loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع، الصفحة : 531

مذكرة المشروع التمهيدي :

بين المشروع بوضوح أن المستأجر يلتزم بأن يستعمل العين على النحو المبين في العقد، فإن لم يرد شيء في العقد عن ذلك، وجب عليه أن يستعمل العين فيما أعدت له، وألا يحدث بها تغييراً بدون إذن المؤجر، وإلا جاز إلزامه بإعادة العين إلى أصلها وبالتعويض (م 779 - 780 من المشروع )، وكل هذا يتفق فيه المشروع مع التقنين الحالى (م 376 - 377 / 461 - 462) و يزيد المشروع أن للمستأجر أن يضع بالعين الأجهزة اللازمة لتوصيل المياه والنور الكهربائي والغاز والتليفون والراديو وما إلى ذلك من الوسائل الحديثة بشرط ألا يخالف الأصول المرعية وألا يهدد سلامة العقار .


وإذا اقتضى الأمر تدخل المؤجر، كان يطلب منه تقوية الحيطان، جاز أن يطلب تدخله على أن يرد له ما أنفقه من المصروفات (م 781 من المشروع، وقد أخذت عن التقنين البولونی م 381 فقرة 2 ولا نظير لها في التقنين الحالى ).

الأحكام

1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادتين 579 ، 580 من القانون المدني على التزام المستأجر باستعمال العين المؤجرة على النحو المتفق عليه وبألَّا يُحدث بها تغييرات بدون إذن المؤجر ، يدل على أن المستأجر يلتزم باستعمال العين المؤجرة في الغرض الذي أُجرت من أجله ، فإن تحدد هذا الاستعمال في العقد وجب على المستأجر أن يقتصر عليه ، وألا يعمد إلى تغييره إلا بعد حصوله على إذنٍ من المؤجر ، كذلك يمتنع على المستأجر إجراء أي تغيير مادي بالعين المؤجرة كالهدم والبناء إلا بإذن المؤجر ، إلا أنه يُستثنى من ذلك حالة التغيير بنوعيه المادي والمعنوي والذي لا يترتب عليه ضرر للمؤجر ، فتنتفي عندئذٍ حكمة التقييد ويصبح التغيير جائزًا ، ولا يغير من ذلك أن يتضمن عقد الإيجار حظرًا صريحًا للتغيير بكافة صوره؛ لأن تمسك المؤجر بهذا النص المانع رغم ثبوت انتفاء الضرر يجعله متعسفًا في استعمال حقه في طلب الفسخ تطبيقًا لحكم الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون المدني. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بفسخ عقد الإيجار موضوع الدعوى والتسليم على سندٍ من مخالفة الطاعنة للحظر الوارد بهذا العقد من أنه لا يجوز للمستأجر إحداث تغيير بالعين المؤجرة بدون إذن المالك ، فإن الحكم المطعون فيه إذا ما أيد هذا القضاء دون أن يعرض لأثر ما خلص إليه من تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف من أن التغييرات التي قامت بها الطاعنة بشقة النزاع لم تُصِب المطعون ضده بضرر - والذي ركن إليه في إلغاء التعويض المقضي به من محكمة أول درجة- وأنه لا تلازم بين وقوع المخالفة وحتمية الفسخ، وأيًا كان هذا الحظر صريحًا أو ضمنيًا فإن تمسك المؤجر بالنص المانع رغم ثبوت انتفاء الضرر يجعله متعسفًا في استعمال حقه ويوجب على القاضي إعمال سلطته التقديرية، فإذا انتفى الضرر ارتفع الحظر ؛ فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الخصوص .

( الطعن رقم 16091 لسنة 91 ق - جلسة 27 / 9 / 2022 )

2- إذا كان البين من الأوراق أن البند السابع من عقد إيجار عين النزاع يجرى على أن " المستأجر غير مأذون بأن يحدث إحداثاً بالمحل مثل هدم أو بناء أوتغيير تفاصيل أو تقسيم الأود أو فتح شبابيك وأبواب بدون إذن كتابى من المالك وإن أجرى شيئاً من ذلك فيكون ملزماً بترجيح المحلات لحالتها الأصلية ويدفع قيمة المصاريف والأضرار والمالك يكون له الحق أن ينتفع بالتحسينات والإصلاحات الناشئة عن تلك الاحداثات أو بجانب منها بدون ملزومية عليه بدفع قيمتها أوبدفع مبلغ عنها مهما كان " وكان ظاهر هذا البند يعتبر أن نية المتعاقدين قد إنصرفت إلى تحديد الجزاء على مخالفته بإعادة الحال إلى أصلها بمصروفات على عاتق المستأجر أو الإبقاء على هذه التعديلات أو بعضها دون تحميل المؤجر نفقاتها وكان الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عمد إلى تطبيق المادة 23/ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 التى تجيز للمؤجر طلب فسخ العقد و إخلاء المكان المؤجر إذا إستعمله المستأجر بطريقة تنافى شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المالك ، وقضى بالإخلاء تأسيساً على أن الطاعن " المستأجر " أخل بإلتزامه المنصوص عليه فى البند السابع من عقد الإيجار بأن أجرى تغييراً فى العين المؤجر دون أن يبين فى الأسباب مبررات عدوله عن المدلول الظاهر للعقد من عدم توقيع الجزاء بالفسخ فى هذه الحالة رغم أن للمؤجر عند التعاقد أن ينزل عن التمسك بالرخصة التى خولها له المشرع فى كل أو بعض المواضع التى تجيز له طلب فسخ العقد والإخلاء مما عددته تلك المادة.

(الطعن رقم 1476 لسنة 48 جلسة 1983/11/14 س 34 ع 2 ص 1601 ق 313)

3- النص فى المادتين 579 ، 580 من القانون المدنى على إلتزام المستأجر بإستعمال العين المؤجرة على النحو المتفق عليه ، وبألا يحدث بها تغييرات بدون إذن المؤجر ، يدل على أن المستأجر يلتزم بإستعمال العين المؤجرة فى الغرض الذى أجرت من أجله ، فإن تحدد هذا الإستعمال فى العقد وجب على المستأجر أن يقتصر عليه ، و ألا يعمد إلى تغييره إلا بعد حصوله على إذن من المؤجر ، كذلك يمتنع على المستأجر إجراء أى تغيير مادى بالعين المؤجرة كالهدم و البناء إلا بإذن المؤجر ، إلا أنه يستثنى من ذلك حالة التغيير بنوعيه المادى والمعنوى ، والذى لا يترتب عليه ضرر للمؤجر ، فتنتفى عندئذ حكمة التقييد و يصبح التغيير جائزاً . ولا يغير من ذلك أن يتضمن عقد الإيجار حظراً صريحاً للتغيير بكافة صوره ، لأن تمسك المؤجر بهذا النص المانع رغم ثبوت إنتفاء الضرر يجعله متعسفا فى إستعمال حقه فى طلب الفسخ تطبيقا لحكم الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون المدنى التى تنص على أن يكون إستعمال الحق غير مشروع فى الأحوال الآتية : 1- إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير . وإذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى أن التغيير المادى والمعنوى ثابت من تقرير الخبير لأن الطاعن أقام حجرتين بالعين المؤجرة بغير إذن من المطعون ضده و إستعمل إحداهما كمحل لبيع الأدوات المنزلية والأخرى كمكتب مخالفاً لما إتفق عليه فى العقد من إستعمال العين المؤجرة كمخزن للحديد والخردة فإنه يكون قد أسس قضاءه بالإخلاء على مجرد حصول التغيير المادى والمعنوى .

