loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 127

مذكرة المشروع التمهيدي :

تتناول المواد من 435 إلى 438 أحكام التزام المحيل بالضمان، وهو التزام يترتب بمقتضى الحوالة ولم يستحدث المشروع جديدة في هذا الشأن، فهو يكاد يقتصر على الأخذ بما استقر من المباديء، على أن هذه المباديء ليست في جملتها إلا قواعد مفسرة لإرادة المتعاقدين، والأصل في تطبيقها أن يقتصر ضمان المحيل على وجود الحق المحال به ( المادة 435)، وأن اشتراط ضمان اليسار لا يتناول إلا مركز المحال عليه وقت الحوالة ( المادة 436) مالم يتفق على خلاف ذلك .

على أن إعمال مبدأ سلطان الإرادة يرد عليه في هذا النطاق قیدان : فيراعی من ناحية أن مدى التزام المحيل بالضمان طبقاً للمادة 437 لا يجاوز على وجه الإطلاق رد ما أدى إليه فعلاً مع الفوائد والمصروفات، وقد قصد من نص المشروع على عدم جواز الاتفاق على خلاف هذا الحكم إلى قطع السبيل على المرابين، ويراعی من ناحية أخرى أن اشتراط الإعفاء من المسئولية عن ضمان الاستحقاق يقع باطلاً، إذا كان هذا الاستحقاق يرجع إلى فعل المحيل نفسه ( المادة 438 ) ، وليس هذا الحكم سوى مجرد تطبيق للقواعد المقررة بشأن ضمان الاستحقاق بوجه عام.

ويتفرع على هذه القواعد ذاتها أن المحيل يسقط عنه الضمان إذا كانت الحوالة بغير عوض، مالم يتفق على خلاف ذلك ( المادة 435 فقرة 2) بيد أنه يسأل في هذه الحالة أيضاً عن فعله الشخصي (المادة 438).

الأحكام

1 ـ لما كان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه - دون نعي من طرفي الطعن بشأنه - أن الشيكين محلا النزاع قد صدرا لصالح الطاعن وقد شطب فيهما كلمة "لأمر" وأن الأخير قد وقع على ظهر كل منهما مما لازمه أن هذين الشيكين اسميان وبالتالي فلا ينتقل الحق الثابت بهما إلا بحوالة الحق المدني التي لا تعد نافذة قبل المسحوب عليه أو قبل الغير إلا إذ قبلها المسحوب عليه أو أعلن بها وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 305 من القانون المدني وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه توقيع الطاعن - المستفيد - على ظهر هذين الشيكين تظهيرا ناقلا لملكية الحق الثابت بهما ورتب على ذلك أحقية المطعون ضده الحامل لهما فى المطالبة بقيمتيهما من الطاعن دون أن يتحقق من قيام الحوالة ونفاذها فى حق المسحوب عليه تمهيدا لترتيب أثارها فى مدى ضمان المحيل (الطاعن) لوجود مقابل الشيك وقت الحوالة وذلك وفقا لأحكام المواد من 308 وحتى 312 من القانون المدني أو أن يعرض لمضمون المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على أن توقيعه على ظهر الشيكين وتسليمهما للمطعون ضده كان بقصد توكيله فى تحصيل قيمتهما, فإنه يكون معيباً.

(الطعن رقم 570 لسنة 70 جلسة 2001/05/22 س 52 ع 2 ص 732 ق 147)

2 ـ إذ نظم المشرع فى المواد من 308 إلى 311 من القانون المدنى أحكام الضمان فى حوالة الحق بنصوص خاصة فإنه لا يجوز مع وجود هذه الأحكام الخاصة تطبيق أحكام الضمان الواردة فى باب البيع على الحوالة .

(الطعن رقم 50 لسنة 33 جلسة 1967/02/09 س 18 ع 1 ص 325 ق 51)

3 ـ حق المحال له فى التعويض فى حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية وفقاً للمادة 311 من القانون المدنى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يقتصر على إسترداد ما دفعه للمحيل عوضاً عن الحق المحال به مع الفوائد و المصروفات ، كما هو الحال عندما يتحقق الضمان للمادتين 308 ، 309 من القانون المدنى ، بل يكون التعويض كاملاً يشمل قيمة هذا الحق كلها و لو زادت على ما دفعه المحال له للمحيل و يشمل أيضا التعويض عن أى ضرر آخر يلحق بالمحال له من جراء فعل المحيل .

(الطعن رقم 352 لسنة 41 جلسة 1977/03/22 س 28 ع 1 ص 732 ق 133)
(الطعن رقم 50 لسنة 33 جلسة 1967/02/09 س 18 ع 1 ص 325 ق 51)

شرح خبراء القانون

ويؤخذ من هذه النصوص أن علاقة المحال له بالمحال عليه ( المدين ) تتأثر كثيراً بالوقت الذى تصبح فيه الحوالة نافذة فى حق المحال عليه بالإعلان أو بالقبول، فقبل هذا لا وقت لا تكون علاقة المحال له بالمحال عليه إلا علاقة دائنية مستقبلة، إلا أنها علاقة تسمح ببعض آثار محدودة، أهمها أن المحال له يستطيع أن يتخذ إجراءات تحفظية للمحافظة على حقه المستقبل قبل المحال عليه كما يمتنع على المحال عليه أن يأتي من الأعمال ما يضر بهذا الحق، ومنذ إعلان الحوالة أو قبولها يصبح المحال له هو وحده الدائن –الحالي لا المستقبل - للمحال عليه، وتقوم بينهما علاقة المديونية كاملة بما يترتب عليها من آثار.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث المجلد/  الأول الصفحة/597)

