loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة :  203 

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- قد يكون الحق (عينياً كان أو شخصياً) متنازعة فيه، ويعتبر كذلك إذا كان قد رفعت به دعوى في الموضوع، أو قام بشأنه نزاع جدي، فالمسألة إذن متروكة لتقدير القاضي ( م 635 فقرة ثانية من المشروع ).

2 - وبيع الحقوق المتنازع فيها على هذا النحو له خاصيتان : (ا) أنه لا يجوز إذا كان البيع المال القضاء الذين يقع في اختصاصهم الفصل في النزاع (ب) أنه يجوز إذا كان البيع لغير عمال القضاء المتقدم ذكرهم، ولكن يستطيع من عليه الحق أن يتخلص منه إذا هو رد للمشتري الثمن والمصروفات والفوائد.

وقد ربط المشروع هاتين الخاصيتين أحداهما بالأخرى لما بينهما من العلاقة الظاهرة، بخلاف التقنين الحالي، فقد فصل موضوع استرداد الحق المتنازع فيه (م 354 - 355/ 442 - 443) عن موضوع تحريم بيعه لعمال القضاء( م 257 / 324) .

3- أما فيما يتعلق بجواز استرداد الحق إذا بيع، فقد خصص المشروع لهذه المسألة مادتين ( م 635 - 636 وأنظر أيضاً المادة 443 في باب حوالة الحق)

ويلاحظ من مقارنة نصوص المشروع بما يقابلها من النصوص في التقنين الحالي في هذا الموضوع (م 354 – 355/ 442 - 443 ) ما يأتي :

(1) يعم المشروع معنى الحق المتنازع فيه، فيكون شخصياً أو عينياً، أما التقنين الحالي، فالظاهر من ألفاظه أنه يتكلم عن الحق الشخصي دون الحق العيني، مع أن الحكم واحد بالنسبة لنوعين من الحق.

(2) يعرف المشروع الحق المتنازع فيه بما يحسم الخلاف في ذلك ( م 635 فقرة 2).

(3) يذكر المشروع ما يجب رده لاسترداد المبيع، فهو الثمن الحقيقي والمصروفات وفوائد الثمن بسعر الفائدة القانونية من وقت الدفع، والمشروع في هذا يتفق مع التقنين الحالي، والفكرة هي منع المضاربة، و يترتب على ذلك أن المشتري لابد أن يكون عالماً بالنزاع الواقع على الحق، ويترتب على ذلك أيضاً أنه في الفروض التي تنتفي فيها فكرة المضاربة ينتفي حق الاسترداد، وقد حصر المشروع هذه الفروض في أربعة (م 636 من المشروع ) : (ا) بيع الوارث أو الشريك الحق المتنازع فيه إلى وارث أو شريك آخر، ويعارض فكرة المضاربة هنا أن الاشتراك في الميراث أو في الشيوع قد يكون هو الدافع إلى الشراء . (ب) نزول المدين للدائن عن حق متنازع فيه ووفاء للدين المستحق في ذمته، وفي هذا وفاء بمقابل يتعارض مع فكرة المضاربة، فإن الذين يستوفي حقه أكثر مما يشتري حقاً متنازعاً فيه . (ج ) بيع الحق المتنازع فيه إلى الحائز للعقار المرهون في هذا الحق، فإن الحائر إنما أراد أن يتقي حق المرتهن في تتبع العين ولم يرد المضاربة ( ويلاحظ غموض نص التقنين الحالي في هذه المسألة، إذ تقول المادة 355/ 443 : إذا اشتری مشتر حقاً متنازعاً فيه منها الحصول دعوی) (د) بیع الحق المتنازع فيه إذا كان داخلاً في مجموعة من المال بیعت بثمن واحد كما في بيع التركة، فإن الحق المتنازع فيه يفقد ذاتيته في هذه الحالة و تنعدم فكرة المضاربة، وهذا الفرض الرابع لم ينص عليه التقنين الحالي .

وإذا كان الحق المتنازع فيه حقاً شخصياً، فاسترداده له يمكن تكييفه على أنه شراء لحق من الدائن، ثم انقضاء الحق بعد ذلك باتحاد الذمة، وإذا كان الحق عينياً فاسترداده يكون شراء فيه معنى الصلح.

4 - أما إذا بيع الحق المتنازع فيه إلى عمال القضاء الذين يقع النزاع في دائرة اختصاصهم، فإن البيع يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً (م 637 - 638 من المشروع )، وفي هذا يتفق المشروع مع التقنين الحالي، مع ملاحظة ما يأتي :

(1) عدد المشروع عمال القضاء على سبيل الحصر على النحو الذي اتبعه التقنين الحالي، وهم كل من يخشى من نفوذه في النزاع الذي يحتمل أن يرفع إلى القضاء بشأن الحق المبيع فلا يدخل الحجاب والفراشون و نحوهم.

(2) ذكر المشروع أن جزاء المنع هو البطلان المطلق، ويتمسك به كل ذي مصلحة، ويدخل في ذلك البائع نفسه والمنازع في الحق.

(3) زاد المشروع بأن ذكر تطبيقاً خاصاً لبيع الحق المتنازع فيه لعمال القضاء، هو التطبيق الكثير الوقوع في العمل، وهو تعامل المحامي مع موكله في الحق المتنازع فيه إذا كان هو الذي تولى الدفاع عنه سواء أكان التعامل بالبيع أم بغيره، وسواء تعامل المحامي باسمه أم باسم مستعار (م 638 من المشروع، وهي منقولة عن المشروع الفرنسي الإيطالي م 333 فقرة ثالثة ولا نظير لها في التقنين الحالي)، ويلاحظ أنه يجوز بعد انتهاء النزاع أن يتعامل الموكل مع المحامي في الحق الذي كان متنازعاً فيه.

5 – وحكم بيع الحق المتنازع فيه من حيث جواز الاسترداد قد يتدخل في حكم هذا البيع من حيث تحريمه على عمال القضاء، فإذا باع الدائن حقاً متنازعاً فيه لأحد عمال القضاء، كان البيع باطلاً بطلاناً مطلقاً كما تقدم ولا يكون لليدين في هذا البيع الباطل أن يتخلص من الدين بدفع الثمن والمصروفات و الفوائد، أما العكس جائز، ويكون العامل القضاء الذي ينازع في دين أن يتخلص منه إذا باعه الدائن.

