loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 661

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- هذه النصوص لا مقابل لها في التقنين الحالي، فلم يعرض هذا التقنين الإيجار الوقف على أهميته العملية، بل ترك الأمر للقضاء، وطبق القضاء أحكام الشريعة الإسلامية في ذلك، وقنن المشروع هذه الأحكام كما طبقها القضاء، فعرض لمن له الحق في إيجار الوقف و من له الحق في استئجاره، وكيف تقدر أجرة الوقف ولاية مدة يجوز الإيجار، وذكر أن أحكام عقد الإيجار تسري على إيجارة الوقف فيما لم تتعارض فيه ، مع هذه الأحكام ( م 850 من المشروع).

2 - أما من له حق إيجار الوقف فهو الناظر (م 841 فقرة أولى من المشروع) ولا ينتهي الإيجار بموته أو بعزله، بل يسري إيجاره الصحيح على الناظر الذي يأتي بعده (م 849 من المشروع)، أما المستحق، ولو انحصر فيه الاستحقاق، فلا يملك، الإيجار إلا إذا أذن له في ذلك الواقف أو الناظر أو القاضي، والناظر هو الذي يقبض الأجرة حتى لو كان المؤجر غيره، إلا إذا أذن الناظر في القبض لغيره (م 842 من المشروع ) .

3- أما من له حق استئجار الوقف فمن يتعاقد معه الناظر على الإيجار ولوكان مستحقاً في الوقف بشرط ألا يكون هو الناظر، فإنه لا يجوز له أن يتعاقده مع نفسه في استئجار الوقف ولو أجر المثل، أما إذا كان المستأجر أحداً من أصوله أو فروعه ( أو ممن لا تقبل شهادتهم له) فيجوز على أن يكون الإيجار بأجر المثلى (م 843 - 844 من المشروع )، ولم ينقل المشروع المادة 693 من مرشد الحيران و نصها ما يأتي :

و إذا انقضت مدة الإجارة تؤجر بأجر المثل لمن يرغب فيها ولو كان غير المستأجر الأول، ما لم يكن المستأجر الأول حق القرار في العين المستأجرة، فإن كان له حق القرار من بناء أو غراس قائم بحق فهو أولى بالإجارة من غيره بشرط أن يدفع أجر المثل، فيكون للمستأجر الذي بنى أو غرس في أرض الوقف خاص بها للأحكام العامة في عقد الإيجار .

4 - و أجرة الوقف يجب ألا يكون فيها غبن فاحش، فلا يجوز أن تقل عن أربعة أخماس أجر المثل، بل يجب أن تكون أجر المثل في بعض الأحوال كما تقدم، وينطبق هذا الحكم حتى لو كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف، لجواز أن يخل بحق المستحق الذي يأتي بعده، وإذا عقد إيجار بغبن فاحش خير المستأجر بين الفسيخ ودفع أجر المثل، ويستطيع الناظر الذي صدر منه الإيجار أن يطالب بذلك (م 845 من المشروع )، ولم ينقل المشروع أحكام الشريعة الإسلامية في حالة ما إذا نقص أجر المثل أو زاد قبل انتهاء الإيجار (م 690 - 962 من مرشد الحيران )، وآثر استقرار التعامل بجعل الأجرة المتفق عليها هي التي تسري إلى أن ينتهي الإيجار .

5- أما مدة الإيجار فيراعى فيها شرط الواقف، فإن عين مدة وجب التقيد بها، و إلا إذا كان في مجاوزتها ضرورة أو نفع لاوقف، فيجوز للناظر في هذه الحالة أن يستأذن القاضي في الإبحار لمدة أطول إذا لم يكن مأذوناً في ذلك من قبل في كتاب الوقف، وإذا لم يحدد الواقف المدة، فالمباني لا يزيد إيجارها عن سنة إلا إذا كانت الزيادة تقتضيها المصلحة و يترك ذلك لتقدير الناظر، والأراضي لا يزيد إيجارها على ثلاث سنوات، إلا إذا كانت المصلحة تقتضي النقص وفقاً لتقدير الناظر (م 846 - 847 من المشروع). ولا تزيد مدة الإيجار في كل حال على ثلاث سنوات ولو بعقود مترادفة، فإذا زادت أنقصت إلى ثلاث، ومع ذلك يجوز الإيجار لمدة أطول من ثلاث سنوات في حالتين : (أ) إذاً أذن القاضي ، ويأذن للضرورة كما لو كان الوقف محتاجاً للعمارة . (ب ) إذا كان الناظر هو المستحق الوحيد، ويسري الإيجار ما دامت نظارته باقية، فإن أنهت جاز للناظر الذي خلفه، إذا لم يكن الإيجار قد انقضى، أن ينقص المدة إلى ثلاث سنوات (م 848 من المشروع ).

الأحكام

1 ـ مؤدى نص المادتين 628 ، 1/360 من القانون المدنى ، أن ولاية إجازة الوقف تكون للناظر عليه الذى يتولى إدارته و لا يملكها المستحق و لو إنحصر فيه الإستحقاق إلا بإذن من القاضى أو الناظر كما أنه لا يجوز للناظر أن يستأجر الوقف لأنه يكون فى حكم المستأجر من نفسه فيقع العقد باطلاً .

(الطعن رقم 385 لسنة 38 جلسة 1974/02/18 س 25 ع 1 ص 358 ق 59)

2 ـ إختلف فقهاء الشريعة الإسلامية فيما إذا كان متولى الوقف يضمن الغبن الفاحش إذا أجر عقار الوقف بأقل من أجر المثل أو لا يضمنه فقال بعض المتقدمين إنه لا يضمنه و إنما يلزم المستأجر أجر المثل و قال البعض من هؤلاء أن المتولى يلزمه تمام أجر المثل و ذهب رأى ثالث إلى أن المتولى يضمن نصفه و نصفه الآخر يضمنه المستأجر بينما ذهب غالبية المتأخرين إلى أن المتولى يضمن الغبن الفاحش و لو كان متعمدا و على قول البعض عالماً به لأن ذلك منه يكون جناية تستوجب عزله . و هذا الرأى الأخير هو ما تأخذ به محكمة النقض لو كان الناظر بغير أجر إذ يعتبر تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش و هو متعمد أو عالم به تقصيراً جسيماً فيسأل عنه دائما .

