مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 135
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - تبين هاتان المادتان مكان الوفاء بالثمن وزمانه :
أما المكان ، فقد كانت القواعد العامة تقضي بأن يكون موطن المشتري وقت استحقاق الثمن، وهذا ما قرره المشروع فيما إذا لم يكن الثمن مستحقاً وقت تسليم المبيع، أما إذا كان مستحقاً في هذا الوقت، فإن البيع وهو عقد ملزم للجانبين يجب أن ينفذ جملة واحدة فيدفع الثمن وقت تسليم المبيع و في مكان هذا التسليم، كل هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره ، ويتضمن التقنين الحالي (م 328 - 329/ 406 - 409) هذه الأحكام نفسها .
وأما الزمان، فالثمن يستحق الدفع في الوقت الذي يسلم فيه المبيع، حتى تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت واحد، وقد سبق أن المبيع يسلم وقت تمام البيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك، وقد يتفق المتعاقدان على أن يدفع الثمن بعد أو قبل تسليم المبيع، كأن يتفقا على أن يدفع الثمن حالاً بمجرد تمام البيع ولو كان تسليم المبيع مؤجلاً، أوعلى أن يدفع الثمن مؤجلاً على أقساط أو جملة واحدة ولوكان المبيع قد سلم في الحال، وقد يقضى العرف بأحكام أخرى فيتعين اتباعها ، وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين الحالي (م 329/ 407 ) .
2 - ويلاحظ أن الثمن إذا استحق طبقاً لما تقدم بيانه من القواعد يجوز للمشترى حبسه إذا وقع له تعرض من أجني يكون مبنياً على سبب قانوني، أو وجدت أسباب يخشى معها على المبيع أن يستحق (فلا يشترط وقوع التعرض فعلاً كما في ضمان التعرض)، أو كشف المشتري في المبيع عيباً يضمنه البائع، و حق الحبس هذا ليس إلا تطبيقاً للحق في الحبس وللدفع بعدم تنفيذ العقد وهما مقرران في القواعد العامة، ويبقى حق المشتري في حبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو حتى يزول خطر الاستحقاق أو حتى يحسم النزاع المتعلق بالعيب، على أن هذا الحق يسقط بأحد أمرين :
(أ) بأن يكون في العقد شرط يحرم المشترى منه فهو ليس من النظام العام ، (ب) أو بأن يؤدى البائع كفيلاً للمشتری (و قد تكون الكفالة عينية) يضمن له ما عسى أن يترتب على ضمان التعرض أو الاستحقاق أو العيب من تعويض، وهذه الأحكام مطابقة لأحكام التقنين الحالى (م 331/ 411 - 412).
3 - ويتبين من كل ما تقدم أنه إذا لم يوجد اتفاق خاص أو عرف يكون المبيع مستحق التسليم وقت تمام البيع، والثمن مستحق الدفع في هذا الوقت أيضاً، ومن هذا الوقت كذلك يكون للبائع فوائد الثمن و للمشتري ثمرات المبيع .
1 ـ إذ كان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده لم يسلمه مستندات الملكية اللازمة لتسجيل العقد ، وأن عقد البيع لم يشر فيه إلى سند ملكيته ، مما يخوله الحق فى حبس باقى الثمن ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه رفض هذا الدفع على سند من أن عقد البيع سالف الذكر خلا من النص على حق المشترى فى حبس باقى الثمن ، مخالفاً بذلك الأصل المقرر بالفقرة الثانية من المادة 457 من القانون المدنى - فيما جرى به من ثوت ذلك الحق للمشترى مالم يمنعه شرط فى العقد- فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه ، و إذ حجبه هذا الخطأ عن التحقق من توافر الشروط اللازمة لقيام ذلك الحق ، فإنه فضلاً عما تقدم يكون مشوبا بقصور يبطله .
(الطعن رقم 4695 لسنة 68 جلسة 1999/11/30 س 50 ع 2 ص 1197 ق 234)
2 ـ المقرر _فى قضاء هذه المحكمة _أن عقد البيع عقد تبادلى ينشئ بين طرفيه التزامات متقابلة . وقد أوجبت المادة 439 من القانون المدنى على البائع أن يمتنع عن كل تعرض من جانبه للمشترى فى حيازته للمبيع ، وكان التعرض الشخصى الذى يضمنه البائع فى مفهوم هذه المادة هو كل عمل يعكر على المشترى حقه فى حيازة المبيع والانتفاع به ، وهذا الالتزام المستمر على عاتق البائع يقابله التزام المشترى بأداء الثمن ، وقد خوّلت المواد 161 ، 1/246 ، 2/457 من القانون المدنى المشترى حق حبس الثمن حتى يمتنع التعرض .
(الطعن رقم 8484 لسنة 66 جلسة 1997/12/17 س 48 ع 2 ص 1480 ق 275)
3 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 2/457 من القانون المدنى أن المشرع و إن أجاز للمشترى الحق فى حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده إلا أن تقدير جدية السبب الذى يولد الخشية فى نفس المشترى من نزع المبيع من تحت يده هو من الأمور التى تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها فى ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله .
(الطعن رقم 1455 لسنة 53 جلسة 1987/06/14 س 38 ع 2 ص 822 ق 174)
4 ـ مفاد نص المادة 2/457 من القانون المدنى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أجاز للمشترى إذا تبين له وجود سبب جدى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن و لو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذى يتهدده ، و علم المشترى وقت الشراء بالسبب الذى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذى يتهدده و يكون فى ذات الوقت معتمداً على البائع فى دفع هذا الخطر قبل إستحقاق الباقى فى ذمته من الثمن ، و تقدير جدية هذا السبب هو مما يستقل به قاضى الموضوع إلا أنه يجب أن يقيم قضاءه فى هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفى لحمله .
(الطعن رقم 1252 لسنة 50 جلسة 1984/05/06 س 35 ع 1 ص 1186 ق 227)
5 ـ أجاز المشرع للمشترى فى المادة 457 من القانون المدنى الحق فى حبس الثمن إذا تبين وجود سبب جدى يخشى معه نزع المبيع من يده ، و مفاد هذا النص أن مجرد قيام هذا السبب ، و لو لم يكن للبائع يد فيه يخول للمشترى الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ، و لو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذى يهدده ، و تقدير جدية السبب الذى يولد الخشية فى نفس المشترى من نزع المبيع من تحت يده - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التى يستقل بها قاضى الموضوع ، و لا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(الطعن رقم 709 لسنة 48 جلسة 1982/11/18 س 33 ع 2 ص 934 ق 169)
6 ـ مفاد نص المادة 2/457 من القانون المدنى أن المشرع أجاز للمشترى الحق فى حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدى يخشى معه نزع المبيع من يده و تقدير جدية السبب الذى يولد الخشية فى نفس المشترى من نزع المبيع من يده هو - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التى تستقل بها محكمة الموضوع و لا رقابة عليها فى ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله .
(الطعن رقم 388 لسنة 48 جلسة 1981/11/18 س 32 ع 2 ص 2052 ق 371)
7 ـ من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه فى العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما إلتزم به ، و أن المشرع أجاز تطبيقاً لهذا الأصل فى الفقرة الثانية من المادة 457 من القانون المدنى للمشترى ما لم يمنعه شرط فى العقد أن يحبس الثمن إذا أخيف على المبيع أن ينزع من يده ، و ذلك ما لم يكن قد نزل عن هذا الحق بعد ثبوته له أو كان فى العقد شرط يمنعه من إستعماله ، و قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقدير جدية السبب الذى يولد الخشية فى نفس المشترى من نزع المبيع من تحت يده يعتبر من الأمور التى يستقل بها قاضى الموضوع و لا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة .
(الطعن رقم 1192 لسنة 47 جلسة 1981/04/22 س 32 ع 1 ص 1212 ق 223)
8 ـ مفاد نص المادة 2/457 من القانون المدنى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أجاز للمشترى حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده ، فمجرد قيام هذا السبب لدى المشترى يخول له الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن و لو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذى يتهدده ، و علم المشترى وقت الشراء بالسبب الذى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذى يتهدده و يكون فى ذات الوقت معتمداً على البائع لدفع هذا الخطر قبل إستحقاق الباقى فى ذمته من الثمن ، و لم يقصر المشرع فى المادة المذكورة حق المشترى فى حبس الثمن على وقوع تعرض له بالفعل و إنما أجاز له هذا الحق أيضاً و لو لم يقع هذا التعرض إذا تبين له وجود سبب جدى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده ، و تقديره جدية السبب الذى يولد الخشية فى نفس المشترى من نزع المبيع من تحت يده هو من الأمور التى يستقل بها قاضى الموضوع و لا رقابه عليه فى ذلك لمحكمة النقض متى أقام قضاء على أسباب سائغة تكفى لحمله .
(الطعن رقم 711 لسنة 47 جلسة 1981/02/10 س 32 ع 1 ص 473 ق 92)
9 ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل إتفاق الطرفين و خلص بأسباب سائغة و لها سندها إلى ثبوت الأسباب الجدية التى يخشى منها نزع المبيع من يد المطعون ضدهم ، و أن الطاعنة قصرت فى تنفيذ إلتزامها بالوفاء بكامل دين الرهن - للبنك - و تسليم المستندات اللازمة للتوقيع على العقد النهائى ، و هى الإلتزامات المقابلة لإلتزام المطعون ضدهم بأداء باقى الثمن مما يخولهم حق حبسه عملاً بالمادتين 161 ، 2/457 من القانون المدنى و يجعل وفاءهم به عن طريق إيداعه صحيحاً طبقاً لما تقضى به المادة 338 من هذا القانون لثبوت الأسباب الجدية التى أوردها تبريراً لهذا الإجراء فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، و لا يقدح فى ذلك أن يكون الحكم قد أخطأ فى وصف إشتراط الطاعنة فى العقد أن الرهن لا يمنع من سداد الثمن بأنه شرط قائم على الغش فى حين أنها لم تخف الرهن على المطعون ضدهم و أجازت لهم حبس الدين و فوائده من باقى الثمن ، لأن ذلك الوصف لم يكن لازما لقضائه .
(الطعن رقم 274 لسنة 40 جلسة 1975/12/10 س 26 ص 1606 ق 301)
10 ـ مفاد نص المادة 2/457 من القانون المدنى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أجاز للمشترى الحق فى حبس الثمن إذا تبين وجود سبب جدى يخشى معه نزع المبيع من يده ، فمجرد قيام هذا السبب لدى المشترى يخول له الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ، و لو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذى يهدده ، و ذلك ما لم يكن قد نزل عن هذا الحق بعد ثبوته له أو كان فى العقد شرط يمنعه من استعماله ، فعلم المشترى وقت الشراء بالسبب الذى يخشى معه نزع المبيع من يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق ، لأنه قد يكون محيطا بالخطر الذى يتهدده و يكون فى نفس الوقت معتمدا على البائع فى دفع هذا الخطر قبل استحقاق الباقى فى ذمته من الثمن ما دام أنه لم يشترط ساقط الخيار.
(الطعن رقم 57 لسنة 36 جلسة 1970/04/14 س 21 ع 2 ص 604 ق 97)
12 ـ عقد البيع عقد تبادلى ينشىء بين طرفيه التزامات متقابلة ، وقد أوجبت المادة 439 من القانون المدنى على البائع أن يمتنع عن كل تعرض من جانبه للمشترى فى حيازته للمبيع سواء كان التعرض ماديا أو قانونيا - وهذا الالتزام المستمر الملقى على عاتق البائع يقابله التزام المشترى بأداء الثمن ، وقد خولت المادة 457 من القانون المدنى فى فقرتها الثانيه المشترى حق حبس الثمن حتى يمتنع التعرض .
(الطعن رقم 120 لسنة 25 جلسة 1959/12/17 س 10 ع 3 ص 810 ق 122)
13 ـ أجاز المشرع للمشتري فى المادة 457 من القانون المدني الحق فى حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من يده، ومفاد ذلك أن مجرد قيام هذا السبب يخول للمشتري الحق فى أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يهدده، ما لم يكن قد نزل عن هذا الحق بعد ثبوته له أو كان فى العقد شرط يمنعه من استعماله، وإذ كان تقدير جدية هذا السبب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أنه يجب أن يقيم قضاءه فى هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله، وإذ ما تمسك المشتري أمام محكمة الموضوع بحقه فى حبس الثمن مستنداً فى ذلك إلى سبب يتسم بالجدية، يتعين على تلك المحكمة أن ترد على هذا الدفاع بأسباب خاصة بإعتباره دفاعاً جوهرياً يتغير به - إن صح - وجه الرأي فى الدعوى، وإلا شاب حكمها القصور المبطل.
(الطعن رقم 3230 لسنة 68 جلسة 1999/05/09 س 50 ع 1 ص 637 ق 125)
14 ـ لم يقصر المشرع فى المادة 2/457 من القانون المدني حق المشترى فى حبس الثمن على وقوع تعرض له بالفعل ، وإنما أجاز له هذا الحق أيضا ولو لم يقع هذا التعرض ، إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده ، وتقدير جدية السبب الذي يولد الخشية فى نفس المشتري من نزع المبيع من تحت يده هو من الأمور التي يستقل بها قاضى الموضوع ، ولا رقابة عليه فى ذلك لمحكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله . وإذ كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى فى استدلال سديد ، إلى أن عدم تسجيل الطاعن عقد مشتراه العرفي من المالكين الأصليين من شأنه أن يولد فى نفس المطعون ضده خشية جدية تؤذن بنزع العقار من تحت يده ، فإن ما يثيره الطاعن بعد ذلك بشأن جدية هذه الخشية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 390 لسنة 39 جلسة 1974/11/25 س 25 ع 1 ص 1278 ق 218)
15 ـ أحقيه البائع لإقتضاء باقى ثمن المبيع و حق المشترى فى حبسه وجهان متقابلان لشىء واحد و القضاء بأحقية البائع لباقى الثمن و بإلزام المشترى بأدائه يندرج فيه حتما القضاء بأن المشترى لا يحق له أن يحبسه و تكون دعوى المشترى بأحقيته فى حبسة خشية إستحقاق المبيع كله أو بعضه للغير عودة لا تجوز إلى ذات النزاع الذى حاز القضاء السابق فيه قوة الأمر المقضى و إلا إنقلب دفعه بعدم تنفيذ إلتزامه إلى دفع بعدم تنفيذ الحكم الصادر ضده .
(الطعن رقم 319 لسنة 38 جلسة 1974/02/11 س 25 ع 1 ص 327 ق 53)
(الطعن رقم 1651 لسنة 68 جلسة 2012/10/13 س 63 ص 1056 ق 167)
2 ـ مفاد نص المادة 452 من القانون المدنى أن الالتزام بضمان العيوب الخفية يسقط بمضى سنه من وقت تسلم المشترى للمبيع ما لم يكن البائع قد تعمد إخفاء العيب عن غش منه .
(الطعن رقم 3712 لسنة 59 جلسة 1994/02/20 س 45 ع 1 ص 400 ق 83)
3 ـ إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين قد أثبتوا على وجه حافظتى مستنداتهما لمحكمة الاستئناف بجلستى 1986/11/8، 1987/11/9 دفاعا حاصلة تمسكهم بسقوط دعوى الضمان بالتقادم عملاً بالمادة 452 من القانون المدنى لفوات أكثر من سنة من تاريخ تسلم المطعون عليه الأول الشقتين المبيعتين له والذى تم بتاريخ 1976/1/12 مستدلين على ذلك بإقرار صادر منه وكان هذا الدفاع جوهريا من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى _.. دون أن يعرض الحكم فيه لهذا الدفاع الذى أبداه الطاعنون لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ويعنى بتمحيصه فإنه يكون معيباً .
(الطعن رقم 3712 لسنة 59 جلسة 1994/02/20 س 45 ع 1 ص 400 ق 83)
4 ـ مفاد نص المادة 452 من القانون المدنى أن الإلتزام بضمان العيوب الخفية يسقط بمضى سنة من وقت تسلم المشترى للمبيع ، غير أنه إذا تعمد البائع إخفاء العيب عن غش منه فلا تسقط دعوى الضمان فى هذه الحالة إلا بمضى خمس عشرة سنة من وقت البيع . و لما كان يبين مما قرره الحكم أنه رغم أن البائع - مورث الطاعنين - كان يعلم أن الدور الأول من العقار المبيع كان مؤجراً من قبل بمبلغ ثمانية جنيهات شهرياً فإنه ضمن للمشترين المطعون عليها الثانية و مورث المطعون عليها الأولى - أن العقار يغل قدراً أكبر من الريع إذ إستأجر منهما هذا الدور بمبلغ 35 ج شهرياً لمدة ثلاث سنوات من تاريخ التوقيع على العقد النهائى على أن تكون الأجرة 30 ج شهرياً بعد إنتهاء هذه المدة مما جعل المشتريين يقبلان على تحديد ثمن العقار بمبلغ 8500 ج ، ثم أقام ورثة البائع دعوى قضى فيها بتخفيض الأجرة و خلص الحكم من ذلك إلى أن المبيع به عيب خفى تعمد البائع إخفاءه عن المشترين غشاً منه و إستند إلى أسباب سائغة تكفى لحمله فى هذا الخصوص ، و كان الحكم فيما أورده على النحو سالف الذكر قد بين عناصر الغش الذى نسبه إلى البائع و كيف أنه تعمد إخفاء العيب ، و إذ رتب الحكم على ما إنتهى إليه أن مدة تقادم دعوى الضمان فى هذه الحالة تكون خمس عشرة سنة من تاريخ العقد و أن هذه المدة لم تنقضى بعد حتى تاريخ رفع الدعوى ، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 608 لسنة 40 جلسة 1975/10/28 س 26 ص 1345 ق 257)
5 ـ لا يجوز للبائع طبقا للفقرة الثانية من المادة 452 من القانون المدنى أن يتمسك بمدة السنة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشا منه ، و إذ كان المشرع قد ألحق حالة تخلف الصفة بالعيب الخفى و أجرى عليه أحكامه فيما يختص بقواعد الضمان ، بأن جعل للمشترى الرجوع على البائع فى هذه الحالة بدعوى ضمان العيوب الخفية ، تحقيقاً لإستقرار المعاملات ، فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضائه برفض الدفع بسقوط الدعوى على أساس تعمد البائع إخفاء هذا العيب غشا منه ، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه ، ذلك أن مدة التقادم تكون فى هذه الحالة 15 سنة أخذا بالأصل العام المعمول به بشأن مدة التقادم.
