loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 193

 مذكرة المشروع التمهيدي :

الأصل أن الدائن هو ذو الصفة في استيفاء الدين، وله أن ينيب عنه وكيلاً في ذلك، يكفي فيه التفويض بتوكيل عام، ويتعين على الوكيل في مثل هذه الحالة أن يقيم الدليل على صفته وفقاً للأحكام العامة في الوكالة، على أن المشروع قد جعل من التقدم بمخالصة صادرة من الدائن قرينة كافية في ثبوت صفة استيفاء الدين لمن يحمل تلك المخالصة، مالم تنف دلالة هذه القرينة بالاتفاق على وجوب الوفاء للدائن شخصية، فإذا اتفق على ذلك كان للمدين أن يرفض الوفاء لمن يتقدم له بالمخالصة الصادرة من الدائن حتى يستوثق من ثبوت صفته في استيفاء الدين . 

الأحكام

1ـ مفاد نص المادتين 332 ، 333 من القانون المدنى أن الأصل فى الوفاء حتى يكون مبرئاً لذمة المدين أن يكون للدائن أو لنائبه أما الوفاء لشخص غير هذين فلا تبرئ ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن الوفاء له ، و إذ كان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه ببراءة ذمة المطعون ضده الأول من باقى الثمن على أن وكيل الشركة الطاعنة بموجب العقد تسلم المبلغ المعروض بموجب إنذار العرض المعلن لمركزها فى .... - و دون تحفظ منه - أشير فيه إلى دفعات سداد الثمن للشركة الطاعنة و لورثة المرحومة ... و أن الباقى هو مبلغ ... فإنه يحق للمحكمة أن تعتبر عدم منازعة وكيل الشركة الطاعنة بما أوفى به المطعون ضده الأول لغيرها بمثابة التسليم و الإقرار الضمنى بهذا الوفاء .

(الطعن رقم 1199 لسنة 52 جلسة 1986/11/27 س 37 ع 2 ص 885 ق 183)

2 ـ مفاد نص المادتين 332 ، 333 من القانون المدنى أن الأصل فى الوفاء حتى يكون مبرئاً لذمة المدين أو لنائبه ، أما الوفاء لشخص غير هذين فلا يبرىء ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن الوفاء له أو عادت على الدائن من هذا الوفاة منفعة و بقدر تلك المنفعة أو كان هذا الشخص يحوز الدين و وفى له المدين بحسن نية معتقداً أنه الدائن الحقيقى . و إذا كانت وكاله الزوجة عن زوجها لا تستخلص ضمناً من مجرد قيام رابطة الزوجية ، و كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف لأسبابه و الذى إعتبر الإيداع الحاصل من المطعون عليه الأول لدى المطعون عليها الثانية وفاء لزوجها الطاعن بجزء من الثمن المستحق على المطعون عليه الأول إستناداً إلى ورقة تقدم بها موقعة ببصمة إصبع المطعون عليها الثانية بإستلامها مبلغ خمسمائة جنيهاً أمانة تحت الطلب ، و ما قرره المطعون عليه الأول و آخر كان العقد مودعاً لديه من إعتبار المبلغ المودع لدى المطعون عليها الثانية بموجب تلك الورقة وفاء لزوجها الطاعن ، و دون أن يوضح سبيله إلى إعتبار هذا الإيداع وفاء مبرئاً لذمة المطعون عليه الأول ، فإنه يكون معيباً بالقصور .

(الطعن رقم 1395 لسنة 49 جلسة 1981/01/13 س 32 ع 1 ص 189 ق 38)

3 ـ متى كان المدفوع فى الحساب الجارى ديناً ثابتاً بورقة تجارية حررها العميل لصالح الجهة المفتوح لديها الحساب ، فأن مجرد قيد قيمتها فى الجانب الدائن من الحساب لا يمنع من مطالبته العميل بقيمتها فى ميعاد الإستحقاق ، و ليس له أن يحتج بدخول الورقة فى الحساب الجارى و إندماجها فيه بحيث لا يجوز فصلها عنه و المطالبة بها على إستقلال طالما أنه لم يوف بقيمتها بالفعل إذ من تاريخ هذا الوفاء وحده يعتبر المدفوع قد دخل الحساب الجارى و إندمج فيه بغض النظر عن تاريخ قيده ، إذ يعتبر القيد فى هذه الحالة قيداً مؤقتاً بشرط الوفاء .

