loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 468

مذكرة المشروع التمهيدي :

يطابق هذا النص تماماً المادة 509 / 622 من التقنين الحالى وهو يقرر حكماً أساسياً تقتضيه طبيعة الكفالة فإلتزام الكفيل تابع للإلتزام الأصلي ، وهو يبطل كلها بطل هذا الإلتزام ، كما أنه ينقضي بمجرد إنقضائه على أن المشروع يتحفظ بالنسبة للحكم الوارد بالمادة 1135 الخاص بكفالة إلتزام ناقص الأهلية إذا كان الكفيل يعلم بنقصر الأهلية ، فإنه إستثناء لا يجوز للكفيل في هذه الحالة التمسك ببطلان الإلتزام الأصلي .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 1159 فأقرتها اللجنة على أصلها - وأصبح رقمها 851 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

تقرير لجنة الشئون التشريعية .

عدلت المادة 851 تحت رقم 849 على الوجه الآتي :

1- يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين .

2- على أنه إذا كان الوجه الذي يحتج به المدين هو نقص أهليته وكان الكفيل عالماً بذلك وقت التعاقد فليس له أن يحتج بهذا الوجه - والتعديل من شأنه أن يقيد من إطلاق العبارة التي وردت في آخر النص الأصلي ، وحذفت عند التعديل وهي «ماعدا الأوجه المتصلة بشخصه خاصة» - فإن المقصود بهذه العبارة هو نقص الأهلية ولكن عدم إحتجاج الكفيل بنقص أهلية المدين ينبغي ألا يكون مطلقاً ، وينبغي أن نميز بين ما إذا كان الكفيل يعلى بنقص أهلية الدين فلا يجوز له في هذه الحالة أن يحتج بذلك ، وبين ما إذا كان لا يعلم بنقص الأهلية فينبغي أن يكون له الحق في الإحتجاج بذلك وفقاً للقواعد العامة .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة كما أقرها مجلس النواب ، وأصبح رقمها 782 .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة دون تعديل .

الأحكام

1- التزام الكفيل متضامنا أو غير متضامن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وهو التزام تابع لالتزام المدين الأصلي فلا يقوم إلا بقيامه إذ لا يسوغ النظر فى إعمال أحكام الكفالة على التزام الكفيل قبل البت فى التزام المدين الأصلي، وللكفل أن يتمسك فى مواجهة الدائن بما يستطيع المدين أن يتمسك به إعمالا لنص المادتين 1/782، 794 من القانون المدني، فكل ما يؤثر فى الالتزام الأصلي يؤثر فى التزام الكفيل.

(الطعن رقم 4746 لسنة 61 جلسة 1992/06/07 س 43 ع 1 ص 802 ق 166)

2- مسئولية مالك السيارة التى أحدثت الضرر هى مسئولة المتبوع عن أعمال تابعة قائد السيارة - المطعون ضده الأول - ومؤداها أن يكون مالك السيارة كفيلا متضامنا لقائد السيارة فى أداء التعويض الذى يحكم به عليه ، ولما كان مما لا يجوز أن يسوى فى الحكم بين الكفيل المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لايجعله مدينا أصليا بل يبقى إلتزامه تبعيا فينقضى حتما بإنقضاء إلتزام المدين ولو كان ذلك بالتقادم الذى وقف سريانه بالنسبة للكفيل ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى على سند صحيح من القانون بسقوط الحق فى مطالبة قائد السيارة مرتكب الحادث بالتعويض بالتقادم وهو المدين الأصلى بما ينبنى عليه حتما وبطريق اللزوم بالنسبة لمالك السيارة - بإعتباره كفيلا متضامنا ، فإنه لا جدوى من بحث تمثيل المطعون ضدهما الثانى و الثالث - بشخصيهما للشركة مالكة السيارة من عدمه لأن إلتزام هذه الشركة إنقضى تبعا لإنقضاء إلتزام المدين الأصلى المطعون ضده الأول .

