مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 172
مذكرة المشروع التمهيدي :
لمن يقوم بالوفاء من الأغيار أن يرجع على المدين، إلا أن تكون نيته قد انصرفت إلى التبرع له، فإذا تم الوفاء، رغم اعتراض المدين، فلا يكون من أوفى حقي في الرجوع إلا بمقتضى قواعد الإثراء بلاسبب، وللمدين في هذه الحالة أن يمنع رجوع الموفي بما وفاه عنه، كلاً أو بعضاً، إذا أقام الدليل على أن له مصلحة في اعتراضه على الوفاء (كما هو الشأن في حالة المقاصة القضائية ).
1 ـ إذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة ، و كان لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع من خطأ فى تقريرات الحكم القانونية دون أن تنقضه ، فإنه لا يعيبه ما أضافه خطأ من أنه يحق للمطعون عليه الأول - مشترى العقار - أن يرجع على مورث الطاعنين - البائع للبائعين - الدائن صاحب حق الإختصاص - عملاً بالمادتين 1/323 و 1/324 من القانون المدنى ، و أن أساس ذلك أحكام الفضالة المنصوص عليها فى المادة ك195 من هذا القانون إذ لا قيام لأحكام الفضالة حيث يقوم بين طرفين الخصومة رابطة عقدية ، بل يكون العقد هو مناط تحديد حقوق كل منهما و إلتزاماته قبل الآخر.
(الطعن رقم 201 لسنة 42 جلسة 1976/11/16 س 27 ع 2 ص 1583 ق 296)
2 ـ الدعوى الشخصية التى يستطيع المتبوع الرجوع بها على تابعه هى الدعوى المنصوص عليها فى المادة324 من القانون المدنى التى تقضى بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه . و هذه الدعوى سواء أكان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة لا يستطيع المتبوع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن لم يفد شيئا من هذا الوفاء . و ليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذى أوفاه عنه بالدعوى الشخصية التى قررها القانون فى المادة 800 من القانون المدنى للكفيل قبل المدين ، و ذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده ، و ضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قررة القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده .
(الطعن رقم 540 لسنة 34 جلسة 1969/01/30 س 20 ع 1 ص 199 ق 33)
3 ـ يستطيع المتبوع الرجوع على تابعة بالدعوى الشخصية المنصوص عليها فى المادة 324 من القانون المدنى التى تقضى بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعة وهذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئا من هذا الوفاء وليس للمتبوع أن يرجع على تابعة بالتعويض الذى أوفاه عنه بالدعوى الشخصية التي للكفيل قبل المدين والمقررة فى المادة 800 من القانون المدنى وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده ن وضمان المتبوع لا عمال تابعة هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحدة.
(الطعن رقم 3535 لسنة 58 جلسة 1995/01/05 س 46 ع 1 ص 82 ق 19)
4 ـ المتبوع وهوفى حكم الكفيل المتضامن لا يستطيع الرجوع على تابعه عند وفائه بالتعويض إلى الدائن المضرور إلا بإحدى دعويين الأولى دعوى الحلول المنصوص عليها فى المادة 799 من القانون المدنى والتى ليست إلا تطبيقاً للقاعدة العامة فى الحلول القانونى المنصوص عليها فى المادة 326 من القانون المذكور والتى تقضى بأن الموفى يحل محل الدائن الذى استوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بوفاء الدين عن المدين وإذ كان للمدين فى حالة الرجوع عليه بهذه الدعوى أن يتمسك فى مواجهة الكفيل بالدفوع التى كان له أن يتمسك بها فى مواجهة الدائن فإن من حق التابع أن يتمسك قبل المتبوع الذى أوفى بالتعويض عنه للمضرور بانقضاء حق الدائن المضرور قبله بالتقادم الثلاثى المقرر فى المادة 172 من القانون المدنى بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع على أساس أنه انقضى على علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه أكثر من ثلاث سنوات دون أن يرفع المضرور عليه الدعوى بطلب التعويض وعلى أساس أن رفعه الدعوى على المتبوع المطعون ضده لا يقطع التقادم بالنسبة إلى التابع الطاعن والتقادم هنا لا يرد على حق المتبوع فى الرجوع على التابع و إنما على حق الدائن الاصلى (المضرور) فيه الذى انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن (المضرور) فيه والذى يطالب به المتبوع تابعه ذلك بأن للمتبوع حين يوفى التعويض للدائن المضرور فإنه يحل محل هذا الدائن فى نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع. وأما الدعوى الثانية التى يستطيع المتبوع الرجوع بها على تابعه فهى الدعوى الشخصية المنصوص عليها فى المادة 324 من القانون المدنى التى تقضى بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه وهذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضاله فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء وليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذى أوفاه بالدعوى الشخصية التى للكفيل قبل المدين والمقررة فى المادة 800 من القانون المدنى وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده ، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده .
