loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 598

مذكرة المشروع التمهيدي :

وضعت هذه المادة مبدأ خطيرا هو فسخ الإيجار بالعذر ، وهو مبدأ مأخوذ من الشريعة الإسلامية ، وهو في الوقت ذاته تطبيق هام لمبدأ الحوادث غير المتوقعة (م ۲۱۳ فقرة ۲ من المشروع ). فلكل من المؤجر والمستأجر أن يطلب فسخ العقد إذا كان محدد المدة قبل إنقضاء مدته إذا جدت ظروف خطيرة من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار مرهقا ، سواء تحقق الإرهاق من مبدأ تنفيذ العقد أو أثناء تنفيذه ، كما إذا كان محاميا استأجر مکتها ثم اضطر إلى ترك مهنته لسبب لا يد له فيه . وما أعار المستأجر وموته و نقله إلى بلد آخر إذا كان موظفا إلا أمثلة للأعذار الطارئة التي تبرر إنهاء الإيجار . كذلك قد يكون تنفيذ الايجار أو الاستمرار في تنفيذه مرهقا للمؤجر نفسه ، كما إذا كان هذا قد تعهد بإقامة بناء يكمل العين المؤجرة ثم جالت ظروف غير متوقعة تجعل القيام بالبناء مرهقا للمؤجر في الحالتين يستطيع المتعاقد الذي يرهقه تنفيذ الايجار أو الاستمرار في تنفيذه أن يطلب إنهاءه بعد التنبيه بالاخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 761، وبعد أن يعوض الآخر تعويضا عادلا تراعى فيه هذه الظروف . وإذا كان المؤجر هو الذي يطلب إنهاء الايجار ، فإنه لا يستطيع طلب الاخلاء إلا إذا دفع هذا التعويض للمستأجر ، أو قدم له تأمينا كافيا . كل هذا إذا كان الايجار محدد المدة ، أما إذا كانت مدته غير محددة ، فيكفي أن يلجأ الطرف الذي يمكن إرهاقا إلى حقه في تنبيه الطرف الآخر بالاخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 761 .

المشروع في لجنة المراجعة

تلا معالي السنهورى باشا المادة ۸۰۲ من المشروع ( محذوفا منها كلمتا ومع ذلك من صدر الفقرة الأولى ) فأقرتها اللجنة مع إضافة عبارة ( غير متوقعة ) بعد عبارة ظروف خطيرة في الفقرة الأولى زيادة في الإيضاح .

وقدمت بعد استبدال كلمة " معين" بكلمة "محدد " ورقم 592 برقم 761 في الفقرة الأولى.

وأصبح رقمها 637 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة تحت رقم 636 بعد استبدال رقم 591، برقم 592 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة تحت رقم 608 مع استبدال رقم 563 برقم 591

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .

_______________________________________________________________

الاحكام

إذ خلت أوراق الدعوى مما يدل على أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بنص المادة 608 من القانون المدنى على أساس أن تنفيذ عقد الإيجار كان مرهقا له بسبب منع السلطات المصرية للعمال من دخول المعسكرات البريطانية ، فإنه لا يجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 82 لسنة 35 جلسة 1969/11/04 س 20 ع 3 ص 1151 ق 178)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 608 من التقنين المدني على ما يأتي :

1- العقد قبل انقضاء مدته إذا جدت ظروف خطيرة غير متوقعة من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار من مبدأ الأمر وفي أثناء سريانه مرهقًا، على أن يراعى من يطلب إنهاء العقد مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة بالمادة 563، وعلى أن يعرض الطرف الآخر تعويضًا عادلاً .

2- فإذا كان المؤجر هو الذي يطلب إنهاء العقد، فلا يجبر المستأجر على رد العين المؤجرة حتى يستوفي التعويض أو يحصل على تأمين كافٍ.

وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص : «وضعت هذه المادة مبدأ خطيرًا هو فسخ الإيجار بالعذر وهو مبدأ مأخوذ من الشريعة الإسلامية، وهو في الوقت ذاته تطبيق هام لمبدأ الحوادث غير المتوقعة» وما تقوله المذكرة الإيضاحية في هذا الشأن صحيح، فالنص الذي نحن بصدده هو تطبيق تشريعي في عقد الإيجار لنظرية الحوادث الطارئة التي قررتها الفقرة الثانية من المادة 147 مدني في النظرية العامة للعقد في العبارات الآتية : «ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقًا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعًا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك» واختلاف هذا النص العام عن تطبيقه التشريعي في بعض التفصيلات لا يمنع إطلاقًا من أن يكون النص الوارد في عقد الإيجار تطبيقًا تشريعيًا للنص العام . فالاختلاف محصور في مسألتين : لم يشترط النص الوارد في عقد الإيجار بخلاف النص العام أن يكون الحادث الاستثنائي عامًا، وأجاز النص بخلاف النص العام أيضًا إنهاء الإيجار ولم يقتصر على رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول . فالنص الوارد في عقد الإيجار قد وسع من نظرية الحوادث الطارئة، الشروط الواجب توافرها لقيام العذر الطارئ.

