loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع، الصفحة : 488

مذكرة المشروع التمهيدي :

جزاء الإخلال بالتزام التسليم يرجع فيه إلى القواعد العامة، فيجوز للمستأجر أن يطلب التنفيذ أو الفسخ، وله أن ينقصن الأجرة في كل حال بالقدر الذي لم يستوف به منفعة العين المؤجرة.

فإذا كان الإخلال بالالتزام يرجع إلى أن العين سلمت في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أوجرت من أجله، أو نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، فإن المستأجر يكون بالخيار بين الفسخ أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع، مع التعويض في الحالتين إذا كان له محل، كما إذا كان بالعين المؤجرة عيب يعرض صحة المستأجر ومن معه (كأفراد أسرته وعماله ومستخدميه ) لخطر جسيم، وأصابه من ذلك ضرر بالفعل، و ثبت خطأ في جانب المؤجر، فإن المستأجر يستحق التعويض طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية. وفي هذا المثل الأخير يجوز للمستأجر أيضاً أن يطلب فسخ العقد، حتى لو كان قد تنازل عن هذا الحق مقدماً، لأن الأمر يتعلق بالنظام العام ( انظر تقنين الالتزامات السويسري م 254 فقرة 2، وعنه أخذت المادة 763 من المشروع ).

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 763 من المشروع، فأقرتها اللجنة مع حذف عبارة العيوب الموجودة في وأصبح نصها - تحت رقم 594 في المشروع النهائي - ما يأتي :

1- إذا سلمت العين المؤجرة في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله أو نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع مع التعويض في الحالتين إذا كان لذلك مقتض.

2 - فإذا كانت العين المؤجرة في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم، جاز المستأجر أن يطلب فسخ العقد، حتى لو كان قد سبق له أن تنازل عن هذا الحق.

وقدمت بعد استبدال عبارة «أو إذا نقص» بعبارة «أو نقص» في الفقرة الأولى واستبدال كلمة « ولو»، بعبارة «حتى لو» في الفقرة الثانية.

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على هذه المادة - تحت رقم 594 - مع إبدال كلمة «تنازل»

في الفقرة الثانية بكلمة «نزل».

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة كما أقرها مجلس النواب، وأصبح رقمها 565 .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة دون تعديل.

الأحكام

1- النص فى المادتين 565 / 1 , 569 / 2 من القانون المدنى على حق المستأجر فى إنقاص الأجرة أو فسخ عقد الايجار إذا ما نقص انتفاعه بالعين المؤجرة نتيجة التعرض الحاصل له من المؤجر أو فى حالة الهلاك الجزئى ، بيد أن ذلك لا يحول من أن يطلب المستأجر إعادة الحال إلى ما كانت عليه إذا ما أصبح ذلك ممكناً ، إلا إذا أصبح تنفيذ التزام الدين عيناً مرهقاً له إذ يجوز فى هذه الحالة أن يقتصر على دفع تعويض نقدى إذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً تطبيقا لأحكام المادة 203 من القانون المدنى.

(الطعن رقم 1845 لسنة 55 جلسة 1993/06/10 س 44 ع 2 ص 599 ق 234)

2- النص فى المادة 564 من القانون المدنى على أن " يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة و ملحقاتها فى حالة تصلح معها لأن تفى بما أعدت له من المنفعة وفقاً لما تم عليه الإتفاق أو لطبيعة العين " ، وفى المادة 566 منه على أنه " يسرى على الإلتزام بتسليم العين ما يسرى على الإلتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام ... " وفى المادة 435 من هذا القانون على أن " يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والإنتفاع به دون عائق ولو لم يستولى عليه إستيلاء مادياً ما دام البائع قد أعلمه بذلك و يحصل هذا التسليم على النحو الذى يتفق مع طبيعة الشى المبيع " يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن تسليم العين المؤجرة يحصل بوضعها تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والإنتفاع بها دون عائق ، ولا يكفى مجرد تخلى المؤجر عن العين المؤجرة والإذن للمستأجر بالإنتفاع بها إذا وجد عائق يحول دونه إذ لا يتم التسليم فى هذه الحالة إلا بإزالة العائق يستوى أن يكون وليد تعرض مادى أونتيجة تعرض قانونى ناشئاً عن فعل المؤجر أو أحد أتباعه أم راجعاً إلى فعل الغير أياً كان طالما قد وقع قبل حصول التسليم ، وينبغى فى التسليم أن يكون تسليماً للعين المؤجرة جميعها هى وملحقاتها فى الزمان والمكان الواجبين والمتفق عليهما ، فإذا إقتصر التسليم على جزء من العين أو العين دون ملحقاتها أو كان التسليم والعين فى حالة غير حسنة أو تأخر التسليم عن وقته فإن كل هذا لايعتبر تسليماً صحيحاً ولا يسوغ للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزئ به عن التسليم الصحيح ، وللمستأجر فى جميع هذه الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويض تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 566 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 551 لسنة 46 جلسة 1982/06/03 س 33 ع 2 ص 654 ق 116)

3- طلب تخفيض الأجرة مقابل النقص فى المنفعة إنما هو طلب بفسخ جزئى لعقد الإيجار فيما يتعلق بهذا النقص ، ومفاد نصالمادة 565 من القانون المدنى أن الأجرة تنقص بمقدار ما نقص من الإنتفاع سواء أكان ذلك راجعاً إلى فعل المؤجر أو إلى سبب أجنبى ، وهو حكم يتفق مع قواعد الفسخ و الإنفساخ و التى تسوى بين هاتين الحالتين فى الأثر المترتب عل نقص المنفعة .

(الطعن رقم 1129 لسنة 47 جلسة 1981/12/21 س 32 ع 2 ص 2360 ق 430)

4- فسخ عقد الإيجار إتفاقاً أو قضاء - بعد البدء فى تنفيذه - وخلافاً للقواعد العامة لا يكون له أثر رجعى ، إذ يعتبر العقد مفسوخاً من وقت الإتفاق عليه أو الحكم النهائى بفسخه ، لأن طبيعة العقود الزمنية ومنها عقد الإيجار تستعصى على هذا الأثر ويبقى عقد الإيجار بالنسبة للمدة التى إنقضت من قبل قائماً بحكم العلاقة بين الطرفين فى شأن إدعاء أى منهما قبل الآخر بعد تنفيذ إلتزاماته الناشئة عن هذا العقد خلال تلك المدة بإعتبار أحكام العقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هى وحدها التى تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أوعند الإخلال بتنفيذه فلا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى مقام العلاقة العقدية ، لأن فى ذلك إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية من عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له . لما كان ذلك و كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على أن تعديل طلبات المطعون عليه يعتبر منه تسليماً بفسخ عقد الإيجار موضوع الدعوى ورتب على ذلك إعماله قواعد المسئولية التقصيرية بدلاً من قواعد المسئولية العقدية، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 742 لسنة 46 جلسة 1981/02/10 س 32 ع 1 ص 468 ق 91)

