loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 533

مذكرة المشروع التمهيدي :

حدد المشروع العناية الواجبة في المحافظة على العين المؤجرة بأنها عناية الشخص المعتاد ، وذلك تطبيقاً للمادة 288 من المشروع ، فهو مسئول عما يصيب العين من التلف ، إلا إذا أثبت أن هذا التلف لم ينشأ عن خطئه أو عن خطأ تابعيه ، ويكفي في ذلك أن يثبت أنه قام بالعناية المطلوبة منه ، فإن كان التلف يرجع إلى استعمال الشيء استعمالاً مألوفا فلا يكون مسئولاً عنه ، وهذا لا يمنع من أن يقوم بالترميمات التأجيرية التي اقتضاها الاستعمال المألوف للشيء ، فهي عليه كما تقدم ، فإذا لم يقم بها فإنه لا يجب عليها ، ولكن لا يلزم بها المؤجر ، أما التقنين الحالي ( م 376 / 461) فيلزم المستأجر بالعناية بالعين اعتنائه بملكه ، فالمعيار في هذا التقنين شخصي لا مادی .

 

الأحكام

1- إذ كانت مسئولية المستأجر فى المحافظة على العين وفى استعمالها الاستعمال المألوف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تقتصر على أعماله الشخصية بل تمتد أيضا إلى أعمال تابعيه وكل شخص تكون له صلة بالمستأجر هى التى مكنت له من الأضرار بالعين المؤجرة فيكون من أتباع المستأجر أهل بيته من زوجته وأولاد وأقارب يسكنون معه أو يستضيفهم وكذلك خدمه وعماله والمستأجر من الباطن والمتنازل له عن الإيجار وكانت المادة 378 من القانون المدنى القديم تنص على ذلك بقولها " يجب على المستأجر حين انتهاء عقد الإيجار أن يرد ما استأجره بالحالة التى هو عليها بغير تلف حاصل من فعل مستخدميه أو من فعل من كان ساكنا معه أو من فعل المستأجر الثانى إلا إذا وجد شرط يخالف ذلك " ولئن لم يتضمن التقنين المدنى الحالي نصا مماثلاً إلا أن ذلك لم يقصد به حذف الحكم الوارد بالتقنين المدنى القديم وإنما لأنه من القواعد العامة التى لا تحتاج إلى نص خاص ولا تنتفي هذه المسئولية إلا إذا أثبت السبب الأجنبى ولا يكفى أن يثبت أنه قد بذل العناية الواجبة فى رقابة هؤلاء الأتباع فالتزامه هنا التزام بتحقيق غاية لا التزام ببذل عناية وهو التزام بضمان يكون المستأجر بموجبه مسئولا بمجرد تحقق سبب الضمان .

(الطعن رقم 545 لسنة 57 جلسة 1992/12/24 س 43 ع 2 ص 1376 ق 281)

2- يدل نص المادتين 583 ، 1/584 من القانون المدنى على أن المستأجر يلتزم بحفظ العين المذكورة ورعايتها باذلاً فى ذلك عناية الرجل المعتاد وأنه مسئول عما يصيبها من تلف أو هلاك أو حريق ناشىء عن إستعمالها إستعمالاً غير مألوف ، وأن مسئوليته هذه مفترضة ولا ترتفع إلا إذا أثبت أن التلف أوالهلاك أوالحريق نشأ عن سبب أجنبى لا يد له فيه كالقوة القاهرة أو خطأ المؤجر أو عيب العين المؤجرة و يترتب على ذلك أن القاعدة العامة أن مجرد وجود التلف أوالهلاك فى العين المؤجرة يقيم قرينة على وقوعه بخطأ المستأجر ، و يتحمل المسئولية عنه ، ما لم يثبت إنتفاء خطئه عن التلف أو الهلاك .

(الطعن رقم 830 لسنة 49 جلسة 1984/11/29 س 35 ع 2 ص 1952 ق 371)

3- إذ كان الواقع فى الدعوى أن المطعون ضده بصفته رفعها مطالباً بالتعويض عن فقد اللنش نتيجة العمليات الحربية إستناداً إلى البند الثانى من عقد الإيجار المبرم بينه و بين الطاعن الثانى بصفته والذى نعى على أن يكون للمطعون ضده الحق فى التعويض عن فقد أو إصابة إحدى الوحدات المؤجرة أو أفراد طاقمها نتيجة العمليات الحربية وهذا النص الذى يشترط فيه المؤجر على المستأجر مسئولية الأخير عن تلف العين المؤجرة أو هلاكها لسبب أجنبى هو العمليات الحربية صحيح فى القانون طبقاً لما يقضى به نصا الفقرة الثانية من المادة 583 و الفقرة الأولى من المادة 211 من القانون المدنى و من ثم فلا تكون المطالبة على مقتضاه أساسها الإعانة المقررة بالقانون رقم 44 لسنة 1976 و إنما أساسها الشرط الوارد فى عقد الإيجار والذى تجيزه نصوص القانون المدنى فتختص المحاكم العادية بنظر المنازعات التى تنشأ منه .

(الطعن رقم 437 لسنة 50 جلسة 1983/06/05 س 34 ع 2 ص 1369 ق 268)

4- للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا أخل المستأجر فى إستعماله للمكان بإلتزاماته المتعلقة بهذا الإستعمال المنصوص عليها فى المواد 579 ، 580 ، 583 من القانون المدنى والتى تلحق بالمؤجر ضرراً . ولما كان عقد الإيجار المبرم بين الطرفين والذى نظم حقوقهم وإلتزماتهما المتبادلة قد حظر على الطاعن المستأجرإستعمال بدروم المنزل وحديقته وكان الحكم المطعون فيه الذى قضى بإخلاء المستأجر لمخالفته الشروط المنقولة فى عقد الإيجار موافقاً لصحيح القانون ومؤدياً إلى النتيجة التى خلص إليها فإن النعى عليه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 633 لسنة 46 جلسة 1980/05/17 س 31 ع 2 ص 1393 ق 265)

5- النص فى المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المنطبق على واقعة الدعوى يدل على أن مناط حق المؤجر فى إنهاء عقد الإيجار فى هذه الحالة هو إخلال المستأجر بإلتزامه المعقول للإيجار ويضر بمصلحة يكفلها العقد والقانون للمؤجر ، هذا و لئن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تقدير مدى ما تنطوى عليه طريقة إستعمال المستأجر للعين المجرة من إساءة تضر بالمؤجر هو من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع بغير تعقيب عليها من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بأن يكون إستخلاصها لذلك مستمداً من واقع صحيح يؤدى إليه فى منطق سائغ .

(الطعن رقم 1038 لسنة 49 جلسة 1980/03/01 س 31 ع 1 ص 687 ق 134)

6- إذ كان الحكم المطعون فيه قد إستند فى قضائه بالإخلاء إلى أن الطاعن قد خالف شروط عقد الإيجار بتغييره إستعمال المكان المؤجر من مخزن للأثاث إلى ورشة لأعمال النجارة وطلائها وأنه قد ترتب على هذا التغيير ضرر بمصلحة المطعون عليها تمثل فى إزعاج السكان نتيجة لما يحدثه هذا الإستعمال من ضوضاء ، فضلاً عن تشويه واجهة العقار الواقع فى منطقى حظر القانون مباشرة مثل هذا النشاط فيها لإعتبارات تتعلق بالهدوء والنظافة وحسن المظهر فإن الحكم لا يكون قد أخطأ فى تفسير القانون أو فى تطبيقه على ما ثبت له من الواقع فى الدعوى .

(الطعن رقم 770 لسنة 47 جلسة 1979/01/27 س 30 ع 1 ص 413 ق 80)

7- متى كان ما نسبته الطاعنة إلى وزارة التربية والتعليم من اساءة استعمال العقار - المستولى عليه ليكون مدرسة - وإحداث تغيير به و قطع بعض أشجاره لايدخل فى نطاق الإستعمال غيرالعادى ، بل يكون إن صح وقوعه خطا جسيما يستوجب تعويضاً مستقلا عن الضرر الناشىء عنه ، لا تشمله الزيادة المقررة مقابل مصاريف الصيانة والإستهلاك غير العاديين ، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى على خلاف هذا النظر ، فإنه يكون قد خالف القانون و شابه قصور يعيبه و يستوجب نقضه فى هذا الخصوص .

