مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 166
مذكرة المشروع التمهيدي :
تعرف المادة 617 بیع الوفاء بأنه بيع يشترط فيه البائع استرداد العين المبيعة وفقاً لأحكام معينة، (أنظر 338 / 421 من التقنين الحالي)، ويجب أن يكون شرط الاسترداد مقترناً بالبيع لا حقاً له (أنظر المادة 425 من التقنين المختلط).
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 617 من المشروع فأقرتها اللجنة مع إبدال عبارة في عقد البيع، إلى عبارة عند البيع ، وأصبح النص ما يأتي :
إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع وجب على المشتري أن يرد ما اشتراه إذا ما استعمل البائع حقه في الاسترداد وفقاً للأحكام الآتية :
وأصبح رقمها 479 في المشروع النهائي.
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 479
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثامنة والعشرين
بيع الوفاء
بدأت اللجنة في بحث الفصل الخاص ببيع الوفاء " المواد 479 - 492 " فتناولت المبدأ وانقسمت الآراء فيه، فرأى قال بحذف تلك المواد جملة و معالي حلمي باشا، وسعادة العشماوي باشا، وعدم النص على بيع الوفاء اکتفاء بأحكام الرهن، لأنه تبين من العمل أن كثيراً من البيوع الوقائية تستر رهوناً حيازية عقارية وإن كان المشرع في سنة 1923 قد نص على أن البيع الوفائي إذا ستر رهناً كان العقد باطلاً بوصفه بيعاً أو رهناً.
وقد دلل أصحاب هذا الرأي على صحة ما ذهبوا إليه بما يأتي :
1- إن هذا النظام معمول به نظرياً وأهدافه دائماً تحقيق مبادىء الرهن من أيسر سبيل فنظام الرهن بنوعيه يغني عنه وعلى الأخص رهن الحيازة .
2 - إن هذا النظام يقضي على مزية حماية الملكية الصغيرة من طريق إيجاد منفذ الصغار الملاك للتصرف في أملاكهم بينما القانون يحميهم من الحجز والبيع، والمالك الصغير لا يضطر دائماً للبيع إذا سد عليه هذا الباب، لأنه حريص على ملكه وهذا هو السبب لالتجائه إلى البيع الوفائي.
3 - إن فكرة البيع الوفائي توجد دائماً عندما يكون الغرض إتاحة الفرصة البائع ليسترد ملكه، وهذا نادر الحدوث بل معدوم، وهذا النظام شائع بين صغار الملاك وهؤلاء لا يستطيعون الاسترداد ودفع الثمن في أغلب الأحيان.
ورأى ذهب إلى الإبقاء على نظام البيع الوفائي و أحمد رمزي بك وجمال الدين أباظه بك، ومحصله أن في حذف هذا النوع من البيع انعدام بعض التصرفات المقبولة والجاري عليها العمل، وليس من الصواب القول بأن كل بيع وفائي يستر رهناً لأن المشتري في بيع الوفاء الحقيقي يطمع بعد انقضاء المدة أن يكون مالكاً ملكاً باتاً والبائع يطمع في أن يسترد ملكه، فإذا حرم مثل هذا البائع من هذا التصرف وألحت عليه الحاجة وكان من صغار الملاك اضطر إلى بيع ملكه بيعاً نهائياً ولا يوجد مالك لا يحرص على ملكه حتى يقال إن البيع البات النهائي وحده هو الذي يحرص به المالك على ملكه، وما دام القانون قد وضع الضمانات التي رآها كافية لحفظه لصاحبه إذا رد الثمن فلا محل لحذف هذا النوع من البيوع، والمالك الصغير إذا ألحت عليه الحاجة لا يمكنه أن يرهن عقاره لأن الرهن لا يؤدي إلى نزع الملكية .
وقد أورد أصحاب الرأي الأول حجة جديدة على لسان سعادة العشماوي باشا
وهي أن البائع في البيع الوفائي لا يستطيع أن يبيع ملكه مرة ثانية بيعاً باتاً وعکس ذلك في الرهن .
وقد رد معالي السنهوري باشا على القائلين بالحذف بأن المشروع لم يستحدث أحكاماً جديدة في هذا النوع من البيوع الذي يجب الإبقاء عليه، لأن الحاجة العملية أثبتت الحاجة اليه وفي الإمكان حماية لصغار الملاك والفلاحين أن نكشف الرهون في البيوع الوفائية و نضع لها القواعد المنظمة , وأما ماقيل من أن البائع في البيع الوفائي لا يستطيع بيع ملكه مرة أخرى بيها نهائياً فمردود، لأنه يستطيع ذلک، غير أن بيعه يكون معلقاً على شرط استرداده للعقار في البيع الوفائي.
وخلص معاليه من ذلك إلى أن أصحاب الرأي بالحذف لم يثبتوا أن العمل أبان أن بيع الوفاء مضاره أكثر من نفعه ووجه معاليه نظر اللجنة إلى أن حذف بيع الوفاء لا ولن يمنع من تطبيق القواعد العامة عليه، وعلى ذلك فإما أن تبقي عليه اللجنة ثم ينظر في تنظيمه وإما أن تحرمه فتنص على ذلك.
ولما أخذ الرأي على المبدأ ثبت كل من أصحاب الرأيين على رأيه، وعندئذٍ رأی سعادة الرئيس عدم البت في البيع الوفائي في هذه الجلسة إلى اجتماع مقبل .
وسيبلغ سعادته اللجنة ما يصل إليه من آراء الزراع و المحامين في شأن هذا البيع .
وقد وافقت اللجنة على ذلك .
محضر الجلسة التاسعة والأربعين
بيع الوفاء
أعادت اللجنة المناقشة في المواد الخاصة ببيع الوفاء لانها كانت قد أجلت أخذ
قرار بشأنها إلى جلسة مقبلة.
قرار اللجنة
رأت اللجنة حذف المواد من 479 إلى 492 ويستعاض عنها بالمادة الآتية :
و إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة وقع البيع باطلاً.
والحكمة من هذا النص هو أن عدم النص على بطلان هذا النوع من البيوع لا يمنع من التعامل به.
محضر الجلسة الخمسين
شرعت اللجنة في إعادة بحث بعض المواد التي كانت قد أرجأت بحثها فتليت المادة 479 وكانت اللجنة قد عدلتها بحيث يكون البيع الوفائي باطلاً، فقيل في تعليل التحريم المنصوص عليه في التعديل إن البيع الوفائي يخفى دائماً رهناً و أنه كان محل انتقاد شديد في المعاملات، وأنه إذا صح اعتبار البيع بيعاً وفائياً فإنه يؤدي إلى بيع الملك بثمن بخس .
تقرير اللجنة :
تناولت اللجنة بيع الوفاء وقد رأت بالإجماع أن هذا النوع من البيع لم يعلم يستجيب لحاجة جلية في التعامل إنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ ستاراً الرهن و ينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس، والواقع أن من يعمل إلى بيع الوفاء لايحصل على ثمن يتناسب مع قيمة المبيع بل يحصل عادة على مايحتاج إليه من مال ولو كان أقل بكثير من هذه القيمة، ويعتمد غالباً على احتمال وفائه بما قبض قبل انقضاء أجل الاسترداد، ولكنه قل أن يحسن التقدير، فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل ضاع عليه دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته وتحمل غبناً ينبغي أن يدرأه القانون عنه، ولذلك رئى أن تحذف النصوص الخاصة ببيع الوفاء، وأن يستعاض عنها بنص عام يحرم هذا البيع في أية صورة من الصور، وهذا لا يكون أمام الدائن والمدين إلا الالتجاء إلى الرهن الحيازي وغيره من وسائل الضمان التي نظمها القانون وأحاطها بما يكفل حقوق كل منهما دون أن يتسع المجال لغبن قلما يؤمن جانبه .
وأصبح نص المادة كما يأتي :
إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد البيع خلال مدة معينة وقع البيع باطلاً، وأصبح رقمها 465.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة.
1 ـ مفاد نص المادة 465 من القانون المدنى أنه يشترط فى بيع الوفاء الذى يبطله القانون أن تتجه إرادة طرفيه وقت إبرام العقد إلى احتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال فترة معينة ولا يلزم أن يدرج هذا الشرط فى ذات عقد البيع ما دام الثابت أن الاتفاق قد تم على الأمرين معاً فى وقت واحد وأن المعاصرة الذهنية بيع البيع وحق البائع فى الاسترداد تتحقق سواء كانت الورقة سابقة أو لاحقة على البيع .... وكانت هذه المحكمة تشاطر محكمة أول درجة فيما استخلصته من عبارات هذا الاتفاق من أن البيع الذى تم بين مورثة المستأنف عليهم الثمانية الأوائل ومورث المستأنف عليهم من التاسعة وحتى الرابعة عشر والذى تم تسجيله بموجب العقد المسجل رقم ... قنا وما تلاه من تصرف مورث الأخيرين إلى المشترين الجدد سالفى الذكر ومن بينهم المستأنفة الأولى والذى تم تسجيله من بعد تحت رقم ... قنا بتاريخ ...... هما فى حقيقتهما عقدا بيع وفائيان باطلان بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام .
(الطعن رقم 4233 لسنة 65 جلسة 1997/12/13 س 48 ع 2 ص 1461 ق 273)
2 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 465 من القانون المدنى أنه يشترط فى بيع الوفاء الذى يبطله القانون أن تتجه إرادة الطرفين وقت إبرام العقد إلى إحتفاظ البائع بحق إستراداد المبيع خلال فترة معينة و لا يلزم أن يدرج هذا الشرط فى ذات عقد البيع ما دام الثابت أن الإتفاق قد تم على الأمرين معاً فى وقت واحد و أن المعاصرة الذهنية بين البيع و حق البائع فى الإسترداد تتحقق سواء كانت الورقة سابقة أو لاحقة على البيع .
