الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع ، المجلد : الثاني
تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1116 من المشروع التمهيدي من فقرات ثلاث ، الفقرة الأولى مطابقة لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد ، وتجري الفقرتان الأخريان على الوجه الآتي : 2- فإذا أعلنت هذه الحقوق إلى المؤمن بكتاب موصى عليه أو بأية وسيلة أخرى ، فلا يجوز له أن يدفع ما في ذمته للمؤمن عليه إلا برضاء الدائنين أو بتقديم ضمانات لهم يقبلونها . 3- فإذا حجز على الشيء المؤمن عليه أو وضع هذا الشيء تحت الحراسة ، فلا يجوز للمؤمن ، إذ أخطر بذلك في الوقت المناسب ، أن يدفع للمؤمن عليه شيئاً مما في ذمته" . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 827 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب تحت رقم 826 ، وفي لجنة مجلس الشيوخ عدلت الفقرة الثانية ، فاستعيض فيها عن عبارة "فإذا أعلنت هذه الحقوق إلى المؤمن بكتاب شمصوى عليه أو بأية وسيلة أخرى" بعبارة " فإذا شهرت هذه الحقوق أو أعلنت إلى المؤمن ولو بكتاب موصى عليه" ، للتفريق بين ما يشهر من الحقوق وفي صدده يكتفي بإجراء الشهر ، وبين ما لا يشهر فيكون الإعلان في شأنه واجباً على أن يكون مفهوماً أن الإعلان بكتاب موصى عليه يعتبر حداً أدنى في بيان كيفية الإعلان وحذفت اللجنة من هذه الفقرة عبارة " أو بتقديم ضمانات لهم يقبلونها " اكتفاء بعموم عبارة " إلا برضاء الدائنين " . وعدلت الفقرة الثالثة تعديلاً يتمشى مع ما أدخل من التعديل على الفقرة الثانية فأصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 770 ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلت لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 5 ص 401 - ص 404 ) .
1- من المقرر طبقاً للمادتين 1049، 1102/2 من القانون المدني أن هلاك الشيء المرهون يترتب عليه إنتقال حق الدائن المرتهن إلى ما حل محله من حقوق ليستوفي دينه منها فإذا كانت البضاعة المرهونة والمؤمن عليها قد احترقت وتقرر حق الدائن المرتهن فى مبلغ التأمين المستحق وكان مقتضى ذلك حلول مبلغ التأمين محل البضاعة المرهونة - فإنه ليس هناك محل لرجوع المدين الراهن على الدائن المرتهن وحسبه أن تجرى المحاسبة بينهما على أساس عقد القرض المضمون بالرهن وإذ قضى الحكم المطعون فيه مع ذلك بمسئولية الدائن المرتهن عن هلاك البضاعة المرهونة فإنه يكون قد خالف القانون.
(الطعن رقم 51 لسنة 31 جلسة 1965/12/28 س 16 ع 3 ص 1347 ق 211)
تنص المادة 770 من التقنين المدني على ما يأتي :
"1- إذا كان الشيء المؤمن عليه مثقلاً برهن حيازي أو رهن تأميني أو غير ذلك من التأمينات العينية ، انتقلت هذه الحقوق إلى التعويض المستحق للمدين بمقتضى عقد التأمين" .
"2- فإذا شهرت هذه الحقوق أو أعلنت إلى المؤمن ولو بكتاب موصى عليه ، فلا يجوز أن يدفع ما في ذمته للمؤمن له إلا برضاء الدائنين" .
"3- فإذا حجز على الشيء المؤمن عليه أو وضع هذا الشيء تحت الحراسة ، فلا يجوز للمؤمن ، إذا أعلن بذلك على الوجه المبين في الفقرة السابقة ، أن يدفع للمؤمن له شيئاً مما في ذمته» .
ويتبين من هذا النص أن الدائنين أصحاب الحقوق العينية والدائنين الحاجزين أو الطالبين للحراسة يحلون محل المؤمن له في مبلغ التأمين ، في حدود ما لهم من حقوق ، فيصبحون هم المستفيدين مكان المؤمن له ولحلول هؤلاء الدائنين محل المؤمن له شروط يجب توافرها ، فإذا ما توافرت تترتب آثار معينة .
فنبحث :
(أولاً) الشروط الواجب توافرها لحلول الدائنين محل المؤمن له في مبلغ التأمين .
