مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 616
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تعرض النصوص (م 819 - 822) لحرمان المستأجر من الانتفاع بالأرض الزراعية لقوة قاهرة، إما لأنه لم يتمكن من تهيئة الأرض للزراعة أو لأن المحصول قد ملك قبل الحصد أو بعده.
وفي التقنين الحالي يوجد نصان (م 392 -393 / 479 - 480 ) يقضيان بأنه إذا تعذر على المستأجر تهيئة الأرض للزراعة أو زرعها ولكن تلف البذر قبل أن ينتج، فالمؤجر هو الذي يتحمل تبعة ذلك، أما إذا تنتج الزرع، سواء حصد أو لم يحصد، ثم ملك بقوة قاهرة فالمستأجر هو الذي يتحمل التبعة، فالعبرة إذن في التقنين الحالي بأن ينتج المحصول، ومتى نتج اعتبر المستأجر مستوفياً لمنفعة الأرض ويكون هلاك الحصول عليه، ولا يخفي ما في هذا الحكم من عنت على المستأجر، فهو لا يعنيه أن ينتج المحصول إذا كان يملك بعد ذلك بغير إهمال منه قبل أن يحصده.
2- لذلك أدخل المشروع تعديلاً في هذه الأحكام، وجعل العبرة بحصد المحصول، فقبل الحصد إذا امتنع على المستأجر أن ينتفع بالأرض، سواء كان ذلك لأنه لم يتمكن من تهيئة الأرض الزراعة، أو هيأها ولكنه لم يتمكن من بذرها، أو بذرها ولكن البذر لم ينتج لهلاکه كله أو أكثره، أو أنتج البذر ولكن الزرع هلاك كله أو بعضه قبل الحصاد، جاز للمستأجر أن يطلب إسقاط الأجرة كلها أو بعضها بنسبة ما حرم من الانتفاع، مع ملاحظة ما يأتي :
(أ) إذا أنتج البذر زرعاً، وهلك بعضه قبل الحصاد، فلا تنقص الأجرة، إلا إذا ترتب على الهلاك نقص كبير في ريع الأرض، (ب) ( وحتى في حالة ما إذا ترتب على هلاك بعض الزرع نقص كبير في ريع الأرض وفي حالة ما إذا هلك الزرع كله قبل الحصاد، لا يجوز للمستأجر أن يطلب إنقاص الأجرة أو إسقاطها إذا كان قد عوض عما أصابه من الضرر من طريق آخر ، كأن كان مؤمناً ضد التلف و عوض مبلغ التأمين، أو كان سبب الهلاك فيضان النيل فيضاناً استثنائياً و أعطت الحكومة تعويضاً عن ذلك، (ج) ولا تعتبر هذه الأحكام من النظام العام، فيجوز الاتفاق على ما يخالفها، كأن يشترط المستأجر ضمان المؤجر لأي محصول بها بعد الحصاد مهما كان مقداره، أو كأن يشترط المؤجر صراحة أن يتحمل المستأجر تبعة هلاك المحصول أو البذر إذا نشأ الهلاك عن حوادث معتادة ( كدودة القطن والجراد و الفيضان المعتاد) ، أما الهلاك الذي ينشأ عن حوادث غير معتادة ( كالحرب والزلزال والفيضان غير المعتاد) فلا يجوز أن يتحمل المستأجر تبعته ولو أنفق على ذلك مع المؤجر، ويلاحظ أن ما تقدم من الأحكام إنما هو تطبيق خاص في إيجار الأراضي الزراعية لمبدأ و الإيجار المرهق، وهو مأخوذ من الشريعة الإسلامية ( أنظر م 675 من مرشد الحيران).
و بعد حصد المحصول تنتهي تبعة المؤجر، فلا يتحمل هلاك الزرع المحصود، ولو هلك الزرع كله ، إلا إذا كان جزء من المحصول الذي هلك يدخل في الأجرة، فيهلك على المؤجر إذا كان الهلاك قد وقع قبل أن يعذر المستأجر بالتعليم، بشرط أن يثبت المستأجر أن الهلاك لم يقع بخطأ منه.