(الطعن رقم 999 لسنة 56 جلسة 1990/11/28 س 41 ع 2 ص 801 ق 301)
3 ـ مفاد نص المادة 465 من القانون المدنى أنه يشترط فى بيع الوفاء الذى يبطله القانون أن تتجه إرادة الطرفين وقت إبرام العقد إلى إحتفاظ البائع بحق إسترداد المبيع خلال فترة معينة و لا يلزم أن يدرج هذا الشرط فى ذات عقد البيع بل يجوز إثباته فى ورقة أخرى و لا يشترط لإعمال أثرها قيام المعاصرة الذهنية بينها و بين العقد ذاته بل تكفى المعاصرة الذهنية سواء كان تحرير الورقة فى تاريخ سابق أو لاحق على العقد طالما أدت هذه المعاصرة إلى قيام الارتباط بينهما .
(الطعن رقم 623 لسنة 53 جلسة 1986/06/15 س 37 ع 2 ص 683 ق 141)
4 ـ لما كان مفاد نص المادة 465 من القانون المدنى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط فى بيع الوفاء الذى يبطله القانون أن تتجه إرادة الطرفين وقت إبرام العقد إلى إحتفاظ البائع بحق إسترداد المبيع خلال مدة معينة فإذا خلا البيع من هذا الشرط الإرادى المحض المتعلق بمطلق إرادة البائع كان العقد صحيحاً ، و لا يغير من ذلك أن يكون معلقا على شرط فاسخ غير متعلق بإرادة البائع أو متعلق بإرادته فى حالة إخلال المشترى بإلتزاماته .
(الطعن رقم 1797 لسنة 50 جلسة 1986/02/17 س 37 ع 1 ص 211 ق 49)
5 ـ مفاد نص المادة 465 من القانون المدنى أنه يشترط فى بيع الوفاء الذى يبطله القانون أن تتجه إرادة الطرفين وقت إبرام العقد إلى إحتفاظ البائع بحق إسترداد المبيع خلال مدة معينة ، و لا يلزم أن يدرج هذا الشرط فى ذات عقد البيع بل يجوز إثباته فى ورقة لاحقة بشرط توافر المعاصرة الذهنية التى تربطه بالبيع .
(الطعن رقم 788 لسنة 48 جلسة 1981/06/25 س 32 ع 2 ص 1948 ق 353)
6 ـ أن الصورية النسبية التدليسية التى تقوم على إخفاء الرهن وراء البيع تعد تحايلاً على القانون يترتب عليه بطلان البيع إذ عقد البيع الذى يخفى رهناً و يستطيع البائع فيه إسترداد المبيع إذ هو رد الثمن إلى المشترى إنما هو صورة من بيع الوفاء الذى حظره المشرع بالنص على بطلانه فى المادة 465 من القانون المدنى ، و هذه الصورية النسبية تثبت بالبينة و سائر طرق الإثبات الأخرى دون التفات إلى نصوص العقد أو ما أصدره المتعاقدان من إقرارات .
(الطعن رقم 579 لسنة 48 جلسة 1981/05/06 س 32 ع 2 ص 1388 ق 252)
7 ـ مفاد نص المادة 465 من القانون المدنى أنه يشترط فى بيع الوفاء الذى يبطله القانون أن تتجه إرداة الطرفين وقت إبرام العقد إلى إحتفاظ البائع بحق إسترداد المبيع خلال مدة معينة و لا يلزم أن يدرج هذا الشرط فى ذات عقد البيع بل يجوز إثباته فى ورقة لاحقة بشرط توافر المعاصرة الذهنية التى تربطه بالبيع . و إستظهار شرط المعاصرة الذهنية بين البيع و حق البائع فى الإسترداد يعتبر من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض . و إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن عقد البيع سند الدعوى تاريخه .... .... و كانت الورقة التى إستند إليها الحكم فى إثبات شرط الإسترداد مؤرخة - فى تاريخ لاحق - و كان الحكم قد أنزل أحكام بيع الوفاء على عقد البيع إستناداً إلى تلك الورقة برغم صدورها فى تاريخ لاحق على العقد دون أن يعنى بإستظهار شرط المعاصرة الذهنية التى تربطها بالعقد أو يكشف عن المصدر الذى إستقى منه هذه المعاصرة فإنه يكون مشوباً بالقصور و الخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 509 لسنة 42 جلسة 1976/03/15 س 27 ع 1 ص 652 ق 130)
8 ـ متى كانت الطاعنة قد أقامت دعواها بالبطلان تأسيساً على أن عقد البيع الصادر من مورثها إلى المطعون عليه هو فى حقيقته عقد بيع وفاء و أنه باطل بطلاناً مطلقاً عملاً بنص المادة 465 من القانون المدنى ، و تمسك المطعون عليه أمام محكمة الإستئناف بتقادم هذه الدعوى بمضى أكثر من خمس عشرة سنة من تاريخ العقد ، و إذ كان القانون المدنى القائم قد إستحدث فى الفقرة الثانية من المادة 141 منه النص على سقوط دعوى البطلان المطلق بمضى خمس عشرة سنة من وقت العقد إحتراماً للأوضاع التى إستقرت بمضى هذه المدة بعد صدور العقد الباطل ، لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه فى الدعوى على هذا الأساس فإن النعى عليه - بأن البطلان المطلق لا يرد عليه التقادم - يكون فى غير محله .
(الطعن رقم 136 لسنة 41 جلسة 1975/11/25 س 26 ص 1477 ق 278)
9 ـ النص فى عقد الصلح على أعتبار بيع الوفاء نهائياً لا رجوع فيه ، لا يعدو ان يكون مجرد نزول من جانب البائع عن شرط الاسترداد المتفق عليه عند التعاقد فهو لا يصحح البيع الذى وقع باطلا طبقا للمادة 465 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 170 لسنة 36 جلسة 1970/05/28 س 21 ع 2 ص 945 ق 151)
10 ـ الصورية النسبية التى تقوم على إخفاء الرهن وراء البيع تعد تحايلاً على القانون يترتب عليه بطلان البيع طبقاً للمادة 465 من القانون المدنى . وهذه الصورية النسبية لا تنتفى بإنتفاء الصورية المطلقة أو بتخلف شروط الدعوى البولصية كلها أو بعضها لإختلافها عنهما أساساً وحكماً . فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قصر بحثه على ما تمسك به الخصم من أوجه دفاع تتعلق بصورية عقد البيع صورية مطلقة وبالتواطؤ بين طرفى هذا العقد للإضرار بحقوقه ، وأغفل بحث دفاع الخصم بشأن إخفاء الرهن وراء البيع مع إنه دفاع جوهرى لو صح لتغير وجه الرأى فى الدعوى ، فإن الحكم يكون قاصراً فى التسبيب بما يبطله ويستوجب نقضه .
(الطعن رقم 204 لسنة 32 جلسة 1966/12/06 س 17 ع 4 ص 1770 ق 255)
فبيع الوفاء إذن، في التقنين المدني الجديد، باطل، ويمكن تأسيس هذا البطلان على هذا النص الخاص (م 465 مدني)، كما يمكن القول إن البطلان هنا راجع على أن المشرع قد استحدث تغييراً في نظرته إلى النظام العام، فوجد أن بيع الوفاء – ويقصد به عادة أن يكون ستاراً لتصرف غير مشروع – أمر مخالف للنظام العام، فيكون باطلاً تطبيقا للقواعد العامة في البطلان.
وفي الفترة السابقة على تقرير بطلان بيع الوفاء، إذا تصرف المشتري في المبيع ببيع أو رهن، اعتبر التصرف صادراً من غير مالك وجرى عليه حكمه، أما إذا تصرف البائع في المبيع، فتصرفه صحيح لأنه هو المالك، وإذا انقضت المدة المحدد للاسترداد ولم يسترد البائع المبيع، فإن ذلك لا يمنعه من التمسك ببطلان البيع أما إذا استرد البائع المبيع في المدة المحددة، فلا عبرة بهذا الاسترداد، ويرجع المبيع إلى البائع لا بحكم الاسترداد وفسخ البيع، بل بحكم أن البيع باطل من الأصل كما سبق القول.
ولا يصلح بيع الوفاء ، وهو بيع باطل، أن يكون سبباً صحيحاً للتقادم القصير ، على أن المشتري وفاء إذا باع العين لمشتر حسن النية، ملكها المشتري الثاني في المنقول بالحيازة، وأمكن أن يملكها في العقار بالتقادم القصير، لأن البيع الصادر من المشتري وفاء بيع صادر من غير مالك فيجري عليه حكمه.
