loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 516

مذكرة المشروع التمهيدي :

إذا كان تعرض الغير مادياً ، فلا ضمان على المؤجر ، وللمستاجر أن يواجه الاعتداء بما خوله القانون من وسائل ، كالتعويض وكدعاوی وضع اليد على أنه إذا كان التعرض المادي لا بد للمستأجر فيه ، وبلغ من الجسامة حداً يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين ، فيكون ذلك بمثابة قوة قاهرة تحول دون الانتفاع ، ويكون للمستأجر الحق في الفسخ أو انتقاص الأجرة ، وهذه نتيجة منطقية للمبدأ القاضي بأن المؤجر ملزم بتمكين المستأجر من الانتفاع و بأن الإيجار عقد مستمر تقابل الأجرة فيه المنفعة .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 774 من المشروع ، واقترح معالي السنهورى باشا تحويرات لفظية أقرتها اللجنة وأصبح نص المادة - تحت رقم 604 في المشروع النهائي - ما يأتي :

1 - لا يضمن المؤجر للمستاجر التعرض المادي إذا صدر من أجني ما دام التعرضن لا يدعى حقاً ولكن هذا لا يخل بما للمستأجر من الحق في أن يرفع بإسمه الخاص على المتعرض دعوى المطالبة بالتعويض وجميع دعاوی وضع اليد.

2 - على أنه إذا وقع التعرض المادي لسبب لا يد للمستأجر فيه ، وكان هذا التعرض من الجسامة بحيث يكرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، جاز له تبعاً للظروف أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة.

وقدمت بعد حذف كلمة (الخاص) ، من الفقرة الأولى .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 603.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثلاثين

وافقت اللجنة على المادة دون تعديل ، وأصبح رقها 575.

محضر الجلسة الرابعة والستين

يقترح حضرات مستشارى محكمة النقض والإبرام حذف المادة 575 لأنها تقرر سبباً للفسخ ليس من قبيل القوة القاهرة و مخالفاً لقواعد المستقرة المألوفة.

وتناقشت اللجنة في هذا الاقتراح ، فقال معالي الوزير : لا يمكن الأخذ بهذا الاقتراح لأن الفقرة الأولى من هذه المادة لا ينسحب عليها أي من الإعتراضين المؤيدين للاقتراح أما الفقرة الثانية فتضع حكماً لا يخرج على منطق القواعد العامة في الفسخ متى روعي أن المؤجر يلتزم بمقتضى قواعد المشروع أن يتمكن المستأجر من الانتفاع و هذا إلتزام مستمر يقابله الالتزام بدفع الأجرة ، فإذا حرم المستأجر من الانتفاع من جراء تعرض مادي لابد له فيه كان له أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة ، ولم يحل دون تقرير مثل هذا الحكم في التقنين الحالي إلا التصوير الذي اتبعه في التزام المؤجر فلم يوجب عليه تمكين المستأجر من الانتفاع بل اكتفي بتكليفه ترك المستأجر ينتفع ، وقد أخذت التقنيات التي خالفت تصوير التقنين الحالى الالتزام المؤجر بأحكام مماثلة الأحكام الواردة في نص المشروع.

قرار اللجنة :

لم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأن حكم هذه المادة متفق مع أحكام القضاء .

تقرير اللجنة :

اقترح بملحق التقرير حذف المادة 575 لأنها تقرر سبباً للفسيخ ليس من قبيل القوة القاهرة و مخالفة للقواعد المستقرة المألوفة - ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأن الفقرة الأولى من هذه المادة لا ينسحب عليها أي من الإعتراضين المؤيدين للاقتراح ، أما الفقرة الثانية فتضع حكماً لا يخرج على منطق القواعد العامة في الفسيخ متى روعي أن المؤجر يلتزم بمقتضى قواعد المشروع أن يتمكن المستأجر من الانتفاع وهذا التزام مستمر يقابله الالتزام بدفع الأجرة .

فإذا حرم المستأجر من الانتفاع من جراء تعرض مادي لا بد له فيه كان له أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة ، ولم يحل دون تقرير مثل هذا الحكم في التقنين الحالي إلا التصوير الذي اتبعه في التزام المؤجر فلم يوجب عليه تمكين المستأجر من الانتفاع بل اكتفي بتكليفه ترك المستأجر ينتفع ، وقد أخذت التقنينات التي خالفت تصوير التقنين الحالي لالتزام المؤجر بأحكام مماثلة للأحكام الواردة في نص المشروع .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة دون تعديل . 

الأحكام

1- التزام المؤجر بدفع التعرض التزام بتحقيق نتيجة ، فإذا تعرض الغير للمستأجر بأعمال مادية فقط تعين على المؤجر أن يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لدفع هذا التعرض وتقاس حالة الحرمان من الإنتفاع بالعين من جراء ذلك التعرض على حالة هلاكها لوحدة العلة ذلك أن التعرض المادي الصادر من الغير يكون فى هذه الحالة بمثابة القوة القاهرة ويعمل عملها فكلاهما حرم المستأجر من الإنتفاع بالعين ولا يد لطرفي الإيجار فيه . وعدم إستحقاق الأجرة نتيجة منطقية للمبدأ القاضي بأن الأجرة تقابل المنفعة وأن المؤجر ملزم بتمكين المستأجر من الإنتفاع بالعين وكذلك يحق للمستأجر فى حالة التعرض المادي الرجوع على المتعرض بالتعويض عما أصابه من ضرر وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية .

(الطعن رقم 1414 لسنة 68 جلسة 2000/10/16 س 51 ع 2 ص 932 ق 177)

2- النص فى المادتين 558، 2/575 من القانون المدني يدل على أن المؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة وهو التزام مستمر بقابله الالتزام بدفع الأجرة ، فإذا حرم المستأجر من الانتفاع بالعين من جراء تعرض مادي من أجنبي عنه وعن المؤجر ، وبذل كل ما فى وسعه لدفع ذلك التعرض فلم يتمكن ، حق للمستأجر أن يمتنع عن الوفاء بالأجرة للمؤجر ، وجاز له أيضاً مطالبة المتعرض بالتعويض .

(الطعن رقم 1414 لسنة 68 جلسة 2000/10/16 س 51 ع 2 ص 932 ق 177)

3- إذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن علاقة الطاعن بالمطعون ضده الأول يحكمها عقد الإيجار المؤرخ 1941/6/3 فيلتزم المستأجر بأداء الأجرة مقابل تمكين المؤجر له من الإنتفاع بالعين وتمسك بأن تعرضاً وقع للطاعن من باقي المطعون ضدهن بأن استولين على الحاوية محل النزاع بمناسبة تنفيذهن لحكم صادر لهن على حائز الأرض ومالكها الظاهر والذي لم يكن الطاعن طرفاً فيه ولم يعدن إليه الحاوية رغم طلبها كما رفض الطلب المقدم منه لقاضي التنفيذ لإستلامها فى 1995/7/19 لأن المؤجر لم يزوده بمستندات ملكيته للحاوية ، وتمسك بأن التعرض المادي الصادر من المطعون ضدهن عدا الأول حرمه كلية من الإنتفاع بالعين المؤجرة وهو ما يخوله الحق فى الإمتناع عن الوفاء بالأجرة إعمالاً لنص المادة 2/575 من القانون المدني سالفة البيان ، كما يجيز له طلب التعويض من المتعرضات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي بتأييد الحكم الإبتدائي الصادر بإلزامه بالأجرة وبرفض دعواه بطلب الحكم على المطعون ضدهن بما عسى أن يحكم عليه به ... على سند من أن عدم إنتفاع الطاعن بالحاوية يرجع إليه وأنه ليس للمطعون ضده الأول صلة بوجوده فى الأرض الفضاء التي تم تنفيذ الحكم المستعجل بتسليمها لباقي المطعون ضدهن وبأنه لا يمكن إلزامهن بالأجرة لعدم ثبوت إنتفاعهن بالحاوية رغم أن إنتفاعهن بها ليس شرطاً لإلزامهن بالتعويض عن حرمانه منها ودون أن يبين المصدر الذي استقي منه القطع بأن سبب عدم إنتفاع الطاعن يرجع إليه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 1414 لسنة 68 جلسة 2000/10/16 س 51 ع 2 ص 932 ق 177)

4- من المقرر وفقاً لنص المادة 1/575 من القانون المدنى أنه يجوز للمستأجر رغم أن حيازته حيازة مادية فحسب ، أن يرفع جميع دعاوى الحيازة سواء كان تعرض الغير له تعرضاً مادياً أو تعرضاً مبنياً على سبب قانونى ، ومن ثم فإن إقامة دعوى الحيازة من المستأجر ، والإشارة فيها إلى صفته هذه للتدليل بها على حقه فى رفع الدعوى لا يعد من قبيل الإستناد إلى أصل الحق الذى يسقط إدعاؤه بالحيازة وفقاً لنص المادة 1/44 مرافعات .

