1 ـ حق المتبوع فى الرجوع على تابعه و إن كان لا ينشأ إلا من تاريخ الوفاء عملاً بالمادة 381 من القانون المدنى إلا أنه يشترط لذلك ألا يكون التعويض الذى يوفى به قد سقط بالتقادم بالنسبه للتابع ، و من ثم فإذا تبين عند الفصل فى الدعوى التى رفعها المضرور على المتبوع و إختصم هذا فيها تابعه أن حق المضرور قبل التابع قد سقط بالتقادم و تمسك التابع بهذا التقادم فإنه لا يجوز أن يحكم عليه بشئ للمتبوع لأنه لا جدوى من حكم لا يمكن تنفيذه و لو حكم للمضرور على المتبوع بالتعويض بسبب رفع الأول الدعوى على الثانى فبل إنقضاء مدة تقادمها . و هذه النتيجة أدى إليها ما أجازه القانون للمضرور من حق فى الرجوع بالتعويض على المتبوع وحده إذا آثر المضرور ذلك دون حاجة إلى إختصامه التابع فى الدعوى ، و ما تقتضيه نصوص القانون من أن رفع الدعوى على المتبوع لا يقطع التقادم بالنسبة للتابع .
(الطعن رقم 540 لسنة 34 جلسة 1969/01/30 س 20 ع 1 ص 199 ق 33)
2 ـ حائز العقار - المرهون - طبقاً للمواد 320 ، 326 ، 329 من القانون المدنى ملزم بالدين عن المدين ، و ينبنى على وفائه بالدين المضمون أو بجزء منه للدائن المرتهن ، حلوله محل هذا الدائن فى كافة حقوقه بمقدار ما أداه ، و يشمل الحلول الرهن الوارد على عقار الحائز ذاته ، ويترتب على الحلول ، إنتقال حق الدائن إلى الموفى فيكون له أن يرجع على المدين بهذا الحق بمقدار ما أوفاه .
(الطعن رقم 172 لسنة 36 جلسة 1971/03/25 س 22 ع 1 ص 384 ق 61)
3 ـ لا محل لتأسيس حق الشركة المؤمنة فى الرجوع على الغير المسئول عن الحادث على أساس الحلول ذلك أن رجوع المؤمن على المدين بدعوى الحلول يقتضى أن يكون المؤمن قد و فى الدائن بالدين المترتب فى ذمة المدين لا بدين مترتب فى ذمته هو مما لا يتحقق بالنسبة لشركة التأمين إذ أن وفاءها بمبلغ التأمين يستند إلى الإلتزام المترتب فى ذمتها للمؤمن له بموجب عقد التأمين
(الطعن رقم 218 لسنة 27 جلسة 1962/12/20 س 13 ع 2 ص 1166 ق 185)
4 ـ لما كان المتبوع - وهو فى حكم الكفيل المتضامن - لا يستطيع الرجوع على تابعه عند وفائه التعويض للدائن المضرور بالدعوى الشخصية التى قررها القانون فى المادة 800 من القانون المدنى للكفيل قبل المدين و ذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذ كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده ، و ضمان المتبوع لأعمال تابعة هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده فإنه لا يكون للمتبوع فى رجوعه على المدين إلا دعوى الحلول المنصوص عليها فى المادة 779 من القانون المدنى و هى تطبيق للقاعدة العامة فى الحلول القانونى المنصوص عليها فى المادة 326 من القانون المذكور والتى تقضى بأن الموفى يحل محل الدائن الذى إستوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بوفاء الدين عن المدين .
(الطعن رقم 64 لسنة 33 جلسة 1968/02/22 س 19 ع 1 ص 327 ق 51)
5 ـ إذا كان الواقع فى الدعوى أن الشركة المؤمنة قد دفعت للمؤمن له مبلغ التأمين الذى استحق عليها الوفاء به بوقوع الخطر المؤمن منه فإن هذا الوفاء من جانبها ليس إلا تنفيذاً لإلتزامها تجاه المؤمن له فلا مجال مع هذا التأسيس حق شركة التأمين فى الرجوع على الغير الذى تسبب بفعله فى وقوع هذا الخطر على دعوى الحلول ذلك أن رجوع الموفى على المدين بدعوى الحلول يقتضى أن يكون الموفى قد وفى للدائن بالدين المترتب فى ذمة المدين - لابدين مترتب فى ذمته هو - أما الإستناد إلى أحكام الحوالة فيحول دونه - أن واقعة الدعوى تحكمها فى شأن الحوالة نصوص القانون المدنى القديم الذى حررت فى ظله وثيقة التأمين وإقرار المؤمن له - المتضمن إحلاله الشركة المؤمنة فى حقوقه و تنازله لها عن التعويض المستحق له قبل الغير - وإذ نصت المادة 349 منه على أنه لاتنتقل ملكية الديون و الحقوق المبيعة و لا يعتبر بيعها صحيحاً إلا إذا رضى المدين بذلك بموجب كتابة - و كان لايتوفر فى واقعة هذه الدعوى وجود كتابة من المدين تتضمن رضاءه بالحوالة - فإنه لا مجال كذلك لإقامة هذا الحق على أساس من الحوالة .
