مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع، الصفحة : 581
مذكرة المشروع التمهيدي :
الأصل أن الايجار لا ينتهي بموت المؤجر ولا بموت المستأجر، فإذا مات المؤجر بق المستأجر يؤدى الأجرة لورثته وإذا مات المستأجر كان على ورثته أن يؤدوا الأجرة للمؤجر في حدود التركة التي ورثوها من المستأجر إلا أن موت المستأجر قد ينهي عقد الإيجار في حالتين :
(أ) إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبار شخصي في المستأجر، كما إذا أجرت العين لتكون مكتباً لمحام أو عيادة الطبيب وكما في عقد المزارعة، فيجوز لورثة المستأجر (كما في مكتب المحامي و عيادة الطبيب ) ويجوز للمؤجر نفسه ( كما في عقد المزارعة ) أن يطلبوا إنهاء العقد ( والأولى أن يكون ذلك بعد التنبيه بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 761) وهذا الحكم في المشروع (م 804 فقرة أولى و م 805) يتفق مع حكم التقنين الحالى (م 391/ 478) .
(ب) إذا لم يلحظ في الإيجار إعتبارات شخصية في المستأجر، ومع ذلك أثبتت الورثة بعد موته أن العقد مرهق لهم أو أنه مجاوز لحدود حاجتهم، كما إذا كان المورث قد استأجر منزلاً بأجرة عالية نظراً لمكانته الاجتماعية ثم مات فلم يبق للورثة حاجة للمنزل ولا طاقة بدفع أجرته بعد أن انقطع عنهم کسب مورثهم، لا سيما إذا كانت الأجرة تستنفد جزءاً كبيراً مما ورثوه لذلك أجاز المشروع، وهو مجدد في هذه المسألة، للورثة أن يطلبوا إنهاء العقد بشرطين، أولاًَ أن يكون هذا الطلب في مدة ستة أشهر من موت المستأجر، والثاني مراعاة مواعيد التنبيه بالاخلاء المبينة في المادة 761 من المشروع.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 804 من المشروع، فاقرتها اللجنة مع تعديل لفظي، وأصبح نصها كالآتي :
1- لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر .
2 - ومع ذلك إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد إذا أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم وفي هذه الحالة يجب أن تراعى مواعيد التنبيه بالاخلاء المبينة في المادة 761 و أن يكون طلب إنهاء العقد في مدة ستة أشهر على الأكثر من وقت موت المستأجر.
وقدمت في المشروع النهائي تحت رقم 630 يعد إستبدال رقم «592»، برقم 761 في الفقرة الثانية .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة تحت رقم 629 بعد إبدال رقم " 592 " الوارد في الفقرة الثانية إلى رقم "591"
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشة لجنة القانون المدني :
وافقت اللجنة على المادة مع إستبدال رقم 563، برقم 591، وأصبح رقمها 601 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة.
1 ـ المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه لما كانت المادة 601 من القانون المدنى تقضى بأن موت المستأجر ليس من شأنه أن يُنهى عقد الإيجار ، إذ ينتقل حق الانتفاع بالعين المؤجرة خلال مدة العقد إلى ورثة المستأجر حيث يستمر العقد بالنسبة لهم .
(الطعن رقم 14558 لسنة 84 جلسة 2016/04/27)
2 ـ النص فى المادتين 601 ، 602 من القانون المدنى يدل _ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض _ على أن المشرع جعل القاعدة هى أن موت أحد المتعاقدين فى عقود الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية فإذا لم يعقد الإيجار خلافاً للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر أو إذا كان الإيجار لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية فإن الإيجار لا ينتهى بقوة القانون بل يجب أن يطلب انهاؤه . ولئن كان ظاهر نص المادة 602 سالفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر و ورثة المستأجر المتوفى فى الحالتين المنصوص عليهما فيه إلا أنه استهداء بالحكمة التى أملته فإن طلب الإخلاء مخول لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقتضى كفاية قد لا تتوافر فيهم بخلاف الحالة التى يراعى فى إبرام الإيجار اعتبارات متعلقة بشخص المستأجر فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر و ورثة المستأجر على حد سواء يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 602 من أنه إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات شخصية فى شخص المستأجر .... فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد . وإذ كان إيجار الجراج لا يدخل فى عداد الأنشطة التى عددتها المادة 2/29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فتخضع عقود إيجار تلك الأماكن بحسب الأصل لحكم المادة 601 من القانون المدنى فلا تنتهى بوفاة المستأجر إلا إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات خاصة بشخص المستأجر ويجب على المؤجر فى طلبه إنهاء الإيجار لوفاة المستأجر أن يقيم الدليل على أن العقد إنما حرر لاعتبارات متعلقة بشخص المستأجر وأن استمرار الورثة فى استعمال العين يفوت على المؤجر مصلحة كانت هى الدافع له على التعاقد .
(الطعن رقم 2529 لسنة 60 جلسة 1997/11/23 س 48 ع 2 ص 1291 ق 239)
3 ـ لما كان النص فى عقد الإيجار على إنعقاده لمدة محددة تتجدد تلقائيا لمدد أخر مماثله ما دام المستأجر يقوم بتنفيذ إلتزاماته وأحقية الأخير وحدة دون المؤجر فى إبداء الرغبة فى إنهائه يؤدى إلى إعتبار العقد بعد إنتهاء المدة المتفق عليها متجددا تلقائيا لمدد أخرى مماثلة لا يعرف على وجه التحديد تاريخ انتهائها إذ ان نهايتها منوطه بمحض مشيئة المستأجر وحده أو خلفة العام ولا يعرف متى يبدى أيهما الرغبة فى إنهاء العقد خاصة وان الصل فى عقد الإيجار انه لا ينتهى إعمالا لنص المادة 601 من القانون المدنى - بوفاة المستأجر وتنصرف آثاره إلى خلفة العام عملاً بنص المادة 145 من ذات القانون ما لم يتبين من العقد أو طبيعة التعامل أو نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إليهم . ومن ثم فإن عقد الإيجار يعتبر فى هذه الحالة منعقدا لمده غير معينة ويتعين إعمال نص المادة 563 مدنى وإعتباره بعد انتهاء مدته الولى المتفق عليها - متجددا للفقرة المحددة لدفع الأجره وينتهى بانقضائها بناء على طلب احد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء فى المواعيد المبينة بنص هذه المادة فإن لم يحصل التنبيه تجدد العقد للمدة المحددة لدفع الأجرة ثم لمدة مماثلة وهكذا إلى أن يحصل التنبية ولا يسوغ استبعاد نص المادة 563 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 1503 لسنة 60 جلسة 1994/07/14 س 45 ع 2 ص 1208 ق 229)
4 ـ مفاد النص فى المادتين 601، 602 من القانون المدنى يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشروع جعل القاعدة هى أن موت أحد المتعاقدين فى عقد الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذا بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، فإذا لم يعقد الإيجار خلافا للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر ، أو إذا كان الإيجار لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية فإن الإيجار لا ينتهي بقوة القانون بل يجب أن يطلب إنهاؤه ، ولئن كان نص المادة 602 آنفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر ورثة المستأجر المتوفى فى الحالتين المنصوص عليهما فيه، إلا أنه استهداء بالحكمة التى أملته فإن طلب الإخلاء مخول لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب المستأجر لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقضى كفاية قد لا تتوافر فيهم، بخلاف الحالة التى يراعى فى إبرام الإيجار اعتبارات متعلقة بشخص المستأجر فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر وورثة المستأجر على حد سواء، يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 601 من أنه إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات شخصية فى المستأجر كما فى عقد المزارعة و__.فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد، وقد أفصح المشرع عن هذا الاتجاه فى المادة 2/29من القانون 49 لسنة 1977 فاستحدث إضافة فقرة تنص على أنه "_..إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفي فلا تنتهى بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه فى استعمال العين بحسب الأحوال " ومؤدى ما تقدم- ومع استحدثه النص المشار إليه فى فقرته الثانية - فإنه يتبقى طائفة من العقود تحكمها نصوص القانون المدنى بالنسبة لانتهائها أو انتقالها للورثة وهى العقود التى تبرم لغير أعراض السكنى وفى الوقت لا تدخل فى عداد النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني أو الحرفى فتخضع عقود إيجار تلك الأماكن بحسب الأصل لحكم المادة 601 من القانون المدنى فلا تنتهى بوفاة المستأجر وإنما ينتقل الحق فى الإيجار لورثته من بعده- غاية ما فى الأمر - أنه لا يحق لهم طلب إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار أسوة بالعقود الخاضعة للمادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 وعملا بالفقرة الثالثة منها.
(الطعن رقم 1829 لسنة 56 جلسة 1992/01/09 س 43 ع 1 ص 142 ق 32)
5 ـ المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن القانون رقم 121 لسنة 1947 وإن لم يرد به حكم خاص بإنتقال حق المستأجر خلال فترة الإمتداد القانونى إلا أن الحكمة من تقرير المشرع لهذا الإمتداد تقتضى أن الإنتفاع بالإمتداد القانونى لعقد الإيجار بعد وفاة المستأجر فى ظل هذا القانون يقتصر على الأشخاص الذين كانوا يقيمون إقامة مستقرة مستديمة مع هذا المستأجر قبل وفاته، وبصدور القانون رقم 52 لسنة 1969 ثم القانون رقم 49 لسنة 1977 فقد حددت المادة 21 من القانون الأول والمادة 29 من القانون الثانى من لهم حق الإمتداد القانونى من المقيمين مع المستأجر وإذ كانت الدعوى الراهنة أقيمت فى ظل القانون رقم 49 لسنة 1977 فإن أحكام إمتداد الإيجار المنصوص عليها فى المادة 29 منه تسرى على واقعة الدعوى ولو كان عقد الإيجار مبرماً قبل العمل بذلك القانون لتعلق تلك الأحكام بالنظام العام وكان النص فى هذه المادة يدل على أن المشرع إشترط للإفادة من ميزة الإمتداد القانونى الإقامة مع المستأجر حتى الوفاة أو الترك. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى على سند أن القانون رقم 121 لسنة 1947 والقواعد العامة المنصوص عليها فى المادة 601 من القانون المدنى هى التى تحكم النزاع ومفادها أن حق الإيجار إنتقل للمطعون ضده بإعتباره وارثاً لأبيه وبغض النظر عن إقامته فى شقة النزاع فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 1239 لسنة 55 جلسة 1991/10/28 س 42 ع 2 ص 1557 ق 243)
6 ـ المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن القانون رقم 121 لسنة 1947 وإن لم يرد به حكم خاص بإنتقال حق المستأجر خلال فترة الإمتداد القانونى إلا أن الحكمة من تقرير المشرع لهذا الإمتداد تقتضى أن الإنتفاع بالإمتداد القانونى لعقد الإيجار بعد وفاة المستأجر فى ظل هذا القانون يقتصر على الأشخاص الذين كانوا يقيمون إقامة مستقرة مستديمة مع هذا المستأجر قبل وفاته، وبصدور القانون رقم 52 لسنة 1969 ثم القانون رقم 49 لسنة 1977 فقد حددت المادة 21 من القانون الأول والمادة 29 من القانون الثانى من لهم حق الإمتداد القانونى من المقيمين مع المستأجر وإذ كانت الدعوى الراهنة أقيمت فى ظل القانون رقم 49 لسنة 1977 فإن أحكام إمتداد الإيجار المنصوص عليها فى المادة 29 منه تسرى على واقعة الدعوى ولو كان عقد الإيجار مبرماً قبل العمل بذلك القانون لتعلق تلك الأحكام بالنظام العام وكان النص فى هذه المادة يدل على أن المشرع إشترط للإفادة من ميزة الإمتداد القانونى الإقامة مع المستأجر حتى الوفاة أو الترك. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى على سند أن القانون رقم 121 لسنة 1947 والقواعد العامة المنصوص عليها فى المادة 601 من القانون المدنى هى التى تحكم النزاع ومفادها أن حق الإيجار إنتقل للمطعون ضده بإعتباره وارثاً لأبيه وبغض النظر عن إقامته فى شقة النزاع فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 1239 لسنة 55 جلسة 1991/10/28 س 42 ع 2 ص 1557 ق 243)
7 ـ النص فى المادة 21 من قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 - الواجب التطبيق و المقابل لنص المادة 29 من القانون الحالى رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع جعل لبعض أقارب المستأجر المقيمين معه حتى تاريخ وفاته حقاً فى الإستمرار بالإنتفاع بالعين المؤجرة بشروط معينة بينها مما مفاده أن مناط تطبيق هذا النص أن تكون العين المؤجرة قد تم تسليمها للمستأجر و أقام مع أقاربه حتى وفاته ، و إذ خلت نصوص التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن من إيراد نص بحكم الحالة التى يتوفى فيها المستأجر أثناء مدة العقد الإتفاقية ، و قبل إستلامه العين معدة للسكنى ، فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة للإيجار المنصوص عليها فى القانون المدنى ، و منها ما تقضى به المادة 1/601 من القانون المدنى من أن الإيجار لا ينتهى بوفاة المؤجر أو المستأجر ، و أنه إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد متى أثبت أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم ، مما مفاده أنه بوفاة المستأجر تنتقل الحقوق و الإلتزامات الناشئة عن عقد الإيجار إلى ورثته أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية إنها لا تبرم عادة لإعتبارات شخصية و يحق لهم الإنتفاع بالعين المؤجرة بغض النظر عن سبق إقامة مورثهم أو إقامتهم معه فيها .