(ثانياً) ما يترتب من الآثار على هذا الحلول .
أولاً - الشروط الواجب توافرها لحلول الدائنين محل
المؤمن له في مبلغ التأمين
شروط ثلاثة : حتى يحل الدائنون محل المؤمن له في مبلغ التأمين يجب توافر شروط ثلاثة :
(1) أن يكون هناك عقد تأمين على الأشياء .
(2) أن يكون الدائن حق خاص في الشيء المؤمن عليه .
(3) أن يعلن هذا الحق الخاص للمؤمن .
الشرط الأول - وجود عقد تأمين على الأشياء : فيجب أن يكون هناك شيء مؤمن عليه من الحريق أو من التلف أو من السرقة أو من التبديد أو من غير ذلك من الأخطار ويقع نادراً أن يكون عقد التأمين لا تأميناً على الأشياء ، بل تأميناً من المسئولية ، ولكن بشرط أن ترتبط المسئولية مودعة عنده أو مؤجرة له أو معارة إياه ، ويقوم شخص بإصلاح السيارة يترتب له حق امتياز عليها ، ومن ثم ينتقل هذا الحق من السيارة إلى مبلغ التأمين عند تحقق المسئولية .
وإذا كان العقد تأميناً على الأشياء ، فالذي يبرم عقد التأمين يكون عادة مالك الشيء المؤمن عليه ، ويدفع الأقساط من ماله ، ولكن حق الدائن ينتقل إلى مبلغ التأمين دون أن تخصم الأقساط من هذا المبلغ أما إذا قام بالتأمين غير المالك ، كالحائز للعقار والدائن المرتهن نفسه ، فإن الأقساط التي دفعها تعتبر مصروفات حفظ ممتازة ، فينتقل حق الإمتياز هذا إلى مبلغ التأمين بالإضافة إلى حقوق الدائنين الآخرين .
الشرط الثاني - أن يكون للدائن حق خاص في الشيء المؤمن عليه : والدائنون الذين لهم حق خاص في الشيء المؤمن عليه طائفتان :
(الطائفة الأولى) دائن له تأمين عيني ، رهن رسمي أو حق اختصاص أو رهن حيازة أو حق امتياز في الشيء المؤمن عليه ، سواء ثبت له هذا الحق قبل إبرام عقد التأمين أو بعد إبرامه والشيء المؤمن عليه قد يكون عقاراً فيرد عليه كل هذه التأمينات العينية ، وقد يكون منقولاً فيرد عليه رهن الحيازة وحق الإمتياز، فمن رهن سيارة رهن حيازة وأمن عليها وتحقق الخطر المؤمن منه استحق مبلغ التأمين ولكن هذا المبلغ يحل محل السيارة فينتقل إليه حق الدائن المرتهن رهن حيازة كذلك إذا أمن المستأجر على المنقولات التي وضعها في العين المؤجرة وتحقق الخطر المؤمن منه ، فإن حق امتياز مؤجر العقار ينتقل إلى مبلغ التأمين ولا يعتبر الحق في الحبس تأميناً عينياً ، ومن ثم إذا حبس شخص تحت يده شيئاً مملوكاً لآخر ، وكان الشيء مؤمناً عليه وتحقق الخطر المؤمن منه ، فإن الحابس لا ينتقل حقه إلى مبلغ التأمين وكذلك لا يعتبر حق الإنتفاع تأميناً عينياً إذ هو حق عيني أصلي ، فإذا أمن صاحب الرقبة عليها وهلكت العين ، لم ينتقل حق الانتفاع إلى مبلغ التأمين .
الطائفة الثانية : الدائن الحاجز أو الشخص الذي وضع المال تحت الحراسة ، وتقول الفقرة الثالثة من المادة 770 مدني في هذا الصدد كما رأينا : " فإذا حجز على الشيء المؤمن عليه أو وضع هذا الشيء تحت الحراسة ، فلا يجوز للمؤمن ، إذا أعلن بذلك على الوجه المبين في الفقرة السابقة ، أن يدفع للمؤمن له شيئاً مما في ذمته " فإذا حجز الدائن الشخصي ، أي الذي ليس له تأمين عيني ، على شيء مؤمن عليه مملوك لمدينه ، أو وضع شخص الشيء المؤمن عليه تحت الحراسة ، لم يكسب بذلك حقاً عينياً في هذا الشيء ولكن يثبت له حق خاص عليه هو حق الحاجز أو حق طالب الحراسة فإذا تحقق الخطر المؤمن منه ، فإن حق الدائن الحاجز أو حق طالب الحراسة ينتقل إلى مبلغ التأمين كما ينتقل التأمين العيني فيما قدمنا .
