مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 209
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تعرض نصوص المواد من 472 إلى 476 للعرض المشفوع بالإيداع ، وقد تكفلت أحكام قانون المرافعات بيان الإجراءات التي تقبع بشأنهما (المواده 685-699 / 773 – 787 من تقنين المرافعات)، بيد أنه ينبغي التنويه بأنه من الفروض ما یكون الإيداع فيه مستحيلاً أو مجافياً للمصلحة ، فإذا كان ما يجب الوفاء به عقاراً، كان المدين أن يعين حارساً، وإذا كان منقولاً كان له أن يستصدر إذناً بإيداعه .
أما الاشياء التي يسرع إليها التلف، أو التي يتطلب إيداعها أو القيام بحفظها نفقات لا تتناسب مع قيمتها، فيجوز بيعها بالمزاد العلني أو بالسعر الجاري، بعد استئذان القضاء ويودع الثمن خزانة المحكمة .
2- ولا يعتبر العرض الحقيق المشفوع بالإيداع أو بأي إجراء ماثل (الحراسة أو إيداع الثمن ) لازماً، فللمدين أن يرجع في هذا العرض قبل قبول الدائن له، أو قبل الحكم بصحته، فإذا وقع ذلك اعتبر العرض كأن لم يكن، وظلت المستولية عن الدين قائمة بالنسبة للمدين، والملتزمين معه والكفلاء.
3- ومن قبل العرض المشفوع بالإيداع أو بإجراء مماثل له، أو حكم بصحته أصبح لازماً وامتنع الرجوع فيه، ويكون لمثل هذا المرض حكم الوفاء، ويستند أثره إلى الماضي فيعتبر أنه تم وقت إعلان الإيداع، وتعتبر ذمة الدين والملتزمين معه بالدين والكفلاء قد برئت من هذا الوقت، على أن للدائن أن يرتضي رجوع المدين في عرضه الحقيقي، بعد القبول أو بعد صدور الحكم بصحته، وعندئذٍ يعتبر الوفاء كأن لم یکن، دون أن يخل ذلك بحقوق الملتزمين مع المدين بالدين، أو الكفلاء، فهؤلاء تبرأ ذمتهم نهائياً، ولا يكون لهذا الرجوع أثر بالنسبة لهم.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 476 من المشروع واقترح معالي السنهوري باشا إضافة حكم عدم براءة ذمة الشركاء في الدين والضامنين إلى الفترة الأولى في حالة رجوع المدين في عرضه ما دام الدائن لم يقبله أو مادام لم يصدر حكم نهائي بصحته واقترح كذلك إضافة حكم براءة ذمة الشركاء في الدين والضامنين في الفقرة الثانية في حالة رجوع المدين في العرض بعد أن قبله الدائن أو بعد أن حكم بصحته إذا كان هذا الرجوع بموافقة الدائن، فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح النص النهائي المادة كما يأتي :
1- إذا عرض المدين الدين وأتبع العرض بإيداع أو بإجراء عائل جاز له أن يرجع في هذا العرض مادام الدائن لم يقبله أو ما دام لم يصدر حكم نهائي بصحته، وإذا رجع فلا تبرأ ذمة شركائه في الدين ولا ذمة الضامنين .
2- فإذا رجع الدين في العرض بعد أن قبله الدائن أو بعد أن حكم بصحته، وقبل الدائن منه هذا الرجوع لم يكن هذا الدائن أن يتمسك بعد ذلك بما يكفل حقه من تأمينات وتبرأ ذمة الشركاء في الدين وذمة الضامنين.
وأصبح رقم المادة 352 في المشروع النهائي .
1 ـ إستصدار المدين حكماً من القضاء بالإيداع وفقاً للمادة 336 من القانون المدنى - لا يعد من الشروط الحتمية لصحته فيجوز للمدين إيداع الشىء المعين بذاته مع إنذار الدائن بتسلمه على أن يخضع الأمر بعد ذلك لرقابة القضاء عند المنازعة فى صحة الوفاء .