(الطعن رقم 785 لسنة 55 جلسة 1990/04/18 س 41 ع 1 ص 1010 ق 166)
8 ـ إنه و لئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يكفى إختصام المستأجر من الباطن ، و إنما يجب إختصام المستأجر الأصلى إذا كان سبب دعوى الإخلاء هو تأجير العين المؤجرة من الباطن بغير إذن كتابى من المؤجر و بالمخالفة لشروط عقد الإيجار فإن مناط ذلك أن يكون عقد الإيجار مازال قائماً بإستمرار حياة المستأجر الأصلى أما إذا كان هذا المستأجر قد توفى ، فإن الأمر يصبح محدوداً بحكم المادة 1/601 من القانون المدنى و المادة 21 من ق 52 لسنة 1969 المقابلة لنص المادة 1/29 من القانون 49 لسنة 1977 و إذ كان نص المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 المقابل لنص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 قد جرى على أنه : " مع عدم الإخلال بحكم المادة الخامسة من هذا القانون لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك و فيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة يشترط لإستمرار عقد الإيجار إقامتهم فى السكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر و مدة شغله للمسكن أيهما أقل .. " فإن مؤدى ذلك أن المشرع قيد من إطلاق حكم الفقرة الأولى من المادة 601 من القانون الذى جرى على أنه " لا ينتهى الإيجار بموت المؤجر و لا بموت المستأجر " و عدد حالات إستمرار العقد بعد وفاة المستأجر الأصلى ، حصراً ، جاعلاً القاعدة فيمن يستمر العقد لصالحه من الذين أوردهم تحديداً هى الإقامة مع المستأجر الأصلى و لم يجعل ركيزة هذه القاعدة علاقة الإرث بين المستأجر الأصلى و ورثته بما مفاده أن دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن التى يقيمها المؤجر لمخالفة المستأجر الأصلى شروط عقد الإيجار ، و هى دعوى لا تتعلق - فى حالة وفاة هذا الأخير - بتركته التى تكون محلاً للتوريث . و إذ كان نص المادة الأولى من القانون رقم 71 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1971 قد جرى على أن " تؤول إلى الدولة ملكية التركات الشاغرة الكائنة بالجمهورية العربية المتحدة و التى يخلفها المتوفون من غير وارث و أياً كانت جنسيتهم و ذلك من تاريخ وفاتهم ، و تعد الإدارة العامة لبيت المال بوزارة الخزانة قوائم على العقارات التى تتضمنها هذه التركات " . كما نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2937 لسنة 1971 بشأن ضم الإدارة العامة لبيت المال إلى الهيئة العامة لبنك ناصر على أن " تضم الإدارة العامة لبيت المال إلى الهيئة العامة لبنك ناصر و تؤول إلى الهيئة كافة ما لها من حقوق و أموال و موجودات و ما عليها من التزامات و تتولى مباشرة إختصاصها على النحو المبين بالقانون رقم 71 لسنة 1962 . " فإن مؤدى ذلك أن مناط وجوب إختصام بيت المال " الهيئة العامة لبنك ناصر " أن تتعلق الدعوى بتركة شاغرة .و حيث أن دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن فى حالة وفاة المستأجر الأصلى - إذا كان بلا وارث ظاهر - لا تتعلق بتركته ، فإنه لا يكون ثمة محل لوجوب إختصام بيت المال فيها ، و إذ كان ذلك و كان المطعون ضده قد أقام دعواه مختصماً فيها المستأجرة الأصلية و الطاعنين كمستأجرين من الباطن ، و إذ توفيت الأولى بلا ورث ظاهر و إنقطع سير الخصومة فى الدعوى ، فجعلها المطعون ضده ضد الطاعنين فقط كواضعين لليد على العين بلا سند من القانون ، فإن قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى بحالتها الأخيرة يكون قد إلتزم صحيح القانون .
(الطعن رقم 46 لسنة 49 جلسة 1984/06/21 س 35 ع 2 ص 1712 ق 326)
9 ـ النص فى المادة 601 من القانون المدنى على أنه " لا ينتهى الإيجار بموت المؤجر و لا بموت المستأجر ... " و فى المادة 602 منه على أنه " إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لإعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلبا إنهاء العقد " يدل - و على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - على أن الأصل هو أن الإيجار لا ينتهى بموت المستأجر و أن الحقوق الناشئة عن العقد و الإلتزمات المترتبة عليه تنتقل إلى ورثته و إن كان يحق لهم طلب إنهائه إذا كان لم يعقد إلا بسبب حرفة مورثهم أو لإعتبارات أخرى متعلقة بشخصه ، إذ قد يكون فى إستمرار الإيجار رغم عدم توافر القدرة لدى ورثته على إستعمال الشىء المؤجر فيما أجر لتحقيق من أغراض إعنات لهم رأى المشرع إعفاءهم منه ، كما يحق للمؤجر طلب الإنهاء إذا كانت الإعتبارات الشخصية فى المستأجر هى التى دفعت المؤجر إلى التعاقد معه بحيث لا يصلح ورثته للحلول محله فى تحقيق الغرض من الإيجار .
(الطعن رقم 8 لسنة 49 جلسة 1984/05/10 س 35 ع 1 ص 1245 ق 238)
10 ـ النص فى المادة 1/601 من القانون المدنى قد جرى على أن عقد الإيجار لا ينتهى بوفاة المستأجر ، و جرى قضاء هذه المحكمة على أنه يشترط للإنتفاع بالإمتداد القانونى للعقد بعد وفاة المستأجر فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يكون المستفيدون من هذا الإمتداد - سواء من الورثة أو غيرهم مقيمين عادة مع المستأجر الأصلى عند وفاته ، فإنه يشترط لإعمال هذا الحكم المتقدم ثبوت إقامة المستفيد إقامة مستقرة بالمكان المؤجر قبل وفاة المستأجر و ألا يتعارض الحكم بإستمرار عقد الإيجار للمستفيد من أى نص أمر متعلق بالنظام العام و إذ نصت المادة 10 من القانون رقم 121 لسنة 1947 على أنه " لا يجوز للشخص الواحد أن يحتجز فى البلد الواحد أكثر من مسكن واحد لسكناه و نصت المادة 16 من هذا القانون على تأثيم هذا الفعل جنائياً فإن الحظر المنصوص عليه فى المادة العاشرة سالفة البيان يكون متعلقاً بالنظام العام ، و إذ أقام المطعون ضدهم الدعوى بالإخلاء لإنتهاء العقد بوفاة المستأجرة الأصلية و تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الإستئناف و على ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه بأن الطاعن لا حق له فى الإمتداد لعدم إقامته بعين النزاع ، و لأنه يحتجز مسكناً آخر يقيم فيه بصفة دائمة هو و أسرته و قدموا المستندات التى تؤيد دفاعهم بما مفاده أنهم ينازعون الطاعن فى دفاعه لتعارضه مع نص آمر متعلق بالنظام العام و لا يندرج ذلك بحال فى مفهوم الطلبات الجديدة المحظور إبداؤها أمام الإستئناف فى حكم المادة 5 1/23 من قانون المرافعات و لا تثريب على المحكمة إن تحققت من هذا الدفاع و هو شرط لازم لإمتداد العقد و لا يعد تغييراً منها لموضوع الدعوى .
(الطعن رقم 112 لسنة 48 جلسة 1984/04/26 س 35 ع 1 ص 1083 ق 206)
11 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه إذا كانت وفاة المستأجر قبل إنقضاء المدة المتفق عليها فى عقد الإيجار ، فإن وفاته ليس من شأنها وفق القاعدة العامة الواردة فى المادة 601 من القانون المدنى - أن تنهى العقد فيظل قائماً بعد الوفاة ، و ينتقل الحق فى الإنتفاع بالعين إلى الورثة الشرعيين الذين يلتزمون نحو المؤجر بأداء الأجرة ما بقيت مدة العقد الإتفاقية إلا أن الأحكام العامة الواردة فى القانون المدنى المنظمة لإنتقال الحق فى الإيجار لا محل لها عند وفاة مستأجر المكان للسكنى بعد إنقضاء المدة المتفق عليها ، و خلال فترة إمتداد إيجار الأماكن بحكم القانون ، إعتباراً بأن حق المستأجر فى هذه الفترة يكون لصيقاً بشخصه و مستمداً من التشريع الإستثنائى المنظم له لا من بنود العقد أو أحكام القانون العام ، بحيث تزول الأسباب الداعية لهذا الإمتداد القانونى متى توفى المستأجر و إنتهى شغله للعين التى إستأجرها ، لما كان ذلك و كان الواقع فى الدعوى أن المستأجر الأصلى لشقة النزاع المرحوم ..... قد توفى بتاريخ 1966/2/6 أى قبل نفاذ القانون رقم 2ه لسنة 1969 المعمول به إعتباراً من 1969/8/18 فإن القانون الواجب التطبيق على واقعة الدعوى هو القانون رقم 121 لسنة 1947 و إذا لم يرد فى هذا القانون حكم خاص بإنتقال حق المستأجر خلال فترة الإمتداد القانونى فإن الحكمه التى حفزت التشريع الإستثنائى إلى تقرير هذا الإمتداد و التى إستهدفت حماية شاغل العين من عسف المؤجر و تمكينه من السكنى فى أزمة الإسكان القائمة ، تقضى بأن الإنتفاع بالإمتداد القانونى لعقد الإيجار بعد وفاة المستأجر فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 21 لسنة 1947 - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يقتصر على الأشخاص الذين كانوا يقيمون إقامة دائمة مع المستأجر قبل وفاته ، بمعنى أن غير المقيمين مع المستأجر لا شأن لهم بهذا الإمتداد و لو كانوا من ورثته ، و المقيمون يستفيدون و لو لم يكونوا من الورثة ،و لما كان الثابت من الأوراق و مدونات الحكم المطعون فيه أن وفاة المستأجر الأصلى حدثت بعد إنقضاء المدة المتفق عليها بالعقد فإن الحكم المطعون فيه إذ إنتهى إلى وجوب أن يكون الطاعن من ورثة المستأجر الأصلى طبقاً لأحكام المادة 1/601 من القانون المدنى حتى يستفيد من إقامته معه و إمتداد عقد الإيجار لصالحه ، يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 916 لسنة 53 جلسة 1984/03/26 س 35 ع 1 ص 814 ق 158)
12 ـ مؤدى المادتين 601 و 602 من القانون المدنى - و على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن المشرع جعل القاعدة العامة أن موت مورث أحد المتعاقدين فى عقد الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق و الإلتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لإعتبارات شخصية ، و إستثنى من ذلك عقد الإيجار المعقود بسبب حرفة المستأجر أو مهنته فإنه أخذاً بما دلت عليه المذكرة الإيضاحية للمادة 601 من القانون المدنى لا ينتهى بمجرد وفاة المستأجر و إنما يجوز لورثة هذا المستأجر وحدهم طلب إنهاء العقد إذا كانت ممارسة المستأجر لمهنته أو حرفته بالعين المؤجرة تعود منفعتها عليه وحده كما يجوز لهم و للمؤجر طلب إنهائه إذا كانت المنفعة الناتجة عن ممارسة المستأجر لمهنته أو حرفته بالعين المؤجرة تعود عليه و على المؤجر معاً . لما كان ذلك و كانت ممارسة مورث الطاعنين لمهنته بالعين المؤجرة تعود فائدتها عليه وحده فلا يكون للمؤجر أو ورثته طلب الإخلاء لإنتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر المذكور و يكون الحكم إذ قضى بإنتهاء العقد و الإخلاء من العين المؤجرة كعيادة طبية مخطئاً فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 1275 لسنة 48 جلسة 1979/12/05 س 30 ع 3 ص 162 ق 370)
13 ـ وفاة المستأجر قبل إنقضاء المدة المتفق عليها فى عقد الإيجار - ليس من شأنها وفق القاعدة العامة المقررة فى المادة601 من القانون المدنى - أن تنهى العقد فيظل قائماً بعد الوفاة و ينتقل الحق فى الإنتفاع بالعين المؤجرة إلى الورثة الشرعيين الذين يلتزمون نحو المؤجر بأداء الأجرة ما بقيت مدة العقد الإتفاقية .