(الطعن رقم 557 لسنة 35 جلسة 1970/02/26 س 21 ع 1 ص 352 ق 57)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 583 من التقنين المدني على ما يأتي :

" 1- يجب على المستأجر أن يبذل من العناية في استعمال العين المؤجرة وفي المحافظة عليها وما يبذله الشخص المعتاد" .

" 2- وهو مسئول عما يصيب العين أثناء انتفاعه بها من تلف أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالاً مألوفاً .

ويخلص من هذا النص أنه يجب على المستأجر بذل عناية الشخص المعتاد في المحافظة على العين المؤجرة وفي استعمالها ، وهو مسئول في ذلك عن أعمال تابعيه ، وتقضي عناية الشخص المعتاد التي يبذلها في المحافظة على العين أن يبادر بإخطار المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله .

تقضي الفقرة الأولى من المادة 583 مدني ، كما رأينا ، بأن يبذل المستأجر في المحافظة على العين المؤجرة عناية الشخص المعتاد ، وليس هذا الحكم إلا تطبيقاً لمبدأ عام قررته المادة 211 مدني ، إذ تقول :

1 - في الالتزام بعمل ، إذا كان المطلوب من المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ، ولو لم يتحقق الغرض المقصود ، هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك .

2 - وفي كل حالة يبقى المدين مسئولاً عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم ، فالمطلوب من المدين ، وهو هنا المستأجر ، هو أن يحافظ على الشيء المؤجر ، فيكون قد وفى بالتزامه هذا إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ، فالمعيار هنا موضوعي ، والمطلوب من المستأجر هو عناية الرجل المعتاد لا عنايته هو في شؤون نفسه ، فإذا كان شديد الحرص نزلت العناية المطلوبة منه عن عنايته في شؤون نفسه ، وإذا كان متهاوناً مفرطاً ارتفعت العناية المطلوبة عن عنايته في شؤون نفسه ، والتزامه هذا هو التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية ، ومن ثم يكون قد وفى بالتزامه متى بذل العناية المطلوبة منه ولو لم يتحقق الغرض المقصود من هذه العناية وهو سلامة العين المؤجرة ، فقد تتلف أو تهلك ، فلا يكون مسئولاً عن التلف أو الهلاك إذا بذل في المحافظة عليها عناية الرجل المعتاد.

ولا يلتزم المستأجر بعناية الشخص المعتاد في المحافظة على العين فحسب ، بل أيضاً يلتزم بهذه العناية ذاتها في استعمال العين ، يجب على المستأجر أن يستعمل العين استعمالاً مألوفاً ، فإن استعمالها استعمالاً غير مألوف ونشأ عن ذلك هلاك العين أو تلفها أو إصابتها بأي ضرر ، كان مسئولاً عن تعويض المؤجر وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان الاستعمال مألوفاً ، وينظر في ذلك إلى طبيعة العين والشروط التي يتضمنها عقد الإيجار وما جرى به العرف .

وكما لا تقتصر مسئولية المؤجر عن التعرض على الأعمال الصادرة منه شخصياً بل تمتد أيضاً إلى الأعمال الصادر من أتباعه ، كذلك لا تقتصر مسئولية المستأجر في المحافظة على العين وفي استعمالها الاستعمال المألوف على أعماله الشخصية بل تمتد أيضاً إلى أعمال تابعية ، ويجب التوسع هنا أيضاً في تفسير معنى التابع ، فهو لا يقتصر على التابع الذي يسأل عنه المتبوع مسئولية تقصيرية ، بل يمتد إلى شخص تكون صلته بالمستأجر هي التي مكنت له من الإضرار بالعين فكون من أتباع المستأجر أهل بيته من زوجة وأولاد وأقارب يسكنون معه ، وضيوفه وأصدقاءه وخدمه ومستخدموه وعماله ، والمستأجر من الباطن و المتنازل له عن الإيجار .

وفي هذا المعنى كانت المادة 378 / 463 مدني قديم تقول إنه " يجب على المستأجر حين انتهاء الإيجار أن يرد ما استأجره بالحالة التي هو عليها ، بغير تلف حاصل من فعله أو من فعل مستخدميه أو من فعل من كان ساكناً معه أو من فعل المستأجر الثاني ، إلا إن وجد شرط يخالف ذلك" .

والتزام المستأجر بعناية الرجل العتاد في المحافظة على العين المؤجرة وفي استعمالها ، وما يستتبع ذلك من مسئوليته عن أعمال تابعيه ، ليس من النظام العام ، فيجوز الاتفاق على تشديد هذا الالتزام وعلى تخفيفه وعلى الإعفاء منه ، وقد نصت المادة 211 مدني صراحة على ذلكن ، أن قضت بأن الالتزام بالمحافظة على الشيء يكون المدين قد وفى به إذا بذل في تنفيذه كل ما يبذله الشخص العادي ، فقاتل :

1 - . . . . هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك .

2 - وفي كل حالة يبقى المدين مسئولاً عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم .

فيجوز إذن التشديد من المسئولية .

فيتشرط المؤجر على المستأجر مثلاً أن يبذل في المحافظة على العين عنايته في المحافظة على ملكه ، دون أن ينزل في ذلك عن عناية الشخص المعتاد ، كما يجوز أن يشترط المؤجر مسئولية المستأجر عن تلف العين أو هلاكها ما لم يثبت أن التلف أو الهلاك لا يرجع إلى سبب أجنبي ، فيحول بذلك التزام المستأجر من التزام ببذل عناية إلى التزام بتحقيق غاية ، بل يستطيع أن يشدد في المسئولية إلى حد أن يجعل المستأجر مسئولاً حتى عن السبب الأجنبي ، ويكون هذا ضرباً من التأمين .

ويجوز كذلك التخفيف من المسئولية ، أو الإعفاء منها ، فيشترط المستأجر مثلاً أن تكون العناية التي يبذلها هي عنايته في المحافظة على ملكه ، دون أن يزيد في ذلك على عناية الشخص المعتاد ، وقد يشترط إعفاءه من المسئولية عن تلف العين أو هلاكها حتى لو كان التلف أو الهلاك راجعاً إلي خطأه ، يشترط إعفاءه من المسئولية عن أعمال تابعيه ، ولكنه يبقى مسئولاً في كل حال عن فعله العمد وعن خطأه الجسيم ، فلا يستطيع أن يعفي نفسه بشرط خاص من المسئولية عنهما ، ما لم تكون المسئولية مترتبة على فعل تابعيه فيستطيع أن يعفى نفسه من المسئولية عن فعلهم ولو كان عمداً ، وليس في كل هذا تطبيق للقواعد العامة .

ويجوز أن يكون الاتفاق على كل ذلك ضمنياً ولكن لا يجوز التوسع في تفسيره، ويفسر عند الشك في مصلحة الطرف الذي جاء الاتفاق مقيداً من حقوقه ، فيفسر في مصلحة المستأجر عند تشديد المسئولية ، وفي مصلحة المؤجر عند تخفيف المسئولية أو الإعفاء منها .

كان المشروع التمهيدي للفقر الثانية من المادة 583 مدني يجري، كما رأينا على الوجه الآتي : " وهو ( المستأجر ) مسئول عما يصيب العين من تلف أو هلاك أثناء انتفاعه بها إذا لم يكن ذلك قد نشأ عن استعمال العين استعمالاً مألوفاً ، ويعفى المستأجر من هذه المسئولية إذا أثبت أن التلف أو الهلاك لم ينشأ عن خطأه أو عن خطأ تابعيه" ويكفي في ذلك أن يثبت أنه قام بالعناية المطلوبة منه ، فإن كان التلف يرجع إلى استعمال الشيء استعمالاً مألوفاً فلا يكون مسئولاً عنه .