(الطعن رقم 2352 لسنة 52 جلسة 1987/03/12 س 38 ع 1 ص 372 ق 84)
2 ـ إذ كان الثابت فى الأوراق أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الجمع بين إلزامهم بتسليم أربع شقق خالية عينا، وبين إلزامهم بقيمة التعويض الاتفاقى المنصوص عليه فى عقد البيع المبرم بينهم والمطعون ضدهم الثلاثة الأوائل، كما تمسكوا بأن المطعون ضدهم المذكورين أخلوا بالتزامهم بسداد باقي ثمن المبيع فى المواعيد المقررة مما يعد مساهمة منهم فى الخطأ توجب تخفيض التعويض وبأن هذا التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة إذ قدر بمليون جنيه عن عدم تسليم أربع شقق فى عقار مساحته 1350 مترا مربعا بيع بمبلغ مليونين وثمانمائة ألف جنيه، وبأنهم نفذوا التزامهم جزئيا بعرض شقتين خاليتين على خصومهم، وإذ كان لا يبين من الحكم المطعون فيه أنه محص هذا الدفاع الجوهري أو ناقش الأدلة التي ساقها الطاعنون تأييدا له حيث لم تعمل المحكمة سلطتها فى تفسير ذلك الشرط الجزائي توصلا لما إذا كان جزءا عن عدم تسليم تلك الشقق خالية أو عن التأخير فى تسليمها رغم اختلاف الحكم فى كل من الحالتين، ولم تقل كلمتها فيما إذا كان مجرد عرض الطاعنين هاتين الشقتين على المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل - دون أن يتلوه إجراء مماثل للإيداع طبقا للمادتين 336 من القانون المدني، 489/3 من قانون المرافعات - يقوم مقام الوفاء الجزئي بالالتزام الذي يبيح للقاضي تخفيض التعويض المتفق عليه إلى الحد المناسب، فإن الحكم - فضلاً عن مخالفته للقانون وخطئه فى تطبيقه - يكون معيباً بقصور يبطله.
(الطعن رقم 1859 لسنة 70 جلسة 2001/06/12 س 52 ع 2 ص 861 ق 171)
إذا كان محل الوفاء شيئاً معيناً بالذات ، وكان الواجب أن يسلم فى المكان الذى يوجد فيه ، جاز للمدين ، بعد أن ينذر الدائن بتسلمه ، أن يحصل على ترخيص من القضاء في إيداعه ، فإذا كان هذا الشىء عقاراً أو شيئاً معداً للبقاء حيث وجد ، جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة .
وهذا النص ، للتوفيق بينه وبين المادة 2/488 مرافعات ، يجب أن يجعل مفصلاً لأحكام هذه المادة ، ويجب إذن أن نميز فى غير النقود بين ما يمكن نقله وإيداعه كمجوهرات وعروض يسيرة النقل ، وبين ما هو معد للبقاء حيث وجد كالعقارات وبعض المنقولات العسيرة النقل والتى هى معدة لتبقى حيث هي كالآلات الزراعية والسيارات والمؤن وأدوات العمارة ونحو ذلك ، فإذا كان المعروض مما يتيسر نقله ، جاز للمدين أن يطلب من قاضى الأمور المستعجلة وفقاً للمادة 2/488 مرافعات ، أو أن يطلب بعريضة من قاضى الأمور الوقتية وفقاً للمادة 336 مدنى ، أمراً بتعيين حارس لحفظ الشىء فى المكان الذى يعينه القاضى وقد يكون هذا المكان هو خزانة المحكمة إذا تيسر ذلك كما هو الأمر فى إيداع المجوهرات والأوراق المالية ونحوها ، أما إن كان المعروض مما لا يتيسر نقله بل كان معداً للبقاء حيث وجد جاز للمدين بالطريقة نفسها أن يطلب تعيين حارس لحراسته حيث يوجد دون أن ينقل ، وفى جميع هذه الأحوال تقوم الحراسة ، فى المكان الذى يعين أو فى المكان الذى يوجد فيه المعروض ، مقام الإيداع. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثالث – المجلد : الثاني ، الصفحة : 868)
إذا كان محل الوفاء نقوداً ، ورفض الدائن قبضها ، أنذره المدين بقبضها ثم يقوم بعرضها عليه عرضاً حقيقياً فإن ظل على رفضه قام المحضر بإيداعها خزينة المحكمة شاملة فوائدها حتى يوم الإيداع وذلك في اليوم التالي للعرض ثم يقوم المحضر بإعلان الدائن بصورة محضر الإيداع في ظرف ثلاثة أيام من تاريخه «م 1 / 488 مرافعات» ، ويقوم محضر العرض مقام الإعذار.
