loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 486

مذكرة المشروع التمهيدي :

أدخل المشروع في التزامات المؤجر تجديداً من شأنه أن يجعلها التزامات إيجابية كما تقدم ، وفي الالتزام بتسليم العين المؤجرة يلاحظ الفرق بين المشروع والتقنين الحالى (م 369/ 452 ) ، ففي المشروع يلتزم المؤجر بأن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها أن تفي بما أعدت له من المنفعة ، ويرجع في معرفة ما أعدت له العين من المنفعة إلى اتفاق المتعاقدين وإلى طبيعة العين ، أما في التقنين الحالي ، فيسلم الشيء المؤجر و بالحالة التي يكون عليها في الوقت المعين لابتداء انتفاع المستأجر به ، ويرجع هذا الفرق إلى المبدأ العام الذي سبقت الإشارة إليه من أن المشروع يلزم المؤجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين ، أما التقنين الحالى فلا يلزم المؤجر إلا بأن يترك المستأجر ينتفع بالعين . 

الأحكام

1- المنور يعد من توابع العين المؤجرة باعتباره من المرافق التى لاغنى للمستأجرين عنها فى استعمالهم للشقق المؤجرة لهم ، وأن تربية الدواجن بالمنور من شأنها أن تلحق بالمؤجر ضرراً لما ينبعث من مخلفات الدواجن من روائح كريهة وما يتخلف عنها من قاذورات تؤدى إلى الإضرار بالصحة العامة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بأن ذهب فى قضائه بأن المنورلايعد من ملحقات العين المؤجرة ، ومن ثم فلا تأثير له فى الاستعمال الضار على إخلاء شقة النزاع  ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى ، مما حجبه عن تحقيق دفاع الطاعن من قيام المطعون ضده بتربية الدواجن فى المنور الملحق بعين النزاع مما يسبب ضرراً بالصحة العامة ، فإنه يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب الذى جره للخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 622 لسنة 69 جلسة 2010/05/05 س 61 ص 620 ق 100)

2- مفاد المواد432، 564، 566من التقنين المدنى أن ملحقات العين المؤجرة تشمل كل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال العين فى الغرض المقصود منها أو حتى يستكمل هذا الاستعمال طبقاً لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين، وإذ كان سطح العقار الكائن به الشقة محل النزاع يعتبر من المرافق المشتركة فى العقار اللازمة لاستعمال العين فى الغرض المقصود منها وحتى يستكمل هذا الاستعمال فإن مؤدى ذلك أن يعتبر السطح من ملحقات هذه العين.

(الطعن رقم 5080 لسنة 62 جلسة 1996/03/13 س 47 ع 1 ص 479 ق 92)

3- مؤدى المواد 432، 564، 566 من التقنين المدني أن ملحقات العين المؤجرة تشمل كل ما أعد بصفة دائمة لإستعمال العين المؤجرة فى الغرض المقصود منها أو حتى يستكمل هذا الإستعمال طبقاً لما تقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين، وكان تحديد ما تعتبر من ملحقات العين المؤجرة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يختلف بإختلاف الظروف، وهو بهذه المثابة يترك لتقدير قاضى الموضوع استهداء بالمعايير السالفة، بإعتباره مسألة تتعلق بتفسير العقد، ولا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغا وله مأخذه من الأوراق.

(الطعن رقم 1813 لسنة 57 جلسة 1993/01/21 س 44 ع 1 ص 273 ق 52)

4- النص فى المادة 564 من القانون المدنى على أن " يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة و ملحقاتها فى حالة تصلح معها لأن تفى بما أعدت له من المنفعة وفقاً لما تم عليه الإتفاق أو لطبيعة العين " ، وفى المادة 566 منه على أنه " يسرى على الإلتزام بتسليم العين ما يسرى على الإلتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام ... " و فى المادة 435 من هذا القانون على أن " يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والإنتفاع به دون عائق ولو لم يستولى عليه إستيلاء مادياً ما دام البائع قد أعلمه بذلك ويحصل هذا التسليم على النحو الذى يتفق مع طبيعة الشى المبيع " يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن تسليم العين المؤجرة يحصل بوضعها تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والإنتفاع بها دون عائق ، ولا يكفى مجرد تخلى المؤجر عن العين المؤجرة والإذن للمستأجر بالإنتفاع بها إذا وجد عائق يحول دونه إذ لا يتم التسليم فى هذه الحالة إلا بإزالة العائق يستوى أن يكون وليد تعرض مادى أو نتيجة تعرض قانونى ناشئاً عن فعل المؤجر أو أحد أتباعه أم راجعاً إلى فعل الغير أياً كان طالما قد وقع قبل حصول التسليم ، وينبغى فى التسليم أن يكون تسليماً للعين المؤجرة جميعها هى وملحقاتها فى الزمان والمكان الواجبين والمتفق عليهما ، فإذا إقتصر التسليم على جزء من العين أوالعين دون ملحقاتها أوكان التسليم والعين فى حالة غير حسنة أوتأخر التسليم عن وقته فإن كل هذا لايعتبر تسليماً صحيحاً ولايسوغ للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح ، وللمستأجر فى جميع هذه الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويض تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 566 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 551 لسنة 46 جلسة 1982/06/03 س 33 ع 2 ص 654 ق 116)

5- النص فى المادة الخامسة من القرار رقم 1 لسنة 1961 الصادر من اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 169 لسنة 1961 والتى تعتبر قراراتها فى هذا الشأن تفسيراً تشريعياً ملزماً على أن " تعامل الغرف المخصصة للخدمه بالبدرومات أو بأعلى المبانى طبقاً للوصف الوارد بدفاتر الحصر والتقدير " يدل على أن العبرة بالنسبة لغرفة الخدم بما وصفت به فى دفتر الحصر والتقدير ، فإن وصفت بأنها منافع وبالتالى لم تربط عليها ضريبة مستقلة عوملت على أساس هذا الوصف فلا تضاف إلى عدد غرف الوحدة السكنية وإن وصفت بأنها حجرة وربط عليها ضريبة مستقلة عوملت على أساس هذا الوصف وأضيفت إلى عدد غرف الوحدة السكنية ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى أن عين النزاع تشمل الشقة وغرفة الخدم وكان الثابت من الكشف الرسمى المستخرج من دفتر الحصر والتقدير عن الفترة من عام 1960 إلى عام 1963 أى وقت العمل بأحكام القانون رقم 169 لسنة 1961 والذى طرح على محكمة الموضوع والمقدم بملف الطعن أن غرفة الخدم وصفت بأنها غرفة وربط عليها ضريبة ومن ثم تعين إضافتها إلى عدد غرف الشقة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وإقتصر على حساب عدد غرف الشقة دون غرفة الخدم ورتب على ذلك عدم إخضاع عين النزاع للإعفاء من الضريبة العقارية وفقاً للقانون رقم 169 لسنة 1961 يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 894 لسنة 46 جلسة 1981/12/23 س 32 ع 2 ص 2378 ق 433)

6- إلتزام المؤجر فى المادة 564 من القانون المدنى بتهيئة العين المؤجرة للإنتفاع الذى أجرت له ليس من قبيل القواعد الآمرة المتصلة بالنظام العام وإنما هو من قبيل القواعد المفسرة لإرادة المتعاقدين ، فيجوز لهما الإتفاق على ما يخالفه بالتشديد أو التخفيف فى مدى إلتزام المؤجر بشأن أعمال الإصلاحات اللازمة لإعداد العين للغرض الذى أجرت من أجله ، ويجوز أن يصل التخفيف إلى حد أن يقبل المستأجر إستلام العين بالحالة التى كانت عليها وقت العقد ، وأن مثل هذا الإتفاق متى كان قاطعاً فى الدلالة على إتجاه نية المتعاقدين إلى تعديل أحكام إلتزام المؤجر الواردة فى المادة 564 من القانون المدنى ، فإنه يكون واجب الإعمال دون نص المادة المذكورة .

(الطعن رقم 742 لسنة 46 جلسة 1981/02/10 س 32 ع 1 ص 468 ق 91)

7- مؤدى المواد 432 ، 564 ، 566 من التقنين المدنى أن ملحقات العين المؤجرة تشمل كل ما أعد لها بصفة دائمة لاستعمال العين المؤجرة فى الغرض المقصود منها أو حتى يستكمل هذا الاستعمال ، طبقا لما يقضى به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ، وتحديد ما يعتبر من ملحقات العين المؤجرة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يختلف باختلاف الظروف ، وهو بهذه المثابه يترك لتقدير قاضى الموضوع إستهداء بالمعايير السالفة ، باعتباره مسألة تتعلق بتنفيذ العقد ، ولا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغا لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه وهو بصدد تفسير عقد الإيجار سند الدعوى أن اتفاقا تم بين طرفيه على أعتبار أن مسطح الحديقة المقابلة للعين المؤجرة الكائنة بالطابق الأرضى ملحق بها باعتباره لازما للتهوية والإضاءة ، وأنها تعد بمثابة منفذ أو مطل لازم للاستعمال ، وأردف الحكم أن تخصيص قدر محدد من الأجرة للحديقة ليس من شأنه أن يجعل لها كيانا متميزا مستقلا عن الشقة طالما هى بطبيعتها من المنافع المخصصة لخدمتها ، وهو استخلاص سائغ لانحراف فيه من المدلول الظاهر لعبارة العقد ، فإن النعى يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 204 لسنة 45 جلسة 1979/06/20 س 30 ع 2 ص 694 ق 316)

8- إذ كان سند الطاعن المستأجر فيما يدعيه من حقه فى إستلام الشقة محل النزاع هو الحكم الصادر فى الدعوى المقامة منه ضد زوج المطعون عليها الأولى أحد مالكى العقار مما مؤداء وقوع الإلتزام بالتسليم على عاتقى هذا المحكوم عليه وحده وكانت المطعون عليها الأولى المالكة الأخرى للعقارغير مختصمة فى تلك الدعوى فإن فى هذا بذاته وأياً ما كانت المحكمة التى أصدرت الحكم  ما يكفى لعدم جواز الإحتجاج على تلك المطعون عليها به مما لا تعتبر معه مدينة فى هذا الإلتزام ولما كان ذلك ، فإنه لا يكون فى واقعة الدعوى تعدد فى المدينين بتسلم الشقة محل النزاع مما لا يدع مجالاً للتحدى بعد قابلية هذا الالتزام للانقسام .

