1- خطأ الغير المسئول عن وقوع الحادث ليس هو السبب المباشر لإلتزام المؤمن بدفع قيمة التأمين للمؤمن له المضرور من هذا الحادث ، وإنما سبب هذا الإلتزام هو عقد التأمين ذاته فلولا قيام ذلك العقد لما إلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين رغم وقوع الحادث . وينبنى على ذلك أنه ليس للمؤمن أن يدعى بأن ضرراً قد حاق به من جراء وفائه بمبلغ التأمين إذ أن هذا الوفاء من جانبه لم يكن إلا تنفيذاً لإلتزامه التعاقدى تجاه المؤمن له مقابل الأقساط التى يؤديها له الأخير ، وتنفيذ الإلتزام لايصح إعتباره ضرراً لحق بالملتزم وإذا كان الحادث الذى تسبب الغير فى وقوعه هو الذى يجعل مبلغ التأمين مستحقاً فإن عقد التأمين يقوم على أساس إحتمال تحقق الخطر المؤمن منه فى أى وقت وقد كان هذا الإحتمال محل إعتبار المؤمن عند التعاقد . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مؤسساً حق شركة التأمين فى الرجوع على المسئول عن الضرر بما دفعته للمؤمن له على أساس من المسئولية التقصيرية وتوافر رابطة السببية بين الضرر ووقوع الحادث ، ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه .
(الطعن رقم 218 لسنة 27 جلسة 1962/12/20 س 13 ع 2 ص 1166 ق 185)
2- لا محل لتأسيس حق الشركة المؤمنة فى الرجوع على الغير المسئول عن الحادث على أساس الحلول ذلك أن رجوع المؤمن على المدين بدعوى الحلول يقتضى أن يكون المؤمن قد وفى الدائن بالدين المترتب فى ذمة المدين لا بدين مترتب فى ذمته هو مما لا يتحقق بالنسبة لشركة التأمين إذ أن وفاءها بمبلغ التأمين يستند إلى الإلتزام المترتب فى ذمتها للمؤمن له بموجب عقد التأمين .
(الطعن رقم 218 لسنة 27 جلسة 1962/12/20 س 13 ع 2 ص 1166 ق 185)
عدم حلول المؤمن محل المؤمن له في الرجوع على المسئول- نص قانوني : وتفريعاً على مبدأ الجمع بين مبلغ التأمين والتعويض، يجب القول بأن المؤمن لا يحل محل المؤمن له في الرجوع على المسئول، ففي المثل المتقدم، بعد أن تقرر أن المؤمن له يرجع على المسئول بالتعويض ويجمع بين التعويض ومبلغ التأمين، لم يعد هناك مجال لأن يحل المؤمن محله في الرجوع على المسئول، فقد رجع هو على المسئول، فإن ذلك يؤدي إلى الرجوع على المسئول مرتين بخطأ واحد، وهذا لا يجوز، لذلك يكون الرجوع على المسئول للمؤمن له وحده، ولا يحل المؤمن محله في هذا الرجوع، وقد أكدت المادة 765 مدني هذا المبدأ في التأمين على الحياة إذ تقول : في التأمين على الحياة ، لا يكون للمؤمن الذي دفع مبلغ التأمين حق في الحلول محل المؤمن له أو المستفيد في حقوقه قبل من تسبب في الحادث المؤمن منه أو قبل المسئول عن هذا الحادث.
ولما كان هذا النص من النظام العام، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفه ضد مصلحة المؤمن له، فإن النص يرحم، ليس فحسب أن يحل المؤمن محل المؤمن له حلولاً قانونياً، بل أيضاً أن يحل محله حلولاً اتفاقاً، فلا يجوز أن يتفق المؤمن مع المؤمن له، بعد وقوع الحادث المؤمن منه، أن يحل الأول محل الثاني في الرجوع على المسئول، كذلك لا يجوز للمؤمن له، لا في وثيقة التأمين ولا بعد ذلك ولو بعد وقوع الحادث المؤمن منه، أن ينزل للمؤمن عن دعواه قبل المسئول، فإن النزول عن الدعوى أبلغ من الحلول، فهو يمكن المؤمن من الرجوع على المسئول قبل أن يوفي مبلغ التأمين للمؤمن له، في حين أن الحلول لا يمكنه من الرجوع إلا بعد أن يوفى مبلغ التأمين، فإذا لم يجز الاتفاق على الحلول ، لم يجز من باب أولى الاتفاق على النزول.
وإذا كان المؤمن لا يجوز له الرجوع على المسئول لا بدعوى الحلول ولا بدعوى النزول، فإنه لا يجوز له أيضاً الرجوع على المسئول بدعوى شخصية من جانبه هو على أساس أن المسئول قد ألحق به الضرر يجعله ملزماً بدفع مبلغ التأمين للمؤمن له، ذلك أن المسئول لم يلحق به ضرراً ما، وإذا كان المؤمن قد أصبح ملتزماً بدفع مبلغ التأمين، فإن هذا الالتزام ناشئ من عقد التأمين، وقد تقاضى المؤمن أقساط التأمين من المؤمن له في مقابل هذا الالتزام، فلو أجزنا للمؤمن الرجوع على المسئول الأثري على حسابه دون سبب ، ولدفع له المسئول تعويضاً دون أن يرتكب خطأ نحوه.
