مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 431
مذكرة المشروع التمهيدي :
تقابل هذه المواد والمادة 1140 في التقنين الحالى المادة 500 / 610 التي توجب استبدال الكفيل إذا أعسر ، والمادة 501 / 611 التي تقرر أن الإلتزام بتقديم كفيل ينفذ طبقاً للأوجه المقررة بقانون المرافعات ومما يعاب على هذه النصوص أنها أحالت فيما يتعلق بكيفية الوفاء بالإلتزام بتقديم كفيل على تقنين المرافعات و مع أنه من الواجب أن يعرض التقنين المدني لذلك بنص صريح، لأن الأمر يتعلق بالموضوع إلا بالشكل كذلك يؤخذ على التقنين الحالى أنه لم يذكر الشروط الواجب توافرها في الكفيل والمشروع يستدرك هذا النقص.
والمادتان 1141 و 1141 مكررة نقلهما المشروع عن المادتين 715 و 716 من المشروع الفرنسي الإيطالي ، وهما تعرضان لبيان الشروط الواجب توافرها في الكفيل فيجب أن يكون مقيماً في مصر ، وذلك مراعاة لمصلحة الدائن وللتسهيل عليه عند مطالبته الكفيل كذلك يجب أن يكون موسراً وفي تقدير ذلك اليسار ينظر المشروع الفرنسي الإيطالى (م 716) إلى أمواله العقارية لأن المنقولات فضلاً عن سهولة إخفائها يصعب الاستدلال عليها والتثبت من ملكيتها على أن اللجنة لم تر هذا الرأي ، بل قررت وجوب التسوية بين العقارات والمنقولات من هذه الناحية ولذلك أقرت نص المادة 716 من المشروع الفرنسي الإيطالي ، بعد حذف عبارة «الجائز رهنها رهناً تأمينياً .
أما المادة 1142، فإنها تطابق المادة 718 من المشروع الفرنسي الإيطالي والتقنين الفرنسي ينص في المادة 2041 على أنه يجوز لن لا يمكنه الحصول على كفيل أن يقدم رهن حيازة منقولاً أما التقنين المصري فإنه لم يعرض لحالة تقديم تأمين عيني بدلاً من الكفالة ولعل السبب في ذلك أن المادة 501 / 611 أحالت على تقنين المرافعات الذي ينص في المادة 399 / 458 منه على أنه « في الأحوال التي يجب فيها تقديم كفيل يكون للملتزم الخيار بين أن يأتي بكفيل مقتدر أو يودع في صندوق المحكمة من النقود أو السندات ذات القيمة ما يساوي المحكوم به » و يعاب على هذا النص أنه لم يذكر سوى النقود والسندات ذات القيمة ، مع أن التامين العيني قد يرد على أموال أخرى منقولة أو عقارية ولم يرغب المشروع من ناحية أخرى في اقتباس نص التقنين الفرنسي لما به من غموض أوجد مجالاً للنزاع ، ولذلك قرر نصاً صريحاً ينطبق على كل أنواع الكفالة، ويجيز للملتزم بتقديم كفيل أن يقدم بدلاً منه تأميناً عينياً من أي نوع كان، بشرط أن يكون كافياً.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المواد 1141 و 1141 مكررة و 1142 فرأت اللجنة إدماج أحكام الثلاث المواد في مادة واحدة بالنص الآتي :
إذا التزم المدين بتقديم كفيل وجب أن يقدم شخصاً موسراً ومقيماً في مصر وله أن يقدم عوضاً عن الكفيل تأميناً عينياً كافياً.
وأصبح رقمها 843 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
تقرير لجنة الشئون التشريعية :
حذف منها عبارة « ومقيماً في مصر » فصارت كما يأتي :
«إذا التزم المدين بتقديم كفيل وجب أن يقدم شخصاً موسراً ، وله أن يقدم عوضاً عن الكفيل تأميناً عينياً كافياً » - ويرجع هذا الحذف إلى أن اشتباك العلاقات التجارية الدولية يصح معه ألا يكون الكفيل مقيماً في مصر، ولكن قد تكون له أموال فيها يجوز التنفيذ عليها ( قارن مادة 857 من مشروع القانون ).
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة تحت رقم 842 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الخامسة والثلاثين .
وافقت اللجنة على المادة دون تعديل .
محضر الجلسة الرابعة والستين
يقترح حضرات مستشاري محكمة النقض والإبرام الأخذ بنص المادة 774 كما ورد في مشروع الحكومة من حيث اشتراط أن يكون الكفيل مقيماً في مصر .
قرار اللجنة :
وقد وافقت اللجنة على هذا الاقتراح لأنه أكثر رعاية المصلحة الدائن، وبناء عليه قررت إعادة الصيغة الواردة في هذا المشروع.
ملحق تقرير اللجنة :
اقترح أن يشترط في المادة 774 أن يكون الكفيل مقيما في مصر على نحو ما كان مقرراً في النص الوارد من مشروع الحكومة ورأت اللجنة الأخذ بهذا الإقتراح لأنه أكثر رعاية المصلحة الدائن وقررت إعادة الصيغة الواردة في هذا المشروع .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1- إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يصدر فى مادة تجارية فلا عليه إن لم يقض بإلزام المطعون ضده الأول بتقديم كفالة رغم شمول الحكم بالنفاذ المعجل ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بالسبب السادس غير مقبول.
(الطعن رقم 1935 لسنة 57 جلسة 1992/04/09 س 43 ع 1 ص 555 ق 118)
2- النص فى المادة 293 من قانون المرافعات على أنه " فى الأحوال التى لا يجوز فيها تنفيذ الحكم أوالأمر إلا بكفالة يكون للملزم بها الخيار بين أن يودع خزانة المحكمة من النقود أوالأوراق المالية ما فيه الكفاية وبين أن يقبل إيداع ما تحصل من التنفيذ خزانة المحكمة أوتسليم الشىء المأموربتسليمه فى الحكم أوالأمر إلى حارس مقتدر ". مؤداء أنه يشترط لصحة التنفيذ وفقا لنص هذه المادة أن يقدم الدليل على أن المحكوم له قد نفذ شرط الكفالة على الوجه المشار إليه فى هذه المادة ولم يكتف المشرع بأن يقوم المحكوم له بابداء رغبته فى الخيار على الوجه المبين بهذه المادة بل نص فى المادة 294 مرافعات على أن يعلن إختياره للمحكوم عليه إما على يد محضر بورقة مستقلة أوضمن إعلان سند التنفيذ أو ورقة التكليف بالوفاء . ثم أضاف فى المادة 295 مرافعات النص على أن لذوى الشأن خلال ثلاثة أيام التالية لهذا الإعلان أن ينازع فى إقتدار الحارس أو كفاية ما يودع . وإذ كان الثابت أن الحكم القاضى بحل الشركة وتصفيتها قد صدر مشمولا بالنفاذ المعجل بشرط تقديم الكفالة وقام المحكوم لهم ومن بينهم الطاعن بتنفيذ هذا الحكم تنفيذا جبريا بتسليم الطاعن بصفته مصفيا موجودات الشركة وتحرير محضر الجرد دون قيامهم بأعمال شرط الكفالة وفقا لنص المادتين 293 ، 294 مرافعات فإن هذا التنفيذ يكون باطلا وإذ كان الضرر قد إفترضه المشرع إفتراضا فى المادتين 293 ، 294 مرافعات فلا يلزم المنفذ ضده باثباته ولا يكلف الحكم بالتحدث عنه .
