مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع، الصفحة : 561
مذكرة المشروع التمهيدي :
يقابل هاتين المادتين في التقنين الحالى المادتان 366 - 367 / 449 - 450 وتعرض هذه النصوص لبيان متى يجوز الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار.
والمشروع كالتقنين الحالي من حيث المبدأ العام، فهو يقرر للمستأجر حق التنازل عن الإيجار والإيجار من الباطن، ما لم يوجد شرط يمنع من ذلك فإذا وجد الشرط المانع من التنازل، فإنه يقتض المنع من الإيجار من الباطن، وكذلك العكس وليس هناك ما يمنع من ظهور نية صريحة في المنع من أحد الشيئين دون الآخر ولكن يلاحظ فيما يتعلق بنصوص المشروع ما يأتي :
1- ذكر المشروع أن الشرط المانع قد لا يكون صريحاً، وإنما يستفاد من الظروف كما في المزارعة (م 837 من المشروع ).
2 - أشار المشروع إلى أن المؤجر قد لا يشترط المنع بتاتاً بل يتوسط فيشترط موافقته على الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار وبين أنه لا يجوز في هذه الحالة للمؤجر أن يتعسف فيمتنع عن الموافقة دون سبب مشروع.
3- وضح المشروع الغرض الذي عرض له التقنين الحالي بشأن العقار الذي - أنشئ به مصنع أو متجر وكان إيجاره مقترناً بالشرط المانع، ثم اقتضت الظروف أن يبيع المستأجر المصنع أو المتجر، فأنه يجوز بالرغم من وجود الشرط المانع أن يبقى الإيجار للمشتري إذا قدم ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق، وإلا كان في امتناع المؤجر عن الموافقة على بقاء الإيجار للمشتري في هذه الظروف تعسف لا مبرر له، ولم يغير المشروع شيئاً من الأحكام التي أتى بها التقنين الحالى في هذا الغرض، ولكنه وضع هذه الأحكام في ألفاظ واضحة.
1- وإن كانت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى تشترط للحكم بإبقاء الإيجار فى حالة بيع المتجر أو المصنع الكائن بالعين المؤجرة قيام ضرورة تقتضى البيع وكان المشرع لم يضع فى هذه المادة ضابطاً يستهدى به فى تحديد الضرورة ، بل ترك أمر تقديرها لقاضى الموضوع يستخلصها من ظروف البيع مسترشداً فى ذلك بالأسباب الباعثة عليه ، إلا أنه ينبغى أن يكون استخلاص الحكم مستنداً إلى دليل قائم فى الدعوى وأن يكون قد رد على كل دفاع جوهرى أثاره الخصوم فى هذا الصدد .
(الطعن رقم 1621 لسنة 74 جلسة 2005/12/14 س 56 ص 881 ق 152)
2- مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني يدل على أن المشرع استثنى من أثر الشرط المانع من النزول عن الإيجار حالة البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع المنشأ فى العين المؤجرة, وأجاز للمحكمة إبقاء الإيجار لمشتري المتجر أو المصنع رغم وجود الشرط الصريح فى عقد الإيجار الذي يحرم التنازل عنه للغير متى توافرت الشروط الواردة بالمادة سالفة البيان من بينها تقديم المشتري ضمانا كافيا للمؤجر للوفاء بالتزاماته باعتباره خلفا خاصا للمستأجر الأصلي فى الانتفاع بالعين المؤجرة كرهن أو كفالة إلا أنه قد يكون المشتري أكثر ملاءة من المستأجر السابق فلا تكون هناك حاجة إلى ضمان خاص يضاف إلى حق امتياز المؤجر على المنقولات القائمة بالعين طالما أنه لم يلحقه ضرر محقق من ذلك التنازل, وإنه ولئن كانت الرخصة التي خولها التقنين المدني للمحكمة خروجا على اتفاق المتعاقدين الصريح بحظر التنازل عن الإيجار إنما ترجع إلى اعتبارات تتصل بمصلحة عامة هي رغبة المشرع فى الإبقاء على الرواج المالي والتجاري فى البلاد, ولو كان ذلك على غير إرادة المؤجر إلا أن شرط تقديم المشتري الضمان الكافي إلى المؤجر إنما شرع لمصلحة الأخير وضمانا له فى الحصول على حقوقه الناشئة عن عقد الإيجار قبل المتنازل له, فهو وشأنه فى التنازل عن تقديم هذا الضمان صراحة أو ضمنا أو التمسك به إذا ما رأى عدم ملاءة المشتري بالجدك أو عدم كفاية حق الامتياز المقرر له قانوناً باعتبار أن هذا وذاك من الحقوق الخاصة بالمؤجر والتي يملك التصرف فيها ولا شأن لها بالنظام العام, بحيث إذا أثار المؤجر منازعة بشأن تقديم المشتري لذلك الضمان الإضافي أو عدم كفايته أمام محكمة الموضوع, فإنه يتعين عليها الفصل فيها ولها عندئذ تقدير ضرورة تقديم هذا الضمان الخاص أو كفايته, أما إذا لم يقم نزاع بين الخصوم فى هذا الخصوص, فإنه لا يسوغ للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها وتقضي بعدم توافر شرط تقديم المشتري للضمان الكافي للمؤجر, هذا فى حين أنه حق خاص به لم يطلب اقتضاءه.
(الطعن رقم 876 لسنة 71 جلسة 2002/06/20 س 53 ع 2 ص 826 ق 162)
3- أجاز القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فى المادة 18/ج منه للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان " إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابى صريح من المالك للمستأجر الأصلى أو تركة للغير بقصد الإستغناء عنه نهائيا 000 " ومؤدى هذا النص أن الأصل فى قانون إيجار الأماكن هو منع المستأجر من التأجير من الباطن أو التنازل عن المكان المؤجر إلا بأذن كتابى من المالك فإذا ما قصر المالك الأذن على التأجير من الباطن تعين الإلتزام بحدود هذا الأذن دون توسع فيه أو قياس على الحالة المأذون بها فيظل المنع الوارد بنص القانون ساريا بالنسبة لغير ما أذن به ولا يجوز للمستأجر الأصلى عندئذ أن يتنازل عن الإيجار للغير ولا يغير من ذلك ما تقضى به المادة 594 من القانون المدنى من أن منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضى منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس " وذلك أنه فضلاً عن أن هذا النص قد عرض لحالة المنع من التأجير من الباطن أو من التنازل عن الإيجار دون حالة الأذن بأيهما فإنه قد ورد ضمن القواعد العامة للإيجار فى القانون المدنى حيث الأصل وفقا لنص المادة 593 منه _ وعلى خلاف قانون إيجار الأماكن - أن " للمستأجر حق النزول عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وذلك عن كل ما استأجره أو بعضة ما لم يقضى الاتفاق بغير ذلك " فلا محل للتحدى به فى هذه الحالة بالنسبة للعين التى تخضع لقانون إيجار الأماكن.
(الطعن رقم 253 لسنة 56 جلسة 1994/12/21 س 45 ع 2 ص 1627 ق 304)
4- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن إستنادا إلى أن النص فى البند العشرين من عقد الإيجار المؤرخ 1973/7/1 قد رخص للمطعون ضده الأول بتأجير العين محل النزاع من الباطن وأن هذا الإتفاق تم بعد المبايعة التى تمت بين الطاعن والمالك السابق مما يفيد ضمنا الموافقة للمستأجر بالتنازل عن الإيجار وإلى أن المشرع سوى فى المادة 594 من القانون المدنى بين التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن وان التصريح بالأمر الثانى يفيد التصريح بالأمر الأول ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 253 لسنة 56 جلسة 1994/12/21 س 45 ع 2 ص 1627 ق 304)
5- المراد بالجدك هو ما يشمل جميع عناصر المتجر أو المصنع الذى ينشئه المستأجر بالعين المؤجرة من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالإسم التجارى والإتصال بالعملاء وقد استبدل القانون المدنى بلفظ " مصنع أو متجر " فيما أورده بنص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى إستثناء من الحظر المقرر على حق المستأجر فى التنازل عن إلا يجار وذلك حين ينشىء الأخير بالعين المؤجرة محلا تجاريا متجرا أو مصنعا ويضطر إلى بيعه فأجاز المشرع للمحكمة - تحت شروط معينة بالرغم من قيام ذلك الحظر أن تقضى بإبقاء الإيجار، وهى حالة تلك التى ترد فيها الإجارة على عين زودها مالكها بأدوات وآلات أو مفروشات لاستثمارها فى مشروع تجارى أو صناعى معين، إذ يكفى لإخراج إجازتها من نطاق تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن ان تكون هذه الأدوات أو الآلات أو المفروشات جديه وتكون الإجارة قد استهدفتها بحيث يعتبر المبنى فى ذاته عنصراً ثانويا بالنسبة لها أو بمعنى آخر أن يثبت أن الإجارة شملت بالإضافة إلى منفعة المكان فى ذاته مفروشات أو منقولات ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على المنفعة العين وإلا أعتبرت العين مؤجرة خالية، ولمحكمة الموضوع تقدير جدية الفراش أو صوريته فى ضوء ظروف الدعوى وملابساتها .
(الطعن رقم 1503 لسنة 60 جلسة 1994/07/14 س 45 ع 2 ص 1208 ق 229)
6- الضرورة الملجئة للبيع وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى، هى تلك التى تضع حدا لنوع النشاط الذى كان يزاوله المستأجر فى العين المؤجرة، ولا يشترط فيها أن ترقى إلى حد القوة القاهرة التى لا سبيل إلى دفعها أو تلافى نتائجها، دون اعتداد بما إذا كانت الظروف التى أدت إلى هذه الحالة خارجة عن إدارة المستأجر أو بسبب منه طالما توافرت الأسباب الاضطرارية التى تجعل بيع المتجر أو المصنع هو آخر عمل يقوم به فى ميدان هذا النشاط، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بتوافر الضرورة الملجئة لبيع الدكان محل النزاع ، المتمثلة فى كون المطعون ضده الثالث " المستأجر الأصلى " يهودى الديانة، قام بتصفية أعماله وممتلكاته بالبلاد لمغادرتها بصفة نهائية، وأنه غادرها بالفعل بعد البيع مدللا على ذلك، إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى فى مواجهة النيابة لعدم وجود موطن له داخل البلاد، ويبعه ووالده العقار الكائن به العين محل النزاع طبقا لصورة العقد المشهر المقدمة من المطعون ضدهما الأولين أمام محكمة أول درجة ، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بالإخلاء ، على سند من خلو عقد البيع بالجدك وأوراق الدعوى من دليل على توافر الضرورة الملجئة للبيع ، دون أن يعرض لدفاع الطاعن المشار إليه ، رغم أنه دفاع جوهرى، من شأنه - لو ثبت - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون بالقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 5305 لسنة 63 جلسة 1994/06/29 س 45 ع 2 ص 1132 ق 214)
7- المادة 31/2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن - المقابلة للمادة 18/3من القانون رقم 136 لسنة 1981 - وإن حظرت على المستأجر تأجير المكان من الباطن أو التنازل عنه بغير إذن كتابى صريح من المؤجر، وإلا كان للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر فى حالة مخالفة هذا الحظر، إلا أنه واستئناء من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى التجاوز عن الشرط المانع وأباحت للمستأجر التنازل عن الإيجار فى حالة بيعه المتجر أو المصنع الذى أنشأه فى المكان المؤجر بشرط أن تثبت الصفة التجارية لنشاط المستأجر وقت إتمام هذا البيع، مما مفاده أنه يتعين أن يكون المكان المؤجر مستغلا فى نشاط تجارى، فإن انتفى عن هذا النشاط الصفة التجارية ، فإنه يخرج عن مجال تطبيق المادة 2/594 سالفة البيان والعبرة فى تكييف هذا التصرف أن يكون واردا على محل تجارى، ولا يعول فى ذلك على الوصف المعطى له بالعقد، إذ أن التكييف مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، ويتوقف عليه تطبيق النص الخاص ببيع المحل التجاري الوارد فى المادة 2/594 من القانون المدنى فى حالة توافر شروطه أو عدم تطبيقه وإعمال أثر الحظر المنصوص عليه فى قانون إيجار الأماكن إذا لم يكن النشاط تجاريا.
(الطعن رقم 2074 لسنة 58 جلسة 1994/01/05 س 45 ع 1 ص 74 ق 18)
8- المادة 2/23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن ايجار الأماكن - المقابلة للمادة 2/31من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادة 3/18من القانون رقم 136 لسنة 1981 - حظرت على المستأجر تأجير المكان من الباطن أو التنازل عنه بغير إذن كتابى صريح من المؤجر، والإ كان للمؤجر المكان من الباطن أوالتنازل عنه بغير إذن كتابى صريح من المؤجر ، و إلا كان للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر فى حالة مخالفة هذا الحظر ، واستثناء من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى التجاوز عن الشرط المانع و أباحت للمستأجر التنازل عن الإيجار فى حالة بيعه المتجر أو المصنع الذى أنشأه فى المكان المؤجر بشرط أن تثبت الصفة التجارية لنشاط المستأجر وقت إتمام هذا البيع ، مما مفاده أنه يتعين أن يكون المكان المؤجر مستغلاً فى نشاط تجارى فإن انتفى عن هذا النشاط الصفة التجارية فإنه يخرج عن مجال تطبيق المادة 594 / 2 سالفة البيان.
(الطعن رقم 2124 لسنة 56 جلسة 1993/07/07 س 44 ع 2 ص 817 ق 273)
9- الإيجار من الباطن يختلف عن التنازل عن الإيجار ففى الإيجار من الباطن تبقى العلاقة بين المؤجر و المستأجر الأصلى خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلى ، وتسرى على العلاقة بين المستأجر الأصلى والمستأجر من الباطن أحكام عقد الإيجار من الباطن فلا ينشئ العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلى فى حين أن التنازل عن الإيجار ينشئ مثل هذه العلاقة بينهما مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية . وكان الأصل فى قانون إيجار الأماكن و على ما جرى به قضاء هذه - هو منع المستأجر الأصلى من التأجير من الباطن أو التنازل عن المكان المؤجر أو تركه للغير إلا بإذن كتابى من المالك فإن مفاد ذلك أنه إذا ما قصر القانون حق المستأجر فى حالات معينة على التنازل عن الإيجار تعين الإلتزام بحدود هذا الإذن دون توسع فيه أو قياس على الحالة المأذون بها ، و يظل المنع الوارد بنص القانون سارياً بالنسبة لغير ما أذن به ، ولا يغير من ذلك ما تقضى به المادة 594 من القانون المدنى من أن " منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضى منعه من التنازل عن الإيجار و كذلك العكس " وذلك أنه فضلاً عن أن هذا النص قد عرض لحالة المنع من الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار دون حالة الإذن بأيهما فإنه قد ورد ضمن القواعد العامة للإيجار فى القانون المدنى حيث الأصل - ووفقاً لنص المادة 593 منه وعلى خلاف قانون إيجار الأماكن - أن للمستأجر حق النزول عن الإيجار أوالإيجار من الباطن و ذلك عن كل ما إستأجره أو بعضه ما لم يقض الإتفاق بغير وذلك ، مما لا محل للتحدى به فى هذه الحالة بالنسبة للعين التى تخضع لقانون إيجار الأماكن . لما كان ذلك و كان ما أجازه المشرع للمحامى و ورثته بالمادة 2/55 من قانون المحاماه رقم 17 لسنة 1983 قد إقتصر على التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماه لمزاولة مهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة فإن هذه الإجازة لا تمتد إلى التأجير من الباطن .
