مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 214
مذكرة المشروع التمهيدي :
1-إذا كان الدين معين المقدار مستحق الأداء، فلا يجوز أن يلزم الدائن بقبول الوفاء بجزء منه ولو كان قابلاً للانقسام، فالأصل أن الدائن يستأدى الدين بأسره، على أن هذا الحكم لا يجري على إطلاقه بل ترد عليه استثناءات معينة .
قد يتفق على تخويل حق تجزئة الوفاء، وقد تولى القاضى للمدن أجلاً معتدلاً اليتيسر له الوفاء (نظرة الميسرة)، وقد يليح القانون هذه التجزئة، كما هو الشأن في الخلافة على دين الدائن من طريق الميراث، والمقاصة بقدر الأقل من الدئنين اللذين يلتقيان قصاصاً، واحتساب الخصم من مجموع الديون بنسبة مقدار کل منهما، وحق التقسيم عند تعدد الكفلاء.
2-وقد يتصور إعمال قاعدة عدم تجزئة الوفاء إعمالا عكسية لمصلحة المدينه يكون له أن يصر على أداء الدين بأسره، ولو قبل الدائن الاقتصار على استيفاء جزء منه، أما إذا كان الدین متنازعة وأقر المدين بجزء منه، فليس له أن يمتنع عن الوفاء بهذا الجزء متى طالب به الدائن، بدعوى التريث حتى يحسم النزاع في الجزء الآخر، و يتيسر له قضاء حق الدائن كاملاً (أنظر في هذا المعنى المادة 1169 من التقنين الإسباني والمادة 722 من التقنين البرتغالي، والمادة 777 من التقنين الأرجنتيني والمادة 69 فقرة 2 من تقنين الالتزامات السويسري) .
1 ـ مفاد نص المادتين 348،1/342 من القانون المدني أنه لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاءً جزئياً لحقه ، وأن نفقات الوفاء تكون على المدين ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ، وكان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن مصروفات العرض والإيداع ورسم الإنذار تكون على الدائن فى حالة تعسفه فى عدم قبول العرض وأن رفضه كان بغير مسوغ قانوني .
(الطعن رقم 472 لسنة 69 جلسة 2000/09/25 س 51 ع 2 ص 912 ق 173)
2 ـ إنه و إن كانت المادة 342 /2 من القانون المدنى تنص على أنه ليس للمدين أن يرفض الوفاء بالجزء المعترف به من الدين إذا قبل الدائن إستيفاءه إلا أن المادة 349 من ذات القانون تخوله إذا وفى الدين كله حق المطالبة برد سند الدين أو إلغائه ، فإذا رفض الدائن ذلك جاز أن يودع الشىء المستحق إيداعا قضائيا .
(الطعن رقم 94 لسنة 37 جلسة 1972/02/17 س 23 ع 1 ص211 ق 33)
القاعدة – عدم جواز تجزئة الوفاء : لما كان الوفاء يجب أن يكون بنفس الشىء المستحق، وجب تبعاً لذلك أن يكون بكل الشيء المستحق فلا يصح، من جهة أن يجبر المدين الدائن على أن يقبل استيفاء جزء من الدين، إذا كان كل الدين حالاً واجب الأداء، ولا يصح من جهة أخرى، أن يجبر الدائن المدين على الوفاء بجزء من الدين واستبقاء الجزء الآخر فى ذمته، كل هذا حتى لو كان الدين نفسه قابلاً للتجزئة، فإن الدين فيما بين الدائن والمدين يصبح غير قابل للتجزئة ولو كانت طبيعته تقبل التجزئة.
وغني عن البيان أن عدم جواز تجزئة الوفاء لا ينطبق إلا على الدين الواحد، فإذا تعددت الديون، وحلت جميعها، فليس للدائن أن يمتنع عن استيفاء أى من هذه الديون إذا أراد المدين الوفاء به، بدعوى أن المدين لا يفي بالديون جميعاً فهو يجزئ الوفاء، إذا أن المدين لا يجزئ الوفاء فى الدين الواحد وعلى الدائن فى حالة أن يقبل استيفاء الديون التى يعرضها المدين، ثم يجبر المدين بعد ذلك على الوفاء بالديون التى لم يف بها.
