مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 627
مذكرة المشروع التمهيدي :
إذا انقضت المزارعة قبل إنهاء مدتها، صفت الشركة على أساس أن يرد المؤجر للمستأجر أو لورثته جميع النفقات التي صرفها على المحصول الذي لم يتم نضجه، مع تعويض عادل عن العمل، أما المحصول الناضج فيحصد ويقسم، ويزيد المشروع حكماً جديداً يقضي بأنه في حالة انتهاء المزارعة بموت المستأجر يكون الورثة الخيار بين تقاضى ما تقدم ذكره أو الحلول محل دورهم في العمل حتى ينضج المحمول ويحصد، فيأخذوا حصتهم منه، ماداموا يستطيعون القيام بالعمل على الوجه المرضى
لم يستثن المشرع عقود إيجار أراضي الحدائق والمشاتل من أحكام الامتداد القانوني كما استثناها من تحديد حد أقصى للأجرة بسبعة أمثال الضريبة، إذ أنه وعلى ما هو ظاهر من المذكرات الإيضاحية لقانون الإصلاح الزراعي والقوانين المتعاقبة التي نصت على امتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية إنما يهدف إلى حماية صغار الزراع الذين يعتمدون بصفة رئيسية فى معاشهم على ما تدره الأطيان المؤجرة من ريع وأن قوانين الامتداد ما صدرت إلا لتطبق على عقود إيجار الأراضي التي تزرع بمحاصيل حقلية عادية دون الحدائق والمشاتل التي يعتبر استئجارها أقرب إلى الاستغلال التجاري منه إلى الاستغلال الزراعي.
(الطعن رقم 80 لسنة 44 جلسة 1978/01/18 س 29 ع 1 ص 240 ق 51)
كما لا تنتهي المزارعة بموت المستأجر فإنها لا تنتهي بعجزه عن العمل لمرض أو شيخوخة، أو لسفر أو لغير ذلك من الأعذار متى قام أفراد أسرته بالزراعة على وجه يماثل ما كان يقوم به رب الأسرة وإلا تعين انهاء المزارعة.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 320)
إذا انتهت المزارعة قبل انقضاء مدتها لأي سبب، كالفسخ لإخلال أحد الطرفين بالتزاماته الناشئة عن العقد أو لموت الزارع، فإنه يجب التفرقة فيما يتبع في تصفية المزارعة بين حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون المحصول القائم في الأرض قد نضج، وفي هذه الحالة يتم تقسيم المحصول الناتج من الأرض بين المؤجر والمستأجر أو بين المؤجر وورثة المستأجر إذا كان انقضاء المزارعة بسبب موت المستأجر، وذلك وفقاً لما هو متفق عليه بينهما.
الحالة الثانية: ألا يكون المحصول القائم في الأرض قد نضج، ففي هذه الحالة يلتزم المؤجر بأن يرد للمستأجر أو لورثته حسب الأحوال ما أنفقه على المحصول وذلك مثل ثمن البذور والأسمدة الكيماوية ومبيدات الحشرات وتكاليف الإصلاحات التأجيرية.
كما يلتزم المؤجر بأن يؤدي إلى المستأجر أو ورثته تعويضاً عادلاً عما قام به المستأجر من عمل بالأرض المؤجرة، كأعمال الحرث والبذر والتسميد والري.. إلخ.
والمقصود بالتعويض العادل، ألا يكون التعويض متكافئاً مع العمل الذي بذله المستأجر.
أجازت الفقرة الثانية من المادة لورثة المستأجر في حالة انقضاء المزارعة قبل انقضاء مدتها بموت المستأجر، بدلاً من استرداد ما أنفقه المستأجر على المحصول الذي لم يتم نضجه، والحصول على تعويض عادل عما قام به مورثهم من عمل، أن يطلبوا من المؤجر أن يحلوا محل مورثهم في المزارعة حتى ينضج المحصول، فإذا ما نضج المحصول اقتسموه مع المؤجر بالنسبة المتفق عليها.