(الطعن رقم 1984 لسنة 56 جلسة 1990/10/28 س 41 ع 2 ص 571 ق 265)
10- النص فى الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى يدل على أن المشرع أستثنى من أثر الشرط المانع من النزول عن الأيجار حالة البيع الأضطرارى للمتجر أوالمصنع المنشأ فى العين المؤجرة وأجاز للمحكمة إبقاء الايجار لمشترى المتجر أوالمصنع رغم وجود شرط صريح فى عقد الايجار يحرم التنازل عنه للغير متى توافرت الشروط الواردة بالمادة سالفة الذكر ، ومن بينها تقديم المشترى ضماناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزامه بأعتباره خلفا خاصا للمستأجر الأصلى فى الأنتفاع بالعين المؤجرة كرهن أو كفالة إلا أنه قد يكون المشترى أكثر ملاءة من المستأجر السابق فلا تكون هناك حاجة إلى ضمان خاص يضاف إلى حق إمتياز المؤجر على المنقولات القائمة بالعين طالما أنه لم يلحقه ضرر محقق من ذلك التنازل و أنه و لئن كانت الرخصة التى خولها التقنين المدنى للمحكمة خروجاً على إتفاق المتعاقدين الصريح - بحظر التنازل عن الإيجار إنما ترجع إلى اعتبارات تتصل بمصلحة عامة ، هى رغبة المشرع فى الإبقاء على الرواج المالى والتجارى فى البلاد و لو كان ذلك على غير إرادة المؤجر - إلا أن شرط تقديم المشترى الضمان الكافى إلى المؤجر إنما شرع لمصلحة الأخير وضماناً له فى الحصول على حقوقه الناشئة عن عقد الإيجار قبل المتنازل له فهو وشأنه فى التنازل عن تقديم هذا الضمان صراحة أو ضمنا أو التمسك به إذا ما رأى عدم ملاءة المشترى بالجدك أو عدم كفاية حق الإمتياز المقرر له قانوناً بإعتبار أن هذا و ذاك من الحقوق الخاصة بالمؤجر و التى يملك التصرف فيها ولاشأن لها بالنظام العام ، بحيث إذا أثار المؤجر منازعة بشأن تقديم المشترى لذلك الضمان الإضافى أوعدم كفايته أمام محكمة الموضوع فإنه يتعين عليها الفصل فيها ، و لها عندئذ تقدير ضرورة تقديم هذا الضمان الخاص أو كفايته ، أما إذا لم يقم نزاع بين الخصوم فى هذا الخصوص فإنه لا يسوغ للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها و تقضى بعدم توافر شرط تقديم المشترى للضمان الكافى للمؤجر هذا فى حين أنه حق خاص به لم يطلب إقتضاءه .
(الطعن رقم 438 لسنة 55 جلسة 1990/06/27 س 41 ع 2 ص 366 ق 234)
11- مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى يدل - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع إستثنى من آثار الشرط المانع عن التأخير من الباطن أو من النزول عن الإيجار حالة البيع الإضطرارى للمتجر أو المصنع المنشأ فى العين المؤجرة وأجاز للمحكمة إبقاء الإيجار لمشترى المتجر أو المصنع رغم وجود هذا الشرط إذ توافرت شروط أربعة يلزم توافرها جميعاً من بينها ألا يلحق المؤجر ضرر محقق من جراء التنازل عن الإيجار وأن يقدم المشترى تأميناً كافياً للمؤجر للوفاء بإلتزاماته كمستأجر سيخلف المستأجر الأصلى فى الإنتفاع بالعين المؤجرة يستوى أن تكون هذه التأمينات شخصية أو عينية ، ويتعين فى هذا الضمان أن يكون إضافياً لا يدخل فى حسابه البضائع الموجودة فى المتجر أو المصنوعات التى ينتجها المصنع لإنها معدة للبيع ولايستطيع المؤجر حبسها أو إستعمال حق إمتياز المؤجر عليها وأن مناط تقدير كفاية الضمان أوعدم كفايته التى يستقل بها قاضى الموضوع أن يكون إستخلاصه سائغاً له أصله الثابت بالأوراق .
(الطعن رقم 1059 لسنة 55 جلسة 1990/02/21 س 41 ع 1 ص 548 ق 92)
12- ما نصت عليه المادة 594 من القانون المدنى من أنه " إذا كان الأمر خاصا بإيجاز عقار أنشىء به مصنع أو متجر و إقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر ، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضى بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضماناً كافياً ، و لم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق . " إنما هو إستثناء من الأصل المقرر وهو إلتزام المستأجر بإحترام عقد الإيجار فيما نص عليه من حظر التنازل عن الإيجار و من ثم تعين قصره على الحالة و بالشروط الواردة فى هذه المادة ، وكان المتجر فى معنى المادة سالفة الذكر يشمل مقومات مادية و معنوية ، و أن المقومات المعنوية هى عماد فكرته وأهم عناصره و لا يلزم توافرها جميعاً لتكوينة بل يكتفى بوجود بعضها ، و يتوقف تحديد العناصر التى لا غنى عنها لوجود المحل التجارى على نوع التجارة التى يزاولها المحل إلا إن العنصر المعنوى الرئيسى و الذى لا غنى عن توافره لوجود المحل التجارى و الذى لا يختلف بإختلاف التجارة هو عنصر الأتصال بالعملاء و السمعة التجارية بإعتباره المحور الذى تدور حوله العناصر الأخرى ، فيترتب على غيبته إنتفاء فكرة المتجر ذاتها فلا يتصور متجر بلا عملاء سواء كانوا دائمين أو عابرين و يعد بيعاً له الإقتصاد على بيع هذا العنصر و حدده دون غيره من سائر العناصر المادية أو المعنوية ، و لئن كان للمتعاقدين حرية تحديد العناصر التى يتركب منها المتجر الذى يجريان عليه التعاقد ، إلا أن لمحكمة الموضوع سلطة الفصل فيما إذا كانت العناصر المعروضه عليها كافيه لوجود المتجر غير متقيدة فى هذا الشأن بما يقرر إنه أو بالوصف الذى يضفيانه على التعاقد ، و لها هى بسبيل التعرف على حقيقة العقد و التحرى عل قصد التصرف من تصرفه تقدير الأدلة و القرائن المقدمة فى الدعوى و إستخلاص ما تقتنع به متى كان إستخلاص ما تقتنع به متى كان إستخلاصها سائغاً ومتفقاً مع الثابت بالإوراق ، و لما كانت الحكمة من الإستثناء المقرر بالمادة 2/594 من القانون المدنى و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو رغبة المشرع فى الإبقاء على الزواج المالى و التجارى فى البلاد بتسهيل بيع المتجر عندما يضطر صاحبة إلى بيعه و تميكن مشترية من الإستمرار فى إستغلاله ، وكان مناط إستلزم توافر العنصر المعنوى الخاص بالإتصال بالعملاء وجوب أن يكون الشراء بقصد ممارسة النشاط ذاته الذى كان يزاوله بائع المتجر . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإنتفاء صفة المتجر عن محل النزاع على ما إستخلصه من عقد البيع و ما نص فيه على أن الطاعن إشتراه لضمه إلى مصنع الحلوى بذات العقار وما جاء بمحضر الحجز التحفظى الموقع بتاريخ 1981/5/30 على محل النزاع و الذى أثبت به توقيع الحجز على منقولات وأدوات خاصة بصناعة الحلوى ومما قرره الطاعن بتحقيقات الشكوى الإدارى رقم 3351 لسنة 1979 مصر الجديدة من إنه أشترى المحل تكملة لمصنعه الخاص بصناعة الحلويات و ما ثبت من المعاينة بذات المحضر من إجراء تعديلات بالمحل و فتح باب به يؤدى إلى مصنع الحلوى و أطرح الحكم أقوال شاهدى الطاعن بشأن موافقة زوج المالكة المطعون ضده الثانى على حصول البيع و قبوله التنازل عن الإيجار مقابل تقاضيه مبلغ من النقود لعدم إطمئنان المحكمة إليها ، وخلص الحكم من ذلك إلى أن بيع المحل من المطعون ضده الثالث إلى الطاعن لم يتم لمباشرة ذات النشاط الذى كان يمارسه البائع و إنما لإستعماله فى نشاط مغاير الأمر الذى يفقد معه بيع المحل بالجدك أهم عناصره و هو عنصر الإتصال بالعملاء و السمعة التجارية ، و رتب على ذلك أن عقد البيع المؤرخ 1977/7/20 لا يعدو أن يكون تنازلاً عن الإيجار و ليس بيعاً لمحل تجارى بالجدك و من ثم فلا يسرى عليه الإستثناء المنصوص عليه فى المادة 1/594 من القانون المدنى ول ا ينفذ فى حق المالكة إلا بموافقة كتابية صريحة منها . و كان ما إستخلصة الحكم سائغاً و له أصله الثابت فى الأوراق و مؤدياً إلى ما أنتهى إليه من نتيجة تتفق وصحيح القانون و يتضمن الرد الضمنى المسقط لدفاع الطاعن فإ النعى عليه بما جاء فى أسباب الطعن سالفة الذكر يكون فى غر محله .
(الطعن رقم 3412 لسنة 51 جلسة 1988/05/22 س 39 ع 2 ص 954 ق 156)
13- لما كانت ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني من أنه "إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر وإقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق "إنما هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - استثناء من الأصل المقرر- وهو التزام المستأجر بإحترام الحظر من التنازل عن الإيجار، وأن الدافع إلى تقريره هو حرص الشارع على استبقاء الرواج التجاري متمثلاً فى عدم توقف الاستثمار الصناعي أو التجاري فى حالة اضطرار صاحبه إلى التوقف عنه، وكان الجامع بين صورتي الاستثمار هاتين هو توافر الصفة التجارية فيهما بأن يكون المحل مستغلاً فى نشاط تجاري قوامه الاشتغال بأعمال تجارية يعتبر فيها المحل التجاري مالاً منفصلاً عن شخص صاحبه بما ينتج التصرف فيه بالبيع، فإن أنتفت عن نشاط مستغله الصفة التجارية بأن كان مستغلاً فى نشاط حرفي قوامه الاعتماد - وبصفة رئيسيه على استغلال المواهب الشخصية والخبرات العملية والمهارات الفنية فإنه لا يعتبر عملاً تجارياً بما عنته المادة سالفة الذكر ذلك أن الحرفي الذي يتخذ من العمل اليدوي أساساً لنشاطه ومصدراً لرزقه ولا يستخدم عمالاً يضارب على عملهم أو آلات يضارب على إنتاجها لايكون له صفة التاجر ولا يتسم نشاطه بالصفة التجارية ومن ثم فلا يعتبر المكان الذي يزاول فيه هذا النشاط محلاً تجارياً حتى لو اقتضت مزاولته شراء بعض البضائع أو تصنيع بعض المواد استكمالاً لمطالب المهنة أو الحرفة وخدمة للعملاء فيما يعتبر امتداداً طبيعياً لأيهما ما دام ذلك داخلاً فى إطار التبعية له ومن ثم تلحق تلك الأعمال بالمهنة أو الحرفة وتأخذ حكمها فيخضعان معاً لنظام قانوني واحد هو الذي يحكم العمل الأصلي الرئيسي مما يترتب عليه انطباق الوصف الذي يخضع له المكان الذي تجري فيه ممارسة المهنة أو على المكان الذي تمارس فيه الأعمال الملحقة بها.
(الطعن رقم 125 لسنة 53 جلسة 1989/04/16 س 40 ع 2 ص 88 ق 175)
14- وإن كان قوانين الأماكن تحظر على المستأجر التنازل عن الإيجار إلا بإذن المؤجر، إلا أن المشرع خرج عن هذا الأصل مراعاة لإعتبارات إقتصادية وإجتماعية فأجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني لمستأجر المكان الذي أنشىء به مصنعاً أو متجراً أن يبيعه للغير فى حالة الضرورة، كما أصدر المشرع القانون رقم 76 لسنة 1969 أجاز فيه التنازل عن الإيجار والتأجير من الباطن لمهجري مدن قناة السويس وسيناء مواجهة لحالة الهجرة الملحة فى الحصول على مساكن لهم يستقرون فيها بعد عدوان سنة 1967 وأصدر القانون رقم 111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام والمعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 نصت المادة الثامنة منه على أن "تلغى المؤسسات العامة التي لا تمارس نشاطاً بذاتها وذلك تدريجياً خلال مدة لاتتجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون، ويصدر الوزير المختص بالإتفاق مع وزير المالية القرارات اللازمة لتصفية أعمالها وتحديد الجهات التي تؤول إليها مالها من حقوق وما عليها من إلتزامات، ولوزير المالية أن يحل إحدى الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام محل المؤسسات الملغاة فى حق إيجار الأماكن التي تشغلها، كما يكون لوزير المالية الحق فى بيع هذه الأماكن بالجدك للهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين إستثمار المال العربي والأجنبي". مما يدل على أن المشرع فوض السلطة التنفيذية ممثلة فى شخص وزير المالية فى بيع هذه الأماكن بالجدك إلى الهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين إستثمار المال العربي والأجنبي متى توافر فى هذه الأماكن بعض المقومات المادية إذ لم يستلزم هذا النص - على خلاف نص الفقرة الثانية من المادة 514 من القانون المدني - أن يكون المكان المؤجر متجراً فى حكم القانون إذ جاء صريحاً فى إلغاء المؤسسات التي لا تباشر نشاطاً بذاتها يؤيد ذلك أيضاً ما جاء بتقرير اللجنة الإقتصادية بمجلس الشعب عن مشروع القانون رقم 112 لسنة 1976 من أن "الهدف من هذه الإضافة هو إعطاء الدولة الحق فى تأجير الأماكن التي كانت تشغلها المؤسسات العامة الملغاة للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون فى إستثمار أموالهم فى جمهورية مصر العربية وشركات القطاع العام وذلك مساهمة فى دفع سياسة الإنفتاح الإقتصادية التي تقتضى توفير الأماكن المناسبة مما تطلب إعطاء الدولة حق التأجير دون موافقة المالك خاصة وأن هناك أزمة شديدة فى إيجار الأماكن".
(الطعن رقم 2479 لسنة 54 جلسة 1988/12/07 س 39 ع 2 ص 1274 ق 218)
15- النص فى الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى على أنه . . . " و إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشىء بمصنع أو متجر و اقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضى بإبقاء الإيجار . . . . " يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع أجاز التجاوز عن الشرط المانع و أباح للمستأجر التنازل عن الإيجار على خلافه متى كان الشىء المؤجر عقاراً مملوكاً لشخص وأنشأ فيه المستأجر محلاً تجارياً سواء كان متجراً أو مصنعاً بشرط أن تثبت الصفة التجارية للنشاط الذى كان يزاوله المتنازل وقت إتمام بيع المتجر أو المصنع مما مفاده أنه يجب لإعتبار المحل تجارياً فى نص المادة 2/594 سالفة الذكر أن يكون مستغلاً فى نشاط تجارى قوامه الإشتغال ، بأعمال و أغراض تجارية فإذا كان غير ذلك بأن إنتفت عن نشاط مستغله الصفة التجارية ، فإنه يخرج عن مجال إعمال تلك المادة ، و ترتيباً على ما تقدم فإن المحل الذى يكون مستغلاً فى نشاط مهنى أو حرفى قوامه الإعتماد - و بصفه رئيسية على إستغلال المواهب الشخصية والخبرات العملية و المهارات الفنية لا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة محلاً تجارياً و من ثم فلا تطبق فى شأنه المادة 2/594 المشار اليها حتى و لو إقتضى هذا الإستغلال شراء بعض البضائع لبيعها للعملاء أوتصنيع بعض المواد لتقديمها إليهم إستكمالاً لمطالب المهنة أو الحرفة و خدمة العملاء فيما يعتبر إمتداد طبيعياً لأيهما ، ما دام ذلك داخلاً فى أطار التبعية كماً وكيفاً ، إذ تظل تلك الأعمال التى لو نظر اليها بذاتها ، مستقلة لأعتبرت أعمالاً تجارية - نوعا من المهنة و الحرفة تحلق بها و تأخذ حكمها ، فيخضعان معاً لنظام قانونى واحد هو الذى يحكم العمل الأصلى الرئيسى ، مما يترتب عليه إنطباق الوصف الذى يخضع له المكان الذى تجرى فيه ممارسة المهنة أو الحرفة على المكان الذى تمارس فيه الأعمال الفرعية التابعة لها .
(الطعن رقم 2016 لسنة 50 جلسة 1988/01/11 س 39 ع 1 ص 75 ق 16)
16- ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى إنما هو إستثناء من الأصل المقرر بإلتزام المستأجر بإحترام شروط حظر التنازل عن الإيجار وأن هذا الإستثناء يقتصر على الأماكن التى تمارس فيها الأعمال ذات الصبغة التجارية والتى ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر دون سواهما ولايجوز التوسع فى تفسيره أوالقياس عليه ومن ثم فلا ينصرف حكمه إلى بيع عيادة الطبيب إذ تجرى فيها ممارسة مهنة لاتعتبر من قبيل الأعمال التجارية فى مفهوم قانون التجارة وإنما تقوم أساساً على النشاط الذهنى وإستثمار الملكات الفكرية والمعلومات المكتسبة لصاحبها ولاتدر عليه ربحاً وإنما يحصل من جهده المبذول فيها على أجر يدخل فى تقديره ظروفه الشخصية وظروف عمله والظروف العامة التى تحيط بممارسته لأعمال مهنته ومن ثم لا يشملها البيع بالجدك المنصوص عليه بالمادة 549 ( صحتها 594) من القانون المدنى ولا تعتبر مشروعاً تجارياً ولا تدخل ضمن تعبير المصنع أوالمتجر ، ولذلك فإن بيعها لا يعدو فى حقيقته أن يكون تنازلاً عن الإيجار بمقابل.
