مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 495
مذكرة المشروع التمهيدي :
وهنا أيضاً يجعل المشروع التزام المؤجر إيجابياً ، فهو ملزم يتعهد العين المؤجرة بالصيانة لتبقى على الحالة التي سلمت بها صالحة للإنتفاع بخلاف التقنين الحالي ، ففيه لا يكلف المؤجر بعمل أي مرمة كانت (م 370/ 453 مصری ).
و يترتب على التزام المؤجر بتعهد العين بالصيانة أنه ملزم أن يقوم بجميع الترميمات الضرورية ، عدا الترميمات التأجيرية فهي على المستأجر : والأولى ألا ينصر على حد كم واحد في مادتين مختلفتين وأن يحذف من المادة 765 عبارة ، فتكون على المستأجر ، ويلاحظ أن المقصود بالترميمات الضرورية هنا الترميمات الضرورية الانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ، لا الترميمات الضرورية لحفظ العين المؤجرة من الهلاك ، وقد أوردت المادة 765 أمثلة لهذه الترميات ، فذكرت بياض الغرف و تجصيص الأسطح ونزح الآبار والمراحيض و مصارف المياه ، ويلحق بالترميمات الضرورية تكاليف العين المؤجرة ، فهي على المؤجر كالضرائب ، وثمن المياه إذا قدر جزافاً إذ يستطيع المؤجر أن يقدر مبلغ التزامه ، أما إذا قدر من المياه بالعداد فيكون ذلك على المستأجر ، ويدفع بقدر ما استهلك وثمن الكهرباء والغاز ( ويكون عادة بالحداد ) على المستأجر ، ويلاحظ أن هذه الأحكام ليست من النظام العام فيمكن الاتفاق على ما يخالفها وإذا كان هناك عرف مخالف أتبع .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 765 من المشروع فأقرتها اللجنة كما هي ، مع حذف عبارة فإنها على المستأجر ، ثم قدمت بالصيغة الآتية :
1 - على المؤجر أن يتعهد العين المؤجرة بالصيانة لتبقى على الحالة التي سلمت بها، وأن يقوم في أثناء الإجارة بجميع الترميمات الضرورية دون الترميمات و التأجيرية .
2 - وعليه أن يقوم ببياض الغرف وتجديد ألوانها وأن يجري الأعمال اللازمة للأسطح من تجصيص أو بياض ، وأن يقوم بنزح الآبار والمراحيض و مصارف المياه.
3 - ويتحمل المؤجر التكاليف والضرائب المستحقة على العين المؤجرة ويلزم بثمن المياه إذا قدر جزافاً ، فإذا كان تقديره بالعداد ، كان على المستأجر أما ثمن الكهرباء والغاز وغير ذلك مما هو خاص بالاستعمال الشخصي فيتحمله المستأجر .
4 - كل هذا مالم يقض الاتفاق أو العرف بغيره .
وأصبح رقم المادة في المشروع النهائي 596.
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على هذه المادة - تحت رقم 595 - مع حذف عبارة يقوم ببياض الغرف و تجديد ألوانها وأن من الفقرة الثانية .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثلاثين
تليت المادة 595 فرأى رمزى بك إعادة المادة إلى ما كانت عليه قبل تعديلها في مجلس النواب بأن يكون بياض الغرف و تجديد ألوانها على المؤجر ما لم يثبت سوء استعمال المستأجر ، وذلك لأن في عدم بياض الغرف انتقاد الانتفاع المستأجر تنها، بينما لا تنقص الأجرة ، ولأن النظافة ليست من الكماليات حتى يقوم المستأجر ببياض الغرف .
ووافق الحاضرون على نص المادة حسب تعديل مجلس النواب .
محضر الجلسة الخمسين
تليت المادة 595 فوافقت عليها اللجنة مع حذف كلمتي أو العرف ، الواردتين في الفقرة الرابعة ، لأن العرف مصدر من مصادر القانون حيث لا يوجد نص .
وقد قررت الأغلبية الموافقة على رأى مجلس النواب في حذف التزام المؤجر ببياض الغرف و تجديد ألوانها وترك تقريره للعرف .
تقرير اللجنة :
حذفت من فقرتها الرابعة عبارة أو العرف ، لأن المقرر في النص هو ما جرى العرف به ، فلا يخالف إلا باتفاق خاص ، وأصبح رقم المادة 567.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة تحت رقم 567 من القانون .
1- إن مسئولية المؤجر قبل المستأجر عن صيانة العين المؤجرة وإجراء ما يلزم لحفظها مسئولية عقدية ، وهى لا تقتصر على أعماله الشخصية بل تمتد أيضاً إلى أعمال تابعيه .
(الطعن رقم 1734 لسنة 61 جلسة 2007/01/23 س 58 ص 77 ق 12)
2- مؤدى الفقرة "ب" من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بيع وتأجير الأماكن أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير فى سداد الأجرة فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلا تعين الحكم بعدم قبولها، ويشترط لصحة التكليف أن تبين فيه الأجرة المستحقة المتأخرة التي يطالب بها المؤجر حتى يتبين للمستأجر حقيقة المطلوب منه بمجرد وصول التكليف إليه، ويجب ألا تجاوز الأجرة المطلوبة فيه ما هو مستحق فعلاً فى ذمة المستأجر شريطة ألا يكون متنازعاً فيها جدياً، وأن بطلان التكليف يتعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يلتفت إليه المستأجر أو يتمسك به، وهو بهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض طالما كان مبنياً على سبب قانوني بحت أو يخالطه عنصر واقعي سبق عرضه على محكمة الموضوع أو كانت العناصر التي تتمكن بها تلك المحكمة من تلقاء نفسها من الإلمام بهذا السبب تحت نظرها عند الحكم فى الدعوى.
(الطعن رقم 1739 لسنة 70 جلسة 2001/05/10 س 52 ع 2 ص 662 ق 136)
3- إذ كانت مسئولية المؤجر قبل المستأجر عن صيانة العين المؤجرة وإجراء ما يلزم لحفظها مسئولية عقدية، وأن مؤدى ما نصت عليه المادتان 567 فقرة أولى، 2/568 من القانون المدني أن يعذر المستأجر المؤجر قبل القيام بالترميم وألا يقوم به إلا بعد إعذاره حتى يتمكن من خصم ما أنفقه من مصروفات من الأجرة.
(الطعن رقم 2894 لسنة 64 جلسة 1999/05/16 س 50 ع 1 ص 667 ق 132)
4- النص فى المادتين 567 /1، 568 من القانون المدني يدل على أن التزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة هو التزام يقابل التزام المستأجر بالوفاء بالأجرة فيحق للمستأجر أن يدفع الدعوى المرفوعة بطلب إخلائه لعدم الوفاء بالأجرة بأن المؤجر لم يقم بتنفيذ ما فى ذمته من التزام بصيانة العين المؤجرة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك بحقه فى الامتناع عن الوفاء بالأجرة حتى المؤجر بتنفيذ التزامه بترميم العين المؤجرة، واستدل على حاجة العين للترميم بقرار صادر من الجهة الإدارية المختصة، كما طلب إحالة الدعوى للتحقيق. فأطرح الحكم طلبه بمقولة أن أوراق الدعوى ومستنداتها كافية للفصل فيها ورد على دفاعه بأنه لم يقدم مبررا للتأخير فى سداد الأجرة دون أن يجيب على هذا الدفاع بأسباب خاصة فإنه يكون قد أخطا فى تطبيق القانون وجره ذلك إلى الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب.