(الطعن رقم 27 لسنة 45 جلسة 1979/05/07 س 30 ع 2 ص 291 ق 238)
تنص المادة 774 مدني على ما يأتي :
"إذا التزم المدين بتقديم كفيل ، وجب أن يقدم شخصاً موسراً ومقيماً في مصر ، وله أن يقدم عوضاً عن الكفيل تأميناً عيناً كافياً ".
ويخلص من هذا القانون أن المدين قد يكون ملزماً بتقديم كفيل فعليه أن يقدم كفيلاً توافرت فيه شروط معينة و مصادر التزام المدين بتقديم كفيل ثلاثة : القانون والقضاء والإتفاق .
فيكون المدين ملزماً بتقديم كفيل بحكم القانون في الأحوال التي ينص فيها القانون على ذلك، ومن الأحوال التي نص فيها القانون على وجوب أن يقدم المدين كفيلاً ما نصت عليه المادة 1/992 مدني من أنه "إذا كان المال المقرر عليه حق الإنتفاع منقولاً ، وجب جرده ، ولزم المنتفع تقديم كفالة به" كذلك يجب على صاحب حق الإستعمال في المنقول أن يجرد هذا المنقول ، وأن يقدم كفالة ( م 998 مدني ) ونصت المادة 2/273 مدني أنه "إذا سقط حق المدين في الأصل أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطي الدائن من تأمين خاص ، ولو كان هذا التأمين قد أعطي بعقد لاحق أو بمقتضى القانون ، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين أما إذا إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فإن الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضماناً كافياً " ونصت المادة 274/1 مدني على أنه "إذا كان الإلتزام مقترناً بأجل وقف ، فإنه لا يكون نافذاً إلا في الوقت الذي ينقضي فيه الأجل على أنه يجوز للدائن ، حتى قبل إنقضاء الأجل ، أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقوقه ، وله بوجه خاص أن يطالب بتأمين إذا خشي إفلاس المدين أو إعساره واستند في ذلك إلى سبب معقول" ونصت المادة 457/2 و 3 مدني على ما يأتي :
1 - فإذا تعرض أحد للمشتري مستنداً إلى حق سابق على البيع أو آيل من البائع ، أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشتري ، جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر ومن ذلك يجوز للبائع في هذه الحالة أن يطالب بإستيفاء الثمن على أن يقدم كفيلاً .
2 - ويسري حكم الفقرة السابقة في حالة ما إذا كشف المشتري عيباً في المبيع" .
وكان تقنين المرافعات السابق ينص في المواد 467 و 469 و 470 علي الحالات التي يجب أو يجوز شمول الحكم فيها بالنفاذ المعجل سواء بشرط تقديم الكفالة أو بدونها ثم نص المادة 475 علي أنه " في الأحوال التي لا يجوز فيها تنفيذ الحكم أو الأمر إلا بالكفالة ، يكون للملتزم الخيار بين أن يقدم كفيلاً مقتدراً أو أن يودع خزانة المحكمة من النقود أو الأوراق المالية ما فيه الكفاية ، وبين أن يقبل إيداع ما يحصل من التنفيذ خزانة المحكمة أو تسليم الشيء المأمور بتسليمه في الحكم أو الأمر إلي حارس مقتدر.
ولكن عند وضع تقنين المرافعات الحالي رقم 13 لسنة 1968 رأي المشروع - في الحالات التي يوجب القانون أو الحكم تقديم الكفالة عند شمول الحكم بالنفاذ المعجل - أن يحذف من صور الكفالة صورة تقديم كفيل مقتدر وذلك سداً لباب المنازعات التي تثار في هذا الشأن .
فنص في المادة 293 علي أنه للملتزم بتقديم الكفالة خيار بين أن يودع خزانة المحكمة أو تسليم الشيء المأمور بتسليمه في الحكم أو الأمر إلي حارس مقتدر.
ويكون المدين ملزماً بتقديم كفيل ويكون المدين ملزماً بتقديم كفيل اذا اتفق مع الدائن علي أن يقدم له كفيلاً بالدين ، وعند ذلك يكون مصدر إلتزام المدين بتقديم الكفيل هو الإتفاق .
وسواء كان مصدر التزام المدين بتقديم الكفيل هو القانون أو القضاء أو الإتفاق ، فإن الدين يكون ملزماً بتقديم هذا الكفيل ليكفل الدين الذي عليه للدائن ويشترط القانون في الكفيل شرطين ، نصت عليهما المادة 774 مدني سالفة الذكر إذ تقول : "إذا التزم المدين بتقديم كفيل ، وجب أن يقدم شخصاً موسراً ومقيماً في مصر .
فالشرطان هما :
1 - يسار الكفيل : يجب أن يكون الكفيل موسراً ، أي قادراً على الوفاء بالدين الذي كفله إذا اقتضت الحالة ذلك والمدين الذي قدم الكفيل هو الذي يحمل عبء إثبات يساره ، فيثبت أن للكفيل مالاً ولو شائعاً ، عقاراً أو منقولاً أو كليهما ، يستطيع أن يستوفي منه الدائن حقه وللدائن أن يثبت أن هذا المال أو بعضه متنازع فيه أو يصعب التنفيذ عليه لبعده أو لسهولة تهريبه أو سهولة إخفائه أو لأي سبب آخر ، فيستبعد من مال الكفيل الذي يضمن المدين كذلك إذا كان المال مرهوناً أو مثقلاً بحق عيني آخر كحق إنتفاع ، وجب أن يستبعد من قيمته ما ثقل به من رهن أو انتفاع أو غير ذلك والتقنين المدني الفرنسي م 2019 يشترط أن يكون مال الكفيل الذي يثبت يساره عقاراً لا منقولاً ، ما لم يكن الدين المكفول ديناً تجارياً أو ما لم يقدر قاضي الموضوع أن الدين المكفول دين زهيد فيصح أن يكون مال الكفيل منقولاً ولم يشترط التقنين المصري هذا الشرط ، وخيراً فعل ، فيصح أن يكون مال الكفيل منقولاً ، كأن يكون أسهماً أو سندات أو قيماً منقولة أخرى أو منقولاً ذا قيمة مجوهرات أو حلي أو غير ذلك .
