مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 121
مذكرة المشروع التمهيدي:
للمحال له أن يطالب المحال عليه عند حلول الأجل بقيمة الحق الأسمية ولو كان العرض الذي أدى في مقابل هذا الحق أقل من تلك القيمة، وله كذاك أن يطالب بكل توابع الدين، وفقاً لقاعدة اتباع الفرع للأصل .
وقد ذكرت المادة 433 في معرض التمثيل لما يعتبر من توابع الحق، الكفالة والامتياز والرهن الرسمي، والفوائد أو الإيرادت المستحقة، و بديهي أن هذا البيان غير وارد على سبيل الحصر .
1 ـ حوالة الحق لا تنشىء إلتزاما جديدا فى ذمة المدين وإنما هى تنقل الإلتزام الثابت أصلاً فى ذمته من دائن إلى دائن آخر باعتبار هذا الإلتزام حقا للدائن المحيل وينتقل بها الإلتزام ذاته بجميع مقوماته وخصائصه وينبنى على ذلك أن يظل هذا الإلتزام بعد حوالته محكوماً بذات القانون الذى نشأ فى ظله من حيث طبيعته وصفاته وإثباته وقابليته للحوالة والشروط اللازمة لذلك فإذا صدر قانون يغير من هذه الأحكام فلا يسرى على هذا الإلتزام إلا فى نطاق ما يستحدثه من قواعد آمرة تتصل بالنظام العام ومن ثم فإذا كان القانون الذى نشأ الإلتزام فى ظله يشترط لإمكان حوالته رضاء المدين بالحوالة فإن صدور قانون جديد يجعل هذا الرضاء غير لازم لا يسرى قبله .
(الطعن رقم 605 لسنة 32 جلسة 1967/11/23 س 18 ع 4 ص 1744 ق 263)
2 ـ ينتقل الحق المحال به - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالحوالة من المحيل إلى المحال له بصفاته ودفوعه كما تنتقل معه توابعه ومنها الدعاوى التي تؤكده. وإذ كان الطاعن - المحال عليه - قد دفع أمام محكمة الإستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لعدم وجود عقد إيجار أو أي عقد آخر يربطه بالمطعون عليها وكانت الدعوى الماثلة التي رفعتها المطعون عليها بوصفها محالاً لها - دعوى تؤكد الحق المحال به فتعتبر من توابعه وتنتقل معه، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المشار إليه استناداً إلى حوالة عقد الإيجار إلى المطعون عليها، يكون قد أصاب صحيح القانون.
(الطعن رقم 200 لسنة 45 جلسة 1978/05/16 س 29 ع 1 ص 1261 ق 247)
3 ـ إذ كان من المقرر أن الحق المحال به ينتقل بالحوالة من المحيل إلى المحال له بصفاته و دفوعه كما تنتقل معه توابعه و منها الدعاوى التى تؤكده ، و كانت الدعوى الماثلة قبل المحال عليه بطلب الحق المحال به التى رفعها المطعون عليه الأول بوصفه محالاً له دعوى تؤكد الحق المحال به فتعتبر من توابعه و تنتقل معه ، فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة يصادف صحيح القانون .