(الطعن رقم 217 لسنة 24 جلسة 1959/01/01 س 10 ع 1 ص 14 ق 1)
6 ـ إذا كان أساس دعوى رجوع الكفيل على المدين بما أوفاه عنه هو حلول الكفيل محل الدائن فى الرجوع على المدين - حلولاً مستمداً من عقد الحلول المبرم بين الدائن و الكفيل ومستنداً إلى المادتين 1/326 و 329 من القانون المدنى اللتين تقضيان بأنه إذا قام بالوفاء شخص غير المدين حل الموفى محل الدائن الذى إستوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بالدين مع المدين أو ملزماً بوفائه عنه و أن من حل قانوناً أو إتفاقاً محل الدائن كان له حقه بما لهذا الحق من خصائص و ما يلحقه من توابع و ما يكفله من تأمينات و ما يرد عليه من دفوع و كان القرض - المكفول - عملاً تجاريا بالنسبة لطرفيه فإن الكفيل الموفى يحل محل الدائن الأصلى فيه بما له من خصائصه و منها صفته التجارية وبالتالى يكون للكفيل أن يرفع دعواه على المدين أمام المحكمة التجارية المتفق بين الدائن و المدين على إختصاصها .
(الطعن رقم 289 لسنة 31 جلسة 1968/01/25 س 19 ع 1 ص 116 ق 19)
7 ـ للمتبوع عند وفائه بالتعويض للدائن المضرور أن يرجع على التابع بإحدى دعويين الأولى دعوى الحلول المنصوص عليها فى المادة 799 من القانون المدنى و التى ليست إلا تطبيقاً للقاعدة العامة فى الحلول القانونى المنصوص عليها فى المادة 326 من القانون المذكور و التى تقضى بأن الموفى - يحل محل الدائن الذى إستوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بوفاء الدين عن المدين ، و الدعوى الثانية هى الدعوى الشخصية المنصوص عليها فى المادة 324 من ذات القانون التى تقضى بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه . و ليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذى وفاه عنه بالدعوى الشخصية التى قررها المشرع فى المادة 800 من القانون المدنى لكفيل قبل المدين ، و ذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده ، و ضمان المتبوع لأعمال تابعة هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده .
(الطعن رقم 960 لسنة 58 جلسة 1990/12/27 س 41 ع 2 ص 1023 ق 331)
1- إن ما نص عليه فى البند الثالث عن عقد الوكالة - الصادر من الطاعنة للمحامى - من أنه " لا يجوز للطاعنة عزل مورث المطعون ضدهم من عمله طالما كان يقوم به طبقاً للأصول القانونية فإذا عزلته قبل إنتهاء العمل دون سبب يدعو لذلك التزمت بتعويض إتفاقى لا يقبل المجادلة مقداره 5000 ج يستحق دون تنبيه أو إنذار أو حكم قضائى " هو إتفاق صحيح فى القانون ولامخالفة فيه للنظام العام لأن الوكالة بأجر وهو صريح فى أنه شرط جزائى حدد مقدماً قيمة التعويض بالنص عليه فى العقد طبقاً لما تقضى به المادة 223 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 540 لسنة 42 جلسة 1975/12/31 س 26 ص 1757 ق 328)
2- المادة 143 من القانون المدني تنص على انه اذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلا الإيطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله ومفاد ذلك أنه ما لم يقم من يدعی البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقي من العقد صحيحا باعتباره عقدا مستقلا ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده ، كما أن مقتضى نص المادة 225 من القانون المدني أنه لا يجوز للدائن أن يطالب في حالة إذا ما جاوز الضرر قيمة التعويض الاتفاقي بأكثر من هذه القيمة الا اذا أثبت أن المدين ارتكب غشا أو خطأ جسيما ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بابطال العقد الابتدائي المؤرخ 31/12/1980 بالنسبة لمسلحة 20 س / 18 ط من اجمالي الأطيان البالغ مساحتها 4 ط اف فإن بطلان هذا الشق لا يترتب عليه بطلان العقد كله ما دام أن الطاعن بصفته لم يقم الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد ، وعلى ذلك فإن العقد الأبتدائی سالف البيان يظل صحيحا في باقي بنوده ومنها البند التاسع منه الذي تضمن النص على الشرط الجزائي في حالة عدم اتمام البيع لأي سبب مادام لم يثبت أن المطعون ضدهم الستة الأول قد ارتكبوا غشا أو خطأ جسيما" .
(نقض طعن 6670 سنة 62 ق، جلسة 16/5/2000)
الموفى ملزم بالدين مع المدين أو ملزم عنه : وهذه الحالة هى أعم حالات الحلول القانونى، إذ الحالات الأخرى ليست إلا ذات نطاق محدود، بل إن الحالة الثالثة منها – حالة ما إذا كان الموفى حائزاً للعقار المرهون – ليست إلا تطبيقاً خاصاً من تطبيقات الحالة الأولى كما سنرى، ثم إن علة الحلول القانوني هنا واضحة، فالموفي ملزم بالدين مع المدين أو عنه، فله مصلحة كبرى فى أدائه، بل هو يجبر على الأداء، ومن ثم حق له فى رجوعه على المدين أن يرجع عليه بدعوى الدائن بعد أن يحل محله.
ويكون الموفى ملزماً بالدين مع المدين إذا كان مديناً متضامناً، أو مديناً مع المدين فى دين غير قابل للانقسام، أو كفيلاً متضامناً مع كفلاء آخرين فى علاقته بهؤلاء الكفلاء .
ويكون الموفي ملزماً بالدين عن المدين إذا كان كفيلاً شخصياً، أو كفيلاً عينياً، أو حائزاً للعقار المرهون فأى من هؤلاء وفى الدين رجع على المدين بدعوى الدائن بعد أن يحل محله بحكم القانون .