ويشترط لذلك أن يكون من بين الورثة من يستطيع القيام بزراعة الأرض على الوجه المرضى.
ويلتزم المؤجر بإجابة الورثة إلى طلبهم.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع ، الصفحة/ 1249)
تعويض المستأجر في حالة انقضاء المزارعة قبل انقضاء أجلها - إذا انقضت المزارعة قبل انتهاء أجلها وكان ذلك في وقت نضج محصول معين وجب حصد هذا المحصول و قسمته بين المؤجر و المستأجر حسب حصة كل منهما، أما إذا انقضت المزارعة قبل أن يتم نضج المحصول، فقد وجب على المؤجر أن يعوض المستأجر عما أسهم به الى وقت القضاء المزارعة.
وكانت المادة 400/488 مدني قديم توجب على المؤجر في هذه الحالة و أداء المصاريف المنصرفة من المستأجر على المزروعات التي لن ولم تكن تذكر شيئاً عن قيمة ما قام به المستأجر من عمل شخصي، فرأى واضعو التقنين الحالي الزام المؤجر بذلك أيضاً ، ونصوا في المادة 627 فقرة أولى إذا انتهت المزارعة قبل انقضاء مدّتها، وجب على المؤجّر أن يردّ للمستأجر أو لورثته ما أنفقه المستأجر على المحصول الذي لم يتم نضجه مع تعويض عادل عمّا قام به المستأجر من العمل.
غير أن واضعي التقنين الحالي لم يفتهم أن هذا التعويض لا يعتبر كافياً في الحالة التى يكون فيها المحصول لما ينضج ولكنه أوشك على النضوج وبخاصة إذا كان فسخ الإجارة بسبب موت المستأجر، فأجازوا في هذه الحالة الأخيرة لورثة المستأجر أن يطلبوا – عوضاً عن استعمال حقهم في استرداد النفقات المتقدم ذكرها – أن يحلوا محل مورثهم حتى ينضج المحصول ما داموا يستطيعون القيام بذلك على الوجه المرضى (المادة 627 فقرة ثانية) وقد تقدم أن المادة 33 مكرراً.
من قانون الإصلاح الزراعي قد نصت على أن ينتقل حق المستأجر إلى ورثته طالما كان يوجد من بينهم من تعتبر الزراعة ترقية أساسية له، فإذا لم يتوافر هذا الشرط ولكن أثبت الورثة أنهم قادرون على العناية بالزراعة حتى ينضج المحمول أو توافر فيهم هذا الشرط وكانوا لا يرغبون في الاستمرار في المزارعة جاز لهم أن يطلبوا تمكينهم من الحلول محل مورثتهم حتى ينضج المحصول وفقاً للمادة 627 مدني.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 879)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 282
انْقضاء إجارة الأْرْض الزّراعيّة:
90 - إذا كانت الإْجارة على مدّةٍ، وانْقضت الْمدّة، انْقضت الإْجارة اتّفاقًا. ويبْقى الزّرْع في الأْرْض إذا كان لمْ يحنْ حصاده. وعليْه الأْجْر الْمسمّى عن الْمدّة، زائدًا أجْر الْمثْل عن الْمدّة الزّائدة.
ولفقهاء الْمذاهب بعْض تفْصيلاتٍ في ذلك، وفيما إذا كانت الأْرْض اسْتأْجرها للْغراس لا للزّرْع:
فقال الْحنفيّة: إذا اسْتأْجرها ليغْرس بها شجرًا وانْقضت الْمدّة، لزمه أنْ يقْلع الشّجر ويسلّم الأْرْض فارغةً. وقيل: يتْركها بأجْر الْمثْل، إلاّ أنْ يخْتار صاحب الأْرْض أنْ يغْرم قيمة ذلك مقْلوعًا إنْ كان في قلْعها ضررٌ فاحشٌ بالأْرْض. وإلاّ قلعها منْ غيْر ضمان النّقْص له. لأنّ تقْدير الْمدّة في الإْجارة يقْتضي التّفْريغ عنْد انْقضائها، كما لو اسْتأْجرها للزّرْع.