(الطعن رقم 429 لسنة 38 جلسة 1975/01/27 س 26 ع 1 ص 257 ق 58)
4 ـ إذا كان المطعون عليه يدعى أنه دفع للطاعنة مبلغ 100 جنيه فى مقابل حوالة حقها فى إستلام السيارة دون أن يثبت هذا المبلغ فى الإتفاق ، و كانت حوالة الحق فى مقابل مبلغ معين أمراً مشروعاً ذلك أن المشرع أجاز فى المادة 308 من القانون المدنى أن تكون الحوالة بعوض ، و هذا العوض وفقاً لما هو مستفاد من المادة 310 من القانون المذكور هو الشىء الذى إستولى عليه المحيل من المحال له فى مقابل الحوالة ، و من ثم فإن هذا المقابل يخضع فى إثباته للقواعد العامة . و لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه فى هذا الخصوص على أن دفع هذا المبلغ يعتبر عملاً غير مشروع و أنه يجوز بالتالى إثباته بالبينه و القرائن و يمتنع فيه توجيهه اليمين الحاسمة تأسيساً على أنه زيادة غير قانونية فى الثمن الذى حددته الحكومة لبيع السيارات شأنه فى ذلك شأن بيع السلعة المسعرة أو المحددة الربح بما يزيد عن السعر أو الربح المحدد ، و كانت المادة الثانية من قرار وزير الصناعة رقم 450 لسنة 1963 المعمول به من تاريخ نشره فى 1963/4/29 و الذى حدد سعر السيارة نصر 1300 قد نصت على أن تسرى الأسعار المبينة بالجداول المرافقة لهذا القرار على العقود الجديدة التى تبرم إعتباراً من تاريخ العمل به و إذ كان الثابت أن حوالة الحق قد تمت فى تاريخ 1963/3/11 و هو سابق على تاريخ العمل بهذا القرار ، و من ثم فإنه لا محل لبحث أثر مخالفة هذا القرار فى خصوص واقعة الدعوى ، لما كان ذلك و كان الحكم المطعون فيه قد إستند فى إلزام الطاعنة بمبلغ المائة جنيه إلى دليل غير كتابى فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 352 لسنة 41 جلسة 1977/03/22 س 28 ع 1 ص 732 ق 133)
5 ـ متى كان ما انتهى إليه الحكم يكفى لقيامه ما قرره من أن لحامل السند المظهر على بياض أن يرفع الدعوى باسمه هو على المدين فإنه لا يكون ثمة جدوى من النعى على الحكم فيما استطرد اليه بعد ذلك من اعتبار التظهير على بياض ناقلا للملكية ومن أن للمظهر اليه أن يثبت فى مواجهة المدين أن التظهير الناقص إنما كان على سبيل نقل الملكية .
(الطعن رقم 244 لسنة 23 جلسة 1957/11/28 س 8 ع 3 ص 834 ق 93)
6 ـ المستقر فى قضاء هذه المحكمة أنه يجوز الطعن فى الحكم من كل من كان طرفاً فى الخصومة أمام المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه و لم يتخل عن منازعتة متى صدر الحكم ضده ، و كان يكفى لتحقق المصلحة فى الطعن قيامها وقت صدور الحكم ولا عبره بزوالها من بعد ،لما كان ذلك و كان الحكم الإبتدائى قد قضى برفض دعوى المطعون عليه الأول - شركة التأمين بطلب إخلاء العين المؤجرة من الباطن - فإنه يضحى سديداً ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن له صفة و مصلحة فى طعنه عليه بطريق الإستئناف و إستمراره فى مباشرته حتى يقضى فيه ، لا يغير من ذلك إنتقال الحق الذى أقيمت به الدعوى إلى آخر لما كان ما تقدم ، و كان البين من الأوراق أن ملكية العقار الكائن به العين المؤجرة قد عادت إلى المطعون عليهم من الثانى للخامس بعد صدور الحكم الإبتدائى بالتطبيق لأحكام كل من القانون رقم 49 لسنة 1971 بتصفية الحراسة على أموال و ممتلكات الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 و كذلك القانون رقم 69 لسنة 1974 بشأن تسوية الأوضاع الناشئة من فرض الحراسة ، فإنه يحق لهم التدخل فى الإستئناف منضمين إلى المستأنف فى طلباته ، ولا تأثير لثبوت حوالتهم عقد الإيجار إلي المشترية للعقار فى تاريخ لا حق للتدخل ، طالما كانت مصلحتهم قائمة عند حصوله ، و طالما كان المحيل ضامناً الحق المحال للمحال إليه ، مما يقتضيه الدفاع عنه و الإبقاء عليه بالحلة التى كان عليها وقت الحوالة .
(الطعن رقم 643 لسنة 48 جلسة 1979/05/02 س 30 ع 2 ص 253 ق 232)
7 ـ إذا كانت الحوالة نافذة قبل المحال عليه لإعلانه بها فإن للمحال له أن يقاضيه فى شأن الحقوق المحال بها دون حاجة إلى إختصام المحيل لأن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع الدعاوى التى تؤكده و منها دعوى الفسخ لعدم تنفيذ البائع لإلتزامه لأنها تكفل للمشترى أن يسترد الثمن فيعتبر بمثابة ضمان له ينتقل بالحوالة مع حقه المحال به .
