loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 603

مذكرة المشروع التمهيدي :

إذا أعسر المستأجر، فمن الممكن أن يقال تطبيقاً للقواعد العامة أن أقساط الأجرة التي لم تستحق تحل جميعها، و لكن المشروع عطل هذا الأثر رأفة بالمستأجر وأجاز من جهة أخرى للمؤجر أن يطلب إنهاء الإيجار إلا إذا قدمت له تأمينات كافية في ميعاد مناسب، أو إلا إذا دفع المستأجر الأجرة في مواعيدها برضاء دائنيه إذ قد تكون لهم مصلحة في أن یبقی مدینهم في العين المؤجرة يباشر عمله حتى يتمكن من إيفاء ما عليه من الديون، بل أجاز المشروع للمستأجر، إذا لم يطلب المؤجر الفسخ و تنازل عن طلب التأمينات، أن يخير المؤجر بين أن يرخص له في التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إذا كان ذلك ممنوعاً عليه من قبل، وبين أن يفسخ العقد مع دفع تعويض عادل يقدره القاضي مراعياً إعسار المستأجر ، أما إذا كان الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار مسكناً ، فلا محل لطلب الفسخ.

شرح خبراء القانون

تنص المادة 603 من التقنين المدني على ما يأتي :

«1-لا يترتب على إعسار المستأجر أن تحل أجرة لم تستحق .»

«2- ومع ذلك يجوز للمؤجر أن يطلب فسخ الإيجار إذا لم تقدم له في ميعاد مناسب تأمينات تكفل الوفاء بالأجرة التي لم تحل ، وكذا يجوز للمستأجر إذا لم يرخص له في التنازل عن الإيجار أو في الإيجار من الباطن أن يطلب الفسخ على أن يدفع تعويضًا عادلاً».

وكان من الممكن أن يقال ، إذا شهر إعسار المستأجر ، أن أقساط الأجرة التي لم تستحق تحل جميعها تطبيقاً للقواعد العامة، إذ هي دين مؤجل ( م 255 / 1 و م 273 مدني ) ولكن القانون – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي – «عطل هذا الأثر رأفة بالمستأجر» ويسري هذا الحكم من باب أولي إذا كان المستأجر معسراً فعلاً دون أن يشهر إعساره، ولكن نظراً لإعسار المستأجر واحتمال أن يعجز عن دفع الأجرة، أجاز القانون لكل من المؤجر والمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار قبل انقضاء مدته، دون حاجة لمواعيد التنبيه بالإخلاء، والإعسار هنا يعتبر عذراً طارئاً يسوغ هذا الحكم، ويستوي أن يكون الإيجار معين المدة أو غير معين المدة .

فيجوز للمؤجر أن يطلب فسخ الإيجار ويمتنع عليه الفسخ «إذا دفع المستأجر الأجرة في مواعيدها برضاء دائنيه، إذ قد تكون لهم مصلحة في أن يبقى مدينهم في العين المؤجرة يباشر عمله، حتى يتمكن من إيفاء ما عليه من الديون» ويمتنع عليه الفسخ أيضاً إذا قدم له المستأجر أو دائنوه، في وقت مناسب، تأمينات ككفالة أو رهن تكفل الوفاء بالأجرة التي لم تحل والقاضي هو الذي يقدر ما هو الوقت المناسب، ويبت فيما إذا كانت التأمينات كافية.

وإذا لم يطلب المؤجر الفسخ ونزل عن طلب التأمينات، فإن هذا لا يمنع المستأجر نفسه من أن يطلب هو فسخ الإيجار، ويشترط في ذلك ألا يكون محولاً حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن فإذا كان مخولاً ذلك، بأن أذنه المؤجر وفقاً للأحكام المقررة في هذا الشأن، لم يجز له أن يطلب فسخ الإيجار، إذ يستطيع أن يؤجر من الباطن أو يتنازل عن الإيجار فيتمكن من الوفاء بالأجرة للمؤجر الأصلي، أما إذا لم يكن مخولاً، بحكم القانون أو بسبب امتناع المؤجر عن الأذن وفقاً للأحكام المقررة، جاز له، كما قدمنا أن يطلب فسخ الإيجار قبل انقضاء مدته، "مع دفع تعويض عادل يقدره القاضي، مراعياً إعسار المستأجر" ويكون للمؤجر بهذا التعويض امتياز على منقولات المستأجر الموجودة بالعين المؤجر وله الحق في حبسها وفي توقيع الحجز التحفظي عليها.