ولا يبْعد الْمالكيّة عن الْحنفيّة في شيْءٍ منْ هذا، غيْر أنّ بعْضهمْ قيّد بقاء الزّرْع في الأْرْض للْحصاد بأجْر الْمثْل بما إذا كان الْمكْتري يعْلم وقْت الْعقْد أنّ الزّرْع يتمّ حصاده في الْمدّة، وإلاّ جاز للْمؤجّر أمْره بالْقلْع.
91 - أمّا الشّافعيّة فقدْ فصّلوا، وقالوا: إن اكْترى أرْضًا لزرْعٍ معيّنٍ لا يسْتحْصد في الْمدّة، واشْترط التّبْقية، فالإْجارة باطلةٌ؛ لأنّه شرْطٌ ينافي مقْتضى الْعقْد. فإنْ بادر وزرع لمْ يجْبرْ على الْقلْع، وعليْه أجْرة الْمثْل. وإنْ شرط الْقلْع فالْعقْد صحيحٌ، ويجْبر على ذلك. وإنْ لمْ يشْترطْ شيْئًا منْ ذلك فقيل: يجْبر على الْقلْع؛ لأنّ الْعقْد على مدّةٍ، وقد انْقضتْ. وقيل: لا يجْبر؛ لأنّ الزّرْع معْلومٌ. ولزمه أجْر الْمثْل للزّائد.
وإنْ كان الزّرْع غيْر معيّنٍ، فإنْ كان بتفْريطٍ منْه، فللْمكْتري أنْ يجْبره على قلْعه؛ لأنّه لمْ يعْقدْ إلاّ على الْمدّة. وإنْ كان لعذْرٍ، فقيل: يجْبر أيْضًا. وقيل: لا يجْبر. وهو الصّحيح؛ لأنّه تأخّر منْ غيْر تفْريطٍ منْه. وعليْه الْمسمّى إلى نهاية الْمدّة، وأجْرة الْمثْل لما زاد.
وفي الْغراس قالوا: إنّه يجوز اشْتراط التّبْقية؛ لأنّ الْعقْد يقْتضيه. وإنْ شرط عليْه الْقلْع أخذ بالشّرْط، ولا يلْزمه تسْوية الأْرْض. وإنْ أطْلق لمْ يلْزمْه الْقلْع، إذ الْعادة في الْغراس التّبْقية إلى أنْ يجفّ ويسْتقْلع. وإن اخْتار الْقلْع وكان قبْل انْقضاء الْمدّة، فقيل: يلْزمه تسْوية الأْرْض؛ لأنّه قلع الْغراس منْ أرْض غيْره بغيْر إذْنه. وقيل: لا يلْزمه؛ لأنّ قلْع الْغراس منْ أرْضٍ له عليْها يدٌ. وإنْ كان بعْد انْقضاء الْمدّة لزمه تسْوية الأْرْض، وجْهًا واحدًا. وإن اخْتار الْمكْتري التّبْقية فإنْ أراد صاحب الأْرْض دفْع قيمة الْغراس وتملّكه أجْبر الْمكْتري على ذلك. وإنْ أراد أنْ يقْلعه، وكانتْ قيمة الْغراس لا تنْقص بالْقلْع، أجْبر الْمكْتري على الْقلْع.
ولا يبْعد رأْي الْحنابلة عمّا قاله الشّافعيّ في جمْلته، غيْر أنّهمْ قالوا: إذا كان تأْخير الزّرْع لتفْريطٍ منْه فحكْمه حكْم زرْع الْغاصب. ويخيّر الْمالك بعْد الْمدّة بيْن أخْذه بالْقيمة، أوْ ترْكه بالأْجْر لما زاد على الْمدّة. وإن اخْتار الْمسْتأْجر قطْع زرْعه في الْحال فله ذلك. وقال الْقاضي: إنّ على الْمسْتأْجر ذلك. وإن اتّفقا على ترْكه بعوضٍ جاز. وإنْ كان بقاؤه بغيْر تفْريطٍ لزم الْمؤجّر ترْكه إلى أنْ ينْتهي، وله الْمسمّى، وأجْر الْمثْل لما زاد.