(الطعن رقم 1668 لسنة 67 جلسة 1998/12/28 س 49 ع 2 ص 776 ق 189)
5- و لئن كان المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد إتخذ من أجرة شهر أبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر ، أجره أساس للمبانى المنشأة قبل شهر يناير سنة 1944 و ذلك بالقانون 121 لسنة 1947 الذى أوجب فى الفقرة الثانية من المادة الرابعة منه مراعاة ما قد يطرأ على التعاقد السارى فى شهر الأساس من تعديل فى إلتزامات كل من المتعاقدين بحيث إذا فرض القانون أوالإتفاق أوالعرف على المستأجر أوالمؤجر إلتزامات جديدة لم تكن مفروضة فى شهر الأساس فإنه يتعين تقويمها - و إستنزال أو أضافة مقابلها من أو إلى أجرة الأساس ، ولئن كان هذا النص متعلقاً بالنظام العام إلا أن أمر حدوث تعديل فى الإلتزامات لايعدو أن يكون واقعاً يتعين التمسك به وأثارته أمام محكمة الموضوع ، ولو كان مرده إلى قانون طالما أنه غير متعلق بالنظام العام كما هو الشأن بالنسبة لما أورده القانون المدنى القائم من إلتزامات فى جانب كل من المؤجر و من المستأجر لم تكن سارية فى شهر الأساس فى ظل القانون المدنى الملغى ومنها ما إستحدثته المادة 567 من القانون المدنى الصادر فى تاريخ لاحق للقانون 121 لسنة 1947 من أضافة إلتزام على عاتق المؤجر بصيانة العين المؤجرة وإجراء جميع الترميمات الضرورية بها وهو إلتزام لم يكن وارداً فى ظل القانون المدنى القديم الذى كان سارياً فى شهر الأساس بإعتبار أن ما أورده القانون المدنى فى هذا الشأن من قواعد لا يعدو أن يكون قواعد مكملة غير آمره يجوز الإتفاق على مخالفتها و قد يحمل سكوت من إلتزم بها قانوناً عند طلب تقويمها وأضافتها إلى أجرة الأساس أو إستنزالها منها إلى عدم إلتزامه بها من حيث الواقع و بتحمل الطرف الآخر بها إتفاقاً ، ومن ثم فلا تلتزم محكمة الموضوع بالتعرض من تلقاء نفسها لكل ما أوردته قوانين غير آمرة من تعديل فى إلتزامات الطرفين عما كانت عليه فى شهر الأساس .
(الطعن رقم 1805 لسنة 51 جلسة 1986/03/26 س 37 ع 1 ص 361 ق 79)
6- ولئن كان القانون الذى يفرض ضريبة معينة يعتبر قانوناً آمراً فيما يتعلق بفرضها إلا أنه لا يعتبر كذلك فيما يتعلق بتعيينه الشخص الذى يلزم بها فيجوز الإتفاق بين المؤجر والمستأجر على مخالفة هذا التعيين وهو المستفاد من المادة 567 من القانون المدنى طالما أن هذا الإتفاق لا يتعارض مع نص القانون أوقاعدة تعيين حد أقصى للأجرة القانونية .
(الطعن رقم 909 لسنة 48 جلسة 1981/06/20 س 32 ع 2 ص 1856 ق 334)
7- القواعد الواردة بالقرار التفسيرى رقم 1 لسنة 1964 للقانون رقم 46 لسنة 1962 لا تتناول تنظيم الإلتزام بثمن المياه إلا بالنسبة للأماكن الخاضعة له والقانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين و إن ورد فى المادة 25 منه نظاماً أجاز به لأى من المتعاقدين تركيب عداد لحساب إستهلاك المياه داخل الأماكن المؤجرة فى تاريخ العمل به إلا أنه لم يغير من الوضع القانونى القائم وقت صدوره بالنسبة للإلتزام بثمن المياه ومن ثم فإن القواعد المقررة بالمادة 567 من القانون المدنى تكون هى الواجبة الإعمال على الأماكن المنشأة قبل العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962.
(الطعن رقم 642 لسنة 46 جلسة 1980/02/20 س 31 ع 1 ص 557 ق 109)
8- النص فى الفقرتين الثالثة و الرابعة من المادة 567 من القانون المدنى على أنه " ويتحمل المؤجر التكاليف و ... ... ... و يلتزم بثمن المياه إذا قدر جزافاً فإذا كان تقديره " بالعداد " كان على المستأجر إما ثمن الكهرباء و ... ... كل هذا ما لم يقض الإتفاق بغيره " يدل على أنه الأصل فى تحديد من يقع عليه عبء الإلتزام بثمن المياه هو بما يتفق عليه المتعاقدان فإذا خلا العقد منه فإن المؤجر يلتزم بهذا الثمن متى كان مقدراً جزفاً و يلتزم به المستأجر متى كان مقدراً بالعداد ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إعتمد فى قضائه بإلزام الطاعنين - المستأجرين - بثمن المياه على ما نص عليه صراحة فى البند السابع عشر من عقود الإيجار المبرمة معهم من إلتزماتهم به وهو ما يتفق مع التطبيق الصحيح للقواعد المشار إليها .