(الطعن رقم 502 لسنة 44 جلسة 1977/12/14 س 28 ع 2 ص 1798 ق 307) 

3- المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى فهم الواقع فى الدعوى وفى تفسير الاتفاقات والمحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها ، وأن تفسير عقد الكفالة فيما يتعلق بتحديد نطاق التزامات الكفيل هو مما يدخل فى سلطة محكمة الموضوع لا سلطان عليها فى ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصها سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق ، كما أن المقرر أيضا أن الكفالة عقد بين الكفيل والدائن يلتزم فيه الكفيل شخصياً بوفاء الدين عند حلول أجله ، ولم يكن المدين قد وفاه ، وأن تفسير عقد الكفالة يتعين أن يكون ضيقًا دون توسع وذلك لمصلحة الكفيل فيتحدد التزامه فى أضيق نطاق تتحمله عبارات الكفالة ، وأن التزام الكفيل متضامنا أو غير متضامن هو التزام تابع لالتزام المدين الأصلى فلا يقوم إلا بقيامه إذ لا يسوغ النظر فى إعمال أحكام الكفالة على التزام الكفيل قبل البت فى التزام المدين الأصلى وللكفيل أن يتمسك فى مواجهة الدائن بما يستطيع المدين أن يتمسك به إعمالًا لنص المادتين 782 /1 ، 794 من القانون المدنى فكل ما يؤثر فى الالتزام الأصلى يؤثر فى التزام الكفيل ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس من أن الشركة المطعون ضدها لم تسدد أقساط التأجير والمستحقة عليها من بداية شهر 6/2016 ، وقامت بحساب ما ترصد فى حقها من أقساط من هذا التاريخ عن كل عقد من عقدى التأجير التمويلى ، وإذ كان التزام الكفلاء هو التزام تابع لالتزام المدين الأصلى ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى فى أسبابه إلى التزام المطعون ضدها الأولى (المدين) بسداد المبلغ المقضى به ، والذى يمثل باقى أقساط التأجير التمويلى بموجب العقدين رقمى 5۲٤٥ ، ٥٢٤۷ المؤرخين 1/8/2014 ، 1/9/2015 ، ومن ثم فقد تحقق التزام المدين المكفول ، بما يقيم التزام الكفلاء المتضامنين باعتبار أنهم كفلوا سداد تلك الأقساط ، ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إقالتهم من هذا الالتزام بقالة أنهم ليسوا أطرافاً فى عقد التأجير التمويلى رغم أن التزام الكفلاء بسداد الأقساط الباقية يستند إلى عقد الكفالة وليس عقد التأجير التمويلى ، وهو ما يعد من الحكم المطعون فيه خروجاً عما حصله بأسبابه ، من تحقق مسئولية الكفلاء المتضامنين من الثانية إلى العاشر عن دين الأقساط الباقية بعد خصم ما تم سداده من أقساط بالتبعية للحكم بإلزام المدين الأصلى بدين الأقساط الباقية والفوائد ، ويكون الحكم المطعون فيه بذلك قد اعتوره الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب الذى أدى به إلى الخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً فيما قضى به من رفض طلب إلزام الكفلاء المتضامنين بدين الأقساط المستحقة على المطعون ضدها الأولى. 

 (الطعن رقم 7202لسنة 89 ق -  جلسة 20 / 2 / 2023)

 
شرح خبراء القانون

تنص المادة 782 مدني على ما يأتي :

1 - يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين .

2 - على أنه إذا كان الوجه الذي يحتج به المدين هو نقص أهليته، وكان الكفيل عالماً بذلك وقت التعاقد ، فليس له أن يحتج بهذا الوجه .