2 - إقامة الكفيل في مصر : والشرط الثاني في الكفيل أن يكون مقيماً في مصر ، حتى تسهل مقاضاته عند الاقتضاء وليس يلزم أن يكون مقيماً في موطن المدين كما يشترط التقنين المدني الفرنسي، بل يكفي أن يكون مقيماً في أي مكان في مصر وشرط إقامة الكفيل في مصر كاف ، ولا يشترط بعد ذلك أن يكون الكفيل مصري الجنسية بل يصح أن يكون أجنبياً ما دام مقيماً في مصر كما لا يشترط في الكفيل أن يظنن متوافراً على حسن السمعة أو عدم الميل إلى الخصومة والتقاضي ، ما لم يتفق المدين الملتزم بتقديم الكفيل مع الدائن على ذلك إذا كان مصدر الالتزام هو الإتفاق .
وتقول المادة 774 مدني سالفة الذكر أن للمدين " أن يقدم عوضاً عن الكفيل تأميناً عينياً كافياً " ويخلص من ذلك أن المدين ، إذا كان ملتزماً بموجب القانون أو القضاء أو الاتفاق ، بتقديم كفيل لدائنه ، فان له أن يقدم عوضاً عن الكفيل تأميناً عنياً كافياً ، كرهن رسمي أو رهن حيازي فيستطيع المدين أن يرهن رهناً حيازياً تأميناً للدين مجوهرات أو حلياً أو نقوداً أو منقولات أخرى ذات قيمة ، كما يستطيع أن يرهن قيما منقولة لحاملها عن طريق التسليم المادي أو قيماً منقولة اسمية عن طريق التحويل أو قيماً منقولة إذنية عن طريق التظهير ويستطيع المدين كذلك أن يرهن لتأمين دينه بدلاً من الكفالة الشخصية عقاراً ، اما رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً ولا شيء يمنع من أن يكون التأمين العيني الكافي ، الذي يحل محل الكفيل الشخصي ، مترتباً على مال الغير برضاء هذا الغير كذلك يجوز أن يستكمل المدين يسار الكفيل غير الكافي بتأمين عيني ، فيخلص من الكفالة الشخصية والتأمين العيني تأمين كاف للدين هذا وقد وردت في تقنين المرافعات نصوص خاصة بتقديم الكفالة في حالة الكفالة القانونية والكفالة القضائية ، فيجب تطبيق هذه النصوص في الدائرة المرسومة لها وقد نصت المادة 475 مرافعات في هذا الشأن على أنه " في الأحوال التي لا يجوز فيها تنفيذ الحكم أو الأمر إلا بكفالة يكون للملتزم بها الخيار بين أن يقدم كفيلاً مقتدراً أو أن يودع خزانة المحكمة من النقود أو الأوراق المالية ما فيه الكفاية ، وبين أن يقبل إيداع ما يحصل من التنفيذ خزانة المحكمة أو تسليم الشيء المأمور بتسليمه في الحكم أو الأمر إلى حارس مقتدر" ونصت المادة 476 مرافعات على أن "يكون إعلان خيار الملزم بالكفالة إما على يد محضر بورقة مستقلة ، وإما ضمن إعلان سند التنفيذ أو ورقة التكليف بالوفاء" ونصت المادة 477 مرافعات على أنه "لذي الشأن خلال ثلاثة الأيام التالية لهذا الإعلان ، أن ينازع في اقتدار الكفيل أو الحارس أو في كفالة ما يودع وتحصل المنازعة بتكليف الخصم الحضور أمام قاضي محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحكوم عليه ، ويحكم في المنازعة على وجه السرعة بحكم لا يستأنف" ونصت المادة 478 مرافعات على أنه "إذا لم تقدم منازعة في الميعاد ، أو قدمت ورفضت ، أخذ على الكفيل في قلم الكتاب التعهد بالكفالة أو على الحارس قبوله الحراسة ، ويكون المحضر المشتمل على تعهد الكفيل بمثابة سند تنفيذي قبله بالالتزامات المترتبة على تعهده" .
فلما صدر تقنين المرافعات الحالي رقم 13 لسنة 1968 حذف من صور الكفالة صورة تقديم كفيل مقتدر ، واقتصر نطاق الكفالة التي يقضي بتقديمها في حالة شمول الحكم بالنفاذ المعجل على إيداع خزانة المحكمة نقوداً أو أوراق مالية بما فيه الكفاية أو إيداع ما يحصل من التنفيذ بخزانة المحكمة أو تسليم الشيء المأمور بتسليمه في الحكم أو الأمر إلى حارس مقتدر مادة 293 مرافعات ويتم خيار الملزم بالكفالة أما علي يد محضر بورقة مستقلة وأما ضمن إعلان السند التنفيذي أو بورقة التكليف بالوفاء (المادة 294) ويجوز لذوي الشأن خلال ثلاثة الأيام التالية للاعلان ، أن ينازع في اقتدار الحارس أو في كفاية ما يودع بإعلان يتم خلال هذا الميعاد يكلف به الخصم بالحضور أمام قاضي التنفيذ المختص ويكون حكمه في المنازعة نهائياً المادة (259). (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : العاشر ، الصفحة : 36)
متى التزم المدين بتقديم كفيل وجب عليه تنفيذ هذا الإلتزام ويشترط في الكفيل أن يكون موسراً على أن يقدم المدين ما يفيد هذا اليسار كمستندات ملكية ولكن للدائن أن يثبت أن هذه الملكية محجوز عليها أو مرهونة فيلترم الدين حيث بتقديم كفيل آخر موسر ويجب أن يظل الكفيل موسراً حتى الوفاء بالدين وإلا التزم المدين بتقديم غيره، كما يشترط في الكفيل أن يكون مقيماً في الأراضي المصرية أو له محل مختار بها ولا تلزم الجنسية المصرية، ولا يشترط من السمعة فإن ما يهم الدائن وجود مال ينفذ عليه بحقه فيكفيه يسار الكفيل، فإن انتفی الشرطان أو أحدهما تعين على المدين تقديم كفيل آخر مستوف للشرطين، ولكن إذا طلب الدائن كفيلاً معيناً وأحضره له المدين ثم فقد الشرطان أو أحدهما فلا يجوز للدائن أن يطلب كفيلاً جديداً، وإذا اعترى الكفيل إعسار جزئی وطلب الدائن كفالة تكميلية تعين على المدين تقديمها ويجوز للدائن الاستناد إلى الخطأ لطلب کفیل جدید کما إذا أعتقد يسار الكفيل ثم تبين إعساره، وإذا مات الكفيل تنتقل الكفالة الي تركته فلا يجوز للدائن المطالبة بكفيل آخر وأيضاً لا يبطل عقد الكفالة إذا فقد الكفيل أهليته.