(الطعن رقم 898 لسنة 51 جلسة 1985/12/25 س 36 ع 2 ص 1183 ق 244)
17- المتجر فى معنى المادة 594 من القانون المدنى يشمل جميع عناصره من ثابت و منقول و من مقومات مادية و معنوية ، و أن المقومات المعنوية هى عماد فكرته و أهم عناصره ، و لا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه بل يكتفى بوجود بعضها ، و يتوقف تحديد العناصر التى لا غنى عنها لوجود المحل التجارى على نوع التجارة التى يزوالها المحل ، إلا أن العنصر المعنوى الرئيسى و الذى لا غنى عنه ، لوجود المحل التجارى و الذى لا يختلف بإختلاف نوع التجارة هو عنصر الإتصال بالعملاء و السمعة التجارية بإعتباره المحور الذى تدور حوله العناصر الأخرى فيترتب على غيبته إنتفاء فكرة المتجر ذاتها ، و يعد بيعاً له الإقتصار على بيع هذا العنصر وحده دون غيره من سائر العناصر المادية أو المعنوية
. (الطعن رقم 453 لسنة 48 جلسة 1983/03/23 س 34 ع 1 ص 727 ق 154)
18- المهنة أو الحرفة التي تقوم أساساً على النشاط الذهني واستثمار الملكات الفكرية والمعلومات المكتسبة لصاحبها، والتي لا تدر عليه ربحاً وإنما يحصل من جهده المبذول فيها على أجر يدخل فى تقدير ظروفه الشخصية وظروف عمله العامة التي تحفظ بممارسته لأعمال مهنته، لا تعتبر من قبيل الأعمال التجارية فى مفهوم قانون التجارة، لما كان ما تقدم فإن الاستثناء المقرر فى الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني يكون مقصوراً على الأعمال التي تمارس فيها الأعمال ذات الصفة التجارية والتي ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر دون سواهما ولا يمتد إلى عيادات الأطباء لأنه لا يجوز التوسع فى تفسير الاستثناء أوالقياس عليه .
(الطعن رقم 863 لسنة 46 جلسة 1986/06/25 س 37 ع 2 ص 746 ق 154)
19- الاستثناء المقرر لمنشىء المتجر أوالمصنع فى العين المؤجرة فى بيعه إضطراريا للغير رغم قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أوالنزول عن الإيجار جاء عاما بصدد بيان المستفيد من هذا الاستثناء وهو المستأجر الذى أنشأ بالعين المؤجرة متجرا أو مصنعا دون تخصيصه بأن يكون مستأجرا أصليا للعين ، ومن ثم يستوفى فى خصوصه أن يكون منشء المتجر أوالمصنع هو المستأجر الأصلى أو المستأجر من الباطن ، لئن كان ذلك ، إلا أنه لما كان بيع المتجر أوالمصنع يقتضى أن يكون مملوكا لمستأجر العين التى أنشىء فيها ، فلا يسرى فى شأنه الاستثناء المقرر بالمادة 594 من التقنين المدنى متى كانت عناصر المتجر أو المصنع مملوكة كلها أو بعضها للمؤجر و يكون تصرف المستأجر فيه بالبيع بما ينطوى عليه من تنازل عن الإيجار خاضعا للقواعد المقررة فى قانون إيجار الأماكن ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الإيجار المبرم بين المطعون عليها - المؤجر والمستأجر الأصلى - لم يقتصر على العين المؤجرة وحدها وإنما تناول ما بها من جدك باعتبارها ورشة لأعمال الصباغة فإن تصرف ثانيهما فيها بالبيع للطاعن بعد إضافته إليها بعض التركيبات وتوسعه فى أوجه نشاطها لا يخضع لحكم المادة 594 المتقدم بيانها تبعا لعدم تملكه كافة عناصرها ويكون فى حقيقته تنازلا عن الإيجار صدر دون موافقة المؤجر .
(الطعن رقم 1272 لسنة 48 جلسة 1979/06/27 س 30 ع 2 ص 785 ق 334)
20- إطلاق القول باعتبار المخزن الذى يستأجره التاجر جزءاً لا يتجزأ من محله التجارى الذى يستأجره من مؤجر آخر و يقع فى مكان مغاير لمجرد استعماله لذلك المخزن فى خدمة المحل و حقه تبعاً لذلك فى التنازل عن إيجار المخزن رغم حظر هذا التنازل بحكم العقد ، أمر لا يتفق و حكم المادة 594 من القانون المدنى التى استند إليها الحكم المطعون فى قضائه ، ذلك أنه وإن كانت هذه المادة قد أجازت للمستأجر إهداراً للشرط الاتفاقى المانع له من التنازل عن الإيجار أن يتنازل عنه إذا كانت العين المؤجرة منشأ بها مصنع أو متجر وبالشروط الأخرى الواردة بالنص إلا أن ذلك مشروط حتماً بأن يكون استعمالها فى هذا الغرض مصرحاً به فى العقد أو فى القليل مسكوتاً عنه بأن يتراضى المتعاقدان ، على استعمال العين فى أغراض الصناعة أو التجارة أو لايحظر المؤجر على المستأجر استعمالها لذلك ، أما حيث يحددان فى عقد الإيجار الغرض من التأجير على نحو آخر مغاير أو يخطر المؤجر علي المستأجر استعمال العين فى هذين الغرضين فإن مخالفة المستأجر لهذا الحظر باتخاذه من العين مصنعاً أو متجراً بغير موافقة من المؤجر يعتبر نقضاً من جانبه لما تم الاتفاق عليه مما يوجب رد مسعاه عليه فلا يحق له تبعاً لذلك أن يتخذ من هذه المخالفة سبيلاً لمقارنة مخالفة أخرى هى التنازل عن الإيجار على خلاف شروط العقد ، إذ فى ذلك إهدار للإدارة المشتركة للمتعاقدين وهى قانونهما النافذ فى حقهما ما دام فى نطاق المشروعية و خروج بالاستثناء المقرر بنص المادة 594 آنفة الذكر عن مجاله المحدد بغير سند من أحكام القانون أو قواعد تفسير النصوص التشريعية ، لما كان ما تقدم . و كان سريان هذا القيد على ما يتخذه المستأجر من مصنع أو متجر فى العين المؤجرة على خلاف أحكام العقد يستوجب سريانه من باب أولى مع ما يلحق بأيهما من أماكن أخرى لخدمته ، إذ فى القول بغير هذا ما يجيز لمستأجر المصنع أو المتجر أن يلحق بأيهما ما قد يكون مستأجراً له من أماكن أخرى على خلاف نصوص عقودها توصلا لبيعها و التنازل عن إيجارها تبعاً للمصنع أوالمتجر الأمر الذى يضفى على التاجر من الحقوق ما لم يأذن به القانون ويخل بالتوازن الواجب بين أطراف العقود ، لما كان ما سلف ، و كان الحكم المطعون فيه قد إتخذ من مجرد القول بإلحاق المطعون عليه العين مثار النزاع بمحله التجارى سنداً للقول بأحقيته فى التنازل عن عقد إيجارها بغير إذن من الطاعن و على خلاف نص عقد الإيجار دون أن يراعى الحكم فى ذلك ما سلف من قيود على حكم المادة 594 من القانون المدنى ، فإنه يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب و الخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 885 لسنة 47 جلسة 1980/06/21 س 31 ع 2 ص 1796 ق 334)
21- إذ كان النص فى الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى على أنه " ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشىء به مصنع أو متجر وأقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضى بإبقاء الإيجار . . . " يدل على أن المشرع أجاز التجاوز عن الشرط المانع ، وأباح للمستأجر التنازل عن الإيجار على خلافه متى كان الشىء المؤجر عقاراً مملوكاً لشخص وأنشأ فيه المستأجر محلاً تجارياً سواء كان متجراً أو مصنعاً ، بشرط أن تثبت الصفة التجارية للنشاط الذى كان يزاوله المتنازل وقت إتمام بيع المتجر أو المصنع ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون ، ذلك أنه عول فى إعتبار العين المؤجرة - وهى محل حلاقة - من قبيل المتجر الذى يباح التنازل عن إيجاره على أن مشتريه أستغله فى تاريخ لاحق على البيع فى ممارسة عمل تجارى ، مع أن العبرة فى التعرف على طبيعة المحل المبيع إنما يكون وقت البيع لا بعده . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تحجب عن بحث ما إذا كانت المستأجرة تمارس نشاطاً تجارياً فى المحل عند إبرام البيع ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون علاوة على القصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 467 لسنة 43 جلسة 1977/03/16 س 28 ع 1 ص 693 ق 126)
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 594 من التقنين المدني على ما يأتي : «ومع ذلك إذا كان الأمر خاصًا بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر، واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضمانًا كافيًا ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق».
والتقنين المدني المصري يبيح للمستأجر - في النص أن تقدم ذكره -أن يتنازل عن الإبحار لغيره، بالرغم من وجود الشرط المانع، وبالرغم من عدم تنازل المؤجر عن هذا الشرط صراحة أو ضمنًا، إذ المفروض أن هناك عقارًا أنشئ به مصنع أو متجر – أو جدك بحسب تعبير الفقرة الثانية من المادة 367/450 من التقنين المدني القديم – وكان مستأجر العقار يملك المصنع أو المتجر، وقضت الضرورة عليه ببيعه، فإنه لا يجد في العادة مشتريًا إلا إذا ضمن هذا المشتري أن يحل محل المستأجر في إيجار العقار، لأن شراء المصنع أو المتجر دون بقائه في العقار الذي أنشئ فيه يعرض المشتري لخسارة كثير من عملاء المصنع أو المتجر والمفروض أيضًا أن في عقد إيجار العقار شرطًا مانعًا من التنازل عن الإيجار فأجاز القانون التجاوز عن هذا الشرط المانع، وأباح للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار للمشتري على خلاف الشرط، إذا لم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق وقدم المشترى ضماناً كافياً، ويبين من ذلك أن هذه الحالة يمكن اعتبارها تطبيقًا لما سبق أن قدمناه من عدم جواز التعسف في التمسك بالشرط المانع، فما دامت الضرورة قد قضت على المستأجر ببيع المصنع أو المتجر، وما دام المؤجر لا يلحقه ضرر محقق من التنازل عن الإيجار للمشتري فليست له إذن مصلحة جدية في التمسك بالشرط المانع، ومادام المشتري يقدم للمؤجر ضمانًا كافيًا للوفاء بحقوقه الناشئة من عقد الإيجار، فإن تمسك المؤجر بالرغم من كل ذلك بالشرط المانع يعتبر تعسفًا لا يجيزه القانون . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعنى : «وضح المشروع الغرض الذي عرض له التقنين الحالي ( القديم ) بشأن العقار الذي أنشئ به مصنع أو متجر وكان إيجاره مقترنًا بالشرط المانع، ثم اقتضت الظروف أن يبيع المستأجر المصنع أو المتجر، فإنه يجوز بالرغم من وجود الشرط المانع أن يبقى الإيجار للمشتري إذا قدم ضمانًا كافيًا ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق، وإلا كان في امتناع المؤجر عن الموافقة في بقاء الإيجار للمشتري في هذه الظروف تعسف لا مبرر له.
وكان من مقتضى مبدأ عدم التوسع في تفسير الشرط المانع أنه إذا اقتصر هذا الشرط على المنع من الإيجار من الباطن لم يقتض ذلك المنع من التنازل عن الإيجار، وبالعكس إذا اقتصر الشرط على المنع من التنازل عن الإيجار لم يقتض ذلك المنع من الإيجار من الباطن . وهذا هو الرأي الراجح في فرنسا قضاءً وفقهاً، لأنه لا يوجد في التقنين المدني الفرنسي نص يضاهي نص التقنين المدني المصري السالف الذكر، بل يوجد بالعكس نص يقتضي بأن الشرط المانع يجب تنفيذه بدقة ( م1117 مدني فرنسي ) كما رأينا، ومن أحد تفسيراته أنه لا يجوز التوسع في تطبيق الشرط المانع.
ولكن نص الفقرة الأولى من المادة 594 من التقنين المدني المصري صريح، كما رأينا، في أن منع المستأجر من كان يؤجر من الباطن يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار، وكذلك العكس، فهذه حالة فسرنا فيها الشرط المانع بتوسع، إذ جعلناه وهو لا يعرض إلا لأحد العملين – الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار – يمتد إلى العمل الآخر، والسبب في ذلك أن المتعاقدين لا يدركان عادة ما بين الإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار من الفروق الدقيقة، فإذا وجد شرط يمنع من أحد العملين فالمفروض أن المتعاقدين قصدًا أن يمنع الشرط من العملين معًا، ويترتب على ذلك أنه لا يوجد ما يمنع من أن يتفق المتعاقدان صراحة على المنع من أحد العملين دون الآخر، فيسري ما اتفقا عليه، ويمنع المستأجر من التنازل عن الإيجار دون أن يمنع من الإيجار من الباطن، أو يمنع من الإيجار من الباطن دون أن يمنع من التنازل عن الإيجار، أما مجال تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 594 مدني فيكون في حالة ما إذا اقتصر الشرط على المنع من أحد العملين دون أن يتعرض للعمل الآخر، وهذا ما تقرره المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي صراحة إذ تقول : «فإذا وجد الشرط المانع من لتنازل، فإنه يقتضي المنع من الإيجار من الباطن، وكذلك العكس، وليس هناك ما يمنع من ظهور نية صريحة في المنع من أحد الشيئين دون الآخر. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس، الصفحة/ 902)
والمقصود بالنص أن يؤجر عقار وأن ينشأ به مصنعاً أو متجراً جدك والجدك المعد للتجارة أو الصناعة لفظ فارسی معناه الرفوف المركبة في الحانوت، وجاء بمرشد الحيران أن الكدك بالكاف يطلق على الأعيان المملوكة للمستأجر المتصلة بالحانوت على وجه القرار البناء أو ليس على وجه القرار كالآلات الصناعية المركبة به.
ويجب لإعمال النص توافر الشروط الآتية:
1- أن يكون هناك متجر، ويكون مالكه مستأجر للعقار وممنوعاً من الإيجار من الباطن أو التنازل عنه سواء كان هو الذي أنشأه أو مالك العقار أو مالك سابق باعه له. وأن يتوافر الشرط وقت البيع لا بعده.
2- أن تكون هناك ضرورة تضطر مالكه لبيعه كتقدم العمر به أو قعوده عن العمل أو موته وعدم دراية الورثة بإدارته أو كان معه شريك واحتدم بينهما الخلاف أو كسدت تجارته أو أفلس للسنديك بيعه لسداد الديون، ويقدر قاضي الموضوع ما إذا كان هناك مبرر يسوغ التنازل.
3- ويجب على المشتري أن يقدم للمؤجر ضماناً كافياً كرهن أو كفالة أو تأمین يعادل أجر شهرين مثلاً، فإن كان مليئاً فلا حاجة به ليقدم ضماناً ويفصل قاضي الموضوع في ذلك إذا أثاره المؤجر.
4 - ويجب أخيراً ألا يترتب على التنازل ضرر محقق للمؤجر كما لو كان التنازل الشخص سيء السمعة ويقع عبء هذا الإثبات على المؤجر .
ومتى توافرت هذه الشروط، جاز للمستأجر بيع المتجر أو المصنع رغم وجود الشرط المانع من التنازل عن الإيجار أو من الإيجار من الباطن، ولا يعتبر قانون إيجار الأماكن معطلاً لنص المادة 594 مدني ومن ثم يسري حكمها رغم وجود الشرط المانع، ويراعى أن إشراك المستأجر شخصاً آخر معه في متجره الذي أقامه في العين المؤجرة لا يعتبر تأجيراً من الباطن بشرط أن تكون الشركة حقيقة لم يقصد بها ستر إحلال الشريك المزعوم محل المستأجر الأصلي إذ أن الانتفاع بالعين المؤجرة لتجارة أو صناعة معروف سلفاً أنه قد يقتضى هذه المشاركة فيعتبر المستأجر أنه اشترط ضمناً نشوء حقه في الإجارة لمن قد يختاره شريكاً له، أما إذا ثبت للمحكمة من التحقيق الذي تجريه صورية الشركة فعليها أن تقضي بالإخلاء لتوفر الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار، ويستوي أن تكون الشركة قد اتخذت الشكل المقرر في القانون أو كانت من شركات الواقع، وينتقل المتجر للورثة بوفاة المستأجر. ويجوز لهم إدخال آخرین شرکاء معهم أو بيع المتجر.
الحرفي و التاجر:
إذا جمع صاحب المحل بين كونه حرفياً وكونه تاجراً، فإنه لترجيح أي الصفتين يتعين النظر إلى النشاط الرئيس والغالب، فإن كان هو الحرفة تعين اعتبار المستأجر حرفياً، أما إن كان التجارة تعين اعتباره تاجراً، مثال ذلك الحلاق عندما يباشر في محله تجارة الروائح والأصباغ وغير ذلك مما يرتبط بحرفته أو لا يرتبط بها كما لو باع مشروبات مثلجة، وحينئذ تعتبر الحرفة هي الغالبة وتكون النشاط الرئيسي فيكون المستأجر حرفياً، ومثل ذلك الترزي فتكون حرفته هی الغالبة على نشاطه في تجارة الأقمشة التي يحيكها بعد بيعها لعملائه، وأيضاً الساعاتي، متى كان نشاطه في إصلاح الساعات هو الغالب، أما إذا كان هذا النشاط ليس هو الغالب وأن تجارة الساعات هي الغالبة، كان تاجراً، وهذا الترجيح من مسائل الواقع التي يستقل قاضى الموضوع بتقديرها دون رقابة عليه من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.