(الطعن رقم 916 لسنة 64 جلسة 2003/03/18 س 54 ع 1 ص 499 ق 87)
5 ـ يستطيع المتبوع الرجوع على تابعه بالدعوى الشخصية المنصوص عليها فى المادة 324 مدنى التى تقضى بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه . و هذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء و ليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذى أوفاه عنه بالدعوى الشخصية التى قررها القانون فى المادة 800 من القانون المدنى للكفيل قبل المدين ، و ذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده ، و ضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده .
(الطعن رقم 871 لسنة 43 جلسة 1979/05/10 س 30 ع 2 ص 307 ق 240)
6 ـ الوفاء بالدين من الغير لا يبرىء ذمة المدين إلا إذا إتجهت إرادة الموفى إلى الوفاء بدين غيره أما إذا ظن الموفى وقت الوفاء أنه ديناً عل نفسه فلا يعتبر هذا وفاء لدين غير مستحق يجيز للموفى المطالبة بإسترداد ما وفاه على أساس قاعدة دفع غير المستحق .
(الطعن رقم 283 لسنة 41 جلسة 1977/04/25 س 28 ع 1 ص 1032 ق 177)
7 ـ رجوع الغير المتوفى - الذى ليس ملزما بالوفاء - بما أوفاه على المدين يكون بالدعوى الشخصية عملاً بالمادة 324 من القانون المدنى . و لا ينشأ حق المتوفى فى هذا الرجوع إلا من تاريخ وفائه بالدين و لا يتقادم إلا بإنقضاء ثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ .
(الطعن رقم 269 لسنة 34 جلسة 1968/02/29 س 19 ع 1 ص 443 ق 65)
8 ـ يستطيع المتبوع الرجوع على تابعه بالدعوى الشخصية المنصوص عليها فى المادة 324 مدنى التى تقضى بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه . و هذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء و ليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذى أوفاه عنه بالدعوى الشخصية التى قررها القانون فى المادة 800 من القانون المدنى للكفيل قبل المدين ، و ذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده ، و ضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده .
(الطعن رقم 871 لسنة 43 جلسة 1979/05/10 س 30 ع 2 ص 307 ق 240)
ويخلص من هذا النص أن الموفي لدين غيره، سواء كانت له مصلحة فى الوفاء أو لم تكن له مصلحة، يستطيع ، ما لم يكن متبرعاً كما قدمنا، أن يرجع بدعوى شخصية على المدين يسترد بها مقدار ما دفعه وفاء للدين.
وقد تكون هذه الدعوى الشخصية قائمة على أساس عقد قرض، بأن يقرض الغير للمدين مبلغاً من المال يكفي لوفاء دينه، ويقوم المدين نفسه بوفاء الدين من هذا القرض ، فيرجع الغير على المدين بموجب عقد القرض، ولكن الموفي للدين فى هذه الحالة إنما يكون المدين نفسه، أو المقرض كنائب عن المدين وبوكالة منه.
على أن الغالب هو أن يوفي الغير الدين بنفسه للدائن، ففي هذه الحالة يرجع على المدين بدعوى شخصية، قوامها إما الفضالة وإما الإثراء بلا سبب.
ويكون قوامها الفضالة إذا كان الغير قد وفى الدين بعلم المدين لكن دون تفويض أو وكالة، أو بغير علمه ولكن دون معارضته، ويرجع الغير بمقدار ما دفعه وفاء للدين مع الفوائد من يوم الدفع وفقاً لقواعد الفضالة .