فإذا وفى المدين المتضامن كل الدين للدائن، جاز له أن يرجع بدعوى الحلول على كل مدين متضامن معه بقدر حصته فى الدين، وقد مر بيان ذلك فى التضامن، وإذا وفى المدين فى دين غير قابل للانقسام الدين للدائن، جاز له أيضاً أن يرجع بدعوى الحلول على كل مدين معه فى هذا الدين بقدر حصته من الدين، وقد مر بيان ذلك فى الالتزام غير القابل للانقسام، وإذا وفى حد الكفلاء المتضامنين الدين كله للدائن، رجع على كل كفيل بدعوى الحلول بمقدار نصيبه فى كفالة الدين، وهذه غير دعوى الحلول التي يرجع بها على المدين .
وإذا وفى الكفيل الشخصى أو العينى الدين عن المدين، جاز له الرجوع بدعوى الحلول على المدين بكل ما دفعه، لأن المدين يجب أن يتحمل الدين كله .
كذلك إذا انتقلت ملكية عقار مرهون إلى شخص، بالبيع أو الهبة أو المقايضة أو أى سبب آخر لانتقال الملكية، فإنه يصبح ملزماً بالدين عن المدين، فإذا وفى الدين حل محل الدائن قانوناً، ورجع بدعوى الحلول على المدين بكل ما دفعه، وقد أفرد القانون هذه الحالة بالذكر كحالة خاصة من حالات الحلول القانوني، وستكون محلاً للبحث فيما يلى .
كذلك يمكن القول إن المتبوع مسئول عن التابع، فإذا كان التابع مؤمناً على مسئوليته مثلاً، ورجع المصاب على المتبوع فوفى هذا دين التابع، فإنه يحل محل الدائن – المصاب – فى التأمين، ويرجع بدعوى الحلول هذه على شركة التأمين.
الموفي دائن وفي دائناً مقدماً عليه : ويحل الموفي محل الدائن، فيرجع على المدين بدعوى الحلول، " إذا كان الموفي دائناً ووفى دائناً آخر مقدماً عليه بما له من تأمين عيني، ولو لم يكن للموفي أي تأمين ".
ويفرض القانون أن هناك دائنين لمدين واحد، أحدهما متقدم على الآخر بموجب تأمين عينى، أى أن المدين قد رهن عقاراً مملوكاً له لأحد الدائنين ثم رهنه للآخر، فصار الأول متقدماً على الثانى، بل يجوز أن يكون الدائن الثانى لم يرتهن العقار وظل دائناً شخصياً، فإن الدائن الأول متقدم عليه بما له من حق الرهن، بل يجوز أيضاً أن يكون التأمين الذي يتقدم به الدائن الأول على الدائن الثانى ليس حق رهن رسمى، بل حق رهن حيازة، أو حق امتياز، أو حق اختصاص، فكل هذه تأمينات عينية تجعله متقدماً على الدائن الثانى .
ففى جميع هذه الأحوال قد يكون للدائن المتأخر مصلحة محققة فى الوفاء بدين الدائن المتقدم والحلول محله في هذا الدين، وتتحقق هذه المصلحة فى فرضين :
(أولاً) قد يرى الدائن المتقدم أن ينفذ على العقار المرهون، ويكون الوقت غير مناسب للتنفيذ، فيتوقع الدائن المتأخر أن يباع العقار فى المزاد العلني بأبخس الأثمان، وقد لا يعنى الدائن المتقدم ذلك، إذ يكون متأكداً من أنه سيستوفي حقه مهما بلغ ثمن العقار المرهون، وإنما تعود الخسارة على الدائن المتأخر فهو الذي سوف لا يدرك من ثمن العقار ما يكفي للوفاء بحقه، فيكون من مصلحة الدائن المتأخر أن يوفي الدائن المتقدم حقه، فيحل محله في رهنه، ويمنع بهذا الحلول التنفيذ فى وقت غير مناسب تحينا لفرصة يبيع فيها العقار المرهون بثمن يكفي لوفاء الدين المتقدم والدين المتأخر جميعاً .
(ثانياً) قد يرى الدائن المتأخر أن العقار المرهون لا يكفي لوفاء الدينين المتقدم والمتأخر معاً، مهما بلغ ثمن هذا العقار وفى أى وقت بيع، ولكن يكون للدائن المتقدم تأمين على عقار آخر مملوك للمدين أو لكفيل عينى، فيوفي حق الدائن المتقدم حتى يحل محله فى رهنه المتقدم وفى تأمينه الآخر، ويستطيع بذلك أن يستوفى الدينين معاً من العقار المرهون ومن هذا التأمين الآخر .
من أجل ذلك أجاز القانون للدائن المتأخر أن يحل محل الدائن المتقدم إذا وفى له دينه، فيحقق لنفسه مصلحة مشروعة، وذلك دون أن يضار الدائن المتقدم إذ هو يستوفى حقه كاملاً، ودون أن يضار المدين فإن الموقف بالنسبة إليه لا يتغير، ولا يؤوده فى شىء أن يحل دائن محل آخر ما دام يحل فى نفس الدين .
ويشترط فيما قدمنا شرطان : أن يكون الموفي دائناً لنفس المدين، وأن يكون الموفي له دائناً متقدماً بما له من تأمين عيني.
فيجب أولاً أن يكون الموفي دائناً لنفس المدين، فلا يجوز لأجنبي غير دائن للمدين أن يوفى حقاً لدائن له تأمين عيني ليحل محله حلولاً قانونياً فى هذا التأمين.
