التضامن في هذا الفرض .
(أ) فلكل وارث من ورثة الدائن أن يطالب بالدين بأسره ، ويسري هذا الحكم في الشريعة الإسلامية حيث ينتقل الحق من طريق الميراث.
(ب) ويصبح الدين قابلاً للانقسام متى استحال إلى تعويض نقدي ، ويراعي أنه عند تعدد المدينين والدائنين قد يتصور التضامن سلبياً أو إيجابياً ، أما عدم الانقسام الناشئ عن طبيعة المحل فلا يتصور إلا من الناحيتين معاً.
رجوع المدين الموفي على باقي المدينين :
للمدين الذي وفى بالدين إلى الدائن حق الرجوع على باقي المدينين كل بقدر حصته.
والأصل أن حصصهم متساوية إلا إذا حددت في الاتفاق أو في نص القانون نسبة أخرى لكل منهم.
وإذا كان أحد المدينين معسراً تحمل باقي المدينين تبعة إعساره.
ويكون الرجوع في هذه الحالة بمقتضى الدعوى الشخصية أو بمقتضى دعوى الحلول كما هو الشأن في التضامن .
الالتزام المشترك بكل الدين
تعريف :
في الالتزام المشترك بكل الدين يوجد عدة مدينين ملزمين بشيء واحد قبل دائن واحد دون أن يكون بينهم تضامن ودون أن يكون الدين غير قابل للانقسام.
ومثال ذلك الالتزام بالنفقة الذي يقع على عدة أقارب من درجة واحدة ، فإن كلاً من هؤلاء الأقارب يكون ملزماً بكل النفقة اللازمة القريبة المعسر ويجوز للأخير أن يطالب أيهم بالنفقة كاملة.
ومن هذا القبيل أيضاً ما تنص عليه المادة 792 في باب الكفالة من أنه إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وكانوا غير متضامنين فيما بينهم وكان التزامهم بعقود متوالية ، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله ، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم ، إذ أن مؤدى ذلك أن التزام الكفلاء في هذه الحالة لا يكون تضامنياً لعدم الاتفاق على التضامن ولا يكون غير قابل للانقسام لا بسبب طبيعته ولا بسبب إتفاق الطرفين ، ولكن القانون نص مع ذلك على أن يكون كل من الكفلاء مسئولاً عن الدين كله ، ويبين من هذا التعريف أن الالتزام المشترك بكل الذين يتميز بما يأتي :
1- وحدة المحل مع قابليته للتجزئة بطبيعته وعدم الاتفاق على عدة غير قابل للانقسام.
2- تعدد المدينين و التزام كل منهم بالدين كله.
3- انعدام التضامن بين المدينين.
حكم الالتزام المشترك بكل الدين :
يترتب على الالتزام المشترك بكل الدين ما يأتي :
1- أنه يجوز للدائن مطالبة أي من المدينين بالدين كله .
2- أنه يجوز لأي مدين وفاء الدين كله على أن يرجع على الباقين كل منهم بنصيبه حتى لا يثرى غير الموفي على حساب الموفي ، ويكون رجوعه إما بدعوى الحلول وفقاً للمادة 326 فقرة (أ) وإما بدعوى الفضالة.
3- ألا يكون بين المدينين تضامن ولا تحدث بينهم الآثار التي تترتب فيما بين المدينين المتضامنين على النيابة التبادلية.
4- أن يكون الدين قابلاً للانقسام بين ورثة كل واحد من المدينين بحيث يقتصر التزام كل وارث على قدر نصيبه من الدين ولا يسأل عن نصيب من يعرفهم.
5- أنه إذا وجهت المطالبة لأحد المدينين جاز له أن يدفع الدعوى بطلب التقسيم ويقضي له به ولكن على أن يبقى مسئولاً عن نصيبه في حصة من يعسر من المدينين الآخرين.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الرابع ، الصفحة : 207)
إذا تعدد الدائنون في التزام غير قابل للانقسام أو تعدد ورثه الدائن في هذا الالتزام ، جاز لكل دائن أو وارث أن يطالب بأداء الالتزام کاملاً ، فاذا اعترض أحد الدائنين أو الورثة على ذلك كان المدين ملزماً بأداء الالتزام للدائنين مجتمعين أو بإيداع الشيء محل الالتزام إيداعاً قانونياً (المادة 302 فقرة أولى).