فالنص إذن ، قبل حذف العبارة الأخيرة ، كان يقضي بأنه إذا أصاب العين تلف أو هلاك ، وقع على المستأجر عبء الإثبات ، فإذا اثبت أنه استعمل العين استعمالاً مألوفاً وأنه بذلك في المحافظة عليها وفي استعمالها عناية الشخص المعتاد ، لم يكن مسئولاً ، لأن التزامه إنما هو التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية .

ولم يتغير هذا الحكم بحذف العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 583 مدني ، فقد حذفت هذه العبارة ، كما جاء في الأعمال التحضيرية ، " اكتفاء بالحكم الوارد في المادة 591 مدني" ، فلم يكن المقصود إذن من حذف العبارة العدول عن الحكم الذي يتضمنها وهو تكلف المستأجر أن يثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد ، وإنما كان المقصود أن ما جاء في الفقرة الأولى من المادة 591 مدني كافٍ في تقرير هذا الحكم لذلك قلنا إن الحكم لم يتغير بحذف هذه العبارة ، والمستأجر إذن بعد هذا الحذف لا يزال هو الذي يحمل عبء الإثبات ، وعليه أن يثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد ، بأنه استعمل العين استعمالاً مألوفاً وبأنه اتخذ الاحتياطات المعتادة في المحافظة عليها ، فإذا أثبت ذلك ، يكون قد أثبت أنه نفذ التزامه من المحافظة على العين ، فلا يكون مسئولاً عما أصابها من تلف أو هلاك ، أما إذا لم يستطع إثبات ذلك ، أو أثبت المؤجر أن المستأجر لم يبذل عناية الشخص المعتاد بل قصر في اتخاذ الاحتياطات المعادة ، فإنه يبقى للمستأجر طريق آخر للتخلص من المسئولية ، وذلك بأن يثبت أنه بالرغم من عدم بذله عناية الشخص المعتاد ، فإن تلف العين أو هلاكها إنما يرجع إلى سبب أجنبي .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس ،الصفحة/ 711)

ومؤدى ذلك أن يلتزم المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة ويبذل في ذلك عناية الشخص العادي وهذا تطبيق لمبدأ عام أوردته المادة 211 ومن ثم إذا كان شديد الحرص في شئونه فلا يطلب منه إلا عناية الشخص العادي التي تشترط كذلك لو كان المستأجر متهاوناً وهذا التزام بذل عناية وليس بتحقيق غاية، فيلتزم بصيانة الأدوات الصحية حتى لا ينشأ عنها ضرر، وإذا كانت العين أرضا زراعية تعین تطهير المصارف والمساقى وتنقية الحشائش ، وإن كانت سيارة تعهدها بالصيانة المعتادة كالتشحيم والإصلاح، ويلحق بالغين ملحقاتها، أما الملحقات المشتركة کالمصاعد وآلات رفع المياه والمدخل العام والسلم فالملتزم بالمحافظة عليها هو المؤجر، على أنه إذا أدى الاستعمال المألوف للعين إلى تخلف ترميمات تأجيرية فإن المستأجر يكون ملزماً بها.

والعناية الواجبة في المحافظة على العين المؤجرة بأنها عناية الشخص المعتاد فهو مسئول عما يصيب العين من التلف إلا إذا أثبت أن هذا التلف لم ينشأ عن خطأه أو عن خطأ تابعيه ، ويكفي في ذلك أن يثبت أنه قام بالعناية المطلوبة منه، فإذا كان التلف يرجع إلى استعمال الشيء استعمالاً مألوف فلا يكون مسئولا عنه وهذا لا يمنع من أن يقوم بالترميمات التأجيرية التي اقتضاها الاستعمال المألوف للشيء فهي عليه كما تقدم فإذا لم يقم بها فإنه لا يجبر عليها ولكن لا يلتزم بها المؤجر.

ولا تقتصر مسئولية المستأجر على خطئه الشخصي، وإنما تمتد إلى خطأ تابعيه . كالخادم ومن يعمل لديه والمستأجر من الباطن و المتنازل له قبل أن يقر المؤجر التنازل إذ بهذا الإقرار ينقضي ضمان المستأجر الأصلي ، وأيضاً يعتبر من تابعيه كل شخص تكون له صلة بالمستأجر مکنت له من الإتصال بالعين والإضرار بها فيكون من تابعيه أهل بيته من زوجة وأولاد وأقارب يسكتون معه أو يستضيفهم. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 24)

يلتزم المستأجر بأن يبذل من العناية في استعمال العين المؤجرة وفي المحافظة عليها ما يبذله الشخص المعتاد ، فالعناية المطلوبة من المستأجر هي العناية التي يبذلها الرجل العادي ، وليس الرجل شديد الحرص أو شديد الإهمال ، فالمعيار هنا موضوعي لا شخصي.

وتحديد ما يجب على المستأجر إجراؤه في سبيل حفظ العين المؤجرة ورعايتها أمر يختلف باختلاف الظروف ويخضع لتقدير قاضي الموضوع.

ويستعين القاضي في تحديد العناية الواجبة من الشخص العادي بطبيعة العين نفسها ونوع الانتفاع المخصصة له ، وعرف الجهة.

وعناية الشخص العادي تستلزم من المستأجر لأرض زراعية، أن يعني بتسميدها ، و لا ينهكها بالزراعة زيادة على ما جرى به العرف، وألا يزرع فيها محصولاً معينا بمقدار أكبر مما يسمح به القانون، وأن يسمدها وأن يزيل عنها الحشائش والأعشاب الضارة.

وتستلزم هذه العناية من مستأجر منزل للسكنى ألا يعمد إلى فتح صنابير المياه إضرارا بالمؤجر أو الإهمال في قفلها فيتسبب عن ذلك إتلاف المنزل.

لا تقتصر مسئولية المستأجر في العناية في استعمال العين المؤجرة وفي المحافظة عليها على الأعمال الصادرة منه شخصياً ، بل تمتد المسئولية إلى الأعمال التي تصدر من تابعيه.

التزام المستأجر بالعناية في استعمال العين المؤجرة والمحافظة عليها. التزام ببذل عناية لا التزام بتحقيق غاية، ومن ثم يكون المستأجر موفيا بالتزامه متى بذل العناية المطلوبة وهي عناية الرجل المعتاد، ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة أي سلامة العين.

أن التزام المستأجر بالعناية في استعمال العين المؤجرة والمحافظة عليها التزام بوسيلة وليس التزاماً بتحقيق غاية ، وفي الالتزام بوسيلة يقع عبء إثبات التقصير في العناية على الدائن، أما في الالتزام بتحقيق غاية فيقع عبء إثبات عدم حصول التقصير على المدين ، ومن ثم فإن عبء إثبات حصول التقصير في العناية يقع على المؤجر .

يسأل المستأجر بسبب إساءة استعمال العين أو إساءة المحافظة عليها ، إذا كان التقصير ناشئاً عنه أو من تابعيه .

أما إذا كان التلف أو الملاك ناشئا عن الاستعمال المألوف للعين، أي الانتفاع الذي يجريه الرجل العادي، فلا مسئولية على المستأجر، وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة صراحة.

إذا ثبت إخلال المستأجر بالتزامه بالعناية في استعمال العين المؤجرة وفي المحافظة عليها ، كان مخلا بالتزام رتبه القانون في ذمته ، وكذلك إذا نجم عن هذا الإخلال هلاك للعين المؤجرة أو تلف بها، وتتحقق مسئوليته وفقا للقواعد العامة.

فيجوز للمؤجر إما طلب التنفيذ العيني أو الفسخ حسب الأحوال.

ويجوز للمؤجر طلب فسخ الإيجار ، وللقاضي سلطة تقديرية في القضاء بالفسخ، وهو لا يقضى به إلا إذا كان الإخلال جسيماً ، فإذا كان الإخلال غير جسيم ، قضي بمنعه من تقصيره في المستقبل وتعويض المؤجر عما يكون قد لحقه من ضرر ، ويجوز للمؤجر في جميع الأحوال أن يطلب تعويضه عما لحقه من ضرر بسبب إساءة الاستعمال أو المحافظة على العين أو حدوث تلف أو هلاك بها ناشئ عن ذلك.