5- تنص المادة 1/595 من القانون المدنى على أن للمستأجر أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الإنتفاع بالعين المؤجرة ، ولما كان تقدير النقص فى الإنتفاع بالعين المؤجرة الذى يحتسب على أساسه إنقاص الأجرة هو من سلطة محكمة الموضوع ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة فى حدود سلطتها الموضوعية قدرت مقابل النقص فى الإنتفاع بالمصاعد بمبلغ واحد وعشرين جنيهاً فى الشهر مستهدية فى ذلك بالحكم الصادر فى الدعوى السابقة بشأن حبس جزء من الأجرة مقابل عدم الإنتفاع بالمصاعد و بأجرة الأعيان المؤجرة عموماً ، فإن النعى على الحكم يكون فى غير محله .

(الطعن رقم 58 لسنة 39 جلسة 1975/04/08 س 26 ع 1 ص 766 ق 149)

6- دل المشرع بإفراده لكل من المسئوليتين التعاقدية و التقصيرية أحكاما مستقلة تختص بها دون الأخرى على النحو السالف الإشارة إليه ، على أنه وضع المادة 1/177 لحماية غير المتعاقدين فى حالة تهدم البناء أو جزء منه ، أما من يربطه بحارس البناء عقد إيجار فإن أحكام هذا العقد و نصوص القانون المدنى الواردة فى الفصل الأول من الباب الثانى من الكتاتب الثانى التى تنظم أحكام عقد الإيجار تكون هى وحدها الواجبة التطبيق لتحديد مسئولية المؤجر . ولا يغير من ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدنى تعليقاً على المادة 2/565 الواردة فى الكتاب الثانى ضمن أحكام عقد الإيجار من أنه ,, إذا كان بالعين المؤجرة عيب يعرض صحة المستأجر ومن معه لخطر جسيم وأصابة من ذلك ضرر بالفعل وثبت خطأ فى جانب المؤجر فإن المستأجر يستحق التعويض طبقا لقواعد المسئولية التقصيرية ، ويجوز له أيضاً أن يطلب فسخ العقد ولو كان قد تنازل عن هذا الحق مقدما لأن الأمر يتعلق بالنظام العام ،، ذلك أنه وقد خلت هذه المادة من عبارة ,, طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية ،، و ورد نصها آمرا فى تنظيم أحد إلتزامات المؤجر المترتبة على العقد فإنه لا يخرج مسئولية المؤجر - فى خصوص هذا الإلتزام - عن طبيعتها ولا يحيلها إلى مسئولية تقصيرية وذلك ما لم يثبت أن المؤجر إرتكب خطأ جسيما أو غشا أو فعلا يؤثمه القانون على النحو السالف بيانه .

(الطعن رقم 280 لسنة 34 جلسة 1968/04/16 س 19 ع 2 ص 762 ق 110)

7- إخلال المؤجر بإلتزامه بالتسليم يترتب عليه قيام حق المستأجر فى طلب فسخ العقد أو انقاص الأجرة بمقدار ما نقص من الانتفاع بالعين المؤجرة وملحقاتها . فإذا فوت المؤجر الانتفاع على المستأجر بإهماله القيام بما إلتزم به يكون من حق المستأجر قانوناً فوق طلب الفسخ و التعويض أن يدفع بعدم استحقاق المؤجر للأجرة كلها أو بعضها بالقدر الذى لم يستوف به منفعة العين المؤجرة ، فاذا كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على ما طلبه الطاعن المستأجر من إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من انتفاعه بالعين المؤجرة وقضى له بالتعويض عن الأضرار التى لحقته بسبب اخلال المؤجر بالتزامه بتسليم ماكينة الرى الملحقة بهذه العين على الوجه المتفق عليه فى العقد دون أن يفصح عما إذا كان قد راعى فى تقدير التعويض مقابل ما نقص من الانتفاع بسبب هذا الاخلال فانه يكون معيباً بالقصور .

(الطعن رقم 283 لسنة 28 جلسة 1963/06/13 س 14 ص 815 ق 115)

8- المؤجر يلتزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بأن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون إنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز له أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الإنتفاع ، فإذا أخل المؤجر بهذا الإلتزام جاز للمستأجر أن يطلب التنفيذ العيني بمنع التعرض أو فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الإنتفاع مع التعويض فى جميع الأحوال إن كان له مقتضى ويجوز للمستأجر حتى يدفع المؤجر إلى التنفيذ العيني أن يحبس الأجرة عنه إلى أن يقوم بوقف تعرضه وذلك تطبيقاً للدفع بعدم تنفيذ العقد عملاً بالمادتين 161 و246 من القانون المدني ، وهو أمر لا يحول دون أن يستعمل المستأجر حقه فى طلب إنقاص الأجرة بنسبة ما نقص من انتفاعه بالعين المؤجرة حسبما تقضي به المادتان 565/ 1 و 571/ 1 من القانون المذكور على ما سلف بيانه ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنان - المؤجران - من أن قضاء الحكم المطعون فيه بإنقاص أجرة الأعيان المؤجرة ، لحرمان المستأجر من إستعمال المصاعد فى النزول ، يخالف حجية الحكم الصادر فى الدعوى السابقة الذي اقتصر على تخويل المطعون عليه - المستأجر - الحق فى حبس جزء من أجرة شهر يوليه سنة 1954 . ولما كان ما يدعيه الطاعنان من أن وفاء المستأجر بالأجرة كاملة ، عن المدة التي تنتهي فى 31/ 12/ 1961 مؤداه أنه لا يتمسك بالحق فى الحبس أو الدفع بعدم التنفيذ ، مردود بأن هذا الوفاء هو عن مدة سابقة على المدة موضوع الدعوى ، هذا إلى أنه ليس من شأنه بفرض حصوله أن يمنع من القضاء بإنقاص الأجرة المستحقة بنسبة نقص الإنتفاع بالعين المؤجرة ، لما كان ذلك ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 58 لسنة 39 جلسة 1975/04/08 س 26 ع 1 ص 766 ق 149)

