1- متى كان البيان - الخاص بالمرض - فى وثيقة التأمين قد جعله المؤمن محل سؤال محدد مكتوب فإنه يعتبر جوهريا فى نظره ولازما لتقدير الخطر المؤمن منه فإذا أقر المؤمن له بعدم سبق إصابته بمرض الكلى مع ثبوت إصابته به وعلمه بذلك - على ما سجله الحكم المطعون فيه - فإن هذا الإقرار من شأنه أن ينتقص من تقدير الشركة المؤمنة لجسامة الخطر المؤمن منه ، ومن ثم فإذا لم يعمل الحكم الشرط الوارد فى عقد التأمين والذى مقتضاه بطلان العقد وسقوط حق المؤمن له فى مبلغ التأمين فى حالة إدلائه ببيانات خاطئة فى إقرارته الواردة فى طلب التأمين والتى أبرم التأمين على أساسها وهو شرط جائز قانوناً وواجب الإعمال حتى ولو لم يكن للبيان الكاذب دخل فى وقوع الخطر المؤمن منه فإن الحكم يكون قد خالف القانون بمخالفة شروط العقد مما يستوجب نقضه ، ولا يبرئه من هذه المخالفة ما قاله من أن مرض الكلى الذى أصاب المؤمن له ليس مما يخشى منه سوء العاقبة وأنه كان مرضا عارضا وكان المؤمن له قد شفى منه وقت إبرام عقد التأمين إذ أن ذلك بفرض صحته لم يكن ليعفى المؤمن له من واجب ذكر هذا المرض فى إقرارته الواردة فى طلب التأمين مادام أن ذلك كان محل سؤال محدد مكتوب .
(الطعن رقم 156 لسنة 34 جلسة 1967/11/30 س 18 ع 4 ص 1773 ق 269)
تنص المادة 764 من التقنين المدني على ما يأتي :
"1- لا يترتب على البيانات الخاطئة ولا على الغلط في سن الشخص الذي عقد التأمين على حياته بطلان التأمين ، إلا إذا كانت السن الحقيقية للمؤمن عليه تجاوز الحد المعين الذي نصت عليه تعريفة التأمين".
"2- وفي غير ذلك من الأحوال ، إذا ترتب على البيانات الخاطئة أو الغلط أن القسط المتفق عليه أقل من القسط الذي كان يجب أداؤه ، وجب تخفيض مبلغ التأمين بما يتعادل مع النسبة بين القسط المتفق عليه والقسط الواجب أداؤه على أساس السن الحقيقية" .
"3- أما إذا كان القسط المتفق على دفعه أكبر مما كان يجب دفعه على أساس السن الحقيقية للمؤمن على حياته ، وجب على المؤمن أن يرد دون فوائد الزيادة التي حصل عليها ، وأن يخفض الأقساط التالية إلى الحد الذي يتناسب مع السن الحقيقية للمؤمن عليه".
وقد قدمنا ، عند الكلام في الجزاء على الإخلال بإلتزام تقديم البيانات اللازمة في التأمين بوجه عام ، أن المؤمن له إذا كان سيء النية وكتم أمراً أو قدم بياناً كاذباً ، بحيث ترتب على ذلك أن تغير موضوع الخطر أو قلت أهميته في نظر المؤمن ، كان عقد التأمين باطلاً ، وتقاضى المؤمن تعويضاً من المؤمن له لما ارتكبه من الغش . أما إذا لم يستطع المؤمن أن يثبت سوء نية المؤمن له ، فإذا انكشفت الحقيقة قبل تحقق الخطر ، جاز للمؤمن أن يطلب إبطال العقد ولكن دون تعويض ، ويستطيع المؤمن له أن يدرأ طلب الإبطال إذا هو قبل زيادة في القسط إذا لم تظهر الحقيقة إلا بعد تحقق الخطر ، فإذا المؤمن لا يدفع من مبلغ التأمين إلا بنسبة القسط المدفوع إلى القسط الواجب الدفع وقد يوجد شرط بمنع النزاع يقضي بأنه لا يجوز للمؤمن أن ينازع في صحة البيانات التي أدلى بها المؤمن له ، وفي هذه الحالة يمتنع على المؤمن التمسك بعدم صحة البيانات بشرط أن يكون المؤمن له حسن النية ، وعند ذلك لا يجوز للمؤمن لا إبطال العقد قبل تحقق الخطر ، ولا إنقاص مبلغ التأمين بعد تحققه.