ويخلص من هذا النص أن الأصل، كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي، أن " إلتزام الكفيل تابع للإلتزام الأصلي ، وهو يبطل كلما بطل هذا الإلتزام ، كما أنه ينقضي بمجرد إنقضائه على أن المشروع يتحفظ بالنسبة للحكم الوارد بالمادة 1135 الخاص بكفالة إلتزام ناقص الأهلية إذا كان الكفل يعلم بنقص الأهلية ، فإنه استثناءاً لا يجوز للكفيل في هذه الحالة التمسك ببطلان الإلتزام الأصلي .

فإلتزام الكفيل ، وهو تابع لإلتزام المدين ، يكون باطلاً أو قابلاً للإبطال إذا أن إلتزام المدين باطلاً أو قابلاً للإبطال ، فيما عدا أن يكون إلتزام المدين قابلاً للإبطال لنقص الأهلية ففيه تفصيل كما سيأتي وإذا انقضى إلتزام المدين ، انقضى معه إلتزام الكفيل ولما كان المدين يستطيع أن يحتج بأوجه الدفع هذه وبأن إلتزامه باطل أو قابل للإبطال أو بأن إلتزامه قد انقضى لسبب من أسباب إنقضاء الإلتزام ، كذلك للكفيل أن يتمسك بأوجه الدفع الذي يستطيع المدين أن يحتج بها من بطلان أو قابلية للإبطال أو إنقضاء ولا يتمسك الكفيل بأوجه الدفع هذه ضد إلتزام المدين ، بل ضد إلتزامه هو ، فإن إلتزامه يكون هو أيضاً باطلاً أو قابلاً للإبطال أو منقضياً تبعاً لإلتزام المدين فهو إذن يتمسك بأوجه الدفع هذه باسمه هو لا بأسم المدين ، ويتمسك بها ضد إلتزامه هو لا ضد إلتزام المدين ويترتب على ذلك أن للكفيل أن يتمسك بوجه من هذه الأوجه ضد إلتزامه هو ، ولو نزل المدين عن هذا الدفع فإنه إنما ينزل عن الدفع بالنسبة إلى التزامه كمدين ، ويبقى أن يتمسك الكفيل بالدفع الذي نزل عنه المدين إذ يتمسك به ضد التزامه هو ككفيل ، لا ضد إلتزام المدين فقد نزل هذا عن الدفع كما سبق القول فإذا أنزل المدين عن حقه في إبطال العقد لعيب من عيوب الرضاء وأجاز العقد ، فإن هذا لا يمنع الكفيل من أن يتمسك بهذا العيب ضد التزامه هو ككفيل وإذا نزل المدين عن حقه في التمسك بالتقادم ، فإن هذا لا يمنع الكفيل من أن يتمسك بالتقادم ضد التزامه هو ككفيل ويترتب على ذلك أيضاً أن الكفل له أن يتدخل في الدعوى القائمة بين الدائن والمدين ويطلب براءة ذمته من التزامه هو متمسكاً بدفع من هذه الدفوع ، بل له أن يتمسك بهذا الدفع بدعوى مبتدأة برفعها على الدائن .

ونستعرض أوجه الدفع الذي يتمسك بها الكفيل ، في هذا الصدد ، فنتكلم في الدفع بالبطلان وفي الدفع بالإبطال وفي الدفع بالإنقضاء .

فإذا كان إلتزام المدين باطلاً لعيب في الشكل أو لإنعدام الرضاء أو لعدم توافر شروط المحل أو لعدم مشروعية السبب ، أو لأي سبب آخر من أسباب بطلان الإلتزام ، كان إلتزام الكفيل باطلاً مثله ولنفس السبب و للكفيل أن يتمسك ببطلان إلتزامه ، كما للمدين أن يتمسك هو أيضاً ببطلان التزامه .