يجوز للمؤجر الرجوع على المستأجر فور وصول التقصير دون حاجة إلى انتظار نهاية الإيجار، سواء ترتب على التقصير بضرر جسيم مما لا يمكن إصلاحه خلال الفترة الباقية من الإيجار، أو ترتب عليه ضرر بسيط من الممكن إصلاحه خلال ما بقي من مدة الإيجار.

على أن هذا لا يمنع القاضي في حالة التلف البسيط أن يقرر التزام المستأجر بإصلاح العيب ثم يمهله إلى أجل يحدده وإن وصل هذا الأجل إلى وقت نهاية الإيجار، وما ذلك إلا تطبيقاً لقواعد العامة التي تخول القاضي أن ينظر المدين إلى ميسرة لوفائه بالتزاماته المالية .

و الالتزام المنصوص عليه بالمادة مما لا يتعلق بالنظام العام وإنما من الأحكام المفسرة لإرادة المتعاقدين ، ومن ثم يجوز الاتفاق بين الطرفين على ما يخالفه .

والاتفاق قد يكون بتشديد. مسئولية المستأجر أو بتخفيفها أو بالإعفاء منها، غير أنه لا يجوز الاتفاق على إعفاء المستأجر من مسئوليته عن فعله العمد أو خطئه الجسيم ، مالم تكن المسئولية مترتبة على فعل تابعيه ، وهذا ما تقضى به القواعد العامة.

ويفسر الإعفاء من المسئولية عند الشك في مصلحة الطرف الذي جاء الاتفاق مقيداً لحقوقه. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع، الصفحة/ 625)

لا يكفي أن يقتصر و المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة على استعمالها الاستعمال الذي أجرت من أجله أو أعدت له ، وانما يجب عليه أن يلتزم في هذا الاستعمال مسلك الشخص الذي يعنى بماله ولا يفرط في استعماله إفراطاً يضر به ، وقد نصت المادة 583 فقرة أولى على أنه لا يجب على المستأجر أن يبذل من العناية في استعمال العين المؤجرة .. ما يبذله الشخص المعتاد .

ومن المحقق أن الشخص المعتاد يترفق في استعمال الشيء الذي يملكه حتى لا بیلی سریعاً ولا يكلفه في صيانته كثيراً ولا يسبب للغير ضرراً بليغاً ، فيجب على المستأجر أن يسلك هذا المسلك في استعماله العين المؤجرة ، وإلا اعتبر مسيئاً باستعمال حقه ووجبت مساءلته عن ذلك .

ويقدر القاضي في كل حالة ما إذا كان المستأجر قد استعمل الشيء استعمال الشخص المعتاد إياه أو كان قد جاوز هذا الحد ، ويرجع في ذلك إلى ماجرى عليه أغلب الناس في استعمال مثل هذا الشيء .

وبتطبيق هذا المعيار يمكن القول أن من يستأجر دابة يجب أن لا يرهقها في الركوب حتى تبلغ حد الإعياء ، ومن يستأجر سيارة خاصة لا يجوز أن يحشر فيها عدداً كبيراً من أفراد أسرته أو أصدقائه ، ومن يستأجر أرضاً زراعية لا يصح أن ينهكها بزراعة محصول معين مرات متوالية ، ومن يستأجر منزلاً يعد مسيئاً استعمال حقه إذا ترك صنبور المياه مفتوحاً ليل نهار ، أو اذا جعل خدمة يستعملون السلم العام أو المصعد بدلاً من استعمال سلم الخدم في بناء معد للسکنی الراقية ، أو اذا وضع في أعلى البناء لافتة ضخمة اقتضى وضعها إجراء أعمال ضارة بالبناء ، أو إذا جرى على إحداث ضوضاء كبيرة فيه سواء باجتماعات صاخبة متكررة أو بآلات موسيقية عالية الصوت أو بإطلاق المذياع في المواعيد التي يحتاج فيها الجيران الى الهدوء والراحة ، أو إذا ركب في المنزل آلات توجب الشبهة في اتصاله من طريقها بأعداء البلاد ، أو اذا استعمل الدار في تدبير المؤامرات أو في إخفاء المسروقات أو إيواء الهاربين من العدالة أو في لعب القمار أو في تسهيل الدعارة ، أو في إيواء خليلة تسلك مسلكاً فاضحاً يتأذى منه سائر المستأجرين.

ويلاحظ أنه لا يشترط في اعتبار المستأجر مسيئاً استعمال حقه أن يكون قد استعمل الشيء على هذا الوجه بقصد الإضرار به أو بالمؤجر، بل تتحقق الاساءة أيضاً وفقاً للمادة 5 من التقنين المدني اذا كانت المصالح التي يرمي المستأجر الى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب المؤجر أو سائر سكان العين المؤجرة من ضرر بسببها ، أو إذا كانت المصالح التي يرمي الى تحقيقها غير مشروعة كما في الأمثلة المتقدمة ، أو ويقع على المؤجر عبء إقامة الدليل على أن التلف أو الهلاك الذي أصاب العين المؤجرة غير ناشئ عن استعمالها استعمالاً مألوفاً ، وحينئذ تفترض مسئولية المستأجر عن هذا التلف أو الهلاك ، ولا ترتفع عنه إلا أذا أثبت أنه بذل عناية الرجل المعتاد في استعمال الشيء أو أن التلف أو الهلاك راجع إلى سبب أجنبي عنه .

ومتی ثبت أن التلف أو الماك غير ناشيء عن استعمال العين استعمالاً مألوفاً و عجز المستأجر عن نفي الخطأ عن نفسه أو عن اثبات آن التلف راجع الى سبب أجنبي عنه كان مخلاً بالتزامه الذي تفرضه عليه المادة 583 فقرة أولى ، واستوجب هذا الإخلال بالجزاءات التي تقضي بها القواعد العامة ، فيجوز للمؤجر أن يطلب التنفيذ العيني ، أي أن يطلب إلزام المستأجر شوراً بالكف عن اساءة استعمال العين مع التعويض عما وقع من ضرر، أو أن يطلب فسخ العقد اذا كانت إساءة استعمال العين تعتبر مخالفة جسيمة تبرر الفسيخ بل يجوز له أن يلجأ في ذلك الى القضاء المستعجل ليحصل منه على حكم بالطرد إذا كان يخشى تفاقم الضرر بمضي الوقت .

وقد أخذ التقنين الحالي بذلك صراحة حيث نص أولى منه على أنه يجب على المستأجر أن يبذل من العناية في استعمال العين المؤجرة وفي المحافظة عليها ما يبذله الشخص المعتاد ، وهو قد طبق في ذلك القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 211 منه .

وبناءً على ذلك يجب على المستأجر أن يعني بحفظ الشيء المؤجر ووقايته مما يصيبه بالتلف ، فإن كانت العين المؤجرة أرضاً زراعية وجب عليه أن يعني بتسميدها وبإزالة الحشائش والأعشاب الضارة منها ، وإن كانت داراً وجب ألا يتركها تتخرب اذا كان ذلك يضرها ، وإن كانت سيارة أو آلة ميكانيكية وجب ألا يتركها معرضة لحرارة الشمس أو لرطوبة الجو دون داع لأن الرجل المعتاد لا يفعل ذلك .

ولا يجب على المستأجر أن يعني بحفظ العين المؤجرة ذاتها فحسب بل يجب عليه أن يعني أيضاً بحفظ ملحقاتها كحديقة الدار وما بها من أشجار فلا يتركها تذبل أو تموت ، وكطلمبة المياه أو وابور الري أو مولد الكهرباء الخ .

غير أنه إذا كان الانتفاع بملحقات العين المؤجرة مشتركاً بين عدة مستأجرين لأجزاء مختلفة من عقار واحد كالمصعد وبئر السلم والتليفون المشترك وأجهزة التدفئة العامة أو أجهزة تسخين المياه المش فالغالب أن تعتبر هذه الملحقات في حفظ المؤجر نفسه وتابعيه ، فلا يلتزم المستأجرون بالسهر عليها ، ويقع ذلك على المؤجر .

ويعتبر التزام المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة التزاماً بوسيلة أي أن المستأجر تبرأ ذمته منه بمجرد بذله عناية الرجل المعتاد : ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة أي سلامة العين المؤجرة .