وتسري كل هذه الأحكام على عقد التأمين على الحياة سريانها على عقود التأمين الأخرى ، فيما عدا إستثناء واحداً يقوم في الحالة التي يقدم فيها المؤمن له بياناً خاطئاً عنه سنه ففي هذه الحالة وحدها يجب التمييز بين فرضين :
(الفرض الأول ) إذا قرر المؤمن له لنفسه سناً أقل من سنه الحقيقية ، وكانت سنه الحقيقية تجاوز الحد المعين الذي نصت عليه تعريفة التأمين، مثل ذلك أن يكون حد السن المقرر في تعريفة التأمين هو خمس وستون سنة ، وكانت سن المؤمن له ستاً وستين ولكنه قرر أن سنه خمس وستون ففي هذا الفرض ، سواء كان المؤمن له سيء النية أو حسن النية ، يكون عقد التأمين باطلاً ، إذ لا يمكن إبرام هذا العقد مع مجاوزة سن المؤمن له الحد المقرر ومن ثم لا يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين إذا تحقق الخطر ، ويجب عليه رد الأقساط المدفوعة للمؤمن له حتى لو كان هذا سيء النية ، ولكن يجوز للمؤمن أن يطالب المؤمن له سيء النية بالتعويض .
(الفرض الثاني) أن تكون سن المؤمن له لا تجاوز الحد المعين الذي نصت عليه تعريفة التأمين وفي هذا الفرض يكون عقد التأمين صحيحاً ولا يجوز إبطاله ، وذلك سواء كان المؤمن له عندما قرر لنفسه سناً غير السن الحقيقية حسن النية أو سيئها وكل ما يترتب على الغلط في السن هو تعديل العقد بحيث يصبح متمشياً مع السن الحقيقية .
فإذا كانت سن المؤمن له 50 سنة فكان الواجب أن يدفع قسطاً سنوياً مقداره 125 جنيهاً ليتقاضى مبلغ تأمين مقداره 2500 جنيه ، ولكنه قرر أن سنه 45 سنة ليتقاضى نفس مبلغ التأمين في مقابل قسط سنوي مقداره 100 جنيه فقط ، وانكشف الغلط سواء كان هذا الغلط بحسن نية أو بسوء نية ، فإن مبلغ التأمين يخفض بنسبة القسط المدفوع وهو 100 إلى القسط الواجب الدفع وهو 125 ، أي بنسبة 4/5 ، فيكون 2000 بدلاً من 2500 .
