مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 200
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تتناول المادتان 470 و 471 بيان الأحكام المتعلقة بإعذار الدائن وما يترتب عليه من آثار، وتكفي الكتابة أياً كانت صورتها في هذا الإعذار، كما هو الشأن في إعذار المدين، ويسجل الإعذار على الدائن رفض الوفاء المعروض عليه عرضة صحيحة دون مبرر، أو امتناعه عن القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها (كامتناع المشتري عن التصديق على امضائه لإجراء تسجيل عقد البيع) أو تصريحه بأنه لا يقبل الوفاء
2 - ويترتب على إعذار الدائن الآثار القانونية الآتية : (أ) انتقال التبعة من المدين (كما هو الشأن في تحمل البائع تبعة المبيع قبل التسليم) إلى الدائن . (ب) وقف سريان الفوائد إذا كان الدين يغل قائدة (ج) تحویل المدين حتى اتخاذ إجراءات العرض الحقيقي، واتباع هذا العرض بالإيداع على نفقة الدائن، وحق المطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر من جراء ذلك.
1 ـ المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن العرض الحقيقى الذى يتبعه الإيداع هو الوسيلة القانونية لإبراء ذمة المدين و من ثم يتعين أن تتوافر فيه الشروط المقررة فى الوفاء المبرئ للذمة و منها أن يتم العرض على صاحب الصفة فى أستيفاء الحق ، لما كان ذلك و كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهم عرضواً بتاريخ 1985/7/24 - مبلغ 250 جنيه على محامى الطاعنين كما عرضواً بتاريخ 1987/11/15 مبلغ 1170 جنيه إلا أنه رفض استلام المبلغين على سند من أنه غير مفوض من الطاعنين فى قبض المبلغ المعروض ، و إذا كان قبول العرض يعتبر من التصرفات القانونية التى لا يجوز مباشرتها إلا إذا كان مفوضاً فيها فى عقد الوكالة و كان الثابت من سند وكالة محامى الطاعن الأول أنه خلا من تفوض فى قبول العرض كما خلت الأوراق من ثمة ما يفيد وكالته أصلا عن باقى الطاعنين فإن هذا العرض يكون قد تم على غير ذى صفة فى استيفاء الحق و من ثم فإن الإيداع الحاصل من المطعون عليهم لا يعتبر وفاء مبرئاً للذمة و لا يرتب أثراً ، و إذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و اعتد بالإيداع المبنى على إجراءات عرض غير قانونية فإنه يكون أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 1804 لسنة 58 جلسة 1990/05/27 س 41 ع 2 ص 202 ق 207)
2 ـ قيام المشترى بايداع باقى الثمن على ذمة البائعين جميعا فى صفقة غير مجزأة مؤداه براءة ذمته من الثمن طالما ان الايداع لم يكن فى ذاته محل اعتراض و لكل من البائعين ان يستأدى حصته من الثمن المودع وفق الإجراءات المقررة قانوناً .
(الطعن رقم 705 لسنة 50 جلسة 1983/11/24 س 34 ع 2 ص 1692 ق 331)
3 ـ الأصل أن الوفاء لغير الدائن أو نائبه لا يكون نافذاً فى حق الدائن و لا ينقضى به الدين أو تبرأ به ذمة المدين ما لم ينص القانون على غير ذلك ، و لما كان البين من نص البند الخامس من عقد البيع موضوع الدعوى إنه بناء على عقد القسمة المبرم بين المورثين البائعين بتاريخ 1962/2/14 إلتزم المشترى بالوفاء بالثمن الكامل إلى البائع . ......... . و كان الثابت من مدونات الحكم أن المطعون ضده الثانى أودع باقى الثمن على ذمة ورثة البائعين جميعاً و إن ذلك ما كان محل إعتراض ورثه . ................. . بإعتبارهم أصحاب الحق وحدهم . فى إقتضاء باقى الثمن طبقاً لإتفاق المتبايعين ، و هو ما لا تبرأ به ذمة المدين من كامل المبلغ المعروض ، و كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و أقام قضاءه على ما ذهب إليه من القول بأن " البائعين كانا متضامنين فى إلتزامهما قبل المشترى بإعتبار أن كل منهما يملك نصف العقار المبيع و أنه لا عبره بعقد القسمة غير المسجل إلا بين المتعاقدين " فإنه يكون قد خالف إتفاق الطرفين و بذلك خالف القانون" .