وسيجيء أن المشرع افترض تقصير المستأجر في بذل ما ينبغي من عناية ، على أن يكون للمستأجر أن ينفي ذلك بكافة الطرق .

وبذلك أخذ التقنين المدني المصري الحالي حيث قرر أن على المستأجر أن يرد العين المؤجرة بالحالة التي تسلمها عليها ، إلا ما يكون قد أصاب العين من هلاك أو تلف لسبب لا يد له فيه ، وموادها أن يسأل المستأجر لا عن خطئه الشخصي فحسب ، بل عن كل ما لا يعتبر سبباً أجنبياً عنه ، فيسأل عن التلف الذي بقي شيبه مجهولاً ، ويسأل من باب أولى عن التلف الذي يرجع الى فعل شخص تابع له أو نائب عنه أو مستأجر من الباطن أو شرية له في استعمال العين المؤجرة كأفراد أسرته وزائريه وأصدقائه الذين يستقبلهم في العين المؤجرة أو يتيح لهم استعمالها .

جواز الاتفاق على تعديل التزام المستأجر بالمحافظة على و العين المؤجرة - لم تنص المادة 583 على جواز الاتفاق على ما يخالفها ، ولو أن المادة 378/ 463 مدني قديم كانت تنص على ذلك غير أن نصها ليس إلا تطبيقاً لحكم المادة 211 ، وقد نصت هذه صراحة على جواز الاتفاق على ما يخالفها .

وبناءً على ذلك يجوز الاتفاق على تشديد التزام المستأجر أو على إعفائه منه كله أو بعضه ، فيجوز الاتفاق على أن يبذل المستأجر من - العناية في المحافظة على المأجور ما يبذله في حفظ ماله بشرط ألا ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد وبشرط ألا يكلف أزيد من عناية الرجل المعتاد .

ويجوز الاتفاق على اعفاء المستأجر من هذا الالتزام إعفاءً تاماً ، فلا يسأل حينئذ الا عن خطئه الجسيم أو غشه ( المادة 211 فقرة ثانية والمادة 217 فقرة ثانية ) ، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من رقابة الأشخاص الذين لا يعتبرون أجانب عنه ، بل يجوز إعفاؤه حتى من المسئولية عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من هؤلاء الأشخاص ( المادة 217 فقرة ثانية في نهايتها ).

ويجوز أن يكون الاتفاق على ذلك صريحاً أو ضمنياً ، ولكنه يجب في كل حال أن يكون واضح الدلالة ، وإلا فيكون تفسيره في مصلحة الطرف الذي يقع عليه عبء .

نصت المادة 583 مدني على أنه يجب على المستأجر أن يبذل من العناية في استعمال العين المؤجرة وفي المحافظة عليها ما يبذله الشخص المعتاد - وهو مسئول عما يصيب العين أثناء انتفاعه بها من ألف أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالاَ مألوفاَ .

ويبين من هذا النص أن الفقرة الأولى منه تجعل الالتزام بالمحافظة على العين المؤجرة التزاماً بوسيلة obligation de moyen أي أنه يلزم المستأجر ببذل درجة معينة من العناية في المحافظة على الشيء المؤجر ، فإذا بذل هذه الدرجة من العناية ، وهلك الشيء مع ذلك أو تلف ، فلا مسئولية عليه .

غير أن الفقرة الثانية من هذه المادة تنص على مسئولية المستأجر عن كل تلف أو هلاك يصيب العين أثناء انتفاعه بها لمجرد كون التلف أو الهلاك غير ناشئ عن استعمال العين استعمالاً مالوفاً ، أي أن ظاهر النص يخلي مسئولية المستأجر عن التلف أو الهلاك الناشىء عن استعمال العين استعمالاً مألوفاً ويجعله مسئولاً عما عدا ذلك من تلف أو هلاك ، ولكن يمكن أن يكون المشرع قد فعلاً أن يجعل المستأجر مسئولاً عن التلف أو الملاك الذي يرجع الى قوة قاهرة أو إلى أي سبب أجنبي آخر ؟

کلاً ، بل يستفاد عكس ذلك من الرجوع الى الأعمال التحضيرية والى أصل المادة 583 في المشروع التمهيدي حيث كان النص الأصلى ( المادة 783 من المشروع ) يشتمل في نهاية الفترة الثانية منه على عبارة تقضي بأن يعفي المستأجر من هذه المسئولية إذا أثبت أن التلف أو الهلاك لم ينشأ عن خطئه أو عن خطأ تابعيه ، وكان المقصود بذاك كما ورد في المذكرة الإيضاحية أن يكتفى من المستأجر في دفع المسئولية عن نفسه بأن يثبت أنه تمام بالعناية المطلوبة منه ، غير أن لجنة مراجعة المشروع قررت حذف هذه العبارة من النص الاكتفاء بالحكم الوارد في المادة 792 من المشروع ( وهي التي أصبحت المادة 591 مدنی ).

وقد قضت هذه المادة الأخيرة بأن على المستأجر أن يرد العين المؤجرة بالحالة التي تسلمها عليها ، إلا ما يكون عند أصاب العين من هلاك أو تلف لسبب لا يد له فيه ، وظاهر أن هذا النص يتعلق بالالتزام بالرد ، وأنه يعتبر هذا الالتزام التزاماً نتيجة Ahligation de résultat بحيث يصبح المستأجر مسئولاً بمجرد عدم رد العين المؤجرة في الوقت الذي يجب فيه ذلك ، ولا ترفع عنه المسئولية إلا إذا أثبت أن التلف أو الهلاك قد حدث بسبب أجنبي عنه .

أن تكون لجنة المراجعة قد قصدت حقيقة تطبيق هذا الحكم ذاته في حالة إخلال المستأجر بالتزام المحافظة على الشيء المؤجر محافظة الرجل المعتاد عندما قررت حذف العبارة الأخيرة من نص المادة 583 مدني .

اننا نستبعد أن تكون قصدت ذلك ، نظراً لاختلاف طبيعة كل من الالتزامين المنصوص عليهما في المادتين 583 و 591 مدنی ، إذ أن الالتزام الأول التزام بوسيلة في حين أن الثاني التزام بنتيجة ، ومن المعلوم أن كلاً من هذين النوعين له في تطبيق المسئولية الناشئة عن الإخلال به حكم يختلف عن حكم الأخر .

وإذن ففيما يتعلق بجزاء الإخلال بالتزام المحافظة على الشيء المؤجر لا يجوز الوقوف عند حد المعنى الحرفي للفقرة الثانية من المادة 583 مدنی ، لأن ذلك يؤدى الى اعتبار المستأجر مسئولاً عن التلف أو الهلاك الذي يقع بقوة قاهرة ، ولأن هذه النتيجة تجعل جزاء الإخلال بهذا الالتزام - مع أنه التزام بوسيلة – أشد من جزاء الالتزام بالرد مع انه التزام بنتيجة ، فوق أنها تخالف العدالة ولا تتفق ومنطق القانون وكذلك لايجوز التعويل على ما ورد في الأعمال التحضيرية من الاستغناء بالمادة 591 عن العبارة التي حذفت من المادة 583 للقول بتطبيق حكم المادة 591 على الإخلال بالالتزام بالمحافظة على الشيء المؤجر ، كما يطبق على الإخلال بالالتزام بالرد ، لاختلاف طبيعة كل من الالتزامين كما تقدم .

ولهذا يتعين الرجوع في ذلك إلى حكم القواعد العامة ، ولكن قبل ذلك نرى أن تنتهي من تحديد معنى الفقرة الثانية من المادة 583 بعد أن حذفت منها العبارة التي تقدم ذكرها .

كان المقصود بهذه الفقرة الثانية قبل حذف العبارة الأخيرة منها - كما يبين من المذكرة الإيضاحية - ثلاثة أمور : الأول أن تجعل مسئولية المستأجر عن تلف العين أو هلاكها في أثناء انتفاعه مسئولية مفترضة ، أي تجعل تقصيره في العناية بالعين المؤجرة وفي المحافظة عليها مفترضاً بنص القانون (213) ، والثاني أن تقرر أن المستأجر غير مسئول عن التلف الذي يرجع الى استعمال العين استعمالاً مألوفاً ، والثالث أن تقرر أن المستأجر يجوز له دفع مسئوليته عند توافر أسبابها بأن يثبت أنه قام بالعناية المطلوبة.

