loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 460

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- الإكراه والتدليس يجعلان الصلح قابلاً للبطلان ، كما هو الحال في أي عقد آخر، ومن أمثلة التدليس أنه إذا تناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين بوجه عام، ثم ظهرت بعد ذلك أوراق لم تكن معروفة وقت الصلح ، فلا يكون ذلك سبباً في بطلان العقد لأن المفروض أن هذا الغلط غير جوهري ما دام الصلح يتناول جميع المنازعات القائمة لا نزاعاً معيناً بالذات ، ما لم تكن هذه الأوراق قد أخفيت وكان ذلك بفعل أحد المتعاقدين ، لأن هذا يعد تدليساً مبطلاً للصلح ، ويلاحظ أن الأوراق إذا أخفيت بفعل أجنبي ، فإن كان متواطئاً مع أحد المتعاقدين، جاز أن يعتبر هذا تدليساً صادراً من المتعاقد .

2 - أما الذين لا يؤثر في الصلح ، إلا إذا تبين أن أحد المتصالحين قد استغل حاجة المتصالح الآخر أو طيشه أو عدم خبرته أو ضعف إدراكه ، فيجوز الطعن في الصلح وفقاً للمادة 179 من المشروع .

3 - بقى الغلط ، ويجب التمييز ما بين الغلط في فهم القانون ، وهذا لا يؤثر في الصلح على خلاف القاعدة العامة ، والغلط في الوقائع ، وهذا يؤثر في الصلح ، سواء وقع في الشخص أو في صفته أو في الشيء محل النزاع أو في الباعث إلخ ، ما دام الغاط جوهرياً .

والسبب في أن الغلط في فهم القانون لا يؤثر في الصلح ، أن المتصالحين كانا وهما في معرض المناقشة في حقوقهما ، يستطيعان التثبت من حكم القانون فيما قام بينهما من نزاع على هذه الحقوق، بل المفروض أنهما تثبتا من هذا الأمر، فلا يسمع من أحد منهما بعد ذلك أنه غلط في فهم القانون .

الأحكام

1- إن المادة 556 من القانون المدني أرست أصلا عاما يقوم على طبيعة التصالح بإعتباره تنازلاً من كل من الطرفين على وجه التقابل عن جزء من إدعاءاته إذ نصت على أنه "لا يجوز الطعن في الصلح بسبب الغلط في القانون". و مرد ذلك - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لتلك المادة - إلى أن المتصالحين كانا وهما في معرض المناقشة في حقوقهما يستطيعان التثبت من حكم القانون فيما قام بينهما من نزاع على هذه الحقوق ، بل المفروض أنهما تثبتا من هذا الأمر ، فلا يسمع من أحد منهما بعد ذلك أنه غلط في فهم القانون ، و يتعين الأخذ بهذا الأصل الطبعي في المجال الإداري في شأن الحقوق المالية لذوي الشأن ما دامت لا تمس مراكزهم اللائحية .

(المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 95 لسنة3 ق - جلسة 1957/3/9 س 2 ص 679)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 556 من التقنين المدني على ما يأتي :

لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون .

وهذا النص استثناء صريح من القواعد العامة ، فإن هذه القواعد تقضي بأن الغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل العقد قابلاً للإبطال ، وقد نصت المادة 122 مدني في هذا الصدد على أن " يكون العقد قابلاً للمادتين السابقتين ، هذا ما لم يقض القانون بغيره ، وقد قضى القانون فعلاً ، في المادة 556 مدني السالفة الذكر ، بغير ما تقضي به القواعد العامة ، وبأن الغلط في القانون في عقد الصلح لا يجعل الصلح قابلاً للإبطال.

كانت المادة 536 / 658 من التقنين المدني السابق تنص على أنه " يجب تصحيح الغلط في أرقام الحساب ، ولم يحتفظ التقنين المدني الجديد بهذا النص اكتفاء بالنص الوارد في القواعد العامة ، وهو نص المادة 123 مدني ويجري على الوجه الآتي : " لا يؤثر في صحة العقد مجرد الغلط فى الحساب ، ولا غلطات القلم ، ولكن يجب تصحيح الغلط .

فإذا وقع في الصلح غلط في الحساب ، وكان هذا الغلط مشتركاً بين المتصالحين  كأن اتفق المتصالحان على الأسس التي يقوم عليها الصلح وتطبيقاً لهذه الأسس وضعا الأرقام المتفق عليها ، ثم جمعت هذه الأرقام فوقع خطأ في الجميع ، فكان المجموع الصحيح ، لم يجز لمن وقع في نصيبه هذا المبلغ أن يحتج بهذا الخطأ وأنه إنما رضى بالصلح على أساس أن نصيبه مائتان وخمسون ، بل يجب تصحيح الخطأ ، فيكون نصيبه مائتين وثلاثين ، ولا يبطل الصلح لهذا الخطأ .