الشروط الواجب توافرها في النظرية العامة ومدى انطباقها هنا : قدمنا أن لنظرية الحوادث شروطًا أربعة :

أولاً – أن يكون العقد الذي تثار النظرية في شأنه متراخيًا وهذا الشرط يقابل في عقد الإيجار أن يكون الإيجار معين المدة ( 608/1 مدني ) .

ثانيًا – أن يجد بعد صدور العقد حوادث استثنائية عامة وهذا الشرط يقابله في عقد الإيجار أن تجد بعد إبرام الإيجار ظروف خطيرة ( م608/1 مدني )، ولا يشترط هنا أن تكون هذه الظروف الخطيرة عامة، بل يصح أن تكون خاصة بأحد المتعاقدين.

ثالثًا – أن تكون هذه الحوادث الاستثنائية ليس في الوسع توقعها وهذا الشرط واجب أيضًا في عقد الإيجار، إذ تقول المادة 1608/1 مدني : «إذا جدت ظروف خطيرة غير متوقعة» .

رابعًا – أن تجعل هذه الحوادث تنفيذ الالتزام مرهقًا لا مستحيلاً وهذا الشرط واجب أيضًا في عقد الإيجار، إذ تشترط المادة 608/1 مدني في الظروف الخطيرة غير المتوقعة أن يكون «من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار من مبدأ الأمر أو في أثناء سريانه مرهقًا».

وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان هناك إرهاق يبرر إنهاء الإيجار.

ولا يقبل التمسك بذلك أمام محكمة النقض لاول مرة إنهاء الإيجار قبل انقضاء مدته – ضمانات الطرف الآخر : فإذا توافرت الشروط الأربعة التي تقدم ذكرها، قام عذر طارئ بالطرف المرهق يجيز له أن ينهي الإيجار قبل انقضاء مدته المعينة في العقد، وقد قدمنا أن الإيجار لابد أن يكون معين المدة.

على أن الإيجار لا ينتهي من تلقاء نفسه بمجرد قيام العذر الطارئ، بل إن القانون أعطى للطرف الآخر ضمانين أساسيين :

( 1 ) التنبيه عليه بالإخلاء في المواعيد القانونية.

( 2 ) تقاضي تعويض عادل.

ومن هنا نرى أن الطرف الآخر لا يتحمل وحده كل الخسارة التي نجمت عن إنهاء الإيجار قبل انقضاء مدته، بلى يتقاسمها مع الطرف الآخر ويتحمل كل منهما نصيبه فيها، لذلك يكون الجزاء المترتب على قيام العذر الطارئ متفقًا، كما قدمنا، مع القواعد المقررة في النظرية العامة للحوادث الطارئة.

التنبيه على الطرف الآخر بالإخلاء في المواعيد القانونية : تقضي الفقرة الأولى من المادة 608 مدني بأن يراعي الطرف المرهق الذي «يطلب إنهاء العقد مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة بالمادة 563» .

فيجب إذن على من يطلب إنهاء الإيجار للعذر الطارئ أن ينبه على الطرف الآخر بالإخلاء في ميعاد ثلاثة أشهر بالنسبة إلى الأراضي، وشهرين في الأماكن غير المؤثثة، وشهر واحد في غير ما تقدم، بحيث لا يجاوز هذا الميعاد نصف مدة الإيجار المعينة في العقد.

فإذا أجرت أرض زراعية لمدة ثلاث سنوات، وبعد انقضاء سنة قام بالمستأجر عذر طارئ يسوغ له إنهاء الإيجار، فإن عليه أن ينبه على المؤجر بالإخلاء في ميعاد ثلاثة أشهر، فينتهي الإيجار بعد انقضاء سنة وثلاثة أشهر من مدته الأصلية . وإذا قام العذر الطارئ منذ بداية الإيجار، فالتنبيه بالإخلاء يكون أيضًا في ميعاد ثلاثة أشهر، فينتهي الإيجار بعد انقضاء ثلاثة أشهر فقط من مدته الأصلية .

وإذا أوجر منزل لمدة سنة، وقام عذر طارئ بالمؤجر بعد انقضاء شهرين، فعليه أن ينبه على المستأجر بالإخلاء في ميعاد شهرين، ومن ثم ينتهي الإيجار بعد انقضاء أربعة أشهر من مدته الأصلية.

وإذا أوجر منزل مؤثث للتصييف لمدة ثلاثة أشهر، وقام عذر طارئ بالمستأجر بعد انقضاء شهر واحد، فعليه أن ينبه على المؤجر بالإخلاء في ميعاد شهر، فينتهي بعد انقضاء شهرين من مدته الأصلية . وإذا قام العذر الطارئ منذ بداية الإيجار – كأن كان المستأجر موظفًا واعتمد على إجازة للتصييف فألغيت هذه الإجازة – فالتنبيه بالإخلاء يكون أيضًا في ميعاد شهر، وينتهي الإيجار بعد انقضاء شهر واحد من مدته الأصلية . فإذا كان منزل التصييف غير مؤثث، وقام العذر الطارئ بالمستأجر منذ بداية الإيجار، فميعاد التنبيه بالإخلاء في هذه الحالة يكون شهرًا ونصفًا، وينتهي الإيجار بعد انقضاء شهر ونصف من مدته الأصلية.

