مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 209
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تعرض نصوص المواد من 472 إلى 476 للعرض المشفوع بالإيداع، وقد تكفلت أحكام قانون المرافعات بيان الإجراءات التي تقبع بشأنهما (المواده 685-699 / 773 – 787 من تقنين المرافعات)، بيد أنه ينبغي التنويه بأنه من الفروض أن یکون الإبداع فيه مستحيلاً أو مجافياً المصلحة، فإذا كان ما يجب الوفاء به عقاراً، كان المدين أن يعين حارساً، وإذا كان منقولاً كان له أن يستصدر إذناً بإيداعه .
أما الأشياء التي يسرع إليها التلف، أو التي يتطلب إيداعها أو القيام بحفظها نفقات لا تتناسب مع قيمتها، فيجوز بيعها بالمزاد العلني أو بالسعر الجاري، بعد استئذان القضاء ويودع الثمن خزانة المحكمة .
2 - ولا يعتبر العرض الحقيق المشفوع بالإيداع أو بأي إجراء ماثل (الحراسة أو إيداع الثمن ) لازمة، فللمدين أن يرجع في هذا العرض قبل قبول الدائن له، أو قبل الحكم بصحته، فإذا وقع ذلك اعتبر العرض كأن لم يكن، وظلت المستولية عن الدين قائمة بالنسبة للمدين، والملتزمين معه والكفلاء.
3- ومن قبل العرض المشفوع بالإيداع أو بإجراء مماثل له، أو حكم بصحته أصبح لازماً وامتنع الرجوع فيه، ويكون لمثل هذا المرض حكم الوفاء، ويستند أثره إلى الماضي فيعتبر أنه تم وقت إعلان الإيداع، وتعتبر ذمة الدين والملتزمين معه بالدين والكفلاء قد برئت من هذا الوقت، على أن للدائن أن يرتضي رجوع المدين في عرضه الحفيق، بعد القبول أو بعد صدور الحكم بصحته، وعندئذٍ يعتبر الوفاء كأن لم یکن، دون أن يخل ذلك بحقوق الملتزمين مع المدين بالدين، أو الكفلاء ، فهؤلاء تبرأ ذمتهم نهائياً، ولا يكون لهذا الرجوع اثر بالنسبة لهم.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 476 من المشروع واقترح معالي السنهوري باشا إضافة حكم عدم براءة ذمة الشركاء في الدين والضامنين إلى الفترة الأولى في حالة رجوع المدين في عرضه مادام الدائن لم يقبله أو مادام لم يصدر حكم نهائي بصحته واقترح كذلك إضافة حكم براءة ذمة الشركاء في الدين والضامنين في الفقرة الثانية في حالة رجوع المدين في العرض بعد أن قبله الدائن أو بعد أن حكم بصحته إذا كان هذا الرجوع بموافقة الدائن، فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح النص النهائي المادة كما يأتي :
1- إذا عرض المدين الدين وأتبع العرض بإيداع أو بإجراء عائل جاز له أن يرجع في هذا العرض مادام الدائن لم يقبله أو مادام لم يصدر حكم نهائي بصحته، وإذا رجع فلا تبرأ ذمة شركائه في الدين ولا ذمة الضامنين .
2 - فإذا رجع الدين في العرض بعد أن قبله الدائن أو بعد أن حكم بصحته، وقبل الدائن منه هذا الرجوع لم يكن هذا الدائن أن يتمسك بعد ذلك بما يكفل حقه من تأمينات وتبرأ ذمة الشركاء في الدين وذمة الضامنين.
وأصبح رقم المادة 352 في المشروع النهائي .
1 ـ العرض لا يقوم مقام الوفاء المبرئ للذمة من المبلغ المعروض - على ما تقضى به المادة 339 من القانون المدنى و المادة 489 من قانون المرافعات - إلا إذا تلاه إيداع المبلغ خزانة المحكمة ، و لما كانت الطاعنة قد إكتفت بعرض الشيك على المطعون ضدها بالجلسات ثم إحتفظت به بعد أن رفضت الأخيرة قبول هذا العرض فإنها لا تكون قد أوفت بقيمته للطاعنة .
(الطعن رقم 744 لسنة 49 جلسة 1984/04/16 س 35 ع 1 ص 995 ق 188)
2 ـ إذا كان محضر الإيداع لم تسبقه إجراءات العرض الحقيقى المنصوص عليها فى المادتين 487 ، 488 من قانون المرافعات والمادتين 334 ، 339 من القانون المدنى بما لا يعتبر وفاء مبرئاً للذمة .
(الطعن رقم 460 لسنة 42 جلسة 1977/01/05 س 28 ع 1 ص 174 ق 44)
3 ـ إن المادة 339 من القانون المدنى الملغى بعد تعديلها بالقانون رقم 49 لسنة 1923 إذ أجازت إثبات أن الشرط الوفائى مقصود به إخفاء رهن عقارى بكافة طرق الإثبات دون التفات إلى نصوص العقد فإن ذلك منها لم يكن إلا تطبيقا للقواعد العامة التى تجيز إثبات الغش بجميع الطرق و منها البينة و القرائن و على ذلك فإن تلك المادة لا تتضمن أى إستثناء تنفرد به عن سائر العقود المنطوية على الغش من حيث طرق الإثبات .