والذى يجوز هنا هو الحلول الاتفاقي لا الحلول القانونى، فيتفق الأجنبى مع الدائن أو مع المدين على الحلول بالطرق التى قررها القانون على النحو الذي سنبينه في الحلول الاتفاقي، فإذا كان الموفى دائناً للمدين، فقد توافر الشرط المطلوب، ولا يهم بعد ذلك أن يكون للموفى هو أيضاً تأمين عيني متأخر أو أن يكون دائناً شخصياً ليس له أى تأمين، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.
ويجب ثانياً أن يكون الموفى له دائناً متقدماً على الموفي بما له من تأمين عيني، فلو كان الموفى له دائناً متأخراً عن الموفي فى تأمينه العينى أو ليس له تأمين عينى أصلاً، فلا محل هنا للحلول القانونى، لأن مصلحة الموفى فى هذا الحلول، وهو متقدم على الموفي له أو مساو، ليست واضحة، قد تكون له مصلحة محدودة فى منع هذا الدائن من القيام بإجراءات التنفيذ فى وقت غير مناسب، ولكن هذا الدائن إذا فعل ذلك أضر بنفسه أيضاً لأنه غير متقدم على الدائن الأول، وقد تكون للدائن المتقدم مصلحة فى منع الدائن المتأخر من المعارضة فى الديون، حتى لا تقف إجراءات التوزيع أو حتى يتيسر إجراء تسوية ودية، ولكن هذه المصلحة جد محدودة لم ير القانون أن يرتب عليها حلولاً قانونياً.
هذا إلى أنه من اليسير على الدائن المتقدم فى مثل هذا الفرض أن يوفي الدائن المتأخر حقه بعد أن يحصل منه على حلول اتفاقي، بل دون اتفاق على حلول أصلاً، فإن الوفاء بحق الدائن المتأخر يبعده عن التوزيع فيتيسر للدائن المتقدم أن يمضى فيه أو أن يجرى التسوية الودية التى ينشدها كما لو كان هناك حلول.
ولابد، كما قدمنا، أن يكون الموفى له متقدماً على الموفي بما له من تأمين عيني فإذا لم يكن للموفي له تأمين عيني، ولو كانت له ميزة أخرى تضاهى التأمين العيني كدعوى فسخ أو حق فى الحبس، فإن نص التشريع أضيق من أن يتسع لهذا الفرض، فلا يكون هناك حلول قانوني، فلو أن الموفي له بائع لم يقيد حق امتيازه واكتفى بدعوى الفسخ، فلا يحق لدائن آخر وفاه الثمن أن يحل محله فى دعوى الفسخ، ولو أن الموفي له دائن ليس له تأمين عيني بل له حق فى حبس عين للمدين، لم يجز لدائن آخر وفاه حقه أن يحل محله فيحبس العين.
الموفي اشترى عقاراً ودفع ثمنه لدائنين خصص العقار لضمان حقوقهم : هذه لحالة سبقت الإشارة إليها كتطبيق من تطبيقات الحالة الأولى، ذلك أن المشتري لعقار مثقل بتأمين عينى – رهن أو امتياز أو اختصاص – يصبح حائزاً للعقار ( tiers detenteur )، فيكون مسئولاً عن الدين بحكم انتقال ملكية العقار له، ومن ثم يكون ملزماً بالدين عن المدين، فيدخل ضمن الحالة الأولى من حالات الحلول القانونى، وهى الحالة التى سبق بيانها.
وحتى نتبين، فيما نحن بصدده، كيف تتحقق للموفي مصلحة فى أن يحل محل الموفي له نفرض أن عقاراً مرهوناً باعه صاحبه، فالمشتري للعقار المرهون يستطيع بطبيعة الحال أن يطهر العقار المرهون فيتخلص من الرهن، ولا يحتاج إلى الحلول محل الدائن المرتهن، ولكنه مع ذلك قد تكون له مصلحة فى أن يوفي الدائن المرتهن حقه، فيحل محله ويصبح مرتهناً لملك نفسه، في الفرضين الآتيين :
أولاً - قد يتوفى بذلك إجراءات التطهير الطويلة المعقدة، وذلك بأن يكون ثمن العقار المرهون معادلاً لقيمته، بحيث إذا بيع العقار في المزاد العلني لن يبلغ ثمنه فى المزاد أكثر من الثمن الذي التزم به المشتري، فإذا فرض أن العقار مرهون لأكثر من دائن، وكان الثمن الذي التزم به المشتري لا يكفي إلا لوفاء الدائن المرتهن الأول، كان للمشترى أن يدفع الثمن لهذا الدائن فيوفيه حقه، ويحل محله فى رهنه الأول، ولا تصبح هناك مصلحة للدائنين المرتهنين المتأخرين فى بيع العقار، فلن يصل ثمنه إلى أكثر من الثمن الذي دفعه المشتري وحل به محل الدائن المرتهن الأول، ولن يصيبهم شىء فى التوزيع بعد أن يستولى المشتري على الثمن الذي دفعه، فيستطيع المشتري، بفضل هذا الحلول القانونى، أن يوقف عملياً الدائنين المرتهنين المتأخرين عن مباشرة التنفيذ على العقار الذي اشتراه .