وللكفيل أن يتمسك بإبطال عقد الكفالة ، لأن عقد المدين قابل للإبطال لعيب في الرضاء ، كأن شابه غلط أو تدليس أو إكراه مما يجعل العقد قابلاً للإبطال ويبقى للكفيل الحق في طلب إبطال عقد الكفالة لعيب في الرضاء ، ولو أجاز المدين العقد الأصلي فأصبح لا يستطيع التمسك بإبطال هذا العقد أما إذا كان السبب في إبطال العقد الأصلي هو نقص أهلية المدين ، بأن كان هذا قاصراً أو محجوراً عليه ، فهنا يجب التمييز بين ما إذا كان الكفيل لا يعلم بنقص أهلية المدين أو كان يعلم بها، فإن كان الكفيل لا يعلم بنقص أهلية المدين ، كان له أن يتمسك بإبطال عقد الكفالة كما يكون للمدين أن يتمسك بإبطال العقد الأصلي لنقص الأهلية ويستوي في ذلك أن يجاز العقد الأصلي أو لا يجاز ، ففي الحالتين يكون للكفيل أن يتمسك بإبطال عقد الكفالة أما إذا كان الكفيل عالماً بنقص أهلية المدين ، فله أيضاً أن يبطل عقد الكفالة لكن إذا أجاز المدين عند زوال نقص الأهلية ، أو أجاز وليه أو وصيه أو القيم عليه بإذن المحكمة عند الإقتضاء ، العقد الأصلي ، ففي رأينا أن الكفيل لا يستطيع أن يبطل عقد الكفالة ما دام العقد الأصلي قد أجيز فإذا كان الكفيل ليس فحسب عالماً بنقص الأهلية ، بل هو قد كفل ناقص الأهلية بسبب نقص أهليته ، فإنه لا يستطيع أن يبطل عقد الكفالة حتى لو تمسك المدين بنقص أهليته وأبطل العقد الأصلي ذلك بأن الكفيل غنماً كفل المدين بسبب قنص أهليته ، فإذا تمسك المدين بنقص الأهلية ، وأبطل العقد الأصلي ، أصبح الكفيل مديناً أصلياً وصار مسئولاً عن الدين نحو الدائن ، وهو إنما تعاقد مع الدائن ناظراً لهذا الإحتمال.

وللكفيل أن يتمسك بانقضاء التزامه ككفيل ، تبعاً لإنقضاء إلتزام المدين .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : العاشر ، الصفحة : 133)

إلتزام الكفيل تابع للإلتزام الأصلي فيبطل كلما بطل هذا الالتزام كما أنه ينقضي بمجرد إنقضائه إلا أنه بالنسبة لكفالة التزام ناقص الأهلية فإنه إستثناء لا يجوز للكفيل التمسك ببطلان الإلتزام الأصلي ما دام كان عالماً بنقص الأهلية، وللكفيل أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين ويكون ذلك بأسمه لا بأسم المدين وضد إلتزامه هو لا ضد إلتزام المدين، فإذا شاب الإلتزام الأصلي عيب من عيوب الرضا کغلط أو تدليس أو اکراه وأجاز المدين العقد، فإن ذلك لا يمنع الكفيل من أن يتمسك بهذا العيب ضد التزامه ككفيل دون أن يحاج بالإجازة، ومثل ذلك التقادم ويكون تمسك الكفيل بذلك عن طريق دعوى مبتدئة يرفعها على الدائن أو بالتدخل في الدعوى القائمة بين الدائن والمدين فيطلب براءة ذمته من إلتزامه أو عن طريق الدفع عندما يرجع الدائن عليه وللكفيل أن يتمسك بالبطلان لعيب في شكل الإلتزام الأصلي أو لانعدام الرضا أو لعدم مشروعية السبب أو لعدم توافر شروط المحل أو لأي سبب آخر، كما يتمسك بأي سبب من أسباب انقضاء الإلتزام كالوفاء أو التجديد أو الإنابة الكاملة أو المقاصة حتى لو لم يتمسك المدين بها أو حتى لو تنازل المدين عن التمسك بها، وباتحاد الذمة على أن يستمر هذا الإتحاد إذ أن لزواله أثر رجعي ويتم إتحاد الذمة في شخص المدين وكفيله في حالة ما إذا ورث أحدهما الآخر، وبإستحالة التنفيذ التي ليس للمدين دخل في أحداثها وبالتقادم حتى لو لم يكن إلتزام الكفيل قد تقادم بأن يكون قد إشترط في الكفالة أجلاً أطولاً من أجل المدين فالكفالة هنا تابعة، والمقرر عملاً بالمادة 387 من القانون المدني أن للكفيل التمسك بالتقادم ولو لم يتمسك به المدين أو تنازل عنه. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 691)