ولا محل في هذه الصورة من عدم قابلية الالتزام للانقسام كما في الصورة السابقة لفكرة النيابة التبادلية وآثارها ، فلا يؤثر موقف أحد الدائنين في حق الدائنين الآخرين إلا إذا كانت طبيعة عدم القابلية للانقسام تقتضي ذلك ، فإذا أبرأ أحد الدائنين المدين أو قبل منه وفاء بمقابل لم يحل ذلك دون أن يطالب أي من الدائنين الآخرين الدين بالدين بأكمله ، أما إذا قام أحد الدائنين بقطع التقادم استفاد من ذلك سائر الدائنين لا بناء على فكرة النيابة التبادلية بل لأن الدين غير القابل للانقسام يكون تقادمه أيضاً غير قابل للانقسام ، أي أنه أما أن يسقط بالتقادم بالنسبة إلى الدائنين كافة وإما أن لا يسقط بالنسبة إليهم جميعاً ، إذ يستوي لدى المدين متى كان أحد الدائنين قد قطع التقادم أن يكون الدائن الذي يطالبه بالدين هو من قطع التقادم أو غيره.
وإذا كان تعدد الدائنين ناتجاً عن موت الدائن الأصلي وحلول ورثته محله ، فإن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها ، تؤدي إلى اعتبار هذا الوارث نائباً في الخصومة عن سائر الورثة ، هذا إذا كان قد خاصم أو خوصم في شأن حق المورث بأكمله.
أما إذا كان كل من الورثة يطالب بنصيبه الخاص في التعويض الذي يستحقه عن مورثه وحكم برفض دعواهم فانفرد أحدهم برفع استئناف عن هذا الحكم طالباً إلغاءه والحكم له بمقدار نصيبه وحده في التعويض ، فإن عمله هذا يكون لنفسه فقط ولمصلحته الشخصية لا لمصلحة عموم التركة ، كنائب شرعی عنها وقائم في الخصومة مقامها ومقام باقي الورثة ، وبالتالي لا يعتبر الحكم الصادر في الاستئناف باستحقاقه لحصته الميراثية في التعويض قضاء باستحقاق باقي الورثة لانصبتهم في هذا التعويض.
ومتی استوفي أحد الدائنين كل الدين ، ثبت لكل واحد من الآخرين حق الرجوع عليه بقدر حصته (المادة 302 فقرة ثانية) ، وإذا كان عدم قابلية الدين للانقسام راجعاً إلى طبيعة الدين ، وحصل الوفاء به الأحد الدائنين ، كان رجوع سائر الدائنين على من حصل له الوفاء كل منهم بقدر حصته في قيمة الدين لا في عينه.
في الالتزام المشترك بكل الدين يكون عدة مدينين ملزمين بشيء واحد قبل دائن واحد وبحيث يلزم كل منهم بأداء الدين بأكمله، دون أن يكون بينهم تضامن ودون أن يكون الدين غير قابل للانقسام ، ويسمى أيضاً ويوصف هذا الالتزام بأنه تضامني ولا تكون العلاقة بين المدينين المتعددين علاقة تضامن وإنما توصف بأنها حالة تضامن.
ومثل ذلك في القانون الفرنسي التزام المسئولين المتعددين عن الضرر الواحد بتعويض هذا الضرر إذ ليس في القانون الفرنسي - فيما عدا النص على التعويض عن الجرائم الجنائية - نص على تضامنهم في هذا الالتزام كنص المادة 169 من التقنين المدني المصري ، ولكن لأن كلاً منهم يعتبر متسبباً في أحداث كل الضرر يكون ملزماً بالتعويض بأكمله ، وهكذا يشتركون جميعاً في الالتزام بالتعويض بأكمله على أن يكون المضرور مطالبتهم به كله ، ويبين من ذلك أن الالتزام المشترك بكل الدين لا ينشأ من الاتفاق أو من القانون بل من طبيعة الأشياء ومن كون كل واحد من المدينين به ملزماً بكل الدين طبقاً للقواعد العامة.