ويمكن أن نتصور، بعد أن أصبح بيع الوفاء باطلاً، أن تتحايل الناس لتجنب هذا الحكم بإحدى وسيلتين : ( 1 ) يبيع المالك العين للمشتري بيعاً باتاً، ثم يبيع المشتري بعقد جديد نفس العين للبائع معلقاً البيع على شرط واقف هو أن يسترد الثمن والمصروفات في مدة معينة . ( 2 ) يبيع المالك العين للمشتري بيعاً باتاً، ثم يبيع المشتري العين لأجنبي بعقد ثاني، ثم يبيع الأجنبي العين للبائع بعقد ثالث معلقاً البيع على شرط واقف هو أن يرد البائع الثمن والمصروفات في خلال مدة معينة، وتمتاز هذه الوسيلة الثانية عن الوسيلة الأولى في أنه قد توسط أجنبي ما بين البائع والمشتري، فجعل الشبهة أبعد وعندنا أنه إذا اشتبه القاضي في حقيقة البيع هل هو بيع وفائي فيبطله، وجب عليه ألا يقف عند تكييف المتابعين للعقد، بل يحلل الصفقة أو مجموعة الصفقات ليرى هل الغرض من ذلك هو ضمان رد المبيع إلى البائع إذا رد الثمن فإذا لم يرده خلصت ملكية المبيع للمشتري، فعند ذلك يكون التصرف ساتراً لبيع وفاء ويجب عليه الحكم ببطلانه.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الرابع الصفحة/ 209)
فمناط بطلان بيع الوفاء أن يتضمن عقد البيع شرطاً إرادياً محضاً يجيز للبائع استرداد البيع فور إعلان رغبته في ذلك، دون أن يستند هذا الشرط إلى إخلال المشتري بالتزاماته إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح، وإذا اختلط الشرط الإرادي المحض بالشرط الفاسخ الصريح، كان لمحكمة الموضوع استخلاص طبيعة العقلي فإن وجدت أن الشرط الفاسخ الصريح ورد بالعقد غشاً وإحفاء للشرط الإرادي المحض، اعتبرت العقد يتضمن بيع وفاء وقضت ببطلانه، وهي بذلك لا تقضي بما لم يطلبه الخصوم وإنما وفقاً للتكييف الصحيح الذي خلصت إليه التعلق بیع الوفاء بالإعلام العام مما يوجب عليها السعي ولو من تلقاء نفسها لحماية هذا النظام وهو ما ناطه المشرع بها ولو أراد الخصوم أجازة العقد صراحةً أو ضمناً.
ويترتب على البطلان المطلق لبيع الوفاء، أنه لا ترد عليه الإجازة الصريحة أو الضمنية، بحيث إذا خلصت الحكمة إلى أن عقد البيع المطروح عليها، يتضمن بيعاً وقائية، التزمت في قضائها بهذا التكييف، فإن تعلقت الدعوى بصحة ونفاذ العقد، قضت برفضها وبطلان عقد البيع، فإذا قدم الخصوم فيها عقد صلح لإلحاقه بمحضر الجلسة، رفضت هذا الطلب وقضت برفض الدعوى وببطلان عقد البيع، فإن هي قضت بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة، فإن هذا القضاء لا تكون له حجية الأحكام القضائية ولا يعدو أن يكون إثباتاً لما اتفق الخصوم علیه أمام المحكمة، وبالتالي يخضع لما يخضع له اتفاقات الخصوم عما يجوز معه التمسك ببطلانه، إما بدعوى أصلية أو بالدفع في الدعوى التي يقيمها المشتري استناداً لهذا العقد ما لم تكن قد اكتملت مدة تقادم دعوى البطلان عملاً بالمادة 141 من القانون المدني.
كما يترتب على بطلان بيع الوفاء بطلاناًَ مطلقاً أنه يمتنع على المحكمة أن تقرر شطب الدعوى أو اعتبارها كأن لم تكن عملاً بالمادة 82 من قانون المرافعات، إذ لو قضت بذلك فإنها تبقى على عقد مخالف للنظام العام وهو أمر يجب تصفيته حفاظاً على هذا النظام، وبالتالي، فإنه يتعين عليها، متی وقفت على حقيقة العقد، أن على الموضوع وذلك يرفض الدعوى وبطلان العقد حتى لو كانت الدعوى مرفوعة بفسخه، إذ لا يرد الفسخ على عقد باطل بطلاناً مطلقاً كما يمتنع على المحكمة أن ثبت ترك المدعي لدعواه، لما في ذلك من إبقاء العقد المخالف للنظام العام دون إقصائه من دائرة التعامل.
إثبات بيع الوفاء :
لم يكن العقد الذي يظهره الطرفان متضمناً بيع الوفاء، وإنما أركان بيع صحيح، رغم إرادتهما وقت إبرامه إلى بيع الوفاء، فإن العقد الظاهر يكون منطوياً على صورية وذلك بستربيع الوفاء في بيع صحيح، فتكون صورية نسبية، ولما كانت هذه الصورية تمت بطريق التحايل على القانون إضراراً بالبائع إذ قد يفقد ملكه إذا تأخر عن رد مبلغ القرض الذي قبضه من المشتري، وهو مبلغ لا يتعادل مع قيمة المبيع، ولذلك فتكون تلك الصورية تدليسية، يجوز معها للبائع ثبات تلك الصورية بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً و منها البينة والقرائن.
كما يجوز إثباتها بورقة تدل على أن العقد الظاهر هو في حقيقته عقد بيع وفاء، فتكون تلك الورقة «ورقة ضده أو تكون في العقد الحقيقي الذي يحكم العلاقة ما بين أطرافه .
وقد يحرر العقد الحقيقي في تاريخ العقد الصوري متضمناً حقيقة البيع الذي تم وأنه بيع صوری ويكون للبيع فيه حتى استرداد البيع فور رد المبلغ للمشترى دون توقف على إرادة الأخير.
ولا يشترط في العقد الحقيقي أن يكون صادراً في ذات تاريخ العقد الصوری، بل يجوز أن يكون لاحقاً له، وقد لا يتضمن تاريخه، ويكفي أن يتصرف، فهن أطراف العقد الحقيقي إلى العقد الصوري أثناء تحرير العقد الأول ويدور بخلدهما هذا العقد، إذ تتوفر بتلك المعاصرة الذهنية، وهي كافية لإعمال أثر العقد الحقيقي، وحكمة الموضوع استخلاص تلك المعاصرة من الصلة ما بين العقدين من ناحية أطرافه ومحله وما قد يقدم لها من مستندات لإثبات توافر تلك الصلة دون اعتداد بوقت تحرير كل منهما إذا اختلفا تاريخاً.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السادس الصفحة/ 707)
بيع الوفاء (أو البيع الوفائي) هو بيع يحتفظ فيه البائع بحقه في أن يسترد المبيع خلال مدة معينة مقابل رد الثمن ومصروفات العقد ومصروفات الاسترداد والمصروفات التي يكون قد أنفقها على المبيع على أمل أن تتحسن حالته المالية فيستطيع أن يرد الثمن والمصروفات وأن يسترد المبيع خلال الأجل المتفق عليه.
بيع الوفاء - كما سنرى- بيع معلق على شرط فاسخ ويترتب على وجود هذا الشرط حالة عدم استقرار لأن المبيع يعتبر أثناء قيام الشرط مملوكاً لشخصين المشتري المالك تحت شرط فاسخ والبائع المالك تحت شرط موقف وكان من شأن هذه الحالة- في ظل التقنين الملغي الذي كان ينظم هذا النوع من البيع - إحجام الغير عن التعامل مع المشتري بخصوص المبيع وإهمال المشتري في الاعتناء به والقيام بالإصلاحات والتحسينات التي تستوجبها حالته لعلمه أن الملكية لم تثبت له بعد.
2- أن بيع الوفاء كثيرا ما يتخذ وسيلة للتحايل على القواعد الآمرة في الرهن التي تقضي ببطلان كل اتفاق يجعل للدائن المرتهن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله في أن يتملك المال المرهون في نظير ثمن معلوم (م 1052 ، 1108 مدني) وذلك بأن يعقد المتعاقدان بيع وفاء ويكون المقصود به رهن المبيع للمشتري الذي أقرض البائع مبلغاً من النقود. فيبدو المقترض الذي رهن ماله على أنه بائع ويظهر الدائن المرتهن الذي أقرضه مشترياً ويكون المال المرهون بمثابة المبيع والدين الذي يضمنه الرهن بمثابة الثمن.
فإذا لم يستعمل البائع وهو في الحقيقة راهن حقه في استرداد المبيع (وهو في الحقيقة مجرد مال مرهون) في المدة المحددة أي إذا لم يوف الدين في الميعاد المتفق عليه أصبح المشتري (وهو في الحقيقة دائن مرتهن) مالكاً للمبيع في مقابل ثمن هو في الحقيقة الدين الذي يضمنه الرهن .
3- قد يتخذ بيع الوفاء أيضاً وسيلة للتحايل على قاعدة تحريم الاتفاق على فائدة يزيد سعرها على سبعة في المائة (م288 مدني) والاتفاق بذلك على الربا الفاحش وذلك بأن يذكر في عقد بیع الوفاء ثمن أكبر من الثمن الذي دفعه المشتري أي أكبر من مبلغ القرض الذي دفعه الدائن المرتهن فيتعين على البائع أن يدفع الثمن المذكور في العقد إذا أراد استرداد المبيع (أي المال المرهون.
- مزايا بيع الوفاء :
لیست تخفي فائدة بيع الوفاء بالنسبة للبائع الذي يحتاج إلى نقود ولا يريد في الوقت نفسه أن يكون حصوله عليها مقابل التخلي بصفة نهائية عن ملكية شئ يملكه لاعتقاده بأن أحواله المالية ستتحسن في المستقبل بما يمكنه من رد ما أخذه من نقود و استرداد مبيعه لذلك كان هذا النوع من البيع جائزا في المجموعة المدنية القديمة كما ذكرنا .
غير أن هذه المزية لا تعوق مساوئ هذا النوع من البيع ولذلك عدل عنه التقنين المدني الجديد.