ثانياً - قد يكون للمشترى مصلحة فى أن يحل محل الدائن المرتهن إذا كان البيع الصادر له معرضاً للإبطال أو الفسخ، فحلوله محل الدائن المرتهن يحقق له تأميناً عينياً عند رجوعه بالثمن فى حالة إبطال البيع أو فسخه.
وغني عن البيان أن المشتري، إذا وفى الدائن المرتهن حقه وحل محله بمقتضى القانون، فإنه يحل محله فى جميع ماله من التأمينات، فإذا كان لهذا الدائن المرتهن تأمين عينى آخر، حل المشترى محله فيه، وقد تتحقق مصلحة له فى ذلك فيما إذا كان العقار الذي اشتراه لم يعد يفي بالثمن الذي دفعه، فيكمل التأمين الآخر ضمانه.
ويستوي، في وفاء المشتري لحق الدائن المرتهن والحلول محله، أن يفعل المشترى ذلك اختياراً من تلقاء نفسه أو أن يفعله وهو ملزم به، بأن يكون للبائع قد ألزمه فى شروط البيع أن يدفع الثمن للدائن المرتهن، أو أن يكون الدائن المرتهن قد بدأ فى اتخاذ إجراءات التنفيذ فاضطر المشتري أن يوفي له حقه ليتوفى هذه الإجراءات . ويستوي كذلك أن يكون المشترى قد اشترى العقار ممارسة أو اشتراه فى مزاد جبرى .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثالث – المجلد : الثاني، الصفحة : 783)
يترتب على توافر إحدى الحالات الواردة بالنص، أن يحتل المرفی، وبحكم القانون، بمجرد الوفاء، محل الدائن، فيكون له الرجوع على المدين بالدعوى التي كانت للدائن، فضلاً عن حقه في الرجوع بالدعوى الشخصية.
فللموفي، إذا كان ملزماً مع المدين أو عنه، أن يرجع على المدين بما وفاه بعد استنزال ما يخصه والموفي، من الدين، ومثل الملزم مع المدين، المدين المتضامن والمدين في دين غير قابل للانقسام والكفلاء الدين واحد فيما بينهم (م 792)، أما الكفلاء فيما بينهم وبين المدين، فهم ملتزمون عنه، فان وفي أحدهم، سواء كان كفيلاً شخصياً أو كفيلاً عينياً، فانه يرجع على المدين بكل الدين، سواء كان متضامناً معه أو غير متضامن، ومثل الملزم عن المدين أيضاً، حاز العقار المرهون وهو من انتقلت إليه ملكيته بأي سبب من اسباب كسب الملكية عدا الميراث إذ لا يعد الوارث حائزاً (م 1060)، ولكن إذا دفع الدين فإنه يرجع على كل من الورثة كل بقدر نصيبه في حدود ما آل اليه من التركة وذلك بالدعوى الشخصية لا بدعوى الحلول وأن كان قد قضى كل دين التركة بالوفاء بجرء فقط منه باتفاق خاص مع الدائن، فانه لا يرجع على الورثة بكل الدين، فذلك قاصر على حوالة الحق، إنما بالقدر الذي قام بالوفاء به، إذ أنه ليس ملزماً مع باقی الورثة أو عنهم بالدين، وإنما التركة هي الملزمة وحدها به وتوجه الدعوى للورثة كممثلين لها (م 329).
وإذا اجتمع کفیل شخصي أو عيني مع حائز العقار، فإن قام الكفيل بوفاء الدين للدائن كان له الرجوع على العقار المرهون لذات الدين حتى لو كان في يد حائز له، إذ الكفيل كان مسئولاً أمام الدائن لا أمام الدين ولا أمام حائز العقار باعتباره خلفاً خاصاً للمدين، أما لو كان الحائز هو الموفي، فإنه يرجع على المدين وحده دون الكفيل إذ يكون الحائز مسئولاً عن الدين إمام الكفيل بموجب الرهن، وكان يجب على الحائز ليتخلص من الدين تطهير العقار، ولما كان الوارث ليس حائزاً، فإنه إن وفي الدين، كان له الرجوع بالدعوى الشخصية، على باقي الورثة وكذلك على الكفيل - ویری سلیمان مرقس أن للحائز الرجوع على الكفيل - أما إن كان الدين يزيد عن ثمن العقار ووفاة الحائز، كان له الرجوع بالقدر الزائد على باقي الكفلاء بعد استنزال ما يخصه من هذا القدر إذ يعتبر في هذه الحالة كفيلاً عينياً يقسم الدين بينه وبين باقي الكفلاء.
وقد يفضل حائز العقار الوفاء للدائن المرتهن المتقدم ليحل محله بدلاً من إتخاذ إجراءات التطهير، فيحل الحائز محل الدائن المتقدم ومنع بذلك باقي الدائنين المتأخرين في المرتبة من التنفيذ على العقار، ويلزم أن يوفي الحائز بنفس الدين للدائن الإ أنه يجوز أن يتفق مع المدين أن يتسلم الأخير مبلغ الدين ليدفعه للدائن وحينئذ يكون المدين وكيلاً عن الحائز فيحل الأخير محل الدائن الذي استوفى دينه وقد يوفي الحائز الدين اختياراً أو بناءً على اتفاق بينه وبين المدين، فقد يتفق بائع العقار المرهون مع المشتري أن يوفي الثمن للدائن، فيحل محله، ويستوي أن يتم البيع بالممارسة أو بالمزاد.