(الطعن رقم 1278 لسنة 48 جلسة 1979/03/17 س 30 ع 1 ص 839 ق 154)

9- مفاد المادة 564 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التسليم الصحيح للعين المؤجرة لا يكون إلا بتسليمها وملحقاتها تسليما يتمكن به المستأجر من الإنتفاع بها كاملاً دون حائل، ولئن كانت الحكمة من وجوب تسليم ملحقات العين المؤجرة هي تيسير الإنتفاع على الوجه المقصود، ولئن كان مؤدى المادتين 432, 566 من ذات القانون أنه يقصد بملحقات العين المؤجرة كل ما أعد بصفة دائمة لإستعماله طبقاً للغرض الذي قصد من الإجارة وإعداد العين له وطريقة تنفيذ الإيجار فى الماضي إذا كان قد بدئ فى تنفيذه ومطاوعة طبيعة الأشياء بالإضافة إلى العرف الساري، طالما لم يبين العاقدان الملحقات التي يشملها الإيجار، إلا أن هذا التحديد يترك لتقدير قاضي الموضوع استهداء بالمعايير السالفة بإعتباره مسألة تتعلق بتفسير العقد لا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً وله مأخذه من الأوراق.

(الطعن رقم 982 لسنة 44 جلسة 1978/11/01 س 29 ع 2 ص 1656 ق 319)

10- الأصل أنه ليس من الضروري أن تكون الملحقات موجودة عند إبرام التعاقد وأن الإيجار يمكن أن تندرج فى نطاقه الملحقات التي تظهر فى وقت لاحق، لأنه ينبغي التفرقة بين ما يعد ضرورياً من هذه الملحقات للإنتفاع بالعين المؤجرة فلا يتم الإنتفاع المقصود إلا إذا توافر وجودها، فتشمله الإجارة ولو لم تكن موجودة وقت التعاقد، ويلتزم المؤجر بإيجاد ما ليس موجوداً منها وتسليمها للمستأجر وبين ما ليس بطبيعته ضرورياً ولكن من شأنه تسهيل الإنتفاع أو زيادة فيه ومن قبيل ذلك المصاعد فمن الجائز ألا تتضمنه الإجارة إذا لم يكن موجوداً وقت العقد.

(الطعن رقم 982 لسنة 44 جلسة 1978/11/01 س 29 ع 2 ص 1656 ق 319)

11- مؤدى نصوص المواد 564 ، 566 ، 1/435 من القانون المدنى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن تسليم العين المؤجرة يحصل بوضعها تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والإنتفاع بها دون عائق ولو لم يضع يده عليها بالفعل ما دام المؤجر قد أعلمه بذلك ، بمعنى أنه ليس يكفى مجرد تخلى المؤجر عن العين المؤجرة والترخيص للمستأجر بالإنتفاع بها إذا وجد عائق يحول دونه ولا يتم التسليم بغير إزالته ، يستوى أن يكون العائق وليد تعرض مادى أو نتيجة تعرض قانونى ناشئاً عن فعل المؤجر أو أحد أتباعه أم راجعاً إلى فعل الغير أياً كان ، طالما حصل قبل حصول التسليم ، بخلاف ما إذا كانت العين قد سلمت للمستأجر فلا يضمن المؤجر عملاً بالمادة 575 من القانون المدنى إلا التعرض المبنى على سبب قانونى دون التعرض المادى .

(الطعن رقم 485 لسنة 43 جلسة 1978/01/18 س 29 ع 1 ص 229 ق 49)

12- إذا كان الواقع فى الدعوى أخذاً من مدونات الحكم الإبتدائى والحكم المطعون فيه المؤيد له أن الطاعن لايمارى فى أن المطعون عليه لم يتسلم العين المؤجرة ، وإنما يذهب إلى أن عدم إنتفاعه بها مرده إلى تعرض المستأجر السابق بسبب خلاف بينه وبين المطعون عليه على ثمن المحل التجارى الذى باعه إليه وأنه صدر حكم فى الدعوى رقم .. .. .. المقامة من المطعون عليه ضد الطاعن الذى قضى بإلزام الأخير أن يمكن الأول من وضع يده و الإنتفاع بالعين المؤجرة  وكان يتعين على المؤجر فى هذه الحالة أن يعمل على إخلاء العين المؤجرة من حيازة المستأجر السابق ولو برفع دعوى الإخلاء عليه أخذاً بإلتزامه رفع العوائق المادية قبل التسليم وكان الإلتزام قد تأيد قبله بالحكم الصادر ضده بالتمكين ، وكان لا يغير من ذلك إفتراض حصول إتفاق على بيع المحل التجارى من المستأجر السابق إلى المطعون عليه ، طالما أبرم الطاعن عقد إيجار مع المطعون عليه يخوله كافة حقوق المستأجر ومنها تسليم العين المؤجرة وتمكينه من الإنتفاع بها ، لما كان ذلك وكان الحكم قد إنتهى إلى أن المطعون عليه غير ملزم بدفع الأجرة طالما لم يتمكن من الإنتفاع بالعين المؤجرة بسبب تعرض المستأجر السابق تعرضاً حال دون إمكان تنفيذ عقد الإيجار وهو إلتزام واقع على عاتق الطاعن يترتب على الإخلال به إسقاط إلتزام المطعون عليه دفع الأجرة طوال مدة هذا الإخلال فإنه يكون قد إلتزم صحيح القانون .

(الطعن رقم 485 لسنة 43 جلسة 1978/01/18 س 29 ع 1 ص 229 ق 49)

13- إذا كانت ملحقات العين المؤجرة تشمل كل ما أعد لها بصفة دائمة والتى لا يتأتى الحصول على منفعة العين أو لا تستكمل هذه المنفعة إلا بها ، فإن ذلك مشروط بعدم تجاوز المستأجر لإستعمال الملحقات للغرض الذى وجدت من أجله أو تجاوز لما هو غير ضرورى لتحقيق هذا الغرض ، فإن فعل فإنه يكون قد خرج عن حقه فى إستعمال الملحقات إلى الإعتداء على الملكية بما يجيز رد هذا الإعتداء بإعادة الحال إلى ما كانت عليه دون حاجة لإثبات وقوع ضرر على المالك وذلك ما لم يوجد إتفاق خاص مخالف بين المستأجر وبين المالك .

(الطعن رقم 746 لسنة 46 جلسة 1982/01/04 س 33 ع 1 ص 62 ق 15)

14- إذا كان الممر المؤدى إلى الطريق العام يعتبر من ملحقات الأماكن المؤجرة الكائنة داخل الممر ، غير أن ذلك لا يكون إلا فى نطاق ما خصص هذا الممر من أجله و هو المرور ، لما كان ذلك . و كان الثابت بالأوراق أن الطاعن أقام الفترينة موضوع النزاع و ثبتها على حائط عمارة المطعون عليها الأولى بعيداً عن حائط المحلين المؤجرين له و شغل جزء منها حيزاً من فراغ الممر ، فإن الطاعن يكون قد تجاوز حقه فى إستعمال الممر ، و إن كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى ذلك مقرراً أن الفترينه وضعت بمدخل الممر فى مكان لا يعد جزءاً من العين المؤجرة أو ملحقاتها ، فإنه يكون قد إلتزم صحيح القانون محمولاً على أن جزء الفترينة الواقع داخل الممر لا يعدو إستعمالاً مشروعاً للممر فى حدود الغرض المخصص له .

(الطعن رقم 746 لسنة 46 جلسة 1982/01/04 س 33 ع 1 ص 62 ق 15)

15- حكم المادة 564 من القانون المدنى ليس من الأحكام الآمرة المتصلة بالنظام العام و إنما هو من الأحكام المفسرة لإرادة المتعاقدين فيجوز لهما الإتفاق على ما يخالفه بالتشديد أو التخفيف فى مدى إلتزام المؤجر بشأن أعمال الإصلاح اللازمة لإعداد العين للغرض الذى أجرت من أجله ، ويجوز أن يصل التخفيف إلى حد أن يقبل المستأجر إستلام العين بالحالة التى عليها وقت العقد أو التى ستكون عليها وقت بدء الإنتفاع على أن يقوم هو من جانبه باستكمال الأعمال الناقصة على نفقته - ومثل هذا الإتفاق متى كان قاطعاً فى الدلالة على إتجاه نية العاقدين إلى تعديل أحكام إلتزام المؤجر الواردة فى المادة 564 من القانون المدنى فإنه يكون واجب الإعمال دون نص المادة المذكورة . ولا يجوز إهدار الشرط المتضمن هذا الإتفاق بحجة مخالفته للواقع من أن العين المؤجرة كان ينقصها فى الموعد المحدد لبدء سريان عقد الإيجار بعض أعمال الإصلاح اللازمة لجعلها تفى بما أعدت له من المنفعة إذا تبين أن العاقدين قصدا بهذا الشرط عدم الإعتداد بهذا الواقع و إعفاء المؤجر من القيام بتلك الأعمال .