(الطعن رقم 2573 لسنة 55 جلسة 1990/01/10 س 41 ع 1 ص 147 ق 32)

5- مفاد نص المادتين575/1، 958 من القانون المدني يدل على أن المشرع وإن كان قد أباح للمستأجر أن يرفع بإسمه على المتعرض جميع دعاوى الحيازة سواء كان تعرض الغير له تعرضاً مادياً أو تعرضاً مبنياً على سبب قانوني إلا أن شرط ذلك أن تكون له حيازة مادية وحالية على العين ومعنى كونها مادية أن تكون يده كحائز متصلة بالعقار إتصالا فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الإتصال قائماً حال وقوع الغصب وإذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدعوى على سند من عدم توافر أي حيازة للطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 1377 لسنة 51 جلسة 1989/04/17 س 40 ع 2 ص 95 ق 176)

6- الحيازة التى تبيح رفع دعوى منع التعوض ليست هى مجرد السيطرة المادية على العقار فحسب بل يجب أن يكون ذلك مقترناً بنية التملك ، ولازم هذا أن يكون العقار من العقارات التى يجوز تملكها بالتقادم فيخرج منها العقار الذى يعد من الأموال العامة أو الخاصة للدولة إذ هى أموال غير جائز تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم إعمالاً لنص المادة 970 من القانون المدنى المعدله بالقانون رقم 147 لسنة 1957 أما ما أجازه هذا القانون فى المادة 575 للمستأجر وهو حائز عرضى  من رفع دعاوى الحيازة فإنما جاء إستثناء من الأصل فلا يجوز التوسع فى تفسيره ويلزم قصره عل المستأجر الذى يثبت أن حيازته وليده عقد الإيجار .

(الطعن رقم 452 لسنة 54 جلسة 1987/11/26 س 38 ع 2 ص 1007 ق 213)

7- حيث تقوم بين طرفى الخصومة رابطة عقدية فلا قيام لدعوى الإثراء بلا سبب و الذى من تطبيقاته رد غير المستحق ، بل يكون العقد وحده هو مناط تحديد حقوق كل منهما وإلتزاماته قبل الآخر ، إذ يلزم لقيام هذه الدعوى ألا يكون للإثراء الحادث أو للإفتقار المترتب عليه سبب قانونى يبرره ، لما كان ذلك و كان الثابت من الأوراق أن علاقة المطعون ضده بمورث الطاعنين يحكمها عقد إيجار مبرم بينهما يلزم أولهما بأداء الأجرة مقابل تمكين ثانيهما من الإنتفاع بالعين المؤجرة ، وإن تعرضاً مادياً وقع للمطعون ضده من الغير لا يدله فيه بلغ من الجسامة حداً حرمه كلية من الإنتفاع بالعين المؤجرة وهو يخوله الحق بصفته مستأجراً فى الإمتناع عن الوفاء بالأجرة إعمالاً لنص المادة 2/575 من القانون المدنى ، فإذا كان قد أداها للمؤجر " مورث الطاعنين " حق له أن يستردها منه وفقاً لأحكام عقد الإيجار المبرم بينهما و التى تحدد حقوق كل منهما وإلتزاماته قبل الآخر وتحمل المؤجر تبعة حرمان المستأجر من الإنتفاع بالعين المؤجرة بإعتبار أن عقد الإيجار من العقود المستمرة والأجرة فيها مقابل المنفعة وليس وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب والذى من تطبيقاته رد غير المستحق طالما أن للإثراء الحاصل لمورث الطاعنين سبب قانونى يبرره وهو عقد الايجار سالف الذكر ، وإذا إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فى قضائه برفض الدفع المبدى من مورث الطاعنين بسقوط حق المطعون ضده فى رفع الدعوى بالتقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة 187 من القانون المدنى يكون قد صادف صحيح القانون  .

(الطعن رقم 1124 لسنة 47 جلسة 1981/02/25 س32 ع 1 ص 641 ق 124)

8- مفاد نص المادة 958 من القانون المدنى أن دعوى إسترداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ، ومن ثم كان قبولها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية ، ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار إتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ، ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الإتصال قائماً حال وقوع الغصب. ولا يشترط أن تكون هذه الحيازة مقرونة بنية التملك ، فيكفى لقبولها أن تكون لرافعها حيازة فعلية ومن ثم يجوز رفعها من المستأجر ، وهو ما قررته المادة 575 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 25 لسنة 50 جلسة 1981/01/01 س 32 ع 1 ص 89 ق 20)

9- مؤدى نصوص المواد 564 ، 566 ، 1/435 من القانون المدنى ، - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن تسليم العين المؤجرة يحصل بوضعها تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والإنتفاع بها دون عائق ، و لو لم يضع يده عليها بالفعل ما دام المؤجر قد أعلمه بذلك ، بمعنى أنه ليس يكفى مجرد تخلى المؤجر عن العين المؤجرة والترخيص للمستأجر بالإنتفاع بها إذا وجد عائق يحول دونه ولا يتم التسليم بغير إزالته ، يستوى أن يكون العائق وليد تعرض مادى أو نتيجة تعرض قانونى ناشئاً عن فعل المؤجر أوأحد أتباعه أم راجعاً إلى فعل الغير أياً كان ، طالما حصل قبل حصول التسليم ، بخلاف ما إذا كانت العين قد سلمت للمستأجر فلا يضمن المؤجر عملاً بالمادة 575 من القانون المدنى إلا التعرض المبنى على سبب قانونى دون التعرض المادى .

(الطعن رقم 485 لسنة 43 جلسة 1978/01/18 س 29 ع 1 ص 229 ق 49)

10- مفاد نص المادة 958 من القانون المدنى أن دعوى إسترداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ، ومن ثم كان قبولها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية ، ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار إتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ،ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الإتصال قائماً حال وقوع الغضب ، ويشترط أن تكون هذه الحيازة بنية التملك ، ويكفى لقبولها أن يكون لرافعها حيازة فعلية ، ومن ثم يجوز رفعها من المستأجر ، والمراد بالقوة المستعملة لسلب الحيازة كل فعل يؤدى إلى منع الحيازة الواقعية لا فرق فى ذلك بين القوة المادية أوالمعنوية ، فيجوز أن يبنى الإغتصاب على أساليب الغش والتداليس و الخداع وغيرها من المؤثرات المعنوية ، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه إستظهر أن الحيازة المادية والحالية كانت خالصة للمطعون عليها الأولى دون المطعون عليه الثانى إبنها الذى كانت إقامته موقوتة مبنية على عمل من أعمال التسلح الذى لا يكسب صاحبه حقاً يعارض صاحب الحيازة ، وأن حالة الغش مستفادة من عدم وجود تفويض من المطعون عليها الأولى له بالتنازل عن الشقة موضوع النزاع بعد إستقلالها بها خلفاً لزوجها المستأجر السابق ، وكان إستخلاص الحكم توافر عناصر الغش هو إستخلاص سائغ مارسته محكمة الموضوع فى حدود سلتطها التقديرية ، ورتب الحكم على ذلك توافر شروط دعوى إسترداد الحيازة فإن ذلك لا ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 711 لسنة 42 جلسة 1976/05/05 س 27 ع 1 ص 1063 ق 204)

11- الإلتجاء إلى دعوى العقد لا إلى الحيازة محله أن يكون رافع الدعوى مرتبطاً مع المدعى عليه فيها بعقد ويكون إنتزاع الحيازة داخلاً فى نطاق هذا العقد وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأخير - المستأجر الذى إنتقلت إليه من الطاعنين - المالكين - حيازة الشقة المغتصبة لا تربط بالمطعون عليها الأولى - خلف المستأجر السابق التى سلبت حيازتها أى علاقة تعاقدية فإنه يجوز لها من ثم اللجوء إلى دعوى الحيازة .