الأحكام

1 ـ النص فى المادة 471 من القانون المدنى على أنه " لا يجوز للقضاء و لا لأعضاء النيابة و لا للمحامين .. أن يشتروا لا بأسمائهم و لا بأسم مستعار الحق المتنازع فيه كله أو بعضه إذا كان النظر فى النزاع يدخل فى إختصاص المحكمة التى يباشرون أعمالهم فى دائرتها و إلا كان البيع باطلاً " و النص فى الفقرة الثانية من المادة 469 من ذلك القانون على أن " يعتبر الحق متنازعاً فيه إذا كان موضوعه قد رفعت به دعوى أو قام فى شأنه نزاع جدى " يدل على تحريم شراء القضاه و أعضاء النيابة و المحامين و غيرهم من أعوان القضاء الحقوق المتنازع عليها إذا كان النظر فى النزاع بشأنها يدخل فى إختصاص المحكمة التى يباشرون أعمالهم فى دائرتها و إلا وقع البيع باطلاً بطلاناً مطلقاً سواء اشتروه بأسمائهم أو بأسم مستعار و يعتبر الحق المبيع متنازعاً عليه فى حالتين الأولى إذا رفعت به دعوى كانت مطروحة على القضاء و لم يفصل فيها بحكم نهائى وقت البيع و الثانية أن يقوم فى شأن الحق المبيع نزاع جدى و يستوى أن يكون النزاع منصباً على أصل الحق و إنقضائه ، و أن فصل محكمة الموضوع فى كون الوقائع التى أثبتتها و قدرتها مؤدية أو غير مؤدية إلى إعتبار الحق المبيع متنازعاً فيه خاضع لرقابة محكمة النقض بإعتباره مسألة قانونية تتعلق بتوافر الأركان القانونية لحكم الفقرة الثانية من المادة 469 من القانون المدنى آنفة البيان .

(الطعن رقم 1692 لسنة 47 جلسة 1985/05/20 س 33 ع 1 ص 561 ق 101)

2 ـ مفاد النص فى المادتين 471- 472 من القانون المدنى وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية- أن جزاء مخالفة حظر بيع الحقوق المتنازع فيها عمال القضاء والمحامين هو البطلان المطلق الذى يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام.

(الطعن رقم 3277 لسنة 58 جلسة 1993/12/05 س 44 ع 3 ص 322 ق 344)
(الطعن رقم 87 لسنة 47 جلسة 1980/05/15 س 31 ع 2 ص 1373 ق 261)

3 ـ يشترط فى تجريم شراء المحامى للحق المتنازع فيه - وفقاً لما تفيده عبارة المادتين 471 ، 472 من القانون المدنى - أن يكون التنازع على الحق جدياً و قائماً بالفعل وقت الشراء سواء طرح أمام القضاء أم لم يطرح بعد ، فلا يكفى لإبطال البيع أن يكون الحق المبيع قابلاً للنزاع أو محتملاً النزاع بشأنه أو يقوم عليه نزاع جدى و لكنه يكون قد إنتهى وانحسم عند حصول الشراء ، كما يجب علم المحامى بقيام النزاع فى الحق إن كان مجال التطبيق هو نص المادة 471 ، أو أن يكون وكيلاً فى الحق المتنازع فيه و يشتريه ممن وكله فى الدفاع عنه و ذلك بصدد إعمال نص المادة 472 .

(الطعن رقم 87 لسنة 47 جلسة 1980/05/15 س 31 ع 2 ص 1373 ق 261)

شرح خبراء القانون

البيع لعمال القضاء وحق الاسترداد : ونرى من ذلك أن لبيع الحقوق المتنازع فيها خاصية أخرى .

وهنا نرى أن المشتري إذاً كان أحداً من عمال القضاء - وبالتحديد أحداً ممن ذكروا بالنص – فإن البيع يكون باطلاً، ومن ثم لا يكون هناك محل للاسترداد إذ لا لاسترداد في بيع باطل، وقد ربط التقنين المدني الجديد ما بين النصوص المتعلقة ببيع الحقوق المتنازع  فيها ربطاً لم يكن موجوداً في التقنين المدني السابق، إذ أن هذا التقنين الأخير عرض لحق الاسترداد في مكان وللبيع لعمال القضاء في مكان آخر، وباعد ما بين المكانين حتى صار الربط بينهما ينطوي على شيء من الخفاء، ومنذ ربط بينهما التقنين الحالي، أصبح واضحاً أن بيع الحق المتنازع فيه لأحد عمال القضاء، وهو بيع باطل، لا يدع مجالاً لحق الاسترداد، فلا يجوز للمدين بالحق المتنازع فيه أن يسترد الحق، ويبطل البيع أصلاً فيرجع الحق لصاحبه، ويكون المدين ملتزماً نحوه بكل الدين إذا صفى النزاع وثبت وجود الدين في ذمة المدين، أما العكس فجائز، فإذا فرضنا أن المدين بالحق المتنازع فيه هو أحد عمال القضاء وباع الدائن الحق من آخر، فإنه يجوز للمدين – ولو أنه من عمال القضاء – أن يسترد الحق المتنازع فيه ولا يحتج عليه في ذلك بأنه اشترى حقاً متنازعاً فيه رؤية النزاع فيه من اختصاصه، لأنه إنما حسم النزاع بهذا الاسترداد، ولأنه لم يشتر الحق بل استرده لإبراء ذمته منه، واسترداد الحق لإبراء الذمة غير شرائه للمضاربة.

ويخلص مما تقدم أن القانون ينظر في ريبة إلى بيع الحق المتنازع فيه، فهو في القليل ينطوي على فكرة المضاربة واستغلال الخصومات، ومن ثم جعل القانون الجزاء على ذلك حقاً في الاسترداد يعطيه للمدين، فإذا زادت الريبة وكان المشتري هو أحد عمال القضاء يشتري حقاً نظر النزاع فيه يقع في اختصاصه، زاد الجزاء على ما تقدم، إذ الشبهة هنا لا تتعلق فحسب بفكرة المضاربة، بل تصل إلى حد استغلال النفوذ، ومن ثم كان الجزاء أشد وقد جعله القانون بطلان البيع.

المشترون للحقوق المتنازع فيها : المحظور عليهم الشراء هم القضاة وأعضاء النيابة والمحامون وكتبة المحاكم والمحضرون، وقد ذكروا في المادة 471 مدني على سبيل الحصر، فلا يجوز القياس عليهم، ولا يمتد الحظر إلى الخبراء  ومترجمي المحاكم ووكلاء المحامين وكتبتهم وخدم المحاكم وحجابها وفراشيها والحراس ورجال الشرطة ومأموري الضبطية القضائية.