وللمدين، بدلاً من تقديم كفيل ووفقاً لاختياره، أن يقدم تأميناً عينياً كافياً کرهن رسمي أو حيازي ويجوز أن يترتب هذا التأمين على مال الغير متی قبل الغير ذلك وراجع المواد 293 - 295 مرافعات وتخضع كفاية التأمين العيني لتقدير قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض.
(وقد يلتزم المدين بتقديم كفالة بنص في القانون کالمواد 273 و 274 و 457 و 992 و 998 مدنی و 289 مرافعات 790)، أو بموجب حكم قضائي تنص المادة 290 مرافعات، أو بموجب اتفاق في العقد المنشئ للإلتزام.
فإذا أخل المدين بهذا الإلتزام، جاز للدائن أن يطلب الفسخ والتعويض إن كان له مقضي، كما يجوز للدائن أن يمتنع عن تنفيذ التزامه والتمسك بالدفع بعدم التنفيذ، كما لو التزم المشتري بتقديم كفيل لضمان باقي الثمن ولم يقدمه، جاز للبائع عدم تسليمه المبيع، فإن لم يتضمن عقد البيع ميعاداً لتقديم الكفيل، وجب تقديمه فور إبرام العقد وقبل تنفيذ الدائن لإلتزامه وإلا جاز للأخير الدفع بعدم التنفيذ.
تعليق التزام الدائن على تقديم كفيل :
ينصرف نص المادة 774 من القانون المدني إلى التزام المدين بتقديم كفيل، ويدل بالتالي على نفاذ العقد بما تضمنه من حقوق والتزامات على نحو ما تقدم، ومع ذلك يجوز للمتعاقدين تعليق نفاذ العقد على شرط واقف هو إلتزام أحدهما بتقديم كفيل للآخر ، وحينئذ لا ينفذ العقد إلا إذا تحقق هذا الشرط، ولهما النص على جزاء هذا الإخلال، وذلك بتضمين العقد شرطاً فاسخاً صريحاً، وتكييف العقد واعتباره متضمناً التزاماً أو معلقاً على شرط واقف، هو من مسائل القانون التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض.
الكفالة في المواد التجارية :
متى تضمن منطوق الحكم أنه صادر في مادة تجارية، فإنه يكون نافذاً نفاذاً معجلاً بقوة القانون على نحو ما تقدم، ويكون تنفيذه معلقاً على شرط تقديم الكفالة، وهو تعلیق مقرر أيضاً بقوة القانون، ومن ثم يتعين على كل من قلم الكتاب وقلم المحضرين الإلتزام بذلك، فلا يضع قلم الكتاب الصيغة التنفيذية على نسخة الحكم، ولا يقوم قلم المحضرين بتنفيذه إلا إذا تحقق شرط الكفالة وتوافرت المستندات الدالة على تحققه وفقاً للمادة 293 وما بعدها من قانون المرافعات، فإذا وضعت الصيغة التنفيذية رغم عدم تحقق شرط الكفالة، تعين على قلم المحضرين أن يمتنع عن تنفيذ الحكم، فإن لم يلتزم بدوره بذلك وقدم المنفذ ضده إشكالاً عند شروع المحضر في التنفيذ وجب عليه أن يوفقه ويحدد جلسة لنظره أمام قاضي التنفيذ الذي يتعين عليه أن يحكم بوقف التنفيذ حتى لو قدم إليه طالب التنفيذ الدليل على محقق شرط الكفالة إذ العبرة في صحة الإجراء بالنظر إلى توافر مقوماته، وقت اتخاذه وليس وقت الفصل في المنازعة المتعلقة به، وحينئذ يتعين على الطالب إتخاذ إجراءات جديدة يتدارك بها ما شاب الإجراءات السابقة من بطلان.
وطالما أن الكفالة مقررة بقوة القانون في المواد التجارية، فلا يلزم أن تكون محلاً الطلب الخصم أو أن ينص عليها في الحكم، وإذا طلب المدعي صدور الحكم بغير كفالة، كان طلباً ظاهر الفساد ولا تثريب على المحكمة إن هي أغفلت الرد عليه لكن إذا قضت بالإعفاء من الكفالة، فإن حكمها في هذا الصدد يكون قد حاز حجية الأمر المقضي رغم مخالفته للقانون ويكون نافذاً نفاذاً معجلاً ويتعين على قلم الكتاب وضع الصيغة التنفيذية عليه، وعلى قلم المحضرين التنفيذ بموجبه ويمتنع على قاضي التنفيذ أن يحكم بوقف تنفيذه في حالة رفع أشكال استناداً لهذا الوجه المساس ذلك بحجية الحكم و بأصل الحق، ويكون سبيل تصحيح هذا الخطأ بالطعن في الحكم بالاستئناف، وإذا تم التنفيذ قبل الحكم في الأسنان، فإنه يتم على مسئولية طالب التنفيذ.
ومناط تعليق التنفيذ على شرط الكفالة، أن يتضمن منطوق الحكم أنه صادر في مادة تجارية، وهو نفس مناط نفاذه نفاذاً معجلاً، فإذا لم يتضمن المنطوق هذا البيان، فلا يجوز تنفيذ الحكم نفاذاً معجلاً ، وإذا انقضت مواعيد الطعن فيه، جاز تنفذه وفقاً للقواعد العامة بغير كفالة حتى لو كان صادراً من محكمة تجارية لتعلق الكفالة بكيان الحكم وليس بالمحكمة التي أصدرته، لكن إن لم يتضمن الحكم أنه صادر في مادة تجارية ولكن أمرت المحكمة بنفاذاً معجلاً بشرط الكفالة وجب تنفيذه بشرط الكفالة.