(الطعن رقم 642 لسنة 46 جلسة 1980/02/20 س 31 ع 1 ص 557 ق 109)
9- مفاد الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947 إن الشارع إذ إتخذ من أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر أجرة أساس للمبانى المنشأة قبل يناير 1944 أوجب مراعاة ما يطرأ على التعاقد السارى فى شهر الأساس من تعديل فى إلتزامات كل من المتعاقدين بحيث إذا فرض القانون أو الإتفاق أو العرف على المستأجر إلتزامات جديدة لم تكن مفروضة عليه فى شهر الأساس أوفرض شيئاً من ذلك على المؤجر ، فإنه يتعين تقديم تلك الإلتزامات وإستنزال مقابلها من أجرة الأساس فى الحالة الأولى و إضافتها إليها فى الحالة الثانية ، لما كان ذلك وكانت المادة 567 من التقنين المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 والمعمول به من 1949/10/15 إستحدثت حكماً جديداً أضافت به على عاتق المؤجر إلتزاما بصيانة العين المؤجرة وإجراء جميع الترميمات الضرورية ، وهو إلتزام لم يكن وارداً فى ظل القانون المدنى القديم الذى كان سارياً فى شهر أبريل 1941 والذى كانت إلتزامات المؤجر بموجبه سلبية تقتصر على ترك المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة ، ويتعين من ثم تقويمه وإضافة قيمته إلى أجرة هذا الشهر ، لما كان ما تقدم وكان الثابت أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بوجوب تقويم هذا الإلتزام الذى لم يكن متفقاً عليه من قبل وإضافة مقابلة إلى أجرة شهر الأساس ، فإن الحكم إذا إلتفت عن تمحيص هذا الدفاع الجوهرى و لم يعمل بشأنه حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة سالفة الذكر يكون فضلاً عن مخالفته القانون قد شابه قصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 690 لسنة 43 جلسة 1977/04/20 س 28 ع 1 ص 1012 ق 173)
10- عدم تنفيذ المدين لإلتزامه التعاقدى يعتبر خطأ فى ذاته يرتب مسئوليته التى لايدرؤها عنه إلا إذا أثبت قيام السبب الأجنبى الذى تنتفى به علاقة السببية فإذا كان يبين مما أثبته الحكم المطعون فيه أن المؤجرين قد إلتزما برى الأطيان محل النزاع وهو ما لم يكن محل نعى منهما وكان إلتزامهما برى الأطيان المؤجرة منهما إلى المستأجر وهو إلتزام بتحقيق غاية فإنه متى أثبت المستأجر إخلال المؤجرين بهذا الإلتزام فإنه يكون قد أثبت الخطأ الذى تتحقق به مسئوليتهما ولا يجديهما فى نفى هذا الخطأ أن يثبتا أنهما قد بذلا ما وسعهما من جهد التنفيذ إلتزامهما ولم يستطيعا ما دامت الغاية لم تتحقق . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت إخلال المؤجرين بإلتزامهما برى الأرض موضوع النزاع فإنه يكون قد أثبت بذلك الخطأ التعاقدى فى جانبهما ، وإذ كان يبين أيضاً من الحكم أنه نفى فى أسباب سائغة قيام القوة القاهرة التى أدعى المؤجران وجودها فإن النعى على الحكم بالخطأ فى القانون و القصور فى التسبيب يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 422 لسنة 37 جلسة 1972/12/12 س 23 ع 3 ص 1364 ق 213)
11- مفاد نص المادة 567 من القانون المدنى أن إلتزام المؤجر - طبقا لأحكام الإيجار فى القانون المدنى - بصيانة العين المؤجرة وحفظها إنما هو تقرير للنية المحتملة للمتعاقدين وأنه إذا إتفق الطرفان على ما يخالفها تعين إعمال إتفاقهما ، وإذ أورد المشرع هذه المادة و المادة 577 التى تقضى بإلتزام المؤجر بضمان العيوب الخفية بالعين المؤجرة وغيرها من النصوص التى تنظم أحكام عقد الإيجار وتبين آثاره وتحدد المسئولية عن الإخلال بتنفيذه بالفصل الأول من الباب الثانى من الكتاب الثانى من القانون المدنى ، كما أورد فى شأن العقود الأخرى المنصوص عليها بذات الكتاب الأحكام التى تناسبها فى هذا الخصوص ، وكانت المادة 1/177 من القانون المدنى الخاصة بمسئولية حارس البناء قد وردت بالفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الأول ضمن النصوص المتعلقة بالمسئولية عن العمل غير المشروع ، وإذ خص المشرع على هذا النحو المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلا منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى و جعل لكل من المسئوليتين فى تقنينه موضوعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى ، فقد أفصح بذلك عن رغبته فى إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين . فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها و نطاقها وكان الضرر الذى أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد و بما هو مقرر فى القانون بشأنه بإعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أوعند الإخلال بتنفيذه ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التى لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له ، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفاعل الذى إرتكبه و أدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أويعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيسا على أنه أخل بإلتزام قانونى ، إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل فى جميع الحالات سواء كان متعاقدا أو غير متعاقد .
(الطعن رقم 280 لسنة 34 جلسة 1968/04/16 س 19 ع 2 ص 762 ق 110)
12- متى كان الحكم المطعون فيه قد إعتبر الشركة الطاعنة [ المؤجر ] مسئولة مسئولية تقصيرية عن صيانة ماسورة تصريف المياه الخاصة بالشقة التى تعلو محل المطعون ضده [المستأجر] والتى يستأجرها شخص آخر ، تأسيسا على أنها تعتبر من مصارف المياه التى جعلت المادة 567 من القانون المدنى الالتزام بصيانتها من الترميمات الضرورية التى تقع على عاتق المؤجر فإنه لا يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 197 لسنة 34 جلسة 1967/10/26 س 18 ع 4 ص 1560 ق 236)
13- إنفاق المستاجر مصروفات على إصلاح البور وإحياء الموات بالعين المؤجرة له ، وهى من المصروفات الضرورية النافعة التى لم يثبت حصول الإتفاق عليها و ليست من المصروفات الضرورية لحفظ العين من الهلاك ، فلا محل معه للرجوع بهذه المصروفات إستناداً إلى قاعدة الإثراء بلا سبب ما دام هناك عقد يحكم الطرفين . إذ أن للإثراء والإفتقار سبباً مشروعاً هو عقد الإيجار القائم بين الطرفين ، ولأن هذه المصروفات قد أفاد منها المستأجر طوال مدة إستغلاله للعين ، فينعدم بذلك قانوناً شرط إفتقار المستأجر الذى هو شرط جوهرى لدعوى الرجوع .
(الطعن رقم 3 لسنة 32 جلسة 1966/05/10 س 17 ع 3 ص 1064 ق 144)
14- فتوى مجلس الدولة:
تبينت الجمعية العمومية أن عقد الإيجار كان ينظمه بأحكامه (من الأصل) القانون المدني الصادر بالقانون رقم ۱۳۱ لسنة 1948. ونصت المادة 558 من هذا القانون (محددة أركان الإيجار) على أن "الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم". وانتظم القانون المدني بأحكامه عقد الإيجار في فلك مبدأ حرية التعاقد وسلطان الإرادة الذي تخضع له العقود كافة وعلى هدى مما تقضي به قاعدة العقد شريعة المتعاقدين ولاسيما في مجال تحديد الأجرة ومدة العقد فيحددهما طرفا العقد بما تتلاقى عليه إرادتهما. بيد أن المشرع لاعتبارات قدرها خرج على هذا الأصل فسن بعض التشريعات التي فرضت قيودا على هذا الأصل العام كما هو الشأن في القانون رقم 49 لسنة ۱۹۷۷ والقانون رقم 139 لسنة 1981 المشار إليهما وفي هذين القانونين انتظم المشرع العلاقة الإيجارية الناشئة عن إيجار الأماكن الخاضعة لأحكامه بقواعد آمرة سواء في مجال تحديد مدة انتهاء العقد أو الأجرة القانونية وصاحب تنظيم العلاقة الإيجارية بهذين القانونين للأماكن التي تنبسط عليها أحكامها النص فيهما على إعفاءات معينة من الضرائب العقارية. وقد يستطیل الإعفاء إلى الضرائب العقارية الأصلية والإضافية معا وقد يقف عند حد الضرائب العقارية الأصلية دون الإضافية وذلك كله بالنظر إلى مقدار القيمة الإيجارية. ثم أصدر المشرع القانون رقم 4 لسنة 1996 وقصد به العودة إلى مبدأ حرية التعاقد وسلطان الإرادة وفقا لأحكام القانون المدني بالنسبة للأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو بعده دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها طبقا للقانون فنص في عبارة واضحة المعنى قاطعة الدلالة على عدم سريان أحكام القانونين رقمی 49 لسنة 1977و136 لسنة 1981 المشار إليهما على تأجير هذه الأماكن وعلى خضوع تأجيرها لأحكام القانون المدني، ومؤدی ذلك أن تطبيق هذين القانونين بكل ما اشتملا عليه من نصوص بصدد تنظيم العلاقة الإيجارية أو بمناسبتها ينحسر عن الأماكن المشار إليها وتخضع هذه الأماكن في شأنه الأحكام القانون المدني. ولما كان هذان القانونان لا يسريان وفقا لصريح عبارة المشرع في المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996 المشار إليه على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنهى عقود إيجارها بعد العمل بهذا القانون دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها طبقا للقانون فمن ثم فإن هذه الأماكن لا تنبسط عليها الإعفاءات من الضرائب العقارية المقررة بهذين القانونين. ويؤكد ذلك مطالعة الأعمال التحضيرية لهذا القانون". فتوى رقم 1131بتاريخ 19/10/1998- ملف رقم 37/2/558- جلسة 7/10/199
تنص المادة 567 من التقنين المدني على ما يأتي :
"1 - على المؤجر أن يتعهد العين المؤجرة بالصيانة لتبقى على الحالة التي سلمت بها، وأن يقوم في أثناء الإجارة بجميع الترميمات الضرورية دون الترميمات التأجيرية " .