(الطعن رقم 218 لسنة 34 جلسة 1968/02/22 س 19 ع 1 ص 357 ق 54)
8 ـ لما كان العقد شريعه المتعاقدين و لا يجوز نقضه و لا تعديله إلا بإتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون ، و كانت الحوالة عقدا ملزما للمحيل و المحال إليه كليهما فلا يجوز لأحدهما العدول عنه بإرادته المفردة ، و كان الحق المحال به ينتقل و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة إلى المحال له بصفاته و دفوعه كما تنتقل معه توابعه ، و كان البين من أوراق الطعن أن مالكى عين النزاع قد أجروها للمطعون ضده الأول بالعقد المؤرخ أول يناير سنة 1960 و أنهم باعوها للطاعنة بعقد البيع الإبتدائى المؤرخ .. و حولوا لها عقد الإيجار و الأجرة الناشئة عنه منذ إبرامه ، مما مؤداه أن الحقوق التى للبائعين عن عقد الإيجار قد إنتقلت إلى الطاعنة و كانت الحوالة و إعمالا لصريح نص المادة 305 من القانون المدنى تنفذ فى حق المحال عليه بإعلانه بها أو قبوله لها ، و كان البين من الأوراق أن المستأجر المطعون ضده الأول قبل الحوالة بالصلح المؤرخ .. الذى نظم كيفية وفائه بالأجرة المستأجرة فتكون الحوالة قد نفذت فى حقه .
(الطعن رقم 181 لسنة 47 جلسة 1983/02/09 س 34 ع 1 ص 442 ق 96)
بمجرد أن تنعقد الحوالة بين المحيل والمحال له، أي حتى قبل أن تكون نافذة فى حق المدين وفى حق الغير بالإعلان أو القبول، ينتقل نفس الحق المحال به من المحيل إلى المحال له، وينتقل بكل قيمته حتى لو كان المحال له دفع فيه ثمناً أقل كما هو الغالب.
ذلك أن الحق المحال به، وإن كان حقاً شخصياً، يعتبر منقولاً معيناً بالذات، فتنتقل ملكيته فيما بين المتعاقدين – أى فيما بين المحيل والمحيل له – بمجرد العقد دون حاجة إلى أى إجراء آخر.
والحق الذي ينتقل هو نفس الحق الذي كان فى ذمة المدين للمحيل ، فيصبح – بعد أن تصير الحوالة نافذة فى حق المدين – فى ذمة المدين للمحال له، ولما كان الذي ينتقل هو نفس الحق، فإنه ينتقل بماله منصفات وما عليه من دفوع، فإن كان حقاً مدنياً أو تجارياً، انتقل بصفته هذه إلى المحال له، وإن كان حقاً قابلاً للتنفيذ بموجب حكم أو سند رسمي، انتقل إلى المحال له بهذه الصفة أيضاً، وإن كان حقاً ينتج فوائد انتقل بقابليته لإنتاج الفوائد وهكذا .
كذلك ينتقل الحق بما عليه من دفوع، فيجوز للمدين أن يتمسك قبل المحال له بنفس الدفوع التي كان يصح له أن يتمسك بها قبل المحيل، وسيأتى بيان ذلك.
ويترتب على ما قدمناه أنه بعد انعقاد الحوالة، وقبل صيرورتها نافذة فى حق المدين، يمتنع على المحيل أن يطالب المدين بالحق المحال به، فإذا وفاه المدين الدين وهو حسن النية لا علم له بالحوالة، فإن الوفاء يكون صحيحاً مبرئاً للذمة من جانب المدين، ولكن المحيل يكون مسئولاً قبل المحال له بالضمان .
تسليم سند الحق ووسائل إثباته : وانتيقال الحق إلى المحال له يقتضي أن يلتزم المحيل بتسليم المحال سند هذا الحق والوسائل التي تؤدي إلى إثباته، وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يتضمن نصاً فى هذا المعنى، فكانت المادة 434 من هذا المشروع (تجري على الوجه الآتي : " يجب على المحيل أن يسلم إلى المحال له سند الحق المحال به، وإن يقدم له وسائل إثبات هذا الحق وما هو ضروري من بيانات لتمكينه من حقه"، وقد حذف هذا النص فى لجنة المراجعة، ولكن حذفه لا يفيد أن حكمه قد نسخ، ففى تطبيق القواعد العامة غناء عنه.
والذي يقع عادة أن سند الحق هو الذي تدون فيه الحوالة، ويسلمه المحيل إلى المحال له كمستند لصدور الحوالة ذاتها وكمستند للحق المحال به فى وقت واحد، فإذا كان الحق المحال به غير ثابت بالكتابة، صحت مع ذلك حوالته كما قدمنا، وعلى المحيل أن يهيئ للمحال له وسائل إثبات هذا الحق من بينه وقرائن وغير ذلك.