أما إن كان محل الوفاء شيئاً معيناً بالذات، وكان يمكن نقله إلى الدائن بواسطة المحضر، کالمجوهرات والأوراق المالية، تم عرضه على نحو ما تقدم بالنسبة للنقود، فإن رفض الدائن قبوله، استصدر المدين أمراً على عريضة من قاضي الأمور الوقتية وفقاً للمادة 336 مدني أو حكماً من قاضي الأمور المستعجلة وفقاً للمادة 2 / 488 مرافعات بالترخيص في إيداعه خزينة المحكمة أو بغيرها حسبما يرى القاضي، وينعقد الاختصاص لقاضي محكمة موطن الدائن، وبهذا الإيداع يتم الوفاء بالالتزام وتبرأ ذمة المدين.
فإن كان محل الوفاء، شيئاً لا يمكن تسليمه في موطن الدائن أو كان واجب التسليم بمكان وجوده، كالعقارات أو الآلات أو السيارات، كان عرضه بتكليف الدائن على يد محضر بتسلمه، فإن رفض، إستصدر المدين أمراً أو حكماً على نحو ما تقدم بتعيين حارس على الشئ لحفظه، وبهذه الحراسة يتم الوفاء فتبرأ ذمة المدين من الالتزام ویستوى في المنقول أن يكون معيناَ بنوعه أو بذاته مادة 85 فان كان المحل غير معد للبقاء بمكانه، كان المدين بالخيار بين تعيين حارس عليه أو إيداعه بالمكان الذي يعينه القاضي، وإن كانت المادة 336 من القانون المدني تتطلب استصدار إذن من القاضي بإيداع الشيء، فلا يترتب على إيداعه دون الحصول على هذا الأذن بطلان الإيداع طالما قام المدين بإنذار الدائن بتسلمه فامتنع.
مفاد نصوص المواد 336 من القانون المدنى 488 ، 489 من قانون المرافعات، أن العرض الحقيقي يرد على محل التزام المدين سواء كان نقوداً أو منقولاً أو عقاراً، وأن هذا العرض يجوز في مجلس القضاء وخارجه.
فإذا كان الدائن لم يرفع دعواه بعد، جاز للمدين الوفاء بالتزامه بطريق العرض والإيداع على نحو ما تقدم.
أما إذا كان قد رفعها، وكان محل الالتزام منقولاً مما يمكن عرضه بقاعة الجلسة، كالحلي والمشغولات الذهبية والساعات والأجهزة الصغيرة، وقام المدين بعرضها على الدائن وقبلها الأخير، فإن الوفاء يكون قد تم، فإذا رفضها، استناداً لعدم مطابقتها لمحل الالتزام، وجب على المحكمة ندب خبير لمطابقتها، فان انتهى إلى التطابق، وطلب العارض الحكم بصحة العرض وإيداع المحل لدى أمين على نفقة الدائن، كطلب عارض يثبت في محضر الجلسة، قضت المحكمة بذلك وتعين من يودع لديه المعروض، وتقضي في الدعوى الأصلية، فإن كان هناك طلب آخر كالتعويض تصدت له المحكمة، وإذا انتفى التطابق قضت على هذه مستندات الدعوى بإلزام البائع بالتسليم أو التعويض إذا تعذر التسليم بإعتبار أن التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين.
