loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 129

مذكرة المشروع التمهیدی :

ليس الحكم الوارد في هذه المادة إلا نتيجة طبيعية لانتقال الحق، ويراعى أن الوقت الذي تصبح فيه الحوالة نافذة في حق الذين يعتبر أحداً فاصلاً بين الدفوع أو أوجه الدفع التي يجوز لهذا الدين أن يتمسك بها، وبين ما عداها ما يمنع التمسك به، ويدخل في عداد الطائفة الأولى من الدفوع أو الأوجه كل دفع أو وجه نشأ سببه قبل الوقت الذي تقدمت الإشارة إليه، ولو تتب حكه فيما بعد ، كما هو الشأن في تحقق الشرط الفاسخ، بعد نفاذ الحوالة في حق المدين .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 439 من المشروع واقترح معالي السنهوري باشا إدخال تعديلات لفظ تنسيقاً بينها وبين المادة 453 - فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح النص كما يأتي تحت رقم 324 من المشروع النهائی :

للمدين أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له وقت نفاذ الحوالة في حقه أن يتمسك بها قبل الميل، كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 324

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الرابعة والعشرين

 تليت المادة 324 فرئى لحسن الصياغة نقل عبارة، وقت نفاذ الحوالة في حقه، بعد عبارة  أن يتمسك بها قبل المحيل ، وبذلك أصبح نص المادة كالآتي :

مادة 324 - المدين أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وحتى نفاذ الحوالة في حقه، كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عند الحوالة .

تقرير اللجنة :

عدلت المادة تعديلاً لفظياً بطريق التقديم والتأخير دون مساس بجوهر الحكم، وأصبح رقمها 312.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .

الأحكام

1 ـ لما كان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه - دون نعي من طرفي الطعن بشأنه - أن الشيكين محلا النزاع قد صدرا لصالح الطاعن وقد شطب فيهما كلمة "لأمر" وأن الأخير قد وقع على ظهر كل منهما مما لازمه أن هذين الشيكين اسميان وبالتالي فلا ينتقل الحق الثابت بهما إلا بحوالة الحق المدني التي لا تعد نافذة قبل المسحوب عليه أو قبل الغير إلا إذ قبلها المسحوب عليه أو أعلن بها وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 305 من القانون المدني وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه توقيع الطاعن - المستفيد - على ظهر هذين الشيكين تظهيرا ناقلا لملكية الحق الثابت بهما ورتب على ذلك أحقية المطعون ضده الحامل لهما فى المطالبة بقيمتيهما من الطاعن دون أن يتحقق من قيام الحوالة ونفاذها فى حق المسحوب عليه تمهيدا لترتيب أثارها فى مدى ضمان المحيل (الطاعن) لوجود مقابل الشيك وقت الحوالة وذلك وفقا لأحكام المواد من 308 وحتى 312 من القانون المدني أو أن يعرض لمضمون المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على أن توقيعه على ظهر الشيكين وتسليمهما للمطعون ضده كان بقصد توكيله فى تحصيل قيمتهما, فإنه يكون معيباً.

(الطعن رقم 570 لسنة 70 جلسة 2001/05/22 س 52 ع 2 ص 732 ق 147)