(الطعن رقم 81 لسنة 36 جلسة 1970/04/23 س 21 ع 2 ص 697 ق 113)
6 ـ ضمان البائع للمشترى إغلال العقار المبيع قدرا معينا من الريع يعتبر كفالة من المشترى لصفة فى المبيع مما تعنيه المادة 447 من القانون المدنى بقولها " يكون البائع ملزما بالضمان إذا لم يتوافر فى المبيع وقت التسليم الصفات التى كفل للمشترى و جودها فيه " . و تخلف الصفة التى كفل البائع وجودها فى المبيع و إن لم يكن عيبا فى المبيع بمعناه التقليدى الدقيق لأن العيب الخفى كما عرفته هذه المحكمة هو الآفة الطارئة التى تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع ، إلا أنه و قد ألحق المشرع حالة تخلف الصفة بالعيب الخفى و أجرى عليها أحكامه فيما يختص بقواعد الضمان ، فإن رجوع المشترى على البائع فى حالة تخلف صفة فى المبيع كفل له البائع وجودها فيه إنما يكون بدعوى ضمان العيوب الخفية ، و لا يكون للمشترى أن يرجع على البائع على أساس أنه قد أخل بإلتزام آخر مستقل عن إلتزامه بالضمان ، و إذا كان القانون قد إشترط فى العيب الذى يضمنه البائع أن يكون مؤثرا وخفيا إلا أنه لم يشترط ذلك فى حالة تخلف الصفة التى كفل البائع للمشترى وجودها فى المبيع ، فمجرد ثبوت عدم توافر هذه الصفة فى المبيع وقت التسليم موجب لضمان البائع متى قام المشترى بإخطاره و ذلك أياً كانت أهمية الصفة التى تخلفت و سواء كان المشترى يعلم بتخلفها وقت البيع أو لا يعلم ، يستطيع أن يتبينها أو لا يستطيع . لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض دعوى المشترية " طلب تخفيض ثمن العقار المبيع بنسبة ما طرأ على إيجاره من تخفيض " على أنه كان فى إستطاعتها التحقق من حقيقة أجرة العقار المبيع مما إعتبر معه العيب غير خفى فلا تضمنه البائعة ، يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه ، و إذا كان خطؤه هذا قد حجبه عما دفعت به المطعون ضدها " البائعة " من سقوط حق الطاعنة " المشترية " فى الرجوع عليها بالضمان طبقا للمادة 452 من القانون المدنى و ما أبدته الطاعنة من رد على هذا الدفع فإنه يتعين إعادة القضية إلى محكمة الموضوع .
(الطعن رقم 263 لسنة 35 جلسة 1969/05/15 س 20 ع 2 ص 796 ق 126)
7 ـ المادة 452 من القانون المدني خاصة بضمان العيوب الخفية أما دعوى ضمان الاستحقاق فإنها لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة.
(الطعن رقم 211 لسنة 45 جلسة 1978/04/27 س 29 ع 1 ص 1145 ق 225)
8 ـ لم ينص القانون المدنى القديم على ميعاد محدد لتقديم دعوى الضمان الناشىء عن وجود العيب الخفى فى العين المؤجرة وإلا سقط الحق فيها ، كما نص عليه صراحة فى حالة البيع فى المادة 324 ، و كذلك القانون المدنى الجديد الذى و إن أورد نصا خاصا فى المادة 576 على ضمان المؤجر للعيوب الخفية فى العين المؤجرة إلا أنه لم ينص على ميعاد معين لسقوط دعوى الضمان كما هو الشأن فى حالة البيع الذى حدد فيها ميعادا لرفع الدعوى بنص المادة 452 و من ثم فإنه لايجوز قياس حالة الإيجار على حالة البيع ذلك أن تجديد ميعاد لدعوى الضمان فى حالة البيع هو اجراء خاص لا يجوز التوسع فى تفسيره و تطبيقه بطريق القياس على حالة الإيجار ، كما أنه لا يتفق مع طبيعة عقد الإيجار الذى يفرض على المؤجر التزاما بضمان العيوب الخفية التى تظهر فى الشىء المؤجر مدة عقد الإيجار .
(الطعن رقم 317 لسنة 21 جلسة 1955/03/17 س 6 ع 2 ص 838 ق 109)
9 ـ إذ كان ضمان الاستحقاق الجزئى يختلف عن ضمان العيب الخفى فالأول لا يفرض وجود عيب فى المبيع بل يفرض حقاً للغير عليه فالمبيع سليم من ناحية مادته ومعيباً من ناحية ملكيته. أما العيب الخفى فيفرض وجود عيب فى المبيع لاحقاً للغير عليه فالمبيع معيب من ناحية مادته وسليم من ناحية ملكيته .
(الطعن رقم 2673 لسنة 80 جلسة 2012/12/16 س 63 ص 1173 ق 187)
10 ـ المقرر أنه إذا أنشا المشرع للدائن أكثر من دعوى لاقتضاء حقه كان له أن يختار ما يشاء من بينها، فإذا كفل البائع للمشتري وجود صفات فى المبيع، ثم تبين تخلفها عند التسليم، كان للأخير أن يرجع عليه إما بدعوى الضمان التي نظم المشرع أحكامها فى المواد من 447 إلى 454 والمادتين 443 ،444 من القانون المدني، وإما بدعوى الفسخ، أو الإبطال للغلط، متى توافرت شرائطها طبقا للقواعد العامة، ولكل منها أحكامها التي تستقل بها، فدعوى الضمان تفترض بقاء العقد ونفاذه، ولا يطلب إحلاله، وتعد إجابة المشتري لطلبه فيها تنفيذا للعقد بمقابل، ولا يرد فيه الثمن بل يقضي له بالتعويضات الواردة فى المادة 443 من القانون المدني، وتخضع للتقادم الحولي المنصوص عليه فى المادة 452 من ذات القانون، أما دعوى الفسخ فيقضي فيها على أساس انحلال العقد، ويعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد بما يستتبع استرداد المشتري لما دفعه من الثمن، مع التعويض إن كان له محل وفقاً للقواعد العامة وتتقادم بخمس عشرة سنة.
(الطعن رقم 2567 لسنة 61 جلسة 1999/06/30 س 50 ع 2 ص 955 ق 188)
11 ـ المشرع عرف البيع فيما نص عليه فى المادة 418 من القانون المدني بأنه: ".. عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر فى مقابل ثمن نقدي" وحدد التزامات البائع فيما أورده بالمواد من 428 إلى 455 وألزمه فى أولاها بأن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق المبيع إلى المشتري كما أوجب عليه - فيما ضمنته المواد 431, 432, 435 تسليم المبيع للمشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع بما فى ذلك ملحقات المبيع وما أعد بصفة دائمة لاستعماله وذلك بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول عليه استيلاء ماديا, ثم رتب - فيما ضمنه نص المواد من 439 إلى 455 - أحكام ضمان البائع ومنها ضمان عدم التعرض للمشتري فى الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله أو من فعل أجنبي على النحو وبالشروط الواردة بهذه المواد, واستتبع ذلك بيان التزامات المشتري وأورد المادة 458 متضمنة النص فى فقرتها الثانية على أن "وللمشتري ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع, وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضا هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره" وأشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني تعليقا على هذا النص "أن البيع غير المسجل كالبيع المسجل من حيث استحقاق المشتري للثمرات" وهو ما يدل جميعه على أن عقد البيع - ولو لم يكن مشهرا - ينقل إلى المشتري جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع ومنفعته من تاريخ إبرام البيع ومنها استحقاق الثمرات والنماء فى المنقول والعقار على حد سواء ما دام المبيع شيئا معينا بالذات ما لم يوجد اتفاق أو عرف يخالف ذلك, كما ينقل إليه الدعاوى المرتبطة بها بما فى ذلك طلب تسليم العين المبيعة وطرد الغاصب منها واستيداء ريعها منه باعتبار أن هذا الريع تعويض عن غصب ما يستحقه المشتري من ثمرات المبيع الذي حق له تسلمه وطرد من لا سند له فى وضع يده عليه, وهو جزء من الحق المقرر للمشتري على المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف مخالف.
(الطعن رقم 680 لسنة 64 جلسة 2003/10/12 س 50 ع 1 ص 20 )
متى يكون الثمن مستحق الدفع :
تقضي القواعد العامة بأنه "يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً في ذمة المدين، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك " (م 346 / 1 مدني) وكان مقتضى تطبيق هذه القواعد في حالة الالتزام بالثمن أن يكون الثمن مستحق الدفع فوراً بمجرد تمام البيع، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك.
وقد وجد هذا النص فعلاً، وهو النص الذي نحن بصدده أي المادة 457 مدني سالفة الذكر، ويقضي بأن يكون الثمن مستحق الدفع في الوقت الذي يسلم فيه المبيع، وذلك " حتى تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت واحد " كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي.
فإذا لم يحدد لتسليم المبيع وقت ، فقد قدمنا أن المبيع يكون واجب التسليم فوراً بمجرد تمام البيع ، ومن ثم يكون الثمن أيضاً مستحق الدفع فوراً بمجرد تمام البيع وتكون بذلك قد رجعنا إلى تطبيق القواعد العامة التي سبق بيانها على أن أنه قد لا يحدد لتسليم المبيع وقت فيكون المبيع واجب التسليم بمجرد تمام البيع كما قدمنا ، ولكن يحدد لدفع الثمن وقت فيتفق المتعاقدان على أن يدفع في نهاية اجل معين أو أن يدفع أقساطاً كل قسط في ميعاد معين ، فيجب في هذه الحالة دفع الثمن أو أقساطه في الميعاد أو المواعيد المتفق عليها مع تسليم المبيع فوراً بمجرد تمام البيع ، فلا يرتبط في هذه الحالة وقت دفع الثمن بوقت التسليم المبيع ، وقد يقضي العرف بأن يكون دفع الثمن في وقت معين ، كأن يكون دفعة بعد تسليم المبيع وقت معين أو كان التسليم واجباً فوراً بمجرد تمام البيع .
وإذا حدد التسليم المبيع وقت معين ، فعند ذلك يكون الثمن مستحق الدفع في هذا الوقت أيضاً ، ونكون بذلك قد خرجنا على القواعد العامة التي رأيناها تقضي بأن الالتزام يكون واجب الوفاء بمجرد ترتبه في ذمة المدين أي بمجرد تمام البيع ، والخروج على القواعد العامة كان بموجب نص القانون كما سبق القول ، على أنه قد يحدد التسليم المبيع وقت ويحدد وقت آخر لدفع الثمن ، فلا يكون الثمن في هذه الحالة مستحق الدفع إلا في الوقت الذي حدد لدفعه ، فيدفع جملة واحدة عند انقضاء الأجل المعين أو يدفع على أقساط كل قسط في الميعاد الذي حدد له ، وقد يتفق على تحديد وقت التسليم المبيع وعلى أن يكون دفع الثمن فوراً ، فعند ذلك يجب دفع الثمن بمجرد تمام البيع ، أما المبيع فيسلم في الوقت الذي حدد لتسليمه.
حبس المشتري للثمن : ومتى أصبح الثمن مستحق الدفع ، كان من حق البائع أن يتقاضاه من المشتري ولو جبراً عنه ، إلا أن المشتري ، وفقاً للفقرتين الثانية والثالثة من المادة 457 مدني سالفة الذكر ، يحق له أن يحبس الثمن ولو كان مستحق الدفع إذا وقع له تعرض في المبيع أو وجدت عنده أسباب جدية تجعله يخشى وقوع هذا التعرض أو وجد بالمبيع عيباً يوجب الضمان.
فوقوع تعرض بالفعل للمشتري في المبيع يوجب ضمان التعرض والاستحقاق كما سبق القول ، ويجيز في الوقت ذاته ، إذا كان المشتري لم يدفع الثمن ، أن يحبسه حتى لو كان مستحق الدفع كما قدمنا ، ذلك أنه إذا تحقق الضمان كان على البائع أن يدفع قيمة المبيع ، ومن ثم جاز للمشتري أن يحبس الثمن ليكفل رجوعه بالقيمة على البائع ، ولا يشترط أن يقع التعرض بالفعل للمشتري ، كما يشترط ذلك في تحقيق ضمان التعرض والاستحقاق ، بل يكفي أن يكون عند المشتري أسباب جدية يخشى معها من وقوع هذا التعرض ، فلو كشف أن ملكية البائع كانت ملكية معلقة على شرط فاسخ وخشي أن يكون هذا الشرط قد تحقق ، أو معلقه على شرط واقف وخشي أن يكون هذا الشرط لم يتحقق ، أو أن البائع اشتري المبيع ولم يدفع الثمن فأصبح البيع الصادر له مهدداً بالفسخ أو أن المبيع مثقل بحق رهن أو حق اختصاص أو حق ارتفاق ولو لم يتعرض صاحب هذا الحق فعلاً للمشتري في انتفاعه بالمبيع ، بل أو وجد أن هناك قيوداً على المبيع لم تشطب حتى لو أكد له البائع أن هذه القيود قد زالت أسبابها إذ من حقه أن يطلب من البائع شطب هذه القيود ففي كل هذه الأحوال تقوم عند المشتري أسباب جدية يخشى معها نزع المبيع من يده ، وإذا كان لا يستطيع أن يرفع على البائع دعوى ضمان التعرض والاستحقاق لعدم وقوع تعرض بالفعل ، فإنه يستطيع أن يحبس عنه كذلك لو كشف المشتري عيباً في المبيع وكان من العيوب التي توجب الضمان على النحو الذي قدمناه في ضمان العيوب الخفية ، فإن المشتري في هذه الحالة أيضاً أن يحبس الثمن . على أنه يشترط لجواز حبس الثمن في جميع الأحوال المتقدمة إلا يكون هناك اتفاق بين البائع والمشتري يقضي بأنه لا يحق للمشتري حبس الثمن لسبب من هذه الأسباب، ذلك أن حق الحبس الثمن ليس من النظام العام ، بل هو قد تقرر لمصلحة المشتري ، فللمشتري أن ينزل عنه قبل قيام سببه أو بعد قيام هذا السبب ويعدل ضمان البائع لاستحقاق المبيع أو للعيوب الخفية فيه ، فإن لا يكون هناك محل لحبس الثمن عنه إذ أن الثمن مستحق له حتى لو ثبت الاستحقاق أو ظهر العيب .
على أن مجرد علم المشترى وقت الشراء بالسبب الذى يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفى بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذى يهدده ويكون في ذات الوقت معتمدا على البائع ادفع هذا الخطر قبل استحقاق الباقي في ذمته من الثمن.
فإذا توافرت الشروط التي قدمناها ، كان للمشتري أن يحبس الثمن عن البائع ولو كان مستحق الدفع كما قدمنا ، ولكن يجب إلا يكون المشتري قد دفع الثمن إلى البائع ، فإذا كان قد دفعه لم يحق له استرداده منه لحبسه ويكون حق الحبس قد سقط بالدفع حتى لو أن المشتري وقت أن دفع الثمن لم يكن عالماً بقيام سبب لحبسه فإذا كان لم يدفع الثمن كان له أن يحبسه كما سبق القول ، ولا يستطيع البائع أن يطلب منه دفعه ، بل لا يستطيع أن يطلب منه إيداعه خزانة المحكمة فالمشتري حر إن شاء حبس الثمن في يده وبقى ديناً في ذمته ، وإن شاء أودعه خزانة المحكمة وبرئت ذمته منه.
غير أن له مصلحة في إيداعه خزانة المحكمة بدلاً من حبسه في يده، ليس فحسب حتى تبرأ ذمته من الثمن، بل أيضاً لقطع سريان الفوائد إن كانت مستحقة على الثمن فإن الفوائد لا تنقطع إذا بقى الثمن في ذمته ولو كان حابساً له، كما قدمنا، وتنقطع لهذا هو أودعه خزانة المحكمة، وإذا قام سبب الحبس في بعض المبيع لا في كله بأن وقع تعرض في جزء من المبيع أو خشى المشتري وقوع هذا التعرض أو ظهر على المبيع حق رهن لا يستغرقه أو حق ارتفاق أو نحو ذلك، فليس للمشتري أن يحبس كل الثمن، بل يحبس جزءاً منه يتناسب مع الخطر الذي يتهدده، فيحبس ، مثلاً ما يساوي الدين المضمون بالرهن أو يعدل قيمة حق الارتفاق أو قيمة الجزء المهدد بالاستحقاق، وحق المشتري في حبس الثمن على النحو الذي قدمناه يحتج به المشتري، ليس فحسب تجاه البائع، بل أيضاً تجاه الغير كما إذا حول البائع الثمن فإن المشتري أن يحتج بحق الحبس تجاه المحال له حتى لو كان المشتري قد قبل الحوالة ما لم يستخلص من هذا القبول نزوله عن الحق في الحبس.