وكانت العبارة التي حذفت متعلقة بالأمر الثالث دون الأمرين : الأولين ، فأدى حذفها الى الحيرة فيما يتعلق بالحكم الثالث ولكنه لم يمس الحكمين الأولين ، وبناء على ذلك يكون المقصود بالفقرة الثانية من المادة 583 آن مسئولية المستأجر مفترضة عن التلف أو الهلاك الذي يصيب العين في أثناء الإجارة فيما عدا التلف الذي يحدث باستعمال العين استعمالاً مألوفاً ، ويلاحظ أن هذا النوع الأخير من التلف إذا أمكن اعتباره من الترميمات التأجيرية التي جرى العرف بإلزام المستأجر بها ، كان المستأجر ملزماً به وفقاً للمادة 582 مدنی.

حكم القواعد العامة في جزاء الإخلال بالالتزام بالمحافظة على الشيء المؤجر وبرده - يلتزم المستأجر برد الشيء المؤجر بالحالة التي تسلمه عليها ، ويعتبر التزامه بذلك التزاماً بنتيجة ، ويلتزم تحقيقاً لهذه النتيجة بالمحافظة على الشيء المؤجر محافظة الرجل المعتاد ، وتنفيذ الالتزام الأول يجب الثاني لأن الأخير ليس إلا وسيلة لتحقيق الأول ، فمتى تحققت النتيجة محل الالتزام الأول لم يبق ثمة داع للمطالبة بتنفيذ الالتزام الثاني ، وإن لم تتحقق هذه النتيجة ظهرت أهمية الالتزام الثاني باعتباره التزاماً بوسيلة .

ويجب في تنفيذ التزام المستأجر برد العين المؤجرة أن يضعها هذا تحت تصرف المستأجر و ان يتخلى عن حيازتها بحيث يتمكن المؤجر من تسلمها بالحالة التي يجب ردها عليها ، فلا يكفي مجرد التنبيه على المؤجر يتسلمها ، وإذا ابقى المستأجر في العين المؤجرة شيئاً مما كان يشغلها به مع احتفاظه بملكيته ، فلا يعتبر ذلك منه وفاء بالتزامه بردها ، ويجوز للمؤجر أن يطالبه بتعويض تراعي في تقديره القيمة الإيجارية وما أصابه من ضرر بسبب عدم الوفاء بهذا الالتزام . (الوافي في شرح القانون المدني ، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء / الثامن الصفحة / 470)

فالفقرة الأولى تحدد مقدار العناية الواجبة ، وهي عناية الشخص المعتاد ، والفقرة الثانية تكتفي بتقرير مسئولية المستأجر عما يصيب العين من تلف أو هلاك دون أن تبين متى تقوم هذه المسئولية وهل يجب لقيامها أن يثبت المؤجر إهمال المستأجر، أم تقوم المسئولية بمجرد وقوع الهلاك أو التلف بحيث يلقي عبء الإثبات على المستأجر، فيكون عليه أن يثبت للتخلص من المسئولية ، السبب الأجنبي الذي ترتب عليه الهلاك أو التلف أو يكفيه أن يثبت أنه قد بذل العناية الواجبة. (المسئولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء للمستشار عز الدين الدناصوري والدكتور عبد الحميد الشواربي ،الجزء/ الأول الصفحة /527)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والثلاثون ، الصفحة / 200

ثَانِيًا: وَضْعُ الْكَدِكِ فِي الأْمْلاَكِ الْخَاصَّةِ:

8 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْكَدِكُ الْمُسَمَّى بِالسُّكْنَى قَائِمًا فِي أَرْضِ وَقْفٍ، فَلِصَاحِبِهِ اسْتِبْقَاؤُهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْكَدِكُ فِي الْحَانُوتِ الْمِلْكِ، فَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ بِرَفْعِ الْكَدِكِ

لأِنَّ الإْجَارَةَ تَنْتَهِي بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَلاَ يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ إِجْمَاعًا .

وَالْفَرْقُ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ - أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ عَنْ إِيجَارِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْكُنَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يُعَطِّلَهُ، بِخِلاَفِ الْمَوْقُوفِ الْمُعَدِّ لِلإْيجَارِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إِلاَّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ، فَإِيجَارُهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْلَى مِنْ إِيجَارِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، لِمَا فِيهِ مِنَ النَّظَرِ لِلْوَقْفِ وَلِذِي الْيَدِ .

قَالَ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ: إِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِلْكًا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا كَذَلِكَ إِنْ أَبَى الْمَالِكُ إِلاَّ الْقَلْعَ، بَلْ يُكَلِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الأْغْرَاسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الأْرْضِ فَإِذَنْ لاَ يُكَلِّفُهُ عَلَيْهِ بَلْ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ الأْرْضِ لِلْمَالِكِ، فَتَكُونُ الأْغْرَاسُ وَالأْرْضُ لِلْغَارِسِ، وَفِي الْعَكْسِ يَضْمَنُ الْمَالِكُ لِلْغَارِسِ قِيمَةَ الأْغْرَاسِ فَتَكُونُ الأْرْضُ وَالأْشْجَارُ لَهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ .

قَالَ الأْتَاسِيُّ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْقَوْلِ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بَنَى أَوْ غَرَسَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ؛ لأِنَّهُ يَكُونُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ.. وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ أَوِ الْغَرْسُ بِدُونِ إِذْنِ مَالِكِ الأْرْضِ ، فَلَيْسَ إِلاَّ الْقَلْعُ أَوْ تَخْيِيرُ الْمَالِكِ بَيْنَ تَكْلِيفِهِ بِهِ أَوْ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ، إِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالأْرْضِ؛ لأِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ .

أَمَّا وَضْعُ الْكَدِكِ الْمُتَّصِلِ اتِّصَالَ قَرَارٍ قَصْدًا بِتَعَاقُدٍ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَصَاحِبِ الْحَانُوتِ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُ حَقَّ الْقَرَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ، فَلاَ يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إِخْرَاجَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ وَلاَ إِجَارَتَهُ لِغَيْرِهِ .

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَدْ قَالَ عُلَيْشٌ: إِنَّ الْخُلُوَّ رُبَّمَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْجَدِكُ الْمُتَعَارَفُ فِي حَوَانِيتِ مِصْرَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الْخُلُوُّ إِنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْفِ لِمَصْلَحَةٍ وَهَذَا يَكُونُ فِي الْمِلْكِ، قِيلَ لَهُ: إِذَا صَحَّ فِي وَقْفٍ فَالْمِلْكُ أَوْلَى لأِنَّ الْمَالِكَ يَفْعَلُ فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ، نَعَمْ بَعْضُ الْجَدِكَاتِ بِنَاءٌ أَوْ إِصْلاَحُ أَخْشَابٍ فِي الْحَانُوتِ مَثَلاً بِإِذْنٍ وَهَذَا قِيَاسُهُ عَلَى الْخُلُوِّ ظَاهِرٌ، خُصُوصًا وَقَدِ اسْتَنَدُوا فِي تَأْبِيدِ الْحَكْرِ لِلْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ حَاصِلٌ فِي الْجَدِكِ، وَبَعْضُ الْجَدِكَاتِ أُمُورٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي الْمَكَانِ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ فِيهِ، كَمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَحَوَانِيتِ الْقَهْوَةِ بِمِصْرَ، فَهَذِهِ بَعِيدَةُ الْخَلَوَاتِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمَالِكِ إِخْرَاجَهَا .

وَلَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى نَصٍّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ بِخُصُوصِ إِقَامَةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْجَدِكَ فِي الْحَانُوتِ الْمِلْكِ، وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي اسْتِئْجَارِ الأْرْضِ لِلْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ، أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ مِلْكٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَالأْرْضَ مِلْكٌ لِصَاحِبِهَا.