2 ـ متى كان الواقع فى الدعوى أن الطاعن أقامها بطلب التعويض الناشئ عن إخلال الشركة المطعون عليها بتنفيذ عقد المقاولة على أساس أن هذا العقد الذى أبرمته مع الجمعية التعاونية لبناء المساكن تضمن الإشتراط لمصلحة أعضاء الجمعية ، إلا أن الطاعن إعتمد أمام محكمة الإحالة على أن الجمعية أحالت إليه حقوقها بما فى ذلك الحق فى التعويض بموجب عقد حوالة أعلن إلى الشركة أثناء نظر الإستئناف ، و كان يترتب على هذه الحوالة إعتبار الطاعن صاحب صفة فى طلب الحق موضوع الحوالة ، و لا يستطيع المدين الوفاء للمحيل بعد نفاذ الحوالة فى حقه ، فإن توجيه الدعوى إليه من المحال له الذى أصبح وحده صاحب الصفة فى المطالبة بالحق يكون صحيحاً ، و تنتفى كل مصلحة للمدين فى التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى لأن للمدين وفقاً لنص المادة 312 من التقنين المدنى أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التى كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة فى حقه ، كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة . و إذ كان الحكم المطعون فيه لم يرتب على الحوالة أثرها فى إعتبار صفة الطاعن فى المطالبة بالحق موضوعها لأنها لم تقدم إلا فى الإستئناف بعد صدور حكم النقض السابق ، فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 524 لسنة 37 جلسة 1973/01/25 س 24 ع 1 ص 108 ق 21)

3 ـ ليس للمدين فى حوالة مدنية أعلن بها أن يقيم الدليل فى وجه المحال له على صورية السبب الظاهر فى ورقة الدين متى كان المحال له يجهل المعاملة السابقة - التى أخفى سببها عليه - ويعتقد بصحة السبب المذكور فى تلك الورقة .

(الطعن رقم 55 لسنة 34 جلسة 1967/06/22 س 18 ع 2 ص 1324 ق 201)

4 ـ إذ كان يبين من وثيقة التأمين على البضاعة المنقولة بحراً أن الطاعنة - وزارة التموين - قد وافقت بمقتضاها على أن تحل شركة التأمين - بما تدفعه من تعويض عن الخسائر و الإضرار - بمقتضى هذه الوثيقة - محلها فى جميع الدعاوى و الحقوق التى لها قبل الغير المسئول فمفاد ذلك أن الطاعنة حولت حقها فى التعويض عن الضرر قبل المسئول لشركة التأمين مما لا يجوز معه للطاعنة - و هى المؤمن لها - أن تجمع بين مبلغ التعويض و مقابل التأمين و إلا إستحال تنفيذ ما إتفق عليه بالمشارطة من رجوع شركة التأمين و هى المسئولة عن الضرر .

(الطعن رقم 391 لسنة 38 جلسة 1974/04/29 س 25 ع 1 ص 749 ق 122)

5 ـ حوالة الحق يترتب عليها بمجرد انعقادها انتقال ذات الحق المحال به من المحيل إلى المحال له بما لهذا الحق من صفات وما عليه من دفوع فيجوز للمدين أن يتمسك قبل المحال له بنفس الدفوع التى كان يصح له أن يتمسك بها قبل المحيل ، وذلك وفقاً لنص المادة 312 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 2818 لسنة 59 جلسة 1990/04/18 س 41 ع 1 ص 1006 ق 165)

6 ـ إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن حوالة الحق يترتب عليها بمجرد انعقادها انتقال ذات الحق المحال به من المحيل إلى المحال له ، بما لهذا الحق من صفات وما عليه من دفوع فيجوز للمدين أن يتمسك قبل المحال له بنفس الدفوع التى كان يصح له أن يتمسك بها قبل المحيل وذلك وفقاً لنص المادة 312 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 2239 لسنة 68 جلسة 2010/12/19 س 61 ص 975 ق 165)

شرح خبراء القانون

ويؤخذ من هذه النصوص أن علاقة المحال له بالمحال عليه ( المدين ) تتأثر كثيراً بالوقت الذى تصبح فيه الحوالة نافذة فى حق المحال عليه بالإعلان أو بالقبول، فقبل هذا الوقت لا تكون علاقة المحال له بالمحال عليه إلا علاقة دائنية مستقبلة، إلا أنها علاقة تسمح ببعض آثار محدودة، أهمها أن المحال له يستطيع أن يتخذ إجراءات تحفظية للمحافظة على حقه المستقبل قبل المحال عليه كما يمتنع على المحال عليه أن يأتي من الأعمال ما يضر بهذا الحق، ومنذ إعلان الحوالة أو قبولها يصبح المحال له هو وحده الدائن –الحالي لا المستقبل - للمحال عليه ، وتقوم بينهما علاقة المديونية كاملة بما يترتب عليها من آثار.