(الطعن رقم 844 لسنة 53 جلسة 1989/04/18 س 40 ع 2 ص 121 ق 180)
4 ـ إذا لم يعين الإتفاق أو القانون نصيب كل من الدائنين أو المدينين المتعددين لم يبق إلا أن ينقسم الإلتزام عليهم بحسب الرءوس أو بأنصبة متساوية و إذ خلا العقد - موضوع الدعوى - من تحديد نصيب كل من البائعين فى ثمن ما باعاه معا صفقة واحدة غير مجزأة ، فإنه يكون لكل بائع نصف ثمن المبيع .
(الطعن رقم 138 لسنة 37 جلسة 1972/03/09 س 23 ع 1 ص 364 ق 57)
5 ـ النص فى الفقرة الأولى من المادة 487 من قانون المرافعات على أن " يحصل العرض الحقيقى بإعلان الدائن على يد محضر و يشتمل محضر العرض على بيان الشئ المعروض و شرط العرض و قبول المعروض أو رفضه " يدل على أن كل ما إشترطه المشرع لحصول العرض أن يتم بإعلان الدائن به على يد محضر و إذ لم يضع المشرع قواعد خاصة لإعلان الأوراق المتضمنة عرضاً بالوفاء فإنه يستوى فى شأنها القواعد العامة فى إعلان الأوراق بمعرفة المحضرين و منها ما تنص عليه المادة العاشرة من ذات القانون على أن " تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو موطنه . ......... . و إذ لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل فى خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج و الأقارب و الأصهار " . .... . و من ثم فإن العرض الحقيقى يكون صحيحاً إذا تم إعلانه وفقاً لما تقدم حتى لو كان المخاطب معه شخصاً آخر غير الدائن أو كان غير مفوض فى إستلام الدين فإذا رفض العرض - و أياً كان سبب رفضه - و كان المعروض نقوداً قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة فى اليوم التالى لتاريخ المحضر على الأكثر طبقاً لما أوردته المادة 488 من القانون المشار إليه - و لا يؤثر فى صحة العرض و الإيداع خصم رسم الإيداع من المبلغ المعروض طالما أن رفض العرض لم يكن هناك ما يسوغه .
(الطعن رقم 437 لسنة 57 جلسة 1989/06/11 س 40 ع 2 ص 566 ق 255)
ويتبين من هذا النص أن النتائج التى يرتبها القانون على إعذار المدين للدائن هى ما يأتى :
أولاً - يتحمل الدائن تبعة هلاك الشىء أو تلفه، وذلك فيما إذا كان الهلاك أو التلف مما يحمل المدين تبعته قبل إعذار الشىء، مثل ذلك أن يعرض البائع تسليم المبيع على المشترى عرضاً صحيحاً تتافر فيه الشروط التى قدمناها، فيأبى المشترى تسلم المبيع دون مبرر، عند ذلك يسجل البائع رفض المشتري لتسلم المبيع عن طريق إعلان رسمي على يد محضر ،ومنذ وصول هذا الإعلان للمشترى يصبح هو الذى يتحمل تبعة هلاك المبيع أو تلفه، وكان الذي يتحمل هذه التبعة قبل الإعلان هو البائع لا المشتري ،وقد نصت المادة 437 مدني على هذا الحكم صراحة، فقضت بأنه " إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لايد للبائع فيه، انفسخ البيع واسترد المشترى الثمن، إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشتري لتسلم المبيع " .