(الطعن رقم 285 لسنة 34 جلسة 1969/01/23 س 20 ع 1 ص 144 ق 24)
4 ـ تنص المادة 339 من القانون المدنى الملغى بعد تعديلها بالقانون رقم 49 لسنة 1923 على أنه " إذا كان الشرط الوفائى مقصودا به اخفاء رهن عقارى فان العقد يعتبر باطلا لا أثر له سواء بصفته بيعا أو رهنا - وأن العقد يعتبر مقصودا به إخفاء رهن إذا بقيت العين المبيعة فى حيازة البائع بأى صفة من الصفات " و قد جرى قضاء محكمة النقض على أن المشرع أورد هذه القرينة كقرينة قانونية قاطعة فى الدلالة على أن العقد يستر رهنا و مانعة من إثبات العكس و من ثم فان فى اعتماد الحكم المطعون فيه على هذه القرينة وحدها ما يكفى لحمل قضائه ببطلان عقد البيع على أساس أنه يخفى رهنا .
(الطعن رقم 20 لسنة 30 جلسة 1964/12/03 س 15 ع 3 ص 1090 ق 161)
5 ـ تقضى المادتان 338 و 339 من القانون المدنى القديم المعدلتان بالقانون رقم 49 لسنة 1923 ببطلان عقد البيع المقصود به إخفاء رهن سواء بصفته بيعا أو رهنا و بأن العقد يعتبر مقصودا به إخفاء الرهن إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقيت العين المبيعة فى حيازة البائع بأية صفة من الصفات . وهاتان القرينتان على ما استقر عليه قضاء محكمة النقض من قبيل القرائن القانونية القاطعة بحيث إذا توافرت إحداهما كان ذلك قاطعا فى الدلالة على أن القصد هو إخفاء رهن و مانعا من إثبات العكس.
(الطعن رقم 341 لسنة 27 جلسة 1963/01/03 س 14 ع 1 ص 75 ق 5)
6 ـ متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بفسخ عقد البيع على أساس أن البائع لم يوف إلتزاماته المترتبه على العقد حتى وقت الحكم النهائى فى الدعوى و كان مجرد عرض البائع إستعداده لتسليم العين المبيعة على أن يوقع المشترى على عقد البيع النهائى لا يعد عرضاً حقيقياً يقوم مقام الوفاء بالإلتزام لأن البائع لم يتبع إستعداده للتسليم بطلب تعيين حارس لحفظ العين المبيعة طبقاً لما توجبه المادتان 339 من القانون المدنى و 792 من قانون المرافعات فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 159 لسنة 27 جلسة 1962/11/08 س 13 ع 2 ص 992 ق 151)
7 ـ متى كان المشترى قد أورد بصحيفة دعواه التى أقامها ضد البائع " أنه عرض على البائع القسط المستحق من الثمن عرضا حقيقيا بإعذار أعلن له فرفض إستلام المبلغ وقام المحضر بإيداعه خزانة المحكمة لذمة المعلن إليه على أن يصرف له بلا قيد و لا شرط إجراءات و أعلن بمحضر الإيداع فى ذات اليوم و أنه يحق للطالب و الحال هذه رفع الدعوى بطلب الحكم بصحة و نفاذ عقد البيع " . فإن هذا الذى أسس عليه المشترى دعواه يتضمن حتماً طلبه القضاء بصحة العرض و الإيداع . فإذا ذهبت المحكمة إلى أن العرض و الإيداع الحاصل من المشترى لا يعتبر مبرئا لذمته من القسط الذى حل ميعاده لأن البائع رفض العرض ، و تطلبت المحكمة أن يحصل المشترى على حكم سابق بصحة العرض و الإيداع ، و لم تتم إعتبارا للطلب الموجه بالدعوى المرفوعة أمامها من المشترى بحسبانه طلباً سابقاً على طلب الحكم بصحة و نفاذ العقد ، فإنها تكون قد أخطات فى تطبيق القانون ، و حجبت نفسها بذلك عن بحث طلب صحة العرض و الإيداع الذى تضمنته صحيفة دعوى المشترى .
(الطعن رقم 160 لسنة 33 جلسة 1967/01/24 س 18 ع 1 ص 185 ق 29)
8 ـ إيداع المشترى لباقى الثمن - بعد عرضة - خزانه المحكمة على ذمة الفصل فى دعواه بصحة ونفاذ العقد هو فى جوهره نوع من الإيداع مع التخصيص يتم لصالح البائع وحده فلا يجوز لغيره من دائنى المشترى الآخرين أن يوقعوا الحجز على المبلغ المودع أو يشاركونه فيه مشاركة الغرماء ولو كان هذا الحجز قبل قبوله العرض وقبل صدور الحكم بصحته طالما أن المشترى ظل متمسكا بما عرضه ولم يكن قد رجع فيه أو إسترده فإذا أوقع أحد من هؤلاء الدائنين حجزا بالرغم من ذلك كان الحجز باطلا ولا أثر له على صحة هذا الإيداع.