(الطعن رقم 346 لسنة 42 جلسة 1976/05/17 س 27 ع 1 ص 1118 ق 214)

شرح خبراء القانون

الوفاء لمن يكون دائناً وقت استيفاء الدين :

الأصل أن يكون الوفاء للدائن كما قدمنا، لأنه هو الذى له حق استيفاء الدين وإبراء ذمة المدين منه، وليس من الضروري أن يكون الدائن هو الذى كان دائناً وقت نشوء الدين، بل المهم أن يكون هو الدائن وقت استيفاء الدين، ذلك أن الدائن قد يتغير فى الفترة ما بين نشوء الدين واستيفائه، كأن يموت الدائن الأصلي فيكون الوفاء لورثته إذ هم الدائنون وقت الاستيفاء، أو يحول الدائن الأصلي حقه إلى محال له فيكون الوفاء لهذا الأخير إذ هو الدائن وقت الاستيفاء، فالوفاء إذن يكون للدائن أو خلفه، عاماً كان هذا الخلف كالورثة، أو خاصاً كالمحال له.

 أهلية الدائن لاستيفاء الدين :

ويجب، حتى يكون الوفاء للدائن صحيحاً مبرئاً للذمة، أن يكون الدائن أهلاً لاستيفاء الدين، فإذا كان قاصراً أو محجوراً، لم يجز الوفاء إلا لنائبه، أما الوفاء له شخصياً فلا يكون صحيحاً كما قدمنا، ومع ذلك ينقلب هذا الوفاء صحيحاً إذا أصبح الدائن أهلاً للاستيفاء، بأن بلغ سن الرشد أو رفع عنه الحجر، وأجاز الوفاء عند صيرورته أهلاً، وكذلك إذا أصاب الدائن الذى لا يزال غير أهل للاستيفاء منفعة من الوفاء، فإن الوفاء يكون صحيحاً بقدر هذه المنفعة.

والموفي هو المكلف بإثبات أن الوفاء عاد بمنفعة على الدائن غير الأهل للاستيفاء، ويستطيع أن يثبت ذلك بجميع الطرق، لأن حصول المنفعة واقعة مادية، ويكفي في ذلك أن يثبت قد أنفق ما أخذه فى الشؤون المعتادة، كأن قام بإصلاحات ضرورية أن نافعة فى عقار يملكه، كما يكفي أن يثبت أن الدائن قد استغل ما أخذه استغلالاً نافعاً، كان اشترى عيناً، فتبرأ ذمة المدين بقدر قيمة هذه العين إذا كانت هذه القيمة أقل مما استوفاه الدائن، أو تبرأ ذمته من الدين كله إذا كانت قيمة العين مساوية للدين المستوفي أو أكثر، وليس من الضروري أن يبقى النفع الذي عاد على الدائن قائماً، ما دام النفع قد حصل فعلاً للدائن، فإذا هلكت العين التى اشتراها أو تهدمت الإصلاحات التى أجراها، وكان ذلك لا يرجع إلى سوء تدبير منه، فإن ذمة المدين تبرأ بقدر المنفعة بالرغم من زوالها  بعد  ذلك.

فإذا لم يعد الوفاء ينفع على الدائن، بأن أضاع ما أخذ أو بدده أو صرفه فى غير ما يفيد، فإن هذا الوفاء لا يبرئ ذمة المدين، لأن الوفاء وقد حصل لناقص الأهلية يكون قابلاً للإبطال، فإذا أبطل، اعتبر الوفاء كأن لم يكن وبقى الدين فى ذمة المدين، وليس هناك نفع عاد من الوفاء على ناقص الأهلية حتى يرجع الموفى به عليه.

