مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 661
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- هذه النصوص لا مقابل لها في التقنين الحالي، فلم يعرض هذا التقنين الإيجار الوقف على أهميته العملية، بل ترك الأمر للقضاء، وطبق القضاء أحكام الشريعة الإسلامية في ذلك، وقنن المشروع هذه الأحكام كما طبقها القضاء، فعرض لمن له الحق في إيجار الوقف و من له الحق في استئجاره، وكيف تقدر أجرة الوقف ولاية مدة يجوز الإيجار، وذكر أن أحكام عقد الإيجار تسري على إيجاره الوقف فيما لم تتعارض فيه، مع هذه الأحكام ( م 850 من المشروع).
2- أما من له حق إيجار الوقف فهو الناظر (م 841 فقرة أولى من المشروع) ولا ينتهي الإيجار بموته أو بعزله، بل يسري إيجاره الصحيح على الناظر الذي يأتي بعده (م 849 من المشروع)، أما المستحق ، ولو انحصر فيه الاستحقاق، فلا يملك، الإيجار إلا إذا أذن له في ذلك الواقف أو الناظر أو القاضي، والناظر هو الذي يقبض الأجرة حتى لو كان المؤجر غيره، إلا إذا أذن الناظر في القبض لغيره (م 842 من المشروع ).
3- أما من له حق استئجار الوقف فمن يتعاقد معه الناظر على الإيجار ولوكان مستحقاً في الوقف بشرط ألا يكون هو الناظر، فإنه لا يجوز له أن يتعاقد مع نفسه في استئجار الوقف ولو أجر المثل، أما إذا كان المستأجر أحداً من أصوله أو فروعه ( أو ممن لا تقبل شهادتهم له) فيجوز على أن يكون الإيجار بأجر المثلى (م 843 - 844 من المشروع )، ولم ينقل المشروع المادة 693 من مرشد الحيران و نصها ما يأتي :
و إذا انقضت مدة الإجارة تؤجر بأجر المثل لمن يرغب فيها ولو كان غير المستأجر الأول، ما لم يكن المستأجر الأول حق القرار في العين المستأجرة، فإن كان له حق القرار من بناء أو غراس قائم بحق فهو أولى بالإجارة من غيره بشرط أن يدفع أجر المثل، فيكون للمستأجر الذي بنى أو غرس في أرض الوقف خاص بها للأحكام العامة في عقد الإيجار .
4 - و أجرة الوقف يجب ألا يكون فيها غبن فاحش، فلا يجوز أن تقل عن أربعة أخماس أجر المثل، بل يجب أن تكون أجر المثل في بعض الأحوال كما تقدم، وينطبق هذا الحكم حتى لو كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف، لايجوز أن يخل بحق المستحق الذي يأتي بعده، وإذا عقد إيجار بغبن فاحش خير المستأجر بين الفسيخ ودفع أجر المثل، ويستطيع الناظر الذي صدر منه الإيجار أن يطالب بذلك (م 845 من المشروع) ، ولم ينقل المشروع أحكام الشريعة الإسلامية في حالة ما إذا نقص أجر المثل أو زاد قبل انتهاء الإيجار (م 690 - 962 من مرشد الحيران)، وآثر استقرار التعامل بجعل الأجرة المتفق عليها هي التي تسري إلى أن ينتهي الإيجار .