وغني عن البيان أن مدة ميعاد التنبيه بالإخلاء، التي يبقاها المستأجر في العين المؤجرة حتى ينتهي بانقضائها الإيجار، يسري عليها عقد الإيجار بشروطه وبأجرته المضمونة بالامتياز والحبس والحجز التحفظي، ويعتبر الإيجار قائمًا طول هذه المدة إلى أن ينتهي بانقضائها.

تقاضي تعويض عادل – الحبس : وتقضي الفقرة الأولى من المادة 608 مدني كذلك بأن الطرف الذي ينهي الإيجار للعذر الطارئ عليه أيضًا أن يعوض الطرف الآخر تعويضًا عادلاً عند انتهاء الإيجار قبل انقضاء مدته وفي هذا يختلف النص المصري عن الأصل الذي اقتبس منه وهو المادة 269 من تقنين الالتزامات السويسري فإن النص السويسري يقضي بأن يكون التعويض تعويضًا كاملاً، وبألاَّ يقل عن أجرة ستة أشهر إذا كانت مدة الإيجار سنة أو أكثر أما التعويض في التقنين المصري فهو تعويض عادل، لا تعويض كامل، وليس له حد أدنى والتعويض العادل لا يكون بالضرورة تعويضًا كاملاً، وإنما هو تعويض يقدره القاضي، ويراعي في تقديره أن يقسم الخسارة الناجمة عن انتهاء الإيجار قبل انقضاء مدته قسمة عادلة بين الطرفين، ويختلف ذلك باختلاف ظروف كل حالة ففي الأمثلة التي تقدم ذكرها، إذا كان الإيجار ينتهي بالعذر الطارئ قبل انقضاء مدته الأصلية بسنة وتسعة أشهر جاز أن يقدر القاضي التعويض بأجرة ستة أشهر، وإذا كان ينتهي قبل انقضاء مدته الأصلية بشهر واحد جاز تقدير التعويض بأجرة نصف شهر.

وإذا كان المستأجر هو الذي قام به العذر الطارئ فأنهى الإيجار ووجب عليه التعويض، فإن هذا التعويض مصدره عقد الإيجار، ومن ثم يكون التعويض، فإن هذا التعويض مصدره عقد الإيجار، ومن ثم يكون مضمونًا بامتياز المؤجر ويحبس المنقولات وبالحجر التحفظي .

أما إذا كان المؤجر هو الذي قام به العذر الطارئ فأنهى الإيجار ووجب عليه التعويض، فإن الفقرة الثانية من المادة 608 مدني تقول، كما رأينا، في هذا الصدد : «فإذا كان المؤجر هو الذي يطلب إنهاء العقد، فلا يجبر المستأجر على رد العين المؤجرة حتى يستوفي التعويض أو يحصل على تأمين كافٍ» . ذلك أن المؤجر مدين للمستأجر بالتعويض بموجب عقد الإيجار، ودائن له برد العين المؤجرة بموجب عقد الإيجار أيضًا، فيكون هناك التزامان متقلابلان مرتبطان فيما بينهما إذ أن كلاً منهما قد نشأ عن عقد الإيجار، وقد ترتب أحدهما على الآخر إذ أن التزام المؤجر بالتعويض قد ترتب على التزام المستأجر بالرد . فيجوز إذن للمستأجر أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه برد العين فيحبسها، حتى يستوفي من المؤجر التزامه بالتعويض، وذلك تطبيقًا للنظرية العامة في الحبس ( م 246/1 ) وتطبيقًا لنظرية الدفع بعدم تنفيذ العقد ( م161 مدني ومن هنا جاء حق الجبس الذي تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 608 مدني، فليس هذا النص إلا تطبيقًا تشريعيًا للقاعدة العامة في الحبس التي وردت في الفقرة الأولى من المادة 246 مدني . وينقضي حق المستأجر في حبس العين المؤجرة إذا هو استوفى التعويض، وقد تقع مقاصة بين التعويض وبين الأجرة في ميعاد الإخلاء الواجب على المستأجر دفعها للمؤجر، فينقضي الدينان بقدر الأقل منهما، وينقضي حق المستأجر في الحبس أيضًا إذا حصل من المؤجر على تأمين كاف، ويكون التأمين كفالة أو رهنًا أو نحو ذلك، والقاضي هو الذي يبت فيما إذا كان التأمين المقدم كافيًا عند الخلاف في ذلك .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/السادس الصفحة/ 1139)

ويقوم الحكم الوارد بالنص على فكرة العذر الطارئ ويشترط لأعماله:

1- أن تكون مدة الإيجار محددة فإن كانت غير محددة فيستطيع الطرف المرهق إنهاء الإيجار بعد التنبيه بالإخلاء في المواعيد المحددة بالمادة 563 ويسرى الحكم بالنسبة للعقار والمنقول.