وإذا قرر المؤمن له ، في نفس المثل السابق ، أن سنه 55 سنة بدلاً من 50 سنة وهي سنه الحقيقية ، فدفع قسطاً سنوياً مقداره 150 جنيهاً بدلاً من 125 جنيهاً وهو مقدار القسط الذي كان عليه أن يدفعه بالنسبة إلى سنة الحقيقية طبقاً لتعريفة التأمين المعمول بها وقت إبرام العقد ، فإن مبلغ التأمين لا يزيد ، ولكن القسط هو الذي يخفض إلى 125 بدلاً من 150، فإذا كان المؤمن له قد ظل يدفع القسط المتفق عليه مدة ثلاث سنوات مثلاً ثم انكشف الغلط ، وجب على المؤمن أن يرد إليه الزيادة في الأقساط التي دفعها في مدة الثلاث سنوات دون فوائد فيرد 75 جنيهاً لأن زيادة القسط قد بلغت 25 جنيهاً في السنة ، ثم يخفض القسط بعد ذلك في السنوات التالية من 150 إلى 125 جنيهاً .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع ، المجلد : الثاني ، الصفحة : 1862)
" إذا أخفي المؤمن له امراً عند تقديم طلب التأمين أو قدم بياناً كاذباً، مما يؤدي إلى التهوين من الخطر فإن كان المؤمن له سيء النية بطل العقد مع تعويض المؤمن ويكفي تعويض الحرمان من إسترداد الأقساط إذا كانت مناسبة أما اذا لم يثبت سوء النية وعلمت حقيقة الخطر قبل وقوعه جاز للمؤمن إبطال العقد دون تعويض إلا إذا قبل المؤمن له زيادة القسط، فإن علمت الحقيقة بعد وقوع الخطر فلا يدفع المؤمن من مبلغ التأمين إلا بنسبة القسط المدفوع إلى القسط الذي كان يجب دفعه إذا أدليت البيانات بصدق ما لم يوجد شرط بمنع النزاع، وكان المؤمن له حسن النية وهنا لا يجوز للمؤمن إبطال العقد أو إنقاص مبلغ التأمين بعد استحقاقه وتسرى هذه الأحكام في جميع عقود التأمين ويوجد استثناء واحد في حالة التأمين على الحياة إذا ما قرر المؤمن له أن سنه لا يجاوز الحد المعين الذي أوضحته تعريفة التأمين (60 سنة)، ثم تبين بعد العقد أن سنه يجاوز هذا الحد، وهنا بطل العقد، ويعيد المؤمن الأقساط، وإذا تحقق الخطر لا يدفع مبلغ التأمين ولكنه يرجع بالتعويض إذا كان المؤمن له سيء النية، أما إن كانت السن لا تجاوز الحد الموضح بتعريفة التأمين، كان العقد صحيحاً ولكن يعدل بما يتناسب مع السن الحقيقية زيادة أو نقصاً من حيث مبلغ التأمين .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 618)
يلتزم المستأمن - كما في أنواع التأمين الأخرى - بأن يدلى للمؤمن بجميع البيانات الخاصة بالخطر، حتى يستطيع هذا الأخير أن يأخذ فكرة حقيقية عنه، ويقدر ما إذا كان سيقبل التأمين، وما هو القسط المقابل لذلك الخطر.
ونظراً لأن التأمين يرد على حياة الشخص، فإن هذه الإقرارات لها أهمية كبرى ذلك أن المؤمن لا يقبل عادة التأمين على حياة الأشخاص المصابين بأمراض خطيرة، لأن هذه تعتبر مخاطر غير عادية بالنسبة للتعريفة العادية للتأمين.
ولما كان في وسع طالب التأمين عدم كتابة بعض البيانات الهامة، أو الإدلاء ببيانات خاطئة، جرت عادة شركات التأمين على وضع أسئلة مفصلة يجب أن يجيب عليها طالب التأمين في صدق وإخلاص .
وهذه البيانات تتغير بحسب نوع التأمين. فإذا كان التأمين لحال الحياة فإنه يكفي بیان سن المستأمن وقت إبرام التأمين، لأن حالة المؤمن على حياته الصحية لا تعتبر بياناً هاماً بالنسبة للمؤمن، بل إن هذا الأخير له مصلحة في وفاة المؤمن على حياته.
وعلى العكس إذا تعلق الأمر بتأمين من الوفاة، إذ تكون للمؤمن مصلحة هامة في بقاء المؤمن على حياته على قيد الحياة، ولذلك فلا يكفي المؤمن أن يعلم فقط البيانات الخاصة بسنه، وإنما يهمه أن يعرف الحالة الصحية للمؤمن على حياته، سواء في الحاضر أم في الماضي، كما يهمه أن يعرف من هم الذين سيفيدون من هذا التأمين، وما إذا كان هناك تأمينات أخرى، وبأي مبالغ، وعما إذا قد طلب تأميناً آخر ورفض لدى شركة أخرى وسبب هذا الرفض .