(الطعن رقم 384 لسنة 34 جلسة 1968/04/25 س 19 ع 2 ص 875 ق 127)

3 ـ تنص المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 على أن أحكامه تسرى - فيما عدا الأراضى الفضاء - على الأماكن وأجزاء الأماكن على إختلاف أنواعها المؤجرة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض فإذا كانت الوزارة - المطعون ضدها - قد أجرت المحل موضوع النزاع [ دكان ] إبتداء إلى الطاعن لإستعماله فى مباشرة نشاطه التجارى فإنه يكون من الأماكن التى يسرى عليها القانون رقم 567 لسنة 1953 الذى أضاف أحكاما جديدة إلى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 منها علاقة مباشرة بين الوقف وبين المستأجر من الباطن لعين موقوفه .

(الطعن رقم 178 لسنة 34 جلسة 1967/06/29 س 18 ع 2 ص 1441 ق 217)

4 ـ لناظر الوقف الحق فى طلب إخلاء المستأجر ، و لا تتوقف ممارسته لهذا الحق على استئذان القاضى حتى و لو كان يترتب على الإخلاء إزالة مبان أقامها المستأجر .

(الطعن رقم 95 لسنة 22 جلسة 1955/10/27 س 6 ع 4 ص 1397 ق 188)

5 ـ إذ أقام الحكم قضاءه برفض الدفع - بعدم قبول دعوى الإخلاء من العين المؤجرة المقامة من وزارة الأوقاف لرفعها من غير ذى صفة - على أن قطعة الأرض موضوع النزاع ما زالت تحت يد وزارة الأوقاف لحفظها و إدارتها بصفتها حارسة عليها إلى أن يتم تسليمها إلى المستحقين و إستند فى ذلك إلى نص المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 معدلة بالمرسوم بقانون رقم 342 لسنة 1952 و أن القانون رقم 44 لسنة 1962 بشأن تسليم الأعيان التى تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى و المجالس المحلية لم يسلب وزارة الأوقاف حقها فى الإدارة ، و كان هذا الذى قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون و يكفى للرد على دفاع الطاعنين فى هذا الخصوص فإن النعى يكون فى غير محله .

(الطعن رقم 93 لسنة 40 جلسة 1975/05/13 س 26 ع 1 ص 990 ق 190)

6 ـ إذ كان الحكمان السابقان قد قطعا بأن الأطيان المؤجرة للطاعن بمعرفة الناظر السابق - كانت وقفاً و إنتهى الحكم الصادر فى الدعوى . . . إلى أن عقود الإيجار الصادرة للطاعن من المستحقين عن تلك الأطيان غير صحيحة لإنعدام ولايتهم فى تأجيرها إذ ناط القانون ولايه إدارتها إلى ناظر الوقف السابق بوصفة حارساً عيلها و من ثم إعتبر الإجارة الصادرة منه هى الإجارة الصحيحة و قد تأيد هذا الحكم إستئنافياً فحاز قوة الأمر المقضى و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و أقام قضاءه على أن عقد إيجار الأطيان و أمر الأداء المعارض فيه قد صدرا بإسم - الناظر السابق - بصفته الشخصية و ليس بصفته ناظراً على الوقف أو حارساً على أعيانه يكون قد خالف حجية الأحكام المتقدم ذكرها و هى تسمو على النظام العام ، و قد أدت هذه المخالفة إلى الخطأ فى تطبيق القانون إذ مد نطاق الحراسة المفروضة على الأموال و الممتلكات الخاصه بالناظر السابق إلى أمر الأداء الصادر بالإيجار المتأخر عن الأطيان التى يتولى إدارتها بصفته حارساً عليها بعد إنتهاء وقفها . و قبل حلول إدارة الأموال التى آلت إلى الدولة محل هذا الحارس فى تجديد السير فى المعارضة المرفوعة عن أمر الأداء المشار إليه و فى طلب الحكم بسقوط الخصومة فيها .

(الطعن رقم 510 لسنة 43 جلسة 1977/03/30 س 28 ع 1 ص 853 ق 149)

7 ـ أحكام القانونين رقمى 44 لسنة 1962 ، 80 لسنة 1971 التى نصت على تسليم أعيان الوقف للمجالس المحلية ثم هيئة الأوقاف لتتولى نيابة عن وزارة الأوقاف إدارتهاو إستغلالها - لم تسلب حق وزارة الأوقاف فى إدارة هذه الأعيان ، و غاية الأمر أنه رؤى تخفيفاً للأعباء الملقاه على هذه الوزارة أن تتولى المجالس المحلية ثم هيئة الأوقاف إدارة و إستغلال تلك الأعيان نيابة عن هذه الوزارة.

(الطعن رقم 724 لسنة 49 جلسة 1985/01/10 س 36 ع 1 ص 93 ق 24)

شرح خبراء القانون

الوقف مصدر وقف ومعناه لغة الحبس والمنع، وهو في اعتبار الفقهاء بمعنی حبس العين والتصدق بمنفعتها، وهو سبب من أسباب الملكية الناقصة التي لا تجتمع فيها الرقبة والمنفعة في يد واحدة في وقت واحد، فإذا ما عمل إنسان على حبس بعض أمواله عن التداول وتسبيل ثمرتها ومنفعتها لبعض الجهات أو الأفراد ضماناً لبقائها وإصلاحها، أو براً بهم وعوناً لهم فمنعها عن التداول الناقل للملكية حالاً ومالاً بأي سبب ناقل للملكية، وأخرج هذا المال عن دائرة التمليك والتملك، وجعل الانتفاع به فقط هو المتداول بين جهات أو أشخاص بأعيانهم أو بأوصافهم، فهذا هو الوقف بعينه.