2- أن ينهض بأحد المتعاقدين ظروف خطيرة بعد الإيجار مما يعد عذراً طارئاً.

3- وأن تكون هذه الظروف غير متوقعة ولا يمكن توقعها، فإذا ترك المستأجر مهنته باختياره لتولى وظيفة أو إذا اضطر لترك مهنته فإن ذلك لا يعد عذراً طارئاً لأن ما حدث كان يمكن توقعه.

4- أن يصبح تنفيذ الإيجار مرهقاً بمعنى أن تفع خسارة فادحة بالطرف المرهق لو أنه استمر في تنفيذ الإيجار لنهاية مدته .

ومتى توافرت هذه الشروط في متعاقد كان له إنهاء الإيجار قبل مدته استناداً إلى العذر الطاري بشرط أن يراعي مواعيد التنبيه المبينة بالمادة 563 وأن يعوض الطرف الآخر تعريضاً يقدره القاضي مراعياً أن يقسم الخسارة الناجمة عن انتهاء الإيجار بين الطرفين، فإن أنهاء المؤجر كان للمستأجر حبس العين حتى يستوفي التعويض أو تأمين كاف.

ويتوفر العذر بالمستأجر إن كان محامياً استأجر مكتبه ثم اضطر إلى ترك مهنته السبب لا بد له فيه، وما إعسار المستأجر وموته ونقله إلى بلد آخر إذا كان موظفاً إلا أمثلة للأعذار الطارئة التي تبرر إنهاء الإيجار، كذلك قد يكون تنفيذ الإيجار أو الاستمرار في تنفيذه مرهقاً للمؤجر نفسه، كما إذا كان هذا قد تعهد بإقامة بناء يكمل العين المؤجرة ثم جلت ظروف غير متوقعة تجعل القيام بالبناء مرهقاً للمؤجر، ففي الحالتين يستطيع المتعاقد الذي يرهقه تنفيذ الإيجار أو الاستمرار فيه أن يطلب إنهاءه بعد التنبيه بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 563 وبعد أن يعوض الطرف الآخر تعويضاً عادلاً تراعى فيه هذه الظروف، كل هذا إذا كان الإيجار محدد المدة، أما إذا كانت مدته غير محددة فيكفي أن يلجأ الطرف الذي يحس إرهاقاً إلى حقه في تنبيه الطرف الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 563.

فإذا اتفق المؤجر والمستأجر على مدة الإيجار، فإن العقد ينتهي بحكم القانون بانقضاء مدته على التفصيل المتقدم. لكن إذا أخل أحد المتعاقدين بالتزاماته قبل اكتمال ملة الإيجار، جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب الفسخ والتعويض، ويقدر التعويض حيث رقا لقواعد المسئولية التقصيرية، بما فات المضرور من کسب وما لحقه من خسارة، إذ بانحلال العقد تنحل الرابطة العقدية وما يترتب عليها من آثار ومنها ترتيب المسؤولية العقدية .

فإن كان المستأجر هو الذي أخل بالتزامه بامتناعه عن دفع الأجرة، جاز للمؤجر رفع دعوى بفسخ عقد الإيجار و إلزام المستأجر بدفع الأجرة المتأخرة التي استحقت والتي تستحق حتى إخلاء العين وتسليمها للمؤجر، فلا ينطوى هذا الطلب على إرادة الاستمرار في الإيجار، كما يطلب المؤجر تعويضاً عن المدة من إخلاء العين حتى نهاية مدة الإيجار، يقدر على نحو ما يلي.

فإن كان العقد ينطوي على الشرط الفاسخ الصريح، قدر التعويض اعتباراً من تحقق الواقعة التي ترتب عليها إعمال هذا الشرط وحتى نهاية مدة العقد.

ذلك أن الأجرة تستحق مقابل الانتفاع بالعين المؤجرة المستند إلى عقد الإيجار، أما الانتفاع بعد إنحلال هذا العقد، فيكون بمثابة غصب يستحق عنه تعويضاً وليس أجرة.

ويعتبر عقد الإيجار في جميع الأحوال من العقود محددة المدة، لتعلقه بالانتفاع بالعين المؤجرة وهو دائماً محدد المدة، فقد يتفق المتعاقدان على تحديد المدة صراحة بالعقد، کشهر أو سنة، فإن لم يتم الاتفاق بالعقد على ذلك، تحددت المدة بالمدة المقررة لدفع الأجرة، وتسرى ذات القاعدة الأخيرة إذا اتفق المتعاقدان على سريان الإيجار طالما ظل المستأجر يوفي بالتزاماته التي تضمنها العقد، إذ يبطل هذا الشرط الإرادي المحض وتحدد مدة الإيجار بمدة الوفاء بالأجرة.

وقد أوضحنا فيما يلي، ما يترتب على إخلال المستأجر بالتزامه الذي يوجب عليه إخلاء العين المؤجرة وردها للمؤجر فور إنقضاء مدة عقد الإيجار عملاً بالمادة 590 من القانون المدني.