وحق المشتري في حبس الثمن ، وإن ورد فيه نص خاص ( م 457 / 3 و 2 مدني ) ليس إلا تطبيقاً للدفع بعدم التنفيذ وللحق في الحبس بوجه عام فالتزام المشتري يدفع الثمن للبائع يقابله التزام البائع بنقل ملكية هادئة نافعة للمشتري ، فإذا وجدت أسباب جدية يخشى معها إلا يقوم البائع بتنفيذ التزامه ، كأن يخشى المشتري تعرض الغير فلا تخلص له الملكية الهادئة أو يكشف عيباً في المبيع فلا تخلص له الملكية النافعة ، كان له أن يقف تنفيذ التزامه بدفع الثمن حتى يقوم البائع من جهته بتنفيذ التزامه .
وتقدير جدية السبب الذى يولد الخشية في نفس المشتري من نزع المبيع من تحت يده ويخوله حق حبس ما لم يكن قد أداه من الثمن هو من الأمور التى يستقل بها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ويبقى حق المشتري في حبس الثمن قائماً ، ولا يسقط إلا بأحد أمرين إذا زال سببه ، فانقطع التعرض بنزول المتعرض عما يدعيه ، أو زوال الخطر بأن دفع البائع مثلا لمن هو رهن على المبيع الدين المضمون بالرهن أو شطب القيد المأخوذ على المبيع ، أو أصلح البائع العيب الذي كشفه المشتري في المبيع أو عوضه عنه التعويض الكافي أو حسم النزاع في شأنه . إذا قدم البائع للمشتري كفالة شخصية أو عينية تتضمن له ما عسى أن يترتب على ضمان التعرض والاستحقاق أو على ضمان العيب من تعويض.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الرابع ، الصفحة : 994)
استحقاق الثمن وحق المشتري في حبسه :
يكون الثمن مستحق الدفع في الوقت الذي يسلم فيه البيع، فإذا لم يحدد التسليم المبيع وقتاً يكون المبيع واجب التسليم فوراً بمجرد التعاقد ويكون الثمن كذلك، على أنه قد لا يحدد لتسليم المبيع وقت ولكن يحدد وقت لدفع الثمن فيتعين تسليم المبيع فوراً ودفع الثمن في الميعاد المحدد، فإذا حدث لتسليم المبيع وقتاً يكون الثمن مستحق الدفع في هذا الوقت، وإذا كانت المبيع متعمداً وذكر في العقد أن يسلم بعضه في وقت وبعضه في وقت آخر فإن الثمن بدفع عند تسليم كل جزء من المبيع بثنية هذا الجزء فاذا لم ينص العقد على ورقتين لتسليم المبيع فلا يدفع المشتري شيئاً من الثمن إلا إذا تسلم كل المبيع فيدفع الثمن كاملاً ومتى أصبح الثمن مستحق الدفع كان من حق البائع أن يتقاضاه من المشتري ولو جبراً عنه، ولكن المشتري يحق له حبس الثمن إذا وقع له تعرض في المبيع يوجب ضمان التعرض والاستحقاق، ولا يشترط أن يقع بالفعل كما في ضمان التعرض بل يكفي الخشية من وقوعه لأسباب جدية فلا يكفي طلب الشفعة أو ظهور عجز في المبيع ولكن يكفي تعليق ملكية البائع على شرط يعرضها للزوال أو يكون المبيع مستقل برهن أو اختصاص أو ارتفاق، أو وجود قيود على المبيع لم تشطب ولو أكد البائع زوال أسبابها أو ظهر عيب أو امتنع البائع عن تنفيذ أي من التزاماته كان يمتنع عن تسليم للبيع أو يتعرض للمشتري فيه أو تراخي في تسجيل عقد مشتراه الصادر له من المالك السابق أو لم يقم بالتصديق على توقيعه للمشتري ليمكن الأخير من التسجيل ونقل الملكية، ومتى وجد الحق في الحبس امتنع على البائع طلب الفسخ ما لم يقدم كفيلاً، وإذا لم يحبس المشتري أي دفعة من الثمن، فهذا لا يمنعه من حبس الدفع الأخرى التي تستحق وحبس الثمن ليس من النظام العام فلا يجوز الحبس إذا اتفق على ذلك أو كان البائع غير ضامن الاستحقاق للبيع أو التعرض فيه أو لعيوبه الخفية، كما لو كان المشتري قد اشترى ساقط الخيار وإذا دفع المشتري الثمن فلا يحق له استرداده لحبسه، إذ يسقط حق الحبس بالوفاء، ومع وجود حق الحبس يكون المشتري مخيراً بين حبس الثمن في يده أو إيداعه خزانة المحكمة ويفضل الإيداع لقطع سريان الفوائد إن كانت مستحقة على الثمن، وإن قام سبب للحبس في بعض المبيع فللمشتري حبس جزء منه يتناسب مع الخطر الذي يتهدد هذا الجزء، وحق الحبس ليس إلا تطبيقاً للدفع بعدم التنفيذ ويسقط بزوال سببه أو بتقديم البائع كفالة شخصية أو عينية في حدود الثمن الجائز حبسه، ولا يجير البائع عليها ولكن المشترك عدم الاعتداد بها إذا لم يقم البائع بتطهير المبيع حتى يعرض الثمن الذي حبسه على الدائن المرتهن.
ويجب لتوافر حق المشتري في حبس باقي الثمن أن يكون البائع قد أخل بالتزامه الحال، فإن كان المشتري هو البادئ بالإخلال فلا يجوز له حبس الثمن، لكن إذا قبل البائع هذا الحبس وأسقط حقه في طلب الفسخ بعد قيام المشتري بالوفاء بالجزء الذي حل من الثمن، ثم حل ميعاد تسليم المبيع إلا أن البائع لم يقم بتنفيذ هذا الالتزام، توافر للمشتري الحق في حبس الأقساط التي تحل بعد ميعاد التسليم، ولا يساغ حرمان المشتري من هذا الحق قولاً بأنه هو البادئ بالإخلال بالتزامه، إذ سقط الإخلال السابق بوضوح إرادة الطرفين في تنفيذ العقد بعد تحقق هذا الإخلال، ومن ثم يسترد كل طرف حقه الذي يترتب بعد ذلك إذا ما أخل الطرف الأخر بأي من التزاماته.
ولا يجوز للمشتري التمسك بالحق في الحب إذا اشترى ساقط الخيار. نقض 26/4/1991 طعن 578 س 60 ق ، طعن 155 س 53 ق.
أجاز المشرع للمشتري في المادة 457 من القانون المدني الحق في حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من يده، ومفاد ذلك أن مجرد قيام هذا السبب يخول للمشتري الحق في أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يهدده، ما لم يكن قد نزل عن هذا الحق بعد ثبوته له أو كان في العقد شرط يمنعه من استعماله، وإذ كان تقدير جدية هذا السبب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أنه يجب أن يقيم قضاءه في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله، وإذا ما تمسك المشتري أمام محكمة الموضوع بحقه في حبس الثمن مستنداً في ذلك إلى سبب يتسم بالجدية، يتعين على تلك المحكمة أن ترد على هذا الدفاع بأسباب خاصة باعتباره دفاعًا جوهريًا يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى، وإلا شاب حكمها القصور المبطل – نقض 9/5/1999 طعن 3230 س 68 ق.
مفاد نص المادة 457/2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أجاز للمشتري إذا تبين له وجود سبب جدی يخشى معه نزع المبيع من تحت يده الحق في أن يحبس ما لم يكن قد أداه من الثمن ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يتهدده، وعلم المشتري وقت الشراء بالسبب الذي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده لا يكفي بذاته للدلالة على نزوله عن هذا الحق لأنه قد يكون محيطاً بالخطر الذي يتهدده ويكون في ذات الوقت معتمداً على البائع في دفع هذا الخطر قبل استحقاق الباقي في ذمته من الثمن، وتقدير جدية هذا السبب، هو مما يستقل به قاضي الموضوع إلا أنه يجب أن يقيم قضاءه في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله. نقض 6/5/1984 طعن 1252 س 50 ق.
حق المشترى في حبس الثمن وإن ورد فيه نص خاص هو نص المادة 457/2، 3 من القانون المدني - ليس إلا تطبيقاً للدفع بعدم التنفيذ وللحق في الحبس بوجه عام المنصوص عليه بالمادة 246 منه، ومقتضى هذا النص أنه لا يجوز للدائن أن يستعمل الحق في الحبس إذا كان هو البادئ في عدم تنفيذ التزامه فيمتنع على المشتري استعمال الحق في حبس الثمن ما دام لم يقم من جانبه بما هو ملزم به قانوناً ويحكم العقد، إذ لا يصح في هذه الحالة اعتبار البائع مقصراً في الوفاء بالتزاماته قبله، ولما كان الثابت في الدعوى أن عقد البيع المؤرخ .. قد تضمن الاتفاق على التزام الطاعنة بإيداع الثمن المحدد به أحد البنوك بمصر مقابل تسليم الأسهم لها وكانت الطاعنة لم تقم بتنفيذ الالتزام من جانبها في الميعاد كما هو مقرر في العقد وطبقاً لما يشترطه القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد ولائحته التنفيذية رقم 843 لسنة 1960 من وجوب إيداع الثمن المقدر بالعملة الأجنبية أحد البنوك في جمهورية مصر العربية وهو ما يخول البائع - المطعون ضده الأول - اعتبار ذلك العقد مفسوخاً بقوة القانون ويجعله في حل أن يعتبر الأسهم المبيعة لم تنتقل من ملكه، ويحق له أن يتصرف فيها كالمالك وهو ما اختاره المطعون ضده الأول فعلاً، وباع هذه الأسهم مرة أخرى للمطعون ضدها الثالثة مما يمتنع معه على الطاعنة التحدي بحبس الثمن لأنها هي التي أخلت بالتزامها نقض 4/5/1981 طعن 2229 س 47 ق.
لايجوز للمشتري التمسك بالحق في الحبس إذا اشتری ساقط الخيار. نقض 26/5/1991 طعن 578 س 60 ق ، طعن 1525 س 53 ق
فإن كان مديناً بباقي الثمن وأراد اللجوء لدعوى صحة التعاقد، تعين عليه إيداع باقي الثمن خزينة المحكمة مباشرة دون عرضه طالما امتنع البائع عن تقديم مستندات الملكية والتصديق على توقيعه ويشترط عدم صرفه له إلا بعد صدور حكم نهائي بصحة التعاقد وتقديم مستندات الملكية إذ يقوم هذا الحكم مقام تصديق البائع على توقيعه ومن ثم يمكن إجراء الشهر.
فإذا رفع الدعوى دون إيداع باقي الثمن، فإن الحكم الذي يصدر لصالحه بصحة التعاقد يؤدي إلى تنفيذ التزام البائع جبراً عنه إذ يقوم الحكم مقام تصديقه على توقيعه في حين أن المشتري لم ينفذ التزامه بالوفاء بباقي الثمن، ولما كان القاضي عند فصله في دعوى صحة التعاقد يقوم مقام الموثق، ومن ثم يلتزم بما يلتزم به الموثق تماماً، وحينئذٍ يتعين عليه الرجوع إلى عقد البيع، فإن تبين له منه أنه ينص على أن الوفاء بباقي الثمن يتم عند التوقيع على العقد النهائي بتصديق البائع على توقيعه، فإن القاضي لا يصدر حكمه بصحة التعاقد إلا إذا كان للمشتري قد قام بهذا الوقاء تنفيذاً لالتزامه بأداء الثمن إذ لا يجبر انسان على تنفيذ التزامه بينما التعاقد الآخر لم يقم بتنفيذ التزامه الحال ولو لم يدفع أمامه يعلم قبول الدعوى لعدم الوفاء بباقي الثمن، لأن القاضي في دعوى صحة التعاقد لا يفصل في خصومة وإنما يصدر حكماً يقوم مقام التصديق على توقيع البائع، ومن لم يصدر حكمه على مدى العقد المعروض عليه، أما إن تبين من العقد أن الوفاء بباقي الثمن مؤجل وليس مرتبطاً بالتصديق على التوقيع، قضى بصحته ونفاذه.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السادس الصفحة / 644)
يرجع في تحديد زمان الوفاء بالثمن أي الوقت الذي يجب أن يدفع فيه الثمن إلى اتفاق المتعاقدين فإذا اتفقا على الوفاء بالثمن في وقت معين وجب الوفاء بالثمن في هذا الوقت فإذا لم يوجد اتفاق بين المتعاقدين على ذلك فإنه يرجع إلى العرف فإذا لم يوجد عرف يحدد زمان الوفاء بالثمن فقد حددت الفقرة الأولى من المادة زمان الوفاء بالثمن في الوقت الذي يسلم فيه المبيع .
فقد ربط المشرع بين وقت الوفاء بالثمن ووقت تسليم المبيع فجعل الوفاء بالثمن مستحقاً في الوقت الذي يسلم فيه المبيع حتى تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت واحد .
غير أن في ذلك خروج على القواعد العامة إذ الأصل أنه إذا لم يتفق على تأجيل الوفاء بالالتزام فإنه يكون مستحق الأداء بمجرد نشوئه وذلك حتى ولو كان الالتزام ناشئاً عن عقد تبادلي ولو كان الالتزام المقابل مؤجلاً فالربط إذن بين وفاء المشتري بالتزامه بدفع الثمن ووقت وفاء البائع بالتزامه بتسليم المبيع فيه خروج على القواعد العامة وهو خروج روعيت فيه مصلحة المشتري وحده لأنه :
(أ) إذا فرض وكان قد اتفق على موعد معين لتسليم المبيع ولم يتفق على موعد للوفاء بالثمن فإن البائع لن يستطيع أن يطالب المشتري بسداد الثمن فوراً مثلما كان يستطيعه طبقاً للقواعد العامة وإنما يكون عليه أن ينتظر لحين حصول التسليم (ب) وعلى العكس إذا فرض وكان قد اتفق على أجل لدفع الثمن ولم يتفق على أجل لتسليم المبيع ظل التزام البائع بالتسليم واجب الوفاء فوراً طبقاً للقواعد العامة ولم يجز للبائع أن يمتنع عن التسليم إلى حين حلول أجل الوفاء بالثمن.
يلتزم المشتري بدفع الثمن في ميعاد استحقاقه ليحصل في مقابل ذلك على ملكية المبيع و حيازته حيازة هادئة نافعة وقد ذكرنا سلفا أن المشرع خول المشتري حق الرجوع على البائع بالضمان في حالات التعرض و الاستحقاق والعيوب الخفية غير أن المشتري لا يلجأ إلى دعوى الضمان إلا إذا كان قد وفي الثمن.
أما إذا لم يكن قد وفاه كان أجدى له من الرجوع بالضمان أن يمتنع عن وفاء الثمن بعد استحقاقه وقد قرر المشرع للمشتري هذا الحق في بعض الحالات حتى لا يعتبر امتناعه عن دفع الثمن بعد استحقاقه إخلالاً بالتزامه.
وهي حالات ثلاث نعرض لها في البند التالي.
الحالات الواردة بالمادة التي يجوز فيها للمشتري حبس الثمن :
يجوز للمشتري حبس الثمن بعد استحقاقه في الحالات الثلاث الآتية:
الحالة الأولى :
إذا تعرض أحد للمشتري مستنداً إلى حق سابق على البيع أو آيل من البائع :
يكون للمشتري حبس الثمن إذا وقع من الغير تعرض مما يضمنه البائع والبائع كما هو معروف لا يضمن تعرض الغير إلا إذا كان تعرضاً قانونياً ومستنداً إلى حق سابق على البيع لا لاحقاً عليه ما لم يكن آيلاً للمتعرض من البائع.
وللمشتري حق الحبس أيضاً ومن باب أولى إذا وقع التعرض من البائع نفسه.
وشرط الحبس في هذه الحالة أن يكون للمشتري حق في الرجوع على البائع بسبب التعرض فإذا اشتری ساقط الخيار مثلاً أو اشترط البائع عدم الضمان مع علم المشتري وقت البيع بسبب التعرض لم يكن للمشتري رجوع على البائع وبالتالي لم يكن له حق في حبس الثمن إذا وقع له تعرض من الغير.
الحالة الثانية :
إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشتري :
ظاهر أن المشرع في حبس الثمن في هذه الحالة لم يشترط ما يشترط في الرجوع بالضمان من حيث تحقق التعرض أو الاستحقاق فعلاً ولا من حيث عدم علم المشتري وقت العقد بسبب التعرض أو الاستحقاق لأن استعمال المشتري حق حبس الثمن أخف وطأة على البائع من استعماله دعوى ضمان الاستحقاق فاكتفي فيه بمجرد خشية التعرض على أن تكون هذه الخشية مبنية على أسباب جدية.
والحكمة من إعطاء المشتري حق حبس الثمن في حالة ثبوت حقوق للغير على المبيع أنه إذا ما أرغم على دفعه ثم تحقق التعرض والاستحقاق فقد لا يجدية الرجوع على البائع إذا كان معسراً أو مفلساً.
ولذلك فإن حق المشتري في احتباس الثمن يزول بزوال الخطر الذي يهدده إذ تنتفي حينئذ العلة من حبس الثمن.
ومن أمثلة السبب الذي يولد الخشية من نزع المبيع من المشتري ما يأتي :
(أ)- أن يكتشف المشتري أن المبيع غير مملوك للبائع .
ب)- عدم صدور قرار الجهة الإدارية المختصة بالموافقة على تقسيم أرض البناء.