والوقف نوعان:

وقف خيري، وهو الذي يكون من أول الأمر لجهة بر لا تنقطع، ووقف أهلي وهو الذي تكون منفعته أولا لأشخاص معلومين ويكون في آخر الأمر الجهة بر لا تنقطع.

وقد نصت المادة الخامسة من القانون على أن: "وقف المسجد لا يكون إلا مؤيداً ويجوز أن يكون الوقف على ما عداه من الخيرات مؤقتاً أو مؤبداً وإذا أطلق كان مؤبداً، أما الوقف على غير الخيرات فلا يكون إلا مؤقتاً ولا يجوز أكثر من طبقتين ... إلخ". "

ويجوز وقف العقار والمنقول، ولا يجوز وقف الحصة الشائعة في عقار غير قابل للقسمة إلا إذا كان الباقي منه موقوفاً واتحدت الجهة الموقوف عليها، أو كانت الحصة مخصصة لمنفعة عين موقوفة ويجوز وقف حصص وأسهم شركات الأموال المستغلة استغلالاً جائزاً شرعا (م8).

إلغاء الوقف الأهلي بالقانون رقم 180 لسنة 1952:

صدر القانون رقم 180 لسنة 1952(المعدل) بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، وألغى الوقف على غير الخيرات أي الوقف الأهلي.

والأصل أن ناظر الوقف هو الذي يملك تأجيره، فلا يملك إيجار الوقف الموقوف له ولو انحصر الاستحقاق فيه، أي إذا لم يكن هناك مستحقاً غيره.

غير أنه يجوز استثناء للمستحق في الوقف تأجير أموال الوقف إذا أذن له في ذلك الواقف أو الناظر أو القاضي.

ويشترط ألا تكون النظارة محدودة لعمل معين لا يدخل فيه الإيجار، وإلا فإنه لا يكون له ولاية على الوقف في غير هذا العمل ولا يملك إيجار الوقف كما إذا عين شخص ناظراً على وقف لاسترداد عين من أعيانه تحت يد الغير وحفظها على ذمة الوقف، فهو لم يحتج ولاية الإيجار في هذه الصورة.

ويشترط في نفاذ الإيجار في حق الوقف أن يكون الناظر قد عقده بصفته ناظراً، أما إذا لم تذكر صفة الناظر في العقد ولم يذكر فيه أن العين المؤجرة موقوفة، فإن العقد يلزم الناظر شخصياً ولا يلزم الوقف.

وكما يجوز للناظر عقد الإيجار يجوز له الاتفاق مع المستأجر على إلغاء الإيجار إذا كان ذلك في مصلحة الوقف، وكذلك يجوز له طلب فسخ الإيجار أو طلب إخلاء المستأجر لسبب من الأسباب التي تسوغ ذلك .

ناظر الوقف يؤجر أموال الوقف بصفته ممثلاً للوقف، ولذلك لا ينتهي الإيجار بعزل الناظر أو بموته، بل يسري إيجاره الصحيح على الناظر الذي يأتي بعده.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع ، الصفحة/ 1252)

من يجوز له تأجير الوقف - يقضي نظام الوقف بأن يكون - للأعيان الموقوفة ناظر يتولى إدارتها ، والناظر أما أن يكون هو الواقف نفسه وإما أن يكون شخصاً آخر معيناً لذلك من قبل القاضي.

وتنص المادة 628 مدني على أن « للناظر ولاية اجارة الوقف فلا يملكها الموقوف عليه ولو انحصر فيه الاستحقاق إلا إذا كان متولياً من قبل الواقف أو مأذوناً ممن له ولاية الأجازة من ناظر أو قاض.

والمقصود بمن يكون متولياً من قبل الواقف من يكون معيناً منه لنظارة الموقف أو إدارته.

وعلى ذلك فالأصل ألا يملك تأجير الوقف إلا النظار عليه.