فإذا كان المعروض منقولاً يتعذر عرضه بقاعة الجلسة كالسيارات والمعدات والأجهزة والمواد الأخرى ، أو كان عقاراً ، وطلب العارض تعيين حارس على المعروض كطلب عارض مستعجل ، وجب على المحكمة أن تصدر حكماً وقتية في هذا الطلب، بتعيين خبير الجدول صاحب الدور حارساً تكون مهمته تسلم المعروض فوراً من المدين وإثبات حالته ومطابقته على عقد النزاع ثم تسليمه للدائن وتقديم تقريره في الجلسة التي تحددها لذلك، ومتى تسلم الخبير المعروض، وهو ما يقوم مقام الإيداع وأودع تقريره وجب على العارض أن يطلب الحكم بصحة العرض، وحينئذ فإن ذمة الدين تبرأ من التزامه، منذ العرض الذي قرر به في الجلسة بشرط صدور حكم نهائي بصحة العرض متى توافرت في الشئ ما تضمنه العقد، وحينئذ تتصدى للموضوع ولطلب صحة العرض بالجلسة المشار إليها، فإن انحصر الموضوع في طلب التسليم قضت بإعتبار الدعوى منتهية وألزمت المدين المصاريف إذ قام بالوفاء بعد رفع الدعوى رغم سبق إنذاره قبل رفعها فإن لم يكن قد أنذر، ألزمت الدائن بها فإن وجد طلب آخر كتعويض أو صحة ونفاذ العقد، قضت فيه وباعتبار طلب التسليم منتهياً، فإن لم يقم المدين بالتسليم، أجبر على ذلك بموجب حكم الحراسة الواجب النفاذ فوراً لصدوره في شق مستعجل فضلاً عن أنه حكم نهائي لا يجوز الطعن فيه عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 489 من قانون المرافعات، ويقتضي تنفيذ حكم الحراسة في هذه الحالة استعمال القوة الجبرية لوجود الشيء المعروض في حيازة المدين حتى يمكن تسليمه للحارس ، ومتى تم هذا التنفيذ جبراً ألزمت المحكمة مصاريف هذا الشق المدين.
فإن لم يتقدم المدين بالطلب العارض بوضع الشيء تحت الحراسة ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها وإلا فانها تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم مما يجيز الطعن في هذا الشق قبل صدور الحكم النهي للخصومة، فإن لم يطعن فيه حاز قوة الأمر المقضي المقررة للأحكام المستعجلة وأدى تنفيذه إلى براءة ذمة المدين.
ومتى اتخذ المدين إجراءات العرض الحقيقي الذي أعقبه ایداع أو تعیین حارس، تضمن ذلك حتماً طلب ضمني من المدين بالقضاء بصحة العرض والإيداع مما يوجب على المحكمة التصدي له صراحة أو ضمناً بالقضاء بما يتفق وبراءة ذمة المدين وهو ما يتضمن قضاء ضمنية بصحة العرض والإيداع، أو أن تقضي بما ينافي براءة ذمته وهو ما يتضمن قضاءً ضمنياً بعدم صحة العرض والإيداع.