(الطعن رقم 711 لسنة 42 جلسة 1976/05/05 س 27 ع 1 ص 1063 ق 204)

شرح خبراء القانون

متى يجوز للمستأجر دفع التعرض بنفسه :

حق المستأجر حق شخصي ، وليس له حق عيني في العين المؤجرة ، فإذا ادعى المتعرض حقاً في العين ، بأن ادعى مثلاً أنه يملكها أو أن له فيها حق الانتفاع أو حق ارتفاق أو حق رهن حيازة ، فإن الخصم الحقيقي في دعوى التعرض لا يكون المستأجر ، فليس له حق عيني في العين المؤجرة يستطيع أن يتولى بنفسه دفع التعرض عنه وهذه هي خصوصية الحق العين ، بل إن حقه شخصي يترتب في ذمة المؤجر فليس له أن يطالب المتعرض باحترام حق ليس في ذمته ، وكل ما يستطيعه هو أن يخطر المؤجر بالتعرض حتى يأتي ويتولى دفعه ، وليس للمستأجر في الأصل أن يدفع التعرض بنفسه ، وعلى ذلك إذا ادعى المتعرض أنه المالك الحقيقي للعين وانتزعها من المستأجر ، لم يملك هذا أن يرفع دعوى بإسمه ينكر فيها على المتعرض إدعاءه ، والمؤجر هو الذي يرفع هذه الدعوى ، ولكن لما كان المستأجر دائناً للمؤجر ، فإن له يرفع الدعوى غير المباشرة على المتعرض بإسم المؤجر ، وعليه أن يدخل هذا خصماً فيها .

مع ذلك يجوز للمستأجر أن يدفع التعرض بنفسه ، وبإسمه هو لا بإسم المؤجر ، في جميع الأحوال التي يصلح فيها أن يكون خصماً حقيقياً للمتعرض . 

وهو صلح أن يكون خصما حقيقياً للمتعرض في حالتين :

( الحالة الأولى ) جميع دعاوى الحيازة . فإن المستأجر إذا لم يكن له حق عيني في العين المؤجرة ، فإن له الحيازة فيها ، ويستطيع أن يحمي حيازته هذه بجميع دعاوي الحيازة ، فيرفع على المتعرض دعوى استرداد الحيازة و دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة ، وقد كان لا يتعرف في عهد التقنين المدني القديم للمستأجر بجميع دعاوي الحيازة ، ولا يعطي له منها إلا الدعوى الأولى وهي دعوى استرداد الحيازة ، لأن حيازة المستأجر في هذا التقنين كانت حيازة عارضة لا تعطيه إلا هذه الدعوى أما التقنين المدني الجديد فقد وسع من نطاق الحيازة ، وأجاز حيازة أي حق ولو كان حقاً شخصياً ، ومن ثم اعتبر المستأجر حائزاً تحميه جميع دعاوى الحيازة ، وقد طبقت المادة 1/575 مدني ها الحكم تطبيقاً صريحاً في صدد التعرض المادي الصادر من الغير ، فأجازت للمستأجر أن يرفع بإسمه على المتعرض جميع دعاوى الحيازة ، إذ تقول : " لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادي إذا صدر من أجنبي ما دام المتعرض لا يدعي حقاً ، ولكن هذا لا يخل بما للمستأجر من الحق في أن يرفع باسمه على المتعرض دعوى المطالبة بالتعويض وجميع دعاوى الحيازة" ، فإذا صح للمستأجر أن يرفع على المتعرض تعرضاً مادياً جميع دعاوي الحيازة ، فإن ذلك آت من أن للمستأجر حيازة محترمة تحمي بجميع دعواها ، وهذه الحيازة للمستأجر هي هي ، سواء كان تعرض الغير له تعرضاً ماديا أو تعرضاً مبنياً على سبب قانوني ، فيكون له في الحالتين حماية حيازته بجميع دعاوى الحيازة .

ويلاحظ أن دعاوي الحيازة هذه لا تحمي المستأجر إلا في حيازته وحدها ، فإذا انتزع منه المتعرض حيازة العين المؤجرة ، كان له أن يرفع دعوى استرداد الحيازة إذا توافرت شروطها فيسترد منه العين ، وإذا اقتصر المتعرض على أعمال مادية دون انتزاع العين مدعياً أن له حقاً ، كان للمستأجر أن يرفع عليه دعوى منع التعرض إذا توافرت شروطها ، وكذلك للمستأجر أن يرفع على المتعرض دعوى وقف الأعمال الجديدة ، إذا شرع المتعرض في القيام بأعمال من شأنها أن تخل بانتفاع المستأجر بالعين ، ولكن هذه الحماية مؤقتة ، فهي حماية تدفع التعرض عن حيازة المستأجر  للعين المؤجرة ، ولكنه لا ترد ادعاء المتعرض من حيث موضوع هذا الإدعاء ، فإذا كان يدعي ملكية العين مثلاً كان له أن يرفع دعوى استرداد الملك على المؤجر ، ويدخل المستأجر في الدعوى حتى يحم عليه بالتسليم ، فإذا أثبت المتعرض ملكيته للعين ، وقضى على المؤجر بتثبيت ملكية المتعرض ، وعلى المستأجر بتسليم العين إلى المتعرض ، لم يسع المستأجر إلا تنفيذ الحكم وتسليم العين ، ولا يجديه أن يكون قد كسب دعوى من دعاوى الحيازة فحمى بها حيازته ، وكل ما يستطيعه في هذه الحالة ، بعد أن حكم عليه بتسليم العين للمتعرض ، هو أن يرجع على المؤجر بضمان الاستحقاق ، وله أن يطلب في نفس دعوى الملك المرفوعة من المتعرض أن يقضي بالضمان على المؤجر في حالة الحكم بتثبيت ملكية المتعرض .

( الحالة الثانية ) جميع الدعاوى الأخرى التي يكون فيها للمستأجر صفة في أن يكون خصما للمتعرض ، فيجوز له في هذه الدعاوي أن يدفع التعرض بنفسه ، ومثل ذلك أن يشتري شخص العين المؤجرة بعقد تاريخه لا حق للتاريخ الثابت لعقد الإيجار ، ويرفع المشتري دعوى على المستأجر يطلب فيها إخلاء العين ، ففي هذه الدعوى للمستأجر صفة في أن يكون خصماً للمشتري ، وله أن يدفع التعرض بنفسه وأن يتمسك في مواجهة المشتري بعقد الإيجار الثابت التاريخ السابق على عقد البيع ، فيقضي برفض دعوى المشتري ، ويمتنع تعرضه ، دون أن يكون المستأجر في حاجة إلى إدخال المؤجر خصما في الدعوى ما دام واثقاً من سلامة موقفه ، أما إذا كان غير واثق من صحة دفاعه ، فالأحوط له أن يدخل المؤجر خصماً في الدعوى حتى يعينه في دفع تعرض المشتري ، وحتى يقضي عليه بضمان الاستحقاق فيما إذا كسب المشتري الدعوى وقضى له بإخلاء العين المؤجرة ، فإذا لم يدخل المستأجر المؤجر خصما في الدعوى ، وخسر دعواه ، ورجع على المؤجر بضمان الاستحقاق في دعوى مستقلة ، كان للمؤجر أن يتوقى الضمان إذا هو أثبت أن الإيجار كان نافذاً في يحق المشتري ، إما لأن تاريخ سابق على البيع ، وإما لأن المؤجر قد احتاط فاشترط في عقد البيع على المشتري احترام الإيجار ، وإما لغير ذلك من الأسباب ، ويكون المستأجر هو الملوم لأنه لم يحسن الدفاع عن نفسه ، ولم يحتط فيدخل المؤجر خصما في الدعوى ليساعده في دفع تعرض المشتري .

