loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 523

مذكرة المشروع التمهيدي :

إذا تحقق ضمان العيب طبقت القواعد العامة ، كما هو الأمر في ضمان الاستحقاق، وكان للمستأجر أن يطلب إصلاح العيب ، أو يقوم هو بإصلاحه على نفقة المؤجر ، بترخيص من القضاء أو دون ترخيص وفقاً لما تقدم بيانه من الأحكام ، ما لم يكن إصلاح العيب من شأنه أن يبهظ المؤجر ، كما إذا اضطر إلى إعادة بناء العين المؤجرة ، و للمستأجر أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة ، وله كذلك أن يطلب التعويض إذا أصابه ضرر من العيب إلا إذا أثبت المؤجر أنه كان حسن النية أي كان يجهل وجود العيب .

الأحكام

(ملحوظة من مركز الراية للدراسات القانونية: حكمت المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 97 لسنة 30 ق دستورية بجلسة 2021/10/9 بعدم دستورية الفقرة (هــ) من المادة 502 من القانون المدني في مجال سريانها على هبة أي من الوالدين لولده).

1- يشترط للرجوع فى الهبة على ما نصت عليه المادة 500 من القانون المدني فى حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب فى الرجوع إلى عذر يقبله القاضى و ألا يوجد مانع من موانع الرجوع ، فإذا كانت محكمة الموضوع قد أعملت هذه المادة وانتهت إلى عدم أحقية الطاعن فى استرداد مبلغ الشبكة لما رأته فى حدود سلطتها التقديرية و للأسباب السائغة التى أوردتها من انتفاء العذر المقبول الذى يبرر رجوع الطاعن فى هبته فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 302 لسنة 28 جلسة 1963/10/24 س 14 ع 3 ص 967 ق 135)

2- لما كان يجوز للواهب طبقاً لنص المادة 500 من القانون المدنى الرجوع فى الهبة إذا تراضى على ذلك مع الموهوب له أوإستند إلى عذر يقبله القاضى إلاإذا وجد مانع من الرجوع فى الهبة وكانت المادة 502 من القانون المدنى قد عددت موانع الرجوع فى الهبة ومن بينها ما نصت عليه الفقرة " ه " من أنه " إذا كانت الهبة لذى رحم محرم " ولما كان نص هذه الفقرة قد جاء عاماً بغير تخصيص مطلقاً بغير قيد فيسرى على جميع الهبات التى تربط الواهب فيها بالموهوب له قرابة الرحم والمحرمين إذ هى هبات لازمة لتحقق غرض الواهب منها وهو صلة الرحم بصدور الهبة ذاتها فلا يجوز للواهب الرجوع فيها بغير التراضى مع الموهوب له ولما كان المقرر شرعاً أن بنات الإبن يعتبرون رحماً محرماً فإنه لا يجوز للطاعن الرجوع فى الهبة الصادرة منه للمطعون ضدهن الخمس الأول مما يعتبر معه العقد المشهر فى 1965/9/4 برقم 26667 توثيق الإسكندرية بيعاً صحيحاً ناقلاً لملكية العقار الكائنة به شقة النزاع للمطعون ضدهن الخمس الأول .

(الطعن رقم 544 لسنة 49 جلسة 1984/12/27 س 35 ع 2 ص 2241 ق 425)

3- لما كان التكييف الصحيح لتداخل طرف ثالث فى عقد بيع العقاروقيامه بدفع كامل الثمن من ماله إلى البائع على سبيل التبرع مقابل أن تنتقل الملكية من الأخير إلى المشترى مباشرة أن هذا التصرف فى حقيقة هبة غير مباشرة وأن المال الموهوب ليس هو الثمن بل هو العقار المبيع ذاته وكان الثابت من عقد البيع موضوع الدعوى أن مورثة الطاعنين كانت طرفاً فيه وقد تضمن هذا العقد إنها هى التى دفعت إلى البائعين كامل الثمن من مالها تبرعاً منها للمشترين مما مفاده أن المورثة هى المشترية الحقيقية للأطيان المبيعة وقد قصدت بتصرفها أن تختصر الطريق والإجراءات فلا تشترى بعقد ثم تهب بآخر بل يتم الأمران بعقد واحد وكان التكييف الصحيح لهذا التصرف إنه هبه غير مباشرة منها لولدها وزوجته وأولادهما وان المال الموهوب فى الحقيقة ليس هو الثمن كما هو وارد بالعقد بل هو الأطيان المبيعة ذاتها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى فى قضائه على أن المورثه لم تكن طرفاً فى العقد وإستخلص من عبارات العقد أن المال الموهوب هو الثمن وليس الأطيان المبيعة وأن هذا الثمن قد هلك بدفعه من المشترين إلى البائعين ورتب الحكم على هذا الإستخلاص الفاسد عدم جواز الرجوع فى الهبة تطبيقاً لنص الفقرة السادسة من المادة 502 من القانون المدنى و تحجب بذلك عن مواجهة ما أثارته الواهبة من جحود المطعون ضدها الأولى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وشابه قصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 2342 لسنة 55 جلسة 1988/10/25 س 39 ع 2 ص 1130 ق 188)

4- إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أنه لا يجوز للطاعن الرجوع فى الهبة لقيام مانع من موانع الرجوع المنصوص عليها فى المادة 502 / ه من القانون المدنى ولو قام لدية عذر مقبول، وهى دعامة كافية لحمل قضائه، ولا يؤثر فى الحكم ما تزيد فيه من ان الإقرار الصادر من المطعون ضدهم الثالثة الأول يفيد أن الهبة اقتصرت على الثمن وإنه اتفاق مستقل بشأن استغلال العقار، ومن ثم فإن النعى على الحكم بالتناقض يكون غير منتج ولا جدوى فيه.

(الطعن رقم 1296 لسنة 57 جلسة 1995/12/26 س 46 ع 2 ص 1465 ق 287)

5- لما كان الثابت أن الطاعن أجاب على الدعوى التى أقامها والده بطلب الحكم بالرجوع فى الهبة - بالدفع بهلاك المال الموهوب بما يمتنع معه الرجوع فى الهبة فإنه بذلك يصير مدعيا مطالبا بأن يقيم الدليل على ما يدعيه .

(الطعن رقم 49 لسنة 43 جلسة 1979/03/13 س 30 ع 1 ص 778 ق 142)

6 ـ   حكم المحكمة الدستورية العليا .

                                                           
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع مــــن أكتوبر سنة 2021م، الموافق الثانى من ربيع الأول سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو                   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد                               نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع                            أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 97 لسنة 30 قضائية "دستورية".

المقامة من

عبد الجليل محمد أحمد عبد العليم

ضــــد

1- رئيس الجمهورية                   2- رئيس مجلس الوزراء

3- وزير العدل                         4- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)

5- الممثل القانونى للهيئة القومية للبريد

6- داليا عبد الجليل محمد أحمد عبد العليم

7- دعاء عبد الجليل محمد أحمد عبد العليم

الإجـــراءات

 بتاريخ الثالث عشر من مارس سنة 2008، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص البند "هــ" من المادة (502) من القانون المدنى، فيما تضمنه من اعتبار الهبة لذى رحم محرم مانعًا من الرجوع فى الهبة.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.

 وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة

 بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة.

 حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى 1360 لسنة 2006 مدنى كلى، أمام محكمة بورسعيد الابتدائية، ضد المدعى عليهم الخامس والسادسة والسابعة فى الدعوى المعروضة، طالبًا الحكم باعتبار الهبة كأن لم تكن، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية بما فيها إلغاء التوكيل العام رقم 370/هــ لسنة 2005 توثيق بورسعيد. وقال بيانًــــا لدعواه، إنه وهب لنجلتيه المدعى عليهما السادسة والسابعة نصيبه فى تركة زوجته – والدتهما - سعاد أحمد حسن عطية، ويشمل حصة فى شقتين بالعقار المبين بصحيفة الدعوى، ومبلغًـــــا ماليًا بدفتر توفير لدى الهيئة القومية للبريد، وشقة يمتلكها بالعقار ذاته، وحرر لهما توكيلاً بالتصرف فى تلك الأموال، إلا أنهما قد أغضبهما زواجه من أخرى، أنجبت له ولدين، فقدمتا ضده عدة بلاغات كيدية، كما أقامتا دعوى قضى فيها بإلزامه بأن يؤدى لهما نفقة شهرية، فضلاً عن أنه ملتزم بالإنفاق على زوجته وولديه، وكذا نفقة ومصروفات علاج شقيقه، مما أرهق كاهله، بعد أن زادت التزاماته المالية، الأمر الذى يوفر له العديد من الأعذار للرجوع فى هبته، فأقام دعواه بالطلبات السالفة البيان. وأثناء نظر الدعوى بجلسة 29/1/2008، دفع بعدم دستورية نص البند "هـــ" من المادة (502) من القانون المدنى، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.

 وحيث إن المادة (502) من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 تنص على أنه "يرفض طلب الرجوع فى الهبة، إذا وجد مانع من الموانع الآتية: 

(أ) ............          (ب)...........          (ج) ............    (د) ...........

(هـ) إذا كانت الهبة لذى رحم محرم ..................".

وحيث إن من المقــــــرر فى قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية – وهى شرط قبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعى يبتغى من دعواه الموضوعية الترخيص له بالرجوع عن هبته لابنتيه، لقيام موجبات ذلك فى حقه. وكان نص البند "هــ" من المادة (502) من القانون المدنى يحول دون تحقيق مبتغاه، الأمر الذى يوفر له مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن على هذا البند فى مجال سريانه على هبـــــــــــة أى من الوالدين لولده، وبها يتحـــــدد نطـــــاق هذه الدعـــــوى، دون سائر ما انطوى عليه نص هذا البند من أحكام لطبقات أخرى من ذوى رحم محرم.
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه مخالفة أحكام المادتين (2، 40) من دستور سنة 1971، المقابلة لأحكام المادتين (2، 53) من دستور سنة 2014، لمخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية، التى حضت على البر بالوالدين وعدم عقوقهما، وأكدت معظم مذاهبها على أحقية الوالد فى الرجوع عن هبته لولده، دون أية أعذار، فضلاً عن انطواء النص على تمييز غير مبرر، بأن منع الواهب لولده من الرجــــوع فــــى الهبة، حــــال أن غيره مــــن الواهبين يجــــوز لهم الرجــــوع فى الهبة إذا توافر عذر يبيح لهم ذلك.

وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون نصوصه تمثل دائمًـــــا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعى التى وجهها المدعى للنص المطعون عليه – فى النطاق السالف تحديده – تندرج تحت المناعى الموضوعية، التى تقوم فى مبناها على مخالفة نص تشريعى معين لقاعدة فى الدستور من حيث محتواها الموضوعى. ومن ثم، فإن المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه – الذى مازال ساريًا ومعمولاً بأحكامه – من خلال أحكام دستور سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.

وحيث إن القانون المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948، قد خصص الكتاب الثانى منه للعقود المسماة، وأورد فى الباب الأول منه العقود التى تقع على الملكية، وأفرد الفصل الثالث منه لعقد الهبة، فى المواد من (486) حتى (504)، مبينـــًا فيها أركان الهبة، وآثارها، والرجوع فيها، وموانع الرجوع، معرفـــًا فى المادة (486) الهبة بأنها عقد يبرم بين الأحياء، بموجبه يتصرف الواهب فى ماله دون عوض، مع جواز أن يفرض الواهب على الموهوب له القيام بالتزام معين. ووفقـــًا للمادة (487)، لا تتم الهبة إلا إذا قبلها الموهوب له أو نائبه. ومن خصائص الهبة – على ما أوردت الأعمال التحضيرية للنص المطعـــــون فيه والتنظيم التشريعـــــى للهبة – أنه يجـــــوز الرجوع فيها رضـــــاءً أو قضاءً إذا وجد عذر ولم يوجد مانع، وقد نظمها المشرع مراعيًا هذا الأصل، فأكد فى المادة (500) من القانـــــون المدنـــــى على أنه "يجـــــوز للواهب أن يرجـــــع الهبـــــة إذا قبل الموهوب له ذلك، فإذا لم يقبل، جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له فى الرجوع، متى كان يستند فى ذلك إلى عذر مقبول، ولم يوجد مانع من الرجوع. وتأكيدًا على جواز الرجوع فى الهبة، وضع المشرع فى المادة (501) من القانون ذاته أمثلة لهذه الأعذار، تيسيرًا على القاضى، كما حدد فى المادة (502) من ذلك القانون، حصرًا لموانع الرجوع فى الهبة، ومن بينها حالة    الهبة لذى رحم محرم، ومن ذلك هبة أى من الوالدين لولده. ومؤدى العبارة الواردة بصدر نص تلك المادة من أن " يرفض طلب الرجوع فى الهبة "، نهي القضاة عن التعرض لموضوع الرجوع، أيـــًا كانت الأعذار التى بنى عليها، إذا توافر أحد موانع الرجوع الواردة فى تلك المادة، عملاً بقاعدة جواز تقييد القاضى بالزمان والمكان والأحداث والأشخاص. وشرط صحة تلك القاعدة أن يكون النهى مؤسسًـــا على أسباب موضوعية، ترتبط بالغاية المتوخاة منه.

 وحيث إنه عن نعى المدعى مخالفة النص المطعون عليه – فى النطاق السالف تحديده - لمبادئ الشريعة الإسلامية، ونص المادة الثانية من الدستور، فمن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، طبقًا لنص المادة الثانية من الدستور الصادر سنة 1971، بعد تعديلها بتاريخ 22/5/1980 – وتقابلها المادة الثانية من الدستور الحالى الصادر سنة 2014 – لا ينصرف سوى إلى التشريعات التى تصــــدر بعد التاريخ الذى فُـرض فيه هذا الإلزام، بحيث إذا انطــــــــوى أى منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إعمال حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها، لصدورها فعلاً من قبله، فى وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائمًا، واجب الإعمال، ومن ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن إعمال هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية، وهو القيد الذى يبقى قائمًا وحاكمًا لتلك التشريعات، بعد أن ردد الدستور الحالى الصادر سنة 2014، الأحكام ذاتها فى المادة الثانية منه.