لا يترتب على الإدلاء ببيانات كاذبة عن سن المؤمن على حياته نفس الجزاء الذي يترتب على الكذب في البيانات الأخرى المتعلقة بالخطر.
وتفرق المادة (764) في بيان هذا الجزاء بين ما إذا كان سن المؤمن على حياته تجاوز الحد المعين لإبرام عقود التأمين على الحياة وفقاً لتعريفة الشركة المؤمنة وقت إبرام التأمين، وبين ما إذا كان سن المؤمن على حياته لا يتجاوز هذا الحد ففي الحالة الأولى يؤدى الخطأ في السن إلى بطلان التأمين، سواء كان المؤمن له حسن النية أو سيئها لأن المؤمن ما كان ليبرم عقد التأمين لو علم بالسن الحقيقية للمؤمن على حياته، وفي هذه الحالة ترد الأقساط المدفوعة كلها حتى في حالة سوء نية المستأمن.
أما في الأحوال الأخرى، حيث تكون سن المؤمن على حياته داخل حدود تعريفة التأمين فلا يبطل العقد فإذا كان القسط المحدد أقل من القسط الذي كان يجب دفعه إذا كانت السن قد أعلنت على حقيقتها، فإن مبلغ التأمين ينقص بنسبة تعادل الفرق بين القسط المدفوع والقسط الذي كان يجب دفعه فعلاً ويستوي في ذلك أن يكون المؤمن له حسن النية أو سيئها.
فإذا حدث العكس بأن كان القسط المحصل أكثر من القسط الذي كان يجب دفعه مقابل السن الحقيقية فإن المبالغ المحصلة بالزيادة ترد إلى المؤمن له دون احتساب فوائد عليها، وتخفض الأقساط التالية إلى الحد الذي يتناسب مع السن الحقيقية للمؤمن عليه.
ورغم وجود هذا النص فإن وثائق التأمين تتضمن عادة
شرط عدم المنازعة في الوثيقة :
يستطيع المستأمن أن ينجو من الجزاء الذي يترتب على الإدلاء ببيانات خاطئة إذا تضمنت الوثيقة ما يسمى بشرط عدم المنازعة، إذ بموجب هذا الشرط يتنازل المؤمن عن التمسك بالجزاء الذي يترتب على ذلك ويأخذ هذا الشرط عادة الصورة الآتية :
"إذا استمرت البوليصة سارية المفعول في حياة المؤمن عليه مدة سنتين من تاريخ إصدارها، فلا تجوز المنازعة فيها بحجة إخفاء معلومات أو إعطاء بيانات خاطئة في طلب التأمين أو في المستندات، الأخرى متى ارتكب ذلك بحسن نية على أنه إذا ثبت سوء النية ولو بعد السنتين سالفتي الذكر، حتى مع انعدام التصرفات المنطوية على الغش، يصبح التأمين باطلاً وجميع الأقساط المدفوعة حقاً مكتسباً للشركة بصفة تعويض كشرط جزائي صریح".
وواضح أن فائدة هذا الشرط لا تتحقق إلا بعد مضي سنتين من بدء التأمين، كما أن المستأمن لا يستطيع أن يتمسك به إلا إذا كان حسن النية أما إذا كان المستأمن قد أدلى ببيانات خاطئة أو كتم عمداً هذه البيانات فإنه يكون سئ النية، ولا يستطيع أن يتمسك بشرط عدم المنازعة في الوثيقة، بل إن التأمين يكون باطلاً ، ويحق للشركة أن تحتفظ بالأقساط المدفوعة على سبيل التعويض . (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر ، الصفحة : 248)