ومثل آخر لدعوى يكون للمستأجر فيها صفة في أن يكون خصماً للمتعرض ، فيستطيع أن يدفع التعرض بنفسه ، أن يتعرض للمستأجر مستأجر آخر من نفس المؤجر يدعي أنه مفضل عليه ، فإذا كان المستأجر مثلاً هو الذي وضع يده على العين المؤجرة دون المستأجر المتعرض ولم يسج لهذا إيجاره قبل وضع اليد ، جاز للمستأجر الأول أن يدفع دعوى المستأجر المتعرض ، أو أن يكون هو المدعي في دعوى يرفعها على هذا المستأجر ، ويتمسك في أي من الدعويين بأن عقد إيجاره هو المفضل تطبيقاً لأحكام المادة 573/ 1 مدني التي سيأتي ذكرها ، وللمستأجر الأول أن يحتاط فيدخل المؤجر خصماً في الدعوى ليساعده في الدفاع ، وليقضي عليه بضمان الاستحقاق فيما إذا قضى للمستأجر المتعرض بتفضيل عقده .

تنص المادة 575 من التقنين المدني على ما يأتي :

1 - لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادي إذا صدر من أجنبي ما دام المتعرض لا يدعي حقاً ، ولكن هذا لا يخل بما للمستأجر من الحق في أن يرفع بإسمه على المتعرض دعوى المطالبة بالتعويض وجميع دعاوى وضع اليد"  .

2 - على أنه إذا وقع التعرض المادي بسبب لابد للمستأجر فيه ، وكان هذا التعرض من الجسامة بحيث يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، جاز له تبعاً للظروف أن يطلب فسخ العقد ا إنقاص الأجرة .

ويتبين من النص المتقدم الذكر أن التعرض المادي الصادر من الغير ، بخلاف التعرض المبني على سبب قانوني ، لا يضمنه المؤجر في الأصل ، وإنما يترتب عليه رجوع المستأجر على المتعرض ، وكذلك رجوعه على المؤجر بالفسخ أو إنقاص الأجرة في الحالة التي يحرم فيها المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة .

قدمنا أن التعرض المادي الصادر من الغير لا يوجب مسئولية على المؤجر ، فلا يحق للمستأجر أن يرجع على المؤجر بتعويض عما أصابه من الضرر بسبب هذا التعرض بل إن المستأجر يصح أن يكون هو نفسه مسئولاً عن التعرض قبل المؤجر ؛ ذلك أن المستأجر يجب عليه ، طبقاً للمادة 585 مدني وسيأتي ذكرها أن يبادر إلى إخطار المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله ، كأن تحتاج العين إلى ترميمات مستعجلة ، أو ينكشف عيب بها ، أو يقع اغتصاب عليها ، أو يعتدي أجنبي بالتعرض لها ، أو بأحداث ضرر بها ، فإذا صدر تعرض مادي من الغير واعتدى على العين المؤجرة وجب على المستأجر أن يبادر بإخطار المؤجر بهذا التعرض حتى يتمكن هذا من دفع الضرر المتسبب عن هذا التعرض للعين المؤجرة ، وإلا كان المستأجر مسئولاً عن تعويض المؤجر عن الضرر الذي يتسبب عن هذا التقصير وفقاً للقواعد العامة بل قد يكون التعرض المادي الواقع على العين سببه برجع إلى المستأجر نفسه ، كأن يكون الدافع إليه عداوة بين المتعرض والمستأجر ، أو يكون المستأجر هو الذي استثار المتعرض فتعدى على العين المؤجرة ، ففي مثل هذه الأحوال يكون المستأجر مسئولاً نحو المؤجر عما أصاب العين المؤجرة بسبب خطأه ، وذلك وفقاً للقواعد العامة .

فالمؤجر إذن غير مسئول عن التعرض المادي الصادر من الغير ، والمسئول هو المتعرض ، والأصل أن يكون للمستأجر حق الرجوع على المتعرض ، وقد يرجع المؤجر نفسه على المتعرض كذلك لتعويضه عن الضرر الذي أصاب العين بتعرضه ، واستثناء من هذا الأصل قد يرجع المستأجر على المؤجر بسبب التعرض المادي .

تقضي المادة 1/575 مدني ، كما رأينا ، بأنه " لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادي إذا صدر من أجنبي ما دام المتعرض لا يدعي حقاً ، ولكن هذا لا يخل بما للمستأجر من الحق في أن يرفع باسمه على المتعرض دعوى المطالبة بالتعويض وجميع دعاوي وضع اليد"  .

فإذن يجوز للمستأجر أن يحمي حيازته ضد المتعرض بجميع دعاوي الحيازة ( وضع اليد ) ، والنص صريح في ذلك ، وقد رأينا ، عند الكلام في حق المستأجر في رفع دعاوى الحيازة عند وقوع تعرض من الغير مبني على سبب قانوني ، أن المستأجر إذا لم يكن له حق عيني في العين المؤجرة فإن له الحيازة فيها ، ويستطيع أن يحمي حيازته بجميع دعاوي الحيازة بعد أن أجاز التقنين المدني الجديد الحيازة في الحق الشخصي ، وقد قسنا حالة التعرض المبني على سبب قانوني الصادر من الغير ولم يرد فيها نص صريح ، على حالة التعرض المادي الصادر من الغير وهي الحالة التي نحن بصددها وورد فيها النص الصريح كما نرى ، وعلى ذلك يجوز للمستأجر أن يرفع على المتعرض تعرضاً مادياً دعوى استرداد الحيازة و دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة ، متى توافرت شروط هذه الدعاوى الثلاث ، ولكن هذه الدعاوى لا تحمي المستأجر إلا في حيازته وحدها ، فيسترد حيازة العين المؤجرة أو يمنع التعرض عن هذه الحيازة أو يقف الأعمال الجديدة ، ولكن الضرر الذي أصابه من جراء التعرض المادي ، كما لو أتلف المتعرض أثاثه أو حرمه من الانتفاع بالعين المؤجرة مدة التعرض ، فهذه مسألة أخرى لا تجدي فيها دعاوى الحيازة .

ومن ثم يجوز للمستأجر ، فوق دعاوي الحيازة ، أن يطالب المتعرض قضاء بالكف عن التعرض بجميع الوسائل التي يخوله إياها القانون ، وله بوجه خاص أن يرجع على المتعرض بالتعويض كما هو صريح النص ، ويكون ذلك بموجب قواعد المسئولية التقصيرية.

 فيجوز أن يطالب المتعرض بتعويض عن التلف الذي أصاب الأثاث ، أو عن السرقة التي ارتكبت ، أو عن حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة مدة التعرض ، وسنرى ، فيما يتعلق بحرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة ، أن له أيضاً حق الرجوع إلى المؤجر ، وللمؤجر أن يرجع بدوره على المتعرض ، أما في غير الحرمان من الانتفاع ، فليس للمستـأجر أن يرجع إلا على المتعرض ، ولا رجوع له على المؤجر إذ أن هذا لا يضمن كما قدمنا التعرض المادي الصادر من الغير .

ويجوز للمؤجر ذلك الرجوع على المتعرض ، بموجب قواعد المسئولية التقصيرية ، في حالتين :

( الحالة الأولى ) إذا نجم عن التعرض ضرر أصاب العين المؤجرة ذاتها ، فإذا لحق العين تلف كلي أو جزئي ، جاز للمؤجر أن يرجع على المتعرض بتعويض هذا التلف ، وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية كما قدمنا ، وهو يرجع بالتعويض لا كمؤجر ، بل كمال للعين.