وكذلك في الالتزام بالنفقة الذي يقع على عدة أقارب من درجة واحدة ، فإن كلاً من هؤلاء الأقارب يكون ملزماً بكل النفقة اللازمة القريبة المعسر ويجوز للأخير أن يطالب أيهم بالنفقة كاملة.
ومن هذا القبيل أيضا ما تنص عليه المادة 792 في باب الكفالة من أنه إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وكانوا غير متضامنين فيما بينهم وكان التزامهم بعقود متوالية ، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله ، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم ، إذ إن مؤدى ذلك أن التزام الكفلاء في هذه الحالة لا يكون تضامنياً لعدم الاتفاق على التضامن ولا يكون غير قابل للانقسام لا بسبب طبيعته ولا بسبب اتفاق الطرفين ، ولكن القانون نص مع ذلك على أن يكون كل من الكفلاء مسئولاً عن الدين كله .
ويبين من التعريف المتقدم أن الالتزام المشترك بكل الدين يتميز بما يأتي :
1) وحدة المحل مع قابليته للتجزئة بطبيعته ومع عدم الاتفاق على عدم غير قابل للانقسام .
2) تعدد المدينين و التزام كل منهم بالدين كله .
3) انعدام التضامن بين المدينين .
حكم الالتزام المشترك بكل الدين :
يترتب على الالتزام المشترك بكل الدين :
1) أن يجوز للدائن مطالبة أي من المدينين بالدين كله ، وان وفاء الدين من أحدهم مبرئهم جميعاً.
2) وأن يجوز لأي مدين وقاء الدين كله على أن يرجع على الباقين كل منهم بنصيبه حتى لا يثرى غير الموف على حساب الموفي : ويكون رجوعه أما بدعوى الحلول وفقاً للمادة 326 فقرة «أ» وأما بدعوي الفضالة .
3) أن لا يكون بين المدينين تضامن ولا تحدث بينهم الآثار التي تترتب فيما بين المدينين المتضامنين على النيابة التبادلية.
4) أن يكون الدين قابلا للانقسام بين ورثة كل واحد من المدينين بحيث يقتصر التزام كل وارث على قدر نصيبه من الدين ولا يسأل عن نصيب من يعسر منهم.
5) أنه اذا وجهت المطالبه لأحد المدينين جاز له أن يدفع الدعوى بطلب التقسيم ويقضي له به ولكن على أن يبقى مسئولاً عن نصيبه في حصة من يعسر من المدينين الآخرين. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس ، الصفحة : 608)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والعشرون ، الصفحة / 28
الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ:
13 - هُوَ كُلُّ دَيْنٍ وَجَبَ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ لِشَرِيكَيْنِ فَأَكْثَرَ. كَمَا لَوْ بَاعَ الشَّرِيكَانِ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ دُونَ تَحْدِيدِ ثَمَنٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَتِ الصَّفْقَةُ الْمُوجِبَةُ لِلدَّيْنِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا اخْتَلَفَ السَّبَبُ، وَانْتَفَى الاِشْتِرَاكُ فِي الدَّيْنِ: وَذَلِكَ كَالدَّيْنِ الَّذِي اسْتُحِقَّ عَلَى مُشْتَرٍ وَاحِدٍ ثَمَنًا لِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ كَدَارٍ، أَوْ قِطْعَةِ أَرْضٍ يَمْلِكُهَا اثْنَانِ مَا دَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ بَاعَ نَصِيبَهُ بِعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ، وَإِنْ أَخَذَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ صَكًّا وَاحِدًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ. فَهَذَا دَيْنٌ غَيْرُ مُشْتَرَكٍ؛ لأِنَّهُ وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ. لاَ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، بِرَغْمِ اتِّحَادِ الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَالصَّكِّ. فَلاَ سَبِيلَ لأِحَدِ الْبَائِعَيْنِ عَلَى الآْخَرِ، إِذَا تَقَاضَى مِنَ الدَّيْنِ شَيْئًا.
وَمِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَيْضًا كُلُّ دَيْنٍ وَجَبَ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ لِشَرِيكَيْنِ فَأَكْثَرَ. وَهُوَ مَا كَانَ عِوَضًا عَنْ مَالَيْنِ غَيْرِ مُشْتَرَكَيْنِ، إِلاَّ أَنَّهُ اسْتُحِقَّ عَنْهُمَا بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ: كَدَارٍ لِهَذَا وَدَارٍ لِذَاكَ، بَاعَاهُمَا مَعًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِثَمَنٍ إِجْمَالِيٍّ لَهُمَا، دُونَ أَنْ يُمَيَّزَ فِيهِ ثَمَنُ كُلٍّ عَلَى حِدَةٍ، لاَ بِبَيَانِ مِقْدَارٍ - كَسِتِّمِائَةٍ لِهَذَا وَأَرْبَعُمِائَةٍ لِذَاكَ - وَلاَ بِتَحْدِيدِ صِفَةٍ، كَنُقُودٍ فِضِّيَّةٍ لِهَذَا وَذَهَبِيَّةٍ لِذَاكَ؛ لأِنَّ مِثْلَ هَذَا التَّمْيِيزِ يُنَافِي اتِّحَادَ الصَّفْقَةِ: بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِ وَاحِدٍ، وَيَرْفُضَهُ فِي نَصِيبِ الآْخَرِ، مُعْتَذِرًا بِأَنَّ هَذَا الثَّمَنَ أَوْ ذَاكَ الْوَصْفَ لاَ يُنَاسِبُهُ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ أَنْ لاَ يَكُونَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا. إِلاَّ أَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّمْيِيزِ بِبَيَانِ تَفَاضُلِ الاِسْتِحْقَاقَيْنِ، إِذَا زَالَ التَّفَاضُلُ بِاسْتِيفَاءِ الزِّيَادَةِ عَادَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا.
وَزَادَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ أَنْ لاَ يَكُونَ التَّمْيِيزُ فِي الْمِقْدَارِ أَوِ الصِّفَةِ قَائِمًا أَصْلاً، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الْعَقْدِ .
قَبْضُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ:
14 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلاً، إِذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ شَيْئًا - وَلَوْ كَانَ الْمُؤَدِّي كَفِيلَ الْمَدِينِ، أَوْ مُحَالاً عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ فَهُوَ مَقْبُوضٌ عَنِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا، وَلِلَّذِي لَمْ يَقْبِضْ - وَيُسَمُّونَهُ الشَّرِيكَ السَّاكِتَ - أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ، بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ لِلْقَابِضِ مَا قَبَضَ لِيَتَمَلَّكَهُ، وَيَرْجِعَ هُوَ بِحِصَّتِهِ فِيهِ عَلَى الْمَدِينِ رُجُوعًا مُقَيَّدًا بِعَدَمِ التَّوَى، حَتَّى إِذَا تَوِيَتْ عَلَى الْمَدِينِ، كَأَنْ مَاتَ مُفَلِّسًا، عَادَ بِهَا عَلَى الْقَابِضِ، إِذْ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا كَانَ يَرْجُو سَلاَمَتَهُ، وَشَرْطُ السَّلاَمَةِ فِي مِثْلِهِ مَفْهُومٌ عُرْفًا.
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَانَ الدَّيْنُ دَيْنَ مُعَاوَضَةٍ كَأَلْفٍ هِيَ ثَمَنُ دَارٍ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، أَمْ دَيْنَ إِتْلاَفٍ، كَمَا لَوْ كَانَتِ الأْلْفُ قِيمَةَ زَرْعٍ لَهُمَا ضَمِنَهُ قَالِعُهُ أَوْ مُحْرِقُهُ، أَمْ غَيْرُهُمَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ مِيرَاثًا وَرِثَاهُ عَنْ مُوَرِّثٍ وَاحِدٍ، أَوْ بَدَلَ قَرْضٍ أَقْرَضَاهُ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا.