أما الموقوف عليه فلا يملكه إلا إذا كان هو الناظر أو كان مأذوناً له في ذلك من قبل الواقف أو من قبل المناظر أو القاضي.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 888)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولى 1433 ه- 2012 م الجزء/ الأول، الصفحة/ 98
أحكام الآل في الوقف والوصية
3- قال الحنفية: لو قال الواقف: أرضى هذه صدقة موقوفة لله -عز وجل- أبدا على أهل بيتي، فإذا انقرضوا فهي وقف على المساكين- تكون الغلة للفقراء والأغنياء من أهل بيته، ويدخل فيه أبوه وأبو أبيه وإن علا، وولده وولد ولده وإن فلا، الذكور والإناث، والصغار والكبار، والأحرار والعبيد فيه سواء، والذمي فيه كالمسلم. ولا يدخل فيه الواقف، ولا الأب الذي أدرك الإسلام، ولا الإناث من نسله إن كان آباؤهم من قوم آخرين. وإن كان آباؤهم ممن يناسبه إلى جده الذي أدرك الإسلام فهم من أهل بيته.
والآل والأهل بمعنى واحد عندهم في الوصية أيضا، فلو أوصى لآلة أو أهله، يدخل فيهم من جمعهم أقصى أب له في الإسلام. ويدخل في الوصية لأهل بيته أبوه وجده ممن لا يرث.
ولو أوصى لأهل فلأن فالوصية لزوجة فلأن في قول أبي حنيفة وعند الصاحبين يدخل فيه جميع من تلزمه نفقتهم من الأحرار، فيدخل فيه زوجته واليتيم في حجره، والولد إذا كان يعوله. فإن كان كبيرا قد اعتزل، أو بنتا قد تزوجت، فليس من أهله. ولا يدخل فيه وارث الموصي ولا الموصى لأهله.
وجه قول الصاحبين أن الأهل عبارة عمن ينفق عليه. قال الله تعالى خبرا عن سيدنا نوح -عليه السلام- (إن ابني من أهلي) وقال تعالى في قصة لوط -عليه السلام- (فنجيناه وأهله)
ووجه قول أبي حنيفة إن الأهل عند الإطلاق يراد به الزوجة في متعارف الناس، يقال: فلأن متأهلا، وفلانا لم يتأهل، وفلان ليس له أهل، ويراد به الزوجة، فتحمل الوصية على ذلك.
وقال المالكية: إن الواقف لو وقف على آلة أو أهله شمل عصبته من أب وابن وجد وإخوة وأعمام وبنيهم الذكور، وشمل كل امرأة لو فرض أنها رجل كان عاصيا، سواء أكانت قبل التقدير عصبة بغيرها أم مع غيرها، كأخت مع أخ أو مع بنت، أم كانت غير عصابة أصلا، كأم وجدة.
وإذا قال: أوصيت لأهلي بكذا، اختص بالوصية أقاربه لأمه؛ لأنهم غير ورثة للموصي، ولا يدخل أقاربه لأبيه حيث كانوا يرثونه. وهذا إذا لم يكن له أقارب لأبيه لا يرثونه. فإن وجدوا اختصوا بالوصية، ولا يدخل معهم أقاربه لأمه. وهذا قول ابن القاسم في الوصية والوقف. وقال غيره بدخول أقارب الأم مع أقارب الأب فيهما.
وقال الشافعية: إن أوصى الموصي لآل غيره صلى الله عليه وسلم صحت الوصية، وحمل على القرابة لا على أهل الدين في أوجه الوجهين، ولا يفوض إلى اجتهاد الحاكم. وأهل البيت كالآل. وتدخل الزوجة في أهل البيت أيضا. وإن أوصى لأهله من غير ذكر البيت دخلا كل من تلزمه مئونته.
وقال الحنابلة: لو أوصى لآلة أو أهله خرج الوارثون منهم، إذ لا وصية لوارث، ودخل من آلة من لا يرث.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولى 1433 ه- 2012 م الجزء/ الثالث، الصفحة/ 116
حكم إجارة الأرض:
21- اختلف العلماء في جواز إجارة الأرض، فأكثرهم على جواز ذلك. وقد قال به من الصحابة رافع بن خديج وابن عمر وابن عباس، ومن التابعين سعيد بن المسيب وعروة والقاسم وسالم، ومن الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه، ومالك والليث والشافعي وأحمد، وذلك لأنه لما سئل رافع بن خديج عن كراء الأرض قال: أما بشيء معلوم مضمون فلا بأس. رواه مسلم وأبو داود.
وذهب أبو بكر بن عبد الرحمن والحسن البصري وطاوس فيما رواه عنه ابن حجر في الفتح إلى كراهة تأجير الأرض، أي عدم جوازها، وذلك لما روى رافع بن خديج، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن كراء المزارع» متفق عليه. وروى مسلم والنسائي من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار أن طاوسا يمنع الإيجار بالذهب والفضة وأجازها بالربع والثلث.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولى 1433 ه- 2012 م الجزء/ الخامس، الصفحة/ 41
الإشهاد في الوقف:
29- عند المالكية لو وقف على محوره ، وهو ولده الصغير الذي في حجره، أو السفيه أو الوصي على يتيمه فإنه لا يشترط في حرز الوقف الجوز الحسي، بل يكفي فيه الحرز الحكمي، وهو أن يشهد على ذلك. وسواء أكان الحائز الأب أم الوصي أو المقام من قبل الحاكم، فيصح الوقف ولو كان تحت يد الحائز إلى موته أو إلى فلسه أو إلى مرضه الذي مات فيه، إذا توافرت بقية الشروط مع الإشهاد.
ولا بد من معاينة البينة لما وقع الإشهاد على وقفه إن كان الوقف على أجنبي، فلا يكفي إقرار الواقف، لأن المنازع للموقوف عليه إما الورثة وإما الغرباء.
ولا بد من أن يشهد الواقف على الوقف قبل حصول المانع للواقف من التصرف. ولا يشترط أن يقول عند الإشهاد ع....ثم لاحظ الشافعية أن التعريف للبيع قد يراد به البيع وحده، باعتباره أحد شقي العقد، فقالوا عنه إنه: تمليك بعوض على وجه مخصوص، ومن ثم عرفوا الشراء بأنه: تملك بعوضا على وجه مخصوص.