ويتم الحلول إذا وفي دائن لدائن آخر متقدم عليه إذا كان مرتهناً ليستفيد مزايا الحلول، ويستوي أن يكون الموفي دائناً عادياً أو مرتهناً وتنصرف الأحوال التى جاءت بها نصوص خاصة إلى المادة 771 مدنی.( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الخامس، الصفحة : 251)
إذا قام شخص غير المدين بالوفاء، ولم يكن متبرعاً كان له أن يرجع على المدين بقدر ما دفعه، وذلك بدعوى شخصية تختلف بحسب الأحوال، فهذه الدعوى تكون دعوى الوكالة إذا كان المدين قد وكل الموفي في الوفاء، وتكون دعوى الفضالة إذا كان الموفي قد وفي دون علم المدين أو بعلمه ولكن بدون معارضته، وتكون دعوى الإثراء بلا سبب إذا كان الوفاء قد تم رغم معارضة المدين.
والموفي في رجوعه على المدين بالدعوى الشخصية إنما يرجع بدين جديد مستقل عن الدين القديم الذي انقضى بالوفاء، وانقضى تبعاً لذلك ما يكفله من تأمينات، وما يلحق به من توابع، وهذا هو مؤدى الوفاء البسيط.
فإذا تيسر للغير الذي قام بالوفاء أن يحل محل الدائن في دينه، كان له بمقتضى ذلك، زيادة على الدعوى الشخصية دعوى أخرى هي دعوى الحلول التي يرجع فيها على المدين بنفس الدين الذي كان للدائن والذي بقي بتأميناته وخصائصه وتوابعه ودفوعه، وهذا هو مؤدى الوفاء مع الحلول والغير الذي وفي يؤثر دعوى الحلول على الدعوى الشخصية في أغلب الفروض، لأن الدعوى الشخصية لا تحقق له ضماناً فتعرضه لإعسار المدين، بينما هو في دعوى الحلول يتمتع بما يضمن الدين من تأمينات وما يكون له من خصائص وتوابع ودفوع نافعة .
على أن هناك أحوالاً تقتضي مصلحة الموفي فيها أن يلجأ إلى الدعوى الشخصية:
ومثال ذلك :
1- أن يكون الدين الذي وقع الوفاء به لا ينتج فوائد أو كانت فائدته أقل من الفائدة القانونية، فإن الموفي إذا كان وكيلاً (م 710 مدني) أو فضولياً (م 159 مدني) يمكنه أن يطالب بالفوائد القانونية من يوم الوفاء.
2- إذا كانت دعوى الحلول تتقادم بعد وقت قصير، كان الأفضل التمسك بالدعوى الشخصية لأنها لا تتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة من يوم الوفاء.
3- إذا كان الوفاء بجزء من الدين فإن الدائن يتقدم على الموفي في استيفاء ما بقي له إذا حل الموفي محله (م 330 / 1 مدني) ولكن إذا التجأ الموفي إلى الدعوى الشخصية فلا يتقدم الدائن عليه ويتقاسمان قسمة الغرماء .
والحلول قد يكون قانونياً أي في الحالات التي ينص عليها القانون، وقد يكون اتفاقياً إذا اتفق الغير مع الدائن أو مع المدين على الحلول.
حالات الحلول الواردة بالمادة يكون فيها الموفي غيراً له مصلحة في الوفاء بالدين:
الموفي في جميع أحوال الحلول القانوني الواردة بالمادة يكون غيراً له مصلحة في الوفاء بالدين، فله والحال هذه، أن يوفي رغم إرادة المدين والدائن على حد سواء، وبذلك يتم له الحلول بحكم القانون محل الدائن الذي استوفى حقه.
أوردت المادة أربع حالات للحلول القانوني، نعرض لها فيما يلي :
(أ) – إذا كان الموفي ملزماً بالدين مع المدين أو ملزماً بوفائه عنه.
فإذا كان الموفي ملزماً بالدين مع المدين فإنه يحل محل الدائن فيما يتبقى بعد استنزال نصيبه من الدين ومثال ذلك المدين المتضامن والمدين في دين غير قابل للانقسام.
وإذا كان الموفي ملزماً بوفاء الدين عن المدين فإنه يحل محل الدائن في كل الدين، ومثله الكفيل الشخصي والكفيل العيني، وهو من يقدم عيناً ضماناً الدين على آخر دون أن يكون ملتزماً شخصياً بالدين، والحائز للعقار وهو كل من انتقلت إليه ملكية عقار مرهون دون أن يكون ملتزماً شخصياً بالدين، كأن يكون مشترياً أو موهوباً له أو موصى له، وان كان القانون قد أفرد نصاً خاصاً المشتري العقار المرهون (م 326/ج).
(ب) - الوفاء لدائن متقدم
عبرت عن هذه الحالة المادة في فقرتها (ب) بقولها : "إذا كان الموفي دائناً وفي دائناً آخر مقدماً عليه بما له من تأمين عینی، ولو لم يكن للموفي أي تأمين".
وصورة هذه الحالة أن يكون هناك عقار مرهون لدائنين على التوالي، فيري الدائن المتأخر في المرتبة أن مصلحته أن يوفي بحق الدائن المتقدم الذي يوشك أن يباشر إجراءات التنفيذ في وقت غير ملائم، فإذا ما حل محله فإنه يستطيع أن يعود إلى مباشرة هذه الإجراءات في وقت أكثر ملائمة حتى يكفي ثمن العقار لوفاء الدينين معاً، وقد يرى الدائن العادي أن من مصلحته أن يقوم بالوفاء بحق دائن مرتهن کي يفيد من مزايا الحلول.