أَمَّا أَنَّ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ يُعْتَبَرُ مَقْبُوضًا عَنِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، فَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا عَنْ حِصَّةِ الْقَابِضِ وَحْدَهُ، إِلاَّ إِذَا وَقَعَتْ قِسْمَةُ الدَّيْنِ بَيْنَ الدَّائِنَيْنِ، وَهَذَا لَمْ يَحْصُلْ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ، لِمَعْنَيَيْنِ:
15 - أَوَّلُهُمَا: أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لاَ يُمْكِنُ تَمْيِيزُ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ. وَهَذِهِ هِيَ حَقِيقَةُ الْقِسْمَةِ، فَلاَ تُتَصَوَّرُ فِي الدَّيْنِ إِذَنْ.
ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْقِسْمَةَ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ؛ لأِنَّ كُلَّ جُزْءٍ فَرَضْنَاهُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، مَهْمَا صَغُرَ، فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ. فَلَوْ صَحَّحْنَاهَا بِالنِّسْبَةِ لِلدَّيْنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ، لَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنَ الشَّرِيكَيْنِ اشْتَرَى مَا وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ فِي الدَّيْنِ، بِمَا تَرَكَهُ لَهُ مِنْ مِلْكِهِ هُوَ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ؛ لأِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا أَنَّ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ (الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ) أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَدِينِ؛ فَلأِنَّ دَيْنَهُ فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمَدِينِ، وَلَيْسَتْ لِهَذَا الْمَدِينِ وِلاَيَةُ دَفْعِهِ لِغَيْرِهِ، فَلاَ يَسْقُطُ بِهَذَا الدَّفْعِ .
إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا رَجَعَ الشَّرِيكُ عَلَى الْقَابِضِ ابْتِدَاءً، كَانَ عَيْنُ حَقِّهِ فِيمَا قَبَضَهُ؛ لأِنَّ الدَّيْنَ لاَ يَتَعَيَّنُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ: فَلَيْسَ لِلْقَابِضِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَيُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهِ - سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَمْ أَجْوَدَ أَمْ أَرْدَأَ؛ لأِنَّهُ مَا دَامَ الْجِنْسُ وَاحِدًا فَاخْتِلاَفُ الْوَصْفِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ لاَ يُنَافِي أَنَّ الْقَبْضَ عَنِ الدَّيْنِ: وَلِذَا يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبُولِ الأْجْوَدِ، فَإِذَا فَاتَ الْمَقْبُوضُ عِنْدَ الْقَابِضِ بِسَبَبٍ مَا كَضَيَاعٍ، أَوْ تَلَفٍ، أَوْ دَفَعَهُ لِلْغَيْرِ فِي مُعَاوَضَةٍ، أَوْ ضَمَانٍ، أَوْ تَبَرُّعٍ، فَإِنَّهُ - فِي غَيْرِ حَالَةِ تَلَفِهِ بِيَدِ الْقَابِضِ دُونَ تَعَدٍّ مِنْهُ - يَكُونُ قَدْ فَوَّتَ عَلَى شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ فِيهِ، وَمِنْ حَقِّ هَذَا الشَّرِيكِ إِذَنْ أَنْ يُضَمِّنَهُ إِيَّاهَا. وَفِي حَالَةِ عَدَمِ التَّعَدِّي لاَ تَضْمِينَ، وَلَكِنْ يَكُونُ الْفَوَاتُ كُلُّهُ عَلَى الْقَابِضِ، وَنَصِيبُ الشَّرِيكِ السَّاكِتِ فِي الدَّيْنِ يَظَلُّ كَامِلاً فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ.