"2 - وعليه أن يجري الأعمال اللازمة للأسطح من تجصيص أو بياض ، وأن يقوم بنزع الآبار والمراحيض ومصارف المياه " .
"3 - ويتحمل المؤجر التكاليف والضرائب المستحقة على العين المؤجرة ، ويلتزم بثمن المياه إذا قدر جزافاً ، فإذا كان تقديره "بالعداد " كمان على المستأجر ، أما ثمن الكهرباء والغاز وغير ذلك مما هو خاص بالاستعمال الشخصي فيتحمله المستأجر " .
أنواع ثلاثة من الترميمات : ويحسن قبل الكلام فيما يلتزم المؤجر بإجرائه من الترميمات أن نميز بين أنواع ثلاثة من الترميمات ، فهناك الترميمات الضرورية لحفظ العين ، و الترميمات التأجيرية ، و الترميمات الضرورية للانتفاع بالعين .
الترميمات الضرورية لحفظ العين – إحالة : وهذه ترميمات ضرورية مستعجلة لحفظ العين من الهلاك . فإصلاح الحائط إذا كان يهدد بالسقوط ، وتقوية الأساس إذا كانت واهية ، وترميم الطوابق السفلية إذا غمرتها المياه فأوهنت من أساساتها ، وترميم الأسقف إذا كانت موشكة على الانهيار ، كل هذه ترميمات ضرورية مستعجلة لحفظ العين فهذه الصفة هي التي تغلب عليها ، ويكون المؤجر ملزماً بإجرائها ، ويجوز للمستأجر أن يجريها على نفقته ، وكما أن المؤجر ملزم بإجرائها ، فإن له كذلك الحق في إجرائها ولو عارض المستأجر في ذلك إذا كانت لا تنتقص من الانتفاع بالعين ، على النحو الذي سنبينه تفصيلاً فيما يلي .
الترميمات التأجيرية – إحالة : وهذه ترميمات ضرورية للانتفاع بالعين ، فهي بذلك تختلف عن الترميمات الضرورية لحفظ العين ، ولكنها ترميمات بسيطة ، جري العرف أن يقوم بها المستأجر ، مثل ذلك إصلاح البلاط والنوافذ والأبواب والمفاتيح وصنابير المياه ودهان الحيطان إذا كان العرف يجعله من الترميمات التأجيرية ، وهذه الترميمات يلتزم بها المستأجر على النحو الذي سنبحثه تفصيلاً فيما يلي.
الترميمات الضرورية للانتفاع بالعين : وهذه ترميمات لازمة حتى يتمكن المستأجر من الانتفاع بالعين انتفاعاً كاملاً ، وإن لم تكن لازمة لحفظ العين من الهلاك . وهي في الوقت ذاته ليست من الترميمات البسيطة التي جرى العرف يجعلها على المستأجر فيما قدمناه ، فتختلف بذلك عن الترميمات التأجيرية ، مثل ذلك إصلاح السلم أو المصعد أو دورة المياه ، كل هذه ترميمات ضرورية للانتفاع بالعين ، وتجاوز مجرد الترميمات التأجيرية ، وهي في الوقت ذاته ليست ضرورية لحفظ العين من الهلاك فإن العين تبقى قائمة سليمة ولو اختل السلم أو المصعد أو دورة المياه ، واختلال هذه الأشياء إنما يؤثر في الانتفاع بالعين لا في سلامتها ، ولما كان المؤجر يلتزم بتعهد العين بالصيانة ، فإنه يترتب على ذلك أن يكون ملتزماً بإجراء هذه الترميمات .
إجراء الترميمات الضرورية دون الكمالية : وإذا كان المؤجر يتعهد بتسليم العين في حالة حسنة كما سبق القول ، فإنه يجب عليه أيضاً أن يتعهد العين المؤجرة بالإصلاح والترميم حتى بعد تسليمها إلى المستأجر ليتمكن هذا الأخير من الانتفاع بها الانتفاع المطلوب ، وهذا الالتزام يكون مستمراً ما دامت مدة الإجارة ساري ، حتى تبقى العين المؤجرة في حالة تصلح للانتفاع بها الانتفاع المقصود.
ولكن المؤجر ليس ملتزماً بعمل تصليحات في العين المؤجرة ليست ضرورية للانتفاع بالعين ، بل هي كمالية تزيد في تحسين العين وتجميلها ، فهو غير ملزم مثلاً بزخرفة أسقف الغرف أو بتكسية الحيطان بالورق أو بتلوينها أو بفرش الطرقات التي تؤدي إلى مدخل المنزل بالرمل أو بنحو ذلك من أسباب الزخرفة والتجميل .
ولكنه ملزم – كما تنص صراحة الفقرة الثانية من المادة 567 مدني – بإجراء الأعمال اللازمة للأسطح من تجصيص وبياض ، وبأن يقوم بنزح الآبار والمراحيض ومصارف المياه وهو ملزم كذلك بإصلاح المصعد ، و بترميم السلم ، وبإجراء التصليحات البيرة في دورات المياه وأجهزة الغاز و الكهرباء ومواسير المياه ، ويشترط في كل ذلك أن تكون حاجة العين إلى هذه الترميمات غير راجعة إلى فعل المستأجر أو أحد من ذويه كأفراد أسرته وخدمه وزائريه .