وإذا كان المحال به هو جزء من الحق، بقى السند مشتركاً بين المحيل والمحال له.
وسنرى أن توابع الحق تنتقل معه، فإذا كان هناك ضمان للحق المحال به، وجب على المحيل تمكين المحال له من هذا الضمان، بأن يعاين في التأشير على هامش القيد إذا كان الضمان هو رهن رسمي أو رهن حيازي عقاري أو حق امتياز عقاري أو حق اختصاص، وبأن يسلم للمحال له سند الكفالة إذا كان الضمان هو كفيل شخصي.
انتقال توابع الحق المحال به
انتقال ضمانات الحق : قدمنا أن المادة 307 مدنى تقضى بأن تشمل حوالة الحق ضماناته، كالكفالة والامتياز والرهن، وهذا طبيعي، فإن ضمانات الحق هى من توابعه، ومن شأنها أن تؤكده وتقويه، ولا شك فى أن المحال له اعتمد عليها عندما حول له الحق، فما لم يكن هناك اتفاق خاص بين المحيل والمحال له على عدم انتقال هذه الضمانات أو بعضها، فإنها تنتقل من غير حاجة إلى ذكر ذلك فى عقد الحوالة بحكم أنها من توابع الحق المحال به.
وقد ذكر النص الكفالة والامتياز والرهن، ولم يذكر ذلك على سبيل الحصر، بل على سبيل التمثيل، فكل ضمانات الحق المحال به تتبعه وتنتقل معه إلى المحال له، سواء كانت هذه الضمانات عينية كالرهن الرسمي وحق الاختصاص والرهن الحيازي وحقوق الامتياز، أو كانت شخصية كالكفالة والتضامن وعدم القابلية للانقسام.
فإذا كان للحق المحال به كفيل شخصي، بقى هذا الكفيل ضامناً الحق للمحال له كما كان ضامناً إياه للمحيل، ولا حاجة لرضائه بالحوالة، إذ هو يكفل المدين، وشخص المدين هو الذي يعنيه والمدين لم يتغير وإنما تغير الدائن، شأنه فى ذلك شأن المدين نفسه وقد تغير عليه الدائن دون حاجة إلى رضاه، على أنه لا بد من إعلان الكفيل بالحوالة أو قبوله لها حتى يعلم بها، فإنه إذا كان لا يعلم بالحوالة ووفى الدين عن المدين كان الوفاء صحيحاً مبرئاً لذمته.
وإذا كان المدينون فى الحق المحال به متعددين وكانوا متضامنين، فإن الحق ينتقل إلى المحال له قبل هؤلاء المدينين المتضامنين جميعاً، ولابد من إعلانهم كلهم بالحوالة أو قبولهم لها حتى تنفذ فى حقهم كما سبق القول، وكذلك الأمر لو كان الدين غير قابل للانقسام وكان مدينوه متعددين.
انتقال ما حل من فوائد وأقساط : وتقول المادة 307 مدني أيضاً إن حوالة الحق تعتبر شاملة لما حل من فوائد وأقساط، وقد قدمنا أن الحق ينتقل بصفاته إلى المحال له، فلو كان حقاً مقسطاً أو كان حقاً ينتج فوائد، انتقل على هذه الصفة، ويكون للمحال له فى هذه الحالة الحق فى قبض الفوائد والأقساط التي لم تحل، ولو كان ذلك عن مدة سابقة على عقد الحوالة، فلو أن حقاً ينتج فوائد قسطاً سنوياً، ويحل القسط الأول منه هو والفوائد فى آخر عام 1957 ، وحول الحق فى آخر شهر يونيه سنة 1957 ، فإن المحال له يستحق أقساط الحق وفوائده، ويدخل فى ذلك القسط الأول ولو أن بعضه عن نصف سنة سابقة على صدور الحوالة، ويدخل فى ذلك أيضاً فوائد الحق جميعها ولو أن بعضها مستحق عن نصف السنة السابقة على الحوالة.