بإعلان الحوالة أو قبولها تصبح نافذة، كما قدمنا، فى حق المحال عليه، ويصبح الأثر الأول للحوالة –انتقال الحق المحال به من المحيل إلى المحال له - نافذاً بالنسبة إلى المحال عليه، ويترتب على ذلك نتيجتان رئيسيتان :

 ( الأولى ) أن يحل المحال له محل المحيل، بالنسبة إلى المحال عليه، في نفس الحق المحال به في الحالة التى يكون عليها وقت إعلان الحوالة أو قبولها، أما انتقال الحق فيما بين المحيل والمحال له فيكون بالحالة التى كان عليها وقت صدور الحوالة .

 ( الثانية ) أن يكون للمحال عليه –وهذه نتيجة مترتبة على النتيجة الأولى - التمسك قبل المحال له بالدفوع التى كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت الإعلان أو القبول، وكذلك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة .

حلول المحال له محل المحيل فى نفس الحق المحال به : ينتقل ، بالنسبة إلى المحال عليه، الحق المحال به من المحيل إلى المحال له، كما قدمنا . وينتقل بالحالة التى يكون عليها وقت إعلان الحوالة أو قبولها .

فمن هذا الوقت لا يكون للمحال عليه إلا دائن واحد هو المحال له، وقد حل محل المحيل الدائن السابق ، وأصبح هو دون المحيل صاحب الحق بالحالة التى يكون عليها وقت الإعلان أو القبول، فلو أن هذا الحق كان موجوداً وقت صدور الحوالة، ولكنه انقضى قبل الإعلان أو القبول بأن استوفاه المحيل مثلاً أو قضاه بأى سبب من أسباب الانقضاء، فإن المحال له لا ينتقل إليه شيء قبل المحال عليه، لأن الحق أصبح غير موجود وقت الإعلان أو القبول.

وينتقل الحق إلى المحال له بالصفات التى تكون له وقت الإعلان أو القبول، فلو كان الحق ثابتاً في سند تنفيذي فى هذا الوقت، ولكن لم يكن ثابتاً فى هذا السند وقت صدور الحوالة، فإن الحق ينتقل إلى المحال له قابلاً للتنفيذ بفضل هذا السند التنفيذي، ولو كان الحق تجارياً أو ينتج فوائد أو كانت له صفات أخرى غير ذلك، فإنه ينتقل بنفس هذه الصفات إلى المحال له قبل المحال عليه.

وينتقل الحق إلى المحال له بالضمانات التى تكفله وقت الإعلان أو القبول فلو أن الحق المحال به كان مضموناً برهن أو اختصاص أو امتياز أو كفيل، فإنه ينتقل بهذه الضمانات إلى المحال له قبل المحال عليه وقبل الكفيل، ولو كان الضمان الذى يكفل المحال به موجوداً وقت صدور الحوالة، ولكنه انقضى قبل إعلانها أو قبولها، فإنه يعتبر غير موجود ولا ينتقل مع الحق إلى المحال له، كما لو سقط قيد الرهن أو أبرأ المحيل الكفيل قبل الإعلان أو القبول، وإنما يرجع المحال له على المحيل بالضمان وفقاً للقواعد التى قدمناها.

 وهذه نتيجة منطقية مترتبة على كون الحق المحال به هو الذى ينتقل من المحيل إلى المحال له قبل المحال عليه، كما قدمنا، فما دام الحق نفسه هو الذى ينتقل، فإنه ينتقل بالدفوع التى عليه كما انتقل بالصفات والضمانات التى له، فيستطيع المحال عليه إذن أن يتمسك بهذه الدفوع قبل المحال له ، كما كان يستطيع التمسك بها قبل المحيل.