(الطعن رقم 1710 لسنة 52 جلسة 1983/04/28 س 34 ع 1 ص 1067 ق 214)

4- الأصل طبقاً للقواعد العامة فى القانون المدنى أن المستأجر ملتزم بألا يحدث تغييراً ضاراً فى العين المؤجرة بدون أذن من المالك و قد نصت المادة 2/580 من القانون المدنى على أنه إذا خالف المستأجر هذا الإلتزام جاز إلزامه بإعادة العين إلى الحالة التى كانت عليها و التعويض إن كان له مقتضى و جاء هذا النص تطبيقاً للقواعد العامة فيجوز للمؤجر أن يطلب التنفيذ العينى و إعادة العين إلى أصلها أو فسخ الإيجار مع التعويض فى الحالتين إن كان له مقتضى ، فإذا ما خص المشرع بالذكر إعادة الحالة إلى أصلها فإن هذا لا يحول دون طلب الفسخ إذا توفر مبرره .

(الطعن رقم 2219 لسنة 53 جلسة 1982/03/25 س 33 ع 1 ص 629 ق 1 ( هيئة عامة ) )

5- لما كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن حق المؤجر فى طلب الإخلاء وفقاً لحكم المادة 23 ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يقوم بمجرد الاستعمال المحظور على المستأجر بل يشترط أن يقع عنه ضرر للمؤجر بحيث اذا انتفى الضرر إمتنع الحكم بالإخلاء ، وإذ نصت المادة 31 ج من القانون رقم 49 لسنة 1977 صراحة على هذا الحكم فى حالة مخالفة المستأجر لطريقة إستعمال العين المؤجرة مما قد يوحى فى ظاهره بإنتفاء هذا الشرط فى حالة مخالفة الغرض من الإستعمال باعتبار أن شرط الضرر حسبما ورد فى النص قد اقترن بمخالفة شروط الإيجار المعقولة دون مخالفته للغرض من الاستعمال إلا أن ذلك مردود بأن المستفاد من مناقشات مجلس الشعب فى شأن هذه الفقرة أن واضعى النص إعتبروا أن توافر الضرر شرط للحكم بالإخلاء فى الحالتين المنصوص عليهما لوحدة العلة بينهما وهى حماية المستأجرين من عنت المالك وبإعتبار أن طلب الإخلاء مع عدم توافر الضرر ينطوى على تعسف فى إستعمال الحق فضلاً عن أن النص فى المادة 580 من القانون المدنىمنه أنه " لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجر تغييراً بدون إذن المؤجر إلا إذا كان هذا التغيير لا ينشأ عنه ضرر للمؤجر " يدل على أن المحظور هو الإستعمال أو التغيير الذى ينشأ عنه ضرر للمؤجر .

(الطعن رقم 50 لسنة 50 جلسة 1980/12/13 س 31 ع 2 ص 2027 ق 377)

6- إذ كانت محكمة النقض قد إنتهت إلى رفض الطعن - المنضم - المرفوع من المطعون عليه فى الطعن الماثل عن الحكم رقم 751 لسنة 30 ق إستئناف الإسكندرية الذى قضى بصحة و نفاذ عقد الإيجار الشفوى الصادر من المطعون عليه - المالك - إلى الطاعن الأول عن الشقة رقم 8 و الملاصقة للشقة رقم 7 - موضوع التداعى الماثل - فإن مؤدى ذلك أن التغيير الذى قام به الطاعن مستأجر الشقتين - بإجراء فتحة بينهما لتيسير الإنتفاع بهما - لم يترتب عليه ضرر على النحو السالف بيانه ، و كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التغيير المحظور على المستأجر فى حكم المادة 3/23 من القانون 52 لسنة 1969 هو الذى يلحق ضرراً بالعين المؤجرة أو بالمؤجر ، فإن دعوى المطعون عليه تكون بذلك على غير سند من القانون خليقة بالرفض .

(الطعن رقم 519 لسنة 46 جلسة 1980/04/12 س 31 ع 1 ص 1069 ق 206)

7- يشترط لقيام حق المؤجر فى طلب إخلاء العين المؤجرة تبعاً لإجراء المستأجر تعديلاً وتغييره من إستعمالها وفقاً لنص الفقرة [ ج ] من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يلحق المؤجر من جراء ذلك ، و أنه لا يغنى عن التحقق من توافره النص فى العقد على منع المستأجر من إجراء هذه التعديلات، لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذا طرح دفاع الطاعن القائم على عدم ترتب أية أضرار على إستغلاله العين المؤجرة فى تصنيع الحلوى ، على سند من أن تضمين العقد حظراً على المستأجر من إدخاله تعديلات على العين المؤجرة يكفى لقيام حق المؤجر فى طلب الإخلاء ، يكون قد حجب نفسه عن تمحيص دفاع جوهرى للطاعن .

(الطعن رقم 78 لسنة 47 جلسة 1980/03/26 س 31 ع 1 ص 921 ق 181)

8- الإضرار بالمؤجر - الذى يبيح له إخلاء المستأجر للتغير فى العين المؤجرة - كما يتحقق بالإخلال بإحدى مصالحه التى يحميها القانون . مادية كانت أو أدبية حالاً كان هذا الإخلال أو مستقبلاً ما دام لاريب واقعاً إذ كل فى الحق فى الإحتماء برعاية القانون سواء. يقوم كذلك بتهديد أى من هذه المصالح تهديداً جدياً إذ فى هذا تعريض لها لخطر المساس بها مما يعتبر بذاته إخلالاً بحق صاحب المصلحة فى الإطمئنان إلى فرصته فى الإنتفاع الكامل بها بغير إنتفاض وهو ما يشكل إضرار واقعاً به ، وكان على المؤجر حسبما تقضى به المادة 571 من القانون المدنى " أنه يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون إنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التى تصدر منه أو من أتباعه بل يمتد هذا الضمان إلى كل تعرض أو إضرار مبنى على سبب قانونى يصدر من أى مستأجر أو من أى شخص تلقى الحق عن المؤجر " وكان من المقرر أنه و إن كان لا مسئولية على المؤجر عن التعويض المادى الواقع على المستأجر منه إذا كان صادراً من الغير إلا أنه يكون مسئولاً عنه إذا كان هذا الغير مستأجراً منه أيضاً إذ يعتبر بذلك فى حكم أتباعه المشار إليهم فى المادة 571 من القانون المدنى بإعتبار أنه فى تلقى الحق فى الإيجار عنه و أن صلته به هى التى مكنت له من التعويض للمستأجر الأخر ، فيمتد ضمان المؤجر إلى هذا التعرض لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه قد إستند فيما إرتآه من تحقق الضرر بالمطعون عليه نتيجة فعل الطاعن إلى ما يصيب المستأجرين من المجاورين لهذا الأخير من ضرر يمثل فى سهولة التسلل إلى مسكنيهما مما يعتبر معه المطعون عليه مسئولاً عنه تجاههما ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 108 لسنة 45 جلسة 1980/01/26 س 31 ع 1 ص 297 ق 61)

9- مؤدى نص المادة 23 /ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 - أن المشرع بعد أن سلب المؤجر الحق الذي تخوله إياه القواعد العامة فى مطالبة المستأجر بإخلاء المكان المؤجر عند انتهاء مدة العقد مقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار تلقائياً، أجاز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أخل المستأجر بإلتزاماته المتعلقة بإستعمال العين المؤجرة ومنها ما نصت عليه المادة 580 /1 من القانون المدني من أنه " لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون إذن المؤجر إلا إذا كان التغيير لا ينشأ عنه ضرر للمؤجر " مما مؤداه أن المحظور على المستأجر هو التغيير الذي ينشأ عنه ضرر للمؤجر، والمقرر فى قضاء هذه المحكمة كذلك أن حق المؤجر فى الإخلاء ينشأ بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقضي بإزالتها. فيبقى له هذا الحق ولو أزال المستأجر المخالفة بعد وقوعها، واستخلاص ثبوت الضرر من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، ما دام الدليل الذي أخذت به فى حكمها مقبولاً قانوناْ.