(الطعن رقم 334 لسنة 28 جلسة 1964/06/11 س 15 ع 2 ص 794 ق 126)

16- إخلال المؤجر بإلتزامه بالتسليم يترتب عليه قيام حق المستأجر فى طلب فسخ العقد أو انقاص الأجرة بمقدار ما نقص من الانتفاع بالعين المؤجرة وملحقاتها  فإذا فوت المؤجر الانتفاع على المستأجر بإهماله القيام بما إلتزم به يكون من حق المستأجر قانوناً فوق طلب الفسخ و التعويض أن يدفع بعدم استحقاق المؤجر للأجرة كلها أو بعضها بالقدر الذى لم يستوف به منفعة العين المؤجرة ، فاذا كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على ما طلبه الطاعن المستأجر من إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من انتفاعه بالعين المؤجرة و قضى له بالتعويض عن الأضرار التى لحقته بسبب اخلال المؤجر بالتزامه بتسليم ماكينة الرى الملحقة بهذه العين على الوجه المتفق عليه فى العقد دون أن يفصح عما إذا كان قد راعى فى تقدير التعويض مقابل ما نقص من الانتفاع بسبب هذا الاخلال فانه يكون معيباً بالقصور .

(الطعن رقم 283 لسنة 28 جلسة 1963/06/13 س 14 ص 815 ق 115)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 564  من التقنين المدني الجديد على أن  :

"يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة ، وفقاً لما تم عليه الاتفاق أو لطبيعة العين " .

فيجب إذن في التقنين المدني الجديد أن تكون العين وملحقاتها وقت التسليم في حالة حسنة تصلح معها لأداء الغرض المقصود من إيجارها ، ويرجع في معرفة هذا الغرض إلى اتفاق المتعاقدين ، فإذا لم يوجد اتفاق، وجب الرجوع إلى طبيعة العين ، فالمنزل المؤجر للسكنى يجب أن يسلم صالح الأبواب والنوافذ ، نظيف الحيطان ، كامل المفاتيح ، سليم أسلاك الكهرباء والأجهزة الأخرى ، منزوح المراحيض إن لم تكن متصلة بالمجاري العامة ، والأرض الزراعية يجب أن تسلم في حالة تصلح معها للزراعة ، وإذا اتفق على محصول معين وجب أن تكون الأرض صالحة لزراعة هذا المحصول بالذات ، ويجب بوجه تسليم الأرض الزراعية في حالة جيدة ليس بها أثر مما عسى أن يكون المستأجر السابق قد أحدث بها من تلف .

وتفريعاً على ذلك يلتزم المؤجر بإجراء جميع التصليحات اللازمة للعين المؤجرة قبل تسليمها للمستأجر ولو كانت من قبيل التصليحات الترميمية التي يلتزم بها المستأجر بعد تسلم العين أثناء مدة الإيجار ، والمستأجر إنما يلتزم بهده التصليحات التأجيرية بعد أن يتسلم العين لأن المفروض أنه كان المستأجر لم يتسلم العين المؤجرة بعد ، فتكون هذه التصليحات إذن على المؤجر لا عليه هو .

ولا يكفي أن يقوم المؤجر بهذه التصليحات ، بل يجب أيضاً أن يسلم العين بحالة صالحة للانتفاع بها مباشرة كل الانتفاع المقصود ، فإذا فرض أن وجد بالعين مرضى بأمراض معدية ، وجب على المؤجر عند إخلاء العين وتسليمها للمستأجر أن يطهرها التطهير الصحي اللازم .

ولما كان المؤجر ملزماً بتسليم العين في حالة صالحة ، فمن البديهي أنه إذا هلكت العين قبل التسليم ولو بسبب أجنبي ، كان للمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار لأن المؤجر لا يستطيع القيام بالتزامه من تسليم العين في حالة صالحة. 

وسنعرض لمسألة هلاك العين قبل التسليم عند الكلام في الجزاء على عدم التسليم.

كذلك يجب على المؤجر أن يسلم العين للمستأجر خالية من كل العوائق التي تحول دون الانتفاع بها ، فإذا كانت في حيازة شخص آخر كمستأجر سابق ، وجب على المؤجر أن يخليها من هذه الحيازة ، وهو الذي يرفع دعوى الإخلاء على الحائز ، لأن المستأجر لا يستطيع ذلك إذ ليس له حق عيني في العين المؤجرة ، ولكن يجوز مع ذلك للمؤجر أن ينزل للمستأجر عن دعوى الإخلاء ، فيرفعها هو مباشرة بإسمه ، وإذا كان المستأجر السابق قد أحد بالعين تلفاً ، وجب على المؤجر أن يقوم بإصلاحه .

كذلك يجب على المؤجر أن يضمن للمستأجر كل تعرض من الغير ، سواء أكان مبنياً على سبب قانون أم كان تعرضاً مادياً ، قبل تسليم العين ، بخلاف ما إذا كانت العين قد سلمت للمستأجر ، فلا يضمن المؤجر بعد ذلك إلا التعرض المبنى على سبيل قانوني ، ومن ثم لا يضمن التعرض المادي .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري ، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء / السادس الصفحة  / 295)

ومن ثم يلتزم المؤجر بتسليم العين بحالة تصلح لأداء الغرض المخصصة له وفقاً لاتفاق الطرفين أو لطبيعة العين ، فإن كانت منزلة وجب أن يسلم صالح الأبواب والنوافذ نظيف الجدران سليم أسلاك الكهرباء.. الخ.

ويلتزم المؤجر بإجراء جميع الإصلاحات ولو كانت ترميمية وبتسليم العين خالية من كل العوائق التي تحول دون الإنتفاع بها ، فإن كانت في حيازة آخر وجب إخلائها ، كما يضمن كل تعرض من الغير ، أما بعد التسليم فلا يضمن إلا التعرض القانوني ، ويجوز الاتفاق على تعديل التزام المؤجر صراحة أو ضمناً .

مؤدى نص المادتين 564 ، 566 من القانون المدني، التزام المؤجر تسلیم ملحقات العين المؤجرة للمستأجر ، ومتى قام بتسليمها تبعا لتسليم العين ، امتنع عليه التعرض للمستأجر في حيازتها أو الانتفاع بها ، إذ المقرر أن من يلتزم بالضمان يمتنع عليه التعرض ، ومن قبيل التعرض اغتصاب الملحقات أو رفع دعوى بأحقيته فيها .

ولا يلزم أن يتضمن عقد الإيجار ملحقات العين المؤجرة إذ العبرة في تحديد محل العقد ببيان أصل المحل والمتمثل في العين المؤجرة دون ملحقاتها ، مما يحول دون المؤجر واسترداد تلك الملحقات إستناداً إلى عدم ذكرها في العقد .

ويستقل قاضى الموضوع بتحديد ملحقات العين المؤجرة في حالة عدم إفصاح المتعاقدين عنها صراحة في العقد مستعيناً في ذلك بالنية المشتركة لهما مع الاستهداء بطبيعة التعامل والعرف الجاري والطريقة التي تم بها تنفيذ العقد منذ البداية ، ولا يخضع في هذا الاستخلاص لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.

وملحقات العين هي كل ما يلحق بها سواء عند بدء الإيجار كالحديقة وغرف الخدم والغسيل والجراج والمرافق المشتركة وقد تلحق بعد ذلك إذا ما نص عليه في العقد ، فإن لم ينص عليه به، فلا يعتبر من ملحقاته ، مثل المصعد عندما تؤجر العين بدونه ثم يلحق بالعقار بعد ذلك، وإذا وجدت حديقة بالعين كانت من ملحقاتها ومثلها الأرض الفضاء إذا كانت مطلات العين تفتح عليها ويؤدي البناء بها إلى حرمان المستأجر من هذا الحق ، وإذا وضعت تماثيل بمدخل العقار ، كانت من ملحقاته ويمتنع على المؤجر نزعها لتعارض ذلك مع التزامه بالضمان ، فكل ما يلحق بالعين يعتبر من ملحقاتها ، أما العين ذاتها فتنصرف إلى المكان المؤجر، داخله وخارجه بحدوده المبينة في العقد ، فتشمل حوائطها الداخلية والخارجية وسقفها وأرضها ، ويمتنع على المؤجر والمستأجرين الآخرين التعرض في ذلك بوضع لافتات على حوائط العين من الخارج أو إحداث أعمال بها أو بالسقف والأرضية ، ويعتبر التعدي على واجهة العين سلباً لحيازتها يمتد إلى جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة ويحق للنيابة العامة رد هذا الاعتداء، وقضت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض أن الدخول المكون للركن المادي في جريمة دخول عقار في حيازة آخر بالقوة ، لفظ اصطلاحي يفيد كل فعل يعتبر تعرضاً مادياً للغير في حيازته للعقار حيازة فعلية بنية الافتئات عليه بالقوة.

فملحقات الشيء هي كل ما يلحق به ويكون ضرورياً ولازماً للانتفاع به بحيث لا يتم الانتفاع المقصود إلا إذا توافر وجودها ، وحينئذ تأخذ حكمه ولا تنفصل عنه وتعتبر والشيء الذي ألحقت به محلاً واحداً يخضع لأحكام العقد وما يكمله من نصوص القانون المقررة لإرادة المتعاقدين، مما مقتضاه أنه في حالة الخلاف حول ما يعتبر من ملحقات الشيء وما لا يعتبر كذلك يتعين الرجوع الى طريقة تنفيذ العقد لحسم هذا الخلف ، فإن كانت الملحقات خاصة بالعين المؤجرة ولم يتضمنها عقد الإيجار ولكن اتضح من تنفيذه منذ البدء فيه ، أن المستأجر هو الذي كان ينتفع بها تبعاً لانتفاعه بالعين المؤجرة وأن الانتفاع بتلك العين لا يكتمل إلا بإضافة الملحقات محل الخلف إليها وأنه هو الذي كان يلتزم صيانتها ونفقات حفظها العادية وأن المؤجر لا شأن له بها وأن التزاماته بشأنها هي ذات التزاماته بشأن العين المؤجرة ، كانت من ملحقات العين المؤجرة ، أما إذا انتفى ذلك كانت خارجة عن نطاق عقد الإيجار ، فلا تعتبر من ملحقات العين .