وحيث كان ما تقدم، وكان نص البند (هـ) من المادة (502) من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 لم يلحقه أى تعديل بعد تاريخ 22/5/1980، مما كان لزامه عدم خضوعه لقيد الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية، والمادة الثانية من الدستور، إلا أنه بالرغم من ذلك، وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدنى، فقد استقى المشرع الأحكام الموضوعية للهبة من أحكام الشريعة الإسلامية. وفى شأن مدى جواز الرجوع فى الهبة، أخذ بمذهب الفقه الحنفى، الذى أجاز الرجوع فى الهبة إذا توافر العذر المبرر، وانعدم المانع، ويشمل عدم جواز الرجوع فى الهبة لذى رحم محرم، ومن ذلك هبة الوالد لولده، على سند من أن الغاية من الهبة فى هذه الحالة صلة الأرحام، وقد تحققت بصدور الهبة. وإذ كان الرأى الذى تبناه المشرع فى هذا الشأن لا يخرج عن كونه اجتهادًا فى الفقة الحنفى، فقد ذهب مالك والشافعى وابن حنبل وعلماء المدينة إلى جواز رجوع الوالد فى هبته لولده، وهو ما يعرف باعتصار الهبة، أى أخذ المال الموهوب قسرًا عن الابن، مستدلين فى ذلك بحديث طاووس من أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال " لا يحل لواهب أن يرجع فى هبته إلا الوالد فيما يهب لولده"، وفى رواية أخرى " لا يحل للرجل أن يعطى عطية أو يهب هبة ويرجع فيها إلا الوالد فيما يهب لولده"، وفى رواية ثالثة " لا يرجع الواهب فى هبته إلا الوالد فيما يهب لولده". وقد دل الفقهاء باختلافهم هذا على عدم وجود نص قطعى الثبوت أو الدلالة، أو بهما معًــا فى مبادئ الشريعة الإسلامية، يحكم هذه المسألة، ومن ثم تعتبر من المسائل الظنية التى يرد عليها الاجتهاد، وتلك المسائل بطبيعتها متطورة، تتغير بتغير الزمان والمكان، وإذا كان الاجتهاد فيها وربطها منطقيًّــا بمصالح الناس حقًــا لأهل الاجتهاد، فأولى أن يكون هذا الحق لولى الأمر، ينظر فى كل مسألة بخصوصها بما يناسبها، وبمراعاة أن يكون الاجتهاد دومًــا واقعًــا فى إطار الأصول الكلية للشريعة لا يجاوزها، ملتزمًــا ضوابطها الثابتة، متحريًــا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد الكلية للشريعة، بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال، مستلزمًــا فى ذلك كله حقيقة أن المصالح المعتبرة هى تلك التى تكون مناسبة لمقاصد الشريعة ومتلاقية معها، ومن ثم كان حقًــا لولى الأمر عند الخيار بين أمرين مراعاة أيسرهما، ما لم يكن إثمًــا، وكان واجبًــا عليه كذلك ألا يشرع حكمًــا يضيق على الناس أو يرهقهم فى أمرهم عسرًا، وإلا كان مصادمًــا لقوله تعالى " مَا يُرِيدُ اللًّه ليَجعَلَ عَلَيكُم فى الدين من حَرَجِ ".

 وحيث إن نص البند (هـ) من المادة (502) من القانون المدنى، منع الرجوع فى الهبة لذى رحم محرم، وقد ورد هذا النص بصيغة عامة ومطلقة، ليشمل هبة أى من الوالدين لولده. واستقى المشرع هذا المانع من المذهب الحنفى، منتهجًــا بذلك نهجًــا مخالفًــا لاجتهاد باقى المذاهب الإسلامية، معللاً ذلك المانع بتحقق غاية الواهب من الهبة، ممثلة فى صلة الرحم. وقد صدَّر المشرع نص تلك المادة بعبارة " يرفض طلب الرجوع فى الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية ....."، مما مؤداه نهى القضاء عن بحث الأعذار التى قد تحل بالوالد الواهب وتستدعى رجوعه فى الهبة، وإن كانت تلك الأعذار من بين الأمثلة التى ورد النص عليها فى المادة (501) من ذلك القانون، ومن ذلك: " أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب، أو نحو أحد أقاربه، بحيث يكون هذا الإخلال جحودًا كبيرًا من جانبه، أو أن يصبح الواهب عاجزًا عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية، أو يصبح غير قادر على الوفاء بما يفرضه عليه القانون من نفقة على الغير ". ومؤدى ذلك أن النص المطعون فيه، وإن وقع فى دائرة الاجتهاد المباح شرعًــا لولى الأمر، إلا أنه – فى حدود نطاقه المطروح فى الدعوى المعروضة – يجعل الوالد الواهب فى حرج شديد، ويرهقه من أمره عسرًا، ويعرضه لمذلة الحاجة بعد أن بلغ من العمر عتيّا، إذا ما ألمت به ظروف أحوجته لاسترداد المال الموهوب، وامتنع الابن عن إقالته من الهبة، إضرارًا به، مستغلاً فى ذلك المانع الوارد بالنص المطعون فيه، الذى يحول بين الوالد والحصول على ترخيص من القضاء بالرجوع فى الهبة، ضاربًــا عرض الحائط بالواجب الشرعى لبر الوالدين، والإحسان إليهما، وصلتهما، وطاعتهما فى غير معصية، والامتناع عن كل ما يفضى إلى قطيعتهما. فضلاً عن أن ما توخاه المشرع من ذلك المانع، بالحفاظ على صلة الأرحام، ينافيه مواجهة حالة حجود الأبناء، وعقوقهم لوالديهم. ومن ثم يكون منع القضاء من الترخيص للوالد بالرجوع فى هبته لولده، ولو كان هناك عذر يبيح له ذلك، مصادمًــا لضوابط الاجتهاد والمقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، ومخالفًا بذلك نص المادة (2) من الدستور.

وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن القيم الدينية والخلقية لا تعمل بعيدًا أو انعزالاً عن التقاليد التى تؤمن بها الجماعة، بل تعززها وتزكيها بما يصون حدودها ويرعى مقوماتها، ومن أجل ذلك جعل الدستور فى المادة (10) منه، قوام الأسرة الدين والأخلاق والوطنية، كما جعل الأخلاق والقيم والتقاليد، والحفاظ عليها والتمكين لها، التزامًــا على عاتق الدولة بسلطاتها المختلفة، والمجتمع ككل، وغدا ذلك قيدًا على السلطة التشريعية، فلا يجوز لها أن تسن تشريعًــا يخل بها، ذلك أنه، وفقًــا لنص المادة (92) من الدستور، وإن كان الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق والحريات أنها سلطة تقديرية، إلا أن المشرع يلتزم فيما يسنه من قوانين باحترام الأُطر الدستورية لممارسته اختصاصاته، وأن يراعى كذلك أن كل تنظيم للحقوق، لا يجوز أن يصل فى منتهاه إلى إهدار هذه الحقوق أو الانتقاص منها، ولا أن يرهق محتواها بقيود لا تكفل فاعليتها. الأمر الذى يضحى معه النص المطعون عليه، فيما تضمنه من رفض طلب رجوع الوالد فى هبته لولده، إذا وجد مانع، مخالفًــا أيضًا – نصى المادتين (10، 92) من الدستور.