ويستطيع أيضاً أن يتمسك بالدفوع التى يستمدها من عقد الحوالة ذاته، وهو العقد الذى نقل الحق المحال به من المحيل إلى المحال له.

يستطيع المحال عليه أولاً أن يتمسك قبل المحال له، بالنسبة إلى الحق المحال به، بالدفوع التي كان يستطيع أن يتمسك بها قبل المحيل وقت إعلان الحوالة أو قبولها، فإذا كان هناك، فى هذا الوقت، دفع يمكن أن يدفع به هذا الحق قبل المحيل، فإن هذا الدفع يصلح للتمسك به قبل المحال له، والدفوع قد ترجع إلى انقضاء الحق أو إلى بطلانه أو إلى انفساخه، فيجوز أن يكون الحق المحال به قد انقضى وقت إعلان الحوالة أو قبولها، حتى لو كان موجوداً وقت صدور الحوالة، فيصبح مثلاً للمحال عليه أن يدفع بأن الحق قد انقضى إما بالوفاء .

أو بالتحديد أو بالمقاصة أو باتحاد الذمة أو بالإبراء أو بغير ذلك من أسباب الانقضاء، سواء كان الانقضاء سابقاً على صدور الحوالة أو تالياً له، ما دام الحق قد انقضى قبل إعلان الحوالة أو قبولها، ويجوز كذلك أن يكون الحق قد انقضى بتصرف المحيل فيه لمحال له آخر ونفذت الحوالة الثانية قبل نفاذ الحوالة الأولى، ففي هذه الحالة يدفع المحال عليه مطالبة المحال له الأول بأن الحوالة الثانية هي النافذة فى حقه وفى حق المحال له الأول على السواء، ويجوز أن يكون أحد دائني المحيل قد وقع حجزاً تحفظياً تحت يد المحال عليه قبل إعلان الحوالة أو قبولها، وعندئذٍ يكون للمحال عليه أن يدفع مطالبة المحال له بالحق كله بأن الدائن الحاجز يشاركه فيه، كل هذه دفوع ترجع إلى انقضاء الحق، كان المحال عليه يستطيع أن يدفع بها مطالبة المحيل، فيجوز له أن يتمسك بها قبل المحال له، وهناك دفوع ترجع إلى بطلان الحق المحال به أو إلى انفساخه ، كأن يكون الحق مصدره عقد باطل أو عقد قابل للإبطال أو عقد قابل للفسخ، أو يكون الحق معلقاً على شرط واقف لم يتحقق أو معلقاً على شرط فاسخ تحقق كل هذه دفوع كان المحال عليه يستطيع أن يتمسك بها قبل المحيل، ليستطيع كذلك أن يتمسك بها قبل المحال له.

على أن هناك دفعين يخرجان على القواعد التى قدمناها، هما الدفع باتحاد الذمة والدفع بالمقاصة، فإذا كان المحال عليه هو وارث المحيل، وبعد صدور الحوالة، ولكن قبل إعلانها أو قبولها، مات المحيل فورثه المحال عليه وانقضى الحق المحال به باتحاد الذمة، فقد كان ينبغي أن يستطيع المحال عليه أن يدفع مطالبة المحال له بعد إعلان الحوالة بانقضاء الحق، ولكنه لما وارثاً للمحيل، وكان للمحال له أن يرجع بالضمان على المحيل أو على تركته التى يمثلها الوارث ، فإن الأمر ينتهى إلى أن المحال عليه لا يجوز أن يتمسك بهذا السبب من أسباب الانقضاء  كذلك إذا كان هناك حق للمحال عليه فى ذمة المحيل بحيث ينقضى الحق المحال به بالمقاصة ، ولكن المحال عليه قبل الحوالة دون تحفظ ، فإنه لا يستطيع أن يدفع مطالبة المحال له بالمقاصة كما كان يستطيع دفعها بالدفوع الأخرى، فقد رأينا أن المادة 368 مدني تنص على أنه " 1 - إذا حول الدائن حقه للغير وقبل المدين الحوالة دون تحفظ ، فلا يجوز لهذا المدين أن يتمسك قبل المحال له بالمقاصة التى كان له أن يتمسك بها قبل قبوله للحوالة، ولا يكون له إلا الرجوع بحقه على المحيل . 2 - أما إذا كان المدين لم يقبله الحوالة ولكن أعلن بها ، فلا تمنعه هذه الحوالة من أن يتمسك بالمقاصة "  