الاستثناءات – جواز تجزئة الوفاء : وتقضي الفقرة الأولى من المادة 342 مدني، فيما رأينا، بجواز الخروج على قاعدة عدم جواز تجزئة الوفاء، إما بحكم الاتفاق وإما بحكم القانون :
-1فقد يتفق الدائن والمدين على تجزئة الوفاء، فتجوز التجزئة عند ذلك نزولاً على اتفاقهما، لأن قاعدة عدم التجزئة ليست من النظام العام .
وقد يكون هذا الاتفاق سابقاً على الوفاء، ويكون صريحاً أو ضمنيا، ويعتبر اتفاقاً ضمنياً على تجزئة الوفاء أن يتفق الطرفان على أن يكون وفاء الدين فى مكانين مختلفين، فى القاهرة وفى الإسكندرية مثلاً،فيخلص من ذلك حتماً أن الطرفين اتفقا على تجزئة الدين إلى جزئين أحدهما يدفع فى القاهرة والآخر فى الإسكندرية، وإذا لم يعينا مقدار كل جزء كل الجزءان متساويين.
وقد يكون الاتفاق واقعاً وقت الوفاء نفسه دون أن يكون هناك اتفاق سابق، فإذا وفى المدين بعد حلول الدين الدائن بجزء منه، وقبل الدائن هذا الوفاء الجزئي، صح ذلك، ويكون هناك اتفاق على تجزئة الوفاء وقع عند الوفاء نفسه .
-2 وقد يقضى القانون بجواز تجزئة الوفاء، كما فعل فى المقاصة، فإنه إذا توافرت شروطها، سقط الدينان بقدر الأقل منهما، ومعنى ذلك أن الدين الأكبر، الذى لم يسقط إلا جزء منه في مقابلة الدين الأصغر، يكون قد وفى وفاء جزئياً على هذا النحو ) أنظر م 365 / 2 مدني).
-3 وقد يقضي القانون أيضاً بجواز تجزئة الوفاء، كما فعل في الدفع بالتقسيم فيما بين الكفلاء . فإنه إذا تعدد الكفلاء بعقد واحد فى الدين الواحد، ولم يكونوا متضامنين، قسم الدين بينهم، ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بجزء من الدين هو نصيبه فيه، وفى هذا إجبار للدائن على الوفاء الجزئي، وقد نصت المادة 792 مدني فى هذا المعنى على ما يأتي : " 1 - إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وبعقد واحد وكانوا غير متضامنين فيما بينهم، قسم الدين عليهم، ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بقدر نصيبه فى الكفالة . 2 - أما إذا كان الكفلاء قد التزاموا بعقود متوالية، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم ."
-4وقد يقضي القانون أيضاً بجواز تجزئة الوفاء، كما فعل فى نظرة الميسرة عندما أجاز للقاضي أن يقسط الدين على المدين إلى آجال معقولة ) م 346 / 2 مدنى (سنتناول هذه المسألة تفصيلاً عند الكلام فى زمان الوفاء.