وحيث إنه عن النعى بإخلال النص المطعون عليه – فى النطاق السالف تحديده – بحق الواهب لولده، دون غيره مــــن الواهبين لغير ذى رحم محرم، فى الحصول على ترخيص من القضاء بالرجوع فى الهبة عند توافر العذر، فإن ما نص عليه الدستور فــــى المادة (97) من أن " التقاضى حق مصون ومكفــــول للكافــــة "، قد دل على أن هذا الحق فى أصل شرعته، من الحقوق العامة المقررة للناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال النفاذ إليه، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية فى سعيهم لرد الإخلال بالحقوق التى يدعونها ولتأمين مصالحهم التى ترتبط بها، مما مؤداه أن قصر مباشرة حق التقاضى على فئة من بينهم أو الحرمــــان منه فى أحــــوال بذاتها، أو إرهاقــــه بعوائــــق منافية لطبيعته، إنما يُعــــد عملاً مخالفًا للدستور الذى لم يجــــز إلا تنظيم هذا الحق، وجعل الكافة ســــــواء فى الارتكان إليه، ومن ثم، فإن غلق أبوابــــــــه دون أحدهم أو فريق منهم، إنما ينحل إلى إهداره، ويكرس بقاء العدوان على الحقوق التى يطلبونها، وعدم حصولهم على الترضية القضائية باعتبارها الغاية النهائية التى يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التى أصابتهم من جراء العدوان على تلك الحقوق.

 وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليه فى المادة (53) من الدستور الحالى، ورددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعى، غايته صون الحقوق والحريات فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدًا على السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، التى لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تتحد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك سقط فى حمأة المخالفة الدستورية.

وحيث إن الأصـــــل فى كل تنظيم تشريعى أن يكـــــون منطويًا علــــى تقسيم، أو تصنيف، أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها على البعض، أو عن طريق المزايا، أو الحقوق التى يكفلها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور، يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعًا محددًا، عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التى توخاها، بالوسائل المؤدية إليها، منطقيًـــا، وليس واهيًـــا أو واهنًــا، بما يخل بالأسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًا. ومرد ذلك، أن المشرع لا ينظم موضوعًا معينًا تنظيمًا مجردًا أو نظريًا، بل يتغيا بلوغ أغراض بعينها، تعكس مشروعيتها إطارًا لمصلحة عامة لها اعتبارها، يقوم عليها هذا التنظيم، متخذًا من القواعد القانونية التى أقرها، مدخلاً لها، فإذا انقطع اتصال هذه القواعد بأهدافها، كان التمييز بين المواطنين فى مجال تطبيقها، تحكميًا، ومنهيًا عنه بنص المادة ( 53) من الدستور.

وحيث كان ما تقدم، وكان الواهبون لأموالهم، على اختلاف حالاتهم، وأغراضهم منها، فى مركز قانونى متكافئ، وقد أجاز المشــــرع – على ما سلف بيانه – للواهب الرجوع فى الهبة إذا ألمت به ظروف وأعذار تستدعى هذا الرجوع، وامتنع الموهوب له عن إقالته من الهبة، وناط المشرع بالقاضى سلطة تقديرية فى شأن بحث جدية الأعذار التى يبديها الواهب فى هذا الشأن، ويقضى على ضوء ذلك، إلا أن المشرع خرج عن هذا الأصل، وأورد حالات لمنع الرجوع فى الهبة، ضمنها نص المادة (502) من القانون المدنى، من بينها هبة الوالد لولده، مانعًــا القضاء من بحث الأعذار التى يسوقها الوالد فى هذا الشأن، الأمر الذى يحول بينه والحصول على الترضية القضائية، لمجرد توافر هذه القرابة بينه والموهوب له. فضلاً عن أن الغاية التى توخاها المشرع من ذلك المنع، وهى الحفاظ على صلة الرحم، لم يراع فيها مواجهة عقوق الابن الموهوب له، إذ امتنع طواعية عن إقالة والده من الهبة فى هذه الحالة، بما يزكى هذا العقوق، حال أن المشرع أجاز فى المادة (501) من القانون المدنى الترخيص للواهب بالرجوع فى الهبة إذا أخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب، أو أحد أقاربه، بحيث يكون هذا الإخلال جحودًا كبيرًا من جانبه. ومؤدى ذلك أن المانع الوارد بالنص المطعون فيه، فضلاً عن عدم ارتباط الوسيلة التى أوردها فى ذلك النص، بالغاية المتوخاة منها، فإنه يخل بمبدأ المساواة بين الواهبين المتماثلة مراكزهم فى الحصول على الترضية القضائية، وذلك لغير سبب موضوعى، بالمخالفة لنصى المادتين (53، 97) من الدستور.

 فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند (هــ) من المادة (502) من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948، فى مجال سريانها على هبة أى من الوالدين لولده، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

 (الدعوى رقم 97 لسنة 30 ق - دستورية 9 / 10 / 2021 )

شرح خبراء القانون

تنص المادة 577 من التقنين المدني على ما يأتي :

1 - إذا وجد بالعين المؤجرة عيب يتحقق معه الضمان ، جاز للمستأجر تبعاً للظروف أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة ، وله كذلك أن يطلب إصلاح العيب أو أن يقوم هو بإصلاحه على نفقة المؤجر إذا كان هذا الإصلاح لا يبهظ المؤجر"  .

2 - فإذا لحق المستأجر ضرر من العيب ، التزم المؤجر بتعويضه ما لم يثبت أنه كان يجهل وجوده العيب".

ويتبين من النص المتقدم الذكر أنه إذا تحقق ضمان المؤجر للعيب ، كان للمستأجر ، كما له في أي ضمان آخر وكما له فيما يتعلق بالتزام المؤجر بإجراء الترميمات الضرورية ، أن يطلب إما التنفيذ العيني ، وإما فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة ، مع التعويض في جميع الأحوال إذا كان لذلك مقتض .

ويجب عليه أولاً أن يقوم بإعذار المؤجر .

ولا تسقط دعوى الضمان بمضي سنة واحدة من وقت التسليم كما تسقط دعوى ضمان العيب في المبيع ، بل تسقط بخمس عشرة سنة وفقاً للقواعد العامة .

وسواء طلب المستأجر التنفيذ العيني أو الفسخ أو إنقاص الأجرة ، فإن له الحق أيضاً في أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي أصابه بسبب الحرمان من الانتفاع بالعين المؤجرة ، وتعويضاً آخر عما عسى أن يكون قد أصيب به من ضرر في شخصه أو في ماله بسبب العيب ، فإذا اضطر مثلاً إلى فسخ العقد والانتقال إلى منزل آخر ، فخسر بذلك ما صرفه في الإصلاحات التي أجراها بالمنزل القديم ، وما صرفه للإنتقال إلى المنزل الجديد ، وما عسى أن يكون قد دفعه زيادة في الأجرة لغلاء المساكن وقت انتقاله ، فإنه يعوض عن كل ذلك ، وهذا هو التعويض عن حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة ، وإذا تلفت بعض منقولاته بسبب العيب ( كرطوبة المنزل ) ، أو أصيب هو أو أحد من أتباعه من جراء سقوط شرفة أساسها واهِ أو من جراء عيب في المصعد ، فإنه يستحق تعويضاً آخر عن ذلك ، وهذا هو التعويض عن الضرر الذي يصيبه في الشخص أو في المال .