ويستطيع المحال عليه ثانياً أن يتمسك بالدفوع التى ترجع إلى عقد الحوالة ذاته، مثل ذلك أن يكون عقد الحوالة باطلاً، وهو سند المحال له فى الرجوع على المحال عليه، فلهذا أن يدفع ببطلان أو يجوز أن يتمسك بالبطلان كل ذي مصلحة، أما إذا كان عقد الحوالة قابلاً للإبطال لمصلحة المحيل فإن المحيل وحده هو الذى يستطيع أن يتمسك بإبطال الحوالة، ولا يستطيع المحال عليه ذلك لأن الإبطال لم يتقرر لمصلحته، بل ولا يستطيع أن يتمسك بالإبطال باسم المحيل لأنه ليس دائناً له بل مديناً، فلا يبقى أمامه إلا أن يدخل المحيل خصماً في الدعوى التى يرفعها عليه المحال له، ويطلب منه إما أن يتمسك بإبطال العقد وإلا دفع المحال عليه الحق المحال به للمحال له معتبراً سكوت المحيل عن التمسك بإبطال العقد إجازة ضمنية منه للحوالة، وهذا هو أيضاً شأن ما إذا كان عقد الحوالة قابلاً للفسخ، فإذا كانت الحوالة فى مقابل ثمن لم يدفعه المحال له للمحيل، وكان للمحيل أن يفسخ العقد لعدم دفع الثمن، فليس للمحال عليه أن يتمسك بالفسخ، فإن الذي يتمسك به هو المحيل، وللمحال عليه أن يدخل المحيل خصماً في الدعوى، حتى إذا رأى هذا أن  يطالب بفسخ العقد فعل، وإلا كان المحال عليه ملزماً بدفع الحق المحال به للمحال له، ثم يطالب المحيل المحال له بثمن الحوالة وقد يكون عقد الحوالة صورياً، فيجوز للمحال عليه أن يدفع بصوريته وأن يثبتها بجميع الطرق، حتى بالبينة وبالقرائن  لأنه ليس طرفاً فى الصورية، ولكنه لا يعتبر غيراً فيها، إذ هو ليس بدائن ولا بخلف خاص لأى من طرفي الصورية، فإذا وفى الحق المحال به للمحال له معتقداً بحسن نية أن الحوالة جدية، كان الدفع صحيحاً مبرئاً للذمة، لا لأنه من الغير فى الصورية ومن حقه أن يتمسك بالعقد الصوري، بل لأنه وفى الحق إلى الدائن الظاهر بحسن نية  على أنه إذا تمسك المحال عليه بصورية الحوالة، جاز مع ذلك اعتبار الحوالة الصورية توكيلاً من المحيل للمحال له فى قبض الحق المحال به من المحال عليه، فيصح للمحال له باعتباره وكيلاً إلزام المحال عليه بدفع الحق المحال به، كما يجوز للمحيل الرجوع فى هذا التوكيل .

المادة 313 مدني تنص على أنه " إذا تعددت الحوالة بحق واحد، فضلت الحوالة التى تصبح قبل غيرها نافذة فى حق الغير "فالمفروض أن المحيل قد حول حقه مرة أولى، ثم حول نفس الحق مرة أخرى، سواء كانت الحوالة فى أية مرة من المرتين على سبيل البيع أو الهبة أو الرهن أو غير ذلك، فتزاحم المحال له الأول مع المحال له الثاني، فأيهما يقدم على الآخر؟