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: غِرَاسُ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِنَاؤُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إِذَا لَمْ يَقْلَعْهُ الْمَالِكُ فَلِلْمُؤَجِّرِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ لأِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ قَلْعَهُ بِدُونِ ضَمَانِ نَقْصِهِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ .

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اسْتَأْجَرَ لِلْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ، فَإِنْ شَرَطَ الْقَلْعَ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْقَلْعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَالِكِ أَرْشُ النُّقْصَانِ، وَلاَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَسْوِيَةُ الأْرْضِ ، وَلاَ أَرْشُ نَقْصِهَا، لِتَرَاضِيهِمَا بِالْقَلْعِ، وَلَوْ شَرَطَا الإْبْقَاءَ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْعَقْدُ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الإْمَامِ وَالْبَغَوِيِّ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ؛ لأِنَّ الإْطْلاَقَ يَقْتَضِي الإْبْقَاءَ، فَلاَ يَضُرُّ شَرْطُهُ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ أَوْ جُمْهُورُهُمْ، وَيَتَأَيَّدُ بِهِ كَلاَمُ السَّرَخْسِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْفَسَادِ، لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ.. أَمَّا إِذَا أَطْلَقَا، فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يَنْظُرُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْقَلْعُ وَالرَّفْعُ بِلاَ نَقْصٍ فُعِلَ، وَإِلاَّ، فَإِنِ اخْتَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لأِنَّهُ مَلَكَهُ.. وَإِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْقَلْعَ، فَهَلْ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَقْلَعَهُ مَجَّانًا؟ فِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، وَالثَّانِي عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا هَذَا؛ لأِنَّهُ بِنَاءٌ مُحْتَرَمٌ، وَالثَّانِي: نَعَمْ..، وَإِذَا انْتَهَى الأْمْرُ إِلَى الْقَلْعِ، فَمُبَاشَرَةُ الْقَلْعِ، أَوْ بَدَلُ مَئُونَتِهِ هَلْ هِيَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ لأِنَّهُ الَّذِي اخْتَارَهُ، أَمْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لأِنَّهُ شَغَلَ الأَْرْضَ فَلْيُفْرِغْهَا؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي .

بَيْعُ الْكَدِكِ:

10 - إِذَا ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْقَرَارِ فِي حَانُوتِ الْوَقْفِ، فَالْكَدِكُ الَّذِي يَضَعُهُ فِيهِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ، وَيَكُونُ لِهَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بَيْعُ مَا وَضَعَهُ، وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَرَارِ لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ قَالَ الْمَهْدِيُّ الْعَبَّاسِيُّ: فَإِنْ أَحْدَثَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ إِذْنِ النَّاظِرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَحِينَئِذٍ لاَ حَاجَةَ إِلَى تَكَلُّفِ الإْسْقَاطِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ إِجَارَتِهِ أَوْ بَعْدَهَا، وَلاَ إِلَى اسْتِئْجَارِ الأْجْنَبِيِّ مِنَ النَّاظِرِ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ بَيْعُ مَا أَحْدَثَهُ مِنَ الأْجْنَبِيِّ ، فَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَرَارِ لِلْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ أَجْرُ مِثْلِ الأْرْضِ خَالِيَةً عَمَّا أَحْدَثَ فِيهَا .

وَجَاءَ فِي مُرْشِدِ الْحَيْرَانِ: الْكَدِكُ الْمُتَّصِلُ بِالأْرْضِ بِنَاءً وَغِرَاسًا أَوْ تَرْكِيبًا عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ هُوَ أَمْوَالٌ مُتَقَوَّمَةٌ، تُبَاعُ وَتُورَثُ، وَلأِصْحَابِهَا حَقُّ الْقَرَارِ، وَلَهُمُ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ .

هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا إِذْ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَقِيسُونَ الْجَدِكَ الْمُتَّصِلَ اتِّصَالَ قَرَارٍ عَلَى الْخُلُوِّ، قَالَ عُلَيْشٌ: بَعْضُ الْجَدِكَاتِ بِنَاءٌ أَوْ إِصْلاَحُ أَخْشَابٍ فِي الْحَانُوتِ مَثَلاً بِإِذْنٍ وَهَذَا قِيَاسُهُ عَلَى الْخُلُوِّ ظَاهِرٌ .

وَالْخُلُوُّ يَصِيرُ كَالْمِلْكِ يَجْرِي عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالإْجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالرَّهْنُ وَوَفَاءُ الدَّيْنِ وَالإْرْثُ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاوثون ، الصفحة / 16

مُؤْنَةُ الْمُسْتَأْجَرِ أَثْنَاءَ الإْجَارَةِ :

5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَسَقْيِهَا تَكُونُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الإْجَارَةِ ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ، فَكَانَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّفْصِيلِ كَمَا يَلِي:

6 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى الآْجِرِ عَيْنًا كَانَتْ أَوْ مَنْفَعَةً، وَعَلَفَ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَسَقْيَهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ؛ لأِنَّ هَا مِلْكُهُ، فَإِنْ عَلَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، لاَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ .

وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ طَعَامُ الأْجِيرِ إِلاَّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ .

وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ حُكْمَ مَا إِذَا شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الطَّعَامَ أَوِ الْعَلَفَ، جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، عَلَى أَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَفُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: كُلُّ إِجَارَةٍ فِيهَا رِزْقٌ أَوْ عَلَفٌ فَهِيَ فَاسِدَةٌ إِلاَّ فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكُسْوَتِهَا - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ .

وَإِذَا اكْتَرَى رَجُلٌ حِمَارًا فَعَيِيَ فِي الطَّرِيقِ، فَأَمَرَ الْمُكْتَرِي رَجُلاً أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ، فَإِنْ عَلِمَ الْمَأْمُورُ أَنَّ الْحِمَارَ لِغَيْرِ الآْمِرِ لاَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى أَحَدٍ؛ لأِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَأْمُورُ أَنَّ الْحِمَارَ لِغَيْرِ الآْمِرِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الآْمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الآْمِرُ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ .

7 - وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ اشْتِرَاطَ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، جَاءَ فِي مِنَحِ الْجَلِيلِ: جَازَ كِرَاءُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُكْتَرِي عَلَفَهَا، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَكْتَرِيَ إِبِلاً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ رِحْلَتَهَا، أَوْ يَكْتَرِيَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا أَوْ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تُوصَفِ النَّفَقَةُ؛ لأِنَّهُ مَعْرُوفٌ، قَالَ مَالِكٌ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَاجِرَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ أَجَلاً مَعْلُومًا بِطَعَامِهِ فِي الأْجَلِ أَوْ بِكِسْوَتِهِ فِيهِ .

وَجَاءَ فِي مِنَحِ الْجَلِيلِ أَيْضًا: وَإِذَا اكْتَرَيْتَ مِنْ رَجُلٍ إِبِلَهُ، ثُمَّ هَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا فِي يَدَيْكَ، فَأَنْفَقْتَ عَلَيْهَا فَلَكَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِنِ اكْتَرَيْتَ مَنْ يَرْحَلُهَا رَجَعْتَ بِكِرَائِهِ، وَتَأَوَّلَ أَبُو إِسْحَاقَ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْعَادَةِ أَنَّ رَبَّ الإْبِلِ هُوَ الَّذِي يَرْحَلُهَا، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالأْظْهَرُ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ: أَنْ يَلْزَمَ الْمُكْرِيَ الْبَرْذعَةُ وَالسَّرْجُ وَنَحْوُهُمَا، لاَ مُؤْنَةُ الْحَطِّ وَالْحَمْلِ .

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لاَ بَأْسَ بِإِجَارَةِ الظِّئْرِ عَلَى إِرْضَاعِ الصَّبِيِّ، وَلاَ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ غَيْرُ مَا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ مِنْ أُجْرَةٍ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ طَعَامُهَا وَكُسْوَتُهَا، فَذَلِكَ جَائِزٌ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَطَعَامُهَا وَكُسْوَتُهَا عَلَى قَدْرِهَا وَقَدْرِ هَيْئَتِهَا وَقَدْرِ أَبِي الصَّبِيِّ فِي غِنَاهُ وَفَقْرِهِ .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَعَامُ الأْجِيرِ وَحْدَهُ هُوَ الأْجْرَةَ أَوْ مَعَ دَرَاهِمَ .