ولا تقتصر الملحقات على الأشياء المادية ، وإنما تشمل الحقوق التي كانت للمؤجر كإرتفاقات المرور والمجرى والمسيل أي الصرف ، ولا يعتبر الإسم التجاري من ملحقات المتجر إذ يعتبر هو ذاته الشيء المؤجر. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار / أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث ، الجزء / السابع الصفحة/ 597)

والعين التي يلتزم المؤجر بتسليمها إلى المستأجر هي العين المحددة بعقد الإيجار.

ويجب تسليم العين بذاتها ، فلا يصح استبدال غيرها بها إلا إذا اتفق على ذلك .

فلا يعتبر المؤجر موفياً بالتزامه بالتسليم بعرضه على المستأجر عيناً غير تلك التي أجرها ، والمستأجر بدوره لا يحق له أن يضع يده على عين غير العين التي استأجرها.

وهذا كله ما لم يتفق على خلافه ، فإذا اتفق على أن تستبدل بالعين المؤجرة عين غيرها، صح هذا الاتفاق لأنه يتضمن تجديداً لالتزامات كل من المؤجر والمستأجر.

لا يلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجرة فحسب ، بل يلتزم أيضاً بتسليم ملحقاتها.

والحكمة من وجوب تسليم ملحقات العين المؤجرة هي تيسير الانتفاع بالعين على الوجه المقصود ، لأنه يغلب ألا يتمكن المستأجر من الانتفاع بالعين على الوجه المقصود بغير تلك الملحقات.

 يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة .

 ومعنى ذلك أن المؤجر لا يلتزم فقط بتسليم العين المؤجرة بالحالة التي تكون عليها عند العقد أو عند بدء الانتفاع إذا كانت على حالة معينة ، بل يلتزم أن يسلمها في حالة حسنة أي في حالة صالحة لأداء ما أعدت له من منفعة.

ويرجع في تحديد الغرض المقصود من إيجار العين ، إلى اتفاق المتعاقدين في عقد الإيجار - وغالبا ما يحدد العقد المقصود من إيجار بناء - مثلاً - السكني أو مباشرة مهنة أو حرفة أو تجارة ، أو استعماله في تخزين البضائع أو في إيواء السيارات ... إلخ .

يدخل في التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة ، رفع كافة العوائق التي تحول دون الانتفاع بها وأن يمنع كل تعرض من الغير سواء أكان هذا التعرض مادياً أم قانونياً ناشئاً عن فعل المؤجر أو أحد أتباعه أو راجعاً إلى فعل الغير .

وإذا كانت العين في حيازة غاصب التزم المؤجر بطرده .

وإذا كانت العين في حيازة مستأجر سابق التزم المؤجر بإخلاء العين من المستأجر، وهو الذي يقوم برفع دعوى الإخلاء ، لأن المستأجر الجديد ليس له حق عيني على العين يخوله تتبع العين في يد من تكون ولا تترتب على عقد الإيجار أية علاقة الإخلاء فإذا قبل المستأجر ذلك ، كان له رفع الدعوى بإسمه ، بينه وبين المستأجر السابق ، إلا أنه يجوز للمؤجر أن ينزل للمستأجر عن دعوى الإخلاء فإذا قبل المستأجر ذلك ، كان له رفع الدعوى بإسمه .

 وهذا بخلاف ما إذا كانت العين قد سلمت للمستأجر ، فلا يضمن المؤجر بعد ذلك إلا التعرض المبني على سبب قانوني ، ومن ثم لا يضمن التعرض المادي .

التزام المؤجر بتسليم العين وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة لا يتعلق بالنظام العام وإنما هو مفسر لإرادة المتعاقدين ، يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفه بالزيادة أو النقص في مدى التزام المؤجر ، كأن يتفقا على إلزام المؤجر بالقيام بإصلاحات أو بتعديلات لا يتطلبها الانتفاع المقصود من العين .

و الاتفاق بين المتعاقدين قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً ، ولكن يجب أن يكون الاتفاق واضحاً لا لبس فيه ، كأن يقرر المستأجر أن يقبل العين بالحالة التي هي عليها وقت العقد أو أنه عالم بالعين علماً تاماً فيعتبر ذلك إعفاء منه للمؤجر من التزامه بإجراء الإصلاحات التي تحتاج إليها.

وإذا تسلم المستأجر العين في حالة غير صالحة وأقام بها مدة طويلة دون أن يطالب المؤجر بإصلاح العين عد هذا نزولاً عن حقه في طلب ذلك ، ولكن مجرد تسلمه لها ، ولو أقام بها مدة قصيرة لا يعد نزولاً منه عن حقه ، إذ هو لا يستطيع أن يتنبه لما في العين من عيوب إلا بعد تسليمها بمدة كافية. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع  الصفحة/  349)

وقد نص التقنين المدني المصري الحالي في المادة 564 منه على أن لا يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة ، وفقاً لما تم عليه الاتفاق أو الطبيعة العين .

ويخلص من ذلك أنه لا يكتفي من المؤجر أن يسلم العين المؤجرة بالحالة التي هي عليها وقت التسليم ، ولا بالحالة التي كانت عليها وقت العقد كما هو الحكم في عقد البيع بل يلزم بتهيئتها للانتفاع الذي أجرت له .

ويرجع في تعيين الانتفاع الذي أجرت له العين أولاً إلى اتفاق العاقدين ، فهو الذي بين ما إذا كان المقصود بالإجارة مثلاً للانتفاع بالعين المؤجرة في السكني أو في تخزين البضائع أو في إيواء السيارات أو في مباشرة مهنة أو تجارة أو صناعة معينة أو كمكتب أو عيادة أو متجر أو مخبز أو فندق أو مدرسة أو مقهى إلخ ، واذا لم يبين الاتفاق ذلك فيرجع إلى طبيعة العين وموقعها ، فإذا كانت العين المؤجرة حانوتاً خالياً لا يلزم المؤجر أن يسلمها في حالة تصلح معها لأن تكون مسكناً وإذا كانت غناء أو أرضاً فضاء لا يلزم بإعدادها لأن تكون شونة أو حظيرة للسيارات الا إذا اتفق على وجوب هذا الإعداد ، أما اذا أجرت غرفة مفروشة مثلاً وجب أن يسلمها المؤجر صالحة للسكن .

ويلزم المؤجر بأن يجري في العين المؤجرة قبل تسليمها جميع الترميمات اللازمة، ولو كانت من نوع الترميمات التأجيرية ، أي الترميمات البسيطة التي تقع عادة على عاتق المستأجر لو دعت الحاجة إليها في أثناء مدة انتفاعه بالعين المؤجرة ويظهر من ذلك أن المشرع يجعل التزام المؤجر في هذه الحالة أشد من التزام البائع، لأن الأخير لا يلتزم بتسليم المبيع إلا بالحالة التي كان عليها وقت العقد ، ويرجع ذلك إلى تغليب المشرع الفرنسي والمشرع المصري في التقنين الحالى الصبغة الإيجابية على الصبغة السلبية في تعيين مدى التزامات المؤجر .

ولا يقتصر التزام المؤجر على إجراء جميع الترميمات التي تحتاج إليها العين عند تسليمها ، بل يشمل أيضاً إزالة العيوب التي تعوق الانتفاع بها فيما أعدت له ،  فإذا كانت العين المؤجرة مشغولة قبل تسليمها إلى المستأجر الجديد بشخص مصاب بمرض معد وجب على المؤجر أن يطهرها التطهير الصحى اللازم قبل تسليمها إلى المستأجر وإذا وجدت بالعين حشرات تفوت على المستأجر الإنتفاع بالعين المؤجرة كله أو بعضه أو تضايقه في هذا الإنتفاع وجب على المؤجر إبادة هذه الحشرات واستئصال أسباب وجودها.

وكما يجب تسليم العين بحالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة ، كذلك يجب أن يكون تسليم ملحقاتها أيضاً ، فلا يكفي مثلاً أن تكون الطبقة المؤجرة من البناء بحالة تصلح معها للسكنى بل يجب أية ما أن يكون السلم المؤدي إليها صالحاً للإستعمال على الوجه الذي يتفق مع درجة السكن وأن يكون كل من الجراج و غرفة الغسيل صالحين لما أعد له من أغراض ، وإذا كان في المبنى مصعد معطل وجب على المؤجر إصلاحه قبل تسليم الطبقة المؤجرة .

غير أن ذلك يقتصر على الملحقات الموجودة فعلاً وقت الإجارة ، ولا يلزم المؤجر بإنشاء ملحقات جديدة كتركيب مصعد أو مدخنة أو جهاز لتسخين المياه أو عداد للنور أو بناء جراج أو غرفة غسيل إلخ ، بمقولة أن هذه الملحقات اللازمة للإنتفاع بالعين المؤجرة فيما أجرت لأجله ما دامت الصفة التي أجرت بها العين لا تجعل هذه الأشياء من لوازمها ، وما دام المؤجر لم يتعهد بإيجاد هذه الملحقات .

ويقدر القاضي في كل حالة على حدة الأعمال التي يجب أن يقوم بها في ذلك على الأعمال التي تكون لازمة للانتفاع بالعين دون الأعمال التي تعتبر كمالية ، فمثلاً إذا كانت العين المؤجرة داراً ، ألزم المؤجر بترميم ما بها من خلل وتدعيم سقفها ان كان آيلاً للسقوط وتخصيصه إن كانت مياه البحار تتسرب منه وتبيض جدرانها و إصلاح نوافذها وأبوابها إستكمال ما ينقصها من زجاج ومفاتيح و إصلاح أسلاكها الكهربائية وصنابير المياه بها ونزح مراحيضها أن لم تكن متصلة بالمجاري العامة ، ولكن لا يلزم المؤجر بزخرفة السقف أو بكساء الجدران بالقماش أو تبطينها بالخشب، أو بوصل الدار بالمجاري العامة ما دام يمكن الإستغناء عن ذلك بنزح المراحيض لأن هذه الأعمال الأخيرة تعتبر غير لازمة لإعداد العين للانتفاع بها ، على أن نص المادة 564 المذكور لا يعدو أن يكون نصاً مقرراً لإرادة العاقدين ، فيجوز الاتفاق على ما يخالفه بالزيادة أو النقص في مدى التزام المؤجر ، كأن يتفق الطرفان مثلاً على أن يلتزم المؤجر بتركيب مصعد للبناء أو أي جهاز آخر أو بإجراء أعمال مما يعتبر كمالياً ، أو أن يتفقا بالعكس من ذلك على أن يكون تسليم العين بالحالة التي هي عليها وقت العقد أو التي ستكون عليها وقت بدء الانتفاع أو على أن يقوم المستأجر على نفقته بالإصلاحات و الأعمال اللازمة لتهيئة العين للانتفاع المقصود .