ج) - إدانة مالك العقار المبيع في تهمة إقامة البناء بدون ترخيص وخارج خط التنظيم والقضاء بإزالة العقار :
(د)- اكتشاف المشتري أن ملكية المبيع معلقة على شرط فاسخ وخشي أن يكون هذا الشرط قد تحقق أو معلقة على شرط واقف وخشي أن يكون هذا الشرط لم يتحقق .
(هـ)- اكتشاف المشتري أن المبيع مثقل بحق رهن أو امتياز أو حق اختصاص أو حق ارتفاق .
غير أن مجرد احتمال وجود تسجيلات على العين المبيعة لا يخول حق حبس الثمن.
يشترط أن يتوافر لدى المشتري سبب جدي يخشى معه نزع الملكية من - تحت يده ولكن لا يكلف المشتري بإثبات أن حق المتعرض صحيح بل يكتفي منه بأن يبين أن هذا الحق له أساس ولو فيما يبدو للناس أما مجرد الخوف والتوهم فلا يكفيان لحبس الثمن.
وتقدير هذه الجدية من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
يستطيع المشتري حبس الثمن إذا خاف نزع المبيع من يده ولو كان يعلم وقت العقد بوجود حقوق الغير التي يخشى منها على انتفاعه فالمشرع لم يرد ربط قيام الحق في الحبس بخطر يظهر بعد خفاء بل أراد ربطه بوجود خطر نزع المبيع من تحت يد المشتري خافياً كان وقت الشراء أو غير خاف .
كما قد يكون المشتري معتمداً على البائع لدفع هذا التعرض قبل استحقاق الثمن أو الباقي منه في ذمته.
الحالة الثالثة :
إذا كشف المشتري عيباً في المبيع مما يوجب ضمان البائع :
لم يكن حق الحبس في هذه الحالة منصوصاً عليه في التقنين الملغي ولكن واضعي التقنين الحالي رأوا أنه مادام المشتري الذي يكشف العيب الخفي بعد دفع الثمن يكون له حق الرجوع على البائع بضمان العيوب فإنه إذا كشف العيب قبل الدفع يكون أولى بحبس الثمن من المشتري الذي لا يكشف إلا سبباً معقولاً يخشى معه التعرض فسووا بين الحالتين ونصوا في شأنهما على حق المشتري في حبس الثمن .
ولذلك نصت الفقرة الثالثة من المادة 457 مدني على أن: ويسري حكم الفقرة السابقة في حالة ما إذا كشف المشتري عيباً في المبيع .
هل يجب قصر حق المشتري في الحبس على جزء من الثمن؟
إذا كان التعرض الحاصل للمشتري في وضع يده على المبيع بدعوى حق سابق على المبيع أو آيل من البائع على جزء من المبيع فقط فلا يجوز للمشتري أن يحبس عن البائع إلا قيمة هذا الجزء ولا يجوز له حبس جميع الثمن بدعوى أنه يستحق تعويضاً قبل البائع لأن الحكم بالتعويض أمر غير مؤكد ولأن المشرع- كما سنرى- أجاز للبائع أن يطالب باستيفاء الثمن إذا قدم كفيلاً به ولم يلزمه بتقديم كفيل بالتعويض وإذا حصل خلاف في قيمة الجزء الواقع فيه التعرض وجب الرجوع إلى القضاء التقدير قيمة هذا الجزء .
ولم يتطلب القانون الاستعمال المشتري الحق في حبس الثمن عن البائع توجيه إعذار إلى البائع أو الحصول على ترخيص من القضاء بذلك.
إذا حكم بإلزام المشتري بأداء الثمن إلى البائع فإنه يندرج في هذا القضاء عدم أحقية المشتري في حبسه.
يسقط حق المشتري في حبس الثمن في ثلاث حالات هي:
1- إذا نزل المشتري صراحة في عقد البيع أو في وقت لاحق عن حقه في حبس الثمن.
وهذا النزول قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً وفي الحالتين يجب أن يثبت اتجاه إرادة المشتري إليه فهو لا يفترض ولذلك فإن مجرد تحرير المشتري سنداً إذنياً لمصلحة البائع بالثمن أو بجزء منه لا يعتبر نزولاً عن الحق في الحبس ولا يمنع المشتري من الامتناع عن دفع الثمن ولو كان البائع قد حول هذا السند إلى شخص آخر .
ويفسر هذا كون نص المادة 457 مدني ليس نصاً آمراً فيجوز الاتفاق على ما يخالفه.
إذا دفع المشتري الثمن بعد العلم بالسبب الموجب لحبسه إذ يعتبر بذلك قد نزل ضمناً عن حقه في الحبس فلا يجوز له أن يطالب البائع برد الثمن إليه ليستعمل عليه حق الحبس وإنما يجوز له الرجوع عليه بالضمان وفقاً للأحكام التي ذكرناها عند دراسة الضمان وهذه الأحكام لا تخول المشتري الرجوع بضمان الاستحقاق إلا إذا كان المبيع قد استحق فعلاً أما إذا اقتصر الأمر على ظهور سبب يخشى معه الاستحقاق فلا يكون للمشترى إلا فسخ البيع.
بل يذهب البعض إلى أن حق الحبس يسقط بالدفع حتى لو أن المشتري وقت أن دفع الثمن لم يكن عالماً بقيام سبب لحبسه.
3- أن يزول سبب حق المشتري في حبس الثمن بأن انقطع التعرض بنزول المتعرض عما يدعيه أو زال الخطر بأن دفع البائع مثلاً لمن له رهن على المبيع الدين المضمون بالرهن أو شطب القيد المأخوذ على المبيع أو أصلح البائع العيب الذي كشفه المشتري في المبيع أو عوضه عنه التعويض الكافي.
4- إذا علم المشتري وقت البيع بوجود سبب الاستحقاق أو العيب الخفي وكان قد اشترى ساقط الخيار لأنه لو دفع في هذه الحالة لا يكون له رجوع بالضمان (م 446/2،447/2 ) فلا يكون له حق حبس الثمن قبل دفعه.
أما مجرد علمه بالخطر الذي يتهدده دون أن يقبل أن يكون شراؤه ساقط الخيار فإن ذلك لا يسقط حقه في الحبس .
حق البائع في استيفاء الثمن على أن يقدم كفيلاً :
لا يجوز للمشتري حبس الثمن في الحالات الثلاثة سالفة الذكر إذا طالبه البائع بأداء الثمن على أن يقدم له كفيلاً إذ يسقط في هذه الحالة حقه في الحبس.
ويصح أن يقدم البائع بدلاً من الكفيل أي تأمين عيني كاف سواء قدم هو هذا التأمين أو قدمه غيره (كفالة عينية) وذلك طبقاً لنص المادة 1774 مدني التي تقرر أنه: إذا التزم المدين بتقديم كفيل وجب عليه أن يقدم شخصاً موسراً ومقيماً في مصر وله أن يقدم عوضاً عن الكفيل تأميناً عينياً كافياً .
ويتضح من ذلك أن المشرع قد رجع في حق المشتري في حبس الثمن إلى القواعد العامة في حق الحبس وذلك على عكس الحال في حق البائع في حبس المبيع إذ طبقاً للمادة (459) مدني للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي ما هو مستحق له من الثمن ولو قدم المشتري رهناً أو كفالة.
ولعل العلة في هذه التفرقة هي أن للبائع حق امتیاز على المبيع فهناك تأمين كاف لحقه وهو بذلك ليس في حاجة إلى مزيد من الضمان وإنما هو في حاجة إلى استيفاء الثمن أما المشتري فيكفيه أن يقدم له تأمين يضمن له استيفاء ما قد يلزم به البائع .
وهذه الكفالة تضمن للمشتري ما عسى أن يترتب على ضمان التعرض والاستحقاق أو على ضمان العيب من تعويض ولذلك فإن هذه الكفالة تكون بمقدار الثمن الجائز حبسه ولو زاد التعويض المستحق للمشتري بعد ذلك عن الثمن فالحكمة من الكفالة مجرد ضمان حصول المشتري على الثمن فقط إذا أصبح له وجه لاسترداده.
وإذا كان هناك اتفاق على أن المشتري لا يدفع الثمن إلا بعد أن يشطب البائع القيود المتخذة على المبيع كان للمشتري ألا يدفع الثمن ولو قدم البائع له كفالة إلا بعد شطب القيود .
كذلك يحق للمشتري حبس الثمن بالرغم من تقديم الكفالة إذا أراد تطهير المبيع من الرهن ووجب لذلك أن يستبقى الثمن في يده لعرضه على الدائن المرتهن.
وإن كان البيع ملحوظا فيه وفاء الديون التي على العين المبيعة من الثمن أغني عن تقديم الكفالة أن يطلب البائع من المشتري إيداع الثمن خزانة المحكمة على ذمة الدائنين للوفاء بديونهم.
وتقديم البائع كفالة لإسقاط حق المشتري في حبس الثمن يعتبر رخصة له ولا يمكن للمشتري إلزامه به فالبائع حر في أن يقدم الكفالة ليقبض الثمن أولاً يقدمها فيترك الثمن في يد المشتري .
فإذا شاء البائع استعمال هذه الرخصة وأنذر المشتري برغبته في ذلك وأذعن المشتري لهذه الرغبة بأن قبل الكفالة المقدمة له وأدى الثمن انتهى الأمر وإلا قضاه البائع وعرض على المحكمة ضمان الكفيل الذي يتقدم به فتحكم هي إذا لم يكن ثمة اعتراض على الكفالة المقدمة بقبولها وبإلزام المشتري بدفع الثمن والمصاريف والأتعاب.
أما إذا لم ينذر البائع المشتري بذلك ورفع الدعوى مباشرة ولم يعارض المشتري في دفع الثمن مقابل الكفالة كان البائع مخطئاً في رفع الدعوى بذلك دون إنذار وحكم عليه هو بالمصروفات والأتعاب.
وإذا لم يستعمل البائع حقه في المطالبة بالثمن مقابل تقديم كفيل حتى تحقق الخطر الذي كان يهدد بنزع المبيع من يد المشتري فإن حقه في ذلك ينقضي الأن نزع المبيع من يد المشتري يؤثر في وجود الالتزام بالثمن فلا يكون للبائع المطالبة به أصلاً .
عدم ورود حالات حبس المشتري الثمن على سبيل الحصر:
إن حالات الحبس الثلاث التي تنص عليها المادة (457) لا تستنفذ كافة الحالات التي يجوز فيها للمشتري حبس الثمن فهذه الحالات إنما تتصل جميعاً بالتزام البائع بالضمان إما التزامه بضمان العيوب الخفية وإما التزامه بضمان التعرض وإن كان المشرع قد توسع بالنسبة لهذا الالتزام الأخير فلم يقصر الحبس على حالة وقوع التعرض فعلاً بل أجاز للمشتري حبس الثمن إذا كان يخشى على المبيع أن ينزع من يده لأسباب جدية.
غير أن التزامات البائع لا تقتصر على الالتزام بالضمان.
ولذلك يخضع حق المشتري في حبس الثمن أيضاً لحكم القواعد العامة في العقود الملزمة للجانبين والتي تنص عليها المادة 161 مدني بقولها: في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به وهذا هو الدفع بعدم التنفيذ وهو تطبيق للحق في الحبس المقرر في المادة (246) على العقود الملزمة للجانبين والتي تنص على أن: 1- لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين وهو مرتبط به أو مادام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا.
2- ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشئ حتى يستوفي ما هو مستحق له إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع .
وبناء على هذا الحق العام في الامتناع عن التنفيذ يجوز للمشتري أن يمتنع عن دفع الثمن إذا لم يقم البائع بتنفيذ أحد التزاماته الناشئة من عقد البيع كأن يمتع البائع عن تسليم العين أولاً ينفذ التزامه بنقل الملكية كما لو تأخر في تسليم سندات التمليك إلى المشتري حتى يتمكن من التسجيل وهكذا شريطة ألا يتم الاتفاق بين الطرفين على حرمان المشتري من حق الحبس .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الخامس، الصفحة/ 442)
فنص في المادة 457 فقرة اولى منه على أن يكون الثمن مستحق الوفاء في الوقت الذي يسلم فيه المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف بغير ذلك. وقد تقدم أن الأصل أن المبيع يكون واجب التسليم وقت العقد. وإذن يكون الأصل في التقنين الحالي وجوب تسليم البيع ودفع الثمن فور العقد، ولكن يجوز أن يتفق العاقدان على أن يدفع الثمن قبل التسليم او بعده، كأن يتفقا على أن يدفع الثمن فور العقد مع تأجيل تسليم المبيع، او يتفقا على أن يدفع الثمن مؤجلاً على أقساط أو جملة واحدة مع تعجيل التسليم . فإذا اتفقا على أجل لتسليم المبيع ولم يحددا أجلاً لدفع الثمن، فيكون الثمن مستحقاً في الأجل المعين للتسليم وقد يقضي العرف بأحكام أخرى فيتعين اتباعها إذا لم يتفق الطرفان على ما يخالفها.
وفي كل حالة يكون فيها وقت استحقاق الثمن والتسليم واحداً، يثور التساؤل عن أي الطرفين يلزم أولاً بوفاء التزامه، إذ من المتصور أن يتوقف كل منهما عن وفاء التزامه حتى يفي الآخر التزامه وجواب ذلك أن الطرف الذي يبدأ بمطالبة الآخر يجب أن يبدأ بوفاء التزامه فإن طالب المشتري البائع بتسليمه المبيع وجب عليه أن يبدأ بدفع الثمن، وإلا جاز للبائع الامتناع عن التسليم. وأن طالب البائع المشتري بالثمن كان عليه أن يسلم البيع أولاً، وإلا جاز للمشتري الامتناع عن دفع الثمن .
حق المشتري في حبس الثمن وحقه في إيداع الثمن خزانة المحكمة- يلتزم المشتري بدفع الثمن في ميعاد استحقاقه ليحصل في مقابل ذلك على ملكية المبيع وحيازته حيازة هادئة نافعة .
وقد تقدم أن المشرع خول المشتري حق الرجوع على البائع بالضمان في حالات التعرض والاستحقاق والعيوب الخفية غير أن المشتري لا يلجأ إلى دعوى الضمان إلا إذا كان قد وفي الثمن أما إذا لم يكن قد وفاه ؛ كان أجدى له من الرجوع بالضمان أن يمتنع عن وفاء الثمن بعد استحقاقه وقد قرر المشرع للمشترى هذا الحق في بعض الحالات حتى لا يعتبر امتناعه عن دفع الثمن بعد استحقاقه اخلالاً بالتزامه، فبعد أن نص في الفقرة الأولى من المادة 457 مدني على تعيين الوقت الذي يجب فيه وفاء الثمن استدرك على ذلك بأن نص في الفقرتين التاليتين على أنه « إذا تعرض أحد للمشتري مستنداً إلى حق سابق على البيع او آيل من البائع : أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشتري، جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر. ومع ذلك يجوز للبائع في هذه الحالة أن يطالب باستيفاء الثمن على أن يقدم کفيلاً. ويسرى حكم الفقرة السابقة في حالة ما إذا كشف المشتري عيباً في المبيع».
ويخلص من ذلك أن القانون يخول المشتري الحق في حبس الثمن بعد استحقاقه في ثلاث حالات :
1- إذا كان تسليم المبيع مستحقاً وامتنع البائع عن الوفاء به فإن القانون يخول المشتري في هذه الحالة أن يدفع دعوى البائع بمطالبته بالثمن بالدفع بعدم التنفيذ، وهذا الدفع يخوله حبس الثمن إلى أن يفي البائع بالتسليم.
2-إذا تعرض أحد للمشتري مستنداً إلى حق سابق على البيع أو آيل من البائع . وهذه هي حالة التعرض القانوني الصادر من الغير التي كان يثبت فيها المشتري الرجوع بضمان التعرض لو أنه كان قد وفي الثمن فإذا تحققت قبل وفاء الثمن، كان الأولى أن يسمح للمشتري بالامتناع عن الوفاء بدلاً من الزامه به أولاً ثم تخويله حق الرجوع .
3- إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشتري، وظاهر أن المشرع لم يشترط في حبس الثمن في هذه الحالة ما يشترط في الرجوع بالضمان من حيث تحقق التعرض أو الاستحقاق، ولا من حيث عدم علم المشتري وقت العقد بسبب التعرض أو الاستحقاق .
لأن استعمال المشتري حق حبس الثمن أخف وطأة على البائع من استعماله دعوى ضمان الاستحقاق، فاكتفى فيه بمجرد خشية التعرض، على أن تكون هذه الخشية مبنية علي أسباب معقولة، أو بكف البائع عن التعرض الشخصي، أو بقيامه بتنفيذ التزامه وسواء كان المشتري عالماً وقت العقد بسبب التعرض أو الاستحقاق أو غير عالم به، فإذا وجد على العقار المبيع رهن أو اختصاص ، فإن ذلك لا يكفي الرجوع بالضمان ولكنه يخول المشتري حبس الثمن إذا لم يكن قد دفعه، ولا يكفي لنفي حقه في حبس الثمن سبق علمه بوجود الرهن أو الأختصاص من وقت البيع وكذلك يعد عدم تسجيل البائع عقد مشتراه من المالكين الأصليين خطراً جدياً يهدد المشتري بنزع المبيع من تحت يده ويخوله الحق في حبس باقي الثمن حتى يزول الخطر بقيام البائع بتسجیل سند ملكيته ويعتبر تقدير جدية السبب الذي يتذرع به المشتري لحبس الثمن من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه علي أسباب سائغة.