8 - وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: عَلَى الْمُكْرِي عَلَفُ الظَّهْرِ وَسَقْيُهُ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ فَكَانَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اكْتَرَى جِمَالاً فَهَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا عِنْدَ الْمُكْتَرِي فَلاَ فَسْخَ لَهُ وَلاَ خِيَارَ، بَلْ إِنْ شَاءَ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ رَفَعَ الأْمْرَ إِلَى الْقَاضِي؛ لِيُمَوِّنَهَا الْقَاضِي وَيُمَوِّنَ مَنْ يَقُومُ بِحِفْظِهَا مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَمَّالِ مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجِمَالِ فَضْلٌ، اقْتَرَضَ الْقَاضِي عَلَى الْجَمَّالِ مِنَ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ وَثِقَ الْقَاضِي بِالْمُكْتَرِي دَفَعَ مَا اقْتَرَضَهُ إِلَيْهِ، وَإِنِ اقْتَرَضَهُ مِنْهُ لِيُنْفِقَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ جَعَلَ الْقَاضِي مَا اقْتَرَضَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهَا.

وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْقَاضِي مَالاً يَقْتَرِضُهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنَ الْجِمَالِ قَدْرَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ يَتَعَهَّدُهَا، وَإِذَا كَانَ فِي الْجِمَالِ الْمَتْرُوكَةِ زِيَادَةٌ عَلَى حَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلاَ يَقْتَرِضُ الْقَاضِي عَلَى الْجِمَالِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ، بَلْ يَبِيعُ الْفَاضِلَ عَنِ الْحَاجَةِ.

وَلَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْمُكْتَرِي فِي الإْنْفَاقِ عَلَى الْجِمَالِ، وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا، جَازَ فِي الأْظْهَرِ، كَمَا لَوِ اقْتَرَضَ ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ، وَلأِنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ، فَقَدْ لاَ يَجِدُ الْقَاضِي مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لاَ يَرَاهُ، وَمُقَابِلُ الأْظْهَرِ الْمَنْعُ وَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا.

وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَيُعْتَبَرُ مُتَبَرِّعًا، لَكِنْ مَحَلُّ هَذَا إِذَا أَمْكَنَ إِذْنُ الْحَاكِمِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِذْنُ الْحَاكِمِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ، أَوْ عَسُرَ إِثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ، فَأَنْفَقَ وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ إِذَا ادَّعَى نَفَقَةَ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ؛ لأِنَّهُ أَمِينٌ .

وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَمُؤْنَةُ الدَّلِيلِ وَسَائِقِ الدَّابَّةِ وَأُجْرَةِ الْخَفِيرِ عَلَى الْمُكْرِي؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤَنِ التَّحْصِيلِ، وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ عَلَى ظَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ الظَّهْرِ وَقَدْ فَعَلَ .

وَطَعَامُ الْمُرْضِعَةِ وَشَرَابُهَا عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدَرُّ بِهِ اللَّبَنُ وَيَصْلُحُ بِهِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُطَالِبَهَا بِذَلِكَ؛ لأِنَّهُ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ مِنَ الرِّضَاعِ، وَفِي تَرْكِهِ إِضْرَارٌ بِالصَّبِيِّ .

9 - وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلإِْنْفَاقِ عَلَى الْجِ مَالِ الَّتِي تَرَكَهَا الْمُكْرِي عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ وَحِينَئِذٍ يَرْفَعُ الْمُسْتَأْجِرُ الأْمْرَ لِلْقَاضِي لِيَقْتَرِضَ لَهُ، أَوْ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الإْنْفَاقِ ، وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْمُكْرِي، وَفِي الإْنْفَاقِ عِنْدَ

عَدَمِ الْحَاكِمِ مَعَ الإْشْهَادِ وَعَدَمِهِ، وَهَذَا عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ التَّفْصِيلِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ .

وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، أَوْ جَعَلَ لَهُ أَجْرًا وَشَرَطَ طَعَامَهُ وَكُسْوَتَهُ، فَرُوِيَ عَنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي مُوسَى رضي الله عنهم أَنَّهُمُ اسْتَأْجَرُوا الأْجَرَاءَ بِطَعَامِهِمْ وَكُسْوَتِهِمْ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الظِّئْرِ دُونَ غَيْرِهَا، وَاخْتَارَ الْقَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي الظِّئْرِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ( فَأَوْجَبَ لَهُنَّ النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ عَلَى الرِّضَاعِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ بِحَالٍ لاَ فِي الظِّئْرِ وَلاَ فِي غَيْرِهَا.

وَاسْتَدَلَّ ابْنُ قُدَامَةَ عَلَى رِوَايَةِ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الأْجِيرِ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ بِمَا رَوَى عُتْبَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَقَرَأَ: (طسم ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ قِصَّةَ مُوسَى قَالَ: «إِنَّ مُوسَى صلي الله عليه وسلم آجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ عَشْرًا عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وَطَعَامِ بَطْنِهِ»

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ.

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ أَيْضًا: وَإِنْ شَرَطَ الأْجِيرُ كُسْوَةً مَعْلُومَةً وَنَفَقَةً مَوْصُوفَةً كَمَا يُوصَفُ فِي السَّلَمِ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ طَعَامًا وَلاَ كُسْوَةً فَنَفَقَتُهُ وَكُسْوَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ.

وَلَوِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا أَوْ بِأَجْرٍ مُسَمًّى وَعَلَفِهَا لَمْ يَجُزْ؛ لأِنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلاَ عُرْفَ لَهُ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ مَوْصُوفًا فَيَجُوزُ .

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: أُجْرَةُ الدَّلِيلِ تَكُونُ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنِ الْبَهِيمَةِ الْمُكْتَرَاةِ وَآلَتِهَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَالزَّادِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ اكْتَرَى مِنْهُ بَهِيمَةً بِعَيْنِهَا فَأُجْرَةُ الدَّلِيلِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الظَّهْرَ وَقَدْ سَلَّمَهُ، وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ عَلَى حَمْلِهِ إِلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْرِي؛ لأِنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ إِيصَالِهِ إِلَيْهِ وَتَحْصِيلِهِ فِيهِ .

___________________________________________________________________

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا)

(الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 28)
يجب على صاحب المنفعة أن يعتني بحفظ العين المنتفع بها صيانة لها.

(مادة 33)
إذا تلفت العين المنتفع بها أو هلكت بدون تعدي المنتفع أو تقصيره في المحافظة عليها فلا ضمان عليه.

(مادة 34)
إذا كانت المنفعة مقيدة بمدة معلومة وأمسك المنتفع العين بعد انقضاء تلك المدة ولم يردها لمالكها مع إمكان الرد فهلكت فعليه ضمان قيمتها ولو لم يستعملها بعد انقضاء المدة وإن لم يطلبها المالك.

( مادة 544 )

يجب على المستأجرأن يعتنى بالعين المؤجرة كاعتنائه بملكه ولا يجوز له أن يحدث بها تغييرا بدون أذن مالكها

( مادة 546)

إزالة الأتربة والزبالة التي تتراكم في مدة الإجارة تلزم المستأجر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة الأحكام العدلية

مادة (601) ضمان تلف المأجور في يد المستأجر

لا يلزم الضمان إذا تلف المأجور في يد المستأجر ما لم يكن بتقصيره أو تعديه أو مخالفته لمأذونيته.

مادة (602) ضمان تلف المأجور

يلزم الضمان على المستأجر لو تلف المأجور أو طرأ على قيمته نقصان بتعديه مثلاً لو ضرب المستأجر دابة الكراء فماتت منه أو ساقها بعنف وشدة فهلكت لزمه ضمان قيمتها.

مادة (604) ضمان تلف المأجور بتقصير المستأجر

لو تلفت المأجور بتقصير المستأجر في أمر المحافظة أو طرأ على قيمته نقصان يلزم الضمان مثلاً لو ترك المستأجر دابة الكراء خالية الرأس وضاعت يضمن.