ولكن يشترط في الاتفاق على ذلك ، صريحاً كان أو ضمنياً ، أن يكون واضحاً لا لبس فيه ، كأن يقرر المستأجر أنه يقبل العين بالحالة التي هي عليها وقت العقد أو أنه عالم بالعين علماً تاماً ، فيعتبر ذلك إعفاء منه للمؤجر من التزامه بإجراء الإصلاحات التي تحتاج اليها العین ، وكذلك إذا تسلم المستأجر العين المعيبة وظل ينتفع بها على عيبها مدة كافية دون أن يطالب باصلاح العيب ، اعتبر ذلك منه إعفاءً ضمنياً للمؤجر من التزامه بإجراء الإصلاحات اللازمة ، وقد يستفاد هذا الإعفاء أيضاً من مجرد تحرير محضر تسليم العين المؤجرة.

ملحقات العين المؤجرة - نصت المادة 564 مدني على أن  لا يقتصر التزام المؤجر على تسليم العين المؤجرة بل يشمل أيضاً ملحقاتها وقد أحالت المادة 599 فيما يتعلق بتحديد ملحقات العين المؤجرة على الأحكام الواردة بشأن ذلك في باب البيع.

وتقضى المادة 432 بأن يشمل التسليم ملحقات الشيء وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال العين طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين .

والأصل أن يعين العاقدان الملحقات التي يشملها الإيجار .. ولكن الغالب ألا يعرضا لذلك أو أن يكتفيا بالنص على أن الإجارة تشمل العين وملحقاتها إعتماداً منهما على أن العرف الجاري وطبيعة الأشياء كفيلان بتعيين ما يعتبر من الملحقات ، فيقع على القاضي إذن عند تعيين ما يعتبر من ملحقات العين المؤجرة أن يتحرى قصد العاقدين حسبما يبين من نصوص الإتفاق ومن ظروف التعاقد ومن طبيعة الأشياء ومن العرف الجاري ، وذلك دون التقيد في هذا الخصوص بوسيلة بعينها من وسائل الإثبات الأن هذه الأمور هي من قبيل الواقع المادي الذي يجوز اثباته بكافة الطرق ، ولأن هذه المسألة تتعلق بتفسير العقد ، تعتبر سألة وقائع لا يخضع فيها القاضي لرقابة محكمة النقض، وحسبه أن يقيم قضاءه على ما يكفي لحمله ( 52 مکرر).

وقت التسليم - أحالت المادة 566 مدني على أحكام البيع و فيما يتعلق بزمان التسليم، وهذه الأحكام هي أحكام القواعد العامة.

والأصل أن التسليم واجب في الوقت الذي عينه العاقد أن لذلك ، أو على أكثر تقدير في الوقت الذي عيناه لبدء مدة الإجارة أي لبدء مدة انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة.

فإذا لم يعينا هذا الوقت ، فإن كان ذلك لتعذر الاتفاق عليه ، فان الركن المنفعة يكون غير معين ، ويترتب على ذلك عدم انعقاد العقد أو بطلانه. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن الصفحة/ 289) 

الفقة الإسلامي

 الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الأول ، الصفحة /  269

أ - تسْليم الْعيْن الْمؤجّرة:

52 - يلْتزم الْمؤجّر بتمْكين الْمسْتأْجر من الانْتفاع بالْمعْقود عليْه، وذلك بتسْليمه الْعيْن حتّى انْتهاء الْمدّة أوْ قطْع الْمسافة. ويشْمل التّسْليم توابع الْعيْن الْمؤجّرة الّتي لا يتحقّق الانْتفاع الْمطْلوب إلاّ بها حسب الْعرْف.

ويترتّب على أنّ التّسْليم تمْكينٌ من الانْتفاع أنّ ما يعْرض أثْناء الْمدّة ممّا يمْنع الانْتفاع بغيْر فعْل الْمسْتأْجر يكون على الْمؤجّر إصْلاحه، كعمارة الدّار وإزالة كلّ ما يخلّ بالسّكن، مع ملاحظة ما سبق من اشْتراط الْقدْرة على التّسْليم واشْتراط بيان الْمنْفعة وتحْديدها.

53 - وفي إجارة الْعمل يكون الأْجير هو الْمؤجّر لخدْماته، وقيام الأْجير بالْعمل هو الْتزامه بالتّسْليم.

فإنْ كان الْعمل يجْري في عيْنٍ تسلّم للأْجير - وهو أجيرٌ مشْتركٌ - كان عليْه تسْليم الْمأْجور فيه بعْد قيامه بالْعمل. وإنْ كان الْعمل لا يجْري في عيْنٍ تسلّم للأْجير فإنّ مجرّد قيامه بالْعمل الْمطْلوب يعْتبر تسْليمًا، كالطّبيب أو السّمْسار، وإنْ كان الأْجير خاصًّا كان تسْليم نفْسه للْعمل في محلّ الْمسْتأْجر تسْليمًا معْتبرًا.

إجارة الدّور والْمباني

بم تعيّن الْمنْفعة فيها؟

92 - لا يعْلم خلافٌ بيْن فقهاء الْمذاهب في ضرورة تعْيين الدّار الْمسْتأْجرة، وأنّه إذا تغيّرتْ هيْئتها الأْولى الّتي رآها عليْها بما يضرّ بالسّكن يثْبت له خيار الْعيْب. وإذا كان اسْتأْجر دارًا قدْ تعيّنتْ بالْوصْف، ولمْ يرها قبْل الْعقْد ولا وقْته، ثبت له حقّ خيار الرّؤْية عنْد منْ يقولون به.

ولا يعْلم خلافٌ أيْضًا في أنّ إجارة الدّور ممّا لا تخْتلف في الاسْتعْمال عادةً، فيصحّ اسْتئْجار الدّار أو الْحانوت مع عدم بيان ما يسْتأْجرها له؛ لأنّ الدّور إنّما تكون للسّكن عادةً، والْحانوت للتّجارة أو الصّناعة. ويرْجع إلى الْعرْف أيْضًا في كيْفيّة الاسْتعْمال، والتّفاوت في السّكن يسيرٌ فلمْ يحْتجْ إلى ضبْطه.

93 - إذا شرط الْمؤجّر على الْمسْتأْجر ألاّ يسْكن غيْره معه، فالْحنفيّة يروْن أنّ الشّرْط لاغٍ والْعقْد صحيحٌ، فله أنْ يسْكن غيْره معه. وذهب الْمالكيّة والْحنابلة إلى اعْتبار الشّرْط، فليْس له أنْ يسْكن غيْره معه، إلاّ ما جرى به الْعرْف. وذهب الشّافعيّة إلى فساد الشّرْط والْعقْد؛ لأنّ هذا الشّرْط لا يقْتضيه الْعقْد، وفيه منْفعةٌ للْمؤجّر، فيكون شرْطًا فاسدًا، ويفْسد به الْعقْد. وإذا لمْ يكنْ هناك شرْطٌ فالْعبْرة في ذلك بعدم الضّرر أوّلاً، والرّجوع للْعرْف ثانيًا.

وللْمسْتأْجر أنْ ينْتفع بالدّار والْحانوت كيْف شاء في حدود الْمتعارف، بنفْسه وبغيْره ممّنْ لا يزيد ضرره عنْه. وليْس له أنْ يجْعل فيها ما يوهن الْبناء كالْحدادة والْقصارة.

وتدْخل في إجارة الدّور والْحوانيت توابعها، ولوْ بدون ذكْرها في الْعقْد؛ لأنّ الْمنْفعة لا تتحقّق إلاّ بها.

94 - وبيان الْمنْفعة في إجارة الدّور ببيان الْمدّة فقطْ؛ لأنّ السّكْنى مجْهولة الْمقْدار في نفْسها، ولا تنْضبط بغيْر ذلك. وليْس لمدّة الإْجارة حدٌّ أقْصى عنْد الْجمْهور، فتجوز الْمدّة الّتي تبْقى فيها وإنْ طالتْ. وهو قوْل أهْل الْعلْم كافّةً. وفي قوْلٍ عنْد الشّافعيّة: لا تجوز أكْثر منْ سنةٍ. وفي قوْلٍ: إنّها لا تجوز أكْثر منْ ثلاثين سنةً. وقال به الْمالكيّة بالنّقْد والْمؤجّل. وتبْدأ الْمدّة من الْوقْت الْمسمّى في الْعقْد. فإنْ لمْ يكونا سمّيا وقْتًا فمنْ حين الْعقْد. ويقول الْمالكيّة: يجوز عدم بيان ابْتداء الْمدّة لسكنه شهْرًا أوْ سنةً مثلاً. ويحْمل منْ حين الْعقْد وجيبةً (أيْ مدّةً محدّدةً لا تتجدّد بنفْس الْعقْد) أوْ مشاهرةً. فإنْ وقع الْعقْد في أثْناء الشّهْر فثلاثون يوْمًا منْ يوْم الْعقْد.

أمّا الشّافعيّة فقالوا: لا تجوز إجارة الدّور إلاّ لمدّةٍ معْلومة الابْتداء والانْتهاء. فإنْ قال: آجرْتك هذه الدّار شهْرًا، ولمْ يحدّد الشّهْر، لمْ يصحّ؛ لأنّه ترك تعْيين الْمعْقود عليْه، وهو الشّهْر، في عقْدٍ شرط فيه التّعْيين، كما لوْ قال: بعْتك دارًا.