تبرأ ذمة الكفيل بمجرد براءة ذمة المدين وأساس ذلك أن إلتزام الكفيل إلتزام تابع، يستمد وجوده من إلتزام المدين، ومثال ذلك أن تبرأ ذمة المدين بالوفاء بإلتزامه أو الإبراء أو المقاصة أو التقادم، فينقضى إلتزام الكفيل بالتبعية وللكفيل أن يتمسك بإنقضاء التزامه تبعاً لإنقضاء الإلتزام الأصلي بل وله أن يتمسك بأوجه الإنقضاء المتعلقة بالإلتزام الأصلي.

يستثنى من الأصل الذي يجيز للكفيل التمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين.

حالة نقص أهلية المدين، إذا كان الكفيل عالماً بنقص أهليته وقت التعاقد، فليس للكفيل أن يحتج بهذا الوجه.

أما إذا كان الكفيل عالماً بنقص أهلية المدين وفي ذات الوقت قد کفل ناقص الأهلية بسبب نقص أهليته، فإنه لا يستطيع أن يبطل عقد الكفالة حتى لو تمسك المدين بنقص أهليته وأبطل العقد الأصلي، ذلك أن الكفيل - كما ذكرنا سلفاً - إنما كفل المدين بسبب نقص أهليته، فإذا تمسك المدين بنقص أهليته، وأبطل العقد الأصلي، أصبح الكفيل مديناً أصلياً وصار مسئولاً عن الدين نحو الدائن، فهو إنما تعاقد مع الدائن ناظراً لهذا الإحتمال.

يلتزم الكفيل على أساس عقد الكفالة، ولهذا فإنه يستطيع التمسك بالدفوع الناشئة عن هذا العقد، فله أن يتمسك بأوجه الدفع المتعلقة ببطلان هذا العقد نفسه لعدم توافر ركن من أركانه، أو بإبطاله لعيب في الرضا أو نقص في الأهلية، طبقاً للقواعد العامة في العقود.

وإلى جانب ذلك فإن الكفيل أن يتمسك بالأوصاف التي تلحق إلتزامه كعدم تحقق الشرط الواقف الذي علقت عليه الكفالة، أو تخلف الشرط الفاسخ المقترن بها، أو عدم حلول الأجل.

وإذا ما نشأت الكفالة صحيحة، فإن للكفيل أن يتمسك ببراءة ذمته لإنقضاء التزامه بصفة مستقلة عن الإلتزام الأصلي وهو يتمسك بالإنقضاء طبقاً للقواعد العامة وفي كل هذا لا تختلف الكفالة بإعتبارها عقداً ، عن غيرها من العقود الأخرى، فللكفيل أن يتمسك بكل دفع يتعلق بانعقاد الكفالة أو ما يتعلق بما قد يلحق التزامه من أوصاف، أو فيما يتعلق ببراءة ذمته لإنقضاء إلتزامه بصفة مستقلة. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر ، الصفحة : 472)

نصت المادة 782 فقرة أولى مدني على أن يبر الكفيل بمجرد براءة المدين ، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين .

وبناءً على ذلك يكون الأصل أن الكفيل بحكم تبعية إلتزامه للإلتزام الأصلى أن يتمسك بكافة الدفوع التي ترد على الإلتزام الأصلي، ومنها قابليته للإبطال لنقص أهلية المدين.