1 ـ متى كان المستفاد من الحكم أن المستأجر أسس طلب التعويض على أن السيل أتلف زراعته ، و كانت المادة 393 من القانون المدنى لا تفرق بين ما يكون من الحوادث الجبرية متوقعاً وقت التعاقد و بين غيره ، فإن هذا الحكم لا يكون قد أخطأ فى رفضه طلب التعويض إعتباراً بأن السيل هو من الحوادث الجبرية التى لا يجوز بسببها الرجوع على المؤجر عملاً بعقد الإيجار الذى ينص على أن المؤجر غير ملزم بتعويض عما يقع من عوارض ظاهرة أو صادرة عن قوة جبرية ينتج عنها عدم إنتفاع المستأجر بكل الأطيان أو بعضها .
(الطعن رقم 79 لسنة 17 جلسة 1949/01/06 س ع ع 5 ص 695 ق 362).
2 ـ الاتفاق عل عدم مسئولية المؤجر عما يصيب المحصول من هلاك بسبب القوة القاهرة اتفاق جائز قانوناً و لا مخالفة فيه للنظام العام كما أن عقد الإيجار الذى يتضمن هذا الاتفاق لا يعتبر من عقود الإذعان .
(الطعن رقم 230 لسنة 24 جلسة 1958/11/13 س 9 ع 1 ص 689 ق 89)
3 ـ إذ كان نص المادة 165 من التقنين المدنى يصف القوة القاهرة والحادث الفجائى بأنهما سبب أجنبى لا يد للشخص فيه , إلا أنه يحتاج إلى تحديد , فيشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه , فيجب أن يكون الحادث غير مُستطاع التوقع لا من جانب المدعى عليه فحسب , بل من جانب أشد الناس يقظة وبصراً بالأمور , والمعيار هنا موضوعى ذاتى , ويعنى شرط استحالة دفع الحادث أنه إذا أمكن دفعه حتى لو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً , ويجب أن يكون الحادث من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً استحالة مطلقة , فلا تكون استحالة بالنسبة إلى المدين وحده بل استحالة بالنسبة لأى شخص يكون فى موقف المدين .
(الطعن رقم 677 لسنة 69 جلسة 2012/04/10 س 63 ص 589 ق 88)
يشترط لإسقاط الأجرة أن تكون هناك قوة قاهرة منعت المستأجر من الانتفاع بالأرض کفیضان مرتفع أو استيلاء الإدارة، أو احتلال العدو، كما تسقط الأجرة أن كان المنع من الانتفاع يرجع لخطأ المؤجر، أما خطأ المستأجر فلا يسقط الأجرة ويجب أن يكون ذلك قد حال دون تهيئة الأرض للزراعة، وذلك مالم يوجد اتفاق على خلاف ذلك ويقع على المستأجر عبء الإثبات ويكون بكافة الطرق القانونية.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثامن ، الصفحة/304)
يشترط لتحقق هذه الحالة والتي نصت عليها المادة توافر الشروط الآتية:
1- أن يمنع المستأجر من تهيئة الأرض للزراعة أو من بذرها أو يهلك البذر كله أو أكثره.
فيشترط ألا يتمكن المستأجر كلياً من حرث الأرض أو من بذرها، أو أن يتمكن من الحرث والبذر ولكن يهلك البذر بعد ذلك كله أو أكثره، والمقصود بأكثره ما يزيد على نصفه، وبناء على ذلك لو تمكن المستأجر من تهيئة الأرض للزراعة أو من بذرها ولو كان ذلك بمشقة بالغة أو بنفقة باهظة، فإن هذا الشرط لا يتحقق، وكذلك لا يتحقق إذا هلك البذر ولكن في حدود النصف أو أقل.
2- أن يكون منع المستأجر من تهيأة الأرض للزراعة أو بذرها أو هلاك البذر كله أو أكثره، بسبب أجنبي تتوافر له جميع عناصر القوة القاهرة، فيجب ألا يكون متوقعاً ولا يمكن دفعه، ويجب أن تكون القوة القاهرة مستمرة لفترة من شأنها أن تمنع من الزراعة في موسم الزراعة.