95 - وإذا وقعت الإْجارة على مدّةٍ يجب أنْ تكون معْلومةً. ولا يشْترط أنْ تلي الْعقْد مباشرةً، خلافًا للشّافعيّ في أحد قوْليْه. فإذا قال: آجرْتك داري كلّ شهْرٍ بدرْهمٍ، فالْجمْهور على أنّها صحيحةٌ. وتلْزم الإْجارة في الشّهْر الأْوّل بإطْلاق الْعقْد؛ لأنّه معْلومٌ بالْعقْد، وما بعْده من الشّهور يلْزم الْعقْد فيه بالتّلبّس به، وهو السّكْنى في الدّار؛ لأنّه مجْهولٌ حال الْعقْد، فإذا تلبّس به تعيّن بالدّخول فيه، فصحّ بالْعقْد الأْوّل. وإنْ لمْ يتلبّسْ به، أوْ فسخ الْعقْد عنْد انْقضاء الشّهْر الأْوّل، انْفسخ. وفي الصّحيح عنْد الشّافعيّ أنّ الإْجارة لا تصحّ. وقال به بعْض فقهاء الْحنابلة؛ لأنّ كلمة «كلّ» اسْمٌ للْعدد، فإذا لمْ يقدّرْه كان مبْهمًا مجْهولاً. وإذا قال: آجرْتك داري عشْرين شهْرًا، كلّ شهْرٍ بدرْهمٍ، جاز بغيْر خلافٍ؛ لأنّ الْمدّة معْلومةٌ، وأجْرها معْلومٌ. وفي قوْلٍ عنْد الشّافعيّة: تصحّ في الشّهْر الأْوّل الْمعْلوم، وتبْطل في الْباقي الْمجْهول. وإنْ قال: آجرْتكها شهْرًا بدرْهمٍ، وما زاد فبحساب ذلك، صحّ في الشّهْر الأْوّل؛ لأنّه أفْرده بالْعقْد، وبطل في الزّائد؛ لأنّه مجْهولٌ. ويحْتمل أنْ يصحّ في كلّ شهْرٍ تلبّس به.

96 - وإنْ قدّرتْ مدّة الإْجارة بالسّنين، ولمْ يبيّنْ نوْعها، حمل على السّنة الْهلاليّة؛ لأنّها الْمعْهودة في الشّرْع.

وإن اسْتأْجر سنةً هلاليّةً أوّل الْهلال، عدّ اثْنا عشر شهْرًا بالأْهلّة، ثمّ يكمّل الْمنْكسر ثلاثين يوْمًا. روي هذا عنْ أبي حنيفة والشّافعيّ وأحْمد. وروي عنْهمْ أيْضًا أنّه يسْتوْفى في الْجميع بالْعدد

وإن اسْتأْجر الدّار بالسّنة الشّمْسيّة أو الرّوميّة أو الْقبْطيّة، فإنّه يصحّ في روايةٍ عن الشّافعيّ؛ لأنّ الْمدّة معْلومةٌ. وهو مذْهب أحْمد إنْ كانا يعْلمان أيّامها. والرّواية الثّانية عن الشّافعيّ: لا يصحّ، إذْ في السّنة الشّمْسيّة أيّام نسيءٍ، وهو مذْهب أحْمد إنْ كانا يجْهلانها.

وإنْ آجره له إلى الْعيد انْصرف إلى أوّل عيدٍ يأْتي، الْفطْر أو الأْضْحى. وإنْ أضافه إلى عيدٍ منْ أعْياد الْكفّار صحّ إذا علماه.

97 - وبالنّسْبة للأْجْرة فإذا آجرها سنةً بعشرة دراهم جاز، وإنْ لمْ يبيّنْ قسْط كلّ شهْرٍ؛ لأنّ الْمدّة معْلومةٌ، فصار كالإْجارة شهْرًا واحدًا. غيْر أنّ الْمالكيّة لهمْ تأْويلان في كوْنه وجيبةً، لاحْتمال إرادة سنةٍ واحدةٍ، فكأنّه يقول: هذه السّنة. وهو تأْويل ابْن لبابة. والأْكْثر، بلْ هو ظاهر الْمدوّنة، أوْ غيْر وجيبةٍ، لاحْتمال إرادة كلّ سنةٍ. وهو تأْويل أبي محمّدٍ صالحٍ.

98 - إذا اسْتأْجر ذمّيٌّ دارًا منْ مسْلمٍ على أنّه سيتّخذها كنيسةً أوْ حانوتًا لبيْع الْخمْر، فالْجمْهور (الْمالكيّة والشّافعيّة والْحنابلة وأصْحاب أبي حنيفة) على أنّ الإْجارة فاسدةٌ؛ لأنّها على معْصيةٍ. وانْفرد أبو حنيفة بالْقوْل بجواز ذلك؛ لأنّ الْعقْد واردٌ على منْفعة الْبيْت مطْلقًا، ولا يتعيّن على الْمسْتأْجر اتّخاذها لتلْك الْمعْصية. وفي هذا التّعْليل ما فيه.

أمّا إذا اسْتأْجر الذّمّيّ دارًا للسّكْنى مثلاً، ثمّ اتّخذها كنيسةً، أوْ معْبدًا عامًّا، فالإْجارة انْعقدتْ بلا خلافٍ. ولمالك الدّار، وللْمسْلم عامّةً، منْعه حسْبةً، كما يمْنع منْ إحْداث ذلك في الدّار الْممْلوكة للذّمّيّ.

الْتزامات الْمؤجّر والْمسْتأْجر في إجارة الدّور:

99 - يجب على الْمؤجّر تمْكين الْمسْتأْجر من الانْتفاع. ويلْزم الْمسْتأْجر الأْجْر منْ وقْت التّمْكين ولوْ لمْ يسْتوْف الْمنْفعة. وإذا انْقضت الْمدّة منْ غيْر التّمْكين لا يسْتحقّ الْمؤجّر شيْئًا، ولوْ مضى من الْعقْد مدّةٌ قبْل التّمْكين فلا يلْزمه أجْر ما مضى قبْل التّمْكين. ومنْ حقّ الْمؤجّر حبْس الدّار لاسْتيفاء الأْجْرة الْمشْترط تعْجيلها.

ومنْ مقْتضى التّمْكين ألاّ تعود الدّار لحيازة الْمؤجّر بشرْطٍ في الْعقْد. وما دام يجوز له أنْ ينْتفع بالْمعْقود عليْه بنفْسه أوْ بغيْره فإنّه يجوز له إيجارها للْغيْر بمثْل ما اسْتأْجرها به أوْ أكْثر، منْ غيْر جنْس ما اسْتأْجر به، أوْ منْ جنْسه، وكان وضع فيها شيْئًا منْ ماله (كالْمساكن الْمفْروشة) فإنّ الزّيادة تحلّ له مع اتّحاد الْجنْس.

وهذا إذا لمْ يكنْ هناك شرْطٌ يمْنع إسْكان غيْره، على ما سبق.

كما يلْزم الْمؤجّر عمارة الدّار وإصْلاح كلّ ما يخلّ بالسّكْنى. فإنْ أبى حقّ للْمسْتأْجر فسْخ الْعقْد إلاّ إذا كان اسْتأْجرها على حالها. وهذا عنْد جمْهور الْفقهاء.

ومذْهب الْمالكيّة وقوْلٌ عنْد الْحنفيّة لا يجْبر الآْجر على إصْلاحٍ لمكْترٍ مطْلقًا، ويخيّر السّاكن بيْن السّكْنى ويلْزمه الْكراء كاملاً، والْخروج منْها. ولوْ أنْفق الْمكْتري شيْئًا في الإْصْلاح منْ غيْر إذْنٍ وتفْويضٍ من الْمؤجّر، فهو متبرّعٌ. وعنْد انْقضاء الْمدّة خيّر ربّ الدّار بيْن دفْع قيمة الإْصْلاح منْقوضًا أوْ أمْره بنقْضه إنْ أمْكن فصْله.

ولا يجوز اشْتراط صيانة الْعيْن على الْمسْتأْجر؛ لأنّه يؤدّي إلى جهالة الأْجْرة، فتفْسد الإْجارة بهذا الاشْتراط باتّفاق الْمذاهب. وإنْ سكن الْمسْتأْجر، لزمه أجْر الْمثْل، وله ما أنْفق على الْعمارة، وأجْر مثْله في الْقيام عليْها إنْ كان فعل ذلك بإذْنه، وإلاّ كان متبرّعًا .

غيْر أنّ الْمالكيّة أجازوا كراء الدّار ونحْوها مع اشْتراط الْمرمّة على الْمكْتري من الْكراء الْمسْتحقّ عليْه عنْ مدّةٍ سابقةٍ أوْ من الْكراء الْمشْترط تعْجيله. ويقْرب منْ ذلك ما قاله الشّافعيّة منْ أنّ الْمسْتأْجر في مثْل هذا يكون بمنْزلة الْوكيل.

100 - والدّار الْمسْتأْجرة تكون أمانةً في يد الْمسْتأْجر، فلا يضْمن إلاّ بالتّعدّي أو الْمخالفة. وتوابع الدّار كالْمفْتاح أمانةٌ أيْضًا. وإنْ تلف شيْءٌ ممّا يحْتاج إليْه للتّمكّن من الانْتفاع لا يضْمنه. وإذا اسْتأْجر الدّار على أنْ تتّخذ للْحدادة، فاسْتعْملها للْقصارة أوْ غيْرها ممّا لا يزيد ضرره عادةً عن الْحدادة، فانْهدم شيْءٌ من الْبناء، فلا ضمان عليْه. أمّا إن اسْتأْجرها على أنْ يتّخذها للسّكْنى، فاسْتعْملها للْحدادة أو الْقصارة، فانْهدم شيْءٌ منْها ضمن.