3- إذا كشف المشتري عيباً في المبيع مما يوجب ضمان البائع ، ولم يكن حق الحبس في هذه الحالة منصوصاً عليه في التقنين الملغي ولكن واضعي التقنين الحالي رأوا أنه ما دام المشتري الذي يكشف العيب الخفي بعد دفع الثمن يكون له حق الرجوع على البائع بضمان العيوب، فإنه إذا كشف العيب قبل الدفع يكون أولى بحبس الثمن من المشتري الذي لا يكشف إلا سبباً معقولاً يخشى معه التعرض، فسووا بين الحالتين ونصوا في شأنهما على حق المشتري في حبس الثمن .
غير أنه يلاحظ أن حق المشتري في حبس الثمن في هذه الحالات الثلاث لا يعدو أن يكون تطبيقاً للقواعد العامة المنصوص عنها في المواد 249 وما بعدها بشأن الحق في الحبس بوجه عام أو الدفع بعدم التنفيذ .
وبناء على ذلك لا تعتبر هذه الحالات واردة على سبيل الحصر، فيجوز للمشترى حبس الثمن في غيرها من الحالات، وبوجه خاص :
1۔ اذا تعرض البائع نفسه للمشتري سواء كان تعرضه مادياً أو قانونياً ويلاحظ أن المادة 457 فقرة ثانية لم تذكر إلا حالة التعرض القانوني الصادر من الغير مع أن حالة التعرض الصادر من البائع شخصياً موجبة مثلها للضمان ولا تقل عنها خطورة .
2 - إذا امتنع البائع عن إجراء اللازم لنقل ملكية المبيع إلى المشتري في الأحوال التي يحتاج فيها نقل الملكية إلى إجراء معين كالتسجيل وما يقتضيه من تقديم بيانات المبيع ومستندات الملكية وقسائم العوائد أو ورد المال والتوقيع على عقد صالح للتسجيل أمام كاتب التصديقات ألخ فإن هذا الامتناع يخول المشتري إلا يدفع الثمن وأن يحبسه إلى أن يقوم البائع بهذه الإجراءات، والمتبع عملاً أن لا يدفع المشتري الثمن أو على الأقل الجزء الأكبر منه إلا عند توقيع البائع أمام كاتب التصديقات أو أمام موثق العقود على العقد المؤشر عليه من مكتب الشهر بصلاحيته للشهر.
3۔ إذا اتفق على وجوب تسليم المبيع قبل استحقاق الثمن وکان البائع معذراً لتسليمه، جاز للمشترى حبس الثمن بعد استحقاقه، لأن إخلال البائع بالتزامه بتسليم البيع وقت استحقاق الثمن يخول المشتري أن يمتنع عن الدفاع بالثمن إلى أن ينفذ البائع التزامه بالتسليم.
وفي جميع الأحوال التي يثبت فيها للمشتري حق حبس الثمن يبقى له هذا الحق ما بقی سببه قائماً ولا يحتاج في استعماله إلى إعذار البائع وينقضي هذا الحق بانقطاع سببه، فيزول بزوال التعرض أو بزوال السبب الذي كان يخشي معه التعرض، أو بإصلاح العيب الذي ظهر في البيع أو بإعطاء المشتري بديلاً خالياً من العيب أو بكف البائع عن التعرض الشخصي أو بقيامه بتنفيذ التزامه بنقل الملكية أو بتسليم المبيع، وينقضي هذا الحق أيضاً بصدور حكم بأحقية البائع في اقتضاء باقي الثمن وإلزام المشتري بأدائه.
غير أنه في جميع هذه الأحوال يسقط حق المشتري في حبس الثمن إذا طالبه البائع بالوفاء وقدم له كفيلاً يضمن ما عسى أن يستحق له من تعويضات بسبب ضمان التعرض أو الاستحقاق أو العيب أو بسبب الإخلال بأي التزام آخر ( المادة 457 في عجز الفقرة الثانية منها).
ولأن الحق في الحبس وارد في هذه الحالات على الثمن وهو قابل للتجزئة، يكون هو أيضاً قابلاً التجزئة، فإذا سلم البائع أكثر المبيع أو كان الخطر لا يتهدد إلا جزءاً من المبيع، لم يجز للمشترى حبس الثمن كله، بل يتعين عليه ان يقتصر على حبس قيمة ما لم يسلم إليه من المبيع أو قيمة الجزء من المبيع المهدد بخطر الضياع.
ومتى ثبت للمشتري حق حبس الثمن، كان له أن يبقيه تحت يده مع أستمرار شغل ذمته به، أو أن يودعه خزانة المحكمة حتى تبرأ ذمته ويقف سريان الفوائد في حقه.
وقضت محكمة النقض بأن اعتبار ما يودعه المشتري خزانة المحكمة من مبالغ للوفاء بباقى الثمن مبرئاً لذمته يشترط فيه ألا يعلق صرف هذه المبالغ للبائع على شرط لا يحق له فرضه وأن وفاء المشتري بدين على البائع لمصلحة الضرائب وهيئة التأمينات الاجتماعية تنفيذاً لحجزين إداريين موقعين منهما تحت يده وإيداعه الباقي من الثمن خزانة المحكمة مشروطاً برفع هذين الحاجزين جائز.
حق البائع في التغلب على حق المشتري في الحبس إذا هو طالب بالثمن مع تقديم كفيل - بعد أن قررت المادة 2/457 مدنی حق المشتري في حبس الثمن في الحالات التي أوردتها، نصت عقب ذلك في نهايتها على أنه « ومع ذلك يجوز للبائع في هذه الحالة أن يطالب باستيفاء الثمن على أن يقدم كفيلاً».
وهذا يقتضي أن يستعمل البائع هذه الرخصة بأن يطالب المشتري بأداء الثمن مقابل تقدیم کفیل.
فإذا انذر البائع المشتري برغبته في ذلك، وأذعن المشتري لهذه الرغبة بأن قبل الكفالة المقدمة له وأدى الثمن انتهى الأمر، وإلا قاضاه البائع وعرض على المحكمة ضمان الكفيل الذي يتقدم به، فتحكم هي إذا لم يكن ثمة اعتراض على الكفالة المقدمة بقبولها وبالزام المشتري بدفع الثمن والمصاريف والأتعاب.
أما إذا لم ينذر البائع المشتري بذلك ورفع الدعوى مباشرة ولم يعارض المشتري في دفع الثمن مقابل الكفالة، كان البائع مخطئاً في رفع الدعوى بذلك دون إنذار وحكم عليه هو بالمصروفات والأتعاب.
وإذا لم يستعمل البائع حقه في المطالبة بالثمن مقابل تقدیم كفيل حتى تحقق الخطر الذي كان يهدد بنزع المبيع من يد المشتري، فإن حقه في ذلك بتقضى لأن نزع المبيع من يد المشتري يؤثر في وجود الالتزام بالثمن ذاته، فلا يكون للبائع المطالبة به أصلاً.
وفي جميع الأحوال إذا كان هناك اتفاق على أن المشتري لا يدفع الثمن إلا بعد ان يشطب البائع القيود المتخذة على المبيع، كان للمشتري إلا يدفع الثمن ولو قدم البائع له كفالة إلا بعد شطب القيود ( بودري وسينا في البيع نبذة 516).
ولأن نص القانون على حق البائع في التغلب على حق المشتري في حبس الثمن إذا هو قدم له كفيلاً بالثمن نص استثنائي، فإنه لا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه، وطالما أنه لم يذكر إلا طريقاً معيناً للتغلب على حق المشتري في حبس الثمن هو المطالبة بالثمن مع تقديم كفيل فلا يجوز قانوناً أن يستبدل الحكم بهذه الطريقة المنصوص عليها طريقاً آخر هو طریق إلزام المشتري بإيداع الثمن خزانة المحكمة، وبخاصة لأن الإيداع يعتبر حقاً للمشتري إن شاء أتاه وإن شاء حبس الثمن، ولا يجوز للبائع أن يطلب من المشتري إبداع الثمن خزانة المحكمة بدلاً من حبسه .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السابع الصفحة/ 596)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 55
تَبِعَةُ الْهَلاَكِ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ:
15 - إِذَا هَلَكَ أَحَدُ الأْشْيَاءِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهَا أَوْ تَعَيَّبَ لَزِمَ الْبَيْعُ فِيهِ بِثَمَنِهِ، وَتَعَيَّنَ الآْخَرُ لِلأْمَانَةِ (حَتَّى إِذَا هَلَكَ الآْخَرُ بَعْدَ هَلاَكِ الأْوَّلِ أَوْ تَعَيَّبَ لاَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْءٌ) وَهَذَا لأِنَّ الْعَيْبَ مُمْتَنِعُ الرَّدِّ لاِعْتِبَارِ التَّعَيُّبِ اخْتِيَارًا ضَرُورَةً، وَلَوْ هَلَكَ أَحَدُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ لاَ يَبْطُلُ الْبَيْعُ، وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِثَمَنِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. وَإِنْ هَلَكَ الْكُلُّ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ.
وَلَوْ هَلَكَ الشَّيْئَانِ مَعًا بَعْدَ الْقَبْضِ لَزِمَ الْمُشْتَرِي نِصْفُ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِشُيُوعِ الْبَيْعِ وَالأْمَانَةِ، فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِكَوْنِهِ الْمَبِيعَ مِنَ الآْخَرِ .
وَتَقَدَّمَ كَلاَمُ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.
تَوْقِيتُ خِيَارِ التَّعْيِينِ:
16 - يُشْتَرَطُ فِي الأْرْجَحِ تَوْقِيتُ هَذَا الْخِيَارِ بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ إِنْ لَمْ يَتَضَمَّنْ خِيَارَ الشَّرْطِ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ وُرُودِهِ بِدُونِهِ، أَمَّا إِنْ تَضَمَّنَ خِيَارَ الشَّرْطِ فَمُدَّةُ الْخِيَارِ صَالِحَةٌ لَهُمَا، وَفَائِدَةُ التَّوْقِيتِ أَنْ يُجْبَرَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى التَّعْيِينِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الآْخَرِ إِذَا مَاطَلَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ. قَالَ ابْنُ قَاضِي سَمَاوَةَ: (وَخِيَارُ التَّعْيِينِ لَمْ يَجُزْ إِلاَّ مُؤَقَّتًا بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ خِيَارُ الشَّرْطِ) .
وَقَدْ سَبَقَ فِي الشَّرَائِطِ بَيَانُ مَا يَتَّصِلُ بِمَعْلُومِيَّةِ الْمُدَّةِ، صِلَةُ هَذَا الْخِيَارِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ.
خِيَارُ فَوَاتِ الْوَصْفِ
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّعْرِيفُ الْمُخْتَارُ لِخِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ مُسْتَمَدًّا مِنْ مَاهِيَّةِ هَذَا الْخِيَارِ، هُوَ (حَقُّ الْفَسْخِ لِتَخَلُّفِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ اشْتَرَطَهُ الْعَاقِدُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ).
وَمِثَالُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَ إِنْسَانٌ شَيْئًا وَيَشْتَرِطَ فِيهِ وَصْفًا مَرْغُوبًا لَهُ، كَمَنِ اشْتَرَى حِصَانًا عَلَى أَنَّهُ عَرَبِيٌّ أَصِيلٌ فَإِذَا هُوَ هَجِينٌ، أَوِ اشْتَرَى جَوَادًا عَلَى أَنَّهُ هِمْلاَجٌ (سَرِيعُ الْمَشْيِ فِي سُهُولَةٍ) فَإِذَا هُوَ بَطِيءٌ، أَوْ سَرِيعٌ فِي اضْطِرَابٍ وَعُسْرٍ، وَكَذَلِكَ شِرَاءُ الْبَقَرَةِ عَلَى أَنَّهَا حَلُوبٌ (كَثِيرَةُ اللَّبَنِ زِيَادَةً عَنِ الْمُعْتَادِ فِي أَمْثَالِهَا).
وَمِنَ الأْمْثِلَةِ الْعَمَلِيَّةِ: اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْكَلْبِ صَائِدًا، وَشَرْطُ كَوْنِ الثَّمَنِ مَكْفُولاً بِهِ .
تَسْمِيَتُهُ:
2 - يُسَمَّى هَذَا الْخِيَارُ أَيْضًا بِخِيَارِ خُلْفِ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ، وَقَدْ يَقْتَصِرُ عَلَى (خِيَارِ الْخُلْفِ) أَوْ يُدْعَى (تَخَلُّفُ الصِّفَةِ)، وَأَحْيَانًا يُسَمِّيهِ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ (خِيَارَ الْوَصْفِ) لَكِنَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ مُوهِمَةٌ لأِنَّ خِيَارَ الْوَصْفِ يُطْلَقُ عِنْدَ الأْكْثَرِينَ عَلَى مُطَابَقَةِ الْمَبِيعِ الْغَائِبِ لِلْوَصْفِ إِذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ، وَهُوَ مِمَّا يَنْتَفِي بِهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إِلاَّ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ لِلتَّرَوِّي وَلَوْ طَابَقَ، كَمَا أَنَّ بَعْضَهُمْ يَبْحَثُهُ مُسْتَقِلًّا، وَآخَرُونَ يُلْحِقُونَهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ .
مَشْرُوعِيَّةُ اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ فِي الْبَيْعِ:
3 - لاَ سَبِيلَ إِلَى إِثْبَاتِ مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الْخِيَارِ إِلاَّ بِإِثْبَاتِ مَوْضُوعِهِ وَهُوَ (اشْتِرَاطُ صِفَةٍ مَرْغُوبَةٍ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَوْلاَ الاِشْتِرَاطُ لَمْ تَثْبُتْ)، وَمُسْتَنَدُ صِحَّةِ هَذَا الاِشْتِرَاطِ هُوَ تَسْوِيغُ الشُّرُوطِ الْعَقْدِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ النَّظَرِيَّةِ مَوَاقِفُ مُخْتَلِفَةٌ مَعَ صَعِيدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ هُوَ الصِّحَّةُ، بَعْدَ تَوَافُرِ مَا يَتَطَلَّبُهُ كُلُّ مَذْهَبٍ مِنْ شَرَائِطَ. وَهَذَا الْمَوْضُوعُ وَاقِعٌ فِي النِّطَاقِ الَّذِي لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ (الشَّرْطُ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِنْ مَصَالِحِ الْعَقْدِ) كَاشْتِرَاطِ الرَّهْنِ أَوِ الْكَفِيلِ، أَمَّا اشْتِرَاطُ صِفَةٍ زَائِدَةٍ فَهُوَ مَقِيسٌ عَلَيْهِ.
وَسَبَبُ اعْتِبَارِ الْحَنَفِيَّةِ اشْتِرَاطَ الْوُصُوفِ سَائِغًا أَنَّهُمْ أَنْزَلُوهُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ إِذَا كَانَ لاَ غَرَرَ فِيهِ، ذَلِكَ أَنَّ الْوَصْفَ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْبَيْعِ، دُونَ الْتِفَاتٍ إِلَى اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي لَهُ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ وَيَكُونُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ، فَكَانَ اشْتِرَاطُهُ صَحِيحًا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَرٌ .
ثُمَّ إِنَّ الْوَصْفَ الْمَرْغُوبَ فِيهِ يَرْجِعُ إِلَى صِفَةِ الثَّمَنِ أَوِ الْمُثَمَّنِ، فَهُوَ مُلاَئِمٌ لِلْعَقْدِ .
3 م - وَلَمَّا كَانَ الْمُهِمُّ فِي تَسْوِيغِ اشْتِرَاطِ الصِّفَةِ الأْثَرَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الإْخْلاَلِ بِالشَّرْطِ هَلْ هُوَ الْفَسَادُ - كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الاِشْتِرَاطِ فِي غَيْرِ الصِّفَاتِ - أَمِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا الرَّدُّ؟
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأْثَرَ هُوَ التَّخْيِيرُ، وَلَمْ يَقُولُوا بِفَسَادِ الْعَقْدِ حِينَ تَخَلَّفَ الْوَصْفُ؛ لأِنَّ تَخَلُّفَهُ لاَ يُؤَدِّي إِلَى اخْتِلاَفِ الْجِنْسِ وَذَلِكَ حَيْثُ يَقَعُ فِيهِ الْعَقْدُ عَلَى جِنْسٍ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَبِيعَ جِنْسٌ آخَرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ هُنَا؛ لأِنَّ فَوَاتَ الْوَصْفِ رَاجِعٌ إِلَى اخْتِلاَفِ النَّوْعِ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الأْغْرَاضِ، فَلاَ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِفَوَاتِهِ. وَصَارَ كَفَوَاتِ وَصْفِ السَّلاَمَةِ الَّذِي فِيهِ خِيَارُ الْعَيْبِ، فَيَكُونُ فِي هَذَا خِيَارُ الْوَصْفِ بِالْقِيَاسِ.
مَشْرُوعِيَّةُ خِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ:
4 - ذَهَبَ إِلَى إِثْبَاتِ هَذَا الْخِيَارِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ .
وَيَسْتَنِدُ ثُبُوتُهُ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْعَيْبِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ فَوَاتَ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ فِي الْعَقْدِ الاِلْتِزَامُ مِنَ الْبَائِعِ بِهِ، هُوَ فِي مَعْنَى فَوَاتِ وَصْفِ السَّلاَمَةِ فِي الْمَبِيعِ إِذَا ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ، فَكَمَا يَثْبُتُ فِي الصُّورَةِ الأْخِيرَةِ خِيَارُ الْعَيْبِ يَثْبُتُ فِي الصُّورَةِ الأْولَى خِيَارُ الْوَصْفِ. وَكُلٌّ مِنَ الْخِيَارَيْنِ ثَبَتَ لِتَخَلُّفِ شَرْطٍ فِي الْحِلِّ، غَيْرَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ ثَابِتٌ دَلاَلَةً، كَمَا يَقُولُ الْكَاسَانِيُّ، أَمَّا فِي خِيَارِ الْوَصْفِ فَهُوَ ثَابِتٌ نَصًّا .