وتكون الدعوى الشخصية قوامها الإثراء بلا سبب إذا كان الغير قد وفى الدين رغم معارضة المدين، ففي هذه الحالة لا تتوافر شروط الفضالة ولا يبقى أمام الغير إلا الرجوع بدعوى الإثراء بلا سبب، ويرجع بأقل القيمتين مقدار ما دفع ومقدار ما وفى من الدين، ويغلب أن تكون القيمتان متعادلتين، إلا أنه قد يوفى الدين بمبلغ أقل من مقداره فلا يرجع على المدين بمقدار الدين بل بمقدار ما وفى.
وسواء رجع الموفى على المدين بدعوى الفضالة أو بدعوى الإثراء بلا سبب، فإنه لا يستطيع الرجوع بشىء إلا إذا كان الوفاء نافعاً للمدين، فإذا كان قد وفى ديناً انقضى كله أو بعضه، أو كان للمدين دفوع ضد الدين، وكان الوفاء بغير أمر المدين، كان الموفي مسئولاً عن ذلك، فلو أن المدين كان قد وفى الدين قبل أن يوفيه الغير، أو وفى قسطاً منه ثم وفاه الغير كله دون اعتبار للقسط الذي دفع، فإن الغير فى الحالة الأولى لا يرجع بشىء على المدين لأن هذا كان قد وفى الدين كله فلم يفد شيئاً من الوفاء الذي قام به الغير، ويرجع فى الحالة الثانية بالباقي من الدين بعد استنزال القسط الذي وفاه المدين لأن هذا هو القدر الذي أفاد منه المدين، ولو أنه كان للمدين دفوع ضد الدين وقت وفاء الغير له، بأن كان له مثلاً فى ذمة الدائن دين مماثل له وكان يستطيع أن يتمسك بالمقاصة فينقضي الدين دون حاجة إلى الوفاء، أو لو كان الدين قد انقضى بسبب آخر غير المقاصة كالتجديد أو الإبراء أو التقادم ومع ذلك وفاه الغير، فإن الغير لا يرجع بشىء على المدين لأن الوفاء الذي قام به لم يفد المدين منه شيئاً.
ولو أن المدين كان يستطيع أن يطعن فى الدين بالابطال لنقص الأهلية أو لعيب فى الإرادة من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، أو كان يستطيع أن يطعن فيه بالبطلان لانعدام الإرادة أو لعيب فى المحل أو فى السبب أو فى الشكل، أو كان يستطيع أن يتمسك بالفسخ لتحقق شرط فاسخ أو أن يتمسك بعدم النفاذ لعدم تحقق شرط واقف أو لعدم حلول الأجل، أو كان يستطيع أن يتمسك بأى دفع آخر ، فإن هذا كله يكون محل اعتبار عند رجوع الموفي على الدين، فلا يرجع الأول على الثاني إلا بقدر ما أفاد الثانى من الوفاء.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث – المجلد الثاني الصفحة/ 777)
الأصل في الوفاء بالالتزام أن يكون من المدين لقضاء دينه، ولكن أجاز القانون الوفاء من غير المدين في حالات محددة بحيث إذا قام الغير بالوفاء في تلك الحالات انقضى التزام الدين وامتنع على الموفی إبطال هذا الوفاء أو استرداد ما وف به، كما في الحالات التي نصت عليها المواد 326 وما بعدها، فإن لم يوجد نص يجيز للغير الوفاء، فلا تبرأ ذمة المدين بالوفاء الصادر من الغير إذ يجوز للغير استرداد ما وفى به إعمالاً لقاعدة دفع غير المستحق، مثال ذلك أن الرسالة التي تشحن بحرة وتبين وجود عجز بها، يفترض أن الريان قام بتهريبها دون سداد الرسوم الجمركية عنها مما تلتزم معه شركة النقل بسداد تلك الرسوم حتى يمكن الإفراج عن باقي الرسالة مما يضطر معه المرسل إليه لسداد تلك الرسوم، ويكون له الحق في استردادها بعد تسلمه البضاعة طالما لم تنصرف إرادته إلى الوفاء عن شركة النقل، فإن انصرفت إرادته إلى ذلك امتنع عليه الاسترداد وبرئت ذمة الشركة من تلك الرسوم لاتجاه إرادة الموفي إلى الوفاء بدين الغير.( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس الصفحة/ 242)
لمن قام بالوفاء من الغير سواء كان له مصلحة في الوفاء أو لم تكن له مصلحة أن يرجع بدعوى شخصية على المدين يسترد، بها مقدار ما دفعه وفاء الدين، طالما كان غير متبرع للمدين بما وفاه.