ويقوم المستأجر بهذا الالتزام ولو كان مالكاً لحق الانتفاع دون الرقبة ، ولا يستطيع المستأجر أن يطالب مالك الرقبة بإجراء ترميم ما لأنه لم يتعاقد معه ، حتى لو كان هذا الترميم مما يجب على مالك الرقبة بصفته كذلك ( م 989 مدني ) . فإذا قام المؤجر بالترميم اللازم ، رجع بالمصروفات على مالك الرقبة.
وكذلك يلتزم المستأجر الأصلي بالترميمات المستأجر من الباطن ، ويرجع بعد ذلك على المؤجر .
تكاليف العين المؤجرة تلحق بالترميمات الضرورية : وقد ذكرت الفقر الثالثة من المادة 567 مدني تكاليف يقوم بها المؤجر ليست في الواقع من الأمر بترميمات ضرورية ، ولكنها تكاليف تلحق بهذه الترميمات ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : "ويلحق بالترميمات الضرورية تكاليف العين المؤجرة ، فهي على المؤجر ، كالضرائب وثمن المياه إذا قدر جزافاً إذ يستطيع المؤجر أن يقدر مبلغ التزامه . أما إذا قدر ثمن المياه بالعداد فيكون ذلك على المستأجر ، ويدفع بقدر ما استهلك ، وثمن الكهرباء والغاز ( ويكون عادة بالعداد ) على المستأجر ".
فجميع التكاليف والضرائب التي تستحق على العين المؤجرة تكون على المؤجر ، كعوائد الأملاك وأموال الأراضي الزراعية وضريبة الخفر وضريبة الدفاع ورسم رخصة السيارة المؤجرة وغير ذلك من الضرائب والرسوم والتكاليف ، ويستثنى من ذلك ما ينص القانون أن تكون على المستأجر ، كضريبة الـ 2% من القيمة الإيجارية التي تفرض على السكان في الإسكندرية والقاهرة وكضريبة الدفاع في بعض الأماكن المؤجرة ، فهذه يتحملها المستأجر وإن كانت تحصل من المالك .
والمياه إذا قدرت جزافاً تكون على المؤجر ، إذ يستطيع هذا – كما تقول المذكرة الإيضاحية – أن يقدر مقدماً مبلغ التزامه ، وهذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يجعل المياه المقدرة جزافاً على المستأجر لا على المؤجر ، أما ما يقاس استهلاكه بالعداد فيختلف بحسب حاجة كل مستأجر ، ومن ثم لا يمكن تقديره مقدماً ، فهو على المستأجر ، وذلك كالمياه إذا كانت تقديرها بالعداد ، و كالكهرباء والغاز ويكون تقديرهما عادة بالعداد .
جواز الاتفاق على تعديل الالتزام : وتنص الفقرة الرابعة من المادة 567 مدني ، كما رأينا ، على جواز تعديل الالتزام بصيانة العين المؤجرة باتفاق خاص ، فتقول : "كل ما لم يقض الاتفاق بغيره " ، فأحكام المادة 567 مدني ليست من النظام العام ، وإنما هي تقرر النية المحتملة للمتعاقدين وما جرى به العرف ينأ أن يلتزم به المؤجر من الترميمات الضرورية ، و الترميمات الضرورية ، والترميمات التي ذكرتها المادة 567 مدني ليست مذكورة على سبيل الحصر ، بل هي بعض ما يقضي به العرف ، فكل ما يقضي به العرف أن يكون على المؤجر من الترميمات سواء ذكرت في النص أو لم تذكر ، يلتزم المؤجر بإجرائها .
على أنه يجوز للمتعاقدين أن يخالفها هذه الأحكام وأن يخرجها على العرف فيما يقضي به ، يتفقا اتفاقاً خاصاً على أن تكون بعض هذه الترميمات أو كلها على المستأجر لا على المؤجر ، أو على أن يعفى المؤجر منها ، وهذا الاتفاق استثناء من القواعد العامة ، فلا يجوز التوسع في تفسيره ، فإذا اتفق المتعاقدان على أن تكون الترميمات على المستأجر دون بيان لنوع هذه الترميمات ، حمل ذلك على معنى أن الترميمات المقصودة هي الترميمات التأجيرية التي يلتزم بها المستأجر بموجب القانون ، وذلك ما لم يتبين من الظروف أو من العرف المحلي أن المقصود هي الترميمات الضرورية التي تكون بحكم القانون على المؤجر وقد أعفى منها بموجب هذا الاتفاق الخاص .
ومن قبيل هذا الاتفاقات الخاصة أن يقبل المستأجر العين المؤجرة بالحالة التي هي عليها ، ويفسر ذلك بأن المؤجر معفي من إجراء الترميمات الضرورية التي من شأنها تحسين هذه الحالة ، ولكنه ملتزم بإجراء الترميمات الضرورية لاستبقاء حالة العين على ما كانت عليه وقت التسليم . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس الصفحة/ 350)
والمقصود بالترميمات الضرورية تلك اللازمة لإنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة وليست الترميمات الضرورية لحفظ العين من الهلاك .
وتلحق بالترميمات الضرورية تكاليف العين كعوائد الأملاك وأموال الأراضي الزراعية وضريبة الخفر وضريبة الدفاع ورسم رخصة السيارة المؤجرة ويستثنى ما حمله القانون للمستأجر لضريبة 2% بالنسبة للقاهرة والاسكندرية وضريبة الدفاع في بعض الأماكن المؤجرة.
والاحكام السابقة ليست متعلقة بالنظام العام فيجوز الاتفاق على ما يخالفها كأن يقبل المستأجر العين بحالتها باتفاق فيعفى المؤجر ضمناً من إجراء الترميمات الضرورية . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع الصفحة/ 614)
لا يلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة فقط ، بل يلتزم أيضاً بأن يتعهد العين المؤجرة بالصيانة لتبقى على الحالة التي سلمت بها ، وعليه أن يقوم في أثناء الإيجار بجميع الترميمات الضرورية ، فالمشرع يجعل التزام المؤجر إيجابياً ومستمراً دائماً ، وهذا بخلاف الحال في التقنين المدني القديم ففيه لا يكلف المؤجر بعمل أية مرمة كانت .
التزام المؤجر بالصيانة يقوم على المسئولية العقدية.
غير أنه يبقى فرق بين التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة بحالة صالحة الأداء الغرض المقصود والتزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة أثناء مدة الإيجار ، هو أنه في الالتزام الأول يلتزم المؤجر بكافة الإصلاحات ولو كانت بسيطة ، بينما لا يلتزم في الالتزام الثاني إلا بالإصلاحات أو الترميمات الضرورية دون الترميمات البسيطة .
وقد اكتفى النص بذكر أمثلة للترميمات الضرورية وهي : الأعمال اللازمة للأسطح من تجصيص أو بياض ونزح الآبار والمراحيض ومصارف المياه .
ويمكن القول أن المقصود هنا بالترميمات الضرورية ، تلك اللازمة لانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يشترط فيها أن تكون مستعجلة وضرورية لحفظ العين المؤجرة .