(الطعن رقم 2068 لسنة 60 جلسة 1994/12/28 س 45 ع 2 ص 1723 ق 322)
9 ـ الشرط الذى يجعل العرض و الإيداع غير مبرىء للذمة هو ما لا يكون للمدين حق فى فرضه و من ثم فإن إيداع المطعون ضدهما "المشترين " باقى الثمن مع إشتراط عدم صرفه للطاعنة "البائعة" إلا بعد التوقيع على العقد النهائى طبقاً لنصوص عقد البيع لا يؤثر على صحة العرض و الإيداع و يبرىء ذمتها من باقى الثمن و إذ كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى بحق إلى أن الشرط الصريح الفاسخ لم يتحقق لعدم تمام الإعذار فإن أمر الفسخ فى هذه الحالة يكون خاضعاً لتقدير محكمة الموضوع يشترط للقضاء به أن يظل المدين متخلفاً عن الوفاء حتى صدور الحكم فى الدعوى و متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب فسخ عقد البيع على أن المطعون ضدهما قاما بالوفاء بباقى الثمن فى الوقت المناسب إذ عرضاه على الطاعنة عرضاً حقيقياً و أودعاه و ذلك قبل الجلسة الأولى المحددة لنظر دعوى الفسخ فإن الحكم لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 544 لسنة 48 جلسة 1979/01/25 س 30 ع 1 ص 385 ق 75)
10 ـ إذا كانت الشروط التى قيد بها العرض الحقيقى و الإيداع ليس فيها ما يخالف النظام العام أو يتنافى مع مقتضى و مرمى الصلح الذى تم بين الطرفين بل هى شروط يستلزمها الدين المعروض و لا تخالف طبيعة العرض ، و كانت محكمة الإستئناف قد إنتهت فى حدود سلطتها التقديرية - بأسباب سأئغة - إلى أن رفض الدائن قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً كان بغير مبرر و أن الإيداع الذى تلا هذا العرض كان صحيحاً و تم وفقاً للقانون فإنها إذ إعتبرت ذمة المدين قد برئت من الملغ المودع - الذى إلتزم به فى عقد الصلح - تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً .
(الطعن رقم 337 لسنة 30 جلسة 1967/01/26 س 18 ع 1 ص 215 ق 35)
أثر العرض والإيداع بعد قبول الدائن أو بعد صدور حكم بصحة العرض
قبول الدائن للعرض :
قد يقبل الدائن العرض فى النهاية ، وذلك بعد أن يكون قد رفضه وبعد أن يكون الإيداع قد تم بناءً على هذا الرفض ، ويجب أن يعلن قبوله للمدين حتى ينتج القبول أثره ، وإلا جاز للمدين قبل وصول القبول إلى علمه أن يرجع فى العرض على الوجه الذي سنبينه .
ويجب أيضاً ، حتى يجوز للدائن أن يقبل عرضاً سبق له رفضه ، أن يثبت المودع لديه أو خزانة المحكمة أنه أخبر المدين بإعلان رسمى على يد محضر أنه سيسلم الشىء المودع للدائن ، وذلك قبل حصول التسليم فعلاً بثلاثة أيام على الأقل ، وعند تسليم الشىء للدائن ، يجب أن يسلم المودع لديه صورة محضر الإيداع التى تسلمها مع مخالصة بما قبضه .
وقد نصت على هذه الأحكام صراحة المادة 491 من تقنين المرافعات ، إذ تقول : " يجوز للدائن أن يقبل عرضاً سبق له رفضه ، وأن يتسلم ما أودع على ذمته ، إذا لم يكن المدين قد رجع فى عرضه ، وأثبت المودع لديه أنه أخبر مدينه على يد محضر بعزمه على التسليم قبل حصوله بثلاثة أيام على الأقل ، ويسلم الدائن المودع لديه صورة محضر الإيداع المسلمة إليه مع مخالصة بما قبضه .
الحكم بصحة العرض والإيداع :
فإذا لم يقبل الدائن العرض بعد الإيداع ، فإن للمدين أن يطلب الحكم بصحة العرض والإيداع ، كما أن للدائن دون أن ينتظر رفع هذه الدعوى أن يبادر هو إلى رفع دعوى ببطلان العرض والإيداع .
وفى دعوى صحة العرض والإيداع ، لا يجوز الحكم بصحة العرض وحده إذا لم يعقبه إيداع أو أى إجراء مماثل كوضع المعروض تحت الحراسة على النحو الذى قدمناه ، ولا يقتصر الأمر على إيداع المعروض وحده ، بل يجب أن يعرض مع فوائده التى استحقت إلى يوم الإيداع ، وقد وردت هذه الأحكام فى الفقرة الأولى من المادة 490 من تقنين المرافعات ، إذ تنص على أنه : لا يحكم بصحة العرض الذى لم يعقبه إيداع إلا إذا تم إيداع المعروض مع فوائده التى استحقت لغاية يوم الإيداع وتحكم المحكمة مع صحة العرض ببراءة ذمة المدين من يوم العرض .
ولا يشترط إقامة دعوى مستقلة بطلب الحكم بصحة العرض والإيداع ، متى أقام المشتري دعوى علي البائع بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع بعد أن أقام بعرض وإيداع باقي الثمن علي البائع وأخطره بمحضر الإيداع ، ذلك أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع تتضمن حتماً طلب القضاء بصحة العرض والإيداع .