ويختلف أساس هذه الدعوى، فقد يكون الوكالة إذا كانت علاقة الموفي بالمدين قبل الوفاء تتضمن وكالة ضمنية بينهما في الوفاء كالعلامات بين المدينين المتضامنين، وقد يكون الفضالة إذا كان الوفاء الذي قام به الغير يعتبر شأناً عاجلاً للمدين وتم في الغالب بغير علمه.
وقد يكون الإثراء بلاسبب، إذا تم الوفاء رغم معارضة المدين.
ويشترط لرجوع الموفي على المدين أن يكون قد قام بوفاء الدين من ماله الخاص.
كما يشترط أن تكون إرادة الموفي قد اتجهت إلى الوفاء بدين غيره، أما إذا ظن الموفي وقت الوفاء أنه يدفع ديناً على نفسه، فلا يعتبر هذا وفاء الدين على الغير.
سواء رجع الغير الموفي على المدين بدعوى الفضالة أو بدعوى الإثراء بلا سبب، فإنه لا يستطيع الرجوع بشئ إلا إذا كان الوفاء نافعاً للمدين.
فإذا كان قد وفي دیناً انقضى كله أو بعضه أو كان للمدين دفوع ضد الدائن، وكان الوفاء بغير أمر المدين، كان الموفي مسئولاً عن ذلك، فلو أن المدين كان قد وفي الدين قبل أن يوفية الغير أو وفى قسطاً منه ثم وفاه الغير كله دون اعتبار القسط الذي دفع، فإن الغير في الحالة الأولى لا يرجع بشئ على المدين لأن هذا قد وفي الدين كله فلم يفد شيئاً من الوفاء الذي قام به الغير، ويرجع في الحالة الثانية بالباقي من الدين بعد استنزال القسط الذي وفاه المدين لأن هذا هو القدر الذي أفاد منه المدين.
ولو أنه كان للمدين دفع ضد الدائن وقت وفاء الغير له، بأن كان له مثلاً في ذمة الدائن دين مماثل وكان يستطيع أن يتمسك بالمقاصة فينقضي الدين دون حاجة إلى الوفاء.
أو كان المدين يستطيع أن يطعن في الدين بالإبطال النقص الأهلية أو لعيب في الإرادة من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، أو كان يستطيع أن يطعن فيه بالبطلان لانعدام الإرادة أو لعيب في المحل أو السبب أو الشكل، فإن هذا كله يكون محل اعتبار عند رجوع الموفي على المدين، فلا يرجع الأول على الثاني إلا بقدر ما أفاد الثاني من الوفاء.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع الصفحة/ 299)
فاذا قام الغير بوفاء الدين دون قصد التبرع المدين، كان له حق الرجوع على هذا الأخير بقدر، ما دفعه ( المادة 324 / 1 ).
ويكون رجوع الموفي غير المدين على الدين بإحدى دعويين :
1 - دعوى شخصية تكيف بحسب الظروف بأنها دعوى الوكالة أو دعوى الفضالة، وتسري عليها أحكام الوكالة أو الفضالة .
2 - دعوی الدائن نفسه التي كانت له قبل مدينه، فيحل الموفي محل الدائن فيها بجميع صفاتها وتوابعها ودفوعها وضماناتها، ولذلك و سميت هذه الدعوى الأخيرة بدعوى الحلول action en subrogation subrogation.
على أنه اذا وفي الغير الدين دون إرادة المدين فإنه لا يرجع عنيه إلا بقدر ما أفاد هذا من الوفاء ، فإذا وفى الغير ديناً على تركه مستغرقاً فلا يرجع على الورثة إلا بقدر ما أصابهم من أموال التركة، وقد نصت المادة 324 فقرة ثانية على أن لا يجوز للمدين الذي حصل الوفاء بغير ارادته أن يمنع رجوع الموفي بما وفاه عنه كلاً أو بعضاً، إذا أثبت أن له أية مصلحة في الاعتراض على الوفاء و فيجوز للمدين مثلاً أن يدفع رجوع الموفي بأن له ديناً في ذمة دائنه كان يستطيع أن يطلب المقاصة القضائية به.