بل إن المحال له يستحق ما حل فعلاً وقت صدور الحوالة من فوائد وأقساط ما دام المحيل لم يقبضه، فلو أن الحوالة فى المثل المتقدم صدرت بعد آخر عام 1957، ولم يكن القسط الأول والفوائد قد دفعت قبل صدور الحوالة، فإن المحال له يستحقها جميعا ولو أنها مستحقة عن مدة كلها سابقة على الحوالة، ذلك أنها تعتبر من توابع الحق المحال به، فما لم يحتفظ المحيل بها صراحة أو ضمناً، فإن المفروض أنه قبل أن تنتقل مع الحق المحال به إلى المحال له، شأنها فى ذلك شأن التوابع الأخرى.
انتقال الدعاوى التى تؤكد الحق المحال به دون الدعاوى التى تنافيه : قد يصحب الحق المحال به دعاوى بعضها تؤكده وبعضها تنافيه، فالدعاوى التي تؤكده هى التى تنتقل معه إلى المحال له لأنها تعتبر من توابع الحق، أما الدعاوى التى تنافيه فهى تتعارض معه ولا تعتبر من توابعه فلا تنتقل إلا باتفاق خاص بين المحيل والمحال له.
ولإيضاح ذلك نفرض أن البائع قبل أن يستوفى الثمن من المشتري حول هذا الحق إلى آخر وكان البائع يحق له أن يبطل هذا البيع لسبب يرجع أما إلى نقص فى الأهلية أو إلى عيب فى الإرادة كغلط أو تدليس أو إكراه فهنا صاحب الحق المحال به دعويان : الأولى دعوى الفسخ لعدم وفاء المشترى بالثمن، والأخرى دعوى الإبطال لنقص الأهلية أو للعيب فى الإرادة .
أما دعوى الفسخ فمن شأنها أن تؤكد الحق المحال به، إذ هى بمثابة ضمان للبائع لاستيفاء حقه من المشترى، وتعدل حق الامتياز على المبيع، وإذا كان حق الامتياز يكفل للبائع أن يستوفى الثمن ببيع العين المبيعة جبراً على المشترى، فإن دعوى الفسخ تكفل للبائع أن يسترد العين المبيعة ذاتها، وقد يكون مجرد التهديد بها كافياً لدفع المشتري إلى الوفاء بالثمن ومن ثم تنتقل دعوى الفسخ بالحوالة من المحيل إلى المحال له، ويستطيع هذا إذا لم يستوف من المشترى الثمن المحال به أن يفسخ البيع كما لو كان هو البائع ويأخذ العين المبيعة بدلاً من الثمن.
وأما دعوى الإبطال فإنها تنافى الحق المحال به، ذلك أن البائع إذا حول الثمن، فهو بهذه الحوالة يؤكد وجوده فى ذمة المشتري، ومما ينافي هذا التأكيد إبطال البيع – وهو مصدر الالتزام بالثمن – لنقص فى الأهلية أو لعيب فى الإرادة، والبائع ، عند الحوالة بالثمن ، إما أن يكون عارفاً بوجود دعوى الإبطال، فإقدامه على حوالة الثمن يعتبر إجازة ضمنية للبيع، وإما أن يكون غير عارف بوجود هذه الدعوى، فلا يمكن افتراض أنه أراد تحويلها، ومن ثم لا تنتقل دعوى الإبطال مع الحق المحال به، لأنها لا تعتبر من توابع هذا الحق، إذ هى لا تؤكد وجوده بل تنفي هذا الوجود، كل ذلك ما لم يكن هناك اتفاق خاص بين المحيل والمحال له على انتقال دعوى الإبطال مع الحق المحال به(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث المجلد/ الأول الصفحة/562)
يترتب على الحوالة، وبمجرد انعقادها وحتى قبل نفاذها، انتقال الحق الوارد بها إلى المحال له، فالحوالة لا ترد إلا على حق شخصي وهذا الحق يعتبر منقولاً معيناً بالذات، تنتقل الملكية فيه بمجرد التصرف، وينتقل ذات الحق بقيمته كاملة خلافاً للوفاء مع الحلول م 329، كما ينتقل بذات صفاته - كما لو كان تجارياً أو ثابتاً بسند تنفيذي - ودفوعه وما له من ضمانات كالكفالة و الامتياز والاختصاص والرهن الرسمي والرهن الحيازي، ولما كانت ضمانات الحق هي من توابعه، فإنها تنتقل معه إلى المحال له بمجرد الحوالة على أن يلتزم المحيل باتخاذ ما يلزم لذلك فإن امتنع قام حكم القاضي مقام أداء المحيل كوجوب التأشير بالحوالة في هامش قيد الرهن وفقاً للمادتين 1053 مدني و 19 شهر عقاري، ما لم يوجد اتفاق على عدم انتقالها ومثل الكفالة، التضامن بين المدينين في الحق محل الحوالة، فينتقل التضامن معه وكذلك إذا كان الدين غير قابل للانقسام وتعدد المدينين، على أنه يجب إعلان الكفيل والمدينين بالحوالة حتى لا يتم الوفاء للمحيل، وقبل هذا الإعلان يكون الوفاء له صحيحاً مبرئاً للذمة ويرجع المحال له على المحيل.