ولا يقتصر التزام المؤجر بإجراء الترميمات الضرورية اللازمة للعين بل يمتد إلى ملحقاتها كالمصعد وأجهزة التدفئة أو التبريد وغرف الخدم وغرف الغسيل والجراج الملحق بالمنزل ، وذلك بالرغم من أن نص المادة 567 مدنی لم يصرح بذلك ، لأن الملحقات تتبع العين المؤجرة ، ولأن الهدف من الصيانة أن يستوفي المستأجر المنفعة المؤجرة وفقاً للاتفاق طوال مدة الإيجار ، ولا يتحقق هذا إذا لم يقم بصيانة الملحقات .
والقول بأن إصلاحاً ما يعتبر من الإصلاحات الضرورية أو من الإصلاحات التأجيرية يختلف باختلاف الظروف والأحوال ، ويفصل فيها القاضي بمقتضى سلطته التقديرية دون رقابة عليه من محكمة النقض ، مراعياً في ذلك عرف الجهة فإذا كان هذا العرف يقضي بأن إصلاحاً ما يقوم به المؤجر اعتبر إصلاحاً ضرورياً ، أما إذا قضى العرف بوقوعه على عاتق المستأجر، اعتبر إصلاحاً تأجيرياً وقد أشارت إلى العرف المادة 582 مدني التي تقضي بالتزام المستأجر بإجراء الترميمات التأجيرية .
التزام المؤجر بإجراء الترميمات أيا كان سببها :
لا يجوز أن يدعى المؤجر أن للمستأجر الرجوع على هذا الغير لمسئوليته عن التلف، بل عليه أن يقوم بالترميم وله بعد ذلك أن يرجع على الغير المسئول إذا شاء .
ولا يستطيع المؤجر التخلص من الالتزام بالصيانة إلا إذا أثبت أن التلف قد نشأ عن خطأ المستأجر أو خطأ شخص ممن يسأل عنهم المستأجر كأولاده المشمولين برقابته وتابعيه والأشخاص الذين يسمح لهم بالمشاركة في استعمال العين المؤجرة ، إذ أن المستأجر هو الذي يكون ملزماً بالقيام بالإصلاح في هذه الحالة.
على أنه إذا تعدد المستأجرون وحدث التلف بفعل أحدهم كان لكل منهم ، مع استثناء من وقع التلف بفعله ، أن يطلب من المؤجر إصلاح التلف ، لأن العلاقة التي تربط المؤجر بمستأجر معین مستقلة عن العلاقة التي تربطه بمستأجر آخر، والمؤجر ملتزم في مواجهة كل مستأجر بأن يمكنه من الانتفاع على الوجه المقصود ، وهذا ما يقتضي منه القيام بكل إصلاح يتطلبه هذا الانتفاع ، إلا إذا كان التلف حاصلاً بفعل المستأجر الذي يطلبه .
إذا كانت أعمال الصيانة أو الترميم التي تأمر السلطة الإدارية بإجرائها اللازم لحفظ العين كتدعيم جدار آيل للسقوط أو توصيل المبنى بمجاري المدينة أو القرية ، أو شق مصرف في الأراضي، فإن المؤجر يلتزم بالقيام بهذه الأعمال.
أما إذا كانت هذه الأعمال لازمة لتهيئة العين المؤجرة لنوع معين من الانتفاع يحتاج فيه إلى ترخيص من هذه السلطة كتزويدها بأحواض أو دورات مياه معينة أو مضخات الحريق أو فتح نوافذ أو أبواب جديدة ، فإن المؤجر يلتزم بها إذا كان منصوصاً في العقد على إيجار المكان لهذا النوع من الانتفاع ، أو كان المكان معداً لمباشرة هذا النشاط ، ولو لم ينص عليه بالعقد ، ذلك أن التزام المؤجر بالصيانة يتفرع عن التزامه الأساسي بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين على الوجه المقصود ، وعلى ذلك فيجب دائما أن تكون الأعمال التي يلتزم بها المؤجر مما يتطلبها الانتفاع المقصود توفيره للمستأجر .
ألحقت الفقرة الثالثة من المادة 567 مدني بالترميمات الضرورية التي يلتزم بها المؤجر "التكاليف والضرائب المستحقة على العين المؤجرة".
والمقصود بالضرائب المستحقة على العين المؤجرة الضرائب التي تستحق على العين ذاتها، كعوائد الأملاك وأموال الأراضي الزراعية وضريبة الحفر ، ورسم رخصة السيارة المؤجرة ونفقات تطهير المصارف والمساقى ونفقات تسوير الأراضي الفضاء.
أما الضرائب التي تفرض على انتفاع المستأجر بالعين فيلزم بها المستأجر.
كما نصت الفقرة الثالثة من المادة على أن المؤجر يلزم بثمن المياه إذا قدر جزافا، فإذا كان تقديره بالعداد كان على المستأجر ، أما ثمن الكهرباء والغاز وغير ذلك مما هو خاص بالاستعمال الشخصي فيتحمله المستأجر .
والمؤجر لا يلتزم بصفة عامة بالأعمال التي يقصد بها الزيادة في العين المؤجرة أو تحسينها أو التيسير على المستأجر في الانتفاع بها.
غير أنه يلاحظ أن اعتبار عمل ما من أعمال الإصلاح أو من أعمال التحسين والزينة يختلف باختلاف الظروف والأحوال ، فما يعتبر من أعمال الإصلاح في منزل معد لسكني العالية من الناس، قد يعتبر من أعمال الزينة بالنسبة إلى منزل معد لسكنى الطبقة الفقيرة أو المتوسطة ، وقاضي الموضوع هو الذي يبين ما إذا كان العمل المراد إجراؤه هو من أعمال الإصلاح أو من أعمال التحسين .
أن أحكام الصيانة الواردة بالمادة لا تتعلق بالنظام العام، وإنما هي من الأحكام المفسرة لإرادة المتعاقدين ومن ثم يجوز لهما الاتفاق صراحة أو ضمناً على خلافها فيجوز الاتفاق على أن يتحمل المستأجر بعض الترميمات الضرورية أو بعض الضرائب والتكاليف التي يلتزم بها المؤجر ، كما يجوز الاتفاق على أن يلتزم المستأجر ببعض الترميمات الضرورية أو على إعفاء المؤجر من هذه الترميمات .
وهذا الاتفاق استثناء من القواعد العامة ، فلا يجوز التوسع في تفسيره. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع الصفحة/ 397)
وقد نصت على مثل ذلك المادة 567 فقرة أولى مدني مصرى حيث قضت بأن على المؤجر أن يتعهد العين المؤجرة بالصيانة لتبقى على الحالة التي سلمت بها - وهي يجب وفقاً للمادة 564 أن تسلم في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة ، - وأن يقوم في أثناء الاجارة بجميع الترميمات الضرورية دون الترميمات التأجيرية .