وكان ينبغي أن يكون المؤجر مسئولاً عن التعويض على الوجه المتقدم سواء كان يعلم وجود العيب أو لا يعلمه ولا وجه لاشتراط علمه بالعيب ، إذ الالتزام بضمان العيب كالالتزام بضمان التعرض إلزام بتحقيق غاية ، فمجرد وجود العيب يكون إخلالاً بالالتزام يوجب التعويض ولو كان المؤجر حسن النية لا علم له بالعيب ، وهذا هو الرأي السائد في القانون الفرنسي ، كما أن هذا هو الحكم يف ضمان العيب في المبيع ، ولكن الفقرة الثانية من المادة 577 مدني نصت ، كما رأينا ، على ما يأتي : " فإذا لحق المستأجر ضرر من العيب ، التزم المؤجر بتعويضه ما لم يثبت أنه كان يجهل وجود العيب" ، ويخلص من هذا النص أن المفروض هو أن يكون المؤجر عالماً بالعيب ، لأن العين كانت تحت يده قبل تسليمها للمستأجر فهو أدى بما فيها من عيوب ، فيكون إذن في الأصل مسئولاً عن التعويض ، ولكنه يستطيع أن ينفي هذه المسئولية إذا هو أثبت أن العيب لم يكن موجوداً بالعين المؤجرة وقت تسليمها للمستأجر وأنه إنما طرأ بعد ذلك ولم يخطره به المستأجر في الوقت المناسب ، أو إذا أثبت أنه بالرغم من أن العيب كان موجوداً وقت تسليم العين للمستأجر إلا أنه كان يجهل وجوده بأن بلغ من الخفاء حداً لم يستطع معه أن يبينه ، فإذا اثبت شيئاً من ذلك ، لم يكن مسئولاً عن التعويض ، ولكنه يبقى مسئولاً عن إصلاح العيب وعن فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة بحسب الأحوال .

ومما يخفف مسئولية المؤجر عن التعويض تقصير المستأجر في درء الضرر عن نفسه إذا كان يمكنه ذلك ولم يفعل  ، أو كان قد قصر في إخطار المؤجر بضرورة إصلاح العيب حتى يتلافى ما عسى أن ينجم عنه من ضرر .

رأينا العبارة الأخيرة من المادة 576 مدني – وهو النص الذي يعرض لبيان متى يضمن المؤجر العيب – تقول : 

كل هذا ما لم يقض الاتفاق بغيره"  . 

ورأينا كذلك المادة 578 من التقنين المدني تنص على ما يأتي : "يقع باطلاً كل اتفاق يتضمن الإعفاء أو الحد من ضمان التعرض أو العيب ، إذا كان المؤجر قد أخفى عن غش سبب هذا الضمان" .

ويخلص من ذلك أن أحكام ضمان العيب التي أسلفناها ليست من النظام العام ، بل يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على ما يخالفها ، إما بالتشديد أو بالتخفيف أو بالإعفاء.

فيجوز الاتفاق على تشديد أحكام ضمان العيب . فيشترط المستأجر مثلاً على المؤجر أن يضمن هذا كل عيب خفي في العين المؤجر ، ويكون مسئولاً عن تعويض جميع الأضرار التي تنجم عن هذا العيب حتى لو كان المؤجر يجهل وجوده ، ففي هذا الشرط تشديد للمسئولية ، إذ أن المؤجر بغير هذا الشرط لا يكون مسئولاً عن تعويض الضرر الذي ينجم عن عيب يجهل وجوده كما قدمنا ، كذلك يجوز أن يشترط المستأجر على المؤجر أن يضمن له كل عيب في العين المؤجرة ، ولو كان يمكن تبينه بالفحص المعتاد ، وفي هذا أيضاً تشديد للمسئولية ، فقد قدمنا أن المؤجر لا يضمن إلا العيب الخفي وهو ما لا  يمكن تبينه بالفحص المعتاد .

ويجوز الاتفاق على تخفيف أحكام الضمان ، فيجوز للمؤجر مثلاً أن يشترط على المستأجر عدم ضمان العيوب التي تطرأ على العين المؤجرة أثناء مدة الإيجار ، فلا يضمن المؤجر في هذه الحالة إلا العيب القديم ، وهو العيب الذي كان موجودا في العين المؤجرة وقت تسليمها للمستأجر ، كذلك يجوز أن تشترط المؤجر أنه إذا تحقق الضمان فلا يكون ملتزماً بإصلاح العيب ، فيبقى للمستأجر في هذه الحالة أن يطلب فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض ، كما يجوز للمؤجر أن يشترط أنه إذا تحقق الضمان فلا يكون ملتزماً إلا بإنقاص الأجرة ، فلا يكون ملتزماً في هذه الحالة لا بإصلاح العيب ولا بالفسخ ولا بالتعويض ، وللمؤجر كذلك أن يشترط عدم ضمانه لعيب خفي في بعض ملحقات العين المؤجرة .  

ويجوز الاتفاق أخيراً على إعفاء المؤجر أصلاً من الضمان ، فإذا اشترط المؤجر إعفاءه من الضمان في عبارة عامة ، يجب عدم التوسع في تفسيرها ، فلا يعني ذلك أنه إذا وجد بالعين عيب خفي ، أعفى المؤجر من كل التزام في صدده ، بل يعفى من الالتزام بإصلاح العيب دون الالتزام بالتعويض ، ويبقى مسئولاً عن فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة  .

على أن شرط الإعفاء من ضمان العيب ، أو شرط التخفيف من هذا الضمان ، يقع باطلاً ، إذا كان المؤجر قد أخفى عن غش سبب هذا الضمان ، فإذا كان المؤجر يعلم أن بالعين المؤجرة عيباً خفياً ، وأخفى عن المستأجر هذا العيب متعمداً الإخفاء على سبيل الغش ، واشترط إعفاءه من الضمان أو تخفيف مسئوليته عنه ، فإن شرط الإعفاء أو التخفيف يقع باطلاً ، وليس هذا إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فإنه لا يجوز أن يشترط الشخص إعفاءه من المسئولية عن غشه أو التخفف من هذه المسئولية. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري ، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور / مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء / السادس ، الصفحة / 588)

مفاد ذلك أنه إذا تحقق ضمان العيب طبقت القواعد العامة كما هو الأمر في ضمان الاستحقاق وكان للمستأجر أن يطلب إصلاح العيب أو يقوم هو بإصلاحه على نفقة المؤجر بترخيص من القضاء أو دون ترخيص وفقاً لما تقدم بيانه من الأحكام ما لم يكن إصلاح العيب من شأنه أن يبهظ المؤجر كما إذا اضطر إلى إعادة بناء العين المؤجرة.

ومتى تحقق ضمان المؤجر للعيب الخفي وذلك بتوافر الشروط سالفة البيان.