يقول النص إن الحوالة التى تصبح قبل غيرها نافذة فى حق الغير هى التى تفضل، ولا تنفذ الحوالة فى حق الغير ، كما قدمنا ، إلا إذا أعلنت إلى المحال عليه أو إلا إذا قبلها وكان لهذا القبول تاريخ ثابت، فمن من المحال لهما سبق الآخر إلى إعلان الحوالة للمحال عليه، أو سبق الآخر إلى الحصول على قبول ذي تاريخ ثابت من المحال عليه للحوالة، كما هو المقدم   فالعبرة إذن، عند تزاحم هذين، فى المفاضلة بينهما، ليس بتاريخ صدور الحوالة، بل بالتاريخ الثابت لإعلانها أو لقبولها من المحال عليه.

وقد يقع أن يحول الدائن جزءاً من حقه إلى محال له أول، والجزء الباقي إلى محال له ثان، فهنا لا يقوم تزاحم بين المحال لهما، إذ كان منهما قد حول بجزء من الحق غير الجزء الذي حول به الآخر، فيرجع كل منهما بالجزء المحول به على المحال عليه، ويستوفي منه كاملاً.

على أن من الجائز ، عند تحويل الدائن جزءاً من حقه، أن يتفق مع المحال له، وقت الحوالة أو بعدها، على ان يكون هذا الجزء مقدماً فى الاستيفاء على الجزء الباقي ، سواء استبقى هذا الجزء الباقي لنفسه أو حوله إلى محال له آخر ، ففى هذه الحالة يسري الاتفاق على المحيل إذا كان قد استبقى لنفسه الجزء الباقي، وعلى المحال له الآخر إذا كان قد حول له هذا الجزء الباقي لأنه يكون قد علم –أو من المفروض أنه علم - بأسبقية الجزء المحول أولاً على الجزء الذى حول له أخيراً بالاستعلام عن ذلك من المحال عليه وقت صدور الحوالة له، و من ثم يتقدم الجزء الأول من المحال به في الاستيفاء على الجزء الباقي أما إذا أراد الدائن أن يجعل الأسبقية للجزء الباقي من الحق فلابد أن يحتفظ له بهذه الأسبقية عند إجراء الجزء الأول.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث المجلد/  الأول الصفحة/597)

للمحال عليه الدفع بإنقضاء الحق بالوفاء - ولا يشترط أن تكون الخالصة ثابتة التاريخ لكن للمحال له إثبات صوريتها أو عدم جديتها - أو بالتجديد أو بالإبراء أو بغير ذلك سواء كان الانقضاء سابقة على صدور الحوالة أو لاحقاً عليها مادام الحق قد انقضى قبل نفاذها بالإعلان أو القبول، وقد يكون الحق المحال به مصدره عقد باطل أو قابل للإبطال أو الفسخ أو معلقة على شرط واقف لم يتحقق أو شرط فاسخ تحقق ويستثنى الدفع باتحاد الذمة والدفع بالمقاصة فإذا مات المحيل وورثه المحال عليه فللمحال له الرجوع على التركة التي يمثلها الوارث وكذلك المقاصة طالما أن المحال عليه قبل الحوالة دون محفظ وكان له عدم القبول أو سلك بالمقاصة (م 368)، وللمحال عليه التمسك بالدفوع التي ترجع إلى عقد الحوالة ذاته كما لو كان باطلاً إذ لكل ذي مصلحة أن يتماد فإن كان هذا العقد قابلاً للإبطال لمصلحة المحيل فللمحال عليه إدخال الدعوى فإن لم يتمسك بالبطلان التزم المحال عليه بدفع الحق، للمحال له، وما القابلية للإبطال، القابلية للفسخ، كما لو كان المحيل بائع لم يقبض كامل الثمن من المحال له.