هذا إذا قام الغير بالوفاء مختاراً، أما اذا قام به مضطرا كالكفيل أو الدين التضامن أو حائز العقار المرهون، فإنه يحل محل الدائن في دعاواه وحقوقه قبل المدين
قد يكون الموفي أجنبياً عن الدين ولا مصلحة قانونية له في وفاء الدين :
أن يكون قريباً له أو صديقاً أو شريكاً غير متضامن فيكون من وفي الدين فضولياً أراد أن يتحاشى التنفيذ على أموال المدين، فيرجع على الدين بدعوى الفضالة، فوفاء الغير دين الدين لا يبرىء ذمة الأخير إلا إذا اتجه قصد الموفي إلى وفاء هذا الدين أما إذا اعتقد أنه يفي ديناً عليه هو فلا تبرأ ذمة المدين ويكون الموفي الرجوع على الدائن بدفع غير المستحق.
واذا وفى الأجنبي دين المدين دون أن تكون له مصلحة في وفائه رغم اعتراض الدين على ذلك، تبرأ ذمة المدين (38) ولكن لا يكون للموفي رجوع عليه بدعوى الفضالة بل بدعوی الإثراء على حساب الغير (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 689)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والعشرون ، الصفحة / 138
الأْدَاءُ:
70 - إِذَا أَدَّى الْمَدِينُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ كَفِيلُهُ أَوْ غَيْرُهُمُ الدَّيْنَ إِلَى الدَّائِنِ أَوْ نَائِبِهِ الَّذِي لَهُ وِلاَيَةُ قَبْضِ دُيُونِهِ، فَإِنَّ ذِمَّةَ الْمَدِينِ تَبْرَأُ بِالأْدَاءِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ. أَمَّا إِذَا دَفَعَ الدَّيْنَ إِلَى مَنْ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَى قَبْضِ دُيُونِ الدَّائِنِ، فَلاَ يَنْقَضِي الدَّيْنُ، وَلاَ تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَدِينِ . (ر: أَدَاء).
وَوِلاَيَةُ قَبْضِ الدُّيُونِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ تَثْبُتُ بِأَمْرَيْنِ: إِمَّا بِتَوْلِيَةِ الدَّائِنِ، وَإِمَّا بِتَوْلِيَةِ الشَّارِعِ: - أَمَّا الَّتِي تَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الدَّائِنِ: فَهِيَ وِلاَيَةُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لأِنَّ مَنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ فِي شَيْءٍ أَصَالَةً مَلَكَ التَّوْكِيلَ فِيهِ، وَنَفْسُ الْقَبْضِ وَالاِسْتِيفَاءِ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، فَكَانَ قَبْضُ الْوَكِيلِ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ وَلاَ فَرْقَ. وَلاَ بُدَّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ أَهْلاً لِلْقَبْضِ. (ر: قَبْض).
وَأَمَّا الَّتِي تَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الشَّارِعِ: فَهِيَ وِلاَيَةُ مَنْ يَلِي مَالَ الْمَحْجُورِ وَيَتَوَلَّى قَبْضَ حُقُوقِهِ. وَهَذِهِ الْوِلاَيَةُ لَيْسَتْ بِتَوْلِيَةِ الدَّائِنِ؛ لاِنْتِفَاءِ أَهْلِيَّتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ بِتَوْلِيَةِ الشَّارِعِ. (ر: وِلاَيَة).
وَيُشْتَرَطُ لِنَفَاذِ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الدَّافِعُ مَالِكًا لِمَا دَفَعَهُ، فَإِنِ اسْتَحَقَّ بِالْبَيِّنَةِ وَأَخَذَهُ صَاحِبُهُ فَلِلدَّائِنِ الرُّجُوعُ بِدَيْنِهِ عَلَى غَرِيمِهِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والعشرون ، الصفحة / 138
الرُّجُوعُ بِسَبَبِ الأْدَاءِ وَوُجُودِ الإْذْنِ:
20 - أَدَاءُ الدَّيْنِ بِإِذْنِ الْمَدِينِ فِي الأْدَاءِ أَوْ فِي الضَّمَانِ مِنْ أَسْبَابِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَدِينِ، فَمَنْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ بِضَمَانِ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ أَذِنَ لَهُ بِأَدَائِهِ فَأَدَّاهُ قَاصِدًا الرُّجُوعَ بِهِ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَدِينِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، مَعَ مُرَاعَاةِ تَوَافُرِ شُرُوطِ صِحَّةِ الضَّمَانِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ، كَكَوْنِ الضَّامِنِ أَهْلاً لِلتَّبَرُّعِ، وَكَكَوْنِ الدَّيْنِ ثَابِتًا عِنْدَ الضَّمَانِ، وَكَوْنِهِ مَعْلُومًا عِنْدَ مَنْ لاَ يُجِيزُ ضَمَانَ الْمَجْهُولِ، وَكَأَنْ يُضِيفَ الْمَضْمُونُ الضَّمَانَ إِلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: اضْمَنْ عَنِّي. كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ وَالاِسْتِثْنَاءَاتِ.
لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي ثُبُوتِ حَقِّ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ ضَمَانِ الدَّيْنِ وَأَدَائِهِ دُونَ إِذْنِ الْمَدِينِ فِي الضَّمَانِ أَوْ فِي الأَدَاءِ. فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ دُونَ إِذْنِهِ فَلاَ يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَدَّى؛ لأِنَّ الْكَفَالَةَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَدِينِ تَبَرُّعٌ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ فَلاَ يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ.
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ لِصِحَّةِ الضَّمَانِ وَالأْدَاءِ دُونَ إِذْنِ الْمَدِينِ، وَهَذَا إِذَا ضَمِنَ أَوْ أَدَّى عَلَى سَبِيلِ الرِّفْقِ بِالْمَدِينِ، أَمَّا إِنْ كَانَ الْغَرَضُ إِضْرَارَهُ بِسُوءِ طَلَبِهِ وَحَبْسِهِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا فَلاَ رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمَدِينِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ الَّذِي أَدَّاهُ لَهُ.
وَفَصَّلَ الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: إِنِ انْتَفَى الإْذْنُ فِي الأْدَاءِ وَالضَّمَانِ فَلاَ رُجُوعَ لَهُ؛ لأِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ وَلأِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ رُجُوعٌ لَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم عَلَى الْمَيِّتِ بِضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ.
وَإِنْ أَذِنَ الْمَدِينُ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ وَسَكَتَ عَنِ الأْدَاءِ رَجَعَ فِي الأْصَحِّ لأِنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ الأْدَاءِ، وَالثَّانِي: لاَ يَرْجِعُ لاِنْتِفَاءِ الإْذْنِ فِي الأْدَاءِ.
21 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَحَقِّيَّةِ الرُّجُوعِ - إِذَا وُجِدَ الإْذْنُ فِي الضَّمَانِ - مَا إِذَا ثَبَتَ الضَّمَانُ بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ، كَأَنِ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ مَا عَلَى الآْخَرِ بِإِذْنِهِ، فَأَنْكَرَ زَيْدٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَغَرَّمَهُ، لَمْ يَرْجِعْ زَيْدٌ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ؛ لِكَوْنِهِ مُكَذِّبًا بِالْبَيِّنَةِ، فَهُوَ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ، فَلاَ يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الضَّامِنُ بِالإْذْنِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُؤَدِّيَ دَيْنَ فُلاَنٍ وَلاَ أَرْجِعَ بِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا أَدَّى لاَ يَرْجِعُ.
وَإِنْ أَذِنَ الْمَدِينُ فِي الأْدَاءِ وَانْتَفَى الإْذْنُ فِي الضَّمَانِ فَضَمِنَ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَأَدَّى بِالإِذْنِ، فَلاَ رُجُوعَ لَهُ فِي الأْصَحِّ؛ لأِنَّ وُجُوبَ الأْدَاءِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَمُقَابِلُ الأْصَحِّ: يَرْجِعُ؛ لأِنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنِ الأْصِيلِ بِإِذْنِهِ،
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَدَّى وَشَرَطَ الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ بَنَوْا ثُبُوتَ الْحَقِّ فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ عَلَى النِّيَّةِ. قَالُوا: إِنْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ وَلَمْ يَنْوِ رُجُوعًا عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ بِمَا قَضَاهُ لَمْ يَرْجِعْ؛ لأِنَّهُ مُتَطَوِّعٌ سَوَاءٌ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ أَمْ لاَ، وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ رَجَعَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الضَّمَانُ أَوِ الْقَضَاءُ بِإِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ أَمْ بِدُونِ إِذْنِهِ؛ لأِنَّهُ قَضَاءٌ مُبَرِّئٌ مِنْ دَيْنٍ وَاجِبٍ فَكَانَ مِنْ ضَمَانِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، كَالْحَاكِمِ إِذَا قَضَاهُ عَنْهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَضَاءٍ وَلاَ ضَمَانٍ، وَأَمَّا قَضَاءُ عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ فَكَانَ تَبَرُّعًا؛ لِقَصْدِ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَدِينِ الْمُتَوَفَّى لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم.