-5وقد يقضي القانون أيضاً بجواز تجزئة الوفاء ،كما فعل فى الفقرة الثانية من المادة 342 مدني فيما رأينا، فإن هذه الفقرة تقضي بأنه "إذا كان الدين متنازعاً فى جزء منه وقبل الدائن أن يستوفي الجزء المعترف به، فليس للمدين أن يرفض الوفاء بهذا الجزاءز" ذلك أنه كما لا يستطيع المدين أن يجبر الدائن على قبول وفاء جزئي، كذلك لا يستطيع الدائن، كما قدمنا، أن يجبر المدين على هذا الوفاء ،ومع ذلك إذا كان الدين متنازعاً فى جزء منه، فالدائن يدعي أنه مائة ويدعي المدين أنه خمسون، فللدائن أن يجبر المدين على الوفاء بالخمسين وهو الجزء الذى يعترف به، على أن يحسم النزاع بعد ذلك فى الجزء الباقي المتنازع عليه، وليس للمدين أن يرفض هذا الوفاء الجزئي، ويأبى أن يدفع شيئاً حتى يحسم النزاع فى الجزء المتنازع عليه، أو يأبى أن يدفع الخمسين إلا بعد أن يقرّ له الدائن أن هذا هو كل الدين .الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث - المجلد الثاني الصفحة / 895
متى أصبح الدين مستحق الأداء، تعين على المدين الوفاء به كاملاً، إذا ليس له أن يجبر الدائن على قبول وفاء جزئي وكذلك الحال بالنسبة للدائن إذ ليس له أن يجبر المدين على أن يوفي له جزء من الدين، حتى لو كان الدین قابلاً للانقسام بطبيعته، لكن أن كان الدين متنازعاً في مقداره، بأن إعتبره الدائن ألفاً بينما اعتبره المدين ثمانمائة، فإن المدين يلتزم بالوفاء بمبلغ الثمانمائة جنيه إذا طلب الدائن ذلك، إذ ليس للمدين أن يمتنع عن الوفاء بهذا الجزء المعترف به بدعوى التريث حتى يحسم النزاع في الجزء الآخر ويتيسر له قضاء حق الدائن كاملاً.
وقاعدة عدم جواز تجزئة الوفاء، ليست متعلقة بالنظام العام، لذلك يجوز الاتفاق على تجزئة الوفاء، صراحة أو ضمناً، يستوي أن يتم الاتفاق وقت نشأة الدين، أو وقت الوفاء ولا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعدم جواز الوفاء الجزئي من تلقاء نفسها، ويعتبر البيع بالتقسيط ديوناً متعددة بعدد الأقساط .
وقد تتحقق التجزئة بحكم القانون كما في المقاصة م 265 وفي الكفالة م 792 وفي نظرة الميسرة م 346 وفي تجزئة مبلغ الدين على ورثة الدائن إذ يكون لكل وارث أن يطالب بحصته في الدين. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس الصفحة/ 332)
لا يجوز للمدين أن يجبر الدائن على أن يقبل وفاءً جزئياً لحقه، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك، ويعتبر وجوب الوفاء بكل الشئ المستحق أو عدم تجزئة الوفاء، نتيجة الضرورة الوفاء بنفس الشيء الذي ورد في المادة السابقة، فمادام المدين يتعين عليه الوفاء بالشيء المستحق وجب عليه أن يفي به كله ولم تجز تجزئته، فللدائن الحق في أن يستوفي دينه كله دفعة واحدة، فإذا كان للدائن فوائد زيادة على أصل الدين، فإن له الحق في أن يرفض قبول الوفاء بهذا الأصل إذا كان المدين لم يقدم الفوائد في نفس الوقت، لأن الفوائد تعتبر من ملحقات الأصل، أما إذا كان الدائن ديون متعددة، فإن للمدين أن يفي بأحدها، وليس للدائن أن يرفض هذا الوفاء بحجة عدم الوفاء بالديون الأخرى لأن مبدأ عدم تجزئة الوفاء لا يقوم إلا بالنسبة إلى الدين الواحد .
وهذه القاعدة ليست متعلقة بالنظام العام ولذلك جاء بعجز الفقرة الأولى من المادة عبارة "ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك".
وعلى ذلك إذا اتفق الطرفان على تجزئة الوفاء وقت العقد أو وقت الوفاء، تعين إعمال الاتفاق، وقد يجيز نص خاص تجزئة الوفاء، ومثال ذلك:
1- إذا تعدد الكفلاء، دون أن يكونوا متضامنين، لم يجز للدائن أن يرجع على أي منهم إلا بقدر نصيبه في الكفالة، فلا يستوفي دينه إلا جزءً جزءاً، وذلك بناء على ما للكفيل من حق تقسيم الدين (م 792 / 1 مدني) .
2- أن يكون المدين ذا عسرة واستعمل القاضي سلطته في تقسيط الدين بناء على المادة 346 / 2 مدني.
3- في المقاصة، إذا تقابل دينان أحدهما أكبر من الآخر، وقعت المقاصة بينهما بقدر الدين الأصغر(م 365 / مدني).