والمقصود بالترميمات الضرورية هنا الترميمات الضرورية لانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ، سواء كانت ضرورية أيضا لحفظ العين ذاتها من الهلاك أو لم تكن ، وقد أوردت المادة 567 في الفقرة الثانية منها أمثلة لهذه الترميمات الضرورية ، فذكرت الأعمال اللازمة للأسطح من تجصيص أو بياض ، كما ذكرت نزح الآبار والمراحيض ومصاريف المياه .
وبناءً على ذلك يكون المؤجر ملزماً بموجب عقد الإيجار المبرم مع أي من المستأجرين بصيانة مواسير تصريف المياه في المبنى كله فتكون موته عن إهمال ذلك مسئولية عقدية حتى بالنسبة إلى المستأجرين الآخرين غير المستأجر الذي ظهر في ماسورته انسداد أدى إلى حصول ماس كهربائي نتج عنه حريق أصاب شقق المستأجرين الآخرين ، أما مسئوليته عن صيانة ماسورة تصريف المياه الخاصة بالشقة التي تعلو شقة المستأجر الذي أصابه الضرر ، فهي مسئولية تقصيرية لا يحتاج فيها إلى إعذار المؤجر للقيام بأعمال الصيانة .
والمقصود بالترميمات التأجيرية الترميمات البسيطة التي يقتضيها يحدث من تلف بسبب الاستعمال العادي والتي تقع عادة على عاتق استأجر کإصلاح صنابير المياه وزجاج النوافذ وأقفال الأبواب إذا احتاجت العين المؤجرة إلى شيء من ذلك في أثناء انتفاع المستأجر بها.
وبناءً على ذلك يلزم المؤجر بجميع الترميمات الضرورية لانتفاع التاجر بالعين المؤجرة ، فيما عدا الترميمات التأجيرية وما يقتضيه التلف الناشئ عن خطأ المستأجر ، ولكنه لا يلزم بالترميمات الضرورية لحفظ العين من الهلاك إذا لم تكن ضرورية لانتفاع المستأجر إلا أن يكون عدم إجرائها يهدد سلامة الأخير ، وكذلك لا يلزم بإجراء الأعمال التي لا تعتبر ضرورية لانتفاع المستأجر بل يقصد منها مجرد تزیین العين المؤجرة أو تحبيب الانتفاع بها أو تيسيره .
ومن المسلم أن الترميمات الضرورية لا تشمل اعادة البناء أو تجديده إذا هلك هلاكاً كلياً ، أما في حالة الهلاك الجزئي ، فإن المؤجر يلتزم في رأيي بتجديد ما هلك كما يلتزم بالترميمات الضرورية .
ولا يشترط في التزام المؤجر بالترميمات الضرورية إلا أن يكون التلفة الذي يقتضى هذه الترميمات غير راجع إلى فعل المستأجر أو إلي مع أحد ممن يسأل عنهم المستأجر كأفراد أسرته وأعوانه وزائريه ، فيلزم المؤجر بهذه الترميمات سواء اقتضاها فعل خطأ من جانبه كالإهمال في الصيانة ، أم سبب أجنبي عنه وعن المستأجر كالزلازل والفيضانات وفعل الغير وأوامر السلطة العامة .
ويلزم المؤجر بصيانة العين المؤجرة التزاماً مستمراً طوال مدة الإجارة ، فكلما احتاجت العين الى ترمیم ضروري للانتفاع بها دون أن يكون راجعاً إلى خطأ المستأجر تعين عليه اجراؤه ويقع هذا الترام على المؤجر بصفته هذه ، سواء أكان مالكاً العين المؤجرة أم صاحب حق انتفاع فيها ، أم مستأجراً أصلياً ومؤخراً من الباطن ، الخ.
ولا يعتبر التزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة متعلقاً بالنظام العام ، فيجوز الاتفاق على أن تكون الصيانة على عاتق المستأجر ، كما يجوز تكليف المستأجر بها بموجب نص قانوني خاص كنص المادة 9 من القانون رقم 136 / 1981 بشأن إيجار الأماكن .
التزام الموجز بالتكاليف الملازمة العين المؤجرة – وقد ألحق الشرع بالترميمات الضرورية التي يلزم بها المؤجر التكاليف التي تلازم العين المؤجرة ، إذ نص في المادة 567 فقرة ثالثة على أن يتحمل المؤجر التكاليف والضرائب المستحقة على العين المؤجرة.
وبناء على ذلك يلزم مؤجر العقار بدفع ضرائب الأطيان الزراعية وعوائد المباني والضرائب الاضافية التي تفرض على أساسها ، ويلزم مؤجر السيارة أو المذياع بدفع الرسم المقرر الترخيص باستعمالها ، وكذلك يلزم بالتكاليف الإضافية التي تفرضها السلطات العامة على العين المؤجرة كنفقات تطهير المصارف والمساقي أو تفقات تسوير الأراضي الفضاء إلخ .
أما الرسوم البلدية التي تفرضها البلديات على سكان المدن بنسبة معينة من أجر المساكن ، فلا تعتبر من تكاليف المباني المؤجرة بل تعتبر ضرائب مفروضة على السكان أنفسهم ، فيتحملها مستأجر و العقارات لا المؤجرون
جواز تعديل هذه الأحكام بالاتفاق - تقدم أن الأحكام المتعلقة بآثار الإيجار يعتبر الأصل فيها أنها مقررة لإرادة الطرفين وأنه يجوز الاتفاق على ما يخالفها .
وقد نصت المادة 567 في فقرتها الرابعة بعد أن بينت في الفقرات الثلاث الأولى حدود التزام المؤجر بصيانة العين المؤجرة ، على أن « كل هذا ما لم يقض الاتفاق بغيره » ، والواقع أن هذه الفقرة ليست الا تطبيقاً للقاعدة الأصلية من حيث اعتبار جميع هذه الأحكام مقررة الا ما استثنى بنص خاص . (الوافي في شرح القانون المدني ، الدكتور / سليمان مرقس ، الطبعة الرابعة 1986 الجزء / الثامن الصفحة / 322)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن والعشرون ، الصفحة / 254
ضَمَانُ الإْجَارَةِ:
60 - إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ: تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ ضَرْبَانِ:
أ - فَقَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ بِمُجَرَّدِهَا هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَتَتَحَدَّدُ بِالْمُدَّةِ، كَإِجَارَةِ الدُّورِ لِلسُّكْنَى، وَالْحَوَانِيتِ لِلتِّجَارَةِ، وَالسَّيَّارَاتِ لِلنَّقْلِ، وَالأْوَانِي لِلاِسْتِعْمَالِ.