وإذا تضمن منطوق الحكم أنه صادر في مادة تجارية، كان نفاذاً معجلاً بقوة القانون بشرط الكفالة، بحيث اذا تحقق هذا الشرط وجب تنفيذه بعد إستيفاء خدمات التنفيذ، ولا يحول دون تنفيذه أن يكون قد طعن فيه بالاستئناف إلا إذا قامت المحكمة الإستئنافية بإلغاء النفاذ المعجل، وحينئذ يفقد الحكم قوته التنفيذية، يكون الحكم الاستئنافي هو السند التنفيذي لإعادة الحال إلى ما كان عليه، فإذا أقر ذلك التزم من قام بالتنفيذ بالتعويض.
وتنحصر الكفالة في الأحكام الصادرة بالإلزام باعتبارها تأميناً لضمان إعادة الحال إلى ما كان عليه إذا ما ألغى الحكم، ومن ثم لا محل للقضاء بها أو تعليق هذا الحكم على حققها، إذا كان الحكم لم يتضمن إلزاماً وإنما تقريراً لحالة علل ذلك الحكم بشهر إفلاس التاجر، فإنه يقرر أن المحكوم عليه قد توقف عن مديونه ولم يلزمه بأدائها لدائنيه، ومن ثم يكون نافذاً مسجلاً بقوة القانون أن يكون تنفيذها معلقاً على شرط الكفالة، وهو ما إلتزامه المشرع في المادة 566 من قانون التجارة إذ ضمنها أن النفاذ المعجل واجب بقوة القانون في الأحكام صادرة بشهر الإفلاس وأغفل النص على الكفالة ما لم النص على غير ذلك.
الأصل أن الأحكام الصادر في المواد المستعجلة تكون نافذة بقوة القانون ويغير كفالة، بحيث إذا صدر حكم في مادة مستعجلة، فلا تلتزم المحكمة بالتصدي للكفالة ولا يكون ذلك إغفالاً لها وإنما تمشياً مع الأصل سالف البيان ، ويكون الحكم حينئذ واجب النفاذ بقوة القانون بغير كفالة، مما يتعين معه على كاتب المحكمة تذييله بالصيغة التنفيذية، ويلتزم المحضر بتنفيذه متى طلب إليه ذلك ، ومثل الحكم المستعجل ، الأمر الصادر على عريضة.
وخروجاً على هذا الأصل، أجاز القانون للمحكمة عندما تصدر حكماً في مادة مستعجلة، أو للقاضي عندما يصدر أمراً على عريضة، أن يعلق تنفيذه على شرط الكفالة، وحينئذ لا يجوز وضع الصيغة التنفيذية على الحكم أو الأمر إلا بعد تحقق هذا الشرط إنقضاء الميعاد المحدد للمنازعة فيها أو رفض هذه المنازعة يحكم يصدر من قاضي التنفيذ ويكون انتهائياً عملاً بالمادة 288 من قانون المرافعات، ولا يعتد في هذا الصدد بالطعن بالاستئناف في هذا الحكم استناداً إلى وقوع بطلان فيه أو بطلان في الإجراءات أثر فيه ، ومنه صدر حكم قاضي التنفيذ برفض المنازعة المتعلقة بالكفالة، تحقق شرط الكفالة وتعين على قلم الكتاب وضع الصيغة التنفيذية على الحكم أو الأمر، حتى لو كان قد طعن في الحكم الصادر في المنازعة بالاستئناف، كما يجب على المحضر القيام بالتنفيذ.
فإن شرع المحضر في التنفيذ قبل تحقق شرط الكفالة، بأن كان المنفذ ضده قد نازع فيها ولم يصدر الحكم في منازعته، أو كان التنفيذ قد بدء فيه خلال المدة هذة للمنازعة وفقاً للمادة 295 من قانون المرافعات، جاز للمنفذ ضده تقديم إشكال أمام المحضر، ويلتزم الأخير بوقف التنفيذ وتحديد جلسة لنظر الإشكال، وجب الحكم بوقف التنفيذ في الحالتين حتى لو صدر الحكم برفض المنازعة أو قضت المدة المحددة للمنازعة لأن العبرة بوقت إتخاذ الإجراء، فإن كان باطلاً في اتخاذه ظل باطلاً وحينئذ يتعين اتخاذ إجراءات محددة فيما يتعلق بشرط الكفالة.
وإذا قدمت المنازعة، فإن شرط الكفالة لا يتحقق إلا بصدور الحكم من قاضی فيذ برفض المنازعة أو بعدم قبولها شكلاً إذا كانت قدمت بعد الميعاد المقرر للمادة 295 سالفة البيان، ولا يجوز لقلم الكتاب وضع الصيغة التنفيذية على الحكم أو الأمر طالما قدمت المنازعة، حتى لو كانت قد قدمت بعد الميعاد، إذ علق ذلك بشكل المنازعة التي يفصل فيها قاضي التنفيذ ولا شأن لقلم الكتاب وإنا انقضى الميعاد دون تقديم المنازعة تعين على قلم الكتاب وضع الصيغة التنفيذية ، وتتوافر بذلك مقومات السند التنفيذي ويتعين إجراء التنفيذ بموجبه حتى لو قدمت منازعة في الكفالة بعد توافر تلك المقومات، وهو ما يحول دون قضاء بوقف التنفيذ إذا كان المحضر قد أوقفه عند رفع الإشكال إليه استناداً لهذا الوجه.
ويخضع شرط الكفالة لمطلق تقدير المحكمة دون أن تتقيد في ذلك بطلبات المنصرم، فقد يطلب المدعي أن يصدر الحكم بدون شرط الكفالة، أو يطلب المدعى عليه النص على الكفالة إذا قضى ضده، وفي هذه الحالة تقدر المحكمة وظروف المحيطة بالدعوى، وعلى هديها تنص على شرط الكفالة أو تعفي المحكوم امنه أو لا تصدى له وهو ما يدل على أن النفاذ المعجل الذي شمل به الحكم كلت بغير كفالة ولا بعد عدم التصدي إغفالاً نطلب وإنما رفضاً ضمنياً له.