الشرط الثالث - أن يعلن هذا الحق الخاص للمؤمن : ولا يكفي أن يكون للدائن تأمين عيني في الشيء المؤمن عليه أو حق حجز أو حراسة ، بل يجب أن يعلن الدائن حقه للمؤمن حتى يكون عالماً به، ويعتبر المؤمن معلناً بحق الدائن بأحد طريقين :
(1) يشهر التأمين العيني القابل للشهر ، كقيد الرهن الرسمي وحق الاختصاص وحق رهن الحيازة إذا كان واقعاً على عقار وحق الإمتياز الخاص على العقار ، أو تسجيل تنبيه نزع الملكية في حالة الحجز على العقار، ويعتبر الشهر على هذا النحو إعلاناً كافياً للمؤمن بوجود حق الدائن ، ومن ثم يجب عليه قبل أن يدفع مبلغ التأمين للمؤمن له أن يكشف عن هذه التكاليف ، فإذا رأى العقار المؤمن عليه مثقلاً بواحد منها ، امتنع عن دفع مبلغ التأمين للمؤمن له قبل أن يوفى الدائن حقه وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 770/2 مدني يجري على الوجه الآتي : "فإذا أعلنت هذه الحقوق إلى المؤمن بكتاب موصى عليه أو بأية وسيلة أخرى " ، فكان مجرد شهر الحق لا يكفي ولكن لجنة مجلس الشيوخ عدلت هذه العبارة على الوجه الآتي : "فإذا شهرت هذه الحقوق أو أعلنت إلى المؤمن ولو بكتاب موصى عليه" ، وذلك "للتفريق بين ما يشهر من الحقوق وفي صدده يكتفي بإجراء الشهر ، وبين ما لا يشهر فيكون الإعلان في شأنه واجباً ، على أن يكون مفهوماً أن الإعلان بكتاب موصى عليه يعتبر حداً أدنى في بيان كيفية الإعلان" ثم عدلت الفقرة الثالثة من المادة 770 مدني تعديلاً يتمشى مع ما أدخل من التعديل على الفقرة الثانية ، فاستعيض عن عبارة "إذا أخطر بذلك في الوقت المناسب" بعبارة "إذا أعلن بذلك على الوجه المبين في الفقرة السابقة ونرى من ذلك أن الشهر يكفي لاعتبار المؤمن عالماً بوجود حق للدائن ، وذلك فيما يشهر من الحقوق وهي الحقوق التي قدمناها ولكن ليس من الضروري أن يكون إعلان المؤمن بالحقوق القابلة للشهر عن طريق الشهر وحده ، فقد لا تشهر هذه الحقوق فيكون إعلان المؤمن بها عن طريق الكتاب الموصى عليه كما في الحقوق غير القابلة للشهر فيما سيجئ .
(2) بإعلان المؤمن بحق الدائن ، ولو بكتاب موصى عليه وهذا الطريق للإعلان جائز كما قدمنا فيما يشهر من الحقوق ، وهو واجب فيما لا يشهر من الحقوق إذ لا يوجد طريق غيره ففي رهن الحيازة على المنقول والإمتياز العام على العقار والمنقول والإمتياز الخاص على المنقول والحجز على المنقول ووضع مال المدين تحت الحراسة ، لا يوجد طريق للشهر ومن ثم يتم إعلان المؤمن بكتاب موصى عليه ، فلا يكفي الإعلان الشفوي ولا الكتاب غير الموصى عليه ولكن يجوز الإعلان على يد محضر ، والحجز تحت يد المؤمن وإذا كان حق الدائن موجوداً قبل إبرام عقد التأمين ، جاز ذكر هذا الحق في وثيقة التأمين فيكون هذا إعلاناً كافياً للمؤمن .