عرض المبيع المتعذر عرضه بالجلسة :
فإن كان الشيء المعروض مما لا يمكن تسليمه في موطن الدائن، تم عرضه بمجرد تكليفه و إنذاره على يد محضر بتسلمه بالمكان الكائن به، فإذا رفض الدائن العرض، جاز للمدين أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الترخيص في إيداعه أو وضعه تحت الحراسة وفقاً للمادة 488 من قانون المرافعات، وبذلك تتوافر إجراءات العرض والايداع للشيء الذي لا يمكن نقله إلى موطن الدائن، وبه تبرأ ذمة المدين من تاريخ التكليف طالما أعقبه إيداع أو حراسة، ويجوز للمدين في هذه الحالة إذا كان هناك التزام مقابل أن يشترط عدم تسليم الشيء المودع إلا بعد قيام الدائن بتنفيذ التزامه المقابل، كما في دعوى فسخ البيع وما يترتب عليها من رد المبيع للبائع والثمن للمشتري، فيقوم المشتري بطلب الترخيص بإيداع المبيع أو وضعه تحت الحراسة على ألا يسلم للبائع إلا بعد قيام الأخير برد الثمن. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الخامس ، الصفحة : 293)
إذا كان محل الوفاء شيئاً معيناً بالذات وكان يمكن نقله إلى الدائن بواسطة المحضر، کالجوهرات والأوراق المالية فإنه يتم عرضه كالنقود، وذلك بتسليم الشئ إلى المحضر لعرضه على الدائن بموجب محضر عرض تراعى فيها الأوضاع التي أشرنا إليها سلفاً.
فإذا رفض الدائن قبول العرض جاز للمدين أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الترخيص في إيداعه بالمكان الذي يعينه القاضي ، وقد يكون هذا المكان هو خزينة المحكمة إذا تيسر ذلك أو غيرها إذا لم يتيسر (م 488 / 2 مرافعات ، أما إذا كان هذا الشيء عقاراً أو شيئاً معداً للبقاء حيث وجد، كالآلات الزراعية والسيارات والمؤن وأدوات العمارة ، جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة ( م 336 مدنى ، م 488 / 2 مرافعات ) ، وتقوم الحراسة في المكان الذي يعين أو في المكان الذي يوجد فيه المعروض مقام الإيداع .
وقد ذهب رأى في الفقه إلى أن الترخيص بالإيداع أو بالوضع تحت الحراسة (م 336 مدني) يمكن أن يصدر من قاضي الأمور الوقتية بناءً على عريضة تقدم من له من المدين .
ونرى أنه لا يجوز سلوك هذا السبيل بعد تعديل المادة 194 مرافعات الواردة في الباب العاشر من القانون في (الأوامر على العرائض) بالقانون رقم 23 لسنة 1992 وأصبحت تنص على أنه :
في الأحوال التي ينص فيها القانون على أن يكون للخصم وجه في استصدار أمر ، يقدم عريضة بطلبه إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة ... إلخ"، ذلك أن المادة 336 مدني أو غيرها لم تنص على سلوك طريق الأمر.
وعلى ذلك يكون السبيل أمام المدين في طلب الترخيص بالإيداع أو بوضع الشيء تحت الحراسة برفع دعوى مستعجلة ، وهو الطريق الذي نصت عليه المادة (488 / 2 مرافعات).
وقد أناطت المادة المذكورة الاختصاص، بالإذن لقاضي الأمور المستعجلة دون قاضي التنفيذ، لأنها مسألة لا تتعلق بالتنفيذ الجبري.
وقد جاء بتقرير لجنة الشئون التشريعية بمجلس الأمة عن مشروع قانون المرافعات بأن :
ولما كانت المادة 489 من المشروع الواردة بشأن العرض والإيداع لا تعالج حالة تنفيذ جبري، وإنما يتعلق الأمر بوفاء اختياري، فقد رأت اللجنة أن يكون الاختصاص المشار إليه في هذه المادة القاضي الأمور المستعجلة لا القاضي التنفيذ الذي لا يختص إلا فيما يتعلق بالتنفيذ الجبري.