ولإفلاس المستأجر حكم قريب من حكم إعساره، ونكتفي هنا – إذ نحن بصدد مسألة من مسائل القانون التجاري – بإيراد نص المادة 222 من التقنين التجاري التي تتضمن هذا الحكم، فهي تقول : " أجرة الأماكن التي تستحق إلي انقضاء مدة الإيجار لا تعتبر مستحقة الطلب حالاً بناء على صدور حكم بإشهار الإفلاس، متي كان مرخصاً للمفلس أن يؤجر من باطنه أو أن يتنازل عن إيجاره لغيره، فإن لم يكن للمفلس حق الإيجار من الباطن ولا حق التنازل عن الإيجار للغير، تحكم المحكمة بفسخ الإيجار وتعيين الوقت الذي يبتدئ فيه الفسخ المذكور، وتقدر التعويض أيضاً، وتكون المفروشات ونحوها الموجودة بالأماكن المستأجرة ضامنة للأجرة والتعويض".(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس الصفحة/ 1168)

ومفاد ذلك أنه إذا أصبح المستأجر معسراً بالفعل أو بموجب حکم بشهر إعساره جاز له وللمؤجر طلب فسخ الإيجار قبل نهاية مدته بناء على هذا العذر الطارئ، الذي يعفي من مواعيد التنبيه بالإخلاء وإن كان للقاضي إعطاء مهلة للإخلاء، ويستوي أن يكون الإيجار معين المدة أو غير معينها، ولكن إذا دفع المستأجر الأجرة في مواعيدها بموافقة دائنيه بالرغم من إعساره امتنع على المؤجر طلب الفسخ ويكون للمستأجر أن يطلب الفسخ إذا لم يكن مخولاً الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار مع دفع تعويض عادل يقدره القاضي مراعياً إعساره وللمؤجر بموجب هذا التعويض امتياز على المنقولات الموجودة بالعين وحبسها وتوقيع الحجز التحفظي عليها. وتسري هذه الأحكام في حالة إفلاس المستأجر التاجر م 222 تجاري.

فإن لم يوافق الدائنون على الوفاء بالأجرة بأن أوقع أحدهم حجزاً تحفظياً على منقولات المستأجر، فلا يكون أمام المؤجر إلا أن يطلب فسخ عقد الإيجار والتعويض على نحو ما تقدم، وحينئذٍ يجب على المؤجر بدوره أن يوقع حجزاً تحفظياً على ذات المنقولات بطريق التدخل في الحجز الأول ثم يستصدر أمراً بالأداء، فإذا وجدت ديون أخرى أوقع أصحابها حجوزاً ثم استصدروا سندات تنفيذية بهذه الديون، فإن لم توجد ديون ممتازة، تقدم المؤجر وفقاً لامتيازه سواء بالنسبة للأجرة المستحقة له أو لمبلغ التعويض باعتباره مستحقاً بمقتضى عقد الإيجار، وقتي استوفي المؤجر حقوقه، تم توزيع الباقي من حصيلة التنفيذ على باقي الدائنين وفقاً لقسمة الغرماء.

أما إن وجدت ديون أخرى أسبق في امتیازها على امتياز المؤجر، وجب الوفاء بها أولاً، ثم يستوفي المؤجر دينه قبل الدائنين العاديين .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثامن الصفحة/ 250)

أوجب النص على المستأجر في حالة إعساره بأن يقدم للمؤجر في وقت مناسب يقدره القاضي تأمينات كافية تضمن الوفاء بالأجرة التي لم تحل حتى نهاية الإيجار، فإن لم يفعل كان للمؤجر أن يطلب فسخ الإيجار.

