وتنص المادة 761 من التقنين المدني على ما يأتي :
"إذا خفض التأمين ، فلا يجوز أن ينزل عن الحدود الآتية" :
"(أ) في العقود المبرمة مدى الحياة لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض عن القيمة التي كان يستحقها المؤمن له لو كان قد دفع ما يعادل إحتياطي التأمين في تاريخ التخفيض مخصوماً منه 1% من مبلغ التأمين الأصلي ، بإعتبار أن هذا المبلغ هو مقابل التأمين الذي يجب دفعه مرة واحدة في تأمين من ذلك النوع وطبقاً لتعريفه التأمين التي كانت مرعية في عقد التأمين الأصلي" .
(ب) في العقود المتفق فيها على دفع مبلغ التأمين بعد عدد معين من السنين ، لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض عن جزء من مبلغ التأمين الأصلي بنسبة ما دفع من أقساط ".
تميز المادة 761 مدني ، كما رأينا بين فرضين :
(الفرض الأول) : أن يكون عقد التأمين مبرماً مدى الحياة ، كما في التأمين العمري على أن تدفع الأقساط مادام المؤمن له حياً فإذا أمن شخص على حياته لمصلحة أولاده ودفع ثلاثة أقساط سنوية على الأقل، وتوقف بعد ذلك عن دفع الأقساط ، جاز له تخفيض التأمين كما قدمنا ولما كان عدد الأقساط السنوية التي كان يجب دفعها إلى نهاية عقد التأمين هنا غير معروفة، لأن مدة التأمين تستغرق مدى الحياة ولا يعرف متى يموت المؤمن له ، فإن المادة 761 (أ) مدني تنص في هذا الفرض كما رأينا على أنه لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض عن القيمة التي كان يستحقها المؤمن له لو كان قد دفع ما يعادل إحتياطي التأمين في تاريخ التخفيض مخصوماً منه 1% من مبلغ التأمين الأصلي ، بإعتبار أن هذا المبلغ هو مقابل التأمين الذي يجب دفعه مرة واحدة في تأمين من ذلك النوع وطبقاً لتعريفة التأمين التي كانت مرعية في عقد التأمين الأصلي" فلو كان مبلغ التأمين الأصلي 3000 جنيه ، وكان القسط 180 جنيهاً ، ودفع المؤمن له خمسة أقساط سنوية نتج عنها إحتياطي حسابي يبلغ 730 جنيهاً ما يعادل 1% من مبلغ التأمين الأصلي في مقابل مصروفات إدارة العقد إلى نهاية مدته ولمواجهة ما نجم عن نقص عدد المؤمن لهم الذين يستمرون في دفع الأقساط فيكون المبلغ الواجب خصمه هو 30 جنيهاً يخصم من 730 جنيهاً ، فيبقى 700 جنيه، ويعتبر هذا المبلغ أي 700 جنيه هو القسط الوحيد المدفوع في تأمين مبرم مدى الحياة أي من نفس النوع ، وطبقاً لتعريفة التأمين التي كانت مرعية وقت إبرام عقد التأمين ، وعلى هذا الأساس يحسب مبلغ التأمين المخفض ولا يمكن الاعتراض على هذه الطريقة ، فإن القسط الوحيد للتأمين المخفض قد دفعه المؤمن له فعلاً ممثلاً في احتياطية الحسابي بعد خصم 1% من مبلغ التأمين الأصلي ، فلو أنه تعاقد منذ البداية مع المؤمن على هذا الأساس ودفع هذا القسط الوحيد ، لوصل إلى نفس هذه النتيجة .
(الفرض الثاني) : أن يكون عقد التأمين متفقاً فيه على دفع مبلغ التأمين بعد عدد معين من السنين ، كما في التأمين المختلط حيث يتفق مثلاً على أن يدفع مبلغ التأمين للمؤمن له إذا بقي حياً بعد إنقضاء عشرين سنة فإن مات قبل ذلك دفع مبلغ التأمين لورثته ففي هذا الفرض قد عرف مقدماً عدد الأقساط الواجب دفعها ، وهو في المثل المتقدم عشرون قسطاً وتنص المادة 161 ( ب ) مدني في هذا الفرض ، كما رأينا ، على أنه "لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض عن جزء من مبلغ التأمين الأصلي بنسبة ما دفع من أقساط" ذلك أنه قد عرفت نسبة ما دفع المؤمن له من الأقساط إلى ما كان يجب دفعه، فيخفض بداهة مبلغ التأمين الأصلي بهذه النسبة فلو أن مبلغ التأمين الأصلي 3000 جنيه ، ودفع المؤمن له خمسة أقساط سنوية من العشرين قسطاً الواجب دفعها ثم توقف عن الدفع ، فإن مبلغ التأمين يخفض إلى الربع ، فيكون 750 جنيهاً بدلاً من 3000 جنيه .