وكالغلط في الحساب غلطات القلم ، فإذا ذكر في عقد الصلح اسم أحد المتصالحين وكان ظاهراً أن المقصود هو المتصالح الآخر وجب تصحيح هذا الخطأ ووضع الإسم الصحيح مكان الإسم الخاطئ ، ولا يبطل الصلح لهذا الغلط .

أما الغلط في الواقع في عقد الصلح فيخضع للقواعد العامة ، ويكون سبباً لإبطال الصلح إذا كان جوهرياً أي بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام الصلح ولو لم يقع في هذا الغلط ، وكان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه ( م 120 - م 121 مدني ) .

فإذا تسبب شخص في إصابة شخص آخر ، وتصالح المضرور مع المسئول أو شركة التأمين التي أمنت المسئول إذا كان للمضرور دعوى مباشرة ضد هذه الشركة ، فقد يقع المضرور في غلط في جسامة الإصابة وقت الصلح ، فيرضى بمبلغ قليل من المال معتقداً أن الإصابة يسيرة ، ثم يتبين بعد ذلك أن الإصابة من الجسامة بحيث تركت عنده عاهة مستديمة مثلاً ، بل قد تفضي الإصابة إلى موته ، ففي مثل هذا الأحوال يجوز للمضرور أو وارثه أن يطلب إبطال الصلح لغلط جوهري وقع فيه ، وهذا الغلط في محل التعاقد ، فقد تصالح على إصابة ظن أنها يسيرة فإذا بها بلغت من الجسامة حداً كبيراً ، ويجب أن تكون هذا الجسامة قد تكشفت عن ضرر يختلف في طبيعته عن الضرر الذي كان موجوداً وقت الصلح كحدوث عاهة مستديمة أو موت المصاب ، أما مجرد تفاقم الضرر الذي كان موجوداً وقت الصلح فلا يعدو أن ينتج غبناً والغبن لا يؤثر في الصلح وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على موارد أربع هي تطبيقات للغلط في الواقع ، وقد حذفت كلها في لجنة المراجعة لأن أحكامها مستفادة من القواعد العامة .

فكانت المادة 748 من المشروع التمهيدي تنص على أنه :

1 - يكون الصلح قابلاً للبطلان ، إذا كان قد أبرم تنفيذاً لسند باطل ، وكان المتعاقد يجهل هذا البطلان بسبب غلط مادي ، والغلط مفروض لصالح من يدعيه ، إلا إذا أثبت العكس أما من عبارات العقد ذاته أو من إقرار من المدعي أو من نكوله عن اليمين .

2 - أما إذا وقع الصلح صراحة على البطلان السند ذاته ، فإن العقد يكون صحيحاً.

ويخلص من هذا النص أنه إذا تصالح شخص مع آخر على أساس سند باطل يتمسك به هذا الأخير – وصية عدل عنها الموصي مثلاً أو حق اختراع انقضت مدته فوقع في الملك العام فإن المفروض أن الشخص الأول كان يجهل بطلان السند ، ولو علمه لما أقدم على الصلح ، فهو قد وقع في غلط جوهري ، أما في الشيء وإما في الباعث ، ومن ثم يجوز إبطال الصلح للغلط ولا يكلف بإثبات غلطة ، لأن إقدامه على إبرام صلح أساسه سند باطل قرينة على أنه لا يعلم بالبطلان ، ولا يستطيع الطرف الآخر أن يثبت علم الطرف الأول بالبطلان ليدفع مطالبته إياه بإبطال الصلح ، إلا بإقرار صادر من الطرف الأول أو بيمين وجهت إليه فنكل أو بدليل داخلي من عبارات عقد الصلح ذاته أما إذا كان بطلان السند هو ذاته محل الصلح ، بأن كان أحد الطرفين يتمسك بصحة السند والآخر يتمسك ببطلانه فتصالحا ، فإن الصلح يكون صحيحاً وما قدمناه – فيما عد حصر أدلة الإثبات – مستفادة من القواعد العامة .

فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف.