تنص الفقرة الثانية من المادة على أن: "فإذا كان الدين متنازعاً في جزء منه وقبل الدائن أن يستوفي الجزء المعترف به، فليس للمدين أن يرفض الوفاء بهذا الجزء".
فلئن كان اللدائن أن يرفض الوفاء الجزئي فكذلك للمدين، إذا أراد الدائن استيفاء بعض الدين، أن يصر على أداء الدين بأسره حتى تبرأ ذمته براءة تامة غير أن هذا النص أورد استثناء من القاعدة المذكورة، فإذا كان الدين متنازعاً فيه، وأقر المدين بجزء منه، وقبل الدائن أن يستوفي الجزء المعترف به لحين الفصل في النزاع بالنسبة للباقی، فليس للمدين أن يرفض الوفاء بهذا الجزء بدعوى التريث حتى يتم حسم النزاع.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع الصفحة/ 392)
وهذا النص يكفل للدائن الحق في أن يحصل على دينه دفعة واحدة، إذ ربما تكون له مصلحة في ذلك، وربما يترتب له على تجزئة الوفاء ضياع تلك المصلحة، فلذلك قرر المشرع مبدأ عدم تجزئة الوقاء paiement indivisibilita e غير أن هذا المبدأ لا يتعلق بالنظام العام بل هو مقرر لمصلحة الدائنان فإن شاء تمسك به، وان شاء تنازل عنه وقبل الوفاء الجزئي، ولكن ليس ثمة ما يمنع المدين من التمسك بهذا المبدأ، فيرفض الوفاء الجزئي الذي يطالبه به الدائن، فللمدين أن يصر على أداء الدين باكمله استناداً إلى هذا المبدأ لو رغب الدائن في الاقتصار على جزء منه، إلا إذا كان الدين متقارعاً في جزء منه وقبل الدائن أن يستوف الجزء المعترف به، فليس للمدين أن يرفض الوفاء بهذا الجزء في انتظار انتهاء المنازعة) (المادة 342/ 2 مدني).(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 722)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاوثون ، الصفحة / 271
مُدَاخَلَةٌ
التَّعْرِيفُ :
1 - الْمُدَاخَلَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ دَاخَلَ يُقَالُ: دَاخَلْتُ الأْشْيَاءَ مُدَاخَلَةً وَدِخَالاً: دَخَلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، وَدَاخَلَ الْمَكَانَ: دَخَلَ فِيهِ، وَدَاخَلَ فُلاَنًا: دَخَلَ مَعَهُ، وَدَاخَلَ فُلاَنًا فِي أُمُورِهِ شَارَكَهُ فِيهَا .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .
الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ :
2 - إِنْ بَاعَ الشَّخْصُ أَرْضًا أَوْ سَاحَةً أَوْ عَرْصَةً أَوْ رَهَنَ أَوْ أَوْصَى أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ وَقَفَ أَوْ أَصْدَقَ وَقَالَ: (وَبِمَا فِيهَا) دَخَلَ فِي الْعَقْدِ مَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ وَأَبْنِيَةٍ، وَإِنِ اسْتَثْنَاهَا بِأَنْ يَقُولَ: (دُونَ مَا فِيهَا) خَرَجَتْ وَلَمْ يَدْخُلْ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْعَقْدِ، وَهَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ .
وَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ مَا جَازَ إِيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ: بِأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ وَنَحْوَهُ وَلَمْ يَزِدْ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ وَبِنَاءٍ؛ لأِنَّ هَذِهِ الأْشْيَاءَ لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ فِي الأْرْضِ ، فَأَشْبَهَتْ جُزْءًا مِنَ الأْرْضِ فَتَتْبَعُهَا كَالشُّفْعَةِ، وَكَالْبَيْعِ كُلُّ نَاقِلٍ لِلْمِلْكِ: كَالْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالصَّدَقَةِ وَالإْصْدَاقِ .
وَلِلتَّفْصِيلِ (ر: بَيْعٌ ف 35 وَمَا بَعْدَهَا).
_________________________________________________