ويجوز أن يقع إعلان المؤمن ، سواء بطريق الشهر أو بطريق آخر على النحو الذي قدمناه ، قبل وقوع الحادث المؤمن منه، ويكفي هذا الإعلان ، فلا ضرورة لتجديده عند وقوع الحادث ويجوز كذلك أن يقع الإعلان بعد وقوع الحادث المؤمن منه ، بشرط أن يكون ذلك قبل أن يدفع المؤمن مبلغ التأمين للمؤمن له ونرى من ذلك أن هذا الشرط الثالث ، وهو إعلان المؤمن ، إنما هو شرط في إنتقال حق الدائن إلى مبلغ التأمين ، ولكنه ليس شرطاً في قيام الدائن بأعمال تحفظية على النحو الذي سيجئ ، فيجوز للدائن أن يقوم بهذه الأعمال حتى قبل أن يعلن المؤمن بوجود حقه .
إنتقال حق الدائن إلى مبلغ التأمين : وهذا هو أهم حق للدائن ، ويتم بحكم القانون دون حاجة لأي إجراء بمجرد تحقق الخطر المؤمن منه واستحقاق مبلغ التأمين والذي يتم ليس هو حلولاً شخصياً فيحل الدائن محل المؤمن له ، بل هو حلول عيني فيحل مبلغ التأمين محل الشيء المؤمن عليه وقد نص التقنين المدني على هذا الحلول العيني في خصوص الرهن الرسمي ، وأحال على هذا الحكم في خصوص حق الإختصاص ورهن الحيازة وحقوق الإمتياز الواقعة على عقار فنص في المادة 1049 مدني في الرهن الرسمي على أنه "إذا هلك العقار المرهون أو تلف لأي سبب كان ، انتقل الرهن بمرتبته إلى الحق الذي يترتب على ذلك ، كالتعويض أو مبلغ التأمين أو الثمن الذي يقرر مقابل نزع ملكيته للمنفعة العامة" وأحالت المادة 1095 مدني في حق الاختصاص ، والمادة 1102/1 مدني في رهن الحيازة ، والمادة 1134/1 مدني في حقوق الامتياز الواقعة على عقار ، على المادة 1049 مدني سالفة الذكر ويترتب على هذا الحلول العيني أن ينتقل حق الدائن ، بعد تحقق الخطر المؤمن منه ، من الشيء المؤمن عليه إلى مبلغ التأمين وتقول الفقرة الأولى من المادة 770 مدني في هذا الصدد كما رأينا : "انتقلت هذه الحقوق ( التأمينات العينية ) إلى التعويض المستحق للمدين بمقتضى عقد التأمين" ورتبت على ذلك الفقرة الثانية من نفس المادة أنه لا يجوز للمؤمن "أن يدفع ما في ذمته للمؤمن له إلا برضاء الدائنين" ذلك أن مبلغ التأمين قد ترتب عليه حقوق الدائنين ، فيجب أولاً أن تستوفى هذه الحقوق منه بحسب ترتيبها فإذا دفع المؤمن مبلغ التأمين قبل ذلك المؤمن له ، وجب عليه أن يحصل على رضاء الدائنين بذلك ، وقد يقدم لهم ضمانات أخرى يقبلونها فيرضون بدفع مبلغ التأمين للمؤمن له قبل استيفاء حقوقهم فإذا لم يحصل المؤمن على رضاء الدائنين ، ورجع هؤلاء بحقوقهم عليه ، ثم يرجع هو بما دفع لهم على المؤمن له .
وكذلك رتبت الفقرة الثالثة من المادة 770 مدني على هذا الحلول العني ، بالنسبة إلى الدائن الحاجز أو طالب الحراسة ، أنه لا يجوز للمؤمن" أن يدفع للمؤمن له شيئاً مما في ذمته" ، قبل أن يوفى الدائن حقه أو يبت في النزاع الذي كان سبباً للحراسة فيعرف صاحب الحق في الشيء ، وإلا كان الدفع غير مبرئ لذمته نحو الدائن الحاجز أو طالب الحراسة ، كما هو الحكم في شأن الدائن صاحب التأمين العيني فيما قدمناه.
رجوع الدائن بالدعوى المباشرة على المؤمن : ويترتب على حلول مبلغ التأمين محل الشيء المؤمن عليه ، وانتقال حق الدائن إلى هذا المبلغ ، أن الدائن يرجع بدعوى مباشرة على المؤمن لاستيفاء حقه من مبلغ التأمين وقد قدمنا أنه لا يجوز للمؤمن أن يدفع مبلغ التأمين للمؤمن له قبل أن يستوفى الدائن حقه .