والقضاة يشملون كل من ولى وظيفة القضاء، فقضاة المحاكم الجزئية والمحاكم الكلية ومحاكم الاستئناف ومحكمة النقض، كل هؤلاء القضاة والمستشارين يعتبرون "قضاة"، ويشمل اللفظ أيضاً مستشاري وقضاة مجلس الدولة والمحاكم الإدارية، كما يشمل قضاة المحاكم المختلطة والمحاكم الشرعية والمجالس الملية عندما كانت هذه المحاكم موجودة، والمحظور شراؤه على القاضي يتسع أو يضيق بحسب المحكمة التي يباشر فيها وظيفته، فقاضي المحكمة الجزئية لا يجوز له شراء الحقوق المتنازع فيها إذا كان النظر في النزاع من اختصاص محكمته الجزئية وحدها، ويجوز له شراء الحقوق المتنازع فيها فيما عدا ذلك ولو كان النظر في النزاع من اختصاص محكمة جزئية أخرى تابعة لنفس المحكمة الكلية التي تتبعها محكمته  على أن يكون للمدين حق الاسترداد على النحو الذي قدمناه فيما يتعلق بهذا الحق، وقاضي المحكمة الكلية يمتد اختصاصه إلى دائرة محكمته، بما في ذلك اختصاص المحاكم الجزئية التابعة لمحكمته حتى لو كان النزاع يدخل في  الاختصاص النهائي للمحكمة الجزئية، لأن مجرد احتمال رفع استئناف ولو غير مقبول يكفي لإلقاء ظل من الشبهة، بل يجز أن يتبع النزاع وتضم إليه طلبات إضافية تجعله قابلاً للاستئناف ومستشار محكمة الاستئناف يمتد اختصاصه إلى دائرة محكمته، بما في ذلك اختصاص المحاكم الكلية والمحاكم الجزئية التابعة لهذه المحكمة، أما مستشار محكمة النقض فيمتنع عليه أن يشتري أي حق متنازع فيه، لأن اختصاص محكمته يمتد إلى جميع أنحاء الدولة، وهذا حتى لو كان الحكم في النزاع غير قابل للنقض للاحتمالات التي قدمناها.

وأعضاء النيابة يتدرجون من النائب العام إلى معاوني النيابة، ولا يدخل فيهم معاونو الإدارة، ولا أعضاء النيابة الإدارية فهذه النيابة لم تكن موجود وقت وضع التقنين الجديد، ولكل عضو نيابة اختصاص المحكمة التي يعمل فيها، ويمتد اختصاص النائب العام إلى جميع أنحاء الدولة وكذلك المحامون العامون وأعضاء النيابة الذين يعملون أمام محكمة النقض.

وكتبة المحاكم يندرج فيهم كتاب الجلسات، وغيرهم من الكتاب ككتاب الحسابات والسكرتارية والقيد وغير ذلك من الأقسام الإدارية، والكاتب موظف في محكمة معينة، فالحظر يشمل دائرة اختصاص هذه المحكمة، سواء كانت محكمة جزئية أو محكمة كلية أو محكمة استئناف أو محكمة النقض.

كذلك المحضرون كل معين في محكمة معينة، فالحظر يشمل دائرة اختصاص هذه المحكمة.

ويلاحظ أنه يجب توافر الصفة في الوقت الذي يتم فيه الشراء، فلو أن المشتري لم يكن قاضياً في محكمة القاهرة وقت أن اشترى حقاً متنازعاً فيه من اختصاص هذه المحكمة، فالشراء جائز حتى لو نقل القاضي بعد ذلك إلى محكمة القاهرة ورفع النزاع أمام هذه المحكمة، وعليه في هذه الحالة أن يتنحى عن نظر القضية، ويجب أيضاً أن يكون الحق متنازعاً فيه وقت الشراء، فلو لم يقم في شأنه نزاع جدي وقت أن اشتراه عامل لقضاء فالشراء صحيح ولو قام النزاع بعد ذلك أو كان قائماً قبل ذلك وانحسم، ويجب أخيراً أن يكون عامل القضاء عالماً بوقوع النزاع في الحق وقت شرائه.

ويستوي أن يكون الشراء واقعاً على كل الحق ، أو واقعاً على بعضه، كما يستوي أن يشتري عامل القضاء الحق المتنازع فيه باسمه الشخصي أو باسم مستعار.

- جزاء الحظر : ولا شك في أن جزاء الحظر بطلان البيع بطلاناً مطلقاً، فالنص ( م 471 مدني) صريح في هذا المعنى، ولا يكون لعقد البيع أثر لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير، وفقاً للقواعد المقررة في البطلان، ومن ثم لا يجوز للمدين بالحق المتنازع فيه أن يسترد الحق في هذا البيع، كما سبق القول، ويترتب على بطلان البيع أن المشتري يسترد ما دفعه ثمناً للحق، ويبقى الحق ملكاً لصاحبه الأصلي.

والبطلان يقوم على أساس أن البيع مخالفاً للنظام العام، فما يخالف النظام العام أن يستغل عامل القضاء نفوذه في شراء الحقوق المتنازع فيها، وإذا كان لم يقصد أن يستغل نفوذه فعلاً، ففي القليل قد ألقى بشرائه الحق المتنازع فيه ظلاً من الشبهة في حيدة القضاء في نزاع يقع في اختصاصه، فهذه الاعتبارات تتصل أوثق الاتصال بالنظام العام والآداب، ويكون الجزاء هو البطلان المطلق.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الرابع الصفحة/  269)

يبطل بيع الحقوق المتنازع فيها متى كان المشتري أحد عمال القضاء الذين ذكروا على سبيل الحصر وهم كل من ولى وظيفة القضاء بالمحاكم العادية أو مجلس الدولة دون مستشاري الرأي والتشريع بهذا المجلس والأعضاء الفنيون بهذين القسمين والموظفون بوزارة العدل إذ ليست لهم ولاية القضاء ومثلهم المحكمون ويحدد الحظر وفقاً للاختصاص المحلي، فالقاضي الجزئي أو عضو النيابة الجزئية يجتمع عليهما شراء الحقوق المتنازع عليها بدائرة عملهما وكذلك قضاة المحكمة الإبتدائية بنطاق المحافظة ومستشارو الاستئناف العالي بدائرة اختصاصهم ومثلهم المحامي العام، أما مستشارو النقض والنائب العام فيحظر عليهم شراء أي حق متنازع فيه بأنحاء الجمهورية، متى كان الحكم النهائي الذي قد يصدر في الدعوى المرفوعة إلى القضاء، في حالة وجود دعوى مرفوعة، فإن لم تكن الدعوى قد رفعت، فيعتد بالحظر ورغم ذلك طالما كان هناك نزاع جدي، وأن هذا الحكم النهائي مما يجوز الطعن فيه بالنقض، فإن لم يكن ذلك جائز، فلا يسري الحظر بالنية لمستشاري النقض ومتى توافر موجب الحظر بالنسبة لهم، فيستوي أن يكون المستشار الذي تعامل في الحي المتنازع فيه يعمل بدائرة مدنية أو جنائية أو أحوال شخصية أو غير ذلك من دوائر، باعتبار أن توزيع العمل بين مستشاري محكمة النقض يتم تعطيله سنوياً بمعرفة الجمعية العمومية للمحكمة.