وإذا تبين للمحضر أن الحكم أو الأمر تضمن شرط الكفالة وأن الصيغة تنفيذية قد وضعت عليه، ولم يرفق بطلب التنفيذ المستندات الدالة على تحقق هذا الشرط، وجب عليه أن يمتنع عن التنفيذ، فإن كان قد شرع فيه، وقدم إليه إشكال، تعين عليه وقف التنفيذ وتحديد جلسة لنظر الإشكال، فإذا تبين لقاضی التنفيذ عدم تحقق شرط الكفالة، قضي بوقف التنفيذ، ويظل التنفيذ موقوفة حتى يتحقق هذا الشرط على نحو ما تقدم ، أما إذا تقدم طالب التنفيذ بالمستندات الدالة على تحقق الشرط رفض القاضي الإشكال وتعين الإستمرار في التنفيذ.
وعندما يتناول قاضي التنفيذ شرط الكفالة، فإنه لا يمس بذلك حجية الحكم وإنما يتصدى لمسألة متعلقة بتنفيذه وليس بكيانه، فعندما تنص المحكمة على شرط الكفالة، فإنها تكون قد علقت تنفيذ حكمها على هذا الشرط، وهو ما يراقبه قاضي التنفية إذا ما أحل به قلم الكتاب أو قلم المحضرين، فإن لم يتحقق الشرط امتنع تنفيذ الحكم، دون أن يتعارض ذلك مع اعتباره نافذة بقوة القانون ، لأن هذا النفاذ معلقاً على شرط الكفالة. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 651)
الشروط الواجب توافرها في الكفيل :
الشرط الأول :
يسار الكفيل
المقصود باليسار أن يكون للكفيل من الأموال ما يكفي للوفاء بالإلتزام الذي يتقدم لضمانه.
وليس لنوع هذه الأموال إعتبار، فسواء كانت منقولات أو عقارات، وسواء كانت حقوقاً عينية أم شخصية أم حقوقاً أدبية أو فنية أو صناعية.
ولا يدخل في الإعتبار عند تقدير يسار الكفيل إلا أمواله القابلة للحجز، أما ما يملكه الكفيل ولا يجوز الحجز عليه، فلا يدخل في الإعتبار .
ويقع عبء إثبات يسار الكفيل على المدين ولايدخل الكفيل في المنازعة الخاصة بمدى إقتداره، بل يظل بعيداً عنها فعلى المدين أن يثبت أن للكفيل أموالاً عقارية أو منقولة كافية للوفاء بالدين.
الشرط الثاني
أن يكون الكفيل مقيماً في مصر:
اشترطت المادة أن يكون الكفيل مقيماً في مصر.
والمقصود بالإقامة في مصر أن يكون للكفيل موطن فيها، فالإقامة العارضة للكفيل في مصر لا تعد موطناً له وبذلك لا يتحقق الشرط ويكفي أن يكون للكفيل موطن في مصر أياً كان هذا الموطن، فليس بلازم أن يكون المواطن هو الموطن العام الذي يتحدد بالإقامة المعتادة، بل يكفي أن يكون للكفيل موطن مختار في مصر.
والحكمة من تطلب هذا الشرط هي مراعاة مصلحة الدائن والتسهيل عليه عند مطالبة الكفيل ومقاضاته.
الشرط الثالث :
أهلية الكفيل
يشترط توافر الأهلية في الكفيل وهذا الشرط لم تنص عليه المادة، لأن المشرع افترضه بداهة لأنه إذا كان الكفيل ناقص الأهلية وبالأولى عديمها لا تكون الكفالة التي يعقدها صحيحة ومن ثم لا يحصل الدائن على الضمان المنشود من تقديمها.
إستبدال الكفيل
إذا أعسر الكفيل الذي قدمه المدين لأنه كان ملتزماً بتقديمه وجب عليه أن يستبدله بآخر، لأن المقصود من اشتراط تقديم الكفالة هو ضمان الوفاء ومادام الكفيل قد أعسر فإنه يجب استبداله فكأن شرط الكفالة هو تحقق يسار الكفيل أو اقتداره عند قيام الكفالة وإستمراره حتى انتهائها، فإذا أعسر الكفيل وجب إستبداله.
والإعسار قد يكون قديماً أو موجوداً وقت قيام الكفالة ولكن الدائن يجهله وقد يكون طارئاً أي تحقق بعد قيام الكفالة ، وهو يقتضي الإستبدال في الحالتين إنما يجب أن يكون كلياً، فإذا كان جزئياً لم يلزم الإستدلال وإنما يكفي تقديم ضمانات تكميلية وبالطبع فإن موت الكفيل لا يعتبر إعساراً ولا يقتضي إستبداله، لأن التركة تبقى محملة بالكفالة.
بدل الكفالة :
في الحالات التي يلتزم فيها المدين بتقديم كفيل، قد يحدث ألا يستطيع المدين تقديم كفيل، فقد لا يجد شخصاً يكفله أو قد لا يجد شخصاً تتوافر فيه الشروط الواجبة فقد خوله القانون أن يقدم تأميناً عينياً بدلاً من الكفيل ذلك أن المادة (774) بعد أن قررت أنه : " إذا إلتزم المدين بتقديم كفيل، وجب أن يقدم شخصاً موسراً ومقيماً في مصر "أضافت" وله أن يقدم عوضاً عن الكفيل تأميناً عينياً كافياً ".
ومن الواضح أن للمدين الخيار في أن يقدم تأميناً عينياً بدلاً من الكفيل، وليس للدائن أن يعترض على ذلك لأن التأمين العيني أكثر ضماناً من التأمين الشخصي ويكون للمدين هذا الخيار في جميع الحالات التي يلتزم فيها بتقديم كفيل إذ الغرض من ذلك هو التيسير عليه في تقديم الضمان عينياً كان أو شخصياً.
ويلزم في التأمين الذي يقدمه المدين أن يكون كافياً، ولايهم ما إذا كان عقاراً أو منقولاً، ولو كان هذا التأمين الآخر كفالة عينية مقدمة من كفيل آخر، طالما كان من الممكن ضمان حق الدائن.
ويقدر القاضي كفاية التأمين العيني الذي يقدمه المدين بدلاً من الكفالة أو عدم كفايته .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر ، الصفحة : 443)
إذا كان المدين ملتزماً بتقديم كفيل ، وجب أن يكون إختيار الكفيل محققاً العرض المقصود من الكفالة ، وإلا جاز الدائن عدم قبول الكفيل واعتبار المدين مخلاً بإلتزامه.