ثانياً - يقف سريان الفوائد فيما إذا كان الدين نقوداً تنتج فوائد، سواء كانت هذه الفوائد اتفاقية أو قانونية، ولا حاجة ، فى وقف سريان الفوائد، للعرض الحقيقى والإيداع، بل يكفى إعذار الدائن على الوجه المتقدم الذكر، ووجه هذا الحكم ظاهر، إذ المفروض أن الدائن يرفض استيفاء الدين دون مبرر، والمدين يعرض الوفاء حتى يتخلص من الدين وفوائده، فالدائن هو المتعنت ويكون من العدل وقف سريان الفوائد .
ثالثاً - جواز عرض المدين للدين على الدائن عرضاً حقيقياً وإيداعه إياه بعد ذلك على نفقة الدائن، ونص المادة 335 من التقنين المدني يقول فى هذا الصدد : " وأصبح للمدين الحق فى إيداع الشيء على نفقة الدائن"، فلا يتكلم عن العرض الحقيقي، وكأن التقنين المدني قد استعاض عن العرض الحقيقى بالإعذار، ولكن تقنين المرافعات نص فى المادة 786 على أن " للمدين إذا أراد تبرئة ذمته مما هو مقربه، نقداً كان أو غيره، أن يعرضه فعلياً على دائنه على يد محضر" وهذا هو العرض الحقيقي الذي لابد أن يسبق الإيداع، ثم إن التقنين المدني نفسه يشير إشارة عارضة على العرض الحقيقى والإيداع، ويحيل فى الإيداع على تقنين المرافعات، فيقول فى المادة 339 : " يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء إذا تلاه إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات . . . " وكذلك تشير المادة 340 فى فقرتيها إلى العرض.
من أجل ذلك نرى –للتوفيق بين التقنين المدني وتقنين المرافعات - أن تجعل مرحلة إعذار الدائن سابقة على مرحلة العرض الحقيقي، دون أن تغني عنها .
ولكننا نرى، من جهة أخرى، أن المدين يستطيع أن يستغني عن مرحلة الإعذار، وأن يقوم مباشرة بالعرض الحقيقي وفقاً للقواعد المقررة فى تقنين المرافعات، غير أن النتائج التى كانت تترتب على الإعذار والتى بسطناها فيما تقدم، تتأخر فى هذه الحالة إلى حين العرض الحقيقى .
على أن الإعذار ، إلى جانب أنه يعجل بالنتائج التى تترتب عليه، يكون دليلاً قاطعاً على أن الدائن قد رفض استيفاء الدين، فتكون نفقات العرض الحقيقي ثم نفقات الإيداع فى هذه الحالة على الدائن، كما تقول المادة 335 مدنى فيما قدمناه .
رابعاً - مطالبة المدين للدائن بتعويض عن الضرر الذى أصابه من جراء امتناع الدائن دون مبرر عن استيفاء الدين، فإلى جانب تحمل الدائن تبعة هلاك الشيء، وإلى جانب وقف سريان الفوائد وتحميل الدائن نفقات العرض الحقيقي والإيداع، قد يصيب المدين ضرر آخر، كأن يكون محل الدين عيناً معينة بالذات، ويمتنع الدائن دون مبرر عن تسلمها فتبقى شاغلة للمكان الذى هى فيه مدة طويلة . فيكون للمدين فى هذه الحالة أن يطالب الدائن بتعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء ذلك، ويتمثل هذا التعويض عادة فى أجرة هذا المكان طول المدة التى شغلته فيها العين دون مبرر.( الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث – المجلد الثاني الصفحة/ 863)
متی حل أجل الدين، قام المدين يعرضه عرضاً فعلياً صحيحاً على الدائن بالطريق الودي بأن يشتمل العرض الدين بملحقاته وفي الأجل المحدد وبمكان الوفاء على أن تتوفر لدى الدائن أهلية استيفاء الدين ولدى المدين أهلية الوفاء على نحو ما أوضحناه بالمادة 334، ولا يلزم أن يتم العرض الفعلي على يد محضري فيكفي أن يقوم به المدين فإذا ما رفض الدائن الوفاء بدون مبرر أو كان متعسفاً في رفضه كما لو تأخر المشتري قليلاً عن الوفاء بباقي الثمن فاتخذ البائع من ذلك ذريعة لطلب الفسخ، تعين على المدين أن يسجل عليه هذا الرفض بوجه رسمي بإعلان على يد محضر، وبهذا الإعلان يكون الدائن قد أعذر ويكون للمدين عرض الدين عرضاً حقيقياً ثم إيداعه كاملاً على نفقة الدائن متى استوفی العرض والإيداع شروط صحته، ولا تستنزل من الدين مصاريف العرض والإيداع، بل يودع كاملاً وعند الحكم بصحته تخصم بين الدين.