(الطعن رقم 146 لسنة 43 جلسة 1977/12/28 س 28 ع 2 ص 1902 ق 327)
14 ـ النص فى المادة 601 من القانون المدنى على أنه " لا ينتهى الإيجار بموت المؤجر و لا بموت المستأجر . . . " و فى المادة 602 منه على أنه " إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لإعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد " يدل على أن المشرع جعل القاعدة أن موت أحد المتعاقدين فى عقد الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق و الإلتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لإعتبارات شخصية ، فإذا لم يعقد الإيجار خلافاً للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر ، أو إذا كان الإيجار لم يبرم إلا لإعتبارات شخصية مراعاة فيه ، فإن الإيجار لا ينتهى بقوة القانون بل يجب أن يطلب إنهاوه . و لئن كان ظاهر نص المادة 602 آنفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر و ورثة المستأجر المتوفى فى الحالتين المنصوص عليها فيه ، إلا أنه إستهداء بالحكمة التى أملته فإن طلب الإخلاء مخول لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر ، لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقتضى كفاية قد لا تتوفر فيهم ، بخلاف الحالة التى يراعى فى إبرام الإيجار إعتبارات تتعلق بشخص المستأجر فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر و ورثة المستأجر على سواء ، يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية من أنه " إذا كان الإيجار قد عقد لإعتبارات شخصية فى المستأجر كما إذا أجرت العين لتكون مكتب محام أو عيادة طبيب ، و كما فى عقد المزارعة فيجوز لورثة المستأجر (كما فى مكتب المحامى و عيادة الطبيب )و يجوز للمؤجر (كما فى حالة المزارعة )أن يطلب إنهاء العقد . . . " و قد أفصح المشرع عن هذا الإتجاه فى المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير و بيع الأماكن و تنظيم العلاقة بين المؤجر و المستأجر و المقابلة للمادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 السابق عليه ، فإستحدث إضافة فقرة تنص على أنه " . . . فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفى فلا تنتهى بوفاة المستأجر . أو تركه العين و يستمر لصالح ورثته و شركائه فى إستعمال العين بحسب الأحوال . . . " مما مفاده أن ورثة المستأجر وحدهم هم الذين يحق لهم طلب الإنهاء طالما كان الإيجار معقوداً بسبب حرفة مورثهم .
(الطعن رقم 862 لسنة 43 جلسة 1977/10/26 س 28 ع 2 ص 1573 ق 271)
15 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادتين 601، 602 من القانون المدني أن المشرع جعل القاعدة هي أن موت أحد المتعاقدين فى عقد الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية. فإذا لم يعقد الإيجار خلافاً للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر أو كان الإيجار لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية فإن الإيجار لا ينتهي بقوة القانون بل يجب أن يطلب إنهاؤه، ولئن كان ظاهر نص المادة 602 آنفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر وورثة المستأجر المتوفي فى الحالتين المنصوص عليهما فيه إلا أنه استهداء بالحكمة التي أملته فإن طلب الإخلاء مخول لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقتضي كفاية قد لا تتوافر فيهم بخلاف الحالة التي يراعى فى إبرام الإيجار اعتبارات متعلقة بشخص المستأجر فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر وورثة المستأجر على حد سواء. يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 601 من أنه إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات شخصية فى المستأجر فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد. وقد أفصح المشرع عن هذا الاتجاه فى المادة 29/2 من القانون 49 لسنة 1977 فاستحدث إضافة فقرة تنص على أنه "إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه فى استعمال العين بحسب الأحوال" ومؤدى ما تقدم - وعلى ما استحدثه النص المشار إليه فى فقرته الثانية - فإنه يتبقى طائفة من العقود تحكمها نصوص القانون المدني بالنسبة لانتهائها أو انتقالها للورثة وهي العقود التي تبرم لغير أغراض السكنى وفي نفس الوقت لا تدخل فى عداد النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني أو الحرفي فتخضع عقود إيجار تلك الأماكن بحسب الأصل لحكم المادة 601 من القانون المدني فلا تنتهي بوفاة المستأجر وإنما ينتقل الحق فى الإيجار لورثته من بعده - غاية ما فى الأمر - أنه لا يحق لهم طلب إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار أسوة بالعقود الخاضعة للمادة 29/3 من القانون 49 لسنة 1977 وعملاً بالفقرة الثالثة منها.
(الطعن رقم 2493 لسنة 71 جلسة 2002/12/19 س 53 ع 2 ص 1231 ق 238)
16 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا خلا قانون إيجار الأماكن من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد إنتهت وأصبح العقد ممتداً بقوة القانون الخاص وإذ كان القانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين قد حدد المستفيدين من الإمتداد القانوني عند وفاة المستأجر فيما يتعلق بعقود إيجار المساكن دون سواها فلا يجوز تطبيق حكمه على ما عقد لغير غرض السكن ويطبق على الأماكن الأخيرة فى حالة وفاة مستأجرها فى ظل العمل بأحكامه - ما نصت عليه المادة 601 من القانون المدني من أنه "لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر.......... والمادة 602 منه على أنه "إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لإعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد".
(الطعن رقم 955 لسنة 52 جلسة 1989/02/02 س 40 ع 1 ص 380 ق 72)
17 ـ إذ كانت المادة 1/601 من القانون المدني تقضي بأن موت المستأجر ليس من شأنه أن ينهي عقد الإيجار ، و كان الغرض من إيجار العين موضوع الدعوى هو استعمالها مسكناً و مكتباً ، فان الإجارة لا تنتهي بوفاة المستأجرة بالنسبة للمكان المؤجر لغير السكن ، بل ينتقل الحق فيها إلي ورثتها ، لما كان ما تقدم ، و كان البين من الاعلام الشرعي الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية " دائرة الأحوال الشخصية لشئون الأجانب " أن المستأجرة توفيت و انحصر إرثها فى الطاعن دون سواه بوجب وصيتها ، و كان الموصي له بجميع التركة يعتبر خلفاً عاماً للموصي و يأخذ حكم الوارث بخلاف الموصي له بمال معين الذي يعتبر خلفاً خاصاً و لا يأخذ حكم الوارث بخلاف الموصي له بمال معين الذي يعتبر خلفاً خاصاً و لا يأخذ حكم الوارث ، فانه يحق للطاعن التمسك باستمرار عقد الإيجار لصالحه فى المكان الذي كانت المستأجرة تمارس فيه نشاطها الاقتصادي متي ثبت أنها إستمرت فعلا فى مزاولة هذا النشاط حتي وفاتها و لم تحدث تعديلاً فى استعمال العين و تقصره علي السكني وحدها . وإذ خالف الحكم هذا النظر ، و أقام قضاءه علي أن الطاعن ليس من بين الأشخاص الذين عددتهم المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 و أن الوارث بالوصية لا يستفيد من حكم الامتداد المقرر لورثة المستأجر ، فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 346 لسنة 49 جلسة 1950/05/21 س 31 ع 2 ص 1460 ق 276)
18 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار فى القانون المدني ، وهى واجبة التطبيق فى الأصل على ما يُبرم فى ظلها من عقود ما لم يرد فى تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها لتعلق أحكام التشريعات الأخيرة بالنظام العام ، فإذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة ، تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني باعتبارها الأساسية حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد ممتداً بقوة القانون الاستثنائى ، وكان النص فى المادة 601 من القانون المدني على أنه " لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر " وفي المادة 602 على أنه " إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لأي اعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته وللمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد " يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع جعل القاعدة هي أن موت أحد المتعاقدين فى عقد الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تُبرم عادة لاعتبارات شخصية ، فإذا لم يُعقد الإيجار خلافاً للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر أو كان الإيجار لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية ، فإن الإيجار لا ينتهي بقوة القانون ، بل يجب أن يُطلب إنهاؤه ، ولئن كان ظاهر نص المادة 602 آنفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر وورثة المستأجر المتوفى فى الحالتين المنصوص عليهما فيه ، إلا أنه استهداء بالحكمة التى أملته فإن طلب الإخلاء مخول لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يُعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر ، لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقتضي كفاية قد لا تتوفر فيهم بخلاف الحالة التي يراعى فى إبرام الإيجار اعتبارات متعلقة بشخص المستأجر ، فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر وورثة المستأجر على حد سواء ، يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 601 من أنه إذا كان الإيجار قد عُقد لاعتبارات شخصية فى المستأجر فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد ، وقد أفصح المشرع عن هذا الاتجاه فى المادة 29 /2 من القانون 49 لسنة 1977 ، فاستحدث إضافة فقرة تنص على أنه " إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفى فلا ينتهى العقد بموت المستأجر ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته فى ذات النشاط ... " ومؤدى ما تقدم - وعلى ما استحدثه النص المشار إليه فى فقرته الثانية - فإنه يتبقى طائفة من العقود تحكمها نصوص القانون المدني بالنسبة لانتهائها أو انتقالها للورثة ، وهى العقود التى تُبرم لغير غرض السكنى ، وفى نفس الوقت لا تدخل فى عداد النشاط التجارى أو الصناعى أو المهنى أو الحرفى ، فتخضع عقود إيجار تلك الأماكن بحسب الأصل لحكم المادة 601 من القانون المدنى ، فلا تنتهى بوفاة المستأجر وإنما ينتقل الحق فى الإيجار لورثته من بعده ، وكان من المقرر أن مفاد المواد 563 ، 598 ، 599 ، 600 من القانون المدنى أنه إذا اتفق المتعاقدان على مدة عقد الإيجار انقضى العقد بفواتها ما لم يشترط لانتهائه صدور تنبيه بالإخلاء قبل نهاية مدته ، وفى حالة عدم التنبيه يمتد عقد الإيجار إلى مدة أخرى أو إلى مدة غير محددة طبقاً لاتفاقهما ، ويُعد بقاء المستأجر فى العين بعلم المؤجر ودون اعتراض منه تجديداً ضمنياً للعقد ، وتكون مدته فى هذه الحالة هى المدة المحددة لدفع الأجرة مع وجوب التنبيه بالإخلاء من أحد الطرفين فى المواعيد القانونية المنصوص عليها فى المادة 563 من القانون المذكور ، فإذا نبه المؤجر على المستأجر بالإخلاء عند انتهاء مدة العقد واستمر الأخير رغم ذلك منتفعاً بالعين بعد انتهاء الإيجار فلا يُفترض أن الإيجار قد تجدد ما لم يقم الدليل على العكس .