ويتضمن المنع كتبة الحاكم سواء غسلوا بالجلسات أو الحسابات أو السكرتارية و غيرها ويمتد المنع وفقاً للاختصاص المحلي على نحو ما سلف ومثلهم المحضرون فإذا اشترى أحد هؤلاء حقاً متازع فيه كان البيع باطلاً بطلاناً مطلقاً فلا يجوز الاسترداد ويرجع الحق لصاحبه ويسترد المشتري الثمن، ولا تسرى هذه الأحكام إلا بالنسبة للشراء، أما البيع لحق متنازع فيه من شمال القضاء فيقع صحيحاً كما يجوز لأحد من هؤلاء استرداد الحق المبيع إذا كان هو مديناً، ويشترط لإبطال الشراء توفر الصفة والاختصاص وقت الشراء وأن يكون الحق متنازع فيه في ذلك الوقت وأن يكون عامل القضاء عالماً بالنزاع وقت شرائه، و يستوي أن يتم الشراء باسمه الشخصي أو باسم زوجه أو ولده أو غيرهما ويجوز إثبات الشراء بالإسم المستعار بجميع الطرق.

أما المحامون، فقد تكفلت المادة 472 من القانون المدني بتحديد نطاق الحظر المتعلق بهم يقصره على الحقوق المتنازع فيها عندما يكونون هم الذين يتولون الدفاع عنها وتعاملوا فيها مع موكليهم قبل حسم النزاع، سواء كان التعامل بأسمائهم أو باسم مستعار، ويكفي أن يكون المحامي قد تعامل مع موكله في حق متنازع فيه إذا كان هو الذي يتولى الدفاع عنه أمام أية محكمة دون اعتداد بدرجتها أو اختصاصها، فيمتد الحظر إلى الحقوق المتنازع فيها ولو كانت الدعوى منظورة أمام محاكم مجلس الدولة، باعتبار أن أحكام القانون المدني تتضمن قواعد عامة تسري على المنازعات الإدارية التي لا تتعارض مع قانون مجلس الدولة.

ولما كان التحديد الذي أوردته المادة 471 من القانون المدنيين، جاء على سبيل النصر، فلا يمتد الحظر لغير من علمهم النص، وبالتالي لا يخضع للحظر عبر أعضاء هيئة قضايا الدولة ولا أعضاء النيابة الإدارية.

والعبرة بتوافر الصفة في عامل القضاء بوقت نشوب النزاع ولو لم تكن قد رفع به دعوى أمام القضاء، إذ اكتفت المادة 471 من القانون المدني بالحظر إذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها بما مؤداه أن المشرع لم يقيد الحظر برفع الدعوى وإنما اكتفی بنشوب النزاع بحيث إذا توافرت الصفة سواء وقت نشوب النزاع أو وقت رفع الدعوى، قم زالت تلك الصفة قبل حسم النزاع بحكم حائز قوة الأمر المقضي، ظل الحظر قائماً وكان التصرف باطلاً بطلاناً مطلقاً رغم انتهاء خدمة عامل القضاء لأي سبب منعاً لعامل القضاء من التدخل في النزاع علی أي نحو.

ويسري الحظر سواء اشترى عامل القضاء الحق المتنازع فيه باسمه هو أو بإسم مستعار، فقد يشتري بإسم زوجة أو غيرها، وحينئذٍ يكون عقد الشراء مشوباً بالصورية النسبية بطريق التستر، وهي صورية تدليسية تقوم على إخفاء بيع متنازع على الحق الوارد عليه لأحد عمال القضاء المحظور عليهم التعامل فيه وراء الإسم المستعار، وهو ما يعد تحايلاً على القانون، بما يترتب عليه بطلان البيع بطلاناً مطلقاً خالفته للنظام العام، وبالتالي يجوز إثبات تلك الصورية بكافة الطرق المقررة قانوناً ومنها البينة والقرائن، سواء بالنسبة للمتعاقدين أو المتنازع ضده من الحق وهو خصم البائع

فإن عجز مدعي الصورية عن إثباتها، انتفى الإدعاء بالتستر، وكان العقد صحيحاً منتجاً لآثاره.

وتتقادم دعوى البطلان المطلق بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ العقد عملاً بالمادة 141 من القانون المدني.

وتمسك الطاعن بأن المطعون ضمنه قد اشتری حقأ متنازعاً عليه به، هو دفاع يخالطه واقع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. نقض 15/8/1967 طعن 193 س 34 ق.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السادس الصفحة/  740)

الحق المتنازع فيه -  حق محتمل الوجود، وأنه بهذا الوصف يجوز بيعه، ولكن المشرع أجاز لمن عليه الحق المتنازع فيه أن يسترده من مشتريه مقابل أن يرد له ما أنفقه من ثمن ومصروفات وفوائد، منعاً للمضاربة وحسماً للنزاع، فالأصل إذا أن بيع الحقوق المتنازع فيها صحيح وأن لمن ينازع في الحق أن يسترده.

ولكن إذا كان المشتري من عمال القضاء أو النيابة أو المحامين أو كتبة المحاكم أو المحضرين وكان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها، فقد خرج المشرع على الأصل في صحة بيع الحقوق المتنازع فيها وأوقع البيع باطلاً بطلاناً مطلقاً، ومن ثم لا يوجد محل للاسترداد إذ لا استرداد في بيع باطل والبطلان يؤسس على مخالفة البيع هنا للنظام العام.