ولا يجد أمام المؤمن إلا وسيلة واحدة يستطيع بها، دون أن يرجع هو على المسئول، أن يمنع المؤمن له من الجمع بين التعويض ومبلغ التأمين، أي من الرجوع على المسئول والمؤمن في وقت واحد، وهذه الوسيلة هي أن يستبعد في وثيقة التأمين من نطاق الخطر المؤمن منه كل حادث يتسبب فيه الغير بخطأه، وهو إذا كان بذلك لا يمنع المؤمن له من الرجوع على المسئول بالتعويض، فإنه يمنعه من الرجوع عليه هو بمبلغ التأمين، ومن ثم لا يجمع المؤمن له بين المبلغين.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع المجلد/ الثاني الصفحة/ 1788)
في حالة التأمين على الأشخاص يكون للمؤمن له الجمع بين التعويض الذي يستحق له من المسئول عن الضرر وبين مبلغ التأمين ومن ثم فلا يجوز للمؤمن أن يرجع على المسئول ولو كان هناك اتفاق يجيز هذا الرجوع إذ فيه إضرار بمصلحة المؤمن له بحرمانه من التعويض ومن ثم يقع هذا الاتفاق باطلاً لمخالفته للنظام العام إذ تعتبر نصوص التأمين التي في صالح المؤمن له من النظام العام، كذلك لا يجوز الاتفاق، ولو بعد وقوع الحادث، على أن ينزل المؤمن له عن دعواه للمؤمن ولا أن يحل الأخير محل المؤمن له.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ العاشر الصفحة/ 621)
أن التأمين على الحياة ليس له صفة تعويضية، وأنه يترتب على ذلك أنه يجوز للمؤمن له أو المستفيد أن يجمع بين التعويض ومبلغ التأمين، وعلى ذلك يكون الرجوع على من تسبب في الحادث أو على المسئول، للمؤمن له وحده أو المستفيد، ولا يحل المؤمن محلهما في هذا الرجوع، ذلك أنه لو أجيز أن يحل المؤمن محل المؤمن له أو المستفيد، وأجيز في الوقت ذاته للمؤمن له أو المستفيد أن يرجع على من تسبب في الحادث أو على المسئول عن الحادث، فإن ذلك يؤدي إلى الرجوع على المسئول مرتين بخطأ واحد، وهذا لا يجوز.
ولما كان هذا النص من النظام العام، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفه ضد مصلحة المؤمن له أو المستفيد، فإن النص يحرم ليس فقط أن يحل المؤمن محل المؤمن له أو المستفيد حلولاً قانونياً، بل هو يحرم أيضاً أن يحل المؤمن محل المؤمن له أو المستفيد حلولاً اتفاقياً، فلا يجوز أن يتفق المؤمن مع المؤمن له أو المستفيد بعد وقوع الحادث المؤمن منه، على أن يحل محلهما في الرجوع على من تسبب في الحادث أو على المسئول من الحادث، كذلك لا يجوز للمؤمن له لا في وثيقة التأمين ولا بعد ذلك أن ينزل للمؤمن عن دعواه قبل من تسبب في الحادث أو المسئول عن الحادث لأن النزول عن الدعوى أبلغ من الحلول فهو يمكن المؤمن من الرجوع على من تسبب في الحادث أو المسئول عن الحادث قبل أن يوفى مبلغ التأمين للمؤمن له أو المستفيد في حين أن الحلول لا يمكنه من الرجوع إلا بعد أن يوفى مبلغ التأمين.
فما دام الاتفاق على الحلول غير جائز، فإن الاتفاق على النزول عن دعوى المؤمن له قبل المسئول للمؤمن يكون غير جائز من باب أولى.
وليس للمؤمن أن يدعي بأن ضرراً قد حاق به من جراء وفائه بمبلغ التأمين لكي يرجع على من تسبب في الحادث أو المسئول عنه، لأن هذا الوفاء من جانبه لم يكن إلا تنفيذاً لالتزامه التعاقدي تجاه المؤمن له مقابل الأقساط التي يؤديها له الأخير، وتنفيذ الالتزام لا يصح اعتباره ضرراً لحق بالملتزم.
غير أن ذلك لا يمنع من أن يستبعد المؤمن في وثيقة التأمين من نطاق الخطر المؤمن منه كل حادث يتسبب فيه الغير بخطئه، ويمنع المؤمن له بالتالي من الرجوع عليه بمبلغ التأمين. فلا يجمع المؤمن له بين المبلغين.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ العاشر الصفحة/ 254)