وقد بينت المادة 774 مدنى الشروط الواجب توافرها في الكفيل الذي يقدمه المدين وفاء لذلك الإلتزام لكي يعتبر تقديمه إياه وفاءً صحيحاً ملزماً الدائن بقبوله ، فنصت على أنه إذا التزم المدين بتقديم كفيل وجب أن يقدم شخصاً موسراً ومقيماً في مصر.
وبناءً على هذا النص يعتبر يسار الكفيل و أقامته في مصر شرطين الأزمین لصحة الوفاء بإلتزام بتقديم كفيل ، ويضاف إليهما شرط ثالث، لم يرد ذكره في هذا النص ولكن وجوباً مستفاد من القواعد العامة ، هو شرط أهلية الكفيل، وعلى ذلك تكون الشروط ثلاثة :
(1) أهلية الكفيل .
(2) ويساره .
(3) وإقامته في مصر .
أما إشتراط أهلية الكفيل ، فهو أمر بديهي لأنه إذا قدم المدين شخصاً ليست له أهلية الإلتزام بعقد كفالة ، خان قبول هذا الشخص كفالة الذين لا يجدي الدائن شيئاً لأن عقد الكفالة يقع باطلاً أو يكون قابلاً للأبطال ، ولا يكسب الدائن الضمان المنشود ، فيجوز للدائن رفض هذا الكفيل ومطالبة المدين بتقديم غيره ويكفي توافر هذا الشرط وقت عقد الكفالة دون حاجة لاستمراره بعد ذلك ، فإذا حجر على الكفيل بعد الكفالة فإن ذلك لا يبطل الكفالة ، ولا يبيح للدائن مطالبة المدين بتقديم كفيل آخر بدلاً من الأول.
والشرط الثاني أي يسار الكفيل هو الأهم ، إذ لا فائدة للدائن من أن يضمن المدين كفيل معسر ، لذلك نصت عليه أكثر الجرائم كما نصت عليه المادة 774 مدنی ، وقد نص القانون الفرنسي على أن الأموال التي يعتد بها في تقدير يسار الكفيل هي أمواله العقارية دون المنقولة إلا في مواد التجارة أو إذا كان الدين يسيراً ، وقد أخذ على هذا النص أنه يخول الدائن حق رفض الكفيل الذي يقدمه المدين مهما كان واسع الثراء المجرد أنه لا يملك عقارات مع أن الثروات المنقولة أصبحت في العصر الحديث أضعاف الأموال العقارية لذلك عدل المشرع المصري عن هذا القيد وأكتفي بإشتراط يسار الكفيل وترك تقدير هذا اليسار للقاضي على أن يقدره هذا تبعاً للحالة المالية العامة للكفيل ودون تقيد بأموال الكفيل العقارية وعند المنازعة في يسار الكفيل يقع على المدين الذي يقدم الكفيل عبء إثبات هذا اليسار وعلى الدائن أن يثبت أن بعض أموال الكفيل متنازع فيه أو يصعب التنفيذ عليه لبعده أو لسهولة تهريبه، أو سهولة إخفائه لأي سبب آخر فيستبعد من مال الكفيل الذي يضمن المدين .
وليس يكفي أن يكون الكفيل موسراً وقت تقديمه للدائن أو وقت عقد الكفالة ، بل يجب أن يستمر يساره حتى إنقضاء الكفالة ، لأن المدين الملتزم بتقديم كفيل يضمن صاحية الكفيل الذي يقدمه فإذا أعسر الكفيل بعد عقد الكفالة جار الدائن مطالبة المدين بإستبدال كفيل آخر بالكفيل الذي أعسر ، ما لم يكن الدائن قد فرض على المدين أن يقدم له كفيلاً شخصاً معيناً بالذات هو الذي أعسر فيما بعد فحينئذ لا يكون له مطالبة المدين بأن يستبدل بمن أعسر كفيلاً غيره .
أما شرط إقامة الكفيل في من لم يكن منصوصاً عليه في التقنين المصرى الملغى ، وكان يقابله في القانون الفرنسى اشتراط إقامة الكفيل في دائرة محكمة الإستئناف الواجب تقديم الكفالة فيها وهي عادة محكمة موطن المدين ، وكان الغرض منه تيسير مقاضاة الدائن للكفيل فلم يرى المشرع المصري الحديث داعياً لاشتراط إقامة الكفيل في دائرة محكمة المدين واكتفى بأن يكون الكفيل مقيماً في مصر والمقصود بهذا أن نكون له محل إقامة أي موطن في مصر لأن هذا التفسير والذي يتفق مع حكمة التشريع ومع تیسیر مقاضاة الدائن الكفيل.
وإستناداً الى هذه الحكمة ذاتها يمكن القول انه لا يلزم أن يكون الموطن العام للكفيل في مصر بل يكفي أن يكون له فيها محل مختار لما ينشأ عن الكفالة من علاقات ولا يشترط أن يكون كفيل مصري الجنسية بل يصح أن يكون أجنبياً ما دام مقيم في مصر.
ولا يكفي في هذا المشركين في الشرط المسبق توافرهما وقت عقد الكفالة ، بل لا بد من استمرارها حتى إنقضائها فإذا نقل الكفيل موطنه من مصر ، أو ثبت إعساره جاز للدائن مطالبة المدين بتقديم كفيل غیره .
ويلاحظ أن توافر هذه الشروط الثلاثة في الكفيل ليس ضرورياً إلا في الحالات التي يكون فيها المدين ملتزماً بتقديم كفيل، وأنه ضروري في جميع هذه الحالات أي سواء كانت الكفالة قضائية أو قانونية أو اتفاقية أما اذا قدم المدين كفيلاً دون أن يكون ملزماً بذلك أو تقدم الكفيل للدائن دون علم المدين ، فلا محل لاشتراط هذه الشروط عند تقديم الكفالة ، ولا لطلب تغيير الكفيل اذا أعسر أو نقل موطنه من مصر بعد عقد الكفالة غير أنه لا يشترط لإعتبار المدين ملزماً بتقديم كفيل أن يكون قد تعهد بذلك صراحة قبل عقد الكفالة ، بل يجوز استنباط تعهده بذلك من ظروف الحال فإذا ثبت مثلاً نشوء الدين المكفول والكفالة في وقت واحد أو بورقة واحدة أمكن أن يستفاد من ذلك أن الدائن ما كان يقبل التعامل مع المدين دون الكفالة وأمكن أن يستخلص منه أن المدين قد إلتزم بتقديم كفيل ، فيجوز للدائن أن يطالب المدين بتغيير الكفيل أذا أعسر هذا أو نقل موطنه من مصر أما التزام الكفيل بكفالة الدين المكفول فيجب أن يكون التعبير عنه صريحاً كما سيجيء في نبذة .