وإذا اسْتؤْجرت الأْرْض مدّةً للزّراعة، ومات الْمؤجّر أو الْمسْتأْجر قبْل أنْ يسْتحْصد الزّرْع كان منْ حقّ الْمسْتأْجر أوْ ورثته بقاء الأْرْض حتّى حصاد الزّرْع، وذلك بأجْر الْمثْل، على أنْ يكون ذلك منْ ما
الْورثة دون مال الْميّت وقدْ سبق أنّ وفاة الْمؤجّر أو الْمسْتأْجر، ممّا ينْهي عقْد الإْجارة عنْد الْحنفيّة، خلافًا للْمذاهب الأْخر.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث ، الصفحة / 286
انْتِهَاءُ مُدَّةِ الْعَقْدِ:
13 - انْتِهَاءُ مُدَّةِ الْعَقْدِ فِي الْعُقُودِ الْمُقَيَّدَةِ بِمُدَّةٍ يَثْبُتُ حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ، فَفِي عَقْدِ الإْجَارَةِ يَكُونُ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا آجَرَهُ إِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الإْجَارَةِ، فَمَنِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ، وَغَرْسِ الأْشْجَارِ، وَمَضَتْ مُدَّةُ الإْجَارَةِ، لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُقْلِعَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ وَيُسَلِّمَهَا إِلَى رَبِّهَا فَارِغَةً، لأِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا إِلَى صَاحِبِهَا غَيْرَ مَشْغُولَةٍ بِبِنَائِهِ وَغَرْسِهِ؛ لأِنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ لَيْسَ لَهُمَا حَالَةٌ مُنْتَظَرَةٌ يَنْتَهِيَانِ إِلَيْهَا. وَفِي تَرْكِهِمَا عَلَى الدَّوَامِ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ يَتَضَرَّرُ صَاحِبُ الأْرْضِ، فَيَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ فِي الْحَالِ، إِلاَّ أَنْ يَخْتَارَ صَاحِبُ الأْرْضِ أَنْ يَغْرَمَ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا، وَيَتَمَلَّكَهُ، (وَذَلِكَ بِرِضَى صَاحِبِ الْغَرْسِ وَالشَّجَرِ، إِلاَّ أَنْ تَنْقُصَ الأْرْضُ بِقَلْعِهِمَا، فَحِينَئِذٍ يَتَمَلَّكُهُمَا بِغَيْرِ رِضَاهُ) أَوْ يَرْضَى بِتَرْكِهِ عَلَى حَالِهِ، فَيَكُونُ الْبِنَاءُ لِهَذَا، وَالأْرْضُ لِهَذَا؛ لأِنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَلَهُ أَلاَّ يَسْتَوْفِيَهُ. هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَمَلُّكِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ، أَوْ تَرْكِهِ بِأُجْرَتِهِ، أَوْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ، مَا لَمْ يُقْلِعْهُ مَالِكُهُ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ صَاحِبُ الأْرْضِ شَرَطَ الْقَلْعَ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يُجْبَرُ صَاحِبُ الْغَرْسِ عَلَى الْقَلْعِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَيَجُوزُ لِرَبِّ الأْرْضِ كِرَاؤُهَا لَهُ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلزِّرَاعَةِ إِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرَكْ، فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَسْتَرِدَّ أَرْضَهُ، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ الزَّرْعَ عَلَى حَالِهِ إِلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ، وَيَكُونُ لِلْمَالِكِ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لأِنَّ لِلزَّرْعِ نِهَايَةً مَعْلُومَةً، فَأَمْكَنَ رِعَايَةُ الْجَانِبَيْنِ.
وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. غَيْرَ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ يُقَيِّدُونَ ذَلِكَ بِعَدَمِ التَّفْرِيطِ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ أُجْبِرَ عَلَى الْقَلْعِ. وَهَذَا هُوَ رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الزَّرْعِ الْمُطْلَقِ، أَيِ الَّذِي لَمْ يُحَدَّدْ نَوْعُهُ، فَيَكُونُ لِلْمَالِكِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِنَقْلِهِ. وَأَمَّا فِي الزَّرْعِ الْمُعَيَّنِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ بِالْقَلْعِ، فَلَهُ جَبْرُ صَاحِبِ الزَّرْعِ عَلَى قَلْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَرْطٌ فَقَوْلاَنِ: بِالْجَبْرِ وَعَدَمِهِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ إِلَى الْحَصَادِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث عشر ، الصفحة / 281
التَّلَفُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ:
23 - الْمُزَارَعَةُ وَالْمُسَاقَاةُ صُورَتَانِ مِنْ صُوَرِ عُقُودِ الْعَمَلِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمُسَاقَاةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْمُزَارَعَةِ.
وَقَدِ اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ الْعَامِلَ فِي عَقْدَيِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ أَمِينًا عَلَى مَا فِي يَدِهِ، فَمَا تَلِفَ مِنْهُ بِلاَ تَعَدٍّ وَلاَ تَفْرِيطٍ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَأَمَّا إِذَا فَرَّطَ الْعَامِلُ، كَأَنْ تَرَكَ السَّقْيَ حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ، لأِنَّهُ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهُ .
وَلِلتَّفْصِيلِ انْظُرْ مُصْطَلَحَ (مُزَارَعَةٌ، وَمُسَاقَاةٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع والثلاثون ، الصفحة / 76
مَا يُفْسَخُ بِهِ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ
38 - يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ بِالْعُذْرِ الاِضْطِرَارِيِّ، وَبِصَرِيحِ الْفَسْخِ وَدَلاَلَتِهِ، وَبِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَبِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَبِاسْتِحْقَاقِ الأْرْضِ .
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ كَمَا يَلِي:
أَوَّلاً: الْعُذْرُ الاِضْطِرَارِيُّ الَّذِي يَحُولُ دُونَ مُضِيِّ الْعَقْدِ:
الْعُذْرُ الاِضْطِرَارِيُّ إِمَّا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى صَاحِبِ الأْرْضِ ، وَإِمَّا أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمُزَارِعِ.
أ - الْعُذْرُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِ الأْرْضِ :
39 - أَمَّا الْعُذْرُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِ الأْرْضِ فَهُوَ الدَّيْنُ الْفَادِحُ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الأْرْضِ قَضَاءَهُ إِلاَّ مِنْ ثَمَنِهَا، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَهَذَا، بِيعَتِ الأْرْضُ لِسَدَادِ هَذَا الدَّيْنِ وَفُسِخَ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ إِذَا أَمْكَنَ فَسْخُهُ، بِأَنْ كَانَ قَبْلَ زِرَاعَةِ الأْرْضِ ، أَوْ بَعْدَهَا وَلَكِنَّ الزَّرْعَ بَلَغَ الْحَصَادَ، لأِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ لِرَبِّ الأْرْضِ الْمُضِيِّ فِي الْعَقْدِ إِلاَّ بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فَلاَ يَلْزَمُهُ تَحَمُّلُهُ، فَيَبِيعُ الْقَاضِي الأْرْضَ بِدَيْنِهِ أَوَّلاً، ثُمَّ يَفْسَخُ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ، وَلاَ تَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الْعُذْرِ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْفَسْخُ بِأَنْ كَانَ الزَّرْعُ بَقْلاً، فَإِنَّ الأْرْضَ لاَ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إِلاَّ بَعْدَ بُلُوغِ الزَّرْعِ الْحَصَادَ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ لأِنَّ فِي الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِبْطَالَ حَقِّ الْمُزَارِعِ، وَفِي الاِنْتِظَارِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ تَأْخِيرَ حَقِّ صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَفِيهِ رِعَايَةٌ لِلْجَانِبَيْنِ فَكَانَ أَوْلَى.
فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الأْرْضِ مَحْبُوسًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ مِنْ حَبْسِهِ إِلَى غَايَةِ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ، لأِنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَهُوَ الْمَطْلُ وَهُوَ غَيْرُ مُمَاطِلٍ قَبْلَ الإْدْرَاكِ، لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا عَنْ بَيْعِ الأْرْضِ شَرْعًا، وَالْمَمْنُوعُ مَعْذُورٌ، فَإِذَا أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إِلَى الْحَبْسِ مَرَّةً أُخْرَى لِيَبِيعَ أَرْضَهُ وَيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ بِنَفْسِهِ، وَإِلاَّ فَيَبِيعُ الْقَاضِي .
ب - الْعُذْرُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى الْمُزَارِعِ:
40 - وَأَمَّا الْعُذْرُ الاِضْطِرَارِيُّ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى الْمُزَارِعِ فَنَحْوُ الْمَرَضِ الشَّدِيدِ، لأِنَّهُ مُعْجِزٌ عَنِ الْعَمَلِ، وَنَحْوُ السَّفَرِ الْبَعِيدِ، لأِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِ، وَنَحْوُ تَرْكِهِ حِرْفَتَهُ إِلَى حِرْفَةٍ أُخْرَى، لأِنَّ مِنَ الْحِرَفِ مَا لاَ يُغْنِي مِنْ جَوْعٍ فَيَكُونُ فِي حَاجَةٍ إِلَى الاِنْتِقَالِ إِلَى غَيْرِهَا، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ .
ثَانِيًا: فَسْخُ الْمُزَارَعَةِ صَرَاحَةً أَوْ دَلاَلَةً
41 - تَنْفَسِخُ الْمُزَارَعَةُ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ بِلَفْظِ الْفَسْخِ أَوِ الإْقَالَةِ، لأِنَّ الْمُزَارَعَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الإْجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَابِلٌ لِصَرِيحِ الْفَسْخِ وَالإْقَالَةِ.
أَمَّا الدَّلاَلَةُ: فَكَأَنْ يَمْتَنِعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ عَنِ الْمُضِيِّ فِي الْعَقْدِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ فِي حَقِّهِ قَبْلَ إِلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الأْرْضِ ، فَكَانَ بِسَبِيلِ مِنَ الاِمْتِنَاعِ عَنِ الْمُضِيِّ فِيهِ بِدُونِ عُذْرٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا مِنْهُ دَلاَلَةً، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ .
ثَالِثًا: انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ:
42 - إِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ الْمُحَدَّدَةُ لِعَقْدِ الْمُزَارَعَةِ فُسِخَ الْعَقْدُ لأِنَّهَا إِذَا انْقَضَتْ فَقَدِ انْتَهَى الْعَقْدُ وَهُوَ مَعْنَى الاِنْفِسَاخِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ .
رَابِعًا: مَوْتُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ:
43 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُزَارَعَةَ تُفْسَخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ سَوَاءٌ صَاحِبُ الأْرْضِ ، أَوِ الْمُزَارِعُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْوَفَاةُ قَبْلَ زِرَاعَةِ الأْرْضِ أَمْ كَانَتْ بَعْدَهَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الزَّرْعُ بَقْلاً أَمْ بَلَغَ الْحَصَادَ .
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ أَفَادَ الْحُكْمَ لِلْعَاقِدِ خَاصَّةً دُونَ وَارِثِهِ، لأِنَّهُ عَاقِدٌ لِنَفْسِهِ، وَالأْصْلُ أَنَّ مَنْ عَقَدَ لِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الأْصَالَةِ فَإِنَّ حُكْمَ تَصَرُّفِهِ يَقَعُ لَهُ لاَ لِغَيْرِهِ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَقَالُوا: إِنَّ عَلَى وَرَثَةِ الْمُزَارِعِ مُتَابَعَةَ الْعَمَلِ إِذَا كَانَ الْمُزَارِعُ هُوَ الْمُتَوَفَّى، وَكَانَ الزَّرْعُ قَدْ أَدْرَكَ، وَلَكِنَّهُمْ لاَ يُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالُوا: هَذَا مَا لَمْ يَكُنِ الْمُزَارِعُ مَقْصُودًا لِعَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا لِعَيْنِهِ لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَتَهُ ذَلِكَ .