وتناول الفرض العكسي، عندما يترك المستأجر العين المؤجرة قبل المدة المحددة لانتهاء عقد الإيجار، فقد يحدد عقد الإيجار بخمس سنوات، ومع ذلك يتركها المستأجر بعد سنة واحدة دون أن يكمل مدة العقد، وفي هذه الحالة أيضاً يكون قد أخل بالتزامه العقدي مما يجوز معه للمؤجر الرجوع عليه بالتعويض استناداً للمسئولية العقدية، إذا تمسك المؤجر بالعقد، أو استناداً للمسئولية التقصيرية إذا طلب الفسخ. وفي الحالتين لا يطالب بالأجرة التي كان يستحقها لو اكتملت مدة العقد، لأن الأجرة مقابل إنتفاع المستأجر بالعين المؤجرة وهو لم ينتفع بها بعد ترکه لها، ومن ثم ينحصر طلبه في التعويض وفقاً لنوع المسئولية التي إختار الرجوع بموجبها، فيقدر التعويض بالضرر المتوقع إذا رجع بالمسئولية العقلية، وبالضرر المتوقع وغير المتوقع إذا رجع بالمسئولية التقصيرية.

ويقدر التعويض، بما فات المؤجر من کسب وما لحقه من خسارة بسبب عدم إكتمال مدة العقد، مع مراعاة المدة التي يمكن للمؤجر استغلال العين خلالها بالنظر لصقع المنطقة، وبذلك ينحصر التعويض في المدة التي يتعذر فيها هذا الإستغلال، وحينئذ يجوز تقدير التعويض المستحق عن تلك المدة، بالأجرة التي تضمنها العقد، وتقضي بها كتعويض وليس أجرة، وهي بذلك تكون قد استدلت منها على قدر الضرر الذي لحق بالمؤجر بسبب حرمانه من المقابل الذي فاته بسبب إخلال المستأجر بالتزامه .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 277)

أجازت المادة لكل من المؤجر والمستأجر إنهاء الإيجار محدد المدة قبل انتهاء مدته، إذا جدت ظروف خطيرة غير متوقعة من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار من مبدأ الأمر أو في أثناء سريانه مرهقاً.

وهذه الحالة يطلق عليها فسخ الإيجار للعذر.

شروط إنهاء الإيجار للعذر الطارئ :

1- أن يكون عقد الإيجار محدد المدة :

2- أن يطرأ بعد إبرام العقد ظرف من شأنه جعل تنفيذ العقد مرهقاً لأحد طرفيه :

يشترط أن يطرأ ظرف بعد إبرام العقد.. ويستوي أن يحدث هذا الظرف قبل بدء الانتفاع أو أثناء الانتفاع.

3- أن يكون الظرف خطيراً:

4- أن يكون الظرف غير متوقع :

ليس هناك في قانون إيجار الأماكن وقانون الإصلاح الزراعي ما يمنع العمل بنص المادة 608 بالنسبة للأماكن والأراضي الخاضعة لهما، فقد استحدث التقنين المدني الجديد هذا النص أخذا بمقتضيات العدالة كما أن القانونين المذكورين لم يعرضا لحق المؤجر في إنهاء الإيجار إلا بسبب إخلال المستأجر بالتزاماته فحسب، دون أن يسلبه حقه في إنهاء الإيجار للأسباب الأخرى الواردة بالقانون والتي لا تتعارض مع ما قرره القانونان المذكوران.

ومن بين هذه الأسباب فسخ الإيجار للعذر الطارئ.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع، الصفحة/ 1151)

ظروف أخرى غير متوقعة - لم يكتف المشرع بالأعذار المتقدمة كمسوغات لفسخ الإيجار قبل انقضاء مدته، بل أخذ من الشريعة الإسلامية نظرية فسخ الإيجار بالعذر، ونص بوجه عام في المادة 608 مدني على أنه إذا كان الإيجار معين المدة، جاز لكل من المتعاقدين أن يطلب إنقضاء العقد قبل انقضاء مدته إذا جدت ظروف خطيرة غير متوقعة من شأنها أن تجعل تنفيذ الإيجار من مبدأ الأمر أو في أثناء سريانه مرهقاً، على أن يراعي من يطلب إنهاء العقد مواعيد التنبيه بالإخلاء المدينة بالمادة 563 منه، وعلى أن يعوض الطرف الآخر تعويضاً عادلاً، فإذا كان المؤجر هو الذي يطلب إنهاء العقد : فلا يجبر المستأجر على رد العين المؤجرة حتى يستوفي التعويض أو يحصل على تأمين كاف».

وبناء على هذا النص يجوز لكل من المؤجر والمستأجر، سواء أكان المأجور عقاراً أو منقولاً، إنهاء العقد قبل انقضاء مدته بالشروط الأتية:

1- ان تكون الاجارة معينة المدة، لأنها اذا لم تكن كذلك جاز انهاؤها بمجرد التنبيه بالإخلاء قبل نهاية أية فترة من فترات دفع الأجرة مع مراعاة المواعيد المنصوص عليها في المادة 563، ولم تكن ثمة حاجة إلى الاستناد في ذلك إلى حكم المادة 608 مدني.