وتبقى بعد ذلك ملاحظتان : (1) تقول المادة 761 مدني في صدرها كما رأينا : "إذا خفض التأمين ، فلا يجوز أن ينزل عن الحدود الآتية" : فلا يجوز إذن أن يتفق الطرفان على تخفيض مبلغ التأمين الأصلي إلى أقل مما قدمناه ، ولا على زيادة الـ 1% الذي يخصم من مبلغ التأمين الأصلي ولكن يجوز الإتفاق على أن يكون مبلغ التأمين المخفض أكبر مما قدمناه ، وعلى إنزال الـ1% إلى نصف في المائة مثلاً ، لأن هذا كله في مصلحة المؤمن له .
(2) رأينا أنه يجب أن تذكر في وثيقة التأمين على الحياة شروط التخفيض والتصفية باعتبارها جزءًا من الشروط العامة للتأمين وقد نصت المادة 763 مدني في هذا الصدد على أن "تعتبر شروط التخفيض والتصفية جزءاً من الشروط العامة للتأمين ، ويجب أن تذكر في وثيقة التأمين" وتقتصر وثائق التأمين عادة على نقل نص القانون في هذا الشأن ، مع إيراد أمثلة توضح النص .
أثر إجراء التخفيض : ويجرى التخفيض بحكم القانون ، بمجرد إعذار المؤمن له بدفع القسط المتأخر وإنقضاء المدة القانونية ( ثلاثين يوماً ) على الإعذار فإذا كانت شروط التخفيض متوافرة ، أجري التخفيض دون حاجة إلى طلب بذلك يتقدم به المؤمن له ، ودون حاجة إلى اتفاق جديد بين الطرفين أو وثيقة تأمين جديدة .
ولا يعتبر التخفيض عقد تأمين جديد حل محل عقد التأمين الأصلي وأن هذا العقد قد جدد ، وذلك بالرغم من العبارة التي وردت في الفقرة الأولى من المادة 741 مدني فقد رأينا النص يقول : "أن يستبدل بالوثيقة الأصلية وثيقة مدفوعة" ، فلس هناك تجديد للعقد الأصلي ، بل إن العقد الأصلي باقٍ كما هو بنفس شروطه وبنفس مدته وعلى أساس نفس تعريفة الأقساط المعمول بها وقت إبرامه ، ولم يتغير في العقد الأصلي إلا شيء واحد هو أن مبلغ التأمين قد خفض على النحو الذي سبق بيانه. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع ، المجلد : الثاني ، الصفحة : 1888)
إذا كان التأمين لمدى الحياة فإن الأقساط التي تدفع لا تكون محددة اذ يظل دفعها حتى تقع الوفاة، في احتساب التأمين المخفض هنا يجب أولاً تحديد إحتیاطی التأمين ثم يخصم منه 1% من قيمة مبلغ التأمين الأصلي ويظل الباقي لدى الشركة كقسط مدفوع وحيد وعلى أساسه بحسب مبلغ التأمين الخفض وفقاً لتعريفة التأمين التي كانت مرعية في عقد التأمين الأصلى.
أما أن كان التأمين لمدة محددة كما في التأمين المختلط وهو الذي يؤمن فيه الشخص ويشترط استحقاق ورثته في مبلغ التأمين إذا توفي خلال مدة محددة فإن لم يمت استحق هو مبلغ التأمين، إذ يمكن معرفة عدد الأقساط التي سوف تدفع كعشرين قسطاً مثلاً، فإذا كان المؤمن له دفع خمسة أقساط سنوية ثم توقف فإن مبلغ التأمين يخفض إلى ربع مبلغ التأمين الأصلي.
ويحدد مبلغ التأمين المخفض في الحالات السابقة كحد أدنى ومن ثم يجوز أن يجاوز ذلك وأن تقل نسبة الخصم عن 1% وفقاً للمادة 753، ويجب أن تتضمن وثيقة التأمين على الحياة شروط التخفيض والتصفية باعتبارها شروط عامة للتأمين م 763 .
ويتم التخفيض بحكم القانون إذا ما تأخر المؤمن له في الوفاء بالقسط وأعذر وانقضت المدة القانونية 30 يوماً على الأعذار، ولا يعتبر التخفيض عقداً جديداً - على خلاف في الرأي - فيظل العقد الأصلي كما هو بشروطه ومدته فيما عدا مبلغ التأمين فيصبح هو المبلغ المخفض .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 613)
طريقة حساب تخفيض التأمين
يتعين في بيان طريقة حساب تخفيض التأمين، التفرقة بين حالتين :
1 - العقود المبرمة مدى الحياة.