غير أنه قد تقدم أن المادة 777 مدنی تجعل الكفيل ملتزماً إلتزاماً أصلياً إذا كان المدين ناقص الأهلية وتمسك بنقص أهليته وكانت الكفالة حاصلة بسبب نقص الأهلية ، أي أن الكفيل لا يجوز له في هذا الشأن أن يتمسك بنقص أهلية الدين ولا حتى أن يستفيد من تمسك ناقص الأهلية ببطلان الإلتزام الأصلي ، وقد أكدت هذا المعنى أيضاً المادة 782 فقرة ثانية ، إذ قالت :

«على أنه إذا كان الوجه الذي يحتج به المدين هو نقص أهليته، وكان الكفيل عالماً بذلك وقت التعاقد ، فليس له أن يحتج بهذا الوجه».

أما إذا كان الكفيل لم يعلم وقت الكفالة بنقص أهلية المدين أو لم تكن الكفالة حاصلة بسبب نقص الأهلية ، فيخرج من هذا الإستثناء وينطبق عليه الأصل الوارد في المادة 782 فقرة أولى ، ويجوز له أذن أن يتمسك بنقص أهلية المدين ليبطل بإسمه خاصة الالتزام المكفول فتبطل الكفالة تبعاً لبطلان الإلتزام الأصلي (أنظر ما سيجيء في نبذة 59) وهذا عدا ما يثبت للكفيل في هذه الحالة من حق في إبطال كفالته دون الإلتزام المكفول بسبب غلطه في سلامة هذا الإلتزام (راجع ما تقدم في نبذة 35). (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : التاسع ، الصفحة : 64)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والثلاثون ، الصفحة / 309

آثَارُ الْكَفَالَةِ:

أَوَّلاً: عَلاَقَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْكَفِيلِ:

يَخْتَلِفُ الأْمْرُ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ.

أ - كَفَالَةُ الْمَالِ:

قَدْ يَكُونُ الْمَالُ الْمَكْفُولُ بِهِ دَيْنًا، وَقَدْ يَكُونُ عَيْنًا.

1 - كَفَالَةُ الدَّيْنِ:

يَتَعَلَّقُ بِكَفَالَةِ الدَّيْنِ أَحْكَامٌ هِيَ:

حَقُّ الْمُطَالَبَةِ:

33 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الدَّائِنَ الْمَكْفُولَ لَهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ عِنْدَ حُلُولِهِ دُونَ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِتَعَذُّرِ مُطَالَبَةِ الأْصِيلِ الْمَكْفُولَ عَنْهُ، كَمَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطَالِبَ الأَْصِيلَ بِهِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ ذِمَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَشْغُولَةٌ بِالدَّيْنِ جَمِيعِهِ، فَكَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا .

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ رِوَايَةٌ - جَرَى عَلَيْهَا الْعَمَلُ فِي بَعْضِ الْبِلاَدِ - وَهُوَ الأْظْهَرُ، تُقَرِّرُ نَفْسَ الْحُكْمِ.

وَعِنْدَهُمْ رِوَايَةٌ أُخْرَى لاَ تُجِيزُ لِلدَّائِنِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِالدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَالأْصِيلُ حَاضِرٌ مُوسِرٌ لَيْسَ ذَا لَدَدٍ فِي الْخُصُومَةِ وَلاَ مُمَاطِلاً فِي الْوَفَاءِ، أَوْ كَانَ الأْصِيلُ غَائِبًا وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الاِسْتِيفَاءُ مِنْهُ بِدُونِ بُعْدٍ وَمَشَقَّةٍ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدِ اشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَقِّ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ إِنَّمَا وَجَبَ ابْتِدَاءً عَلَى الأْصِيلِ ، وَالْكَفَالَةُ وَثِيقَةٌ فَلاَ يُسْتَوْفَى الْحَقُّ مِنْهَا إِلاَّ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنَ الأْصِيلِ ، كَالرَّهْنِ .