(الطعن رقم 12154 لسنة 79 ق- جلسة 4 / 3 / 2023)
تنص المادة 601 من التقنين المدني على ما يأتي :
«1- لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر» .
«2- ومع ذلك إذا مات المستأجر، جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد إذا أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم، أو أصبح الإيجار مجاوزًا حدود حاجتهم وفي هذه الحالة يجب أن تراعى مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة في المادة 563، وأن يكون طلب إنهاء العقد في مدة ستة أشهر على الأكثر من وقت موت المستأجر».
ويتبين من هذه النصوص أن الأصل أن موت أحد المتعاقدين في عقد الإيجار لا ينهي العقد، بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة ذلك أن عقد الإيجار لا يبرم عادة لاعتبارات شخصية، بخلاف عقد الشركة مثلاً أو عقد الوكالة، فيبقى بعد موت أحد المتعاقدين أو كليهما إلى أن ينتهي.
فلا ينتهي الإيجار إذن بموت المؤجر ويبقى المستأجر ملتزمًا نحو الورثة، ويؤدي الأجرة لهم وتنقسم الأجرة على الورثة كل بمقدار نصيبه في الميراث، إلا إذا كان تضامنهم مشروطًا، وكذلك الأمر في الحقوق الأخرى القابلة للانقسام كالتعويض بسبب الحريق ويصبح الورثة ملتزمين بجميع التزامات المؤجر، في حدود التركة وينقسم منها عليهم ما هو قابل للانقسام كل بمقدار نصيبه في الميراث، كالتعويض الناشئ عن الضمان ويبقى غير منقسم ما هو غير قابل للانقسام، كالالتزام بالتسليم والالتزام بضمان التعويض .
كذلك لا ينتهي الإيجار، كقاعدة عامة، بموت المستأجر ويكون ورثته ملتزمين نحو المؤجر ويؤدون له الأجرة في حدود التركة، وتنقسم الأجرة عليهم كل بمقدار نصيبه في الميراث، إلا إذا كان تضامنهم مشروطًا وكذلك الأمر في الالتزامات الأخرى القابلة للانقسام، كالتعويض عن الرحيق وللورثة تقاضي حقوق المستأجر من المؤجر، كل بمقدار نصيبه في الميراث، إلا فيما هو غير قابل للانقسام .
وإذا كان الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر، فإنه قد ينتهي بموت المستأجر وذلك في الحالتين الآتيتين :
( الحالة الأولى ) إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ( م 602 مدني ) . فإذا مكان ليكون مكتبًا لمحام أو عيادة لطبيب أو مخزونًا للأدوية او مرسمًا لفنان، فإن الإيجار هنا لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر فإذا مات هذا، لم يجز للمؤجر أن يطالب الورثة بالبقاء في العين المؤجرة، لأن مباشرة مهنة المورث تقتضي كفاية فنية قد لا تتوافر فيهم، فيجوز لهم أن يطلبوا إنهاء الإيجار قبل انقضاء مدته، ويعلنون طلبهم هذا للمؤجر، دون حاجة إلى ميعاد للتنبيه بالإخلاء ولكن قد يرى القاضي إعطاء المؤجر مهلة معقولة قبل إنهاء الإيجار، ليتمكن من العثور على مستأجر جديد وإذا كان من بين الورثة من له حرفة المورث، ويريد الاستمرار في مزاولة الحرفة في المكان المؤجر فإن ذلك يكون بعقد إيجار جديد بينه وبين المؤجر على أن إنهاء الإيجار في هذه الحالة هو رخصة الورثة فلهم ألاَّ يستعملوا هذه الرخصة، وأن يتمسكوا بعقد الإيجار إلى نهاية موته .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس الصفحة/ 1155)
ومفاد ذلك أن الأصل أن الإيجار لا ينتهي بموت أحد المتعاقدين خلال مدة العقد بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه للورثة، ففي حالة موت المؤجر يظل المستأجر ملتزماً بالأجرة وتنقسم على الورثة كل بمقدار نصيبه في الميراث ويظل الورثة ملتزمين قبل المستأجر بجميع التزامات المؤجر في حدود التركة وينقسم عليهم التعويض ويبقى الضمان بدون انقسام م 571 وفي حالة موت المستأجر يلتزم ورثته بالأجرة في حدود التركة وتنقسم عليهم كل بمقدار نصيبه في الميراث ولهم تقاضى حقوق مورثهم من المؤجر كل بمقدار نصيبه في الميراث إلا فيما هو غير قابل للانقسام، ولا تتعارض هذه الأحكام مع قانون الإيجار إذا حدثت الوفاة قبل انقضاء مدة العقد، أما إذا كانت مدة العقد قد انتهت وظل المستأجر شاغلاً للعين وفقاً لأحكام قانون الإيجار ثم توفي زالت الأسباب التي من أجلها قرر قانون الإيجار امتداد الإيجار والمقصود بها حمايته من عسف المؤجر وتعين القول بانتهاء الامتداد القانوني بالنسبة لكل مستأجر بمجرد وفاته ولا تتقل الورثته غير المقيمين معه إذ أنه بالنسبة لأفراد عائلة المستأجر ومن يرى أن يتكفل بسكنهم ولو لم يكونوا من ورثته وكانوا يقيمون معه عند بدء الإجارة أن يبقی لهم بعد وفاته حق الانتفاع بالعين بموجب العقد لا بالميراث ولكن ينتهى الإيجار بموت المستأجر إذا أثبت الورثة أن العقد مرهق لهم أو أنه مجاوز لحدود حاجتهم وليس من الضروري أن يجتمع الأمران معاً، ويقع عليهم عبء الإثبات ولكن يشترط أن يطلبوا إلى المؤجر إنهاء العقد في خلال ستة أشهر على الأكثر من وقت الوفاة وأن ينبهوا على المؤجر بالإخلاء في المواعيد المبينة في المادة 563 مدنى، ویستوى أن يكون الإيجار معين المدة أو غير معينها، ويراعى أن هذه الأحكام ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على أن الإيجار ينتهي بموت المؤجر أو بموت المستأجر أو بموت أي منهما. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 227)
الأصل أن الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر ولا بموت المستأجر، فإذا مات المؤجر بقى الإيجار نافذاً في مواجهة ورثته وعليهم أن يمكنوا المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة وعليهم أيضاً ضمان التعرض والاستحقاق، وضمان ما في العين المؤجرة من عيوب وإذا مات المستأجر كان على ورثته أن يؤدوا الأجرة للمؤجر في حدود التركة التي ورثوها من المستأجر، وتتقسم الأجرة بينهم كل بحسب نصيبه في الميراث، إلا إذا كان تضامنهم مشروطاً. وكذلك الأمر في الحقوق الأخرى التي تقبل الانقسام كالتعويض بسبب الحريق، أما الحقوق التي لا تقبل الانقسام فتبقى غير منقسمة كالتزام المؤجر بالتسليم وبضمان التعرض.
ولكن هذه القاعدة ليست آمرة، فيجوز الاتفاق في العقد على انتهائه بوفاة أي من طرفيه، فينتهى الإيجار وفقاً لهذا الاتفاق إذا مات المؤجر أو المستأجر، ولو كانت المدة المحددة لسريانه في العقد لم تنته بعد.
ويرد على القاعدة المذكورة استثناءان، إذ يجوز لورثة المستأجر إنهاء عقد الإيجار في حالتين .
ينتقل الإيجار بعد موت المستأجر إلى جميع ورثته، فلا يشترط في الوارث الذي ينتقل إليه الإيجار، أن يكون ممارساً لنفس المهنة أو الحرفة التي كان يمارسها مورثه - إذا كانت العين مؤجرة لممارسة مهنة أو حرفة - لأن النص جاء عاماً، فلا يجوز تخصيصه بغير مخصص.
إذا أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها موارد الورثة:
يجوز لورثة المستأجر إنهاء العقد، إذا أصبحت أعباء العقد بعد وفاة مورثهم أثقل من أن تتحملها مواردهم، أي أصبح العقد مرهقاً لهم ومثل ذلك أن يكون المورث موظفاً يتقاضى راتباً ضخماً من وظيفته دون أن يكون له إيراد غير هذا المرتب، واستأجر لإقامته منزلاً واسعاً بأجرة كبيرة، ثم مات ولم يصبح في طاقة ورثته دفع هذه الأجرة، بعد أن انقطع عنهم کسب مورثهم.
وتقدير ما إذا كان الإيجار مرهقاً للورثة أم لا، مسألة موضوعية يفصل فيها قاضي الموضوع تبعاً لظروف الحال.
- إذا أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجة الورثة:
إذا أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجة الورثة، كان للورثة طلب إنهاء العقد ومثل ذلك أن يكون المورث محتاجاً أثناء حياته إلى فيلا نظراً لظروفه الاجتماعية وكثرة اتصالاته، ولا يكون الورثة في حاجة إليها، ولا يحتاجون إلا إلى شقة.
وتقدير ما إذا كان الإيجار قد أصبح مجاوزاً لحدود حاجة الورثة مسألة موضوعية يفصل فيها قاضى الموضوع تبعا لظروف الحال.
- الاستثناءان مقرران لمصلحة الورثة:
الأستثناءان أن سالفا الذكر مقرران لمصلحة ورثة المستأجر، فإذا رغب الورثة في استمرار الإيجار. فليس للمؤجر إجبارهم على إنهاء العقد.
ويقع على عاتق ورثة المستأجر عبء إثبات توافر أحد الاستثنائين سالفي الذكر، ذلك أنه يكفى توافر أحدهما فقط دون الآخر لطلب الإنهاء.
ويفصح عن التزام الورثة بالإثبات أن المادة استعملت عبارة "إذا أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم .... إلخ"، فضلاً عن أن الورثة هم المدعون، والبينة على من ادعى.
وإذا توافرت إحدى الحالتين سالفتي الذكر، فإنه يشترط لإنهاء الإيجار ما يأتي:
1- أن يراعى ورثة المستأجر مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة في المادة 563 مدنى، ويستوي أن يكون الإيجار معين المدة أو غير معين المدة.
وقد قصد من ذلك ألا يفاجأ المؤجر بطلب الإخلاء. ومحل مراعاة مواعيد التنبيه المذكورة ألا تكون المدة الباقية على انتهاء العقد أقل من هذه المواعيد.
2- أن يكون طلب إنهاء العقد في مدة ستة أشهر على الأكثر من موت المستأجرة:
وقد قصد بهذا الشرط عدم ترك مصير العقد معلقاً مدة طويلة بعد وفاة المستأجر.
وهذه المدة، مدة سقوط لا تقبل الوقف ولا الانقطاع فإذا مضت ستة أشهر على وفاة المستأجر، لم يستطع الورثة بعدها أن يطلبوا إنهاء العقد ولو كانوا يجهلون وجود الإيجار.
ولا يشترط في الطلب شكل خاص، ولا يلزم أن ترفع به دعوى، ويجوز أن يقدم الطلب من بعض الورثة إن تعدوا وعندئذ ينتهى الإيجار بالنسبة لمن طلبه فحسب، وللمؤجر في هذه الحالة أن يطلب فسخ الإيجار إذا لم يرض بهذه التجزئة .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع، الصفحة/ 1070)
الأصل في القانون أن الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر ولا بموت المستأجر وذلك خلافاً لما تقضي به الشريعة الإسلامية من أن موت المؤجر أو المستأجر يترتب عليه فسخ الإيجار ( المواد 664 - 666 والمواد 680 - 705 من مرشد الحيران ).