ما يترتب من الأثر على قبول الدائن أو صدور حكم نهائى بصحة العرض والإيداع فإذا ما قبل الدائن العرض والإيداع على النحو المتقدم الذكر ، أو صدر حكم نهائى بصحة العرض والإيداع وفقاً للقواعد التى أسلفناها ، قام العرض فى هاتين الحالتين مقام الوفاء ، وبرئت ذمة المدين من الدين ، ولا تتأخر براءة ذمة المدين إلى يوم الإيداع ، بل تبرأ ذمته من يوم العرض ، فإن النص صريح فى أن الذى يبرئ ذمة المدين هو العرض إذا تلاه الإيداع ، فالإيداع إذن شرط في إنتاج العرض لأثره ، وإذا تحقق استند هذا الأثر إلى يوم العرض ، وهذا ما تنص عليه المادة 339 مدنى فيما قدمناه ، فهى تقضى بأن " يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء إذا تلاه إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات أو تلاه أى إجراء مماثل وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائى بصحته " ، وأيد هذا النص نص آخر فى تقنين المرافعات صريح فى أن براءة ذمة المدين إنما تكون من يوم العرض ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 490 مرافعات على ما يأتي : وتحكم المحكمة مع صحة العرض ببراءة ذمة المدين من يوم العرض.
ومتى برئت ذمة المدين ، فقد برئت ذمة المدينين المتضامنين معه والشركاء فى الدين والكفلاء وسقطت التأمينات العينية التي كانت تكفل الدين.
وبراءة ذمة المدينين المتضامنين والشركاء والكفلاء وسقوط التأمينات العينية هو أثر نهائى لقبول الدائن العرض أو للحكم النهائى بصحته ، فلا يجوز بعد ذلك أن ترجع ذمة هؤلاء مشغولة بالدين أو أن تعود التأمينات العينية ، حتى لو رجع المدين فى العرض وقبل الدائن منه هذا الرجوع ، وهذا ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 340 مدنى ، إذ تقول : " فإذا رجع المدين فى العرض بعد أن قبل الدائن أو بعد أن حكم بصحته ، وقبل الدائن منه هذا الرجوع ، لم يكن لهذا الدائن أن يتمسك بعد ذلك بما يكفل حقه من تأمينات ، وتبرأ ذمة الشركاء في الدين وذمة الضامن " ، والأصل فى ذلك أنه إذا قبل الدائن العرض ، أو حكم بصحته حكماً نهائياً ، لم يجز للمدين بعد ذلك أن يرجع فيما عرض ، ويختص الدائن وحده بالشىء المعروض ولا يشاركه فيه سائر الغرماء .
وقد نصت المادة 493 من تقنين المرافعات على هذا الحكم صراحة إذ تقول : " لا يجوز الرجوع عن العرض ، ولا استرداد المودع ، بعد قبول الدائن لهذا العرض أو بعد صدور الحكم بصحة العرض وصيرورته نهائياً " .
غير أنه إذا قبل الدائن من المدين رجوعه فى عرضه بعد قبول الدائن للعرض أو بعد الحكم النهائى بصحته ، فإن قبول الدائن لرجوع المدين فى العرض يكون أثره مقصوراً على العلاقة فيما بينه وبين المدين ، ولا يجاوز ذلك إلى الغير من شركاء فى الدين وكفلاء وأصحاب حقوق عينية على العقار المرهون فى الدين ، فهؤلاء يفيدون نهائيا من براءة ذمة المدين ، ومن ثم تبرأ ذمة الشركاء والكفلاء كما قدمنا ، ويحق لأصحاب الرهون التالية فى المرتبة للدائن الذى برئت ذمة مدينه عدم الاعتداد بالرهن الذي كان متقدماً على رهانهم وكان يكفل الدين أما فى العلاقة ما بين الدائن والمدين ، بعد رجوع المدين فى العرض وقبول الدائن لهذا الرجوع ، فإن الدين الذي كان معروضاً ينقضي بقبول الدائن قد قبل من المدين الرجوع فى هذا العرض ، فإن ذمة المدين ترجع مشغولة بدين جديد معادل للدين القديم الذى انقضى ، وإذا أريد أن يكفل هذا الدين الجديد كفلاء أو رهون ، فلا بد من الاتفاق على ذلك من جديد بين الدائن والمدين والكفلاء ، وتقوم هذه التأمينات من وقت هذا الاتفاق لا قبل ذلك. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثالث – المجلد : الثاني ، الصفحة : 874 )
تناول قانون المرافعات إجراءات العرض والإيداع بالمواد من 487 إلى 493 ويشترط لبراءة ذمة المدين أن يتم العرض والإيداع وفقاً لها مع مراعاة الأحكام المتعلقة بذلك في القانون المدني ، إذ يجب لصحة العرض والإيداع أن يتم وفقاً للشروط والإجراءات المقررة بكل من القانون المدني وقانون المرافعات ، وقد افترضت المادة 339 مدني توافر الشروط التي نص القانون المدني عليها فتطلبت توافر الإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات .
ولا يكفي أن يتم العرض والإيداع وفقاً لما تقدم، بل يلزم أن يقبل الدائن هذا العرض أو يستصدر الدين حكماً بصحة العرض والإيداع، فإن قبل الدائن العرض تعين عليه إعلان الدين بهذا القبول ليصبح العرض ملزماً للمدين فلا يجوز له الرجوع فيه (م 493 مرافعات) ، أما قبل وصول الإعلان ، فيجوز للمدين الرجوع في عرضه و استرداد ما أودعه (م 492 مرافعات)، فإن لم يقم الدائن بهذا الإعلان رغم قبوله العرض ، فإن المودع لديه يعلن المدين رسمياً بعزمه على تسليم الشيء المودع إلى الدائن قبل حصوله بثلاثة أيام على الأقل حتى يتقدم به من اعتراضات إن وجدت وفي هذه الحالة يمتنع المودع لديه عن التسليم حتى يتم الفصل في هذا النزاع، أما إن لم يعترض المدين سلم الشئ للدائن بعد خصم مصاريف الإيداع على أن يقدم الدائن للمودع لديه صورة محضر الإيداع المعلنة إليه مع مخالصة بما قبضه (م 491 مرافعات)، ويتم إعلان المدين في الأصلي أو المختار المتعلق بتنفيذ العقد مع إضافة ميعاد مسافة بالنسبه للإعلان التي يقوم به المودع لديه لأن هذا الإعلان محدد له أجل ، فإن قام المودع لديه بتسليم الشيء للدائن دون إعلان المدين أو في أقل من الأجل المحدد ، كان للمدین أن يرجع في العرض ويلزم الدائن على رد الشيء ما لم يكن له الحق في حبسه.
أما إن لم يقبل الدائن العرض والإيداع ، تعين على المدين إستصدار حكم بصحة العرض والإيداع حتى يتفادى مستقبلاً المنازعة في شأن براءة ذمته ، وإن كان يستطيع التمسك بذلك عند رجوع الدائن عليه ، فيتعرض القاضي للعرض والإيداع ليحكم بصحته إن كان مستوفياً لشروطه ويرفض دعوى الدائن ، ولذلك يحسن أن يستصدر الدين ، في حالة رفض الدائن العرض ، حكماً بصحة العرض والإيداع ، إذ لا يتم الوفاء إلا بقبول الدائن أو بصدور حكم بصحة العرض ، أما قبل ذلك ، فللمدين الرجوع في العرض أو توجيه المبلغ المودع كيفما يشاء ويرجع الوفاء إلى تاريخ العرض ، وترفع الدعوى أمام محكمة موطن الدائن ، ويجب للحكم بصحة العرض والإيداع ، توافر الشروط الموضوعية والشكلية على نحو ما أوضحناه بالمادة 334 وأن يتم الإيداع أو ما يقوم مقامه كوضع الشيئ تحت الحراسة أو إيداعه خزينة المحكمة ، فإن لم يتم ذلك فلا يقضى بصحة العرض ، ويجوز للدائن أن يطلب الحكم ببطلان العرض والإيداع ، كما له أن يرفع دعوى مبتدأة بهذا البطلان ، فإن قضى بالبطلان زالت كافة آثار العرض ، أما إن حكم نهائياً بصحته ، برئت ذمة المدين اعتباراً من يوم العرض وليس من يوم الإيداع أو الحكم ، وألزم الدائن بمصاريف الدعوى ومصاريف العرض والإيداع ، وتخصم من الدين إذ ليس للمدين أن يستنزلها من الدين عند إيداعه ، بل يجب عليه إيداعه كاملاً ، وتحكم المحكمة مع صحة العرض والإيداع ببراءة ذمة الدين من يوم العرض " م 490 مرافعات " ، والسماح للدائن بقبض ما يعادل حقه من الشئ المودع ويختص الدائن وحده بالدیں فلا يقاسمه باقي الدائنين ، والعبرة بالتخصيص تكون بمحضر الإيداع وليس بمحضر العرض.
الحكم بصحة العرض والإيداع :
يترتب على العرض الحقيقي براءة ذمة المدين اعتباراً من تاريخ العرض، بإعتبار أن المدين قد سعى الى الدائن وعرض عليه الدين وكان عليه قبوله في هذا الوقت طالما كان الدین کاملاً وأن هذا القبول لن يترتب عليه إسقاط حق للدائن ، كما لو تعلق العرض بباقي الدين الذي كان يجب الوفاء به قبل تحقق الشرط الفاسخ الصريح ، إذ لو قبل الدائن العرض وقبض الدين لأدى ذلك إلى إسقاط حقه في التمسك بهذا الشرط ومن ثم يكون رفضه للعرض مشروعة ، وطالما كان العرض غير صحيح فإن الإيداع الذي يعقبه يكون غير صحيح أيضاً ويتعين على المحكمة ألا تعتبره وفاء بالالتزام إذ كان يجب على المدين الوفاء بالتزامه قبل تحقق الشرط الفاسخ الصريح ، لأن الوفاء اللاحق لتحقق موجب هذا الشرط لا ينال من تحققه ما لم يوجد نص في القانون على خلاف ذلك كالنص في قانون إيجار الأماكن على توقى الإخلال بالوفاء بالأجرة المتأخرة حتى قفل باب المرافعة دون إعتداد بتحقق الشرط الفاسخ الصريح أو إذا كان الدائن قد أسقط حقه في هذا الشرط.