انْتِهَاءُ الْكَفَالَةِ:

44 - انْتِهَاءُ الْكَفَالَةِ يَعْنِي بَرَاءَةَ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ مِمَّا الْتَزَمَ بِهِ بِعَقْدِ الْكَفَالَةِ، وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الْبَرَاءَةُ تَابِعَةً لاِنْتِهَاءِ الْتِزَامِ الْمَدِينِ؛ لأِنَّ الْتِزَامَ الْكَفِيلِ تَابِعٌ لاِلْتِزَامِ الأْصِيلِ ، وَإِذَا سَقَطَ الأْصْلُ سَقَطَ التَّبَعُ، كَمَا تَكُونُ هَذِهِ الْبَرَاءَةُ بِصِفَةٍ أَصْلِيَّةٍ، فَتَنْتَهِي الْكَفَالَةُ وَيَبْقَى الْتِزَامُ الأْصِيلِ ، إِذْ لاَ يَلْزَمُ مِنَ انْتِهَاءِ الاِلْتِزَامِ التَّابِعِ انْتِهَاءُ الاِلْتِزَامِ الأْصْلِيِّ، وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لاِنْتِهَاءِ الْكَفَالَةِ حَالَتَانِ: انْتِهَاؤُهَا تَبَعًا لاِنْتِهَاءِ الْتِزَامِ الأْصِيلِ ، وَانْتِهَاؤُهَا بِصِفَةٍ أَصْلِيَّةٍ.

انْتِهَاءُ الْكَفَالَةِ تَبَعًا لاِنْتِهَاءِ الْتِزَامِ الأْصِيلِ :

45 - تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِانْقِضَاءِ الدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ انْقِضَاءِ الدَّيْنِ، كَالأْدَاءِ وَالإْبْرَاءِ وَالْمُقَاصَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دَيْنٌ ف 70 - 78).

أَمَّا الْكَفَالَةُ فِي الْعَيْنِ فَتَنْتَهِي بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَكْفُولَةِ.

وَأَمَّا الْكَفَالَةُ فِي الْبَدَنِ فَتَنْتَهِي بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ أَوْ مَوْتِهِ .

ب - انْتِهَاءُ الْكَفَالَةِ بِصِفَةٍ أَصْلِيَّةٍ:

تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِصِفَةٍ أَصْلِيَّةٍ بِمَا يَأْتِي:

1 - مُصَالَحَةُ الْكَفِيلِ الدَّائِنَ:

46 - إِذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ الدَّائِنَ عَلَى بَعْضِ الدَّيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنَ الْكَفَالَةِ، انْتَهَتِ الْكَفَالَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّيْنِ كُلِّهِ، وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الأْصِيلِ إِزَاءَ دَائِنِهِ مِنَ الْجُزْءِ الَّذِي تَمَّ عَلَيْهِ الصُّلْحُ، وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَدِينِ وَفْقًا لِلشُّرُوطِ وَلِلأْحْكَامِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا (ر: ف 39).

2 - الإْبْرَاءُ:

47 - إِذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ مِنَ الْتِزَامِهِ، فَإِنَّ هَذَا الإِْبْرَاءَ يُعَدُّ مِنْهُ تَنَازُلاً عَنِ الْكَفَالَةِ، وَتَنْتَهِي بِذَلِكَ. (ر: إِبْرَاءٌ ف 14).

3 - إِلْغَاءُ عَقْدِ الْكَفَالَةِ:

48 - إِذَا بَطَلَ عَقْدُ الْكَفَالَةِ، أَوْ فُسِخَ، أَوِ اسْتَعْمَلَ الْمَكْفُولُ لَهُ حَقَّ الْخِيَارِ، أَوْ تَحَقَّقَ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنْهَا، أَوِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْكَفَالَةَ تَنْتَهِي بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفِيلِ، دُونَ أَنْ تَبْرَأَ ذِمَّةُ الأْصِيلِ نَحْوَ دَائِنِهِ (ر: ف 7).