فللمستأجر بعد إعذار المؤجر أن يطلب:

1 - التنفيذ العيني بإصلاح العيب ويحكم بإلزام المؤجر بهذا الإصلاح في ميعاد يحدده الحكم ويشترط ألا تكون النفقات جسيمة لا تتناسب مع الأجرة وإلا فيقتصر على الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض ، وللمستأجر بعد الإعذار استئذان القضاء في إصلاح العيب على نفقة المؤجر وله عند الضرورة أن يقوم بذلك دون حاجة إلى استئذان القضاء إذا كان الإصلاح مستعجلاً لا يحتمل الإرجاء ، وتسرى هنا أحكام التزام المؤجر بإجراء الترميمات الضرورية ، ويراعى أن المبلغ الذي يرد بتقرير الخبير واللازم لإصلاح العيب إنما يلزم المستأجر عندما يقوم بنفسه بالإصلاح وله الرجوع للقضاء لاعتماد مبلغ إضافي أما المؤجر فيلتزم بإصلاح العيب وإن تكلف مبلغاً يجاوز ما قدره الخبير ، ويجوز للمستأجر حبس الأجرة في يده دون استئذان القضاء ودون إعذار حتى يقوم المؤجر بإصلاح العيب عملاً بالدفع بعدم تنفيذ العقد .

2 - وللمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار وتقدر المحكمة هذا الطلب فلها أن تقبله ولها أن ترفضه أو تمهل المؤجر للقيام بالإصلاح ، كما له طلب إنقاص الأجرة بما يقابل نقص الانتفاع ويقضي بالإنقاص من وقت تحقق العيب ، وإذا قام المؤجر بالإصلاحات عادت الأجرة لأصلها من وقت الإصلاح .

3 - وللمستأجر في الحالات السابقة أن يطلب تعويضاً عما أصابه من ضرر بسبب نقص الانتفاع وشماً يصيبه من ضرر في شخصه أو ماله کسقوط شرفة تصيبه أو تلف أساسه بفعل الرطوبة متى كان العيب موجوداً وقت تسلم العين أو كان المؤجر يعلم به أما إذا أثبت المؤجر أن العيب طرأ بعد التسليم ولم يخطره المستأجر به في الوقت المناسب أو أثبت أنه كان يجهل وجوده انتفت مسئوليته عن التعويض وظل مسئولاً عن الإصلاح أو الفسخ أو إنقاص الأجرة ، ومتى عجز المستأجر عن إثبات علم المؤجر بالعيب وعجز المؤجر عن إثبات جهله به يكن مسئولاً عن تعويض الضرر المتوقع فقط إذ لا يسأل بموجب مسئوليته العقدية عن الضرر المباشر إلا إذا كان يعلم بالعيب. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة ، المكتب الجامعي الحديث ، الجزء / السابع ، الصفحة / 703)

يثبت للمستأجر الحق في الضمان، وحق الضمان يخوله الخيار بين حقوق ثلاثة هي:

أولاً : التنفيذ العيني :

يكون التنفيذ العيني بأن يطلب المستأجر من القضاء إلزام المؤجر بإصلاح العيب أو بإبدال شیء سليم بالشيء المعيب على النحو الذي يمكنه من الإستمرار في الانتفاع بالشيء المؤجر .

ويجوز للمستأجر القيام بإصلاح العيب على نفقة المؤجر بترخيص من القضاء أو بدون ترخيص وفقاً لأحكام المادة 568 مدنی .

ويستثنى من القضاء بإجابة المستأجر إلى التنفيذ العيني أن يكون التنفيذ باهظاً للمؤجر، كما إذا اضطر إلى إعادة بناء العين المؤجرة أو إذا كانت تكاليف الإصلاح تستنفد الأجرة المتفق عليها لمدة طويلة وهذا الحكم ما هو إلا تطبيقاً للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 2/ 203 مدني .

ثانياً : فسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة :

يجوز للمستأجر إذا لم يشأ طلب التنفيذ العيني ، أو كان التنفيذ العيني باهظاً للمؤجر، أن يطلب من القضاء الحكم بفسخ الإيجار أو إنقاص الأجرة .

وللمؤجر أن يتفادى النسخ بالقيام بالأعمال اللازمة لإزالة العيب ، وللقاضي أن يمنحه مهلة لهذا الغرض .

وطلب الفسخ يخضع لتقدير القاضي بحسب ما يراه من جسامة العيب وما يترتب عليه من حرمان من الانتفاع أو نقص جسيم .

فإذا رفض القاضي طلب الفسخ رغم وجود نقص في المنفعة بسبب العيب وجب عليه أن يقضي بإنقاص الأجرة بقدر ما نقص من منفعة .

كما يجوز للمستأجر بداهة أن يطلب إنقاص الأجرة في هذه الحالة وإذا قضى بإنقاص الأجرة ، فإن إنقاصها يكون من وقت حصول النقص في الانتفاع بسبب العيب، سواء كان العيب منذ بدء الانتفاع أو طارئاً أثناء الانتفاع .

وإذا قضى بإنقاص الأجرة جاز للمؤجر إصلاح العيب فتعود الأجرة إلى أصلها من وقت إصلاحه .

ثالثاً : التعويض :

سواء قضى للمستأجر بالتنفيذ العيني أو بفسخ الإيجار أو بإنقاص الأجرة ، فإنه يجوز له فضلاً عن ذلك المطالبة بتعويض عما أصابه من ضرر من جراء حرمانه بالانتفاع بالعين المؤجرة، ومن ضرر في شخصه وماله.

وللمستأجر بعد ثبوت دعوى الضمان أن ينزل عنها ، وهذا النزول لا يفترض ولا يتوسع في تفسير ما يؤدي إليه .

ويكون التنازل صريحاً أو ضمنياً ، ولا يشترط في التنازل الصريح أن يرد في صيغة معينة ، فيكفي أن تدل صيغته دلالة قاطعة على رغبة المستأجر في النزول عن الضمان ، و التنازل الضمني هو الذي يستفاد دلالة من الظروف ، كما إذا علم المستأجر بالعيب وسكت عن مطالبة المؤجر بالتنفيذ العيني أو بإنقاص الأجرة واستمر مدة معقولة يدفع الأجرة كاملة دون تحفظ ، وهو حكم تمليه القواعد العامة ، ونص عليه الشارع صراحة في باب البيع إذ قضت المادة 449 بأن : "إذا تسلم المشتري المبيع ، وجب عليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك ، وفقاً للمألوف في التعامل ، فإذا كشف عيباً يضمنه البائع وجب عليه أن يخطره به في مدة معقولة ، فإن لم يفعل اعتبر قابلاً للمبيع .

أما إذا كان العيب مما لا يمكن الكشف عنه بالفحص المعتاد ثم كشفه المشتري ، وجب عليه أن يخطر به البائع بمجرد ظهوره ، وإلا اعتبر قابلاً للمبيع بما فيه من عيب .

كما نصت المادة 452 مدني الواردة في باب البيع على أن : تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشتري العيب إلا بعد ذلك مالم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول.

على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالسنة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشاً منه".

ولم يرد في باب الإيجار نص مماثل للنص المذكور ، ولا يجوز تطبيقه على العيوب الخفية في الشيء المؤجر ، لأن هذا النص جاء استثناء من القاعدة العامة في سقوط الخصومة ، والاستثناء لا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه.