( الحالة الثانية ) إذا ترتب على التعرض حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة فرجع المستأجر على المؤجر بفسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة على الوجه الذي سنبينه فيما يلي ، فإن المؤجر يجوز له الرجوع بدوره على المتعرض بتعويض عما أصابه من الضرر بسبب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة ، وذلك وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية كما سبق القول ، وهذا لا يخل بحق المستأجر في الرجوع على المتعرض بتعويض ما أصابه من ضرر بسبب فسخ الإيجار قبل انقضاء مدته .

وقد يرجع المستأجر على المؤجر ، لا بفسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة فحسب ، بل أيضاً بالتعويض عن جميع الأضرار التي أصابته من تعرض الغير ، وذلك إذا اشترط ضمان المؤجر لهذا التعرض المادي كما سيجيء ، ففي هذه الحالة يجوز للمؤجر أن يرجع بدوره على المتعرض بما رجع عليه به المستأجر .

رأينا المادة  2/575 مدني تقول : " على أنه إذا وقع التعرض المادي بسبب لابد للمستأجر فيه ، وكان هذا التعرض من الجسامة بحيث يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة جاز له تبعا للظروف أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة"  ، ونبادر إلى القول بأن الحق الذي يعطيه هذا النص للمستأجر في طلب الفسخ أو إنقاص الأجرة ليس أساسه مسئولية المؤجر عن ضمان التعرض ، فالمؤجر كما رأينا غير مسئول عن ضمان التعرض المادي الصادر من الغير إلا إذا اشترط عليه المستأجر ذلك ، وإنما أساسه تحمل المؤجر لتبعة حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، فحيث يحرم المستأجر لسبب لا بد له فيه من الانتفاع بالعين ، لهلاكها أو لقيام عائق يحول دون الانتفاع بها أو لوجود عيب فيها أو لتعرض الغير تعرضاً مبيناً على سبب قانون أو تعرضاً مادياً أو لغير ذلك من الأسباب ، فإن الذي يتحمل تبعة ذلك هو المؤجر لا المستأجر . ويتمثل تحمله لهذه التبعة في حق المستأجر في طلب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة ، دون أن يكوون له حق في التعويض ، لأن التعويض جزاء للمسئولية عن الضمان ، ولا محل لهذا الجزاء في تحمل تبعة الحرمان من الانتفاع بالعين ، وهذه القاعدة الأساسية في الإيجار مردها إلى قاعدة أساسية أخرى هي أن الأجرة تقابل الانتفاع بالعين ، فإذا زال هذا الانتفاع أو نقص وجب الفسخ أو إنقاص الأجرة .

ويستخلص من النص المتقدم للذكر أنه حتى يجوز للمستأجر أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة بسبب التعرض المادي الصادر من الغير ، يجب أن يتوافر شرطان :

( الشرط الأول ) أن يقع التعرض بسبب لا يد للمستأجر فيه ، فيجب إذن أن يكون التعرض المادي الصادر من الغير أجنبياً عن المستأجر ، كما هو أجنبي عن المؤجر فيما قدمنا ، فإذا وقع التعرض من الغير بسبب يرجع إلى المستأجر ، كما لو كان السبب قيام خصومة بين المتعرض والمستأجر ، أو كان المستأجر هو الذي استفز المتعرض فدفعه إلى تعرضه ، أو قصر المستأجر فتمكن المتعرض من تعرضه بسبب هذا التقصير ، لم يكن المستأجر أن يرجع على المؤجر بالفسخ أو انقصا الأجرة بل على العكس من ذلك المؤجر هو الذي يرجع على المستأجر بتعويضه عن الضرر الذي عسى أن يكون قد أصابه من جراء هذا التعرض المادي الذي وقع بسبب يرجع إلى المستأجر ، وذلك وفقاً للقواعد العامة .

( الشرط الثاني ) أن يكون التعرض من  الجسامة بحيث يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة وحرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة يرجع لأحد سببين : السبب الأولى أن يكون التعرض قد وقع على العين المؤجرة ذاتها فأدى إلى إتلافها إتلافاً كلياً أو جزئياً ، كما إذا وقعت حرب أو ثورة فأتلفت الأعمال الحربية أو أعمال الثوار العين ، أو تعدي الغير على العين فهدمها ، وفي هذه الحالة تهلك العين هلاكاً كلياً أو جزئياً ، فلا تسري أحكام المادة 2/575 مدني ، بل تسري أحكام هلاك العين المؤجرة التي يتضمنها المادة 569 مدني وقد تقدم بيانها ، فإذا كان الهلاك كلياً انفسخ الإيجار بحكم القانون ، وإذا كان الهلاك جزئياً وبلغ من الجسامة حداً يبرر فسخ الإيجار أمكن الفسخ وإلا أنقصت الأجرة ، وفي حالة الهلاك الجزئي يمكن للمستأجر أن يطالب بإعادة العين إلى أصلها إذا لم تكن نفقات هذه الإعادة باهظة ، ولكل من المؤجر والمستأجر ، فوق ذلك ، الرجوع على المتعرض بالتعويض عن الضرر الذي أصابه ، الأولى عن تلف العين وعن رجوع المستأجر عليه ، والثاني عن حرمانه من الانتفاع بالعين وبخاصة إذا فسخ الإيجار قبل انقضاء مدته ، وذلك طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية.

 والسبب الثاني أن يكون التعرض قد وقع ، لا على العين المؤجرة ذاتها ، بل على انتفاع المستأجر بها ، فإذا وقعت حرب أو ثورة لم تتلف العين المؤجرة ، ولكنها أرغمت المستأجر على ترك العين فحرم من الانتفاع بها ، أو إذا اغتصب العين معتد فحال بين المستأجر وبن الانتفاع بها ، فإن التعرض المادي الصادر من الغير في هذه الحالة لم يقع على العين ذاتها ، بل وقع على انتفاع المستأجر بالعين فحرمه منه ، فيكون للمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة بحسب الأحوال ، وذلك تطبيقاً للمادة 2/575 مدني لا تطبيقاً للمادة 569 مدني ، ويشترط أن يكون التعرض جسيماً ، لا في ذاته فحسب ، بل أيضاً من حيث نتيجته ، فيكون حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين حرماناً جسيماً ، إذا لم يكن كافياً لتبرير الفسخ فعلى الأقل يبرر إنقاص الأجرة ويجوز كل من المؤجر والمستأجر فوق ذلك الرجوع على المتعرض بالتعويض عن الضرر الذي أصابه ، عما عسى أن يكون قد أصاب العين من ضرر بسبب التعرض وعن رجوع المستأجر عليه ، والثاني عن حرمانه من الانتفاع بالعين وبخاصة إذا فسخ الإيجار قبل انقضاء مدته ، وذلك كله طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية .

أما إذا كان التعرض غير واقع على العين المؤجرة ، بل اقتصر الجار في أعمال التعرض التي قام بها على حدود العين التي يوجد فيها ، فلا جديد هنا أيضاً إذا كان الجار لا يدعي في تعرضه أنه يستند إلى حق له ، ذلك أن التعرض هنا يكون تعرضاً مادياً ، ويكون حكمه حكم التعرض المادي الواقع على العين المؤجرة لا يضمنه المؤجر ، وللمستأجر أن يدفعه بنفسه بجميع الوسائل التي يخوله إياها القانون ، فإذا أدار الجار محلاً سرياً للعهارة بجوار العين المؤجرة ، أو أحدث جلبة وضوضاء في المكان الذي يسكنه فأزعج المستأجر وعكر عليه الهدوء الذي هو من حقه ، أو جعل الجار منزله مأوى للصوص أو لأناس لا خلاق لهم بحيث يتأذى المستأجر من هذا الجار ، فلا شك في أن هذا التعرض ، والجار لا يستند فيه إلى أي حق يدعيه ، يكون تعرضاً مادياً لا يضمنه المؤجر ، وللمستأجر الرجوع مباشرة على الجار يطالبه بالكف عن التعرض وبالتعويض عما أحدثه من الضرر ، وهذا يكون من قبيل مخالفة واجبات حسن الجوار ، التي تقع المسئولية فيها مباشرة على الجار الذي يخالف هذه الواجبات ويجوز للمستأجر هنا أيضاً ، إذا وقع هذا التعرض المادي بسبب لا يد له فيه وكان من الجسامة بحيث يحرمه من الانتفاع بالعين المؤجرة ، أن يطلب فسخ العقد أو  إنقاص الأجرة تطبيقاً للمادة 2/575  مدني .