(الطعن رقم 100 لسنة 45 جلسة 1979/04/28 س 30 ع 2 ص 217 ق 225)

10- وإن كان يجوز للمؤجر أن ينزل عن حقه فى طلب إخلاء المستأجر بسبب استعماله للمكان المؤجر بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة، وكان لا يلزم أن يكون هذا التنازل صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً، وذلك بإتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً فى دلالته على قصد التنازل حسبما تقضى به المادة 90 من القانون المدني، إلا أن مجرد علم المؤجر بحصول المخالفة وعدم اعتراضه عليها لا يعتبر بذاته تنازلاً ضمنياً عن الحق فى طلب الإخلاء لإنقضاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة، لما كان ذلك، وكان عبء إثبات التنازل صريحاً كان أو ضمنياً يقع على عاتق مدعيه، وكان الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه قد أقام الدليل لدى محكمة الموضوع على أن المطعون عليه الأول قد إتخذ موقفاً إيجابياً يقطع فى الدلالة على قصد التنازل عن حقه فى طلب الإخلاء أو أنه طلب إلى محكمة الموضوع تمكينه من إقامة الدليل على ذلك. لما كان ما تقدم وكان مجرد السكوت من استعمال الحق فى طلب الإخلاء فترة من الزمن رغم العلم بقيام المخالفة لا يعتبر تنازلاً عن الحق، فإن النعي يكون على غير أساس.

(الطعن رقم 100 لسنة 45 جلسة 1979/04/28 س 30 ع 2 ص 217 ق 225)

11- مؤدى نص المادة 23 من القانون 52 لسنة 1969 فى شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التشريع الإستثنائى بعد أن سلب المؤجر الحق الذي تخوله إياه القواعد العامة فى مطالبة المستأجر بإخلاء العين المؤجرة عند انتهاء مدة العقد مقرراً مبدأ إمتداد عقود الإيجار إمتداداً تلقائياً أجاز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أخل المستأجر بإلتزاماته المتعلقة بإستعمال العين المؤجرة المشار إليها بالمواد 579، 580، 581 من القانون المدني، ولئن كان المستفاد من هذا النص أن للمؤجر الحق فى طلب إخلاء المستأجر بمجرد استعمال المكان المؤجر استعمالاً ينافي شروط العقد، سواء كان تغييراً مادياً فى العين المؤجرة أو تغييراً معنوياً بتعديل الإستعمال، إلا أن هذا النص جاء خلوا مما يفيد سلطة القاضي التقديرية فى الفسخ ولم يفرض عليه الحكم بالإخلاء إذا توافر سبب من أسبابه التي حددت شروطها فيه وإذ كان مفاد ما تنص عليه المادة 579 من القانون المدني من أن المحظور هو تعديل الإستعمال الذي ينشأ عن ضرر للمؤجر، فإذا إنتفى الضرر أرتفع الحظر. لما كان ذلك وكان الحكم الإبتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن مجرد تغيير إستعمال العين المؤجرة يعتبر مخالفاً لشروط الإيجار المعقولة تستوجب الإخلاء دون استلزام توافر ركن الضرر، ولم يمحص مدى تحقق الضرر، فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 570 لسنة 44 جلسة 1978/06/21 س 29 ع 1 ص 1505 ق 290)

12- متى أجرى المستأجر تغييراً جوهرياً فى العين المؤجرة متجافياً مع طبيعتها أعتبر رغم الإذن الوارد فى صيغة عامة بإجراء التغيير مخلاً بإلتزامه وجاز للمؤجر المطالبة بإزالة التعديلات أو الفسخ مع التعويض فى الحالتين إن كان له مقتض، ولا يلتزم المؤجر بالتريث إلى نهاية مدة الإيجار، إذ مجرد إحداث التغيير يجعل المستأجر مخلاً بإلتزام يرتبه القانون فى ذمته مفروض بمقتضى المادة 580 من القانون المدني أثناء سريان عقد الإيجار وهو سابق ومستقل عن الإلتزام برد العين بالحالة التي سلمت عليها فى معنى المادة 591 من ذات القانون والذي لا يصادف محله إلا بعد نهاية العقد، ولا مساغ للقول بأن المشرع قصد بإغفال النص على الفسخ فى المادة 580 أن المؤجر يجب أن ينتظر إلى نهاية الإيجار، لأن المطالبة بالتنفيذ العيني والفسخ مع التعويض فى الحالتين مستمد من القواعد القانونية العامة. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار إنصب على دارين للخيالة إحداهما شتوية والأخرى صيفية بما تتحدد معه طبيعة العين المؤجرة، وأن عبارة الإذن بالتغيير جاءت بصيغة عامة فلا ينصب إلا على التغييرات العادية المألوفة المتفقة مع طبيعة العين المؤجرة وفي الظروف المعتادة. وكان الثابت من الصورة الرسمية لتقرير الخبير فى دعوى إثبات الحالة أن المطعون عليه الثاني أزال معالم الدار الصيفية بحيث درست آثارها وأمحى شكلها وإندثر كيانها، فهدمت الحجرات المخصصة للآلات السينمائية وتحطمت كافة المقاعد واختفت كل أجهزة العرض ومكبرات الصوت والتوصيلات الكهربائية وإستعملت ساحة العرض كمخزن وترك باقيها أرضاً فضاء، وكان الحكم المطعون فيه إعتبر هذه التغييرات مما يجيزه الترخيص الصادر من مأمور التفليسة بإعتباره ممثلاً للمؤجر وإنتهى إلى أن الدعوى مرفوعة قبل أوانها مع أن مبناها هو مجاوزة المستأجر للحدود التي يتقيد بها رغم الإذن، وأن حق المؤجر المطالبة بالتعويض أثناء سريان عقد الإيجار فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور.

(الطعن رقم 692 لسنة 44 جلسة 1978/02/22 س 29 ع 1 ص 563 ق 110)

13- إذ كان البين من مدونات الحكم الإبتدائى أن البند السابع من عقد الإيجار محل النزاع يجرى على أنه " غير مسموح للمستأجر أن يعمل أى تغيير بالمحل إستئجاره لا من هدم ولا بناء و لا فتح أبواب ولا شبابيك بدون رضاء المالك وأخذ إذن كتابى منه وإن حصل منه شىء يرجعه إلى أصله و يلزم بالفعل والإضرار وللمالك الخيار بأبقاء تلك التغييرات بدون تكليفه شىء فى مقابلها أو ترجيعها لأصلها ومصاريفها على المؤجر " وكان ظاهر هذا البند يفيد أن نية العاقدين قد إنصرفت إلى تحديد الجزاء على مخالفته بإعادة الحالة إلى أصلها بمصروفات على عاتق المستأجر أو الإبقاء على هذه التعديلات دون تحميل المؤجر نفقاتها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عمد إلى تطبيق المادة 23/ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 التى تجيز للمؤجر طلب فسخ العقد و إخلاء المكان المؤجر إذا إستعمله المستأجر بطريقة تنافى شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المالك دون أن يبين فى الأسباب مبررات عدوله عن المدلول الظاهر للعقد من عدم توقيع الجزاء بالفسخ رغم أنه يجوز للمؤجر عند التعاقد أن ينزل عن التمسك بالرخصة التى خولها إياه التشريع الإستثنائى فى كل أو بعض المواضع التى تجيز له طلب فسخ العقد و الإخلاء مما عددته تلك المادة ، فإنه يكون متعيناً نقض الحكم .