2 - العقود المتفق فيها على دفع مبلغ التأمين بعد مرور عدد معين من السنين.
الحالة الأولى :
العقود المبرمة مدى الحياة :
وهي العقود التي يلتزم المؤمن له بسداد أقساطها ما دام حياً مثل التأمين العمري لحالة الوفاة.
وفي هذه العقود"لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض عن القيمة التي كان يستحقها المؤمن له لو كان قد دفع ما يعادل إحتياطي التأمين في تاريخ التخفيض مخصوماً منه 1 % من مبلغ التأمين الأصلي، بإعتبار أن هذا المبلغ هو مقابل التأمين الذي يجب دفعه مرة واحدة في تأمين من ذلك النوع، وطبقاً لتعريفة التأمين التي كانت مرعية في عقد التأمين الأصلي".
ويضع المشرع بذلك حداً أدني لا يجوز النزول عنه عند حساب المبلغ المخفض الذي يستحقه المؤمن له، فيعطى المؤمن له الحق في الحصول على مقدار إحتياطية الحسابي منقوصاً منه مبلغاً يساوي 1% من مبلغ التأمين الأصلي، وتعادل هذه النسبة مقدار ما تكبده المؤمن من مصروفات للتعاقد واضطراب في حساباته ، وما سيتكبده من مصروفات إدارية للقيام بعملية التخفيض.
وقد اعتبر المشرع هذا المبلغ المخفض مساوياً للمبلغ الذي سيحصل عليه المؤمن له، إذا كان قد أبرم وثيقة تأمين من نفس نوع الوثيقة الأصلية نظير قسط واحد وطبقاً الذات التعريفة التي كانت مرعية عند التعاقد الأصلي.
ويلاحظ إمكان الاتفاق على تخفيض نسبة إلى 1% أو إلغائها لأن هذا الإتفاق في مصلحة المؤمن و لتوضيح المعنى السابق، نضرب المثال الآتي :
إذا كان مبلغ التأمين الأصلى (ألف جنيه) والقسط السنوى (مائة جنيه) وطلب المؤمن إجراء التخفيض بعد دفعه ثلاثة أقساط سنوية قيمتها (ثلاثمائة جنيه) بلغ احتياطيها الحسابی مبلغاً قدره (مائتا جنيه)، فإن مبلغ التأمين يحسب على الوجه الآتي:
(1) طريقة الحساب : مبلغ الاحتياطي الحسابي 1% من مبلغ التأمين الأصلي = مبلغ التأمين المخفض.
(2) التطبيق : 200 - 100 (.... × 1/100 = مائة جنيه).
الحالة الثانية :
العقود المتفق فيها على دفع مبلغ التأمين بعد مرور عدد معين من السنين لا يجوز أن يقل مبلغ التأمين المخفض في هذه الحالة عن جزء من مبلغ التأمين الأصلي بنسبة ما دفع من أقساط .
فإذا كان المؤمن له قد سداد ثلاثة أقساط من ثلاثين قسطاً كانت واجبة الدفع واستمر في التعاقد، يستحق ……. من مبلغ التأمين الأصلى على الأقل وذلك على الوجه الآتي :
(1) طريقة الحساب : مبلغ التأمين الأصلي * عدد الأقساط المدفوعة
عدد الأقساط المستحقة = مبلغ التأمين المخفض.
(2) التطبيق : 1500 × 1/100 = 150 جنيهاً .
أثر إجراء التخفيض :
الرأي السائد أن التخفيض لا يتضمن تجديداً للعقد، بل إن العقد القديم يظل مستمراً، فالتخفيض يتم دون طلب من المستأمن بمجرد توقفه عن دفع الأقساط دون حاجة إلى إتفاق جديد وهو يستمر بنفس شروطه الأولى بما فيها مدة العقد وكل ما يؤدي إليه التخفيض هو إنقاص مبلغ التأمين، الذي يظل واجب الدفع وفقاً للشروط الواردة في وثيقة التأمين.
كما أن تعريفة التأمين التي تسري على العقد المخفض هي نفس التعريفة التي كان معمولاً بها وقت إبرام العقد وهذا كله يدل على أن التخفيض لا ينشئ عقداً جديداً.
ويترتب على ذلك عدم لزوم تحرير إتفاق جديد بالتخفيض أو كتابة وثيقة جديدة، أو حتى عمل ملحق للوثيقة الأصلية. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر ، الصفحة : 227)