وإذا رفع الدائن الدعوى المباشرة على المؤمن ، وجب عليه أن يدخل المؤمن له خصماً في الدعوى فإنه يجب تحديد مقدار حق الدائن ، وكذلك تحديد مقدار مبلغ التأمين ، في مواجهة المؤمن له ، فإذا لم يكن داخلاً في الدعوى لم يكن هذا التحديد سارياً في حقه .
وقد قدمنا أن هذه الدعوى المباشرة لا تعتبر ناشئة من عقد التأمين ، إذ أنها تثبت للدائن بحكم القانون ، فلا تخضع إذن للتقادم الثلاثي الخاص بعقد التأمين ، بل تخضع للقواعد العامة المقررة في تحديد مدة التقادم .
وللمؤمن أن يدفع هذه الدعوى المباشرة بجميع الدفوع التي كان يستطيع أن يدفع بها دعوى المؤمن له إذا طالبه هذا بمبلغ التأمين فيجوز أن يحتج على الدائن بما ورد من شروط في عقد التأمين ، سواء كانت شروط إسقاط أو شروط استبعاد ، وبقاعدة النسبية التي سيأتي بيانها فيما إذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه ، و بسقوط حق المؤمن له إذا تعمد تحقيق الخطر المؤمن منه ، وبعدم صحة البيانات التي قدمها المؤمن له ابتداءً أو عند تفاقم الخطر ، وبوقف سريان عقد التأمين أو بفسخه لسبب من الأسباب التي توجب ذلك ، وبخصم الأقساط المستحقة التي لم تدفع من مبلغ التأمين. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع ، المجلد : الثاني ، الصفحة : 770)
جاء النص في المادة 770 من القانون المدني بالشروط الواجب توافرها لحلول دائن المؤمن له محله في مبلغ التأمين تطبيقاً لما نصت عليه المادة ، 1049 ، 1102 / 2 من القانون المدني ، وهي :
(1) أن يكون للدائن حق خاص في الشيء المؤمن عليه، بأن يكون له رهن رسمي أو رهن حيازي أو حق اختصاص أو حق امتياز إذا كان الشيء عقاراً، أو رهن حيازي أو حق إمتياز إذا كان الشيء منقولاً ، فإذا رهن المؤمن له منقوله محل التأمين رهن حيازة ثم هلك فإن الرهن ينتقل إلى مبلغ التأمين، وأيضاً إذا أمن المستأجر على منقولات بالعين المؤجرة وهلكت فإن امتياز المؤجر على هذه المنقولات ينتقل المبلغ التأمين، كل ذلك وفقاً لأحكام التأمين العيني ومن ثم فإن هذا الإنتقال لا يتم بالنسبة لحابس الشىء، إذ أن الحبس ليس تأميناً عينياً فلا ينتقل الحبس لمبلغ التأمين، كذلك لا ينتقل حق الإنتفاع إلى مبلغ التأمين إذا هلكت الرقبة، ولا يكون لمالك المنقول حق على مبلغ التأمين إذا كان المستأجر هو الذي أمن عليه إذ الهلاك على المالك.
كما يتوفر حق الدائن على الشيء اذا حجر عليه أو وضعه تحت الحراسة ومن ثم فإذا تحقق الخطر، فإن هذا الحق ينتقل إلى مبلغ التأمين، فإذا تعدد الحاجزون اقتسموا مبلغ التأمين فيما بينهم قسمة غرماء، أما في حالة الحراسة فيعطى مبلغ التأمين لمن يثبت له الحق في الشيء بحكم نهائي أو بإتفاق ذوى الشأن جميعاً.
(2) أن يكون هناك عقد تأمين على الأشياء، من الحريق أو التلف أو السرقة أو غير ذلك من الأخطار.