وللموفي، إذا لم يستطع إثبات أن الوفاء قد عاد بالنفع على الدائن ناقص الأهلية، وكان الشيء الذى دفعه لا يزال قائماً فى يد الدائن، أن يطالب ولى الدائن بإجازة الوفاء أو برد ما دفعه للدائن.

الوفاء للولي أو الوصي أو القيم أو الوكيل عن الغائب :

فإذا كان الدائن قاصراً أو محجوراً، فقد قدمنا أن الوفاء له شخصياً لا يكون صحيحاً ولا يبرئ ذمة المدين، وإنما يكون الوفاء فى هذه الحالة لنائب الدائن، وهو هنا الولي أو الوصي للقاصر، والقيم للمحجور عليه لجنون أو عته أو غفلة أو سفه، والوكيل للغائب المفقود .

الوفاء لأى من هؤلاء يعتبر وفاءً صحيحاً مبرئاً للذمة، لأن ولايتهم على ناقص الأهلية تشمل فيما تشمل قبض الحقوق، والقبض يعتبر من أعمال الإدارة فليس فى حاجة إلى إذن من المحكمة.

كذلك يجوز لأي من هؤلاء، إذا لم يحصل الوفاء له مباشرة، أن يجيز الوفاء الصادر من الموفي، كما لو وفى المدين الدين لناقص الأهلية نفسه ثم يجيز النائب الوفاء على النحو الذى بسطناه فيما تقدم.

الوفاء للشريك وللحارس القضائي :

والسنديك يعتبر نائباً عن المفلس، فله الصفة في بعض حقوق المفلس فى ذمة الغير.

وكذلك الحارس القضائي، بما له من حق فى إدارة الأموال الموضوعة تحت حراسته، له صفة فى قبض حقوق الموضوع تحت الحراسة فى ذمة الغير.

الوفاء لدائن الدائن عند استعمال الدعوى غير المباشرة :

ويجوز لدائن الدائن أن يستعمل حقوق الدائن عن طريق الدعوى غير المباشرة، ويكون فى هذه الحالة نائباً عن الدائن نيابة قانونية (م 236 مدني)، ويحق له بحكم هذه النيابة أن يقبض ما للدائن فى ذمة المدين، على أن ما يقبضه لا يختص به وحده، بل يتقاسمه مع سائر دائني الدائن قسمة غرماء، وفقاً لقواعد الدعوى غير المباشرة .

الوفاء للمحضر :

والمحضر الموكول إليه تنفيذ حكم أو سند رسمي يعتبر نائباً عن الدائن فى قبض الدين الذى ينفذ به، فما دام قد وكل صراحة فى مباشرة إجراءات التنفيذ للحصول على هذا الدين، فقد وكل توكيلاً ضمنياً فى قبض هذا الدين نيابة عن الدائن، فإن التنفيذ الجبري يقتضى قيام الصفة فى قبض الدين .

الوفاء لحساب جار باسم الدائن فى مصرف :

ويجوز للموفي أن يوفي الدين بدفعه لحساب الدائن فى مصرف يكون له فيه حساب جار، ويخطره بالإيداع، على أن يتحمل الموفي تبعه الخطأ إذا هو أودع المبلغ خطأ فى حساب جار لغير الدائن.

الوفاء لوكيل الدائن :