الاستعاضة عن الكفالة بتأمين عینی - إذا كان المدين ملتزماً بتقديم كفيل ، وجب أن ينفذ هذا الإلتزام عیناً بأن يقدم كفيلاً تتوافر فيه الشروط اللازمة كما تقدم ، فاذا لم يستطع أن يقدم مثل هذا الكفيل ، يجوز له أن يستبدل بتقديمه تأميناً عينياً.
وقد أخذ التقنين الحالي بهذا الرأي إذا نص في المادة 774 منه على أنه اذا التزم المدين بتقديم كفيل كان له أن يقدم عوضاً عن الكفيل - تأميناً عينياً كافياً وبناءً على ذلك أصبح لا جدال في أن القانون الحالى يجوز للمدين الملزم بتقديم كفيل سواء كان التزامه هذا بناء على إتفاق أو على نص قانوني أو على حكم قضائي أن يستبدل بتقديم الكفيل تقديم أي تأمين عینی بشرط أن يكون كافياً للوفاء بالإلتزام المكفول ، ولو كان ذلك التأمين الآخر كفالة عينية مقدمة من كفيل آخر على مال مملوك له دون المدين أو الكفيل الاصلی .
ويقدر القاضي كفاية التأمين العيني الذي يقدمه المدين بدلاً من الكفالة أو عدم کفایته .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : التاسع ، الصفحة : 27)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والثلاثون ، الصفحة / 297
الْكَفِيلُ:
15 - يَشْتَرِطُ الْفُقَهَاءُ فِي الْكَفِيلِ أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لِلتَّبَرُّعِ؛ لأِنَّ الْكَفَالَةَ مِنَ التَّبَرُّعَاتِ وَعَلَى ذَلِكَ لاَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مِنَ الْمَجْنُونِ أَوِ الْمَعْتُوهِ أَوِ الصَّبِيِّ، وَلَوْ كَانَ مُمَيِّزًا مَأْذُونًا أَوْ أَجَازَهَا الْوَلِيُّ أَوِ الْوَصِيُّ .
إِلاَّ أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ قَالَ: إِلاَّ إِذَا اسْتَدَانَ لَهُ وَلِيُّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْفُلَ الْمَالَ عَنْهُ فَتَصِحُّ، وَيَكُونُ إِذْنًا فِي الأْدَاءِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ يُطَالَبُ بِهَذَا الْمَالِ بِمُوجِبِ الْكَفَالَةِ، وَلَوْلاَهَا لَطُولِبَ الْوَلِيُّ، وَلاَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مِنْ مَرِيضٍ إِلاَّ مِنَ الثُّلُثِ .
أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ فَلاَ يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَلاَ كَفَالَتُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ .
وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الْحَنْبَلِيُّ إِلَى أَنَّ كَفَالَةَ السَّفِيهِ تَقَعُ صَحِيحَةً غَيْرَ نَافِذَةٍ وَيُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ، كَإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ وَكَذَلِكَ لاَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مَعَ الإْكْرَاهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ تَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْمُكْرَهَ .
أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِلدَّيْنِ، فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ -، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْفُلَ؛ لأِنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ، وَالْحَجْرُ يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ لاَ بِذِمَّتِهِ، فَيَثْبُتُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ الآْنَ، وَلاَ يُطَالَبُ إِلاَّ إِذَا انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ وَأَيْسَرَ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَرِيضِ مِنْ مَرَضِ الْمَوْتِ، بِحَيْثُ لاَ يَتَجَاوَزُ - مَعَ سَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ - ثُلُثَ التَّرِكَةِ، فَإِنْ جَاوَزَتْهُ تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ؛ لأِنَّ الْكَفَالَةَ تَبَرُّعٌ، وَتَبَرُّعُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ يَأْخُذُ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ ضَمَانَ الْمَرِيضِ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، إِلاَّ إِذَا ضَمِنَ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَاسْتَمَرَّ إِعْسَارُهُ إِلَى وَقْتِ وَفَاتِهِ، أَوْ ضَمِنَ ضَمَانًا لاَ يَسْتَوْجِبُ رُجُوعَهُ عَلَى الْمَدِينِ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ فِي حُدُودِ الثُّلُثِ، وَإِذَا اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ مَالَ الْمَرِيضِ - وَقَضَى بِهِ - بَطَلَ الضَّمَانُ إِلاَّ إِذَا أَجَازَهُ الدَّائِنُ؛ لأِنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى الضَّمَانِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 13
أَثَرُ الْمَلاَءَةِ فِي الضَّمَانِ
5 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ): أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ مَلاَءَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ يَصِحُّ ضَمَانُ كُلِّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَلِيئًا أَوْ مُفْلِسًا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ الأْكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم إِذْ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا. فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ. فَصَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا:
صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ: فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ. قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ» فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَدِينِ الَّذِي لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً .
وَعَلَّلَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ بِأَنَّ الْمَوْتَ لاَ يُنَافِي بَقَاءَ الدَّيْنِ لأِنَّهُ مَالٌ حُكْمِيٌّ، فَلاَ يَفْتَقِرُ بَقَاؤُهُ إِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ، وَلِهَذَا بَقِيَ إِذَا مَاتَ مَلِيئًا حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ، وَكَذَا بَقِيَتِ الْكَفَالَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُفْلِسًا .
وَبَنَى الشَّافِعِيَّةُ قَوْلَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ - وَهُوَ الْمَدِينُ - لأِنَّ قَضَاءَ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ جَائِزٌ فَالْتِزَامُهُ أَوْلَى، كَمَا يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ - إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا، حَتَّى يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ، وَلِذَلِكَ لاَ يَصِحُّ عِنْدَهُ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ عَنِ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ، لأِنَّ الدَّيْنَ عِبَارَةٌ عَنِ الْفِعْلِ وَالْمَيِّتُ عَاجِزٌ عَنِ الْفِعْلِ، فَكَانَتْ هَذِهِ كَفَالَةً بِدَيْنٍ سَاقِطٍ كَمَا إِذَا كَفَلَ عَلَى إِنْسَانٍ بِدَيْنٍ وَلاَ دَيْنَ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ مَلِيئًا فَهُوَ قَادِرٌ بِنَائِبِهِ .