تحمل تبعة الهلاك ووقف سريان الفوائد :
ويترتب على الأعذار، أن يتحمل الدائن تبعة هلاك الشيء أو تلفه إذا كانت هذه التعبة على المدين قبل الأعذار كالحالة التي نصت عليها المادة 437 من القانون المدني، وتقف سريان الفوائد سواء كانت قانونية أو اتفاقية بشرط أن يكون أجل الدين قد حل، ويكون للمدين عرض الدين وإيداعه على نفقة الدائن، خلافاً لما إذا قام المدين بالعرض دون إعذار، إذ في هذه الحالة إذا قبل الدائن العرض، فإن المدين هو الذي يتحمل مصاريفه، ويكون للمدين مطالبة الدائن بتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب امتناع الدائن عن قبول الوفاء، كامتناع المشتري عن تسلم المبيع المعين بالذات فيظل شاغلاً لمستودع البائع بعد البيع، فيكون للأخير الرجوع على المشتري بتعويض قد يقدر بأجرة المثل للمستودع. ويكون للمدین اتخاذ إجراءات العرض الحقيقي والإيداع.
وإذا عرض المدين محل الوفاء عرضاً حقيقياً على الدائن، ولرفض الأخير له، قام بإيداعه فإن العرض يقوم مقام الأعذار وتترتب عليه كافة الآثار السابقة والمترتبة على الأعذار.
الصفة في قبول العرض :
المقرر أن الوفاء بالالتزام لا يبرئ ذمة المدين إلا إذا تم الشخص الدائن أو لنائبه المفوض في قبول هذا الوفاء، وفقاً للمادة 333 من القانون المدني، ولما كان العرض والإيداع يقومان مقام الوفاء، وبالتالي يجب أن يتم العرض على الدائن شخصياً أو علی وکیل له مفوض في استيفاء الدين، يستوي أن يكون العرض عن طريق المحضر أو أمام المحكمة، وبالتالي إذا توجه المحضر إلى موطن الدائن، فلم يجده، فلا يجوز له عرض الدين على أي ممن يجوز تسلیمه ورقة الإعلان إلا إذا كان وكيلاً عن الدائن بموجب سند يجيز له قبول العرض، فإن لم يجد المحضر الدائن أو وكيل مفوض في قبول العرض، امتنع عليه عرض الدين على أي من المقيمين مع الدائن، ووجب عليه إيداعه خزينة المحكمة، فیما یلي فإن قام المحضر بعرض الدين على غير الدائن أو نائبه، فقبل العرض وتسلم الدين، فلا يترتب على ذلك براءة ذمة المديں إلا إذا أقر الدائن هذا الوفاء، وذلك عملاً بالمادة 333 من القانون المدني، وقد يكون الإقرار صريحاً أو ضمنياً.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس الصفحة/ 285)
يترتب علي إعذار الدائن طبقاً لأحكام المادة السابقة ترتب الآثار الآتية:
1- انتقال تبعة هلاك الشئ أو تلفه من المدين إلى الدائن.
كما لو أعذر البائع المشترى لتسلم المبيع وامتنع الأخير عن استلامه بشرط ألا يكون هناك أجل للتسليم مشروطاً لمصلحة المشتري تحمل تبعة هلاك الشئ بقوة قاهرة، أي يلتزم بدفع الثمن.