9- التسليم الصحيح للعين المؤجرة لايكون إلا بتسليم هذه العين جميعها هى وملحقاتها تسليماً يتمكن به المستأجر من الإنتفاع بالعين انتفاعاً كاملاً دون حائل ويكون ذلك فى الزمان والمكان الواجبين أو المتفق عليهما فتسليم جزء من العين أوالعين دون ملحقاتها أو تسليم العين فى حالة غير حسنة أو عدم قيام المؤجر بما تعهد به من تصليحات أو تجهيزات أو بناء يقيمه فى العين المؤجرة قبل التسليم أو مجرد التأخر فى التسليم عن وقته . كل هذا لايعد تسليماً صحيحاً و لا يمكن للمؤجر أن يجبر المستأجر على أن يجتزىء به عن التسليم الصحيح و للمستأجر فى جميع هذه الأحوال أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويضات اللازمة وفقا لحكم المادة 565 من القانون المدنى . فإذا كان الظاهر من وقائع الدعوى و مستنداتها أن المؤجر لم يقم بما تعهد به فى عقد الإيجار و إشترط فيه على نفسه ألا يستحق شيئا من الأجرة المتفق عليها إلا بعد التسليم الوافى الكامل للجراج المؤجر وكان الحكم قد قال إن الأشياء الناقصة بهذا الجراج تافهة دون أن يبين كيف تكون تافهة وهى تؤثر على الانتفاع ومنها عدم وجود أبواب ولا نوافذ ولا أدوات صحية ولا أدوات لإطفاء الحريق ولا رخصة الإدارة فإن الحكم يكون قاصر البيان قصورا يشوبه و يبطله .

(الطعن رقم 229 لسنة 23 جلسة 1957/03/21 س 8 ع 1 ص 265 ق 33)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 565 من التقنين المدني على ما يأتي :

"1- إذا سلمت العين المؤجرة في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله أو إذا نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع، مع التعويض في الحالتين إذا كان لذلك مقتض".

"2- فإذا كانت العين المؤجرة في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم، جاز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد، ولو كان قد سبق له أن نزل عن هذا الحق ".

والنص، وإن كان لا يعرض إلا لجزاء عدم القيام بالتزام التسليم من حيث الحالة التي يحب أن يسلم عليها الشيء المؤجر، إلا أنه تطبيق للقواعد العامة فيمكن إجراء أحكامه في كل حالة يخل فيها المؤجر بالتزام التسليم، سواء رجع ذلك إلى حالة الشيء المؤجر أو إلى  أي سبب آخر كالتأخر في التسليم أو الامتناع عنه وقد يرجع عدم القيام بالتزام التسليم إلى هلاك العين المؤجرة بعد العقد وقبل التسليم، فهنا أيضاً يتعذر على المؤجر القيام بالتزامه من تسليم العين.

إنقاص الأجرة : وقد يحكم على المؤجر بتسليم العين المؤجرة، ولكن المستأجر عند تسلمها يجددها في حالة لا تصلح معها لاستيفاء المنفعة المقصودة استيفاء كاملاً  فعند ذلك، إذا لم يكن موجباً لطلب فسخ العقد على الوجه الذي سنراه فيما يلي، يجوز له أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع، لأن الأجرة تقابل الانتفاع، فإذا تعذر الانتفاع سقطت الأجرة، وإذا لم يكن الانتفاع كاملاً أنقصت الأجرة بقدر نقص الانتفاع.

كذلك إذا تأخر المؤجر في تسليم العين عن الوقت المحدد، فإن الأجرة تسقط عن المستأجر في مدة التأخير كما سبق القول .

فسخ العقد : وإذا اختار المستأجر فسخ العقد فله أن يطلب ذلك، ما دام المؤجر لم يقم بتسليم العين له تسليماً صحيحاً، حتى لو كان ذلك مجرد تأخر عن التسليم ولا عبرة بما إذا كان عدم قيام المؤجر بالتزامه من التسليم راجعاً إلى فعل المؤجر نفسه أو إلى سبب أجنبي، ففي جميع الأحوال، يجوز للمستأجر أن يطلب فسخ العقد. .

ولكن إذا طلب المستأجر فسخ العقد، فليست المحكمة مجبرة حتماً أن تجيبه إلى طلبه، فلها أن تقضي بالفسخ، ولها أن تمهل المجر حتى يقوم بالتزامه، وذلك كله ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة.

على أن هناك سبباً للفسخ ذكرته المادة 565 مدني صراحة، إذا قام تعين على المحكمة أن تجيب المستأجر إلى طلبه و تقضي بفسخ الإيجار وهذا السبب هو أن تكون العين المؤجرة في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم، كأن تكون العين داراً آيلة للسقوط، أو أن تحتوي على مكروبات مرض معد، أو نحو ذلك فإذا قام هذا السبب وطلب المستأجر الفسخ، لم تملك المحكمة إلا أن تقضي له بما طلب، حتى ل كان سبق للمستأجر أن نزل عن هذا الحق وإذا تسلم المستأجر العين في هذه الحالة وأصابه الضرر منها، وثبت تقصير في جانب المؤجر، جاز للمستأجر فوق الفسخ أن يطلب تعويضاً عما أصابه من الضرر وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي :  "فإذا كان الإخلال بالالتزام يرجع إلى أن العين سلمت في حالة لا تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله، أو نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، فإن المستأجر يكون بالخيار بين الفسخ أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع، مع التعويض في الحالتين إذا كان له محل، كما إذا كان بالعين المؤجرة عيب يعرض صحة المستأجر ومن معه ( كأفراد أسرته وعماله ومستخدميه ) لخطر جسيم، وأصابه من ذلك ضرر بالفعل، وثبت خطأ في جانب المؤجر، فإن المستأجر يستحق التعويض طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية . وفي هذا المثل الأخير يجوز للمستأجر أيضاً أن يطلب فسخ العقد، حتى لو كان قد تنازل عن هذا الحق مقدماً، لأن الأمر يتعلق بالنظام العام : انظر تقنين الالتزامات السويسري م 2/254 ومنه أخذ المادة 763 من المشروع ".(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس، الصفحة/ 321)

ومفاد ذلك أنه إذا لم يقم المؤجر بتسليم العين وملحقاتها وفي المكان والزمان المحددين كان للمستأجر أن يطلب التنفيذ عيناً أو انقاص الأجرة أو الفسخ وله في جميع الحالات طلب التعويض ويشترط في طلب التنفيذ العينى أن يكون ممكناً وألا يحول دونه حق للغير، و للمستأجر أن يطلبه من قاضي الأمور المستعجلة إذا كان هناك وجه للاستعجال. فإذا سلمت العين بحالة لا تفي بالغرض منها كاملاً فللمستأجر أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع إذ الأجرة مقابل الانتفاع وله أن يحبس من الأجرة المقدار المقابل لما نقص من الانتفاع بالعين، كما يكون له فسخ العقد سواء كان عدم قيام المؤجر بالتزامه راجعاً إلى فعله أو لسبب أجنبي، وللمحكمة أن تقضى بالفسخ أو تمهل المؤجر حتى ينفذ التزامه، أما إذا كان طلب الفسخ يرجع إلى الخشية من حالة العين التزمت المحكمة بالقضاء بالفسخ وفي جميع الحالات السابقة للمستأجر أن يطالب بتعويض عما أصابه من ضرر بشرط أعذار المؤجر بانذاره إنذاراً رسمياً أو بما يقوم مقامه م 219 ولا ضرورة للأعذار في حالة التأخير في التسليم إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن .

فإذا أجرت العين مفروشة من المالك أو بالجدك، فإن الأجرة المتفق عليها تكون دائماً مناسبة مع المنقولات الموجودة بالعين، إذ للمالك أن يؤجر المكان خالياً أو مفروشاً بالأجرة التي يقدرها، وطالما قبلها المستأجر فإنه يكون قد إرتضاها وأن المتعاقدين راعياً في ذلك المنقولات الموجودة، وهو ما يحول دون المستأجر والاستناد إلى المادة 565 من القانون المدني لطلب إنقاص الأجرة لعدم كفاية المنقولات للغرض الذي أجرت من أجله أو طلب الفسخ.

لكن إذا كانت العين لا تصلح للانتفاع بها بالحالة التي سلمت عليها، لعدم وجود مرافق بها أو لحاجتها إلى إصلاحات ضرورية، فإنه يجوز للمستأجر أن يطلب انقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع أو طلب الفسخ و التعويض في الحالتين إن كان له مقتض، كما يجوز له حبس الأجرة والدفع بعدم التنفيذ.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع     الصفحة/   608)

 يتخذ عدم وفاء المؤجر بالتزامه بتسليم العين وملحقاتها صالحة صوراً شتى منها:

1- عدم تسليم العين المؤجرة أو عدم تسليم جزء منها أصلاً.

2- عدم تسليم ملحقات العين المؤجرة أصلاً.

3- تسليم العين المؤجرة أو جزء منها أو أحد ملحقاتها في حالة لا تكون معها الصالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله.

4- تسليم العين المؤجرة أو جزء منها بحالة تؤدي إلى نقص الانتفاع الذي أجرت من أجله نقصاً كبيراً.

5- تسليم العين في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم.

6- تأخر المؤجر في تسليم العين أو تسليمها في غير المكان المحدد.

7- عدم قيام المؤجر بما تعهد به من تصليحات أو تجهيزات أو بناء يقيمه في العين المؤجرة قبل التسليم. 

نصت المادة على جزاء إخلال المؤجر بتسليم العين المؤجرة وملحقاتها بحالة تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله. وهذا الجزاء يتمثل في طلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع مع التعويض في الحالتين إذا كان لذلك مقتض. وهذا الجزاء يتفق مع القواعد العامة.

ولذلك يكون للمستأجر أيضاً طلب التنفيذ العينى طبقاً لهذه القواعد.

(أ) التنفيذ العيني:

إذا لم يف المؤجر بالتزامه بتسليم العين المؤجرة بحالة صالحة، فللمستأجر أن يطالب المؤجر بالتنفيذ العيني ويكون ذلك بإجبار المؤجر على التسليم بحكم من القضاء متى كان ذلك ممكناً (م 203 / 1 مدنی)، فإذا كان التسليم غير ممكن، كما لو كانت العين المؤجرة مملوكة لغير المؤجر أو مشغولة بمستأجر آخر يفضل عقده على عقد المستأجر الذي يطالب بالتنفيذ العيني، فإن حق المستأجر يقتصر على مطالبة المؤجر بالتعويض وإذا كان التسليم غير ممكن إلا إذا قام به المؤجر نفسه كما لو كان الشيء المؤجر منقولاً لا يعلم مكانه سواه، جاز للمستأجر طلب الحكم عليه بغرامة تهديدية لجبره على التسليم (م 213/ 1 مدنی). وإذا كان إخلال المؤجر بالتزامه، يتمثل في وضعه الشيء المؤجر تحت تصرف المستأجر في غير المكان الواجب تسليمه فيه، كان للمستأجر أن يطالب ينقله إلى المكان المتفق عليه في العقد أو المعين في القانون لتسليم الشيء فيه .

غير أنه لا يجوز للقاضي الحكم بالتنفيذ العيني إذا كان فيه إرهاق للمدين، وكان التنفيذ عن طريق التعويض لا يلحق بالمستأجر ضرراً جسيماً (م 203/ 2 مدنی)، كما لو أصاب المصعد عطل يقتضي تغييره، وكان ذلك يكلف نفقات باهظة لا تتناسب مع قيمة العين المؤجرة وغلتها، وكان الطابق الذي يشغله المستأجر من الارتفاع بحيث يمكن الوصول إليه بغير مصعد دون إرهاق، ويقتصر حق المستأجر – في هذه الحالة - على المطالبة بتعويض يغلب أن يتمثل في نقص الأجرة بما يقابل الانتفاع بالمصعد.

ويجب أن يبين الحكم مدى الإرهاق الذي يصيب المؤجر عند قيامه بالتسليم ويقارنه بالضرر الذي يلحق المستأجر من عدم التسليم.

(ب) إنقاص الأجرة:

إذا لم يطلب المستأجر التنفيذ العيني ولم يختر فسخ العقد، بل فضل أن ينتفع بالشيء المؤجر على الحالة التي سلم له عليها، جاز له أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من منفعة الشيء المؤجر، لأن الأجرة تقابل الانتفاع، فإذا تعذر الانتفاع سقطت الأجرة، وإذا لم يمكن الانتفاع كاملاً أنقصت الأجرة بقدر نقص الانتفاع، كذلك إذا قبل المستأجر تسلم الشيء المؤجر بعد الموعد المحدد لتسليمه فإنه لا يلتزم بالأجرة إلا من وقت تسلمه فعلاً ولا تجب عليه أجرة المدة السابقة.

(ج) فسخ العقد:

إذا لم يقم المؤجر بتسليم المستأجر العين المؤجرة في حالة تكون فيها صالحة للانتفاع الذي أجرت من أجله، أو تأخر في تسليمها، جاز للمستأجر بدلاً من طلب التنفيذ العينى - أن يطلب فسخ عقد الإيجار، ولو كان سبب عدم التعليم أو التأخر فيه راجعاً إلى سبب أجنبي عن المؤجر (م 157 مدنی).

غير أن القاضي ليس ملزماً بإجابة طلب الفسخ ولو تحقق له عدم وفاء المؤجر بالتزامه كاملاً، وذلك إذا كان ما لم يوف به قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته، فللقاضي أن يرفض الفسخ إذا كان تأخر المؤجر في التسليم تأخيراً طفيفاً لم يفوت على المستأجر المنفعة التي قصدها بالاستئجار.