إذا تمت الحوالة، فلا يضمن المحيل إلا وجود الحق وقت نشوء الحوالة، على نحو ما أوضحناه فيما تقدم، فإن لم تتضمن الحوالة شرطاً يلتزم بموجبه المحيل بضمان يسار المدين، فإن المحيل لا يضمن هذا اليسار، بحيث إذا رجع المحال له على الدين وقت حلول أجل الدين وتبين إعساره، فلا يجوز له الرجوع على المحيل لأن الأخير لم يضمن يسار المدين.

فإذا ضمن المحيل يسار المدين، فإن هذا الضمان ينحصر في يسار المدين وقت نشوء الحوالة وليس وقت استحقاق الحق محل الحوالة، فإن كان موسراً وقت الحوالة ثم أعسر بعد ذلك، فلا ضمان.

وإذا تضمنت الحوالة شرطاً بضمان يسار المدين وقت الاستحقاق، كان للمحال له الرجوع على المحيل بالضمان إذا أصبح المدين معسراً في ذلك الوقت، ويتوافر الإعسار بعدم وجود ما يجوز التنفيذ عليه، فإن كان المدين موسراً ولكنه امتنع عن الوفاء، فلا يضمن المحيل هذا الامتناع، والمحال له وشأنه في اتخاذ إجراءات الرجوع على المدين والتنفيذ على أمواله، فإن كان موسراً وقت الحوالة ووقت الرجوع عليه وأصبح معسراً وقت التنفيذ عليه، فلا يضمن المحيل هذا الإعسار إلا إذا وجد اتفاق على الضمان في هذه الحالة أو ضمن المحيل الوفاء للمحال له بكامل الحق محل الحوالة.

وإذا تم تحويل جزء من الدين، ولم يقم المحال عليه بالوفاء به كاملاً، اقتسم المحال له والمحيل أموال المحال عليه قسمة غرماء بنسبة دين كل منهما مالم يكن المحيل قد ضمن يسار المحال عليه، وحينئذٍ يستوفي المحال له حقه كاملاً سواء من أموال المحال عليه إن كانت كافية، فإن لم تكن كافية رجع بالباقي على المحيل بدعوى الضمان الأصلية أو الفرعية، ويسرى ذلك في حالة تعدد الحوالات.( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس الصفحة/ 197)

لا يضمن المحيل يسار المدين إلا إذا وجد اتفاق خاص على هذا الضمان.

وسبب ذلك أن المحيل لا يضمن إلا وجود الحق وتوابعه، ومن ثم فهو لا يضمن يسار المدين.

غير أنه يستثنى من ذلك وجود اتفاق بين المحيل وبين المحال له على هذا الضمان، وعندئذٍ نخرج من نطاق الضمان بحكم القانون إلى نطاق الضمان الاتفاقي.

ومع ذلك يضمن المحيل يسار المدين دون أن يدخل في نطاق الضمان الاتفاقي، إذا كان يعلم أن المدين معسر وقد أخفي غشا هذا الإعسار عن المحال له، وهنا يكون الضمان ناشئاً عن الغش لا عن عقد الحوالة .

حالة ضمان المحيل يسار المدين:

يجوز أن يشترط المحيل أن يضمن يسار المدين المحال عليه، فيصح الشرط ولكن هذا الشرط من شأنه التشديد في أحكام الضمان لذلك يجب ألا يتوسع في تفسيره، وعلى ذلك فإن لم يحدد الوقت الذي يضمن فيه المحيل يسار المحال عليه، فلا يصرف الضمان إلا إلى اليسار وقت الحوالة واشتراط ضمان يسار المدين يؤدي إلى إلزام المحيل بقيمة عوض الحوالة مع الفوائد والمصروفات لا بقيمة الحق المحال به.

والقانون المصرى لا يجيز الاتفاق على أن يؤدي المحيل أكثر من ذلك كقيمة الحق المحال مثلاً إن كانت أكثر.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الرابع  الصفحة/ 247)

ففيما يتعلق بضمان وجود الحق المحال به، فرق المشرع أيضاً بين ما اذا كانت الحوالة معاوضة أو تبرعاً، ففي الأولى يضمن الحيل وجود الحق المحال به وقت الحوالة فقط ( المادة 308 فقرة أولى )ولا يضمن يسار المدين إلا إذا وجد اتفاق خاص على هذا الضمان ( المادة 309 فقرة أولى) ، وينصرف هذا الضمان - ان وجد إلى يسار المدين وقت الحوالة ما لم يتفق على غير ذلك ( المادة 309 فقرة ثانية) ، أما في الثانية ، فلا يكون المحيل ضامناً حتى لوجود الحق ( المادة 308 فقرة ثانية)  وكلما كان الحيل ضامناً وجود الحق المحال به، فإنه يكون ضامناً توابعه أيضاً.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 643)