فإذا مات المؤجر استمر العقد بين ورثته والمستأجر وبقي هذا ملزماً بالأجرة نحو الورثة ووجبه على هؤلاء أن يتقيدوا بالإيجار الصادر من مورثهم ما دامت العين المؤجرة موجودة في تركته، وإذا مات المستأجر كان على ورثته أن يؤدوا الأجرة للمؤجر في حدود تركة المستأجر وقد نصت المادة 601 فقرة أولى مدني على ذلك إذ قررت أن «لا ينتهي الايجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر» ( ويقابلها صدر المادة 391/ 478 مدني قديم )
غير أن المشرع خرج على هذا الأصل واستثنى منه حالتين يكون فيهما موت المستأجر مسوغاً لفسخ الإيجار قبل انقضاء مدته.
أما الاستثناء الثاني فلم يكن منصوصاً عليه في التقنين الملغي، ونصت عليه المادة 601 فقرة ثانية من التقنين الحالي حیث قررت أنه ( ۰۰۰ إذا مات المستأجر، جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد إذا أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم، أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم، وفي هذه الحالة يجب أن تراعى مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة في المادة 563 وأن يكون طلب إنهاء في مدة ستة أشهر على الأكثر من وقت موت المستأجر.
وهذا الاستثناء يتعلق بالايجار الذي لم يكن فيه شخصية المستأجر اعتبار خاص فاذا اثبت ورثة المستأجر بعد موته أن الإيجار مرهق لهم بمعنى أنه لا يتناسب وما ورثوه عن المستأجر أو أن العين المؤجرة تجاوز حدود حاجتهم كما إذا كان المورث قد استأجر منزلاً فخماً بأجرة كبيرة نظراً لمكانته الاجتماعية ثم مات فلم يبق للورثة حاجة لهذا المنزل ولا طاقة يدفع أجرته بعد أن انقطع عنهم كسب مورثهم ن جاز لهم أن يطلبوا إنهاء العقد بشرطين:
(1)أن يطلبوا ذلك في خلال ستة أشهر من موت المستأجر.
(2) وأن ينبهوا على المؤجر برغبتهم في إخلاء العين المؤجرة مع مراعاة المواعيد المنصوص عليها في المادة 563.
وظاهر أن هذا الاستثناء مقرر لمصلحة ورثة المستأجر أما إذا رغبت الورثة في استمرار الإيجار فليس للمؤجر أن يطلب إنهاءه. (الوافي في شرح القانون المدني، للدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن، الصفحة/ 740)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 271
انْفساخ الإْجارة بالْموْت:
72 - سبق ذكْر أنّ الْحنفيّة يروْن أنّ الإْجارة تنْقضي بموْت أحد الْعاقديْن اللّذيْن يعْقدان لنفْسيْهما، كما تنْقضي بموْت أحد الْمسْتأْجرين أوْ أحد الْمؤجّريْن في حصّته فقطْ.
وقال زفر: تبْطل في نصيب الْحيّ أيْضًا؛ لأنّ الشّيوع مانعٌ منْ صحّة الإْجارة ابْتداءً، فأعْطاه حكْمه.
ورجّح الزّيْلعيّ الرّأْي الأْوّل وقال: لأنّ الشّروط يراعى وجودها في الابْتداء دون الْبقاء. وعلّل لانْفساخ الإْجارة بالْموْت، فقال: لأنّ الْعقْد ينْعقد ساعةً فساعةً بحسب حدوث الْمنافع، فإذا مات الْمؤجّر فالْمنافع الّتي تسْتحقّ بالْعقْد هي الّتي تحْدث على ملْكه، فلمْ يكنْ هو عاقدًا ولا راضيًا بها. وإنْ مات الْمسْتأْجر فإنّ الْمنْفعة لا تورث.
ولا يظْهر الانْفساخ إلاّ بالطّلب، فلوْ بقي الْمسْتأْجر ساكنًا بعْد موْت الْمؤجّر غرّمه الأْجْر لمضيّه في الإْجارة، ولا يظْهر الانْفساخ إلاّ إذا طالبه الْوارث بالإْخْلاء. وإذا مات الْمؤجّر، والدّابّة أوْ ما يشْبهها في الطّريق، تبْقى الإْجارة حتّى يصل الْمسْتأْجر إلى مأْمنه. وإذا مات أحد الْعاقديْن والزّرْع في الأْرْض بقي الْعقْد بالأْجْر الْمسمّى حتّى يدْرك.
وذهب بعْض فقهاء التّابعين - الشّعْبيّ والثّوْريّ واللّيْث - إلى ما ذهب إليْه الْحنفيّة من الْقوْل بانْفساخ الإْجارة بموْت الْمؤجّر أو الْمسْتأْجر؛ لأنّ الْمؤجّر بطل ملْكه بموْته، فيبْطل عقْده. كما أنّ ورثة الْمسْتأْجر لا عقْد لهمْ مع الْمؤجّر، والْمنافع الْمتجدّدة بعْد موْت مورّثهمْ لمْ تكنْ ضمْن تركته وفي قوْلٍ عنْد الشّافعيّة أنّها تبْطل بالْموْت في إجارة الْوقْف.
وسبق الْقوْل: إنّ الْجمْهور على أنّ الإْجارة لا تنْفسخ بموْت أحد الْمتعاقديْن؛ لأنّها عقْدٌ لازمٌ لا ينقْضي بهلاك أحدهما ما دام ما تسْتوْفى به الْمنْفعة باقيًا. وقدْ كان رأْي الصّحابة والتّابعين أنّ الإْجارة لا تنْفسخ بالْموْت. روى الْبخاريّ في كتاب الإْجارة أنّ ابْن سيرين قال فيمن اسْتأْجر أرْضًا فمات الْمؤجّر: ليْس لأهْله أنْ يخْرجوه إلى تمام الأْجل. وقال بذلك الْحسن وإياس بْن معاوية. وقال ابْن عمر «إنّ النّبيّ صلي الله عليه وسلم أعْطى خيْبر لأهْلها ليعْملوا فيها ويزْرعوها، ولهمْ شطْر ما يخْرج منْها»، فكان ذلك على عهْد النّبيّ صلي الله عليه وسلم وأبي بكْرٍ وصدْرًا منْ خلافة عمر ولمْ يذْكرْ أنّ أبا بكْرٍ وعمر جدّدا الإْجارة.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع ، الصفحة / 30
ثَانِيًا: مَوْتُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا:
15 - لاَ يُؤَثِّرُ الْمَوْتُ فِي انْفِسَاخِ جَمِيعِ الْعُقُودِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَبَعْضُ الْعُقُودِ يَتِمُّ الْغَرَضُ مِنْهَا بَعْدَ الإْيجَابِ وَالْقَبُولِ فَوْرًا، فَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى الْعَاقِدَيْنِ وَأَهْلِيَّتِهِمَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا، كَالْبَيْعِ الَّذِي يُفِيدُ تَمَلُّكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، وَتَمَلُّكَ الْبَائِعَ الثَّمَنَ فَوْرَ إِنْشَائِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْرُونًا بِالْخِيَارِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلاَهُمَا بَعْدَ إِتْمَامِ الْعَقْدِ وَانْتِقَالِ مِلْكِيَّةِ الْبَدَلَيْنِ لاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَعَلَى عَكْسِ ذَلِكَ يَنْتَهِي عَقْدُ النِّكَاحِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ؛ لأِنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ دَوَامُ الْعِشْرَةِ وَقَدْ زَالَ بِالْمَوْتِ.
وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ.
وَهُنَاكَ عُقُودٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْفِسَاخِهَا بِالْمَوْتِ، كَعَقْدِ الإْجَارَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَعُقُودٌ أُخْرَى اتَّفَقُوا عَلَى انْفِسَاخِهَا بِالْمَوْتِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَكْيِيفِ انْفِسَاخِهَا وَتَعْلِيلِهِ، كَعُقُودِ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أ - انْفِسَاخُ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ:
16 - الْعُقُودُ اللاَّزِمَةُ هِيَ مَا لاَ يَسْتَبِدُّ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بِفَسْخِهَا، كَالْبَيْعِ وَالإْجَارَةِ وَالصُّلْحِ وَنَحْوِهَا.
وَبَعْضُ هَذِهِ الْعُقُودِ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى امْتِدَادِ الزَّمَنِ، فَلاَ أَثَرَ لِلْمَوْتِ فِي انْفِسَاخِهَا بَعْدَ تَمَامِهَا، كَعَقْدِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا تَمَّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا، وَيَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِيمَا نَشَأَ مِنْ آثَارِ الْعَقْدِ.
وَهُنَاكَ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ يَتَوَقَّفُ آثَارُهَا عَلَى مُرُورِ الزَّمَنِ، كَعَقْدِ الإْجَارَةِ ، وَفِي انْفِسَاخِ عَقْدِ الإْجَارَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ:
فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) عَلَى أَنَّ عَقْدَ الإْجَارَةِ لاَ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، بَلْ تَبْقَى إِلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لأِنَّ هَا عَقْدٌ لاَزِمٌ، فَلاَ يَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ، كَعَقْدِ الْبَيْعِ. وَيَخْلُفُ الْمُسْتَأْجَرَ وَارِثُهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ.
وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ مَعَ خِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ سَيَأْتِي ذِكْرُهُ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الإْجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ إِنْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ؛ لأِنَّ هَا عَقْدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَتَنْعَقِدُ الإْجَارَةُ بِحُدُوثِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا، فَلاَ تَبْقَى بِدُونِ الْعَاقِدِ. وَإِنْ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ لَمْ تَنْفَسِخْ كَالْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَقَيِّمِ الْوَقْفِ؛ وَلأِنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُؤَجِّرَ فَالْعَقْدُ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَ الْمَنَافِعِ مِنْ مِلْكِهِ، وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ لاَسْتُوفِيَتِ الْمَنَافِعُ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَهَذَا خِلاَفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ فَالْعَقْدُ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ الأْجْرَةِ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ بَقِيَ الْعَقْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ لاَسْتَحَقَّتِ الأْجْرَةَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، وَهَذَا خِلاَفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. بِخِلاَفِ مَا إِذَا مَاتَ مَنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ الْعَقْدُ كَالْوَكِيلِ وَنَحْوِهِ؛ لأِنَّهُ لاَ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ الْمَنَافِعِ وَلاَ اسْتِحْقَاقَ الأْجْرَةِ مِنْ مِلْكِهِ، فَإِبْقَاءُ الْعَقْدِ بَعْدَ مَوْتِهِ لاَ يُوجِبُ تَغْيِيرَ مُوجِبِ الْعَقْدِ.
وَأَصْلُ الْخِلاَفِ يَرْجِعُ إِلَى تَكْيِيفِ الإْجَارَةِ فِي نَقْلِ الْمَنَافِعِ. فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الإْجَارَةَ إِذَا تَمَّتْ وَكَانَتْ عَلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا إِلَى الْمُدَّةِ، وَيَكُونُ حُدُوثُهَا عَلَى مِلْكِهِ. وَكَذَلِكَ الْمُؤَجِّرُ يَمْلِكُ الأْجْرَةَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا التَّأْجِيلُ، كَمَا يَمْلِكُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْبَيْعِ. فَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى وَلاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الإْجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ، وَالأْجْرَةُ تُسْتَحَقُّ بِاسْتِيفَائِهَا أَوْ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ. وَلاَ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ لَدَى الْعَقْدِ؛ لأِنَّ هَا تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَهِيَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَتَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ فَلاَ تَجِبُ الأْجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، فَإِذَا اسْتَوْفَى الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ الأْجْرَةُ عَمَلاً بِالْمُسَاوَاةِ.
وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ عَقْدِ الإْجَارَةِ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ لاَ يَعْنِي أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَ فِي الاِنْفِسَاخِ فِي جَمِيعِ الْحَالاَتِ. فَقَدْ صَرَّحُوا: أَنَّ عَقْدَ الإْجَارَةِ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الأْجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَبِمَوْتِ الْمُرْضِعَةِ، وَمَوْتِ الصَّبِيِّ الْمُسْتَأْجِرِ لِتَعْلِيمِهِ وَعَلَى رَضَاعِهِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ فِي مَوْتِ الصَّبِيِّ الْمُتَعَلِّمِ أَوِ الْمُرْتَضِعِ قَوْلٌ آخَرُ بِعَدَمِ الاِنْفِسَاخِ.