وهذه التأمينات قد تكون كفالة أو رهن ، أو يتعهد دائنو المستأجر بدفع الأجرة، أو أن يلتزموا بمراعاة أفضلية المؤجر عليهم في استيفائها، إذ قد تكون لهم مصلحة في أن يبقى المستأجر بالعين ليباشر عمله فيها ويتمكن بذلك من إيفاء ما عليه من ديون.

ويثبت حق المؤجر في الفسخ سواء كان إعسار المستأجر مشهراً أو إعساراً فعلياً، وسواء كان الإيجار معقوداً لمدة معينة أو لمدة غير معينة.

ولا يلزم المؤجر في هذه الحالة بمراعاة مواعيد التنبيه بالإخلاء المنصوص عليها في المادة 563 مدني.

وللقاضي تطبيقاً للقواعد العامة، أن ينظر المستأجر إلى أجل يحدده لرد وإذا حكم بالفسخ فلا يلتزم المؤجر أن يعوض المستأجر عن الضرر الذي يصيبه من جراء ذلك.

فرق النص في هذا الصدد بين ما إذا كان عقد الإيجار قد تضمن شرطاً يحظر التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار أم لم يتضمن هذا الشرط.

فإذا كان العقد قد تضمن شرطاً يحظر على المستأجر التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار كان للمستأجر أن يطلب من المؤجر الترخيص له بالتأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، فإذا امتنع المؤجر عن الترخيص له بذلك، كان المستأجر أن يطلب فسخ الإيجار، على شرط أن يدفع للمؤجر تعويضاً عادلاً.

والتعويض العادل، لا يجعل التعويض يصل إلى حد تعويض المؤجر عما فاته من کسب وما لحقه من خسارة طبقاً للقواعد العامة، بل يجب أن يراعى فيه إعسار المستأجر.

وللمؤجر امتیاز لهذا التعويض على المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة، وله الحق في حبسها، وفي توقيع الحجز التحفظي عليها لاستيفائه من ثمنها.

أما إذا كان المؤجر قد رخص للمستأجر بالإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار، فإنه لا يكون للمستأجر طلب فسخ العقد، لأنه طالما رخص له في الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار، يستطيع أن يؤجر من الباطن، أو يتنازل عن الإيجار فيتمكن بذلك من الوفاء بالأجرة للمؤجر الأصلي فإذا امتنع هذا المستأجر عن تقديم تأمين للأجرة المؤجلة، حق للمؤجر طلب الفسخ، ولكن إذا رضى المؤجر بعدم التأمين ولم يلجأ إلى الفسخ، فليس للمستأجر أن يطلب إنهاء العقد(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع الصفحة/ 1092)

الأصل أن إعسار المدين يترتب عليه سقوط الأجل ( المادة 255 والمادة 273 مدني)، وبناء على ذلك كان يتعين في حالة إعسار المستأجر أن تحل جميع أقساط الأجرة عن مدة الإجارة كلها، فإذا أمكن المؤجر أن يستوفيها جميعاً، ترك الانتفاع للمستأجر المعسر وإلا جاز له فسخ العقد، ولكن المشرع رأى أن في القول بحلول جميع أقساط الإيجار دفعة واحدة إرهاقاً للمستأجر المعسر، ودعته الرأفة بالأخير الى أن يعطل أثر الاعسار فيما يتعلق بذلك، فنص في المادة 603 فقرة أولى مدني على أنه (لا يترتب على إعسار المستأجر أن تحل أجرة لم تستحق).

غير أن تقرير عدم حلول الأجرة المؤجلة رغم إعسار المستأجر من شأنه أن يعرض المؤجر لخطر ضیاع تلك الأجرة عليه، لذلك أعطى المشرع المؤجر حق فسخ الإيجار في هذه الحالة ما لم تقدم له إلى ميعاد مناسب تأمينات تكفل الوفاء بالأجرة التي لم تحل (المادة 203)، وذلك سواء كان الإيجار معقوداً لمدة معينة أو لمدة غير معينة، ودون حاجة بالمؤجر الی مراعاة مواعيد التنبيه بالإخلاء المنصوص عليها في المادة 563 ويجوز للمؤجر أن يكتفي باستمرار المستأجر في دفع أقساط الأجرة في مواعيدها برضا دائنيه، فقد يرضون بذلك إذا كانت لهم مصلحة في أن يبقى مدینهم في العين المؤجرة يباشر عمله حتى يتمكن من إیفاء ما عليه من ديون.