استصدار حكماً من القضاء بالإيداع غیر حتمي :
استصدار حكماً من القضاء بالإيداع لا يعد من الشروط الحتمية لصحته، فيجوز للمدين إيداع الشئ المعين بذاته مع إنذار الدائن بتسلمه على أن يخضع الأمر بعد ذلك لرقابة القضاء عند المنازعة في صحة الوفاء.
أما إذا حصل عرض محل الالتزام أمام المحكمة حال المرافعة، وكان محل الالتزام مما يمكن عرضه بالجلسة كالحلي والمشغولات الذهبية والساعات والأجهزة الصغيرة وعرضها المدين فقبلها الدائن، فإن الوفاء يكون قد تم أما إذا رفض الدائن العرض بمقولة عدم مطابقة المعروض لمحل الالتزام كان على المحكمة ندب خبير لمطابقتها، فإذا انتهى إلى التطابق وطلب العارض الحكم بصحة العرض وإيداع المحل لدى أمين على نفقة الدائن كطلب عارض يثبت في محضر الجلسة قضت المحكمة بذلك.
أما إذا كان المنقول مما يتعذر عرضه بالجلسة على نحو ما سلف أو كان محل الالتزام عقاراً جاز للعارض طلب تعيين حارس على المعروض كطلب عارض مستعجل ويجب على المحكمة أن تصدر حكماً وقتياً في هذا الطلب، بتعيين خبير الجدول صاحب الدور حارساً تكون مهمته تسلم المعروض فوراً من المدين وإثبات حالته ومطابقته على عقد النزاع ثم تسليمه للدائن وتقديم تقريره في الجلسة التي تحددها لذلك، ومتى تسلم الخبير المعروض، وهو ما يقوم مقام الإيداع وأودع تقريره وجب على العارض أن يطلب الحكم بصحة العرض، وحينئذ فإن ذمة المدين تبرأ من التزامه، منذ العرض الذي تم في الجلسة بشرط صدور حكم نهائي بصحة العرض، وحينئذ تتصدى المحكمة للموضوع ولطلب صحة العرض.
أما إذا لم يتقدم المدين بالطلب العارض بوضع الشيء تحت الحراسة، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها.
ويراعى أنه لا يقبل الطعن في الحكم الصادر بتعيين الحارس.
هل يجوز حجز المودع بواسطة دائن المدين أو دائن الدائن :
اختلف الرأي في صدد جواز الحجز على الشئ المودع قبل أن يتم قبول الدائن للعرض أو قبل أن يصدر الحكم بصحته، لأنه متى قبل الدائن العرض أو صدر الحكم بصحته أصبح من ماله هو.
والصحيح في هذا الصدد هو عدم جواز الحجز على المودع بواسطة دائن المدين، لأن الإيداع من جانب هذا الأخير هو بمثابة إيداع مع التخصيص لصالح من تم العرض والإيداع لصالحه، وليس ثمة ما يمنع في القانون من أن يقوم المدين بالوفاء لصالح دائن معين، فيفضله على غيره من الدائنين، كل هذا ما لم يمنع القانون ذلك صراحة، هذا على الرغم من أن الإيداع لا يعتبر في ذاته وفاء مبرئ للذمة إلا بعد قبول الدائن له أو صدور الحكم بصحته، وشأن هذا الإيداع شأن الإيداع مع التخصيص المقررة في حجز ما للمدين لدى الغير.
أما حجز دائن الدائن على ما تم إيداعه لصالح هذا الأخير، فهو صحيح معلق على قبوله أو صدور الحكم بصحة هذا الإيداع.