وقد يكون عقد الحوالة صورياً فللمحال عليه الدفع بصوريته وأن يثبتها بجميع الطرق لأنه ليس طرفاً في الصورية، ولا يؤخذ من القبول اعتراف المحال عليه بالدين أو تنازله عن الدفوع المقررة له، وبالنسبة للحق الذي يتم تحويله بالطرق التجارية على نحو ما أوضحناه فيما تقدم، فإنه ينفذ في حق جماعة الدائنين إن كان المحيل مفلسة متى تم التحويل قبل صدور حكم الإفلاس، ويكفي أن يكون تاريخ التظهير عرفياً، ولكن إن قدم غشاً سابقاً على حكم الإفلاس، كان هذا من قبيل الصورية النسبية التدليسية مما يجوز معه إثباتها بكافة الطرق.( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس  الصفحة/  203)

الدفوع التي يتمسك بها المدين:

للمدين أن يتمسك قبل المحال له بنوعين من الدفوع، هما:

 1- الدفوع التي كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه :

كما أن الحق المحال به ينتقل من المحيل إلى المحال له قبل المحال عليه بالصفات والضمانات التي له وقت نفاذ الحوالة، فإن للمحال عليه أيضاً أن يتمسك بما يرد على هذا الحق من دفوع.

وعلى ذلك فإن المحال عليه يستطيع أن يتمسك قبل المحال له، بالنسبة إلى الحق المحال به، بالدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة

فيعتبر الوقت الذي تصبح فيه الحوالة نافذة في حق المدين حداً فاصلاً بين الدفوع أو أوجه الدفع التي يجوز للمدين أن يتمسك بها، وبين ما عداها مما يمتع التمسك به.

فللمحال عليه أن يتمسك قبل المحال له ببطلان التصرف الذي ولد الحق المحال به، أو بفسخه أو يكون هذا الحق معلقاً على شرط واقف، وكذلك بانقضائه بالوفاء أو المقاصة أو لسبب آخر، قبل نفاذ الحوالة في مواجهته ولو كان موجوداً وقت الحوالة.

ومع ذلك لا يجوز للمحال عليه استثناء على هذه القاعدة- أن يتمسك قبل المحال له بالمقاصة التي كان له أن يتمسك بها قبل قبوله للحوالة وذلك إذا قبلها دون تحفظ عملاً بالمادة 368 مدني.

وكذلك لا يجوز له التمسك باتحاد الذمة، فإذا كان المحال عليه هو وارث المحيل وبعد صدور الحوالة ولكن قبل إعلانها أو قبولها مات المورث فورثه المحال عليه وانقضى الحق المحال باتحاد الذمة، فقد كان الأصل أن يستطيع المحال عليه أن يدفع مطالبة المحال له بعد إعلان الحوالة بانقضاء الحق، ولكنه لما كان وارثاً للمحيل وكان للمحال له أن يرجع بالضمان على المحيل أو على تركته التي يمثلها الوارث فإن الأمر ينتهي إلى أن المحال عليه لا يجوز أن يتمسك بهذا السبب من أسباب الانقضاء.

للمحال عليه أن يتمسك بالدفوع الخاصة بعقد الحوالة ذاته، مثل ذلك أن يكون عقد الحوالة باطلاً، وهو سند المحال له في الرجوع على المحال عليه، فلهذا أن يدفع ببطلانه ويجوز أن يتمسك بالبطلان كل ذي مصلحة.

أما إذا كان عقد الحوالة قابلاً للإبطال لمصلحة المحيل فإن المحيل وحده هو الذي يستطيع أن يتمسك بإبطال الحوالة، ولا يستطيع المحال عليه ذلك لأن الإبطال لم يتقرر لمصلحته، بل ولا يستطيع التمسك بالإبطال باسم المحيل لأنه ليس دائناً له بل مديناً، فلا يبقى أمامه إلا أن يدخل المحيل خصماً في الدعوى التي يرفعها عليه المحال له، ويطلب منه إما أن يتمسك بإبطال العقد وإلا دفع المحال عليه الحق المحال به للمحال له معتبراً سكوت المحيل عن التمسك بإبطال العقد إجازة ضمنية منه للحوالة .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الرابع الصفحة/ 254)