ولم يكتف المشرع برعاية مصلحة المؤجر كلما تقدم، بل رعى أيضاً مصلحة المستأجر فيها الحالة التي يرغب غيبية المؤجر عن الفسخ، ففرق بين المستأجر الممنوع من التأجير من الباطن ومن التنازل عن الإيجار وبين المستأجر غير الممنوع من ذلك، وأجاز لأول آن يخير المؤجر بین أن يرخص له في التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن ليمكنه بذلك من الإفادة من الإيجار بما يعوض عليه الأجرة التي يدفعها للمؤجر وبين أن يفسخ العقد مع تعويض المؤجر عن ذلك تعويضاً عادلاً يقدره القاضي مراعياً إعسار المستأجر (المادة 603 فقرة ثانية)، أما المستأجر المرخص له بالتأجير من الباطن أو بالتنازل عن الإيجار، فلم ير المشرع داعياً لتخويله حق الفسخ لإمكانه الإفادة من الإيجار بما يعوض عليه قيمة الأجرة، فكل ما يستطيعه هذا المستأجر هو أن يمتنع عن تقديم تأمين بالأجرة المؤجلة، فيضطر المؤجر الى طلب الفسخ، ولكن إذا رضى المؤجر بعدم التأمين ولم يلجأ إلى طلب الفسخ، فليس للمستأجر أن يطلب إنهاء العقد ما دام مرخصاً له في التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار (أنظر أيضاً المادة 222/230 من قانون التجارة) ( الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن الصفحة/ 746)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

مادة 602

1- لا يترتب على إعسار المستأجر أن تحل أجرة لم تستحق .

٢- ومع ذلك يجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء الايجار اذا لم تقدم له في ميعاد مناسب تأمينات تكفل الوفاء بالأجرة التي لم تحل ، وكذلك يجوز للمستاجر اذا لم يرخص له في النزول عن الايجار أو في الايجار من الباطن أن يطلب الانهاء على أن يدفع تعويضاً عادلاً ، وفي هذه الحالة يجب أن تراعى مواعيد التنبيه بالاخلاء المبينة في المادة 556 .

هذه المادة تقابل المادة 603 من التقنين الحالي.

وقد ادخلت على الفقرة الثانية من هذه المادة التعديلات الآتية :

ا- استبدلت كلمة « أنهاء » بكلمة «فسخ ». واستبدلت كلمة « الانهاء » بكلمة « الفسخ ». واستبدلت كلمة « النزول » بكلمة "التنازل" .

٢- أضيفت العبارة الأخيرة التي تفيد مراعاة مواعيد التنبية بالإخلاء عند طلب انهاء العقد .

وحكم الفقرة الأولى من المادة المقترحة يستبعد تطبيق القواعد العامة التي تقضي بسقوط الأجل اذا ثبت اعسار المدين بأن كانت أمواله لا تفي بديونه الحالة (م 261/1 من المشر وع) . فمقتضي هذه القواعد ان أقساط الأجرة التي لم تستحق تحل جميعها ، أو هی دین مؤجل . ولكن المشروع عطل هذا الأثر رأفة بالمستاجر ، حيث نص بأن اعساره لا يترتب عليه أن تحل أجرة لم تستحق .

ولكن نظراً إلى أن اعسار المستأجر قد يؤدي الى عجزه عن دفع الأجرة، أجازت الفقرة الثانية لكل من المؤجر والمستأجر أن يطلب انهاء الايجار قبل انقضاء مدته . ويعتبر الاعسار في حكم هذه الفقرة عذراً طارئاً يسوغ هذا الحكم ، والعذر الطاريء مأخوذ من الفقه الاسلامي كما سبق القول .

والمادة المقترحة تقابل المادة 785 من التقنين العراقي.

تطابق المادة 602 من التقنين المصري الحالي .

انظر المذكرة الايضاحية للنص المقابل في المشروع التمهيدي التقنين الحالي (م 806) في مجموعة الأعمال التحضيرية ج4 ص 586