وقدْ صرّح بعْض الْفقهاء بأنّ السّلوك الشّخْصيّ للْمسْتأْجر لا أثر له على الْعقْد، وليْس للآْجر ولا للْجيران إخْراجه من الدّار، وإنّما يؤدّبه الْحاكم. فإنْ لمْ يكفّ أجّرها الْحاكم عليْه وأخْرجه منْها.

وتنْقضي إجارة الدّور بأحد الأْسْباب السّابق ذكْرها في مبْحث انْقضاء الإْجارة.

وقدْ بيّنّا قبْل اتّجاهات الْفقهاء في انْقضاء الإْجارة بالتّصرّف في الْعيْن الْمؤجّرة. وعلى هذا فلوْ قام الْمؤجّر بإجارة داره عنْ شهْر صفرٍ مثلاً، وكان ذلك في شهْر الْمحرّم، وكانت الدّار في يد مسْتأْجرٍ آخر في شهْر الْمحرّم، فإنّ ذلك يعْتبر فسْخًا للإْجارة الأْولى. ويظْهر أثر هذا الْفسْخ عقب انْتهاء شهْر الْمحرّم. ويرى الْبعْض أنّ ذلك إنْهاءٌ للْعقْد وليْس فسْخًا.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  السادس  ، الصفحة /  153

أ - انْتفاء الْغرر والْجهالة:

22 - يشْترط بصفةٍ عامّةٍ في الْمحلّ الّذي يتعلّق به الالْتزام انْتفاء الْغرر، والْغرر ينْتفي عن الشّيْء - كما يقول ابْن رشْدٍ - بأنْ يكون معْلوم الْوجود، معْلوم الصّفة، معْلوم الْقدْر، ومقْدورًا على تسْليمه.

وانْتفاء الْغرر شرْطٌ متّفقٌ عليْه في الْجمْلة في الالْتزامات الّتي تترتّب على الْمعاوضات الْمحْضة كالْبيْع والإْجارة، مبيعًا وثمنًا ومنْفعةً وعملاً وأجْرةً .

هذا مع اسْتثْناء بعْضها بالنّسْبة لوجود محلّ الالْتزام وقْت التّصرّف كالسّلم والإْجارة والاسْتصْناع، فإنّها أجيزت اسْتحْسانًا مع عدم وجود الْمسْلم فيه والْمنْفعة والْعمل، وذلك للْحاجة.

ويراعى كذلك الْخلاف في بيْع الثّمر قبْل بدوّ صلاحه.

وإذا كان شرْط انْتفاء الْغرر متّفقًا عليْه في الْمعاوضات الْمحْضة، فإنّ الأْمْر يخْتلف بالنّسْبة لغيْرها منْ تبرّعاتٍ كالْهبة بلا عوضٍ والإْعارة، وتوْثيقاتٍ كالرّهْن والْكفالة وغيْرها.

فمن الْفقهاء منْ يجيز الالْتزام بالْمجْهول وبالْمعْدوم وبغيْر الْمقْدور على تسْليمه، ومنْهمْ منْ لا يجيز ذلك. وأكْثرهمْ تمسّكًا بذلك الْحنفيّة والشّافعيّة.

23 - ومن الْعسير في هذا الْمقام تتبّع كلّ التّصرّفات لمعْرفة مدى انْطباق شرْط انْتفاء الْغرر على كلّ تصرّفٍ.

ولذلك سنكْتفي ببعْض نصوص الْمذاهب الّتي تلْقي ضوْءًا على ذلك، على أنْ يرْجع في التّفْصيلات إلى مواضعها:

(1في الْفروق للْقرافيّ: الْفرْق الرّابع والْعشْرون بيْن قاعدة: ما تؤثّر فيه الْجهالات والْغرر، وقاعدة: ما لا يؤثّر فيه ذلك من التّصرّفات.

وردت الأْحاديث الصّحيحة في « نهْيه صلى الله عليه وسلم عنْ بيْع الْغرر وعنْ بيْع الْمجْهول ». واخْتلف الْعلماء بعْد ذلك، فمنْهمْ منْ عمّمه في التّصرّفات، وهو الشّافعيّ، فمنع من الْجهالة في الْهبة والصّدقة والإْبْراء والْخلْع والصّلْح وغيْر ذلك.

ومنْهمْ منْ فصّل - وهو مالكٌ - بيْن قاعدة ما يجْتنب فيه الْغرر والْجهالة، وهو باب الْمماكسات والتّصرّفات الْموجبة لتنْمية الأْمْوال وما يقْصد به تحْصيلها، وقاعدة ما لا يجْتنب فيه الْغرر والْجهالة، وهو ما لا يقْصد لذلك، وانْقسمت التّصرّفات عنْده ثلاثة أقْسامٍ: طرفان وواسطةٌ.

24 - فالطّرفان: أحدهما معاوضةٌ صرْفةٌ، فيجْتنب فيها ذلك إلاّ ما دعت الضّرورة إليْه عادةً.

وثانيهما ما هو إحْسانٌ صرْفٌ لا يقْصد به تنْمية الْمال، كالصّدقة والْهبة والإْبْراء، فإنّ هذه التّصرّفات لا يقْصد بها تنْمية الْمال، بلْ إنْ فاتتْ على منْ أحْسن إليْه بها لا ضرر عليْه، فإنْ لمْ يبْذلْ شيْئًا بخلاف الْقسْم الأْوّل إذا فات بالْغرر والْجهالات ضاع الْمال الْمبْذول في مقابلته، فاقْتضتْ حكْمة الشّرْع منْع الْجهالات فيه. أمّا الإْحْسان الصّرْف فلا ضرر فيه، فاقْتضتْ حكْمة الشّرْع وحثّه على الإْحْسان التّوْسعة فيه بكلّ طريقٍ، بالْمعْلوم والْمجْهول، فإنّ ذلك أيْسر لكثْرة وقوعه قطْعًا، وفي الْمنْع منْ ذلك وسيلةٌ إلى تقْليله، فإذا وهب له عبْده الآْبق جاز أنْ يجده، فيحْصل له ما ينْتفع به ولا ضرر عليْه إنْ لمْ يجدْه، لأنّه لمْ يبْذلْ شيْئًا.

وهذا فقْهٌ جميلٌ. ثمّ إنّ الأْحاديث لمْ يردْ فيها ما يعمّ هذه الأْقْسام حتّى نقول: يلْزم منْه مخالفة نصوص الشّرْع، بلْ إنّما وردتْ في الْبيْع ونحْوه.

25 - وأمّا الْواسطة بيْن الطّرفيْن فهو النّكاح، فهو منْ جهة أنّ الْمال فيه ليْس مقْصودًا - وإنّما مقْصده الْمودّة والأْلْفة والسّكون - يقْتضي أنْ يجوز فيه الْجهالة والْغرر  مطْلقًا، ومنْ جهة أنّ صاحب الشّرْع اشْترط فيه الْمال بقوْله تعالى: أنْ تبْتغوا بأمْوالكمْ )  يقْتضي امْتناع الْغرر والْجهالة فيه. فلوجود الشّبهيْن توسّط مالكٌ فجوّز فيه الْغرر الْقليل دون الْكثير، نحْو عبْدٍ منْ غيْر تعْيينٍ وشورة بيْتٍ (وهي الْجهاز)، ولا يجوز على الْعبْد الآْبق والْبعير الشّارد، لأنّ الأْوّل يرْجع فيه إلى الْوسط الْمتعارف، والثّاني ليْس له ضابطٌ فامْتنع، وألْحق الْخلْع بأحد الطّرفيْن الأْوّليْن الّذي يجوز فيه الْغرر مطْلقًا، لأنّ الْعصْمة وإطْلاقها ليْس منْ باب ما يقْصد للْمعاوضة، بلْ شأْن الطّلاق أنْ يكون بغيْر شيْءٍ فهو كالْهبة. فهذا هو الْفرْق، والْفقْه مع مالكٍ رحمه الله .

وفي الْفروق كذلك: اتّفق مالكٌ وأبو حنيفة على جواز التّعْليق في الطّلاق والْعتاق قبْل النّكاح وقبْل الْملْك، فيقول للأْجْنبيّة: إنْ تزوّجْتك فأنْت طالقٌ، وللْعبْد: إن اشْتريْتك فأنْت حرٌّ، فيلْزمه الطّلاق والْعتاق إذا تزوّج واشْترى خلافًا للشّافعيّ، ووافقْنا الشّافعيّ على جواز التّصرّف بالنّذْر قبْل الْملْك، فيقول: إنْ ملكْت دينارًا فهو صدقةٌ.

وجميع ما يمْكن أنْ يتصدّق به الْمسْلم في الذّمّة في باب الْمعاملات. ودليل ذلك.

أوّلاً: الْقياس على النّذْر في غيْر الْممْلوك بجامع الالْتزام بالْمعْدوم.

وثانيًا: قال اللّه تعالى: أوْفوا بالْعقود   والطّلاق والْعتاق عقْدان عقدهما على نفْسه فيجب الْوفاء بهما.

وثالثًا: قوْله: « صلى الله عليه وسلم الْمسْلمون على شروطهمْ »  وهذان شرْطان فوجب الْوقوف معهما .

26 - (2في الْمنْثور للزّرْكشيّ: منْ حكْم الْعقود اللاّزمة أنْ يكون الْمعْقود عليْه معْلومًا مقْدورًا على تسْليمه في الْحال، والْجائز قدْ لا يكون كذلك، كالْجعالة تعْقد على ردّ الآْبق.

ثمّ قال: حيْث اعْتبر الْعوض في عقْدٍ من الطّرفيْن أوْ منْ أحدهما فشرْطه أنْ يكون معْلومًا، كثمن الْمبيع وعوض الأْجْرة، إلاّ في الصّداق وعوض الْخلْع، فإنّ الْجهالة فيه لا تبْطله، لأنّ له مرادًا (بدلاً) معْلومًا وهو مهْر الْمثْل، وقدْ يكون الْعوض في حكْم الْمجْهول، كالْعوض في الْمضاربة والْمساقاة .