كما تعتبر الحوالة شاملة لما حل من فوائد وأقساط، وهذا بدیهي إذ أن تلك الفوائد هي ثمار الحق محل الحوالة فهى من توابعه، أما الأقساط في متناول لشروط الحوالة لبيان ما يستحقه المحال له منها، فإن خلت الحوالة من كان للمحال له الحق في الفوائد والأقساط التي لم يقبضها المحيل حتى لو كانت عن مدة سابقة على الحوالة.
وإن كانت هناك ميزة متصلة بالحق فهي من توابعه، مثال ذلك أن يتضمن التنازل له عن عقد الايجار، عقد الإيجار وعدا ببيع العين المؤجرة للمستأجر، فإن هذه الميزة تنتقل إلى من تم التنازل له عقد الإيجار.
وينتقل مع الحق الدعاوى التي تكفله، كدعوى فسخ البيع إذ تعتبر من ضمانات اقتضاء الثمن، فإن كان ثمن المبيع لم يقبضه البائع وإنما حوله إلى شخص آخر، كان لهذا الشخص باعتباره محالاً له بالثمن، أن يرجع به على المشتري فإن لم يقم بالوفاء به كان للمحال له أن يرفع دعوى بفسخ البيع، ومتی قضی به استرد البائع المبيع وكان للمحال له التنفيذ عليه، ويرى السنهوري أنه إذا قضى بالفسخ في هذه الحالة فإن العين تنتقل إلى المحال له مقابلاً للمبلغ الذي أداه للبائع، أنظر أيضاً المادة 329 - كما تنتقل دعوى الضمان التي للمستأجر قبل المؤجر، إذا قام المستأجر بتحويل الإيجار إلى الغير وكان العقد يجيز له التنازل عن الإيجار أو كان لا يجيز ذلك ولكن المؤجر لم يعترض على التنازل، فيكون للغير باعتباره محالاً له الرجوع على المؤجر بالضمان، راجع نقض 22/2/1968 بالمادة 305 وإذا انصرفت الحوالة الى عقد، ظلت شروطه سارية فيما بين المحال فه والمحال عليه إذ يترتب على الحوالة حلول المحال له محل المحيل فيترتب على الحرة تعديل أطراف العقد دون أحكامه وشروطه.
أما الدعاوى التي لا تؤكد الحق محل الحوالة، فلا تنتقل للمحال له، كدعوی إبطال البيع لما يترتب عليها من عدم استحقاق الثمن وهو محل الحوالة خلافاً، الفسخ التي تؤكد الحق إذ يظل الثمن مستحقاً ويكون للمحال عليه توئی بالوفاء بالثمن إلى ما قبل إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف.
الصفة في رفع الدعوى أو الطعن :
أوضحنا فيما تقدم، أن الحق محل الحوالة ينتقل من المحيل إلى المجال له بمجرد إبرام الحوالة دون أن يتوقف هذا الأثر على نفاذ الحوالة قبل المدينن قال له صاحب هذا الحق لوروده على حق شخصي متعلق بمنقول معين بالذات يتمثل في حق دائنيه، وبذلك تتوافر صفة المحال له في كافة الإجراءات التي تتعلق به الحق، سواء ما اتخذ منها قبل إبرام الحوالة أو بعد ذلك طالما كانت قائمة فإن تعلقت الحوالة بعقد إيجار وكان المحيل قد اتخذ بعض إجراءات دعوی الإخلاء، كالتنبيه بالإخلاء أو التكليف بالوفاء، ثم تمت الحوالة بعد ذلك، كان للمحال منه رفع دعوى الإخلاء دون أن يكون ملزماً بإعادة الإجراءات التي سبق للمحيل القيام بها، إذ حل محله في مباشرة إجراءات التقاضي ومن ثم يبدأ من حيث إنتهت الإجراءات التي باشرها المحيل، وبالتالي جاز للمحال له رفع الدعوى مباشرة، فإن كان المحيل قد رفع الدعوى، وتمت الحوالة، حل المحال له فيها في أية حالة كانت عليها، ويواجه بكل الدفوع وأوجه الدفاع التي كان يجوز مواجهة المحيل بها، وللمحيل أن يطلب إخراجه من الدعوى بعد أن تدخل فيها المحال له ويصبح الأخير وحده هو الخصم الأصيل فيها، بحيث إذا رفضت الدعوى، فيلزم المحال له وحده مصاريفها دون المحيل، فإن لم يتدخل المحال له، تعين إدخاله فيها بتكليفه بالحضور دون حاجة لإدخاله بصحيفة تودع قلم الكتاب باعتباره صاحب الصفة في الدعوى (م 2/ 115 مرافعات»، وللمحكمة إدخاله من تلقاء نفسها لحسن سير العدالة حتى يحاج بالحكم الذي يصدر في الدعوى.