فإن لم تتوافر العناصر اللازمة لاعتبار عمل الحرفي تجارياً، فإن المكان المؤجر له لا يعتبر جدكاً إلا إذا كان لديه عمالاً وحينئذ فإنه يضارب على عملهم أو آلات يضارب على إنتاجها، ويصبح المكان المؤجر بهذه المضاربة جداً. کصاحب الجراج الذي لديه عمال، يصبح صاحب جدك بالمضاربة على عماله، فإن لم يوجد لديه عمال، انتفت مقومات الجدك وكان بيعه للجراج تنازلاً عن الإيجار، يجيز للمالك طلب الإخلاء، أما إن كان المالك هو الذي يدير ويستغل الجراج جاز له تأجيره على نحو ما تقدم ولو لم يوجد به عمال.
ومتى قام المستأجر ببيع الجدك وتوافرت لديه الشروط اللازمة لذلك، جاز للمشترى إلزام المالك بتحرير عقد إيجار له عن المكان، ويقوم الحكم الذي يصدر مقام العقد المكتوب، ذلك لأن بيع المتجر أو المصنع ليس إلا تنازلاً عن الإيجار لم يعتد فيه المشرع بموافقة المؤجر متى توافرت تلك الشروط، وقد ساوى المشرع بين التنازل بتلك الموافقة وبين بيع المتجر أو المصنع فأبقى على الإيجار وليس معنى الإبقاء على العقد الأصلي حرمان المشتري من الحصول على عقد باسمه، إنما تبقى ذات أحكام العقد الأصلي وتنتقل الحقوق والالتزامات المترتبة عليه وفقاً الأحكام الحوالة.
تأجير المتجر أو المصنع:
وتنحصر المادة 594 من القانون المدني على بيع المتجر أو المصنع دون تأجيره، بحيث إذا قام المستأجر الذي أنشأ الجدك بتأجير المكان من الباطن بدون إذن من المؤجر، كان للأخير أن يطلب إخلاء العين وفسخ الإيجار، إذ يخضع الإيجار في هذه الحالة لقانون إيجار الأماكن الذي يتطلب هذا الإذن.
مبادئ شروط بيع المتجر أو المصنع:
(أ) أن تتوافر للعين المؤجرة صفة المتجر أو المصنع وقت البيع:
(ب) أن يكون البيع بقصد ممارسة ذات النشاط :
(ج) توافر الضرورة الملحة للبيع:
(د) أن يكون البائع مستأجراً أصلياً ومالكاً للجدك :
(هـ) ألا يكون عقد البيع قابلاً للفسخ أو الإبطال :
سواء شاب عقد بائع الجدك عيب يؤدي إلى فسخه أو إبطاله، فإن هذا العيب يظل عالقاً بالعقد حتى بعد انتقاله بالتنازل عنه المشتري الجدك ويترتب على ذلك أنه إذا قضى بالفسخ أو البطلان انحل العقد، مما مفاده أن البائع عندما تصرف بالبيع ما كان له حق في ذلك، ومن ثم لا ينفذ التصرف الصادر بيع الجدك في حق المؤجر الذي يكون له طلب الإخلاء لانتفاء الشروط اللازمة لبيع الجدك.
(و) تقديم ضمان كاف للمؤجر:
أماكن لا تسري عليها أحكام الجدك :
عيادات الأطباء: لا تخضع العيادات والمستشفيات الخاصة للأحكام المتعلقة ببيع الجدك وقد استقرت أحكام النقض على ذلك على التفصيل التالي، إلا أن المشرع تدخل بموجب القانون رقم 51 لسنة 1981 في شأن المهن الطبية فأجاز التنازل عن الأماكن المؤجرة لهذه الأغراض دون حاجة لموافقة المالك ودون اشتراط توافر الشروط اللازمة في حالة الجدك.
التنازل عن المنشأة الطبية دون موافقة المؤجر:
النص في المادة السادسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 بشأن المنشآت الطبية على أنه يجوز لمن يستأجر عيادة خاصة أن يؤجر جزء منها الطبيب أو أكثر للعمل معه في نفس المقر بترخيص مستقل لكل منهم و بموجب عقد تودع نسخة منه النقابة الفرعية المختصة وفي هذه الحالة يكون المستأجر ملزماً بدفع زيادة قدرها 70% من القيمة الإيجارية للمالك، فأصبح المستأجر العيادة الخاصة حق التأجير من الباطن دون موافقة المؤجر، ومقتضى ذلك زوال القيد الوارد في قانون إيجار الأماكن والميزة المقررة بمقتضى الاتفاق بعد أن أصبحت مفروضة بموجب القانون الذي ارتأى في محرد فرضها لذاتها ما يحقق التوازن بين طرفي التعاقد ويكون حق المؤجر في اقتضاء العلاوة المقررة بنص قانون المنشآت الطبية سالف البيان بقيام التأجير من الباطن وينتهي بانتهائه وإلا كان تقاضيه للمقابل الإضافي سواء تم التأجير من الباطن أم لم يتم على خلاف ما يقضى به القانون تالياً على أحكام الأجرة القانونية المتعلقة بالنظام العام، وذلك ما لم يتنازل المؤجر عن النسبة الواردة به باتفاق آخر.
المحال المؤجرة للحرفيين ما لم يكن هناك مضاربه على عمل العمال أو الآلات: (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة/ 324 )
تنص المادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1996 على أن تطبق أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها أو التي انتبهت عقود إيجارها سواء أجرت خالية أو مفروشة، أو استغلها المالك أو تصرف فيها، مما مفاده أن يكون للمالك الحق في استغلال المكان الذي لم يسبق تأجيره أو الذي انتهى عقد إيجاره، في النشاط الذي يراه مناسباً، ومن ثم يكون له إعداده لأى من أغراض الاستثمار، فقد يزوده بما يتطلب لاعتباره جداكاً أو جراجاً أو مشغولاً أو غير ذلك، ولا يلزم في هذه الحالة أن يكون هذا الإعداد کاملاً فقد ينقص المكان بعض الأدوات اللازمة للغرض المعد له المكان، ومع ذلك يظل المكان خاضعاً لأحكام القانون المدني، سواء باعتباره جدكاً أو خالياً اعتباراً بأن المؤجر له هو المالك، فإن كان التصرف الوارد على الجدك صادراً من المستأجر الذي أنشأ الجدك، فإن الجدك في هذه الحالة لا يتحقق إلا بتوافر الشروط التي تطلبها القانون لنفاذ التصرف في حق المالك وفقاً للمادة (594) من القانون المدني بحيث إذا تخلفت اعتبر التصرف تنازلاً عن الإيجار وجاز للمالك أن يطلب فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين.
ومتى توافرت الشروط التي تجيز للمستأجر بيع المنجز أو المصنع، فإن تصرفه يخضع للقيود التي تضمنتها المادة (20) من قانون إيجار الأماكن رقم 136 لسنة 1981 ومن ثم يلتزم بإعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوماً منه 50% من الثمن خزانة المحكمة خلال شهر من تاريخ الإعلان، فإن لم يرغب في الشراء استحق 50% منه، فإن تم البيع دون هذا الإعلان كان البيع باطلاً وعاد أطرافه إلى ما كانوا عليه دون أن يمتد ذلك إلى عقد الإيجار فيظل صحيحاً ونافذاً، ولا تتعارض هذه الأحكام مع القانون رقم 4 لسنة 1996 الذي أطلق حق الاستغلال للمالك دون المستأجر.
ونتناول فيما يلي أحكام الجدك الخاضع للمادة (594) من القانون المدني وهو الذي ينشئه المستأجر في العين التي أجرت له خالية، وتلك الأحكام لم يمسها القانون رقم 4 لسنة 1996 الذي انصرفت أحكامه إلى مالك المكان وأطلق له الحق في استغلاله وأخرج هذا الحق عن نطاق قانون إيجار الأماكن على نحو ما تقدم بحيث لم يعد المستأجر الجدك من المالك الادعاء بعدم توافر المنقولات الموجودة بالمكان وعدم كفايتها للغرض المؤجر من أجله سعياً إلى إخضاعه لقانون إيجار الأماكن، إذ أجاز القانون للمالك أن يؤجر المكان بالأجرة التي يحددها هو سواء أجر المكان خالياً أو معداً للاستغلال في نشاط معين، فقد أرجع القانون هذا الإيجار السلطان الإرادة المطلق.
وإذ تنص المادة 594 من القانون المدني على أن منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس .
ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق.
والمقصود بالنص أن يؤجر عفار وأن ينشأ به مصنعاً أو متجراً (جدك) والجدك المعد للتجارة أو الصناعة لفظ فارسی معناه الرفوف المركبة في الحانوت، وجاء بمرشد الحيران أن الكدك (بالكاف) يطلق على الأعيان المملوكة للمستأجر المتصلة بالحانوت على وجه القرار البناء أو ليس على وجه القرار كالآلات الصناعية المركبة به.
ويجب لإعمال النص توافر الشروط الآتية :
1- أن يكون هناك متجر على نحو ما سلف ويكون مالكه مستأجراً للعقار وممنوعاً من الإيجار من الباطن أو التنازل عنه سواء كان هو الذي أنشأه أو مالك العقار أو مالك سابق باعه له. وأن يتوافر الشرط وقت البيع لا بعده.
2 - أن تكون هناك ضرورة تضطر مالكه لبيعه كتقدم العمر به أو قعوده عن العمل أو موته وعدم دراية الورثة بادارته أو كان معه شريك واحتدم بينهما الخلف أو كسدت تجارته أو أفلس فللسنديك بيعه لسداد الديون، ويقدر قاضي الموضوع ما إذا كان هناك مبرر يسوغ المنازل.
3- ويجب على المشتري أن يقدم للمؤجر ضماناً كافياً كرهن أو كفالة أو تأمين يعادل أجر شهرين مثلاً، فإن كان مليئاً فلا حاجة به ليقدم ضماناً ويفصل قاضي الموضوع في ذلك إذا أثاره المؤجر.
4 - ويجب أخيراً ألا يترتب على التنازل ضرر محقق للمؤجر كما لو كان التنازل لشخص سيئ السمعة ويقع عبء هذا الإثبات على المؤجر.
ومتى توافرت هذه الشروط، جاز للمستأجر بيع المتجر أو الصنع رغم وجود الشرط المانع من التنازل عن الإيجار أو من الإيجار من الباطن، ولا يعتبر قانون إيجار الأماكن معطلاً لنص المادة 594 مدني ومن ثم يسري حكمها رغم وجود الشرط المانع، ويراعى أن إشراك المستأجر شخصاً آخر معه في متجره الذي أقامه في العين المؤجرة لا يعتبر تأجيراً من الباطن بشرط أن تكون الشركة حقيقة لم يقصد بها ستر إحلال الشريك المزعوم محل المستأجر الأصلي إذ أن الانتفاع بالعين المؤجرة لتجارة أو صناعة معروف سلفاً أنه قد يقتضي هذه المشاركة فيعتبر المستأجر أنه اشتراط ضمناً نشوء حقه في الإجارة لمن قد يختاره شریكاً له، أما إذا ثبت للمحكمة من التحقيق الذي تجريه صورية الشركة فعليها أن تقضى بالإخلاء لتوفر الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار، ويستوى أن تكون الشركة قد اتخذت الشكل المقرر في القانون أو كانت من شركات الواقع، وينتقل المتجر للورثة بوفاة المستأجر، ويجوز لهم إدخال آخرین شرکاء معهم أو بيع المتجر.
الآثار المترتبة على توافر أو تخلف شروط الجدك :
متى توافرت شروط الجدك على نحو ما تقدم، ترتبت الآثار القانونية متمثلة في نفاذ بيع الجدك في حق المؤجر بحلول مشتري الجدك محل المستأجر الأصلي في حقوقه والتزاماته التي يرتبها عقد الإيجار، وأحقية المؤجر في اقتضاء 50% من ثمن البيع إن لم يرغب في إسترداد العين، باعتبار أن النص الذي نضمن حق المؤجر في نصف الثمن، نصاً خاصاً، ومن ثم يسري على الجدك سواء كان عقد الإيجار خاضعاً لقانون إيجار الأماكن أو للقانون المدني بموجب القانون رقم 4 لسنة 1996، ذلك أن النص الخاص يقيد النص العام، ولما كان القانون المدني لم يقرر للمؤجر أن يقتضي شيئاً من ثمن بيع الجدك عندما تكون العين المؤجرة خاضعة لأحكامه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 594 منه، إلا أن هذا نص عام، ورد في شأنه نص خاص في قانون إيجار الأماكن أوجب على مستأجر العين الذي أنشأ بها جدكاً أن يدفع 50% من ثمن بيع الجدك، وبالتالي فإن هذا النص يقيد نص الفقرة الثانية سالفة البيان، ويكون للمؤجر أن يتقاضى هذه النسبة من مشتري الجدك حتى لو كان عقد الإيجار خاضعاً للقانون المدني، وسواء تم البيع اختياراً أو جبراً بطريق التنفيذ الجبري على المحل من دائني مستأجره، وفي الحالة الأخيرة يلتزم الراسي عليه المزاد بأن يدفع للمؤجر نصف الثمن الذي رسى به المزاد، و يدفع النصف الآخر الدائن مباشر الإجراءات مالم يرغب المؤجر في استرداد العين بدفع نصف الثمن للدائن.
أما إذا إنتفت شروط الجدك، وكان عقد الإيجار خاضعاً لقانون إيجار الأماكن وذلك بإبرامه قبل القانون رقم 4 لسنة 1996، ولم يتضمن إذناً بالتنازل عن الإيجار، جاز للمؤجر طلب الإخلاء، وكذلك الحكم إذا كان العقد خاضع للقانون المدني بإبرامه بعد القانون الأخير وكان محظوراً فيه على المستأجر أن يتنازل عن الإيجار، أما أن لم يتضمن هذا الحظر، كان التنازل صحيحاً نافذاً في حق المؤجر عملاً بالمادة 593 من القانون المدني.
مؤدي نص المادة 624 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 أنه لا يترتب على إفلاس مستأجر المتجر إنهاء عقد الإيجار أو حلول الأجرة عن المدة المتبقية، وكل شرط يخالف ذلك يعتبر كأن لم يكن ويلتزم أمين التفليسة بدفع الأجرة المتأخرة وأن يقدم ضماناً كافياً وإلا جاز للمؤجر أن يطلب من قاضى التفليسة إنهاء الإجارة، ولأمين التفليسة بعد الحصول على إذن من قاضي التفليسة تأجير المتجر من الباطن أو التنازل عن الإيجار ولو كان المفلس ممنوعاً من ذلك بمقتضى عقد الإيجار بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر للمؤجر.
وكانت القواعد القانونية قبل العمل بهذا القانون تجيز للمؤجر طلب فسخ عقد الإيجار تطبيقاً للقواعد العامة أو استناداً لشروط العقد ما لم يكن للمفلس حق التأجير من الباطن أو التنازل عن الايجار وحينئذ لا يجوز للمؤجر طلب الفسخ. وجاء قانون التجارة الجديد مبقياً على عقد إيجار المتجر رغم افلام المستأجر، وأجاز لأمين التفليسة الاستمرار في التجارة أو تأجير المتجر من الباطن أو بيع حق الإيجار بالتنازل عن الإيجار ولو تضمن عقد الايجار شرطاً يحظر ذلك، إذ يعتبر هذا الشرط كأن لم يكن، وبالتالي يمتنع على المؤجر طلب الفسخ حتى لو تضمن عقد الإيجار هذا الشرط .
مبادئ شروط بيع المتجر أو المصنع :
أ- أن تتوافر للعين المؤجرة صفة المتجر أو المصنع وقت البيع .
ب - أن يكون البيع بقصد ممارسة ذات النشاط :
ج- توافر الضرورة الملجئة للبيع :
د - أن يكون البائع مستأجراً أصلياً ومالكاً للجدك :
هـــ - ألا يكون عقد البيع قابلاً للفسخ أو الإبطال :
سواء شاب عقد بائع الجدك عيب يؤدي إلى فسخه أو إبطاله، فإن هذا العيب يظل عالقاً بالعقد حتى بعد انتقاله بالتنازل عنه لمشتري الجدك ويترتب على ذلك أنه إذا قضى بالفسخ أو البطلان انحل العقد، مما مفاده أن البائع عندما تصرف بالبيع ما كان له حق في ذلك، ومن ثم لا ينفذ التصرف الصادر ببيع الجدك في حق المؤجر الذي يكون له طلب الإخلاء لانتفاء الشروط اللازمة لبيع الجدك.