فإن لم يوجد مسوغ لرفض العرض، بأن كان المعروض كاملاً ولم يترتب على قبول العرض إسقاط حق للدائن ، فإن العرض يكون صحيحاً ويعتبر وفاء من تاريخ إعلان الدائن به وتبرأ ذمة المدين من هذا الوقت بشرط أن يعقب هذا العرض المرفوض إيداعاً للمعروض إن كان نقوداً أو ما يقوم مقام الإيداع إن كان المعروض من غير النقود، وذلك بأن يطلب المدين بدعوى مستعجلة الترخيص له في إيداع المعروض بالمكان الذي يعينه القاضي إذ كان مما يمكن نقله ، أو بوضعه تحت الحراسة إذا كان معداً للبقاء حيث وجد ، وحينئذ يعتبر المدين قد وفي بالتزامه من تاريخ العرض وليس من تاريخ الإيداع أو الوضع تحت الحراسة ويتبع ذلك التزام الدائن بتنفيذ التزامه المقابل ، فإن وجدت أقساط من الثمن ، وجب عليه الوفاء بها ، وإذا هلك الشي بعد عرضه ، كان الهلاك على الدائن سواء كان الهلاك كلياً أو جزئياً إذ يعتبر العرض إعذاره بتسلم المعروض يترتب عليه نقل تبعة الهلاك إلى الدائن ، سواء هلك المعروض بعد العرض أو بعد ، إيداعه أو وضعه تحت الحراسة ، عملاً بالمادة 335 مدنی.
ويلزم لصحة العرض ، فضلاً عما تقدم ، أن يكون المعروض هو ذاته المودع ، وأن يكون من شأنه إبراء ذمة المدين من التزامه ، بحيث إذا اختلف المودع عن المعروض ، كان الإيداع غير مبرئ للذمة مما يحول دون الحكم بصحته بالرغ من صحة العرض ، كما لو عرض مبلغ الدين كاملاً وعند إيداعه كان ناقصاً إما السداد رسم الإيداع منه رغم وجود ما يسوغ رفض العرض وهو ما يوجب أن يتحمل المدين هذا الرسم ، وإما لإيداع مبلغ يقل عن المبلغ المعروض ، إذ لا يجبر الدائن على قبول وفاء ناقص وأن ذمة المدين لا تبرأ بمثل هذا الوفاء ، وهو ما يحول المدين بالتزامه ، دون الحكم بصحة الإيداع وبالتالي تفصل المحكمة في الدعوى على أساس إخلال المدين بالتزامه.
والحكم بصحة العرض والإيداع ، قد يصدر في دعوى مبتدأة يرفعها المدين على الدائن للقضاء بصحة العرض وبراءة ذمة المدين من يوم العرض ، وذلك عندما يفضل المدين إعداد الدلیل مقدماً على براءة ذمته ليحول دون دائنه والتذرع بالإخلال بتنفيذه لالتزامه وقد يصدر الحكم بصحة العرض والإيداع في دعوى قائمة بناءً على طلب المدين الصريح أو الضمني وحينئذ يصدر الحكم في الدعوى منطوياً على قضاء صريح أو ضمني بصحة العرض والإيداع أو بعدم صحته ، مثال ذلك أن يرفع المشترى دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع وينوه في صحيفتها أنه قام بعرض باقي الثمن على البائع فرفض قبوله فأودعه خزينة المحكمة ، أو أنه قام بإيداع باقي الثمن خزينة المحكمة مباشرة دون عرضه على البائع لإخلال الأخير بالتزاماته المقابلة ، فإذا طلب المشتري الحكم بصحة العرض والإيداع وبصحة ونفاذ عقد البيع ، كان ذلك طلباً صريحاً بصحة العرض والإيداع ، أما إذا قصر طلباته ، بعد السرد المتقدم ، على الحكم بصحة ونفاذ العقد ، انطوى ذلك على طلب ضمني بصحة العرض والإيداع ، وحينئذ تتصدى المحكمة لصحة العرض والإيداع صراحة أو ضمناً ، فإذا قضت بصحة ونفاذ العقد ، انطوى ذلك على قضاء ضمني بصحة العرض والإيداع ، أما إذا قضت برفض الدعوى وضمنت أسباب حكمها عدم الوفاء بكامل الثمن أو أن العرض تم بعد تحقق الشرط الفاسخ الصريح ، انطوى ذلك على قضاء ضمني بعدم صحة العرض والإيداع.
فالقضاء الصريح بصحة العرض والإيداع أو بصحة الإيداع المباشر ، يصدر بناءً على طلب صریح بذلك ، فإن كان الطلب ضمنياً فإن القضاء فيه يكون ضمنياً بدوره .
الفوائد، بمثابة تعويض قانوني قرره المشرع عن التأخير في إستيفاء الدائن لدينه أو لقاء هذا الدين، وهي في الحالتين التزام مقابل لالتزام الدائن بتسليم القرض للمدين للانتفاع به في الغرض الذي أبرم عقد القرض من أجله إذ يفترض أن مبلغ القرض ينتج إيراداً ، ويترتب على ذلك ، أن الفوائد إذا كانت قانونية أو إتفاقية فإن ذمة المدين لا تبرأ إلا إذا قام بعرض دينه كاملاً ، من أصل وفوائد ، ومن ثم يتعين عليه أن يعرض أصل الدين وفوائده لغاية يوم الإيداع ، فإن لم يلتزم بذلك كان الوفاء ناقصاً لا يجبر الدائن على قبوله ، فلا تبرأ ذمة الدين بهذا العرض ، ولا يتطلب ذلك إبداء الدائن رغبته في طلب تلك الفوائد وإنما يجب على المدين عرضها مع أصل الدين من تلقاء نفسه ، ووفقاً للنسبة المتفق عليها إن كانت إتفاقية أو بحسب طبيعة المعاملة إن كانت قانونية ، فتكون بواقع 4% في المعاملات المدنية أو 5% في المعاملات التجارية ، وتحسب من تاريخ التسليم حتى يوم الإيداع ، فإن كان قد انقضى بين التسليم والإيداع سنة وعشرة أيام ، حسبت على هذا الأساس ، فتقدر فوائد السنة ويضاف إليها فوائد العشرة أيام بعد الوقوف على الفوائد المستحقة عن اليوم الواحد بالنظر إلى عدد الأيام التي تتضمنها السنة التي منها تلك الأيام.