ويجوز الوفاء لوكيل الدائن، ويكون عادة وكيلاً في قبض الدين، فيكون قبضاً صحيحاً ومبرئاً لذمة المدين، وقد تكون الوكالة عامة بالإدارة، فتتضمن قبض الديون، وقد تكون الوكالة خاصة ببيع أو إيجار، فلا تتضمن حتماً وكالة بقبض الثمن أو بقبض الأجرة، ولكنها تتضمن عادة، وتبعاً للظروف، وكالة فى قبض المعجل من الثمن أو المعجل من الأجرة وعلى الموفي أن يتثبت من صحة الوكالة، فإذا دفع لغير وكيل، أو لوكيل انتهت وكالته وكان ينبغى أن يعلم بانتهاء الوكالة، فإن الوفاء لا يكون صحيحاً ولا يبرئ ذمة المدين، وللموفي أن يطلب من و كيل الدائن أن يبرز السند الذى يثبت هذه الوكالة، وقد جاء فى المادة 332 مدني، كما رأينا، أنه " يعتبر ذا صفة في استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن، غلا إذا كان متفقاً على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً "فوجود مخالصة بالدين صادرة من الدائن فى يد وكيل الدائن قرينة على قيام الوكالة، وذلك ما لم يكن متفقاً بين الدائن والمدين على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً، فللمدين فى هذه الحالة ألا يفى بالدين إلا للدائن، ولكنه إذا وفى لمن بيده المخالصة كان الوفاء صحيحاً مبرئاً للذمة.

هذا وللدائن أن يعزل الوكيل بالقبض عن الوكالة بشرط أن يخطر المدين بذلك، فلا يكون الوفاء للوكيل المعزول صحيحاً طبقاً للقواعد المقررة فى الوكالة، ولكن يجوز أن تكون الوكالة بالقبض متفقاً عليها بين المدين والدائن فى العقد المنشئ للدين، فلا يجوز عزل الوكيل فى هذه الحالة إلا باتفاق جديد بين المدين والدائن، ما لم يثبت الدائن ألا مصلحة للمدين فى الوكالة فعند ذلك يجوز له عزله وحده وإلزام المدين أن يوفى الدين له هو شخصياً أو لوكيل غير الوكيل الأول، وقد يكون الوكيل المعين بالاتفاق بين المدين والدائن له هو نفسه مصلحة فى الوكالة، كأن يكون دائناً للدائن ويرمى من وراء قبض الدين أن يستوفى حقه ، فعند ذلك لا يجوز عزله ولو باتفاق بين المدين والدائن.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث – المجلد الثاني الصفحة/ 836)

حتى تبرأ ذمة الدين، يجب أن يرقى الدين للدائن شخصياً، والعبرة بمن يكون دائناً وقت استيفاء الدين ولو لم يكن دائناً وقت نشوء الدين، فالمحال له يكون هو الدائن الذي لا تبرأ ذمة الدين إلا بالوفاء له دون المحيل، وكذلك من حل قانوناً أو اتفاقاً محل الدائن والوارث في حالة وفاة المورث، فهؤلاء هم الدائنون وقت الاستيفاء، ولا يكون الوفاء صحيحا إلا إذا توافرت في الدائن أهلية التصرف في الدين وله وحده التمسك به دون المدين أو دائن أخر للمدين وينوب عنه وليه أو وصية في طلب البطلان وإلزام الدائن بالوفاء مرة أخرى، ولا تبرأ ذمة الدين في هذه الحالة إلا في حدود ما يعود على الدائن ناقص الأهلية من منفعة من هذا الوفاء، ويتحمل المدين عبء إثبات هذه المنفعة، كأن يكون الدائن قد تزوج بالمبلغ الذي استوفاه أو اشترى عقاراً أو استعمله في تجارة عادت عليه بمنفعة حقيقية، وللدائن أن يجيز الوفاء بعد أن يصبح أهلاً للتصرف في الدين فيصح الوفاء بهذه الإجازة، فان كان محل الوفاء لم يزل قائماً، كان للمدين أن يطلب من نائب ناقص الأهلية إجازة الوفاء أو رد ما تم الوفاء به.

ويجب كذلك لصحة الوفاء، ألا يكون دائن الدائن قد أوقع حجزاً تحت يد الدين على ما هو مستحق لديه لمدينه، فإن وفى المدين في هذه الحالة كان وفائه غير مبري لذمته وجاز للحاجز إلزامه بالوفاء له مرة أخرى، وإذا رجع دائن الدائن بالدعوى غير المباشرة تعين أن يكون الوفاء له م 236.