2 - أن تطرأ ظروف خطيرة غير متوقعة من شأنها أن تجعل تنفیذ الإيجار مرهقاً ، سواء تحقق الارهاق من مبدأ تنفيذ العقد أو أثناء تنفيذه، وسواء وقع على عاتق المؤجر أو على عاتق المستأجر.

ويلاحظ أن القانون لم يشترط في فسخ الايجار للعذر أن يكون ذلك العذر ناشئاً عن حادثة استثنائية عامة كما اشترطت ذلك أن المادة 147 فقرة ثانية التي نصت على القاعدة العامة المتعلقة بالظروف الطارئة، بل بالعكس من ذلك يؤخذ من المذكرة الايضاحية المادة 812 من المشروع التمهيدي (وهي أصل المادة 608 من القانون ) أن المقصود بالأعذار في فسخ الايجار أعذار خاصة فردية يكفي فيها أن تكون خطيرة غير متوقعة وقد قالت المذكرة في ذلك ان اعسار المستأجر وموته ونقله إلى بلد آخر إذا كان موظفاً ليست إلا أمثلة للأعذار الطارئة التي تبرر إنهاء الإيجار.

وبناء على ذلك إذا استأجر محام أو طبيب مكتباً أو عيادة ثم اضطر إلى ترك مهنته لسبب لايد له فيه كمرض أو عاهة أقعدته عن مزاولة المهنة، اعتبر ذلك عذراً يسوغ فسخ الإجارة . أما إذا ترك المهنة لتولى وظيفة عامة، فلا يعتبر ذلك عذراً . وكذلك قد يكون تنفيذ الايجار أو الاستمرار في تنفيذه مرهقاً للمؤجر نفسه، كما إذا كان هذا قد تعهد بإجراء تعديلات في العين المؤجرة لاعدادها للغرض الذي أجرت من أجله ثم جدت ظروف خطيرة غير متوقعة تجعل أجراء هذه التعديلات مرهقاً له، اعتبر ذلك عذراً يسوغ له انهاء العقد قبل انقضاء مدته.

ويستفاد من اشتراط عدم توقع الظروف الطارئة أنه يجب أن تكون تلك الظروف أجنبية عن إرادة العاقد الذي سببت إرهاقه، أي لا تكون راجعة إلى فعله ولا ممكناً توقعها ولا مستطاعاً تفاديها، فإذا آثر المحامي تعيينه في وظيفة قضائية على مزاولة مهنته، فإن ذلك لا يعتبر عذراً يسوغ له فسخ إجارة المكان الذي كان قد اتخذه مكتباً.

3 - أن يطلب العقد الذي يرهقه تنفيذ الأيجار أو الاستمرار في تنفيذه انهاء الايجار بعد التنبيه بالاخلاء في المواعيد المبينة بالمادة 563، أي أن ينبه على العاقد الآخر برغبته في انهاء الإيجار بعد انقضاء المهلة القانونية وأن يدعه ينتفع بالعين المؤجرة طوال مدة المهلة المذكورة .

4- أن يعوض العاقد الذي يطلب إنهاء العقد بسبب هذا العذر العاقد الآخر تعويضاً عادلاً تراعى فيه هذه الظروف، وإذا كان المؤجر هو الذي طلب إنهاء العقد كان للمستأجر الحق في حبس العين المؤجرة إلى أن يستوفي التعويض الذي يستحقه، ما لم يقدم له المؤجر تأميناً كافياً.

ويجب بداهة أن يتمسك العاقد بحكم المادة 608 مدني سالفة لسالفة الذكر أمام محكمة الموضوع، ولا يجوز له التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن، الصفحة/ 750)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الأول ، الصفحة /  271

فسْخ الإْجارة للْعذْر:

64 - الْحنفيّة، كما سبق، يروْن جواز فسْخ الإْجارة لحدوث عذْرٍ بأحد الْعاقديْن، أوْ بالْمسْتأْجر (بفتْح الْجيم) ولا يبْقى الْعقْد لازمًا ويصحّ الْفسْخ، إذْ الْحاجة تدْعو إليْه عنْد الْعذْر؛ لأنّه لوْ لزم الْعقْد حينئذٍ للزم صاحب الْعذْر ضررٌ لمْ يلْتزمْه بالْعقْد. فكان الْفسْخ في الْحقيقة امْتناعًا من الْتزام الضّرر، وله ولاية ذلك. وقالوا: إنّ إنْكار الْفسْخ عنْد تحقّق الْعذْر خروجٌ عن الشّرْع والْعقْل؛ لأنّه يقْتضي أنّ من اشْتكى ضرْسه، فاسْتأْجر رجلاً ليقْلعها، فسكن الْوجع، يجْبر على الْقلْع. وهذا قبيحٌ شرْعًا وعقْلاً.