وإذا تمثل الدين في الثمن أو الباقي منه ، فلا يلتزم المشتري بالوفاء بها مع الثمن إلا إذا كان البائع قد قام بالوفاء بإلتزامه بتسليم المبيع بشرط أن يكون المبيع ينتج ثمرات أو إيراداً ، فإن لم يكن البائع قد سلم المبيع ، أو كان قد لم يكن من شأنه أن ينتج ثمرات أو إيراداً ، فإن المشترى لا يلتزم بفوائد عن الثمن ، فتبرأ ذمته منه بعرضه أو إيداعه دون فوائده ، أما إن كان البائع قد سلم من شأنه أن ينتج ثمرات أو إيراد ، فإن ذمة المشترى لا تبرأ إلا بالوفاء الباقي منه مع الفوائد التي تستحق من يوم التسليم لغاية يوم الإيداع ، سواء والمشتري المبيع أو لم يستغله ، إذ يكفي لاستحقاق الفوائد أن يكون من شأن أن ينتج ثمرات أو إيراد ، ويترتب على ذلك استحقاق الفوائد إذا كان البيع عقداً مؤجراً أو خالية أو أرض زراعية أو فضاء أو منقولاً يمكن استغلاله أو الانتفاع به ولو لم يستغله المشترى أو ينتفع به .
وطالما كان المبيع ينتج ثمرات أو إيرادات على نحو ما تقدم ، وكان المشتري قد تسلمه ، فإن الأخير يلتزم بعرض فوائد الثمن أو فوائد الباقي منه مع الثمن المعروض ، فإن كان للمشتري الحق في حبسه أو الحق في الدفع بعدم التنفيذ الإخلال البائع بأي من التزاماته ، مما يجوز معه للمشترى أن يودع الثمن إيداعاً مشروطاً دون عرضه ، فإنه يجب أن يضم الفوائد الى الثمن المودع حتى يكون العرض صحيحاً ، وحسب الفوائد حتى تاريخ العرض ، فإن كان للمشترى الحق في إيداع الثمن مباشرة دون عرضه ، فتحتسب الفوائد حتى تاريخ الإيداع ، والمقرر أن الفوائد تقف بإيداع الدين خزينة المحكمة ، عملاً بالمادة 335.
فإن كان المبيع لا ينتج ثمرات أو إيراد ، كآلة تحتاج لإصلاح ولم يتم إصلاحها حتى تاريخ عرض ثمنها ، فإن هذا الثمن لا تستحق فوائد عنه لأن تلك الآلة لم تنتج ثمرات أو إيراد وليس من شأنها بالحالة التي سلمت عليها أن تنتج ذلك ، ومثل ذلك البضاعة التي أعدت للبيع دون أن يكون من شأنها أن تنتج ثمرات أو ایراد حتى لو كانت طبيعتها تسمح بذلك ، كالسيارات التي تعرض للبيع.
ولا تستحق الفوائد إذا سلم المبيع بحالة لا تسمح بإستعماله أو استغلاله ، إذ يكون في هذه الحالة غير صالح لأن ينتج ثمرات أو إيرادات ، کتسلم وحدة بدون تشطيب ويتحمل المشتري عبء إثبات ذلك ، ويكفى المعاينة التي تقوم بها الشرطة أو حكم مستعجل بإثبات حالة إلى العين وإذا ادعى البائع خلاف ذلك تحمل عبء إثبات عكس ما أثبته المشتري ويتم الفصل على ضوء أدلة كل منهما.
يترتب على بطلان العرض والإيداع ، بقاء يد المشتري على الثمن المودع ويكون له وحده الحق فيه ، وبالتالي عدم براءة ذمته من ويشترط لذلك ان يتمسك البائع بهذا البطلان، باعتباره مقرراً لمصلحته ، إذا شاء بطله ، فلا تبرأ ذمة المشتري من المبلغ المودع الذي يظل تحت تصرفه لعدم خروجه من ذمته وبالتالي يظل من عناصر ذمته المالية وداخلاً في الضمان العام لدائنيه ومن ثم يكون لهم الحجز عليه لعدم تعلق حق البائع به ، أما إن لم يتمسك البائع ببطلان العرض والإيداع ، يتعين إعتباره صحيحاً مبرئاً لذمة المشتري ودخول المبلغ المودع في ذمة البائع مما يجوز معه لدائني البائع الحجز عليه ، ولا تترتب هذه الآثار لمجرد تمسك البائع ببطلان العرض والإيداع - وإنما بتوافر مقومات هذا البطلان ، وذلك بصدور حكم نهائي بهذا البطلان ، سواء نص على ذلك صراحة أو اشتمل عليه ضمناً كما لو قضت المحكمة برفض دعوى صحة ونفاذ عقد البيع لعدم الوفاء بالثمن ، إذ يدل ذلك على بطلان الإيداع رغم عدم النص عليه.