وإذا كان إخلال المؤجر بالتزامه يرجع إلى حاجة العين إلى بعض الإصلاحات، أو لأن المكان الذي سلم فيه الشيء المؤجر غير المكان الواجب تسليمه فيه، وكانت هذه الإصلاحات بسيطة لا يؤثر عدم إجراؤها على الانتفاع بالعين، أو كان المكان المسلم فيه الشيء المؤجر لا يبعد كثيراً عن المكان المتفق على تسليمه فيه، فإنه في هاتين الحالتين يكون ما لم يوف به المؤجر قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته، فيكون القاضي الحق في رفض طلب الفسخ.

أما إذا تأخر المؤجر في التسليم تأخيراً كبيراً بحيث فوت على المستأجر المنفعة التي قصدها بالعقد، كما إذا استأجر شخص منزلاً على الشاطئ لقضاء فصل الصيف، ولم يسلمه له المؤجر إلا بعد انقضاء هذا الفصل، ففي هذه الحالة يكون القاضي أن يحكم بالفسخ ولو كان سبب التأخير لا يرجع إلى خطأ في المؤجر.

كذلك إذا سلمت العين المؤجرة بحالة لا تصلح معها للانتفاع الذي أجرت من أجله أو إذا نقص هذا الانتفاع نقصاً كبيراً، كان القاضي أن يحكم بالفسخ.

غير أنه يستثنى من ذلك الحالة التي يكون سبب الفسخ فيها هو كون العين المؤجرة في حالة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم، كأن تكون العين داراً آيلة للسقوط، أو تحتوي على ميكروبات مرض معد، أو نحو ذلك. إذ يتعين على القاضي الحكم بالفسخ إذا تحقق له حصول سببه دون أن تكون له سلطة تقديرية في ذلك.

نص المادة 565 مدني التي تجيز للمستأجر طلب الفسخ يعتبر مقرراً لإرادة الطرفين، فيجوز اتفاقهما على ما يخالفه، بأن يشترط المؤجر عدم جواز الفسخ إذا وقع منه إخلال معين، وفي هذه الحالة يمتنع الفسخ بحكم الاتفاق.

غير أنه يستثنى من ذلك الحالة التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة وهي حالة ما إذا كانت العين المؤجرة في حالة من شأنها أن تعرض المستأجر أو من يعيشون معه أو مستخدميه أو عماله لخطر جسيم، فقد أجازت الفقرة المذكورة للمستأجر أن يطلب فسخ العقد ولو كان قد سبق أن نزل عن هذا الحق، لأن تعريض صحة الأشخاص للخطر أمر يتعلق بالنظام العام.

سواء طلب المستأجر تنفيذ العقد أو فسخه فإنه يجوز له أن يطلب فوق ذلك تعويضاً عما أصابه من ضرر بسبب إخلال المؤجر بالتزامه بالتسليم (م 1/157 مدنى).

ويلتزم المؤجر بالتعويض بمجرد عدم حصول التسليم وثبوت إخلاله بالتزامه، دون حاجة إلى إثبات خطأ في جانبه، فالتزامه بالتسليم التزام محدد أو بنتيجة يثبت الإخلال به بمجرد عدم تحقق هذه النتيجة، ومن ثم يلتزم المؤجر بالتعويض إلا إذا أثبت أن عدم وفائه بالتزامه يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه، كهلاك الشيء بقوة قاهرة أو انقطاع المواصلات بسبب حرب أو فيضان، ففي هذه الحالة لا يلتزم بأي تعويض.

ويشمل التعويض المستحق للمستأجر كل ما لحقه من أضرار بسبب عدم وفاء المؤجر بالتزامه بالتسليم، فإذا تأخر المؤجر في تسليم العين المؤجرة بغرض السكنى، أو في إجراء الإصلاحات اللازمة لتحقيق الانتفاع بها، فلجأ المستأجر إلى استئجار مسكن آخر أو فندق، استحق المستأجر الفرق بين الأجرة التي دفعها والأجرة المتفق عليها.

إذا هلكت العين بسبب أجنبي عن المؤجر قبل التسليم، كما إذا هلكت العين بقوة قاهرة انقضى التزام المؤجر بالتسليم وبرئت ذمته وترتب على ذلك انفساخ العقد وسقوط التزام المستأجر بالأجرة ولم يكن لأي من الطرفين الرجوع على الآخر بتعويض.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  السابع، الصفحة/ 360)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م  الجزء /  الأول ، الصفحة / 283

إجارة الدّور والْمباني

بم تعيّن الْمنْفعة فيها؟

92 - لا يعْلم خلافٌ بيْن فقهاء الْمذاهب في ضرورة تعْيين الدّار الْمسْتأْجرة، وأنّه إذا تغيّرتْ هيْئتها الأْولى الّتي رآها عليْها بما يضرّ بالسّكن يثْبت له خيار الْعيْب. وإذا كان اسْتأْجر دارًا قدْ تعيّنتْ بالْوصْف، ولمْ يرها قبْل الْعقْد ولا وقْته، ثبت له حقّ خيار الرّؤْية عنْد منْ يقولون به.

ولا يعْلم خلافٌ أيْضًا في أنّ إجارة الدّور ممّا لا تخْتلف في الاسْتعْمال عادةً، فيصحّ اسْتئْجار الدّار أو الْحانوت مع عدم بيان ما يسْتأْجرها له؛ لأنّ الدّور إنّما تكون للسّكن عادةً، والْحانوت للتّجارة أو الصّناعة. ويرْجع إلى الْعرْف أيْضًا في كيْفيّة الاسْتعْمال، والتّفاوت في السّكن يسيرٌ فلمْ يحْتجْ إلى ضبْطه.

93 - إذا شرط الْمؤجّر على الْمسْتأْجر ألاّ يسْكن غيْره معه، فالْحنفيّة يروْن أنّ الشّرْط لاغٍ والْعقْد صحيحٌ، فله أنْ يسْكن غيْره معه. وذهب الْمالكيّة والْحنابلة إلى اعْتبار الشّرْط، فليْس له أنْ يسْكن غيْره معه، إلاّ ما جرى به الْعرْف. وذهب الشّافعيّة إلى فساد الشّرْط والْعقْد؛ لأنّ هذا الشّرْط لا يقْتضيه الْعقْد، وفيه منْفعةٌ للْمؤجّر، فيكون شرْطًا فاسدًا، ويفْسد به الْعقْد وإذا لمْ يكنْ هناك شرْطٌ فالْعبْرة في ذلك بعدم الضّرر أوّلاً، والرّجوع للْعرْف ثانيًا.

وللْمسْتأْجر أنْ ينْتفع بالدّار والْحانوت كيْف شاء في حدود الْمتعارف، بنفْسه وبغيْره ممّنْ لا يزيد ضرره عنْه. وليْس له أنْ يجْعل فيها ما يوهن الْبناء كالْحدادة والْقصارة.