4 - مَوْتُ الْكَفِيلِ بِالْبَدَنِ:

49 - إِذَا مَاتَ الْكَفِيلُ فِي ضَمَانِ الْوَجْهِ أَوْ فِي ضَمَانِ الطَّلَبِ، فَإِنَّ الْكَفَالَةَ تَنْتَهِي؛ لأِنَّهُ لَمْ يَبْقَ قَادِرًا عَلَى إِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ، وَلاَ التَّفْتِيشِ عَنْهُ أَوِ الدَّلاَلَةِ عَلَيْهِ .

5 - تَسْلِيمُ الْعَيْنِ الْمَكْفُولَةِ:

50 - إِذَا سَلَّمَ الْكَفِيلُ الْعَيْنَ الْمَضْمُونَةَ بِنَفْسِهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً، أَوْ رَدَّ مِثْلَهَا أَوْ دَفَعَ قِيمَتَهَا إِنْ كَانَتْ هَالِكَةً، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنَ الْتِزَامِهِ، وَتَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِذَلِكَ .____________________________________________________________________

 

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 738)

المضمون في الكفالة بالنفس هو إحضار المكفول إن اشترط في الكفالة تسليمه في وقت معين يجبر الكفيل على إحضاره وتسليمه للمكفول له في الوقت المعين إن طلبه.

فإن أحضره في الوقت المعين يبرأ الكفيل من الكفالة وإن لم يحضره يحبس ما لم يظهر عجزه وعدم اقتداره على إحضاره.

(مادة 739)

إذا كان المكفول بالنفس غائباً غيبة معلومة وطلب المكفول له إحضاره يكلف الكفيل بإحضاره وللمكفول له أن يستوثق بأخذ كفيل من الكفيل عند ذهابه لإحضار المكفول به وإن كان المكفول غائباً ولم يعلم مكانه فلا يطالب به الكفيل.

(مادة 740)

يبرأ الكفيل بالنفس بتسليمه الشخص المكفول به للمكفول له حيث يمكنه مخاصمته ولو في غير مجلس الحكم ما لم يشترط فيه إذ قال سلمته إليك بجهة الكفالة وإن لم يقل فإن كان المكفول له قد طلبه منه برئ بتسليمه إليه أيضاً وإلا فلا.

(مادة 741)

إذا مات الشخص المكفول به برئ الكفيل من الكفالة بموته وبرئ كفيل الكفيل أيضاً كما يبرأ إن مات الكفيل الأول.

ولا يبرأ الكفيل بموت الدائن المفكول له بل يكون لورثته الحق في مطالبة الكفيل بإحضار المكفول به.

(مادة 760)

أداء الأصيل أو الكفيل المال المكفول به يوجب براءة الأصيل والكفيل وكفيل الكفيل.

(مادة 761)

إبراء الدين الأصيل يوجب براءة الكفيل.

(مادة 762)

لا تلزم براءة الأصيل ببراءة الكفيل فلو أبرأ الدائن الكفيل فلا يبرأ الأصيل.

(مادة 763)

إذا مات الدائن المكفول دينه وانحصر ميراثه في المديون برئ كفيله من الكفالة.

فإن كان للدائن وارث آخر برئ الكفيل من حصة المديون لا من حصة الوارث الآخر.

(مادة 764)

إحالة الأصيل غريمه بالدين المكفول على آخر حوالة مقبولة من المحيل والمحال والمحال عليه توجب براءة الأصيل والكفيل وكفيل الكفيل.

(مادة 765)

إذا استحق المبيع برئ الكفيل من الثمن الذي كان ضامناً له.