أَمَّا إِذَا رَجَعَ الشَّرِيكُ عَلَى الْقَابِضِ بَعْدَ تَوَاءِ حَقِّهِ عِنْدَ الْغَرِيمِ (الْمَدِينِ) فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ مِثْلُ هَذَا الْحَقِّ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ، دَيْنًا كَسَائِرِ الدُّيُونِ؛ لأِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْقَطَ تَعَلُّقَ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْمَقْبُوضِ، إِذْ خَلَّى بَيْنَ الْقَابِضِ وَبَيْنَ تَمَلُّكِهِ، وَعَدَلَ إِلَى مُطَالَبَةِ الْغَرِيمِ .
ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ فِي الْمَقْبُوضِ مِنَ الْقَابِضِ، يَكُونُ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بَيْنَهُمَا - كُلٌّ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ، وَهِيَ نَفْسُ نِسْبَةِ حَقَّيْهِمَا فِي الدَّيْنِ الأْصْلِ يِّ.
هَذَا الْحُكْمُ، أَعْنِي كَوْنَ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنَ الدَّيْنِ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا أَطْلَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: سَوَاءٌ أَجَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ أَمْ لَمْ يُؤَجِّلْ؛ لأِنَّ هَذَا التَّأْجِيلَ مِنْ أَحَدِهِمَا لَغْوٌ عِنْدَهُ، إِذْ هُوَ يَتَضَمَّنُ الْقِسْمَةَ - بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَالَّ غَيْرُ الْمُؤَجَّلِ، وَصْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَحُكْمًا؛ لاِمْتِنَاعِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمُؤَجَّلِ دُونَ الْحَالِّ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَى أَنَّ التَّأْجِيلَ يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ فَإِنْ أَجَّلَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ اسْتَقَلَّ الْقَابِضُ بِمَا قَبَضَ خِلاَلَ الأْجَلِ إِلَى أَنْ يَحِلَّ؛ لأِنَّ الأْجَلَ يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ. ذَلِكَ أَنَّ هَذَا التَّأْجِيلَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا، إِذْ هُوَ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، فَيَنْفُذُ قِيَاسًا عَلَى الإْبْرَاءِ، بَلْ لَيْسَ هُوَ إِلاَّ إِبْرَاءً مُؤَقَّتًا، فَيُعْتَبَرُ بِالْمُطْلَقِ. فَإِذَا حَلَّ الأْجَلُ ، اعْتُبِرَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الآْخِرُ قَدْ قَبَضَ مِنَ الدَّيْنِ شَيْئًا رَجَعَ عَلَيْهِ هَذَا بِحِصَّتِهِ فِيهِ، إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَإِلاَّ ضَمَّنَهُ إِيَّاهَا.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لِمَنْ أَخَّرَ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَنْ يُشَارِكَ مَنْ لَمْ يُؤَخِّرْ فِيمَا يَقْبِضُهُ مِنَ الدَّيْنِ، وَاسْتَثْنَوْا مَا إِذَا كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ، وَتَلِفَ الْمَقْبُوضُ، وَلَمْ يَحِلَّ الأْجَلُ بَعْدُ .
وَالَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ تَقْرِيرِ ابْنِ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ لِمَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ - وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَهُ خَاصَّةً، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ بِصَرِيحِ الْعِبَارَةِ، كَمَا فَعَلَ الْقَاضِي .
-------------------------------------------------------------
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة ۲۸۹)
1- اذا تعدد الدائنون في التزام غير قابل للانقسام ، أو تعدد ورثة الدائن في هذا الالتزام ، جاز لكل دائن أو وارث أن يطالب بأداء الالتزام كاملاً ، فاذا اعترض أحد الدائنين أو الورثة على ذلك ، كان المدین ملزماً بأداء الالتزام للدائنين مجتمعين أو إيداع الشيء محل الالتزام •
2- ويرجع الدائنون على الدائن الذي استوفى الالتزام ، كل بقدر حصته.
هذه المادة تطابق المادة ۳۰۲ من التقنين الحالي .