وتدْخل في إجارة الدّور والْحوانيت توابعها، ولوْ بدون ذكْرها في الْعقْد؛ لأنّ الْمنْفعة لا تتحقّق إلاّ بها.

94 - وبيان الْمنْفعة في إجارة الدّور ببيان الْمدّة فقطْ؛ لأنّ السّكْنى مجْهولة الْمقْدار في نفْسها، ولا تنْضبط بغيْر ذلك. وليْس لمدّة الإْجارة حدٌّ أقْصى عنْد الْجمْهور، فتجوز الْمدّة الّتي تبْقى فيها وإنْ طالتْ. وهو قوْل أهْل الْعلْم كافّةً. وفي قوْلٍ عنْد الشّافعيّة: لا تجوز أكْثر منْ سنةٍ. وفي قوْلٍ: إنّها لا تجوز أكْثر منْ ثلاثين سنةً. وقال به الْمالكيّة بالنّقْد والْمؤجّل وتبْدأ الْمدّة من الْوقْت الْمسمّى في الْعقْد. فإنْ لمْ يكونا سمّيا وقْتًا فمنْ حين الْعقْد ويقول الْمالكيّة: يجوز عدم بيان ابْتداء الْمدّة لسكنه شهْرًا أوْ سنةً مثلاً. ويحْمل منْ حين الْعقْد وجيبةً (أيْ مدّةً محدّدةً لا تتجدّد بنفْس الْعقْد) أوْ مشاهرةً. فإنْ وقع الْعقْد في أثْناء الشّهْر فثلاثون يوْمًا منْ يوْم الْعقْد.

أمّا الشّافعيّة فقالوا: لا تجوز إجارة الدّور إلاّ لمدّةٍ معْلومة الابْتداء والانْتهاء. فإنْ قال: آجرْتك هذه الدّار شهْرًا، ولمْ يحدّد الشّهْر، لمْ يصحّ؛ لأنّه ترك تعْيين الْمعْقود عليْه، وهو الشّهْر، في عقْدٍ شرط فيه التّعْيين، كما لوْ قال: بعْتك دارًا.

95 - وإذا وقعت الإْجارة على مدّةٍ يجب أنْ تكون معْلومةً. ولا يشْترط أنْ تلي الْعقْد مباشرةً، خلافًا للشّافعيّ في أحد قوْليْه فإذا قال: آجرْتك داري كلّ شهْرٍ بدرْهمٍ، فالْجمْهور على أنّها صحيحةٌ. وتلْزم الإْجارة في الشّهْر الأْوّل بإطْلاق الْعقْد؛ لأنّه معْلومٌ بالْعقْد، وما بعْده من الشّهور يلْزم الْعقْد فيه بالتّلبّس به، وهو السّكْنى في الدّار؛ لأنّه مجْهولٌ حال الْعقْد، فإذا تلبّس به تعيّن بالدّخول فيه، فصحّ بالْعقْد الأْوّل. وإنْ لمْ يتلبّسْ به، أوْ فسخ الْعقْد عنْد انْقضاء الشّهْر الأْوّل، انْفسخ. وفي الصّحيح عنْد الشّافعيّ أنّ الإْجارة لا تصحّ. وقال به بعْض فقهاء الْحنابلة؛ لأنّ كلمة «كلّ» اسْمٌ للْعدد، فإذا لمْ يقدّرْه كان مبْهمًا مجْهولاً. وإذا قال: آجرْتك داري عشْرين شهْرًا، كلّ شهْرٍ بدرْهمٍ، جاز بغيْر خلافٍ؛ لأنّ الْمدّة معْلومةٌ، وأجْرها معْلومٌ. وفي قوْلٍ عنْد الشّافعيّة: تصحّ في الشّهْر الأْوّل الْمعْلوم، وتبْطل في الْباقي الْمجْهولوإنْ قال: آجرْتكها شهْرًا بدرْهمٍ، وما زاد فبحساب ذلك، صحّ في الشّهْر الأْوّل؛ لأنّه أفْرده بالْعقْد، وبطل في الزّائد؛ لأنّه مجْهولٌ. ويحْتمل أنْ يصحّ في كلّ شهْرٍ تلبّس به.

96 - وإنْ قدّرتْ مدّة الإْجارة بالسّنين، ولمْ يبيّنْ نوْعها، حمل على السّنة الْهلاليّة؛ لأنّها الْمعْهودة في الشّرْع.

وإن اسْتأْجر سنةً هلاليّةً أوّل الْهلال، عدّ اثْنا عشر شهْرًا بالأْهلّة، ثمّ يكمّل الْمنْكسر ثلاثين يوْمًا. روي هذا عنْ أبي حنيفة والشّافعيّ وأحْمد. وروي عنْهمْ أيْضًا أنّه يسْتوْفى في الْجميع بالْعدد.

وإن اسْتأْجر الدّار بالسّنة الشّمْسيّة أو الرّوميّة أو الْقبْطيّة، فإنّه يصحّ في روايةٍ عن الشّافعيّ؛ لأنّ الْمدّة معْلومةٌ. وهو مذْهب أحْمد إنْ كانا يعْلمان أيّامها. والرّواية الثّانية عن الشّافعيّ: لا يصحّ، إذْ في السّنة الشّمْسيّة أيّام نسيءٍ، وهو مذْهب أحْمد إنْ كانا يجْهلانها.

وإنْ آجره له إلى الْعيد انْصرف إلى أوّل عيدٍ يأْتي، الْفطْر أو الأْضْحى. وإنْ أضافه إلى عيدٍ منْ أعْياد الْكفّار صحّ إذا علماه.

97 - وبالنّسْبة للأْجْرة فإذا آجرها سنةً بعشرة دراهم جاز، وإنْ لمْ يبيّنْ قسْط كلّ شهْرٍ؛ لأنّ الْمدّة معْلومةٌ، فصار كالإْجارة شهْرًا واحدًا. غيْر أنّ الْمالكيّة لهمْ تأْويلان في كوْنه وجيبةً، لاحْتمال إرادة سنةٍ واحدةٍ، فكأنّه يقول: هذه السّنة. وهو تأْويل ابْن لبابة. والأْكْثر، بلْ هو ظاهر الْمدوّنة، أوْ غيْر وجيبةٍ، لاحْتمال إرادة كلّ سنةٍ. وهو تأْويل أبي محمّدٍ صالحٍ.