(3) يجب أن يعلن الدائن حقه للمؤمن ويكون بخطاب موصى عليه أو بإعلان على يد محضر أو بالحجز تحت يد المؤمن بالنسبة للحقوق الغير قابلة للشهر کالرهن الحيازي على المنقول والإمتياز العام على العقار والمنقول والإمتياز الخاص على المنقول والحجز على المنقول ووضع مال الدين تحت الحراسة أما بالنسبة للحقوق القابلة للشهر فيتم الإعلان بقيد الرهن الرسمي وحق الإختصاص وحق رهن الحيازة على العقار وحق الإمتياز الخاص على العقار أو تسجيل تنبيه نزع الملكية في الحجز على العقار ومن ثم وجب على المؤمن قبل دفع مبلغ التأمين الكشف عن هذه التكاليف فإن كان العقار مثقلاً بأي منها رفض دفع المبلغ وإلا ظلت ذمته مشغولة به قبل الدائن ويجوز أن يتم الإعلان قبل تحقق الخطر .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 633)
حلول الدائنين المرتهنين محل المؤمن له في مبلغ التأمين تقضى المادة بأن حقوق أصحاب التأمينات العينية تنتقل بقوة القانون، عند إحتراق العقار محل الضمان إذا كان مؤمناً عليه من الحريق، إلى التعويض المستحق للمدين بمقتضى عقد التأمين.
ويشترط لحلول الدائنين محل المؤمن له في مبلغ التعويض توافر الشروط الآتية :
الشرط الأول :
وجود عقد تأمين على الأشياء يشترط لحلول الدائنين أن يكون هناك عقد تأمين على الأشياء، فيجب أن يكون هناك شيء مؤمن عليه من الحريق أو من التلف أو من السرقة أو من التبديد أو غير ذلك من الأخطار.
ويحدث نادراً أن عقد التأمين لا يكون تأميناً على الأشياء بل تأميناً من المسئولية بشرط أن ترتبط المسئولية بشيء معين بالذات.
مثال ذلك أن يؤمن شخص من مسئوليته عن سيارة مودعة عنده أو مؤجرة له، ويقوم شخص بإصلاح السيارة فيترتب له حق امتیاز عليها، ومن ثم ينتقل هذا الحق من السيارة إلى مبلغ التأمين عند تحقق المسئولية.
الشرط الثاني :
أن يكون للدائن حق خاص في الشيء المؤمن عليه :
والدائنون الذين لهم حق خاص في الشيء المؤمن عليه طائفتان.
الطائفة الأول : تشمل الدائنين الذين لهم تأمين عيني، أي رهن رسمي أو حق اختصاص أو رهن حيازة أو حق امتياز على الشيء المؤمن عليه، ويستوي في ذلك أن يثبت للدائن هذا الحق قبل إبرام عقد التأمين أو بعد إبرامه.
والشئ المؤمن عليه قد يكون عقاراً فيرد عليه كل هذه التأمينات العينية.
وقد يكون منقولاً فيرد عليه رهن الحيازة وحق الإمتياز ومثال ذلك أن يرهن شخص سيارة رهن حيازة ويؤمن عليها فإذا تحقق الخطر المؤمن منه، استحق مبلغ التأمين، ولكن هذا المبلغ يحل محل السيارة فينتقل إليه حق الدائن المرتهن رهن حيازة.
ومثال ذلك أيضاً ، أن يؤمن المستأجر على المنقولات التي وضعها في العين المؤجرة فإذا تحقق الخطر المؤمن منه فإن حق إمتياز المؤجر ينتقل إلى مبلغ التأمين.
أما الطائفة الثانية : فتشمل الدائنين الحاجزين أو الطالبين للحراسة فإذا حجز الدائن الشخصي، أي الذي ليس له حق عيني، على شيء مؤمن عليه مملوك لمدينة، أو وضع شخص الشيء المؤمن عليه تحت الحراسة، فإنه لم يكسب بذلك حقاً عينياً على هذا الشئ، ولكن يثبت له حق خاص عليه هو حق الحاجز أو حق طالب الحراسة، فإذا تحقق الخطر المؤمن منه، فإن حق الدائن الحاجز أو حق طالب الحراسة ينتقل إلى مبلغ التأمين.
الشرط الثالث :
إعلان الحق الخاص للمؤمن :
يجب على الدائن أن يعلن حقه الخاص للمؤمن حتى يكون عالماً به.
ويتم الإعلان بأحد طريقين :
الأول : بشهر التأمين العيني القابل للشهر، كقيد الرهن الرسمي وحق الاختصاص وحق رهن الحيازة إذا كان واقعاً على عقار وحق الامتياز الخاص على العقار،أو تسجيل تنبيه نزع الملكية في حالة الحجز على العقار ويقع على عاتق المؤمن الكشف عن هذه التكاليف، فإذا وجد العقار مثقلاً بواحد منها امتنع عن دفع مبلغ التأمين إلى المؤمن له .