وعلى ذلك فلا يسقط حق المستأجر في الرجوع على المؤجر بضمان العيوب الخفية إلا بمضي خمس عشرة سنة وفقاً للقواعد العامة ، وتحتسب مدة التقادم من وقت ظهور العيوب ، وذلك تطبيقاً للقاعدة العامة التي تقرر ألا يبدأ سريان التقادم إلا من الوقت الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء (م 1/ 381 مدنی) أي من الوقت الذي يصبح فيه للدائن الحق في أن يطالب المدين بالوفاء ، وقبل ظهور العيب لا يتصور أن يرجع المستأجر على المؤجر بأي ضمان. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع ، الصفحة/ 570) 

نصت المادة 577 مدني على أنه :

1 - إذا وجد بالعين المؤجرة عيب يتحقق معه الضمان ، جاز للمستأجر تبعاً للظروف أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة ، وله كذلك أن يطلب إصلاح العيب أو أن يقوم هو باصلاحه على نفقة المؤجر إذا كان هذا الإصلاح لا يبهظ المؤجر .

2 - فإذا لحق المستأجر ضرر من العيب الترم المؤجر بتعويضه ، ما لم يثبت أنه كان يجيلك وجود العيب .

ويعتبر هذا النص أيضاً تطبيقاً للقواعد العامة .

فإذا وجد بالعين المؤجرة عيب توافرت فيه الشروط التي تجعل المؤجر ملتزماً بضمانه ، جاز للمستأجر أن يطلب التنفيذ العيني ، أي إصلاح العيب أو إبدال شیء سليم بالشيء المعيب ، أو أن يقوم هو بإصلاح العيب على نفقة المؤجر بترخيص من القضاء أو دون ترخيص وفقاً لأحكام المادة 568 مدنی (راجع نبذة 156 ) ، ما لم يكن إصلاح العيب من شأنه أن يبهظ المؤجر كما إذا اضطر الى إعادة بناء العين المؤجرة أو اذا كانت تكاليف الإصلاح المطلوب تستنفد الأجرة المتفق عليها لمدة طويلة .

فاذا لم يقم المؤجر بالتنفيذ العيني ولم يشأ المستأجر أن يقوم به على شفقة المؤجر أو لم يرخص له في ذلك ، كان للمستأجر أن يطلب الفسخ أو نقص الأجرة ، ويكون طلب الفسخ في هذه الحالة خاضعا لتقدير القاضي بحسب ما يراه من جسامة العيب وما يترتب عليه من حرمان من الانتفاع أو من نقص جسيم .

فإذا رفض القاضي طلب الفسخ ، وجب أن يخفض الأجرة بنسبة نقص الانتفاع .

ويجوز للمستأجر ، سواء حكم له بالفسخ أو بنقص الأجرة ، أن يطالب المؤجر بتعويض عما يكون قد أصابه من ضرر بسبب عيب العين المؤجرة .

ففي حالة الفسخ يستحق المستأجر تعويضا عن حرمانه من مزايا العقد وعن الأضرار التي ترتبت على ذلك ( المادة 157 فقرة ثانية)، فإذا این المأجور منزلاً ، استحق المستأجر تعويضاً عما أنفقه على المنزل لإعداده لسكناه وما تكلفه في البحث عن منزل آخر وما صرفه في نقل أثاثه إلى ذلك - وفي إصلاح ما يتلف من الأثاث أثناء نقله وفرق الأجرة اذا اخطر أن يدفع أجرة أعلى في منزل مماثل بسبب غلاء المساكن وقت الفسخ ، وتحلق فوق ذلك تعويضاً عن الأضرار التي أصابته في شخصه أو في أفراد أسرته أو في ماله أو مالهم من وقت إخلال المؤجر بالتزامه بإزالة الحب الى حين تمكن المستأجر من الفسخ ومن الانتقال إلى المنزل الجديد  .

وفي حالة الحكم بنقص الأجرة يكون هذا النقص بنسبة نقص الانتفاع ، ويسري من تاريخ رفع الدعوى ، وظاهر أن نقص الأجرة لا يكفي لجبر لكل الضرر الذي أصاب المستأجر من وقت إخلال المؤجر بالتزامه ، يستحق المستأجر تعويضاً يقابل نقص الانتفاع عن المدة التي انقضت من وقت ظهور العيب وإخطار المؤجر به إلى حين رفع الدعوى ، ويستحق فوق ذلك تعويضاً عن الخسارة التي لحقته والربح الذي فاته بسبب نقص الانتفاع ليس في المدة السابقة على رفع الدعوى فحسب بل في كل المدة الباقية من الإجارة ، فإذا حرم المستأجر بسبب العيب من الانتفاع بإحدى ترف الدار أو بالجراج الملحق بها واضطر إلى استئجار غرفة أخرى أو جراج بالقرب من الدار المؤجرة ، وجب على المؤجر أن يعوضه عما تحمله في ذلك من تكاليف تجاوز نقص الأجرة .

ويلاحظ أن المؤجر لا يلزم بتعويض المستأجر عن مثل هذه الأضرار إلا إذا امكن اعتبارها أضراراً مباشرة أي نتيجة طبيعية لظهور العيب في العين المؤجرة ولا امتناع المؤجر عن إزالة هذا العيب ، وأن هذه الأضرار لا تعتبر نتيجة طبيعية لاخلال المؤجر بالتزامه إلا إذا لم يكن في استطاعة المستأجر أن يتوفاها بذل جهد معقول ( المادة 231 فقرة أولى ) ، فإذا ترك المستأجر بضائعة في جزء من العين المؤجرة ظهرت فيه الرطوبة أو التشبع بالماء مع أنه كان في وسعه نقلها إلى جزء آخر من تلك العين لم يظهر فيه مثل هذا العيب ، فإن تلفت هذه البضائع لا يعتبر نتيجة مباشرة أو طبيعية الاخلاق المؤجر بالتزامه طالما أنه كان في وسع المستأجر تفاديه بثقة تلك البضائع من ناحية إلى أخرى ، فلا يلزم المؤجر بتعويض المستأجر عن هذا الضرر لأنه يعتبر نتيجة لخطأ المستأجر لا لخطأ المؤجر .

ومن باب أولى لا يلزم المؤجر بالضمان أصلاً إذا كان ظهور العيب راجعاً إلى خطأ المستأجر.

ويلاحظ أن دعوى رجوع المستأجر على المؤجر بضمان العيوب الخفية لا تسقط بمضي سنة من وقت التسليم كما تسقط دعوى رجوع المشتري على البائع ، لأن المشرع لم يورد في باب الإيجار نصاً مماثلاً النص المادة 452 الواردة في باب البيع ، فتخضع دعوى المستأجر في ذلك القواعد العامة ولا تسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس ، الطبعة الرابعة 1986 الجزء / الثامن ، الصفحة/ 429) 

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الأول ، الصفحة / 269

ج - ضمان الْعيوب:

55 - يثْبت خيار الْعيْب في الإْجارة، كالْبيْع. والْعيْب الْموجب للْخيار فيها هو ما يكون سببًا لنقْص الْمنافع الّتي هي محلّ الْعقْد ولوْ بفوات وصْفٍ في إجارة الذّمّة، ولوْ حدث الْعيْب قبْل اسْتيفاء الْمنْفعة وبعْد الْعقْد. ويكون الْمسْتأْجر بالْخيار بيْن فسْخ الْعقْد وبيْن اسْتيفاء الْمنْفعة مع الالْتزام بتمام الأْجْر، على ما سيأْتي في موْضعه عنْد الْكلام عن الْفسْخ للْعيْب.