2- وقف سريان الفوائد القانونية أو الاتفاقية.
3- تخويل المدين حق اتخاذ إجراءات العرض الحقيقي، واتباع هذا العرض بإيداع الشيء على نفقة الدائن، وحق المطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر .
تضمن التقنين المدني طائفة من النصوص في خصوص العرض الحقيقي والإيداع وأحال في بقية المسائل على تقنين المرافعات ولكن تقنين المرافعات لم تتسق نصوصه مع نصوص التقنين المدني، ويبدو لأول وهلة أن هناك شيئاً من التنافر بين هاتين الطائفتين من النصوص فلا بد إذن من التوفيق بينهما.
المرحلة الأولى : العرض الحقيقى:تكفل قانون المرافعات برسم إجراءات العرض الحقيقي على الوجه الآتي:
أ - يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه (م 487 / 1 مرافعات) .
ولم يضع المشرع قواعد خاصة لإعلان الأوراق المتضمنة عرضاً بالوفاء ومن ثم فإنه يسري في شأنها القواعد العامة في إعلان الأوراق بمعرفة المحضرين ومنها ما تنص عليه المادة العاشرة من ذات القانون.
ومن ثم إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أنه يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار، فإذا رفض قبول المبلغ المعروض كان على المحضر إيداع المبلغ خزانة المحكمة ولا يشترط أن يكون المخاطب معه مفوضاً من الدائن في استلام الدين.
المرحلة الثانية: الإيداع:نظم إجراءات الإيداع التقنين المدني.
ونورد فيما يلى إجراءات الإيداع إذا كان المعروض مبلغاً من النقود وهي كالآتي:
1- إذا كان المعروض مبلغاً من النقود، ورفض الدائن العرض، قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة في اليوم التالي لتاريخ المحضر على الأكثر، وعلى المحضر أن يعلن الدائن بصورة من محضر الإيداع خلال ثلاثة أيام من تاريخه ( 488 / 1 مرافعات).
وقد ألقى المشرع في القانون الجديد عبء إعلان الدائن بصورة محضر الإيداع على المحضر بعد أن كان ذلك على عاتق المدين العارض في القانون القديم.
وإذا خالف المحضر الميعاد الذي حددته المادة لإيداع المبلغ المعروض خزانة المحكمة أو خالف الميعاد الذي حلته الإعلان الدائن بصورة من محضر الإيداع فلا يترتب على ذلك البطلان إلا أنه يعرض المحضر للمساءلة الإدارية.
والإيداع الحاصل على ذمة أحد دائني المدين لا يخرج به المبلغ المودع عن ملكية المودع إلا بقبول الدائن له، أما قبل أن يقبله فيستطيع المدين أن يوجه المبلغ الذي أودعه إلى أية وجهة أخرى.
والعبرة فيما إذا كان الإيداع قد تم مع التخصيص بمحضر الإيداع لا بمحضر العرض.
وإذا حصل العرض حال المرافعة أمام المحكمة في حضور من وجه إليه العرض، فرفض هذا العرض سلمت النقود لكاتب الجلسة لإيداعها خزانة المحكمة، ويثبت في محضر الإيداع ما أثبت بمحضر الجلسة خاصاً بالعرض ورفضه، ولا يحتاج هذا إلى إعلان للدائن.
ويلاحظ أنه في كافة الحالات، يشترط لصحة الإيداع أن يكون رفض العرض دون مبرر
إذا تخلفت الشروط الشكلية للعرض والإيداع كان العرض باطلاً وفقاً لقانون المرافعات أما إذا تخلفت الشروط الموضوعية المنصوص عليها في القانون المدني فإنه يترتب على ذلك عدم الاعتداد به کوفاء مبرئ للذمة.