خَامِسًا: اسْتِحْقَاقُ أَرْضِ الْمُزَارَعَةِ
44 - إِذَا اسْتُحِقَّتْ أَرْضُ الْمُزَارَعَةِ قَبْلَ زِرَاعَتِهَا أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ وَفُسِخَ الْعَقْدُ، وَلاَ شَيْءَ لِلْعَامِلِ عَلَى الَّذِي دَفَعَهَا إِلَيْهِ لِيَزْرَعَهَا، حَتَّى وَلَوْ كَانَ عَمِلَ فِيهَا بَعْضَ الأْعْمَالِ الَّتِي تَسْبِقُ الزَّرْعَ كَالْحَرْثِ وَالتَّسْوِيَةِ وَالتَّسْمِيدِ بِالسَّمَادِ.
وَلَوِ اسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الزَّرْعِ وَقَبْلَ الْحَصَادِ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَقْلَعَا الزَّرْعَ، وَخُيِّرَ الْمُزَارِعُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الزَّرْعِ عَلَى حَالِهِ، وَيَكُونَ النِّصْفُ الآْخَرُ لِلَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ الأْرْضَ مُزَارَعَةً، وَبَيْنَ تَضْمِينِ الَّذِي دَفَعَ الأْرْضَ نِصْفَ قِيمَةِ الزَّرْعِ نَابِتًا وَتَرَكَ لَهُ الزَّرْعَ كُلَّهُ.
وَيَضْمَنُ الْمُسْتَحِقُّ نُقْصَانَ الأْرْضِ لِلزَّارِعِ خَاصَّةً، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّذِي دَفَعَ الأْرْضَ إِلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الآْخَرَ، وَفِي قَوْلِهِ الأْوَّلِ - وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - إِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الزَّارِعَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الزَّارِعَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الدَّافِعِ، لأِنَّهُ هُوَ الَّذِي غَرَّهُ فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ .
الآْثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الْفَسْخِ
الْفَسْخُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ زَرْعِ الأْرْضِ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ.
أ - الْفَسْخُ قَبْلَ الزَّرْعِ:
45 - إِذَا كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الزَّرْعِ فَإِنَّ الْعَامِلَ لاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، أَيًّا كَانَ سَبَبُ الْفَسْخِ أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ بِصَرِيحِ الْفَسْخِ أَمْ كَانَ بِدَلاَلَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ أَثَرَ الْفَسْخِ يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ بِانْتِهَاءِ حُكْمِهِ لاَ فِي الْمَاضِي، فَلاَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا، وَالْوَاجِبُ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ هُوَ الْحِصَّةُ الْمُسَمَّاةُ، وَهِيَ بَعْضُ نَمَاءِ الأْرْضِ ، وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا شَيْءٌ، فَلاَ يَجِبُ لِلْعَامِلِ أَيُّ شَيْءٍ.
وَقِيلَ: إِنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ هُوَ حُكْمُ الْقَضَاءِ.
فَأَمَّا دِيَانَةً فَالْوَاجِبُ عَلَى صَاحِبِ الأْرْضِ .
إِرْضَاءُ الْعَامِلِ فِيمَا لَوِ امْتَنَعَ الأْوَّلُ عَنِ الْمُضِيِّ فِي الْعَقْدِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ شَرْعًا، لأِنَّهُ يُشْبِهُ التَّغْرِيرَ وَهُوَ حَرَامٌ .
ب - الْفَسْخُ بَعْدَ الزَّرْعِ
أَمَّا إِذَا كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ مَا زُرِعَتِ الأْرْضُ، فَإِنَّ هَذَا الْفَسْخَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ.