غير أنه لا يجوز للمستأجر مطالبة المؤجر بتعويض بجانب إسقاط الأجرة كلها أو بعضها، لأن المؤجر لا يلزم بالتعويض إلا حيث يكون مسئولاً عن فوات المنفعة، أما إذا كان فوات المنفعة نتيجة قوة قاهرة، فلا يسأل المؤجر عنها.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع ،الصفحة/1193)
نصت المادة 615 مدني - ومثلها في ذلك تقريباً المادة 393/ 480 مدني قدیم – على أنه « إذا منع المستأجر من تهيئة الأرض للزراعة أو بذرها أو هلك البذر كله أو أكثره وكان ذلك بسبب قوة قاهرة، برئت ذمة المستأجر من الأجرة كلها أو بعضها بحسب الأحوال، كل هذا ما لم يوجد اتفاق يقضى بغيره وبناء على ذلك يعفي المستأجر من الأجرة كلها أو بعضها إذا فاته الانتفاع بالعين المؤجرة بسبب حوادث تعتبر قوة القاهرة، أي إذا وقعت حادثة يد له فيها، كانخفاض منسوب النيل أو فيضان النيل فيضاناً غير معتاد بحيث يغرق الأرض، وترتب عليها استحالة تهيئة الأرض للزراعة وبذرها أو هلاك البذر كله أو أكثر (أي أكثر من نصفه) قبل نموه، وفي هذه الحالة يجوز للمستأجر أن يطلب فسخ الإيجار أو نقص الأجرة حسب جسامة الضرر الذي أصابه، ويكون عليه أن يثبت بكافة الطرق الحادثة الجبرية التي منعته من تهيئة الأرض أو أتلقت البذر، وللقاضي سلطة التقدير في ذلك أما إذا كانت الحادثة ليست أجنبية عن المستأجر بل راجعة إلى خطئه، أو لم يكن من شأنها منعه من زراعة الأرض، أو لم يترتب عليها هلاك البذر كله أو أكثره، بل اقتصرت على جعل الزراعة أكثر كلفة أو لم تتلف، أكثر من نصف البذر، فلا يرفع عن المستأجر شيء من الأجرة، وكذلك إذا نص في العقد على أن المستأجر يلزم بالأجرة ولو لم يتمكن من الانتفاع بالأرض بسبب قوة قاهرة.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 821)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 614)
اذا لم يتمكن المستاجر من تهيئة الأرض للزراعة أو من بذرها ، أو هلك البنر کله أو أكره ، وكان ذلك بسبب قوة قاهرة، برئت ذمته من الأجرة كلها أو بعضها بحسب الأحوال . ولا يجوز الاتفاق على خلاف ذلك .
هذه المادة تقابل المادة 615 من التقنين الحالي .
وقد ادخل على هذه المادة التعديلان الآتيان :
1- أستبدلت عبارة « اذا لم يتمكن المستاجر من تهيئة الأرض الزراعة » في صدر النص بعبارة « اذا منع المستأجر من تهيئة الأرض الزراعة .
۲- أخذ بعكس الحكم المذكور في نهاية النص ، فلا يجوز الاتفاق على خلاف ما تقضى به المادة المقترحة . حيث لا يجوز للمؤجر أن يشترط على المستاجر أن يتحمل تبعة القوة القاهرة ، فلا تسقط عنه الأجرة حتى لو منعته القوة القاهرة من تهيئة الأرض للزراعة أو أدت الى هلاك البذر كله أو بعضه . كما لا يجوز للمؤجر أن يشترط عدم مسئوليته عن تعطل آلات الري . كذلك لا يجوز للمستأجر أن يشترط سقوط الأجرة عنه حتى لو لم تكن القوة القاهرة من شأنها أن تمنعه من الزراعة ، بل تجعل ذلك أكثر مؤونة عليه ، وهذا كله تطبيقاً للمادة 229 من المشروع التي لا تجيز الاتفاق على أن يتحمل المدین تبعة القوة القاهرة ، أو على إعفائه من المسئولية المترتبة على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ، اذ ان مثل هذا الاتفاق ينافی مقتضي العقد .
والمادة المقترحة تتفق مع المادة ۸۰۰ من التقنين العراقي.
وتتفق مع المادة 720 من التقنين الأردنی.
ويقابل المادة ۱ / 621 من التقنين الكويتي التي تتفق مع المادة 615 من التقنين المصري الحالي .
وحكم المادة المقترحة يتفق مع ما يقرره الفقه الاسلامي . فقد نصت المادة 657 من مرشد الحيران وصحتها المادة 564 على أنه و اذا غلب الماء على الأرض المؤجرة فاستبحرت ولم يمكن زرعها ، او انقطع الماء عنها فلم يمكن ریها ، فلا تجب الأجرة أصلاً وللمستاجر فسخ الأجارة.
مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان
مادة 564)
إذا غلب الماء على الأرض المؤجرة فاستبحرت ولم يمكن زرعها أو انقطع الماء عنها فلم يمكن ريها فلا تجب الأجرة أصلاً وللمستأجر فسخ الإجارة.