والحكمة في هذا المنع أن شراء الحق المتنازع فيه هنا قد يدفع المشتري إلى استغلال نفوذه للفصل في النزاع لمصلحته أو على الأقل قد يظن الناس فيه ذلك، افتتاح الفرص لأقاويل الناس وشكوكهم في حسن سير العدالة وحياد القضاء ونزاهته ويقع القائمون على القضاء وأعوانهم والمحامون في مواطن الشبهات.

المنع قاصر على شراء الحق المتنازع فيه :

المنع قاصر على شراء الحق المتنازع فيه، أما إذا كان عامل القضاء أو المحامي بائعاً لحق متنازعاً فيه، فالبيع صحيح لأن البيع يقطع صلة البائع بالحق المتنازع فيه فلا تقوم أية شبهة في حسن سير العدالة.

- الأشخاص الذين يمتنع عليهم شراء الحقوق المتنازع عليها :

عدد المشرع على سبيل الحصر الأشخاص الذين يمتنع عليهم شراء الحقوق المتنازع عليها، وهم كل من يخشى من نفوذه في النزاع الذي يحتمل أن يرفع إلى القضاء بشأن الحق المبيع.

وهؤلاء الأشخاص هم :

1- القضاة :

والمقصود بالقضاة كل من ولى وظيفة القضاء أياً كانت درجته، ويشمل القضاة أيضاً مستشاري وقضاة مجلس الدولة والمحاكم الإدارية، وكذلك المحاكم الشرعية والمحاكم الملية قبل إلغائها.

ويذهب الرأي الغالب فقهاً وقضاء إلى أن التعداد الذي أوردته المادة 471 قد جاء على سبيل الحصر، فلا يجوز مد الحظر إلى غير الطوائف المذكورة في هذه المادة، وبصفة خاصة لا يشمل الحظر مستشاري الرأي والتشريع في مجلس الدولة والأعضاء الفنيين بهذين القسمين والأعضاء الفنيين بوزارة العدل، فكل هؤلاء ليس لهم ولاية القضاء، وكذلك لا يدخل في هؤلاء أعضاء النيابة الإدارية والأعضاء الفنيون بهيئة قضايا الدولة، أو المحكمون فهؤلاء لا يسمون قضاة.

ويستند هذا الرأي إلى أن نص المادة 471 نص استثنائی وارد على خلاف الأصل، فلا يجوز مده بطريق القياس ليشمل غير الأشخاص المذكورين فيه.

غير أن رأياً آخر - نؤيده- يذهب إلى أنه رغم أن الأصل هو عدم القياس على الأحكام الاستثنائية، فإن هذا القياس لا يمتنع بتاتاً، بل يجوز العمل به وذلك إذا تحققت حكمة النص الاستثنائي واضحة جلية في غير الحالات المنصوص عليها، فحكمة المنع من الشراء التي حظرت على الكتبة والمحضرين شراء الحقوق المتنازع فيها، تتوافر أكثر وضوحاً بالنسبة لمفوضي مجلس الدولة وهم ليسوا من القضاة ومن غير المستساغ إخراجهم من نطاق الحظر لمجرد أن نص المادة 471 لم يذكرهم صراحة .

2- أعضاء النيابة :

يشمل الحظر أعضاء النيابة أياً كانت درجاتهم.

فيشمل معاون النيابة ومساعد النيابة ووكيل النيابة ورئيس النيابة والمحامي العام والمحامي العام الأول والنائب العام المساعد والنائب العام.

3- المحامون :

وهم كل من كان عضوا بنقابة المحامين ولو كان محامياً تحت التمرين.

4- كتبة المحاكم والمحضرين.

ويشمل كافة كتبة المحاكم أياً كان العمل المسند إليهم كسكرتير الجلسة وكاتب القيودات وكاتب الحسابات.

إلا أن الحظر لا يمتد إلى غير هؤلاء ممن يباشرون العمل بالمحاكم كالحجاب والفراشين ونحوهم، والخبراء والمترجمين ووكلاء المحامين وكتبتهم والحراس ورجال الشرطة ومأموري الضبطية القضائية.

ويمتنع شراء الحق الممنوع، سواء تم الشراء من رجل القضاء باسمه أو باسم مستعار، فإذا أراد الشخص الممنوع أن يخفي أنه هو المشتري وجاء بشخص آخر ليشتري ويكون المقصود في الواقع أن الشراء لحساب الشخص الممنوع فيكون العقد باطلاً كما سنرى إذ يعتبر عقد الشراء مشوباً بالصورية النسبية بطريق التستر، وهي صورية تدليسية تقوم على إخفاء بيع متنازع على الحق الوارد عليه لأحد عمال القضاء المحظور عليهم التعامل فيه وراء الأسم المستعار، وهو ما يعد تحايلاً على أحكام القانون، ويجوز بالتالي إثبات الصورية بكافة الطرق المقدرة قانوناً ومنها البينة والقرائن، سواء بالنسبة للمتعاقدين أو المتنازع ضده عن الحق وهو خصم البائع".

- وقت ثبوت الصفة :

 يجب أن تثبت في الشخص الممنوع صفته التي اقتضت منعه من الشراء وقت الشراء، فإذا اشترى شخص حقاً متنازعاً فيه ثم عين في وظيفة من الوظائف المذكورة فالعقد صحيح ولا يؤثر فيه التعيين اللاحق، وكذلك يعتبر العقد صحيحاً إذا اشتری بعد أن ترك الوظيفة، وبالعكس فإذا اشترى وهو في الوظيفة ثم تركها فإن هذا لا يؤثر في بطلان العقد.

ويجب أن يكون الشخص الممنوع عالماً بوقوع النزاع في الحق وقت شرائه وتطبيقاً لذلك قضت محكمة استئناف مصر في 25 يونية سنة 1924 بأنه إذا تبين وقت تحويل السند أن المحامي لم يكن يعلم بأنه موضوع نزاع، جاز التحويل له ولا يمكن أن ينسب إليه أنه اشترى ديناً متنازعاً فيه.

الحقوق التي منع المشرع رجال القضاء وأعضاء النيابة وأعوانهم والمحامين من شرائها هي الحقوق المتنازع فيها كلها أو بعضها إذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها.

وعلى ذلك يشترط في الحق الذي يمتنع شراؤه على عمال القضاء وأعوانهم وأعضاء النيابة والمحامين شرطان :

الشرط الأول :

أن يكون الحق متنازعاً فيه كله أو بعضه، ولم يبين المشرع هنا متى يكون الحق متنازعاً فيه اكتفاء بالبيان الذي ذكره في الفقرة الثانية من المادة 469 فيما يتعلق باسترداد الحقوق المتنازع فيها

وهو ما يتضح من مذكرة المشروع التمهيدي الذي بدأ في التعليق على كل النصوص الخاصة ببيع الحقوق المتنازع فيها بالإشارة إلى معنى الحق المتنازع فيه، ثم بين خاصيتى هذا الحق وهما جواز الاسترداد ومنع عمال القضاء من الشراء.