(الطعن رقم 103 لسنة 44 جلسة 1977/11/30 س 28 ع 2 ص 1724 ق 296)

14- مفاد المادة 23/ج من القانون رقم 52 لسنة 1969 المنطبقة على واقعة الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التشريع الإستئناثى بعد أن سلب المؤجر الحق الذى تخوله القواعد العامة فى مطالبة المستأجر بإخلاء العين المؤجرة عند انتهاء مدة العقد ، ومقرراً مبدأ إمتداد عقود الإيجار إمتداداً تلقائياً أجاز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أخل المستأجر بإلتزامه الخاص بإستعمال العين المؤجره المشار إليها فى المواد 579 ، 580 ، 583 من القانون المدنى ، ولئن كان المستفاد من هذا النص أن للمؤجر الحق فى طلب إخلاء المستأجر بمجرد إستعمال المكان المؤجر إستعمالاً ينافى شروط العقد ، إلا أن هذا النص جاء خلواً مما يفيد سلطة القاضى التقديرية فى الفسخ ، و لم يعرض عليه الحكم بالإخلاء إذا توفر سبب من أسبابه التى حددت شروطها فيه ، و إذ كان مفاد ما تقضى به المادة 579 من القانون المدنى أنه متى تعين الإستعمال المحدد الذى أوجرت العين من أجله وجب على المستأجر أن يقتصر عليه و ألا يعمد إلى تغييره إلا بعد حصوله على إذن من المؤجر على أن يستثنى الحالة التى لا يترتب على هذا التغيير فى نوع الاستعمال ضرر للمؤجر ، فتنتفى عند ذلك حكمه التقييد و يصبح التغيير جائزاً لما كان ماتقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأعتبرأن مجرد تغيير وجه إستعمال العين المؤجرة حتى و لو لم ينجم عنه ضرر للمالك ، و لم يجعل للمحكمة سلطة تقديرية فى هذا الشأن ، فإنه يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 348 لسنة 43 جلسة 1977/02/23 س 28 ع 1 ص 542 ق 100)

15- مؤدى نص المادة 580 من التقنيين المدنى أن الشارع ألزم المستأجر بألا يحدث تغييراً ضاراً فى العين المؤجرة بدون إذن المالك ورتب على الإخلال بهذا الإلتزام قيام حق المؤجر فى المطالبة بإلزام المستأجر بإزالة ما يكون قد أحدثه بالعين المؤجرة من تغيير فضلاً عن التعويض إن كان له مقتض ، وإذ كان ترتيب الأثر على هذا الإخلال يتوقف على إرادة المؤجر المنفردة فإن له النزول عن حقه فيه, وليس لهذا النزول شكل خاص ، فكما يصح التعبير عنه صراحة يجوز أن يكون ضمنياً ، ولقاضى الموضوع إستخلاص هذه الإرادة من الظروف والملابسات المحيطة بموقف المؤجر والتى تكشف عن نزوله عن الحق ، ولا يصح للمؤجر متى ثبت فى حقه هذا النزول أن يرجع فيه بإعتباره تصرفاً قانونياً صادراً من جانب واحد لا حاجة فيه إلى قبول المستأجر .

(الطعن رقم 406 لسنة 43 جلسة 1977/01/26 س 28 ع 1 ص 291 ق 61)

16- متى كان ما نسبته الطاعنة إلى وزارة التربية والتعليم من اساءة استعمال العقار المستولى عليه ليكون مدرسة وإحداث تغيير به وقطع بعض أشجاره لايدخل فى نطاق الإستعمال غيرالعادى بل يكون إن صح وقوعه خطا جسيما يستوجب تعويضاً مستقلا عن الضرر الناشىء عنه لا تشمله الزيادة المقررة مقابل مصاريف الصيانة والإستهلاك غير العاديين وكان الحكم المطعون فيه قد جرى على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور يعيبه ويستوجب نقضه فى هذا الخصوص .

(الطعن رقم 557 لسنة 35 جلسة 1970/02/26 س 21 ع 1 ص 352 ق 57)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 580 من التقنين المدني على ما يأتي :

1- لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون إذن المؤجر، إلا إذا كان هذا التغيير لا ينشأ عنه أي ضرر للمؤجر" .

2- فإذا أحدث المستأجر تغييراً في العين المؤجرة مجاوزاً في ذلك حدود الالتزام الواردة في الفقرة السابقة، جاز إلزامه بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها، وبالتعويض إن كان له مقتض".

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن المستأجر يلتزم بألا يحدث تغييراً ضاراً في العين المؤجرة بدون إذن المالك.

والمراد بالتغيير هنا أن يكون تغييراً مادياً، لا مجرد تغيير استعمال العين فقد سبق بيان الحكم في ذلك فإذا فتح المستأجر في المكان المؤجر نوافذ جديدة، أو سد نوافذ موجودة، أو غير في ترتيب غرف المنزل تغييراً مادياً، أو قسم حانوتاً كبيراً إلى حانوتي صغيرين ولو كان هذا التقسيم مفيداً له، أو هدم سور المنزل، أو سد بعض المراوي أو المصارف في الأرض الزراعية، أو انتزع بعض آلات المصنع، أو غير اسم المتجر، أو إحداث أي تغيير مادي آخر في العين المؤجرة، فإنه يكون مخلاً بالتزامه إذا ترتب على هذا التغيير ضرر للمؤجر وكان التغيير دون إذنه .

فإذا أدخل المستأجر تغييراً مادياً في العين المؤجرة دون إذن المؤجر، وكان هذا التغيير ضاراً أو كان مخالفاً لما اشترطه المؤجر من عدم إجراء أي تغيير، فإن الفقرة الثانية من المادة 580 مدني تقضي، كما رأينا، بأنه يجوز للمؤجر إلزام المستأجر بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها وبالتعويض إن كان له مقتض ولا يقصد من هذا النص إلا تطبيق القواعد العامة، فيجوز طبقاً لهذه القواعد أن يطلب المؤجر التنفيذ العيني وإعادة العين إلى أصلها أو فسخ الإيجار مع التعويض، لأن هذا هو الجزاء الطبيعي لإخلال المستأجر بالتزامه ويتحتم على القاضي إجابة المؤجر إليه إذا طبه، وهذا لا يمنع المؤجر بداهة من طلب الفسخ إذا كان هناك مبرر لذلك.

وقد ينزل المؤجر عن حقه في طلب إزالة التغييرات أو الفسخ وعن حقه في التعويض، ويعتبر هذا منه إجازة لاحقة لإجراء التغييرات تكون بمثابة الإذن السابق وقد يكون النزول ضمنياً، ويعد نزولاً ضمنياً أن يجدد المؤجر الإيجار للمستأجر دون أن يعترض على ما أحدثه في العين من تغييرات .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس، الصفحة/ 696)