وغني عن البيان أن رفض الدائن للعرض أو الحكم ببطلانه لا يمنع من توقيع حجز دائن المدين العارض على المعروض، كما يصح الحجز الموقع منه عليه من قبل. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الرابع ، الصفحة : 370)
وقد يتبادر إلى الذهن من هذا النص أن جواز الحصول على ترخيص في الإيداع مقصور على الحالة التي يكون فيها محل الوفاء شيئاً معيناً بالذات وواجب التسليم في المكان الذي يوجد به ، ولكن بإمعان النظر فيه يبين أنه لا توجد أي حكمة تسوغ قصر حكمه علي الحالة المذكورة ، أنه إذا كان الشارع قد اعتبر أن الأصل أن إيداع غير النقود مجاف للمصلحة ولم يسمح للمحضر بإجرائه من تلقاء نفسه بمجرد رفض الدائن المعرض ، ولا بإجرائه بناءً على طلب المدين نفسها واشترط لحصوله ضرورة ترخيص القضاء في ذلك ، فإن رقابة القضاء على ملائمة الإيداع أو عدمها كفيلة بضمان عدم مجافاة الإيداع المصلحة سواء في الحالة التي يكون فيها محل الوفاء شيئاً مثلياً أو التي يكون فيها شيئاً قيمياً ، وسواء في هذه الحالة الأخيرة أن يكون الشيء القيم واجب التسليم في المكان الذي يوجد فيه أو لا يكون كذلك ، ومتى انعدمت كل حكمة من تخصيص الحكم بالحالة المذكورة في النص ، تعين عدم التخصيص ووجب إطلاق الحكم بإعتباره تطبيقاً لمبدأ عام يقضي بأنه في الديون التي يكون محلها غير نقود يجوز الإيداع على أن يكون بترخيص من القضاء ، فكما يجوز الترخيص في أيداع مخطوط أو أثر معين بالذات يجوز كذلك الترخيص في إيداع عدد معين من الأسهم أو السندات من نوع معين أو مقدار محدد من السبائك الذهبية .
وبناءً على هذا التفسير لا تتميز ديون النقود عن غيرها إلا في أن الأولى يجوز فيها الإيداع ، دون حاجة الى ترخيص من القضاء أما الثانية فلا يجوز فيها إلا بناءً على ترخيص.
على أننا في هذا التفسير لعبارة المادة 336 مدنی آنفة الذكر لا نذهب الى حد القول بأنه لا ارتباط مطلقاً بين حكمها وبين تقييدها محل هذا الحكم بأن يكون شيئاً معيناً بالذات وواجب التسليم في المكان الذي يوجد فيه ، بل نرى أن حكمها يتكون من شقين أولهما جواز الحصول على ترخيص في الإيداع ، وهذا رأينا عدم تخصيصه بالمحن القيد بالقيد المذكور ، والثاني جواز الاكتفاء بإنذار الدائن بتسلم الشيء بدلاً من عرضه عليه عرضاً فعلياً على يد محضر ، وهذا الشق من الحكم مماثل لحكم المادة 487/2 مرافعات ، وهو الذي يحتمل تخصيصه بالمحل مقيداً بالقيد المذكور أی بكونه واجب التسليم في المكان الذي يوجد فيه كما خصصت المادة سالفة الذكر حكمها بالمحل الذي لا يمكن تسليمه في موطن الدائن.
نصت المادتان 488 / 2 مرافعات و 336 مدني على إجراء بديل للإيداع بترخيص من القضاء هو طلب وضع الشيء المعروض تحت الحراسة ، وقد أجاز للمدين القيام بهذا الإجراء بالنسبة للعقارات والمنقولات المعدة للبقاء حيث وجدت ، كما أوجبت المادة (489 / 2) مرافعات القيام بهذا الإجراء ذاته في حالة عرض شيء من غير النقود في الجلسة إذ نصت على أنه إذا كان المعروض في الجلسة من غير النقود تعين على العارض أن يطلب الى المحكمة تعيين حارس عليه ، ولا يقبل الطعن في الحكم الصادر بتعيين الحارس ، وللعارض أن يطلب على الفور الحكم بصحة العرض.