وإذا رفع استئناف عن الحكم الصادر في شأن الحق محل الحوالة، جاز للمحال له أن يتدخل فيه منضماً للمحيل في طلباته، وإذا طلب المحيل إخراجه استقام الاستئناف بمثول المحال له فيه باعتباره هو الخصم الأصيل فيه.
وإذا تمت الحوالة بعد صدور الحكم الابتدائي، جاز للمحال له رفع استئناف عنه رغم أنه لم يكن طرفاً في الحكم الابتدائي، إذ تتوافر له الصفة اللازمة الإستئناف الحكم بمجرد حوالة الحق الصادر في شأنه هذا الحكم، فإن كان صادرة بإجابة المحيل إلى بعض طلباته ولم يطعن فيه الأخير بالاستئناف، وطعن فيه المحال عليه ،جاز للمحال له رفع استئناف فرعي بعد أن يدخل في الاستئناف الأصلي.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس الصفحة/ 184)
تشمل حوالة الحق ما يكون ضامناً الحق من تأمينات شخصية أو عينية، فإذا كان الحق مضموناً برهن أو امتياز کامتياز البائع مثلاً، انتقل الرهن أو الامتياز إلى المحال إليه تبعاً لانتقال الحق الأصلي، وكذلك إذا كان مضموناً بكفالة شخصية.
غير أنه يلاحظ أنه إذا كان الحق المحال به مضموناً بتأمين عيني عقاري يجب قيده للاحتجاج به على الغير، ويجب التأشير بالحوالة على هامش القيد الأصلي، حتى يحتج بانتقال التأمين على الغير ( م 1053 / 2 مدني ، 19 شهر عقاري).
ولم تذكر المادة من التوابع سوى الضمانات وما حل من فوائد وأقساط، ولكن من المسلم أن هذا البيان لم يرد على سبيل الحصر، فإذا كان الحق المحال به قد نشأ عن عقد ملزم للجانبين، كما إذا حول البائع الثمن المستحق له، فإن دعوى الفسخ بسبب عدم التنفيذ تعتبر من توابع الحق، بل هي ضمان من ضماناته، فتنتقل بانتقاله إلى المحال له، فيكون له إذا لم يقم المحال عليه المشتري) بالوفاء عند حلول الأجل، أن يطلب فسخ البيع، ويترتب على الفسخ في هذه الحالة إلزام المشتري برد المبيع للمحال له لا للمحيل.
وكذا دعوی الضمان التي تثبت للمستأجر قبل المؤجر فتشملها حوالة الحق في الإجارة .
وتشمل الحوالة أيضاً ما حل من فوائد وأقساط، فيكون للمحال له أن يقبض الأقساط والفوائد التي حلت وقت الحوالة أو قبل إبرامها ولم يقبضها المحيل، إنما ينتقل إلى المحال له الحق المحال به بالدفوع التي تشغله كما سنرى.
كما أن انتقال الحق إلى المحال له يقتضي أن يلتزم المحيل بتسليم المحال له سند هذا الحق والوسائل التي تؤدي إلى إثباته والمطالبة به.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع الصفحة/ 240)
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية 1392 هــ - 1972 م
مادة (96) : يصح لمن عليه الحق أن يفوض صاحبه في قبضه ثم إن وجد المستحق المقبوض زائداً زيادة لا يتغابن بها لزمه الأخبار بذلك ولا يجب عليه الرد بلا طلب.