الْحَالَةُ الأْولَى: الْفَسْخُ بَعْدَ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ:
46 - إِذَا كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ وَبُلُوغِهِ مَبْلَغَ الْحَصَادِ، فَإِنَّ النَّمَاءَ يُقْسَمُ بَيْنَ صَاحِبِ الأْرْضِ وَالْمُزَارِعِ حَسَبَ النِّسْبَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا .
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: الْفَسْخُ قَبْلَ الإْدْرَاكِ:
47 - أَمَّا إِنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ بِأَنْ كَانَ لاَ زَالَ بَقْلاً، فَإِنَّ الزَّرْعَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ النِّسْبَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا كَالْحَالَةِ الأْولَى. وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْفَسْخُ صَرِيحًا أَوْ دَلاَلَةً أَوْ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، لأِنَّ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، وَالْعَمَلُ فِيمَا بَقِيَ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الأْرْضِ لِصَاحِبِهَا.
وَوَجْهُ قِسْمَةِ الزَّرْعِ بَيْنَهُمَا: أَنَّ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لاَ فِي الْمَاضِي، فَبَقِيَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الاِنْفِسَاخِ، وَوَجْهُ كَوْنِ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا مَعًا فِيمَا بَقِيَ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ أَنَّهُ عَمَلٌ فِي مَالٍ مُشْتَرَكٍ لَمْ يُشْتَرَطِ الْعَمَلُ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا مَعًا.
أَمَّا وَجْهُ وُجُوبِ أَجْرِ مِثْلِ نِصْفِ الأْرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ: فَهُوَ أَنَّ الْعَقْدَ قَدِ انْفَسَخَ وَفِي الْقَلْعِ ضَرَرٌ بِالْمُزَارِعِ، وَفِي التَّرْكِ بِغَيْرِ أَجْرٍ ضَرَرٌ بِصَاحِبِ الأْرْضِ فَكَانَ التَّرْكُ بِنِصْفِ أَجْرِ الْمِثْلِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ.
وَإِنْ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا بِدُونِ إِذْنِ الآْخَرِ وَبِغَيْرِ أَمْرٍ مِنَ الْقَاضِي كَانَ مُتَطَوِّعًا وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الأْرْضِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّرْعَ بَقْلاً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، لأِنَّ فِيهِ إِضْرَارًا بِالْمُزَارِعِ.
أَمَّا لَوْ أَرَادَ الْمُزَارِعُ أَخْذَهُ بَقْلاً، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الأْرْضِ ثَلاَثَةُ خِيَارَاتٍ:
الأْوَّلُ: قَلْعُ الزَّرْعِ وَقِسْمَتُهُ بَيْنَهُمَا.
الثَّانِي: إِعْطَاءُ الْمُزَارِعِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنَ الزَّرْعِ وَتَرْكُهُ فِي الأْرْضِ حَتَّى يَبْلُغَ الْحَصَادَ.
الثَّالِثُ: الإْنْفَاقُ عَلَى الزَّرْعِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمُزَارِعِ بِحِصَّتِهِ، لأِنَّ فِي ذَلِكَ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ.
نَصَّ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا إِذَا كَانَ الْفَسْخُ صَرِيحًا أَوْ دَلاَلَةً أَوْ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
________________________________________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1440) موت صاحب الأرض
إذا مات صاحب الأرض والزرعُ أخضر فالفلاح يداوم على العمل إلى أن يدرك الزرع، ولا يسوغ لورثة المتوفي منعه وإذا مات الفلاح فوارثه قائم مقامه وإن شاء داوم على العمل إلى أن يدرك الزرع ولا يسوغ لصاحب الأرض منعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا)
(الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 36)
إذا انقضت المدة المعينة للانتفاع أو مات المنتفع في أثنائها وكانت الأرض مشغولة بزرعه والزرع بقل لم يدرك، يترك الزرع له في الصورة الأولى ولورثته في الصورة الثانية إلى حين إدراكه وحصاده بأجر المثل إلا إن كان المنتفع مستأجراً فإنه يترك الزرع لورثته في الصورة الثانية بالمسمى إلى حين إدراكه وحصاده.