كما أورد الحطاب تعريفا شاملا للبيع الصحيح والفاسد بقوله: دفع عوض في معوض لما يعتقده صاحب هذا التعريف من أن البيع الفاسد لا ينقل الملك وإنما ينقل شبهة الملك، ثم أشار الحطاب إلى أن العرب تسمي الشيء صحيحا لمجرد الاعتقاد بصحته، فالملك ينتقل على حكمهم في الجاهلية وإن لم ينتقل على حكم الإسلام، على أن المقصود من الحقائق الشرعية إنما هو معرفة الصحيح.
الألفاظ ذات الصلة:
أ- الهبة، والوصية.
2- الهبة: تمليك بلا عوض حال الحياة. والوصية: تمليك بلا عوض بعد الموت.
فهما يفترقان عن البيع في أن البيع تمليك بعوض.
ب- الإجارة.
3- الإجارة: عقد على منفعة معلومة بعوض معلوم.
فالإجارة محددة بالمدة أو بالعمل، خلافا للبيع.
والإجارة تمليك المنفعة، أما البيع فهو تمليك للذات في الجملة().
ج- الفصل ح.
4- الصلح: عقد يقتضي قطع النزاع والخصومة.
وعرفه ابن عرفة بأنه: انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع، أو خوف وقوعه.
وإذا كانت المصالحة على أخذ البدل فالصلح معاوضة، ويعتبره الفقهاء بيعا يشترط فيه شروط البيع.
يقول الفقهاء: الصلح على أخذ شيء غير المدعى به بيع لذات المدعى به بالمأخوذ إن كان ذاتا، فيشترط فيه شروط البيع. وإن كان المأخوذ منافع فهو إجارة.
أما الصلح على أخذ بعض المدعى به وترك باقية فهو هبة.
فالصلح في بعض صوره يعتبر بيعا().
د- القسمة.
5- عرف الحنفية القسمة بأنها: جمع نصيب شائع في معين، وعرفها ابن عرفة بأنها: تصيير مشاع من مملوك مالكين معين ولو باختصاص تصرف فيه بقرعة أو تراض.
وهي عند الشافعية والحنابلة: تمييز بعض الحصص وإفرازها().
واعتبرها بعض الفقهاء بيعا. يقول ابن قدامة:
القسمة إفراز حق وتمييز أحد النصيبين من الآخر، وليست بيعا، وهذا أحد قولي الشافعي. وقال في الآخر: هي بيع، وحكي عن أبي عبد الله بن بطة: لأنه يبدل نصيبه من أحد السهمين بنصيب صاحبه من السهم الآخر، وهذا حقيقة البيع.
وعلى ذلك بعض المالكية. قال ابن عبد البر: القسمة بيع من البيوع. وهو قول مالك في المدونة.
وإن كان في القسمة رد (وقسمة الرد هي التي يستعان في تعديل أنصبائها بمال أجنبي) فهي بيع عند الشافعية والحنابلة.
جاء في المهذب: إن كان في القسمة رد فهي بيع؛ لأن صاحب الرد بذلك المال في مقابلة ما حصل له من حق شريكه عوضا.
ويقول ابن قدامة: إن كان في القسمة رد عوض فهي بيع؛ لأن صاحب الرد يبذل المال عوضا عما حصل له من مال شريكه، وهذا هو البيع.
وهي عند الحنفية يغلب فيها معنى تمييز الحقوق في قسمة المثلى. وفي قسمة القيمي يغلب فيها معنى البيع().
الحكم التكليفي:
6- اتفق الفقهاء على أن البيع مشروع على سبيل الجواز، دل على جوازه الكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
فمن الكتاب قوله تعالى وأحل الله البيع وقوله عز وجل: لا تأكلون أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم وأما السنة فمنها: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: أي الكسب أطيب؟ فقال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور»() وكذلك فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وإقراره أصحابه عليه.
والإجماع قد استقر على جواز البيع.
أما المعقول: فلأن الحكمة تقتضيه، لتعلق حاجة الإنسان بما في يد صاحبه، ولا سبيل إلى المبادلة إلا بعوض غالبا، ففي تجويز البيع وصول إلى الغرض ودفع للحاجة().
هذا هو الحكم الأصلي للبيع، ولكن قد تعتريه أحكام أخرى، فيكون محظورا إذا اشتمل على ما هو ممنوع بالنص، لأمر في الصيغة، أو العاقدين، أو المعقود عليه. وكما يحرم الإقدام على مثل هذا البيع فإنه لا يقع صحيحا، بل يكون باطلا أو فاسدا على الخلاف المعروف بين الجمهور والحنفية، ويجب فيه التراد. على تفصيل يعرف في مصطلح (بيع منه عنه) وفي أفراد البيوع المسماة المنهي عنها، وفي مصطلحي (البيع الباطل، والبيع الفاسد).
وقد يكون الحكم الكراهة، وهو ما فيه نهي غير جازم ولا يجب فسخه، ومثل له الحطاب من المالكية ببيع السباع لا لأخذ جلودها().
وقد يعرض للبيع الوجوب، كمن اضطر إلى شراء طعام أو شراب لحفظ المهجة.
كما قد يعرض له الندب، كمن أقسم على إنسان أن يبيع سلعة لا ضرر عليه في بيعها فتندب إجابته؛ لأن أبرار المقسم فيما ليس فيه ضرر مندو....ب- مؤجل الثمن، وهو ما يشترط فيه تأجيل الثمن، وسيأتي تفصيل الكلام عن هذا النوع في مباحث الثمن.
ج- مؤجل المثمن، وهو بيع السلم، وقد سبقت الإشارة إليه.
د- مؤجل العوضين، وهو بيع الدين بالدين وهو ممنوع في الجملة. وتفصيله في مصطلح (دين، وبيع منه عنه)().
وقد أورد ابن رشد الحفيد تقسيمات للبيع بلغت تسعة، تبعا لما تم عليه التبادل وكيفية تحديد الثمن ووجوب الخيار، والحلول والنسيئة في كل من المبيع والثمن، بما لا يخرج عما سبق().
وهناك تقسيمات أخرى فرعية بحسب حضور المبيع وغيبته، وبحسب رؤيته وعدمها، وبحسب بت العقد أو التخيير فيه().