- طبيعة بيع الوفاء :
بيع الوفاء يعتبر بيعاً معلقاً على شرط فاسخ هو رد الثمن والمصاريف في الميعاد المتفق عليه فإذا تحقق هذا الشرط اعتبر البيع كأن لم يكن بمعنى أن المبيع يعتبر كأن لم يخرج أبدا من ملك البائع ولم يدخل قط في ملك المشتري أما إذا انقضت المدة المعينة في العقد ولم يستعمل البائع حقه في استرداد المبيع سقط خياره وثبتت الملكية نهائياً للمشتري.
كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يقر بيع الوفاء ويتضمن نصاً برقم يقضي بأنه: إذا احتفظ البائع في عقد البيع بحق استرداد المبيع وجب على المشتري أن يرد ما اشتراه، إذا ما استعمل البائع حقه في الاسترداد وفقا للأحكام الأتية: وأورد الأحكام المشار إليها في المواد (918 - 931 ) وقد دارت مناقشات كثيرة حول هذا النص أنتهت في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ التي قررت حذف هذه المادة والمواد الأخرى سالفة الذكر التي كانت تفصل أحكام بيع الوفاء، واستعاضت عنها بالنص الحالي وقد جاء بتقريرها: تناولت اللجنة بيع الوفاء وقد رأت بالإجماع أن هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب الحاجة جدية في التعامل إنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ ستاراً الرهن وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس والواقع أن من يعمد إلى بيع الوفاء لا يحصل على ثمن يتناسب مع قيمة المبيع بل يحصل عادة على ما يحتاج إليه من مال ولو كان أقل بكثير من هذه القيمة ويعتمد غالباً على احتمال وفاته بما قبض قبل انقضاء أجل الاسترداد ولكنه قل أن يحسن التقدير فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل ضاع عليه دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته وتحمل غبناً ينبغي أن يدرأه القانون عنه.
ولذلك رأي أن تحذف النصوص الخاصة ببيع الوفاء وأن يستعاض عنها بنص عام يحرم هذا البيع في أية صورة من الصور وبهذا لا يكون أمام الدائن والمدين إلا الالتجاء إلى الرهن الحيازي وغيره من وسائل الضمان التي نظمها القانون وأحاطها بما يكفل حقوق كل منهما دون أن يتسع المجال لغبن قلماً يؤمن جانبه وقد وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .
وبذلك أصبح بيع الوفاء باطلاً في التقنين المدني الجديد.
- أثر بطلان عقد البيع الوفائي :
ذكرنا سلفا أن المادة (465) تنص على أنه : إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة وقع البيع باطلاً .
فعقد بيع الوفاء باطل بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام ويستطيع كل ذي مصلحة أن يتمسك به كما تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولا يترتب عليه ثمة أثر بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير.
ويبطل عقد البيع الوفائي سواء كان محل العقد عقاراً أو منقولاً وسواء قصد به إخفاء رهن أو قصد به البيع حقيقة دون تحايل.
فلا يمكن حمل بيع الوفاء على أنه يستر في الحقيقة رهناً فتجري أحكام الرهن لأنه من المسلم لكي يستتر عقد تحت ستار عقد آخر يجب أن يكون العقد الساتر صحيحاً فإذا كان باطلاً لم يكن صالحاً لستر غيره .
ولو ترك بيع الوفاء للقواعد العامة لكان صحيحاً إذ يعتبر بيعاً معلقاً على شرط فاسخ هو استعمال البائع حقه في العدول في المدة المتفق عليها فإن تخلف الشرط استقر وجود البيع نهائياً .
وهذا البطلان المطلق لا تلحقه الإجازة.
والمقرر أنه في حالة بطلان العقد يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا كان هذا مستحيلاً جاز الحكم بتعويض عادل (مادة 1/124 ) .
ويترتب على ذلك ما يأتي :
1 - يجب على المشتري رد المبيع وثمراته إلى البائع وله أن يسترد المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة.
2- يجب على البائع أن يرد للمشتري فوراً ما قبضه من ثمن ولا يعتد بالأجل.
ويكون الرد بموجب قاعدة استرداد غير المستحق وفقا للمادة 185 مدني.
ولا يختلف البيع وفاء والبيع المعلق فسخه على شرط إلا في كون تحقق الشرط وعدمه محدوداً لأجل أي يجب فيه تعيين زمن لرد الثمن وأخذ المبيع .
- تصرف المشتري والبائع في المبيع قبل تقرير البطلان :
إذا تصرف المشتري في المبيع قبل تقرير بطلان عقد البيع الوفائي اعتبر التصرف صادراً من غير مالك وجرى عليه حكم بيع ملك الغير المنصوص عليه المواد (466 - 468 مدني).
أما إذا كان الذي تصرف في المبيع هو البائع فتصرفه صحيح لأنه هو المالك ولا يمنع البائع من التمسك ببطلان هذا البيع انقضاء المهلة المحددة للاسترداد من غير أن يسترد المبيع فيها وإذا استرده فيها فلا عبرة بهذا الاسترداد إنما يكون أساس رجوع المبيع إليه هو بطلان بيعه أصلاً .
- وضع يد المشتري وفاء لا يؤدي إلى اكتساب ملكية المبيع بالتقادم :
لا يصلح بيع الوفاء أن يكون سبباً صحيحاً للتقادم القصير لأنه بيع باطل ويكون سبب وضع يد المشتري وفاء هو بسبب الرهن فتنتفي نية التملك منذ البداية.
غير أن المشرع وفاء إذا باع العين لمشتر حسن النية تملكها المشتري الثاني في المنقول بالحيازة وأمكن أن يتملكها في العقار بالتقادم القصير لأن البيع الصادر من المشتري وفاء بيع صادر من غير مالك فيجري عليه حكمه .
- تقادم دعوى البطلان بالتقادم الطويل :
تنص الفقرة الثانية من المادة 141 مدني على أن تسقط دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد وهذا الحكم مستحدث في التقنين الجديد وذلك احتراماً للأوضاع التي استقرت بمضي هذه المدة بعد صدور العقد الباطل.
نص المادة 465 من التقنين الجديد القاضي ببطلان بيع الوفاء لا يسري إلا على العقود التي تبرم من وقت العمل بالتقنين الجديد أي من 15 أكتوبر 1949 أما العقود التي أبرمت قبل هذا التاريخ فيستمر بالنسبة لها العمل بأحكام التقنين الملغي أي أن هذه العقود تظل صحيحة ويجوز للبائعين بموجبها أن يستعملوا حقهم في استرداد المبيع وفاء حتى بعد صدور التقنين الجديد على أن يكون ذلك في المواعيد المتفق عليها في عقودهم وفي حدود المدة التي كان يسمح بها التقنين الملغي بالاتفاق على حق الاسترداد خلالها وهي خمس سنوات وفقاً للتقنين الأهلى ويترتب على استعمالهم هذا الحق أو على عدم استعمالهم إياه في الميعاد المحدد لذلك الآثار التي نص عليها التقنين الملغي.
أما بيوع الوفاء التي تبرم ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 فهذه تخضع الأحكام التقنين المدني الجديد ومن ثم تكون باطلة حتى لو لم يثبت أن بيع الوفاء يستر رهناً.
ونص المادة 465 مدني وإن كان نصاً آمراً إلا أنه لا يجب أن ينصرف إلى بيوع الوفاء التي تمت صحيحة وفقاً لأحكام التقنين القديم والتي لم ينقض بعد أجل الاسترداد المشروط فيها لأن القاعدة أنه لا يجوز للمشرع بقانون جديد أن يمس المراكز القانونية للأشخاص إذا كانت هذه المراكز قد تحددت بعقود صحيحة تمت وفقاً لأحكام التشريع المعمول به وقت انعقادها وإلا أدى هذا إلى الإخلال بالأمن المدني وبالاستقرار الواجب أن يسود المعاملات القانونية بين الأفراد . (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الخامس، الصفحة/ 525)
تعریف بيع الوفاء وتكييفه - بيع الوفاء هو بيع يحتفظ فيه البائع بحقه في أن يسترد المبيع خلال مدة معينة في مقابل رد الثمن ومصروفات العقد ومصروفات الاسترداد والمصروفات التي يكون قد انفقها على المبيع .
والتكييف القانوني لهذا العقد أنه بيع مع خيار العدول في مدة معينة واعتبر العدول شرطاً فاسخاً، فإذا استعمل البائع حقه في العدول تحقق الشرط الفاسخ وترتب على تحققه زوال كل أثر للعقد ووجوب رد المبيع إلى البائع والثمن إلى المشتري، وإذا لم يستعمل البائع حقه في استرداد المبيع خلال المدة المعينة، تخلف الشمل الفاسخ وتأید البيع نهائياً .
- تاریخ بیع الوفاء في القانون المصري وتحريم التقنين الحالي أياه - كان التقنين المدني الملغي ينظم أحكام هذا النوع من البيع في المواد 338-347/421 - 433 . وقد لوحظ عند وضع ذلك التقنين أن بيع الوفاء يصلح ستاراً لرهن يراد به أن يكون المرهون مملوكاً للمرتهن بمجرد عدم وفاء الراهن بالدين، فیؤدی بذلك إلى التحايل على النص الذي يحرم الاتفاق في عقد الرهن على أن يصبح المرهون مملوكاً للمرتهن بمجرد عدم وفاء الدين ( المادة 665/543 ) فنص في المادتين 338 و 339 على تقسيم بيع الوفاء إلى نوعين : نوع يكون الغرض منه الرهن الحيازي وآخر يكون الغرض منه حقيقة البيع الوفائي ، وعلى إجراء حكم الرهن في النوع الأول وحكم بيع الوفاء في النوع الثاني.