وَلِهَذَا أَوْرَدَ الشَّافِعِيَّةُ خِيَارَ فَوَاتِ الْوَصْفِ تَالِيًا لِخِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ مُخْتَلِطًا بِهِ، كَمَا فَعَلَ الشِّيرَازِيُّ، وَقَدْ عَلَّلَ حَقَّ الْخِيَارِ فِيهِ بِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنْقَصَ مِمَّا شَرَطَ، وَأَضَافَ السُّبْكِيُّ: فَصَارَ كَالْمَعِيبِ الَّذِي يَخْرُجُ أَنْقَصَ مِمَّا اقْتَضَاهُ الْعُرْفُ .
شَرَائِطُ قِيَامِ خِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ:
5 - هَذِهِ الشَّرَائِطُ بَعْضُهَا يَنْبَغِي وُجُودُهُ فِي الْوَصْفِ لِيَكُونَ مُعْتَبَرًا اشْتِرَاطُهُ، وَبَعْضُهَا يَتَّصِلُ بِتَخَلُّفِ الْوَصْفِ أَوْ فَوَاتِهِ لِيَنْشَأَ عَنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الْبَيْعِ مَعَ الْخِيَارِ بَدَلاً مِنَ الْفَسَادِ أَوِ الْبُطْلاَنِ.
شَرَائِطُ الْوَصْفِ الْمُعْتَبَرِ:
6 - يُشْتَرَطُ لِكَوْنِ الْوَصْفِ مُعْتَبَرًا:
1 - أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ وُجُودَهُ وَصْفًا: أَمَّا لَوْ كَانَ مِلْكِيَّةَ عَيْنٍ أُخْرَى أَوْ مَنْفَعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الأَْوْصَافِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ فَوَاتِ الْوَصْفِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الشُّرُوطِ. وَمِنْ هُنَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى فَسَادِ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الشَّاةِ حَامِلاً، لأِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَصْفٍ بَلِ اشْتِرَاطُ مِقْدَارٍ مِنَ الْمَبِيعِ مَجْهُولٍ، وَضَمُّ الْمَعْلُومِ إِلَى الْمَجْهُولِ يَجْعَلُ الْكُلَّ مَجْهُولاً، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ الْوَصْفَ، مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمَبِيعِ بِلاَ ذِكْرٍ، كَالْجَوْدَةِ، وَالأْشْجَارِ، وَالْبِنَاءِ وَالأْطْرَافِ .
2 - أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمَرْغُوبُ مُبَاحًا فِي الشَّرْعِ، (أَوْ مُقَرَّرًا مِنْهُ): فَاشْتِرَاطُ الْمَحْظُورِ مِنَ الأْوْصَافِ لاَغٍ، كَاشْتِرَاطِهِ فِي الْكَبْشِ كَوْنَهُ نَطَّاحًا، أَوِ الدِّيكِ صَائِلاً (لاِسْتِعْمَالِهِ فِي صُوَرٍ مِنَ اللَّهْوِ مَحْظُورَةٍ) لأِنَّ مَا لاَ يُقِرُّهُ الشَّارِعُ يَمْتَنِعُ الاِلْتِزَامُ بِهِ .
3 - أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ مُنْضَبِطًا (لَيْسَ فِيهِ غَرَرٌ): وَذَلِكَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَالْحُكْمُ بِوُجُودِهِ وَعَدَمِهِ.
4 - أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ مَرْغُوبًا فِيهِ: وَذَلِكَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، فَلَوِ اشْتَرَطَ مَا لَيْسَ بِمَرْغُوبٍ أَصْلاً، كَأَنْ يَكُونَ مَعِيبًا فَإِذَا هُوَ سَلِيمٌ فَلاَ خِيَارَ لَهُ. وَيَتَّصِلُ بِالْكَلاَمِ عَنْ مَرْغُوبِيَّةِ الْوَصْفِ أَنْ يَتَحَقَّقَ فِي الْمَبِيعِ وَصْفٌ أَفْضَلُ مِنَ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَصْفَ خَيْرٌ مِمَّا اشْتَرَطَهُ فَالْعَقْدُ لاَزِمٌ وَلاَ خِيَارَ لَهُ، وَذَكَرُوا مِنْ أَمْثِلَتِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْجَمَلِ أَنَّهُ بَعِيرٌ فَإِذَا هُوَ نَاقَةٌ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الَّذِينَ يَرْغَبُونَ مَا فِيهِ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ . وَلأِصْحَابِ الْمَذَاهِبِ تَفْصِيلٌ فِي ضَبْطِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ، فَالْمَالِكِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّهُ مَا فِيهِ غَرَضٌ لِلْعَاقِدِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ مَالِيَّةٌ أَمْ لاَ، لأِنَّ الْغَرَضَ أَعَمُّ مِنَ الْمَالِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّهُ مَا فِيهِ مَالِيَّةٌ لاِخْتِلاَفِ الْقِيَمِ بِوُجُودِهِ وَعَدَمِهِ، وَأَوْجَزَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلاَمُهُمْ: أَنَّهُ كُلُّ وَصْفٍ مَقْصُودٍ مُنْضَبِطٍ فِيهِ مَالِيَّةٌ. وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ تَقْسِيمَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ وَالرَّافِعِيِّ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةَ إِلَى ثَلاَثَةٍ:
1 - أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا زِيَادَةٌ مَالِيَّةٌ يَصِحُّ الْتِزَامُهَا وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِتَخَلُّفِهَا.
2 - أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ غَيْرُ الْمَالِ وَتَخَلُّفُهَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ عَلَى خِلاَفٍ.
3 - أَنْ لاَ يَتَعَلَّقَ بِهَا مَالِيَّةٌ وَلاَ غَرَضٌ مَقْصُودٌ، وَاشْتِرَاطُهَا لَغْوٌ لاَ خِيَارَ بِفَقْدِهِ، ثُمَّ اسْتُحْسِنَ مِنَ النَّوَوِيِّ جَعْلُهَا قِسْمَيْنِ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ أَوْ عَدَمِهِ .
5 - أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي الْوَصْفَ الْمَرْغُوبَ، وَيُوَافِقَ عَلَى ذَلِكَ الْبَائِعُ فِي الْعَقْدِ، فَلاَ يُعْتَبَرُ حَالُ الْمُشْتَرِي قَرِينَةً كَافِيَةً عَنِ الاِشْتِرَاطِ.
وَذَلِكَ لأِنَّ هَذَا الْوَصْفَ يَسْتَحِقُّ فِي الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ - لاَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ - فَلَوْلاَهُ لَمَا اسْتُحِقَّ .
عَلَى أَنَّهُ تُعْتَبَرُ حَالُ الْمُشْتَرِي فِي تَفْسِيرِ الْوَصْفِ فِيمَا إِذَا حَصَلَ اشْتِرَاطُهُ بِصُورَةٍ مُقْتَضِبَةٍ. وَكَذَلِكَ يُؤْخَذُ حَالُ الْمُشْتَرِي بِالاِعْتِبَارِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَوْجُودِ فِي الْبَيْعِ، هَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ أَمْ دُونَهُ. وَلَوِ اشْتَرَى كَلْبًا مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ صَائِدٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ نِسْيَانُهُ، يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْوَصْفِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ صَرَاحَةً، كَكَوْنِ الْكَلْبِ صَائِدًا، لأِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ رَغْبَةً فِي هَذِهِ الصِّفَةِ، فَصَارَتْ مَشْرُوطَةً دَلاَلَةً .
وَفِي مَنْزِلَةِ الشَّرْطِ الصَّادِرِ مِنَ الْمُشْتَرِي مَا يَصْدُرُ مِنَ الْبَائِعِ مِنَ الْمُنَادَاةِ عَلَى السِّلْعَةِ حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهَا كَذَا وَكَذَا، فَتُرَدُّ بِعَدَمِ هَذَا الْوَصْفِ.
قَالَ الدُّسُوقِيُّ: وَلاَ يُعَدُّ مَا يَقَعُ فِي الْمُنَادَاةِ مِنْ تَلْفِيقِ السِّمْسَارِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُمْ يُلَفِّقُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلاَ رَدَّ عِنْدَ عَدَمِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَى الظَّاهِرِ لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ .
شَرَائِطُ تَخَلُّفِ الْوَصْفِ (أَوْ فَوَاتِهِ):
7 - يُشْتَرَطُ فِي تَخَلُّفِ الْوَصْفِ (لِبَقَاءِ الْعَقْدِ صَحِيحًا وَاسْتِلْزَامِهِ الْخِيَارَ):
1 - أَنْ يَكُونَ التَّخَلُّفُ دَاخِلاً تَحْتَ جِنْسِ الْمَبِيعِ، أَمَّا لَوِ اشْتَرَطَ أَنَّ الثَّوْبَ قُطْنٌ فَإِذَا هُوَ كَتَّانٌ فَالْعَقْدُ غَيْرُ صَحِيحٍ لاِخْتِلاَفِ الْجِنْسِ. وَلَمَّا كَانَ فَوَاتُ الْوَصْفِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى اخْتِلاَفِ حَالِ الْمَبِيعِ عَنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ غَامِضًا، وَضَعَ الْفُقَهَاءُ لَهُ ضَابِطًا يُرَاعَى لإِعْطَاءِ كُلِّ حَالَةٍ حُكْمَهَا الْمُنَاسِبَ مِنْ بَيْنِ الأْحْكَامِ التَّالِيَةِ: الْفَسَادِ، الصِّحَّةِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ، الصِّحَّةِ دُونَ خِيَارٍ .
وَالضَّابِطُ هُوَ فُحْشُ التَّفَاوُتِ فِي الأْغْرَاضِ وَعَدَمُهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَارِنَ الْمَبِيعَ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَيَرَى مَدَى الاِخْتِلاَفِ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى وَالاِخْتِلاَفُ فِي النَّوْعِ فَحَسْبُ، فَفِيهِ الْخِيَارُ، أَمَّا إِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ فِي الْجِنْسِ فَحُكْمُهُ الْفَسَادُ.
وَلِهَذَا تَفْصِيلٌ جَيِّدٌ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْهُمَامِ وَهُوَ مِثَالٌ يُحْتَذَى لِلتَّمْيِيزِ فِي غَيْرِ الذَّوَاتِ الَّتِي اتَّخَذَهَا مَوْضُوعًا لِلتَّوْضِيحِ، فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ ضَابِطَ اخْتِلاَفِ الْمَوْجُودِ عَنِ الْمَشْرُوطِ هُوَ إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَفِيهِ الْخِيَارُ وَذَكَرَ أَنَّ مَا فَحُشَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أَغْرَاضِهِ فَهُوَ أَجْنَاسٌ، وَمَا لَمْ يَفْحُشُ فَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَأَوْرَدَ فِيمَا يُعْتَبَرُ مِنَ الثِّيَابِ أَجْنَاسًا كَالْكَتَّانِ، وَالْقُطْنِ. وَأَنَّ الذَّكَرَ مَعَ الأْنْثَى.
وَأَمَّا اخْتِلاَفُ النَّوْعِ دُونَ الْجِنْسِ فَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: شِرَاءُ لَحْمٍ عَلَى أَنَّهُ لَحْمُ مَعْزٍ فَإِذَا هُوَ لَحْمُ ضَأْنٍ، وَعَكْسُهُ .
حَدُّ الْفَوَاتِ:
8 - إِذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِهِ أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَصْفِ الْمُشْتَرَطِ فَلاَ يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ، أَمَّا إِنْ لَمْ يَجِدَ الْوَصْفَ أَصْلاً أَوْ وَجَدَ مِنْهُ شَيْئًا يَسِيرًا نَاقِصًا بِحَيْثُ لاَ يَنْطَلِقُ الاِسْمُ عَلَيْهِ فَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ.
وَمِثَالُهُ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي شِرَاءِ الْكَلْبِ أَنْ يَكُونَ كَلْبًا صَائِدًا، فَوَصْفُ الصَّيْدِ لَهُ مَفْهُومٌ وَهُوَ الاِسْتِجَابَةُ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الاِنْقِضَاضِ عَلَى الصَّيْدِ. وَالاِئْتِمَارُ بِأَمْرِ مُرْسِلِهِ بِحَيْثُ يَرْجِعُ إِنِ اسْتَدْعَاهُ أَوْ يَنْطَلِقُ إِنْ أَغْرَاهُ، فَمَتَى وُجِدَ هَذَا الْوَصْفُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالصُّورَةِ الْمُثْلَى الَّتِي يَنْدُرُ مَعَهَا إِفْلاَتُ الْفَرِيسَةِ مِنْهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ. أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يَصِيدُ أَصْلاً، أَوْ يَصِيدُ بِصُورَةٍ نَاقِصَةٍ لاَ يَسْتَحِقُّ مَعَهَا أَنْ يُسَمَّى (صَائِدًا) فَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ .
2 - أَنْ يَكُونَ فَوَاتُ الْوَصْفِ الْمُشْتَرَطِ لَيْسَ عَيْبًا:
9 - وَقَدْ تَوَارَدَتْ عِبَارَاتُ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الْمُثْبِتِينَ لِهَذَا الْخِيَارِ عَلَى أَنَّ الصِّفَةَ الْمَقْصُودَةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِمَّا لاَ يُعَدُّ فَقْدُهَا عَيْبًا، وَإِلاَّ كَانَتِ الْقَضِيَّةُ مِنْ بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ .
مُوجِبُ خِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ:
10 - إِذَا تَحَقَّقَ فَوَاتُ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ - كَمَا سَبَقَ - وَكَانَ مُسْتَوْفِيًا الشَّرَائِطَ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ. وَمَاهِيَّةُ هَذَا الْخِيَارِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ رَدِّ الْمَبِيعِ، أَوْ أَخْذِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ دُونَ أَرْشٍ لِلْوَصْفِ الْفَائِتِ .
هَذَا، إِذَا لَمْ يَمْتَنِعَ الرَّدُّ، فَإِنِ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنَ الأْسْبَابِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْوَصْفِ الْفَائِتِ مِنَ الثَّمَنِ. وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمَبِيعُ مَوْصُوفًا بِذَلِكَ. الْوَصْفِ وَغَيْرَ مُتَّصِفٍ بِهِ، وَيَرْجِعَ بِالتَّفَاوُتِ.
وَهُنَاكَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، لأِنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي بِالشَّرْطِ لاَ بِالْعَقْدِ، وَتَعَذُّرُ الرَّدِّ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ لاَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ، فَكَذَا هَذَا، وَالصَّحِيحُ الرِّوَايَةُ السَّابِقَةُ - وَهِيَ مِنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. لأِنَّ الْبَائِعَ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَصْفَ السَّلاَمَةِ، كَمَا فِي الْعَيْبِ.
أَمَّا انْحِصَارُ الْخِيَارِ فِي أَمْرَيْنِ، هُمَا الرَّدُّ أَوِ الأْخْذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَعَدَمُ تَخْوِيلِ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِحِصَّةِ الْفَوَاتِ إِلاَّ عِنْدَ امْتِنَاعِ الرَّدِّ، فَهُوَ أَنَّ الْفَائِتَ وَصْفٌ، وَالأْوْصَافُ لاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، لِكَوْنِهَا تَابِعَةً فِي الْعَقْدِ تَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَلَوْ فَاتَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَمْ يَنْقُصْ مِنَ الثَّمَنِ شَيْءٌ .
الْعُقُودُ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ فَوَاتِ الْوَصْفِ:
11 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ مَجَالَ هَذَا الْخِيَارِ هُوَ مَجَالُ خِيَارِ الْعَيْبِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ، فَلاَ يَثْبُتُ فِي الْمَبِيعِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِالتَّعْيِينِ، وَهُوَ الْمَبِيعُ الَّذِي يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لأِنَّهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ عَلَى طِبْقِ الْوَصْفِ فَهُوَ غَيْرُ الْمَبِيعِ.
وَكَذَلِكَ لاَ يَثْبُتُ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ، لأِنَّ لِلْمَبِيعِ الْغَائِبِ خِيَارًا خَاصًّا بِهِ وَهُوَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ.
تَوْقِيتُ خِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ:
12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ عَلَى التَّرَاخِي وَلاَ يَتَوَقَّتُ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ إِلَى أَنْ يُوجَدَ مَا يُسْقِطُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ تَوْقِيتَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَهُوَ عِنْدَهُمْ عَلَى الْفَوْرِ. وَذَلِكَ كُلُّهُ مُنْسَجِمٌ مَعَ اعْتِبَارِ خِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَابْتِنَائِهِ عَلَيْهِ .
انْتِقَالُهُ بِالْمَوْتِ:
13 - هَذَا الْخِيَارُ يُورَثُ بِمَوْتِ مُسْتَحِقِّهِ، فَيَنْتَقِلُ إِلَى وَرَثَتِهِ، لأِنَّهُ فِي ضِمْنِ مِلْكِ الْعَيْنِ، هَكَذَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَالاِنْتِقَالُ عِنْدَهُمْ مُقَرَّرٌ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ مِنَ الْخِيَارَاتِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعَيْنِ .
سُقُوطُهُ:
14 - يَسْقُطُ بِمَا يَسْقُطُ بِهِ خِيَارُ الْعَيْبِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (خِيَارُ الْعَيْبِ).
_________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 248)
يثبت حق فسخ العقد بخيار العيب من غير اشتراط في العقد.
فمن عقد شراء أو إجارة أو أجرى مع شريكه قسمة مال مشترك من القيميات أو المثليات المتحدة أو المختلفة الجنس أو صالح عن دعوى مال معين على شيء بعينه فله فسخ العقد ونقض القسمة بخيار العيب إذا وجد في مشربه أو في العين المستأجرة أو في بدل الصلح أو في الحصة التي أصابته من القسمة عيباً قديماً لم يعلم به وقت العقد أو حين القسمة ولم يوجد منه ما يدل على الرضا به يعد إطلاعه عليه ولم يشترط البراءة من العيوب.
فإن وجد شيء من ذلك سقط حق خياره ولزمه العقد والحصة التي أصابته في القسيمة.
(مادة 418)
البيع المطلق أي المجرد من شرط البراءة من العيوب ومن ذكر العيب والسلامة يقتضى أن يكون المبيع سالماً خالياً من كل عيب.
(مادة 419)
يثبت خيار العيب للمشتري وإن لم يشترطه في عقد البيع.
(مادة 420)
العيب الموجب لرد المبيع هو ما ينقص الثمن ولو يسيراً أو ما يفوت به غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه.
(مادة 421)
يشترط أن يكون العيب الموجب لرد المبيع قديماً.
(مادة 422)
العيب القديم هو ما كان موجوداً في المبيع وقت العقد أو حدث بعده وهو في يد البائع قبل التسليم.
(مادة 423)
إذا ذكر البائع أن في المبيع عيباً فاشتراه المشتري بالعيب الذي سماه له فلا خيار له في رده بالعيب المسمى وله بعيب آخر ولو قبله المشتري بجميع عيوبه فليس له رده بالعيب المسمى ولا بعيب آخر.
(مادة 424)
اشترط البائع براءته من كل عيب أو من كل عيب به وقبل المشتري المبيع بهذا الشرط صح البيع والشرط وأن لم يسم العيوب لكنه في الحالة الأولى يبرأ البائع من العيب الموجود وقت العقد ومن العيب الحادث بعده قبل القبض وفي الحالة الثانية يبرأ من الموجود دون الحادث فللمشتري رده بالحادث لا بالموجود.
(مادة 425)
ما يبيع بيعاً مطلقاً منقولاً كان أو عقاراً وظهر للمشتري عيب قديم فيه فله الخيار إن شاء قبله بكل الثمن المسمى وإن شاء رده واسترد الثمن إن كان نقده للبائع.
(مادة 426)
إذا بيعت جملة أشياء صفقة واحدة وظهر ببعضها عيب قبل التسليم فالمشتري مخير إن شاء قبلها بالثمن المسمى وإن شاء رد جميعها وليس له أن يرد المعيب وحده ويأخذ السالم.
(مادة 427)
إذا بيعت جملة أشياء صفقة واحدة وظهر ببعضها عيب بعد التسليم فإن لم يكن في تفريقها ضرر فللمشتري أن يرد المعيب منها بحصته من الثمن سالماً وليس له أن يرد الجميع بدون رضا البائع وإن كان في تفريقها ضرر فله أن يرد المبيع كله أو يقبله بكل الثمن.
(مادة 428)
إذا كان المبيع كمية معينة من المكيلات والموزونات ووجد في بعضها عيباً بعد التسليم فإن كانت في أوعية مختلفة فللمشتري أن يرد الوعاء للذي وجد فيه العيب وحده وإن كانت في وعاء واحد أو لم تكن في وعاء فله رداً لك أو أخذه بعيبه بكل الثمن وليس له رد المعيب وحده بحصته من الثمن.
(مادة 429)
إذا وجد في الحنطة أو الشعير أو غيرهما من الغلال تراباً فإن كان التراب قليلاً بحيث لا يعد عيباً في العرف فليس للمشتري رد المبيع وإن كان فاحشاً ويعده الناس عيباً يخير المشتري بين أخذ المبيع بالثمن المسمى أو رده واسترداد الثمن إن كان مقبوضاً.
(مادة 430)
إذا ظهر بالمبيع عيب قديم ثم حدث به عيب جديد عند المشتري فليس له أن يرده بالعيب القديم والعيب الجديد موجود فيه بل له مطالبة البائع ينقصان الثمن ما لم يرض البائع يأخذه على عيبه ولم يوجد مانع للرد.
(مادة 431)
إذا زال العيب الحادث عاد للمشتري حق رد المبيع بالعيب القديم على البائع.
(مادة 432)
يقدر نقصان الثمن بمعرفة أرباب الخبرة الموثوق بهم بأن يقوم المبيع سالماً ثم يقوم معيباً وما كان بين القيمتين من التفاوت ينسب إلى الثمن المسمى وبمقتضى تلك النسبة يرجع المشتري على البائع بالنقصان.
(مادة 433)
إذا حدث في المبيع زيادة مانعة من الرد كصبغ الثوب المبيع والبناء والغرس في الأرض المبيعة ثم اطلع المشتري على عيب قديم في المبيع فإنه يرجع على البائع بنقصان العيب ويمتنع الرد ولو قبله البائع بالعيب الحادث.
(مادة 434)
إذا تصرف المشتري في المبيع ببيع أو هبة ثم علم بالعيب لا يرجع بالنقصان.
(مادة 435)
إذا أجر المشتري المبيع ثم وجد به عيباً فله نقض الإجارة ورده بعيبه ولو رهنه ثم وجد به عيباً ليس له نقض الرهن وإنما يرده بعد فكه.
(مادة 436)
إذا هلك المبيع المعيب في يد المشتري فهلاكه عليه ويرجع على البائع بنقصان العيب.
(مادة 437)
إن ظهر أن المبيع المعيب لا ينتفع به أصلاً يبطل البيع ويكون للمشتري حق استرداد الثمن من البائع إن كان نقده إليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية 1392 هــ - 1972 م
مادة (69) :
(أ) من اشترى معيبا لا يعلم عيبه فله الخيار على التراخي بين الرد والإمساك مع أخذ أرش نقص العيب .
(ب) إذا اختار المشتري الرد أخذ الثمن كاملا ، ولو كان البائع قد وهبه له أو أبرأه منه وله نماؤه المنفصل وعليه مؤنة رده .
(ج) يجوز للمتبايعين التراضي على إمساك المبيع المعيب بعوض .
إيضاح
الخامس : من أقسام الخيار خيار العيب ، والعيب : نقيصة يتضی العرف سلامة المبيع عنها غالبا ، فن اشترى معيبا لم يعلم عيبه حال العقد تم علمه فله الخيار بين رد المبيع استدراكا لما فاته ، وإزالة لما يلحقه من ضرر في بقائه في ملكية ناقصة عن حقه . وعليه مؤنة رده إلى البائع الحديث : « على اليد ما أخذت حتى تؤديه ، ويأخذ منه كاملا. لأن المشتري بالفسخ استحق استرجاع جميع المن حتى لو كان البائع قد وهب المشتري من المبيع ، أو أبرأه منه كله أو بعضه فللمشتري الرجوع بكل المن ، كزوج طلق قبل دخول بعد أن أرأنه زوجته من الصداق ، أو وهبته له فإنه يرجع بصفه.
كما أن للمشتري إمساك المبيع مع أخذ أرش العيب ، ولو لم يتعذر الرد . رضى البائع بدفع الأرش أو سخط ، لأن المتبايعين تراضيا على أن المرض في مقابلة المعوض ، فكل جزء من المرض يقابله جزء من المعرض ومع العيب فات حجزء منه فيرجع بيد له وهو الأرش ، سواء كان البائع عالما بالعيب قبل العقد وكتمه على المشتري أولا.
وخيار العيب على التراخي، لأنه لدفع ضرر ، فلا يبطل بالتأخير كخيار القصاص .
وفي رواية أنه على الفور ، في علم بالعيب وأخر الرد مع إمكانه
بطل خياره ، لأنه يدل على الرضى كالتصرف .
ولا يفتقر الرد بالعيب إلى حضور بائع ولا رضاه ، وللمشتري كسب المبيع قبل الرد وله نماؤه المنفصل ، كالمرة واللبن، و الولد إذا كان ابتداء الحمل به في ملاك المشتري لحديث : ( الخراج بالضمان ) والمبيع مضمون على المشتري فنهاؤه له . أما الماء المتصل كالسمن والحمل إذا كان موجودة وقت العقد أو بعده . وردت قبل ولادته فيرد مع المبيع.
وإن رضي المشتري إسقاط حقه في رد المبيع مقابل عوض يبذله له البائع أو غيره قليلا كان المرض أو كثيرة جاز ذلك . وليس هذا أرشا.
مادة (70) :
يسرى حكم المادة السابقة 69 في حالة ما إذا حدث العيب بالمبيع بعد العقد وقبل القبض وكان من ضمان البائع.
وإيضاح
إذا حدث عيب بالمبيع بعد العقد . وقبل القبض فيها هو من ضمان البائع ، أن كان المبيع مكيلا أو موزونا أو مذروعا أو معدود ثبت المشتري الخيار ، كما لو كان العيب قديما .
مادة (71) :
(ا) إذا كان البائع يجهل عيب المبيع ثم حدث به عيب آخر عند المشتري خير بين إمساكه وأخذ أرش العيب القديم ، وبين رده ومعه أرش العيب الحادث عنده .
(ب) إذا كان البائع عالمك بالعيب وكتمه ، ثم تعيب المبيع عند المشتري فله رده دون أرش العيب الحادث، واسترجاع جميع الثمن وكذا لو تلف .
إيضاح
(1) إذا كان المبيع معيبة وكان البائع يجهل العيب ثم حدث به عيب آخر عند المشتري خير بين إمساك المبيع وأخذ أرش العيب الأول ، كما لو لم يتغيب عنده ، وبين الرد مع دفع أرش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن كاملا، لما روى الحلال بإسناده عن ابن سيرين أن عثمان قال : في رجل اشترى ثوبا ولبسه ثم اطلع على عيب فيرده ومانقص فأجاز الرد مع النقصان و عليه اعتمد الإمام .
والأرش هنا ما بين قيمته بالعيب الأول و قيمته بالعيبين .
(ب) إذا كان البائع عالما بالعيب و كتمه على المشتري ، فللمشتري حينئذ رد المبيع بلا أرش للعيب الحادث عنده ، ويأخذ الثمن کاملا من البائع ، لأن البائع قد ورط المشتري وغره.
كما أن للمشتري أخذ جميع المن إذا تلف البيع المعيب عنده ، وكان البائع عالمة بالعيب وكتمه . سواء كان النعيب أو التلف بفعل الله كالمرض، أو بفعل المشتري ما هو مأذون فيه شرها، أو بفعل أجنبي وسواء كان التلف مذهبا لكل المبيع أو بعضه .
فإن زال العيب الحادث بعد رده إلى البائع لم يرجع المشتري عليه بما دفعه ، لأنه استقر عليه بالفسخ. بخلاف ما إذا أخذ المشتري أرش العيب من البائع ثم زال سريعا ، فإنه يرد الأرش لزوال نقص المبيع الذي وجب لأجله الأرش.
وفي رواية أن المبيع إذا تلف عند المشترى فعليه عوضه ، ولو كان البائع قد اخفي العيب عليه لقوله عليه السلام : و الخراج بالضمان . فقد جعل الشارع الضمان عليه لوجوب الخراج له فلو كان ضمانه على البائع لكان الخراج له لوجود عليه ، ولأن وجوب الضمان على البائع لا يثبت إلا بنص او إجماع ، ولا نعلم لهذا أصلا.
مادة (۷۲) :
(ا) إذا أفغي أخذ أرش العيب إلى ربا قايس للمشتري إلا الإمساك مجانا أو الرد .
(ب) إذا حدث بالمبيع المعيب الربوي عيب عند المشتري فسخ القاضي البيع ، ورد البائع الثمن ودفع المشتري قيمة المبيع بعيبه القديم .
(ح) إذا تلف البيع الربوى المعيب عند المشتري قبل علمه بالعيب ، أو بعده وعدم رضاه به فله فسخ العقد ، ورد بدل العيب التالف مع استرجاع الثمن .
إيضاح
(ا) إذا أدى أخذ الأرش بالعيب إلى ربا ، كأن اشتری حلى فضة بزنة دراهم أو قفيزا مما يجري فيه الربا بمثله ثم وجده معينة فله الرد أو الإمساك مجانا ، لأن أخذ الأرش يؤدى إلى ربا الفضل .
(ب) إذا حدث بالبيع المعيب الربوي عند المشتري فسخ الحاكم البيع إن لم يرض مشتر بإمساكه معيبة لتعذر الفسيخ من كل من البائع والمشتري ، لأن النسخ من أحدهما إنما هو استدراك ظلامته لكون الحق له وكل منهما هنا الحق له وعليه ، لأن البائع باع معيبا والمشترى حدث عنده العيب ، فكل إذا فسخ يفر مما عليه فلم يبق طريق إلى التوصل للحق إلا بفسخ الحاكم فيرد البائع الثمن ويطالب البائع مشتريا بقيمة المبيع معيبة بعيبه الأول ، لأن العيب لاهمل بلا رضا ، ولا أخذ أرش ولم يرض مشتريا بإمساكه مجانا ، ولا يمكنه أخذ أرش العيب الأول ، ولا رده مع أخذ أرش ما حدث عنده ، لإ فضاء كل منهما إلى الربا ، فإن اختار المشتري إمساكه مجانا فلا فسخ.
(ج) إذا تبين المشترى عيبا في المبيع المعيب الربوي بعد تلفه عنده فسخ العقد لأنه وسيلة إلى إستدراك ظلامته ، ورد البائع الثمن ، وتبقى قيمة المبيع إن كان متقوما ، أو مثله إن كان مثلية في ذمة المشتري الاستقرار الضمان عليه ، وليس له أخذ الأرش لئلا يفضي إلى الربا كما تقدم .
مادة (73) : لا يسقط خيار العيب في الأحوال الآتية :
1- إذا اشترط البائع براءته من كل عيب يظهر بالمبيع، أو قال إن ظهر المبيع معيبا بكذا فأنا بريء .
۲- إذا أبرأ المشتري البائع قبل العقد من كل عيب ، أو من عيب معين .
إيضاح
1- إذا اشترط البائع على المشتري البراءة من كل عيب يظهر بالمبيع او من عيب كذا إن كان في المبيع لم يبرأ بائع بذلك . ولم يسقط خيار المشتري لما روى احمد : أن ابن عمر ( باع زيد بن ثابت عبدة بشرط البراءة ثمانمائة درهم فأصاب زید به عيبا وأراد رده على ابن عمر فلم يقبله فترافعا إلى عثمان فقال عمان لابن عمر: حلف انك لم تعلم بهذا قال لا : فرده عليه فباعه ابن عمر بألف درهم ) وهذه قضية اشتهرت ولم تنكر فكانت كالإجماع . ولأن خيار العيب يثبت بعد البيع فلا يسقط بإسقاطه قبله كالشفعة ، أما إن ممي البائع العيب للمشتري سقط خياره لدخوله على بصيرة ويرىء البائع .
٢- لا يسقط الخيار إذا أبرأ المشترى البائع قبل العقد من كل عيب يظهر في البيع أو من عيب معين إذا ظهر لما تقدم من أن الخيار إنما يثبت بعد البيع . أما إذا ابرأ المشترى البائع من كل عيب ، أو من عيب معين بعد العقد برىء البائع وسقط خيار المشتري لإسقاطه بعد ثبوته له كالشفعة .
مادة (74) :
(ا) إذا تصرف المشتري في المبيع المعيب ، أو بعضه بما ينقل ملكه ، أو يشغله بملكه ، أو يذهب عينه قبل عامه بالعيب تعين الأرش، ويقبل قول المشتري في قيمته.
(ب) إذا تصرف المشتري في المبيع المعيب قبل عامه بالعيب ثم رد عليه فله رده أو إمساكه مع الأرش.
(ج) إذا باع المشتري المبيع المعيب قبل عامه بالعيب إلى من اشتراه منه رده الثاني على المشتري الأول وكان لهذا رده على البائع عند اختلاف الثمن.
(د) إذا تصرف المشتري في المبيع المعيب كله أو بعضه . بعد علمه بعيبه مما يدل على رضاه به سقط خياره .
إيضاح
(ا) إذا تعرف المشتري في المبيع المعيب قبل أن يعلم عيبه بما ينقل ملكه ، كبيع أو هبة أو وقف أو ما يذهب عينه كأكله أو تلفه تعين الأرش وسقط الرد لنعذره ، ويقبل قول المشتري في قيمته حينئذ ، ويكون الأرش ملكا له لأنه في مقابلة الجزء الفائت من المبيع وكذا إذا باع بعضه فليس له إلا الأرش لتضرر البائع برد الباقي إليه . وكذا إذا تصرف بما يشغل المبيع بملكه كأن نسج الصوف أو صبغه فليس له الرد لما فيه من سوء المشاركة ، و يقبل قول المشتري أن تصرفه في المبيع حدث قبل علمه بالعيب وفي القدر المعيب .
(ب) إذا تصرف المشتري في المبيع المعيب قبل علمه بالعيب بما ينقل الملك تم رد عليه فله رده على بائعه أو أخذ أرشه ولا يكون التصرف مانعة من ذلك لعودة لملكه بالرد عليه.