(17- أما التقسيم باعتبار الحكم الشرعي فأنواعه كثيرة، فمن ذلك البيع المنعقد، ويقابله البيع الباطل. والبيع الصحيح ويقابله البيع الفاسد. والبيع النافذ، ويقابله البيع الموقوف. والبيع اللازم، ويقابله البيع غير اللازم (ويسمى الجائز أو المخير) وتفصيل ما يتصل بهذه الأنواع ينظر في مصطلحاتها. وتنظر البيوع المنهي عنها في مصطلح (بيع منه عنه).
وهناك بيوع مسماة بأسماء خاصة ورد النهي عنها كبيع النجوش ، وبيع النابذة، ونحوهما. وتنظر في مصطلحاتها.
وهناك أنواع أخرى روعي في تسميتها أحوالا تقترن بالعقد، وتؤثر في الحكم، كبيع المكره، أو الهازل، وبيع لتلجئه، وبيع الفضولي، وبيع الوفاء. ولها مصطلحاتها أيضا.
كما أن (الاستصناع) يدرج في عداد البيوع، مع الخلاف في أنه بيع أو إجارة، وينظر تفصيله في مصطلحه.
وهذه البيوع المسماة حظيت من الفقهاء.
ببحث مستقل عن البيع المطلق، لكنها تأتي تالية له.
ومن هنا جاءت تسمية (البيوع)؛ لأنها يشملها مطلق البيع، لكنها لا تدخل في (البيع المطلق) كما سبق أركان البيع وشروطه:
18- للفقهاء خلاف مشهور في تحديد الأركان في البيع وغيره من العقود، هل هي الصيغة (الإيجاب أو القبول) أو مجموع الصيغة والعاقدين (البائع والمشتري) والمعقود عليه أو محل العقد (المبيع والثمن).
فالجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) يرون أن هذه كلها أركان البيع؛ لأن الركن عندهم: ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره عقلا، سواء أكان جزءا من حقيقته أم لم يكن، ووجود البيع يتوقف على العاقدين والمعقود عليه، وإن لم يكن هؤلاء أجزاء من حقيقته().
ويرى الحنفية أن الركن في عقد البيع وغيره: هو الصيغة فقط. أما العاقدان والمحل فمما يستلزمه وجود الصيغة لا من الأركان؛ لأن ما عدا الصيغة ليس جزءا من حقيقة البيع، وإن كان يتوقف عليه وجوده().
واستحسن بعض الفقهاء المعاصرين تسمية مجموع الصيغة والعاقدين والمحل (مقومات العقد): للاتفاق على عدم قيام العقد بدونها().
19- هذا، ولكل من الصيغة والعاقدين والمحل شروط لا يتحقق الوجود الشرعي لأي منها إلا بتوافرها، وتختلف تلك الشروط من حيث أثر وجودها أو فقدانها.
فمنها شروط الانعقاد، ويترتب على تخلف أحدها بطلان العقد.
ومنها شروط الصحة، ويترتب على تخلف شيء منها بطلان العقد، أو فساده على الخلاف بين الجمهور والحنفية.
ومنها شروط النفاذ، ويترتب على فقد أحدها اعتبار العقد موقوفا.
ومنها شروط اللزوم، ويترتب على تخلفها أو تخلف بعضها عدم لزوم العقد.
وهذا التنويع للشروط هو ما عليه الحنفية. وفي بعضه خلاف لغيرهم سيأتي بيانه.
الصيغة وشروطها:
20- الصيغة- كما صرح بذلك الحطاب()- هي الإيجاب والقبول.
ويصلح لهما كل قول يدل على الرضا، مثل قول البائع: بعتك أو أعطيتك، أو ملكتك بكذا. وقول المشتري: اشتريت أو تملكت أو ابتاع أو قبل، وشبه ذلك.
والإيجاب عند الجمهور: ما يصدر من البائع دالا على الرضا، والقبول: ما يصدر من المشتري كذلك.
وقال الحنفية: إن الإيجاب يطلق على ما يصدر أولا من كلام أحد العاقدين، سواء أكان هو البائع أم المشتري، والقبول ما يصدر بعده(). وللتفصيل ينظر (إيجاب، وقبول).
وقد صرحت المالكية والشافعية والحنابلة بأن تقدم لفظ المشتري على لفظ البائع جائز لحصول المقصود().
ولا تختلف شروط الصيغة في البيع عن الصيغة في غيره من العقود المالية مما خلاصته كون الصيغة بالماضي، أو بما يفيد إنشاء العقد في الحال كما يأتي، وتوافق الإيجاب والقبول، فلو خالف القبول الإيجاب لم ينعقد البيع.
وصرح الحنفية أن القبول المخالف للإيجاب يكون إيجابا جديدا.
ويشترط للصيغة كذلك: اتحاد المجلس، وهو يجمع المتفرقات فيه، فلو تراخى القبول عن الإيجاب أو عكسه صح المت....73- تطرد هذه القاعدة سواء أكان الاضطرار فطريا كالجوع، أم غير فطري كالإكراه، فإنه يسقط الإثم، وعقوبة التجاوز، أما حق الآخرين فلا يتأثر بالاضطرار، ويبقى المال مضمونا بالمثل إن كان مثليا، والقيمة إن كان قيميا. فلو اضطر في مخمصة إلى أكل طعام غيره، جاز له أكله، وضمن قيمته، لعدم إذن المالك، وإنما الذي وجد هو إذن الشرع الذي أسقط العقوبة فقط.
القاعدة الرابعة: «الأمر بالتصرف في ملك غير الباطل».
74- الأمر: هو طلب الفعل جزما، فإذا أمر شخصا غيره بأخذ مال شخص آخر أو بإتلافه عليه فلا عبرة بهذا الأمر، ويضمن الفاعل.
وهذه القاعدة مقيدة:
بأن يكون المأمور عاقلا بالغا، فإذا كان صغيرا، كان الضمان على الآمر. وأن لا يكون الآمر ذا ولاية وسلطان على المأمور.
فلو كان الآمر هو السلطان أو الوالد، كان الضمان عليهما.
القاعدة الخامسة: «جناية العجماء جبار».
75- هذه القاعدة مقتبسة من حديث شريف عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العجماء جرحها جبار» والعجماء: البهيمة، لأن ها لا تفصح، ومعنى جبار: إنه هدر وباطل.
والمراد أنها إذا كانت مسيبة حيث تسيب الحيوانات، ولا يد عليها، أما لو كان معها راكب فيضمن، فلو اصطادت هرته طائرا لغيره لم يضمن.