ومفاد ذلك أن يلتزم المستأجر بعدم إجراء أي تعديل ضار بالعين بغير إذن المؤجر فليس له فتح نافذة أو سدها أو تقسيم الحجرة إلى حجرتين بإقامة حائط لا بمجرد حاجز خشبي أو إدخال حجرة في أخرى بهدم الحائط المشترك أو سد مسقى في أرض زراعية أو تغيير اسم المتجر، فيكون مخلاً بالتزامه إذا تخلف عن ذلك ضرر للمؤجر، أما إذا انتفى الضرر فللمستأجر إجراء التعديل بدون إذن بشرط إعادة العين لأصلها عند نهاية الإيجار، مثل ذلك سد شرفة بالخشب أو الزجاج للانتفاع بها كحجرة أو إقامة حاجز خشبي وسط حجرة كبيرة لاستعمالها حجرتين أو إقامة صندرة علوية أو هدم حائط مشتركة بين حجرتين، ويقع على المؤجر إثبات الضرر وعلى المستأجر عبء إثبات انتفاء الضرر ويكفي أن يتمسك بانتفاء الضرر وحينئذ يتعين على المحكمة بحث هذا الدفاع الجوهري لتقول فيه كلمتها وإلا كان حكمها قاصراً، ولا تثريب عليها إن خلصت إلى توافر الضرر متى كان استخلاصها سائغاً فإن كان بالعقد شرط يمنعه من أي تعديل فلا يلتزم بذلك إلا إذا كان من شأن التعديل أحداث ضرر ولا يفترض تحقق الضرر لمجرد إجراء تغيير في العين حتى لو وجد شرط بالعقد يحظر على المستأجر ذلك، إنما يلزم توافر الضرر الفعلي، أما إن تخلف الضرر فللمستأجر إجراء هذا التعديل دون أن يكون للمؤجر طلب الفسخ، وللمستأجر إجراء التعديل ولو كان ضاراً متی أذن به المؤجر إذناً صريحاً كأن يشترط بأن التغييرات التي يحدثها المستأجر في العين تكون للمؤجر عند انتهاء العقد، وقد يكون ضمنياً كالإذن بالإيجار مفروشاً لما يتطلبه ذلك من إدخال التعديلات اللازمة لهذا الغرض، ومن استأجر مكاناً ليباشر مهنته جاز له أن يضع لافتة على مدخله أو جدرانه تشير إلى اسمه ومهنته، وليس في نصوص قانون إيجار الأماكن ما يحول دون مراعاة هذه الأحكام عند الفصل في طلب إخلاء مستنداً إلى مخالفة شروط العقد.

ويترتب على الإخلال هذا الالتزام، أن يلزم المؤجر المستأجر بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها وبالتعويض وله طلب الفسخ، ويحصل المؤجر على إذن من القضاء بإزالة التغييرات على نفقة المستأجر كما يجوز الحكم بغرامة تهديدية عن كل فترة تأخير.

ويمتد هذا الالتزام الملحقات العين المؤجرة وطالما كانت الحديقة المطلة عليها العين المؤجرة الكائنة بالطابق الأرضي تعتبر بمثابة منفذ ومطل لازم لاستعمال العين، وبالتالي تكون من ملحقاتها.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 5 )

والمقصود بالتغيير المحظور على المستأجر، التغيير المادي في ذات العين أو ملحقاتها، كفتح نافذة جديدة في جدار المسكن أو سد مكان نافذة موجودة، أو قلع شجرة من أشجار الحديقة أو سد مروى أو مصرف في أرض زراعية.

لا يحظر على المستأجر إجراء تغيير بالعين المؤجرة، إلا إذا كان هذا التغيير يرتب ضرراً للمؤجر.

والملاحظ أن المشرع يتحدث عن الضرر بالمؤجر وليس بالعين المؤجرة، وهذا مفاده أن حق المؤجر في الاعتراض على التغيير لا يرتبط بحدوث ضرر بالعين نفسها وإنما يترتب الضرر أيضاً إذا لحق المؤجر ويلحق الضرر المؤجر إذا أخل بإحدى مصالحة التي يحميها القانون مادية أو أدبية، حالاً كان هذا الإخلال أو مستقبلاً مادام لا ریب واقعا وكذلك بتهديد أي من هذه المصالح تهديداً جدياً إذ في هذا تعريض لها لخطر المساس بها مما يعتبر بذاته إخلالاً بحق صاحب المصلحة في الاطمئنان إلى فرصته في الانتفاع الكامل بها بغير انتقاص.

وبالترتيب على ذلك يتحقق الضرر بالمؤجر إذا ترتب على تغيير الاستعمال الإضرار بمستأجر آخر لالتزام المؤجر بالضمان قبل المستأجر الآخر.

يقع على عاتق المستأجر عبء إثبات عدم حصول ضرر للمؤجر نتيجة تغيير استعمال العين المؤجرة.

وإذا أثبت المستأجر علم حصول ضرر من التغيير المؤجر، فإن مسئوليته تنتفي ولو كان قد نص في العقد على حظر التغيير.

تقدير ما إذا كان قد ترتب على التغيير بالعين المؤجرة ضرر للمؤجر من عدمه أمر موضوعي يستقل بتقديره قاضي الموضوع، دون رقابة عليه من محكمة النقض ما دام الدليل الذي أخذ به في حكمه مقبولاً وإذا كان ما أورده الحكم في ذلك تؤدي إليه مقدماته.

يجوز للمستأجر إجراء تغيير في العين المؤجرة ولو ترتب عليه ضرر بالمؤجر، إذا أذن له المؤجر في ذلك، لأن المنع مقرر لمصلحة المؤجر فيجوز له أن ينزل عنه.

ويصح أن يكون إذن المؤجر أثناء الإيجار، كما يصح أن تأتي موافقة المؤجر بعد انقضاء الإيجار فتكون إجازة للتغيير.

والإذن قد يكون صريحاً أو ضمنياً.

نصت الفقرة الثانية من المادة على الجزاء الذي يوقع على المستأجر عند إخلاله بالتزامه بعدم إجراء تغيير بالعين المؤجرة بدون إذن المؤجر فخولت المؤجر طلب إلزامه بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها وبالتعويض إن كان له مقتض، وظاهر هذه الفقرة أنها أعطت المؤجر حق التنفيذ العيني والتعويض فقط، ولم تخوله حق طلب الفسخ.

إلا أن هذا لا يعني أن المادة حرمت المؤجر من حق الفسخ وهو حق تخوله له القواعد العامة إذا كان الإخلال جسيماً، ويبدو أن إغفال الفسخ جاء من قبيل السهو.

وله أيضاً الحصول على إذن من القاضي بإزالتها على نفقة المستأجر.

غير أنه يجوز للقاضي طبقاً للقواعد العامة أن ينظر المستأجر إلى وقت انقضاء الإيجار، إذا كان لا يلحق بالمؤجر ضرر من الانتظار. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع، الصفحة/ 597)

تنص المادة 580 فقرة أولى على أنه «لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون إذن المؤجر إلا إذا كان هذا التغيير لا ينشأ عنه أي ضرر المؤجر ».

والمقصود بذلك هو التغيير المادي في العين المؤجرة أما التغيير المعنوي أو تغيير الاستعمال، فقد سبق النص عليه في المادة 579 ( راجع نبذة 208) .

وبناء على ذلك لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييرات مادية كفتح نوافذ جديدة أو سد نوافذ موجودة أو إقامة حائط أو قسمة غرف أو فتح بعضها على بعض أو قلع أشجار أو هدم أسوار الخ . إذا كان ذلك يمكن أن ينشأ عنه ضرر للمؤجر، إلا إذا حصل على ترخيص من المؤجر في أحداثه.

فيجوز له أن يحدث أي تغيير مادي بالعين طالما أنه لا يسبب ضرراً للمؤجر، كأن يقيم حاجزاً خشبياً يقسم الحجرة الكبيرة إلى اثنتين، أو أن يقيم مستأجر حانوت لصناعة الأحذية صندرة علوية من الخشب لكي يباشر العمال عملهم اليومي فيها، وذلك لأن هذه الحواجز الخشبية أو الزجاجية يمكن رفعها عند انتهاء الاجارة دون أن يسبب ذلك أي ضرر للعين المؤجرة ويقع على المستأجر عبء إثبات عدم نشوء ضرر للمؤجر من التغيير الذي أجراه.

إذا أخل المستأجر بهذا الالتزام، كان استعمل الشيء المؤجر استعمالاً غير الاستعمال المتفق عليه أو في غير ما أعد له، أو أساء استعماله أو أحدث به تغييراً يضر به، أو تركه دون استعمال، وكان عدم الاستعمال ضاراً به، جاز للمؤجر وفقاً للقواعد العامة أن يطلب تنفيذ هذا الالتزام عيناً باعادة الحالة إلى أصلها أو أن يطلب الفسخ، مع التعويض في الحالين إن كان له مقتض .