ولكن إذا كانت هذه الحقوق لم تشهر، فإنه لا مناص من أن يكون إعلان المؤمن بها بكتاب موصى عليه - كما سنرى - بالنسبة للحقوق غير القابلة للشهر.
والثاني : إعلان المؤمن بحق الدائن بكتاب موصي عليه ويكون ذلك سواء في الحقوق جائزة الشهر وفي الحقوق التي لا يجوز شهرها كرهن الحيازة على المنقول والإمتياز العام على العقار والمنقول والإمتياز الخاص على المنقول والحجز علی المنقول ووضع مال المدين تحت الحراسة.
والإعلان على هذا النحو هو الحد الأدنى للإعلان، فلا يجوز أن يكون بكتاب مسجل أو خطاب عادي أو شفاهة.
ولكن يجوز - من باب أولى - أن يكون بإعلان على يد محضر.
ويحصل الإعلان سواء قبل وقوع الخطر المؤمن منه أو بعد وقوعه.
آثار حلول الدائن محل المؤمن له
يترتب على حلول الدائن محل المؤمن له في مبلغ التأمين الآثار الآتية :
1 - قيام الدائن بالأعمال التحفظية اللازمة للمحافظة على حقه.
ويندرج في هذه الأعمال التحفظية دفع قسط التأمين إلى المؤمن إذا لم يقم المؤمن له بدفعه توقياً لوقف سريان عقد التأمين أو فسخه.
2 - انتقال حق الدائن إلى مبلغ التأمين فالدائن يحل حلولاً عينياً محل المؤمن له في مبلغ التأمين بمجرد وقوع الخطر واستحقاق مبلغ التأمين، وذلك بحكم القانون دون حاجة إلى إجراء آخر.
مؤدی انتقال ضمان الدائنين إلى عوض التأمين، هو أن تكون لهم قبل المؤمن دعوى مباشرة لمطالبته بالتعويض المستحق في ذمته.
ويقسم هذا المبلغ بين الدائنين الذين قاموا بالشهر أو بالإعلان على الوجه المتقدم، بحسب مراتبهم في القيد، إذا كانوا من أصحاب التأمينات العينية، أو قسمة غرماء إذا كانوا من الحاجزين، أما في حالة وضع الشيء تحت الحراسة، فيستحق عوض التأمين لمن يثبت له الحق في الشيء بحكم نهائي أو بإتفاق ذوى الشأن جميعاً.
وإذا لم يدخل الدائن المؤمن له خصماً في الدعوى، فلا يحتج قبله بتحديد مقدار حق الدائن ومقدار مبلغ التأمين.
وللمؤمن أن يدفع هذه الدعوى المباشرة بجميع الدفوع التي كان يستطيع أن يدفع بها دعوى المؤمن له إذا طالبه هذا بمبلغ التأمين إلا إذا كان هذا الدفع مؤسساً على سبب لاحق لاحتراق الشئ .
ولما كانت الدعوى المباشرة لا تعتبر ناشئة عن عقد التأمين، وإنما ثابتة للدائن بحكم القانون، فإنها لا تتقادم إلا وفقاً للقواعد العامة، فلا تخضع للتقادم الثلاثي الخاص بعقد التأمين.
يترتب على إنتقال عقد التأمين من المؤمن له إلى خلفه العام أو الخاص، أن يحل الخلف محل المؤمن له الأصلى في حقوقه والتزاماته فيلتزم المؤمن له الجديد نحو المؤمن بأداء الأقساط التي تستحق بعد إنتقال التأمين كما يلتزم بإخطار المؤمن بما يطرأ من الظروف التي يكون من شأنها زيادة الخطر.
ويلزم المؤمن بأداء مبلغ التأمين عند وقوع الخطر إلى المؤمن له الجديد، طبقاً الشروط الوثيقة المبرمة بين المؤمن وبين سلف المؤمن له الجديد.