و - تقديم ضمان كاف للمؤجر:(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 137)
أن القاعدة العامة أي الأصل العام أن للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن، فالشرط الذي يحرمه من ذلك شرط يرد على خلاف القاعدة العامة أو الأصل، ومن ثم يجب تفسيره تفسيراً ضيقاً فإذا وجد هناك شك لزم تفسيره في معنى الإباحة.
غير أن المشرع خرج على هذه القاعدة العامة باستثناء نص عليه في المادة (594).
فهذا النص يضع قرينة قانونية مقتضاها أن المتعاقدين اللذين اتفقا على منع المستأجر من التأجير من الباطن، قد قصدا كذلك منعه من النزول عن الإيجار، وكذلك العكس، ولكن هذه القرينة بسيطة يجوز هدمها بإثبات العكس أي بإقامة الدليل على أن إرادة المتعاقدين قد اتجهت إلى حظر التأجير من الباطن دون النزول عن الإيجار أو إلى حظر النزول عن الإيجار وإباحة التأجير من الباطن، فإذا ثبت ذلك وجب العمل بما اتجهت إليه الإرادة وطرح ما تقضى به القرينة.
والمشرع هنا لا يفعل أكثر من تفسير إرادة المتعاقدين، ولذلك لا يوجد ثمة ما يمنع من أن يتفق على أن الحظر يشمل تصرف دون آخر، ولكن يجب أن يكون الرضاء بذلك قاطعاً. وفي مثل هذه الحالة لا يرد الحظر إلا بالنسبة إلى التصرف المنصوص على منع إجرائه دون التصرف الآخر.
الحكم في قانون إيجار الأماكن أن الترخيص للمستأجر بالتأجير من الباطن لا يخوله التنازل عن الإيجار:
أن الأصل في هذا القانون هو منع المستأجر الأصلى من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار فإذا ما قصر المالك الإذن على التأجير من الباطن تعين الالتزام بحدود هذا الإذن دون توسع فيه أو قياس على الحالة المأذون بها فيظل المنع الوارد بالنص ساريا بالنسبة لغير ما أذن به، ولا يجوز للمستأجر عندئذ أن يتنازل عن الإيجار للغير .
النزول عن الإيجار في حالة بيع الجدك :
استثناء حالة النزول عن الإيجار عند بيع الجدك من حكم الشرط المانع من التنازل عن الإيجار والإيجار من الباطن:
تقضي القاعدة العامة الواردة في المادة 593 مدني بأن الأصل حق المستأجر في التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وذلك عن كل ما استأجره أو بعضه إلا إذا اتفق بين الطرفين على خلاف ذلك، إلا أن المادة 594 / 2 / أوردت استثناء على هذا الأصل فنصت على أنه: "مع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق".
ومفاد هذا الاستثناء أنه إذا أن المكان المؤجر قد أقيم به مصنع أو متجر وتم بيعه بالشروط الواردة بالنص فإنه يجوز للمحكمة أن تعتبر النزول عن الإيجار أو الإيجار من الباطن نافذاً في حق المؤجر بالرغم من وجود الشرط المانع أي وجود اتفاق يحظر على المستأجر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن.
وقد حدا بالمشرع إلى تقرير هذا الاستثناء حرصه على استيفاء الرواج التجاري متمثلاً في عدم توقف الاستثمار الصناعي والتجاري في حالة اضطرار صاحبه إلى التوقف عنه وذلك لتشجيع الاستمرار في هذا الضرب من الاستثمار عينا بغض النظر عن شخص مالكه تغليباً للصالح العام على المصلحة الخاصة للمؤجر ذاته.
ويشترط لإعمال الاستثناء المنصوص عليه في المادة 594 / 2 مدني بإبقاء الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار في حالة البيع الاضطراري للمصنع أو المتجر توافر الشروط الآتية:
-1 أن يكون قد أنشيء في العين المؤجرة مصنع أو متجر.
2- أن توجد ضرورة ملجئة لبيع المستأجر المصنع أو المتجر.
3- ألا يلحق المؤجر نتيجة الإبقاء على الإيجار ضرر محقق.
4- أن يقدم المشتري للمصنع أو المتجر ضماناً كافياً للوفاء بالتزامات المستأجر الذي سيخلفه بالعين المؤجرة.
أحكام بيع الجدك لا تسري على الأماكن المؤجرة لمباشرة المهن الحرة أو الحرف:
المقرر أن استمرار ذات النشاط التجاري أو الصناعي للمتجر أو المصنع هو الدافع على إجازة بيع الجدك، بينما استمرار مزاولة المهنة الحرة أو الحرفة لا يتأتى إلا بمباشرتها من ذات المستأجر الأصلي صاحب هذه المهنة، وبعبارة أخرى مزاولة المهنة الحرة أو الحرفة من جانب شخص آخر بخلاف المستأجر الأصلي لا يعد استمراراً لمزاولته هو لمهنته أو لحرفته، ولو كانت المهنة أو الحرفة واحدة. فالاعتبارات الشخصية والثقة هي الصفة في هذا الصدد وذلك على خلاف المتجر أو المصنع. وبالبناء على ذلك لا تسري أحكام بيع الجدك على عيادات الأطباء أو مكاتب المحامين أو المحاسبين أو السماسرة، وعلى محلات الحياكة فإذا تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه للغير المباشرة مهنة أو حرفة دون إذن صريح من المؤجر كان ذلك نزولاً عن الإيجار يبرر فسخ العقد وإخلاء المستأجر.
بعض الأمثلة الواردة بقضاء النقض:
1- عيادات الأطباء:
2 - عيادات أطباء الأسنان :
3- محال قص الشعر :
4- حال حياكة الملابس :
5- محال رسم وطباعة الأقمشة :
6- محال التصوير:
7 – محال الكواء :
عدم سريان أحكام بيع الجدك على المخازن إلا إذا كانت ملحقة بالمصنع أو المتجر:
عدم سريان أحكام بيع الجدك على المدارس الخاصة :
أماكن تسري عليها أحكام بيع الجدك :
1- المؤسسات العلاجية الخاصة
2-الصيدليات
3-المكتبات
يسرى حكم بيع الجدك على المؤسسات العلاجية الخاصة، كالمستشفيات ودور النقاهة، ذلك أن هذه المؤسسات لا تقتصر على توفير العناية الطبية للمرضى، وإنما تتولى إيواءهم وتقديم الطعام والدواء لهم، ومن ثم فهي تضارب علی الطعام والأدوية التي تقدم للمرضى وعلى الآلات والمعدات التي تستخدم في علاجهم وكذلك على عمل الأطباء والممرضين والمستخدمين، والمضاربة في الأشياء المذكورة تفوق الجانب الطبي للمؤسسة الذي يتمثل في الرعاية الطبية للمرضى ومن ثم فهي تقوم بعمل تجاری.
أما إذا كانت المؤسسات العلاجية الخاصة من المؤسسات الخيرية التي تقوم على أداء خدمات إنسانية دون أن تهدف إلى تحقيق الربح فإنها تكون بمنأى عن المضاربة ولا تقوم بعمل تجاري ولا تخضع بالتالي لحكم بيع الجدك.
- الصيدليات
- المكتبات
ويجب أن يكون المتجر مملوكاً لمستأجر العين :
يجب أن يكون المتجر مملوكاً لمستأجر العين ومقاماً على عقار مملوك لشخص آخر، ويكون مالك المتجر مستأجراً لهذا العقار. أما إذا كان التاجر مالكاً للعقار الذي يزاول فيه التجارة فلا يكون هذا العقار عنصراً في متجره.
وليس من الضروري أن يكون مالك المتجر هو الذي أنشأه بنفسه :
ضرورة توافر الصفة التجارية لنشاط التاجر وقت البيع:
العبرة في ثبوت الصفة التجارية النشاط التاجر بحقيقة الواقع:
وجوب أن يكون شراء المتجر بقصد ممارسة ذات النشاط :
ويجوز لمشترى المتجر إضافة نشاط آخر إلى النشاط الذي كان يزاوله بائع المتجر، فالمحظور هو تغيير النشاط الذي كان يمارسه البائع وليس إضافة نشاط جديد إلى هذا النشاط.
وإذا ثبت أن الغرض من الإيجار ليس المحل في ذاته وإنما هو المنشأة التجارية بما تشتمل عليه من أدوات وآلات فإن هذا الإيجار لا يخضع لقانون إيجار الأماكن.
ومن ثم فلا يكون المستأجر صاحب جدك وإنما يكون مستأجراً له فقط، وعندئذ لايعد نزوله عنه بيعا له طبقاً للمادة 594 / 2 مدني وإنما يكون بمثابة تنازل عن إيجار الجدك أو بمثابة إيجار له من الباطن ويكون التنازل عن إيجار الجدك أو إيجاره من الباطن خاضعاً للقواعد العامة في القانون المدني على الرغم من أنه يشمل فيما يشمله حق الإجارة .
لا يشترط في الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع أن ترقى إلى حد القوة القاهرة.
ويسرى حكم البيع بالجدك على البيوع الجبرية كما يسري على البيوع الاختيارية.
أمثلة من الفقه والقضاء للضرورة التي تجيز بيع المتجر أو المصنع:
1- وفاة المستأجر عن ورثة يعجزون عن إدارة المصنع أو المتجر (أبو الوفاء في التعليق على النصوص الإجرائية ص307.
2- وفاة المستأجر عن وارث لا دراية له بالتجارة، فضلاً عن أنه موظف بشركة من شركات القطاع العام ويمتنع عليه مزاولة التجارة.
(نقض طعن 107 لسنة 50 ق 3 يناير 1981).
3- أن يكون المستأجر بلغ من السن عتيا وقد وهن العظم منه ولم يرزق بأولاد تعاونه في نشاطه التجاري فلا يقوى على إدارة المصنع الذي باعه، مع وجود أتون فرن به تنساب منه تيارات الهواء الساخن فتؤذي صحته مع ما انتابه من مرض. (استئناف القاهرة - 1105 لسنة 88 ق – 16 / 4 / 1972) .
4- وجود ضائقة مالية لدى المستأجر، جعلته على شفا الإفلاس دون أن يشهر إفلاسه بالفعل.
(القاهرة الابتدائية 2099 / 1951 – 23 يناير 1955).
5- استمرار زوجة المستأجر في إدارة المحل بعد وفاة زوجها إلى أن أخفقت وتوالت الخسارة مما جعل محكمة الأحوال الشخصية تصرح لها ببيع نصيب القصر.
القاهرة الابتدائية 953 / 1954 – 15 / 12 / 1954 )
6- استحكام الخلاف بين الشركاء إذا كان المحل تملكه شركة من شركات التضامن أو التوصية.
۷- تصفية الشركة قبل بيع الجدك، طالما لم تفقد الشركة بالتصفية جميع أموالها ولو كانت قاصرة على المباني.
استئناف القاهرة 5029 لسنة 90 ق – 23 / 11 / 1974 )
والمقصود بالضمان الكافي تقديم المشترى تأمينات أخرى غير حق الامتياز المقرر للمؤجر على المنقولات الموجودة في العين لضمان حقوق المؤجر، والحكمة في ذلك أن من بين المنقولات الموجودة بالعين ما لا يجوز الحجز عليه كالبضائع الموجودة بالمتجر أو المصنوعات التي ينتجها المصنع، لأنها معدة للبيع ولا يستطيع المؤجر حبسها عملاً بالفقرة الثانية من المادة 589 مدني .
وهذا الضمان قد يكون عينياً كرهن رسمي أو حيازي وقد يكون شخصياً ككفالة.
ويتفق على هذا الضمان أو تقدره المحكمة عند حصول المنازعة.
عقد بيع الجدك - في التقنين المدني - لا يتطلب موافقة المؤجر على البيع قبل التعاقد بالرغم من وجود الشرط المانع وعدم تنازل المؤجر عنه صراحة أو ضمناً .
حكم بيع الجدك المنصوص عليه بالمادة 594 / 2 استثنائى، ومن ثم لايجوز التوسع فيه أو القياس عليه .
العقد الأصلي هو الذي يحكم العلاقة بين المالك والمشتري ما لم يبرم الطرفان عقداً جديداً
عدم سريان العقد الأصلى بالنسبة للشرط المانع:
يرد بيع الجدك على مال معنوى أو مجموع من المال يكون الحق في الإجارة أحد عناصره فقط. ويفنى هذا العنصر في العناصر الأخرى في ذلك المال المعنوي أو المجموع من المال، وبذلك يثبت للمشتري المذكور علی الجدك بجميع عناصره وبوصفه جدكاً جميع مزايا الملكية من استعمال واستغلال وتصرف، ولا يسري عليه حظر التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار الوارد بعقد الإيجار، فيجوز للمشتري بيع الجدك والتنازل عن الإيجار، إلا أنه يحظر عليه التنازل عن حق الإجارة على استقلال دون بيع المتجر.
فسخ عقد الإيجار الأصلي للتأجير من الباطن ينهي عقد بيع الجدك : (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع، الصفحة/ 806)
إبقاء الإجارة لمصلحة المشتري في حالة قيام الضرورة الملجئة لبيع المحل التجاري (56 مكرر أول) - رتب المشرع أثراً هاماً على بيع المحل التجاري إذ أجاز في المادة 2/594 من التقنين المدني للمحكمة - إذا اقتضت الضرورة بيع المصنع أو المتجر - أن تقضي بإبقاء الإيجار لمصلحة المشتري بالرغم من وجود الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك، ضرر محقق.
وقد قضت محكمة النقض بأن الحكم الذي قررته المادة المذكورة استثناء من الأصل العام لا يجوز التوسع فيه ومن ثم لا وجه لإعمال هذا الحكم على حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله بطريقة تأجيره من الباطن إلى الغير (56 مكرر ثان ).
وأضافت في حكم آخر أن هذا الاستثناء يشترط لتطبيقه أن يكون المكان المؤجر مستعملاً لممارسة الأعمال ذات الصفة التجارية والتي ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر دون سواها من الأماكن التي لا يمارس فيها هذا النوع من النشاط ويشترط لإسباغ الصفة التجارية على عمل صاحب الحرفة أن يستخدم عمالاً وآلات وأن يضارب على عمل هؤلاء العمال أو إنتاج تلك الألات أما إذا اقتصر الأمر علي مباشرة حرفته بمفرد انتفت صفة المتضاربة ويصبح من الحرفين ولا يعتبر أنه قد أنشأ متجراً بالمكان المؤجر إذ تقوم صلته بعمله في هذه الحالة على ثقتهم في شخصه وخبرته؛ بخلاف المحل التجاري الذي يتردد عليه العملاء لثقتهم فيه كمنشأة مستقلاً عن شخص مالكه فرد ( 56 مكرر ثالث ).
ومن أهم الشروط التي قررها المشرع لأعمال هذا الاستثناء توافر، الضرورة التي تقضي بيع المحل التجاري وهي تلك التي تضع حدا لنوع النشاط الذي كان يزاوله المستأجر في العين المؤجرة ولا يشترط فيها أن ترتقي إلى حد القوة القاهرة التي لا سبيل إلى دفعها أو تلافي في نتائجها دون اعتداد بما إذا كانت الظروف التي أدت إلى هذه المالية خارجة عن إرادة المستأجر أو بسبب منه طالما توافرت الأسباب الاضطرارية ( 56 مكرر رابع )، ولا يعد من قبل الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع أن يستهدف مالك المتجر من بيعه مجرد الكسب ثم يعود في وقت معاصر إلى ممارسة ذات النشاط الذي كان يزاوله بل يتبين قيام ضرورة تضع حدا لهذا النشاط بالذات ويكون بيع المتجر آخر عمل يقوم به في ميدانه ( 56 مكرر خامس) كما لا يعد من قبيل الضرورة الملجئة لبيع المحل التجاري الذي تستأجره الزوجة استدعاء زوج هذه الأخيرة للتجنيد وتفرغها لتربية أولادها بمنزل الزوجية (56 مكرر سادس) .
ومن شروط أعمال هذا الاستثناء أيضاً أن يقدم المشتري تأميناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزاماته كمستأجر سيخلف المستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة، يستوى أن تكون هذه التأمينات شخصية أو عينية، ويتعين في هذا الضمان أن يكون إضافياً لا يدخل في حسابه البضائع الموجودة بالمتجر أو المصنوعات التي ينتجها المصنع لأنها مدة للبيع ولا يستطيع المؤجر حبسها أو استعمال حق امتياز المؤجر عليها (56 مكرر رابع).