وَالْكَلاَمُ فِيمَنْ نَوَى الرُّجُوعَ لاَ فِيمَنْ تَبَرَّعَ، هَكَذَا جَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ وَشَرْحِ مُنْتَهَى الإْرَادَاتِ، لَكِنَّ ابْنَ قُدَامَةَ ذَكَرَ رِوَايَةً فِي أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَقَضَى بِغَيْرِ إِذْنٍ أَيْضًا فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَلَوْ نَوَى الرُّجُوعَ، بِدَلِيلِ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّهُمَا لَوْ كَانَا يَسْتَحِقَّانِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمَيِّتِ صَارَ الدَّيْنُ لَهُمَا فَكَانَتْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ مَشْغُولَةً بِدَيْنِهِمَا كَاشْتِغَالِهَا بِدَيْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم؛ لأِنَّهُ تَبَرَّعَ بِذَلِكَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلَفَ دَوَابَّهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا: إِنْ قَضَى الدَّيْنَ وَلَمْ يَنْوِ رُجُوعًا وَلاَ تَبَرُّعًا بَلْ ذَهِلَ عَنْ قَصْدِهِ الرُّجُوعَ وَعَدَمَهُ لَمْ يَرْجِعْ كَالْمُتَبَرِّعِ لِعَدَمِ قَصْدِهِ الرُّجُوعَ.
22 - هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِدَيْنِ الآْدَمِيِّ، أَمَّا دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ فَإِنَّ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ غَيْرِهِ دُونَ إِذْنِهِ فَلاَ يُجْزِئُ مَا أَدَّاهُ عَنِ الزَّكَاةِ لاِشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ، وَلاَ رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَدَّى، إِلاَّ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنْ أَخْرَجَهَا أَحَدٌ بِغَيْرِ عِلْمِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ الإْمَامِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي الأْضْحِيَّةِ يَذْبَحُهَا غَيْرُ رَبِّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَإِذْنِهِ إِنْ كَانَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ صَدِيقَهُ وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لأِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَفْسِهِ عِنْدَهُ لِتَمَكُّنِ الصَّدَاقَةِ بَيْنَهُمَا، أَجْزَأَتْهُ الأْضْحِيَّةُ إِنْ كَانَ مُخْرِجَ الزَّكَاةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ فِي الأْضْحِيَّةِ أَنَّ الزَّكَاةَ تُجْزِئُهُ، لأِنَّ كِلَيْهِمَا عِبَادَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا مُفْتَقِرَةٌ لِلنِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لاَ تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا لاِفْتِقَارِهَا لِلنِّيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ لأِجْلِ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ.
وَإِنْ أَمَرَ شَخْصٌ غَيْرَهُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ عَنْهُ أَجْزَأَتْ، وَكَانَ لِلْمُؤَدِّي حَقُّ الرُّجُوعِ بِاتِّفَاقٍ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اشْتَرَطُوا ضَمَانَ الآْمِرِ بِأَنْ يَقُولَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ؛ لأِنَّهُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ يَثْبُتُ لِلْقَابِضِ مِلْكٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْمِثْلِ، حَتَّى لَوْ ظَهَرَ أَنْ لاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ لاَ يَسْتَرِدُّ مِنَ الْفَقِيرِ مَا قَبَضَ، فَيَثْبُتُ لِلآْمِرِ مِلْكُ مِثْلِ ذَلِكَ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ إِلاَّ بِالشَّرْطِ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ:
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الأْمْرَ فِي الْكَفَالَةِ تَضَمَّنَ طَلَبَ الْقَرْضِ إِذَا ذَكَرَ لَفْظَةَ «عَنِّي»، وَفِي قَضَاءِ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ طَلَبُ اتِّهَابٍ، وَلَوْ ذَكَرَ لَفْظَةَ «عَنِّي».