ب - الاِنْفِسَاخُ بِالْمَوْتِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ:
17 - الْعُقُودُ غَيْرُ اللاَّزِمَةِ (الْجَائِزَةُ) هِيَ مَا يَسْتَبِدُّ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بِفَسْخِهَا كَالْعَارِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا.
وَهَذِهِ الْعُقُودُ تَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا؛ لأِنَّ هَا عُقُودٌ جَائِزَةٌ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُهَا فِي حَيَاتِهِ، فَإِذَا مَا تُوُفِّيَ فَقَدْ ذَهَبَتْ إِرَادَتُهُ، وَانْتَهَتْ رَغْبَتُهُ، فَبَطَلَتْ آثَارُ هَذِهِ الْعُقُودِ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَمِرُّ بِاسْتِمْرَارِ إِرَادَةِ الْعَاقِدَيْنِ، وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ.
فَعَقْدُ الإْعَارَةِ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُعِيرِ أَوِ الْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ)؛ لأِنَّ هَا عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَهِيَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَيَتَجَدَّدُ الْعَقْدُ حَسَبَ حُدُوثِ الْمَنَافِعِ، وَلاَ يُمْكِنُ ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، كَمَا عَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ؛ وَلأِنَّ الْعَارِيَّةَ إِبَاحَةُ الْمَنَافِعِ، وَهِيَ تَحْتَاجُ إِلَى الإْذْنِ ، وَقَدْ بَطَلَ بِالْمَوْتِ، فَانْفَسَخَتِ الإْعَارَةُ، كَمَا عَلَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالْعَارِيَّةُ عِنْدَهُمْ عَقْدٌ لاَزِمٌ، إِذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ أَوْ عَمَلٍ، فَلاَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُعِيرِ أَوِ الْمُسْتَعِيرِ، وَتَدُومُ إِلَى أَنْ تَتِمَّ الْمُدَّةُ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً فَفِي انْفِسَاخِهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ رِوَايَتَانِ ظَاهِرُهُمَا عَدَمُ الاِنْفِسَاخِ إِلَى الْعَمَلِ أَوِ الزَّمَنِ الْمُعْتَادِ.
وَكَذَلِكَ عَقْدُ الْوَكَالَةِ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ أَوِ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ؛ لأِنَّ هَا عَقْدٌ جَائِزٌ يَنْفَسِخُ بِالْعَزْلِ، وَالْمَوْتُ فِي حُكْمِ عَزْلِ الْوَكِيلِ. وَإِذَا مَاتَ الْوَكِيلُ زَالَتْ أَهْلِيَّتُهُ لِلتَّصَرُّفِ، وَإِذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ زَالَتْ صَلاَحِيَّتُهُ بِتَفْوِيضِ الأْمْرِ إِلَى الْوَكِيلِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ.
هَذَا وَلاَ يَشْتَرِطُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي انْفِسَاخِ الْوَكَالَةِ عِلْمَ الْوَكِيلِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ. وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ (وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) عِلْمَ الْوَكِيلِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ فِي انْفِسَاخِ الْوَكَالَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ كَعَقْدِ الشَّرِكَةِ، الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهِمَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مَوَاضِعِهَا.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 292
أَثَرُ الْمَوْتِ عَلَى الاِلْتِزَامَاتِ الثَّابِتَةِ بِاخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِ:
الاِلْتِزَامُ الاِخْتِيَارِيُّ لِلْمُكَلَّفِ هُوَ مَا يَثْبُتُ بِإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، وَهَذَا الاِلْتِزَامُ قَدْ يَكُونُ أَثَرًا لِتَعَاقُدٍ وَارْتِبَاطٍ تَمَّ بَيْنَ إِرَادَةِ شَخْصَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ أَثَرًا لِعَهْدٍ قَطَعَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ.
أَوَّلاً - الاِلْتِزَامَاتُ الْعَقَدِيَّةُ الَّتِي تَنْشَأُ بِإِرَادَةِ طَرَفَيْنِ:
65 - وَمَنْشَأُ هَذِهِ الاِلْتِزَامَاتِ الْعَقْدُ، الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ ارْتِبَاطِ الإْيجَابِ الصَّادِرِ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بِقَبُولِ الآْخَرِ عَلَى وَجْهٍ يَثْبُتُ أَثَرُهُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ .
وَالاِلْتِزَامَاتُ النَّاشِئَةُ عَنِ الْعُقُودِ عَلَى ثَلاَثِ أَقْسَامٍ، الْتِزَامَاتٌ نَاشِئَةٌ عَنْ عُقُودٍ لاَزِمَةٍ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَالْتِزَامَاتٌ نَاشِئَةٌ عَنْ عُقُودٍ جَائِزَةٍ (غَيْرِ لاَزِمَةٍ) مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَالْتِزَامَاتٌ نَاشِئَةٌ عَنْ عُقُودٍ لاَزِمَةٍ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
الْقِسْمُ الأْوَّلُ: الْعُقُودُ اللاَّزِمَةُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ:
أ - الْبَيْعُ:
66 - لَمْ يَخْتَلِفِ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الْبَيْعَ مَتَى لَزِمَ، فَإِنَّ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنِ الْتِزَامٍ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ تُجَاهَ الآْخَرِ لاَ يَسْقُطُ وَلاَ يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، فَإِذَا مَاتَ الْبَائِعُ قَامَ وَرَثَتُهُ بِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنِ الْتِزَامَاتٍ تُجَاهَ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي قَامَ وَرَثَتُهُ بِتَنْفِيذِ مَا عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَالْتِزَامَاتٍ تُجَاهَ الْبَائِعِ، وَذَلِكَ فِي حُدُودِ مَا تَرَكَ . قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَإِنْ مَاتَ الْمُتَبَايِعَانِ، فَوَرَثَتُهُمَا بِمَنْزِلَتِهِمَا، لأِنَّهُمْ يَقُومُونَ فِي أَخْذِ مَالِهِمَا وَإِرْثِ حُقُوقِهِمَا، فَكَذَلِكَ مَا يَلْزَمُهُمَا أَوْ يَصِيرُ لَهُمَا .
وَلِلتَّفْصِيلِ (ر: عَقْدٌ ف 61).
67 - وَقَدِ اسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ مُفْلِسًا، وَأَوْرَدُوا تَفْصِيلاً فِي أَثَرِ ذَلِكَ عَلَى الاِلْتِزَامَاتِ النَّاشِئَةِ عَنْ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ ثَمَّةَ اخْتِلاَفٌ فِي الْفُرُوعِ وَالْجُزْئِيَّاتِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ - إِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا، ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا بَعْدَ أَدَاءِ ثَمَنِهِ لِلْبَائِعِ، فَالْمَبِيعُ مِلْكُهُ خَاصَّةً، سَوَاءٌ قَبَضَهُ مِنَ الْبَائِعِ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
ب - أَمَّا إِذَا مَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ تَأْدِيَةِ الثَّمَنِ، فَيُنْظَرُ:
فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ، فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ يَبِيعَهُ الْقَاضِي وَيُؤَدِّيَ لِلْبَائِعِ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ، فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَنْ حَقِّ الْبَائِعِ يُدْفَعُ الزَّائِدُ لِبَاقِي الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَخَذَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ، وَيَكُونُ فِي الْبَاقِي أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ .
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَكُونُ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِهِ أَيْ أَنَّ لَهُ فَسْخَ الْعَقْدِ وَاسْتِيفَاءَ الْمَبِيعِ لِنَفْسِهِ .
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ، فَهَلْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَيَحْبِسَهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ، أَمْ يَصِيرُ الْبَائِعُ بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ مِثْلَ بَاقِي الْغُرَمَاءِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الأْوَّلُ: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ اسْتِرْدَادُهُ، بَلْ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، فَيَقْسِمُونَهُ، جَمِيعًا وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ».
الْقَوْلُ الثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَبِيعَ وَضَارَبَ الْغُرَمَاءَ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهُ، وَكَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَذَلِكَ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَضَى: أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ».
ج - أَمَّا إِذَا مَاتَ الْبَائِعُ مُفْلِسًا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِي يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمَبِيعِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، لأِنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِهِ فِي حَيَاتِهِ، بَلْ لِلْمُشْتَرِي جَبْرُهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ مَا دَامَتْ عَيْنُهُ قَائِمَةً، فَيَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَيْضًا، إِذْ لاَ حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِيهِ بِوَجْهٍ، لأِنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْبَائِعِ - وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا بِالثَّمَنِ لَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ - وَعَلَى هَذَا كَانَ لَهُ أَخْذُهُ إِنْ كَانَتْ عَيْنُهُ بَاقِيَةً أَوِ اسْتِرْدَادُ ثَمَنِهِ إِنْ كَانَ قَدْ هَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ وَرَثَتِهِ . وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِفْلاَسٌ ف 37).
ب - السَّلَمُ:
68 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ رَبَّ السَّلَمِ إِذَا مَاتَ بَعْدَ تَأْدِيَةِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَإِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَكُونُ دَيْنًا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ، وَيَقُومُ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ كَسَائِرِ دُيُونِهِ الْمُؤَجَّلَةِ.
وَلَكِنْ إِذَا مَاتَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ قَبْلَ حُلُولِ زَمَنِ الْوَفَاءِ، فَهَلْ يَبْطُلُ الأْجَلُ بِمَوْتِهِ، وَيَحِلُّ دَيْنُ السَّلَمِ، أَمْ أَنَّهُ يَبْقَى كَمَا هُوَ إِلَى وَقْتِهِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الأْوَّلُ: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الأْجَلَ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ، وَيَحِلُّ دَيْنُ السَّلَمِ، وَيَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالًّا إِلَى رَبِّ السَّلَمِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَوَفِّرًا فِي وَقْتِ الْحُلُولِ الطَّارِئِ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا: هَلْ يُفْسَخُ عَقْدُ السَّلَمِ لِذَلِك أَمْ لاَ؟ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْفَسْخِ، هَلْ تُوقَفُ قِيمَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنَ التَّرِكَةِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ عَادَةً أَمْ لاَ؟
فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يُؤْخَذُ مِنَ التَّرِكَةِ حَالًّا لأِنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الأْسْوَاقِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى مَحِلِّ الأْجَلِ عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ لِتَدُومَ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، وَمَاتَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الأْجَلُ ، فَرُبَّمَا يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُ الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَيَؤُولُ ذَلِكَ إِلَى الْغَرَرِ .
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي حُلُولِ سَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ بِمَوْتِ الْمَدِينِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ مِنَ التَّرِكَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَوْتُ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ قَبْلَ مَحَلِّ أَجَلِهِ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا فِي الأْسْوَاقِ، فَإِنَّهُ يُوقَفُ تَقْسِيمُ التَّرِكَةِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهِ.
قَالَ الْحَطَّابُ: إِذَا مَاتَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ قَبْلَ وَقْتِ الإْبَّانِ، أَيْ وَقْتِ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَادَةً، فَإِنَّهُ يَجِبُ وَقْفُ قَسْمِ التَّرِكَةِ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إِنَّمَا يُوقَفُ إِنْ خِيفَ أَنْ يَسْتَغْرِقَ الْمُسْلَمُ فِيهِ كُلَّ التَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنَ التَّرِكَةِ وَقَفَ قَدْرَ مَا يَرَى أَنْ يَفِيَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ، وَقَسَمَ مَا سِوَاهُ، وَهَذَا خِلاَفًا لِمَا يَرَاهُ أَشْهَبُ، فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ الْقَسْمَ لاَ يَجُوزُ إِذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: إِنْ كَانَ عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ دُيُونٌ أُخْرَى قُسِمَتِ التَّرِكَةُ عَلَيْهِ، وَيَضْرِبُ لِلْمُسْلَمِ قِيمَةَ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي وَقْتِهِ عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي أَغْلَبِ الأْحْوَالِ مِنْ غَلاَءٍ وَرُخْصٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَتْمِيمًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلاَم بِأَنَّهُ يُوقَفُ لِلْمُسْلَمِ مَا صَارَ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ الإْبَّانِ، فَيُشْتَرَى لَهُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ أُتْبِعَ بِالْقِيمَةِ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ إِنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ، وَإِنْ زَادَ لَمْ يَشْتَرِ لَهُ إِلاَّ قَدْرَ حَقِّهِ، وَتُتْرَكُ الْبَقِيَّةُ إِلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ مِنْ وَارِثٍ أَوْ مِدْيَانٍ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ : إِذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا فِي الأْسْوَاقِ فَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَتَسْلِيمُهُ لِرَبِّ السَّلَمِ وَإِنْ غَلاَ وَزَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِيهَا، فَيَثْبُتُ لِلْمُسْلَمِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُسْلَمُ فِيهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَلاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ - كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ - لأِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ، وَالْوَفَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُمْكِنٌ، وَالْقَوْلُ الآْخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ .
الْقَوْلُ الثَّانِي: لِلْحَنَابِلَةِ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ أَنَّ الأْجَلَ لاَ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَدِينِ إِذَا وَثَّقَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ عَلَى أَقَلِّ الأْمْرَ يْنِ مِنْ قِيمَةِ التَّرِكَةِ أَوِ الدَّيْنِ، وَلاَ يُوقَفُ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ لأِجَلِ دَيْنِ السَّلَمِ.
فَإِنْ لَمْ يُوَثَّقْ بِذَلِكَ حَلَّ، لأِنَّ الْوَرَثَةَ قَدْ لاَ يَكُونُونَ أَمْلِيَاءَ، وَلَمْ يَرْضَ بِهِمُ الْغَرِيمُ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى فَوَاتِ الْحَقِّ .
ج - الإْجَارَةُ:
69 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَأْثِيرِ مَوْتِ الْمُؤَجِّر فِي إِجَارَةِ الأْعْيَانِ وَالأْجِيرِ فِي إِجَارَةِ الأْعْمَالِ عَلَى مَا الْتَزَمَ بِهْ فِي عَقْدِ الإْجَارَةِ، وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الأْوَّلُ: لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ مَا الْتَزَمَ بِهِ الْمُؤَجِّرُ لاَ يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، لأِنَّ الإْجَارَةَ لاَ تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ، بَلْ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا، لأِنَّ هَا عَقْدٌ لاَزِمٌ فَلاَ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ مَعَ سَلاَمَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِك تَبْقَى الْعَيْنُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا مَا تَبَقَّى لَهُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُؤَجِّرِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَالْبَتِّيِّ وَأبِي ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ .
وَأَمَّا مَا الْتَزَمَ بِهِ الأْجِيرُ مِنَ الْعَمَلِ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرْتَبَطًا بِعَيْنِهِ وَذَاتِهِ، كَمَا إِذَا قَالَ لَهُ: اسْتَأْجَرْتُكَ أَوِ اكْتَرَيْتُكَ لِتَعْمَلَ كَذَا أَوْ لِكَذَا أَوْ لِعَمَلِ كَذَا، أَوْ يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِذِمَّةِ الأْجِيرِ ، كَمَا إِذَا اسْتَأْجَرَهُ لأِدَاءِ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ، مِثْلِ أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْلِ كَذَا إِلَى مَكَانِ كَذَا أَوْ خِيَاطَةِ كَذَا دُونَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَتَهُ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ مَا يُسَمَّى فِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ.
فَإِنْ كَانَ الاِلْتِزَامُ مُرْتَبِطًا بِعَيْنِ الأْجِيرِ وَذَاتِهِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ وَيَنْتَهِي بِمَوْتِ الأْجِيرِ لاِنْفِسَاخِ عَقْدِ الإْجَارَةِ بِمَوْتِهِ نَظَرًا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَاسْتِحَالَةِ إِكْمَالِ تَنْفِيذِ الْعَقْدِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُدَّةِ الْمُتَبَقِّيَةِ، أَمَّا فِيمَا مَضَى مِنَ الزَّمَنِ فَلاَ يَسْقُطُ حَقُّ الأْجِيرِ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ أَجْرٍ، وَذَلِكَ لاِسْتِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الاِلْتِزَامُ مَوْصُوفًا فِي ذِمَّةِ الأْجِيرِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ، وَيُنْظَرُ: إِنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ اسْتُؤْجِرَ مِنْهَا مَنْ يَقُومُ بِإِكْمَالِ وَتَوْفِيَةِ الْتِزَامِهِ، لأِنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ، وَلَمْ يَرْغَبْ وَرَثَتُهُ فِي إِتْمَامِ ذَلِكَ الْعَمَلِ الْمَوْصُوفِ فِي ذِمَّتِهِ لِيَسْتَحِقُّوا الأْجْرَ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ مَا لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ لِمَوْتِ الْمُلْتَزِمِ مُفْلِسًا .
الْقَوْلُ الثَّانِي: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَهُوَ أَنَّ الإْجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لأِعْيَانِهِ وَالأْجِيرِ عَلَى عَمَلِهِ، سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ تَنْفِيذِ الْعَقْدِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، لأِنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ يُتَعَذَّرُ بِالْمَوْتِ، فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ضَرُورَةً، وَيَنْتَهِي الْتِزَامُ كُلٍّ مِنَ الْمُؤَجِّرِ وَالأْجِيرِ .
غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اسْتَثْنَوْا بَعْضَ الْحَالاَتِ الْخَاصَّةِ، وَقَالُوا إِنَّ الإْجَارَةَ فِيهَا لاَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ ضَرُورَةً، وَهِيَ:
أ - إِذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَفِي الأْرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ زَرْعُ بَقْلٍ، أَيْ لَمْ يَنْضَجْ بَعْدُ، فَيَبْقَى الْعَقْدُ وَلاَ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ، وَيَكُونُ الْوَاجِبُ عِنْدَئِذٍ الأْجْرُ الْمُسَمَّى إِلَى نِهَايَةِ مُدَّةِ الْعَقْدِ، وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَجْرُ الْمِثْلِ حَتَّى يُدْرِكَ.
ب - إِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إِلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ، فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَسَطَ الطَّرِيقِ، فَإِنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ إِلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى بِالأْجْرِ إِذَا لَمْ يَجِدْ دَابَّةً أُخْرَى يَصِلُ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ثَمَّةَ قَاضٍ يَرْفَعُ الأْمْرَ إِلَيْهِ، وَلاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمَوْتِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ .
وَانْظُرِ التَّفْصِيلَ فِي (إِجَارَةٌ ف 59 - 72).
د - الْمُسَاقَاةُ:
70 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَأْثِيرِ الْمَوْتِ عَلَى الاِلْتِزَامَاتِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا الْتَزَمَ بِهْ صَاحِبُ الشَّجَرِ أَوِ النَّخْلِ بِتَمْكِينِ الْعَامِلِ مِنَ الْقِيَامِ بِسَقْيِهِ وَإِصْلاَحِهِ، أَوْ مَا الْتَزَمَ بِهِ الْعَامِلُ مِنْ تَعَهُّدِ الشَّجَرِ وَعَمَلِ سَائِرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الأْوَّلُ: لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ لاَ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ طَرَفَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ بَدْءِ الْعَمَلِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، لأِنَّهُ عَقْدٌ لاَزِمٌ، فَأَشْبَهَ الإْجَارَةَ، وَيَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا.
وَعَلَى ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ، كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا مَقَامَهُ فِي إِتْمَامِ الْعَمَلِ إِذَا كَانُوا عَارِفِينَ بِالْعَمَلِ أُمَنَاءَ، وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ أَوْ وَرَثَتَهُ تَمْكِينُهُمْ مِنَ الْعَمَلِ إِنْ كَانُوا كَذَلِكَ.
فَإِنْ أَبَى الْوَرَثَةُ الْقِيَامَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ، لأِنَّ الْوَارِثَ لاَ يَلْزَمُهُ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَى مُوَرِّثِهِ إِلاَّ مَا أَمْكَنَ أَدَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَالْعَمَلُ هَاهُنَا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسْتَأْجِرُ الْحَاكِمُ مِنَ التَّرِكَةِ مَنْ يَقُومُ بِالْعَمَلِ، لأِنَّهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الدُّيُونِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَرِكَةٌ، وَلَمْ يَتَبَرَّعِ الْوَرَثَةُ بِالْوَفَاءِ، فَلِرَبِّ الْمَالِ الْفَسْخُ، لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ رَبَّ الشَّجَرِ، لَمْ تُفْسَخِ الْمُسَاقَاةُ، وَيَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ فِي عَمَلِهِ، وَيَجِبُ عَلَى وَرَثَةِ رَبِّ الْمَالِ تَمْكِينُهُ مِنَ الْعَمَلِ وَالاِسْتِمْرَارِ فِيهِ وَعَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهُ، وَبَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَرِ بِحَسَبِ مَا اشْتُرِطَ فِي الْعَقْدِ .
الْقَوْلُ الثَّانِي: لِلْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، أَيْ بِمَوْتِ رَبِّ الشَّجَرِ أَوِ الْعَامِلِ، قَبْلَ بَدْءِ الْعَمَلِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، لأِنَّ هَا فِي مَعْنَى الإْجَارَةِ، وَهَذَا هُوَ الأْصْلُ عِنْدَهُمْ.
ثُمَّ فَصَلُّوا فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالُوا: إِذَا قَامَ الْعَامِلُ بِرِعَايَةِ وَسِقَايَةِ الشَّجَرِ، وَلَقَّحَهُ حَتَّى صَارَ بُسْرًا أَخْضَرَ، ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُ الشَّجَرِ، فَإِنَّ الْمُسَاقَاةَ تَنْتَقِضُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنْ لِلْعَامِلِ - اسْتِحْسَانًا - أَنْ يَقُومَ بِرِعَايَةِ الشَّجَرِ حَتَّى يُدْرِكَ الثَّمَرُ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَرَثَةُ رَبِّ الشَّجَرِ، لأِنَّ فِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِمَوْتِ رَبِّ الشَّجَرِ إِضْرَارًا بِالْعَامِلِ وَإِبْطَالاً لِمَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ تَرْكُ الثِّمَارِ عَلَى الأْشْجَارِ إِلَى وَقْتِ الإْدْرَاكِ، وَإِذَا انْتَقَضَ الْعَقْدُ فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ الْجِذَاذَ قَبْلَ الإْدْرَاكِ، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَالِغٌ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لاَ تَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ رَبِّ الشَّجَرِ فِي الاِسْتِحْسَانِ، فَإِنْ أَبَى الْعَامِلُ أَنْ يَسْتَمِرَّ فِي عَمَلِ الشَّجَرِ وَأَصَرَّ عَلَى قَطْعِهِ وَأَخْذِهِ بُسْرًا انْتَقَضَ الْعَقْدُ، لأِنَّ إِبْقَاءَ الْعَقْدِ تَقْدِيرًا إِنَّمَا كَانَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ، فَإِذَا رَضِيَ الْتِزَامَ الضَّرَرِ كَانَ لَهُ مَا اخْتَارَ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ إِلْحَاقَ الضَّرَرِ بِوَرَثَةِ رَبِّ الشَّجَرِ، فَيَثْبُتُ لَهُمُ الْخِيَارُ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أ - أَنْ يَقْسِمُوا الْبُسْرَ عَلَى الشَّرْطِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ مُوَرِّثِهِمْ وَالْعَامِلِ.
ب - أَنْ يُعْطُوا الْعَامِلَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنَ الْبُسْرِ.
ج - أَنْ يُنْفِقُوا عَلَى الْبُسْرِ حَتَّى يَبْلُغَ، فَيَرْجِعُوا بِذَلِكَ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنَ الثَّمَرِ.