وقد حدا ذلك المرابين إلى إيثار إخفاء الرهن تحت ستار بیع الوفاء لأن سلوك هذا السبيل يوفر عليهم الإجراءات التي لابد منها في التنفيذ بالرهن ويخولهم ملكية المرهون ويسمح لهم بتقاضي فوائد فاحشة، دون أن يعرضهم لأية خسارة إذا ما انكشفت حقيقة البيع وظهر أنه يخفى رهناً، إذ تبقى لهم في هذه الحالة مزايا الرهن .
لذلك تدخل المشرع بالقانون رقم 50/49 لسنة 1923، فمعدل المادة 339 /422 بأن جعلها تنص على أنه «إذا كان الشرط الوفائي مقصوداً به إخفاء رهن عقاري، فإن العقد يعتبر باطلاً لا أثر له سواء بصفته بیعاً أو رهناً. ويعتبر العقد مقصوداً به إخفاء رهن إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات ويجوز بكافة الطرق إثبات عكس ما في العقد بدون التفات إلى نصوصه.
وقد أنشأ المشرع بهذا التعديل قرينة قانونية على أن المقصود بالبيع الوفائى اخفاء رهن حيازى في حالتين هما حالة بقاء الحيازة بأي وجه في يد البائع، وحالة اشتراط المشتري رد الثمن مع الفوائد .وظاهر من نص هذه المادة المعدلة، وبخاصة من نصها الفرنسي أن هذه القرينة قرينة قانونية أي أنها ملزمة للقاضي وتعفي البائع وفاء من عبء إثبات أن المقصود ببيع الوفاء أخفاء رهن، وأنها قرينة قانونية بسيطة يجوز إثبات عكسها بكافة الطرق.
وبهذا التعديل أصبح المرابون يخشون، اذا سلكوا في رهن العقار رهناً حيازیاً سبیل بیع الوفاء بدلاً من سبيل الرهن السافر، أن يفقدوا مزايا كل من الرهن وبيع الوفاء وإن لم يثبت لهم إلا حق شخصي قبل مدینيهم ، يجعلهم من الدائنين العاديين.
غير أن ذلك لم يثنهم عن المجازفة بإخفاء الرهن تحت ستار بيع الوفاء اعتماداً على شدة احتياطهم في ستر الحقيقة واخفائها وفي تدبير وسائل إثبات عكس القرينة القانونية التي تضمنتها المادة 339 معدلة . ولذلك رأت المحاكم التشديد عليهم في هذا الشأن بأن اعتبرت القرينة القانونية التي نصت عليها المادة 339 المعدلة كما تقدم قرينة قانونية قاطعة لا يصح إثبات عكسها واستندت في ذلك إلى نص المادة 1352 من القانون المدني الفرنسي الذي لا يجيز نقض القرينة القانونية إذا كان القانون يبطل على أساسها تصرفاً معيناً، وإلى أنه ليس في القانون المدني القديم نص كنص المادة 404 مدني جديد التي تجيز إثبات عكس القرينة القانونية ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك.
وفي أثناء تنقيح القانون المدني غلبت أول الأمر فكرة الإبقاء على بيع الوفاء والاكتفاء بالضرب على أيدى المرابين من طريق أبطال عقودهم إذا ظهر أنها تخفي رهناً وغير أنه بعد أن قطع المشروع مراحله الأولى ووصل إلي لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ غلبت فكرة محاربة البيع الوفائي بل القضاء عليه من طريق تحريمه وتقرير بطلانه في جميع الأحوال أی سواء كان محله عقاراً أو منقولاً، وسواء ثبت أنه يستر رهناً أو لم يثبت ذلك وأدى ذلك إلى النص في المادة 465 من التقنين المدني الحالي على أنه « إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة وقع البيع باطلاً» .
وقد جاء في تقرير لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ في هذا الشأن « أن اللجنة رأت بالإجماع ان هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب لحاجة جدية في التعامل، وإنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ ستاراً لرهن وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس . والواقع أن من يعمد إلى بيع الوفاء لا يحصل على ثمن متناسب مع قيمة المبيع، بل يحصل عادة على ما يحتاج إليه من مال ولو كان أقل بكثير من هذه القيمة، ويعتمد غالباً على احتمال وفائه بما قبض قبل انقضاء أجل الاسترداد ، ولكنه قل أن يحسن التقدير، فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل ضاع عليه المبيع دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته وتحمل غبناً ينبغي أن يدرأه القانون عنه ولذلك استقر الرأي على أن تحذف النصوص الخاصة ببيع الوفاء وأن يستعاض عنها بنص عام يحرم هذا البيع في أية صورة من الصور وبهذا لا يكون أمام الدائن والمدين إلا الالتجاء إلى الرهن الحيازي وغيره من وسائل الضمان التي نظمها القانون وأحاطها بما يكفل حقوق كل منهما دون أن يتسع المجال لغبن قلما يؤمن جانبه.
وبناء على ذلك فإنه طبقاً للتقنين الحالي متى ثبت أن البيع بيع وفائي أي أن البائع قد احتفظ فيه بحقه في أن يسترد المبيع خلال مدة معينة، في مقابل رد الثمن والمصروفات بأنواعها المختلفة، فإنه يكون باطلاً ولا يترتب عليه أي أثر، ويتعين رد كل ما تم تنفيذه بموجبه، فيعاد البيع إلى البائع ويرد الثمن إلى المشتري.
وقد جرى قضاء محكمة النقض بأنه لا يشترط لاعتبار البيع وفائياً ثبوت اتجاه نية الطرفين إليه في المحرر ذاته المثبت للمتعاقد، متى توافرت المعاصرة الذهنية التي تربطه بالبيع وتعتبر هذه المعاصرة مسالة قانونية .
- استمرار العمل بأحكام التقنين الملغي فى عقود بيع الوفا المعقودة قبل العمل بالتقنين الحالي - على أن نص المادة 465 مدنی الحالي القاضي ببطلان بيع الوفاء لا يسرى إلا على العقود التي تبرم من وقته العمل بالتقنين الحالي، أی من 15 اکتوبر 1949. أما العقود التي ابرمت قبل ذلك التاريخ فيستمر بالنسبة إليها العمل بأحكام التقنين الملغي، أي أن هذه العقود تظل صحيحة ويجوز للبائعين بموجبها أن يستعملوا حقهم في استرداد البيع وفاء حتى بعد صدور التقنين الحالي على أن يكون ذلك في المواعيد المتفق عليها في عقودهم وفي حدود المدة التي كان يسمح التقنين الملغى بالاتفاق على استعمال حق "الاسترداد خلالها ( وهي خمس سنوات وفقاً للتقنين الأهلي ). ويترتب على استعمالهم هذا الحق او على عدم استعمالهم إياه في الميعاد المحدد لذلك الآثار التي نص عليها التقنين الملغی .
وبناء على ذلك لم يمتنع استعمال بعض البائعين وفاء حقهم في استرداد البيع إلا ابتداء من يوم 15 اکتوبر 1954 ومتى استعملوا حقهم في ذلك قبل هذا التاريخ خضعت آثار عقودهم المذكورة وآثار استعمالهم حق الاسترداد لأحكام التقنين الملغي الخاصة بذلك وهي التي ستطبق في كل نزاع يثور بشأن ذلك مهما انقضي من وقت على صدور التقنين الحالي.
ومن ثم يبين أنه بالرغم من نص التقنين الحالي على تحريم بيع الوفاء وعلى تقرير بطلانه، فإن أحكام التقنين الملغي الخاصة ببيع الوفاء سيستمر العمل بها زمناً طويلاً فيما يتعلق بالعقود المبرمة قبل 15 اکتوبر 1949 يدل على ذلك ما أشرنا إليه فيما تقدم من أحكام حديثة .
ومع ذلك فإننا نرى الاكتفاء في عرض تفاصيل أحكام بيع الوفاء طبقاً للتقنين الملغي بالإحالة على ما أوضحناه في شأنها في الطبعة السابقة من هذا الكتاب ( الطبعة الرابعة سنة 1980 ) في البند من أرقام 278 الي 286 ونترك مكانها في هذه الطبعة خالياً . (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السابع الصفحة/ 683 )
فبيع الوفاء إذن، في التقنين المدني الجديد، باطل، ويمكن تأسيس هذا البطلان على هذا النص الخاص (م 465 مدني)، كما يمكن القول إن البطلان هنا راجع على أن المشرع قد استحدث تغييراً في نظرته إلى النظام العام، فوجد أن بيع الوفاء – ويقصد به عادة أن يكون ستاراً لتصرف غير مشروع – أمر مخالف للنظام العام، فيكون باطلاً تطبيقا للقواعد العامة في البطلان.
وفي الفترة السابقة على تقرير بطلان بيع الوفاء، إذا تصرف المشتري في المبيع ببيع أو رهن، اعتبر التصرف صادراً من غير مالك وجرى عليه حكمه، أما إذا تصرف البائع في المبيع، فتصرفه صحيح لأنه هو المالك، وإذا انقضت المدة المحدد للاسترداد ولم يسترد البائع المبيع، فإن ذلك لا يمنعه من التمسك ببطلان البيع أما إذا استرد البائع المبيع في المدة المحددة، فلا عبرة بهذا الاسترداد، ويرجع المبيع إلى البائع لا بحكم الاسترداد وفسخ البيع، بل بحكم أن البيع باطل من الأصل كما سبق القول.