ويلاحظ أن الدائن المتقدم في المرتبة إذا وفي بحق دائن متأخر فإنه لا يحل محله حلولاً قانونياً، لأن النص لا يشمل هذه الحالة، ونصوص الحلول القانوني جاءت على خلاف الأصل فلا يتوسع في تفسيرها، فالحلول في هذه الصورة لا يكون إلا بالاتفاق .
(ج) - وفاء الحائز للعقار بالدين المضمون :
حائز العقار، هو من انتقلت إليه ملكية عقار مرهون (أو محمل بحق اختصاص أو امتیاز)، دون أن يكون ملتزماً شخصياً بالدين المضمون بالرهن، اللدائن المرتهن، بمقتضى ماله من حق التتبع، أن يباشر إجراءات التنفيذ على العقار رغم انتقال ملكيته من المدين إلى الحائز.
وقد يرى الحائز في هذه الحالة أن يوفي للدائن المرتهن بدينه لكى يتجنب التنفيذ على عقاره، فيحل بذلك محل الدائن المرتهن في كافة حقوقه.
فإذا كان الدين الذي وفى به مضموناً بالإضافة إلى الرهن، بكفالة كان للحائز أن يرجع على الكفيل، وإذا كان هناك رهن على عقار آخر، ضمن هذا الرهن حق الحائز قبل المدين بل إن الحلول يشمل الرهن الوارد على عقار الحائز ذاته، فيحل فيه محل الدائن المرتهن، وبالتالي يصبح له رهن على عقاره، وتظهر مصلحته في ذلك إذا كان العقار مثقلاً برهن نال في المرتبة، فإذا باشر الدائن المرتهن الثاني إجراءات التنفيذ على هذا العقار، كان للحائز أن يتقدم عليه في الاستيفاء من ثمن العقار بما أداه للدائن المرتهن الأول.
وإذا كانت قيمة العقار لا تكفي إلا لسداد الدين الأول، فقد يكون ذلك حافزاً للدائن المرتهن الثاني إلى الامتناع عن التنفيذ، لأن الثمن الذي سيحصل من البيع سيختص به الحائز بوصفه قد حل محل الدائن المرتهن الأول.
ويلاحظ أن المادة (326/ج) لم تتعرض إلا لحالة واحدة من حالات حائز العقار، وهي حالة ما إذا كان الحائز قد تلقى ملكية العقار عن طريق الشراء ولم يكن قد دفع الثمن بعد إلى البائع فقام بالوفاء بدين الدائن من ذلك الثمن، غير أن ذلك كله ليس بشرط، فمن ناحية نجد أن المادة (1061) تقرر الحلول للحائز بصفة مطلقة، سواء كان مشترياً أم تلقى الملكية بسبب آخر، وسواء كان المدفوع من الثمن أم لا، ومن ناحية أخرى فإن حائز العقار المرهون (أو المحمل بالاختصاص أو الامتياز) يعتبر ملزماً بوفاء الدين عن المدين، فهو إذن ممن ينطبق عليهم نص المادة 326 / 1، ولو لم يكن مشتریاً ولو لم يوف من الثمن.
والسبب في أن المشرع قد عنى بأن ينص بصفة خاصة على حالة المشتري الذي يوفي الدين من الثمن أن تلك هي الحالة الغالبة.
4- إذا كان هناك نص يقرر للموفي حق الحلول :
الحق في الحلول قد يتقرر للموفي بنص خاص ومثال ذلك ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 450 من قانون التجارة الجديد من أنه : "ويجوز قبول الكمبيالة أو وفاؤها من شخص يتدخل لمصلحة أي مدين بها يكون مستهدفاً للرجوع عليه، وذلك مع مراعاة الشروط المنصوص عليها في المادة التالية ".
وما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 458 من أنه : "يكتسب من أوفى كمبيالة بطريق التدخل جميع الحقوق الناشئة عنها قبل من حصل الوفاء لمصلحته وقبل الملتزمين تجاه هذا الشخص بموجب الكمبيالة، ومع ذلك لا يجوز للموفي بالتدخل تظهير الكمبيالة من جديد".
ويبين من هذين النصين أن وفاء الكمبيالة بطريق التدخل يحل به الموفي حلولاً قانونياً محل حامل الكمبيالة مثل من حصل الوفاء لمصلحته وقبل الملتزمين تجاه هذا الشخص بموجب الكمبيالة.
ومثال ذلك أيضاً ما تنص عليه المادة 771 مدني من أنه : " يحل المؤمن قانوناً بما دفعه من تعويض عن الحريق في الدعاوى التي تكون للمؤمن له قبل من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسئولية المؤمن، ما لم يكن من أحدث الضرر قريباً أو صهراً للمؤمن له ممن يكونون معه في معيشة واحدة، أو شخصاً يكون المؤمن له مسئولاً عن أفعاله".(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الرابع، الصفحة :310)
ويهمنا أن نستعرض هذه الحالات في إيجاز .
(1) المدين المتضامن والأثرية في الدين غير القابل للانقسام :
إذا وفي الدين كله أحد المدينين المتضامنين أو أحد المدينين بدين غير قابل للانقسام كان له أن يرجع على كل من المدينين معه بمقدار نصيبه في الدين، هذا إذا لم يكن هناك كفيل أو رهن ضامن كل الدين، أما أن وجد كفيل أو رهن، فإن الموفي يحل بحكم القانون محل المدائن في حقوقه قبل الكفيل أو على العين المرهونة، فيجوز له - فضلاً عن الدعوى الشخصية التي تخوله الرجوع على كل من شركائه في الدين بمقدار نصيبه - أن يرجع على الكفيل أو على العين المرهونة بكل ما دفع بعد استنزال نصيبه هو في الدين.