ويقْرب منْهم الْمالكيّة في أصْل جواز الْفسْخ بالْعذْر، لا فيما توسّع فيه الْحنفيّة، إذْ قالوا: لوْ كان الْعذْر بغصْب الْعيْن الْمسْتأْجرة أوْ منْفعتها أوْ أمْر ظالمٍ لا تناله الأْحْكام بإغْلاق الْحوانيت الْمكْتراة، أوْ حمْل ظئْرٍ  - لأنّ لبن الْحامل يضرّ الرّضيع - أوْ مرضها الّذي لا تقْدر معه على رضاعٍ، حقّ للْمسْتأْجر الْفسْخ أو الْبقاء على الإْجارة.

65 - وجمْهور الْفقهاء على ما أشرْنا لا يروْن فسْخ الإْجارة بالأْعْذار؛ لأنّ الإْجارة أحد نوْعي الْبيْع، فيكون الْعقْد لازمًا، إذ الْعقْد انْعقد باتّفاقهما، فلا ينْفسخ إلاّ باتّفاقهما. وقدْ نصّ الشّافعيّة على أنّه ليْس لأحد الْعاقديْن فسْخ الإْجارة بالأْعْذار، سواءٌ أكانتْ على عيْنٍ أمْ كانتْ في الذّمّة، ما دام الْعذْر لا يوجب خللاً في الْمعْقود عليْه. فتعذّر وقود الْحمّام، أوْ تعذّر سفر الْمسْتأْجر، أوْ مرضه، لا يخوّله الْحقّ في فسْخ الْعقْد، ولا حطّ شيْءٍ من الأْجْرة.

وقال الأْثْرم من الْحنابلة: قلْت لأبي عبْد اللّه: رجلٌ اكْترى بعيرًا، فلمّا قدم الْمدينة قال له: فاسخْني. قال: ليْس ذلك له. قلْت: فإنْ مرض

الْمسْتكْري بالْمدينة، فلمْ يجْعلْ له فسْخًا، وذلك لأنّه عقْدٌ لازمٌ. وإنْ فسخه لمْ يسْقط الْعوض.

66 - والْعذْر كما يرى الْحنفيّة قدْ يكون منْ جانب الْمسْتأْجر، نحْو أنْ يفْلس فيقوم من السّوق، أوْ يريد سفرًا، أوْ ينْتقل من الْحرْفة إلى الزّراعة، أوْ من الزّراعة إلى التّجارة أوْ ينْتقل منْ حرْفةٍ إلى حرْفةٍ؛ لأنّ الْمفْلس لا ينْتفع بالْحانوت، وفي إلْزامه إضْرارٌ به، وفي إبْقاء الْعقْد مع ضرورة خروجه للسّفر ضررٌ به.

فلو اسْتأْجر شخْصٌ رجلاً ليقْصر له ثيابًا - أيْ يبيّضها - أوْ ليقْطعها، أوْ ليخيطها، أوْ يهْدم دارًا له، أوْ يقْطع شجرًا له، أوْ ليقْلع ضرْسًا. ثمّ بدا له ألاّ يفْعل، فله أنْ يفْسخ الإْجارة؛ لأنّه اسْتأْجره لمصْلحةٍ يأْملها، فإذا بدا له أنْ لا مصْلحة له فيه صار الْفعْل ضررًا في نفْسه، فكان الامْتناع من الضّرر بالْفسْخ.

67 - وقدْ يكون الْعذْر منْ جانب الْمؤجّر نحْو أنْ يلْحقه ديْنٌ فادحٌ لا يجد قضاءه إلاّ منْ ثمن الْمسْتأْجر - بفتْح الْجيم - من الإْبل والْعقار ونحْو ذلك. فيحقّ له فسْخ الإْجارة إذا كان الدّيْن ثابتًا قبْل عقْد الإْجارة. أمّا إذا كان ثابتًا بعْد الإْجارة بالإْقْرار فلا يحقّ له الْفسْخ به عنْد الصّاحبيْن؛ لأنّه متّهمٌ في هذا الإْقْرار، ويحقّ له عنْد الإْمام؛ لأنّ الإْنْسان لا يقرّ بالدّيْن على نفْسه كاذبًا، وبقاء الإْجارة مع لحوق الدّيْن الْفادح الْعاجل إضْرارٌ بالْمؤجّر لأنّه يحْبس به إلى أنْ يظْهر حاله. ولا يجوز الْجبْر على تحمّل ضررٍ غيْر مسْتحقٍّ بالْعقْد.

وقالوا في امْرأةٍ آجرتْ نفْسها ظئْرًا، وهي تعاب بذلك: لأهْلها الْفسْخ؛ لأنّهمْ يعيّرون بذلك. ومنْ هذا الْقبيل إذا ما مرضت الظّئْر وكانتْ تتضرّر بالإْرْضاع في الْمرض، فإنّه يحقّ لها أنْ تفْسخ الْعقْد.