وَأَمَّا إِذَا مَاتَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّ الْعَقْدَ لاَ يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ اسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا مَقَامَهُ فِي تَعَهُّدِ الشَّجَرِ وَرِعَايَتِهِ، وَإِنْ كَرِهَ رَبُّ الشَّجَرِ، لأِنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ، إِلاَّ أَنْ يَقُولَ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نَأْخُذُهُ بُسْرًا، وَطَلَبُوا نَصِيبَ مُوَرِّثِهِمْ مِنَ الْبُسْرِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ لِصَاحِبِ الشَّجَرِ مِنَ الْخِيَارِ مِثْلُ مَا قَدَّمْنَا، وَهُوَ مَا يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ إِذَا أَبَى الْعَامِلُ أَنْ يَسْتَمِرَّ فِي الْقِيَامِ عَلَى الشَّجَرِ.
وَأَمَّا إِذَا مَاتَا جَمِيعًا، كَانَ الْخِيَارُ فِي الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِوَرَثَةِ الْعَامِلِ، لأِنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَهُ، وَقَدْ كَانَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ هَذَا الْخِيَارُ إِذَا مَاتَ صَاحِبُ الشَّجَرِ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ أَبَوْا ذَلِكَ كَانَ الْخِيَارُ لِوَرَثَةِ رَبِّ الشَّجَرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي الْوَجْهِ الأْوَّلِ .
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: لِلْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، فَإِذَا مَاتَ الْعَامِلُ أَوْ رَبُّ الشَّجَرِ انْفَسَخَتِ الْمُسَاقَاةُ، كَمَا لَوْ فَسَخَهَا أَحَدُهُمَا، بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ إِنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ.
وَمَتَى انْفَسَخَتِ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ فِي الْعَقْدِ، وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ أَوْ وَارِثَهُ إِتْمَامُ الْعَمَلِ، فَإِنْ ظَهَرَتْ، ثَمَرَةٌ أُخْرَى بَعْدَ الْفَسْخِ فَلاَ شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهَا، وَإِذَا انْفَسَخَتِ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي الْعَمَلِ وَقَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَيَقُومُ وَارِثُ الْعَامِلِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَقَامَهُ فِي الْمِلْكِ وَالْعَمَلِ، فَإِنْ أَبَى الْوَارِثُ أَنْ يَأْخُذَ وَيَعْمَلَ، لَمْ يُجْبَرْ، وَيَسْتَأْجِرُ الْحَاكِمُ مِنَ التَّرِكَةِ مَنْ يَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ، أَوْ تَعَذَّرَ الاِسْتِئْجَارُ مِنْهَا بِيعَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الثَّمَرِ الظَّاهِرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِتَكْمِيلِ الْعَمَلِ، وَاسْتُؤْجِرَ مَنْ يَعْمَلُهُ .
هـ - الْمُزَارَعَةُ:
71 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَامِلَ أَمْ رَبَّ الأْرْضِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُزَارَعَةَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ عِنْدَهُمْ .
وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ قَالُوا: إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ تَنْفَسِخُ، إِذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ مَالٍ عَلَى الْمُزَارِعِ، وَلاَ شَيْءَ لَهُ بِمُقَابَلَةِ مَا عَمِلَ.
أَمَّا إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ تَبْقَى اسْتِحْسَانًا، وَذَلِكَ لِدَفْعِ مَا يُصِيبُ أَحَدَهُمَا مِنْ ضَرَرٍ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَبْطُلُ، وَلَكِنْ تَبْقَى حُكْمًا إِلَى حَصْدِ الزَّرْعِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْكَاسَانِيُّ: أَنَّ صَاحِبَ الأْرْضِ إِذَا مَاتَ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ، فَإِنَّ الْعَمَلَ يَكُونُ عَلَى الْمُزَارِعِ خَاصَّةً، لأِنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ قَدِ انْفَسَخَ حَقِيقَةً لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْمَوْتُ، إِلاَّ أَنَّنَا أَبْقَيْنَاهُ تَقْدِيرًا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الْمُزَارِعِ، لأِنَّهُ لَوِ انْفَسَخَ لَثَبَتَ لِصَاحِبِ الأْرْضِ حَقُّ الْقَلْعِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالْمُزَارِعِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ تَقْدِيرًا، فَإِذَا بَقِيَ الْعَقْدُ كَانَ الْعَمَلُ عَلَى الْمُزَارِعِ خَاصَّةً كَمَا كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ.
وَأَمَّا إِذَا مَاتَ الْمُزَارِعُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ، فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى شَرْطِ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ صَاحِبُ الأْرْضِ ، لأِنَّ فِي الْقَطْعِ ضَرَرًا بِهِمْ وَلاَ ضَرَرَ بِصَاحِبِ الأْرْضِ فِي التَّرْكِ إِلَى وَقْتِ الإْدْرَاكِ، وَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ قَلْعَ الزَّرْعِ وَتَرْكَ الْعَمَلِ، لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ، لأِنَّ الْعَقْدَ قَدِ انْفَسَخَ حَقِيقَةً، إِلاَّ أَنَّا أَبْقَيْنَاهُ بِاخْتِيَارِهِمْ نَظَرًا لَهُمْ، فَإِنِ امْتَنَعُوا عَنِ الْعَمَلِ بَقِيَ الزَّرْعُ مُشْتَرَكًا، وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الأْرْضِ : إِمَّا أَنْ يَقْسِمَهُ بِالْحِصَصِ، أَوْ يُعْطِيَهُمْ قِيمَةَ حِصَصِهِمْ مِنَ الزَّرْعِ الْبَقْلِ، أَوْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الزَّرْعِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِحِصَصِهِمْ، لأِنَّ فِي ذَلِكَ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ .
و - الْحَوَالَةُ:
72 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَأْثِيرِ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوِ الْمُحِيلِ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ عَلَى الاِلْتِزَامَاتِ النَّاشِئَةِ عَنْ تِلْكَ الْمُعَاقَدَةِ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ دَيْنِ الْحَوَالَةِ، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أَوَّلاً: ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ يُلْزَمُ بِالدَّيْنِ الْمَحَالِ بِهِ، وَلاَ يُطَالَبُ بِهِ الْمُحِيلُ أَبَدًا، لأِنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ بَرِئَتْ بِمُقْتَضَى الْحَوَالَةِ، فَلاَ يَكُونُ لِلْمُحَالِ الْحَقُّ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ بِحَالٍ، وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا مَاتَ الْمَحَالُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مَا الْتَزَمَ بِهِ لاَ يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِذَا مَاتَ مُفْلِسًا لاَ تَرِكَةَ لَهُ فَإِنَّ الْتِزَامَهُ لاَ يَبْطُلُ، وَلاَ يَكُونُ لِلْمُحَالِ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ، لأِنَّ الْحَوَالَةَ عَقْدٌ لاَزِمٌ لاَ يَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ فَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ .
أَمَّا مَوْتُ الْمُحِيلِ فَلاَ تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى الْحَوَالَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأِنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ بَرِئَتْ وَانْتَقَلَ الدَّيْنُ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَأَصْبَحَ هُوَ الْمُطَالَبَ بِهِ وَحْدَهُ، إِذِ الْحَوَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الإْيفَاءِ .
ثَانِيًا: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَأْثِيرَ لِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى مَا الْتَزَمَ بِهِ مِنْ مَالٍ، فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُعْطَى لِلْمُحَالِ.
وَإِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا قُسِمَ مَالُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَبَيْنَ الْمُحَالِ بِالْحِصَصِ، فَإِنْ بَقِيَ لِلْمُحَالِ شَيْءٌ مِنَ الدَّيْنِ رَجِعَ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ.
وَإِذَا كَانَ دَيْنُ الْحَوَالَةِ مُؤَجَّلاً فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لاِسْتِغْنَائِهِ عَنِ الأْجَلِ بِمَوْتِهِ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا، فَإِنَّ الْحَوَالَةَ حِينَئِذٍ تَنْتَهِي فِي الدَّيْنِ كُلِّهِ - إِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً بِشَيْءٍ مِنْهُ - أَوْ تَنْتَهِي فِي بَاقِيهِ إِنْ تَرَكَ وَفَاءً بِبَعْضِهِ .
أَمَّا إِذَا مَاتَ الْمُحِيلُ فَإِنَّ لِوَفَاتِهِ تَأْثِيرًا عَلَى الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ، وَإِنْ كَانَ الأْصْلُ عِنْدَهُمْ أَنَّ ذِمَّةَ الْمُحِيلِ قَدْ بَرِئَتْ لاِنْتِقَالِ الدَّيْنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِسَلاَمَةِ حَقِّ الْمُحَالِ، فَخَوْفًا أَنْ يَضِيعَ حَقُّهُ وَيَتْوَى، كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ رَغْمَ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ، إِذِ الْبَرَاءَةُ هَهُنَا مُؤَقَّتَةٌ وَمَرْهُونَةٌ بِسَلاَمَةِ حَقِّ الْمُحَالِ، وَلِهَذَا فَإِنْ مَاتَ الْمُحِيلُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُحَالِ الْمَالَ مِنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَطَلَتِ الْحَوَالَةُ، وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمُحِيلِ دُيُونٌ أُخْرَى، فَالْمُحَالُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ .
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً، فَإِنَّهُ لاَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُحِيلِ، وَلاَ تَأْثِيرَ لِمَوْتِهِ عَلَى الْحَوَالَةِ، وَأَسَاسُ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي الْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ: أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمُطْلَقَةَ تَبَرُّعٌ، وَإِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ لاَ تَتَقَيَّدُ بِدَيْنِهِ، وَلِذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ قَبْلَ الأْدَاءِ، فَلاَ تَبْطُلُ بِقِسْمَةِ دَيْنِ الْمُحِيلِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، لأِنَّ الْمُحَالَ لَمْ يَبْقَ مِنْ غُرَمَائِهِ، بَلْ صَارَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمُطْلَقَةَ لاَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُحِيلِ، بَلْ تَبْقَى مُطَالَبَةُ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُ دَيْنُ الْمُحِيلِ وَقُسِمَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ .
ثَالِثًا: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ مَتَى تَمَّتْ، فَإِنَّ الدَّيْنَ يَنْتَقِلُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَيُصْبِحُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُلْتَزِمًا بِأَدَائِهِ لِلْمُحَالِ، فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ الأْدَاءِ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلاَ رُجُوعَ لِلْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ بِحَالِ، حَتَّى وَإِنْ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ أَفْلَسَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، فَلَهُ عِنْدَ ذَلِكَ شَرْطُهُ إِذَا مَاتَ الْمُحَالُ أَوْ فَلَّسَ .
____________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا)
(الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 35)
ينتهي حق الانتفاع بموت المنتفع وبانقضاء المدة المعينة له إن كان له مدة وبهلاك العين المنتفع بها.
( مادة 554)
تنفسخ الاجارة بموت المؤجر أو موت المستأجر اذا عقدها لنفسه لا لغيره بالتوكيل عنه، فان مات الوكيل باجارة أواستئجار فلا تبطل الإجارة بموته.
( مادة 555 )
اذا مات المؤجر وكان المستأجر قد عجل الأجرة لمدة لم تستوف المنفعة فيها فله حبس العين المأجورة إلى استيفاء ما عجله، فإن مات المؤجر مديوناً وليس له ما يسد به دينه غير العين المؤجرة تباع، والمستأجر أحق بثمنها من سائر الغرماء إن كانت العين في يده فيستوفي حقه من ثمنها وما زاد للغرماء وإن نقص للمستأجر شی مما عجله يكون في الناقص أسوة بالغرماء.
( مادة 556 )
اذا سکن المستأجر بعد موت المؤجر يجب عليه أجر المثل إن كان المأجور معداً للاستغلال، وإلا فلا يجب عليه شي الا اذا كان في ورثة المؤجر صغير فيجب عليه أجر مثل حصته وإن لم يطلبه هذا اذا سكن قبل طلب الورثة الأجرة، أما لو سكن بعد طلبهم الأجرة منه يلزمه الأجر المسمى بسكناه بعده بلا فرق بين المعد للاستغلال أو غيره.