98 - إذا اسْتأْجر ذمّيٌّ دارًا منْ مسْلمٍ على أنّه سيتّخذها كنيسةً أوْ حانوتًا لبيْع الْخمْر، فالْجمْهور (الْمالكيّة والشّافعيّة والْحنابلة وأصْحاب أبي حنيفة) على أنّ الإْجارة فاسدةٌ؛ لأنّها على معْصيةٍ. وانْفرد أبو حنيفة بالْقوْل بجواز ذلك؛ لأنّ الْعقْد واردٌ على منْفعة الْبيْت مطْلقًا، ولا يتعيّن على الْمسْتأْجر اتّخاذها لتلْك الْمعْصية. وفي هذا التّعْليل ما فيه.

أمّا إذا اسْتأْجر الذّمّيّ دارًا للسّكْنى مثلاً، ثمّ اتّخذها كنيسةً، أوْ معْبدًا عامًّا، فالإْجارة انْعقدتْ بلا خلافٍ. ولمالك الدّار، وللْمسْلم عامّةً، منْعه حسْبةً، كما يمْنع منْ إحْداث ذلك في الدّار الْممْلوكة للذّمّيّ.

الْتزامات الْمؤجّر والْمسْتأْجر في إجارة الدّور:

99 - يجب على الْمؤجّر تمْكين الْمسْتأْجر من الانْتفاع. ويلْزم الْمسْتأْجر الأْجْر منْ وقْت التّمْكين ولوْ لمْ يسْتوْف الْمنْفعة. وإذا انْقضت الْمدّة منْ غيْر التّمْكين لا يسْتحقّ الْمؤجّر شيْئًا، ولوْ مضى من الْعقْد مدّةٌ قبْل التّمْكين فلا يلْزمه أجْر ما مضى قبْل التّمْكين. ومنْ حقّ الْمؤجّر حبْس الدّار لاسْتيفاء الأْجْرة الْمشْترط تعْجيلها.

ومنْ مقْتضى التّمْكين ألاّ تعود الدّار لحيازة الْمؤجّر بشرْطٍ في الْعقْد وما دام يجوز له أنْ ينْتفع بالْمعْقود عليْه بنفْسه أوْ بغيْره فإنّه يجوز له إيجارها للْغيْر بمثْل ما اسْتأْجرها به أوْ أكْثر، منْ غيْر جنْس ما اسْتأْجر به، أوْ منْ جنْسه، وكان وضع فيها شيْئًا منْ ماله (كالْمساكن الْمفْروشة) فإنّ الزّيادة تحلّ له مع اتّحاد الْجنْس

.

وهذا إذا لمْ يكنْ هناك شرْطٌ يمْنع إسْكان غيْره، على ما سبق.

كما يلْزم الْمؤجّر عمارة الدّار وإصْلاح كلّ ما يخلّ بالسّكْنى. فإنْ أبى حقّ للْمسْتأْجر فسْخ الْعقْد إلاّ إذا كان اسْتأْجرها على حالها. وهذا عنْد جمْهور الْفقهاء.

ومذْهب الْمالكيّة وقوْلٌ عنْد الْحنفيّة لا يجْبر الآْجر على إصْلاحٍ لمكْترٍ مطْلقًا، ويخيّر السّاكن بيْن السّكْنى ويلْزمه الْكراء كاملاً، والْخروج منْها. ولوْ أنْفق الْمكْتري شيْئًا في الإْصْلاح منْ غيْر إذْنٍ وتفْويضٍ من الْمؤجّر، فهو متبرّعٌ. وعنْد انْقضاء الْمدّة خيّر ربّ الدّار بيْن دفْع قيمة الإْصْلاح منْقوضًا أوْ أمْره بنقْضه إنْ أمْكن فصْله.

ولا يجوز اشْتراط صيانة الْعيْن على الْمسْتأْجر؛ لأنّه يؤدّي إلى جهالة الأْجْرة، فتفْسد الإْجارة بهذا الاشْتراط باتّفاق الْمذاهب. وإنْ سكن الْمسْتأْجر، لزمه أجْر الْمثْل، وله ما أنْفق على الْعمارة، وأجْر مثْله في الْقيام عليْها إنْ كان فعل ذلك بإذْنه، وإلاّ كان متبرّعًا .

غيْر أنّ الْمالكيّة أجازوا كراء الدّار ونحْوها مع اشْتراط الْمرمّة على الْمكْتري من الْكراء الْمسْتحقّ عليْه عنْ مدّةٍ سابقةٍ أوْ من الْكراء الْمشْترط تعْجيله. ويقْرب منْ ذلك ما قاله الشّافعيّة منْ أنّ الْمسْتأْجر في مثْل هذا يكون بمنْزلة الْوكيل.

100 - والدّار الْمسْتأْجرة تكون أمانةً في يد الْمسْتأْجر، فلا يضْمن إلاّ بالتّعدّي أو الْمخالفة. وتوابع الدّار كالْمفْتاح أمانةٌ أيْضًا. وإنْ تلف شيْءٌ ممّا يحْتاج إليْه للتّمكّن من الانْتفاع لا يضْمنه. وإذا اسْتأْجر الدّار على أنْ تتّخذ للْحدادة، فاسْتعْملها للْقصارة أوْ غيْرها ممّا لا يزيد ضرره عادةً عن الْحدادة، فانْهدم شيْءٌ من الْبناء، فلا ضمان عليْه. أمّا إن اسْتأْجرها على أنْ يتّخذها للسّكْنى، فاسْتعْملها للْحدادة أو الْقصارة، فانْهدم شيْءٌ منْها ضمن.

وقدْ صرّح بعْض الْفقهاء بأنّ السّلوك الشّخْصيّ للْمسْتأْجر لا أثر له على الْعقْد، وليْس للآْجر ولا للْجيران إخْراجه من الدّار، وإنّما يؤدّبه الْحاكم. فإنْ لمْ يكفّ أجّرها الْحاكم عليْه وأخْرجه منْها.

وتنْقضي إجارة الدّور بأحد الأْسْباب السّابق ذكْرها في مبْحث انْقضاء الإْجارة.

وقدْ بيّنّا قبْل اتّجاهات الْفقهاء في انْقضاء الإْجارة بالتّصرّف في الْعيْن الْمؤجّرة. وعلى هذا فلوْ قام الْمؤجّر بإجارة داره عنْ شهْر صفرٍ مثلاً، وكان ذلك في شهْر الْمحرّم، وكانت الدّار في يد مسْتأْجرٍ آخر في شهْر الْمحرّم، فإنّ ذلك يعْتبر فسْخًا للإْجارة الأْولى. ويظْهر أثر هذا الْفسْخ عقب انْتهاء شهْر الْمحرّم. ويرى الْبعْض أنّ ذلك إنْهاءٌ للْعقْد وليْس فسْخًا.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثامن والعشرون ، الصفحة / 254

ضَمَانُ الإْجَارَةِ:

60 - إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ: تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ ضَرْبَانِ:

أ - فَقَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ بِمُجَرَّدِهَا هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَتَتَحَدَّدُ بِالْمُدَّةِ، كَإِجَارَةِ الدُّورِ لِلسُّكْنَى، وَالْحَوَانِيتِ لِلتِّجَارَةِ، وَالسَّيَّارَاتِ لِلنَّقْلِ، وَالأْوَانِي لِلاِسْتِعْمَالِ.