وقد نصت المادة 580 فقرة ثانية مدني على أنه إذا أحدث المستأجر تغييراً في العين المؤجرة مجاوزاً في ذلك حدود الالتزام الوارد في الفقرة السابقة، جاز إلزامه بإعادة العين إلى الحالة التي كانت عليها وبالتعويض إن كان له مقتضى - قارن المادة 386/ 461 مدنی قدیم.

ويلاحظ على هذا النص أنه ورد كجزاء لمخالفة الالتزام في الحالة المنصوص عليها في المادة 580 فقرة أولى، أي حالة إحداث تغيير بالشيء المؤجر، وهو من هذه الناحية لا يعدو أن يكون تطبيقاً للقواعد العامة، ولكنه تطبيق ناقص لأنه لم ينص على جواز الفسخ في هذه الحالة فيجب تكملته بالاعتراف للمؤجر فيها بحق طلب الفسخ، وتطبيق كلاً الجزاءين ليس على ما يقع من مخالفات للمادة 580 فقرة أولى فحسب، بل أيضاً على كل إخلال بالالتزام الذي قررته المادة 579 والمادة 583 فقرة أولى فيما يتعلق باستعمال الشيء المؤجر وبدرجة العناية الواجبة فيه.

على أن يشترط في توقيع أي من الجزاءين المتقدمين على المستأجر أن ينشأ عن الإخلال بالتزامه ضرر للمؤجر، وإلا لم يجز للمؤجر أن يطالب المستأجر بإعادة الحالة إلى أصلها ( المادة 580 فقرة أولى وتقابلها المادة 376/ 461 فقرة ثانية مدنی قدیم ) ولا أن يطلب الفسخ أو التعويض.

ويلاحظ أنه إذا طلب المؤجر إعادة الحالة إلى أصلها تعين على القاضي أن يجيبه إلى طلبه أما اذا طلب الفسخ، كان للقاضي في شأنه سلطة تقديرية فإن رأى أن الضرر الذي نشأ من المخالفة يمكن إزالته والاطمئنان إلى عدم تكرار المخالفة رفض الفسخ، وإلا حكم به.

وللمؤجر أن يرجع بالتعويض على المستأجر عما وقع له من ضرر ناتج عن التغيير في العين المؤجرة أو سوء استعمالها قبل نهاية الإيجار إذا كان هذا الضرر محققاً .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن، الصفحة/ 475)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والثلاثون ، الصفحة / 200

ثَانِيًا: وَضْعُ الْكَدِكِ فِي الأْمْلاَكِ الْخَاصَّةِ:

8 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْكَدِكُ الْمُسَمَّى بِالسُّكْنَى قَائِمًا فِي أَرْضِ وَقْفٍ، فَلِصَاحِبِهِ اسْتِبْقَاؤُهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْكَدِكُ فِي الْحَانُوتِ الْمِلْكِ، فَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ بِرَفْعِ الْكَدِكِ

لأِنَّ الإْجَارَةَ تَنْتَهِي بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَلاَ يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ إِجْمَاعًا .

وَالْفَرْقُ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ - أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ عَنْ إِيجَارِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْكُنَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يُعَطِّلَهُ، بِخِلاَفِ الْمَوْقُوفِ الْمُعَدِّ لِلإْيجَارِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إِلاَّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ، فَإِيجَارُهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْلَى مِنْ إِيجَارِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، لِمَا فِيهِ مِنَ النَّظَرِ لِلْوَقْفِ وَلِذِي الْيَدِ .

قَالَ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ: إِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِلْكًا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا كَذَلِكَ إِنْ أَبَى الْمَالِكُ إِلاَّ الْقَلْعَ، بَلْ يُكَلِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الأْغْرَاسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الأْرْضِ فَإِذَنْ لاَ يُكَلِّفُهُ عَلَيْهِ بَلْ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ الأْرْضِ لِلْمَالِكِ، فَتَكُونُ الأْغْرَاسُ وَالأْرْضُ لِلْغَارِسِ، وَفِي الْعَكْسِ يَضْمَنُ الْمَالِكُ لِلْغَارِسِ قِيمَةَ الأْغْرَاسِ فَتَكُونُ الأْرْضُ وَالأْشْجَارُ لَهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ .

قَالَ الأْتَاسِيُّ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْقَوْلِ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بَنَى أَوْ غَرَسَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ؛ لأِنَّهُ يَكُونُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ.. وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ أَوِ الْغَرْسُ بِدُونِ إِذْنِ مَالِكِ الأْرْضِ ، فَلَيْسَ إِلاَّ الْقَلْعُ أَوْ تَخْيِيرُ الْمَالِكِ بَيْنَ تَكْلِيفِهِ بِهِ أَوْ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ، إِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالأْرْضِ؛ لأِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ .

أَمَّا وَضْعُ الْكَدِكِ الْمُتَّصِلِ اتِّصَالَ قَرَارٍ قَصْدًا بِتَعَاقُدٍ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَصَاحِبِ الْحَانُوتِ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُ حَقَّ الْقَرَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ، فَلاَ يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إِخْرَاجَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ وَلاَ إِجَارَتَهُ لِغَيْرِهِ .

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَدْ قَالَ عُلَيْشٌ: إِنَّ الْخُلُوَّ رُبَّمَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْجَدِكُ الْمُتَعَارَفُ فِي حَوَانِيتِ مِصْرَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الْخُلُوُّ إِنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْفِ لِمَصْلَحَةٍ وَهَذَا يَكُونُ فِي الْمِلْكِ، قِيلَ لَهُ: إِذَا صَحَّ فِي وَقْفٍ فَالْمِلْكُ أَوْلَى لأِنَّ الْمَالِكَ يَفْعَلُ فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ، نَعَمْ بَعْضُ الْجَدِكَاتِ بِنَاءٌ أَوْ إِصْلاَحُ أَخْشَابٍ فِي الْحَانُوتِ مَثَلاً بِإِذْنٍ وَهَذَا قِيَاسُهُ عَلَى الْخُلُوِّ ظَاهِرٌ، خُصُوصًا وَقَدِ اسْتَنَدُوا فِي تَأْبِيدِ الْحَكْرِ لِلْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ حَاصِلٌ فِي الْجَدِكِ، وَبَعْضُ الْجَدِكَاتِ أُمُورٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي الْمَكَانِ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ فِيهِ، كَمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَحَوَانِيتِ الْقَهْوَةِ بِمِصْرَ، فَهَذِهِ بَعِيدَةُ الْخَلَوَاتِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمَالِكِ إِخْرَاجَهَا .

وَلَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى نَصٍّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِخُصُوصِ إِقَامَةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْجَدِكَ فِي الْحَانُوتِ الْمِلْكِ، وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي اسْتِئْجَارِ الأْرْضِ لِلْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ، أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ مِلْكٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَالأْرْضَ مِلْكٌ لِصَاحِبِهَا.

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: غِرَاسُ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِنَاؤُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إِذَا لَمْ يَقْلَعْهُ الْمَالِكُ فَلِلْمُؤَجِّرِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ لأِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ قَلْعَهُ بِدُونِ ضَمَانِ نَقْصِهِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ .

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اسْتَأْجَرَ لِلْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ، فَإِنْ شَرَطَ الْقَلْعَ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْقَلْعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَالِكِ أَرْشُ النُّقْصَانِ، وَلاَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَسْوِيَةُ الأْرْضِ ، وَلاَ أَرْشُ نَقْصِهَا، لِتَرَاضِيهِمَا بِالْقَلْعِ، وَلَوْ شَرَطَا الإْبْقَاءَ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْعَقْدُ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الإْمَامِ وَالْبَغَوِيِّ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ؛ لأِنَّ الإْطْلاَقَ يَقْتَضِي الإْبْقَاءَ، فَلاَ يَضُرُّ شَرْطُهُ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ أَوْ جُمْهُورُهُمْ، وَيَتَأَيَّدُ بِهِ كَلاَمُ السَّرَخْسِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْفَسَادِ، لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ.. أَمَّا إِذَا أَطْلَقَا، فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْقَلْعُ وَالرَّفْعُ بِلاَ نَقْصٍ فُعِلَ، وَإِلاَّ، فَإِنِ اخْتَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لأِنَّهُ مَلَكَهُ.. وَإِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْقَلْعَ، فَهَلْ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَقْلَعَهُ مَجَّانًا؟ فِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، وَالثَّانِي عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا هَذَا؛ لأِنَّهُ بِنَاءٌ مُحْتَرَمٌ، وَالثَّانِي: نَعَمْ..، وَإِذَا انْتَهَى الأْمْرُ إِلَى الْقَلْعِ، فَمُبَاشَرَةُ الْقَلْعِ، أَوْ بَدَلُ مَئُونَتِهِ هَلْ هِيَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ لأِنَّهُ الَّذِي اخْتَارَهُ، أَمْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لأِنَّهُ شَغَلَ الأَْرْضَ فَلْيُفْرِغْهَا؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي .

بَيْعُ الْكَدِكِ:

10 - إِذَا ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْقَرَارِ فِي حَانُوتِ الْوَقْفِ، فَالْكَدِكُ الَّذِي يَضَعُهُ فِيهِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ، وَيَكُونُ لِهَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بَيْعُ مَا وَضَعَهُ، وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَرَارِ لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ قَالَ الْمَهْدِيُّ الْعَبَّاسِيُّ: فَإِنْ أَحْدَثَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ إِذْنِ النَّاظِرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَحِينَئِذٍ لاَ حَاجَةَ إِلَى تَكَلُّفِ الإْسْقَاطِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ إِجَارَتِهِ أَوْ بَعْدَهَا، وَلاَ إِلَى اسْتِئْجَارِ الأْجْنَبِيِّ مِنَ النَّاظِرِ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ بَيْعُ مَا أَحْدَثَهُ مِنَ الأْجْنَبِيِّ ، فَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَرَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ أَجْرُ مِثْلِ الأْرْضِ خَالِيَةً عَمَّا أَحْدَثَ فِيهَا .

وَجَاءَ فِي مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ: الْكَدِكُ الْمُتَّصِلُ بِالأْرْضِ بِنَاءً وَغِرَاسًا أَوْ تَرْكِيبًا عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ هُوَ أَمْوَالٌ مُتَقَوَّمَةٌ، تُبَاعُ وَتُورَثُ، وَلأِصْحَابِهَا حَقُّ الْقَرَارِ، وَلَهُمُ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ .

هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا إِذْ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَقِيسُونَ الْجَدِكَ الْمُتَّصِلَ اتِّصَالَ قَرَارٍ عَلَى الْخُلُوِّ، قَالَ عُلَيْشٌ: بَعْضُ الْجَدِكَاتِ بِنَاءٌ أَوْ إِصْلاَحُ أَخْشَابٍ فِي الْحَانُوتِ مَثَلاً بِإِذْنٍ وَهَذَا قِيَاسُهُ عَلَى الْخُلُوِّ ظَاهِرٌ .

وَالْخُلُوُّ يَصِيرُ كَالْمِلْكِ يَجْرِي عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالإْجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالرَّهْنُ وَوَفَاءُ الدَّيْنِ وَالإْرْثُ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاوثون ، الصفحة / 16

مُؤْنَةُ الْمُسْتَأْجَرِ أَثْنَاءَ الإْجَارَةِ :

5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَسَقْيِهَا تَكُونُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الإْجَارَةِ ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ، فَكَانَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّفْصِيلِ كَمَا يَلِي:

6 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى الآْجِرِ عَيْنًا كَانَتْ أَوْ مَنْفَعَةً، وَعَلَفَ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَسَقْيَهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ؛ لأِنَّ هَا مِلْكُهُ، فَإِنْ عَلَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، لاَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ .

وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ طَعَامُ الأْجِيرِ إِلاَّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ .

وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ حُكْمَ مَا إِذَا شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الطَّعَامَ أَوِ الْعَلَفَ، جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، عَلَى أَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَفُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: كُلُّ إِجَارَةٍ فِيهَا رِزْقٌ أَوْ عَلَفٌ فَهِيَ فَاسِدَةٌ إِلاَّ فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكُسْوَتِهَا - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ .

وَإِذَا اكْتَرَى رَجُلٌ حِمَارًا فَعَيِيَ فِي الطَّرِيقِ، فَأَمَرَ الْمُكْتَرِي رَجُلاً أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ، فَإِنْ عَلِمَ الْمَأْمُورُ أَنَّ الْحِمَارَ لِغَيْرِ الآْمِرِ لاَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى أَحَدٍ؛ لأِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَأْمُورُ أَنَّ الْحِمَارَ لِغَيْرِ الآْمِرِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الآْمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الآْمِرُ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ .

7 - وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ اشْتِرَاطَ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، جَاءَ فِي مِنَحِ الْجَلِيلِ: جَازَ كِرَاءُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُكْتَرِي عَلَفَهَا، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَكْتَرِيَ إِبِلاً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ رِحْلَتَهَا، أَوْ يَكْتَرِيَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا أَوْ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تُوصَفِ النَّفَقَةُ؛ لأِنَّهُ مَعْرُوفٌ، قَالَ مَالِكٌ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَاجِرَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ أَجَلاً مَعْلُومًا بِطَعَامِهِ فِي الأْجَلِ أَوْ بِكِسْوَتِهِ فِيهِ .

وَجَاءَ فِي مِنَحِ الْجَلِيلِ أَيْضًا: وَإِذَا اكْتَرَيْتَ مِنْ رَجُلٍ إِبِلَهُ، ثُمَّ هَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا فِي يَدَيْكَ، فَأَنْفَقْتَ عَلَيْهَا فَلَكَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِنِ اكْتَرَيْتَ مَنْ يَرْحَلُهَا رَجَعْتَ بِكِرَائِهِ، وَتَأَوَّلَ أَبُو إِسْحَاقَ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْعَادَةِ أَنَّ رَبَّ الإْبِلِ هُوَ الَّذِي يَرْحَلُهَا، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالأْظْهَرُ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ: أَنْ يَلْزَمَ الْمُكْرِيَ الْبَرْذعَةُ وَالسَّرْجُ وَنَحْوُهُمَا، لاَ مُؤْنَةُ الْحَطِّ وَالْحَمْلِ .

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لاَ بَأْسَ بِإِجَارَةِ الظِّئْرِ عَلَى إِرْضَاعِ الصَّبِيِّ، وَلاَ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ غَيْرُ مَا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ مِنْ أُجْرَةٍ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ طَعَامُهَا وَكُسْوَتُهَا، فَذَلِكَ جَائِزٌ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَطَعَامُهَا وَكُسْوَتُهَا عَلَى قَدْرِهَا وَقَدْرِ هَيْئَتِهَا وَقَدْرِ أَبِي الصَّبِيِّ فِي غِنَاهُ وَفَقْرِهِ .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَعَامُ الأْجِيرِ وَحْدَهُ هُوَ الأْجْرَةَ أَوْ مَعَ دَرَاهِمَ .