وإذن فمعنى الحق المتنازع فيه واحد من حيث تحريم شرائه على عمال القضاء والمحامين .

فالحق يكون متنازعاً فيه بصدد هذه المادة إذا كان موضوعه قد رفعت به دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي .

الشرط الثاني :

 أن يكون النظر في النزاع داخلاً في اختصاص المحكمة التي يباشر في دائرتها الأشخاص الممنوعون أعمالهم.

وفيما يتعلق بقضاة المحاكم الجزئية يرى بعض أن الشراح أنه يمتنع عليهم شراء الحقوق التي يكون النظر في النزاع عليها داخلاً في اختصاص المحكمة الجزئية التي يعملون بها دون المحاكم الجزئية الأخرى ولو كانت تابعة لنفس المحكمة الابتدائية.

غير أن محكمة استئناف مصر قضت بتاريخ 13 يونيو سنة 1933 ويساندها بعض الفقهاء بأن وكلاء النيابة بالمحاكم الجزئية يعتبرون في حكم من يؤدون وظائفهم في دائرة المحكمة الكلية كلها لأن المحاكم الجزئية ليست محاكم مستقلة بذاتها بل هي محاكم متفرعة من المحاكم الكلية الرئيسية ووكلاء النيابة والقضاة معينون أصلاً في المحاكم الكلية ثم يندبون للعمل في الجزئيات.

وهذا الرأي الأخير هو ما نرى الأخذ به.

أما قاضي المحكمة الابتدائي فيمتد اختصاصه إلى دائرة محكمته بما في ذلك اختصاص المحاكم الجزئية التابعة لمحكمته، حتى لو كان النزاع يدخل في الاختصاص النهائي للمحكمة الجزئية، لأن مجرد احتمال رفع استئناف ولو غير مقبول يكفي لإلقاء ظل من الشبهة.

أما رجال القضاء في محاكم الاستئناف فيحرم عليهم شراء الحقوق المتنازع عليها الداخلة في اختصاص المحكمة التابعين لها دون التي تدخل في اختصاص محكمة أخرى، ويكفي أن يكون الاختصاص بنظر الحق لأية محكمة أو في محكمة الاستئناف حتى يحرم على رجال القضاء في محكمة الاستئناف شراؤه ولو كان الحكم الذي يصدر في النزاع مما لا يجوز استئنافه.

أما مستشارو محكمة النقض وأعضاء نيابة النقض، فيمتنع عليهم شراء أي حق متنازع فيه لأن اختصاص محكمة النقض يمتد إلى جميع أنحاء البلاد.

وبالنسبة لأعضاء النيابة فيسري عليهم ما ذكرناه بالنسبة لقضاء المحاكم الجزئية وقضاء المحاكم الابتدائية بحسب الأحوال، أما النائب العام فلا يجوز له شراء الحق المتنازع له في كافة أنحاء الجمهورية لأن اختصاصه عام يشمل جمهورية مصر العربية.

أما بالنسبة لكتبة المحاكم والمحضرين، فالحظر يشمل الحقوق التي يدخل نظر النزاع فيها في دائرة اختصاص المحكمة التي يعملون بها سواء كانت محكمة جزئية أو محكمة ابتدائية أو محكمة استئناف أو محكمة النقض.

وبالنسبة للمحامين فيراعى أن المحامي لا يتقيد بالمرافعة أمام محكمة معينة بل يتقيد بالمرافعة بدرجة من درجات المحاكم، فالمحامي المقيد للمرافعة أمام المحاكم الجزئية يمتنع عليه شراء الحقوق المتنازع فيها إذا كان النزاع يدخل في اختصاص أية محكمة جزئية في البلاد، والمحامي المقيد للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية يمتنع عليه شراء أي حق متنازع فيه لأنه يجوز له مباشرة عمله أمام جميع المحاكم الابتدائية.

وهذه المحاكم في مجموعها يشمل اختصاصها جميع أنحاء البلاد، وكذلك الحال بالنسبة للمحامين المقيدين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو محكمة النقض إذ يمتنع عليهم شراء أي حق متنازع فيه.

 - جواز استرداد القضاة وأعوانهم وأعضاء النيابة والمحامين للحقوق المتنازع فيها :

إذا ادعى شخص أنه يداين أحد القضاة أو أعوانهم أو أحد أعضاء النيابة أو المحامين بدين ما وكان الأخير ينازع في وجود هذا الدين، ثم باع المدعي الحق الذي يدعيه إلى الغير، فإنه يجوز له استرداد الحق المتنازع فيه ولو كان يدخل في دائرة اختصاصه، فهو لم يشتر الحق بل استرده لإبراء ذمته منه وحسم النزاع، واسترداد الحق لإبراء الذمة غير شرائه للمضاربة.

نصت المادة على جزاء مخالفة هذا الحظر صراحة وهو البطلان، وهو بطلان مطلق متعلق بالنظام العام، ويتمسك به كل ذي مصلحة بما في ذلك البائع نفسه والمنازع في الحق، وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها.

ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للمدين بالحق المتنازع فيه أن يسترد الحق في هذا البيع، ولكن يكون للمشتري أن يسترد ما دفعه ثمناً للحق، ويبقى الحق ملكاً لصاحبه الأصلي".(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الخامس       الصفحة/   616)

 منع رجال القضاء وأعوانهم من شراء الحقوق المتنازع فيها - نصت المادة 471 مدني على أنه لا يجوز للقضاة ولا لأعضاء النيابة ولا للمحامين ولا لكتبة المحاكم ولا للمحضرين أن يشتروا لا بأسمائهم ولا باسم مستعار الحق المتنازع فيه كله أو بعضه إذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها ، والا كان البيع باطلاً. 

وظاهر أن المنع الوارد في هذا النص يعتبر استثناء من حكم القواعد العامة، وأنه لذلك يجب أن يفسر تفسيراً ضيقاً وأن يطبق بدقة، فيتقید تطبيقه بالحكمة التي من أجلها تقرر، وبما ورد في النص من قيود تجعله مقصوراً على البيع الذي يصدر إلى فئات معينة من الأشخاص متعلقاً بنوع معين من الأموال .