بقي أن يستند الجار ، في التعرض المقصور على حدود العين التي يوجد فيها ، إلى حق يدعيه ، وهنا الجديد ، فقد يقال إنه ما دام الجار يستند في تعرضه إلى حق يدعيه ، فالتعرض يكون مبنياً على سبب قانوني ويضمنه المؤجر ، بهذا قال فريق من الفقهاء غير أننا نرى ، مع فريق آخر، أن التعرض هنا يبقى تعرضاً مادياً ، لأن الجار لا يستند في تعرضه إلى حق يدعيه متعلقاً بالعين المؤجرة ، بل إلى حق يدعيه متعلقاً بالعين التي يوجد هو فيها ، وشرط التعرض المبني على سبب قانوني الذي يضمنه المؤجر هو أن يستند إلى حق يدعيه المتعرض متعلقاً بالعين المؤجرة ذاتها ، سواء كان هذا الحق حقاً عينياً أو حقا شخصياً فإذا بني الجار في أرضه أو في منزله حائطاً حبس به الضوء والهدوء عن المستأجر ، أو أدار بجوار العين محلاً مقلقاً للراحة أو خطراً أو ضاراً بالصحة ، أو قام بترميمات في منزله كان من شأنها إلقاء التراب والحجارة أمام العين المؤجرة فيخل ذلك بانتفاع المستأجر ، فإن هذه الأعمال ولو أن الجار يدعي أن له حقاً في القيام بها ، تعد تعرضاً مادياً لا يضمنه المؤجر ، وللمستأجر أن يرجع على الجار إذا لم يكن لهذا حق في هذه الأعمال ، يطالبه بالكف عنها ، وإذا كان للجار حق فيها ، وكان من الجسامة بحيث تحرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، فللمستأجر أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة تطبيقاً للمادة 2/575 مدني  .

والمفروض في كل ما تقدم ألا يكون الجار المتعرض هو نفس المؤجر ، أما إذا كان الجار هو المؤجر ، فأي عمل من أعمال التعرض يقوم به ، سواء كان التعرض واقعاً على العين المؤجرة أو كان مقصوراً على حدود المكان الذي يوجد فيه ، وسواء كمان التعرض مستنداً إلى إدعاء حق أو كان تعرضاً مادياً ، ففي جميع الأحوال يكون المؤجر ضامناً للتعرض ، لأنه تعرض شخصي صادر منه هو ، والمؤجر ضامن لتعرضه الشخصي على الوجه الذي بيناه فيما تقدم . كذلك إذا خول المؤجر الغير أن يقوم بأي عمل من أعمال التعرض ، عد  هذا تعرضاً مادياً من المؤجر وتعرضاً مبنياً على سبب قانوني من الغير ، وكلا المتعرضين يضمنه المؤجر . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس ، الصفحة/ 474)

إذا كان التعرض مادية فلا ضمان على المؤجر، وللمستأجر أن يواجه الاعتداء بما خوله القانون من وسائل التعويض وكدعاوی وضع اليد على أنه إذا كان الأرض المادي لا يد للمستأجر فيه وبلغ من الجسامة حدا يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين فيكون ذلك بمثابة قوة قاهرة تحول دون الانتفاع ويكون للمستأجر الحق في الفسخ أو إنقاص الأجرة .

ويكون المؤجر غير مسئول عن التعرض المادي الصادر من الغير إذا توافرت الشروط التالية :

1 - أن يصدر التعرض من الغير وألا يكون للمؤجر إسهام فيه وقد يكون الإسهام سلبياً كأن يضع الغير كتابات على العين مهينة للمستأجر ولا يكلف المؤجر البواب بإزالتها ، بل تنهض مسئوليته لمجرد تقصير البواب في إزالتها.

2 - أن يكون التعرض مادية محضة بألا يستند التعرض لحق يدعيه.

3 - أن يحدث التعرض بعد تسليم العين تسليمة فعلية أو حكمية أما قبل التسليم وبعد العقد فيضمن المؤجر هذا التعرض، ولا يلتزم المستأجر بدفع التعرض بنفسه إلا إذا وقع بعد التسليم.

ما يترتب على هذا التعرض :

أولاً : أن يكون للمستأجر حماية حياته ضد المتعرض بجميع دعاوى الحيازة إذ أجاز القانون المدني حماية الحيازة في الحق الشخصي فللمستأجر رفع دعوى استرداد الحيازة و دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة متى توافرت شروط هذه الدعاوى على نحو ما تضمنته المواد من (658) إلى (968) مدنی - كما يجوز له مطالبة المتعرض قضاء بالكف عن التعرض وله مطالبته بالتعويض بموجب قواعد المسئولية التقصيرية فيطالب بتعويض عن تلف أثاثه أو عن السرقة أو عن حرمانه من الانتفاع ، كما يجوز للمؤجر الرجوع على المتعرض إذا تنجم عن التعرض ضرر للعين ذاتها أو إذا ترتب على التعرض الإضرار بالمؤجر.

ثانياً : أن يكون للمستأجر الرجوع على المؤجر إذا اشترط على المؤجر ضمان تعرض الغير فتسري الأحكام التي أوضحناها في مسئولية المؤجر عن ضمان تعرض الغير المبني على سبب قانوني وهذا الشرط لا يمنع المستأجر من الرجوع بنفسه على المتعرض بدعاوى الحيازة أو بالكف عن التعرض وبالتعويض.

ودعوى الحيازة دعوى عينية عقارية حتى لو رفعت من المستأجر وهو صاحب حق شخصی وتقدر قيمتها بقيمة العقار محل الدعوي.

ومتى توافرت هذه الشروط سالفة البيان تحقق التزام المؤجر بالضمان فيلزم بدفع هذا التعرض ، ويجب على المستأجر إخطاره في الوقت المناسب حتى يتمكن من دفع التعرض فإذا تأخر المستأجر وفاتت على المؤجر الفرصة في دفع التعرض وأثبت أن التعرض لم يكن له أساس سقط حق المستأجر في الرجوع عليه بالضمان بل هو الذي يرجع عليه، وليس للإخطار شكل معين فقد يكون بإعلان على يد محضر أو بكتاب مسجل أو غير مسجل أو شفاهة ويقع على المستأجر عبء إثبات قيامه به ، ويقوم مقام الإخطار إدخال المؤجر خصماً في الدعوى ، ومتى تم الإخطار وجب على المؤجر دفع التعرض کرفع دعوى بإلزام المتعرض بالكف عن تعرضه وللمؤجر كذلك اللجوء لدعاوى الحيازة متى توافرت شروطها ، ويتعين عليه النجاح في دفع التعرض إذ أن التزامه هو التزام بتحقيق غاية ، أما إذا تعرض الغير برفع دعوى على المستأجر تعين على المؤجر التدخل فوراً بنفسه أو بعد إخطاره ، وللمستأجر أن يبقى في الدعوى - وهذا أفضل ليرجع على المؤجر بضمان الاستحقاق في نفس الدعوى وليمنع ما قد يكون من تواطؤ أو يطلب إخراجه منها ولو رفض المؤجر الدخول فيها ، وليس له ذلك إذا وجهت إليه طلبات كإخلاء العين ، وإذا لم يتدخل المؤجر فالحكم الذي يصدر لا يحاج به ، أما الدعاوی ما بين المؤجر والمتعرض فيحاج بها المستأجر ولو لم يكن طرفاً فيها فهو دائن للمؤجر وتنفذ في حقه الأحكام الصادرة ضد مدينه ، ويجب أن ينجح المؤجر في دفع التعرض وإلا التزم بالضمان ومتى نجح كان له والمستأجر الرجوع بالتعويض على المتعرض. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع ، الصفحة/ 688)

التعرض المادي هو كل فعل مادي يخل بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة أو بملحقاتها ، ولا يستند فعله إلى حق يدعيه ، وذلك كاغتصاب الشيء المؤجر أو تحطيم بابه أو زجاج نوافذه أو إقامة أحد الجيران حائطاً يحجب النور والهواء عن العين المؤجرة .