وقد يكون هناك ما يدعو كلاً من المؤمن والمؤمن له الجديد إلى التخلص من عقد التأمين بعد انتقاله إلى المؤمن له الجديد، فقد لا يرضى المؤمن الإستمرار في العقد مع المؤمن له الجديد، كما قد يرى المؤمن له الجديد أنه لا حاجة به إلى هذا التأمين أو أنه يستطيع التعاقد مع مؤمن جديد بشروط أفضل، أو أنه معسر ولا يستطيع أداء الأقساط المستحقة، لذلك جرت أكثر التشريعات على تخويل كل من المؤمن والمؤمن له الجديد الحق في فسخ عقد التأمين.
والاحتفاظ بحق الفسخ لكل من المؤمن والمؤمن له الجديد في مصر، جرى به عرف تأميني واجب الإتباع، خاصة وأن أكثر التشريعات احتفظت بهذا الحق لكل من الطرفين.
يجوز للمؤمن أن يطلب فسخ عقد التأمين ويقع ذلك عادة بكتاب مسجل بعلم الوصول يرسله المؤمن إلى المؤمن له الجديد إذا كان قد أخطر بإنتقال الملكية، فإذا لم يكن قد أخطر بها وإنما علم بها فقط جاز إرساله إلى المؤمن له الأصلي بإعتباره نائباً عن المؤمن له الجديد إذ أن الأول يكون كفيلاً متضامناً معه.
ويظل حق المؤمن في الفسخ قائماً ، إلى أن ينزل عنه، سواء كان النزول صريحاً أو ضمنياً يستفاد من الظروف، كما إذا طالب المؤمن له الجديد بدفع أقساط التأمين أو "إذا كان قد قبض قسطاً أو أكثر".
ويسقط حق المؤمن في الفسخ بهذا النزول ويستمر العقد حتى ينتهي بسبب من أسباب الإنتهاء .
وفسخ العقد ليس له أثر رجعي.
يجوز للمؤمن له الجديد فسخ عقد التأمين بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول يرسله إلى المؤمن ويصبح العقد مفسوخاً من وقت وصول هذا الكتاب.
ويظل حق المؤمن له في الفسخ قائماً إلى أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً.
فإذا نزل عنه سقط حقه في الفسخ واستمر العقد قائماً حتى ينتهي بأحد أسباب الإنتهاء.
وفسخ العقد ليس له أثر رجعي.
إفلاس المؤمن :
يترتب على إفلاس الشركة المؤمنة أو تصفية أموالها تصفية قضائية، أن يقف سريان عقد التأمين من تاريخ شهر الإفلاس أو التصفية وتبرأ ذمة المؤمن له من الأقساط التالية ويحدد حق المستفيد في يوم صدور حكم شهر الإفلاس أو التصفية القضائية بمبلغ يعادل قيمة الإحتياطي الحسابي محسوباً على أساس تعريفة التأمين المعمول بها وقت إبرام العقد دون أية زيادة .
إذا أفلس المؤمن له أو صفيت أمواله تصفية قضائية، فإن عقد التأمين يبقى، ولكن المستفيد يتغير فتحل جماعة الدائنين محل المؤمن له في عقد التأمين من حيث الحقوق ومن حيث الإلتزامات المترتبة عليه، إذ أن الشيء المؤمن عليه يدخل في التفليسة وعلى ذلك يبقى المؤمن ضامناً للخطر المؤمن منه، وتصبح جماعة الدائنين مدينة بأقساط التأمين.
وكان لدينا في مصر عرف تأمينى بالاحتفاظ بحق فسخ عقد التأمين لكل من جماعة الدائنين والمؤمن بعد إفلاس المؤمن له.
غير أن المادة 623 من قانون التجارة الجديد نصت على أن :
1 - لا يترتب على الحكم بشهر الإفلاس فسخ العقود الملزمة للجانبين التي يكون المفلس طرفاً فيها إلا إذا كانت قائمة على اعتبارات شخصية.
2 - وإذا لم ينفذ أمين التفليسة العقد أو لم يستمر في تنفيذه جاز للطرف الآخر أن يطلب الفسخ، وكل قرار يتخذه أمين التفليسة بشأن العقد يجب أن يعرض على قاضي التفليسة ليأذن به، ويجوز للطرف الآخر أن يعين الأمين التفليسة مهلة مناسبة لإيضاح موقفه من العقد.
3- وللمتعاقد الاشتراك في التفليسة كدائن عادي بالتعويض المترتب على الفسخ إلا إذا نص على إحتفاظ التعويض المقرر له قانوناً .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر الصفحة : 298)