لدفع بعدم صحة إجراءات العرض والإيداع مقرر لمصلحة الدائن:
الدفع بعدم صحة إجراءات العرض والإيداع مقرر لمصلحة الدائن وحده، فلا يجوز لغيره التمسك به يجب ألا يكون العرض أو الإيداع مقترناً بأي شرط مفسد له ومخالفاً لطبيعته ومرماه ما لم تكن طبيعة الالتزام تقتضي ذلك، فلا يجوز ورود قيد أو شرط لا يحل للمدين فرضه.
فيجوز للمدين أن يقرن العرض بحفظ كل حقوقه ضد الدائن أو بشروط لا تضر بمصلحة الدائن، ولا تتنافى مع العرض باعتباره وفاء لما التزم به المدين، كما إذا قام المدين بتنفيذ الحكم الصادر عليه والمشمول بالنفاذ وتمسك بحقه في الطعن على الحكم، ذلك لأن الحكم متى كان قابلاً للتنفيذ فإنه يفرض علی المدين، وخير له أن ينفذه مختاراً بغير مصاريف، على أن يتحفظ بحق الطعن كذلك يقبل الشروط التي تقتضيها القواعد العامة بغير تحفظ كما إذا اشترط المدين قبول الدائن شطب قيد الرهن .
كما يصح اقتران العرض والإيداع بشرط توقيع الدائن على مخالصة بالوفاء.
تكون مصاريف العرض والإيداع على نفقة الدائن، إذا تم إعذار الدائن أو عرض عليه المدين الوفاء ودياً فرفض، أم إذا لم يحصل إعذار ولا عرض ودي قبل العرض الحقيقي، وقبل الدائن العرض فإنه لا يتحمل بشيء.
أما إذا رفض الدائن قبول العرض دون مبرر، فإنه يلتزم مصاريف العرض والإيداع، ولا يؤثر في ذلك أن يكون المدين قد خصم رسم الإيداع قبل العرض الحقيقي.
وقد رأينا أنه يستوي في رفض العرض أن يصدر الرفض من الدائن شخصياً أو عند عدم وجوده وقت الإعلان، من وكيله أو من يعمل في خدمته أو من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار.
أما إذا حكم بصحة العرض والإيداع - كما سنرى- فإن المصاريف تكون على الدائن.( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع الصفحة/ 355)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 325)
اذا تم اعذار الدائن ، تحمل تبعة هلاك الشيء أو تلفه ، وأصبح للمدين الحق في ايداع الشئ على نفقة الدائن والمطالبة بتعويض ما اصابه من ضرر.
هذه المادة تطابق المادة 335 من التقنين الحالى بعد ان حذفت من هذه الاخيرة عبارة ( ووقف سريان الفوائد ) تمشيا مع تحريم الربا.
و تطابق في حكمها المادة ۳۲۳ من التقنين الأردني التي تنص على : أنه لا يترتب على أعذار الدائن أن يصير الشیء محل الالتزام في ضمان الدائن اذا كان من قبل في ضمان المدين وان يصبح للمدين الحق في ايداعه على نفقة الدائن وفي ضمان ما أصابه من ضرر »
وتطابق في حكمها الفقرة الثانية من المادة 401 من التقنين الكويتي التي تنص على ما يأتي : « فاذا تم الانذار تحمل الدائن تبعة هلاك الشيء و تلفه وأصبح للمدين الحق في ايداع الشيء على نفقة الدائن والمطالبة بالتعويض إن كان له مقتض ۰
وتقابل الفقرة الثانية من المادة 286 من التقنين العراقي التي تنص ملی ما یأتی : « وفي هذه الحانه ( أي الايداع ) تكون نفقات الإبداع على الدائن وهو الذي يتحمل تبعة هلاك الشيء من وقت الايداع ومن هذا الوقت أيضا يقف سريان الفوائد.
ولم يرد في الفقة الاسلامی تنظیم مفصل على النحو المذكور في المادتين 324، 325 من المشروع في حالة رفض الدائن قبول الوفاء ، وانما ورد في مرشد الحيران نص عام هو نص المادة ۲۰۹ التي تقضي بأنه واذا عرض المديون مبلغ الدين على غريمة فامتنع من قبضه فله أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بقبضه.