حكمة تحريم البيع إلى رجال القضاء وأعوانهم - منع المشروع رجال القضاء وأعوانهم من شراء الحقوق المتنازع فيها حرصاً منه على هبة القضاء وكرامته وحسن سمعته ، لأنه قدر أن القاضي الذي يشتري حقاً متنازعاً فيه إنما يقارب على نتيجة التقاضي في شأن هذا الحق، ويخشى أن يحمله ذلك على استغلال نفوذه في الحصول على حكم لمصلحته بشأن الحق الذي اشتراه او أن يظن الناس فيه ذلك على الأقل، فأراد المشرع أن يبعد القضاة وأعوانهم عن كل شبهة من هذا القبيل .

ويببین من ذلك سبب قصر الحكم بالبطلان على العقود التي يكون فيها رجال القضاء أو اعوانهم مشترين حقوقاً متنازعاً فيها لا بائعين شيئاً من هذه الحقوق، إذ أن شراء القضاة مثل هذه الحقوق هو الذي يجعل لهم مصلحة فيها ويخشى معه قیام الشبهة، أما بيعها بالعكس من ذلك بقطع صلتهم بالحقوق المتنازع فيها ويبعدهم عن كل ريبة.

 قصر التحريم على أشخاص معينين على سبيل الحصر - ولأن هذا النص استثنائي وارد على خلاف الأصل، يتعين اعتبار بیان الأشخاص المذكورين فيه وارداً على سبيل الحصر، فلا يجوز التوسع فيه ولا القياس عليه، فهو مثلاً لا ينطبق على مترجمي المحاكم ولا على الخبراء  ولكنه ينطبق على من تثبت لهم صفة الأشخاص المذكورين فيه لدى أية جهة من الجهات القضائية سواء كانت هي جهة القضاء المدني والجنائي أو جهة القضاء الإداري، والمقصود بالقناة كل من الى القضاء سواء كان قاضياً بالمحاكم الابتدائية أو مستشاراً بمحاكم الاستئناف أو بمحكمة النقض أو غير ذلك من المحاكم.

ويشترط في انطباق هذا التحريم على هؤلاء الأشخاص أن تثبت لهم صفاتهم المستمدة من وظائفهم وقت شراء الحقوق المتنازع فيها، اما إذا اشترى القاضي أو كاتب المحكمة حقاً متنازعاً فيه قبل أن يعين في وظيفته أو بعد اعتزاله إياها، فإن التحريم لا ينطبق عليه.

ومتی ثبتت في الشخص الصفة التي تجعل التحريم منطبقاً عليه، امتنع عليه الشراء سواء اسمه سافرا ، أو باسم غيره مستعاراً لحسابه.

على أن المنع من الشراء ليس حتى بالنسبة لهؤلاء الأشخاص عاماً بل هو مقصور على نوع معين من الأموال.

قصر التحريم على شراء أموال معيدة - اقتضت حكمة تشريع هذا النص الاستثنائي قصر التحريم الوارد فيه على شراء نوع من الأموال هو الذي يخشى فيه آن تعلق الشبهة برجال القضاء وأعوانهم المذكورين، فاشترط المشرع في انطباق هذا النص أن يكون ما يشتريه القضاة وأعوانهم حقاً متنازعاً فيه وأن يدخل النزاع المتعلق به في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها.

وفيما يتعلق بالشرط الأول يعتبر الحق متنازعاً فيه إذا كان موضوعه قد رفعت به دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي ولو لم ترفع به الدعوى بعد (قارن المادة 419 فقرة ثانية)، ويشترط في انطباق النص أن تكون المنازعة في الحق بهذا المعنى قائمة وقت البيع  وتشترط محكمة النقض فوق ذلك أن تكون المنازعة معروفة للمشتري وقت الشراء سواء أكانت مطروحة على القضاء أو لم تطرح بعد.

ومتى توافر ذلك، امتنع شراء الحق المتنازع فيه سواء كان هذا الحق شخصياً أو عينياً.

أما إذا لم يكن النزاع قد قام وقت البيع أو قام و فصل فيه نهائياً قبل البيع فلا يكون شراء القضاة أو أعوانهم الحق المذكور محرماً.

ويعد اعتبار الحق المبيع متنازعاً فيه أو غير متنازع فیه مسألة قانونية يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض.

وفيما يتعلق بالشرط الثاني، فإن التحريم لا يسري فقط على الحقوق المتنازع فيها التي يكون نظر النزاع المتعلق بها من اختصاص المشتري شخصياً بل يسري على كل حق متنازع فيه إذا كان النزاع المتعلق به بدخل في اختصاص المحكمة التي يباشر المشتري أعماله في دائرتها.

وبناء على ذلك يمتنع على قاضي المحكمة الكلية أن يشتري حقوق متنازع عليها يدخل النزاع المتعلق بها اختصاص هذه المحكمة ولو كان توزیع العمل بين دوائر الحكمة يجعل المشتري بعيداً كل البعد عن نشر هذا النزاع، وكذلك يمتنع على مستشاري كل محكمة من محاكم الاستئناف أن يشتروا حقوقاً متنازعاً فيها يكون النزاع المتعلق بها داخلاً في اختصاص تلك المحكمة، ولو كان موضوع النزاع يجعل الحكم فيه غير قابل للاستئناف، ويمتنع على مستشاري محكمة النقض أن يشتروا أي حق متنازع فيه في أي جهة من أنحاء الجمهورية لأن دائرة اختصاصهم تشمل بلاد الجمهورية كلها، ولكن يجوز لقائي المحكمة الكلية أو المستشار محكمة الاستئناف أن يشتري حقوقاً متنازعاً فيها إذا كان نظر النزاع المتعلق بها من اختصاصي محكمة أخرى غير التي يعمل في دائرتها، والعبرة بحالة الاختصاص وقت الشراء، فإذا اشترى القاضي حقاً تختص بنظر النزاع فيه محكمة أخرى غير التي يعمل بها، ثم نقل بعد ذلك إلى تلك المحكمة، فإن العقد يظل صحيحاً والعكس بالعكس.

ويرى بعض الفقه أنه يجوز كذلك للقاضي الجزئي أن يشترى حقوق متنازع ما فيها مما يدخل في اختصاص قاض جزئی آخر ولو كان القاضيان تابعين لمحكمة كلية واحدة، غير أن محكمة استئناف مصر قضت بعكس ذلك اذ قررت أن وكلاء النيابة بالمحاكم الجزئية يعتبرون في حكم يؤدون وظائفهم في دائرة المحكمة الكلية كلها، لأن المحاكم الجزئية ليست محاکم مستقلة بذاتها بل هي محاكم متفرعة عن المحاكم الكلية الرئيسية، ووكلاء النيابة والقضاة فيها معينون أصلاً في المحاكم الكلية، ثم يندبون للعمل في الجزئيات .