ولا يصلح بيع الوفاء ، وهو بيع باطل، أن يكون سبباً صحيحاً للتقادم القصير ، على أن المشتري وفاء إذا باع العين لمشتر حسن النية، ملكها المشتري الثاني في المنقول بالحيازة، وأمكن أن يملكها في العقار بالتقادم القصير، لأن البيع الصادر من المشتري وفاء بيع صادر من غير مالك فيجري عليه حكمه.
ويمكن أن نتصور، بعد أن أصبح بيع الوفاء باطلاً، أن تتحايل الناس لتجنب هذا الحكم بإحدى وسيلتين : ( 1 ) يبيع المالك العين للمشتري بيعاً باتاً، ثم يبيع المشتري بعقد جديد نفس العين للبائع معلقاً البيع على شرط واقف هو أن يسترد الثمن والمصروفات في مدة معينة . ( 2 ) يبيع المالك العين للمشتري بيعاً باتاً، ثم يبيع المشتري العين لأجنبي بعقد ثاني، ثم يبيع الأجنبي العين للبائع بعقد ثالث معلقاً البيع على شرط واقف هو أن يرد البائع الثمن والمصروفات في خلال مدة معينة، وتمتاز هذه الوسيلة الثانية عن الوسيلة الأولى في أنه قد توسط أجنبي ما بين البائع والمشتري، فجعل الشبهة أبعد وعندنا أنه إذا اشتبه القاضي في حقيقة البيع هل هو بيع وفائي فيبطله، وجب عليه ألا يقف عند تكييف المتابعين للعقد، بل يحلل الصفقة أو مجموعة الصفقات ليرى هل الغرض من ذلك هو ضمان رد المبيع إلى البائع إذا رد الثمن فإذا لم يرده خلصت ملكية المبيع للمشتري، فعند ذلك يكون التصرف ساتراً لبيع وفاء ويجب عليه الحكم ببطلانه.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الرابع الصفحة/ 209)
فمناط بطلان بيع الوفاء أن يتضمن عقد البيع شرطاً إرادياً محضاً يجيز للبائع استرداد البيع فور إعلان رغبته في ذلك، دون أن يستند هذا الشرط إلى إخلال المشتري بالتزاماته إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح، وإذا اختلط الشرط الإرادي المحض بالشرط الفاسخ الصريح، كان لمحكمة الموضوع استخلاص طبيعة العقلي فإن وجدت أن الشرط الفاسخ الصريح ورد بالعقد غشاً وإحفاء للشرط الإرادي المحض، اعتبرت العقد يتضمن بيع وفاء وقضت ببطلانه، وهي بذلك لا تقضي بما لم يطلبه الخصوم وإنما وفقاً للتكييف الصحيح الذي خلصت إليه التعلق بیع الوفاء بالإعلام العام مما يوجب عليها السعي ولو من تلقاء نفسها لحماية هذا النظام وهو ما ناطه المشرع بها ولو أراد الخصوم أجازة العقد صراحةً أو ضمناً.
ويترتب على البطلان المطلق لبيع الوفاء، أنه لا ترد عليه الإجازة الصريحة أو الضمنية، بحيث إذا خلصت الحكمة إلى أن عقد البيع المطروح عليها، يتضمن بيعاً وقائية، التزمت في قضائها بهذا التكييف، فإن تعلقت الدعوى بصحة ونفاذ العقد، قضت برفضها وبطلان عقد البيع، فإذا قدم الخصوم فيها عقد صلح لإلحاقه بمحضر الجلسة، رفضت هذا الطلب وقضت برفض الدعوى وببطلان عقد البيع، فإن هي قضت بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة، فإن هذا القضاء لا تكون له حجية الأحكام القضائية ولا يعدو أن يكون إثباتاً لما اتفق الخصوم علیه أمام المحكمة، وبالتالي يخضع لما يخضع له اتفاقات الخصوم عما يجوز معه التمسك ببطلانه، إما بدعوى أصلية أو بالدفع في الدعوى التي يقيمها المشتري استناداً لهذا العقد ما لم تكن قد اكتملت مدة تقادم دعوى البطلان عملاً بالمادة 141 من القانون المدني.
كما يترتب على بطلان بيع الوفاء بطلاناًَ مطلقاً أنه يمتنع على المحكمة أن تقرر شطب الدعوى أو اعتبارها كأن لم تكن عملاً بالمادة 82 من قانون المرافعات، إذ لو قضت بذلك فإنها تبقى على عقد مخالف للنظام العام وهو أمر يجب تصفيته حفاظاً على هذا النظام، وبالتالي، فإنه يتعين عليها، متی وقفت على حقيقة العقد، أن على الموضوع وذلك يرفض الدعوى وبطلان العقد حتى لو كانت الدعوى مرفوعة بفسخه، إذ لا يرد الفسخ على عقد باطل بطلاناً مطلقاً كما يمتنع على المحكمة أن ثبت ترك المدعي لدعواه، لما في ذلك من إبقاء العقد المخالف للنظام العام دون إقصائه من دائرة التعامل.
إثبات بيع الوفاء :
لم يكن العقد الذي يظهره الطرفان متضمناً بيع الوفاء، وإنما أركان بيع صحيح، رغم إرادتهما وقت إبرامه إلى بيع الوفاء، فإن العقد الظاهر يكون منطوياً على صورية وذلك بستربيع الوفاء في بيع صحيح، فتكون صورية نسبية، ولما كانت هذه الصورية تمت بطريق التحايل على القانون إضراراً بالبائع إذ قد يفقد ملكه إذا تأخر عن رد مبلغ القرض الذي قبضه من المشتري، وهو مبلغ لا يتعادل مع قيمة المبيع، ولذلك فتكون تلك الصورية تدليسية، يجوز معها للبائع ثبات تلك الصورية بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً و منها البينة والقرائن.
كما يجوز إثباتها بورقة تدل على أن العقد الظاهر هو في حقيقته عقد بيع وفاء، فتكون تلك الورقة «ورقة ضده أو تكون في العقد الحقيقي الذي يحكم العلاقة ما بين أطرافه .
وقد يحرر العقد الحقيقي في تاريخ العقد الصوري متضمناً حقيقة البيع الذي تم وأنه بيع صوری ويكون للبيع فيه حتى استرداد البيع فور رد المبلغ للمشترى دون توقف على إرادة الأخير.
ولا يشترط في العقد الحقيقي أن يكون صادراً في ذات تاريخ العقد الصوری، بل يجوز أن يكون لاحقاً له، وقد لا يتضمن تاريخه، ويكفي أن يتصرف، فهن أطراف العقد الحقيقي إلى العقد الصوري أثناء تحرير العقد الأول ويدور بخلدهما هذا العقد، إذ تتوفر بتلك المعاصرة الذهنية، وهي كافية لإعمال أثر العقد الحقيقي، وحكمة الموضوع استخلاص تلك المعاصرة من الصلة ما بين العقدين من ناحية أطرافه ومحله وما قد يقدم لها من مستندات لإثبات توافر تلك الصلة دون اعتداد بوقت تحرير كل منهما إذا اختلفا تاريخاً.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السادس الصفحة/ 707)
بيع الوفاء (أو البيع الوفائي) هو بيع يحتفظ فيه البائع بحقه في أن يسترد المبيع خلال مدة معينة مقابل رد الثمن ومصروفات العقد ومصروفات الاسترداد والمصروفات التي يكون قد أنفقها على المبيع على أمل أن تتحسن حالته المالية فيستطيع أن يرد الثمن والمصروفات وأن يسترد المبيع خلال الأجل المتفق عليه.
بيع الوفاء - كما سنرى- بيع معلق على شرط فاسخ ويترتب على وجود هذا الشرط حالة عدم استقرار لأن المبيع يعتبر أثناء قيام الشرط مملوكاً لشخصين المشتري المالك تحت شرط فاسخ والبائع المالك تحت شرط موقف وكان من شأن هذه الحالة- في ظل التقنين الملغي الذي كان ينظم هذا النوع من البيع - إحجام الغير عن التعامل مع المشتري بخصوص المبيع وإهمال المشتري في الاعتناء به والقيام بالإصلاحات والتحسينات التي تستوجبها حالته لعلمه أن الملكية لم تثبت له بعد.
2- أن بيع الوفاء كثيرا ما يتخذ وسيلة للتحايل على القواعد الآمرة في الرهن التي تقضي ببطلان كل اتفاق يجعل للدائن المرتهن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله في أن يتملك المال المرهون في نظير ثمن معلوم (م 1052 ، 1108 مدني) وذلك بأن يعقد المتعاقدان بيع وفاء ويكون المقصود به رهن المبيع للمشتري الذي أقرض البائع مبلغاً من النقود. فيبدو المقترض الذي رهن ماله على أنه بائع ويظهر الدائن المرتهن الذي أقرضه مشترياً ويكون المال المرهون بمثابة المبيع والدين الذي يضمنه الرهن بمثابة الثمن.
فإذا لم يستعمل البائع وهو في الحقيقة راهن حقه في استرداد المبيع (وهو في الحقيقة مجرد مال مرهون) في المدة المحددة أي إذا لم يوف الدين في الميعاد المتفق عليه أصبح المشتري (وهو في الحقيقة دائن مرتهن) مالكاً للمبيع في مقابل ثمن هو في الحقيقة الدين الذي يضمنه الرهن .