وفي المسألة تفصيل وخلاف يأتي في ضمان جناية الحيوان.
القاعدة السادسة: «الجواز الشرعي ينافي الضمان».
76- يعني إذا ترتب على الفعل الجائز المباح شرع، ضرر للآخرين، لا يضمن الضرر. فلو حفر حفرة في ملكه، أو في الطريق، بإذن الحاكم، فتردى فيها حيوان أو إنسان، لا يضمن الحافر شيئا. وهذاا مقيدا بشرطين:
1- أن لا يكون المباح مقيدا بشرط السلامة، فيضمن- مثلا- راكب السيارة وقائد الدابة أو راكبها في الطريق.
2- أن لا يكون في المباح إتلاف الآخرين وإلا كان مضمونا.
فيضمن ما يتلفه من مال غيره للمخمصة، مع أن أكله لأجلها جائز، بل واجب.
القاعدة السابعة: «الخراج بالضمان»
77- الخراج: هو غلة الشيء ومنفعته، إذا كانت منفصلة عنه، غير متولدة منه. كسكنى الدار، وأجرة الدابة.
والضمان: هو التعويض المالي عن الضرر المادي.
والمعنى: أن منافع الشيء يستحقها من يلزمه ضمانه لو هلك، فتكونت المنفعة في مقابل تحمل خسارة هلاكه، فما لم يدخل في ضمانه لا يستحق منافعه وقد «نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن».
القاعدة الثامنة: «الغرم بالغنم».
78- هذه القاعدة معناها أن التكلفات والغرامات التي تترتب على الشيء، تجب على من استفاد منه وانتفع به، مثال ذلك:
1- نفقة رد العارية على المستعير، لأنه هو الذي انتفع بها.
2- ونفقة رد الوديعة على المودع، لأنه هو الذي استفاد من حفظها.
3- وأجرة كتابة عقد الملكية على المشتري، لأن ها توثيق لانتقال الملكية إليه، وهو المستفيد من ذلك.
القاعدة التاسعة: «لا يجوز لأحد أخذ مال أحد بلا سبب شرعي».
79- هذه القاعدة مأخوذة من حديث: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه».
فيحرم أخذ أموال الآخرين بالباطل كالغصب والسرقة ونحوهما.
أحكام الضمان:
أحكام الضمان- بوجه عام- تقسم إلى هذه الأقسام.
1- ضمان الدماء (الأنفس والجراح).
2- ضمان العقود.
3- ضمان الأفعال الضارة بالأموال، كالإتلافات، والغصوب.
وحيث تقدم القول في ضمان العقود في أنواع الضمان ومحله، فنقصر القول على ضمان الدماء، وضمان الأفعال الضارة بالأموال.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولى 1433 ه- 2012 م الجزء/ الثاني والثلاثون، الصفحة/ 280
الوقف:
35- اختلف الفقهاء في اشتراط القبض لتمام الوقف.
فذهب الشافعية في المذهب عندهم، والحنابلة في الصحيح من المذهب، أبو يوسف، إلى أن الوقف إذا صح زال به ملك الواقف عنه، ولا يشترط فيه القبض
ويرى المالكية، وأحمد بن حنبل في رواي....وعند الحنابلة في المذهب يكون العقد صحيحا ويضمن الناظر قيمة النقص الذي لا يتغلبن به عادة، لأنه يتصرف في مال غيره على وجه الحظ فضمن ما نقصه بعقده، كالوكيل إذا باع دون ثمن المثل أو أجر دون أجرة المثل.
أما إذا كانت العين موقوفة عليه فإنه يجوز أن يؤجرها بأقل من أجرة المثل عند الشافعية قياس على جواز الإعارة، وكذا الحنابلة في وجه، وفي وجه آخر لا يجوز.
وعند الحنفية: لا يجوز أن يؤجر الناظر العين الموقوفة بأقل من أجرة المثل سواء أكان الناظر هو المستحق أو غيره، لما يؤدي إليه من الضرر بالوقف بسبب الأجرة إلا إذا كان النقصان عن أجرة المثل يسير وهو ما تتغلب الناس فيه عادة أي يقبلونه ولا يعدونه غبنا، أما إذا كان الغبن فاحشا فلا تجوز الإجارة، واعتبر خيانة من المتولي إذا كان عالم بأجرة المثل. لكن تجوز الإجارة بالأقل أي بغبن فاحش للضرورة ومثلوا لها بما يأتي:
أ- إذا نابت الوقف نائبة أو كان عليه دين، أو كان الدار عليها مرصد. والمرصد دين على الوقف ينفقه المستأجر لعمارة الدار لعدم مال حاصل في الوقف.
ب- إذا كانت العين غير مرغوب في إجارتها إلا بالأقل.
ويذكر الحنفية أنه لو أجري المتولي دون أجرة المثل، وكان الغبن فاحشا ولم تكن هناك ضرورة فإن المستأجر يلزمه تمام أجرة المثل.
قال أبو بكر محمد بن الفضل: على أصل أصحابنا ينبغي أن يكون المستأجر غاصبا، وذكر الخصاف في كتابه أنه لا يصير غاصبا ويلزمه أجر المثل، فقيل له: أتفتي بهذا؟ قال: نعم، ووجهه أن المتولي أبطل بالتسمية ما زاد على المسمى إلى تمام أجر المثل وهو لا يملكه، فيجب أجر المثل، كما لو أجر من غير تسمية أجر. ونقل ابن عابدين عن الخصاف أن الواقف أيضا إذا آجر بالأقل مما لا يتغابن الناس فيه لم تجز ويبطلها القاضي فإن كان الواقف مأمون وفعل ذلك عن طريق السهو والغفلة أقره القاضي في يده وأمره بالإجارة بالأصلح، وإن كان غير مأمون أخرجها من يده وجعلها في يد من يثق بدينه.
وذهب المالكية إلى أن الناظر إذا أكرى العين الموقوفة دون أجرة المثل فإن الناظر يضمن تمام أجرة المثل إن كان مليا وإلا رجع على المستأجر، لأنه مباشر وكل من رجع عليه لا يرجع على الآخر، هذا ما لم يعلم المستأجر بأن الأجرة غير أجرة المثل فإن كلا منهما ضامن فيبدأ به.