وكما يجوز الوفاء للدائن شخصياً، يجوز الوفاء لنائبه کالولي والوصي والقيم والوكيل عن الغائب وذلك دون حاجة لإذن المحكمة باعتبار أن قبض الحقوق من أعمال الإدارة فلا يلزم لها إذن المحكمة، وللسنديك قبض حقوق المفلس وللحارس القضائي قبض حقوق الموضوع تحت الحراسة، وإذا وكل محضر في تنفيذ حكم أو سند رسمي مذيل بالصيغة التنفيذية أو سلم سنداً إذنياً أو كمبيالة العمل بروتستو، تتضمن ذلك توكيلاً للمحضر في قبض الدين الوارد بهذه الأوراق، ويكون الوفاء له مبرئ الذمة المدين، وقد يودع الدين قيمة الدين بالحساب الجاري للدائن بأحد البنوك، فيعد ذلك وفاء مبرئاً لذمة المدين بشرط أن يكون الإيداع قد تم بهذا الحساب ويتحمل المدين خطأ البنك إن لم يودع أو أودع بحساب شخص آخر غير الدائن، وللوكيل قبض الدين، فإن كانت وكالته عامة كان له قبض الديون باعتبار ذلك من أعمال الإدارة، أما إن كانت وكالته خاصة ببيع أو إیجار، فلا تنصرف إلى قبض الثمن أو الأجرة - ويرى البعض إنصرافها إلى قبض المقدم تبعاً لظروف التعاقد - ويجب على الموفي أن يطلع على سند الوكالة للوقوف على ما إذا كانت تجيز القبض أم لا، ويكفي وجود مخالصة صادرة من الدائن كدليل على الوكالة، ويعد البواب وكيلاً في قبض الأجرة عند تقديمه إيصال الأجرة، فإن أنهى المالك خدمة البواب دون إخطار للسكان، ظل البواب وكيلاً ظاهراً يكون الوفاء له بموجب إيصال منسوب للمالك مبرئاً للذمة أنظر في الوكالة الظاهرة مادة 713، ويلتزم الوكيل بتقديم كشف حساب للموكل.

فان اشترط الدائن أن يكون الوفاء له شخصياً تعين التزام الدين بذلك ومع ذلك يكون الوفاء صحيحاً إذ تقدم الوكيل بمخالصة صادرة من الدائن وإسر المدين من هذه الوكالة. ولا يشترط في الوكيل أن يكون أهلاً للقبض إذ يکفي يكون الدائن أهلاً لذلك.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس الصفحة/ 373)

الموفي له:

 يكون الوفاء للدائن أو لنائبه 

الأصل أن الدائن هو ذو الصفة في استيفاء الدين، غير أن هذه الصفة تثبت أيضاً لمن ينوب عن الدائن نيابة اتفاقية كالوكيل، أو نيابة قانونية كالوصي والقيم أو نيابة قضائية كالحارس وأمين التفليسة.

ولمن يخلفه خلافة عامة كالوارث أو خلافة خاصة كالمحال له، كما تثبت هذه الصفة كذلك لدائن الدائن إذا أوقع حجز ما للمدين لدى الغير واستصدر حكماً بصحة معارضته في الوفاء للدائن، ففي كل هذه الصور يكون الوفاء صحيحاً، إذ العبرة بتوافر صفة الدائن وقت استيفاء الدين .

ويكفي للوكالة الوكالة العامة، باعتبار قبض الحقوق من أعمال الإدارة.

وإذا وكل محضر في تنفيذ حكم أو سند رسمي مذيل بالصيغة التنفيذية أو سلم سنداً إذنياً أو كمبيالة لعمل بروتستو، تضمن ذلك توكيلاً للمحضر في قبض الدين الوارد بهذه الأوراق.

ويجوز للموفي أن يوفي الدين بدفعه لحساب الدائن في مصرف يكون له فيه حساب جار، ويخطره بالإيداع، على أن يتحمل الموفي تبعة الخطأ في حساب جار لغير الدائن.