8 - وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: عَلَى الْمُكْرِي عَلَفُ الظَّهْرِ وَسَقْيُهُ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ فَكَانَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اكْتَرَى جِمَالاً فَهَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا عِنْدَ الْمُكْتَرِي فَلاَ فَسْخَ لَهُ وَلاَ خِيَارَ، بَلْ إِنْ شَاءَ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ رَفَعَ الأْمْرَ إِلَى الْقَاضِي؛ لِيُمَوِّنَهَا الْقَاضِي وَيُمَوِّنَ مَنْ يَقُومُ بِحِفْظِهَا مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَمَّالِ مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجِمَالِ فَضْلٌ، اقْتَرَضَ الْقَاضِي عَلَى الْجَمَّالِ مِنَ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ وَثِقَ الْقَاضِي بِالْمُكْتَرِي دَفَعَ مَا اقْتَرَضَهُ إِلَيْهِ، وَإِنِ اقْتَرَضَهُ مِنْهُ لِيُنْفِقَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ جَعَلَ الْقَاضِي مَا اقْتَرَضَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهَا.

وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْقَاضِي مَالاً يَقْتَرِضُهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنَ الْجِمَالِ قَدْرَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ يَتَعَهَّدُهَا، وَإِذَا كَانَ فِي الْجِمَالِ الْمَتْرُوكَةِ زِيَادَةٌ عَلَى حَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلاَ يَقْتَرِضُ الْقَاضِي عَلَى الْجِمَالِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ، بَلْ يَبِيعُ الْفَاضِلَ عَنِ الْحَاجَةِ.

وَلَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْمُكْتَرِي فِي الإْنْفَاقِ عَلَى الْجِمَالِ، وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا، جَازَ فِي الأْظْهَرِ، كَمَا لَوِ اقْتَرَضَ ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ، وَلأِنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ، فَقَدْ لاَ يَجِدُ الْقَاضِي مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لاَ يَرَاهُ، وَمُقَابِلُ الأْظْهَرِ الْمَنْعُ وَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا.

وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَيُعْتَبَرُ مُتَبَرِّعًا، لَكِنْ مَحَلُّ هَذَا إِذَا أَمْكَنَ إِذْنُ الْحَاكِمِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِذْنُ الْحَاكِمِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ، أَوْ عَسُرَ إِثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ، فَأَنْفَقَ وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ إِذَا ادَّعَى نَفَقَةَ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ؛ لأِنَّهُ أَمِينٌ .

وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَمُؤْنَةُ الدَّلِيلِ وَسَائِقِ الدَّابَّةِ وَأُجْرَةِ الْخَفِيرِ عَلَى الْمُكْرِي؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤَنِ التَّحْصِيلِ، وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ عَلَى ظَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ الظَّهْرِ وَقَدْ فَعَلَ .

وَطَعَامُ الْمُرْضِعَةِ وَشَرَابُهَا عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدَرُّ بِهِ اللَّبَنُ وَيَصْلُحُ بِهِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُطَالِبَهَا بِذَلِكَ؛ لأِنَّهُ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ مِنَ الرِّضَاعِ، وَفِي تَرْكِهِ إِضْرَارٌ بِالصَّبِيِّ .

9 - وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلإِْنْفَاقِ عَلَى الْجِ مَالِ الَّتِي تَرَكَهَا الْمُكْرِي عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ وَحِينَئِذٍ يَرْفَعُ الْمُسْتَأْجِرُ الأْمْرَ لِلْقَاضِي لِيَقْتَرِضَ لَهُ، أَوْ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الإْنْفَاقِ ، وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْمُكْرِي، وَفِي الإْنْفَاقِ عِنْدَ

عَدَمِ الْحَاكِمِ مَعَ الإْشْهَادِ وَعَدَمِهِ، وَهَذَا عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ التَّفْصِيلِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ .

وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، أَوْ جَعَلَ لَهُ أَجْرًا وَشَرَطَ طَعَامَهُ وَكُسْوَتَهُ، فَرُوِيَ عَنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي مُوسَى رضي الله عنهم أَنَّهُمُ اسْتَأْجَرُوا الأْجَرَاءَ بِطَعَامِهِمْ وَكُسْوَتِهِمْ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الظِّئْرِ دُونَ غَيْرِهَا، وَاخْتَارَ الْقَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي الظِّئْرِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ( فَأَوْجَبَ لَهُنَّ النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ عَلَى الرِّضَاعِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ بِحَالٍ لاَ فِي الظِّئْرِ وَلاَ فِي غَيْرِهَا.

وَاسْتَدَلَّ ابْنُ قُدَامَةَ عَلَى رِوَايَةِ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الأْجِيرِ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ بِمَا رَوَى عُتْبَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَقَرَأَ: (طسم ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ قِصَّةَ مُوسَى قَالَ: «إِنَّ مُوسَى صلي الله عليه وسلم آجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ عَشْرًا عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وَطَعَامِ بَطْنِهِ»

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ.

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ أَيْضًا: وَإِنْ شَرَطَ الأْجِيرُ كُسْوَةً مَعْلُومَةً وَنَفَقَةً مَوْصُوفَةً كَمَا يُوصَفُ فِي السَّلَمِ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ طَعَامًا وَلاَ كُسْوَةً فَنَفَقَتُهُ وَكُسْوَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ.

وَلَوِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا أَوْ بِأَجْرٍ مُسَمًّى وَعَلَفِهَا لَمْ يَجُزْ؛ لأِنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلاَ عُرْفَ لَهُ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ مَوْصُوفًا فَيَجُوزُ .

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: أُجْرَةُ الدَّلِيلِ تَكُونُ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنِ الْبَهِيمَةِ الْمُكْتَرَاةِ وَآلَتِهَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَالزَّادِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ اكْتَرَى مِنْهُ بَهِيمَةً بِعَيْنِهَا فَأُجْرَةُ الدَّلِيلِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الظَّهْرَ وَقَدْ سَلَّمَهُ، وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ عَلَى حَمْلِهِ إِلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْرِي؛ لأِنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ إِيصَالِهِ إِلَيْهِ وَتَحْصِيلِهِ فِيهِ .

___________________________________________________________________

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

( مادة 529 )

من استأجر داراً أو حانوتاً فله أن يسكنها وأن يسكن معه غيره وأن يعمل فيها كل عمل لا يورث الوهن والضرر.

ولا يجوز له أن يعمل ما يورث الضرر الأ باذن المالك.

( مادة 545 )

التميزات التي أنشأها المستأجر بإذن المؤجر ان كانت عائدة لاصلاح المؤجر وصيانته عن الخلل فللمستأجر الرجوع بها على المؤجر وان لم يشترط الرجوع ماعليه وان كانت عائد لمنافع المستأجر فليس للمستأجر الرجوع بها إلا إذا اشترطه

 

مجلة الأحكام العدلية

 

مادة (426) استحقاق منفعة عقد الإجارة

من استحق منفعةً معينةً بعقد الإجارة له أن يستوفي عينها، أو مثلها أو ما دونها ولكن ليس له أن يستوفي ما فوقها. مثلاً لو استأجر الحداد حانوتاً على أن يعمل له فيه؛ له أن يعمل فيه صنعة مساوية في المضرة لصنعة الحداد، ولكن ليس لمن استأجر حانوتاً للعطارة أن يعمل فيه صنعة الحداد.

 

مادة (528) إستئجار دار دون بيان غاية الاستعمال

كما أنه يصح لمن استأجر دارا مع عدم بيان كونها لأي شيء أن يسكنها بنفسه، كذلك يصح له أن يسكنها غيره أيضاً وله أن يضع فيها أشياءه وله أن يعمل فيها كل عمل لا يورث الوهن والضرر للبناء. ولكن ليس له أن يفعل فيها كل عمل لا يورث الوهن والضرر للبناء لكن ليس له أن يفعل ما يورث الضرر والوهن إلا بإذن صاحبها، وأما بخصوص ربط الدواب فعرف البلدة وعادتها معتبر ومرعي وحكم الحانوت على هذا الوجه.