ب - وَقَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا عَمَلاً مَعْلُومًا يُؤَدِّيهِ الْعَامِلُ، كَبِنَاءِ الدَّارِ، وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَإِصْلاَحِ الأْجْهِزَةِ الآْلِيَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
ج - فَإِذَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ مُجَرَّدُ السُّكْنَى أَوِ الرُّكُوبِ، أَوْ نَحْوِهِمَا، يُفَرَّقُ فِي الضَّمَانِ، بَيْنَ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ، وَبَيْنَ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا:
أ - فَتُعْتَبَرُ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ، وَالسَّيَّارَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ - مَثَلاً - أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، حَتَّى لَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ، أَوْ عَطِبَتِ السَّيَّارَةُ، وَهِيَ فِي يَدِهِ، بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلاَ تَقْصِيرٍ، لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأِنَّ قَبْضَ الإْجَارَةِ - كَمَا يَقُولُ الْكَاسَانِيُّ - قَبْضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَلاَ يَكُونُ مَضْمُونًا، كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الإْجَارَةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ يَدُ أَمَانَةٍ كَذَلِكَ، بَعْدَ انْتِهَاءِ عَقْدِ الإْجَارَةِ، إِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا، فِي الأْصَحِّ ، اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، كَالْمُودَعِ، وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ: يَدُ ضَمَانٍ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: فَإِنْ تَلِفَتْ عَقِبَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ إِعْلاَمِهِ، فَلاَ ضَمَانَ جَزْمًا، أَمَّا إِذَا اسْتَعْمَلَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا قَطْعًا .
فَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ، فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ، لأِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَفِي فَسَادِ الإْجَارَةِ فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الأْمِينِ بَاطِلٌ .
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: «مَا لاَ يَجِبُ ضَمَانُهُ، لاَ يُصَيِّرُهُ الشَّرْطُ مَضْمُونًا، وَمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ، لاَ يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِ نَفْيِهِ».
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ، وَوُجُوبِهِ بِشَرْطِهِ اسْتَدَلاَّ بِحَدِيثِ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» .
ب - أَمَّا الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ: السُّكْنَى أَوِ الرُّكُوبُ، فَهِيَ مَضْمُونَةٌ، بِضَمَانِ بَدَلِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، بِمُجَرَّدِ تَمَكُّنِهِ مِنِ اسْتِيفَائِهَا، إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ صَحِيحَةً، بِلاَ خِلاَفٍ، سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَمْ لَمْ يَنْتَفِعْ، وَهَذَا مَا نَصَّتْ عَلَيْهِ الْمَادَّةُ (470) مِنَ الْمَجَلَّةِ، وَفِيهَا: تَلْزَمُ الأْجْرَةُ فِي الإْجَارَةِ الصَّحِيحَةِ - أَيْضًا - بِالاِقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، مَثَلاً: لَوِ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ، فَبَعْدَ قَبْضِهَا يَلْزَمُهُ إِعْطَاءُ الأْجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الإْجَارَةُ فَاسِدَةً فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الضَّمَانِ الْوَاجِبِ فِيهَا:
فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ - أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ رَجَبٍ - أَنَّهَا كَالصَّحِيحَةِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ فِي الضَّمَانِ أَجْرُ الْمِثْلِ، بَالِغًا مَا بَلَغَ، لأِنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوَّمَةٌ، فَتَجِبُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالإْجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، فَتُعْتَبَرُ بِبَيْعِ الأْعْيَانِ، وَفِي بَيْعِ الأْعْيَانِ إِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، فَكَذَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ .
وَالْحَنَفِيَّةُ عَدَا زُفَرَ، وَهُوَ الرَّاوِيَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ، يَرَوْنَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ:
فَفِي الصَّحِيحَةِ: يَضْمَنُ الأْجْرَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا، مَهْمَا بَلَغَتْ.
أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ، فَضَمَانُ الأْجْرَةِ مَنُوطٌ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلاَ تَجِبُ الأْجْرَةُ إِلاَّ بِالاِنْتِفَاعِ، وَيَقُولُ ابْنُ رَجَبٍ فِي تَوْجِيهِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَلَعَلَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لاَ تُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ، إِلاَّ بِالاِنْتِفَاعِ، وَهُوَ الأْشْبَهُ .
61 - أَمَّا إِذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا هِيَ إِنْجَازُ عَمَلٍ مِنَ الأْعْمَالِ، كَالْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ الضَّمَانَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ صِفَةِ الْعَامِلِ، وَهُوَ الأْجِيرُ فِي اصْطِلاَحِهِمْ لأِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا خَاصًّا، أَوْ مُشْتَرَكًا أَيْ عَامًّا.
وَالأْجِيرُ الْخَاصُّ هُوَ الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ يَعْمَلُ لِوَاحِدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَيَسْتَحِقُّ الأْجْرَ بِالْوَقْتِ دُونَ الْعَمَلِ.
وَالأْجِيرُ الْمُشْتَرَكُ، هُوَ الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَلاَ يَسْتَحِقُّ الأْجْرَ حَتَّى يَعْمَلَ، وَالضَّابِطُ: أَنَّ: كُلَّ مَنْ يَنْتَهِي عَمَلُهُ بِانْتِهَاءِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ أَجِيرٌ وَاحِدٌ (أَيْ خَاصٌّ) وَكُلُّ مَنْ لاَ يَنْتَهِي عَمَلُهُ بِانْتِهَاءِ مُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ، فَهُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ .
وَفِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِجَارَة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا)
(الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 31)
المصاريف اللازمة لمؤنة العين المنتفع بها وحفظها تلزم صاحب المنفعة والكسوة على المالك.
( مادة 535)
لا يجبر صاحب الدار المؤجرة على عمارتها وترميم ما اختل من بنائها وإصلاح میازیها وان كان ذلك عليه لاعلى المستأجر لكنه إذا لم يفعل المؤجر ذلك كان المستأجر أن يخرج منها إلا اذا كان استأجرها وهي كذلك وقد رآها فليس له الخروج منها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة الأحكام العدلية
مادة (529) الأشياء التي تخل بالمنفعة
إعمال الأشياء التي تخل بالمنفعة المقصودة عائدة إلى الآجر. مثلاً تطهير الرحى على صاحبها، كذلك تعمير الدار وطرق الماء وإصلاح منافذه وإنشاء الأشياء التي تخل بالسكنى وسائر الأمور التي تتعلق بالبناء، كلها لازمة على صاحب الدار وإذا امتنع صاحبها عن إعمال هؤلاء فللمستأجر أن يخرج منها إلا أن يكون حين إستئجاره إياها كانت على هذه الحال وكان قد رآها، فإنه حينئذ يكون قد رضي بالعيب فليس له اتخاذ هذا وسيلة للخروج من الدار بعد، وان عمل المستأجر هذه الأشياء منه، كانت من قبيل التبرع فليس له طلب ذلك المصروف من الآجر.
مادة (530) الإنشاءات التي أنشاها المستأجر بإذن المؤجر
التعميرات التي أنشاها المستأجر بإذن الآجر إن كانت عائدة لإصلاح المأجور وصيانته عن تطرق الخلل كتنظيم القرميد (وهو نوع آجر يوضع على السطوح لحفظها من المطر) فالمستأجر يأخذ مصروف مثل هذه التعميرات من الآجر وان لم يجر بينهما شرط على أخذه، وإن كانت عائدة لمنافع المستأجر فقط كتعمير المطابخ فليس للمستأجر أخذ مصروفها ما لم يذكر شرط أخذه بينهما.