ب - وَقَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا عَمَلاً مَعْلُومًا يُؤَدِّيهِ الْعَامِلُ، كَبِنَاءِ الدَّارِ، وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَإِصْلاَحِ الأْجْهِزَةِ الآْلِيَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

ج - فَإِذَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ مُجَرَّدُ السُّكْنَى أَوِ الرُّكُوبِ، أَوْ نَحْوِهِمَا، يُفَرَّقُ فِي الضَّمَانِ، بَيْنَ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ، وَبَيْنَ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا:

أ - فَتُعْتَبَرُ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ، وَالسَّيَّارَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ - مَثَلاً - أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، حَتَّى لَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ، أَوْ عَطِبَتِ السَّيَّارَةُ، وَهِيَ فِي يَدِهِ، بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلاَ تَقْصِيرٍ، لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأِنَّ  قَبْضَ الإْجَارَةِ - كَمَا يَقُولُ الْكَاسَانِيُّ - قَبْضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَلاَ يَكُونُ مَضْمُونًا، كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الإْجَارَةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً .

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ يَدُ أَمَانَةٍ كَذَلِكَ، بَعْدَ انْتِهَاءِ عَقْدِ الإْجَارَةِ، إِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا، فِي الأْصَحِّ ، اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، كَالْمُودَعِ، وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ: يَدُ ضَمَانٍ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: فَإِنْ تَلِفَتْ عَقِبَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ إِعْلاَمِهِ، فَلاَ ضَمَانَ جَزْمًا، أَمَّا إِذَا اسْتَعْمَلَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا قَطْعًا .

فَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ، فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ، لأِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَفِي فَسَادِ الإْجَارَةِ فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الأْمِينِ بَاطِلٌ .

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: «مَا لاَ يَجِبُ ضَمَانُهُ، لاَ يُصَيِّرُهُ الشَّرْطُ مَضْمُونًا، وَمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ، لاَ يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِ نَفْيِهِ».

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ، وَوُجُوبِهِ بِشَرْطِهِ  اسْتَدَلاَّ بِحَدِيثِ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» .

ب - أَمَّا الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ: السُّكْنَى أَوِ الرُّكُوبُ، فَهِيَ مَضْمُونَةٌ، بِضَمَانِ بَدَلِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، بِمُجَرَّدِ تَمَكُّنِهِ مِنِ اسْتِيفَائِهَا، إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ صَحِيحَةً، بِلاَ خِلاَفٍ، سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَمْ لَمْ يَنْتَفِعْ، وَهَذَا مَا نَصَّتْ عَلَيْهِ الْمَادَّةُ (470) مِنَ الْمَجَلَّةِ، وَفِيهَا: تَلْزَمُ الأْجْرَةُ فِي الإْجَارَةِ الصَّحِيحَةِ - أَيْضًا - بِالاِقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، مَثَلاً: لَوِ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ، فَبَعْدَ قَبْضِهَا يَلْزَمُهُ إِعْطَاءُ الأْجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا.

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ فَاسِدَةً فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الضَّمَانِ الْوَاجِبِ فِيهَا:

فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ - أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ رَجَبٍ - أَنَّهَا كَالصَّحِيحَةِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ فِي الضَّمَانِ أَجْرُ الْمِثْلِ، بَالِغًا مَا بَلَغَ، لأِنَّ  الْمَنَافِعَ مُتَقَوَّمَةٌ، فَتَجِبُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالإْجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، فَتُعْتَبَرُ بِبَيْعِ الأْعْيَانِ، وَفِي بَيْعِ الأْعْيَانِ إِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، فَكَذَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ .

وَالْحَنَفِيَّةُ عَدَا زُفَرَ، وَهُوَ الرَّاوِيَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ، يَرَوْنَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ:

فَفِي الصَّحِيحَةِ: يَضْمَنُ الأْجْرَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا، مَهْمَا بَلَغَتْ.

أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ، فَضَمَانُ الأْجْرَةِ مَنُوطٌ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلاَ تَجِبُ الأْجْرَةُ إِلاَّ بِالاِنْتِفَاعِ، وَيَقُولُ ابْنُ رَجَبٍ فِي تَوْجِيهِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَلَعَلَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لاَ تُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ، إِلاَّ بِالاِنْتِفَاعِ، وَهُوَ الأْشْبَهُ .

61 - أَمَّا إِذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا هِيَ إِنْجَازُ عَمَلٍ مِنَ الأْعْمَالِ، كَالْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ الضَّمَانَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ صِفَةِ الْعَامِلِ، وَهُوَ الأْجِيرُ  فِي اصْطِلاَحِهِمْ لأِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا خَاصًّا، أَوْ مُشْتَرَكًا أَيْ عَامًّا.

وَالأْجِيرُ  الْخَاصُّ هُوَ الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ يَعْمَلُ لِوَاحِدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَيَسْتَحِقُّ الأْجْرَ  بِالْوَقْتِ دُونَ الْعَمَلِ.

وَالأْجِيرُ  الْمُشْتَرَكُ، هُوَ الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَلاَ يَسْتَحِقُّ الأْجْرَ  حَتَّى يَعْمَلَ، وَالضَّابِطُ: أَنَّ: كُلَّ مَنْ يَنْتَهِي عَمَلُهُ بِانْتِهَاءِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ أَجِيرٌ وَاحِدٌ (أَيْ خَاصٌّ) وَكُلُّ مَنْ لاَ يَنْتَهِي عَمَلُهُ بِانْتِهَاءِ مُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ، فَهُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ .

وَفِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِجَارَة).

_____________________________________________________________

 كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

( مادة 536)

اذاحدث بالعين المستأجرة عيب يفوت به النفع بالكلية كخراب الدار أو يخل بالمنفعة كانهدام جزء منها يؤثر هدمه على المنفعة المقصودة منها یکون للمستأجر خیار فسخ الإجارة ويسقط عنه الأجر في الصورة الأولى سواء فسخ أم لا وأما في الصورة الثانية فان حضرة رب الدار سقط عنه الأجر وان لم يفسخ لا يسقط الاجر سواء استوفى المنفعة مع العيب أم لا فإذا بنيت الدار وأصلح الخلل الذي حدث فيها فلا خيار للمستأجر