على أن أعمال الاستثناء الذي قررته المادة 2/549 مدنی لا يتوقف على علم المؤجر بیع المتجر أو المصنع أو موافقته عليه بل يجوز للمحكمة - رغم عدم موافقة المؤجر عليه – أن تقضي بنفاذه في حقه بإبقاء الإيجار للمشتري إذا ما تحققت من توافر الشروط المقررة في هذا الصدد ( 56 مكرر ثامن) إذ يترتب على توافر شرائط انطباق المادة المذكورة نقل حقوق المستأجر الأصلي للراسي عليه المزاد أو المشترى بما في ذلك عقد الإجارة بحيث يصبح الخير مستأجراً مثله سواء تم البيع جبراً أو اختياراً مما مؤداه أن يعد الراسي عليه المزاد (أو المشتري) خلفاً خاصاً للمستأجر الأصلي ( 56 مکرر تاسع).(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السابع، الصفحة / 210)
الاتفاق على تقييد هذه الرخصة او على المنع منها - يجوز أن يتفق العاقدان على أن لا يكون للمستأجر أن ينزل عن حقه في الإجازة إلى غيره ولا أن يؤجر من الباطن، ويعتبر هذا الاتفاق شرطاً مانعاً، كما يجوز أن يتفقا على تعليق استعمال حق المستأجر في النزول عن الاجارة او التأجير من الباطن على شرط بعينة كترخيص المؤجر بذلك كتابة أو موافقته على شخص المتنازل إليه او المستأجر من الباطن فيكون هذا الاتفاق تارة مانعاً وتارة مقيداً فقط لحق المستأجر في ذلك .
وسواء كان هذا الاتفاق مانعاً أو مقيداً، فلأنه وارد على خلاف الأصل يجب أن يكون واضحاً لا لبس فيه، ولكن ذلك لا يعني أنه يجب أن يكون صريحاً، بل يجوز أن يكون ضمنياً إذا أمكن استخلاصه من الظروف على وجه لا يدع شكاً فيه.
استثناء من مبدأ عدم التوسع في تفسير الشرط المانع - وقد راعى المشرع المصري ما يقع في العمل من خلط بين عبارتي النزول عن الايجار والتأجير من الباطن، فرأى الخروج في شأنهما على مبدأ التزام التفسير الضيق في الاتفاقات التي تحرم على المستأجر استعمال حقه في النزول عن الإيجار أو في التأجير من الباطن أو التي تقيد هذا الحق، فنص في المادة 594 فقرة أولى مدنى ( وتقابلها المادة 367 فقرة أولى مدني قديم) على أن « منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس .
على أنه بالرغم من وجود هذا النص، فإنه إذا اتفق الطرفان صراحة على أن يكون المستأجر حق النزول عن الايجار دون التأجير من الباطن أو العكس، فإن اتفاقهما يكون صحيحاً ويتعين اتباعه دون توسع.
استثناء من أثر الشرط المانع في حالة بيع المحل التجاري ( الجدك ) - كانت المادة 367/ 450 فقرة ثانية من التقنين الملغي تنص على أنه « إذا كان موجوداً بالمكان المؤجر جدك جعله المستأجر معداً للتجارة أو الصناعة ودعت ضرورة الأحوال إلى بيع الجدك المذكور جاز للمحكمة مع وجود المنع من التأجير إبقاء الإيجار لمشتري الجدك بعد النظر في التأمينات التي يقدمها ذلك المشتري ما لم يحصل للمالك من إبقائه ضرر حقیقی ».
وكان المقصود بالجدك في هذا النص المنشآت التي يقيمها المؤجر في العين المؤجرة أو المعدات التي يضعها فيها لمباشرة تجارة أو صناعة معينة سواء كان ذلك بناء أو آلات صناعية أو رفوفا أو غير ذلك مما تقتضيه مباشرة تلك التجارة أو الصناعة، وبعبارة أخرى كان المقصود بالجدك جميع مقومات ذلك المال المعنوي الذي يسمى المحل التجاري fonds de commerce.
وكان الغرض من النص أنه إذا تضمنت الاجارة شرطاً مانعاً المستأجر من التأجير من الباطن وكان المستأجر قد أقام في العين المؤجرة محلاً تجارياً ثم اضطر إلى بيع هذا المحل التجاري اضطراراً، جاز للمحكمة أن ترفع عنه الحظر المفروض عليه بالشرط المانع کی يتيسر له وجود مشتر لهذا المحل التجاري لأن المشتري لا يقبل في مثل هذه الحالة على الشراء إلا إذا أعطى منفعة العين المؤجرة التي أنشيء فيها المحل التجاري مدة معينة.
وقد احتفظ التقنين الحالي بهذا النص في المادة 594 فقرة ثانية منه بعد أن استبدل فيه لفظي مصنع أو متجر بلفظ الجدك وبعد أن أدخل عليه تعديلات لفظية، فنص على أنه «۰۰۰ اذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق».
ومعنى ذلك أن المشرع استثنى من أثر الشرط المانع من التأجير من الباطن أو من النزول عن الإيجار حالة البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع المنشأ في العين المؤجرة، فخول للمحكمة في هذه الحالة أن تعتبر النزول عن الإيجار نافذاً في حق المؤجر بالرغم من وجود الشرط المانع، وحكمة هذا الاستثناء رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد بتسهيل بيع الجدك عندما يضطر صاحبه إلى بيعه وتمكين مشتريه من الاستمرار في استغلاله.
ومقتضى تخويل المحكمة هذه السلطة أن النزول عن الإيجار في هذه الصورة لا يكون نافذاً بذاته بمجرد تصول بيع الجدك وأنما لابد في ذلك من صدور حكم المحكمة به.
ويرى البعض أن دور المحكمة في هذه الحالة يقتصر على التحقق من توافر شروط المادة 594 / 2 مدني وترتب أثرها عليها، فمتى ثبت لها ذلك، قضت بثبوت النزول عن الإيجار ونفاذه في حق المؤجر، ويكون حكمها بذلك مقرراً وليس منشئاً.
ولكننا نرى أن النص لا يسمح بذلك، حيث ورد بعبارة الإجازة للمحكمة وليس بصيغة الوجوب والإلزام، ولأن قرار المحكمة في هذا الشأن يقوم مقام موافقة المؤجر على رفع الحظر المفروض على المستأجر.
ولأن هذا الاستثناء تقرر كما قالت محكمة النقض لاعتبارات تتصل بمصلحة عامة هي رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد، فإنه يتعلق بالنظام العام ولا يجوز الاتفاق في عقد الإيجار سلفا على إسقاط حق المستأجر في التمسك به، فيقع مثل هذا الاتفاق باطلاً ولا يمنع المستأجر من بيع الجدك مع الحق في الاجارة، ولا يمنع المحكمة من اعمال القانون بإبقاء الإجارة لمشتري الجدك.
ولأن القانون رقم 121 لسنة 1947 قد قلب القاعدة الأصلية فيما يتعلق بجواز النزول عن الايجار والتأجير من الباطن، إذ جعل الأصل حظر التأجير من الباطن والنزول عن الإيجار، والاستثناء ثبوت الحق فيهما، على أن يكون ثبوته بموجب ترخيص كتابي يصدر من المالك وقت التأجير من الباطن، وجعل جزاء مخالفة هذا الحظر ثبوت الحق المالك في طلب إخلاء العين استثناء من حكم المادة الثانية فقرة أولى منه ( وتقابلها المادة 23 من القانون 52/ 1969 والمادة 31 من القانون 49/ 1977 والمادة 18 من القانون 136 /1981 ) القاضية بامتداد الإجارات إلى حين صدور تشريع آخر، جاز التساؤل عن أثر هذا التشريع الاستثنائي في حكم المادة 594 فقرة ثانية مدني الذي يخول المحكمة سلطة إبقاء الايجار للمتنازل إليه في حالة بيع الجدك بيعاً اضطرارياً، وبعبارة أخرى جاز التساؤل عما إذا كان بيع الجدك في الحالة المنصوص عليها في المادة 594 المذكورة يستتبع طبقاً للمادة الثانية فقرة ب من القانون رقم 121 لسنة 1947 ( أو للمادة 23 فقرة ب من القانون 52 /1969 أو للمادة 31 ب من القانون 49/ 1977 أو للمادة 18 ج من القانون 136 / 1981 التي حلت محلها ) فسخ الإجارة حتما والحكم بطرد مشتري الجدك أو أنه يجوز معه للمحكمة أن تقضى طبقاً المادة 594 ( أو للمادة 367 فقرة ثانية مدني قديم ) باستمرار الاجارة لمصلحة مشتري الجدك ؟ .
وقد أجابت المحاكم عن ذاك في هذا المعنى الأخير، فقضت المحاكم الابتدائية بأنه إذا حصل التنازل عن عقد الايجار تبعاً لبيع المحل التجاري أو الصناعي، فإن مثل هذا التصرف يظل خاضعاً لتقدير المحكمة رغم شريط الحظر الوارد بعقد الإيجار الأصلي، فلها أن تجيزه متى توافرت فيه الشروط القانونية التي تتطلبها المادة 594 من التقنين المدني، وقضت بأن التنازل عن الإيجار في مثل هذه الأحوال يكون عادة وليد ظروف قاهرة لا يد للمستأجر الأصلي فيها تلجئه إلى بيع متجره أو مصنعه المقام بالعين المؤجرة وإلا انزلق إلى هاوية لخراب المالي وتعرض لشهر إفلاسه، وأن التنازل المذكور يقع تبعاً لهذا البيع تمكيناً للمشتري من الحلول محل البائع في مزاولة نشاطه التجاري والصناعي، وأن حق المحاكم في اجازة مثل هذا التصرف مستند إلى نص قانوني مبناه الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد، ومتى كان الأمر كذلك فإنه مما يتجافي وروح التشريع الاستثنائي الذي يغلب وجهة الرأفة بالمستأجر اطراح تلك القاعدة العامة وعدم وضعها موضع الاعتبار والتقدير .
وقضت بذلك أيضاً محكمة النقض في 6 مارس 1952 حيث قررت أن أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 لا تفيد صراحة أو ضمناً إلغاء الرخصة المخولة للمحكمة بمقتضى المادة 367/ 450 مدني قديم ( = 594 مدنی جدید ) والتي تجيز لها بالقيود الواردة فيها إبقاء الايجار المشتري المتجر أو المصنع رغم وجود شرط صريح في عقد الإيجار يحرم التأجير من الباطن أو التنازل عنه للغير، ولأن هذا القانون هو تشريع استثنائي فلا يجوز التوسع في تفسير نصوصه لتعطيل الرخصة المشار إليها التي خولها القانون المدني للمحكمة خروجاً على اتفاق المتعاقدين الصريح الاعتبارات تتصل بمصلحة عامة وهي رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد، وكانت محكمة الاستئناف المختلطة قد أخذت بذلك أيضاً من قبل.
ومؤدى ذلك أن النزول من الإيجار في حالة بيع الجدك أنما يتم وفقاً المادة 594 من القانون المدني، أي بصدور حكم المحكمة بابقاء الايجار لصالح مشتري الجدك، ودون توافر الشرط الذي تنص عليه المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947( أو المادة 23 من القانون 52/1969 أو المادة 131 من ق 49، 1977 او المادة 18 ج من في 136 / 1981) وهو شرط الحصول على ترخيص كتابي من المالك (114 و 115).
بیان مفهوم المادة 594 / 2 مدني وتحديد الحالة التي ينطبق فيها حكمها – تقدم أن الأصل في القانون المدني جواز النزول عن الإيجار والتأجير من الباطن ( المادة 593 مدنی ) وأن المنع من ذلك لا يكون إلا باتفاق أو بنص في القانون كالنص الوارد في قوانين إيجار الأماكن .
وقد اطرد الفقه والقضاء على أن الشرط المانع شرط وارد على خلاف الأصل فلا يجوز التوسع في تفسيره، وأنما يجب تحديد معناه طبقاً لقواعد التفسير الضيق.
ويجوز للمؤجر باعتباره صاحب مصلحة في الشرط أو النص المانع أن ينزل عن التمسك بهذا الشرط في أي صورة من صوره، فيسترد المستأجر بذلك رخصة النزول عن الإيجار أو رخصة التأجير من الباطن.
ولا يلزم أن يكون نزول المؤجر عن هذا الشرط صريحاً، بل يجوز أن يكون ضمنياً، كما إذا قبض المؤجر الأجرة من المتنازل إليه عن الإجارة أو من المستأجر من الباطن دون أن يبدي أي تحفظ في شأن حقوقه قبل المستأجر الأصلي، أو طالبه بها، أو إذا علم بالنزول عن الايجار أو بالتاجير من الباطن وسكت مدة طويلة عن الاعتراض عليه.
ويستفاد النزول الضمني من ظروف الحال، ويمكن إثباته بكافة الطرق بما فيها البينة والقرائن، لأن الإثبات في هذه الحالة يرد على وقائع مادية تستخلص منها دلالة النزول.
ولا يمنع ذلك أن يكون العقد قد اشترط في النزول عن الحظر آن يكون كتابة، لأن الكتابة في هذه الحالة تكون مشترطة للإثبات، لا لصحة النزول عن الشرط، ولمصلحة المؤجر دون غيره، فإذا بدا له بعد ذلك أن يرضى بالنزول عن الشرط دون كتابة، كان رضاه بذلك صحيحاً متى أمكن إثبات الوقائع التي يستفاد منها هذا الرضا بأية طريقة من طرق الإثبات.
ومتى ثبت هذا النزول، صريحاً كان أو ضمنياً، فإنه يعتبر تعديلاً اتفاقياً لشروط العقد الأصلي : فلا يجوز للمؤجر الأصلي آن يعدل عنه بإرادته المنفردة.
غير أن المشرع بعد أن نص على هذا الأصل في المادة 593 مدنی، استدرك عليه في المادة 594 /2 مدني فقال :
« ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر، واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق ».
فما المقصود بهذا النص وما هو مجال تطبيقه ؟.
أن المقصود بهذا الاستدراك مواجهة حالة خاصة هي التي يكون فيها ثمة عقد إيجار نص فيه على الشرط المانع، ثم انشيء في العقار المؤجر بهذا الشرط متجر أو مصنع دون رضا المؤجر، ولكن بغير مخالفة صريحة لنص العقد، ثم الجأت الضرورة المستأجر أن يبيع هذا المتجر أو المصنع، فتعتبر هذه الضرورة مبرراً لتحرير المستأجر من الشرط المانع ولابقاء الإيجار مستمراً لمصلحة مشتري المتجر أو المصنع بشرط تقديم المشتري ضماناً كافياً للمؤجر وعدم حصول ضرر محقق لهذا الأخير.
فالمفروض إذن وجود إجارة عقار غير منشأ به متجر أو مصنع، وأن الإجارة ليست بقصد انشاء متجر أو مصنع في العقار، ولم يحظر فيها انشاء متجر أو مصنع وأنه منصوص فيها على الشرط المانع من النزول عن الاجارة أو مفروض فيها ذلك بنص قانون خاص كقانون إيجار الأماكن.
ذلك لأنه إذا كان العقار المؤجر مقاماً فيه متجر أو مصنع وقت إبرام الإجارة أو كانت الإجارة أبرمت بقصد انشاء متجر أو مصنع فيه، فإن حق الاجارة يندمج في المتجر أو المصنع المنشأ فيه ويكون مع سائر عناصر المتجر أو المصنع المادية والمعنوية مالاً منقولاً معنویاً مستقلاً في جوهره وذاته عن كل من العناصر المكونة له، ويتم هذا الاندماج نتيجة لرضا المؤجر - طالما أن المتجر كان قائماً في العقار المؤجر وقت ابرام الاجارة أو كانت إجارة العقار قد أبرمت بقصد إنشاء المستأجر متجراً أو مصنعاً فيه ويرتب القانون على هذا الاندماج آثاراً معينة نظم بعضها القانون رقم 11 لسنة 1940 في شأن رهن وبيع المحلات التجارية .
ومن هذه الآثار انه متى تم اندماج حق الاجارة في المتجر أو الصنع على النحو المذكور، فقد حق الاجارة ذاتيته وأصبح يجوز التصرف فيه ضمن التصرف في المتجر أو المصنع الذي صار هو جزءاً منه مندمجاً فيه، أو مجرد عنصر من العناصر المكونة له، ويكون التصرف في هذه الحالة وارداً على المتجر بكامل عناصره، بما فيها الحق في الاجارة الذي صار مندمجاً فيه .
وذلك يعني أن انتقال حق إجارة العقار الذي أنشيء فيه متجر أو مصنع برضا المؤجر - يتم من المستأجر مالك المتجر أو المصنع المبيع إلى مشتريه، ليس نتيجة لنزول المستأجر الأصل عن الإجارة مخالفاً به منعاً وارداً في عقد الاجارة أو في نص قانوني، بل نتيجة لبيع مال معنوی مستقل دخلت الإجارة في ضمن مكوناته برضا المؤجر الضمني ولو تضمن عقد الايجار الاصلي شرطاً مانعاً من النزول عن الاجارة، وذلك لان إجارة العقار تمثل عنصراً أساسياً بالنسبة إلى سائر العناصر الداخلة في تكوين المتجر أو المصنع، اعتباراً بأن العقار المذكور و مستقر تلك العناصر جميعاً وهو الذي تتجمع فيه كلها .