(ج) إذا باع المشترى البيع المعيب قبل علمه بالعيب إلى من اشتراه منه وهو بائعه الأول ، كان للمشتري الثاني رده على المشتري الأول ، وكان لهذا رده على البائع الأول لوجود مقتضى الرد وهو العيب . وفائدته تظهر عند اختلاف التمنين إذا اختار الرد أو الأرش لما تقدم من أن الأرش قسط ما بين قيمته صحيحا و معيبا من ثمنه و يفهم منه أن لا رد عند اتفاق الثمين .
(د) إذا تصرف المشتري في المبيع المعيب كله أو بعضه بعد علمه بالسبب مما يدل على الرضى ، کسوم وإيجار و استعمال لغير تجربة ولم يختر الإمساك مع الأرش قبل تصرفه سقط خياره ، لأنه رضي بالمبيع ناقصة فسقط حقه من الأرش:
وفي رواية أن له الأرش كما لو اختار إمساكه قبل تعرفه . قال في الرعاية الكبرى والفروع وهو أظهر ، لأنه وإن دل على الرضا فع الأرش کامساكه.
مادة (76) :
(ا) إذا اشترى اثنان شيئا فوجداه معيبا ورضى أحدهما بالعيب فللاخر الفسخ في نصيبه .
(ب) إذا ورث اثنان خیار عیب وأسقط أحدهما حقه سقط حق الآخر.
(ج) إذا اشتری واحد شيئا من شخصين فوجده معيبا غله رده عليهما، أورد نصيب أحدهما و إمساك نصيب الآخر .
إيضاح
(ا) إذا اشترى اثنان شيئا فوجداه معيبة ورضى أحدهما بالعيب فللاخر رد نصيبه لأن نصيبه جميع ماملكه بالعقد فاز له رده بالعيب
كخيار الشرط ، ولأنه إذا قال بائع يخاطب اثنين : بعتكما هذا بكذا وقال أحدهما : قبلت ، جاز ذلك وصح العقد في نصف المبيع بنصف الثمن ، على ما مر من أن عقد الواحد مع اثنين بمنزلة عقدين فكأنه خاطب كل واحد منهما على حدة .
(د) أما إذا بيع شيء لواحد فوجده معيبة . ثم مات المشتري وورثه اثنان أو أكثر وأسقط أحد الورثة حقه في الرد سقط حق الجميع ، لأن المبيع خرج عن ملك البائع دفعة واحدة ، فإذا رد واحد من الورثة نصيبه رده مشترکامشخصة فلا يمكن له ذلك بخلاف الصورة التي قبلها فإن العقد تعدد بتعدد العاقد.
(ج) إذا اشترى واحد شيئا من شخصين فوجده معيبة فله رده عليهما ، أو رد نصيب أحدهما إلبه وإمساك نصيب الأخر ، لأن عقد الواحد مع اتنين عقدان ، فكان كل واحد منهما باع صيه متردا . فإذا كان أحدهما غائبا والآخر حاضرة رد المشتري على الحاضر منهما حصته بقسطها من المن ويبقى نصيب الغائب في يده حتى يقدم فيرده عليه . و يصح النسخ في غيبته .
وكذا الحكم فيا إذا كان أحد البائعين باع العين بوكالة الأخرسواء كان الحاضر الوكيل أو الموكل، لأن حقوق العقد متعلقة بالموكل دون الوكيل.
مادة (۷۷) :
(1) من اشترى معيبين أو معيبا في وعاءين صفقه واحدة فليس له إلا ردها معا، أو إمساكهما معا مع الأرش..
(ب) إذا تلف أحد المعيبين فله رد الباقي بقسطه من الثمن والقول قول المشتري في قيمة التالف . .
(ج) إذا وجد أحد المبيعين معيبا فله رده بقسطه وليس له رد السليم ما لم يكن التفريق منقصة للقيمة وحينئذ فليس له إلا ردها معا أو إمساكهما معا .
إيضاح
(ا) من اشتری مبیعين من واحد صفقة ، أو اشترى معيبة في وعاءين لم يملك رد أحد المبدعين ، أو ما في أحد الوعاءين لأنه تفريق للصفقة مع إمكان عدمه . أشبه رد بعض المعيب . فإذا اختار إمساكهما فله الأرش.
(ب) إذا تلف أحد المعينين فله رد الباقي بقسطه من الثمن لتعذر رد التالف ، ولأنه لاضرر فيه على البائع کرد الجميع . ويقبل قول المشتري في قيمة التالف بيمينه لاحتمال صدق البائع . ويوزع الثمن عليهما لأنه منكر لما يدعيه البائع من زيادة قيمته .
(ج) إذا وجد أحد البيعين أو ما في أحد الوعاءين معينة دون الآخر فللمشترى رد المعيب بقسطه من الثمن ، لأنه رد للبيع المعيب بدون ضرر على البائع كما سبق . وليس المشترى رد السليم لعدم عيبه إلا إذا كان التفريق ينقص قيمة السليم . كمصراعی باب وزوجي خف فليس له إلا ردها معا أو إمساكهما معا لتلافي الضرر.
مادة (۷۸) : إذا اختلف المتعاقدان فيمن حدث العيب عنده فإن كان لا يحتمل إلا قول أحدهما فالقول قوله بلا يمين . وإن احتمل قول كل منهما، فالقول قول المشتري .
إيضاح
إذا اختلف المتعاقدان عند من حدث العيب وكان لا يحتمل إلا قول أحدهما كالأصبع الزائدة والشجة المندملة التي لا يمكن حدوث مثلها عند المشي فالقول قول مشتر بلا يمين لعدم الحاجة إليه . وکالجرح
المطري الذي لا يحتمل كونه قديما فالقول قول البائع بلا يمين أيضا لأنه لا يحتمل إلا قوله .
أما إذا كان العيب ما بحتمل حدوثه عند كل منهما ، كخرق الثوب ونحوها ، فالقول قول مشتر پمینه حيث لا بينة لواحد منهما لأن الأصل عدم القبض في الجزء الفائت فكان القول قول من ينفيه بيمينه لاحتمال صدق البائع ، فيحلف المشتري بالله أنه اشتراه وبه هذا العيب ، أو أن العرب ما حدث عنده . وللمشتري رد المبيع الذي اختلف في حدوث العيب به.
هذا إذا لم يخرج المبيع عن المشتري إلى غيره بحيث لا يشاهده إن خرج عن بده بحيث لا يشاهده فليس له رد ولا حلف ، لأنه إذا غاب عنه احتمال حدوثه عند من انتقل إليه ، فلم يجز له الحلف على اليت فلم يجز له الرد .
وفي رواية : القول قول البائع مع يمينه ، لأن الأصل سلامة المبيع وصحة العقد : ولأن المشتري يدعى عليه استحقاق فسخ البيع والبائع بكره والقول قول المنكر يمينه
مادة (۷۹) :
(ا) إذا رد المشتري السلعة لعيب فأنكر البائع أنها سلعته ، فالقول قول البائع مع يمينه .
(ب) إذا رد البائع الثمن وكان عينا فأنكره المشتري فالقول قول المشتري مع يمينه .
(ج) من قبض شيئا كان في ذمة غيره من ثمن أو مثمن فوجده معيبا فرد، وأنكر المقبوض منه ، فالقول قول القابض بیمینه .
إيضاح
(ا) إذا رد المشتري المبيع لعيب فأنكر البائع أنه المبيع ، فالقول قول البائع بيمينه لأنه ينكر كون هذا سلمته ، ونكر استحقاق الفسخ ، والقول قول المنكر بيمينه .
(ب) إذا رد البائع الثمن وكان عينا ، فأنكر المشتري أنه العين المردودة فالقول قول المشتري ، لما تقدم في الصورة السابقة .
(ج) يقبل قول القابض بیمینه من بائع وغيره لما في الذمة من ثمن مبيع و قرض وسلم وأجرة وقيمة متلف إذا أراد رده ببب وأنكره المقبوض منه ، لأن الأصل بقاء شغل الذمة . هذا إذا لم يخرج المقبوض من يد القابض فإن خرج من يده وغاب عنه فلا يملك رده كما تقدم .
مادة (۸۰) :
(1) إذا كان البائع وكيلا للمشتري رد المبيع المعيب على الوكيل دون الموكل ..
(ب) إذا كان العيب مما يمكن حدوثه بعد العقد فأقربه الوكيل وأنكره الموكل التزم الوكيل با قراره ولم يملك رد المبيع على الأصيل .
(ج) إذا أنكر الوكيل العيب ونكل عن اليمين الموجهة إليه من المشترى ورد عليه بنكوله لم يملك رد المبيع على الأصيل .
إيضاح
(1) إذا كان البائع وكيلا فللمشترى رد المبيع إذا ظهر معيبة على الوكيل لا على الموكل لأن حقوق العقد متعلقة بالوكيل. : وفي رواية : أن له رده على الموكل لأن المبيع يرد بالعيب على من كان له.
(ب) إذا كان العيب مما يمكن حدوثه بعد العقد ، فأقر به الوكيل وأنكره الموكل لم يقبل إقراره على موكله لأنه لم يوكله في الإقرار بالعيب فكما لو أقر على أجنبي .
وفي رواية يقبل إقراره على موكله العرب لأنه أمر يستحق به الرد فقبل إقراره به على موكله كخيار الشرط . وقال صاحب الشرح الكبير قال شيخنا : الأول هو الأصح ، لأنه إقرار على الغير فلم قبل كالاجنبي . وفارق خيار الشرط من حيث أن الموكل يعرف صفة سلعته ولا يعرف صفة العقد لغيبته عنه.
(ج) إذا أنكر الوكيل العيب فتوجهت إليه اليمين فنكل فرده المشتري عليه بنكوله لم يملك الوکیل رده على موكله ، لأنه غير معترف بعيبه .
وفي رواية . له رده على الموكل ، لأنه رجع إليه بغير رضاه أشبه ما لو قامت به بينة .
هذا إذا قلنا إن القول قول البائع.
والمذهب أن القول قول المشتري كما تقدم في المادة السابقة ، فيحلف المشتری و رده على الموكل .
مادة (84) : إذا كان الثمن عينا وتنازع البائعان في أيهما يسلم ما تحت يده قبل الآخر ، نصب الحاكم من يقبض منهما ويسلم المبيع ثم يسلم الثمن -
إيضاح
إذا كان الثمن عينا أي معينة من نقد أو عرض وقال البائع لا أسلم المبيع حتى أقبض ثمنه وقال المشتري لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع نصب الحاكم بينهما عدلا يقبض منهما ، ثم يسلم إليها قطعة للنزاع لأنهما استويا في تعلق حقهما بين الثمن والمثمن . و يقوم . العدل بتسليم المبيع أولا، ثم الثمن لجريان المادة بذلك ولأن قبض البيع من نبات البيع في بعض الصور واستحقاق التمن مرتب على تمام البيع.
وعن أحمد مايدل على أن البائع يجبر على تسليم المبيع أولا
مادة (85) :
(ا) إذا كان الثمن دينا أجبر البائع على تسليم المبيع.
(ب) إذا كان الثمن حالا أجبر المشتري على دفعه إن كان معه ، فإن لم يكن معه وكان بالبلد أو خارجه دون مسافة قصر حجر الحاكم على المشتري في التصرف حتى يحضر الثمن ، أما إذا كان الثمن ببلد على مسافة قصر أو ظهر عسر المشتري فللبائع الفسخ في الحال .
إيضاح
(ا) إذا كان الثمن دينا فليس للبائع الامتناع عن تسليم المبيع سواء كان الدين حالا أو مؤجلا ، لأن حق المشتري تعلق بعين المبيع وحق البائع تعلق بالذمة فوجب تقديم ما تعلق بالعين كحق المرتهن على سائر الغرماء ، فان كان الدين مؤجلا فلا يطالب به حتى يحل أجله .
(ب) إذا كان الثمن حالا أجبر المشتري على دفعه إن كان معه ، لأنه غنى ومطله ظلم . وإن لم يكن معه وكان في البلد أو خارجها دون مسافة قصر حجر الحاكم على المشتري في التصرف في المبيع وفي بقية ماله حتى يحضر الثمن كله ويسلمه للبائع وذلك لئلا يتعرف في ماله تعرفة يضر البائع .
أما إذا كان الثمن يبلد على مسافة قصر فصاعدا أو ظهر عسر المشتري فللبائع الفسخ في الحال لأن في التأخير ضررا عليه .
مادة (۸۹) : ما يحصل به قبض البيع
يحصل قبض ما بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع بذلك مع حضور المستحق أو نائبه ، ويحصل قبض ما ينقل بنقله وما يتناول بتناوله وفي غير ما سبق بتخلية بين المبيع وبين المشتري بلا حائل .
إيضاح
يحصل قبض ما بيع بكيل أو وزن أعد أو ذرع بذلك، بشرط حضور مستحق أو نائبه لقيامه مقامه ، ولا يشترط نقله لما روی عمان مرفوعة ( إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاکتل ) رواه أحمد.
ويحصل قبض ما ينقل كصبرة بيعت جزافا بنقل وفي حيوان بتمشيته ، وفها يتناول کدنانير ودراهم وكتب بتناول باليد. وفي غير المذكور كأرض و بناء وشجر بتخلية بائع بينه و بين مشتر بلا حائل . بان فتح له باب الدار أو يسلمه مفتاحها ولو كان بالدار متاع للبائع لأن القيض مطلق في الشرع فيرجع فيه إلى العرف كالخرز والتفرق ، والعرف في ذلك ماسبق .
مادة (۹۲):
(ا) إذا كان المبيع مما ينقل وكان مشاعا فلا يصح قبضه إلا بإذن الشريك ، فإن أبى الشريك الإذن للبائع في تسليم المبيع طلب من المشتري توكيل الشريك في قبضه ، فإن أبي المشتري أن يوكله أو أبي الشريك أن يتوكل نصب الحاكم من يقبض .
(ب) إذا سلم البائع المبيع المشاع دون إذن الشريك ، فالبائع غاصب فإن كان المشتري عالما بذلك فالضمان عليه وإلا فعلى البائع.
ایضاح
إذا كان المبيع مما ينقل وكان مشاعة كنصف فرس مثلا فيشترط في القبض إذن الشريك . لأنه لا يمكن قبض البعض إلا بقبض الكل . فيسلم البائع الكل باذن شريكه إلى المشتري ويكون سهمه في يد القابض أمانة ، فإن أبي الشريك الإذن للبائع في تسليم الكل للمشتري ، قبل المشتري وكل الشريك في الفيض ليصل إلى مقصوده من قبض المبيع، فإن أبي المشتري أن يوكله ، أو أبي الشرك أن يتوكل نصب حاكم من يقبض البيع .
(ب) إذا سلم البائع المبيع بعضه بلا إذن الشريك ، فالبائع غاصب لنصيب شريكه لتعديه عليه بتسليمه بلا إذن . فان تلف ضمنه المشتري إن كان عالما أن له فيه شريكا لم يأذن ، وإن لم يكن يعلم ذلك، أو لا يعلم وجوب الإذن فقرار الضمان على بائع لتقريره المشتري .
مادة (94) : إذا كان المبيع لا يدخل في ضمان المشتري إلا بالقبض فلا يعتبر غصبه إياه قبضا له ، وكذلك غصب البائع الثمن غير المعين .
إيضاح
إذا كان البيع لا يدخل في ضمان المشتري إلا بالقبض ، كان كان مكيلا أو موزونة أو نحوها وغصبه المشتري فلا يعتبر نصبه إياه قبضة . وكذلك إذا كان الثمن غير معين وغصبه البائع فلا يعتبر ايضا قبضا له ، إلا مع المقاصة بان أتلفه أو تلف في يده وكان موافقة لما له على المشتري نوعة وقدرة فيتساقطان ، وكذا إن أرضي مشتر بجعله عوضا عما عليه من الثمن.
مادة (99) :
(1) لا يصح تصرف المشتري في المبيع قبل القبض فيما يأتي :
١- المبيع بكيل ، أوعد ، أو وزن ، أو ذرع .
۲ - المبيع بوصف أو رؤية متقدمة على العقد .
٣- ما قبضة شرط لصحة عقده
(ب) للمشتري التصرف قبل القبض فيما نص عليه في الفقرة السابقة بما يأتي .
١- التصرف في المبيع بالعتق .
۲ - جعله مهر
٣- الخلع عليه .
4 - الوصية به .
إيضاح
(ا) من اشترى شيئا بكيل . أو وزن ، أو عد أو ذرع، أو اشتراه بوصف ، او رؤية متقدمة على العقد ، أو اشترى ما قبضه شرط لصحة العقد ، كصرف وسلم وروى بربري لم يصح تصرفه في شيء مما تقدم قبل قبضه ، ولو لبائعه ، ولا الاعتياض عنه ، ولا إجارته ولا هبته ولو بلا عوض ، ولا رهنه ولو قبض ثمنه ، ولا الحولة عليه ، ولا الحوالة به ، لحديث : ( من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه ) متفق عليه . وهو يشمل بيعه لبائعه وغيره . وكان الطعام مستعملا يومئذ غالبا فيما يكال وبوزن ، وقيس عليهما المعدود والمذروع الاحتياجهما لحق توفيه ، ولأنه من ضمان بائع .
أما إذا بيع مكيل و نحوه جزافا كصبرة متعينة ، وثوب ، جاز التصرف فيه قبل قبضه نصا ، لقول ابن عمر: (مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حيا مجموعا فهو من مال المشتري ، ولأن التعيين القبض .
(ب) للمشتري التصرف قبل القبض فيا تقدم في الفقرة السابقة بما يأتي :
1- التصرف في المبيع بالعتق .
2 - جعله مهرا.
3 - الخلع عليه لاغتفار الغرر فيه .
4 - الوصية به ، لأنها ملحقة بالإرث .