وبالنسبة لأعضاء النيابة العامة يمتنع على كل منهم شراء الحقوق المتنازع فيها التي يكون نظرها من اختصاص المحكمة التي يعمل فيها، وبناء عليه يمتد هذا الحظر فيما يتعلق بالنائب العام وكذلك المحامين العامين وأعضاء النيابة الذين يعملون أمام محكمة النقض الى الحقوق المتنازع عليها في جميع أنحاء الجمهورية.

أما بالنسبة للكتبة والمحضرين، فلأن  كلاً منهم يكون مهيناً في محكمة مهينة أياً كانت درجتها، فإن الحظر من الشراء لا يسري عليه إلا بالنسبة الحقوق المتنازع فيها التي يكون نظرها من اختصاص المحكمة التي يقوم بوظيفته فيها.

ولأن المحامي لا يتقيد بالمرافعة أمام محكمة معينة، بل يتقيد فقط بدرجات المحاكم وبالجهات القضائية، فإن المحامي المقبول للمرافعة أمام المحاكم الجزئية يمتنع عليه شراء الحقوق المتنازع فيها التي تدخل في اختصاص أي محكمة جزئية من محاكم الجمهورية، والمحامي المقبول للمرافعة أمام المحاكم الكلية يحرم عليه شراء أي حق متنازع فيه لأنه يجوز له أن يباشر عمله أمام جميع المحاكم الكلية، وهذه المحاكم في مجموعها يشمل اختصاصها جميع أنحاء الجمهورية، وكذلك بالنسبة إلى المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو أمام محكمة النقض.

ورأی بعض الشراح أن تعميم المنع على هذا الوجه بالنسبة إلى المحامين مجحف بحقوقهم فحاولوا التضييق منه، وذهب بعضهم إلى قصره على المحامي الذي يكون موکلاً عن أحد المتنازعين في الحق موضوع البيع، ورأى آخرون أن يقتصر المنع على المحامين الذين يترافعون عادة أمام المحكمة التي يقع النزاع في دائرة اختصاصها، ولكن كثرة الشراح ترى إزاء عموم النص إطلاق التحريم بالنسبة إلى المحامين و تطبيق النص في كل الأحوال التي يكون فيها المحامي حق المرافعة أمام المحكمة التي يدخل النزاع في دائرة اختصاصها.

ومتى انتهى النزاع، جاز للمحامي أن يشتري من موكله الحق الذي فصل في النزاع الذي كان قائماً بشأنه.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السابع  الصفحة/ 251)

الفقة الإسلامي

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 268)
لا يجوز للقاضي أن يبيع ماله لليتيم ولا أن يشتري مال اليتيم لنفسه.
وله أن يشتري من الوصي شيئاً من مال اليتيم أو يبيع ماله من اليتيم ويقبل وصية وإن كان هو الذي أقامه وصياً
(مادة 269)
يجوز للأب الذي له ولاية على ولده الصغير أو الكبير الملحق به أن يبيع ماله لولده وأن يشتري مال ولده لنفسه بمثل قيمته وبغبن يسير لا فاحش.
ولا يبرأ الأب في الشراء من الثمن حتى ينصب القاضي لولده قيماً فيأخذ الثمن من الأب ثم يسلمه إليه ليحفظه لولده.
وإن باع مال نفسه لولده فلا يصير قابضاً له بمجرد البيع حتى لو هلك قبل التمكن من قبضه فضمانه على الأب.
(مادة 270)
لا يجوز للوصي المقام من قبل القاضي أن يشتري لنفسه شيئاً من مال اليتيم من نفسه ولا أن يبيع مال نفسه لليتيم من نفسه مطلقاً سواء كان في ذلك خير لليتيم أم لا.
فلو اشترى هذا الوصي من القاضي أو باع جاز.
(مادة 271)
لا يجوز للوصي المختار من قبل الأب أن يبيع مال نفسه لليتيم ولا أن يشتري لنفسه شيئاً من مال اليتيم إلا إذا كان في ذلك خير لليتيم والخيرية في العقار هو أن يشتر به بضعف قيمته وأن يبيعه لليتيم بنصف قيمته والخيرية في المنقول أن يشتريه بثمن زائد على قيمته بمقدار الثلث وأن يبيعه إليه بثمن ناقص عن قيمته بمقدار الثلث أيضاً.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 (مادة 443)

لا يجوز القضاة ولا لأعضاء النيابة ولا للمحامين ولا لكتبة المحاكم ولا للمحضرين ان يتعاملوا ، لا باسمائهم ولا باسماء مستعارة ، في الحقوق المتنازع فیها ، اذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها ، والا كان العقد باطلاً .

هذه المادة تقابل المادة 4۷۱ من التقنين الحالي التي تنص على  ما يأتي : لا يجوز للقضاة ولا لأعضاء النيابة ولا للمحامين ولا كتبة المحاكم ولا للمحضرين ان يشتروا ، لا باسمائهم ولا باسم مستعار ، الحق المتنازع فيه كله أو بعضه ، اذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها : والا كان العقد باطلاً.

وقد عدل هذا النص على نحو يجعله أوسع نطاقاً مما هو وارد فيه . فبمقتضى المادة المقترحة لا يقتصر التحريم على شراء الحق التنازع فيه، بل يشمل كل ضروب التعامل في هذا الحق . فلا يجوز لأي من المذكورين في هذه المادة أن يشتري الحق ، ولا أن يقايض عليه ، ولا أن يوهب له ، ولا أن يشارك فيه ولا أن يقترضه .

والحظر هنا يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام ، لأنه يعتبر شرعاً من قبيل سد الذرائع ، حتى لا يكون التعامل ذريعة لمفسدة الرشوة ، هذا إلى ما هنالك من شبهة استغلال النفوذ •

والمادة المقترحة تقابل المادة 596 من التقنين العراقي التي تطابق المادة 4۷۱ من التقنين المصري الحالي .

 و تقابل المادة 513 من التقنين الكويتي .

انظر المذكرة الإيضاحية للنتص المقابل في المشروع التمهيدي للتقنين الحالي (م 637) في مجموعة الأعمال التحضيرية ج4 ص 203 – 205