فسْخ الإْجارة بسبب الْعيْب:

74 - لا خلاف بيْن فقهاء الْمذاهب في أنّه إذا حدث في الْمعْقود عليْه عيْبٌ في مدّة الْعقْد، وكان هذا الْعيْب يخلّ بالانْتفاع بالْمعْقود عليْه، ويفوّت الْمقْصود بالْعقْد مع بقاء الْعيْن، كانْجراح ظهْر الدّابّة الْمعيّنة الْمؤجّرة للرّكوب، فإنّ ذلك يؤثّر على الْعقْد اتّفاقًا، ويجْعله غيْر لازمٍ بالنّسْبة لمنْ أضرّ به وجود الْعيْب. فلو اشْترى شيْئًا فآجره، ثمّ اطّلع على عيْبٍ به، يكون له أنْ يفْسخ الإْجارة، ويردّ الْمبيع، فحقّ الرّدّ بالْعيْب يكون عذْرًا يخوّل له فسْخ الإْجارة وإنْ سبق له الرّضا بالْعيْب لأنّ الْمنافع تتجدّد، ولا كذلك الْبيْع.

وقال أبو يوسف: إنْ أصاب إبل الْمؤجّر مرضٌ فله أنْ يفْسخ إذا كانت الإْبل مسْتأْجرةً بعيْنها.

وللْمسْتأْجر أنْ يردّ بما يحْدث في يده من الْعيْب، لأنّ الْمسْتأْجر في يد الْمسْتأْجر كالْمبيع في يد الْبائع، فإذا جاز ردّ الْبيْع بما يحْدث منْ عيْبٍ في يد الْبائع جاز بما يحْدث من الْعيْب في يد الْمسْتأْجر.

وفي الْمغْني: إذا اكْترى عيْنًا فوجد بها عيْبًا لمْ يكنْ علم به فله فسْخ الْعقْد بغيْر خلافٍ.

75 - أمّا إذا كان الْعيْب لا يفوّت الْمنافع الْمقْصودة من الْعقْد، كانْهدام بعْض محالّ الْحجرات، بحيْث لا يدْخل الدّار برْدٌ ولا مطرٌ، وكانْقطاع ذيْل الدّابّة، وكانْقطاع الْماء عن الأْرْض مع إمْكان الزّرْع بدون ماءٍ، فإنّ ذلك وأمْثاله لا يكون مقْتضيًا الْفسْخ.

والْعبْرة فيما يسْتوْجب الْفسْخ أوْ عدمه من الْعيوب بقوْل أهْل الْخبْرة.

وإذا وجد عيْبٌ وزال سريعًا بلا ضررٍ فلا فسْخ.

76 - وقبْض الْعيْن الْمسْتأْجرة لا يمْنع منْ طلب الْفسْخ لحدوث عيْبٍ بالْعيْن، إذْ الإْجارة تخْتلف عن الْبيْع في ذلك؛ لأنّ الإْجارة بيْعٌ للْمنافع، والْمنافع تحْدث شيْئًا فشيْئًا، فكان كلّ جزْءٍ منْ أجْزاء الْمنافع معْقودًا عليْه عقْدًا مبْتدأً. فإذا حدث الْعيْب بالْمسْتأْجر كان هذا عيْبًا حدث بعْد الْعقْد وقبْل الْقبْض، وهذا يوجب الْخيار في بيْع الْعيْن، فكذا في الإْجارة، فلا فرْق منْ حيْث الْمعْنى. وفقهاء الْمذاهب يجْمعون على هذا، على الرّغْم منْ أنّ بعْض الْمذاهب ترى أنّ الْمنْفعة كالْعيْن، وأنّه يتمّ تسْليمها عنْد التّعاقد إنْ لمْ تكنْ موْصوفةً في الذّمّة، بلْ صرّح الْحنابلة بهذا التّعْليل. يقول ابْن قدامة: إذا حصل الْعيْب أثْناء الانْتفاع ثبت للْمكْتري خيار الْفسْخ؛ لأنّ الْمنافع لا يحْصل قبْضها إلاّ شيْئًا فشيْئًا. إلخْ.

وإنْ زال الْعيْب قبْل الْفسْخ - بأنْ زال الْعرج عن الدّابّة أوْ بادر الْمكْري إلى إصْلاح الدّار - لا يكون للْمسْتأْجر حقّ الرّدّ وبطل حقّه في طلب الْفسْخ؛ لأنّه لا يلْحقه الضّرر.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والثلاثون ، الصفحة / 109

الْعَيْبُ فِي الإْجَارَةِ:

38 - لَوِ اطَّلَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى عَيْبٍ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ فِي مُدَّةِ الْعَقْدِ، وَكَانَ هَذَا الْعَيْبُ يُخِلُّ بِالاِنْتِفَاعِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَيُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، فَلَهُ الْفَسْخُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَيْبُ قَدِيمًا أَمْ حَدِيثًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ.

فَكُلُّ مَا يَحُولُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَنْفَعَةِ مِنْ تَلَفِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ غَصْبِهَا أَوْ تَعَيُّبِهَا كَجُمُوحِ الدَّابَّةِ وَحُدُوثِ خَوْفٍ عَامٍّ يَمْنَعُ مِنْ سُكْنَى الدَّارِ أَوْ كَانَ الْجَارُ سُوءًا تُفْسَخُ بِهِ الإْجَارَةُ .

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِجَارَة ف 74) .

_________________________________________________________________

 كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

( مادة 536)

اذا حدث بالعين المستأجرة عيب يفوت به النفع بالكلية كخراب الدار أو يخل بالمنفعة كان هدم جزء منها يؤثر هدمه على المنفعة المقصودة منها یکون للمستأجر خیار فسخ الإجارة ويسقط عنه الأجر في الصورة الأولى سواء فسخ أم لا وأما في الصورة الثانية فان حضرة رب الدار سقط عنه الأجر وان لم يفسخ لا يسقط الاجر سواء استوفى المنفعة مع العيب أم لا فإذا بنيت الدار وأصل الخلل الذي حدث فيها فلا خيار للمستأجر.

( مادة 537)

اذا كان العيب الحادث بالعين المستأجرة لا يؤثر في المنفعة المقصودة منها ولا يخل بها كما إذا سقط منها حائط لايضر بالسكنى فلا يثبت الخيار للمستأجر ويلزمه الاجر المسمى.

 

مجلة الأحكام العدلية

مادة (516) حدوث عيب في المأجور

لو حدث في المأجور عيب فالمستأجر بالخيار إن شاء إستوفي المنفعة مع العيب وأعطى تمام الأجرة، وإن شاء فسخ الإجارة.

مادة (517) إزالة العيب قبل الفسخ

إن أزال الآجر العيب الحادث قبل فسخ المستأجر الإجارة، لا يبقى للمستأجر حق الفسخ، وان أراد المستأجر التصرف في بقية المدة فليس للآجر منعه أيضاً.