وقصارى القول اننا نرى انه في الالتزام بتسليم شيء من النقود يلزم أن يكون العرض عرضاً فعلياً كما في الالتزام بالنقود إلا إذا كان محل الوفاء شيئاً لا يمكن تسليمه في موطن الدائن أو شيئاً واجب التسليم في المكان الذي يوجد فيه ، فيكتفي بتكليف الدائن على يد محضر بتسليمه ، غير أن هذا الإجراء لا يكفي لتبرئة ذمة المدين ، بل يلزم في ذلك القيام بالإيداع بترخيص من القضاء ، وهو أمر جائز بالنسبة لكافة المنقولات - قيمية أو مثلية - طالما أنها غير معدة للبقاء حيث وجدت فإذا كان الشيء المعروض معداً للبقاء حيث وجد أو كان عقاراً أو كان معروضاً في الجلسة اتخذ الإجراء البديل للإيداع والمتمثل في طلب وضع الشيء المعروض تحت الحراسة.
وبالقيام بإيداع الشيء المعروض بترخيص من القضاء ، أو بالإجراء المماثل للإيداع وهو وضع الشيء تحت الحراسة ، ينتج العرض المقترن بهذا الايداع أو الإجراء المماثل له أثره في تبرئة قمة الدين متی قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته (المادة 339 مدني والمادة 490 مرافعات). (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس ، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس ، الصفحة : 749)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 326)
اذا كان محل الوفاء شيئاً معيناً بالذات ، وكان الواجب أن يسلم في المكان الذي يوجد فيه ، جاز للمدين بعد أن يندر الدائن بتسلمه أن يحصل على ترخيص من القضاء في ايداعه : فاذا كان هذا الشیء عقارا أو شيئا معداً للبقاء، حيث وجد جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة.
هذه المادة تطابق المادة 336 من التقنين الحالي •
و تطابق المادة 324 من التقنين الأردني
وتقايل الفقرة الأولى من المادة ۳۸۷ من النقنين العراقي التي تنص على انه اذا كان محل الوفاء عقاراً أو شيناً معداً للبقاء حيث وجد وطلب المدين من المحكمة وضعه تحت يد عدل قام تسليم الشي للعدل مقام الايداع.
( مادة 336)
1- يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً في ذمة المدين ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك .
۲- على أنه يجوز للقاضي في حالات استثنائية ، اذا لم يمنعه نص في القانون، أن ينظر المدين الى أجل معقول او آجال ينفذ فيها النزامه ، اذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التاجيل ضرر جسيم.
هذه المادة تطابق المادة 346 من التقنين الحالي .
وتطابق المادة 334 من التقنين الأردني .
و تطابق المادة 410 من التقنين الكويتي .
و تقابل المادتين 394 ، 395 من التقنين العراقي .
فالمادة 394 من هذا التقنين تنص على ما يأتي :
١- اذا أجل الدين أو قسط الى أقساط معلومة فلا يجوز للدائن مطالبة المدين بالدين أو بالقسط قبل حاول اجله .
۲- فإذا لم يكن الدين مؤجلاً او حل أجله وجب دفعه فوراً .
ومع ذلك يجوز للمحكمة عند الضرورة اذا لم يمنعها نص في القانون أن تنظر المدين إلى أجل مناسب اذا استدعت حالته ذلك ولم الحق الدائن من هذا ضرر جسيم . والمادة 395 من هذا التقنين تنص على ما يأتي :
ا- اذا كان الدين مؤجلا فللمدين ان يدفعه قبل حلول الأجل اذا كان الأجل متمحضا لمصلحته ويجبر الدائن على القبول ام فاذا تظى المدين الدين قبل حلول الأجل ثم استحق المقبوض عاد اللان من جلا كما كان .
وهذه المادة الأخيرة تطابقها المادة 335 من التقنين الأردني ، و كذلك المادة 411 من التقنين الكويتي وما ورد في هذه المواد الثلاثة من احكام يتفق مع احكام التقنين المصري
انقر في الفقه الاسلامي المواد 212 و ۲۱۳ و 215 من مرشد الحيران.