5- أما مدة الإيجار فيراعى فيها شرط الواقف، فإن عين مدة وجب التقيد بها، و إلا إذا كان في مجاوزتها ضرورة أو نفع لاوقف، فيجوز للناظر في هذه الحالة أن يستأذن القاضي في الإبحار لمدة أطول إذا لم يكن مأذوناً في ذلك من قبل في كتاب الوقف، وإذا لم يحدد الواقف المدة، فالمباني لا يزيد إيجارها عن سنة إلا إذا كانت الزيادة تقتضيها المصلحة و يترك ذلك لتقدير الناظر، والأراضي لا يزيد إيجارها على ثلاث سنوات، إلا إذا كانت المصلحة تقتضى النقص وفقاً لتقدير الناظر (م 846 - 847 من المشروع)، ولا تزيد مدة الإيجار في كل حال على ثلاث سنوات ولو بعقود مترادفة، فإذا زادت أنقصت إلى ثلاث، ومع ذلك يجوز الإيجار لمدة أطول من ثلاث سنوات في حالتين : (أ) إذا أذن القاضي ، ويأذن للضرورة كما لو كان الوقف محتاجاً للعمارة (ب ) إذا كان الناظر هو المستحق الوحيد، و پسری الإيجار ما دامت نظارته باقية، فإن أنهت جاز للناظر الذي خلفه ، إذا لم يكن الإيجار قد انقضى، أن ينقص المدة إلى ثلاث سنوات (م 848 من المشروع ).
ناظر الوقف هو صاحب الولاية في قبض الأجرة حتى لو كان المؤجر غيره، كما لو كان ناظراً سابقاً، ولا ولاية للموقف عليه - ولو كان هو المستحق الوحيد - في قبض الأجرة، إلا إذا أذن له ناظر الوقف في قبضها فيكون وكيلاً عنه في ذلك.
فالمستحق وإن كان يستحق ريع الوقف إلا أنه لا يملك إدارته كما أوضحنا مالنا، وقبض الأجرة من أعمال الإدارة .
ويملك الناظر قبض الأجرة مقدمة عن المدة التي يجوز له أن يؤجر الوقف فيها دون استئذان القاضي، وكما يجوز له قبض الأجرة مقدماً عن هذه المدة، يجوز له حوالة هذه الأجرة في مقابل مبلغ يقبضه فوراً من المحال إليه.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السابع ، الصفحة/ 1260)
والناظر هو الذي يملك قبض الأجرة ولو كان المؤجر غيره ، فلا يجوز لغير الناظر - ولو كان هو الموقوف عليه الذي عقد الإجارة - قبض الأجرة إلا إذا أذن له الناظر في قبضها (المادة 629 مدني) ويملك الناظر قبض الأجرة مقدماً عن المدة التي يجوز له أن يؤجر الوقف فيها دون استئذان القاضي (أنظر ما سيجيء في نبذة 323)، وكما يجوز له قبض الأجرة مقدماً عن هذه المدة، يجوز له حوالة هذه الأجرة في مقابل مبلغ يقبضه فوراً من المحال إليه.
وكما يملك الناظر عقد الإيجار، يجوز له الغاؤه بالاتفاق مع المستأجر إذا كان ذلك في مصلحة الوقف، وكذلك يجوز له طلب نسخه أو طلب إخلاء المستأجر لسبب من الأسباب التي تسوغ ذلك.
وتثبت للناظر هذه الولاية بصفته ممثلاً الوقف، فتنفذ في حق الوقف جميع تصرفاته القانونية الصادرة منه باسم الوقف ويستمر نفاذها حتى بعد عزله أو موته، فلا ينتهي الإيجار بموت الناظر أو بعزله بل يسري إيجاره الصحيح على الناظر الذي يليه، غير أنه متى عزل النظر الذي أجر الوقف أو مات، انتقلت ولايته الى الناظر الذي يخلفه، فيكون لهذا قبض الأجرة عن الإجارات السابقة وإلغاء هذه الإيجارات أو تجديدها إلخ وإذا قبض الناظر السابق أجرة معجلة عن مدة الإجارة التي عقدها في حدود القانون لم يجز إلزام المستأجر بدفع الأجرة مرة ثانية للناظر الجديد، وجاز لجهة الوقف الرجوع بها على الناظر السابق أو على تركته.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن، الصفحة/ 889)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والثلاثون ، الصفحة / 280
الْوَقْفُ:
35 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لِتَمَامِ الْوَقْفِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، أَبُو يُوسُفَ، إلَى أَنَّ الْوَقْفَ إذَا صَحَّ زَالَ بِهِ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْهُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ فِي الْجُمْلَةِ لِتَمَامِ الْوَقْفِ وَزَوَالِ مِلْكِيَّةِ الْوَقْفِ عَنِ الْوَاقِفِ .
وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ حَقِيقَةً، وَلاَ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلاَّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ يُعَلِّقَهُ بِمَوْتِهِ .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ بَنَى شَخْصٌ سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ خَانًا لِيَسْكُنَهُ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ، أَوْ رِبَاطًا لِلْمُجَاهِدِينَ، أَوْ خَلَّى أَرْضًا مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا لِلْمُصَلِّينَ، زَالَ مِلْكُهُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا اسْتَقَى النَّاسُ مِنَ السِّقَايَةِ وَسَكَنُوا الْخَانَ وَالرِّبَاطَ وَدَفَنُوا فِي الْمَقْبَرَةِ وَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ مُسْلِمٌ زَالَ مِلْكُهُ عَنِ الْمَوْقُوفِ، وَلاَ يُزَالُ مِلْكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يَحْكُمَ بِهِ الْحَاكِمُ.
وَلِلتَّفْصِيلِ (ر: وَقْفٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 186
قِسْمَةُ الْمَوْقُوفِ بَيْنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ:
84 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي قِسْمَةِ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ تَسْوِيَةٍ أَوْ تَفْضِيلٍ بَيْنَهُمْ أَوْ تَقْدِيمِ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ وَهَكَذَا .
وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلأْوْقَافِ الَّتِي لَهَا غَلَّةٌ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ كَيْفِيَّةَ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَقَدْ تَمَّ تَفْصِيلُ ذَلِكَ وَبَيَانُ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فِيهِ فِي الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ لِلْوَاقِفِينَ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ دَارًا لِلسُّكْنَى مَثَلاً أَوْ أَرْضًا مَوْقُوفَةً لِلزِّرَاعَةِ وَكَانَتِ الدَّارُ أَوِ الأْرْضُ لاَ تَسْتَوْعِبُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - إِلَى أَنَّ قِسْمَةَ أَعْيَانِ الْوَقْفِ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ لاَ تَجُوزُ، لأِنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لاَ مِلْكَ لَهُ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ عِنْدَ هَؤُلاَءِ الْفُقَهَاءِ إِنَّمَا حَقُّهُ فِي مَنْفَعَةِ الْمَوْقُوفِ، فَإِذَا جَازَتِ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّمَا تَجُوزُ فِي الْمَنَافِعِ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ يَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيلُ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا قَضَى قَاضٍ بِجَوَازِ وَقْفِ الْمُشَاعِ وَنَفَذَ قَضَاؤُهُ وَصَارَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُخْتَلِفَاتِ، فَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمُ الْقِسْمَةَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لاَ يُقَسَّمُ وَلَكِنْ يَتَهَايَئُونَ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ أَنَّ الْقِسْمَةَ بِطَرِيقِ التَّهَايُؤِ التَّنَاوُبُ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ كَمَا إِذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ أَرْضًا مَثَلاً بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَتَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذُ مِنَ الأْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ قِطْعَةً مُعَيَّنَةً يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ هَذِهِ السَّنَةَ، ثُمَّ فِي السَّنَةِ الأْخْرَى يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمْ قِطْعَةً غَيْرَهَا فَذَلِكَ سَائِغٌ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِلاَزِمٍ فَلَهُمْ إِبْطَالُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ بِقِسْمَةٍ، إِذِ الْقِسْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضٍ مِنَ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الدَّوَامِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَلاَ يَجُوزُ اسْتِدَامَةُ التَّهَايُؤِ لأِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي فِي طُولِ الزَّمَانِ إِلَى دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ أَوْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ.
وَبَيَّنَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ قِسْمَةَ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ قِسْمَةَ مِلْكٍ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لاَ تَجُوزُ، لأِنَّ حَقَّهُمْ لَيْسَ فِي الْعَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي جَوَازِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ قِسْمَةَ مُهَايَأَةٍ، فَقَدْ جَاءَ فِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ عَلَى الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: أَمَّا الْحَبْسُ (أَيِ الْوَقْفُ) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ قَسْمُ رِقَابِهِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا قِسْمَتُهُ لِلاِغْتِلاَلِ بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا كِرَاءَهُ شَهْرًا مَثَلاً وَالآْخَرُ كَذَلِكَ فَقِيلَ: يُقَسَّمُ وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى لِمَنْ طَلَبَ، وَيَنْفُذُ بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ يَحْصُلَ مَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ الْقِسْمَةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ يُوجِبُ التَّغْيِيرَ.
وَقِيلَ: لاَ يُقَسَّمُ بِحَالٍ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلاَمُ الإْمَامِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَقِيلَ: يُقَسَّمُ قِسْمَةَ اغْتِلاَلٍ بِتَرَاضِيهِمْ، فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمُ الْقِسْمَةَ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الْقَوْلَ الثَّالِثَ.
وَسَوَاءٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ قُسِّمَ قِسْمَةَ اغْتِلاَلٍ أَوْ قِسْمَةَ انْتِفَاعٍ بِأَنْ يَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالسُّكْنَى بِنَفْسِهِ أَوْ بِالزِّرَاعَةِ بِنَفْسِهِ مُدَّةً، وَإِنْ كَانَتِ الأْقْوَالُ الثَّلاَثَةُ إِنَّمَا هِيَ فِي قِسْمَةِ الاِغْتِلاَلِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ قِسْمَةَ الْوَقْفِ بَيْنَ أَرْبَابِهِ مُمْتَنِعَةٌ مُطْلَقًا، لأِنَّ فِيهِ تَغْيِيرًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلاَ مَانِعَ مِنْ مُهَايَأَةٍ رَضُوا بِهَا كُلُّهُمْ إِذْ لاَ تَغْيِيرَ فِيهَا لِعَدَمِ لُزُومِهَا .
وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ أَجَازُوا قِسْمَةَ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إِلاَّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَقَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ مُنْتَهَى الإْرَادَاتِ: يَصِحُّ قَسْمُ مَوْقُوفٍ وَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ، قَالَ عَنْ شَيْخِهِ تَقِيِّ الدِّينِ: صَرَّحَ الأْصْحَابُ بِأَنَّ الْوَقْفَ إِنَّمَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ إِذَا كَانَ عَلَى جِهَتَيْنِ، فَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلاَ تُقَسَّمُ عَيْنُهُ قِسْمَةً لاَزِمَةً اتِّفَاقًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، لَكِنْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ بِلاَ مُنَاقَلَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنِ الأْصْحَابِ وَجْهٌ، يَعْنِي كَغَيْرِهِ مِنَ الْوُجُوهِ الْمَحْكِيَّةِ، قَالَ: وَظَاهِرُ كَلاَمِ الأْصْحَابِ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْوَقْفِ عَلَى جِهَةٍ أَوْ جِهَتَيْنِ، وَفِي الْمَنْهَجِ: لُزُومُهَا إِذَا اقْتَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ الَّتِي يَقُولُ بِهَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِنَّمَا تَكُونُ إِذَا كَانَتْ عَلَى قَوْمٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ لاَ يُحَاطُ بِهِمْ كَالْفُقَرَاءِ فَإِنَّ النَّاظِرَ يُعْطِي مِنَ الْغَلَّةِ بِالاِجْتِهَادِ.
قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُفَضِّلُ النَّاظِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالَ الْفُقَرَاءَ بِالاِجْتِهَادِ فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى .
___________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 571 )
للناظر ولاية إجارة الوقف فلا يملكها الموقوف عليه الا اذا كان متولياً من قبل الواقف أو مأذوناً ممن له ولاية الإجارة من ناظر أو قاض.
( مادة 572 )
ولاية قبض الأجرة للناظرلا للموقوف عليه إلا إن أذن له الناظر يقبضها.
( مادة 573 )
يراعی شرط الواقف في إجارة وقفه فان عين الواقف مدة الاجارة اتبع شرطه وليس للمتولى مخالفته .