وقد تكون الوكالة خاصة ببيع أو إيجار، فلا تتضمن حتماً وكالة بقبض الثمن أو بقبض الأجرة، ولكنها تتضمن عادة وتبعاً للظروف وكالة في قبض المعجل من الثمن أو المعجل من الأجرة.

وجعل المشرع في المادة 332 من التقدم بمخالصة صادرة من الدائن قرينة على قيام توكيل لحامل المخالصة في الاستيفاء، فيكون له أن يطالب المدين بالوفاء، ويكون الوفاء إليه وفاء صحيحاً يترتب عليه انقضاء الالتزام، مثل ذلك وفاء المستأجر بالأجرة إلى بواب المنزل الذي يعهد إليه المالك بالمخالصات.

على أنه يستثنى من ذلك حالة ما إذا كان قد اتفق بين الدائن والمدين على أن يكون الوفاء للدائن شخصياً، فيكون للمدين في هذه الحالة أن يرفض الوفاء لمن يتقدم له بالمخالصة الصادرة من الدائن حتى يستوثق من ثبوت صفته في استيفاء الدين.

ويقع على الموفي وجوب التحقق من وجود الوكالة، وله أن يطلب إلى الوكيل أن يقدم ما يثبت صفته، ويكون هذا عادة بإبراز سند التوكيل.

يشترط لصحة الوفاء أن تتوافر لدى الدائن أهلية استيفاء الدين.

فإذا كان ناقص الأهلية، وقع الوفاء قابلاً للإبطال لمصلحته، فلا يبرئ ذمة المدين إلا إذا أجازه الدائن بعد أن يصبح أهلاً لاستيفاء الدين، ومع ذلك إذا أصاب الدائن منفعة منه، كان الوفاء صحيحاً، أو في عبارة دقيقة مبرئاً لذمة المدين بقدر هذه المنفعة تطبيقاً لمبادئ الإثراء بلا سبب، وقد كانت المادة 468 من المشروع التمهيدي تتضمن هذه الحلول، ولكنها حذفت في لجنة المراجعة لأنها حكم تفصيلي يكفي فيه تطبيق القواعد العامة .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الرابع الصفحة/338)

أن يكون الوفاء للدائن أو لنائبه، ويعتبر ذا صفة في استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن، إلا إذا كان متفقاً على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً »

الأصل أن يكون الوفاء للدائن، والمقصود بالدائن ليس الدائن الذي ثبت له الحق منذ نشوئه ، بل من يكون دائناً وقت الوفاء، فإذا أحال الدائن الأصلي حقه إلى آخر، فإن المحال إليه يكون هو الدائن الذي يجب أن يحصل له الوفاء، واذا انتقل الحق بطريق الميراث أو الوصية فيجب أن يحمل الوفاء الى الوارث أو الموصى له. 

ويجوز الوفاء لنائب الدائن سواء أكانت نيابته اتفاقية أم قانونية، و إنما يجب على المدين في هذه الحالة أن يستوثق من صفة النائب ومن حدود نیابته في أي من ثبوت ولاية القبض له بالنيابة عن الأصيل، وتطبيقاً لذلك يصح الوفاء للدائن بشيك يسلم الى آخر لتوصيله إليه متى ثبت صرف الدائن قيمة الشيك المذكور (نقض مدني 5 ابريل  1962 مجموعة أحكام النتف 13 414 - 61

وكما لا يجوز الوفاء للدائن في حالة حجز الدين، كذلك لا يجوز الوفاء لنائبه في هذه الحالة، ولا يشترط في الوكيل أن يكون أهلاً للقبض متى كان الموكل متصفاً بهذه الأهلية، ويجوز الوفاء لدائن الدائن الذي يستعمل حقوق مدينه بطريق الدعوى غير المباشرة، على أن يتقاسم دائن الدائن الذي يحصل له الوفاء ما يحصله من طريق الدعوى غير المباشرة مع سائر دائني مدینه قسمة غرماء.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/  693)