فمنذ لحظة تخصيص العقار لإقامة مشروع تجاري أو صناعي معین برضا المؤجر، شأن إجارته تنصهر مع باقي العناصر المكونة لذلك المشروع وينتهي کیانها الذاتي بالنسبة على الأقل للتعامل في ذلك المشروع باعتباره مجموعة من الأموال تكون مالاً منقولاً معنوياً مستقلاً، وتصبح جزءاً من شيء جديد هو المنقول المعنوی، أی المحل التجاري أو الصناعي، ويعتبر المؤجر مشاركاً في هذا الاندماج وقابلاً له منذ اللحظة التي يؤجر فيها عقاره لاستعماله في إقامة مشروع معين أو في استغلال مشروع قائم من قبل، أو يؤجره لأي غرض آخر دون أن ينص على حظر استعماله في إنشاء مشروع تجاري ويسرى ذلك على جميع التصرفات المتتالية التي ترد على المتجر شاملاً الحق في الاجارة .
ويستفاد ذلك من نصوص القانون المصري والقانون المقارن المتعلقة ببيع المحال التجارية ورهنها، ففي القانون المصري يستفاد ذلك بما لا يدع مجالاً لأي شك، من نصوص القانون رقم 11 لسنة 1940 ببيع المحال التجارية ورهنها، الذي لا يزال ساريا بعد صدور التقنين المدني الجديد في سنة 1949 وحتى الآن، وفي مقدمة هذه النصوص نص المادة 4 منه على أن لا يقع امتياز البائع إلا على أجزاء المحل المبينة في القيد، فاذا لم يعين على وجه الدقة ما يتناوله الامتياز لم يقع إلا على عنوان المحل التجاري والسمة التجارية والحق في الاجارة والاتصال بالعملاء والسمعة التجارية
ومؤدى ورود امتياز بائع المتجر على الحق في اجارة المكان المنشأ فيه المتجر إنما هو قابلية هذا الحق للبيع بالمزاد العلني ضمن مجموعة العناصر التي تكون المتجر، وهذا يتنافى مع إعمال شرط حظر النزول عن الاجارة الذي يتضمنه عقد إجارة المكان الذي انشىء فيه المتجر.
وقد تكرر مثل هذا النص في المادة 9 من القانون المذكور بشأن ما يرد عليه رهن المحل التجاري و ونصت المادة 18 من القانون ذاته على أن يعتبر باطلاً كل شرط في عقد الإيجار يترتب عليه الإخلال بحق المستأجر في الزمن طبقاً لهذا القانون (119 مكرر ) .
شروط هذا الاستثناء على أن هذه الرخصة التي يخولها القانون المدني للمحكمة مشروطة : ( أولاً ) بأن يكون قد أنشيء في العين المؤجرة محل تجاري fonds de commerce سواء أكان هذا المحل التجارى متجراً أو مصنعاً وهو ما كان يسمى في التقنين المدني السابق جدكاً، على أن لا يكون المتجر أو المصنع موجوداً في العقار المؤجر قبل إبرام عقد الإجارة وإلا يكون قد انشىء بعد إبرامها برضا المؤجر بانشائه، سواء كان هذا الرضا في عقد الايجار ذاته أو في عقد لاحق. و(ثانياً) بأن يكون أفشاء المتجر أو المصنع في العين المؤجرة غير مخالف لشروط عقد الايجار، و(ثالثاً) بأن يكون المستأجر مضطراً بحكم الضرورة إلى النزول إلى الغير عن متجره أو مصنعه وأن يبيعه فعلاً إلى الغير سواء بنفسه أو بواسطة وكيل عنه مقوض في بيعه، و (رابعاً ) أن لا يصيب المؤجر ضرر من انتقال منفعة العين المؤجرة الى مشتري المحل التجاري، و (خامساً) أن يقدم المشتري تأمينات كافية للوفاء بالتزامات المستأجر الذي سيخلفه هو في الانتفاع بالعين المؤجرة .
ويبدو أن محكمة النقض أخذت تشترط شرطاً آخر لصحة بيع الجدك وفقاً للمادة 594 /2 مدني هو أن يكون الشراء بقصد ممارسة ذات النشاط الذى كان يمارسه البائع.
ويجب أن تثبت الصفة التجارية للمحل وقت البيع لا بعده . وكان من رأيي أنه يجب أن تفهم عبارة المحل التجاري fonds de - commerce بمعناها الواسع بحيث تشمل كل مكان يباشر فيه المستأجر حرفة أو مهنة تدر عليه ربحاً إذا كانت مزاولة هذه الحرفة أو المهنة في المكان المؤجر من شأنها أن تجعل له مزية خاصة من حيث استغلاله، كمكاتب السمسرة ومكاتب المحامين وعيادات الأطباء ألخ . فلا تقتصر على المكان الذي تباشر فيه التجارة أو الصناعة بمعناها الضيق، وقد طبق القضاء ذلك على بيع صالون حلاقة وعلى دكان کواء ألخ . ومما يساعد على الأخذ بهذا المعنى الواسع لعبارتي المتجر والصلع نص المادة 29/2 من القانون 49/1977 الذي سوى في انتقال الأجارة إلى ورثة المستأجر بعد وفاته بين مستأجري الأعيان لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى ومستأجريها لمزاولة نشاط مهني أو حرفي .
غير أن محكمة النقض قد جرى قضاؤها على عدم إقرار هذا المعنى الواسع واشترطت ثبوت الصفة التجارية أو الصناعية للنشاط الذي يزاول في العين المؤجرة و الذي يراد تطبيق حكم بيع الجدك عليه، وأن يثبت توافر هذه الصفة وقت إتمام بيع الجدك، ولا يكفى ثبوتها للنشاط الذي يباشره فيها مشتري الجدك بعد شرائه . ومؤدي ذلك أنها لا ترى تطبيق حكم المادة 2/594 مدني على نشاطات الحرفيين وأرباب المهن الحرة وغير التجارية كالحياكة والحلاقة والمحاماة والطب لأن هذه النشاطات لا ينطبق عليها وصف المتاجر أو المصانع الذي نصت عليه المادة 594 / 2 مدني، ولو وجدت في المحل بعض البضائع والأدوات.
مما مؤداه أن الحلاق والكواء إذا كان يعمل بمفرده دون استخدام عمال أو الات يعتبر نشاطه حرفياً وليس تجارياً فلا يجوز له التمسك بالمادة 594 / 2 مدني، وإذا كان يستخدم في مباشرة حرفته عمالاٍ أو آلات يضارب على عملها أو انتاجها يعتبر صاحب متجر ويجوز له التمسك بالمادة 594 /2 مدني.
شرط إضافي مستحدث بالقانون 136 /1981 يخول المالك في جميع الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر النزول عن العين المؤجرة نصف مقابل النزول - في ظل القانون رقم 49 /1977 وقوانين إيجار الأماكن السابقة عليه كانت تستثنى من حظر نزول المستأجر عن العين المؤجرة بدون إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلى حالة المستأجر الذي أنشأ في العين المؤجرة متجراً أو مصنعاً بدون رضا المالك ثم اضطرته ظروفه إلى بيع المتجر أو المصنع كمجموعة من الأموال ( جدك ) بما فيها الحق في الإجارة، وذلك إذا توافرت فيه شروط المادة 594 /2 مدني سالفة الذكر .
وكان توافر هذه الشروط أو عدمه يثير في العمل خلافات كثيرة، تعددت بشأنها القضايا حتى ازدحمت بها المحاكم، وكان ذلك راجعاً إلى أن أجرة الأماكن التي انشئت فيها تلك المتاجر أو المصانع أصبحت ضئيلة نظراً لتجميدها منذ سنوات طويلة، في الوقت الذي تضاعف فيه الرواج المالي واشتد الإقبال على الأماكن التي تصلح للتجارة والصناعة وبخاصة الموجودة منها في أصقاع معينة، فكان المستأجر الذي يبيع متجره أو مصنعه يجني من ذلك ثمناً ضخماً، ولا يملك المؤجر حياله شيئاً طالما أن المستأجر يتذرع باجازة القانون هذا البيع، سواء بسبب رضا المالك المسبق بانشاء المتجر أو المصنع في العين المؤجرة، أو بسبب توافر شروط المادة 594 /2 مدني .
وكذلك الحال إذا كان المستأجر الأصلي مرخصاً له، سواء في عقد الإيجار أو في ترخيص لاحق بالنزول عن الأجارة، بقطع النظر عن إنشائه في العين المؤجرة متجراً أو مصنعاً أو عدمه، أي ولو كانت العين مؤجرة للسكن أو لغيره من الأغراض، حيث كان المستأجر يستطيع أن ينزل عن الاجارة إلى الغير بمقابل كثيراً ما يكون ضخماً دون أن ينال منه المالك المؤجر شيئاً، ورأى المشرع أخيراً أن الأوضاع الاقتصادية تغيرت بحيث أختل التوازن في هذا الشأن بين كفتي المستاجر و المؤجر، وأن العدالة تأبى أن يجني المستأجر ربحاً طائلاً من بيع جدکه متضمناً الحق في الإجارة أو من استعماله الترخيص السابق له بالنزول عن الإجارة، وان يقف المؤجر إزاءه مكتوف اليدين لا ينال منه الا غيظاً يظل يجتره ويحاول أن يضع حداً له بسلوك سبل الدعاوى المختلفة.
لذلك رأي الشرع عند إصداره القانون رقم 136/ 1981 ضرورة علاج هذا الوضع الشاذ ونص على ذلك في المادة 20 من هذا القانون التي تقضي بأنه «يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكن الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين » .
وهذا النص يقرر لأول مرة حلاً عادلاً لمشكلة نزول المستأجر عن المكان المؤجر إليه نزولاً نافذاً في حق المؤجر بغير رضا هذا الأخير رضا معاصر للنزول .
ويلاحظ أن النص لم يقصر هذا الحل على حالة بيع الجدك الذي ينطبق عليه حكم المادة 594 /2 مدني فقط، بل عممه وجعله يشمل هذه الحالة والحالات الاخرى التي يثبت فيها للمستأجر حق النزول عن الاجارة، سواء كان ذلك بسبب اندماج حق الاجارة في الجدك بقوة القانون حيث يكون المالك قد رضي بإنشاء المتجر أو المصنع في العين المؤجرة، أم كان بسبب وجود ترخيص مسبق من المالك في النزول عن الإجارة سواء كان محلها مؤجراً للسكن أو لغير ذلك من الأغراض.
فيسرى هذا النص ( أولاً ) في حالة بيع الجدك المنشأ في العين المؤجرة من قبل تأجيرها لمستأجرها الحالي الذي يرغب في بيع الجدك، وفي حالة بيع الجدك الذي انشأه المستأجر تحقيقاً للغرض الذي استأجر العين من أجله أو الذي حصل بعد الاجارة على رضا المؤجر بانشائه، وفي هذه الحالة بجميع أوجهها لا محل لتقييد البيع بالشروط المنصوص عليها في المادة 594 /2 مدني لأن البيع لا يكون في هذه الأحوال محظوراً اصلاً ولو ورد في عقد الإيجار شرط الحظر، إذ أن هذا الشرط يكون لاغياً لمخالفته أحكاماً متعلقة بالنظام العام في أحكام قانون بيع ورهن المحلات التجارية (القانون رقم 11 لسنة 1940).
( ثانياً ) - في حالة بيع الجدك المنشأ بدون رضا المؤجر بعد الاجارة في عين مؤجرة بشرط الحظر من النزول عن الاجارة إذا توافرت في البيع شروط المادة 594 /2 مدني .
للمحكمة تستخلصه من ظروف البيع وتسترشد في ذلك بالاسباب الباعثة عليه والدواعي التي حفزت إليه، وليس للضرورة ضابط قانونی محدد، وليس لزاماً أن تكون ناشئة عن ظروف قهرية لا سبيل الى تلافيها ولا مفر من الإذعان إليها، فإن هذا إذا جاز في بيان السبب الأجنبي الذي تدفع به مسئولية المدين عموماً عن الإخلال بالتزاماته العقدية لا يجوز في بيان الضرورة التي تدعو إلى بيع الجدك. وتقول محكمة النقض في ذلك أن الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع في حكم المادة 594/ 2 مدني لا يشترط أن تكون نتيجة قوة قاهرة، ولا عبرة بما إذا كانت الظروف المؤدية لهذه الحالة خارجة عن إرادة المستأجر أو بسبب منه، ولمحكمة الموضوع تقدير هذه الظروف.
ولا يكفى توافر هذه الشروط النقل حقوق المستأجر إلى مشتری الجدك نقلاً نافذاً في حق المؤجر، إذ أن توافرها يسمح فقط للمحكمة أن تصدر حكماً ببقاء الإجارة لصالح المشتري المذكور وبنفاذها في حق المؤجر أن رأت وجها لذلك، ويكون صدور الحكم بناء على طلب مشتري الجدك سواء في دفع يدفع به دعوى المؤجر أو في دعوى يرفعها هو على المؤجر طالباً صدور الحكم باعتباره حالا محل المستأجر حلولاً نافذاً في حق المؤجر . أما أن رفع المشتري المذكور دعوى مبتدأة طالباً تخفيض الأجرة ورد الزيادة قبل أن يحصل على حكم باعتباره مستأجراً، فإن دعواه تكون غير مقبولة لرفعها من غير ذي صفة .
ويقوم آقرار المؤجر بيع الجدك ومعاملته الشتري باعتباره مستأجراً، أو قبض الأجرة منه بإسمه، مقام حكم المحكمة بابقاء الحق في الإجارة للمشتري - ويلتزم مشتري الجدك الذي يتمسك بالاجارة المعقودة مع البائع إليه بكافة التزامات هذا البائع نحو المؤجر وليس له حتى بعد الحصول على حكم المحكمة بإبقاء الإجارة لصالحه أن يغير من نوع الاستعمال الذي أجرت له العين أصلاً كأن يقلب المحل المؤجر صالوناً للحلاقة إلى مطعم أو العكس، وإن فعل جاز طلب اخلائه لمخالفة شروط العقد وفقاً للفقرة (ج) من المادة 23 من القانون رقم 52/1969 ( المقابلة للمادة 31 ج من القانون 49 / 1977 والمادة 18 من القانون 136 /1981، إذا توافرت أركان هذه المخالفة وفي مقدمتها شرط الضرر، وليس لمخالفة حظر النزول عن الإيجار .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن الصفحة/ 572)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث ، الصفحة / 231
اسْتِحْقَاقُ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ:
27 - يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِبُطْلاَنِ الإْجَارَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِتَوَقُّفِهَا عَلَى إِجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ، بِالأَْوَّلِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ
كَذَلِكَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الأْجْرَةَ، وَلَهُمْ فِي هَذَا ثَلاَثَةُ آرَاءٍ:
أ - الأْجْرَةُ لِلْعَاقِدِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الإْجَازَةُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلاَ اعْتِبَارَ لِلإْجَازَةِ حِينَئِذٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ الاِسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الأْمَدِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُكْتَرَاةُ غَيْرَ مَغْصُوبَةٍ؛ لأِنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا.
ب - إِنَّ الأْجْرَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الإْجَازَةُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ مَغْصُوبَةً وَيَجْهَلُ الْمُسْتَأْجِرُ الْغَصْبَ.
وَيَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ أَوِ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا، وَالْقَرَارُ (أَيْ نِهَايَةُ الضَّمَانِ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إِنْ كَانَ قَدِ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْغَارِّ.
وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِمَا أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِي الْمَوَاهِبِ السَّنِيَّةِ أَنَّ الأْرْضَ الْمَوْقُوفَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ إِنْ آجَرَهَا النَّاظِرُ وَأَخَذَ الأْجْرَةَ وَسَلَّمَهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ، فَإِنَّ الْمَالِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لاَ عَلَى النَّاظِرِ، وَرُجُوعُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مَنْ أَخَذَ دَرَاهِمَهُ.
ج - أَجْرُ مَا مَضَى لِلْعَاقِدِ، وَمَا بَعْدَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَتَصَدَّقُ الْعَاقِدُ عِنْدَهُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ ضَمَانِ النَّقْصِ. وَالْمُرَادُ بِمَا مَضَى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالاِسْتِحْقَاقِ.
تَلَفُ الْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ الْمُكْتَرَاةِ:
28 - لَوْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَوْ نَقَصَتْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ فَلِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوِ الْمُؤَجِّرِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ.