3- قد يتخذ بيع الوفاء أيضاً وسيلة للتحايل على قاعدة تحريم الاتفاق على فائدة يزيد سعرها على سبعة في المائة (م288 مدني) والاتفاق بذلك على الربا الفاحش وذلك بأن يذكر في عقد بیع الوفاء ثمن أكبر من الثمن الذي دفعه المشتري أي أكبر من مبلغ القرض الذي دفعه الدائن المرتهن فيتعين على البائع أن يدفع الثمن المذكور في العقد إذا أراد استرداد المبيع (أي المال المرهون.
- مزايا بيع الوفاء :
لیست تخفي فائدة بيع الوفاء بالنسبة للبائع الذي يحتاج إلى نقود ولا يريد في الوقت نفسه أن يكون حصوله عليها مقابل التخلي بصفة نهائية عن ملكية شئ يملكه لاعتقاده بأن أحواله المالية ستتحسن في المستقبل بما يمكنه من رد ما أخذه من نقود و استرداد مبيعه لذلك كان هذا النوع من البيع جائزا في المجموعة المدنية القديمة كما ذكرنا .
غير أن هذه المزية لا تعوق مساوئ هذا النوع من البيع ولذلك عدل عنه التقنين المدني الجديد.
- طبيعة بيع الوفاء :
بيع الوفاء يعتبر بيعاً معلقاً على شرط فاسخ هو رد الثمن والمصاريف في الميعاد المتفق عليه فإذا تحقق هذا الشرط اعتبر البيع كأن لم يكن بمعنى أن المبيع يعتبر كأن لم يخرج أبدا من ملك البائع ولم يدخل قط في ملك المشتري أما إذا انقضت المدة المعينة في العقد ولم يستعمل البائع حقه في استرداد المبيع سقط خياره وثبتت الملكية نهائياً للمشتري.
كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يقر بيع الوفاء ويتضمن نصاً برقم يقضي بأنه: إذا احتفظ البائع في عقد البيع بحق استرداد المبيع وجب على المشتري أن يرد ما اشتراه، إذا ما استعمل البائع حقه في الاسترداد وفقا للأحكام الأتية: وأورد الأحكام المشار إليها في المواد (918 - 931 ) وقد دارت مناقشات كثيرة حول هذا النص أنتهت في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ التي قررت حذف هذه المادة والمواد الأخرى سالفة الذكر التي كانت تفصل أحكام بيع الوفاء، واستعاضت عنها بالنص الحالي وقد جاء بتقريرها: تناولت اللجنة بيع الوفاء وقد رأت بالإجماع أن هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب الحاجة جدية في التعامل إنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ ستاراً الرهن وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس والواقع أن من يعمد إلى بيع الوفاء لا يحصل على ثمن يتناسب مع قيمة المبيع بل يحصل عادة على ما يحتاج إليه من مال ولو كان أقل بكثير من هذه القيمة ويعتمد غالباً على احتمال وفاته بما قبض قبل انقضاء أجل الاسترداد ولكنه قل أن يحسن التقدير فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل ضاع عليه دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته وتحمل غبناً ينبغي أن يدرأه القانون عنه.
ولذلك رأي أن تحذف النصوص الخاصة ببيع الوفاء وأن يستعاض عنها بنص عام يحرم هذا البيع في أية صورة من الصور وبهذا لا يكون أمام الدائن والمدين إلا الالتجاء إلى الرهن الحيازي وغيره من وسائل الضمان التي نظمها القانون وأحاطها بما يكفل حقوق كل منهما دون أن يتسع المجال لغبن قلماً يؤمن جانبه وقد وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .
وبذلك أصبح بيع الوفاء باطلاً في التقنين المدني الجديد.
- أثر بطلان عقد البيع الوفائي :
ذكرنا سلفا أن المادة (465) تنص على أنه : إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة وقع البيع باطلاً .
فعقد بيع الوفاء باطل بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام ويستطيع كل ذي مصلحة أن يتمسك به كما تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولا يترتب عليه ثمة أثر بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير.
ويبطل عقد البيع الوفائي سواء كان محل العقد عقاراً أو منقولاً وسواء قصد به إخفاء رهن أو قصد به البيع حقيقة دون تحايل.
فلا يمكن حمل بيع الوفاء على أنه يستر في الحقيقة رهناً فتجري أحكام الرهن لأنه من المسلم لكي يستتر عقد تحت ستار عقد آخر يجب أن يكون العقد الساتر صحيحاً فإذا كان باطلاً لم يكن صالحاً لستر غيره .
ولو ترك بيع الوفاء للقواعد العامة لكان صحيحاً إذ يعتبر بيعاً معلقاً على شرط فاسخ هو استعمال البائع حقه في العدول في المدة المتفق عليها فإن تخلف الشرط استقر وجود البيع نهائياً .
وهذا البطلان المطلق لا تلحقه الإجازة.
والمقرر أنه في حالة بطلان العقد يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا كان هذا مستحيلاً جاز الحكم بتعويض عادل (مادة 1/124 ) .
ويترتب على ذلك ما يأتي :
1 - يجب على المشتري رد المبيع وثمراته إلى البائع وله أن يسترد المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة.
2- يجب على البائع أن يرد للمشتري فوراً ما قبضه من ثمن ولا يعتد بالأجل.
ويكون الرد بموجب قاعدة استرداد غير المستحق وفقا للمادة 185 مدني.
ولا يختلف البيع وفاء والبيع المعلق فسخه على شرط إلا في كون تحقق الشرط وعدمه محدوداً لأجل أي يجب فيه تعيين زمن لرد الثمن وأخذ المبيع .
- تصرف المشتري والبائع في المبيع قبل تقرير البطلان :
إذا تصرف المشتري في المبيع قبل تقرير بطلان عقد البيع الوفائي اعتبر التصرف صادراً من غير مالك وجرى عليه حكم بيع ملك الغير المنصوص عليه المواد (466 - 468 مدني).
أما إذا كان الذي تصرف في المبيع هو البائع فتصرفه صحيح لأنه هو المالك ولا يمنع البائع من التمسك ببطلان هذا البيع انقضاء المهلة المحددة للاسترداد من غير أن يسترد المبيع فيها وإذا استرده فيها فلا عبرة بهذا الاسترداد إنما يكون أساس رجوع المبيع إليه هو بطلان بيعه أصلاً .
- وضع يد المشتري وفاء لا يؤدي إلى اكتساب ملكية المبيع بالتقادم :
لا يصلح بيع الوفاء أن يكون سبباً صحيحاً للتقادم القصير لأنه بيع باطل ويكون سبب وضع يد المشتري وفاء هو بسبب الرهن فتنتفي نية التملك منذ البداية.
غير أن المشرع وفاء إذا باع العين لمشتر حسن النية تملكها المشتري الثاني في المنقول بالحيازة وأمكن أن يتملكها في العقار بالتقادم القصير لأن البيع الصادر من المشتري وفاء بيع صادر من غير مالك فيجري عليه حكمه .
- تقادم دعوى البطلان بالتقادم الطويل :
تنص الفقرة الثانية من المادة 141 مدني على أن تسقط دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد وهذا الحكم مستحدث في التقنين الجديد وذلك احتراماً للأوضاع التي استقرت بمضي هذه المدة بعد صدور العقد الباطل.
نص المادة 465 من التقنين الجديد القاضي ببطلان بيع الوفاء لا يسري إلا على العقود التي تبرم من وقت العمل بالتقنين الجديد أي من 15 أكتوبر 1949 أما العقود التي أبرمت قبل هذا التاريخ فيستمر بالنسبة لها العمل بأحكام التقنين الملغي أي أن هذه العقود تظل صحيحة ويجوز للبائعين بموجبها أن يستعملوا حقهم في استرداد المبيع وفاء حتى بعد صدور التقنين الجديد على أن يكون ذلك في المواعيد المتفق عليها في عقودهم وفي حدود المدة التي كان يسمح بها التقنين الملغي بالاتفاق على حق الاسترداد خلالها وهي خمس سنوات وفقاً للتقنين الأهلى ويترتب على استعمالهم هذا الحق أو على عدم استعمالهم إياه في الميعاد المحدد لذلك الآثار التي نص عليها التقنين الملغي.
أما بيوع الوفاء التي تبرم ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 فهذه تخضع الأحكام التقنين المدني الجديد ومن ثم تكون باطلة حتى لو لم يثبت أن بيع الوفاء يستر رهناً.
ونص المادة 465 مدني وإن كان نصاً آمراً إلا أنه لا يجب أن ينصرف إلى بيوع الوفاء التي تمت صحيحة وفقاً لأحكام التقنين القديم والتي لم ينقض بعد أجل الاسترداد المشروط فيها لأن القاعدة أنه لا يجوز للمشرع بقانون جديد أن يمس المراكز القانونية للأشخاص إذا كانت هذه المراكز قد تحددت بعقود صحيحة تمت وفقاً لأحكام التشريع المعمول به وقت انعقادها وإلا أدى هذا إلى الإخلال بالأمن المدني وبالاستقرار الواجب أن يسود المعاملات القانونية بين الأفراد . (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الخامس، الصفحة/ 525)
تعریف بيع الوفاء وتكييفه - بيع الوفاء هو بيع يحتفظ فيه البائع بحقه في أن يسترد المبيع خلال مدة معينة في مقابل رد الثمن ومصروفات العقد ومصروفات الاسترداد والمصروفات التي يكون قد انفقها على المبيع .