(ب) الكفيل :
إذا وفي الدين كفيل، حل محل الدائن في حقوقه سواء في ذلك أكان الكفيل شخصياً أم عينياً، وسواء أكان متضامناً أم غير متضامن ( المادة 799).
غير أنه يلاحظ أن الكفيل ليس مديناً مع المدين كما هو شأن المدين التضامن والشريك في الدين غير القابل للانقسام، وإنما هو مدين عنه، ويترتب على ذلك أن الكفيل إذا وفي كان له أن يرجع على المدين بكل ما دفع، وذلك خلافاً للمدين المتضامن فائه عند الرجوع يستنزل حصته في الدين.
هذا إذا كان رجوع الكفيل على المدين أو المدينين سواء كان متضامناً معهم أم غير متضامن.
أما إذا كان رجوع الكفيل الموقف على كفيل آخر، أي على شخص لم يكن هو ملزماً عنه حتى يجوز له أن يرجع عليه بالكل، بل على شخص ملزم معه عن المدين الأصلي، فيقسم الدين بينهما بنسبة ما كفله كل منهما من الدين (المادة 792 فقرة أولي)، ويعتبر الكفيل الشخصي أنه كفل كل الدين ما لم يثبت غير ذلك، ويعتبر الكفيل العيني أنه كفل بمقدار قيمة العين التي كفل بها.
(ج) حائز العقار :
حائز العقار tiers - datenteur هو من انتقلت إليه ملكية عقار مرهون في دين، وهو مخير بين وفاء ذلك الدين أو أن تنزع منه ملكية العقار، فإن وفي الدين حل فيه وفي تأميناته محل الدائن، وجاز له الرجوع به كله على الدين أو على الكفلاء أو على الأموال الأخرى التي كانت مرهونة تأميناً للدين ذاته .
بل إن الحائز يحل محل الدائن في رقته على العقار ذاته الذي أصبح حائزاً له، فيكون له رهن على مال مملوك لنفسه، وتظهر مصلحته في ذلك إذا كان العقار مثقلاً برهون تالية لرهن الدائن الأول الذي وفي الحائز دینه، فإذا باشر الدائنون التالون إجراءات نزع الملكية على هذا العقار استعمل الحائز حقوق الدائن الأول وتقدم بدينه على أولئك الدائنين.
وإذا كان الدين مضموناً بعدة رهونات، وبيعت الأعيان المرهونة كل منها الى حائز، فالحائر الذي وفى الدين جميعه يحل محل الدائن في الرجوع على الحائزين الآخرين الذين انتقلت اليهم ملكية العقارات الأخرى، ولكنه يرجع على كل منهم بنسبة قيمة عقاره الى قيم العقارات الأخري، كما هو الشأن فيما بين الكفلاء العينيين ( المادة 331 مدنی).
(د) الدائن المتأخر :
إذا أراد الدائن الأول نزع ملكية العقار المرهون، فقد يرى دائن آخر أن الوقت غير مناسب لبيع العقار بثمن يفى دین الدائن نازع منه ما يفي دينه هو أيضاً، فمن مصلحته أن يفى حق الملكية ويفيض الدائن الأول كي يحل محله ويتريث في اتخاذ الإجراءات حتى تحين الفرصة المناسبة.
ولا يشترط في الدائن المتأخر أن يكون مرتهناً، لأن مصلحة الدائن المرتهن المتأخر والدائن الشخصي واحدة في هذه الحالة .
(هـ) الأحوال التي وردت بشأنها نصوص خاصة :
وقد أشارت المادة 326 مدني إلى بعض أحوال أخرى من الحلول القانوني وردت عنها نصوص خاصة، كالمادة 158 / 165 تجاری التي تنص على أن من دفع قيمة كمبيالة بطريق التوسط par intervention يحل محل حاملها، فيحوز ما له من الحقوق ويلزم بما عليه من الواجبات فيما يتعلق بالإجراءات اللازم استيفاؤها، وكالمادة 7 من القانون رقم 89 لسنة 1950 بشأن إصابات العمل التي كانت تنص على أن رب العمل يحل، بعد أن يدفع التعويض للعامل، محل العامل في الرجوع على من قد يكون مسئولاً عن الاصابة ذاتها (136 مكرر)، وكالمادة 771 مدني التي تقرر حلول المؤمن قانوناً بما دفعه من تعويض عن الحريق في الدعاوى التي تكون للمؤمن له قبل من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسئولية المؤمن.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس، الصفحة : 760)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 316 ) اذا قام بالوفاء شخص غير المدين ، حل الموفي محل الدائن الذي استوفى حقه في الأحوال الاتية:
(۱) اذا كان الموفي ملزماً بالدين مع المدين أو ملزماً بوفائه عنه .
(ب) اذا كان الموفي دائناً ووفى دائناً آخر مقدماً عليه بما له من تأمين عيني ولو لم يكن للموفي أي تأمين
(ج) اذا كان الموفى قد اشتري عقاراً ودفع ثمنه وفاءً لدائنين خُصص العقار لضمان حقوقهم .
د ) اذا كان هناك نص خاص يقرر للموفي حق الحلول .
وتطابق المادة ۳۷۹ من النقنين العراقي .
و تطابق المادة 394 من التقنين الكويتي •