والأصل أن المؤجر لا يضمن التعرض المادي الصادر من أجنبي ، والسبب بما في ذلك هو أنه لا يمكن نسبة أي خطأ إليه في وقوعه ، فالمتعرض لا يدعى حقاً و يخوله إجراء الفعل الذي ارتكبه حتى يمكن القول بأن المحتمل أن يكون المؤجر قد تجاوز حقه عند إبرام الإيجار ، فيكون المؤجر فيما يتعلق بهذا النوع من التعرض شأنه شأن المستأجر ، فكلاهما ضحية لفعل مادی غير مشروع ، ولكل منهما أن يدفع هذا التعرض في حدود ما يصيبه من ضرر، وليس للمؤجر صفة في دفع هذا التعرض أكثر مما للمستأجر.

ويضاف إلى ما سلف، أن التعرض المادي الصادر من أجنبي قد يكون سببه راجعاً إلى المستأجر نفسه، كأن يكون المتعرض تعدى على العين المؤجرة العداوة بينه وبين المستأجر، أو الاستفزاز المستأجر له ، أو الإهمال المستأجر في حراسة العين.

شروط عدم ضمان المؤجر التعرض المادي الصادر من أجنبي : 

1 - أن يكون التعرض صادراً من أجنبي .

2 - ألا يستند المتعرض في تعرضه إلى حق يدعيه .

3 - أن يقع التعرض أثناء انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة .

4 - ألا يكون المؤجر قد منع المستأجر من رعاية العين المؤجرة الرعاية التي تجعله في مأمن من وقوع التعرض .

5 - ألا يتضمن العقد شرطاً ينص على إلزام المؤجر بضمان التعرض المادي الصادر عن أجنبي .

ويشترط لتحقق مسئولية المؤجر مما يبرر للمستأجر طلب إنقاص الأجرة أو فسخ العقد توافر الشرطين الآتيين :

1 - وقوع التعرض المادي من الغير بسبب لا يد للمستأجر فيه .

يشترط وقوع الضرر من الغير بسبب لا يد للمستأجر فيه.

أما إذا كان وقوع التعرض المادي من الغير بسبب من قبل المستأجر، فلا تحقق مسئولية المؤجر ، كما لو كان المستأجر قد استفز الغير فقام بفعل العرض ، أو قصر المستأجر في المحافظة على العين فسهل للغير سبيل المرض ، بل يكون للمؤجر في هذه الحالة الرجوع على المستأجر بتعويضه عما کن لحق العين المؤجرة من ضرر بسبب التعرض وفقاً للقواعد العامة .

2 - يشترط أن يكون التعرض من الجسامة بحيث يحرم المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة.

والتعرض قد يقع على العين المؤجرة ذاتها، فتهلك العين كلياً أو جزئياً ، أو تصيبها بعض الأضرار وعندئذ تتحقق مسئولية المؤجر لا على أساس ضمان المؤجر ، لأن التزام المؤجر بالضمان لا يقوم إلا في حالة تقصيره في تمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة.

خولت الفقرة الأولى من المادة المستأجر في حالة وقوع التعرض المادي من أجنبي ، أن يرفع باسمه على المتعرض دعوى المطالبة بالتعويض وجميع دعاوى وضع اليد.

فالمستأجر رغم أنه ليس صاحب حق عيني وأن حيازته للعين المؤجرة حيازة عرضية أي مقصورة على الركن المادي للحيازة دون ركنها المعنوي ، فإنه يجوز له رفع دعاوى الحيازة الثلاث ضد المتعرض .

فإذا اغتصب الغير حيازته العين المؤجرة كان للمستأجر استردادها بدعوى استرداد الحيازة.

وإذا حاز المستأجر العقار لمدة سنة كاملة ثم وقع له تعرض في حيازته جاز له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى بمنع هذا التعرض.

وإذا كان قد أصاب المستأجر ثمة ضرر من جراء التعرض كإتلاف زراعته أو أثاثه ، أو حرم من الانتفاع بالعين المؤجرة مدة معينة، جاز له أيضاً مطالبة المتعرض بالتعويض ، ويحكم مسئولية الأخير قواعد المسئولية التقصيرية إذ لا عقد يربط بينه وبين المستأجر . 

ويجوز للمؤجر الرجوع على المتعرض في حالتين :

الأولى: أن يتسبب التعرض في إلحاق ضرر بالعين المؤجرة ، إذ يجوز للمالك المؤجر مطالبة المتعرض بتعويض هذا الضرر.

وهذا الضرر قد يتمثل في تهدم العين كلياً أو جزئياً أو حصول أضرار بها ، ولو لم يترتب عليها الإخلال بانتفاع المستأجر بالعين.

الثانية: إذا قضى للمستأجر بفسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة ، إذ يجوز له المطالبة بالتعويض عما أصابه من أضرار نتيجة لذلك.

والمسئولية هنا تحكمها قواعد المسئولية التقصيرية ، إذا لا يربط الطرفين ثمة عقد. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  السابع ، الصفحة/  545 )

التعرض المادي الصادر من الغير - يعتبر تعرضاً مادياً صادراً من الغير كل فعل مادي يقوم به الغير ويخل بانتفاع المستأجر دون أن يستند فيه الغير الى حق يدعيه على العين المؤجرة ، كما إذا قلع أحد الأشقياء زراعة المستأجر أو أغرق الأرض المزروعة أو حطم زجاج نوافذ الدار المؤجرة أو من المستأجر بالقوة من دخولها أو أذا أقام أحد الجيران حائطاً يحجب النور والهواء عن العين المؤجرة أو أنشأ مصنعاً أو افتتح مدرسة بحيث يحدث ذلك ضوضاء يعكر على المستأجر انتفاعه بالعين المؤجرة .

وقد نصت المادة 575 فقرة أولى على أن «لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادي اذا صدر من أجنبي ما دام المتعرض لا يدعی حقاً» وهذا طبيعي لأن التعرض المادي الصادر من الغير مفروض فيه أنه لا يمكن نسبته إلى المؤجر ، فلا يجوز أن يضمنه أو يسأل عنه، ولأن المؤجر فيما يتعلق بهذا النوع من التعرض شأنه شأن المستأجر ، فكلاهما ضحية لفعل مدى غير مشروع ، ولكل منهما أن يدفع هذا التعرض في حدود ما يصيبه منه من ضرر ، وليس للمؤجر صفة في دفع هذا الضرر أكثر مما للمستأجر ، فإذا تضرر المستأجر من التعرض كان عليه أن يدفعه بنفسه وليس له أن يرجع على المؤجر لذلك ، إلا إذا كان المؤجر قد تسبب بخطئه في حدوث هذا التعرض أو كان قد تعهد بضمانه صراحة أو ضمناً ويبين من ذلك أنه يشترط في عدم ضمان المؤجر التعرض المادي الصادر من الغير :

1 - أن يكون التعرض صادراً لا من المؤجر نفسه ولا من أحد أتباعة بل من شخص أجنبي عنه .

2 - أن يكون هذا التعرض ماديا أي لا يستند فيه المتعرض الى أي حق يدعيه على العين المؤجرة .

3 - أن یکون حدوث هذا التعرض غير راجع إلى خطأ من المؤجر ؛ فإذا كان المؤجر قد حرض الغير أو شجعه على التعرض أو أتاح له فرصته ، عد هذا التعرض بمثابة تعرض شخصی منه أو من أتباعه .  