وكانت المادة 749 من المشروع التمهيدي تنص على أن " يكون الصلح قابلاً للبطلان إذا بنى على أوراق ثبت بعد ذلك أنها مزورة "  ذلك أن من قبل الصلح بناءً على أوراق كان يعتقد وقت الصلح أنها صحيحة ، ثم تبين بعد ذلك أنها مزورة ، يكون قد وقع في الغلط جوهري في الشيء أو في الباعث كما في الحالة السابقة ، ومن ثم يجوز له إبطال الصلح للغلط بل يجوز له أن يطلب إبطال الصلح للتدليس إذا ثبت أن المتعاقد الآخر هو الذي زور هذه الأوراق أو اشترك في تزويرها أو كان عالماً بهذا التزوير وأخفاه عن المتعاقد الآخر وما قدمناه مستفاد أيضاً من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف .

وكانت المادة 750 من المشروع التمهيدي تنص على أن " يكون الصلح قابلاً للبطلان إذا حسم نزاعاً سبق أن صدر بشأنه حكم نهائي ، وكان الطرفان أو أحدهما يجهل صدور هذا الحكم ذلك أن الصلح إنما جعل لحسم النزاع ، والنزاع سبق حسمه بالحكم النهائي الذي صدر فيه ، فوقع الطرف الذي يجهل ذلك في غلط جوهري في الباعث ، ومن ثم جاز له أن يطلب إبطال الصلح للغلط والأدق أن يقال في هذا الصدد أن الصلح باطل ، وليس قابلاً للإبطال فحسب ، لأن أحد مقومات الصلح وهوالنزاع قد انعدم ، فلا يكون الصلح قائماً وما قدمناه هنا أيضاً مستفاد من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف.

وكانت المادة 751 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتي :

1 - إذا تناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين بوجه عام ، ثم ظهرت بعد ذلك أوراق لم تكن معروفة وقت الصلح ، فلا يكون ذلك سبباً في بطلان العقد ، ما لم تكن هذه الأوراق قد أخفيت وكان ذلك بفعل أحد المتعاقدين . 

2 - أما إذا لم يتناول الصلح إلا نزاعاً معيناً ، وظهرت بعد ذلك أوراق تثبت أن أحد المتعاقدين لم يكن له حق ما فيما يدعيه ، فإن الصلح يكون باطلاً.

 ففي الفرض الأول ، حيث يتناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين الطرفين ، قصد بالصلح تسوية الموقف بوجه عام ، فلا يكون ظهور أوراق لم تكن معروفة وقت الصلح بذي بال ، لأن الصلح إنما قصد به حسم جميع المنازعات المتعلقة بما ظهر من أوراق وما لم يظهر ، ولكن إذا كانت  الأوراق التي ظهرت فيما بعد قد أخفيت بفعل أحد المتعاقدين كان هذا تدليساً منه ، وجاز للمتعاقد الآخر أن يطلب إبطال الصلح للتدليس لا للغلط .

وفي الفرض الثاني ، حيث تناول الصلح نزاعاً معيناً بالذات ، فإن المقصود من الصلح ليس تسوية الموقف بوجه عام بين الطرفين ، بل حسم هذا النزاع ، فإذا ظهرت بعد الصلح أوراق تثبت أن أحد المتعاقدين لم يكن له حق ما فيما يدعيه ، ولم يكن المتعاقد الآخر يعلم بهذه الأوراق ، فإنه يكون قد وقع في غلط جوهري في الشيء أو في الباعث ، شأنه في ذلك شأن من قبل الصلح بناءً على أوراق مزورة ، ومن ثم يجوز له إبطال الصلح للغلط فإذا كان المتعاقد الآخر هو الذي أخفي هذا الأوراق أو اشترك في إخفائها ، جاز طلب إبطال الصلح للتدليس  وما قدمناه مستفاد أيضاً من القواعد العامة ، فيؤخذ به دون حاجة إلى النص المحذوف. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الخامس، الصفحة/ 668)

الغلط في القانون لا يكون سببا في إبطال عقد الصلح سواء علم المتصالحان حكم القانون بصدد نزاعهما أو لم يعلماه ، أما إذا وقع في الصلح غلط في الحساب وكان غلطاً مشتركاً وجب تصحيحه ، ومثل الغلط في الحساب غلطات القلم كذکر اسم أحد المتصالحين مكان المتصالح الآخر فيصحح ولا يبطل الصلح ، أما إذا انفرد أحد المتصالحين بالغلط وبني قبوله للصلح على هذا الغلط مقدراً مزايا الصلح على أساس حسابه الخاطئ كان هذا غلطا في الواقع إذا أثبته من يدعيه جاز له طلب إبطال الصالح ، ويشترط أن يكون الغلط  المطلوب تصحيحه ظاهراً في الأرقام الثابتة في الكشوف المعتمدة بالصلح أو أن تكون هذه الأرقام نقلت خطأ من ورقة معترف بها.