وأيضاً إذا أودع المشتري الثمن خزينة المحكمة إيداعاً مشروطاً بشروط لا يحق له اشتراطها، فإن الإيداع يكون باطلاً فلا تبرأ به ذمة المشتري ويظل المبلغ المودع من حقه فيكون له استرداده طالما لم يقبل البائع هذا الإيداع ، فإن كان الإيداع غير مشروط أو مشروط بشروط يحق للمشتري اشتراطها ، كان الإيداع مبرئة لذمته وترتب عليه خروج المبلغ المودع من ذمة المشتري ودخوله ذمة البائع ، وبالتالي يجوز الحجز عليه من دائني البائع دون دائني المشتري .
إذا وجدت علاقة دائنية بين شخصين ، ثم أصبح المدين فيها دائناً للطرف الآخر مع بقاء العلاقة السابقة ، فإن كل طرف يصبح دائناً ومديناً في ذات الوقت ، فإذا توافرت بين الدينين شروط المقاصة القانونية انقضى الدينان بقدر الأقل منهما دون حاجة لاتخاذ أي إجراء ، فإن امتنعت تلك المقاصة بأن توقع حجز على أحد الدينين أو كان الدينان غير متقابلين ، كما لو كان المشترى مديناً باقي الثمن والبائع مدينة بتسليم المبيع ، وحينئذ ينشأ للمشتري الحق في حبس باقي الثمن إذا أخل البائع بأي من التزاماته بحيث إذا طالبه البائع باقي الثمن دفع بعدم التنفيذ حتى يقوم البائع بتنفيذ التزامه ، وبذلك يظل باقي الثمن في ذمة المشتري ، ومتی توافرت لديه الخشية بسبب ظروف البائع ، جاز له أن يحجز تحت يد نفسه على باقي الثمن فيتقدم بعريضة إلى قاضي التنفيذ لاستصدار أمر بالحجز التحفظي دون حاجة إلى تقدير الدين المحجوز من أجله ، لوروده على الباقي من الثمن. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الخامس ، الصفحة : 309)
تنص المادة على أن العرض الحقيقي يقوم بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء ، إذا تلاه إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات ، أو تلاه أي إجراء مماثل كتعيين حارس على الشئ وقد أوردنا فيما سلف إجراءات الإيداع طبقاً لأحكام قانون المرافعات.
غير أنه لا يكفي أن يتم العرض الحقيقي والإيداع ، طبقاً للإجراءات المقررة ، بل يجب أن يقبل الدائن العرض الحقيقي والإيداع أو يصدر حكم نهائي بصحتهما فإذا لم يقبل الدائن العرض الحقيقي والإيداع جاز للمدين استصدار حكم نهائي بصحة العرض والإيداع.
غير أنه لا يتحتم في حالة عدم قبول الدائن العرض الفعلي والإيداع استصدار حكم نهائي بصحتهما ، وإنما يصح أن يثبت المدين صحتهما إذا نازعه الدائن في ذلك في دعوى يقيمها.
ويترتب على قبول العرض والإيداع أو الحكم بصحتهما أن تبرأ ذمة المدين اعتبارا من يوم العرض وليس من يوم الإيداع أو الحكم .
ومجال الحكم بصحة العرض والإيداع أن يكونا قد تم طبقاً لأحكام القانون وأن يكون امتناع الدائن عن قبول الوفاء بغير مبرر.
وكما يكون طلب القضاء بضمة العرض والإيداع أو بصحة الإيداع المباشر صريحاً يصح أن يكون ضمنياً.
تنص المادة (490) من قانون المرافعات على أنه :
" لا يحكم بصحة العرض الذي لم يعقبه إيداع إلا إذا تم إيداع المعروض مع فوائده التي استحقت لغاية يوم الإبداع ، وتحكم المحكمة مع صحة العرض ببراءة ذمة المدين من يوم العرض".
ففي دعوى صحة العرض والإيداع، لا يجوز الحكم بصحة العرض وحده إذا لم يعقبه إيداع ، أو أي إجراء مماثل كوضع المعروض تحت الحراسة على النحو الذي قدمناه ، ولا يقتصر الأمر على عرض المعروض وحده ، بل يجب أن يعرض ويودع مع فوائده سواء كانت قانونية أو اتفاقية التي استحقت لغاية يوم الإيداع.
وإذا تمثل الدين في الثمن أو الباقي منه ، فلا يلتزم المشتري بالوفاء بها مع الثمن إلا إذا كان البائع قد قام بالوفاء بالتزامه بتسليم المبيع بشرط أن يكون المبيع ينتج ثمرات أو إيراداً فإن لم يكن البائع قد سلم المبيع أو كان قد سلمه ولكنه لم يكن ينتج ثمرات أو إيراداً ، فإن المشترى لا يلتزم بفوائد عن الثمن فتبرأ ذمته بعرضه أو إيداعه دون فوائد. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الرابع ، الصفحة : 381)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة ۳۲۹)
يقوم العرض الحقيقي بالنسبة الى المدين مقام الوفاء ، اذا تلاه ايداع يتم وفقا لاحكام قانون المرافعات أو تلاه أي اجراء مماثل وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته •
هذه المادة تطابق الماده ۳۳۹ من التقنين الحالي .
و تطابق المادة ۳۲۷ من التقنين الأردني •
و تطابق المادة 402 من التقنين الكويتي .
و تقابل الفقرة الأولى من المادة 386 من التقنين العراقي التي تنص على أن لا يقوم الايداع مقام الوفاء إلا اذا قبله الدائن او صدر حكم بصحنه.