والتكييف القانوني لهذا العقد أنه بيع مع خيار العدول في مدة معينة واعتبر العدول شرطاً فاسخاً، فإذا استعمل البائع حقه في العدول تحقق الشرط الفاسخ وترتب على تحققه زوال كل أثر للعقد ووجوب رد المبيع إلى البائع والثمن إلى المشتري، وإذا لم يستعمل البائع حقه في استرداد المبيع خلال المدة المعينة، تخلف الشمل الفاسخ وتأید البيع نهائياً .
- تاریخ بیع الوفاء في القانون المصري وتحريم التقنين الحالي أياه - كان التقنين المدني الملغي ينظم أحكام هذا النوع من البيع في المواد 338-347/421 - 433 . وقد لوحظ عند وضع ذلك التقنين أن بيع الوفاء يصلح ستاراً لرهن يراد به أن يكون المرهون مملوكاً للمرتهن بمجرد عدم وفاء الراهن بالدين، فیؤدی بذلك إلى التحايل على النص الذي يحرم الاتفاق في عقد الرهن على أن يصبح المرهون مملوكاً للمرتهن بمجرد عدم وفاء الدين ( المادة 665/543 ) فنص في المادتين 338 و 339 على تقسيم بيع الوفاء إلى نوعين : نوع يكون الغرض منه الرهن الحيازي وآخر يكون الغرض منه حقيقة البيع الوفائي ، وعلى إجراء حكم الرهن في النوع الأول وحكم بيع الوفاء في النوع الثاني.
وقد حدا ذلك المرابين إلى إيثار إخفاء الرهن تحت ستار بیع الوفاء لأن سلوك هذا السبيل يوفر عليهم الإجراءات التي لابد منها في التنفيذ بالرهن ويخولهم ملكية المرهون ويسمح لهم بتقاضي فوائد فاحشة، دون أن يعرضهم لأية خسارة إذا ما انكشفت حقيقة البيع وظهر أنه يخفى رهناً، إذ تبقى لهم في هذه الحالة مزايا الرهن .
لذلك تدخل المشرع بالقانون رقم 50/49 لسنة 1923، فمعدل المادة 339 /422 بأن جعلها تنص على أنه «إذا كان الشرط الوفائي مقصوداً به إخفاء رهن عقاري، فإن العقد يعتبر باطلاً لا أثر له سواء بصفته بیعاً أو رهناً. ويعتبر العقد مقصوداً به إخفاء رهن إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات ويجوز بكافة الطرق إثبات عكس ما في العقد بدون التفات إلى نصوصه.
وقد أنشأ المشرع بهذا التعديل قرينة قانونية على أن المقصود بالبيع الوفائى اخفاء رهن حيازى في حالتين هما حالة بقاء الحيازة بأي وجه في يد البائع، وحالة اشتراط المشتري رد الثمن مع الفوائد .وظاهر من نص هذه المادة المعدلة، وبخاصة من نصها الفرنسي أن هذه القرينة قرينة قانونية أي أنها ملزمة للقاضي وتعفي البائع وفاء من عبء إثبات أن المقصود ببيع الوفاء أخفاء رهن، وأنها قرينة قانونية بسيطة يجوز إثبات عكسها بكافة الطرق.
وبهذا التعديل أصبح المرابون يخشون، اذا سلكوا في رهن العقار رهناً حيازیاً سبیل بیع الوفاء بدلاً من سبيل الرهن السافر، أن يفقدوا مزايا كل من الرهن وبيع الوفاء وإن لم يثبت لهم إلا حق شخصي قبل مدینيهم ، يجعلهم من الدائنين العاديين.
غير أن ذلك لم يثنهم عن المجازفة بإخفاء الرهن تحت ستار بيع الوفاء اعتماداً على شدة احتياطهم في ستر الحقيقة واخفائها وفي تدبير وسائل إثبات عكس القرينة القانونية التي تضمنتها المادة 339 معدلة . ولذلك رأت المحاكم التشديد عليهم في هذا الشأن بأن اعتبرت القرينة القانونية التي نصت عليها المادة 339 المعدلة كما تقدم قرينة قانونية قاطعة لا يصح إثبات عكسها واستندت في ذلك إلى نص المادة 1352 من القانون المدني الفرنسي الذي لا يجيز نقض القرينة القانونية إذا كان القانون يبطل على أساسها تصرفاً معيناً، وإلى أنه ليس في القانون المدني القديم نص كنص المادة 404 مدني جديد التي تجيز إثبات عكس القرينة القانونية ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك.
وفي أثناء تنقيح القانون المدني غلبت أول الأمر فكرة الإبقاء على بيع الوفاء والاكتفاء بالضرب على أيدى المرابين من طريق أبطال عقودهم إذا ظهر أنها تخفي رهناً وغير أنه بعد أن قطع المشروع مراحله الأولى ووصل إلي لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ غلبت فكرة محاربة البيع الوفائي بل القضاء عليه من طريق تحريمه وتقرير بطلانه في جميع الأحوال أی سواء كان محله عقاراً أو منقولاً، وسواء ثبت أنه يستر رهناً أو لم يثبت ذلك وأدى ذلك إلى النص في المادة 465 من التقنين المدني الحالي على أنه « إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة وقع البيع باطلاً» .
وقد جاء في تقرير لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ في هذا الشأن « أن اللجنة رأت بالإجماع ان هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب لحاجة جدية في التعامل، وإنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ ستاراً لرهن وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس . والواقع أن من يعمد إلى بيع الوفاء لا يحصل على ثمن متناسب مع قيمة المبيع، بل يحصل عادة على ما يحتاج إليه من مال ولو كان أقل بكثير من هذه القيمة، ويعتمد غالباً على احتمال وفائه بما قبض قبل انقضاء أجل الاسترداد ، ولكنه قل أن يحسن التقدير، فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل ضاع عليه المبيع دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته وتحمل غبناً ينبغي أن يدرأه القانون عنه ولذلك استقر الرأي على أن تحذف النصوص الخاصة ببيع الوفاء وأن يستعاض عنها بنص عام يحرم هذا البيع في أية صورة من الصور وبهذا لا يكون أمام الدائن والمدين إلا الالتجاء إلى الرهن الحيازي وغيره من وسائل الضمان التي نظمها القانون وأحاطها بما يكفل حقوق كل منهما دون أن يتسع المجال لغبن قلما يؤمن جانبه.
وبناء على ذلك فإنه طبقاً للتقنين الحالي متى ثبت أن البيع بيع وفائي أي أن البائع قد احتفظ فيه بحقه في أن يسترد المبيع خلال مدة معينة، في مقابل رد الثمن والمصروفات بأنواعها المختلفة، فإنه يكون باطلاً ولا يترتب عليه أي أثر، ويتعين رد كل ما تم تنفيذه بموجبه، فيعاد البيع إلى البائع ويرد الثمن إلى المشتري.
وقد جرى قضاء محكمة النقض بأنه لا يشترط لاعتبار البيع وفائياً ثبوت اتجاه نية الطرفين إليه في المحرر ذاته المثبت للمتعاقد، متى توافرت المعاصرة الذهنية التي تربطه بالبيع وتعتبر هذه المعاصرة مسالة قانونية .
- استمرار العمل بأحكام التقنين الملغي فى عقود بيع الوفا المعقودة قبل العمل بالتقنين الحالي - على أن نص المادة 465 مدنی الحالي القاضي ببطلان بيع الوفاء لا يسرى إلا على العقود التي تبرم من وقته العمل بالتقنين الحالي، أی من 15 اکتوبر 1949. أما العقود التي ابرمت قبل ذلك التاريخ فيستمر بالنسبة إليها العمل بأحكام التقنين الملغي، أي أن هذه العقود تظل صحيحة ويجوز للبائعين بموجبها أن يستعملوا حقهم في استرداد البيع وفاء حتى بعد صدور التقنين الحالي على أن يكون ذلك في المواعيد المتفق عليها في عقودهم وفي حدود المدة التي كان يسمح التقنين الملغى بالاتفاق على استعمال حق "الاسترداد خلالها ( وهي خمس سنوات وفقاً للتقنين الأهلي ). ويترتب على استعمالهم هذا الحق او على عدم استعمالهم إياه في الميعاد المحدد لذلك الآثار التي نص عليها التقنين الملغی .
وبناء على ذلك لم يمتنع استعمال بعض البائعين وفاء حقهم في استرداد البيع إلا ابتداء من يوم 15 اکتوبر 1954 ومتى استعملوا حقهم في ذلك قبل هذا التاريخ خضعت آثار عقودهم المذكورة وآثار استعمالهم حق الاسترداد لأحكام التقنين الملغي الخاصة بذلك وهي التي ستطبق في كل نزاع يثور بشأن ذلك مهما انقضي من وقت على صدور التقنين الحالي.
ومن ثم يبين أنه بالرغم من نص التقنين الحالي على تحريم بيع الوفاء وعلى تقرير بطلانه، فإن أحكام التقنين الملغي الخاصة ببيع الوفاء سيستمر العمل بها زمناً طويلاً فيما يتعلق بالعقود المبرمة قبل 15 اکتوبر 1949 يدل على ذلك ما أشرنا إليه فيما تقدم من أحكام حديثة .
ومع ذلك فإننا نرى الاكتفاء في عرض تفاصيل أحكام بيع الوفاء طبقاً للتقنين الملغي بالإحالة على ما أوضحناه في شأنها في الطبعة السابقة من هذا الكتاب ( الطبعة الرابعة سنة 1980 ) في البند من أرقام 278 الي 286 ونترك مكانها في هذه الطبعة خالياً . (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السابع الصفحة/ 683 )