4 - أن يحدث التعرض في أثناء انتفاع المستأجر ، أي بعد تسليم العين إليه سواء كان التسليم فعلياً أو قانونياً ، لأنه اذا حدث قبل ذلك وجب على المؤجر ازالته حتى يتمكن من الوفاء بالتزامه بالتسليم ، وإذا حدث بعد انتهاء مدة انتفاع المستأجر لم يكن المستأجر شاق يقع عليه الاعتداء ، وإنما يكون الاعتداء واقعاً على حق المؤجر ، فيلزمه دفعه بنفسه والرجوع على المتعرض بالتعويض .

5 - أن يقتصر أثر التعرض المادي الصادر من الغير على الإخلال بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة إخلالاً عابراً وأن لا يتعدى ذلك إلى المساس بسلامة العين أو بصلاحيتها للانتفاع بها بعد ذلك ، لأن التعرض في الحالة الأولى يعتبر اعتداءَ واقعاَ على حق المستأجر شط فيجب على المستأجر دفعه ولا يسأل المؤجر عن ذلك ، أما في الحالة الثانية ، فإنه يكون واقعاً على حق المستأجر وعلى حق المؤجر معاً فيجب على كل منهما دفعه فيما يخصه ، ويتحمل وحده نتيجة ما يقع من اعتداء ، فإذا سرقت منقولات المستأجر أو أتلفت زراعته ، لم يضمن المؤجر شيئاً من ذلك .

أما إذا أحرقت بفعل الغير إحدی حجر المنزل بما فيها من منقولات المستأجر ، لم يتضمن المؤجر المنقولات ولا انتفاع المستأجر في المدة اللازمة لإصلاح هذه الحجرة وإزالة آثار الحريق ، ولكنه يلتزم بإجراء هذه الإصلاحات على نفقته ، بناء على التزامه بصيانة العين ، فإذا امتنع عن إجراء الترميمات ، كان المستأجر اما اجراؤها على نفقة المؤجر بإذن المحكمة أو دون إذن حسب الأحوال ، وأما طلب الفسخ أو طلب نقص الأجرة و وإذا هلكت العين كلها أو بعضها نتيجة للتعرض المادي الصادر من الغير ، فان المؤجر لا يضمن هذا التعرض للمستأجر ولكنه يلزم بتحمل فسخ الإجارة أو نقص الأجرة بناءً على قواعد تحمل تبعة الهلاك .

ما يترتب على التعرض المادي الصادر من الغير - يختلفة الأثر الذي يترتب على التعرض المادي النادر من الغير باختلاف ماهيته وجسامته .

وقد تقدم أن هذا النوع من التعرض أما أن يخل بانتفاع المستأجر إخلالاً عابراً وإما أن يحول نهائياً دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة كلها أو بعضها ، وإما أن يتعدى ذلك الى المساس بسلامة العين ذاتها ، فالحالة الأولى ينطبق عليها نص المادة 570 فقرة أولى ، وهي تقضي بأنه لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض المادي اذا صدر من أجنبي ما دام التعرض لا يدعى حقاً ، ولكن هذا لا يخل بما للمستأجر من الحق في أن يرفع بإسمه على المتعرض دعوى المطالبة بالتعويض وجميع دعاوى وضع اليد ، أي أنه في هذه الحالة لا يكون المؤجر مسئولاً عن التعرض ولا يجوز الرجوع عليه بتعويض بل هو لا يتأثر من هذا التعرف ولا يلحقه منه أي ضرر ، وإنما يقع الضرر على المستأجر بتفويت الانتفاع عليه مدة. التعرض ، فيكون المستأجر حق دفع التعرض ووقفه ، ويخوله القانون من أجل ذلك حق رفع دعاوى وضع اليد وبخاصة دعوى منع التعرض ودعوى استرداد الحيازة ولو أن حقه ليس حقاً عينياً تعرف ولو أن حيازته حيازة عرضية ، أي أنها مقصورة على الركن المادي للحيازة دون ركنها المعنوي ، ويكون له فوق ذلك حق الرجوع على المتعرض بتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب ما فاته من الانتفاع في أثناء قيام التعرض ، ويكون رجوعه عليه بمقتضى قواعد الفعل الضار والمسؤولية التقديرية .

أما المؤجر ، فما دام لم يصبه أي ضرر من ذلك ، فلا يكون له رجوع على المتعرض.

والحالتان الثانية والثالثة تشبهان الأولى في أنه لا مسئولية فيهما على المؤجر لأنه لا يضمن التعرض المادي الصادر من الغير بأي حال ما دام لیس راجعاً إلى خطأ منه ، وفي أن المستأجر يملك دفع التعرض بنفسه ولكنهما تختلفان عنها في أن المستأجر يحرم فيها من الانتفاع بالعين حرماناً نهائياً ، يكون بمثابة هلاك المنفعة محل التعاقد هلاكاً كلياً أو جزئياً. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 381) 

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الأول ، الصفحة /   269

ب - ضمان غصْب الْعيْن.

54 - جمْهور الْفقهاء على أنّه إذا غصبت الْعيْن في إجارة الأْعْيان الْمعيّنة يثْبت للْمسْتأْجر الْخيار بيْن أنْ يفْسخ الْعقْد، أوْ ينْتظر مدّةً يسيرةً ليْس لمثْلها أجْرٌ، ريْثما تنْتزع من الْغاصب.

وفي إجارة ما في الذّمّة ليْس للْمسْتأْجر الْفسْخ وعلى الْمؤجّر الإْبْدال، وليْس للْمسْتأْجر مخاصمة الْغاصب في الْعيْن. وقال الشّافعيّة والْحنابلة: إنْ تعذّر بدلها على الْمؤجّر فللْمسْتأْجر الْفسْخ.

وتنْفسخ بمضيّ الْمدّة إنْ كانتْ على مدّةٍ، وإنْ

كانتْ على عيْنٍ معيّنةٍ لعملٍ، كذا إلى جهةٍ، كان له الْفسْخ. وإنْ كانتْ على عيْنٍ معيّنةٍ لمدّةٍ، خيّر بيْن الْفسْخ وبيْن إبْقاء الْعقْد ومطالبة الْغاصب بأجْرة الْمثْل. فإنْ فسخ فعليْه أجْرة ما مضى. وإنْ كان الْغاصب هو الْمؤجّر فلا أجْرة له.

ويرى قاضيخانْ من الْحنفيّة أنّه لا تنْفسخ الإْجارة بغصْب الْعيْن، ولوْ غصبتْ بعْض الْمدّة فبحسابه. واتّجه صاحب الْهداية إلى أنّها تنْفسخ بالْغصْب.

أمّا الأْجْرة فتسْقط؛ لأنّ تسْليم الْمحلّ إنّما أقيم مقام تسْليم الْمنْفعة للتّمكّن من الانْتفاع، فإذا فات التّمكّن بالْغصْب فات التّسْليم. ولذا فإنّ الْمنْفعة لوْ لمْ تفتْ بالْغصْب، كغصْب الأْرْض الْمقرّرة للْغرْس مع الْغرْس، لا تسْقط الأْجْرة.

___________________________________________________________

 

 كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

( مادة 541 )

إذا عرض في مدة الإجارة ما يمنع من الانتفاع بالعين المؤجرة بأن غصبت الدار المستأجرة منه ولم يتمكن بأي وسيلة كانت من رفع يد الغاصب سقطت الأجرة عن المستأجر ولو عرضن ذلك في بعض المدة سقطت الأجرة بقدره

( مادة 542 )

اذا قصر المستأجر في رفع الغاصب وكان ذلك ممكناً له فلاتسقط عنه الاجرة ولو أمكنه ذلك بإنفاق مال لا يلزمه ذلك وتسقط عنه الاجرة.

( مادة 543 )

اذا ادعي المستأجر ان العين المؤجرة غصبت منه ففاته الانتفاع بها أو بعضها ولا ينقله وأنكر المؤجر ذلك يحكم الحال منهما فان كانت الدار بيد المستأجر فالقول للؤجروان كانت في يد غير المستأجر صدق قوله ولا أجر عليه.