أما الغلط في الواقع فانه يؤثر في الصلح سواء وقع في الشخص أو في صفته أو في الشيء محل النزاع أو في الباعث مادام الغلط جوهرياً ، فيكون سبباً في إبطال الصلح لان التعاقد لو كان يعلمه ما تصالح ، ويشترط أن يكون المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان في مقدوره أن يتبينه کالمضرور الذي يتصالح على أصابته مع المسئول ثم يتبين أن هذه الإصابة من الجسامة وتخلف عنها عاهة أو وفاة، فهذا غلط في الواقع يجيز للمضرور أو ورثته إبطال الصلح والمطالبة بتعويض يتناسب مع الضرر دون أن يكون للمسئول أن يحتج بالصلح ، كما أن تنازل المضرور عن التعويض الاضافى لا يسرى في حق ورثته بعد موته ، فحقهم في التعويض عما أصابهم من ضرر بسبب موت مورثهم هو حق شخصي لهم لا يتناوله تنازل المضرور .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع ، الصفحة/ 436)

المقصود بالغلط في القانون، الغلط في القواعد القانونية التي ليست محلاً للخلاف ، فهذا هو الذي يحتج به .

أما الغلط في المسائل المختلف عليها وترجيح أحد الآراء خطأ فلا أثر له في صحة العقد . 

ولكن يشترط أن تكون المسألة قد اختلفت فيها المحاكم فعلاً ، فإذا لم تكن عرضت على المحاكم ، فإن الشخص إذا رجح رأياً على رأي خطأ ما عد هذا غلط في القانون .

ويلاحظ أن الغلط في القانون ينبغي ألا يلتبس مع قاعدة أخرى تقضي بأنه لا يعذر المرء بجهله القانون. 

فإن نطاق تطبيق هذه القاعدة لا يتناول إلا القوانين المتعلقة بالنظام العام ويدخل في هذه القوانين الجنائية وبعض القوانين المدنية كالقانون الذي يحدد حد أقصى للفائدة ، أما إذا كان الغلط واقعاً في مسألة قانونية لا تعتبر من النظام العام فيمكن التمسك به لإبطال العقد إلا إذا نص القانون على غير ذلك كما هو الحال في عقد الصلح.

لا يجوز الطعن في الصلح لغلط في القانون :

تقضي القواعد العامة المنصوص عليها في المادة 122 مدني بأن العقد يكون قابلاً للإبطال لغلط القانون إذ جرى نص المادة على أن يكون العقد قابلاً للإبطال لغلط في القانون إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقاً للمادتين السابقتين ، هذا ما لم يقض القانون بغيره إلا أن المادة 556 مدني - بالتطبيق لعجز المادة السابقة - استثنت من حكمها الغلط في تطبيق القانون في عقد الصلح ، فلا يكون عقد الصلح قابلاً للإبطال لغلط في القانون إذ نصت على أن : لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون قاعدة عدم الطعن على الصلح لغلط في القانون ، قاعدة استثنائية مستمدة من نص المادة 556 مدني على خلاف القاعدة العامة التي تجيز الطعن في العقود بالغلط في القانون والمنصوص عليها بالمادة 122 مدني، ومن ثم كان يجب على القضاء تطبيق هذا الاستثناء تطبيقاً ضيقاً ، إلا أن ذلك لم يتحقق ، وتوسع القضاء في تطبيق هذه القاعدة الاستثنائية.

وعلى سبيل المثال فإن القضاء يرفض إبطال عقد الصلح إذا اجتمع الغلط في القانون مع الغلط في الواقع ، وجعل الغلط في القانون يجب الغلط في الواقع إذا كان هذا الغلط غير مغتفر ، فإذا اصطلح شخصان في شأن سند باطل ، وكانا واقعين في غلط في الواقع وغلط في القانون ، في شأن هذا البطلان ، فإن الصلح مع ذلك لا يبطل للغلط إذا ظهر أنه كان ينبغي أن يدرك المتصالحان بطلان السند.

الغلط في الواقع :

لم يأت التقنين المدني الجديد بأي حكم استثنائي فيما يتعلق بالغلط في الواقع فتطبق القواعد العامة المنصوص عليها في المادتين 120 ، 121 مدنی، وبناء على ذلك يجوز إبطال الصلح إذا وقع أحد المتعاقدين في غلط جوهري في الوقائع سواء كان الغلط في شخص المتعاقد أو في صفته أو في الشيء محل النزاع أو في صفته أو في الباعث متى كان هذا الغلط هو الدافع إلى التعاقد وكان المتعاقد الآخر قد وقع في الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه .

ومن أمثلة إبطال الصلح لغلط في الواقع، اتفاق المجنى عليه مع الجاني الذي تسبب في إصابته أو مع شركة التأمين على التصالح على مبلغ معين ، ثم يتبين فيما بعد أن الإصابة أكثر جسامة ، وتكشف عن ضرر يختلف في طبيعته عن الضرر الذي كان موجودا وقت الصلح ، كحدوث عاهة مستديمة أو موت المصاب، وليس كذلك تفاقم الضرر الذي كان موجوداً وقت الصلح ، فلا يعدو أن يكون غبناً، والغين لا يؤثر في الصلح. 

عدا ما جاء بالمادة 556 من أنه لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط فى القانون ، يخضع عقد الصلح القواعد العامة التي تحكم الرضا في العقود ، فيجب أن يكون الرضاء بالصلح خالياً من العيوب، شأنه أي عقد آخر.

وعيوب الرضا الأخرى، هي الغلط في الواقع والتدليس والإكراه والاستغلال.

وعلى ذلك إذا شاب الرضاء تدليس كان الصلح قابلا للإبطال لمصلحة من دلس عليه.

ومثال ذلك :

1 - أن يتناول الصلح جميع المنازعات القائمة بين العاقدين بوجه عام، ثم تظهر بعد ذلك أوراق لم تكن معروفة وقت الصلح لأن أحد المتعاقدين كان قد أخفاها عن العاقد الآخر.

2 - أن يكون الدائن قد دفع إلى صلح تحت تأثير الاعتقاد بعسر المدين واحتياجه بعد أن ثبت أن هذا الاعتقاد لم ينشأ إلا عن احتيال المدين.

3 - إذا تصالح المستأمن مع المؤمن على أن يأخذ مبلغاً معيناً في مقابل أن يتنازل له عن ملكية السفينة إذا ما وصلت إلى الميناء، وكان المستأمن قد أخفي على المؤمن الالتزامات التي تقع على السفينة.

4 - إذا ربح سند جائزة وكتم بائع السند عن مشتريه هذا الأمر، وطالبه بالفسخ لعدم دفع الثمن، ثم صالحه على الفسخ.

وإذا شاب الرضاء إكراه، جاز أيضاً إبطال الصلح وفقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادتين 127 ، 128 مدني. 

ومثال ذلك :

1 - صلح أكره عليه ربان سفينة برفع دعوى عليه دون أي سند قانوني ، وكان الغرض الوحيد منها هو الحكم عليه بتعويض لاحق للمدعي فيه ، ولكن ترتب عليها توقيع الحجز على سفينة ومنعها من مغادرة الميناء في اليوم السابق مباشرة على اليوم المحدد لرحيلها.

2 - إذا هدد أحد المتصالحين الآخر بأن يحرك ضده الدعوى العمومية عن طريق الشكوى عن فعل يعتبر جريمة ماسة بالشرف أو السمعة والكرامة ، وتوصل عن طريق هذا التهديد إلى إرغامه على الصلح فيما يتفرع عن هذا الفعل من نتائج مالية.

وإذا شاب عقد الصلح استغلال أحد الطرفين في الطرف الأخر طيشاً بيناً أو هوى جامحاً فدفعه إلى إبرام الصلح فإنه يجوز للمستغل أن يطلب إبطال الصلح رافعاً دعوی الاستغلال طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادتين 129 ، 130 مدنی.

أما مجرد الغبن دون أن يكون مشوباً باستغلال، فلا يكون سبباً في إبطال الصلح. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السادس ، الصفحة/ 589) 

الفقة الإسلامي

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية)بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

(مادة 930)

إذا مات أحد المتصالحين فليس لورثته فسخه لكن لو كان في معنى الإجارة ومات أحدهما قبل مضي المدة يبطل بموته فيما بقى.

(مادة 931)

إذا كان الصلح بمعنى المعاوضة فلكل من الطرفين فسخه بتراضيهما وإذا انفسخ يرجع المدعى به للمدعى وبدل الصلح للمدعى عليه.

(مادة 932)

إذا كان المدعى عليه منكراً لما ادعى عليه به وصالح المدعى على بدل سقط حق المدعى في الخصومة فليس له أن يخاصمه في الدعوى المصالح عنها ولا أن يحلفه اليمين ولا أن يفسخ الصلح.