(3) في إعْلام الْموقّعين بعْد أنْ قرّر ابْن الْقيّم أنّ الْعلّة في بطْلان بيْع الْمعْدوم هي الْغرر قال: وكذلك سائر عقود الْمعاوضات بخلاف الْوصيّة فإنّها تبرّعٌ محْضٌ، فلا غرر في تعلّقها بالْموْجود والْمعْدوم، وما يقْدر على تسْليمه وما لا يقْدر، وطرْده (مثاله): الْهبة، إذْ لا محْذور في ذلك فيها، وقدْ صحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم هبة الْمشاع الْمجْهول في قوْله لصاحب كبّة الشّعْر حين أخذها من الْمغْنم، وسأله أنْ يهبها له فقال: « أمّا ما كان لي ولبني عبْد الْمطّلب فهو لك »  

27 - (4في الْقواعد لابْن رجبٍ  في إضافة الإْنْشاءات والإْخْبارات إلى الْمبْهمات قال: أمّا الإْنْشاءات فمنْها الْعقود، وهي أنْواعٌ:

أحدها: عقود التّمْليكات الْمحْضة كالْبيْع والصّلْح بمعْناه (أيْ على بدلٍ)، وعقود التّوْثيقات كالرّهْن والْكفالة، والتّبرّعات اللاّزمة بالْعقْد أوْ بالْقبْض بعدةٍ كالْهبة والصّدقة، فلا يصحّ في مبْهمٍ منْ أعْيانٍ متفاوتةٍ، كعبْدٍ منْ عبيدٍ، وشاةٍ منْ قطيعٍ، وكفالة أحد هذيْن الرّجليْن، وضمان أحد هذيْن الدّيْنيْن. وفي الْكفالة احْتمالٌ، لأنّه تبرّعٌ، فهو كالإْعارة والإْباحة، ويصحّ في مبْهمٍ منْ أعْيانٍ متساويةٍ مخْتلطةٍ، كقفيزٍ منْ صبْرةٍ، فإنْ كانتْ متميّزةً متفرّقةً ففيه احْتمالان ذكرهما في التّلْخيص، وظاهر كلام الْقاضي الصّحّة.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثامن والعشرون ، الصفحة / 254

ضَمَانُ الإْجَارَةِ:

60 - إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ: تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ ضَرْبَانِ:

أ - فَقَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ بِمُجَرَّدِهَا هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَتَتَحَدَّدُ بِالْمُدَّةِ، كَإِجَارَةِ الدُّورِ لِلسُّكْنَى، وَالْحَوَانِيتِ لِلتِّجَارَةِ، وَالسَّيَّارَاتِ لِلنَّقْلِ، وَالأْوَانِي لِلاِسْتِعْمَالِ.

ب - وَقَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا عَمَلاً مَعْلُومًا يُؤَدِّيهِ الْعَامِلُ، كَبِنَاءِ الدَّارِ، وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَإِصْلاَحِ الأْجْهِزَةِ الآْلِيَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

ج - فَإِذَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ مُجَرَّدُ السُّكْنَى أَوِ الرُّكُوبِ، أَوْ نَحْوِهِمَا، يُفَرَّقُ فِي الضَّمَانِ، بَيْنَ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ، وَبَيْنَ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا:

أ - فَتُعْتَبَرُ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ، وَالسَّيَّارَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ - مَثَلاً - أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، حَتَّى لَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ، أَوْ عَطِبَتِ السَّيَّارَةُ، وَهِيَ فِي يَدِهِ، بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلاَ تَقْصِيرٍ، لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأِنَّ  قَبْضَ الإْجَارَةِ - كَمَا يَقُولُ الْكَاسَانِيُّ - قَبْضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَلاَ يَكُونُ مَضْمُونًا، كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الإْجَارَةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً .

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ يَدُ أَمَانَةٍ كَذَلِكَ، بَعْدَ انْتِهَاءِ عَقْدِ الإْجَارَةِ، إِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا، فِي الأْصَحِّ ، اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، كَالْمُودَعِ، وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ: يَدُ ضَمَانٍ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: فَإِنْ تَلِفَتْ عَقِبَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ إِعْلاَمِهِ، فَلاَ ضَمَانَ جَزْمًا، أَمَّا إِذَا اسْتَعْمَلَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا قَطْعًا .

فَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ، فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ، لأِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَفِي فَسَادِ الإْجَارَةِ فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الأْمِينِ بَاطِلٌ .

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: «مَا لاَ يَجِبُ ضَمَانُهُ، لاَ يُصَيِّرُهُ الشَّرْطُ مَضْمُونًا، وَمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ، لاَ يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِ نَفْيِهِ».

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ، وَوُجُوبِهِ بِشَرْطِهِ  اسْتَدَلاَّ بِحَدِيثِ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» .

ب - أَمَّا الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ: السُّكْنَى أَوِ الرُّكُوبُ، فَهِيَ مَضْمُونَةٌ، بِضَمَانِ بَدَلِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، بِمُجَرَّدِ تَمَكُّنِهِ مِنِ اسْتِيفَائِهَا، إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ صَحِيحَةً، بِلاَ خِلاَفٍ، سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَمْ لَمْ يَنْتَفِعْ، وَهَذَا مَا نَصَّتْ عَلَيْهِ الْمَادَّةُ (470) مِنَ الْمَجَلَّةِ، وَفِيهَا: تَلْزَمُ الأْجْرَةُ فِي الإْجَارَةِ الصَّحِيحَةِ - أَيْضًا - بِالاِقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، مَثَلاً: لَوِ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ، فَبَعْدَ قَبْضِهَا يَلْزَمُهُ إِعْطَاءُ الأْجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا.

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ فَاسِدَةً فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الضَّمَانِ الْوَاجِبِ فِيهَا:

فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ - أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ رَجَبٍ - أَنَّهَا كَالصَّحِيحَةِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ فِي الضَّمَانِ أَجْرُ الْمِثْلِ، بَالِغًا مَا بَلَغَ، لأِنَّ  الْمَنَافِعَ مُتَقَوَّمَةٌ، فَتَجِبُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالإْجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، فَتُعْتَبَرُ بِبَيْعِ الأْعْيَانِ، وَفِي بَيْعِ الأْعْيَانِ إِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، فَكَذَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ .

وَالْحَنَفِيَّةُ عَدَا زُفَرَ، وَهُوَ الرَّاوِيَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ، يَرَوْنَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ:

فَفِي الصَّحِيحَةِ: يَضْمَنُ الأْجْرَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا، مَهْمَا بَلَغَتْ.

أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ، فَضَمَانُ الأْجْرَةِ مَنُوطٌ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلاَ تَجِبُ الأْجْرَةُ إِلاَّ بِالاِنْتِفَاعِ، وَيَقُولُ ابْنُ رَجَبٍ فِي تَوْجِيهِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَلَعَلَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لاَ تُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ، إِلاَّ بِالاِنْتِفَاعِ، وَهُوَ الأْشْبَهُ .

61 - أَمَّا إِذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا هِيَ إِنْجَازُ عَمَلٍ مِنَ الأْعْمَالِ، كَالْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ الضَّمَانَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ صِفَةِ الْعَامِلِ، وَهُوَ الأْجِيرُ  فِي اصْطِلاَحِهِمْ لأِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا خَاصًّا، أَوْ مُشْتَرَكًا أَيْ عَامًّا.

وَالأْجِيرُ  الْخَاصُّ هُوَ الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ يَعْمَلُ لِوَاحِدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَيَسْتَحِقُّ الأْجْرَ  بِالْوَقْتِ دُونَ الْعَمَلِ.

وَالأْجِيرُ  الْمُشْتَرَكُ، هُوَ الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَلاَ يَسْتَحِقُّ الأْجْرَ  حَتَّى يَعْمَلَ، وَالضَّابِطُ: أَنَّ: كُلَّ مَنْ يَنْتَهِي عَمَلُهُ بِانْتِهَاءِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ أَجِيرٌ وَاحِدٌ (أَيْ خَاصٌّ) وَكُلُّ مَنْ لاَ يَنْتَهِي عَمَلُهُ بِانْتِهَاءِ مُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ، فَهُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ .

وَفِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِجَارَة).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

(مادة 479)

تجب الأجرة في الإجارة الصحيحة بتسليم العين المؤجرة للمستأجر واستيفائه المنفعة فعلاً أو بتمكنه من استيفائها بتسليمها له ولو لم يستوفها.

فإن قبض المستأجر الدار المؤجرة فارغة عن متاع المؤجر لزمه أجرته ولو لم يسكنها.

(مادة 480)

لا تملك منافع الأعيان في الإجارة الفاسدة بمجرد قبضها فلا تجب الأجرة بها على المستأجر إلا إذا سلمت له العين المؤجرة من جهة المؤجر المالك لها وانتفع بها انتفاعاً حقيقياً.

فإن لم يكن تسليمها للمستأجر من جهة مالكها فلا أجرة عليه وإن استوفى المنفعة.

(مادة 481)

إذا وقت الإجارة فاسدة باعتبار جهالة الأجر المسمى أو باعتبار عدم التسمية وقبض المستأجر العين المؤجرة وانتفع بها انتفاعاً حقيقياً لزمه أجر المثل بالغاً ما بلغ.

وإن وقعت فاسدة بفقدان شرط آخر من شرائط الصحة لزمه الأقل من أجر المثل ومن المسمى إن وجد مسمى معلوماً.

( مادة 532 )

على المؤجر بعد قبضه الاجر المسمى المشروط تعجيله أن يسلم للمستأجر العين المؤجرة بالهيئة التي رآها عليها وقت العقد فان كانت قد تغيرت بفعله أو فعل غيره تغيارا يخل بالسكنى فالمستأجرمخير ان شاء قبلها وانشاء فسخ الإجارة.