وذكر المالكية- كما في الشرح الكبير والدسوقي- أن الإجارة لو وقعت دون أجرة المثل ثم زاد شخص آخر ما يبلغ أجرة المثل فسخت إجارة الأول وتؤجر للثاني الذي زاد، ولو التزم الأول تلك الزيادة لم يكن له ذلك إلا أن يزيد على من زاد حيث لم تبلغ زيادة من زاد أجرة المثل، فإن بلغتها فلا يلتفت لزيادة من زاد، قال الدسوقي: وهذا في غير المعتدة فإنها إذا كانت بمحل وقف وقعت إجارته دون أجرة المثل، ثم زاد عليها شخص أجرة المثل وطلبت البقاء بالزيادة فإنها تجاب إلى ذلك، قال الدسوقي: والظاهر أنه إذا كانت الزيادة عليها تزيد على أجرة المثل وطلبت البقاء بأجرة المثل فقط فإنها تجاب لذلك.
وفي حاشية العدوى على الخرشي أن هذا رأي علي الأجهوري ثم قال: ولا يخفى بعده، ثم قال: يحتمل أن معنى عبارة علي الأجهوري أنه إذا بلغت الأجرة الزائدة تمام المثل والتزمها الساكن كان أحق ولا يلتفت لزيادة من زاد بعد ذلك، فإن زاد الغير أجرة المثل والتزمها الساكن كان أحق لوقوع عقد عقد معه في الجملة، ما لم يزد الآخر على ذلك وإلا كان أحق لوقوع الخلل في العقد ما لم يلتزم الساكن تلك الزيادة.
ب- حكم ما إذا كانت الإجارة بأجرة المثل ثم زادت الأجرة:
79- اختلف الفقهاء فيما إذا أجر الناظر العين الموقوفة بأجرة المثل، ثم زادت أجرة المثل أثناء مدة العقد أو ظهر طالب بالزي....وأجاز الحنفية أن يكون الناظر ذميا وأن الإسلام ليس بشرط، ولو كان الناظر ذميا وأخرجه القاضي لأي سبب ثم أسلم الذمي لا تعود الولاية إليه.
وعند الشافعية قال الرملي: قياس ما في الوصية والنكاح صحة شرط ذمي النظر لذمي عدل في دينه إن كان المستحق ذميا لكن يرد باشتراط العدالة الحقيقية في باب الوقف، قال الشبراملي: القول بالرد هو المعتمد.
والفرق بين هذا وتزويج الذمي موليته أن ولي النكاح فيه وازع طبيعي يحمله على الحرص على تحصين موليته دفعا للعار عنه بخلاف الوقف.
وهو ما يستفاد من كلام المالكية، ففي المواقف قال ابن عرفة: النظر في الحبس لمن جعله إليه محبسه، قال المعيطي: يجعله لمن يوثق به في دينه وأمانته.
أجرة ناظر الوقف:
الكلام على أجرة الناظر يشمل عدة مسائل؛ مثل أحقيته في الأجرة، وفي تقديرها من الواقف أو القاضي، وفي مقدارها، وهل يستحق أجرا إذا لم يجعل له الواقف أو القاضي أجرا؟ وهكذا، وبيان ذلك فيما يلي:
أ- أحقية ناظر الوقف في الأجرة:
103- ذهب الفقهاء على أن الناظر على الوقف يستحق أجرة نظير قيامه بإدارة الوقف والعناية بمصالحه. واستدلوا على ذلك بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما وقف أرضه بخيبر حيث قال: «لا بأس على من وليها أن يأكل بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه».
وما فعله علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه حيث جعل نفقة العبيد الذين وقفهم مع صدقته ليقوموا بعمارتها من الغلة.
وبالقياس على عامل الزكاة.
واستدلوا بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقتسم ورثتي دينارا ولا درهما، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة».
قال ابن حجر في فتح الباري عند شرحه لهذا الحديث: هو دال على مشروعية أجرة العامل على الوقف، ومراد العامل في هذا الحديث: القيم على الأرض.
ب- تقدير أجرة الناظر أو ما يستحقه الناظر من الأجر:
أجرة الناظر إما أن تكون مشروطة من قبل الواقف أو مقدرة من قبل القاضي.
104- فإن كانت الأجرة مشروطة من قبل الواقف فإن الناظر يأخذ ما شرطه له الواقف ولو كان أكثر من أجر مثله. وهذا ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والحنابلة.
ونص الحنفية على أنه لو عين له الواقف أقل من أجر المثل فللقاضي أن يكمل له أجر مثله بطلبه.
ونص الشافعية على أنه لو جعل النظر لنفسه وشرط لنفسه أجرا فإنه لا يزيد على أجرة المثل، فإن شرط النظر بأكثر منها لم يصح الوقف لأنه وقف على نفسه.
وفي كشاف القناع: إن الواقف لو شرط للناظر أجرة أي عوض معلوم فإن كان المشروط لقدر أجرة المثل اختص به وكان مما يحتاج إليه الوقف من أمناء وغيرهم من غلة الوقف، وإن كان المشروط أكثر من أجرة المثل فكلفة ما يحتاج إليه الوقف من نحو أمناء وعمال يكون على الناظر يصرفها من الزيادة حتى يبقى له أجرة مثله، إلا أن يكون الواقف شرطه له خالصا.
وأما المالكية فلم يحددوا شيئا وتركوا ذلك لتقدير الواقف أو القاضي.
105- وإن كانت الأجرة مقدرة من قبل القاضي بأن لم يجعل الواقف للناظر شيئا فقد اختلف الفقهاء في ما يقدره القاضي للناظر.
فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الأجر المقدر من القاضي يجب ألا يزيد عن أجرة المثل، فإن عينا له زائد عن أجرة المثل يمنع عنه الزائد.
وقال المالكية: يترك الأمر لاجتهاد القاضي. جاء في منح الجليل: النظر في الحبس لمن جعله إليه محبسه، يجعله لمن يثق به في دينه وأمانته، فإن غفل المحبس عن جعل النظر لمن يثق به، كان النظر في الحبس للقاضي فيقدم عليه من يرتضيه ويجعل له من كراء الوقف ما يراه القاضي سدادا بحسب اجتهاده.
وقال ابن فتوح: للقاضي إن يجعل لمن قدمه للنظر في الأحباش رزقا معلوما في كل شهر باجتهاده في....