68 - ومنْ صور الْعذْر الْمقْتضي للْفسْخ عنْد منْ يرى الْفسْخ بالْعذْر منْ جانب الْمسْتأْجر «بفتْح الْجيم» الصّبيّ إذا آجره وليّه، فبلغ في مدّة الإْجارة، فهو عذْرٌ يخوّل له فسْخ الْعقْد؛ لأنّ في إبْقاء الْعقْد بعْد الْبلوغ ضررًا به. ومنْ هذا ما قالوا في إجارة الْوقْف عنْد غلاء أجْر الْمثْل، فإنّهمْ قالوا: إنّه عذْرٌ يفْسخ به متولّي الْوقْف الإْجارة، ويجدّد الْعقْد في الْمسْتقْبل على سعْر الْغلاء، وفيما مضى يجب الْمسمّى بقدْره. أمّا إذا رخص أجْر الْمثْل فلا يفْسخ، مراعاةً لمصْلحة الْوقْف.

69 - وعنْد وجود أيّ عذْرٍ منْ هذا فإنّ الإْجارة يصحّ فسْخها إذا أمْكن الْفسْخ. فأمّا إذا لمْ يمْكن الْفسْخ، بأنْ كان في الأْرْض زرْعٌ لمْ يسْتحْصدْ، لا تفْسخ؛ لأنّ في الْقلْع ضررًا بالْمسْتأْجر، وتتْرك إلى أنْ يسْتحْصد الزّرْع بأجْر الْمثْل.

توقّف الْفسْخ على الْقضاء:

 

70 - إذا وجد بعْض هذه الأْعْذار، وكان الْفسْخ ممْكنًا، فإنّ الإْجارة تكون قابلةً للْفسْخ، كما يرى بعْض مشايخ الْحنفيّة. وقيل: إنّها تنْفسخ تلْقائيًّا بنفْسها. ويقول الْكاسانيّ: الصّواب أنّه ينْظر إلى الْعذْر، فإنْ كان يوجب الامْتناع عن الْمضيّ فيه شرْعًا، كما في الإْجارة على خلْع الضّرْس، وقطْع الْيد الْمتأكّلة إذا سكن الأْلم وبرأتْ من الْمرض، فإنّها

تنْتقض بنفْسها. وإنْ كان الْعذْر لا يوجب الْعجْز عنْ ذلك، لكنّه يتضمّن نوْع ضررٍ لمْ يوجبْه الْعقْد، لا ينْفسخ إلاّ بالْفسْخ. وهو حقٌّ للْعاقد، إذ الْمنافع في الإْجارة لا تمْلك جمْلةً واحدةً، بلْ شيْئًا فشيْئًا، فكان اعْتراض الْعذْر فيها بمنْزلة عيْبٍ حدث قبْل الْقبْض. وهذا يوجب للْعاقد حقّ الْفسْخ دون توقّفٍ على قضاءٍ أوْ رضاءٍ.

وقيل: إنّ الْفسْخ يتوقّف على التّراضي أو الْقضاء؛ لأنّ هذا الْخيار ثبت بعْد تمام الْعقْد، فأشْبه الرّدّ بالْعيْب بعْد الْقبْض. وقيل: إنْ كان الْعذْر ظاهرًا فلا حاجة إلى الْقضاء، وإنْ كان خفيًّا كالدّيْن اشْترط الْقضاء. وهو ما اسْتحْسنه الْكاسانيّ وغيْره. وعنْد الاخْتلاف بيْن الْمتعاقديْن فإنّ الإْجارة تفْسخ بالْقضاء.

71 - وإنْ طلب الْمسْتأْجر الْفسْخ قبْل الانْتفاع فإنّ الْقاضي يفْسخ، ولا شيْء على الْمسْتأْجر. وإنْ كان قد انْتفع بها فللْمؤجّر ما سمّى من الأْجْر اسْتحْسانًا لأنّ الْمعْقود عليْه تعيّن بالانْتفاع. ولا يكون للْفسْخ أثرٌ رجْعيٌّ.

_________________________________________________________________

 

مجلة الأحكام العدلية

مادة (443) انفساخ الإجارة

لو حدث عذر مانع لإجراء موجب العقد تنفسخ الإجارة. مثلاً لو استؤجر طباخ للعرس ومات أحد الزوجين تنفسخ الإجارة. وكذلك من كان في سنه ألم وقاول الطبيب على إخراجه بخمسين قرشاً ثم زال الألم بنفسه تنفسخ الإجارة. وكذلك تنفسخ الإجارة بوفاة الصبي أو الظئر، ولا تنفسخ بوفاة المسترضع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا)

(الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 34)
إذا كانت المنفعة مقيدة بمدة معلومة وأمسك المنتفع العين بعد انقضاء تلك المدة ولم يردها لمالكها مع إمكان الرد فهلكت فعليه ضمان قيمتها ولو لم يستعملها بعد انقضاء المدة وإن لم يطلبها المالك.

(مادة 35)
ينتهي حق الانتفاع بموت المنتفع وبانقضاء المدة المعينة له إن كان له مدة وبهلاك العين المنتفع بها.