وَالرُّجُوعُ يَكُونُ بِأَعْلَى قِيمَةٍ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إِلَى يَوْمِ التَّلَفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأِنَّهَا مَغْصُوبَةٌ فِي الْحَالِ الَّتِي زَادَتْ فِيهَا قِيمَتُهَا، فَالزِّيَادَةُ لِمَالِكِهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُكْتَرِي إِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَلاَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ وَفَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، فَلَوِ اكْتَرَى دَارًا فَهَدَمَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ، فَلَهُ أَخْذُ النَّقْصِ إِنْ وَجَدَهُ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ مِنَ الْهَادِمِ، أَيْ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ الْهَدْمُ مِنَ الْبِنَاءِ.
__________________________________________________________________
اسْتِحْقَاقُ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ:
27 - يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِبُطْلاَنِ الإْجَارَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِتَوَقُّفِهَا عَلَى إِجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ، بِالأَْوَّلِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ
كَذَلِكَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ الأْجْرَةَ، وَلَهُمْ فِي هَذَا ثَلاَثَةُ آرَاءٍ:
أ - الأْجْرَةُ لِلْعَاقِدِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الإْجَازَةُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلاَ اعْتِبَارَ لِلإْجَازَةِ حِينَئِذٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ الاِسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الأْمَدِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُكْتَرَاةُ غَيْرَ مَغْصُوبَةٍ؛ لأِنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا.
ب - إِنَّ الأْجْرَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الإْجَازَةُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ مَغْصُوبَةً وَيَجْهَلُ الْمُسْتَأْجِرُ الْغَصْبَ.
وَيَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ أَوِ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا، وَالْقَرَارُ (أَيْ نِهَايَةُ الضَّمَانِ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إِنْ كَانَ قَدِ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْغَارِّ.
وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِمَا أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِي الْمَوَاهِبِ السَّنِيَّةِ أَنَّ الأْرْضَ الْمَوْقُوفَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ إِنْ آجَرَهَا النَّاظِرُ وَأَخَذَ الأْجْرَةَ وَسَلَّمَهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ، فَإِنَّ الْمَالِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لاَ عَلَى النَّاظِرِ، وَرُجُوعُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مَنْ أَخَذَ دَرَاهِمَهُ.
ج - أَجْرُ مَا مَضَى لِلْعَاقِدِ، وَمَا بَعْدَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَتَصَدَّقُ الْعَاقِدُ عِنْدَهُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ ضَمَانِ النَّقْصِ. وَالْمُرَادُ بِمَا مَضَى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالاِسْتِحْقَاقِ.
تَلَفُ الْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ الْمُكْتَرَاةِ:
28 - لَوْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَوْ نَقَصَتْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ فَلِلْمُسْتَحِقِّ تَضْمِينُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوِ الْمُؤَجِّرِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ.
وَالرُّجُوعُ يَكُونُ بِأَعْلَى قِيمَةٍ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إِلَى يَوْمِ التَّلَفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأِنَّهَا مَغْصُوبَةٌ فِي الْحَالِ الَّتِي زَادَتْ فِيهَا قِيمَتُهَا، فَالزِّيَادَةُ لِمَالِكِهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُكْتَرِي إِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَلاَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ وَفَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، فَلَوِ اكْتَرَى دَارًا فَهَدَمَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ، فَلَهُ أَخْذُ النَّقْصِ إِنْ وَجَدَهُ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ مِنَ الْهَادِمِ، أَيْ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ الْهَدْمُ مِنَ الْبِنَاءِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 278
الْجَدَكُ أَوِ الْكَدَكُ :
4 - 1 - أَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى مَا يَضَعُهُ فِي الْحَانُوتِ مُسْتَأْجِرٌ مِنَ الأْعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ الْمُتَّصِلَةِ بِمَبْنَى الْحَانُوتِ اتِّصَالَ قَرَارٍ، أَيْ « وُضِعَ لاَ لِيُفْصَلَ » كَالْبِنَاءِ، وَسُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى بِالسُّكْنَى .
2 - وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُوضَعُ فِي الْحَانُوتِ مُتَّصِلاً لاَ عَلَى سَبِيلِ الْقَرَارِ، وَذَلِكَ كَالرُّفُوفِ الَّتِي تُرَكَّبُ فِي الْحَانُوتِ لِوَضْعِ عِدَّةِ الْحَلاَّقِ مَثَلاً فَإِنَّهَا مُتَّصِلَةٌ لاَ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ.
3 - وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلدَّرَاهِمِ الَّتِي يَدْفَعُهَا صَاحِبُهَا إِلَى الْمَالِكِ أَوْ نَاظِرِ الْوَقْفِ لِتُسْتَعْمَلَ فِي مَرَمَّةِ الْوَقْفِ أَوْ بِنَاءِ الأْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ مَا يُرَمُّ بِهِ أَوْ يُبْنَى، وَيَشْتَرِطُ دَافِعُهَا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فِي الْمَحَلِّ الْمُسْتَأْجَرِ وَجُزْءٌ مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ الَّتِي سَبَقَ تَسْمِيَتُهَا بِالْخُلُوِّ.
4 - وَيُطْلَقُ عَلَى الأْعْيَانِ الَّتِي تُوضَعُ لِلاِسْتِعْمَالِ فِي الْحَانُوتِ دُونَ اتِّصَالٍ أَصْلاً كَالْبَكَارِجِ وَالْفَنَاجِينِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَقَاهِي، وَالْفُوَطِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَمَّامِ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَدَكِ وَبَيْنَ الْخُلُوِّ، أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ يَمْلِكُ جُزْءًا مِنْ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ وَلاَ يَمْلِكُ الأْعْيَانَ الَّتِي أُقِيمَتْ فِي حَوَانِيتِ الْوَقْفِ بِمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهَا قَدْ أُقِيمَتْ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا وَقْفٌ، أَمَّا الْجَدَكُ فَهُوَ أَعْيَانٌ مَمْلُوكَةٌ لِمُسْتَأْجِرِ الْحَانُوتِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاوثون ، الصفحة / 16
مُؤْنَةُ الْمُسْتَأْجَرِ أَثْنَاءَ الإْجَارَةِ :
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَسَقْيِهَا تَكُونُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الإْجَارَةِ ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ، فَكَانَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّفْصِيلِ كَمَا يَلِي:
6 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى الآْجِرِ عَيْنًا كَانَتْ أَوْ مَنْفَعَةً، وَعَلَفَ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَسَقْيَهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ؛ لأِنَّ هَا مِلْكُهُ، فَإِنْ عَلَفَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، لاَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ .
وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ طَعَامُ الأْجِيرِ إِلاَّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ .
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ حُكْمَ مَا إِذَا شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الطَّعَامَ أَوِ الْعَلَفَ، جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، عَلَى أَنْ يَكُونَ طَعَامُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَفُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: كُلُّ إِجَارَةٍ فِيهَا رِزْقٌ أَوْ عَلَفٌ فَهِيَ فَاسِدَةٌ إِلاَّ فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكُسْوَتِهَا - كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ .
وَإِذَا اكْتَرَى رَجُلٌ حِمَارًا فَعَيِيَ فِي الطَّرِيقِ، فَأَمَرَ الْمُكْتَرِي رَجُلاً أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْحِمَارِ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ، فَإِنْ عَلِمَ الْمَأْمُورُ أَنَّ الْحِمَارَ لِغَيْرِ الآْمِرِ لاَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى أَحَدٍ؛ لأِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَأْمُورُ أَنَّ الْحِمَارَ لِغَيْرِ الآْمِرِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الآْمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الآْمِرُ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ .
7 - وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ اشْتِرَاطَ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، جَاءَ فِي مِنَحِ الْجَلِيلِ: جَازَ كِرَاءُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُكْتَرِي عَلَفَهَا، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَكْتَرِيَ إِبِلاً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ رِحْلَتَهَا، أَوْ يَكْتَرِيَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا أَوْ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تُوصَفِ النَّفَقَةُ؛ لأِنَّهُ مَعْرُوفٌ، قَالَ مَالِكٌ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُؤَاجِرَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ أَجَلاً مَعْلُومًا بِطَعَامِهِ فِي الأْجَلِ أَوْ بِكِسْوَتِهِ فِيهِ .
وَجَاءَ فِي مِنَحِ الْجَلِيلِ أَيْضًا: وَإِذَا اكْتَرَيْتَ مِنْ رَجُلٍ إِبِلَهُ، ثُمَّ هَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا فِي يَدَيْكَ، فَأَنْفَقْتَ عَلَيْهَا فَلَكَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِنِ اكْتَرَيْتَ مَنْ يَرْحَلُهَا رَجَعْتَ بِكِرَائِهِ، وَتَأَوَّلَ أَبُو إِسْحَاقَ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْعَادَةِ أَنَّ رَبَّ الإْبِلِ هُوَ الَّذِي يَرْحَلُهَا، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالأْظْهَرُ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ: أَنْ يَلْزَمَ الْمُكْرِيَ الْبَرْذعَةُ وَالسَّرْجُ وَنَحْوُهُمَا، لاَ مُؤْنَةُ الْحَطِّ وَالْحَمْلِ .
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لاَ بَأْسَ بِإِجَارَةِ الظِّئْرِ عَلَى إِرْضَاعِ الصَّبِيِّ، وَلاَ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ غَيْرُ مَا اسْتَأْجَرَهَا بِهِ مِنْ أُجْرَةٍ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ طَعَامُهَا وَكُسْوَتُهَا، فَذَلِكَ جَائِزٌ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَطَعَامُهَا وَكُسْوَتُهَا عَلَى قَدْرِهَا وَقَدْرِ هَيْئَتِهَا وَقَدْرِ أَبِي الصَّبِيِّ فِي غِنَاهُ وَفَقْرِهِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَعَامُ الأْجِيرِ وَحْدَهُ هُوَ الأْجْرَةَ أَوْ مَعَ دَرَاهِمَ .
8 - وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: عَلَى الْمُكْرِي عَلَفُ الظَّهْرِ وَسَقْيُهُ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ فَكَانَ عَلَيْهِ، وَمَنِ اكْتَرَى جِمَالاً فَهَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا عِنْدَ الْمُكْتَرِي فَلاَ فَسْخَ لَهُ وَلاَ خِيَارَ، بَلْ إِنْ شَاءَ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ رَفَعَ الأْمْرَ إِلَى الْقَاضِي؛ لِيُمَوِّنَهَا الْقَاضِي وَيُمَوِّنَ مَنْ يَقُومُ بِحِفْظِهَا مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَمَّالِ مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجِمَالِ فَضْلٌ، اقْتَرَضَ الْقَاضِي عَلَى الْجَمَّالِ مِنَ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ وَثِقَ الْقَاضِي بِالْمُكْتَرِي دَفَعَ مَا اقْتَرَضَهُ إِلَيْهِ، وَإِنِ اقْتَرَضَهُ مِنْهُ لِيُنْفِقَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ جَعَلَ الْقَاضِي مَا اقْتَرَضَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهَا.
وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْقَاضِي مَالاً يَقْتَرِضُهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنَ الْجِمَالِ قَدْرَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ يَتَعَهَّدُهَا، وَإِذَا كَانَ فِي الْجِمَالِ الْمَتْرُوكَةِ زِيَادَةٌ عَلَى حَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلاَ يَقْتَرِضُ الْقَاضِي عَلَى الْجِمَالِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ، بَلْ يَبِيعُ الْفَاضِلَ عَنِ الْحَاجَةِ.
وَلَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْمُكْتَرِي فِي الإْنْفَاقِ عَلَى الْجِمَالِ، وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا، جَازَ فِي الأْظْهَرِ، كَمَا لَوِ اقْتَرَضَ ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ، وَلأِنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ، فَقَدْ لاَ يَجِدُ الْقَاضِي مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لاَ يَرَاهُ، وَمُقَابِلُ الأْظْهَرِ الْمَنْعُ وَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا.
وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَيُعْتَبَرُ مُتَبَرِّعًا، لَكِنْ مَحَلُّ هَذَا إِذَا أَمْكَنَ إِذْنُ الْحَاكِمِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِذْنُ الْحَاكِمِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ، أَوْ عَسُرَ إِثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ، فَأَنْفَقَ وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ إِذَا ادَّعَى نَفَقَةَ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ؛ لأِنَّهُ أَمِينٌ .
وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَمُؤْنَةُ الدَّلِيلِ وَسَائِقِ الدَّابَّةِ وَأُجْرَةِ الْخَفِيرِ عَلَى الْمُكْرِي؛ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤَنِ التَّحْصِيلِ، وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ عَلَى ظَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ الظَّهْرِ وَقَدْ فَعَلَ .
وَطَعَامُ الْمُرْضِعَةِ وَشَرَابُهَا عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا أَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مَا يُدَرُّ بِهِ اللَّبَنُ وَيَصْلُحُ بِهِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُطَالِبَهَا بِذَلِكَ؛ لأِنَّهُ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ مِنَ الرِّضَاعِ، وَفِي تَرْكِهِ إِضْرَارٌ بِالصَّبِيِّ .
9 - وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلإِْنْفَاقِ عَلَى الْجِ مَالِ الَّتِي تَرَكَهَا الْمُكْرِي عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ وَحِينَئِذٍ يَرْفَعُ الْمُسْتَأْجِرُ الأْمْرَ لِلْقَاضِي لِيَقْتَرِضَ لَهُ، أَوْ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الإْنْفَاقِ ، وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْمُكْرِي، وَفِي الإْنْفَاقِ عِنْدَ
عَدَمِ الْحَاكِمِ مَعَ الإْشْهَادِ وَعَدَمِهِ، وَهَذَا عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ التَّفْصِيلِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ .
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، أَوْ جَعَلَ لَهُ أَجْرًا وَشَرَطَ طَعَامَهُ وَكُسْوَتَهُ، فَرُوِيَ عَنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي مُوسَى رضي الله عنهم أَنَّهُمُ اسْتَأْجَرُوا الأْجَرَاءَ بِطَعَامِهِمْ وَكُسْوَتِهِمْ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الظِّئْرِ دُونَ غَيْرِهَا، وَاخْتَارَ الْقَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي الظِّئْرِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ( فَأَوْجَبَ لَهُنَّ النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ عَلَى الرِّضَاعِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ بِحَالٍ لاَ فِي الظِّئْرِ وَلاَ فِي غَيْرِهَا.
وَاسْتَدَلَّ ابْنُ قُدَامَةَ عَلَى رِوَايَةِ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الأْجِيرِ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ بِمَا رَوَى عُتْبَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَقَرَأَ: (طسم ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ قِصَّةَ مُوسَى قَالَ: «إِنَّ مُوسَى صلي الله عليه وسلم آجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ عَشْرًا عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وَطَعَامِ بَطْنِهِ»
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ أَيْضًا: وَإِنْ شَرَطَ الأْجِيرُ كُسْوَةً مَعْلُومَةً وَنَفَقَةً مَوْصُوفَةً كَمَا يُوصَفُ فِي السَّلَمِ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ طَعَامًا وَلاَ كُسْوَةً فَنَفَقَتُهُ وَكُسْوَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ.
وَلَوِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا أَوْ بِأَجْرٍ مُسَمًّى وَعَلَفِهَا لَمْ يَجُزْ؛ لأِنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلاَ عُرْفَ لَهُ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ مَوْصُوفًا فَيَجُوزُ .
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: أُجْرَةُ الدَّلِيلِ تَكُونُ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنِ الْبَهِيمَةِ الْمُكْتَرَاةِ وَآلَتِهَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَالزَّادِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ اكْتَرَى مِنْهُ بَهِيمَةً بِعَيْنِهَا فَأُجْرَةُ الدَّلِيلِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الظَّهْرَ وَقَدْ سَلَّمَهُ، وَإِنْ كَانَتِ الإْجَارَةُ عَلَى حَمْلِهِ إِلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْرِي؛ لأِنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ إِيصَالِهِ إِلَيْهِ وَتَحْصِيلِهِ فِيهِ .
__________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 596 )
يطلق الكدك على الاعيان المملوكة للمستأجر المتصلة بالحانوت على وجه القرار كالبناء أولا على وجه القرار كالآلات الصناعة المركبة به ويطلق أيضا على الكردار في الأراضي البناء والغراس فيها.
( مادة 597 )
الكدك المتصل بالارض وغراسا أوتركيبا على وجه القراره وأموال منقومة تباع ويورث ولاصحابها حق القرار ولهم استبقاؤها بأجر المثل.
( مادة 598 )
الخلوالمتعارف في الحوانيت هو أن يجعل الواقف أو المتولى أو المالك على الحانوت قدرا معينا من الدراهم يؤخذ من الساكن ويعطيه به مسکا شرعيا فلا يملك صاحب الحانوت بعد ذلك اخرابح الساكن الذي ثبت له الخلو ولااجارة الحانوت لغيره مالم يدفع له المبلغ المرقوم.